بـسـم الـلــه الـرحـمـن الـرحـيــم
تحـليل مـقارن لإحـصـاءات الجـريمـة في المملكة الأردنية الهاشمية
عـامـي 1994 - 1996
الاستاذ الدكتور مضر خليل عمر الكيلاني
1 - الـمـقـدمـــة :
تشابه
الكميات الكبيرة من البيانات الرقمية قـبل تحليلها غابة كثيفة يتيه الفرد فيها إذا
ما سـار بين أحراشها على غـير هـدى ، وتكون دواخلها مجهولة عند النظر اليها من
خارجها . فالتحليل الإحصائي يشق للقارئ الطريق ليستطلع ما لا ًيـرى بالعين
المجردة و لا ًيـدرك لـلوهلة الأولى . انـه يسلط الضوء على أجزاء معينة من الغابة
لكي ًتـرى بوضوح ولـيسـتدل من خلالها على طبيعة الأجزاء الأخرى . انه يبدأ بالوصف
العام لمظاهـر الغابة ( البيانات) ، ثم يصنف ومجوداتها ليؤشر الصلة بيـنها من جهة
، والعالم خارجها من جهة أخرى . فالوصف والـتصنيـف أركان أساسية لكل عـمـليـة
تحـليلـية ، أنها البـدايـة وليـسـت النـهايـة .
والتحليل الإحصائي أداة
وليس هدف ، انه يوفر مستلزمات فهم الأنماط الموجودة في البيانات و تركيبة العلاقات
فيها . وقد لا يفسر الباحث الأنماط ولا يتعمق في تحليل شبكة العلاقات ، بل
يتركها لباحثين آخرين أو لدراسة لاحقة . ولكل تحليل علمي مرحلة يبدأ بـها وأخرى
ينتهـي عـندهـا . وكل مـرحـلـة يمكـن أن تكون نهاية لبحـث وبداية لآخـر .
2 - مـنهـجـيـة
الـدراســة :
اعتمدت الدراسة الإحصاءات الجنائية
لعامي 1994 و 1996 الصادرة عن مديرية الأمن العام في المملكة الأردنية الهاشمية .
وقد كانت البيانات وافية ، وغابة كثيفة تثير الفضول العلمي وتدعوا لسبر أغوارها
وكشف مكنوناتها ، خـاصـة لـمن لـه ولـع في لغـة الأرقام .
وقد استخدم التحليل الإحصائي
للـمقارنة بين إحصاءات العامين ، بعد ان تم :-
(أ) تصنيف
الجرائم الى فئات رئيسية حسب وصفها القانوني : ضد حياة الأشخاص ، ضد حرية الأشخاص
، ضد الأموال ، ضد الممتلكات ، ضد الثقة العامة و المخلة بالآداب .
(ب) فـرز
جرائم الجانحين الأحداث عـن المجموع الكلي .
(ج) توزيع
مجموع الجرائم جـغـرافـيا حسب مديريات الشرطة في المملكة .
ومن خلال المقارنة الإحصائية أمكن الإجابة عن التساؤلات الآتية
:-
(1) الى أين
تتجـه الجريمة في المملكة الأردنية الهاشمية ؟.
(2) الى أية
درجة تتـشابه نسب الفـئات الرئيسية للجرائم عامي 1994 و 1996 ؟.
(3) الى أية
درجة يتـشابه التوزيع الجـغـرافـي لنسب الجرائم بين العامين ؟.
للإجابة عن السؤال الأول اعتمدت طريقة تحليل الانحدار
البسيط Simple Linear Regression ، وعن السؤالين الآخرين اتبعت
طريقة (ت) لبيانات ذات ارتباط ببعض T-Test for Correlated Data . لم تهدف الدراسة الـتفـسير ، بل سبر
الأعماق واكـتشاف المسار الزمني والأنماط الـمكانية لـلجريمة في منطقة الدراسة فقط
، ولهذا فائدة لصانعي القرار وحافز لـلباحثين لمـا قـد يثـار من تساؤلات
ونـقاط تتطلب البحث و الـتقـصي . فالـبحث الجيـد يجيـب عن تساؤلات مـهـمـة ،
و يثير أخرى ، وهو مسعى كل من وضع الـعـلـم نصـب عـينـيه لـيخـدم به
وطـنه و شـعـبه .
3 - الـمسـار الـزمـني لـلجـريـمــة :
بتوفر بيانات
عن الجريمة للمدة 1985 - 1996 أمكن تأشير مساره مجمل الجريمة ، و نسبتها إلى السكان
، ومجموع جرائم الأحداث . وعلى ضوء التحليل تم التوقع . يعرض الشكل رقم (1) خط
الانحدار البسيط لمجموع الجرائم في المملكة الأردنية الهاشمية مؤشرا نموا متصاعدا
بمعامل ارتباط موجب مع متوالية عددية بقيمة (959. 0) ، مـع توقع أن يكون عـدد
الجرائم عام 2000 (51920) جريمة ، وفي عام 2005 (64906) و (77892) جريمة عام 2010
عـند بقـاء الظروف الأمنية في المملكة كما هي عليه خلال المدة (85-1996) .
ان خط مسار أعداد
الجرائم قد جاء نتيجة زيادتها بنسبة (280.42%) خلال مدة 12 سنة . ولم يزداد عدد
سكان المملكة بالنسبة ذاتها ، لذا فقد قفزت نسبة الجريمة الى السكان من (605) عام
1985 الى (1030) جريمة لكل مائة ألف نسمة عام 1996 . أي أنها قد ازدادت بنسبة
(170.48%) خلال المدة ذاتها . ويتوقع ان تصل إلى (1085) عام 2000 ، و (1261) و
(1438) جريمة لكل مائة ألف نسمة عامي 2005 و 2010 على التوالي . يعرض الشكل
رقم (2) خط انحدار (مـسـار) نسبة الجريمة في المملكة . تشير المقارنة الأولية بين
الشكلين (1) و (2) إلى أن عدد الجرائم ، وبالتالي نسبته إلى السكان ، قد ارتفع عام
1986 واتجه للانخفاض حتى عام 1990 ، ثم عاد ليرتفع بعد ذلك . ان ارتفاع عدد
الجرائم وانخفاضه لا يتم دون أسباب ذاتية و موضوعية ، ذاتية تعود الى القائمين بالأعمال الجرمية وظروفهم
الشخصية ، و موضوعية ترتبط بالوضع العام لـلـبـلـد والـمـسؤلـين عن حفظ الأمن فيه
. تؤشـر الدراسة مسار الجريمة لدراسته ، لاحقا ، بعمق و تحليل أسباب تباينه زمنيا
. فـمـعـرفـة أسباب الانخـفاض تـدعـو الى تـعـزيزهـا و تطويرها ، وكـشـف أسباب
الارتـفاع تساعـد في حـل الـمـشـكلـة و الـتحـسـب لها مـسـتـقـبلا .
شكل رقم (1)
خط انحدار مجموع الجرائم في المملكة الاردنية
الهاشمية
شكل رقم ( 2 )
وكما أشير آنفا
، فان ارتفاع عدد الجرائم ، إجمالاً و للجانحين ، عامـي 1986 و 1996 يثير
الانتـباه ، هل الأسباب مـحـلية ؟ أم ظـرف طارئ تكرر في العامين ؟ هل تخضع الجرائم
الى دورات Cycles كـما هـو حـال الـدورات الـمـناخـية و
الاقـتصادية ؟.
ومـما يثـير الانتـباه أن
النسـبة المئوية لجرائم الأحداث من مجموع الجرائم المسجلة في المملكة عامي 1986 و
1996 هـي : (18.36%) و (17.72%) على التوالي وتنخفض بعـدهـما . وهـذه نقطة أخرى
تلـح في دراسة تحليلية لـلظـروف الأمنية في الأردن خـلال هـذين العامين.
وعـند إخضاع الـنسب المئوية لجرائم الأحداث من المجموع الى تحليل الانحدار
البسيط والعلاقة مع متوالية عددية لم تؤشر أية علاقة (0.164) مؤكـدة تـذبـذبـها .
وبتحليل العلاقة بين النسب المئوية لجرائم الأحداث مع نسب الجرائم إلى السكان وجد إنهما
مـرتبطان معـا بقيمة (0.440) ، وان نسبة الجريمة إلى السكان قد ارتبطت إحصائيا
بمجموع الجرائم المسجلة بقيمة (0.9769) وبجنح الأحداث بقيمة (0.9769) ، ولـما كان الأخيرين
مرتبطين ببـعض بقيمة (0.9735) ، يسـتـدل حـينـها على أن جرائم الأحداث وغيرهـم
تخضـع الى ظـروف واحـدة . فـمـعاـلجـة احـدهـا بمـفـرده لا يؤدي الغرض كامـلاً ،
فـالـمـعـالجـة الـشـامـلـة لـلـوضـع الأمني هـي الـمطـلوبـة .
شكل
رقم ( 3 )
خط انحدار جرائم الاحداث في
المملكة الاردنية الهاشمية
لقد أجـيـب
عن التسـاؤل الأول الذي مـفاده : إلى أيـن تتـجـه الجـريـمـة في المـملـكـة الأردنية
الهـاشـمـيـة ؟ أنها تتـفاقـم فـي أعدادها ، ولكـن ، أي صـنوفـهـا أكـثر
ازديادا ؟ وهـل الظـرف الأمني عـام 1994 هـو نفـسـه عـام 1996 ؟ لقـد جـاء الآن
دور السـؤال الثاني للإجابة عـنـه . (( الى أيـة درجـة تتـشـابـه نسـب الفـئات
الرئيـسـيـة لـلجـريـمـة عـامـي 1994 و 1996 ؟)) .
4 - تبـاين نـسـب
أصـناف الجـرائم :
لـم تتوفر بيانات عن صنوف الجرائم للمدة 1985 - 1996 ، لذا استحال تأشير
اتجاهـاتها ، اسـتعـيض عنه بالمقارنة بين إحصاءات عامي 1994 و 1996 . وقد أشير
آنفا أن عام 1996 قد ارتفع فيه عدد الجرائم ، وكانت نسبة الزيادة عن المسجل
عام 1994 (24.678%) ، وهي نسبة غير قليلة . إضافة الى هـذا ، فـقـد ازدادت جنح الإحداث
بنسبة (96.731%) ، وارتفعت نسبة الجريمة الى السكان من (896) الى (1030) جريمة لكل
مائة إلف نسمة ، أي بزيادة قدرها (134) جريمة لكل مائة ألف نسمة . كل هذه
تعـزز أهمية المقارنة الإحصائية.
4 - 1 ) نسب
الجرائم الـمرتكبة ضد حياة الأشخاص:
تضم هذه الفئة الجرائم الآتية ، حسب ما ورد في وثائق مكتب مكافحة
الجريمة التابع إلى أمانة مجلس وزراء الداخلية العرب : القتل العمد ، القتل الخطأ
، القتل شبه العمد ، الاعتداءات البدنية على اختلاف أنواعها البسيطة و الشديدة ، الإجهاض
وقتل الأجنة ، حوادث المرور ، الانتحار ، والموت لأسباب أخرى .
بلغـت نسبة فـئة الجرائم المرتكبة ضد حياة الأشخاص في المملكة عام 1994
(43.27%) من المجموع الكلي وانخـفضت الى (41.64%) عام 1996 رغم ان عـددهـا قد
ازداد فعليا بنسبة (19.969%) . وكانت نسبة جنح الأحداث ضد حياة الأشخاص في العام الأساس
(22.258%) من مجموع هذا الصنف من الجرائم وارتفعت الى (24.874%) عام 1996 لـزيادة
عددها بنسبة (34.068%) . وفي الواقع أن (61.55%) من جرائم الأحداث عام 1994 كانت
ضد حياة الأشخاص ، انخفضت الى (41.95%) عام 1996 رغـم زيادة عـددها . أي أن زيادة
عددها لم تؤدي إلى زيادة نسبتها ، ولعل هذا راجع إلى زيادة في عدد نوع آخر من
الجرائم .
4 -
2 ) نسب الجرائم الـمرتكبة ضد حرية الاشخاص :
ترد ضمن هذه
الفئة جرائم : خطف الأشخاص أو استدراجهم ، حجز حرية الأشخاص أو اعتقالهم أو
القبض عليهم ، الإرهاب أو التهـديد أو التوعـيد ، القذف والسب والشتم والذم والقدح
والتشهير ، و خرقة حرمة المنازل أو اقتحامها .
انخفض مجموع هذا الفئة بين عامي 1994 و 1996 بنسبة (8.212%) مما أدى إلى
انخفاض النسبة التي يمثلها من المجموع الكلي للجرائم (من 7.66% الى 5.63%) ، إلا أن
جرائم الأحداث في هذه الفئة قد ازدادت بنسبة (41.667%) و ارتفعت
نسبتها في هذا الصنف من (5.545%) الى (8.559%) بين العامين .
رغم ذلك فإن
نسبتها من مجموع جنح الأحداث قد انخفضت من (2.71%) الى (1.95%) ، مما يعني أن
الزيادة الحقيقية في جرائم الأحداث ليست في هذا الصنف من الجرائم .
4 - 3 ) نسب
الجرائم الـمرتكبة ضد الأموال :
وتشمل هذه الفئة الجرائم الموصوفة بأنها سلب ، نهب واغتصاب
المال بالإكراه ، السرقات بأنواعها ، وحيازة الأموال المسروقة أو الامتلاك الجنائي
. وقد كانت نسبتها (23.24%) من المجموع الكلي للجرائم ، و (23.79%) من مجموع جرائم
الأحداث عام 1994 ، انخـفضـت نسبتها عام 1996 إلى (22.06%) و (13.73%) على التوالي
. ولكن انخفاض النسبة هذا ليس نتيجة تناقص أعدادها ، التي ازدادت بنسبة (18.335%)
للمجموع و (13.523%) لجرائم الأحداث .
ويلاحظ ، انه
على الرغم من زيادة الإعداد وتباين النسب ، إلا أن نسبة جرائم الأحداث ضد الأموال
قد شكلت (15.961%) و (15.365%) من مجموع هذا النوع من الجرائم في العامين قيد
الدرس . أي ، أن زيادة عددها ناتج عن ظرف عام تمر به المملكة وليس خاص بالأحداث
بحد ذاتهم .
4 - 4 ) نسب
الجرائم الـمرتكبة ضد الامـلاك :
تنظم تحت هذا الصنف جرائم : الحرائق ، و التعدي على الأملاك العامة و الخاصة ، وقد
كانت نسبتها ضئيلة (1.23% من المجموع الكلي للجرائم و 0.83% من مجموع جرائم الأحداث)
، إلا أن زيادة عددها عند الأحداث (بنسبة 116.667%) يثير القلق لأنها تعـد من
مؤشـرات الـتـمـرد والانـفلات في سـن حـرج .
4 - 5 ) نسب
الجرائم الـمرتكبة ضد الثقة العامة :
وتشمل جرائم : النصب والاحـتيال ، غـش الـموازين ، الـتزوير بأنواعه ، خيانة الأمانة
، الاختلاس ، الرشوة ، وإصدار شيك بدون رصيد . وقـد ارتفعـت نسـبتها من المجموع
الكلي للجرائم من (2.46%) إلى (4.53%) وذلك لزيادة عددها بنسبة (127.881%) ،
وزيادة عددها عند الأحداث بنسبة (126.667%) وهـذا توجـه من الضـروري الانتـباه إليه
لخـطـورتـه عـلـى قـيم الـمجـتمع و تماسكه .
4 - 6 ) نسب
الجرائم الـمخـلة بالآداب العامة :
توصف الجرائم الآتية بأنها مخلة بالآداب العامة : الإخلال بالآداب
العامة بالكلام أو بالفعل الفاضح ، الزنا و تعدد الأزواج ، هتك العرض و الاغـتصاب
و الخلوة غير الشرعية و الـمواقعة الجـنسـية ، الـلواط أو الشذوذ الجـنسـي ، و
تعاطي البغاء أو الـتوسط بالخـنا آو الـدعارة أو الـتحريض على الـفسـق و الـفجـور
.
كانت نسبة هذا النوع من الجرائم عام 1994 (3.25%) من المجموع الكلي للجرائم
، وأصبحت (3.69%) عام 1996 لزيادة عددها بنسبة (41.589%) . وقـد
انخـفضـت نسـبتـها من مجموع جرائم الأحداث من (5.81%) إلى (2.56%) لانخفاض عددها
بنسبة (13.174%) .
غـطـت الـدراسـة (81.11%) من المجموع الـكلي لـلجرائم ، و
(94.95%) من مجموع جرائم الأحداث عام 1994 . أي أن (18.89%) من الـمجموع الـكلي
للجرائم ، و (5.05%) من مجموع جرائم الأحداث لم يتم تغطيته . وأصبحت النسـب عام
1996 (78.79%) من المجموع الكلي ، و (61.40%) من جرائم الأحداث قد شـمـلت
بالدراسـة . بعبارة أخـرى ، طـرأ تبـدل نوعـي في توجهات الجريمة في
المملكة بين عامي 1994 و 1996 ، ف (38.6%) من جرائم الأحداث ، و (21.21%) من
المجموع الكلي للجرائم لم تغـطـها الـفـئات الرئيـسية لـلجـريمة .
يشير التحليل الإحصائي ان لا فرق جوهري بين نسب جرائم الأحداث عن
نظائرها للمجموع في العامين قيد الدرس (قيمة ت = -0.686 و -2.203 على
التوالي وبدرجة حرية 5 وبقيمة جدولية = 0.293) . وقد كانت المقارنة بين نسب مجموع
الجرائم بين العامين ، ومقارنة مجموع جنح الأحداث أيضا ، بالنتيجة ذاتها حيث كانت
قيمة (ت) المحسوبة (0.6177) و (-1.742) على التوالي . ((تكون الفروقات معنوية
عندما تكون القيمة المحسوبة مساوية أو أقل من القيمة الجدولية)) .
بهذا تتم الإجابة عن السؤال الثاني : مدى تشابه نسب الفئات الرئيسية
للجرائم بين عامي 1994 و 1996 ، فالفروقات ثانوية والوضع الأمني ، رغم كل شيء ،
متشابه بدرجة كـبيـرة . بقـي السـؤال الثالث ، إلى أية درجة يتشـابه التوزيع
الجغرافي لنسب الجرائم بين العامين ؟.
5 -
الـتبـايـن الـمـكانـي لـلجـريمـة :
يـعـد التباين المكاني للجريمة من أبرز سـماتها ، ولسـنا في صـدد
تبرير ذلك ، ولكن تسليط الضوء على تباينها في المملكة الأردنية الهاشمية و مقارنته
: مقارنة نسب الجنايات إلى الجنح ، نسب مجموع الجرائم ، ونسب جنح الأحداث بين المديريات
وبين عامي الدراسة .
5 - 1 )
التباين المكاني لنسب الجنايات :
لقد مـيز الـمـشـرع بيـن الجـنايات و الجـنح ، وعـكـسـت الإحصاءات
الجنائية ذلـك ، لـذا جاء الاهـتمام بها هـنا . فارتفاع نسبة الجنايات في منطقة عمل
المديرية يعني جـسامة عـملها لـطـبيـعـة الجـرائم الـمطـلوب منها معالجـتها .
يعرض الشكل رقم (4) نسب الجنايات إلى الجنح في مناطق عمل مديريات
الشرطة في المملكة الأردنية الهاشمية عامي 1994 و 1996 . يسـتدل من الشكل انه في
عام 1994 ، توزعت المديريات إلى الفئات الآتية :
(أ) مديريات
كانت النسب فيها عالية (0.15 فأكثر) ، وهي : العاصمة ، بلقاء ، الزرقاء و جرش
.
(ب) مديريات
كانت النسب فيها معتدلة (بين 0.10 - 0.14) ، وهي : اربد ، الكرك معان ،
بادية ، طفيلة ، المفرق ، و مادبا .
(ج) مديريات
كانت النسب فيها منخفضة (أقل من 0.10) ، وهي : العقبة و عجلون.
شكل
رقم (4)
نسب الجنايات الى الجنح في المملكة
الاردنية
اختلف
التوزيع الجغرافي لنسب الجنايات الى الجنح عام 1996 فأصبح :
(أ) مديريات ذات نسب عالية ، العاصمة ، بلقاء
، العقبة ، طفيلة ، و مادبا .
(ب) مديريات
متوسطة النسب ، اربد ، الكرك ، معان ، الزرقاء ، المفرق ، وجرش.
(ج) مديريات
بنسب منخفضة ، البادية و عجلون .
بمـقارنة الـتوزيعـين أعـلاه ، يمكن
تصنيـف الـمديـريات إلى :
(1) مـديريات
بقـيت الـنسـب فـيها ثابتة نسـبيا ، وهي : الـبلـقاء ، الكرك ، عجلون و
العاصمة .
(2) مديريات
انخفضت فيها النسب ، وهي : اربد ، معان ، الزرقاء ، البادية و جرش .
(3) مديريات ارتفعت
فيها النسب ، وهي : العقبة ، طفيلة ، المفرق ، و مادبا . هذه مديريات من الضروري
الانتـباه إلى الـتبدلات الـتي قـد تحـصل في وضعها الأمني مـسـتقـبلاً .
وقد برهن
التحليل الإحصائي وجود فرق بين التوزيعين ، حيث كانت قيمة (ت) المحسوبة (-0.174)
مقابل القيمة الجدولية (0.271) .
5 - 2 )
التباين المكاني لنسب جنح الاحداث :
كانت الـنسبة
المئوية لجنح الأحداث من مجموع الجرائم المسجلة عام 1994 (15.647%) ، ارتفعـت عام
1996 إلى (17.729%) ، وتباينت نسب جنح الأحداث بين مناطق عمل مديريات الشرطة في
المملكة وكما يوضحه الشكل رقم (5)
شكل رقم ( 5 )
النسب المئوية لجنح الأحداث في المملكة الأردنية
من الشكل أعلاه يمكن تصنيف
المديريات حسب نسب جنح الأحداث فيها عام 1994 إلى:
(أ) مديريات
ارتفعت فيها النسب أكثر من 20% ، وهي : الزرقاء و طفيلة .
(ب) مديريات
تراوحت النسب فيها بين (15 - 19%) ، وهي : اربد ، الكرك و معان .
(ج) مديريات
كانت النسب فيها بين (10 - 14%) ، وهي : العاصمة ، بلقاء ، العقبة ، مادبا
، وجرش .
(د) مديريات
انخفضت فيها النسب عن (10%) ، وهي : بادية ، المفرق ، وعجلون .
اختلف التوزيع الجغرافي عام 1996 وذلك لارتفاع النسب في عدد من المديريات ، فأصبح
الـتصـنيـف كالأتي :
(أ) مديريات
تجاوزت النسب فيها (20%) ، وهي : بلقاء ، الكرك ، الزرقاء ، طفيلة ،
مادبا ، جرش ، و عجلون .
(ب) مديريات
تراوحت النسب فيها بين (15 - 19%) ، وهي : اربد ، معان ، العقبة ،
والمفرق .
(ج) مديريات
كانت النسب فيها بين (10 - 14%) ، وهي : العاصمة و بادية .
من التصنيف أعلاه يستدل على أن مديريات : البلقاء ، الكرك ، الزرقاء ، بادية ،
العقبة ، طفيلة ، المفرق ، مادبا ، جرش و عجلون قد ارتفعت فيها نسب جنح الأحداث
بين عامي 1994 و 1996 ، بينما انخفضت في مديريات : العاصمة ، اربد و معان .
وبهذا تتم الإجابة عن السؤال الثالث حيث تباينت نسـب الجـريمة مكانيا ، و زمنيا أيضا
، في المملكة الأردنية الهاشمية . ولكنها ، مع شديد الأسف ، تتجه نحو الأسـوء مما
يتطلب الانـتبـاه و الـتحـسب لـلـمسـتـقبـل الـقريب و الـبعـيد .
6 -
الاسـتنـتاجــات :
لقد أجيب عن التساؤلات الثلاث في المتن ، إلا أن النقاط الرئيسية التي توصل إليها
الـبحث تـثار مـرة أخرى هـنا . وأهمها :-
6 - 1 ) في
مـجـال اتجـاهـات الجـريمـة :
(أ) اتجهت أعداد
الجريمة إلى النمو خلال المدة 1985 - 1996 بمعامل نمو موجب قدره (0.959)
لمجموع الجرائم ، و (0.891) لأعداد جنح الأحداث ، و (0.980) لنسب الجريمة إلى السكان
.
(ب) حدث تبدل
نوعي في الجرائم المرتكبة في المملكة الأردنية الهاشمية بين عامي 1994- 1996
، حيث شـملت الفئات الرئيسية للجرائم قيد الدرس (81.1%) من المجموع الكلي ، و (94.95%) من جنح الأحداث
عام 1994 . أصبحت هذه النسب عام 1996 (78.8%) و (61.4%) على التوالي مما يؤكد
انتشار أنواع أخرى من الجرائم لم تغطيها الدراسة .
6 - 2)
في مجال نسب الفئات الرئيسية لـلجريمة ;
(أ) فقد ازدادت
نسبها بين عامي 1994 - 1996 ، إجمالاً بنسبة (24.68%) ، وازدادت أعداد الجرائم
المرتكبة ضد حياة الأشخاص بنسبة (19.97%) . وقد انخفض عدد الجرائم
المرتكبة ضد حرية الأشخاص بنسبة (8.2%) ، وازدادت أعداد جرائم المال بنسبة (18.3%)
. الزيادة الكبيرة كانت في أعداد الجرائم المرتكبة ضد الـثقـة العامة (127.9%) ، و
الـمخـلة بالآداب العامة (41.6%).
(ب) ارتفعت
نسب الجنايات على حساب الجنح في مديريات : العقبة ، طفيلة ، المفرق و مادبا
.
6 - 3
) وفي مجال جنوح الأحداث :
(أ)
فقد بلغت نسبة جنح الأحداث عام 1994 (15.7%) و وصلت إلى (17.7%) عام 1996
لزيادة عـدد جـنح الأحداث بنسـبة ( 41.3%) . وقد ازدادت أعداد جنح الأحداث
المرتكبة ضد حياة الأشخاص بنسبة (34.1%) ، وضد حرية الأشخاص بنسبة (41.7%) ، وضد الأموال
بنسبة (13.5%) ، وضد الأملاك بنسبة (116.7%) ، وضد الثقة بنسبة (126.7%) ،
وانخـفضـت لـلجـنح الـمخـلة بالآداب العامة بنـسـبة (13.2%) .
(ب) ارتفاع النسب
المئوية لجنح الأحداث في معظم المديريات (عدا ثلاث فقط) .
7 -
الـتوصـيــات و الـمـقـترحـات :
(1) التحليل
العلمي المعمق لإحصاءات الجريمة ، قليل لأسباب عديدة . ولأهمية هذا التحليل في إبراز
الايجابيات و السلبيات ، والتفسير البيـئي الموضوعي لذا من الضروري معالجة نقص
البيانات وعدم توفرها للقادرين و الراغبين في اعتمادها في دراسات أكاديمية تطبيقية
تخدم المجتمع وأمنه .
(2) أثارت
الدراسة نقطة الدورات الإحصائية في البيانات ، ومن الضروري دراستها للتحقق من وجود
مثل هذه الدورات من عدمه . ان وجودها يساعد في توقعها والتحسب لها .
(3) الجريمة
ناتج عرضي لما يجري في المجتمع من تبدلات اقتصادية ، سياسية ، ديموغرافية ، حضارية
، حضرية ، واجتماعية . ودراسة التبدلات التي تحصل على أنماط الجريمة الكمية
والنوعية تساعد في فهم ما يجري في المجتمع من تبدلات و التهيؤ لما قد يكون لاحقا .
(4) مستقبل
البلاد مرهون بالشباب وما يحملوه من قيم وأفكار وعلاقات اجتماعية . ان متابعة
شـؤون الشباب واجب وطني لكل من يهمه مسـتقـبل عائلته و شعبه . إن انتشار جنوح الأحداث
حالة خطرة لا يجوز السكوت أو غض النظر عنها ، إنها مرض يصيب مفاصل الحـياة ،
وباسـتفـحـالـه يبـقى الجـسـم كـسـيحـا .
(5) التباين
المكاني حقيقة لا مناص من الاعتراف بها ، ومعالجة الجريمة دون النظر الى هذه
التباينات لا يجدي نفعا . إنها الأرضية التي يجب ان تبنى عليها سياسة معالجة
الجريمة و الأمراض الاجتماعية الأخرى و الوقاية منها .
8 -
الـمـصـــادر :
- مـديرية الأمن
الـعام ، 1995، التقرير الإحصائي الجنائي 1994، مطبعة الأمن
العام ، المملكة الأردنية الهاشمية.
- مـديرية الأمن
الـعام ، 1997 ، التقرير الإحصائي الجنائي 1996، مطبعة الأمن
العام ، المملكة الأردنية الهاشمية.
- المكتب
العربي لمكافحة الجريمة ، 1998، الإحصائية السنوية للجرائم المسجلة في الدول
العربية لعام 1996 م ، الأمانة
العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب ، بغداد.
Cohen L.
& Holliday M. 1982
Statistics For
Social Scientists : An Introductory Text with
.Computer Programs
in BASIC
.Harper & Row , Publishers ,
Cambridge
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق