إقليم البطنان : دراسة جغرافية
1 . المقدمة
1.1 .تمهيد
وقد شهدت ليبيا تطوراً سريعاً في زيادة عدد سـكان المدن خلال الأربعين سنة
الأخيرة، ويمكن اعتبارها في هذا المجال بلداً بلغ درجة عالية من التحضر بالنسبة
لدول العالم، بل يمكن القول بأن البلاد شهدت تحولاً كاملاً نحو التحضر، إما بزيادة
سكان المدن، أو باكتســاب الكثير من التجمعات الريفية للسمات الحضرية، وكان لظهور
النفط واستغلاله وتوافر المال لبناء المدن وتطويرها أثره في هذا التطور والنمو،
وصاحب ذلك قيام الثورة في سنة 1969 م التي حرصت على تنمية البنية الأساسية للدولة،
وإنشاء قاعدة اصطناعية ما أسرع في عمليات التحضر، فنمت بعض المدن في أحجامها،
وزادت في أعدادها، واستقطبت المدينتان الكبيرتان السكان بنسبة عالية، ما أدى إلى
تركز أكثر من نصف السكـان الحضر في هذين القطبين، وأدى إلى الزيادة السكانية، وما صاحبها
من تطور وتغيير في وظائف المدن، والتوسع في مسـاحـات الأراضي الحضرية، والتغير في
اللاندسكيب المدني (مورفولوجية المدينة)، ما دعا الدولة إلى القيام بأعمال
التخطيط الطبيعي على المستويـــــــــات الثلاثة؛ الوطني والنطاقـي والمحلـي، ولقد
كان تــوسع المدن مذهلاً، لدرجة أن المخططـــات التي أعــدت قبل سنة 1970 ف، لـــم تستوعب
هذا النمو، مـــــــا أدى إلى إعـــادة النظر في المخططات وإعداد مخططات جديدة إلى
سنة 2000 م، وكذلك المخططات المعدة لسنة 2000 م أصبحت قاصرة عن استيعاب النمو السكاني
المضطرد، وهذا الأمر حتـّم إعداد مخططات
الجيل الثالث (2000 م ـ 2025 م).
2.1 موقع النطاق التخطيطي المحلي / البطنان :
يقع النطـاق المحلي/ البطنان في شمال شرق ليبيا، ويحده من الشمال
البحر المتوسط ، ومن الجنوب بحر الرمال العظيم، ومنطقة الجغبوب التي تبعد عن مدينة
طبرق 350 كم، ويمتد النطاق غرباً إلى عين الغزالة، وحدوده الشرقية فتمتد
على طول الحدود الليبية المصرية.
ويقع النطاق فلكياً بين خطي طول ´´52
´8 °25 شرقاً في شرقه، و´´7 ´6 °22 شرقاً
في غربه، وبين دائرتي عرض ´´50 ´12 °32 شمالاً في شماله، و
´´23 ´3 °28 شمالاً في جنوبه، ويتكون النطاق من شعبية واحدة هي
شعبية طبرق ( البطنان )، وهي تمثل المركز
الإداري فيه. الشكل ( 1.1 ) .
الشكل (1.1): النطاق المحلي - البطنان.
المصدر:مكتب العمارة للأستشارات الهندسية ،بنغازي ،2005 .
3.1 - خلفية عامة عن النطاق التخطيطي المحلي / البطنان .
يعد نطاق البطنان من النطاقات المكونة
لنطاق بنغازي التخطيطي، حيث يغطي مساحة تبلغ 83,597 كم²، فهو أكبر النطاقات المحلية مساحة، حيث يمثل 53.9 % ممن
مجموع مساحة النطاق التخطيطي / بنغازي .
يقع النطاق
المحلي / البطنان في نطاق المناخ شبه الصحراوي، وتتأثر الواجهة الشمالي بالمؤثرات
البحرية، ضمن مناخ الساحل الشمالي الليبي، ويتأثر بكثرة تعرجات الساحل إلى الداخل
ووقوعه في ظل المطر، في حين نجد الأجزاء الجنوبية من النطاق تخضع للمؤثرات
الصحراوية بمعطياتها الطبيعية المتطرفة، الأمر الذي انعكس بصورة رئيسة على درجات
الحرارة والأمطار، حيث يمكن اعتبار هذا النطاق منطقة انتقال من الإقليم الممطر في
منطقة الجبل الأخضر إلى الغرب منه، والإقليم شبه الصحراوي يسبب وصول الرياح شبه
الجافة، على الرغم من أنه يطل على ساحل البحر المتوسط .
وتهيمن مدينة
طبرق وهي أكبر مدن هذا النطاق على شبكة التجمعات السكانية الأخر، باعتبارها تمثل
المركز الحضري الأول في هذا النطاق،حيث يمثل سكانها 63.3 % من جملة سكان
نطاق البطنان، وبما أنها تشكل أكبر ثقل سكاني في النطاق، فهي تؤثر في كل التركيبات
والتوزيعات والتغيرات السكانية فيه، لأنها تمثل المركز الإداري والتعليمي، وتتمثل
المراكز العمرانية في النطاق في مدينتي : طبرق وإمساعد وبعض التجمعات السكانية
الأقل حجماً مثل : البردية، وقصر الجدي، وبئر الأشهب، وكمبوت، والمرصص، وعين
الغزالة.
4.1 - التاريخ :
للنطاق المحلي/ البطنان شهرة تاريخية منذ عصور قديمة، فقد سُكِن في فترة ما
قبل التاريخ وتحركت فيه القبائل الليبية القديمة، ووجدت فيه مقابر قديمة وآثار، يرجع تاريخها إلى
الفترة التي سبقت مجئ اليونانيين القدماء لبرقة، خاصة في مناطق البحيرات في
الجغبوب، فقد عاش الناس فيه حول بحيرات الملفا، والفريدغة، وسيدي بوزيد ولهم علائق
مع مصر، خاصة بين الجغبوب وسيوة، وقد مثلت هذه المنطقة أثناء العهد الإغريقي حلقة
وصل بين المدن الإغريقية في الغرب والإسكندرية في الشرق، ولعبت دوراً مهماً في
استقبال الزوار المتجهين إلى كاهن آمون الموجود في سيوة، ومن أشهر التجمعات
السكانية أنتيبيرجوس " طبرق "، وباليوروس " التميمي "، وأثناء
العهد الروماني والبيزنطي أصبحت منطقة مارماريكا " الدفنة والبطنان "
ملجأ ومحطة بحرية للمراكب التي تلجأ إليها عند سوء الأحوال الجوية، لوجود الخلجان
والمرافئ الطبيعية، خاصة طبرق، وعين الغزالة، والبمبة، ومرسى لك، وخلال فترة الفتح
الإسلامي بقيادة عمرو بن العاص، استقرت بها مجموعات من المرابطين لصد غزوات
الرومان .
وفي عام 1817 م، فرضت السلطة العثمانية هيمنتها على منطقة البطنان
والدفنة بعد مجئ الحملة العسكرية القادمة من طرابلس، وقد كانت منطقة إقطاعية
محايدة، فأصبحت مدينة طبرق بعد ذلك مديرية بالمنطقة، وبنى فيها العثمانيون منارة
للسفن وقصراً، وقد سجل التاريخ أعتى معارك الجهاد التي خاضها المجاهدون في هذه المنطقة
ضد الغزو الإيطالي منذ اليوم الرابع من شهر التمور ( أكتوبر ) عام 1911 م،
الذي شهد نزول الإيطاليين في طبرق، ومع وصول القوات الإيطالية إلى طبرق واحتلالها،
بدأت حركة الجهاد ضد الغزاة، وكانت أول المعارك داخل الميناء يوم 27/10/1911 م،
والمعركة الثانية في الناظور جنوب ميناء طبرق يوم 22/12/1911 م، ثم توالت
المعارك بين الليبيين والإيطاليين، ووصل عدد المعارك منذ عام 1911 م إلى عام 1931 م إلى 27 معركة، آخرها كانت معركة بئر
الطرفاوي يوم 19/12/1931 م في الجغبوب، وخلال هذه الفترة تعرض سكان النطاق
المحلي / البطنان للقهر والاضطهاد بسبب المعارك، وانتشار المعتقلات، ويعد معتقل
عين الغزالة أول المعتقلات الجماعية بالمنطقة، وخلال الحرب العالمية الثانية أصبحت
أراضي النطاق مسرحاً للمعارك الطاحنة بين جيوش الحلفاء والمحور، واشتهرت المنطقة
بمواقع المعارك الحربية، خاصة طبرق، وبئر حكيم، وذاع صيتها، وكتب حول طبرق
الروايات والكتب التاريخية، وسميت ميادين وأحياء في فرنسا وبريطانيا بأسمائها،
وأنتجت أشرطة خيالة عنها .
وخلف تطور الأحداث التاريخية في النطاق معالم تاريخية، وشواهد أثرية مهمة،
يمكن أن تستغل كعناصر جذب سياحية، ومنها : القلاع، والحصون، والآثار الغارقة،
والمزارات الدينية، ومواقع معارك الحرب العالمية الثانية، ومعارك الجهاد، والمقابر
القديمة في الجغبوب، ومقابر الإنجليز والإيطاليين والألمان والفرنسيين الذين ماتوا
في الحرب العالمية الثانية.
مصلحة التخطيط العمراني - مشروع إعداد مخططات الجيل الثالث (2000 - 2025 م ) النطاق المحلي - البطنان - تقرير الوضع القائم - مكتب العمارة للاستشارات الهندسية - بنغازي - نوفمبر 2007 م.
السلام عليكم نبي عنوان رسالة دكتور ومن صاحب رسالة
ردحذف