التسميات

الأحد، 29 سبتمبر 2013

استراتيجية المياه في الجزائر ...

 استراتيجية المياه في الجزائر

موقع الدكتور بوحنية قوي: بقلم: د.نورالدين حاروش - كلية العلوم السياسية الإعلام:

تعتبرمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من المناطق الحارة الجافة، لكن سكانها طيلة قرون عديدة نجحوا في ابتكار أنظمة متفننة جدا لجلب الماء، وأتاحوا بذلك ازدهار حضارات مشهود لها بالمعرفة، غير أن الأمور تعقدت في القرن العشريين وبداية القرن الواحد والعشرين مع التطور التقني والتوسع العمراني والخدمات العامة بشكل غير منظم. وبسبب تكاثر السكان، ازدادت التكنولوجيات الكفيلة بتلبية الاحتياجات المتزايدة. فالسدود وخطوط الأنابيب لنقل الماء على مسافات طويلة وتقنيات تحلية الماء المتطورة يوما بعد يوم وتقنيات الحفر التي بدأت في الانتشار منذ سنوات عديدة وترشيد الإدارة الحكومية، أتاحت بقدر لابأس به توفير ماء الشرب إلى المساكن وماء الري إلى المزارع.


 للتذكير فإن حصة الفرد الجزائري من المياه سنويا أقل من 600 م3، ومنه فالجزائر  تقع في خانة الدول الفقيرة بالموارد المائية، إذا علما أن  البنك الدولي يحدد عتبة 1000 م3 للفرد سنويا.
     امام تحدي تأمين الاحتياجات المتزايدة من المياه (في المدن وفي الصناعة والزراعة)، فإن الامر يقتضي وضع سياسة تنشط في تعبئة الموارد المائية موضع التنفيذ، إضافة  إلي استعمال الأجهزة الحديثة في الادارة والتسيير.
   
الملخص بالفرنسية :

          De part sa rareté, l'eau en Algérie, comme dans la plupart  des  pays du Sud de la Méditerranée,  est un facteur limitant du développement et source de tensions sociales. La rareté est appréhendée en termes de stress hydrique et d'irrégularité de la ressource, deux facteurs susceptibles de s'accentuer avec le changement climatique.
     Avec moins de 600 m3 par habitant et par an, l'Algérie se situe dans la catégorie des pays pauvres en ressources hydriques, au regard du seuil de rareté fixé par la Banque Mondiale à 1000 m3 par habitant et par an.
     Face au défi d'assurer la couverture des besoins sans cesse croissants en eau (villes, industries, agriculture), une politique active de mobilisation des  ressources eau a été mise en œuvre, ainsi que de nouveaux instruments de gestion.

تمهيد: تعتبرمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من المناطق الحارة الجافة، لكن سكانها طيلة قرون عديدة نجحوا في ابتكار أنظمة متفننة جدا لجلب الماء، وأتاحوا بذلك ازدهار حضارات مشهود لها بالمعرفة، غير أن الأمور تعقدت في القرن العشريين وبداية القرن الواحد والعشرين مع التطور التقني والتوسع العمراني والخدمات العامة بشكل غير منظم. وبسبب تكاثر السكان، ازدادت التكنولوجيات الكفيلة بتلبية الاحتياجات المتزايدة. فالسدود وخطوط الأنابيب لنقل الماء على مسافات طويلة وتقنيات تحلية الماء المتطورة يوما بعد يوم وتقنيات الحفر التي بدأت في الانتشار منذ سنوات عديدة وترشيد الإدارة الحكومية، أتاحت بقدر لابأس به توفير ماء الشرب إلى المساكن وماء الري إلى المزارع.غير أن الأمور ليست على ما يرام نتيجة الإنقطاعات المتكررة بالإمداد بماء الشرب وما يحدثه هذا الانقطاع من تدمر في نفوس الأفراد .
     أما بالنسبة للجزائر،فإن الموارد المائية محدودة وموزعة بطريقة غير عادلة، وقد زادت الوضعية سوءا خاصة في العقدين الأخيرين بسبب الجفاف والتلوث وسوء التسيير. وإذا كان المخزون المائي في الجزائر يقدر بـ 19 مليار متر مكعب في السنة، فإنه بالمقابل نحصل على حوالي 600 متر مكعب للفرد سنويا. ومن خلال هذه المعطيات يتضح لنا أن الجزائر تقع ضمن الدول الفقيرة من الموارد المائية، إذا عرفنا بأن البنك الدولي أقر حد الندرة العالمي عند عتبة 1000 متر مكعب للفرد سنويا. وقد كانت حصة الفرد السنوية تقدر بـ 1500 م3 /فرد سنة عام 1962، لتتراجع عام 1999 إلى 500م3 /فرد سنة بالمقابل فإن المخزون المائي في الجزائر يتوزع كما يلي:

  14.2 مليار متر مكعب سنويا، منها 12.4 مليار متر مكعب من المياه السطحية، و1.8 مليار متر مكعب من المياه الجوفية.
   5 مليارات متر مكعب سنويا هي نصيب المناطق الصحراوية والتي تتكون من المياه الجوفية غير قابلة للتجديد(1). تضاف إلى كل هذه الصعوبات التوزيع غير العادل بين مناطق الوطن الشرق والغرب والجنوب إضافة إلى عدم انتظامها. مع العلم أن القانون يقر بأن التزود بالماء الصالح للشرب بكمية كافية للحاجيات المنزلية ولتلبية حفظ الصحة يعد هدفا دائما للدولة وحقا للمواطن (2).  كما أن أولوية الاستعمال حددها القانون كذلك بتلبية حاجيات تزويد السكان بالمياه الصالحة للشرب وإرواء الماشية وتلبية حاجيات الفلاحة والصناعة (3).

   وتكتسي الموارد المائية في الجزائر طابعا استراتيجيا في مسار التنمية الشاملة للبلاد لارتباطها الوثيق بالتنمية المستدامة ولأن الماء في الجزائر مورد نادر وثمين يقتضي ترشيد استعماله لتلبية حاجيات  السكان والاقتصاد الوطني دون رهن حاجيات الأجيال القادمة . 
    وتزداد حدة مشكلة الماء في الجزائر بسبب الخصائص المناخية التي تتراوح بين الجاف وشبه الجاف على معظم الأراضي الجزائرية وهي بالتالي غير وفيرة للأمطار مما يهدد بتناقص الموارد في وقت يزداد فيه الطلب على هذا المورد بفعل النمو الديموغرافي ولتنامي القطاعات المستهلكة كالصناعة والفلاحة والسياحة .

    كما أن الجزائر بالنظر لمساحتها الكبيرة تتميز بندرة المياه السطحية التي تنحصر أساسا في جزء من المنحدر الشمالي للسلسلة الجبلية الأطلسية. يقدر عدد المجاري المائية السطحية في الجزائر بنحو 30 مجرى معظمها في إقليم التل، وهي تصب في البحر المتوسط وتمتاز بمنسوبها غير المنتظم. ويقدر الخبراء عدد المواقع الملائمة لبناء السدود في الجزائر من الناحية النظرية بنحو 250 موقعا، لكن عدد السدود الصغيرة والمتوسطة والكبيرة الموجودة اقل من هذا العدد، لذا يجب التفكير في إنجاز المزيد من السدود من اجل مضاعفة المخزون المائي تفاديا لمشاكل الجفاف.
   إن الظروف الاجتماعية والاقتصادية للجزائر تغيرت تغيرا ملحوظا منذ مطلع القرن الماضي وبداية القرن الحالي بسبب تزايد السكان وتحسين ظروف المعيشة والتوسع الحضري والتطور الصناعي وإدخال نظام الري الواسع النطاق، وقد أدى هذا التطور السريع إلى توليد ضغط متزايد على موارد المياه مما أسفر عنه نشوء طلب على المياه لم يكن موجودا من قبل وظهور تباينات جغرافية مائية وتفاقم مشكلات تلوث المياه. ولمواجهة هذا الارتفاع في الطلب والذي تسارع في الآونة الأخيرة، لجأت الجزائر إلى تنفيذ سياسات واستراتيجيات محددة لتطوير موارد المياه تتكامل داخل إطار سياسات التنمية الاجتماعية والاقتصادية الوطنية، وبالرغم من التقدم الحاصل في هذا الشأن إلا أن وضع المياه في الجزائر لا يزال بحاجة إلى بذل جهد إضافي لا سيما في النقاط التالية:

· الضغط الشديد على موارد المياه المحددة يوجب الاستعداد لمواجهته.
· الاستخدام الكلي لموارد المياه في حدود 2020 ، يجب الاستعداد له.
· زيادة الطلب على المياه، وخاصة الجفاف،  سيؤثر حتما على الوضع أكثر.
· زيادة الحاجة إلى التنظيم الفعال للموارد المائية كما ونوعا.

الخصائص الطبيعية والجغرافية للجزائر:

جغرافية الموارد المائية بالجزائر:

   تتعرض الجزائر منذ أكثر من 20 سنة إلى جفاف شديد ومتواصل، وقد دفعت هذه الوضعية إلى التساؤل عن استقرار المناخ، بل دراسة كيفية مراعاة مثل هذه الظاهرة والتخطيط لها، وقبل ذلك نحاول معرفة مناطق الموارد المائية المختلفة.
   تتميز الجزائر بمناخ حار صيفا ومعتدل إلى بارد شتاء  ويكاد ينعدم سقوط الأمطار صيفا مع معدل تبخر شديد الارتفاع مما يسفر عن نظام مائي معقد مع تقلب الفصول بمرور السنين، أما الأمطار فتتساقط حوالي 100 يوم في السنة كحد أقصى، وفي بعض الأحيان قد يزيد معدل السقوط عن 100 ملم في أقل من يوم واحد، وقد يتركز جزء كبير من أمطار العام خلال أيام قليلة مع سقوط الثلوج أحيانا على القمم الجبلية، ومعدل سقوط المطر سنويا شمال البلاد يزيد عن 500 ملم ويمكن أن يصل إلى 1500 أو 2000 ملم أحيانا ويتناقص المطر تدريجيا كلما اتجهنا جنوبا حتى يكون اقل من 100 ملم في السنة في المناطق المتاخمة للصحراء وينعدم تقريبا في المناطق الصحراوية (4).
   يعتبر الجفاف إذن أكبر مبعث للقلق، فموارد المياه محدودة ويتوقع أن يتم استغلالها بالكامل خلال وقت قريب، مما يجعل البلاد في خطر الفشل في مواجهة فترات الجفاف إلى جانب احتمالات تغير المناخ وما قد يصاحبه من آثار معاكسة.
     وتتكون الموارد المائية في الجزائر من موارد تقليدية كمياه الأمطار والأحواض الجوفية والمياه السطحية، وموارد غير تقليدية كالتحلية وتصفية مياه الصرف الصحي والزراعي. وتشكل مياه الأمطار العمود الفقري للموارد المائية بشكل عام باعتبارها مصدر تغذية الأحواض الجوفية والمجاري الطبيعية والينابيع والأودية وتختلف كميات الأمطار من منطقة لأخرى كما رأينا سابقا.
      ويجب التنبيه بان الجزائر تفتقر إلى أنهار كبير على شاكلة النيل ودجلة والفرات ونهر الأردن، إذا ما قورنت بالدول العربية، ولهذا فإن الموارد المائية هي محصلة المياه الجوفية نتيجة السيول والأمطار الموسمية والتي تتأثر بالتغيرات المناخية والبيئية، هذه المشاكل الطبيعية يضاف إليها مشاكل أخرى تتمثل في العوامل البشرية كزيادة السكان وزيادة الطلب على المياه والمشاكل الإدارية والبيروقراطية المتعلقة بتسيير هذا المورد الحيوي إضافة إلى المشاكل الاقتصادية والمالية والاجتماعية والثقافية، ليتعقد الأمر أكثر من جراء التلوث البيئي (5)، ويمكن أن نضيف مشاكل أخرى تتمثل في عدم وجود اتفاقيات دولية بخصوص الماء والتوزيع غير العادل وغير المتوازن للماء...


طبيعة الانهار في الجزائر وجريانها:

    تنقسم الأودية الجزائرية حسب مصباتها وتوازن مجاريها إلى أودية تصب في البحر المتوسط وهي الأودية التلية تتميز بوفرة المياه لأنها تقع في منطقة تعتبر الأوفر مطرا. وأودية تصب في أحواض مغلقة من سبخات أو شطوط وتسمى هذه الأودية بأودية الصرف الداخلي وهذه الأودية أقل حظا فيما تصرفه من مياه لأن إقليم صرفها لا تتعدى أمطاره 400 مم إلا نادرا. ثم أشباه الأودية التي تظهر بالصحراء وهي لا تتعدى حركات مياهها هذا الإقليم وليس لها مجاري مضبوطة بل كثيرا ما غيرت مجاريها وطمست معالمها وبذلك يصعب الاستدلال عليها ولا تظهر بها المياه إلا أثناء سقوط المطار النادرة في هذا الإقليم، وربما جرت المياه فيها لأقل من ساعة خلال السنة كلها. 

أودية تصب في البحر:

    منها التافنة والحمام ومينا والشلف و خراطة لتمثيل كل الجهات التلية للجزائر الشمالية. وتجري هذه الأودية من الجنوب إلى الشمال بصفة عامة، وتأخذ منابعها من إقليم سلسلة الأطلس التلي ما عدا وادي الشلف الذي يمد لسانه حتى سلسلة الأطلس الصحراوي.


وادي تافنة: يجري في أقص الجهات الغربية الشمالية للجزائر من منطقة  جبال تلمسان ويصرف مساحة واسعة منها حوضه الأعلى الذي تبلغ مساحته 1016كلم2.
واد الحمام: يجري في السهول العليا من معسكر بعد أن يجمع أشتاته المتمثلة في روافده العديدة المنطلقة من جبال سعيدة، ثم يتصل بوادي السيق عند منخفض المقطع ليصب أخيرا في خليج أرزيو وتبلغ مساحة الحوض الأعلى لوادي الحمام 8477 كلم2

وادي مينا: وهو أحد الروافد اليسرى لوادي الشلف في مجراه الأدنى، يأخذ منابعه العليا من الهضبة الجبرية الواقعة على الحافة الغربية لجبال الناظور وفرندا على ارتفاع 1150م.
وادي الشلف: وهو أطول وأهم واد في الجزائر من حيث المساحة التي يصرفها والحمولة، يأخذ منابعه العليا من سلسلة الأطلس الصحراوي بالقرب من أفلو بجبال عمور ثم يتجه إلى الشمال تحت اسم النهر الطويل عابرا لأراضي النجود التي تمتص أغلب مياهه ولا تتركها تمر إلا إذا كانت غزيرة في أوقات الفيضانات. يشق طريقه دائما نحو الشمال عبر سلسلة الأطلس التلي في منطقة التقاء جبال المدية في الشرق وجبال الونشريس في الغرب، وبعد عبوره لهذه المنطقة يغير اتجاهه ليصبح يجري في حوض واسع من الشرق إلى الغرب حتى يصل إلى البحر ليصب مياهه بالقرب من مدينة مستغانم بعد أن يكون قد قطع مسافة تزيد من 700 كلم.
وادي خراطة: ويدعى أيضا بوادي اقريون، هذا الوادي يصب في خليج بجاية وهو قصيرا جدا حيث يبلغ طوله قرابة 50كلم إلا أنه يجري في منطقة غنية جدا بالأمطار.

أودية تصب في الشطوط
وادي الغيس: يصرف جزء من السفوح الشمالية لجبال أوراس التي تعد من أهم السلاسل الجبلية الفاصلة بين الصحراء والسهول العليا لقسنطينة. ويجري وادي الغيس البالغ في الطول حوالي 40كلم من الجنوب إلى الشمال


وادي القصب: وهو أهم أودية إقليم الحضنة الذي تجرى نحوه كمية من مياه أودية السفوح الجنوبية لجبال البيبان، فهو مصب لها. ويتحرك وادي القصب من الشمال إلى الجنوب على عكس الأودية السابقة .

أودية تصب في الصحراء :

وادي أمزي: يجري من الغرب إلى الشرق ويمثل الجزء الأعلى من ذلك الوادي الطويل المعروف بوادي جدى الذي يتماشى وخط الإنكسار العظيم الذي يفصل بين الصحراء  والأطلس الصحراوي من جبال عمور حتى بسكرة ليصب في الصحراء بشط ملغيغ الواقع على انخفاض 32 متر دون مستوى البحر وهو أقل انخفاض معروف في البلاد.
وادي الأبيض: ينطلق من جبل الشلية بالأوراس على ارتفاع يزيد عن 2000م ويصرف الجزء الغربي من السفوح الجنوبية لجبال أوراس الشامخة التي قد تكسوها الثلوج لبعض الأيام من السنة في فصل الشتاء طبعا ليصب في شط ملغيغ بالصحراء مثل وادي جدى وبذلك يغذي الطبقات المائية الجوفية في الصحراء الشمالية الشرقية.


   هذا باختصار عن حالة الجريان لبعض الأودية الجزائرية التي تمثل الأقاليم المناخية الثلاثة بالبلاد تتسم كلها بالجريان غير المستمر وباعتمادها على التساقط لتفيض يوما وتمتد أياما.
   والاهتمام بالمياه السطحية يكون باستصلاحها وتهيئتها وعلاج الفيضانات ببناء السدود والخزانات المائية والمدرجات واستصلاح مجاري الأودية ببناء الأسوار بجوانبها وتعميقها وإزالة ما يعوق جريان المياه بها و غرس الأشجار بها في مناطق جمع المياه. وإن كان بناء السدود هذه يكلف نفقات كبيرة إلا أن ما يعود به على العباد من خير كبير لا يمكن تقويمه والاستهانة به حيث أن هذه السدود لا تعتبر مخازن لتوليد الطاقة الكهربائية فقط ولا هي العلاج الأمثل لدرء خطر الفيضانات فقط ولكن تضمن أيضا الاستقرار البشري والتطور الاقتصادي بصفة عامة.
   يشكل الماء اغلي الثروات الطبيعية للبشرية، ويوزع بطريقة غير عادلة عبر أنحاء العالم، ويرتكز انتشار الكائنات الحية فوق سطح الأرض أساسا الماء. وبسبب عوامل مناخية، تستحوذ المناطق القطبية الشمالية والمناطق الاستوائية على نسبة 98% من كمية الماء التي تجري فوق اليابسة، بينما لا تتوفر المناطق الجافة وشبه الجافة إلا على 2%.

      في عام 1990 صنفت عشرون بلدا، من ضمنها الجزائر، تحت حدود الندرة، وبالرغم من إشكالية الماء كونه فعلا مسألة وفرة الموارد المائية، لكنها قبل كل شيء مشكلة وسائل مالية وتسيير ناجع. فإن بعض الدول المتخلفة، ورغم قلة الموارد المائية فيها، إلا أنها تضمن لسكانها الماء الشروب بفضل اللجوء إلى تحلية ماء البحر لأنها تستطيع مواجهة تكاليف العملية، وتبقى بلدان أخرى، فإذا ما تخلصت من المشاكل المالية، فإنها تواجه بالمقابل مشاكل النمو الديموغرافي وسوء التسيير، مما يجعل تلبية حاجيات السكان من الماء أمرا صعبا بالرغم من الجهود المبذولة.
     ونظرا لمحدودية الموارد المائية من جهة، وتزايد الطلب عليها من جهة أخرى فمن الواجب القيام بتسيير محكم لهذه الموارد، ولهذا يعتبر الماء منتجا اقتصاديا تدفع تكاليف الخدمة من طرف المستعمل ومشاركة القطاع الخاص من اجل تسيير ناجع، بالرغم من عدم الاتفاق على هذه المفاهيم بين الدول خاصة المتخلفة نتيجة اعتبار أن الماء هبة من الله وهو حق طبيعي ومادة اجتماعية تستوجب الدعم وتبقى دائما تحت مسؤولية الدولة (6) .
     يجب اعتبار الماء كسلعة اقتصادية، بحيث لو كانت هناك سلعة مجانية فإن الناس الذين يستطيعون الحصول عليها سوف يطلبونها بدون حدود، معنى هذا أن الطلب سيكون لا نهائيا. ولكن إذا ارتبطت سلعة بتكلفة محددة فإن هذا من شانه أن يغير كلا من الطلب والعرض ومن تم فإن تحديد سعر معقول للمياه سوف يجعل المستهلكين يحسبون الكمية التي يرغبون في استهلاكها ويقللون من طلبهم عليها (7) .

واقع إدارة وتسيير الماء في الجزائر: 

       يشكل الماء في العالم اليوم رهانا استراتيجيا، ويتعدى الأمر في الجزائر، بحيث وضعت الدولة أمام تحدى صعب يتمثل في توفير الماء للمواطن بصفته خدمة عمومية، وحتى تتحقق هذه الخدمة وفق شروط ومقاييس معروفة لابد من تجاوز بعض العراقيل منها التبذير والتوزيع العشوائي واحترام المقاييس وغيرها. ولمواجهة هذه العراقيل، ومن أجل تحقيق التنمية المستدامة لجأت الجزائر إلى إنشاء الشركة الجزائرية للمياه والتي هي مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري في إطار سياسة شاملة وتسيير مندمج، هذه الشركة التي أنشئت سنة 2001، تشمل على 15 منطقة وتنقسم المنطقة على وحدات توزيع توافق الحدود الإقليمية للولاية، والمقصود بالمنطقة هي ولاية من ولايات القطر، أما الوحدات فهي ولايات كذلك، فنجد مثلا منطقة الجزائر تضم وحدة مدينة الجزائر وحدة تيبازة ووحدة المدية ووحدة البليدة.
     قدم البنك العالمي مجموعة من التوصيات والإجراءات للدول من اجل إدارة أحسن للموارد المائية ومنها:

إجراءات مباشرة: أي التدخل المباشر للسلطات المختصة في إدارة الطلب على الماء وخفض الكميات المهدرة من خلال خفض الهدر عن طريق استخدام التكنولوجيا وكذلك الحد من التسرب عن طريق إصلاح الشبكات القديمة واكتشاف العيوب، وهو ما قامت به الجزائر على ارض الميدان وسنقدم كل ذلك فيما بعد.
إجراءات غير مباشرة عن طريق توعية الجمهور والحملات الإعلانية.

آليات التسعير وتشمل على تسعيرة المياه ويشمل تكاليف التشغيل والصيانة وحساب التكاليف الرأسمالية ..

وقد عالج البنك الدولي أسباب نقص المياه من خلال :

· حشد الجهود لإحداث تغيير السلوك على جميع المستويات.
· تحقيق التكامل بين إدارات مصادر المياه.
· البحث عن مصادر مياه جديدة.
· تنمية التعاون على المستوى الدولي والإقليمي (8).

     وعملا بتوصيات البنك العالمي فقد لجأت الجزائر إلى إنشاء "الجزائرية للمياه" وهي مؤسسة عمومية وطنية ذات طابع صناعي وتجاري تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي. نشأت المؤسسة وفقا للمرسوم التنفيذي رقم 01-101 المؤرخ في 27 محرّم 1422 الموافق 21 أبريل سنة 2001. توضع المؤسسة تحت وصاية الوزير المكلّف بالموارد المائية, و يوجد مقرّها الاجتماعي في مدينة الجزائر. ومن مهام هذه المؤسسة:

تكلّف المؤسّسة في إطار السّياسة الوطنّية للتنمية، بضمان تنفيذ السّياسة الوطنية لمياه الشّرب على كامل التراب الوطني من خلال التكفّل بنشاطات تسيير عمليات إنتاج مياه الشّرب والمياه الصناعية ونقلها ومعالجتها وتخزينها وجرّها وتوزيعها والتزويد بها وكذا تجديد الهياكل القاعدية التابعة لها وتنميتها.

وتكلّف المؤسّسة، بهذه الصفة، عن طريق التفويض، بالمهام الآتية:

- التقييس و مراقبة نوعيّة المياه الموزعة.
- المبادرة بكل عمل يهدف إلى اقتصاد المياه، لاسيّما عن طريق:
- تحسين فعالية شبكات التّحويل والتّوزيع.
- إدخال كلّ تقنيّة للمحافظة على المياه.
- مكافحة تبذير المياه بتطوير عمليّات الإعلام والتكوين والتربية والتّحسيس باتجاه المستعملين.
- تصوير برامج دراسية مع المصالح العمومية التربوية لنشر ثقافة اقتصاد المياه.
- التخطيط لبرامج الاستثمار السّنوية والمتعدّدة السّنوات وتنفيذها.


تحلية مياه البحر:

     إن زيادة الموارد المائية والبحث عن مصادر مائية جديدة  لن يتأتى بزيادة مياه الأنهار والأمطار لأن هذه الموارد تعتمد على عوامل جغرافية عديدة لا يمكن التحكم فيها، لذا كان الاتجاه إلى تحلية مياه البحر يمثل حلا عمليا خاصة وأن الجزائر تقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط وعلى طول الشريط الساحلي الذي يبلغ 1200كلم. ومن بين الطرق المستعملة في عملية التحلية هناك طريقة التبخير ألوميضي متعدد المراحل وطريقة التناضح العكسي أو الاوزموز العكسي وهي الطريقة المستعملة في الجزائر نظرا لبعض الخصائص والمميزات التي تتمتع بها. يذكر أن العديد من الدول العربية لجأت إلى هذا الحل مثل السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة وليبيا (9)، وهي كلها دول تعاني من أزمة المياه.

     تجديد قطاع المياه 2006-2025 :

     في سنوات التسعينيات، كانت موارد الجزائر المائية ضئيلة في زمن كان البلد يواجه فيها مصاعب كبيرة من أهمها تزايد الاحتياجات بسرعة في مختلف الميادين، وسوء أداء شبكات الماء وتلوث مجاري الماء وإفراط سحب الماء من البحيرات والأحواض الجوفية وكل ذلك مع عدم إدراك الناس أن للماء ثمن، فهو في نظرهم " هبة من البارئ".
     لقد صاغت الجزائر سياسة وطنية تمتد من 2006-2025 وترتكز هذه السياسة على أربعة مبادئ وهي:

· الماء خير من الخيرات المادية.
· إدارة شؤون الماء يجب أن تتولاها مصلحة الموارد المائية في كل منطقة من البلاد.
· هذا الخير لا يجب إهداره ولا التفريط بجودته.
· لابد من إقامة شورى مع المستعملين للماء في كل منطقة (10).
     زاد السعر الأساسي لماء الشرب من 3.6 د.ج/م3 في سنة 1998 إلى 6.3 د.ج /م3 سنة 2005، ووضع سعر الصرف الصحي في 2005 بـ   2.35د.ج/م3. وأنشئت في المناطق خمس وكالات للأحواض الهيدروغرافية وأيضا مؤسستان عامتان: الجزائرية للمياه والمكتب الوطني للصرف الصحي ومن مهامها تفويض إدارة شؤون الماء إلى شركات أجنبية متخصصة في عشر مدن جزائرية فمثلا نجد في العاصمة شركة Suez- environnement  الفرنسية، والتي تحمل اسم شركة المياه والتطهير للجزائر "سيال"«SEAAL ». وفي هذه التسعيرة الجديدة نجد الشطر الأول والذي يحدد سعره 6.3دج للمتر المكعب وقد حدد سقفه من 0- 25 لتر مكعب، بينما الشطر الثاني بداية من 26 لتر مكعب حدد سعره بـ 20.48، وهناك الشطر الثالث والرابع، بحيث يزيد سعر المتر المكعب كلما زاد الاستهلاك، وهي عملية القصد منها ترشيد الاستهلاك ومحاربة التبذير وجعل الماء فعلا سلعة اقتصادية.
حاليا 90% من السكان مرتبطون بالشبكة العامة لماء الشرب و85% ينتفعون بأنظمة الصرف الصحي.
     الماء في الجزائر يوزع بمقادير متفاوتة بحسب الزمان والمكان ما بين 80 و250 لتر للساكن يوميا وجودة الماء ليست كما ينبغي أحيانا.
     يبلغ حجم الموارد المائية المتوفرة في الجزائر 19 مليار م3 سنويا ، 63% منها سطحية و37% جوفية لا تتجدد.، أي بمعدل 600م3 سنويا للساكن، ومن المتوقع أن ينخفض إلى 500م3 سنة 2020بسبب تكاثر الاستعمال وتراجع هطول الأمطار.
    لذلك تنص السياسة الوطنية للماء على زيادة حجم الموارد المائية من الآن وحتى 2025 أي بزيادة حجم الماء الطبيعي من 6.3 مليار م3 سنويا، 44% منه توفرها السدود و56% يسحب من الأحواض الجوفية- إلى 11 مليار م3 سنويا وأيضا زيادة حجم الماء الصناعي من 50 إلى 800 مليون م3 سنوياتنتجه محطات التحلية، وكذلك حجم المياه المستعملة لإعادة استعمالها بعد التطهير في الري ولتحقيق هذه الأهداف يقتضي إنشاء خطوط أنابيب لنقل الماء خط عين صالح تمنراست البالغ طوله 740كلم.
     وهناك برنامج لإنشاء 13 سدا سنة 2009 بسعة 1.5 مليار م3 و3 خطوط أنابيب ضخمة لنقل 940 مليون م3 سنويا من الماء إلى غاية 2025 سيتم إنشاء 16 محطة لتحلية ماء البحر في المنطقة الشمالية من البلاد وسيزيد الإنتاج من 90000م3  سنويا إلى 2.5 مليون م3 يوميا 11)، ويجب التفكير من الآن في طرح الماء المالح الناتج عن التحلية في البحر ليزيده أكثر ملوحة وبالتالي تلوثا.
الوضعية الصعبة التي يعيشها البلد فيما يخص الموارد المائية تستدعي وضع سياسة وطنية جديدة للماء والتي ترتكز على خمسة مبادئ وهي:

مبدأ المورد الموحد : بصفته منفعة عامة وطنية يخضع لمراقبة الدولة بصفة مستمرة ومنصفة من أجل ضمان وظائفها الأساسية الاجتماعية والاقتصادية.
مبدأ المشاورة من أجل تأمين هذه المادة : وذلك من خلال تسيير تضامني مع مختلف التركيبات كالجماعات المحلية والمنتفعين
مبدأ الاقتصاد: ومن أجل تحقيق هذا الهدف يجب توفر شرطين وهما: تطبيق مبدأ التسيير التجاري على مؤسسات الماء، ويجب على الدولة لعب المنافس وإعداد الخطط وفتح المجال للتعاقد مع المؤسسات العمومية والخاصة المحلية والأجنبية من اجل ضمان وجود هذه المادة أطول مدة ممكنة.
مبدأ الحفاظ على البيئة : وذلك من خلال التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة ومكافحة التلوث ومحاربة الأمراض المتنقلة عن طريق المياه.
مبدأ الملكية الجماعية : لذلك يجب أن تكون المسؤولية جماعية كذلك من حيث الاستعمال سواء من طرف المواطنين أو قطاع الصناعة والإدارات والدولة (12).

تحصـين الأمن المائي والمشاريع المستقبلية: (13)
    
   تمكنت الجزائر على مدار العشرية الأخيرة أن تقلل من مخاطر ندرة المياه وتتكيف مع هذا الوضع بإطلاق مشاريع استثمارية ضخمة لضمان احتياطي معتبر من الماء وحسن تسيير هذه المادة الحيوية للإنسان والاقتصاد معا.
     فمنذ نهاية سنة 2000 اعتمدت الدولة مجموعة من البرامج والمشاريع المستقبلية لقطاع الموارد المائية بهدف الرفع من حجم الاحتياطي إلى 5,8 مليار متر مكعب قبل نهاية 2013 وأطلقت في الخماسية الثانية استثمارات تراوحت بين 15و16 مليار دولار، لتنمية القطاع وضمان جودة عالية من المياه للجزائريين.
       وتم في هذا الإطار بناء 19 سدا جديدا واستكمال برنامج بناء 15 محطة لتحلية مياه البحر بطاقة 3,2 مليون متر مكعب. بهدف تأمين الماء الصالح للشرب للجزائريين بشكل نهائي. كما أطلقت السلطات العمومية دراسات لتحويل 600 مليون متر مكعب في السنة من المياه الجوفية للصحراء الكبرى نحو السهول الشمالية لتنمية الفلاحة وتحسين توزيع المياه الصالحة للشرب. وتم في هذا الصدد، الشروع في إنجاز أنبوب نقل المياه لربط مدينة تمنراست الجنوبية بمدينة عين صالح، وهو الأنبوب الذي يمتد عبر 740 كيلومتر، وشرع في مده سنة 2006 بتكلفة إجمالية تفوق 1 مليار دولار. وقبل ذلك، عمدت السلطات العمومية ابتداء من سنة 2001 إلى تصليح أنابيب المياه بالقطر الوطني، وخصصت لهذا الغرض 53 مليار دج، وذلك بهدف التحكم في حسن تسيير هذه المادة الحيوية النادرة، لتبرمج 50 محطة لتحلية مياه البحر وتوريد المياه النقية، وكان من إنجازات هذه المشاريع الضخمة، تدشين إحدى أكبر محطات تحلية مياه البحر في إفريقيا (محطة الحامة في العاصمة) وهي المحطة التي قدرت تكلفتها بـ250 مليون دولار.
    لقد استنفرت الدولة إمكانياتها من أجل تأمين الماء لاسيما وأن محدودية الموارد المائية في الجزائر والتي هي أقل من 20 مليار م3 كان لها أثر كبير لبداية المشكلة في بلادنا، فتقرر استغلال المياه الجوفية والتي تمثل 30 بالمائة من احتياط الجزائر لمياه الشرب، وتم تسجيل جملة من المشاريع لحمايتها، خاصة وأنها طاقات غير متجددة، ومن ذلك جاء مشروع تحويل المياه الجوفية من الصحراء نحو المناطق الداخلية.
   وكان للمشاريع الجوارية، الأثر الطيب على السياسة المائية ببلادنا، حيث عرفت الخماسية المنصرمة إعادة صيانة وترميم شبكات الربط القديمة مع تمديدها حسب التوسع العمراني للتجمعات الحضرية وهو ما ساهم في خفض الإصابة بالأمراض المعدية المتنقلة عن طريق المياه.
     ومن حظ الجزائر، أن سمحت الأمطار المتساقطة في السنتين الأخيرتين، بإعادة تشكيل المخزونات بنسبة 300 مليون متر مكعب إضافية. ولأن الماء هو الحياة ومرتكز كل السياسات الأمنية والتنموية، فإن الدولة، خصصت 20 مليار دولار لتعزيز سياسة الأمن المائي لبلادنا خلال الخماسية (2010/2014). وتمس مجال تجنيد وتحويل الموارد، ويتعلق الأمر بإنجاز 16 سدا عبر التراب الوطني بطاقة إضافية تبلغ 8,1 مليار متر مكعب، إضافة إلى الانتهاء من مشروع نقل المياه من الصحراء إلى المناطق الداخلية، مع نهاية العام الجاري، ومشروع النظام المائي مستغانم- أرزيو، بوهران، المرتقب تسليمه هو الآخر نهاية السنة، مع العام أنه شغل بشكل جزئي في جويلية 2009م .
     ويسجل قطاع الموارد المائية للفترة (2010/2014) برنامجا لتحلية مياه البحر والذي يقتضي إنجاز 13 محطة وتهيئتها في المرحلة البعدية، من أجل تحقيق 26,2 مليون متر مكعب يوميا، ويعرف هذا المشروع الذي تمت مباشرته بنسبة تقدم فعلية في الميدان.
      أما بخصوص عمليات التطهير، فقد تم الشروع في العديد من المشاريع لاسيما استعمال أنظمة التطهير ومكافحة صعود المياه بكل من ورقلة والوادي وكذا عمليات تهيئة وتطهير وحماية وادي ميزاب من الفيضانات وإنجاز 36 محطة تصفية و40 بحيرة، فضلا عن أشغال تهيئة الري ألفلاحي التي تمتد على مساحة 11600 هكتار.
     ويترقب في هذا الإطار إنجاز 19 سدا جديدا، والرفع من علو أربعة أخرى، من أجل التوصل إلى طاقة استغلال تصل إلى 1,9 مليار متر مكعب، وإنجاز 6 مشاريع كبرى للتحويل، و14 عملية لإيصال المياه الصالحة للشرب وإعادة تهيئة شبكة التزود بالماء الشروب لـ22 مدينة، فضلا عن شبكات التطهير لـ12 مدينة وبناء 44 محطة تصفية و42 بحيرة، من أجل التوصل إلى طاقة معالجة للمياه المستعملة تقدر بـ2,1 مليار متر مكعب سنويا وكذا الأشغال الخاصة بتهيئة الري الزراعي على مساحة 600000  هكتار وإنجاز 174 من المسالك المائية.

إستراتيجية التنمية في مجال الموارد المائية:

     تهدف هذه الإستراتيجية إلى زيادة تعبئة الموارد المائية في أشكالها التقليدية وغير التقليدية وذلك لضمان تغطية الاحتياجات المنزلية والصناعية والفلاحة من المياه وإعادة تأهيل وتطوير الهياكل القاعدية لنقل مياه الشرب وتوزيعها لتقليص الخسائر وتحسين نوعية الخدمة، وكذا إعادة تأهيل وتطوير البنية التحتية لمرافق الصرف الصحي ومعالجة المياه القدرة وتصفيتها لإعادة استخدامها كمورد مائي محدود، وتحديث وتوسيع المناطق المسقية لدعم إستراتيجية الأمن الغذائي، ناهيك عن الإصلاح القانوني والمؤسساتي والتنظيمي لضمان تحكم أحسن للمياه وتحسين مؤشرات التسيير
بعض المؤشرات الرئيسية لقطاع الموارد المائية:

طول شبكة مياه الشرب : 60000 كلم.
نسبة التوصيل بشبكات مياه الشرب: 93 بالمائة  وكانت في حدود 78 بالمائة سنة 1999 و92 بالمائة سنة 2007م.
الحصة اليومية لكل فرد: 165 لتر وكانت 123ل سنة 1999م و160ل سنة 2007م.
تكرار توزيع المياه على مجموع بلديات الوطن وعددها 1541: 70 بالمائة يوميا وكانت سنة 1999م 45 بالمائة.
يوم/2 : 18 بالمائة وكانت 30 بالمائة سنة 1999م.
يوم/3:  12 بالمائة وكانت 25 بالمائة سنة 1999م.
حجم المياه القدرة : 700 مليون م3 /سنة.
القدرات الوطنية في مجال معالجة المياه القدرة: 350 مليون م3/سنة وارتفعت الى 600 مليون م3/سنة سنة 2010م.
طول الشبكة الوطنية للصرف الصحي: 36000 كم.
النسبة الوطنية للتوصيل بشبكة الصرف الصحي: 86 بالمائة وكانت 72 بالمائة سنة 1999م. ويلاحظ من خلال هذه المؤشرات بعض التحسن مقارنة بالسنوات الماضية.

الهياكل القاعدية:

  سيكون بحوزة الجزائر وعلى أساس المشاريع الجاري انجازها بحلول عام 2009-2010 حظيرة كبرى من الهياكل التي من شأنها تعبئة الموارد المائية وتتألف هذه الحظيرة من 72 سدا - 60 تشتغل حاليا وهو ما يرفع القدرة على التعبئة إلى 35.8 مليار م3.
ولزيادة إمكانيات تعبئة ونقل موارد المياه، فقد تم إطلاق المشاريع الكبرى أو أعيد بعثها ابتداء من عام 2004 وذلك في جميع أنحاء الوطن وبشكل متوازن ويتعلق الأمر لا سيما بمشاريع:
مركب سد بني هارون لتحسين وحماية تزويد أربعة ملايين نسمة في ستة 06 ولايات بمياه الشرب وسقي 40000 هكتار في 04 محيطات كبرى بدا تشغيله في سبتمبر 2007م.
مركب مستغانم- أرزيو وهران لتأمين تزويد هذا الرواق بمياه الشرب بدأ تشغيله في أوائل 2009م.
مركب سد تاقصبت تأمين تزويد الرواق تاقصبت- الجزائر العاصمة والرواق فريحة- عزازقة بماء الشرب تم تشغيله في فبراير 2007م.
نقل المياه الجوفية إلى مدن الهضاب العليا بحجم يقدر بـ 600 مليون م3/سنة وبطول 5000 كلم.
نقل المياه الجوفية من عين صالح إلى تمنراست على طول 740 كلم وبدأت الأشغال 2007م.
تحويل مياه الشرط الغربي ولاية النعامة إلى جنوب ولايتي تلمسان وسيدي بلعباس
تحويل المياه من سهول سطيف العالية وهو المشروع الذي بدأ الانجاز سنة 2007م.

برنامج تحلية مياه البحر:

   انجاز 13 محطة ذات قدرات مختلفة أهمها سيكون في وهران 500000 م3/يوم وستنتج هذه المحطات في الأجل المحدد لها 2.26 مليون م3/يوم أول محطتين في هذا البرنامج ارزيو والجزائر بدأتا في العمل سنتي 2005 و2008 إضافة الى 23 محطة أحادية الكتلة هي تعمل أصلا وهي موزعة على طول المدن الساحلية.
سيسمح تطوير تحلية مياه البحر بتأمين تزويد المدن الكبرى بمياه الشرب وإعادة توجيه الموارد التي تتوفر عليها السدود الواقعة شمال البلاد إلى المناطق التي تعرف عجزا في التزود بماء الشرب إضافة إلى تطوير نظام الري ومنطقة الهضاب العليا.

التزود بمياه الشرب:

     هناك برنامج واسع النطاق لإعادة تأهيل شبكات توزيع مياه الشرب وقد شرع في تنفيذه عام 1999 بدا البرنامج الذي يمس حوالي 30 مدينة وتجمعا سكانيا بوهران والجزائر وقسنطينة وسيمتد ليشمل جمع عواصم الولايات وهو يغطي الجوانب الأساسية لخدمة المياه العمومية من رسم الخرائط واكتشاف التسربات والتسيير التجاري والآلي  والتكوين.
     لقد شرع في تسجيل نتائج ملموسة لهذه الإجراءات منها تقليص الخسائر المسجلة على مستوى الشبكات التي كانت سنة 1999 تقدر بحوالي 45 بالمائة إلى حدود 20-30 بالمائة حاليا.

الصرف الصحي:

     يهدف هذا القطاع الفرعي إلى الوصول عام 2010 إلى نسبة 82 بالمائة من معالجة المياه ويتضمن البرنامج تطوير محطات معالجة وتصفية مياه الصرف الصحي والمجاري وتوسيع شبكات الصرف الصحي في المناطق الحضرية والريفية، وعلى هذا الأساس تم تأهيل 20 محطة وانجاز 40 محطة جديدة و بناء 50 محطة لاستقبال المياه القدرة.

الموارد المائية والزراعة:

     تم تسجيل 24 محيطا كبيرا بمساحة تقدر 219000 هكتار يعلوها 29 سدا كبيرا، أما الهياكل المائية الصغيرة فإن المساحات المسقية تقدر بـ 860000 هكتار.
    وقد سمح وجود 481 سدا صغيرا تقوم بتعبئة 55 مليون م3 إلى اليوم بسقي 11000 هكتار وسيتم الرفع من هذه القدرات لتبلغ 78 مليون م3 عام 2009 وذلك من خلال انجاز 88 سدا صغيرا إضافيا من شانها أن تزيد من السماحة المسقية في المناطق الجبلية بما قدره 15700 هكتار وهو ما يحسن الظروف المعيشية للساكن الريفية ، هذه الإجراءات كلها تهدف إلى التعامل مع الاحتمالين التاليين:

تلبية كل الاحتياجات فيما يتعلق بمياه الشرب والري لجميع المناطق في حالة تساقط متوسط للأمطار في السنة .
تغطية جميع الاحتياجات فيما يتعلق بالتزود بمياه الشرب و 60 بالمائة للري في حالة حدوث جفاف (14).
     في الأخير أردت أن أختم هذا المقال ببيان الماء الذي أعدته اللجنة العالمية للعمل من أجل إقرار عقد الماء والتي أعبرته إرث للإنسانية وليس ملكية فردية أو جماعية، وهو ليس سلعة وليست له قيمة اقتصادية، بل هو حق للجميع وعليه تتوقف صحة الأفراد والجماعة وغيرها، لنقارن من خلالها بين ما تدعو إليه الدول والبنك العالمي وما تراه هذه اللجنة.

بيان الماء:

حق الجميع في الحياة

     هي مبادرة من اللجنة العالمية للعمل من اجل إقرار " عقد الماء" حيث نصت في مبدأها الأول: الماء مصدر الحياة، وهو ملكية مشتركة لسكان الأرض. الماء بصفته المصدر الأساسي للحياة الذي لا يمكن الاستغناء عنه في النظام البيئي للأرض هو ملكية مشتركة لسكان الكوكب ولا يحق لأي منهم، فرادى أو جماعات، أن يجعلوا منه ملكية خاصة، فالماء إرث مشترك للبشرية وعليه تتوقف صحة الفرد والجماعة وترتبط الزراعة والصناعة والحياة المنزلية بالماء ولا يمكن إنتاج أية ثروة دون الحصول على الماء. والماء كما يعترف الجميع ليس موردا مثل أي مورد آخر، وهو ليس سلعة للتبادل أو تقيم بالمال، ولأنه لا بديل للماء، فمن حق كل عضو في الجماعة البشرية الحصول عليه، وخاصة الماء الصالح للشرب بالكمية والنوعية اللازمة للحياة والنشاط الاقتصادي...(15).

قائمة المراجع:

(1) -RADP, ministère des ressources en eau, Direction des études et des aménagements hydrauliques, Les ressources en eau D'Algérie, Octobre 2001, p3.
(2) - ج ج د ش، المرسوم التنفيذي رقم 01-101 المتعلق بتأسيس المؤسسة العمومية الجزائرية للمياه، المؤرخ في 21/04/2001، المادة 9.
(3)- نفس المرجع، المادة 12
(4)- بيتر روجرز، بيتر ليدون، المياه في العالم العربي آفاق واحتمالات المستقبل، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، أبو ظبي، 1997، ص237
(5)- عادل محمد العضايلة، الصراع على المياه في الشرق الأوسط، الحرب والسلام، عمان: دار الشروق للنشر والتوزيع، 2005، ص 61.
(6)- ج ج د ش، المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي، لجنة التهيئة العمرانية والبيئة، مشروع التقرير التمهيدي حول الماء في الجزائر: من اكبر رهانات المستقبل
(7)- بيتر روجرز، بيتر ليدون، المرجع السابق الذكر،  ص 19
(8)- داليا إسماعيل محمد، المياه والعلاقات الدولية، القاهرة: مكتبة مدبولي، 2006، ص 189
 (9)- خالد محمد الزاوي، الماء، الذهب الأزرق في الوطن العربي، القاهرة: مجموعة النيل العربية، 2004، ص 33.
(10( -  Hydro plus ، مجلة المحترفين في ميدان الماء والصرف الصحي، عدد خاص مغرب مشرق، السنة 18، ماي 2007، ص 5.
، المرجع السابق، ص 5،Hydro plus(11)-
ـ (12)RADP, Ministère des ressources en eau, Le secteur de l'eau en Algérie, Alger, novembre 2003, p.4
(13)- جريدة المساء ليوم 13/08/2010
(14)- ج ج د ش، تقرير حول حالة تنفيذ برنامج العمل الوطني في مجال الحكامة، نوفمبر 2008، ص 365-371
(15)- مركز البحوث العربية والإفريقية، الصراع حول المياه، الإرث المشترك للإنسانية، القاهرة: مكتبة مدبولي، 2005، ص 258.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا