القاموس الجغرافى للبلاد المصرية من عهد قدماء المصريين إلى سنة 1945 محمد رمزي الهيئة المصرية العامة للكتاب 1994
الأستاذ الدكتور محمد السيد غلاب
|
ألقى هذا البحث فى الجلسة الرابعة من جلسات المؤتمر صباح يوم الأربعاء غرة ذى القعدة سنة 1416هـ الموافق 20 من مارس (آذار) سنة 1996م .
هذا كتاب من الكتب القليلة التي تعنى بتدوين
أسماء البلدان وتحقيق مواقعها، وتتبع تاريخها ، وهو يأخذ مكانه إلى جانب نظائره
الهامة ، التى لا تتكرر إلا فى فترات متباعدة ، تحسب بالقرون أو على الأقل بعشرات
السنين ، مثل البلدان لليعقوبى ( ت 280 هـ ) ، وياقوت الحموى ( ت 626 هـ ) والبيان
والإعراب للمقريزى ( ت 845هـ ) والتحفة السنية لابن الجيعان(ت885هـ) والخطط
التوفيقية لعلى مبارك (ت1311هـ ) ولذلك يعتبر هذا الكتاب صورة للعمران المصرى ، فى
وقت معين ، تضاف إلى صور العمران المصرى فى أوقات سابقة ، صورة تلخص صورًا سابقة
أو تجلوها وتشرحها أو تكمل ما سبقها من صور ، وهو وثيقة مهمة من وثائق وصف مصر ،
فى العصر الحديث ،سجلت أشكال العمران
المصرى ، من قرى قديمة وحديثة ، مندرسة وباقية ، صغيرة وكبيرة ، وبلدان ومدن ، هذه
الوثيقة النفيسة ذات قيمة كبرى لدارس جغرافية مصر وتاريخها ، المتبع لتطور عمرانها
.
المؤلف ومنهجه :
ولد المؤلف محمد رمزى فى مدينة المنصورة يوم 17 من أكتوبر عام 1871. وكان
أبوه عثمان بك رمزى ،
من رجال الخديو ، وجده مصطفى أغا كسكة
من رجال المدفعية الأتراك الذين عملوا مع سليمان باشا الفرنساوى فى تنظيم الجيش
المصرى وتحديثه فى عهد محمد على .
وقد تلقى تعليمه فى المدارس الأميرية بالمنصورة والقاهرة . والتحق بمدرسة
الحقوق الخديوية ، ولكنه لم يكمل دراسته بها ، والتحق بوزارة المالية بوظيفة
كتابية
صغيرة ، ثم نقل إلى وزارة الداخلية بوظيفة معاون إدارة وظل يتنقل بين أسوان وأسيوط
وميت غمر ومنيا القمح .
وعاد إلى وزارة المالية مرة أخرى ، وعمل فى لجان ربط الضرائب عام 1905 ورقى
إلى وكيل مفتش مالية بمراقبة الأموال المقررة، وظل يعمل فى هذا المجال وتجول
فى
مديريات جرجا وأسيوط والمنيا وبنى سويف
، حتى أحيل إلى المعاش عام 1931 وتوفى عام 1945 .
ويبدو من تاريخ حياة المؤلف أنه لم يكن
مؤهلا إلا لكي يكون موظفًا إداريا فى الحكومة ، ولكن شيئًا مّا تحرك فى عقله
ووجدانه ، وجعله لا يقنع بربط الضرائب على الأطيان ، أو بمعاينة الحياض والتحقق من
المساحات ، أو قيد أسماء القرى والبلدان ، بل إنه بحسه المكانى والزمانى ، ذهب إلى
أبعد من هذا وضرب فى أغوار التاريخ ، بحثًا عن أصول القرى والبلدان ، أصولها
التاريخية وأصولها المكانية ، وقد اهتدى بحسه الجغرافى التاريخى ، إلى مبادئ مهمة
توصل إليها علماء الآثار والجغرافيا التاريخية، فهذه أرض مصر ، توالت عليها العصور
والحضارات فترسبت فيها سماتها طبقة بعد طبقة ، على مدى آلاف الأعوام ، طبقات
التاريخ الفرعونى، ثم التاريخ الإغريقي الرومانى ثم التاريخ البيزنطى أو القبطى ثم
التاريخ العربى الإسلامى ، وتركزت السمات الحضارية المتعاقبة فى أسماء المحلات
العمرانية ، فهى علامة الوجود الإنسانى فى سطح الأرض ، وهذه العلامة تحمل الطابع
الحضارى لفترات التاريخ المتعاقبة .
وعندما يحاول الباحث أن يبحث فى أصول أسماء القرى والبلدان فإنما هو ينقب
فى طبقات التاريخ ، كما ينقب الجيولوجى فى طبقات الأرض ، أى أنه ينقب فى البعد
الثالث وهو البعد الزمني، ومن ثم لا تنفصل عنده الجغرافيا عن التاريخ ، الجغرافيا
هى المكان ، ولكن لا وجود لمكان دون زمان ، والزمان يضع سماته أو بصماته على
المكان ، وهى سمات حضارية ، تتمثل فى اختيار المواقع ، وإكسابها أهمية خاصة ، اقتصادية
أو اجتماعية أو سياسية ، ويتغير الزمان ، وتتغير الحضارات ، وتترك كل حضارة سماتها
على المكان ، سمة بعد سمة ، وقد تتغير السمات ، كما قد تندثر ، وتزول أو قد تترك
سماتها على حوض زراعى أو حقل.وهكذا يحدث التغير والتحول ، وقد يدق هذا التغير على
العين فلا تلحظه فتندثر قرية من القرى ، بل مدينة من المدن ، ولكن اسمها يظل
عالقًا بمكان ما ، أطلق عليه المؤلف وبعض المؤرخين اسم غيط بلا حيط، أى اسم قرية
ذهبت ولم تترك حائطًا ، وأطلق اسماً على الأرض فقط ، أى على الغيط .
ولابد أن المؤلف كان ذا ثقافة تاريخية واسعة وكان لديه حس خاص بالمكان ، أى
كان جغرافيا تاريخيا ، وإن لم يتبوأ مركزا أكاديميا معينًا، وكان يسمى وظيفته
" الوظيفة الصامته " ، يحمل فى حقيبته خطط المقريزى وخطط على باشا مبارك
، يسترشد بهما فى تنقلاته فى الريف لتحقيق تاريخ البلاد المصرية وأسماء مواقعها ،
وبذلك جمع بين الدراسة والبحث والتحقيق العلمى ، وبين الدراسة الحقلية ، وبذلك
أكسب دراساته مصداقية نادرة .
كما أنه أوغل فى مؤلفات إميلينو (جغرافية مصر فى العصر القبطى
، باريس 1893) وهنرى جويتيه ( قاموس
الأسماء الجغرافية فى النصوص الهيروغليفية ، القاهرة 1925 ) وقيت ( مصر العربية،
باريس 1937 ) وأبو صالح الأرمنى (الكنائس والأديرة المصرية ، اكسفورد 1895) ،
وقادته أبحاثه إلى استقصاء أسماء المحلات العمرانية فى وظائفها المختلفة ، ما كتب
عنها باللغة المصرية القديمة ، أو السريانية ، أو القبطية ، أو الإغريقية ، أو اللاتينية
، وقادته أيضا إلى دراسة التاريخ المصرى القديم
، غير أنه كان أكثر اهتمامًا بالتاريخ
العربى الإسلامى ، فقرأ ما كتبه الرحالة المسلمون ، وما سجلته كتب الجغرافيين
المسلمين ، مثل المقدسى وابن رسته من علماء القرن الرابع الهجرى ، المسالك
والممالك لابن حوقل، والمسالك والممالك لابن خرداذبة ، والمسالك والممالك لابن
مصعب البكرى، واهتم بصفة خاصة بقوانين الدواوين لابن مماتى ( ت 606 هـ ) ومعجم
البلدان لياقوت الحموى ، وقرأ بعناية النجوم الزاهرة لابن تغرى بردى ( ت 874هـ )
وبدائع الزهور لابن إياس ( ت 930هـ ) وتاج العروس لمرتضى الزبيدى ( ت 1205 ) .
وقد ظل فى وظيفته بوزارة المالية ما يقرب من ثلاثين عاما
، وتغلغل فى القرى والنواحى منقبا محققا
لما قرأ فى تلك الكتب حتى عرف أصولها أو كاد، وصار الحجة الكبرى بين الإخصائيين فى
هذا الشأن، وعكف بعد بلوغه الستين على إظهار تلك التحقيقات فى شكل كتب واستدراكات
، وكان يحقق الأسماء الجغرافية على الخرائط ويزيد على جزازاته القديمة كل جديد .
وعكف بعد إحالته إلى المعاش على كتابة
التحقيقات الجغرافية لكتب تاريخ مصر فى العصر المملوكى ، مثل النجوم الزاهرة ،
ونقل كتاب تحفة الإرشاد من مكتبة الأزهر ، بعد أن تبين له أنه يحتوى على أسماء
البلاد المصرية ، التى وررت فى الروك الحسامى الذى عمل سنة 697هـ وتتبع هذا الكتاب
عام 1933 حتى وجد نسخة مخطوطة له فى المعهد العلمى بدمياط ، وفى عام 1933 أيضا فكر
فى إعادة طبع التحفة السنية لابن الجيعان ، وذلك لتصبح النسخة المطبوعة فى مصر
سنة1898 لحساب دار الكتب المصرية ،
والتعليق على أسماء القرى والمدن وما طرأ عليها من تحريف ولإظهار القرى الباقية
والقرى المندرسة منها .
ويحتل كتاب التحفة السنية لابن الجيعان مكانا خاصا فى مكتبة محمد رمزى
الجغرافية التاريخية ، فهو يقول عنه " وقد اتخذت كتاب ابن الجيعان أساسًا
لأبحاثى ووثيقة رسمية بين ما ظهر قبله من الكتب التى من نوعه فى السنين السابقة
على سنة 883هـ التى توافق سنة 1477 وبين ما ظهر منها بعد هذا التاريخ ، وبذلك
أمكننى أن أعرف البلاد التى درست من الروك الحسامى ، والبلاد التى استجدت فى الروك
الناصرى، ثم ما عرفته فيما بعد من دار المحفوظات بالقلعة والحجج بوزارة الأوقاف
والمحاكم الشرعية، مما استجد وما اندثر من القرى المصرية فى عهد كتاب التحفة إلى
اليوم .
وظل يكتب التعليقات الأثرية والجغرافية لكتاب النجوم الزاهرة ، الذى كانت
تنشره دار الكتب المصرية ، من الجزء الرابع حتى الجزء التاسع ، أى من سنة 1933 إلى
سنة 1945 ، وقد ظلت دار الكتب تنشر تعليقاته التى خلفها على هذا الكتاب إلى آخر
الجزء الحادى عشر أى إلى سنة 1951 .
وقد نشر المعهد الفرنسى للآثار الشرقية بالقاهرة استدراكه على كتاب جغرافية
مصر فى عهد القبط للمسيو إميلينو فى الجزء الثالث من كتاب ماسبيرو ، وذلك من ص 274 إلى ص 321 .
وفى عام 1941 وضع " الدليل الجغرافى " لأسماء المدن والنواحى
المصرية المعتبرة وحدة عقارية لحصر الأراضى وتحصيل الأموال المقررة ، وقدمه لمصلحة
المساحة فطبعته على نفقتها ، ويستفاد من الصفحة ومن مقدمة الكتاب أنه من وضعه .
وكان رحمه الله دائم الاتصال بالعلماء ورجال الآثار المهتمين بتاريخ مصر
وآثارها ، فتعرف على المرحوم الدكتور عزيز سوريال ، الذى أطلعه على نسخ مخطوطة
مصورة بالفتوغرافيا فى مكتبات أوروبا ، من كتاب ابن مماتى فوجد فى الباب الثالث من
هذا الكتاب ضالته المنشودة ، وهى أسماء جميع النواحى المصرية التى كانت وحدة مالية
فى ذلك الوقت وراجع هذه النسخ التى كتبت قبل قرون من كتابه – قوانين ابن
مماتى، ووجد أن جميع أسماء القرى قد وردت فى كتاب تحفة الإرشاد إلا القليل مما سقط
سهوا وعددها 56 ناحية .
ولم يشغله هذا البحث المستمر فى أسماء القرى والنواحى فى أنحاء مصر
المختلفة عن القيام بنبذة عن الوصف الطبوغرافى بالعباسية ، أو تلك التى تتوسطها
المدرسة الإبراهيمية الثانوية ، ومدرسة بنبا قادن الثانوية ، أو تاريخ شبرا وروض
الفرج وتحولات مجرى النيل فى منطقة القاهرة ، ومكان فم الخليج المصرى عند فتح
العرب لمصر ، أى دراسة ميكروطوبغرافية لبعض المواضع .
وقد سبق له أن نشر عام 1925 مذكرة ببعض الأخطاء التى وقعت فيها مصلحة
التنظيم فى تسمية الشوارع والطرق بمدينة القاهرة وضواحيها قدمها لوزير الأشغال
حينئذ .
وله أبحاث عديدة لم تنشر ، عن التقسيم الإدارى لمصر فى عهد الفراعنة إلى
اليوم ، وتاريخ مساجد القاهرة ، وشرح الخطط المقريزية والتعليق عليها والتعليق على
أطلس مصر لعمر طوسون ، واستدراكات على ما كتبه جونييه وجون بول واميلينو وقيت .
وكان رحمه الله ، بحكم خبرته العملية ودرايته العلمية واطلاعه الواسع عضوا
فى المجلس الأعلى لحفظ الآثار العربية ، وعضوا فى لجنة تسمية شوارع القاهرة ،
وعضوا فى لجنة التقسيم الإدارى ، وعضوا بمجلس حسبى مصر الاستثنافى .
وكان دائم العمل فى جزازاته التاريخية الجغرافية والتى بلغت نحو عشرة آلاف
جزازة ، يراجعها باستمرار ، ويعدل فيها حتى آذنت شمس حياته بالغروب فى فبراير سنة
1945 .
الكتاب
ينقسم كتاب القاموس الجغرافى للبلاد المصرية إلى قسمين : القسم الأول عن
البلاد المندرسة
ويقع فى 478 صفحة من القطع الكبير ،
والقسم الثانى عن البلاد الحالية ويقع فى أربعة أجزاء ، مضافا إليها مجلد يشتمل
على فهرس عام لأسماء القرى والبلاد والمدن ، ويتضمن نحو 14080 اسما بينما كان عدد
القرى والبلدان يزيد قليلا على ألفى قرية فى أى عصر من العصور .
القرية هى عماد العمران المصرى ، كما أن الزراعة هى عماد الاقتصاد المصرى ،
وقد نشأت القرية نتيجة نشأة الزراعة نفسها فى حوض نهر النيل الأدنى ودلتيه وهى أحد
المحاور الرئيسية التى يدور حولها الكتاب ، ويرتبط بالقرية الحياض الزراعية ، ومن
ثم كان أحد محاور الكتاب الرئيسية هى مساحة الأرض وفك الزمام أو التأريع أو الروك
، وكلها مصطلحات للعمل المساحى للأرض ، ويتصل بها وحدة القياس المستخدمة كالقصبة
والفدان، أما المحور الثالث فهو نظام الحيازة ، وأخيرا يأتى المحور الرابع وهو
التقسيم الإدارى للبلاد .
وقد نشأت القرية نتيجة استقرار الإنسان فى الأرض وبدء استخدامها فى إنتاج
الطعام ، وهذا تطور حضارى كبير لابد وأنه استغرق ردحًا من الزمن. وكانت مصر من
أوائل بقاع الأرض التى حدث فيها هذا التطور الخطير ، وشاركها فى هذا إقليم ما بين
النهرين:العراق الأدنى، وحوض نهر
السند وحوض نهر هوانج هو في الصين ، وحدث هذا التطور عندما قلت الأمطار التى كانت
تهطل فى العروض الوسطى فوق ما أصبح فيما بعد يعرف بالنطاق الصحراوى الكبير ،
الممتد من المحيط الأطلنطى حتى تخوم الصين ، عبر الصحراء الكبرى وشبه جزيرة العرب
وإيران . وفي أثناء الفترات المطيرة كان الإنسان يعيش على جمع الثمار والتقاطها
وعلى صيد الحيوان، وكان الإنسان يمر بدور حضارى طويل يسمى العصر الحجرى القديم وقد
امتد هذا الدور نحو 500.000 سنة .
عندما حل الجفاف محل المطر فى هذا النطاق العريض ( من 15 إلى 30 شمالا )
اضطر الإنسان إلى الالتجاء إلى الواحات والعيون ، حيث يجرى الماء أو ينبثق طوال
العام. وكان وادى النيل الأدنى ودلتاه خير ملجأ يأوى الجماعات البشرية ويجتذبها من
الصحارى التى تحيط به،وتضافرت ظروف نباتية أخرى ، إلى جانب الظروف المناخية فى أن
يهتدى الإنسان إلى معرفة الزراعة ، فنشأت مجتمعات زراعية على طول وادى النيل
الأدنى بمصر فى تاريخ يقدر بالألف العاشرة إلى الألف السابعة قبل الميلاد. وبذلك
دخل الإنسان فى مصر فى العصر الحجري الحديث ، وحقق أول ثورة إنتاجية فى تاريخ
البشرية ، إذ تحول من مجرد مستهلك لما تقدمه له الطبيعة من طعام ، إلى منتج له، واستطاع
أن يؤمن طعامه ، بعد أن كان يعيش تحت رحمة الطبيعة . والزراعة معناها أيضًا انتقاء
أنواع معينة من المملكة النباتية ، يضع بذورها فى الأرض ويعتنى بها، كما أن
استئناس الحيوان يعنى انتقاء أنواع معينة من المملكة الحيوانية يربيها ويعنى بها،
وقد سارت الزراعة وتربية الحيوان أو رعيه جنبًا إلى جنب .
وقد أظهر البحث الأثرى فى مصر فى عصر ما قبل التاريخ ، أن هناك عديدًا من
القرى نشأت على ضفاف النيل من "مرمدة بنى سلامة "جنوبيّ محافظة البحيرة
شمالا إلى شماليّ أسوان جنوبًا ،وذلك فى عهد سبق قيام الأسرات ، فيما يعرف بعصر ما
قبل الأسرات ، ويقدر تاريخه بنحو 4500 سنة قبل الميلاد إلى نحو 200 قبل الميلاد ،
وقد تمت فى هذا العصر إنجازات مهمة لها
أبلغ الأثر فى وضع أسس العمران البشرى فى مصر ، منها
تطهير وادي النيل الأدنى من النباتات الضارة والحيوانات المفترسة ، وتجفيف
المستنقعات أى تهيئة الوادي للزراعة ، وإنشاء القرى وبنائها فوق أكوام صناعية تعلو
فوق مستوى الفيضان ، وإقامة ضفاف وادي النيل أو ما يسمى الآن بجسور النيل ، لحماية
الأرض الزراعية من طغيان الماء عليها ، وتقسيم الحياض وإنشاء أول نظام رى ربما فى
العالم ، ولا تزال الجسور قائمة، ولا تزال المدن والقرى القديمة قائمة فوق التلال
الصناعية،ولا يزال يحيط بها طريق دائري يسمى دائر الناحية ، ولا تزال قرى متكتلة
تتكأكأ فيها حوائط البيوت ، ولم تتحرر القرى القديمة من تخطيطها القديم إلا بتقدم
مشاريع الري الدائم ، وأخيرا وليس آخرا اكتشف مصريو ما قبل الأسرات التقويم
الشمسي، حيث لاحظوا
وصول بشائر مياه الفيضان مع شروق الشمس ووجود نجم الشعري اليمانية فى وقت واحد ،
وعندما تتكرر هذه الظاهرات الطبيعية يكون قد مر حول كامل . وهناك دلائل على بزوغ
أصول الكتابة ، فى هذا العصر الذى مهد لوحدة البلاد ، والذي عرف بعصر الأسرات ،
وبدء التاريخ المصري .
القرية هي أساس العمران المصري ، وقامت القرى فى العصور المتعاقبة على أسس
قرى عصر ما قبل الأسرات فى الأعم الأغلب ، وتغيرت أسماء كثير من القرى أو حُرف أو
انتقل إلى حوض زراعى فى حالة اندثارها ، وعندما دخل العرب مصر حشدوا جيشا عرمرمًا
من المترجمين القبط واليونان، لحصر أسماء القرى المصرية.هذا الجيش أبقى على أسماء
القرى بحالها أو حرفه قليلا ليصل إلى سمع العربى ، أو ترجم بما قارب فى اللفظ
الكلمة العربية، وهذا على عكس ما فعله الإغريق عندما حكموا مصر ( عصر البطالمة ) ،
فقد وضعوا لقراها ومدنها أسماء يونانية ، وإن كانوا أيضا ترجموا أسماء الآلهة بما
يقابلها فى اليونانية ، ولحسن الحظ لم تنل هذه الأسماء اليونانية حظا من الشيوع
لدى المصريين ، وعاد المصريون بعد زوال الحكم البيزنطي إلى أسماء قراهم ومدنهم
القديمة ، وبذلك بقيت أسماء المدن المصرية وقراها المصرية حتى الفتح العربى .
غير أن الحكم البطلمى أنشأ عددا من المدن والقرى اليونانية فى الدلتا
والصعيد ، أشهرها العاصمة نفسها ، الإسكندرية ، كانت بمثابة مستعمرات يونانية ،
تسود فيها القوانين والأعراف اليونانية ، وكان يحرم عند إنشائها إقامة المصريين
فيها .
ويسبق أسماء بعض القرى كلمة كفر، وهى كلمة سريانية تعنى قرية ، أما العرب
فيسمونها كورة ، وقد شاع استعمال ميت وتعنى ميناء، وتطلق على القرى التى تطل على
النهر أو الترع الكبيرة وبها مراسي للسفن ، كما تعنى كلمة بولاق ميناء أيضا ، كما
شاع استخدام كلمة نجع أو نزلة بمنازل العربان ، وذلك فى العصر العثماني. أما كلمة
أبعادية فقد استجدت فى عصر محمد على ، وكانت تطلق على الأراضى المستصلحة التى كان
يقطعها محمد على لرجاله ، وكانت تبعد عن مراكز العمران، وقد استبدل بها كلمة عزبة،
أما ما يستجد من مظاهر العمران فتسمى منشأة أو منشاة أو منشية .
كانت أرض مصر منذ الفتح العربى إلى عصر محمد على أرضا خراجية ، أى ملكا
صريحا لبيت المال أو السلطان أو الحكومة القائمة ، وكان الملتزمون أو المقطعون (
الذين تقطع لهم أراضى ) يدفعون ما عليها من المال خراجًا سنويا ، ما
عدا
الوقف والرزق والكروم والبساتين فكانت
معفاة من الخراج نوعا ما،ولم يكن للملتزمين أو المقطعين حق الملك بأي حال من
الأحوال ، ولما تولى محمد على أبطل الإقطاع والالتزام سنة 1228 هـ – 1813م ووزع أرض
كل ناحية على أهلها، وقيد أطيان كل ناحية بأسماء واضعي اليد عليها ، لدفع الضريبة
العقارية دون التملك أو التصرف فيها، وسميت هذه الأراضي بالأراضي البور لاستصلاحها
، على أن يربط على المستصلح منها العشر من غلتها ، وهذه سميت بالأراضي العشورية .
وقد استمرت الأرض الخراجية ملكا صريحًا للدولة حتى أواخر عصر إسماعيل عندما
أصدر قانون المقابلة 1288 هـ – 1871م عندها سمح لواضع اليد بالتملك بعد أن يدفع أموال الأراضي
الخراجية والعشورية ست سنوات، وبذلك أجاز إسماعيل ما لم يكن جائزا منذ الفتح
العربى.
ومساحة الأرض الزراعية فى مصر ضرورية لتقدير الضرائب عليها ، وهى المورد
الرئيسي للخزانة العامة ، وكانت الأرض تقدر مساحتها حينًا بعد آخر وتلك العادة كان
معمولا بها قبل الفتح العربى ، وظلت بعده حتى الآن. كما تقدر مساحة الأراضى
الزراعية بقدر درجة خصوبتها ، وكان هناك ما يشبه العقد بين الفلاح والحاكم، فعندما
يحين وقت فيضان النيل يجتمع العلماء
والوجهاء وأرباب الحرف ،
فيما يمكن أن نعتبرهم ممثلين للشعب ، عند مقياس النيل بالروضة ، ويشهدون مقدار
ارتفاع مياه الفيضان ويحررون مع رجال السلطان وثيقة ، يحرر فيها ما إن كان الخراج
مستحقا على كل الأراضى ، أو يعفى ويخفض جزء منه ، يكون قد أغرق ( إن كان الفيضان
مرتفعًا ) ولم يصل إليه الماء.
ولقد عملت المساحة فى العهد العربى الأول فى خلافة هشام بن عبد الملك
الخليفة الأموى وولاية الوليد بن رفاعة الفهمى على مصر ، وكانت مساحة أرض مصر
الزراعية ثلاثة ملايين فدان تقريبا ، كما ورد فى كتاب فضائل مصر المحروسة لعمر بن
محمد الكندي ، وفتوح مصر لابن عبد الحكم وخطط المقريزي (ج 1 ص 98 ) وكان ذلك عام
110هـ التى توافق 729 م
.
وعملت مساحة ثانية فى خلافة المعتز بالله العباسى وإمارة أحمد بن طولون
وكانت مساحة الأرض الزراعية مليونين ونصف مليون فدان ، وذلك فى عام 255هـ التى
توافق 869م .
وذكر المقريزى ( ج : ص 73 ) أنه عثر على جريدة عتيقة بقلم بولس بن شفا
الكاتب القبطى متولي الخراج فى الدولة الإخشيدية تشتمل على ذكر كور مصر وقراها إلى
سنة 345 هـ قال فيها إن عددها 2395 قرية ، منها بالصعيد 956 قرية وبأسفل الأرض
1439 قرية .
وعملت مساحة فى عهد الدولة الفاطمية ، نقل أبو صالح الأرمنى منها أسماء
القرى. ومن أهم المساحات التى عملت هو الروك الحسامى ، نسبة إلى حسام الدين لاجين
سنة 697هـ (1298م ) فى عهد الملك الناصر صلاح الدين الأيوبى وقد وصلتْ إلينا نتيجة
هذه المساحة فى كتاب تحفة الإرشاد ، وهى أقدم كتاب عربي مخطوط ظهر شاملا لأسماء
القرى المصرية ، وقد سبق ذكر جهد المرحوم محمد رمزي فى نشر هذا الكتاب وكان عدد
قرى مصر وقتذاك 2071 قرية .
وتمت مساحة أخرى لأرض مصر فى عهد الملك الناصر بن قلاوون ، سميت الروك
الناصرى ، وذلك عام 715 هـ الموافق 1315 م ، وقد ذكر هذه المساحة المقريزى فى خططه (
ج 1 ص 87 ) .
وقد تجدد ذكر هذه المساحة المعروفة بالروك الناصرى عدة مرات ، حتى استقرت
فى كتاب ابن الجيعان المعروف بالتحفة السنية ، فى عهد الملك الأشرف قايتباى (
883هـ ) ، ويتضح منها أن عدد قرى مصر 2480
قرية ، منها 1739 قرية بالوجه البحري و 741 بالوجه القبلي وقد بلغ مجموع عدد القرى
القديمة، أى التى كانت موجودة إلى نهاية عصر المماليك وظلت قائمة إلى نهاية سنة
1943م 2171 قرية ، منها 707 قرية فى الوجه القبلي وفى الوجه البحري 1436 وفى مصلحة
الحدود 28 قرية .
وقد تم عمل مساحة فى عهد محمد على،وهذا ما عرف
بتأريخ سنة
1228هـ وقد ظلت كلمة تأريخ تستخدم ويقصد
بها دفاتر المساحة حتى آخر عهد سعيد باشا ، ولم تكن هناك مصلحة للأعمال المساحية
منذ الفتح العربى حتى عام 1879 وهى السنة التى أسست فيها مصلحة التأريخ .
وكانت القصبة هى وحدة القياس منذ الفتح العربى حتى صدر منشور بإبطال القصبة
نهائيا ، واستبدل بها الجنزير المستعمل فى مصلحة المساحة منذ أول يناير سنة 1899
إلى الآن ، واستمرت عملية المساحة من سنة 1899 إلى سنة 1906 وعملت خرائط مساحية
ودفتر مساحة ودفتر مكلفات ، ونشرت وزارة المالية جدولا بأسماء البلاد المصرية سنة
1910 ، وكان مجموع البلاد فيه 3775 ناحية ، كما أصدرت وزارة الداخلية عام 1928
جدولا بأسماء البلاد المصرية وكان مجموعها 3983 ناحية، وكانت جملة النواحي الحديثة
لغاية نهاية سنة 1943 م
2092 ناحية ، منها 1022 ناحية فى الوجه القبلي و 1003 فى الوجه البحري و 60 فى
مصلحة الحدود. قسم المرحوم محمد رمزى قاموسه إلى قسمين البلاد المندرسة والبلاد
الحالية ، وفرق فى البلاد الحالية بين البلاد القديمة حتى نهاية عصر المماليك سنة
922 هـ 1517م والبلاد الحديثة التى تكونت بعد دخول العثمانيين مصر ، وجعل الحد
الفاصل بين القرى القديمة والحديثة كتاب التحفة السنية لابن الجيعان ( ت 885هـ ) .
وهذه بعض أمثلة مأخوذة من الجزء الخاص بالبلاد المندرسة :
أبوابيس : وردت فى الخطط التوفيقية مع
أبو صير قوريدس ( أبو صير ) مركز الواسطى وقال إن الأسكندر أنشأها وسماها
كليوباتريس .
أنصنا : ورد فى تاريخ مصر أنه كان يوجد فى شرقى النيل بالصعيد بلدة قديمة
تسمى Besa " بيسا
" وفى سنة 130م أنشأ الامبراطور هدريان الرومانى ملك مصر بأرض بيسا قبرا
لغلامه انطونيو (أنطونيوس ) الذى غرق عندها فى النيل ثم بنى أعيان بيسا مساكنهم
حول حدائق هذا القبر، فعرفت المدينة من ذلك الوقت باسم مدينة Antinoe تخليدا لذكراه، وبذلك اختفى اسم بيسا من عداد النواحى المصرية .
ووردت فى الخطط التوفيقية باسم بيز وقال إنها كانت موجودة قبل أنصنا .
ويقال لمدينة أنطنوية ENSENE
أو ANCINA سماها العرب
أنصنا وكانت قاعدة كورة أنصنا ويسميها القبط أنصله ENSENE والعامة يقولون مدينة النصلة .
ووردت فى معجم البلدان بأنها مدينة أزلية على شرقى النيل من الصعيد بمصر ،
ووردت فى التحفة ضمن النواحى المالية من أعمال الأشمونين .
أهريت EHRIT : تبين لى مما
ورد فى كتاب المسالك لابن حوقل بأن أهريت كانت واقعة شرقى النيل جنوبى ناحية بياض
النصارى التى بمركز بنى سويف ، ومما ورد فى الانتصار أنها كانت واقعة على شاطئ
النيل ، بدليل أنها ذكرت باسم أهريت وجزائرها ، ومما ورد فى التحفة السنية باسم
أهريت من الأعمال البهنساوية ، ومما ذكره بروكس بأن أريت ARIT كانت بالقرب من Hipponn
وهى التى تعرف باسم الحيبة الواقعة على الشاطئ الشرقى للنيل بمركز الفشن .
فبناء على هذه البيانات وإقرار كبار السن من قرية الشيخ فضل تبين لى أن
أريت التى وردت فى قاموس جوتييه وEHRIT
التى وردت فى كتاب أميلينو هما اسمان لقرية واحدة، الأول اسمها المصري والثاني
اسمها القبطي، وأن هذه القرية لا تزال موجودة وهى التى تعرف اليوم باسم الشيخ فضل
الواقعة على شاطئ النيل الشرقى تجاه بنى مزار والقيس بمركز بنى مزار بمدينة
المنيا، وقد تغير اسم هذه القرية فى العهد العثمانى نسبة إلى الشيخ فضل المدفون
فيها .
أداريس : هى من المدن المصرية القديمة ، أنشأها الهكسوس جنوبى مدينة بيلوز
على الشاطئ الشرقى للفرع البيلوزى باسم حات أورات AVART,VATAWART ومنها اسمها الرومى OVRIS
، ولما تولى الملك رمسيس الثانى حكم مصر اتخذها سكنا ومعسكرًا له وسماه PERRAMNSES أو مدينة رمسيس وقد ازدهرت هذه المدينة فى أيامه .
ولما انقطع وصول ماء النيل إلى تلك الجهة بعد أن كانت تروى أراضيها
وبساتينها، ومدينة الفرما وما جاورهما من مياه فرع النيل المعروف بالبيلوزى نسبة
إلى بيلوز وهى الفرما، خربت تلك المدن ولم يبق من آثارها إلا بقايا من التلول
الصغيرة، ومدينة أواريس أو رمسيس قد اندثرت ومحلها يعرف بتل الخير أو الهر الواقع
فى الشمال الشرقي لبلدة القنطرة على بعد عشرين كيلومترا ، وفى الجهة الغربية من
السكك الحديدية الموصلة إلى العريش على بعد كيلومترين .
وظن بعض الباحثين أن مدينة أواريس أو رمسيس هى مدينة تيكو التى سماها
الرومان هيرويونبوليس التى مكانها تل المسخوطة، كما ظن البعض الآخر أن أواريس هى
بلدة هوارة المقطع التى بالفيوم وقد دل البحث على أن هذه الظنون فى غير محلها وأن
الصواب هو، ما ذكرنا .
يتضح من هذه الأمثلة كيف كان محمد
رمزي يرجع لكتب التاريخ القديم وكتب الرحلات والمراجع المملوكية ، وكيف يرجح رأيا
على رأى ، ويدلى برأيه الخاص المدعم بالأدلة والأسانيد .
وقد أصدر محمد رمزي الجزء الثاني من كتابه بتطور التقسيم الإدارى لمصر من
عهد محمد على حتى عام 1945 . وقسم هذا الجزء من الكتاب ، أى الجزء الخاص بالبلاد
الحالية كما ذكرنا إلى قسمين ، البلاد القديمة والبلاد الحديثة وجعل الفيصل بينهما
ماورد فى كتاب التحفة السنية لابن الجيعان ، أى البلاد التى كانت موجودة حتى آخر العصر
المملوكى . أما ما أنشئ بعد ذلك فى عصر العثمانيين وما بعده ، فاعتبره من البلاد
الحديثة . وهذه أمثلة من المواد نستبين منها منهجه فى البحث .
الدُّقيِّ : هى من القرى القديمة ، وردت
فى التحفة باسم حوض الدقى من صفقة الزنار من الأعمال الخيرية ، وفى تاج العروس :
الدقى بضم الدال ، قرية صغيرة على شاطئ النيل الغربى تجاه الفسطاط .
وكان النيل يجرى تحت سكن هذه القرية ، كما هو مبين على خريطة القاهرة
الملحقة بكتاب وصف مصر . ورسمتها البعثة الفرنسية طبع سنة 1809 والآن قد تحول
النيل عن هذه القرية بسبب الإصلاح الذى عمل فى مجراه الحالى لتحويله من الغرب إلى
الشرق سنة 1863 ،وبذلك أصبح مجراه يبعد عن سكن الدقى بمسافة كيلو متر واحد .
الطالبية : هى من القرى القديمة ، اسمها الأصلى طَلْبنيا ، وردت فى قوانين
ابن مماتى من أعمال الجيزة ، ووردت فى تحفة الإرشاد طَنْبية من الأعمال المذكورة ،
ثم حرف اسمها إلى الطالبية ، فوردت به كذلك فى قوانين ابن مماتى وفى تحفة الإرشاد
، ولم يرد فى التحفة ناحية مالية باسم الطالبية ، وإنما ورد الحصة بالطالبية ، مما
يدل على وجود ناحية باسم الطالبية ووردت فى دليل سنة 1224 هـ وفى تاريخ سنة 1228 هـ
.
بولاق الدكرور : أصلها من القرى القديمة ، قال المقريزى عند ذكر جامع
التكرورى إن هذه الناحية من قرى الجيزة، كانت تعرف بمنية بولاق ، ثم عرفت ببولاق
التكرورى ……… وأقول إن الصواب فى شكلها هو بلاق بكسر أولها ، لأن أصل اسمها
المصرى Bilag ، وهى كلمة مصرية
قديمة معناها المرساة والموردة،وأطلق هذا
الاسم على بولاق هذه لأنها كانت الموردة قبل
إنشاء مدينة
الجيزة.
بلصفورة : هى من القرى القديمة ، ذكر إميلينو فى جغرافيته قرية باسم POURO واسمها العربى بولسبور ، كما ورد فى كشف الكنائس ، وقال إنه محال
أن يجد هذا الاسم بين أسماء القرى المصرية ، لاختفائه من جداول أسماء البلاد .
وبالبحث تبين لى أن هذه القرية لم تختف ، بل لا تزال موجودة وأن بولسبور هى
بذاتها بلصفورة هذه ، فقط حرف اسمها ، بدليل أنها وردت فى قوانين ابن مماتي ، وفى
تحفة الإرشاد وفى صبح الأعشى بلسبورة بالأخميمية وفى التحفة بلسفورة من الأعمال
الأخميمية وفى تاريخ سنة 1231هـ برسمها الحالى ووردت فى الخطط التوفيقية باسم بنى
صبورة ، وهو اسم مختلق لا أساس له والعامة يسمونها " بلسبورة " وهو
اسمها القديم وبعضهم يقول بلزبورة .
وبعد ، ماذا نحن فاعلون بهذا الكتاب؟ لقد انقضى ما يقرب من نصف قرن على
تأليفه ، وهو وثيقة تاريخية هامة، تحدد مرحلة من تاريخ مصر هى نهاية عهد الملكية (
1952 نهاية حكم أسرة محمد على ) . وبدأت بعدها صفحة جديدة من تاريخ مصر ، تمتاز
بالإصلاح الزراعى ، وتحديد الملكية . وتمتاز أيضا بالدخول فى مشاريع رى ومشاريع
كبيرة . وإنجاز السد العالى وتحويل ما تبقى من حياض فى محافظات مصر الجنوبية إلى
أراض تروى ريا دائما ، ونحن بصدد القيام بمشاريع استصلاح أراض جديدة ، فى شمال
سيناء وفى شرق الدلتا وغربها، وبصدد تعمير أطراف الصحارى، والواحات ، والساحل
الشمالي للبلاد وإقامة مشاريع سياحية وعمرانية على ساحل البحر الأحمر .
وصفوة القول: نحن نشهد حركة عمرانية جديدة تضيف إلى خريطة مصر قرى جديدة
ومدنًا وبلدانًا جديدة . مما يضيف إلى كتاب محمد رمزى صفحات جديدة لا يستهان بها .
إن هذا الكتاب لجدير أن يحفز الدراسات الجغرافية التاريخية ويدفعها إلى
الأمام ، ولجدير أن يدفعنا إلى تطويره ، بإضافة معالم العمران الجديدة إلى سجل
العمران المصري ، وتسجيل هذه المعالم ، وتأصيلها . كما فعل من سبقونا وآخرهم محمد
رمزى . إن خريطة مصر العريقة فى العمران دائمة التجدد والتألق، لأنها مصر العتيقة
ذات الشباب الدائم .
محمد
السيد غلاب - عضو المجمع
حمله من:
لتحميل الكتاب
القاموس الجغرافي للبلاد المصرية_محمد رمزي ج 1.pdf
القاموس الجغرافي للبلاد المصرية_محمد رمزي ج 3.pdf
القاموس الجغرافي للبلاد المصرية_محمد رمزي ج 4.pdf
القاموس الجغرافي للبلاد المصرية_محمد رمزي ج 5.pdf
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق