التسميات

آخر المواضيع

الاثنين، 5 أغسطس 2013

المدن الجديدة بالمملكة العربية السعودية تركيز أم انتشار للتنمية العمرانية؟- هيئة المدن الصناعية ومناطق ...


المدن الجديدة بالمملكة العربية السعودية

تركيز أم انتشار للتنمية العمرانية؟

صالح بن علي الهذلول و محمد عبدالرحمن السيد*

وكيل وزارة الشؤون البلدية والقروية لشؤون تخطيط المدن

*خبير الأمم المتحدة في الاقتصاديات الحضرية والإقليمية وكالة تخطيط المدن

المملكة العربية السعودية


(قدم للنشر في 2/6/1420هـ؛ وقبل للنشر في 9/11/1420هـ)

ملخص البحث. يستعرض البحث أهمية المدن الجديدة والمراحل التاريخية لها والأسباب التي أدت إلى قيامها ومدى تأثيراتها الوطنية والإقليمية وإلى أي مدى حققت هذه المدن الأهداف المرتقبة منها والتجارب المستفادة.
ويدلل البحث على أهمية المدن الجديدة في تحقيق استدامة التنمية باستعراض التجربة الخاصة بالمدينة الصناعية الجديدة المتوقع إنشاؤها بمحافظة سدير بمنطقة الرياض، والتأثيرات المتوقعة لها على التجمعات السكانية المجاورة ومدينة الرياض عاصمــة المنطقة. ويخلص البحث إلى أن المدن الجديدة بالمملكة العربية السعودية، ستظل أداة فعالة في تحقيق استدامة التنمية من خلال الانتشار المركز Concentrated dispersion للسكان والأنشطة الاقتصادية والخدمية على الحيز المكاني الوطني.

مقدمة

الاجتهادات النظرية في مجال المنظومات الحضرية وعلاقتها بالتنمية

يأتي الاستمرار في إنشاء المدن الجديدة مع اختلاف أهدافها وطبيعتها استنادا لسياسات ضمنية Implicit Policies تسـتهدف تحـسين التشكيل الهرمي المتدرج لمنظومات المدن ووظائفها City-Size Distribution. وقد تزايد الاهتمام بالمنظومات المتوازنة للمدن والمدن الجديدة خاصة، نظرا لأهميتها في علاج الخلل القائم في التوزيع المكاني للتنمية العمرانية. فمن خلال التوزيع المتوازن لأحجام ووظائف المدن يمكن تحقيق الانتشار المكاني للتنمية على الحيزات الوطنية وتقليص الفوارق الإقليمية في مستويات التنمية.

هـذا وقـد اسـتحوذ تركز نسـبة عالية من سكان الحضر بعدد محدود من المدن الكبرى Urban Primacy ومدى تأثير ذلك على معدلات التنمية الكثير من الاهتمام والدراسة. وقد تم التعرض لذلك في كثير من الدراسات الخاصة بتصميم سياسات التنمية الحضرية وإلى أي مدى يمكن من خلال هذه السياسات التأثير على التوزيع الحجمي للمدن ووظائفها ومدى انعكاس ذلك على معدلات التنمية الاقتصادية. ومع أن سلبيات الزيادة السريعة في تركز السكان في عدد محدود من المدن أصبح الشغل الشاغل للباحثين والممارسين في هذا المجال، إلا أن الدراسات التطبيقية والبحوث في هذا المجال لم تصل بعد إلى نتائج مؤكدة. فقد توصــل العديــد من الباحثــين ومنهم كوشي ميرا [1، 323-324] في دراستــه التطبيقية عن العلاقــة بين منظومات المــدن والنمــــو الاقتصــادي، إلى وجـــود ارتباط طردي Positive Correlation بين التغير في معدلات النمو في الدخل القومي والتغير في نسبة تركز السكان في كبريات المدن. إلا أن بعض الباحثين الآخرين مثل براين باري [2، 573-588] والذي استخدم في دراسته بيانات عن 37 دولة قد اثبت أنه على الرغم من وجود علاقة إيجابية أكيدة بين مستويات التحضر Urbanization ومستويات التنمية الاقتصادية إلا أنه لم يتوصل إلى مثل هذه العلاقة الإيجابية الأكيدة بين تركز سكان الحضر في عدد محدود من المدن ومستويات التنمية الاقتصادية. وقد توصل إلى نفس النتيجة يوان كوان [3]. وقد ذهب بعض الباحثين الآخرين مثل بيتر كوربن [4، 288-299] إلى أبعد من ذلك حيث يرى أن تركز سكان الحضر في عدد محدود من المدن ليس ضروريا أو كافيا لرفع معدلات النمو الاقتصادي Neither a necessary or sufficient condition for economic growth، بل يرى أن تركز السكان في عدد محدود من المدن هو حصيلة لمتغيرات لا علاقة لها بمعدلات النمو الاقتصادي وأهمها توسع الحكومات المستمر في توطين الإدارات والأجهزة المركزية الحكومية والتركيز المكاني للمشروعات الكبيرة في هياكل البنية الأساسية في عدد محدود من المدن وسياسات التصنيع التي انتهجتها كثير من الدول النامية منذ الخمسينيات الميلادية والتي تم من خلالها توجيه معظم الاستثمارات الصناعية لعدد محدود من المدن سميت بأقطاب النمو (Growth Poles).
وعموما فإن أدبيات البحث والدراسة في هذا الموضوع واسعة ولكن ما يمكن استخلاصه أن العلاقة بين مستويات التحضر ومعدلات النمو الاقتصادي لم يختلف عليها باحثان، إلا أن العلاقة بين الزيادة المستمرة في التركز السكاني في عدد محدود من المدن ومعدلات النمو الاقتصادي ما زالت محل اختلاف واجتهادات بين الباحثين في هذا المجال [5].
ولاشك أن فكرة المدن الجديدة ليست حديثة، ولكنها اكتسبت قوة دافعة واهتماما عالميا خلال القرن الميلادي الحالي خاصة في الفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية التي شهدت إنشاء أعداد كبيرة من المدن الجديدة في بلدان كثيرة من العالم. وقد بين كثير من الباحثين في دراساتهم مثل جالانتي [6] وأسبورن [7، 1-15] أن الأغراض من بناء المدن الجديدة تعددت وتباينت؛ منها ما استهدف نشر التنمية الصناعية وتخفيف فجوات التباين في مستويات التنمية بين الأقاليم كما هو الحال في إنجلترا، ومنها ما استهدف تخفيف الضغط عن المدن الكبرى كما هو الحال في فرنسا ومصر، ومنها ما استهدف بناء عواصم جديدة للدول مثل استراليا والبرازيل، ومنها ما استهدف استغلال الموارد الطبيعية وزيادة القيمة المضافة كما هو الحال في المدينتين الصناعيتين في الجبيل وينبع بالمملكة العربية السعودية، ومنها المدن الجديدة التي كانت نواة توسعها وازدهارها المؤسسات التعليمية أو الخدمات الطبية المتقدمة كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية.

تجربة المدن الجديدة بالمملكة العربية السعودية

يستعرض هذا البحث تجربة المدن الجديدة بالمملكة العربية السعودية التي ارتبطت ارتباطا وثيقا بأهداف اقتصادية واجتماعية وسياسية، وعكست التغير المستمر في الأولويات المرتبطة بمراحل التنمية. ويتناول البحث التوجه العام والتصور المستقبلي للمدن الجديدة من منظور الاستراتيجية العمرانية الوطنية وإلى أي مدى سيكون للمدن الجديدة- التي ستمثل التجمعات السكانية القائمة ذات الإمكانات التنموية نواة لها- دورا في تحقيق استدامة التنمية عن طريق إيجاد نمط متوازن في أحجام ووظائف المدن يتم من خلاله العمل على تقليل فجوة التباينات الإقليمية وتفعيل الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية والبشرية. والتنمية المستدامة كما تم تعريفها في تقرير الأمين العام لمؤتمر المستوطنات البشرية (الموئل الثاني) الذي عقد في اسطنبول بتركيا في إبريل 1995م بمشروع المباديء والتعهدات وخطة العمل الدولية يقصد بها "أن استدامة التنمية تتضمن التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمستوطنات البشرية بأقل قدر من التأثير الضار على البيئة، على ألا تتجاوز هذه التنمية قدرة النظم الأيكولوجية على التحمل أو تحد من الفرص التنموية للأجيال القادمة. ومن خلال التنمية المستدامة فإن عمليات الإنتاج والاستهلاك بالمجتمعات البشرية تنظم بطريقة تسمح باستمرار سد النقص في الموارد حال استعمالها. ويترتب على استدامة التنمية بالمجتمعات البشرية الحفاظ على التنوع البيولوجي وتعزيز صحة الإنسان فضلا عن الحفاظ على نوعية الهواء والماء والتربة بمستويات كافية لإدارة حياة البشر ورفاهيتهم في جميع الأوقات"[8].
ويستعرض البحث الآثار التنموية المتوقعة لإنشاء المدينة الصناعية الجديدة بمحافظة سدير الواقعة بمنطقة الرياض ودورها في تدعيم القاعدة الصناعية والدور الوطني والعالمي لمدينة الرياض كمثال على أهمية المدن الجديدة في تحقيق استدامة التنمية، ودور هذه المدينة في تحقيق استدامة التنمية على مستوى المنطقة. ويركز الجزء الأخير من البحث على السياسات التنموية التي يقترح تبينها في المرحلة اللاحقة لتدعيم دور المدن الجديدة في تحقيق التنمية المستدامة سواء كانت المدن الصناعية أو المدن الجديدة التي ستمثل التجمعات السكانية القائمة نواة لها.

 (1) تطور المدن الجديدة: المراحل والأهداف

إذا تجاوزنا التعريفات والمعايير الأكاديمية لما يمكن وما لا يمكن أن نطلق عليه مفهوم المدينة الجديدة فان معظم المدن السعودية يمكن اعتبارها مدنا جديدة لأنها بمجملها قد تحولت في جميع مكوناتها تحولا يجعلها لا تقارن أبدا بما كان موجودا قبل ثلاثين عاما. إذا كان أساس المدن الجديدة هي إعمار المناطق الشاسعة والمعزولة عن الأقاليم المهمة التي لم تشهد استيطانا من قبل فإن غالبية ما أنشئ من قرى لتوطين البدو الرحل وتحول بعد ذلك إلى مدن صغيرة ومتوسطة يدخل أيضا في إطار المدن الجديدة [9].

(1,1) توطين البدو: أولى مراحل بناء وتأسيس المدن الجديدة
ترجع أولى محاولات بناء المستوطنات الجديدة إلى عام 1912م عندما بدء الملك عبدالعزيز- يرحمه الله - برنامج توطين البادية وذلك ضمن مجهوداته لتوحيد المملكة، حيث قام بإنشاء أول تجمع استيطاني جديد لتوطين واستقرار البادية في الأرطاوية التي تقع على بعد 300 كم شمال مدينة الرياض. وفي عام 1972م بلغ عدد الهجر والمستوطنات الجديدة التي استوطنت بها البادية 93 مستوطنة؛ بعض هذه المستوطنات تم إنشاؤها عن طريق الدولة أو بتشجيع منها والبعض الآخر نشأ بصورة طبيعية في الوديان أو بالقرب من مصادر المياه، ومع مرور الوقت تحول الكثير من هذه المستوطنات إلى مدن صغيرة وظل البعض الآخر في صورة تجمعات قروية [10، ص ص1-29].
وقد ساعد توطن البدو الرحل في تجمعات سكانية مستقرة على توفير المرافق والخدمات وساعد على الالتحام الاجتماعي للبدو الرحل في المجتمع السعودي. ويعتبر توطين البدو في مستوطنات جديدة انعكاسا لأهمية العلاقة بين القرار السياسي والبيئة المحلية، حيث عبرت المستوطنات الجديدة التي تم إنشاؤها لاستقرار البدو الرحل بشكل مباشر عن اختيار جوهري على مستوى استراتيجية الدولة في تعضيد الانتماء الوطني وتحقيق التلاحم الاجتماعي بين فئات المجتمع المختلفة وبسط سلطة القانون والهيكل الإداري والخدمي للدولة على المساحة الشاسعة للمملكة، هذا بالإضافة إلى تنظيم استخدام الموارد الطبيعية.

(2 ,1) المدن الجديدة: استغلال الموارد الطبيعية الكامنة
إن ما يحاول تحقيقه المخططون من المدن الجديدة هو استغلال موارد طبيعية كامنة وتحقيق توزيع مكاني أكثر انتشارا للسكان في مناطق غير مأهولة، وذلك نظرا لقدرة وفاعلية هذه المدن على تحقيق هذه الأهداف. واستنادا إلى ذلك فإن معظم مدن المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية التي نشأت أساسا بمواقع آبار البترول بهدف استخراجه مثل الظهران والخبر وأبقيق ورأس تنوره، وكذلك مدن المنطقة الشمالية التي نشأت كتجمعــات سكنيــة لصيانــة محطــات ضــخ البترول التي بــدأت تعمــل في عام 1951م على امتداد خط التابلاين الممتد من القيصومة بالمنطقــة الشرقية بالمملكة العربية السعودية إلى ميناء صيدا على الساحــل اللبناني مثل عرعــر وطريف ورفحاء، كلها تعتبر مدنا جديدة.
وفي البداية لم تزد أعداد قاطني هذه التجمعات السكانية الثلاث عن بضعة مئات، إلا أن النشاطات المتزايدة قد جذبت أعداد كبيرة من العاملين إلى مواقع المحطات ونشطت التجارة ووفرت الدولة الإدارة والأمن والخدمات، وكان لإنشاء الطريق الموصل بين هذه المحطات دور رئيسي في خلق شريان تجاري حيوي يربط الأردن وسوريا ولبنان بشرق المملكة.
ووفقا لبيانات آخر تعداد لعام 1413هـ (1992م) نمت كل من التجمعات السكانية لعرعر وطريف ورفحاء لتصبح مدنا متكاملة ذات أحجام متوسطة حيث بلغ سكان مدينة عرعر 108 ألف نسمة وأصبحت عاصمة لمنطقة الحدود الشمالية تتوافر فيها جميع الخدمات التي تدعم نشر التنمية في المناطق الشمالية بالمملكة (الجدول رقم 1). ويرجع النمو الهائل نسبيا في حجم سكان مدينة عرعر إلى وظائفها الإدارية والتجارية المهمة حيث اختيرت كعاصمة إدارية ومقرا لإمارة منطقة الحدود الشمالية، وبالتالي زودت المدينة بالخدمات التي تتسم بالمركزية كالخدمات التعليمية والصحية والإدارية. ولم تعد تعتمد هذه المدن على خط أنابيب البترول الذي توقف في نهاية السبعينيات نتيجة القلاقل السياسية في لبنان. وتقع هذه المدن على امتداد الطريق المعبد الذي يبلغ طوله 840 كم ويربط المملكة بالأردن وسوريا ولبنان وتركيا.

الجدول رقم (1). النمو السكاني لمدن خط التابلاين.
المدينة
1962
1974
1992
معدل النمو
عرعر
9000
33,351
108,055
8,5%
طريف
7000
12,449
32,022
5,2%
رفحاء
4000
15,703
30,135
6,9%
المصدر: 1962م، دوكسيادس، المنطقة الشمالية، الأوضاع الراهنة.
[11، 12].
                          
وبفضل منظومة مدن خط التابلاين الجديدة تحول إقليم الحدود الشمالية من امتداد شبه صحراوي إلى منطقة معمورة ومرتبطة وظيفيا بباقي أجزاء المملكة. وأصبحت هذه المدن نقاط تركز Node Points على امتداد أحد أهم محاور الطرق الدولية التي تربط المملكة بالدول الشمالية، وأصبح لهذه المدن دور فعال كمراكز خدمة ونمو للمناطق المحيطة.. ولاشك أن المحرك الأساسي الذي دفع بازدهار هذه المدن هو سياسة الدولة ومخططاتها التنموية التي غذت هذه المدن بالوظائف والهياكل الحضرية الأساسية. وتعتبر تجربة مدن التابلاين من التجارب الناجحة في نشر التنمية وإعمار المناطق غير المأهولة في الحيز المكاني الوطني.

(3 ,1) المدن الجديدة: تطوير نمط التنمية العمرانية
مع انقضاء العصر الذهبي للمدن الجديدة خاصة في الدول الصناعية، أخذت تبرز مفاهيم جديدة في أنشطة التخطيـط الحضــري، مثل مفهـوم المدن الجديدة داخـل المدينة New Town in Town التي بدأت في الانتشار منذ مطلع الثمانينيات. وانتشرت بالمملكة العربية السعودية المدن الجديدة داخل نطاق المدن القائمة. وكانت المدن الكبرى القائمة أنسب المواقع للمدن الجديدة التي شملت، على سبيل المثال، المدن الإدارية والسكنية الجديدة داخل نطاق مدينة الرياض، وهي المربع والملز والحي الدبلوماسي، وقد نشأت هذه المدن الجديدة داخل نطاق المدن القائمة إما من خلال التقسيمات المخططة أو المخططات كمدن جديدة.
وقد أدخلت المدن الجديدة داخل المدن أبعادا جديدة على مفهوم الحيز منها انخفاض مستوى الكثافة السكانية، وزيادة نسبة الشوارع زيادة كبيرة تزيد ثلاثة أضعاف عمّا هو مخصص لها في التجمعات التقليدية. كما كان للمدن الجديدة داخل نطاق المدن القائمة تأثير بالغ في نمط التنمية العمرانية الجديدة بالمملكة حيث أصبحت نماذج يحتذى بها، ليس على مستوى المدن الكبرى فحسب ولكن على مستوى المملكة ككل؛ وخاصة فيما يتعلق بالنظام الشبكي للشوارع والفيلا كنوع جديد للمساكن، وقد كانت أهم أسباب احتذاء الكثير من السكان بهذا النوع من التنمية العمرانية الجديدة هي أن هذه المشاريع كانت متبناة بواسطة الحكومة، ومن ثم اعتبرت من قبل الكثير تجسيدا لرؤية الحكومة وانعكاسا لوجهة نظرها فيما يجب أن يكون عليه تخطيط المجاورات السكنية الجديدة؛ ومن ثم اعتبرت رمزا للحداثة [13].

(4 ,1) المدن الجديدة: الأغراض العسكرية
تمثل أحد أهداف إقامة المدن العسكرية توفير جميع معطيات الاستقرار والطمأنينة للعاملين في القطاعات العسكرية. وكان لإنشاء المدن العسكرية الجديدة بما تطلبته من تجهيزات أساسية وخدمات أثر كبير على تنمية ودعم مدن قائمة واستحداث مجتمعات جديدة، حيث شجعت هذه المدن على توجيه استثمارات القطاع الخاص في أنشطة وخدمات مساندة ووفرت فرص عمل للكثير من الأهالي مما انعكس إيجابيا على تطوير المناطق المجاورة. ويمكن القول أن إنشاء المدن والثكنات العسكرية خلال فترة السبعينيات الميلادية قد أعطى دفعة قوية للاقتصاد الوطني حيث أحدثت طفرة في قطاع التشييد والبناء. وأصبحت المدن العسكرية في المملكة العربية السعودية تمثل نمطا جديدا من أنماط التوسع العمراني بالمملكة.

(5 ,1) المدن الجديدة: تنويع القاعدة الاقتصادية وزيادة القيمة المضافة
انتهجت المملكة العربية السعودية أسلوب التخطيط الوطني الشامل منذ بداية السبعينيات الميلادية. ويمثل تنويع القاعدة الاقتصادية وتقليل الاعتماد على النفط الخام أحد أهم الأسس الاستراتيجية لمسيرة التخطيط الوطني الشامل. ومن هذا المنطلق تمت إقامة أكبر مدينتين صناعيتين في الشرق الأوسط في منطقة الجبيل وينبع، وذلك بهدف زيادة القيمة المضافة للبترول الخام وتحويله إلى منتجات ذات قيمة تصديرية عالية. وقد تم إنشاء صناعات أساسية وثانوية ذات كلفة استثمارية عالية تعتمد على المواد الهيدروكربونية توفر منتجات ذات قيمة تصديرية عالية تفوق القيمة التصديرية للمواد الخام. وفتحت هذه الصناعات مجالا رحبا للقطاع الخاص للاستثمار في مجال الصناعات الثانوية والمساندة في مختلف مناطق المملكة نظرا لما توفره الصناعات الأساسية من مدخلات ومنتوجات نصف مصنعة تسمح بتواجد صناعات ثانوية ومساندة. وكان لنشأة هذه المدن الصناعية الجديدة أثر واضح وملموس على تكامل الفعاليات الإنمائية للقطاعين العام والخاص [14]. هذا بالإضافة إلى دعم جهود التنمية الإقليمية على امتداد الخليج العربي وساحل البحر الأحمر. وتشير بيانات آخر تعداد عام للسكان لعام 1992م أن إجمالي سكان المـدن الصناعية للجبيل وينبع قد بلغ 79,000 و36,000 نسمة على التوالي. ويوضح الشكل رقم (1) المراكز الحضرية الرئيسية ومواقع المدن الجديدة

(2) التوجه العام والتصور المستقبلي
المدن الجديدة من منظور الاستراتيجية العمرانية الوطنية
بهدف تفادي المشكلات المترتبة على التوسع العمراني غير المنظم واستمرار استقطاب المدن الكبرى بالمملكة ومنها مدينة الرياض، لنسبة عالية من الزيادات السكانية بالمملكة، وبهدف توجيه وترشيد التنمية العمرانية، فقد وضعت وزارة الشؤون البلدية والقروية إطارا يحدد توجهات التنمية العمرانية على الحيز الوطني على المدى الطويل وبما يحقق الأهداف التنموية الواردة بخطط التنمية الوطنية، وأهمها: توخي الكفاءة في استخدام الموارد وتحقيق التنمية المتوازنة.
وتمثل الاستراتيجية العمرانية الوطنية التوجه العام والتصور المستقبلي لما يجب أن يكون عليه التوزيع المكاني للتنمية العمرانية على الحيز المكاني الوطني. وتؤكد الاستراتيجية على أن الخلل القائم في التوزيع المكاني للتنمية العمرانية والسكان على مستوى المدن وبين مناطق المملكة ليس وليد الساعة، بل هو نتاج تراكمات طويلة، وأن علاج هذا الخلل سيتطلب زمنا طويلا. وإن لم يبدأ العمل بتبني سياسات لإصلاح ذلك الخلل فستستمر المدن الكبرى بالمملكة، ومنها مدينة الرياض، في استقطاب السكان من المناطق الريفية والمدن الصغيرة، وسيزداد حجم هذه المدن لدرجة يصعب معه إدارتها وستزداد تكلفة توفير المرافق والخدمات وصيانتها إضافة إلى المشكلات البيئية.
وبالأخذ في الاعتبار هذه الأهداف والأوضاع الراهنة المتمثلة في التوزيع الحالي للسكان والتجهيزات الأساسية والفوارق القائمة بين المناطق من حيث الموارد والإمكانات ومستويات ومعوقات النمو تم طرح تصورين بديلين للتنمية العمرانية الشاملة بالمملكة. استند التصور الأول على أن تحقيق الكفاءة في استخدام الموارد والمرافق وتعزيز فرص النمو الاقتصادي سيتطلب تركيز التنمية العمرانية مستقبلا بعدد محدود من المراكز الحضرية الرئيسية، وهي: الرياض، جدة، مكة المكرمة، وحاضرة الدمام، والطائف والتجمعات السكانية المجاورة لهما لما لهذه التجمعات من مزايا نسبية. أما التصور الثاني فقد خلص إلى أن تحقيق المزيد من التنمية المتوازنة على الحيز المكاني الوطني سيتطلب نشر التنمية العمرانية مستقبلا بمناطق بعيدة عن المراكز الحضرية الرئيسية وخاصة بالمناطق الشمالية والجنوبية الغربية بالمملكة.
وتبين من الدراسات التحليلية أيضا أن أيا من التصورين ليس بمقدوره منفردا تحقيق الأهداف الوطنية مجتمعة والمتمثلة في الكفاءة في استخدام الموارد والمرافق الموجودة وتحقيق التنمية المتوازنة. وبالتالي كان لابد من التفكير في أسلوب عملي للموائمة بين كلا التصورين بحيث يتحقق على المدى الطويل الاستغلال الأمثل للموارد والمرافق من ناحية والتنمية المتوازنة من ناحية أخرى. وتبين أن ذلك يمكن تحقيقه من خلال تعزيز الترابط الوظيفي والإنتاجي بين مختلف أجزاء الحيز الوطني والانتشار التدريجي للتنمية من مراكز الاستقطاب الحضرية الحاليــة إلى المناطـق الأقـل نمـوا عـن طريق تدعيم مراكز للنمو (حضرية وريفية) يتم اختيارها ضمن محاور للتنمية العمرانية Development Corridors تغطي  الحيز المكاني للمملكة ككل. ويوضح الشكل رقم (2) محاور التنمية العمرانية التي استعرضتها الاستراتيجية العمرانية الوطنية.

(1 ,2) محاور التنمية العمرانية وأساسها النظري
تمثل محاور التنمية العمرانية مدخلا أكثر شمولية لتحقيق التنمية المتوازنة. هذا وقد تبين من دراسات الوضع الراهن للتنمية العمرانية بالمملكة أن المواءمة بين كفاءة استخدام الموارد والتنمية المتوازنة لا يمكن أن تتحقق ما لم ينظر إلى أجزاء الحيز الوطني بصورة أشمل، وما لم يتم الانتشار الجغرافي للتنمية بصورة تدريجية من المراكز الحضرية المتطورة إلى المناطق القريبة الأقل نموا. وأن محاور التنمية هي أفضل السبل لتحقيق ذلك الانتشار في ظل الأوضاع الراهنة. وتبين أنه يوجد تركز في الأنشطة الاقتصادية والسكان في ثلاثة محاور رئيسية قائمة، وهي محور المنطقة الشرقية ومحور المنطقة الوسطى ومحور المنطقة الغربية، مما يؤيد ملاءمة مفهوم محاور التنمية لظروف المملكة.

ومحور التنمية هو الحيز المكاني الذي تتوفر فيه مقومات تنويع الأنشطة الإنتاجية والخدمية، وتشمل هذه المقومات وجود المستوطنات والتجمعات السكانية ذات الأحجام المختلفة وطرق المواصلات التي تربط بينها والمرافق والخدمات والأنشطة الاقتصادية المتنوعة التي يمكن أن تساند بعضها البعض بما يضمن استمرارية التنمية على المدى الطويل وانتشارها تدريجيا من المناطق الأكثر نموا إلى المناطق الأقل نموا من خلال التسلسل الهرمي للتجمعات السكانية.
ويتمثل الأساس النظري لمحاور التنمية في أنها ترجمة تطبيقية لنموذج التنمية الإقليمية الذي استحدث لمواجهة المشاكل الحقيقية للتنمية الإقليمية في الحيز الجغرافي، وأهمها نمو المدن الكبرى على حساب المناطق المجاورة، وذلك نتيجة لقدرة المدن الكبرى على جذب فرص التنمية من المناطق المجاورة Back Wash Effects. وقد بنى هــذا النمــوذج، الــذي يأخـذ في الاعتبار تداخل العلاقات بين المراكز الحضرية والمناطــق الريفية، على أهمية توجيه التنمية لنقط توطن Location Points في الحــيزات الجغرافيــة بـين المدن الكبرى من خلال مراكز للتنمية تمثل نقط تركز Nodal Points يتم من خلالها تفاعل التنمية في الحيز المكاني لمحور التنمية Transition Of Development [15، ص ص538-565].

(1 ,1 ,2) مزايا محاور التنمية
تتمثل مزايا محاور التنمية فيما يلي:
أ ) تأخذ محاور التنمية في الاعتبار ديناميكية العلاقة بين المراكز الحضرية والمناطق الريفية المجاورة، حيث أثبتت التجارب أن التنمية العمرانية التي تركز على المدن الكبرى في توفير الخدمات للسكان دون الأخذ في الاعتبار العلاقات المتبادلة بين هذه المدن والمناطق الريفية عادة ما تنتهي بتحيز التنمية لصالح المدن الكبرى على حساب المناطق الريفية، أو ما يسميها المتخصصين Dominance-Dependency Relationship.
ب) تؤكد فكرة محاور التنمية على أن تحقيق التنمية المستدامة من خلال تعزيز دور وإمكانات المدن المتوسطة والصغيرة لا يمكن تحقيقه دون العمل على استغلال الموارد المتاحة بالمناطق المجاورة لهذه المدن والتي يعتمد عليها توسع أنشطتها.
جـ) أن استهداف المدن المتوسطة والصغيرة داخل محاور التنمية هو لكسر حلقة تركز الأنشطة Polarization في عدد محدود من المدن الكبرى.
د) أن توجيه التنمية العمرانية من خلال محاور للتنمية يسمح بتحقيق التكامل بين المستويات التخطيطية والأنشطة القطاعية.
هـ) أن توجيه التنمية من خلال محاور للتنمية لمجموعة من المدن الصغيرة والمتوسطة بدلا من مدينة واحــدة يسمح باقتراح خليط متوازن ومتكامل من برامج التنمية، منها الموجه لتحسين هياكل البنية الأساسية لبعض المدن، ومنها الموجه للمشاريع التنموية لتحسين فــرص التنميــة الاقتصاديــة ببعض المدن الأخــرى، وبهــذا يمكن تلاشي السلبيــات التي تترتب على اقتراح مشروع أو مشروعين للتنمية قد لا يكون بينهما صلة Fragmented Development في مركز حضري واحد مما قد لا يترتب على تنفيذها أي اثر ملموس على الحيز المكاني ككل. هذا وقد  أثبتت التجارب أن المشروعات الموجهة لتحسين البنية الأساسية إذا ما نفذت دون غيرها Shaped in Isolation عادة لا توفر المناخ المناسب لجذب الاستثمارات أو إيجاد ترتيب مكاني أفضل للأنشطة الاقتصادية.

(2 ,1 ,2) تصنيف محاور التنمية
صنفت الاستراتيجية العمرانية الوطنية محاور التنمية العمرانية وفقا لإمكانات ومقومات التنمية بمناطق المملكة إلى محاور تنمية رئيسية قائمة ومحاور تنمية ثانوية في حيز التكوين ومحاور للتنمية العمرانية يقترح استحداثها على المدى الطويل (الشكل رقم 1)، وشملت محاور التنمية الرئيسية القائمة، على سبيل المثال ثلاثة محاور تنموية قائمة تمتد من المدن الرئيسية التي نالت قسطا كبيرا من التنمية، وهي:
أ ) محور التنمية الرئيسي الممتد من مدينة الرياض باتجاه منطقة القصيم وحائل وتبوك شمالا وباتجاه وادي الدواسر حتى نجران جنوبا.
ب) محور التنمية الرئيسي الممتد من حاضرة الدمام ومدينة الجبيل تجاه حفر الباطن ورفحا وعرعر شمالا وتجاه الهفوف جنوبا.
جـ) محور التنمية الممتد من جده إلى جيزان جنوبا وضبا شمالا على امتداد السهل الساحلي الغربي للمملكة.
د ) محور التنمية الممتد من مكة المكرمة جنوبا تجاه نجران وشمالا تجاه تبوك على امتداد مرتفعات تهامة.
وبالإضافة إلى المحاور التنموية القائمة استعرضت الاستراتيجية العمرانية الوطنية محاور تنموية أخرى ثانوية وفي حيز التكوين تمتد من شرق إلى غرب المملكة.
ويوضح الشكل رقم (3) محاور التنمية العمرانية القائمة المرتبطة بمدينة الرياض.

الشكل رقم (3). محاور التنمية العمرانية المرتبطة بمدينة الرياض.

وخلصت الاستراتيجية العمرانية الوطنية إلى أن المدن الجديدة ستكون هي الأداة الرئيسية في تفعيل محاور التنمية وتعزيز الترابط الوظيفي والإنتاجي بين أجزاء الحيز الوطني والانتشار التدريجي للتنمية من مراكز الاستقطاب الحالية المتمثلة في المدن الكبرى إلى المناطق الأقل نموا. وأن هذه المدن الجديدة ستنبع أساسا من أنوية قائمة Existing Nuclei تتمثل في التجمعات السكانية الحالية في مدن صغيرة ومتوسطة ذات إمكانات تنموية وذلك بهدف الاستفادة من إمكاناتها الحالية.

(3) نموذج تطبيقي لدور المدن الجديدة في تحقيق التنمية المستدامة
يستعرض الجزء اللاحق بالتفصيل أحد محاور التنمية العمرانية المتمثل في محور التنمية العمرانية الممتد من مدينة الرياض إلى منطقة القصيم وحائل وتبوك شمالا ومن منطقة الرياض إلى وادي الدواسر ونجران جنوبا. ويوضح هذا الجزء إلى أي مدى ستساهم المدن الجديدة - التي ستكون التجمعات السكانية القائمة نواة لها - في تقليل حدة التباينات الاقليمية على مستوى المنطقة وبما يحقق التنمية المستدامة. وقد اختير لهذا الغرض المدينة الصناعية المقترحة، بمنطقة سدير لتوضيح الآثار المتوقعة لها على المنظومة الحضرية بالمنطقة والى أي مدى ستساهم المدينة الصناعية الجديدة في تحقيق توازن في هذه المنظومة وتدعيم القاعدة الاقتصادية وزيادة التخصص والاستفادة من الميزة النسبية لمدينة الرياض كعاصمة للمنطقة والمملكة.

(1 ,3) منطقة الرياض: السكان ونمط الاستيطان
تنقسم المملكة العربية السعودية إداريا إلى 13 منطقة، وتمثل منطقة الرياض إحدى هذه المناطق، وتشير نتائج تعداد السكان لعام 1413هـ (1992م) أن إجمالي سكان المملكة قد بلغ 16,948,388 مليون نسمة. وقد بلغ إجمالي سكان منطقة الرياض 3,834,986 نسمة ممثلا بذلك 22,6% من إجمالي سكان المملكة [12].
ويوجد بمنطقة الرياض 60 تجمعا سكانيا يزيد تعداد كل منها عن 2400 نسمة. أما التجمعات السكانية الحضرية التي يزيد تعداد سـكان كل منها عن 5,000 نسمـة فبلغت 32 تجمعا سكانيا، ويبلغ إجمالي تعداد سكانها 3,360,177 نسمة (الجدول رقم 2).

الجدول رقم (2). التجمعات الحضرية التي يزيد حجم سكانها عن 2400 نسمة بمنطقة الرياض لعام 1413هـ.


عدد المدن
عـدد السكان
أكثر من مليون نسمة
1
2,776,096
500 - أقل من مليــــــون
-
-
100 - اقل من 500 ألف
1
152,071
50  - لأقل من 100 ألف
-
-
25  - لأقل من 50  ألف
5
166,688
10  - لأقل من 25  ألف
12
179,509
5    - لأقل من 10  ألف
13
85,813
2400 لأقل من 500 ألف
28
97,474
الإجمالي
60
3,457,651
-         المصدر: التعداد العام للسكان لعام 1413هـ [12].

ويتضح من الجدول رقم (2) أن سكان مدينة الرياض يمثل 72,4% من إجمالي سكان المنطقة، وأنها أيضا تستحوذ على 80% من إجمالي سكان التجمعات السكانية التي يزيد حجمها عن 2400 نسمة. ومن الواضح أيضا غياب وجود تسلسل هرمي متوازن للمراكز الحضرية على مستوى المنطقة حيث لا يزيد إجمالي تعداد سكان المدن الثلاث التي تلي مدينة الرياض في الحجم، وهي الخرج والزلفي والدوادمي، عن 8,3% من إجمالي سكان مدينة الرياض. هذا وقد بلغ معدل نمو السكان في مدينة الرياض خلال الفترة 1974-1992م ما يفوق 7% سنويا. وهذا المعدل يزيد عن ضعف معدل النمو الطبيعي السنوي للسكان على مستوى المملكة خلال نفس الفترة. ويعتبر ذلك دليلا واضحا على استمرار مدينة الرياض في استقطاب السكان من المناطق الريفية المجاورة والمدن الصغيرة.
ويبين الجدول رقم (3) أهم عشر تجمعات سكانية حضرية بمنطقة الرياض.

الجدول رقم (3). التجمعات الحضرية التي يزيد تعداد سكانها عن 20,000 ألف نسمة بمنطقة الرياض لعام 1413هـ.
التجمع الحضــري
إجمالي السـكان
الرياض
2,776,096
الخرج
152,071
الزلفي
41,660
الدوادمي
37,871
الدلم
29,584
المجمعة
29,530
عفيف
28,053
الدرعية
23,487
ليلى
22,349
السليل
20,924
الإجمالي
3,161,625
-         المصدر: التعداد العام للسكان لعام 1413هـ [12].

(3 ,2) الانعكاسات السلبية لاستقطاب مدينة الرياض
تشير البيانات الأولية المتاحة في الدراسة الخاصة لاستراتيجية التطوير الحضري لمدينة الرياض أن مدينة الرياض لم تصل بعد إلى طاقتها الاستيعابية القصوى، حيث تبلغ مساحات الأراضي البيضاء داخل قطاعات المدينة الحالية 83 ألف هكتار [16]، وبافتراض معدلات الكثافة الحالية في القطاعات المختلفة فإن الطاقة الاستيعابية لهذه المساحات التي تتواجد داخل الكتلة العمرانية تبلغ 2,7 مليون نسمة. إلا أن استمرار معدلات النمو السكاني للمدينة كما هو عليه والتي تبلغ 7% سنويا نتيجة للنزوح السكاني المستمر من المناطق الأخرى، قد يؤدي إلى استنفاد هذه المساحات في مدة لا تزيد عن ثماني سنوات. والمشكلة الحقيقة أن نسبة كبيرة من الأراضي البيضاء بقطاعات المدينة ستظل محتجزة وغير منماة من قبل مالكيها بهدف المضاربة على أسعارها وتحقيق أعلى أرباح ممكنة. ونتيجة للارتفاع المستمر في أسعار الأراضي البيضاء داخل قطاعات المدينة يمتد العمران بمناطق تبعد عن أطراف المدينة ولا تتوافر فيها المرافق والخدمات التي يعتبر تمديدها وصيانتها مكلف للغاية.
وعلى المدى الطويل فإن المشكلة الحقيقية التي تواجه منطقة الرياض وتتطلب حلولا جذرية تتمثل في استمرارية مدينة الرياض في استقطاب نسبة عالية من الزيادة السكانية بالمنطقة وإذا ما استمرت مدينة الرياض في استقطاب السكان من المناطق الريفية والمدن الصغيرة المجاورة فمن المتوقع أن يكون لذلك مخاطر متعددة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:
أ ) تدهور البيئة العمرانية بمدينة الرياض وانعكاساتها السلبية على وظائف المدينة كعاصمة للمملكة.
ب) اختلال التوازن الحضري بمنطقة الرياض بما له من آثار سلبية على ضعف العلاقات الوظيفية والإنتاجية بين مدينة الرياض والمدن الصغيرة المجاورة.
جـ) صعوبة استغلال الموارد الطبيعية المنتشرة في منطقة الرياض نتيجة لضعف البنية الأساسية والقاعدة الاقتصادية بالمدن المتوسطة والصغيرة بالمنطقة أو عدم توافر حجم مناسب للسوق أو أعداد كافية من الأيدي العاملة المدربة.
د ) زيادة فجوة التباين بين محافظات منطقة الرياض نتيجة لاستمرار نزوح السكان من المناطق الريفية والمدن المتوسطة والصغيرة إلى مدينة الرياض.
هـ) استمرار نمط التوسع العمراني السائد في مدينة الرياض والذي يتسم بالكثافات السكانية المنخفضة على ما هو عليه وما يترتب على ذلك من الحاجة إلى التوسع في توفير شبكات المرافق والخدمات على مساحات شاسعة، ولاشك أن ذلك يعتبر مكلفا للغاية ويتعارض مع سياسة الحكومة الهادفة إلى ترشيد الإنفاق الحكومي.
و ) ظهور المساكن العشوائية على أطراف المدينة وما يترتب على ذلك من مشكلات أمنية واجتماعية.
وتتمثل أهم أسباب الجذب السكاني والاستقرار بمدينة الرياض في عاملين أساسيين، هما السعي وراء فرص العمل والتعليم [17]. (الجدول رقم 4).

الجدول رقم (4). دوافع الهجرة من الريف والاستقرار بمدينة الرياض كما يراها المهاجرون (1995م).
أسباب القدوم للرياض
العـــدد
النسبـة
العمل
195
87,1%
التعليم
15
6,7%
انتقال الأقارب
9
04,0%
الخدمات
2
0,9%
أخرى
3
1,3%
إجمـالي
224
100%
عوامل الجذب لمدينة للرياض
العـــدد
النسبـة
وفرة فرص العمل
102
45,6%
وفرة الخدمات
36
16,1%
وفرة فرص التعليم
23
10,2%
وجود الأقارب
5
2,3%
وفرة وسائل الراحة والترفيه
3
1,3%
أخرى
4
1,8%
لا توجد مزايا تختص بها الرياض دفعت للانتقال إليها
51
22,7%
إجمالي
224
100%
- المصدر: محمد سليمان السكران [17].

(3 ,3) مدينة الرياض من منظور الاستراتيجية العمرانية الوطنية
نظرا لما لمدينة الرياض من أهمية وطنية وعالمية حيث إنها عاصمة المملكة ومركز تواجد الحكومة وجميع الوزارات، كما أنها أيضا المركز الثقافي والحضاري للمملكة حيث تتواجد بها المراكز الرئيسة للأبحاث والخدمات المتخصصة والمؤسسات المالية. واستنادا إلى ذلك فإن الاستراتيجية العمرانية الوطنية تؤكد على ضرورة تدعيم الدور الوظيفي لمدينة الرياض وتعزيز القاعدة الاقتصادية لها بما يقوي من دورها الوظيفي، وذلك عن طريق تشجيع استثمارات القطاع الخاص في أنشطة متطورة وخدمات متخصصة مرتبطة بالدور الوظيفي للمدينة، وبما يتواكب مع التطورات العالميـة ويسمح بتوفير فرص عمل مجزية، وبما لا يشكل عبئا جديدا على خدماتها ومرافقها، أو يؤدي إلى وجود اختناقات تؤثر سلبيا على التوازن البيئي بها.
وترى الاستراتيجية العمرانية الوطنية أن الاستمرار في التوسع في الأنشطة الصناعية التقليدية في مدينة الرياض سوف يؤثر سلبا على الدور الوظيفي الأساسي لها على المدى الطويل، حيث إن استمرار التوسع في الخدمات والأنشطة الصناعية بمدينة الرياض سيجعلها مركزا لاستقطاب العمال والحرفيين Blue Collar Workers وما ينطوي على ذلك من ظهور مناطق السكن العشوائي والضغط المستمر على خدمات ومرافق المدينة وتدهور بيئتها العمرانية. ولذا دعت الاستراتيجية العمرانية الوطنية إلى تفعيل وإبراز الدور الوظيفي لمدينة الرياض وإبرازه والعمل على توفير الأنشطة اللازمة لإبراز هذا الدور الوظيفي، وأن تكون القطاعات الاقتصادية الفاعلة بمدينة الرياض هي القطاعات ذات العلاقة المباشرة بالدور الوظيفي لها. أما بقية القطاعات فقد اقترح أن يكون نموها في حدود ما يخدم الزيادة الطبيعية في حجم سكانها، فمدينة الرياض يمكن أن تكون قاعدة لصناعات التقنية الحديثة والمعلومات Information and Advanced Technological Industries وهي صناعات غير ملوثة للبيئة وتحتاج إلى نوعيات متخصصة من العمالة الفنية ذات المستويات التعليمية والدخول العالية نسبيا.

(4 ,3) المدن الصناعية الجديدة ودورها في تدعيم دور مدينة الرياض وتطوير قاعدتها الاقتصادية
نظرا لأن فرص استمرارية النمو الاقتصادي لمدينة الرياض لا تستمد فقط من الإمكانات الذاتية لها، بل تعتمد استمرارية النمو الاقتصادي لمدينة الرياض أيضا على قوة العلاقات الإنتاجية بينها وبين المدن الأصغر حجما، لذلك دعت الاستراتيجية العمرانية الوطنية إلى ضرورة تدعيم المدن المتوسطة والصغيرة التي تقوم على امتداد محاور التنمية الممتدة من مدينة الرياض لما لذلك من مردود اقتصادي عال على مدينة الرياض خاصة على المدى الطويل. وهذه المدن حال تطويرها ستصبح مدنا جديدة منطلقة من الأنوية القائمة.
وتتمثل أيضا سياسات تدعيم دور مدينة الرياض وتطوير قاعدتها الاقتصادية في إنشاء مدن صناعية جديدة بمنطقة الرياض في مواقع مناسبة على امتداد محاور التنمية الممتدة منها بحيث تكون هذه المدن الصناعية الجديدة مناطق جذب جديدة لاستثمارات القطاع الخاص في الأنشطة الصناعية التي تحتاج إلى مساحات كبيرة وأيدي عاملة حرفية، وبالتالي يحد ذلك من استمرار استقطاب الرياض المدينة لمثل هذه الصناعات وبما يساعد على زيادة فرص تخصص مدينة الرياض في أنشطة تتناسب مع دورها من ناحية وتوفير فرص عمل جديدة لقاطني المدن الصغيرة بالمنطقة، وبالتالي الحد من الهجرة المستمرة إلى مدينة الرياض وإتاحة الفرصة لهذه المدن الجديدة التي ستكون التجمعات السكانية القائمة نواه لها في تحقيق نمط عمراني متوازن وتنمية مستدامة على مستوى منطقة الرياض.

(5 ,3) المدن الصناعية الجديدة المقترحة بمحاور التنمية الممتدة من مدينة الرياض
تغطي محاور التنمية المرتبطة بمدينة الرياض شمالا وجنوبا مساحات شاسعة. وتحتوي هذه المساحات الشاسعة على تجمعات سكانية متفرقة ومتباعدة، ولا يوجد تسلسل هرمي واضح ومتوازن لهذه التجمعات السكانية، ويرجع ذلك إلى طبوغرافية المنطقة وتواجد مصادر المياه في مناطق محددة. وتمثل مدينة الرياض مركز جذب للسكان من هذه التجمعات السكانية الصغيرة بهذا المحور. وتحتوي هذه المحاور على أهم المناطق الزراعية بالمملكة وخاصة المناطق الزراعية في القصيم شمالا ووادي الدواسر والخرج جنوبا. هذا وقد تم اكتشاف البترول في منطقة حوطة بني تميم جنوب الخرج حيث يتم استخراجه حاليا ومن المتوقع أن يكون لذلك أيضا آثار إيجابية واضحة على تنمية المنطقة وذلك من خلال أنشطة اقتصادية وخدمية مكملة لصناعة استخراج النفط.
وبالنسبة لتنوع الأنشطة الاقتصادية على امتداد هذه المحاور فيلاحظ تركز واضح لهذه الأنشطة في مدينة الرياض حيث تتمتع بقاعدة صناعية واسعة وتتركز فيها الخدمات التعليمية والصحية والمالية المتخصصة. وفي الجنوب من حوطة بني تميم تتواجد عدة تجمعات حضرية كالأفلاج، السليل ووادي الدواسر التي تحيط بها المناطق الزراعية.
وبهدف إنشاء مدن صناعية جديدة على امتداد هذه المحاور فقد تم دراسة مواقع متعددة لإنشاء مدن صناعية جديدة وذلك من خلال التنسيق والتعاون المشترك بين وزارة الشئون البلدية والقروية ووزارة الصناعة والكهرباء، وأستقر الرأي على تخصيص أراض بمساحات مناسبة لإنشاء مدينتين صناعيتين جديدتين؛ إحداهما على امتداد محور التنمية الممتد شمال مدينة الرياض والأخرى على امتداد محور التنمية جنوب مدينة الرياض. وقد اختيرت مواقع هذه المدن الصناعية الجديدة في منطقة سدير شمال مدينة الرياض ومنطقة حوطة بني تميم جنوب مدينة الرياض.
ونظرا للتشابه في مستويات التنمية ومعوقاتها في كلا المنطقتين التي تغطيها محاور التنمية الممتدة من شمال وجنوب الرياض، وحيث من المتوقع أن توجه أولويات التنفيذ للمدينة الصناعية المقترحة بمحافظة سدير على امتداد طريق الرياض القصيم السريع فإن الجزء اللاحق من البحث يستعرض التجربة الخاصة بالمدينة الصناعية الجديدة بمنطقة سدير شمال مدينة الرياض والتأثيرات المتوقعة لها على تحقيق التنمية المستدامة بالتجمعات السكانية المجاورة والى أي مدى سيكون للمدينة الصناعية الجديدة تأثيرات إيجابية على مدينة الرياض.
(4) المدينة الصناعية الجديدة في سدير
تمثل محافظة سدير التي تعتبر إحدى محافظات منطقة الرياض نموذجا من نماذج المحافظات المتخلفة نسبيا في مستويات التنمية والتي لم يتم بعد الاستفادة المثلى من مواردها التي يمكن استغلالها. وعلى الرغم من أن هذه المحافظة تقع على امتداد الطريق السريع المؤدي من الرياض إلى القصيم فإن هذا الطريق السريع قد سهل حركة النقل بين الرياض والقصيم وما زالت استفادة المنطقة من هذا الطريق محدودة للغاية. ويبلغ إجمالي سكان المحافظة 96 ألف نسمة وتتسم بانخفاض مستوى الكثافة السكانية وتبعثر المستوطنات. وتعاني المحافظة أيضا من وجود نمط غير متوازن للتجمعات العمرانية ومن استمرار تدفق الهجرة الخارجية منها إلى مدينة الرياض. ونظرا لصغر حجم التجمعات السكانية للمحافظة ومحدودية مواردها فإن جهود تنمية المحافظة بمعزل عن المحافظات والمناطق الأخرى المجاورة قد يكون صعبا ما لم يؤخذ في الاعتبار العلاقات الإنتاجية بين هذه المحافظة والمناطق الأخرى المجاورة وضرورة التدخل الحكومي للتأثير على نمط وإمكانات التنمية [4].
ويبلغ عدد التجمعات السكانية بمحافظة سدير 36 تجمعا سكانيا تنتشر على طول الخط السريع الموصل بين الرياض والقصيم على مسافة لا تتجاوز 45 كم بمحاذاة الوادي.  وتقع كل هذه التجمعات في محيط دائرة المدينة الصناعية الجديدة، ومنها ستة تجمعات سكانية يزيد إجمالي سكان كل منها عن 2000 نسمة. ويوضح الجدول رقم (5) التجمعات السكانية المحيطة بالمدينة الصناعية الجديدة بمحافظة سدير [18].

الجدول رقم (5). التجمعات السكانية: السكان والمسافة من المدينة الصناعية.
التجمع السكاني
السكان 1996م
المسافة من المدينة الصناعية الجديدة
المجمعة
37,000
23
حوطة سدير
12,000
13
الارطاوية
7,500
23
تمير
6,200
29
روضة سدير
4,500
10
جلاجل
2,500
12
- المصدر: عبدالعزيز الخضيري [18].

وتمشيا مع سياسات الاستراتيجية العمرانية الوطنية التي تستهدف تخفيف الضغط عن المدن الكبرى وتحقيق نمط متوازن للتنمية العمرانية على مختلف الحيزات المكانية، فقد رأي أن التوسع في مدن صناعية جديدة داخل نطاق مدينة الرياض سيكون له آثار سلبية بعيدة المدى على استدامة التنمية بمدينة الرياض. لذلك تم تخصيص مساحة 27 ألف هكتار من الأراضي الحكومية المتاخمة للخط السريع بين الرياض والقصيم على بعد 120كم من مدينة الرياض كمدينة صناعية جديدة تخفف الضغط في التوسع الصناعي عن مدينة الرياض وتساعد على نشر التنمية في المحافظات المتخلفة نسبيا من المنطقة. وهذه المسافة بعيدة إلى الحد الذي يعيق فرصة الالتحام العمراني مستقبلا للمدينة الصناعية الجديدة بمدينة الرياض. وفي نفس الوقت فهي ليست بالبعد الذي قد يؤثر بصورة ملموسة على تكاليف النقل لمدينة الرياض حيث يسمح الطريق السريع الذي يمر بمحاذاة المدينة الصناعية إلى الوصول إلى مدينة الرياض في مدة لا تستغرق أكثر من 90 دقيقة، وبالتالي يمكن الاستفادة من حجم السوق الذي توفره مدينة الرياض في تصريف منتجات المدينة الصناعية. ومع أن المدينة الصناعية الجديدة بمحافظة سدير لا تتبع أيا من التجمعات الحضرية المجاورة إداريا فمن المتوقع أن تستفيد المدينة الصناعية الجديدة من الخدمات المتوفرة من التجمعات الحضرية والريفية المجاورة وتوفر فرص عمل مجزية تسمح باستيطان سكان هذه المدن بدلا من النزوح والهجرة المستمرة التي عادة ما تنتهي في مدينة الرياض. ويوضح الشكل رقم (4) موقع المدينة الصناعية الجديدة بمحافظة سدير.
وتمثل مدينة المجمعة التي يبلغ إجمالي سكانها في عام 1992م 37 ألف نسمة أكبر التجمعات الحضرية المجاورة للمدينة الصناعية الجديدة ولا توجد في الوقت الحالي في مدينة المجمعة أي من الصناعات التي توفر فرص عمل لسكان التجمعات الحضرية والريفية المجاورة عدا مصنع واحد لإنتاج البلوكات الأسمنتية التي تستخدم في أغراض البناء. وتعتبر الزراعة والخدمات المكملة للزراعة أهم الأنشطة الاقتصادية بمحافظة سدير، وتتسم الزراعة في المنطقة بصغر حجم الحيازات بما لا يسمح باستخدام التكنولوجيا الحديثة في الزراعة والري. ولاشك أن سهولة النقل والوصول إلى المدينة الصناعية الجديدة باستخدام الطريق السريع بين الرياض والقصيم سيؤدي إلى تفعيل العلاقات الإنتاجية بين المدينة الصناعية الجديدة ومدينة الرياض وسيتيح للمدينة الصناعية فرصة الاستفادة من الخدمات المالية والتجارية والتسويقية التي توفرها مدينة الرياض.



الشكل رقم (4): موقع المدينة الصناعية الجديدة بمحافظة سدير والتجمعات السكانية المحيطة بها.
- المصدر: عبدالعزيز الخضيري [18].

(1 ,4) جدوى إنشاء المدينة الصناعية الجديدة بمحافظة سدير
يعتبر إنشاء المدينة الصناعية الجديدة بمنأى عن مدينة الرياض مهم للغاية للأسباب التالية:
1- على الرغم من أن مدينة الرياض تعتبر موقعا متميزا للصناعات الاستهلاكية التي تعتمد إلى حد كبير على تواجد حجم كبير للسوق لتصريف منتجاتها، وكذا الصناعات التقنية الحديثة، إلا أن هذه الصناعات لا تمثل إلا جزءا محدودا من الاستثمارات الصناعية اللازمة لتحقيق استدامة التنمية. وعلى العكس فإن استدامة التنمية تتطلب العديد من الصناعات الأخرى خاصة الصناعات التحويلية والأنشطة التجارية المصاحبة لها والتي يمكن أن تنمو بسرعة في المدن الصناعية الجديدة والتجمعات السكانية الحضرية والريفية المجاورة.
2- كما هو الحال في كثير من الدول، فان الحاجة ماسة في المملكة العربية السعودية إلى تفعيل دور المدن الصغيرة والمتوسطة الحجم في تحقيق نمط متوازن للتنمية العمرانية، وحيث أنه من الصعب تنمية كل من هذه المدن على حدة، فإن إنشاء مدينة صناعية جديدة في موقع يتوسط هذه المدن وبعيدا عن مدينة الرياض سيتيح الفرصة لهذه المدن الصغيرة والمتوسطة أن تصبح أكثر فعالية في تحقيق استدامة التنمية، حيث ستتيح المدن الصناعية الجديدة فرصة نمو هذه المدن الصغيرة والمتوسطة كمراكز تجارية ومراكز خدمات ونقل وتخزين لمنتجات المدينة الصناعية الجديدة وستوفر المدن الصغيرة المساكن اللازمة، وستصبح هذه المدن أيضا مواقع ذات ميزة نسبية لصناعات مكملة للصناعات المتوقع توطنها بالمدينة الصناعية الجديدة، وبالتالي سيصبح لهذه المدن دورا أكثر فعالية في دعم التنمية الريفية بالمناطق المحيطة وتعجيل التكامل بين الاقتصاديات الحضرية والريفية.
3- في الظروف العادية فان توافر المرافق والخدمات والوفورات الاقتصادية للتمركز أو التجمع الصناعي Economies of Industrial Aglomoration قد تقود الاستثمارات الصناعية الجديدة إلى مدينتي الرياض والخرج، إلا أن أحدث البيانات المتاحة من الغرفة التجارية والصناعية بمنطقة الرياض تؤكد أن هناك ما يزيد عن خمسمائة طلب للتصاريح لمشروعات صناعية جديدة مازال في مرحلة الانتظار، وذلك نتيجة لعدم وجود أراض كافية لإنشاء هذه المشروعات الصناعية الجديدة عليها في مدينة الرياض. وبالتالي فمن المتوقع أن توفر المدينة الصناعية الجديدة بمحافظة سدير مساحات كافية كمواقع للاستثمارات الصناعية الجديدة التي مازالت في مرحلة انتظار التصاريح.
وفيما يتعلق بمدى الجدوى الاقتصادية لإنشاء المدينة الصناعية الجديدة في محافظة سدير فقد كلفت الغرفة التجارية بمنطقة الرياض المكتب الاستشاري العالمي المتخصص في دراسات الجدوى الاقتصادية Arthur D.Little لإعداد دراسة جدوى اقتصادية مقارنة لثلاثة مواقع مقترحة كمدن صناعية جديدة إحداهما في محافظة سدير وموقعان آخران بديلان أحدهما شرق الرياض على الطريق السريع الموصل بين الرياض والدمام والآخر جنوب مدينة الرياض وعلى مقربة من مدينة الخرج. وانتهت الدراسة إلى ترتيب المواقع الثلاث المقترحة حسب مدى جدواها اقتصاديا ونالت المدينة الصناعية المقترحة في محافظة سدير الترتيب الأول.

(2 ,4) تأثير المدينة الصناعية الجديدة بمحافظة سدير على استدامة التنمية
من المتوقع أن يكون للمدينة الصناعية الجديدة بمحافظة سدير تأثير واضح وملموس ليس فقط على تنويع القاعدة الاقتصادية بمنطقة الرياض وتقليل الفوارق الإقليمية بين محافظات المنطقة بل سيكون الأثر المباشر للمدينة الصناعية الجديدة هو في توفير فرص عمل جديدة ورفع مستوى الكفاءات الفردية لقاطني المدن الصغيرة المجاورة. وتتمثل أهم تأثيرات المدينة الصناعية الجديدة على استدامة التنمية في المنطقة المحيطة بها فيما يلي [18،  ص ص233-235]:
1- حيث أن توفير البنية الأساسية في المدن الصناعية الجديدة يعتبر مكلفا فمن المتوقع أن يتم تطوير المدينة الصناعية الجديدة على مراحل زمنية، واستنادا إلى تجربة المناطق الصناعية الجديدة في المدن الكبرى خلال فترة العشرين عاما الماضية خاصة في مدن الرياض وجده فمن المتوقع إن يتم تطوير مساحة 250 هكتار من المساحة المخصصة للمدينة الصناعية الجديدة خلال العشر سنوات القادمة. وباستخدام المعدل السائد للعمالة بالهكتار الواحد في المناطق الصناعية في مدينة الرياض وجدة، والتي تبلغ 45 عاملا للهكتار الواحد، فمن المتوقع أن توفر المساحات التي سيتم تطويرها خلال العشر سنوات القادمة في المدينة الصناعية الجديدة ما يعادل 11250 فرصة عمل جديدة. وإذا ما افترضنا أن نسبة المتزوجين من إجمالي العمالة الجديدة تبلغ 40% وبالاستناد إلى المتوسط السائد لحجم الأسرة البالغ 5 أفراد للأسرة الواحدة، فمن المتوقع أن تسهم العمالة المتوقعة في المدينة الصناعية الجديدة في إعالة 56,250 نسمة خلال العشر سنوات الأولى.
2- سيكون للمدينة الصناعية الجديدة تأثير إيجابي على الاستثمار في مجال الإسكان في المدن الصغيرة الواقعة بالقرب من موقع المدينة الصناعية الجديدة. ويتضح من بيانات الجدول رقم (6) أن مساحة المخططات المعتمدة وغير المبنية تصل إلى 55% من إجمالي مساحة المخططات المعتمدة في التجمعات السكانية الخمس المجاورة للمدينة الصناعية.

الجدول رقم (6). نسبة استعمالات المخططات السكنية بالمدن المجـــاورة.
المدينــة
قطع الأراضي المخططة
نسبة قطع الأراضي الفضاء

مبني
فضاء
جملــة
لإجمالي القطع المخططة
المجمعة
4,514
5,580
10,094
55,3%
حوطة سدير
949
2.732
3,681
74%
روضة سدير
750
700
1,450
48%
جلاجل
543
327
870
27%
تمير
887
163
1,050
15%
الإجمالـي
7,643
9,502
17,145
55%
- المصدر: عبدالعزيز الخضيري [18].

3- ولاشك أن زيادة الطلب على الإسكان سيؤدي إلى استغلال المخططات السكنية المعتمدة غير المبنية في سد الاحتياجات المتوقعة دون الحاجة إلى إنشاء مساكن جديدة بالمدينة الصناعية. وسيترتب على ذلك تحسين نوعية البيئة العمرانية بالمدن الصغيرة المجاورة والحد من الآثار السلبية للصناعات على الوحدات السكنية. إضافة إلى ذلك فإن ارتفاع مستويات دخول أصحاب الوحدات السكنية سيكون له أثر كبير في زيادة الطلب على السلع والخدمات بما يعطي الفرصة لجذب استثمارات جديدة في مشاريع خدمية وإنتاجية وسيكون لمضاعف الاستهلاك والاستثمار Investment and Consumption Multipliers  تأثيرات إيجابية في استدامة التنمية على المدى الطويل والحد من فجوة التباين في مستويات التنمية على مستوى منطقة الرياض. ويقصد بمضاعف الاستثمار Investment Multipliers عدد المرات التي يتزايد أو يتضاعف فيها حجم الاستثمار الكلي نتيجة لاستثمار مبدئي. فعلى سبيل المثال إذا ما ترتب على استثمار أساسي في صناعة معينة قدره 10 مليون ريال استثمارات متلاحقة في صناعات أخرى ذات علاقات إنتاجية بالصناعة الأساسية بمبلغ 50 مليون ريال فإن مضاعف الاستثمار في هذه الحالة هو 5، أي أن الاستثمار الأساسي في هذه الصناعة قد حفز الاستثمارات في أنشطة أخرى بما يعادل خمس مرات الاستثمار الأساسي. وتعتمد قوة مضاعف الاستثمار على مدى الترابط الإنتاجي بين الصناعة التي تم الاستثمار الأساسي فيها والصناعات الأخرى المرتبطة بها. فعلى سبيل المثال قد يتوقع أن يكون للاستثمار في قطاع صناعة الحديد والصلب مضاعف استثماري عال، نتيجة لأن الاستثمار في هذه الصناعة تستخدم الحديد والصلب كأحد مدخلات الإنتاج مثل صناعة السيارات وصناعة الثلاجات والتشييد والبناء وغيرها. ولهذا تتجه الكثير من الدول الآخذة في النمو الصناعي إلى تعزيز الاستثمارات في مثل هذه الصناعات الأساسية، نظرا لقوة العلاقات الإنتاجية الخلفية والأمامية لمثل هذه الصناعات على حفز الاستثمارات في صناعات أخرى، وينطبق ذلك على مضاعف الاستهلاك.
4- ستساهم المدينة الصناعية الجديدة بسدير في تطوير مستوى وكفاءة القوى العاملة في المدن الصغيرة المجاورة، والتي تعتبر أحد متطلبات التنمية المستدامة.
5- ستساهم الاستثمارات المتوقعة بالمدينة الصناعية الجديدة في تصنيع المواد الخام، سواء الزراعية أو التعدينية الموجودة بالمنطقة، وسيترتب على ذلك تفعيل التنمية المحلية وتقليل معدلات التسرب لفرص التنمية. إضافة إلى أن زيادة القيمة المضافة ومستويات الدخول الفردية المحلية سيكون لها أثر إيجابي على استدامة التنمية.
6- إن الزيادة المستمرة في حجم المؤسسات الصناعية المتوقع توطنها بالمدينة الصناعية الجديدة سيكون أحد العوامل التي ستشجع على استمرار تطوير هياكل البنية الأساسية ووسائل النقل وطرق التسويق للمنتجات المصنعة.
7- إن إدخال الأنشطة الصناعية في محافظة سدير سيكون لها أيضا أثر إيجابي أيضا على تطوير المفاهيم والسلوكيات الفردية بالمحافظة بما يتناسب مع استدامة عملية التنمية.
وفيما يتعلق بنوعية الصناعات الجديدة، والتي تعتبر ملائمة للمدينة الصناعية الجديدة بمنطقة سدير، فتشمل الصناعات التحويلية وصناعات مواد البناء والسيراميك والزجاج والصناعات المعدنية وصناعات حفظ الأغذية وكذلك الصناعات البلاستيكية والبتروكيماوية، ويتوافر الكثير من المواد الخام اللازمة لمثل هذه الصناعات بالمناطق المجاورة، وتحتاج إلى مساحات كبيرة لتشوين المواد الخام يمكن للمدينة الصناعية الجديدة توفيرها. وأغلب هذه الصناعات من الصناعات التي تفقد نسبة كبيرة من وزن المواد الخام خلال فترة التصنيع، مما لذلك من اثر في تخفيض تكلفة النقل إلى الأسواق.

(5) السياسات التنموية
إن تدعيم دور المدينة الصناعية الجديدة بمحافظة سدير في تحقيق استدامة التنمية على مستوى منطقة الرياض سيتطلب تبني سياسات تنموية بعيدة المدى، منها ما يستهدف تطوير المدينة الصناعية الجديدة كمدينة مستقلة وقائمة بذاتها، ومنها ما يستهدف تأهيل الأنوية الحضرية القائمة والمتمثلة في المدن الصغيرة الواقعة بالمناطق المجاورة.

(1 ,5) السياسات التنموية الخاصة بتطوير المدينة الصناعية الجديدة
1- في ظل سياسة ترشيد الإنفاق الحكومي وزيادة دور القطاع الخاص في الأنشطة الاقتصادية، فمن المقترح أن تتولى القطاعات الحكومية وغير الحكومية ذات العلاقة بالمدن الصناعية الجديدة تعبئة جهود القطاع الخاص للاستثمار في المرافق وهياكل البنية الأساسية اللازمة لإنشاء المدينة الصناعية الجديدة.
2- ضرورة تولي غرف التجارة والصناعة ووزارة الصناعة والكهرباء توفير الدعم الفني لمستثمري القطاع الخاص، وذلك من خلال مساعدتهم على تحديد نوعية الصناعات التي يمكن أن تحقق نجاحا في المدن الصناعية الجديدة، هذا بالإضافة إلى تقديم المشورات الفنية خلال مراحل إعداد الدراسات الخاصة بجدوى هذه المشاريع.
3- استخدام القروض الصناعية من قبل الأجهزة الحكومية المسؤولة عن نظام استصدار تصاريح إنشاء الصناعات كحوافز لتوجيه ودعم استثمارات القطاع الخاص في المشروعات الصناعية في المدينة الصناعية الجديدة والأنوية السكانية المجاورة لتوطين هذه الأنشطة.
4- إن تقليل الاعتماد على العمالة الأجنبية وسعودة فرص العمل تعتبر أهم أهداف خطط التنمية الوطنية، لذا فالحاجة ماسة إلى إجراء دراسات واعية لطبيعة وطاقة الهيئات والمؤسسات التدريبية الحالية والمقترحة في توفير العمالة الفنية الوطنية المدربة اللازمة لسد احتياجات التوسع والانتشار الصناعي. ولاشك أن توفر العمالة الوطنية الفنية المدربة التي تعتمد على احتياجات السوق والتطورات التكنولوجية السريعة سوف تسهم في تقليل مخاطر الاستثمار بواسطة القطاع الخاص في المدينة الصناعية الجديدة.
5- العمل على استكمال مشروعات المدينة الصناعية الجديدة على مراحل تتوافق مع توافر فرص العمل على أن يتعين تحديد المقومات المطلوبة لكل مرحلة وذلك بهدف تجنب ضرورة توفير استثمارات ضخمة منذ البداية.
6- العمل على استرداد تكاليف المراحل المتعددة والخاصة بتوفير المرافق الحكومية من المشروعات الصناعية على المدى الطويل.
7- حيث إن قيمة الأراضي بالمدينة الصناعية الجديدة سيحكمها إلى حد كبير نوع الاستخدام الذي ستهيأ له الأراضي، لذا يقترح أن يكون توزيع الأراضي في المدينة الصناعية الجديدة على النحو الذي يتحقق معه أكبر عائد ممكن.
8- يقترح أن تتولى الأجهزة المسؤولة تبني إجراءات إدارية ميسرة تشجع توطن الاستثمارات الصناعية في المدينة الصناعية الجديدة.

(2 ,5) السياسات التنموية الخاصة بتطوير التجمعات السكانية المتوسطة والصغيرة كأنوية لمدن جديدة
لاشك أن تطوير التجمعات السكانية المجاورة للمدينة الصناعية الجديدة مهم للغاية في المرحلة المقبلة، وذلك سيتطلب [19]:
1- تبني برامج للتجديد الحضري Urban Renewal للأنوية الحضرية المجاورة القائمة، لتصبح مجتمعات عمرانية جديدة تقوم بدور أكثر فعالية في توفير احتياجات المدينة الصناعية الجديدة من ناحية وكمراكز جديدة للنمو الاقتصادي والاجتماعي بمنطقة الرياض من ناحية أخرى.
2- إدخال الخدمات والوظائف الحضرية التي تساند الدور الوظيفي المرتقب لهذه المدن.
3- تطوير الهيكل الإداري والتنظيمي للأجهزة الحكومية بالبلديات بما يؤهلها للقيام بأدوار أكثر فعالية في التخطيط ومتابعة التنفيذ للبرامج الإنمائية.

الخلاصـة
إن حركة المدن الجديدة في المملكة العربية السعودية كانت لها دوافع متعددة ارتبطت بالسياسة العامة للدولة.. وتغيرت طبيعة هذه المدن وفقا للمتغيرات التي طرأت على أولويات مراحل التنمية. إلا أن الهدف الضمني ظل واضحا مع اختلاف مراحل التنمية، وهو الانتشار المركز للسكان والأنشطة الاقتصادية على الحيز المكاني الوطني. وبالتالي استخدمت المدن الجديدة في إعمار المساحات الشاسعة وتوطين السكان وتشجيع النمو الاقتصادي في مختلف الأقاليم بهدف تحقيق التنمية المتوازنة.
هذا وتمثل المدينة الصناعية الجديدة في محافظة سدير مثالا لتطبيق توجهات الاستراتيجية العمرانية وأحد المحاولات الجادة لتدعيم القاعدة الاقتصادية وزيادة فرص التخصص الوظيفي لمدينة الرياض، وذلك عن طريق إيجاد مركز جذب جديد للاستقطاب الصناعي بعيدا عن مدينة الرياض. ولاشك أن ذلك سيخفف من حدة تيارات الهجرة الداخلية المتجهة إلى مدينة الرياض من المناطق المجاورة بحثا عن فرص عمل جديدة. كما ستوفر المدينة الصناعية الجديدة بمحافظة سدير مناخا ملائما للتجديد الحضري للأنوية الحضرية التي تتمثل في المدن الصغيرة المجاورة، لتصبح مدنا جديدة. وسيكون لهذه الأنوية الحضرية، حال تجديدها، دور فعال ليس فقط في مساندة الأنشطة المرتبطة بالمدينة الصناعية الجديدة، ولكن سيمتد دورها إلى تحقيق نمط متوازن من التسلسل الهرمي في حجم التجمعات السكانية الحضرية بمنطقة الرياض، وتفعيل محاور التنمية العمرانية بما يضمن تحقيق التنمية المستدامة. ويتطلب تحقيق ذلك تنسيق وتضافر الجهود الحكومية والأهلية.


المراجع
[1]
Mera, Koichi. On Urban Agglomeration and Economic Efficiency. Economic Development and Cultural Change, 21 (No. 2, 1973): 323-4, Chicago: The University of Chicago Press, 1973.
[2]
Berry, J. L. Brian. City Size Distributions and Economic Development. Economic Development and Cultural Change, 9 (No. 4, 1961), Chicago: The University of Chicago Press, 1961.
[3]
Kwon, G. Young. Urbanization, Primacy and Economic Development. (Mimeo) Department of Urban Studies, Cambridge: Mass: MIT, 1981.
[4]
Corbin, B. Peter. Effects of Alternative Strategies on Settlement Size Distributions.  Chapter 13 of Small Cities and National Development, O.P. Mathur, (Ed.) Nagoya, Japan: United Nations Center for Regional Development, 1982.
[5]
Weaton, C. William, and Shishido Hisanobu. Urban Concentration, Agglomeration Economics and the Level of Economic Development. Economic Development and Cultural Change, Chicago: The University of Chicago Press, 1981.
[6]
Galantay Constandse. A., Ohba T. New Towns World-Wide. Netherlands: IFHP, 1985.
[7]
Osborn J. Frederic and Whittick, Arnold. New Towns in Modern Times. London: Leonard Hill, 1977.
[8]
United Nations Center for Human Settlements (Habitat). The Istanbul Declaration and the Habitat Agenda. Nairobi: Habitat, 1988.
[9]
الهذلول، صالح؛ عمروش، أحمد. المدن الجديدة واستراتيجية التخطيط الإقليمي-   مدن خط التابلاين بالمملكة العربية السعودية. ندوة المدن الجديدة، المعهد العربي لإنماء المدن، الرياض (1993م).
[10]
Shamekh, Ahmed. Spatial Patterns of Bedouin Settlement in Al-Qasim Region. Ph.D. Thesis, University Microfilms Service. Ann Arbor, Michigan, (1975).
[11]
وزارة المالية والاقتصاد الوطني، مصلحة الإحصاءات العامة، الرياض: التعداد العام للسكان عام 1384هـ.
[12]
وزارة المالية والاقتصاد الوطني، مصلحة الإحصاءات العامة، الرياض: التعداد العام للسكان لعام 1413هـ.
[13]
Al-Hathloul S. and Rahman, A. New Towns in Town of Saudi Urbanscope. In: Urban and Rural Profiles in Saudi Arabia. Al-Ankary K.M. and El-Bushara (Eds.), Berlin: Gebruder Borntraeger, 1989.
[14]
Al-Hathloul S. The Integrated Approach in the Planning in New Towns: The Experience of the Industrial Cities in the Kingdom of Saudi Arabia. Paper Presented at the APA Annual Meeting. Washington DC: USA, 1992.
[15]
Darwent, D. F. Growth Poles and Growth Centers in Regional Planning a Review in Regional Policy, Reading in Theory and Applications, Friedmann and Alanso (Eds.). MIT Press, Cambridge Mass: USA, 1975.
[16]
الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض. استراتيجية التطوير الحضري لمدينة الرياض. تقرير المهمة 2-8 (مسودة)، الرياض : الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، شوال، 1419هـ.
[17]
السكران، محمد سليمان. دوافع ونتائج نزوح بعض الأسر الريفية إلى مدينة الرياض. ورقة عمل مقدمة لندوة الهجرة من الريف إلى الحضر، القاهرة، 1995م.
[18]
AlKhedheiri, Abdulaziz. The Role of Secondary Cities in the National Development Process of Saudi Arabia. Ph.D. Thesis, University of London, London, England: (1998).
[19]
الهذلول، صالح؛ عبدالرحمن، محمد. تزايد الأهمية النسبية للمدن المتوسطة والصغيرة في التنمية الوطنية- دراسة تطبيقية للمملكة العربية السعودية في "المدينة العربية وتحديات المستقبل". أعمال وبحوث وتوصيات المؤتمر العام العاشر لمنظمة المدن العربية، المجلد الأول، المعهد العربي لإنماء المدن، الرياض: 1997م.



New Towns in the Kingdom of Saudi Arabia:
Concentration or Dispersion of Development

Saleh Al-Hathloul  and  Mohamed Abdel Rahman Al-Sayed
Deputy Ministry for Town Planning, MOMRA, Riyadh,

(Received 2/6/1420H; accepted for publication 9/11/1420H)

Abstract. This paper addresses the issue of new towns in Saudi Arabia, their historical trends and their crucial role in the national spatial development process. The analysis defines the objectives and the expected role of new towns within the context of the long-term goals of the national development and the guidelines of the National Spatial Development Strategy. It also examines the extent new towns have realized their objectives, in terms of their impacts on the national and regional development. The paper then examines the future prospects of new towns and their expected role in promoting sustainable development.
Using the new industrial city to be established in the Sudair district as an illustration, the paper concluded that in Saudi Arabia, new towns will continue to be an effective instrument in achieving sustainable development. New towns have been promoting a concentrated dispersion of population and economic activities on the national space. This is a cost-effective approach in the utilization of natural resources and the integration of national space.

حمله من هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا