التسميات

الثلاثاء، 9 ديسمبر 2014

أفضل الممارسات لمنع الجفاف وتخفيف آثاره وإدارة المياه من أجل تعزيز الأمن الغذائي في شمال أفريقي ...

أفضل الممارسات لمنع الجفاف وتخفيف آثاره وإدارة المياه
من أجل تعزيز الأمن الغذائي في شمال أفريقي

خلاصـة

    أعدت دراسة [1] أفضل ممارسات التأهب للجفاف وإدارة المياه مع التركيز على إعادة استخدام المياه المستعملة في شمال أفريقيا عملاً بتوصيات الحلقة الدراسية التي انعقدت في القاهرة في الفترة 9 - 12 تشرين الأول/أكتوبر 1999 بشأن الري وإدارة المياه في شمال أفريقيا؛ وهي التوصيات التي اعتمدها الاجتماع الخامس عشر للجنة الخبراء الحكومية الدولية للمركز الإنمائي لشمال أفريقيا الذي انعقد في طنجة، المغرب، في آذار/مارس 2000.
       
      والأهداف الرئيسية لدارسة أفضل ممارسات التأهب للجفاف وإدارة المياه مع التركيز على إعادة استخدام المياه المستعملة في شمال أفريقيا هي : تحديد ودراسة أفضل ممارسات منع الجفاف ومكافحته في المنطقة دون الإقليمية، وإجراء دراسة تحليلية شاملة بشأن الحالة الراهنة، وآفاق إنتاج المياه المستعملة، وإعادة استخدامها، وتلوث المياه، والشبكات القائمة لمعالجة المياه المستعملة، والقيود الرئيسية التي تواجه إعادة استخدام المياه المستعملة والمعاد تدويرها في الزراعة. وهذه الدراسة من إعداد المركز الإنمائي دون الإقليمي لشمال أفريقيا التابع للجنة الاقتصادية لأفريقيا. ومن المتوقع أن تفضي الدراسة إلى مقدمات لوضع استراتيجيات تهدف إلى منع وتخفيف آثار الجفاف واقتراحات بشأن خطة عمل دون إقليمية لإعادة استخدام المياه   المستعملة والمعاد تدويرها استخداما كاملا في الزراعة وبصفة رئيسية في الري في هذا القرن. وتتكون الدراسة من جزأين ولكنهما مرتبطين ببعضهما. فالجزء الأول يتناول تحديد ودراسة الممارسات الرامية إلى مكافحة الجفاف في شمال أفريقيا. ويتناول الجزء الثاني إعادة استخدام المياه المستعملة في المنطقة دون الإقليمية لشمال أفريقيا.
       
        ويتكون الجزء الأول من هذه الدراسة من ثلاثة فصول. ويسلط الفصلان الأول والثاني الضوء على الخصائص الطبيعية والسكان ومميزات الجفاف في المنطقة دون الإقليمية على التوالي. ويستعرض الفصل الثالث ويبحث ممارسات منع ومكافحة الجفاف، فضلاً عن اقتراح بعض الإستراتيجيات التي من شأنها تحسين عملية مكافحة الجفاف.
       
     وتوضح دراسة الأمطار السنوية في المنطقة دون الإقليمية لشمال أفريقيا الطابع المتغير للغاية لسقوط الأمطار من حيث الوقت والمكان. ومن ناحية أخرى يعتبر الجفاف ظاهرة مشتركة في المنطقة دون الإقليمية مع تفاوت درجاته وتواتره وحدته. ولذلك تعتبر مكافحة الجفاف، وبصفة خاصة، إدارة وتنمية الموارد المائية أمراً هاماً للغاية من أجل تحقيق التنمية الوطنية.

        وهناك العديد من ممارسات مكافحة الجفاف. وتستعرض هذه الدراسة وتدرس هذه التقنيات. وتشمل هذه الممارسات أو التقنيات ما يلي : تقنيات جمع وتسخير المياه، واستحداث الري التكميلي في الزراعة المطرية، وإعادة زراعة الغابات، وعوامل إدارة المحاصيل، ولا سيما استخدام الأصناف المستولدة المقاومة للجفاف، وإدارة إمدادات المياه، وزيادة إنتاجيتها، واستخدام المياه المالحة في الري. كذلك يقدم هذا الجزء من الدراسة استراتيجيات لمكافحة الجفاف. وفيما يلي أهداف هذه الإستراتيجيات:
  ·إدارة ومكافحة الجفاف، فضلا عن الكوارث الأخرى المصاحبة له عن طريق جملة طرق من بينها :
- تخصيص المياه، وإعادة توزيعها وتحويلها وتخزينها على نحو فعال؛
-استخدام الموارد المائية بشكل فعال؛
- جمع مياه الأمطار؛
- تنمية موارد مائية غير تقليدية؛
- استحداث موازين للمياه/نماذج جفاف طويلة الأجل وبمختلف السيناريوهات بما في ذلك العمليات الضرورية لتحويل المياه بين الأحواض؛
  ·ودعم التخطيط المنسق لمكافحة الجفاف عن طريق جملة أمور تشمل ما يلي:
 × تخصيص وحفظ المياه على المدى البعيد؛
 × نشر مواد إرشادية مستكملة فيما بين بلدان المنطقة دون الإقليمية؛
 × دعم مشاركة المجتمعات المحلية في إدارة الجفاف وزيادة الوعي العام في هذا الشأن.
       
      ويتكون الجزء الثاني من الدراسة من ستة فصول. يتناول الفصل الأول خصائص عمليات معالجة المياه المستعملة. وتصنف خصائص المياه المستعملة بصورة عامة إلى خصائص مادية (وأهمها المواد الصلبة) وخصائص كيميائية (الكاربون العضوي، والحاجة الكيميائية الحيوية للأكسجين، وثاني أكسيد الكربون، والنتروجين، والفوسفور، ودرجة الحموضة) وخصائص بيولوجية (البكتيريا، والفطريات، والطحالب، والبروزويات، والدولابيات، والقشريات، والفيروسات). ويستعرض هذا الفصل بشكل عام عمليات معالجة المياه المستعملة وقيمتها الغذائية. كما يحدد المبادئ التوجيهية لاستخدام المياه المستعملة في الزراعة، فضلا عن الطرق المناسبة لمعالجة المياه المستعملة وتطبيقها. ويشمل ذلك المعالجة التقليدية الأولية والمعالجة الثانوية، وبرك اتزان الحمأة   ( wastewater stabilization ponds )، والتطهير، وخزانات حفظ المياه، والمرحلة الثالثة من المعالجة والمعالجة بالترسب.
       
        ويتناول الفصل الثاني الحالة الراهنة لإنتاج المياه المستعملة وإعادة استخدامها في المنطقة دون الإقليمية لشمال أفريقيا. ويقدم الفصل أرقاما إحصائية بشأن كميات المياه المستعملة في الحاضر وفي المستقبل، وعدد محطات معالجة المياه، والطرق المستخدمة لمعالجة المياه المستعملة وذلك على أساس المعلومات المتوفرة. ومعظم البيانات المستخدمة غير حديثة أو غير كاملة. ويستعرض الفصل كذلك ويبحث إعادة استخدام المياه المستعملة في الإنتاج الزراعي في البلدان السبعة في المنطقة دون الإقليمية.

        ويتناول الفصل الثالث تلوث المياه. فمصادر التلوث قد تشمل فضلات المياه المستعملة في المناطق الحضرية والمياه المستعملة في الصناعة والفضلات الزراعية وغيرها من الملوثات. ففي الجزائر تتعرض طبقات المياه الضحلة لتلوث خطير بفعل مجاري المياه السطحية التي تقوم بدور أحواض الصرف لفضلات مياه مجاري الصرف الصحي. وفي مصر، فإن كمية مياه الصرف كبيرة للغاية وقد تزيد على 13 بليون متر مكعب/العام مع ما يترتب على كل ذلك من آثار على المياه العذبة. وفي ليبيا يعزى تدني نوعية المياه بشكل أساسي إلى الاستخدام المفرط للمياه الجوفية. وفي موريتانيا اضطرت السلطات إلى إغلاق بعض الآبار العاملة في حوض إدنى الواقع بالقرب من المحيط الأطلسي بسبب تسرب مياه البحر إلى هذه الآبار. وفي المغرب لوحظت ظاهرة التشبع بالمغذيات في بعض خزانات المياه بسبب التخلص من المياه المستعملة الغير معالجة (خزانات القنيطرة، ولاسيما في وادي أم الربيع). كما يلاحظ أيضاً تسرب المياه المالحة في معظم المناطق الساحلية. أما في السودان فيندر الحصول على البيانات الخاصة بنوعية المياه. وفي تونس تلاحظ أيضا ظاهرة التشبع بالمغذيات في خزان سيدي سالم في مجرا. وتتراوح ملوحة المياه السطحية من 2000 إلى 3000   جزء في المليون.
       
        ويسلط الفصل الخامس الضوء على القيود الرئيسية التي تواجه إعادة استخدام المياه المستعملة والمعاد تدويرها في الزراعة في المنطقة دون الإقليمية. ويمكن إيجاز هذه القيود بأنها بيئية، واجتماعية، وتنظيمية، وقانونية، وتقنية، واقتصادية، ومؤسسية.

        ويتناول الفصلان الخامس والسادس على التوالي خطة العمل دون الإقليمية المقترحة والاستنتاجات. وتشمل خطة العمل إعداد الدراسات القطرية بشأن إمكانية المياه المستعملة وإعادة استخدامها، وتنظيم حلقة عمل دون إقليمية بشأن ممارسات وتقنيات تحسين إعادة استخدام المياه المستعملة في المنطقة دون الإقليمية لشمال أفريقيا، وبناء القدرات في مجال الإدارة المتكاملة للموارد المائية وزيادة المشاركة الشعبية.


الجزء الأول: تحديد ودراسة ممارسات مكافحة الجفاف
 في شمال أفريقيا

 الفصل 1: مقدمــة


1-1 الخصائص الطبيعية والسكان
        تمتد المنطقة دون الإقليمية لشمال أفريقيا من المحيط الأطلسي غربا إلى البحر الأحمر شرقا. وتشمل سبعة بلدان هي تونس والجزائر وليبيا والسودان ومصر والمغرب وموريتانيا. وتقدر مساحة المنطقة دون الإقليمية بحوالي 9,5 مليون كم 2 . وهي تمثل على التوالي 32 في المائة و52 في المائة و7 في المائة من مساحة كل من أفريقيا ومنطقة الشرق الأدنى والعالم. وتتسم الصحارى بأهمية خاصة في طبيعة هذه المنطقة دون الإقليمية. وتمتد أكبر صحارى العالم، وهي الصحراء الكبرى، من المحيط الأطلسي إلى البحر الأحمر. وبالإضافة إلى الأقاليم الصحراوية التي تفتقر إلى الأنهار الدائمة، يوجد في المنطقة نظام نهري يشمل نهر النيل ونهر السنغال. أما في الأجزاء الشمالية والشرقية من الصحراء فتوجد مجاري مائية متفرقة.

ويقدر عدد سكان المنطقة دون الإقليمية بحوالي 164 مليون نسمة وفقا لتقديرات عام 1998. وعدد سكان مصر هو الأكبر (61 مليون) في حين أن عدد سكان موريتانيا هو الأقل. وتتراوح الكثافة السكانية في المنطقة بين 2 و63 شخصا لكل كيلومتر مربع، أي أن متوسط الكثافة السكانية يبلغ 17 شخصاً/كم 2. ويقدر معدل النمو السنوي للسكان في المنطقة بحوالي 2.8 في المائة. ويوجز الجدول 1-1 من الملحق الأول-1 سكان ومساحة كل بلد في المنطقة دون الإقليمية.


1-2 المناخ
نظرا لما يسود المنطقة دون الإقليمية لشمال أفريقيا من جفاف، فإن معدل سقوط الأمطار في العديد من أجزاء المنطقة قليل للغاية. ويتراوح هذا المعدل من لاشيء في الصحراء إلى 1800 ميليمتر/العام في الأجزاء الجنوبية القصوى من السودان. وتختلف أيضا طبيعة المناخ في المنطقة من مناخ البحر الأبيض المتوسط الذي يسود على طول المناطق الساحلية الشمالية والغربية، إلى المناخ الصحراوي و الجاف ومناخ السافانا ( savanna ) والمناخ الاستوائي كلما اتجهنا جنوبا.

1-3 استخدام الأراضي
بلغت المساحة المزروعة في المنطقة دون الإقليمية حوالي 45,5 مليون هكتار و44,9 مليون هكتار في عامي 1997 و1998 على التوالي. وتوجد أكبر المساحات المزروعة في السودان، يليه المغرب والجزائر. وتبلغ نسبة القوى العاملة الزراعية حوالي 48 في المائة من القوى العاملة الكلية في المنطقة دون الإقليمية. وتقدر مساحة المحاصيل الدائمة بحوالي 5 مليون هكتار توجد منها نسبة 46 في المائة في تونس. وتقدر مساحة الزراعة المطرية بحوالي 28 مليون هكتار، وتوجد منها نسبة 54 في المائة في السودان. وتبلغ مساحة الزراعة المطرية حوالي 5.5 مليون هكتار توجد منها أكثر من 47 في المائة في مصر. وتقدر المساحة غير المزروعة بحوالي 6.6 مليون هكتار، توجد منها حوالي 50 في المائة في الجزائر. وتبلغ مساحة الغابات والمراعي حوالي 78.7 و 113.6    مليون هكتار على التوالي. وتوجد أكبر مساحة من الغابات في السودان، وأكبر مساحة من المراعي في السودان أيضا والجزائر. وبلغت مساحة محاصيل الحبوب في عام 1998 أكثر من 23 مليون هكتار. وتتفاوت نسبة الاكتفاء الذاتي من بلد إلى آخر. وأقل نسبة للاكتفاء الذاتي هي   8.5   في المائة في ليبيا، وأعلى نسبة هي 88.3   في المائة في السودان.

وتوضح الجداول 1-2    و 1-3   و 1-4   في الملحق الأول-1 توزيع القوى العاملة الزراعية، واستخدام الأراضي، والإنتاج، والإنتاجية، ونسبة الاكتفاء الذاتي في المنطقة دون الإقليمية.

1-4 الموارد المائية واستخراج المياه في المنطقة دون الإقليمية لشمال أفريقيا

        1-4-1 الموارد المائية المتجددة :
        نظرا للأحوال المناخية الجافة السائدة في المنطقة دون الإقليمية، فإن للمياه، سطحية كانت أو جوفية أهمية كبيرة. وعلى أساس خصائص تبادل المياه هناك مفهومان غالبا ما يستخدمان في مجال الهيدرولوجيا وإدارة المياه لتقييم الموارد المائية في المنطقة. وهما مكون التخزين الإستاتي والمياه المتجددة. وعادة ما يشمل التخزين الساكن الماء العذب مع فترة تجديد كامل يحدث خلال سنوات عديدة كما هو الحال بالنسبة للبحيرات الكبيرة والمياه الجوفية (المياه الأحفورية) وما إلى ذلك. ويفضي الاستخدام المكثف لهذا المكون إلى نفاذ المخزون وإلى نتائج سيئة، كما أنه يخل بالتوازن الطبيعي الذي استقر على مر القرون. وتشمل موارد المياه المتجددة الماء المتجدد سنويا أثناء عملية التحولات المائية على الأرض. وبشكل رئيسي مياه الصرف في الأنهار وتغذية المياه الجوفية. ويمكن تحديد الخصائص الكمية لمصادر المياه المتجددة في منطقة ما بواسطة نهجين هما : استخدام بيانات الأرصاد الجوية، أو استخدام ملاحظات الصرف. ووفقا لبيانات الأرصاد الجوية المتوفرة تعتبر المنطقة دون الإقليمية لشمال أفريقيا أكثر أجزاء أفريقيا جفافا. وعلى الرغم من أن مساحة المنطقة تبلغ 32 في المائة من المساحة الكلية لأفريقيا، فإن مواردها المائية لا تزيد عن حوالي 4 في المائة من المصادر المائية المتجددة الكلية في القارة. علاوة على ذلك، توجد حالات تفاوت كبيرة في المصادر المائية بين بلدان المنطقة السبعة كما يوضح الجدول 1-5 من الملحق الأول-1. وتعتبر الموارد المائية لبلدان المنطقة محدودة للغاية. وتعاني هذه البلدان من شح شديد في المياه حيث تتراوح معدلات كمية المياه للشخص الواحد من 146 إلى 4573 متر 3/السنة. وهناك بلدان (مصر وموريتانيا) يعتمدان على بلدان أخرى بنسبة 90 في المائة بشأن مصادرهما من المياه المتجددة.

       1-4-2 المياه الجوفية غير المتجددة :
        تفترش بعض البلدان التي لها مصادر مياه متجددة قليلة أحواض مياه جوفية غير متجددة (أحفورية) ضخمة تتقاسمها جزئيا مع بلدان مجاورة. فبلد مثل ليبيا يعتمد بقدر كبير على استخراج أكبر كمية مياه من كمية المياه الكلية التي يستخرجها على المياه الأحفورية. فبالرغم من أن خزانات المياه الجوفية قد تساعد في تخزين كميات هائلة من المياه التي تتجمع في مواسم الأمطار أثناء الأربعة فصول، فإن تنميتها لا تعتبر مستدامة على المدى البعيد نظرا لأن عدم التغذية في الوقت الحاضر يفضي إلى الاستنزاف البطيء لطبقات المياه الجوفية. علاوة على ذلك، فإن تصاعد تكاليف الضخ فضلا عن تدني نوعية المياه في بعض المناطق، ربما يجعل استخراج المياه الأحفورية أقل جاذبية بمرور الزمن.


       1-4-3 مصادر المياه غير التقليدية :
        تشمل مصادر المياه غير التقليدية المياه المستخرجة عن طريق التحلية والمياه المستعملة المعالجة. ويقدر الاستخدام الكلي لمياه التحلية في المنطقة دون الإقليمية لشمال أفريقيا بحوالي 202.8 مليون متر 3/السنة.   ويبلغ نصيب ليبيا ما يقارب 50 في المائة من الإنتاج الكلي لهذه المياه. ويقدر معدل إعادة استخدام المياه المستعملة بحوالي 441 مليون متر 3/السنة. وتنتج مصر حوالي ثلثي هذه الكمية، بينما تنتج ليبيا الثلث. ويوضح الجدول 1-6 الموارد المائية غير التقليدية السنوية بالنسبة لمختلف بلدان منطقة شمال أفريقيا دون الإقليمية.

       1-4-4 استخراج المياه
        يتضح من الجدول 1-4 في الملحق الأول-1 الذي يبين توزيع استخراج المياه حسب كل بلد أن من بين القطاعات الرئيسية الثلاثة المستخدمة للمياه، وهي الزراعة (الري وسقي الماشية)، والمجتمعات المحلية (إمدادات المياه المحلية)، والصناعات، أن 90 في المائة من كمية المياه المستخرجة في بعض البلدان (السودان وموريتانيا والمغرب) مخصصة للزراعة. وبالقيم المجردة لا تتعدى نسبة استخراج المياه في الجزائر نسبة 16 في المائة من مواردها المائية المتجددة سنويا، و97 في المائة بالنسبة لمصر، و400 في المائة بالنسبة لليبيا، مما يعنى أن مصر وليبيا قد أفرطتا في استغلال مواردهما من المياه الأحفورية. وتبلغ هذه النسبة 14 في المائة بالنسبة لموريتانيا، و37 في المائة للمغرب، و55 في المائة للسودان و68 في المائة لتونس.

الفصل 2

خصائص الجفاف في المنطقة دون الإقليمية لشمال أفريقيا


2-1 سقوط الأمطار في المنطقة دون الإقليمية لشمال أفريقيا :
        كما ذكرنا آنفا فإن المنطقة دون الإقليمية لشمال أفريقيا جافة تقريبا. وتمتد الصحراء في جميع بلدان المنطقة، وتتراوح كمية الأمطار من بضعة مليمترات إلى أكثر من 1800 ميليمتر. وتسود معظم بلدان المنطقة أنواع من المناخ تتراوح من المناخ المداري إلى مناخ البحر الأبيض المتوسط الذي يتسم بفصل أمطار واحد متغير الفترات.

        ويتأثر سقوط الأمطار في المنطقة بشكل رئيسي بالحركة النسبية الموسمية للشمس وما يصاحب ذلك من تحركات الرياح. وتسود المنطقة أنواع مختلفة من الرياح تشمل الرياح الجنوبية الغربية التي تهب عبر المحيط الأطلسي والرياح الجنوبية الشرقية التي تهب عبر المحيط الهادئ، والرياح الشمالية والشمالية الشرقية والشمالية الغربية.
       
        جمعت البيانات الخاصة بالبلدان السبعة في المنطقة دون الإقليمية خلال العشر سنوات الماضية عن طريق شبكات مقاييس الأمطار الموجودة. وقد خضع اختيار المحطات إلى حد كبير لوجود سجلات لسقوط الأمطار وطول فترة سجل قياس كميات الأمطار. وقد كانت سجلات قياس الأمطار السنوية متوفرة بالنسبة لكل واحدة من المحطات. وتختلف كمية الأمطار المسجلة في كل محطة اختلافا كبيرا من سنة إلى سنة. وتوضح الجداول من 2-1 إلى 2-7 في الملحق الأول-1 بيانات عن كمية الأمطار السنوية المسجلة في بعض المحطات من بين مختلف المحطات الموجودة في كل بلد من بلدان المنطقة دون الإقليمية لشمال أفريقيا. وتم اختيار المحطات لتمثل مختلف الأجزاء في كل بلد. وتغطي البيانات التي جمعت   الفترة 1988-1998.

2-2 خصائص الجفاف وآثاره في المنطقة دون الإقليمية
        توضح دراسة الأمطار السنوية في المنطقة دون الإقليمية لشمال أفريقيا الطبيعة المتغيرة للغاية لسقوط الأمطار من حيث المكان والزمان. ومن ناحية أخرى فإن الجفاف يمثل ظاهرة مشتركة في المنطقة مع تفاوت درجاته وتواتره وحدته.   وبالإضافة إلى الخسائر في الأرواح البشرية، فإن التكلفة المرتبطة بالجفاف من النواحي الاقتصادية والاجتماعية-الاقتصادية عادة ما تكون عالية للغاية من حيث فقدان الإنتاج وسوء استخدام المدخرات وتحويل الموارد الإنمائية عن مجراها الصحيح. ومن هنا تنبع الأهمية القصوى لضرورة   فهم خصائص الجفاف وأسباب حدوثه وآثاره في التنمية الوطنية، ولا سيما من حيث إدارة الموارد المائية وتنميتها. ومع ذلك لا تزال أسباب تدني معدلات سقوط الأمطار إلى أقل من المعدل العادي، الأمر الذي يفضي بدوره إلى حدوث الجفاف، غير معروفة. غير أن البحوث قد كشفت مؤخرا أن بعض الأسباب تعزى إلى تواتر النشاط المرتبط بالبقع الشمسية والخصائص الوقتية لارتباطات ظواهر معزولة، ولا سيما التذبذب الجنوبي لتيار النينيو El-Nino Southern Oscillation "ENSO") ) وظاهرة النينية ( (El-Nina phenomena .
       
        وتنجم ظاهرة النينيو عن زيادة درجات الحرارة في البحر التي تؤدي لأسباب غير معروفة إلى تغيير اتجاهات الرياح الرطبة. ويعني هذا أن الرياح الرطبة بدلا من أن تهب في اتجاه الأرضية فإنها تهب في اتجاه البحر ويصحب ذلك عادة حالات جفاف حادة. أما ظاهرة النينية فهي عكس ظاهرة النينيو وغالبا ما تصاحبها الفيضانات.

        وتتأثر المنطقة دون الإقليمية لشمال أفريقيا بهاتين الظاهرتين من بين جملة ظواهر أخرى. ونتيجة لذلك كثيرا ما تشهد المنطقة حالات جفاف. ومنذ الأربعة عقود الماضية بدأت الأمطار تقل في جميع بلدان المنطقة دون الإقليمية تقريبا. وتوضح معظم السجلات أثناء هذه الفترة هبوطا تدريجيا في كميات الأمطار. ويمكن أن يعزى ذلك بالإضافة إلى التغيرات المناخية سابقة الذكر إلى تغيرات في استخدام الأراضي في أجزاء كبيرة من المنطقة دون الإقليمية. وتشمل هذه التغيرات إزالة الغابات، والرعي المفرط في الأراضي الزراعية. ونتيجة لقلة كميات الأمطار، حدثت تغيرات ديمغرافية عديدة. ففي السودان، على سبيل المثال، هجر معظم البدو في شمال السودان مناطقهم التقليدية، ونزحوا صوب وادي نهر النيل أو جنوبا. وخلال النصف الأول من القرن الماضي استمرت هذه الهجرة دون أن تثير الانتباه؛ ولكن في السنوات الأخيرة كان هناك تدفق، ولا سيما من غرب السودان صوب الشرق إلى وادي نهر النيل وصوب الجنوب.

        تشير الدراسات التي أجرتها المنظمة العربية للتنمية الزراعية أن معدل التبخر المحتمل أعلى بكثير من معدل سقوط الأمطار. ويتراوح معدل التبخر السنوي بين 3000 ملم و حوالي 1700 ملم، بينما يتراوح متوسط سقوط الأمطار من لاشيء   إلى 1800ملم/السنة. ويعني ذلك وجود نقص في المياه في معظم العام. وأجريت دراسة عن تواتر سقوط الأمطار، كما توضح الجداول من 2-1 إلى 2-7 في الملحق الأول-2 بالنسبة لبعض محطات قياس الأمطار في المنطقة دون الإقليمية. وتم تحليل الارتداد لمعرفة علاقة تواتر سقوط الأمطار بالعوامل الأخرى.

وتم اختيار محطتين في كل بلد لتوضيح نمط سقوط الأمطار مع احتمالات تتراوح من 50 في المائة إلى 80 في المائة. واختيرت المحطات لتمثل أعلى متوسط سنوي وأقل متوسط سنوي لسقوط الأمطار. ويوضح الجدول 2-8 نمط سقوط الأمطار وتواتر الجفاف مع أخذ المتوسط السنوي كمرجع. ويتضح أن تواتر الجفاف يتراوح من 4 إلى 8 سنوات في الفترة المعنية، وهي فترة 11 سنة. ونمط الجفاف في تونس هو الأقل مقارنة بالبلدان الأخرى، في حين أن هذا النمط هو الأعلى في المغرب (6-8 سنوات).

        وتوضح دراسة أجراها جلالى وجبالى (1997) أن المغرب العربي قد شهد فترات جفاف (تونس 1987-1989 والمغرب 1979-1984 و1991-1993). كما أن كمية الأمطار تنخفض بمعدل 40 ملم/السنة في المغرب. ووفقا لمحطة طنجة، يقدر انخفاض الأمطار بمعدل 100 ملم خلال فترة 40 سنة، بينما يبلغ معدل هذا الانخفاض 400 ملم خلال فترة 30 سنة وفقا لمحطة إفران. وتوضح نفس الدراسة الإحصائيات التالية :

* يحدث الجفاف مرة كل 8 سنوات في المتوسط.
* حدثت 116 حالة جفاف في الفترة 1900-1984

* فيما يلي توزيع حالات الجفاف خلال الفترة المذكورة أعلاه :
- 7 حالات جفاف تبلغ فترة كل واحدة منها 3 سنوات ؛
- 3 حالات جفاف تبلغ فترة كل واحدة منها 4 سنوات ؛
- 4 حالات جفاف تبلغ فترة كل واحدة منها 5 سنوات ؛
- 2 حالة جفاف تبلغ فترة كل واحدة منها 6 سنوات ؛
- حالة جفاف واحدة بلغت فترتها 7 أيام.

        توضح دراسة أجراها صديق أحمد (1998) أن عدم موثوقية هطول الأمطار أفضى إلى آثار وخيمة بالنسبة لإنتاج المحاصيل في الزراعة المطرية. واتضح من تحليل البيانات الخاصة بمنطقة القضارف أن 65 في المائة من تغيرات الإنتاجية تعزى إلى التغيرات في كمية سقوط الأمطار وتوقيتها ودرجة ملاءمتها لاحتياجات المحاصيل أثناء فترة نموها.
       
        ويعتبر عدم موثوقية كميات الأمطار الموسمية أو عدم كفايتها علاوة على طول فترة مواسم الجفاف من علامات الجفاف. وأفضى الجفاف المستمر الذي شهدته العقود القليلة الماضية   إلى نقص كبير في الأغذية. وعانت بعض الأجزاء في المنطقة دون الإقليمية، ولا سيما في السودان، من المجاعات التي اجتاحت العديد من السكان الذين فقدوا أراضيهم الزراعية ومراعيهم. وهناك العديد من الممارسات التي تستخدم لمكافحة الجفاف ستأتي تفاصيلها في الفصل القادم.
 الجدول 2-8 : نمط سقوط الأمطار وتواتر* الجفاف
في المنطقة دون الإقليمية لشمال أفريقيا


تواتر الجفاف (عدد السنوات من مجموع 11 سنة)
موثوقية هطول الأمطار (ملم)

 الأمطار السنوية (ملم)

المحطة
البلد

80 %
50 %
المتوسط
الأعلى
الأدنى


5
4
706
67
817
81
883
80
1178
104
662
64
1- طبرقة
2- رفازا
تونس
4
6
582
657
285
669
229
855
527
512
212
1- سكيكة
2- الشلف
الجزائر
7
6
161
46
209
92
282
120
522
194
149
28
1- طرابلس
2- سرت
ليبيا
6
8
749
118
872
171
953
225
1210
628
669
109
1- جوبا
2- الفاشر
السودان
6
6
32
4
75
9
152
22
289
79
9
7
1- الإسكندرية
2- القاهرة
مصر
8
6
586
68
726
94
861
122
1777
262
462
63
1- إفران
2- ورزازات
المغرب
5
7
54
11
157
35
225
105
522
269
13
1,6
1- كوماجا
2- إدرار
موريتانيا
* المرجع هو متوسط سقوط الأمطار سنوياً
ملاحظة: كان من الأفضل لو أخذ متوسط الرشح التبخري كمرجع بدلا عن متوسط سقوط الأمطار، ولكن لم يتم ذلك لعدم توفر المعلومات.


الفصل 3

ممارسـات منـع ومكافحـة الجفـاف


3-1 معلومات عامة
        هناك العديد من ممارسات مكافحة و/أو منع الجفاف .   وتشمل هذه الممارسات، من جملة أمور،   ما يلي : تقنيات جمع المياه، والري التكميلي في مناطق الزراعة المطرية وإعادة زراعة الغابات، وعوامل إدارة المحاصيل ولا سيما باستخدام الأصناف المستولدة المقاومة للجفاف، وتنمية الموارد المائية (إدارة الإمدادات)، والتوسع في المساحات المروية، وزيادة الإنتاجية واستخدام المياه المالحة للري. وفيما يلي بعض ممارسات التخفيف من آثار الجفاف .

3-2 جمع المياه
        هناك عدة تقنيات لإدارة مياه الأمطار تشمل حفز التهطال والحد من تبخر الموارد المائية، وحفظ المياه في التربة، وجمع مياه الفيضانات، والتغذية الصناعية، وجمع مياه الأمطار.

        3-2-1 الأخاديد الكنتورية
        هذه التقنية يمكن أن تقوم بدور هام في المناطق الجافة وشبه الجافة. ويمكن استخدامها لرفع إنتاجية المحاصيل، وزيادة نمو أعشاب المراعي الملائمة للأحوال المناخية والتربة.   وهي طريقة ملائمة وفعالة في التربة الطينية الثقيلة والعميقة ، وفي الأراضي ذات التضاريس البسيطة وغير المعقدة.

        ويمكن عمل الحواجز بين هذه الأخاديد   يدويا باستخدام التراب أو الحجارة. ويتراوح عمق المياه في هذه الأخاديد بين 20 و 40 سم. ويتراوح ارتفاع الأخدود بين 45 و 60 سم. كما يمكن استخدام حواجز أكبر نسبيا في الأماكن التي يتراوح فيها عمق المياه   بين 60 و 80 سم. وفي هذه الحالة يكون ارتفاع الحواجز بين الأخاديد من 100 إلى 150 سم. ويتراوح عرض حوض الأخدود بين 80 و 200 سم. وتعتمد المسافة بين الأحواض على انحدار الأرض واختلاف عمق المياه بين الأخدود والأخدود الذي يليه. وعادة ما تكون الحواجز بين الأخاديد أكثر ارتفاعا في التربة الطينية الثقيلة والعميقة. ويعتمد طول الحاجز الكنتوري على تضاريس الأرض. ومن الأفضل ألا يكون الحاجز طويلاً. وهذا الأمر هام بغية التوزيع المنتظم لصرف مياه الأمطار.

        ووظيفة الخطوط الكنتورية هي في الأساس تخزين المياه، ومن ثم زيادة ما يتسرب منها إلى التربة عن طريق زيادة فترة احتجاز المياه، وبالتالي زيادة فترة استخدام المحصول للمياه والحد من آثار الجفاف أثناء الموسم. وعادة ما تبـذر بذور المحاصيل في بداية موسم الأمطار. كما أن الغمر بالمياه يحدث في معظم الحالات في منتصف موسم الأمطار أو قريبا من نهايته.

       3-2-2 جمع المياه عن طريق المستجمعات الصغيرة
يمكن أن تتخذ طريقة جمع المياه عن طريق المستجمعات الصغيرة عدة أشكال (مثلثات، مربعات ومستطيلات وشبه دوائر). وعادة ما تستخدم هذه الطريقة لجمع المياه في مستجمعات محلية تتراوح مساحتها بين 100 و 200 متر. وهي تقنية ملائمة لنمو الأشجار. وتجمع المياه في حفر يتراوح عمقها بين 20 و 50 سم وعرضها بين متر واحد و 3 أمتار ولها سعة تخزينية محدودة نسبيا تتراوح بين نصف متر3 و 4 متر3 . وأثبتت هذه الطريقة أنها ملائمة جدا لزيادة نمو الغابات وشجيرات المراعي وبعض الخضر مثل البطيخ والطماطم. وتتم عملية البذر مباشرة بعد بداية تخزين المياه وخاصة بالنسبة للأشجار.

      3-2-3 المصاطب المنحدرة (Bench terraces)
        المصاطب المنحدرة ملائمة للمناطق كثيرة التلال. وهي طريقة فعالة للغاية لمنع تدهور التربة عن طريق الحد من سرعة تدفق مياه الصرف بواسطة بناء مصاطب تؤدي وظيفة شبيهة بوظيفة الشلالات التي تحد من سرعة تدفق المياه. ومع أن الأمر يتوقف على الغرض من استخدام المصاطب المنحدرة، يمكننا تحديد ثلاثة من أنواع هذه المصاطب :
-المصاطب الثابتة للمناطق كثيرة التلال؛
- المصاطب المنحدرة البسيطة؛
- المصاطب المنحدرة الضعيفة.

        وتستخدم المصاطب المنحدرة للمناطق كثيرة التلال في المناطق الرطبة لوقف تدهور التربة أو الحد منه. أما في المناطق الجافة وشبه الجافة فعادة ما تستخدم المصاطب المنحدرة البسيطة لتخزين أكبر كمية من مياه الصرف. وعادة ما تحفر قناة صغيرة تحت كل مصطبة لنقل الماء الفائض إلى قناة لجمع المياه تكون ذات شكل عمودي بالنسبة للخطوط الكنتورية. ويمكن زراعة أشجار معمرة ذات جذور طويلة لتقوية الحواجز بين المصاطب. ويمكن أن يتراوح عرض المصطبة بين 6 و 20 مترا ؛ ويعتمد ذلك على نوع التربة والغرض من عمل المصاطب الثابتة. ويبدأ تشييد المصاطب في الجزء السفلي للتل ثم يصعد إلى أعلى. وتستخدم مثل هذه المصاطب في السودان والمغرب.

      3-2-4 سدود انتشار المياه (water spread embankments)
        تعتبر طريقة انتشار المياه عن طريق الجسور أو طريقة السدود من الوسائل العملية لجمع وتوزيع مياه الصرف وانتشارها في مساحات واسعة ملائمة للاستخدام الزراعي. والغرض من استخدام هذه الطريقة أيضا هو توجيه المياه إلى المناطق الملائمة للاستثمار الزراعي، أو تنمية الأراضي لتتحول إلى مراع طبيعية. ويتغير اتجاه المياه عن طريق تشييد جسور صغيرة من التراب عبر الأودية. ويتكون هيكل سد انتشار المياه مما يلي :
- السد الرئيسي؛
- جسر جانبي من التراب؛
- قناة لنقل المياه؛
- أنابيب لتوزيع المياه؛
- منحدرات من الحجارة؛
- قناة لتصريف المياه الفائضة.

       3-2-5 جمع مياه الأمطار ومياه الفيضانات
        هناك إمكانية هائلة لجمع المياه في بعض بلدان المنطقة دون الإقليمية. فعملية جمع مياه الأمطار يمكن أن توفر المياه للمناطق البعيدة عن مصادر المياه الأخرى؛ أو التي يكون فيها توفير المياه باهظ التكلفة. وطريقة جمع مياه الأمطار ملائمة بصفة خاصة لتوفير المياه للقرى الصغيرة والمدارس والأسر المعيشية والماشية والأحياء البرية. فناثرات المياه، والحفر، والأخاديد والحواجز الكنتورية، وحرث الشرائح الكنتورية تعتبر كلها تقنيات زراعية واعدة لجمع مياه الصرف. ويمكن استخدام بعض هذه التقنيات في تنمية المراعي لزيادة إنتاج العلف في المناطق التي تعتمد عليها المنطقة دون الإقليمية بالنسبة لمعظم غذاء الماشية. وتشمل مزايا جمع المياه ما يلي :

· سهولة نشر المياه وقلة تكاليف التشييد؛
· سهولة تشغيل الهياكل وصيانتها؛
·إمكانية الاختيار من بين عدة تقنيات التقنية الملائمة للظروف السائدة في المنطقة المعنية؛
· الحد إلى أقصى درجة من تدهور التربة بفعل تدفق المياه؛
· غسل التربة المالحة، ومن ثم جعلها أكثر ملاءمة لزراعة المحاصيل بفضل تقليل الكمية الكلية للمواد الصلبة المذابة.

وفيما يلي بعض أنواع تقنيات جمع المياه :

       3-2-6 الحفائر
        تتميز جميع بلدان المنطقة دون الإقليمية لشمال أفريقيا بكميات أمطار قليلة وموسمية كما أوضحنا في الفصل السابق. ويعتمد وجود المياه واستمرارية الإمدادات في مواسم الجفاف الطويلة على طاقة الخزانات فيما يتعلق بجمع المياه السطحية وتخزينها، فضلا عن القدرة على استخراج المياه الجوفية.

        وفكرة الحفائر أخذت في البداية من عملية تجمع المياه في مواسم الأمطار في المنخفضات الطبيعية واستخدامها لفترة من الوقت بعد انقضاء موسم الأمطار. وكانت أول مرحلة تطوير لهذه الحفائر هي توسيع وتشكيل المنخفض الأرضي بالأيدي، ومن ثم زيادة سعته التخزينية. وحين ظهرت آلات إزاحة التراب، بدأ إنشاء حفائر بمعنى الكلمة وفقا لمعايير هندسية وذات سعة تبلغ حوالي 5000 متر3 . ويمكن تعريف الحفير على أنه حاجز لجمع المياه في موسم الأمطار بغية استخدامها في فترات شح المياه.

ونظرا لاختلاف الأحوال السائدة، ومصادر المياه، ونوع التربة، والأحوال الطبيعية الأخرى، تنقسم أهم أنواع الحفائر إلى ما يلي :
1) حفير استجماع المياه ذاتيا؛
2) حفير استجماع مياه الجبال؛
3) حفير تغذيه الأنهار؛
4) حفير مخطط؛
5) حفير تخزين المياه فوق سطح الأرض.

معايير التصميم
        أهم معايير تصميم الحفير هي وفرة المياه والتربة التي لا ينفذ منها الماء. ويخضع تصميم الحفير في معظم الحالات للخصائص والأحوال الطبيعية في المنطقة. ويتطلب كل موقع بحثا دقيقا على النحو التالي :

أولا - اختيار الموقع
        ينبغي أولا إجراء مسح استطلاعي لاختيار الموقع

ثانيا - اختيار التربة
        ينبغي عمل حفر باليد أو بالمثقب وأخذ عينات من التربة لتحديد نوعها وعمقها. وتؤخذ العينات من حفر تبعد الواحدة عن الأخرى 50 سم وتخضع لاختبار ميداني لتصنيف التربة وتحديد نوعها ولونها ونسبة رطوبتها.

ثالثا- دراسة التضاريس
        تجري دراسة تضاريس في مساحة تتراوح بين 2 و 6 كيلومترات وتشمل عمل حفر لفحص التربة وتحديد مصدر المياه في الموقع ومعرفة ما إذا كان نهرا أو مستجمعا للمياه. وينبغي أن توضح الدراسة التضاريس المحيطة بالموقع (جبال، تلال رملية ... وما إلى ذلك) واتجاه علامات تدفق المياه وفقا لكنتور أو مقاطع معينة من النهر.

رابعا - الحساب المائي
        يتعين جمع البيانات لحساب الميزان المائي الكلي لموارد الحفير. تجمع بعض البيانات عن طريق استبيان يجيب عليه سكان المنطقة بشأن مدة سقوط الأمطار وغزارتها وعدد الأنهار وعدد الفيضانات ومدتها وارتفاع منسوب المياه. وتؤخذ كذلك   مقاطع للنهر وعلامات تدفق المياه.

خامسا - التقرير التقني
        ينبغي أن يشتمل هذا التقرير على معلومات أساسية عن المصادر المائية التقليدية، وعدد السكان والحيوانات، ومعدل النمو السكاني، ومعدل الاستهلاك، والاحتمالات المستقبلية.

ويشمل الجدولان 3-1 و3-2 من الملحق الأول- 3 موجزا لهذه الممارسات.

3-3 الري التكميلي في مناطق الزراعة المطرية
        تغطي الزراعة المطرية حوالي 62 في المائة من المساحة المزروعة في المنطقة دون الإقليمية. وتزرع بعض محاصيل الحبوب التي تمثل الغذاء الرئيسي لسكان المنطقة في مناطق الزراعة المطرية. وأوضحت الأبحاث مؤخرا بشأن الري التكميلي في مناطق تجريبية في بعض بلدان المنطقة دون الإقليمية، مثل السودان، بأنه يمكن زيادة الغلة من الصمغ في مساحات تتراوح أمطارها بين 250 و 400 ملم/السنة عن معدلها الذي يبلغ في الوقت الحاضر حوالي 0.4 طن/هكتار إلى 4 طن/هكتار باستخدام الري التكميلي. ويعني ذلك أن إنتاجية الوحدة المائية المضافة نتيجة لاستخدام الري التكميلي تبلغ حوالي 10 أمثال من إنتاجية مياه الأمطار. وجمع المياه هو إحدى التقنيات التي يمكن استخدامها في الري التكميلي. وتشمل التقنيات الأخرى توفير المياه الجوفية عن طريق حفر الآبار، ونقل المياه السطحية بواسطة القنوات أو الأنابيب. ويمكن إيجاز العوامل التي تؤثر في القرار التقني بشأن استخدام الري التكميلي فيما يلي :
- نوع التربة وقدرتها على تخزين المياه؛
- تضاريس الأرض، ولا سيما انحدارها واتجاهها؛
- الرياح ودرجات الحرارة؛
- أعلى معدل لسقوط الأمطار وغزارتها؛
- الغطاء النباتي وكثافته.

        وبدراسة الخصائص المشتركة للمنطقة الإقليمية لشمال أفريقيا، يمكن تحديد ما يلي :
- انتشار ظاهرة الجفاف في معظم أوقات السنة؛
- قلة الأمطار من حيث المكان والزمان؛
- انتشار الأمطار الرعدية؛
- ارتفاع درجات الحرارة في معظم أوقات السنة؛
- ارتفاع معدلات التبخر الكلي؛
- الرياح الجافة والقوية؛
- الغطاء النباتي الضعيف وأثره على الصرف؛
- انتشار التربة الجافة والفقيرة التي تحد من إنتاج المحاصيل؛
- انتشار التلال الرملية.

        وعادة ما يكون من الصعب في المناطق الهامشية حيث يقل معدل سقوط الأمطار عن 250ملم/السنة الحصول على إنتاج على نحو مستدام إلا باستخدام الري التكميلي. وإذا كان معدل هطول المطار في الشتاء يزيد على 100ملم/السنة ويقارب 150ملم/السنة في الصيف، فإنه يمكن استخدام الري التكميلي.

3-4 إعادة زراعة الغابات
        وتعترض الغابات الأمطار باحتجاز قطرات مياه الأمطار بواسطة عملية بسيطة في أوراق الأشجار. وتبدأ العملية في الأوراق الواقعة في الجزء العلوي وبمجرد أن تتشبع هذه الأوراق بالمياه يتقاطر الماء إلى أسفل حتى تتشبع به كل الشجرة، ثم ينساب بعض الماء إلى الجذور. وإذا استمرت الأمطار فترة كافية، يتسرب الماء   إلى أسفل ليصل إلى الأرض. ومن المعروف أن عملية اعتراض الأمطار تنظم تدفق مياه الأمطار إلى أسفل صوب الأرض على نحو يحد من حدوث الفيضانات.ومنذ زمن بعيد عرفت هذه الفوائد للغابات، بالإضافة إلى فوائدها الأخرى مثل منع تدهور التربة؛ ولذلك سنت بعض حكومات البلدان في المنطقة دون الإقليمية القوانين الصارمة لحمايتها. ومن المؤسف يبدو أن هذه القوانين أصبحت أقل صرامة. فقطع الأشجار لصناعة الفحم، والزراعة الآلية، وقطع الأخشاب، علاوة على حرائق الغابات العشوائية، تضافرت كلها على تقليص   مساحة الغابات. ويتضح ذلك بصورة خاصة إذا نظرنا للحالة في السودان.

        وتؤثر الغابات بشكل ملحوظ في كتلة الهواء. فالتبخر في الغابات المشبعة بالرطوبة نتيجة لاعتراضها للأمطار يعتبر أكثر فعالية من التبخر المباشر من سطح الأرض. ولذلك فإن الغابات التي تقع في مسار الهواء تساعد هذا الهواء في الاحتفاظ ببعض الرطوبة التي تحدثها الأمطار على سطح الأرض. وبالإضافة إلى الفوائد الأخرى للغابات، فهي لا تزود الطبقات الفاصلة بالرطوبة فحسب، بل تخفض أيضا من درجات الحرارة بقدر كبير نتيجة للتبخر الذي تحدثه في الطبقات الفاصلة. وهذه الخاصية هامة جدا لعملية هطول الأمطار.

ومن المتوقع أن تكون عملية إعادة زراعة الغابات عنصرا رئيسيا في عملية هطول الأمطار وعاملا من عوامل مكافحة الزحف الصحراوي. وإذا تمت عملية إعادة زراعة الغابات على نطاق واسع في المنطقة دون الإقليمية وفي البلدان المجاورة فإنه يمكن المحافظة، على الأقل، على المعدلات الحالية لسقوط الأمطار.

3-5 عوامل إدارة المحاصيل
        تشمل هذه العوامل الأصناف المستولدة عالية المردود والمقاومة للجفاف، وزراعة النخيل واستخدام الدورة الزراعية والأسمدة. وإذا أخذنا الصمغ كمثال، فإننا نجد أن محطات الأبحاث الزراعية في المنطقة دون الإقليمية قد أنتجت العديد من أنواع الصمغ، غير أن استخدام المزارعين لهذه الأصناف المستولدة في قطاع الزراعة المطرية محدود للغاية. فهم يصرون على زراعة ما اعتادوا عليه من أصناف محلية تقليدية ذات فترة نضوج طويلة ومردود أقل. ومن المعروف جيدا أن زراعة المحاصيل مبكرا هامة لزيادة الغلة في مناطق الزراعة المطرية. غير أن المزارعين يميلون إلى تأخير الزراعة ليقتصدوا في تكلفة إزالة الأعشاب. ففي السودان على سبيل المثال، توصي البحوث الزراعية في قطاع الزراعة المطرية بأن تخصص في الدورة الزراعية 50 في المائة من المساحة لزراعة الصمغ و25 في المائة للسمسم وترك المساحة الباقية للإراحة. ومع ذلك، فالمزارعون لا يعملون بهذه التوصية لبعض الأسباب العملية. ومن هذه الأسباب شح الأمطار في بداية الموسم مما لا يسمح بزراعة السمسم؛ وقلة أصناف السمسم المستولدة التي تقاوم الجفاف. كما أن تزامن زراعة محصولي الصمغ والسمسم في مساحات متساوية يجعل حصاد الصمغ صعبا ومكلفا. ولذلك يميل المزارعون إلى زراعة معظم المساحة صمغا سنة بعد سنة مما يفضي إلى انخفاض حصيلة الإنتاجية. وسيساعد استخدام الري التكميلي في الدورة الزراعية على زراعة المحاصيل في الوقت المناسب. ومن الضروري كذلك القيام ببيان عملي ميداني لإثبات أن استخدام أصناف مستولدة ذات سيقان قصيرة ونضوج مبكر وإنتاجية أعلى وقدرة على مقاومة الجفاف، علاوة على الزراعة في الوقت الأمثل واتباع الدورة الزراعية ستفضي كلها إلى زيادة الحصيلة الإنتاجية. ومن الضروري كذلك إجراء المزيد من البحث في هذا المجال.

3-6 إدارة إمدادات المياه
        تعتبر إدارة إمدادات المياه من العوامل الهامة لتخصيص المياه وإدارتها منذ بداية القرن العشرين. ولا تزال هذه المسألة هي خيار بعض بلدان المنطقة دون الإقليمية لزيادة قدراتها التخزينية ببناء السدود. وتحد من قدرة هذه البلدان على تعبئة موارد مائية إضافية عن طريق إدارة إمدادات المياه إمكاناتها المحدودة في مجال تعبئة الموارد المعقدة الضرورية لتخزين المياه وتوزيعها واستخدامها بفعالية في بيئة صعبة، فضلاً عن الاستثمار الاقتصادي الهائل المطلوب في هذا المجال.

        ومن ناحية أخرى تزخر أجزاء كبيرة في معظم بلدان المنطقة دون الإقليمية بالمياه الجوفية. وتخضع هذه المياه إلى حد كبير إلى التكوينات الجيولوجية؛ كما تتأثر إلى حد ما بوجود عوامل التغذية. وينبغي العمل على مزيد من تطوير هذا الجانب.

3-7 التوسع   في المساحات المروية :
        توجد أراضي واسعة قابلة للري في السبعة بلدان في المنطقة دون الإقليمية كما يوضح الجدول 3-3 . ويتسم الري في الوقت الحاضر بأهمية قصوى في المنطقة دون الإقليمية. وتقدر مساحة الأراضي التي يمكن ريها في المنطقة دون الإقليمية بحوالي 3.2 مليون هكتار. وتوجد أكبر نسبة من الأراضي غير المروية في مصر (37 في المائة)، ثم السودان (26 في المائة)، والمغرب (12 في المائة). ولذلك لا تزال هناك فرص للتوسع في المساحات المروية في المنطقة دون الإقليمية.


الجدول 3-3: إمكانية الري في مختلف بلدان المنطقة دون الإقليمية لشمال أفريقيا
المساحة القابلة للري
X
( 1000 هكتار)
النسبة المروية
X
( 1000 هكتار)
إمكانيات الري
X
( 1000 هكتار)
السنة
البلد
178
68,4
562
1991
تونس
174
67,1
720
1992
الجزائر
280
62,7
750
1990
ليبيا
828
69,9
2784
1995
السودان
1188
72,2
4435
1992
مصر
295
76,1
165,2
1989
المغرب
121
28,9
170
1994
موريتانيا
3174

12,85

المنطقة دون الإقليمية لشمال أفريقيا


3-8 زيادة إنتاجية استخدام المياه
        تركزت المحاولات الأولية في مجال الإدارة الفعالة للموارد المائية على التدابير التقنية لحفظ المياه (تحسين فعالية الاستخدام النهائي). والهدف من ذلك هو زيادة كمية المياه المتاحة بزيادة فائدة استخدام نفس الكمية   عن طريق الري الملائم، واستخدام المعدات الأكثر فعالية، وتحسين نظم توزيع المياه عن طريق التسرب. ومن أجل تنفيذ التدابير الرامية إلى تحقيق الفعالية، ينبغي أن توضع أولا حوافز اقتصادية، يفضل أن تكون قائمة على نظام السوق. وتلقى هياكل دعم تكلفة المياه التي لا تستغل استغلالا حسنا النقد، ويقترح بدلا عنها تسعير المياه على نحو صحيح. ومن المنطقي أن تظهر طائفة جديدة كاملة من تدابير الفعالية، نظرا للتركيز على الحوافز الاقتصادية. وبدلا من مجرد مناقشة وسيلة محاربة مفهوم الموارد المائية الغير محدودة، فقد بدأت تظهر مسألة إيجاد أفضل طرق الاستفادة من الاستخدام الاقتصادي لهذه الموارد. ومن بين الأسباب الرئيسية لفعالية التخصيص أن الزراعة تتطلب في المتوسط أكبر جزء من الموارد المائية في حين أن حصتها في الناتج الاقتصادي أقل بكثير مما تستهلك في كثير من الأحيان. ومن التناقضات أيضا أن الكثيرين يعتبرون المياه، وهي أحد عوامل الإنتاج، من الموارد الطبيعية المجانية والغير قابلة للتسويق؛ وأن قيمة المياه تكون فقط على أساس استرداد قيمة الكلفة.

3-9 استخدام المياه المالحة للري
        ليست الزراعة المروية   هي مصدر الإنتاج الرئيسي فحسب، بل هي المصدر الوحيد لإنتاج المحاصيل في العديد من المناطق الجافة. ومن أجل دعم زراعة دائمة ومستديمة في هذه المناطق، لا مفر من استخدام نوعية المياه الرديئة الموجودة للري. ولبلوغ هذا الهدف يتعين بذل جهود كبيرة للتغلب على المشاكل المرتبطة بالمياه المالحة أو التعايش معها على الأقل. وقد مارست العديد من المناطق في العالم استخدام المياه المالحة للإنتاج الزراعي لفترة طويلة ومستمرة. وقد أشار الجبالي إلى أن المزارعين في شمال أفريقيا استخدموا المياه الجوفية التي تحتوي على مواد صلبة مذابة تبلغ نسبتها 7000 جزء في المليون للري في المناطق الرملية منذ أكثر من 2000 عام دون إحداث ملوحة بدرجة كبيرة في التربة. ويوضح الجدولان 3-4 و3-5 من الملحق الأول -3 بعض نتائج البحوث التي أجريت في أنحاء العالم وبعض تجارب المزارعين.

3-10 استراتيجيات منع الجفاف والتخفيف من آثاره
تهدف هذه الإستراتيجيات إلى ما يلي :
§ إدارة ومكافحة الجفاف، فضلا عن الكوارث الأخرى المصاحبة له عن طريق جملة أمور من بينها : تخصيص المياه، وإعادة توزيعها، ونقلها، وتخزينها بطريقة فعالة، واستخدام الموارد المائية على نحو فعال، وجمع مياه الأمطار، وتنمية موارد مائية غير تقليدية ؛
§  وضع توازن مائي/نماذج جفاف طويلة الأجل مع وضع سيناريوهات مختلفة تشمل العمليات الضرورية مثل نقل المياه فيما بين الأحواض من جملة أمور ؛
§دعم التخطيط المنسق لمكافحة الجفاف بما في ذلك التدابير الطويلة الأجل لتخصيص المياه وحفظها، علاوة على إجراءات الإصلاح في سياق إدارة مستجمعات المياه ؛
§ اقتراح منهجيات خاصة بتدابير الطوارئ، ووضع قواعد بيانات، ونشر مواد إرشادية مستكملة فيما بين بلدان المنطقة دون الإقليمية.
§دعم مشاركة المجتمعات المحلية، وزيادة الوعي الجماهيري في مجال إدارة الجفاف.

وفيما يلي المبادئ الإستراتيجية الرئيسية لمكافحة الجفاف و/أو التخفيف من آثاره في المنطقة دون الإقليمية لشمال أفريقيا:
· تشجيع استخدام تقنيات جمع المياه وإنشاء الخزانات للاستفادة من مياه الفيضانات؛
· زيادة فعالية استخدام المياه في الزراعة؛
· تنمية موارد مائية غير تقليدية؛
· وضع تدابير لإدارة مناطق مستجمعات المياه؛
·دعم مشاركة المجتمعات المحلية وزيادة الوعي الجماهيري؛
· إنشاء قواعد بيانات واستكمال المعلومات بشأن الموارد المائية؛
·تعزيز التعاون فيما بين بلدان المنطقة دون الإقليمية؛
·خلق بيئة مواتية تحفز استثمار القطاع الخاص في تنمية الموارد المائية، ولا سيما في قطاع الزراعة؛
· تشجيع البحث الموجه إلى تطوير تقنيات جمع مياه المنخفضة التكلفة واتخاذ تدابير أخرى لمكافحة الجفاف؛
· إنشاء مؤسسات ملائمة و/أو إجراء إصلاحات على المؤسسات القائمة نظرا لأنها أدوات أساسية ضرورية لاستدامة الموارد المائية.


الجزء الثاني : إعادة استخدام المياه المستعملة في شمال أفريقيا:   الحالة الراهنة والمستقبل

الفصل الأول

خصائص المياه المستعملة وعمليات معالجتها

1-1 خصائص المياه المستعملة
        تصنف خصائص المياه المستعملة بصفة عامة إلى خصائص طبيعية وكيمائية وبيولوجية، وذلك حسب نوع الاختبار الذي يتبع لقياس هذه الخصائص. ويتراوح التحليل من الاختبارات الكمية الخاصة جدا التي غالبا ما تطبق على المواد الكيمائية إلى مجموعة الاختبارات العامة التي تطبق على الأصناف البيولوجية.

        1-1-1 الخصائص الطبيعية
        تسمى خصائص الماء العديدة التي تميزها الحواس الطبيعية بخصائص الماء الطبيعية. وأهم الخصائص الطبيعية للمياه المستعملة هي نسبة المواد الصلبة، نظرا لأنها تؤثر على شكل الماء وصفائه ولونه. والمعايير الطبيعية الأخرى هي درجة الحرارة والرائحة التي تنجم إلى حد كبير عن مستويات خط الأساس للمنطقة الجغرافية والتي لا يمسها عادة التغيير في مصنع معالجة المياه المستعملة.

        المواد الصلبة
        المواد الصلبة الكلية في عينة من المياه هي ما يترسب عند تبخر الماء عند درجة 103-105 درجة مئوية. وستختفي أية مركبات ذات درجة غليان منخفضة أثناء هذا الاختبار. وتتكون المواد الصلبة الكلية من مادة قابلة للترسب عندما تكون معلقة أو مذابة. وتُجرى الاختبارات التحليلية لفصل جزيئات المادة الصلبة الكلية العالقة في كل منطقة.


        1-1-2 الخصائص الكيمائية
        يمكن للخصائص الكيمائية للمياه المستعملة أن تحدث أثرا سيئاً في البيئة من عدة نواحي. فالمواد العضوية القابلة للذوبان يمكن أن تستنفذ الأكسجين في الأنهار وأن تغير طعم الماء ورائحته ، والمواد السمية يمكن أن تؤثر في سلسلة الغذاء فضلا عن آثارها السيئة في الصحة العامة. ويمكن أن تؤدي المغذيات إلى إشباع البحيرات. ومع أن بعض الاختبارات الكيميائية ذات طابع محدد، فقد أثبت العديد منها بعض التصنيفات العامة نتيجة لتنوع المركبات الموجودة في المياه المستعملة.

المواد العضوية : الفئات الرئيسية من المواد العضوية القابلة للتحلل الإحيائي في المياه المستعملة هي البروتينيات، والكربوهيدرات، واللبيدات (الدهنيات).

اختبار الحاجة الكيميائية الحيوية للأكسجين : عادة ما يستخدم كمقياس غير مباشر للمواد العضوية. وترتبط الحاجة الكيميائية الحيوية للأكسجين للمياه المستعملة بكمية الأكسجين التي يتعين ضخها في المياه المستعملة بواسطة أجهزة الإشباع بالهواء أثناء المعالجة الثانية أو بواسطة التهوية الطبيعية للمياه.

وللتغلب على بعض نواحي قصور اختبار الحاجة الكيميائية الحيوية للأكسجين، يجري اختبار الحاجة الكيمائية للأكسجين بأخذ عينة من المياه مع كرومات البوتاسيوم وتركها لمدة ساعتين أو ثلاث ثم قياس تركيز الكرومات.

النتروجين: يولى المزيد من الاهتمام إلى النتروجين والفوسفور على حد سواء لأن مركباتهما تشجع نمو طحالب ونباتات مائية غير مرغوب فيها.

الفوسفور : ينفذ الفوسفور إلى الماء بواسطة الإفرازات البشرية، وبصفة رئيسية عن طريق البول والمركبات الفوسفاتية المستخدمة كمواد تدخل في تركيب المنظفات.

الغازات : الأكسجين هو أهم الغازات الموجودة في الماء. والأكسجين المذاب في الماء عنصر هام للتنفس بالنسبة للكائنات المجهرية وغيرها من أشكال الحياة.


1-1-3 الخصائص البيولوجية
        فيما يلي الكائنات المجهرية الهامة :
البكتيريا: وهي كائن مجهري ذو خلية واحدة تنفذ إليها المواد العضوية لتصبح قابلة للاستهلاك كغذاء. وإذا زادت كمية الطعام والمغذيات إلى حد مفرط، تتكاثر البكتيريا بسرعة حتى ينضب مصدر الطعام.

الفطريات: الفطريات عنصر هام لتنقية المياه، لأنها مثل البكتيريا تحدث التغيرات الكيمائية في خلايا المواد العضوية المذابة في الماء. والفطريات لا تتميز بخاصية التمثيل الضوئي؛ ويمكن أن تنمو في مناطق رطبة، وفي محاليل ذات درجة حموضة منخفضة حيث لا تستطيع البكتيريا أن تعيش.

الطحالب : تختلف الطحالب عن البكتيريا والفطريات من حيث قدرتها على التمثيل الضوئي، وتوليد الأكسجين أثناء نموها. وتصنف الطحالب حسب لون ما تحتويه من مادة صبغ الأنسجة. وطحالب المياه العذبة تكون عادة خضراء وقادرة على الحركة، وخضراء مائلة للاصفرار، أو اللون الذهبي والأسمر، أو خضراء مائلة إلى الزرقة.

الكائنات الأولية ( Protazoo ) : الكائنات الأولية هي العضو الوحيد في المجموعة الحيوانية لمملكة الكائنات وحيدة الخلية الموجودة في المياه. وهي موجودة في جميع أنواع المياه السطحية والتربة. ويتفاوت حجمها بدرجة كبيرة، إذ يتراوح من حجم يمكن مقارنته بحجم البكتيريا إلى حجم يصل إلى مئات أمثال حجم البكتيريا.

الحيوانات الدولابية المجهرية المائية والقشريات ( Rotifers and crustaaceans ) : الحيوانات الدولابية المجهرية المائية هي كائنات هوائية متعددة الخلايا وتتغذى على البكتيريا بشكل أساسي.

الفيروسات : الفيروسات هي جسيمات طفيلية صغيرة ليست خليوية، بمعنى أن ليس لها نواة أو غشاء أو حائط خلية. وهي تتكاثر فقط في الخلايا الحية وتكون خامدة تماما خارج الخلايا الحية.

1-2 عمليات معالجة المياه المستعملة
        الأهداف الرئيسية لعمليات معالجة المياه المستعملة بالطرق التقليدية هي تخفيض الحاجة الكيمائية الحيوية للأكسجين والمواد الصلبة المعلقة، والكائنات المسببة للأمراض. علاوة على ذلك، ربما يكون من الضروري إزالة المغذيات، والمركبات السمية، والمركبات الغير قابلة للتحلل الإحيائي، والمواد الصلبة المذابة في الماء. ونظرا لأن معظم الملوثات توحد في المياه الأقل تركيزا، يتعين أن تكون عمليات المعالجة قادرة على العمل بفعالية في الأنهار الأقل تركيزا.

        وتستخدم العديد من العمليات لتنقية المياه قبل تصريفها في البيئة. ويشمل الجدول 1-1 في الملحق الثاني 1 قائمة جزئية لهذه العمليات وأهدافها. وستناقش هذه العمليات بإيجاز لتوضيح مكانها المناسب في العمليات الشاملة لمحطات معالجة المياه.

        وتنقسم عمليات معالجة المياه بالطرق التقليدية في كثير من الأحيان إلى معالجة تمهيدية ومعالجة أولية، ومعالجة ثانوية ومرحلة معالجة ثالثة، ثم مرحلة التخلص من الرواسب الطينية ( Sludge disposal ). ويوضح الشكل 1-1 في الملحق الثاني -1 العديد من العمليات المعتادة ولكن   وفقا لتصنيفات عديدة وشاملة. فالمياه المستعملة تدخل من الجانب الأيسر المبين في الشكل ثم تخضع للعمليات الضرورية للحصول على نوعية المياه المطلوبة.

        1-2-1 المعالجة التمهيدية والمعالجة الأولية
        تستخدم العمليات أثناء المعالجة التمهيدية لعزل المواد الصلبة الخشنة وتقليل حجمها، وفصل الدهون الطافية، ومساواة التقلبات في تدفق المياه أو درجة تركيزها عن طريق التخزين القصير الأجل. أما المعالجة الأولية فترمي عادة إلى إزالة المواد الصلبة المعلقة عن طريق الترسيب أو الطفو.

        والترسب هو أكثر عمليات المعالجة الأولية المستخدمة بصورة واسعة في الوقت الحالي. ففي وحدة الترسب تترك الجسيمات الصلبة لتترسب إلى قاع الصهريج في سكون تام. ويمكن إضافة مواد كيمائية أثناء المعالجة الأولية لعزل البخار أو زيادة معدل إزالة الجسيمات الصلبة الصغيرة المعلقة. وتخفيض المواد الصلبة في المرحلة الأولى يقلل من الاحتياجات للأكسجين في المرحلة البيولوجية اللاحقة، ويقلل أيضا من كميات المواد الصلبة في الصهريج المستعمل في مرحلة الترسب الثانية.

        1-2-2 المعالجة الثانوية
        تشتمل المعالجة الثانوية عادة على عملية بيولوجية لإزالة المواد العضوية عن طريق الأكسدة الكيمائية الحيوية. وتعتمد العملية البيولوجية التي يتم اختيارها على عوامل من قبيل كمية المياه المستعملة، ومعدل التحلل الإحيائي، ووفرة الأرض. وتعتبر مفاعلات الحمأة المنشطة ومصافي الرشح من أكثر العمليات الإحيائية المستخدمة على نطاق واسع.

        في عملية الحمأة المنشطة ( Activated sludge process ) يصب الماء في صهريج معزول حيث تستطيع الكائنات المجهرية أن تستهلك الفضلات العضوية التي تساعد على بقاء الخلايا الموجودة وخلق خلايا جديدة. وتترسب الكتلة الجرثومية الناجمة عن ذلك (الحمأة المنشطة) في حوض ترسب يسمى مصفاة أو مكثف. وغالبا ما يعاد تدوير جزء من الكتلة الإحيائية في المفاعل لتحسين أدائها عن طريق المزيد من تركيز الخلايا. أما مصافي الرشح فتتكون من قاعدة مغطاة بالصخور وهياكل بلاستيكية أو وسائل أخرى بحيث تسمح بنمو طبقة جرثومية على سطح الغطاء. ويتم التخلص من هذا الغطاء بفعل النمو الإحيائي المفرط ثم الترسب في المصفاة.

        يوضح الشكل 1-2 من الملحق الثاني -1 بيان تدفق نموذجي في محطة لمعالجة المياه بواسطة الحمأة المنشطة. وتشمل عمليات المحطة الترسيب الأولى بغية إزالة المواد الصلبة، علاوة على إضافة الكلور للتقليل من مسببات الأمراض في النفايات السائلة.

        1-2-3 المرحلة الثالثة من المعالجة
        يتطلب الكثير من معايير الفضلات السائلة معالجة ثالثة أو معالجة متقدمة للمياه المستعملة لإزالة ملوثات محددة، أو لإعداد المياه للاستخدام مرة أخرى. وتشمل بعض عمليات المرحلة الثالثة   من المعالجة المعتادة إزالة مركبات الفسفور عن طريق تخثيرها بالمواد الكيمائية، وإزالة مركبات النتروجين بعزل غاز النشادر عن طريق الهواء، وبواسطة إضافة ونزع النترات في المفاعل الإحيائي، وإزالة الترسبات العضوية والمركبات الصبغية بواسطة الإمتزاز بالكربون المنشط، وإزالة المواد الصلبة المذابة بواسطة العمليات الغشائية (التناضح وفصل المواد باستخدام التيار الكهربائي) ( Reverse asmosis and electrodi-alysis ). وفي معظم الأحيان تعالج مياه الفضلات بالكلورين أو الأوزون للقضاء على الكائنات الناقلة للأمراض قبل تصريفها في المياه التي تستقبل هذه الفضلات.

        وفي البداية تعالج المياه الداخلة بواسطة الطريقتين التقليديتين، أي الطريقة الأولية والطريقة الثانوية لإزالة معظم المواد الصلبة المترسبة والمواد العضوية القابلة للذوبان. وتشمل الخطوات المتبعة في المرحلة الثالثة من المعالجة إزالة الفوسفات عن طريق الترشيح من القاعدة الحببية، وإزالة المواد العضوية المترسبة عن طريق الكربون المنشط، والتطهير بواسطة الكلورين. وتُحرق رواسب فضلات المجاري ويعاد توليد حبيبات الكربون بواسطة الحرارة لتستخدم مجددا، كما يعاد تكليس الراسب الجيري أيضا لاستخدامه مرة أخرى.
       
        1-2-4 المعالجة بطريقة الفيزياء الكيمائية ( Physical-chemical Treatment )
        عمليات المعالجة بطريقة الفيزياء الكيمائية هي بدائل لعمليات المعالجة الإحيائية. وتشمل العمليات الرئيسية في محطة معالجة المياه بطريقة الفيزياء الكيمائية الخنثرة الكيمائية، والإمتزاز بالكربون المنشط والترشيح. وتترسب المواد الصلبة والفوسفات في وعاء ترسب بعد أن تضاف إليها المواد الكيمائية الملائمة مثل حجر الشب وكلوريد الحديد أو الحجر الجيري. وتستخلص المواد العضوية المذابة الأخرى عن طريق عملية الإمتزاز بالكربون المنشط كما يستخدم الترشيح لإزالة ما تبقى من مواد صلبة معلقة. ويمكن أن تقوم طبقة حبيبات الكربون بوظيفة مزدوجة تتمثل في امتصاص المواد العضوية وفرز المواد الصلبة وعزلها إلى الخارج. وعادة ما تطبق المعالجة بطريقة الفيزياء الكيمائية على الفضلات التي تحتوي على مواد سمية أو مركبات غير قابلة للتحلل الإحيائي ولا يمكن معالجتها عن طريق المعالجة الإحيائية. ويوضح الشكل 1-3 من الملحق الثاني 1 بيان تدفق نموذجي لطريقة الفيزياء الكيميائية.

        1-2-5 التخلص من الرواسب الطينية (الحمأة) ( Sludge Disposal )
        تنجم عن عمليات معالجة المياه المستعملة كميات كبيرة من الرواسب المكونة من المواد الصلبة المعلقة التي تحتويها الأغذية والكتلة الإحيائية والتي تفرزها العمليات الإحيائية وتترسب بفعل ما يضاف من مواد كيمائية. ويحتوي الجدول 1-2 في الملحق الثاني 1 على قائمة ببعض العمليات الشائعة للتخلص من الحمأة. ويعتمد اختيار نوع معالجة الحمأة على طبيعة الرواسب والعوامل البيئية والخيارات النهائية لعملية التخلص من الحمأة.

        أما عمليات التركيز، مثل الفصل بالجاذبية أو التكثيف بالطفو فهي تزيد من تركيز المواد الصلبة وتقلل من حجم الحمأة بقدر كبير. وعمليات توازن خصائص المواد مثل التخمير المعزول تحول الرواسب الطينية إلى شكل أقل رائحة وأقل قابلية للتحلل الإحيائي ويحتوي على نسبة أقل من الكائنات المسببة للأمراض.

        ويوضح الشكل 1-4 في الملحق الثاني-1 بيان تدفق نموذجي للتخلص من فضلات الحمأة. وتزيد عملية تكييف الرواسب الطينية بواسطة المواد الكيمائية أو الحرارة من معدلات نزح المياه. ففي عمليات نزح المياه ينخفض محتوى الماء في الرواسب الطينية إلى مستوى يمكن من معالجتها كمواد صلبة خامدة. وأكثر طرق نزح المياه شيوعا هي الترشيح الخوائي، وعملية الطرد من المركز، والقاعدة الرملية. أما العمليات الحرارية مثل التجفيف بواسطة الحرارة، والحرق، فتستخدم إما للرواسب الطينية الجافة أو لأكسدة المحتويات من المواد العضوية. وينبغي التخلص من بواقي الرواسب الطينية والرماد بعد عمليات معالجة الرواسب الطينية بالرمي في المحيط أو في مواقع برية. ومن بين الخيارات النهائية للتخلص من هذه الرواسب برميها في المواقع البرية هناك مدافن القمامة أو استخدام هذه الرواسب في استصلاح الأراضي أو تسميد المحاصيل.


1-3 القيمة الغذائية للمياه المستعملة والمبادئ التوجيهية الخاصة بنوعية المياه المستعملة المستخدمة في الزراعة

        1-3-1 مزايا استخدام المياه المستعملة
        من شأن إعـادة استخدام المياه المستعملة بدلا من التخلص منها أن يحسن البيئة للأسباب التالية:
·         تجنب التصريف في المياه السطحية، ومن ثم منع الظروف المؤدية إلى انعدام الهواء في الأنهار وإشباع البحيرات والخزانات بالمغذيات. ويتيح حفظ الموارد المائية ضمان إمدادات المياه، وتوفير أماكن الاستجمام؛
· توفير موارد المياه الجوفية في المناطق التي يؤدى فيها الاستخدام المفرط للمياه إلى استنفاذ منسوب المياه وزيادة تسرب الأملاح؛
·المساعدة في مكافحة العواصف الترابية والتصحر في المناطق الجافة بواسطة الري وتسميد الأحزمة الشجرية وكذلك المساعدة في مكافحة تدهور البيئة الناجم عن زيادة الطلب على الوقود؛
·تحسين الأحوال في المناطق الحضرية، وزيادة الأنشطة في أماكن الاستجمام عن طريق زراعة وتسميد مساحات خضراء مثل الحدائق والمنتزهات والمرافق الرياضية.

        تستخدم المياه المستعملة لري الأراضي الزراعية على نطاق العالم كنظام لاستصلاح الأراضي ونظام للري منذ أكثر من ثلاثة قرون. غير أنه لا ينبغي اعتبار النهجين متساويين من حيث المفهوم والتصميم الهندسي وبلوغ الأهداف النهائية. ففي حين أن استصلاح الأراضي يتطلب استخدام سطح ومصفوفة التربة والنباتات من أجل معالجة المياه المستعملة إلى درجة ما، فإن الري بواسطة المياه المستعملة يمكن أن يزود المحاصيل الزراعية بالمغذيات المائية والمواد العضوية.

        1-3-2 المغذيـات
        تحتوي المواد الصلبة المعلقة والغرائية والمذابة الموجودة في المياه المستعملة على مغذيات جزئية وكلية ذات فائدة لتغذية المحاصيل. غير أن المحتوى الغذائي للمياه المستعملة قد يزيد على احتياجات النبات؛ وقد يكون أيضا مصدرا محتملا لتلوث المياه الجوفية، ومن ثم سببا في حدوث مشاكل تتعلق بالنمو المفرط للنباتات، وتأخير فترة النضوج، أو الإخلال بها، أو تدني نوعية المحاصيل المروية.

        وتشمل المغذيات الموجودة في المياه المستعملة بكميات ذات أهمية للزراعة وإدارة المناظر الطبيعية على النتروجين والفسفور والبوتاسيوم من وقت لآخر. ويمكن أن نجد أيضا مغذيات جزئية وكلية. وبالإضافة إلى أثر المواد العضوية الموجودة في المياه المستعملة في خصوبة التربة على المدى البعيد، فإنها تسهم أيضا في تثبيت التربة وتحديد قوامها.

        وقد يتفاوت تركيز النتروجين والفوسفور في المياه المستعملة التي تخضع للمعالجة الثانوية وفقا لمصدر المياه المستعملة وعملية معالجتها. ففي محطات المعالجة التقليدية، يكون معدل تركيز النتروجين والفوسفور عادة أعلى مقارنة بالبرك الاصطناعية المعرضة للهواء وبرك الأكسدة. وبصورة عامة تنخفض نسب النتروجين والفوسفور أثناء المعالجة، بينما يبقى البوتاسيوم تقريبا على مستويات نجدها في المياه المستعلمة غير المعالجة.

        يوضح الجدول 1-3 أدناه كميات النتروجين والفوسفور والبوتاسيوم في كل هكتار؛ لكمية 1000 ملم من المياه المستعملة التي تستخدم عادة في الري.

الجدول 1-3 : كميات بعض المغذيات في المياه المستعملة
       بوتاسيوم
          فوسفور
       نتروجين
البند                                         
30
300
10
100
40
400
تركيز المادة المغذية -جرام/متر 3
كل 10,000 متر 3/هكتار وبالكيلوجرام لكل هكتار

        من الواضح أن كمية المغذيات تعتمد على الكمية الكلية للمياه المستخدمة. ومن أجل تحقيق أعلى معدل فعالية للمغذيات، يتعين أن يكون الري على أساس احتياجات المحصول من الماء. كما أن تطبيق نسب الأسمدة الملائمة يوفر كل أو أكثر النتروجين الذي يحتاج إليه عادة عدد من المحاصيل الزراعية علاوة على كمية كبيرة من الفوسفور والبوتاسيوم.

        وفي هذا الشأن، يتعين إيلاء اهتمام خاص إلى كل محصول على حدة لتقدير ما قد يحتاجه من أسمدة تكميلية. وفي بعض الحالات قد توجد في المياه المستعملة مغذيات بكميات أكثر مما هو مطلوب لنمو المحصول على نحو متوازن، الأمر الذي قد يؤدي إلى نمو الأجزاء النباتية للمحصول أكثر مما ينبغي بدلا من نمو الأزهار والبذور. وقد يكون مثل هذا الأمر مشكلة لمحاصيل من قبيل عباد الشمس، والقطن، وبعض الفواكه. ففي حالة وجود مغذيات بكمية مفرطة، يُوصى باستخدام بعض الطرق لمعالجة هذه المشكلة. ومن هذه الطرق استخدام نظام الزراعة الملائم و/أو خلط المياه المستعملة بمياه عذبة لتقليل كمية المغذيات.

        ويوضح الجدول 1-4 من الملحق الثاني-1 المبادئ التوجيهية الخاصة بنوعية المياه.

       
1-4 المعالجة الملائمة للمياه المستعملة وطرق تطبيقها في الزراعة
        1-4-1 طرق معالجة المياه المستعملة
        ينظر إلى طرق المعالجة الآتية من حيث ملاءمتها للمياه المستعملة المستخدمة في الزراعة.

        1-4-1-1 المعالجتان التقليديتان الأولية والثانوية
        تحتوي المياه المستعملة الخام على 710- 910 بكتريا قولونية غائطية/100ملم. ويتضح من الجدولين 1-4 و1-5 في الملحق الثاني-1 أن الطرق التقليدية (الترسب البسيط، والمصفاة الإحيائية والبرك الاصطناعية المعرضة للهواء والحمأة المنشطة وبرك الأكسدة) لا يمكن أن تنتج فضلات تمتثل للمبادئ التوجيهية الجديدة الخاصة بنوعية البكتيريا (أقل من 1000 بكتريا قولونية غائطية/100 ملم).



        1-4-1-2 برك استقرار المياه المستعملة ( Waste water stabilization ponds )
        هذه هي طريقة المعالجة المفضلة في المناطق ذات المناخ الدافئ متى ما توفرت الأرض بسعر معقول. فالبرك المكونة من وحدات معزولة للنمو الاختياري والنضوج مع فترة احتفاظ بالمياه تتراوح بين 10 و50 يوماً إلى (حسب درجة الحرارة) من شأنها إنتاج فضلات سائلة تمتثل للمبادئ التوجيهية المقترحة بشأن النوعية من حيث البكتيريا والديدان الطفيلية. فيرقات الديدان السلكية التي تعيش في مراحل نموها الحر في فضلات برك استقرار المياه لا تشكل خطرا كبيرا على الصحة العامة ولا تسبب الأمراض للإنسان.

        ويوضح الجدول 1-6 في الملحق الثاني-1 مدى نجاح سلسلة البرك في الامتثال للمبادئ التوجيهية المقترحة من حيث البكتيريا القولونية الغائطية وبيض الديدان السلكية. ومن مزايا برك استقرار المياه ما يلي :
·    قلة تكاليف التشييد والتشغيل والصيانة مقارنة بطرق المعالجة الأخرى؛
·    عدم وجود نفقات على الطاقة؛
·    قدرة عالية على امتصاص كميات المواد العضوية والماء؛
·    القدرة على معالجة طائفة كبيرة من الفضلات الصناعية والزراعية.
        1-4-1-3 التطهير
        لم تكن أبدا عملية تطهير المياه المستعملة بإضافة الكلور طريقة ناجحة تماما نظرا لصعوبة الحفاظ على معدل فعالية التطهير على نحو منتظم وقابل للنتبؤ. فالفضلات الناجمة عن طرق معالجة تقليدية متقنة عن طريق إضافة الكلورين بنسبة 10 ملغم/1 (حسب تركيز المواد العضوية)، وفترة تفاعل تتراوح بين 20   و 60 دقيقة تقل فيها بقدر كبير كمية البكتيريا التي يتم فرزها، ولكن لا تنجح هذه الطريقة في إزالة الديدان الطفيلية والكائنات وحيدة الخلية.

        ونظرا لتعقيدات التشغيل والصيانة والتكلفة العالية وعدم القابلية للاستمرار، فإنه لا يوصى باتباع طريقة تطهير المياه المستعملة في البلدان النامية. وإذا كانت هناك طرق أكثر موثوقية لمعالجة المياه، مثل برك استقرار المياه يمكن أن تنجم عنها فضلات تمتثل للمبادئ التوجيهية المقترحة، فليس هناك حاجة لاستخدام طريقة تطهير المياه.

        1-4-1-4 خزانات حفظ المياه
        نظرا لأن الطلب على الري يتركز عادة في موسم الجفاف، يمكن حفظ المياه المستعملة في خزانات كبيرة من أجل معالجتها لاحقا، ولا سيما بهدف تقليل كمية البكتيريا والديدان الطفيلية. وتستخدم مثل هذه الخزانات في المكسيك وإسرائيل. ولا توجد في الوقت الحاضر بيانات ميدانية كافية بشأن أداء هذه الخزانات لاقتراح طريقة تصميم ناجعة. ولكن من الواضح أنه يمكن زيادة معدل إزالة الجراثيم الناقلة للأمراض بتقسيم الخزانات إلى مقصورات مرتبطة بعضها ببعض على نحو تسلسلي. وكلما زاد عدد المقصورات وطالت المدة الأدنى لاحتجاز المياه كلما زادت فعالية إزالة الجراثيم الناقلة للأمراض. وربما يكون من الملائم التوصية بأن تكون الفترة الأدنى لاحتجاز المياه 10 أيام خلال موسم الري مع افتراض انخفاض كمية البكتيريا القولونية الغائطين وبيض الديدان الطفيلية بنسبة 2 لوغ/10 وحدات. ومن ثم، فإن الفضلات التي تصرف في الخزان لا ينبغي أن تحتوي على أكثر من 100 بيضة/1. وإذا كانت هذه الفضلات ستستخدم للري دون قيد، فلا ينبغي أن تحتوي على أكثر من 000 100 بكتيريا قولونية غائطية/100ملغرام أثناء موسم الري.


        1-4-1-5 المرحلة الثالثة من معالجة المياه المستعملة
        استحدثت طرق المرحلة الثالثة من معالجة المياه أصلا لتحسين نوعية طرق المعالجة الثانوية (الحمأة المنشطة أو مصافي الرشح). أما الآليات الرامية إلى تحسين طريقة الفيزياء الكيمائية (الترشيح السريع بواسطة الرمال وإضافة النتروجين وإزالته) فأثرها محدود جدا أو معدوم فيما يتعلق بالبكتريا المفرزة. غير أن بعض الوسائل الأخرى (مثل الترشيح) ربما تزيل الديدان الطفيلية. ويتعين إجراء المزيد من البحث لتوفير بيانات موثوقة بشأن التصميم المناسب. غير أن هذه الطرق عادة ما تكون معقدة وعالية التكلفة؛ ولذلك لا يوصى باستخدامها في البلدان النامية لإنتاج فضلات مياه ملائمة لري المحاصيل.


        1-4-1-6 معالجة الحمأة Sludge Treatment) )
        تحتوي الحمأة (أي الرواسب الطينية)، في وحدات الترسيب الخاصة بطرق معالجة المياه المستعملة، على نسبة تركيز عالية من الجراثيم الناقلة للأمراض بما فيها بويضات الديدان الطفيلية التي ربما تظل قابلة للحياة إلى مدة عام. وليست هناك حاجة للمعالجة إذا توفرت المياه بواسطة الحقن تحت السطح، أو إذا حفظت في خنادق قبل بداية موسم الزراعة. ويمكن بحث وسائل معالجة المياه التالية للاستفادة منها في طرق أخرى لاستخدام المياه لاستصلاح الأراضي :
· التخزين لفترة 6-12 شهرا في درجات حرارة الجو المحيط في المناخ الحار؛
· أثبتت طريقة نباتات التخمير المعزول المستخدمة في درجات حرارة أقل من المتوسط القدرة على إزالة بيض الديدان الطفيلية بنسبة 90-95 في المائة. أما نسبة إزالة الديدان الشريطية فلم تتجاوز نسبة 30-40 في المائة. والتخمير الحراري على دفعات بدرجة حرارة تبلغ 50 درجة مئوية ولمدة 13 يوما يجعل جميع أنواع الجراثيم الناقلة للأمراض خامدة. والهضم على دفعات ضروري لتجنب تقصير دورة هذه الجراثيم.
· مزج الرواسب الطينية بالفضلات المنزلية الصلبة أو بأي عامل آخر مضخم للمواد العضوية في درجات حرارة الجو المحيط ينتج خليطا مستقرا لا يحتوي على الجراثيم الناقلة للأمراض. وينبغي أن تمتثل المياه المستعملة المستخدمة في تربية المائيات (النباتات المائية أو تربية الأسماك) للمبادئ التوجيهية المقترحة الخاصة بالنوعية بالنسبة لكمية بيض الديدان الطفيلية في اللتر الواحد وكمية البكتريا القولونية الغائطية في كل 100 مليمتر. ويمكن تحقيق ذلك بواسطة نظام برك استقرار المياه المصمم على نحو سليم.

        1-4-2 استخدام المياه المستعملة في الزراعة

        1-4-2-1 اختيار المحصول
        يمكن تصنيف المحاصيل إلى فئتين عريضتين وفقا للمجموعات المعنية وحسب الضرورة لاتخاذ تدابير حماية صحية.

        الفئة ألف: ضرورة حماية المستهلكين والعمال الزراعيين وعامة الجمهور. وهنا تشمل المحاصيل تلك التي يمكن أن تؤكل دون طهي. ويعني ذلك حماية الفواكه التي تروى بالرش وميادين الرياضة والمنتزهات العامة و المروج.

        الفئة باء: ضرورة حماية العمال الزراعيين وحدهم. وتشمل القيود المحاصيل الحبوبية، والمحاصيل الصناعية (مثل القطن والليف)، والمحاصيل الغذائية المعدة للتعليب، ومحاصيل العلف والمراعي والأشجار. وربما تشمل هذه الفئة بعض الخضر إذا كانت تؤكل دون طهي (مثل البطاطس)، أو إذا كانت تنمو على ارتفاع كبير من سطح الأرض (أصناف الفلفل الحار والطماطم والفاصوليا الخضراء). ومن الضروري ضمان أن تلوث المحصول غير ناجم عن الري بالرش أو نتيجة لسقوط الثمار على الأرض، وأن ما يحدث من تلوث في المطبخ بسبب هذه المحاصيل قبل طهيها لا يمثل خطرا صحيا.

        ولحصر المحاصيل في الفئة باء ينبغي ما يلي :
   ·قانون ملزم للمجتمع أو العمل على نفاذ القوانين بصرامة؛
   · هيئة عامة لمراقبة تخصيص النفايات؛
   · مشروع ري يخضع لإدارة مركزية قوية؛
  ·طلب كاف على المحاصيل المسموح بها وفقا للقيود على المحاصيل وتحديد الأسعار المناسبة؛
   · الحد من ضغط السوق لصالح المحاصيل المستبعدة (الفئة ألف).
        أما القيود على المنتجات في مجال زراعة الأحياء والنباتات المائية فليست، واضحة كما هو الحال بالنسبة للمنتجات الزراعية، لأن بعض النباتات المائية والأسماك تؤكل دون طهي في بعض المناطق. والنهج السليم في هذا الشأن هو تشجيع تربية الأسماك مثل سمك البلطي " Tilapia "   في برك المياه المستعملة لإعداد وجبة سمك كعلف لتغذية الحيوانات أو لتغذية الأسماك ذات القيمة العالية مثل سمك السلور " catfish " ، وسمك رأس الثعبان snakefish" " ، أو القشريات مثل الإربيان " shrimp " أو جراد البحر " crayfish " .

        1- 4 -2-2 استخدام المياه المستعملة
        يمكن ري الأراضي بالطرق الآتية :
 · الغمر بالمياه أو الري الحدودي، ويعني ذلك ترطيب كل سطح الأرض تقريبا؛
 · نظام الأخاديد " furrows " ، ويعني ترطيب جزء من سطح الأرض؛
 · الرش حيث تبتل التربة والمحاصيل بنفس طريقة مياه المطر؛
 · الري الجوفي حيث يبتل سطح الأرض قليلا، إذا ابتل أصلا، بينما تشبع التربة التحتية بالمياه؛
·الري الموقعي (الرش والتقطير والري بالنبع) حيث يرش الماء على كل نبات على حدة وبمعدل قابل للضبط.

        1- 4 -2-3 مراقبة تعرض البشر للمخاطر
        أكثر الناس تعرضا للأخطار المحتلمة لاستخدام المياه المستعملة هم :
     ·العمال الزراعيون في الحقول وأسرهم؛
     · العاملون في شحن وتفريغ المحاصيل؛
     · مستهلكو المحاصيل واللحوم والألبان المنتجة في مزارع مروية بمياه مستعملة؛
      · السكان القاطنون بالقرب من الحقول الملوثة.

        وهناك العديد من وسائل الحماية من التعرض لأخطار المياه المستعملة أو تخفيفها إلى أدنى درجة وذلك حسب الفئة المستهدفة. ويمكن حماية العمال الزراعيين في الحقول وأسرهم عن طريق ما يلي :
· حماية الأقدام بلباس الأحذية للتقليل من الإصابة بدودة الأنسيلوستوما   (hookworm) ؛
· لبس القفازات (بالنسبة للعاملين في شحن وتفريغ المحاصيل بشكل رئيسي)؛
· التثقيف الصحي؛
· الصحة والنظافة الشخصية؛
·التطعيم ضد التايفويد والتهاب الكبد؛
· المعالجة الكيمائية المنتظمة، وبشكل رئيسي في حالة الإصابات الكثيرة بالدودة السلكية لدى الأطفال ومكافحة فقر الدم؛
·توفير مرافق طبية كافية لمعالجة الإصابات بالإسهال.

        ويمكن حماية المستهلكين على النحو التالي :
· طهي الخضر واللحوم وغلي اللبن؛
· الحفاظ على مستويات عالية للصحة الشخصية وصحة الأغذية؛
· حملات التثقيف الصحي؛
· فحص اللحوم (إذا كان هناك خطر الإصابة بالديدان الشريطية)؛
· وقف الري بالمياه المستعملة قبل أسبوعين على الأقل من السماح للماشية بالرعي (إذا كان هناك خطر الإصابة بالديدان الشريطية البقرية)؛
·وقف ري أشجار الفاكهة قبل أسبوعين من جني الثمار؛
· وضع علامات تحذيرية على أطراف الحقول.

        لم يثبت علم الأوبئة بأن الهباء الجوي المتناثر نتيجة للري بالرش يعرض من يسكنون بالقرب من الحقول التي تروى بالمياه المستعملة لمخاطر الإصابة بالجراثيم الناقلة للأمراض. ولكن لوضع هامش سلامة معقول وللحد من انتشار الروائح، ينبغي على الأقل أن تكون المسافة بين المنازل والطرق ونظم الري بالرش حوالي 50- 100 متر.

        بالنسبة لزراعة الأحياء المائية، فإن المجموعات التي قد تتعرض للمخاطر هي :
· عمال زراعة الأحياء المائية العاملون في البرك؛
· العاملون في مجال شحن وتفريغ الأسماك والنباتات المائية؛
·مستهلكو الأسماك والنباتات المائية؛
· الأشخاص الذين يعيشون بالقرب من البرك التي تسمد بالمياه المستعملة.

        والمخاطر أعلى حينما ينتمي العديد من الناس إلى أكثر من مجموعة في نفس الوقت. وتشمل التدابير الوقائية الأساسية ما يلي :

عمال البرك :
· معالجة المياه المستعملة ومكافحة الحلزون؛
· استخدام الأحذية المطاطية والملابس العالية التي لا يتسرب إليها الماء إذا كانت البركة ضحلة؛ وتلقى هذه الممارسة قبول العمال في البرك.
· العلاج الكيميائي في المناطق التي تستوطن فيها الأمراض.

السكان المحليون :
·توفير معلومات بشأن ما كانت البرك تستقبل إفرازات بشرية أم مياه مستعملة؛
· علامات التحذير، وإذا أمكن إقامة سياج حول البركة؛
·توفير إمدادات مياه ومرافق صحية كافية؛
· تجنب استخدام البرك للاستحمام أو التبرز.

العاملون في شحن وتفريغ المنتجات
· لبس القفازات.
· المحافظة على مستوى عال من الصحة الشخصية.


الفصل الثاني
الحالة الراهنة لإنتاج المياه المستعملة وإعادة استخدامها في المنطقة دون الإقليمية لشمال أفريقيا

2-1 معلومات عامة
        أصبحت القضايا المرتبطة بالمياه في المنطقة دون الإقليمية لشمال أفريقيا أكثر أهمية من أي وقت مضى. كما أن المنطقة تقف على مشارف أزمة موارد طبيعية كبيرة. ومنذ نهاية القرن الحادي والعشرين، أصبحت المياه العذبة في حالة حرجة في المنطقة دون الإقليمية. ويعاني الكثير من الناس من شح شديد في المياه، كما يعيش كثيرون منهم في مواجهة خطر الفيضانات أو حالات الجفاف المتكررة. و يتعرض العديد من الموارد الطبيعية للتلوث على نحو أو آخر.
       
        وقد ارتبطت التنمية الاجتماعية-الاقتصادية تاريخياً في المنطقة دون الإقليمية بمواردها المائية. ويتبع نمط توزيع السكان على نحو وثيق نمط توزيع الموارد المائية؛ حيث يعيش السكان بمحاذاة المجاري المائية؛ أو في المناطق ذات الأمطار الكثيرة نسبيا. والزراعة هي في العادة القطاع الأكثر استهلاكاً للمياه. ولكن نظرا للتوسع الحضري السريع في العقود الأخيرة ما برح الاستهلاك المحلي من المياه يزداد بشكل هائل علاوة على الاستهلاك الصناعي للمياه وتوليد الطاقة الكهربائية المائية.

        وتزداد معدلات الاستهلاك المحلي للمياه في المدن الكبيرة في المنطقة دون الإقليمية على نحو لم يسبق له مثيل نظرا للانفجار السكاني بين أهل الحضر. وقد أفضى ذلك إلى كميات كبيرة من فضلات المياه. وتوضح الاتجاهات الدولية أن استصلاح المياه المستعملة لاستخدامها مجددا بدلا من خيار التخلص منها قد أصبح عنصرا هاما في إدارة الموارد المائية.

        ولم يبرز خيار استصلاح المياه المستعملة وإعادة استخدامها بوصفه خياراً واقعياً لإيجاد مصادر جديدة للمياه من أجل سد النقص وتلبية الاحتياجات المتزايدة في بلدان المنطقة دون الإقليمية لشمال أفريقيا فحسب، بل أيضا من أجل الامتثال لنظم التخلص من المياه المستعملة في هذه البلدان بغية حماية البيئة والصحة العامة . وبالإضافة إلى أن استصلاح المياه المستعملة ، وإعادة استخدامها على نطاق المناطق الحضرية ، يعني استخدام الموارد المائية الشحيحة بطريقة فعالة ، فربما يكون أيضاً أكثر الطرق المأمونة والسهلة والفعالة للتخلص من هذه الفضلات .

ويهدف هذا الفصل إلى تسليط الضوء على الحالة الراهنة وعلى آفاق إنتاج المياه المستعملة وإعادة استخدامها في بلدان المنطقة دون الإقليمية لشمال أفريقيا.

2-2 الحالة الراهنة للمياه المستعملة في بلدان المنطقة دون الإقليمية

        2-2-1 الجزائر
        ارتفعت نسبة السكان الذين تتوفر لهم خدمات صرف صحي عن طريق شبكات المجاري من 52.4 في المائة إلى 63.7 في المائة في الفترة 1987-1995. وتتفاوت هذه الزيادة في الخدمات بين المناطق الحضرية والريفية. وقد بلغت هذه النسبة 96.1   في المائة في المناطق الحضرية في عام 1995، بينما لم تتجاوز نسبة 28.4 في المائة فقط في المناطق الريفية.
       
        ويقدر الاستهلاك اليومي من مياه الشرب والمياه المستعملة في الصناعات بحوالي 356 ألف متر مكعب، أي ما يعادل 1.3 بليون متر3 /السنة. وعادة ما يتم التخلص من نسبة 80 في المائة من المياه المستعملة. ولذلك يمكن توفير ما مقداره 600 مليون متر3/السنة بمعالجة المياه المستعملة. ويمكن أن تروي هذه الكمية مساحة 70 ألف هكتار.

        وتوجد في الجزائر 51 محطة لمعالجة فضلات مياه المجاري، ولا سيما في الحواضر والمناطق المحيطة بها. غير أن العديد من هذه المحطات معطل. ونظرياُ يتعين أن تبلغ كمية المياه المعالجة نسبة 22 في المائة من الكمية الكلية للمياه المستعملة. ولكن في الواقع فإن هذه النسبة نادرا ما تزيد على 4 في المائة. ويوجد كذلك حوالي 435 بركة تصفية في   404 بلدية موزعة على 31 مقاطعة في البلد.
       
        ووفقا لدراسة حديثة أجراها طيبي رشيد (1999)، يقدر حجم المياه المستعملة المتوقع بحلول عام 2020 في شمال الجزائر بحوالي 0.978 بليون متر3/السنة. ويوضح الجدول 2-1 في الملحق الثاني-2 حجم المياه المستعملة حسب كل حوض.

        وهذه الكمية التي تقدر بحوالي بليون متر3/السنة يمكن تخزينها في سدود لاستخدامها مباشرة لري قطع الأرض الصغيرة والمتوسطة. وفي العادة تنتج أكبر كميات لفضلات مياه المجاري   في المدن حيث يصعب استخدامها مجددا.

        2-2-2 مصر
        تقدر فضلات مياه المجاري في مصر بحوالي 2.5 بليون متر3/السنة. ويتوقع أن تصل كميتها إلى 5.5 بليون متر3/السنة بحلول عام 2025. وتمثل الكمية الأخيرة 10 في المائة من حصة مصر السنوية من المياه حسب اتفاقية مياه النيل بين مصر والسودان. وقد بدأت الدولة بالفعل في إنشاء محطة لمعالجة المياه بغية إعادة استخدام المياه المعالجة مباشرة في الزراعة أو تصريفها في مجاري مائية دون إلحاق أي ضرر بالبيئة. ونظرا لاستمرار مشكلة شح المياه في مصر، اعتمدت الدولة استراتيجية ترمي إلى زيادة فعالية استخدام المياه بفضل مجموعة من التدابير المختلفة تشمل ما يلي: تحسين شبكات الري الرئيسية، وزيادة فعالية استخدام المياه في المزارع، وجني أكبر فائدة من كل نقطة ماء، وإعادة استخدام المياه المستعملة في بيئة مأمونة. وتخطط وزارة الأشغال العامة والموارد المائية في مصر لاستخدام فضلات مياه المجاري المعالجة لاستصلاح حوالي 90 ألف هيكتار.

ويوجد أحد أهم مشاريع معالجة المياه المستعملة في القاهرة الكبيرة. وتوجد محطات في منطقة زانين (طاقة المحطة 330 ألف متر3/اليوم)، وفي أبورويش (1.5 مليون متر3/اليوم) وفي الجبل الأصفر. وتقدر كمية المياه المستعملة التي تستخدم مجددا بحوالي 1.7 بليون متر3/السنة ويتوقع أن تصل هذه الكمية إلى 2.4 بليون متر3/السنة بحلول عام 2010.

        2-2-3 ليبيا
        تستخدم تقنيات معالجة المياه المستعملة في ليبيا منذ بداية الستينات حيث تم إنشاء أول محطة في طبرق في عام 1963. وتلا ذلك إنشاء عدد لا يستهان به من المحطات الأخرى لبلوغ هدفين رئيسيين هما:
1- حماية البيئة والقضاء على، أو الحد من الآثار السلبية للمياه الملوثة في الصحة العامة والموارد الطبيعية؛
2- توفير مصدر مياه (غير تقليدي) يلبي جزءا من احتياجات الزراعة من المياه، ويدعم الموارد المائية الموجودة والمعرضة للاستخدام المفرط.

        وشهدت ليبيا في العقود الثلاثة الماضية زيادة في السكان مع زيادة في الدخل. وقد تطلب ذلك هياكل أساسية ضخمة شملت نظام إمدادات المياه لتوفير مياه الشرب، وشبكات لجمع المياه المستعملة ومعالجتها تنتشر في أكثر من 50 مدينة وقرية. وقد ارتفعت طاقة محطات معالجة المياه المستعملة من 31 ألف متر3/اليوم في عام 1970 إلى حوالي 446 ألف متر3/اليوم كما يتضح من الجدول 2-2 في الملحق الثاني-2.

        2-2-4 موريتانيا
        لا تتوفر بيانات بشأن المياه المستعملة المنتجة أو المعالجة أو المستخدمة مجددا في موريتانيا. كما لا تتوفر بيانات بشأن استهلاك الفرد من مياه الشرب في الوقت الحالي. ولكن وفقا لمواصفات منظمة الصحة العالمية بشأن معدل استهلاك الفرد من مياه الشرب الذي يبلغ في اليوم 50 لترا: أوردنا في الجدول 2-3 في الملحق الثاني-2 بعض التوقعات بشأن معدل الاستهلاك من المياه. وهذه الكمية مقدرة على أساس تقديرات عدد السكان في عام 1998 البالغ عددهم 2.9 مليون نسمة، ومعدل نمو ديمغرافي سنوي يبلغ نسبة 3 في المائة.

        ويتضح من الجدول 2-3 في الملحق الثاني-2 أن الاستهلاك من مياه الشرب سيبلغ خلال 25 سنة من الآن حوالي 100 مليون متر3/السنة. وإذا أخذنا نسبة سكان الحضر في عام 1998 (54 في المائة) فإن استهلاكهم من مياه الشرب سيبلغ 55 مليون متر3 ، كما أن إنتاج المياه المستعملة ربما يصل إلى 40 مليون متر3/السنة.

        2-2-5 المغرب
        خلال العقدين الأخيرين أفضت الزيادة في معدل النمو الديمغرافي السنوي إلى زيادة كبيرة في استهلاك الفرد من المياه. وقد أوضحت الدراسات أنه في الفترة من 1990 إلى 2020 ستنخفض كمية المياه المتوفرة لكل شخص إلى نسبة 51 في المائة، أي من 833 متر3/السنة في عام 1990 إلى 441 متر3/السنة في عام 2020. كذلك ستتقلص المساحات المروية من 33.8 هكتار/1000 شخص في عام 1990 إلى 29.3 هكتار/1000 شخص في عام 2020. وبناء على ذلك ستصبح الموارد المائية أهم عامل يعوق الإنتاج الزراعي في المستقبل.

        وتمارس إعادة استخدام المياه المستعملة لأغراض الزراعة منذ عقود في المغرب. وقد زادت كمية المياه المستعملة من 48 مليون متر 3 في عام 1960 إلى حوالي 370 مليون متر 3 في عام 1990. ويتوقع أن تصل هذه الكمية إلى 900 مليون متر 3 بحلول عام 2020. ويمكن إيجاز العوامل الرئيسية التي تؤدي إلى زيادة المياه المستعملة على النحو التالي :
  · زيادة   نسبة التوسع الحضري بحوالي 4.4 في المائة في السنة؛
  · زيادة الإمدادات المنزلية من المياه للفرد من 58 إلى 116 لترا في اليوم في الفترة 1972-1992؛
 · زيادة تغطية شبكات إمدادات المياه من 53 إلى 79 في المائة في الفترة 1972-1992.

        وتجدر الإشارة إلى أن المياه المستعملة الغير معالجة كانت تستخدم في الزراعة منذ فترة طويلة. وفي عام 1992، استخدمت كمية بلغت حوالي 60 مليون متر 3 من المياه المستعملة الغير معالجة لري حوالي 7 آلاف هكتار من المساحات المجاورة لبعض المدن كما يوضح الجدول 2-4 في الملحق الثاني-2.

        2-2-6 السودان
        يتسم التخلص الملائم من الإفرازات وفضلات المياه والمواد الصلبة بأهمية كبيرة للحفاظ على مستويات مقبولة من الصحة العامة في المستوطنات الحضرية والريفية على حد سواء. وفي السودان فإن أهم طريقتين للتخلص من إفرازات البشر هما المراحيض المحفورة وخزانات التطهير. فالمرحاض المحفور هو عبارة عن بئر تحفر حتى يصل عمقها إلى سطح المياه الجوفية. وهي الطريقة الأقل تكلفة والأسهل للتخلص من الإفرازات ميدانيا وعلى نطاق صغير. ويمكن أن يستخدم المرحاض لفترة تتراوح بين 15 و25 سنة قبل أن يمتلئ ويستبدل بحفرة أخرى. ويتوقف عمر المرحاض على حجم الأسرة. ونظراً لما لها من مزايا، فإن هذه المراحيض هي أكثر الطرق انتشارا في السودان للتخلص من القاذورات. أما في نظام خزانات التطهير، فيفصل البراز من الماء المستعمل في خزان التطهير، وتمر الفضلات إلى بئر متصلة بطبقة المياه الجوفية. وهذا النظام أكثر تكلفة ولا يستخدمه سوى ميسوري الحال.

        وينبغي الإشارة هنا إلى ملاحظتين هامتين تتعلقان بالمياه المستعملة، وبخاصة فيما يتعلق بالصرف الصحي في السودان. الملاحظة الأولى هي تقريبا عدم وجود مرافق لمعالجة مياه المجاري والتخلص من الفضلات على نطاق واسع. والمرفق الوحيد في البلد موجود في الخرطوم حيث يستفيد منه عدد لا بأس به من سكان المدينة. والملاحظة الثانية، التي ربما تكون نتيجة طبيعية للظاهرة الأولى، هي أن كل أسرة معيشية تقوم بنفسها بعمل مرافقها للصرف الصحي (وغالبا ما يكون ذلك مرحاضا). ومن المدهش أن هذه الطريقة برهنت على نجاحها. فمرافق الصرف الصحي الخاصة في المنازل تشمل حوالي 74 في المائة من المناطق الحضرية وحوالي 50 في المائة من المناطق الريفية (حسب تعداد عام 1993). وهذه الأرقام مشجعة جدا عند مقارنتها بتغطية المرافق الصحية في البلدان النامية التي بلغت نسبتها 72 و49 في المائة بالنسبة للمناطق الحضرية والمناطق الريفية على التوالي في عام 1990.

        وحسب معايير منظمة الصحة العالمية، يبلغ الحد الأدنى لاستهلاك الفرد من المياه   50 لترا في اليوم. وكان مستوى استهلاك المياه في السودان في عام 1993 حوالي 26,5 من اللترات في اليوم للشخص الواحد. وحددت الإستراتيجية القومية الشاملة متوسط استهلاك المياه بمقدار 160 لترا في اليوم للشخص في المناطق الحضرية و75 لترا في اليوم للشخص في المناطق الريفية. وحسب توقعات الطلب المنزلي على المياه نفترض أن يبلغ الاستهلاك في السودان معايير منظمة الصحة العالمية بنهاية هذا العام (2000). وسيرتفع هذا المعدل باستمرار ليبلغ 120لتر/الشخص/اليوم (في المتوسط بالنسبة للمناطق الحضرية والريفية) بحلول عام 2025. ويوضح الجدول 2-5 في الملحق الثاني-2 الاحتياجات من المياه لأغراض الاستهلاك البشري.

        وبالنظر إلى الجدول 2-5 في الملحق الثاني-2 ، من المتوقع أن تبلغ كمية المياه المستعلمة أكثر من 1.5 بليون متر3/السنة. وينبغي إعداد الخطط للاستفادة من هذه الكميات الضخمة من المياه.


        2-2-7 تونس
        تقدر المياه المستعملة المعالجة في تونس بحوالي 130 مليون متر3/السنة. وهناك حوالي 54 محطة لمعالجة المياه المستعملة. ويبين الجدول 2-6 في الملحق الثاني-2 مواقع هذه المحطات وطاقتها. وسيبلغ حجم المياه المستعملة المعالجة في عام 2001 حوالي 152 مليون متر3/السنة. وسيزيد عدد محطات معالجة المياه المستعملة ليصبح 75 محطة. وسيصل العدد إلى 83 محطة بحلول عام 2006. ومن المتوقع أن يبلغ حجم المياه المعالجة حوالي 180 مليون متر3/السنة. وتنتج العاصمة وحدها أكثر من 50 في المائة من المياه المستعملة.

2-3 إعادة استخدام المياه المستعملة في الإنتاج الزراعي في المنطقة دون الإقليمية لشمال أفريقيا

        إن إعادة استخدام فضلات المياه التي تفرزها الحواضر ليست مفهوما جديدا. فمع زيادة الطلب على المياه بسبب النمو السكاني وتحسن المستوى المعيشي سيكون لإعادة استخدام المياه المستعملة في بلدان شمال أفريقيا دور متزايد الأهمية في عملية تخطيط وتنمية إمدادات مائية إضافية. ويتسم هذا الأمر بأهمية خاصة بالنسبة لبلدان المنطقة دون الإقليمية نظرا لقلة الأمطار فيها وطابعها الموسمي و توزيعها على نحو غير منتظم. وقد كانت المياه المستعملة تستخدم لأغراض تعود بالفائدة مثل الري في العديد من بلدان المنطقة دون الإقليمية ولكن دون رقابة.

        في الجزائر تستخدم المياه المستعملة في الري منذ عام 1980 ، ولكن بسبب سوء أداء محطات معالجة المياه المستعملة فإن المساحات المروية صغيرة نسبيا مقارنة بكمية المياه المستعملة المنتجة. ففي كرمة ووهران رويت مساحة خمسة هكتارات فقط باستخدام المياه المستعملة المعالجة في برك اصطناعية. وفي ماريس الواقعة غرب العاصمة لا تتعدى المساحة المروية 10 هكتارات من الحبوب. ولكن في ولاية قسطنطينة رويت مساحة بلغت 2500 هكتار باستخدام المياه المستعلمة نظرا لشح المياه في هذه الولاية. ومع ذلك لا يزال إعادة استخدام المياه المستعملة للإنتاج الزراعي أمرا غير معترف به قانونيا في الجزائر.

        أما في مصر فقد كانت تستخدم مياه المجاري منذ عام 1900 لزراعة بساتين الفاكهة في مساحات ذات تربة رملية في قرية الجبل الأصفر قرب القاهرة. وازدادت هذه المساحة تدريجيا لتبلغ حوالي 2500 هيكتار. وكانت فضلات المياه تخضع للتنقية للتخلص من المواد العالقة قبل استخدامها، وذلك لتفادي إصابات البشر بالأمراض بقدر الإمكان.

        وفي عام 1979 ، تم توقيع اتفاق بين الأكاديمية المصرية لعلوم التكنولوجيا والمنظمة العامة للصرف الصحي في القاهرة الكبرى لإجراء دراسة مقارنة في أبو رويش بشأن ثلاثة أنواع من مياه المجاري بغية زراعة الصحراء المحاذية لمحافظة الجيزة. وأنواع مياه المجاري المراد استخدامها هي المياه الخام والمياه شبه الخام والمياه المستصلحة تماما.

        وقد أوضحت الأبحاث بشأن استخدام المياه للري في مصر ما يلي:
· لا توجد تغيرات ملحوظة في قوام التربة بعد فترة ري مطولة تمتد إلى عشر سنوات؛
· استخدام فضلات مياه المجاري السائلة مع بقاء التربة رملية كما كانت عليه تحدث التغيرات في قوام التربة بحيث تتغير من رملية إلى مزيج من الطينية والرملية فقط في سطح التربة الذي يتعرض لمياه المجاري لفترة تصل إلى 40 سنة؛
· انخفاض نسبة الكالسيوم والكاربون؛
· أدى الاستخدام المطول لمياه المجاري إلى ارتفاع ملحوظ في محتوى المواد العضوية التي تتجمع بكميات أكبر في أعلى التربة ( 25 سم) وتنخفض بحدة مع العمق. وبعد 70 سنة من استخدام مياه المجاري لم يتجاوز متوسط محتوى المواد العضوية على أساس الحجم المرجح في المقطع نسبة 1.33 في المائة؛
· أدى استخدام مياه المجاري لفترة تصل إلى 5 سنوات إلى انخفاض قدرة تبادل الأيونات الموجبة (الكاتيونات Cation Exchange Capacity: CEC ) في الطبقة العليا من 8.4  إلى 5.92 ميغا أوم/100 غرام نتيجة للتعرية السطحية لمعظم المواد الغير متبلورة الهلامية في التربة الرملية البكر. وبعد ذلك انخفضت تدريجيا قيم قدرة تبادل الأيونات الموجبة مع استخدام مياه المجاري حتى بلغت 16.82 ميغا أوم/100 غرام مع تراكم جسيمات صغيرة ومواد عضوية؛
· يزيد استخدام مياه المجاري لري بساتين البرتقال أبو سرة طوال العام من كثافة النمو، ومتوسط طول الأغصان، وعدد الأوراق في الغصن، ومساحة الأوراق، ووزن الفاكهة، وسمك القشرة وانتاج الشجرة. غير أن محتوى عصارة الفاكهة تأثر بشكل طفيف.
· أوضحت النتائج أن المواد من الحديد والمنغنيز والزنك والنحاس والكادميوم والكوبالت والنيكل والرصاص تميل إلى التراكم بدرجات متفاوتة في الأوراق والقشرة والعصارة للبرتقال أبو سرة مع طول فترة استخدام مياه المجاري. وبصورة عامة تحتوي الأوراق   على أعلى نسبة من هذه المواد، تليها القشور، ثم العصارة التي تحتوي على أقل نسبة. وباستخدام جميع طرق معالجة مياه المجاري (10، 20، 30، 40 و60 سنة) تعتبر نسبة الحديد والنحاس في الأوراق نسبة مأمونة، بينما ثبت نقص نسبة المنغنيز.

        وأخيرا أوضح أبو زيد في دراسته أن المياه التي يمكن توفيرها، إما عن طريق برامج الإصلاح أو إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي أو مياه المجاري المعالجة، يمكن أن تساعد مصر مستقبلا في تلبية جزء كبير من احتياجاتها من المياه في المدى المتوسط. ولكن ينبغي توخي الحذر عند وضع برامج لإعادة استخدام المياه. وينبغي أن يكون هناك تقييم دقيق لآثار هذه البرامج على المديين القصير والطويل في خواص التربة وإنتاج المحاصيل.

        وفي ليبيا تستخدم المياه المستعملة المعالجة لإنتاج العلف، كما تستخدم الحمأة (الرواسب الطينية) كسماد طبيعي. وتستخدم أيضا المياه المستعملة المعالجة لري المنتزهات العامة، كما تستخدم في بعض الحالات في تشييد الطرق. وفي إطار الاستخدام الأمثل للمياه المستعملة، يمكن أن تعتبر بعض مشاريع الري بالقرب من طرابلس (مشروع الهضبة الخضراء) وبنغازي (مشروع القوارشة) أكبر المشاريع في بلد تستخدم فيه المياه المستعملة المعالجة للري. ويوضح الجدول 7-2 في الملحق الثاني-2 المساحات والمحاصيل المزروعة في هذين المشروعين. وفي ليبيا هناك إمكانية استخدام المياه المستعملة المعالجة لري مساحة تتراوح بين 30 و40 ألف هكتار.

وفي المغرب أجريت بعض الأبحاث بشأن استخدام المياه المستعملة المعالجة للإنتاج الزراعي في الرباط و ورزازات وأغادير. ويمكن إيجاز نتائج هذه الأبحاث على النحو التالي:
· زيادة في إنتاج الطماطم في منطقة الرباط، حيث بلغت الإنتاجية 75 طنا للهكتار عند استخدام المياه المستعملة المعالجة، بينما كانت الإنتاجية لا تزيد على 53.4 طن/هكتار حينما كانت تستخدم المياه العادية في الري؛
· زيادة الإنتاجية بالنسبة لبعض المحاصيل (الصمغ والقمح والطماطم والفاصوليا) بنسبة 70 في المائة في منطقة ورزازات؛
· توفر المياه المستعملة المعالجة مغذيات للمحاصيل تحتوي على نسبة تتراوح بين 40 و 95 في المائة من احتياجات المحاصيل للنتروجين، وبين 55 و 100 في المائة من احتياجات المحاصيل للفوسفور.

        وفي تونس تواجه الزراعة مشاكل حادة تتصل بكمية المياه ونوعيتها وذلك نتيجة لمحدودية الموارد المائية التقليدية وتوقعات الطلب على المياه في المستقبل. ويعد استخدام المياه المستعملة حاليا مكونا هاما في أية سياسة للإدارة المتكاملة للموارد المائية. وتساعد هذه السياسة في الاستخدام الأمثل للمياه وتحقيق وفورات من الأسمدة العضوية والغير العضوية مع الحفاظ على خصوبة التربة أو زيادتها، ومنع تلوث المياه السطحية والجوفية، فضلاً عن حماية البيئة.

        وقررت السلطات في تونس تنظيم إعادة استخدام المياه المستعملة بعد معالجتها. وتضطلع محطات معالجة المياه المستعملة الحالية بالمعالجة الثانوية فقط. ومن الواضح أن هذه المحطات تفتقر إلى أجهزة التطهير. لذلك فإن إعادة استخدام المياه المستعملة في الزراعة ينحصر فقط في الري على نطاق محدود (محاصيل العلف، والزيتون، والأشجار، والقطن). أما عمليات الري على نطاق أوسع، فهي رهينة بوجود تقنيات تطهير موثوقة وفعالة من حيث الأداء والتكلفة. وتقدر المساحة المروية باستخدام المياه المستعملة بحوالي 6600 هكتار. ويوضح الجدول 2-8 في الملحق الثاني-2 توزيع هذه المساحات.

2-4 عمليات المعالجة المستخدمة حاليا في المنطقة دون الإقليمية لشمال أفريقيا

        يوجد العديد من عمليات معالجة المياه المستعملة في المنطقة دون الإقليمية لشمال أفريقيا. وفيما يلي أنواع عمليات معالجة المياه المتبعة في بعض بلدان المنطقة دون الإقليمية:

1- الحمأة المنشطة (Activated sludge) : استخدام هذه الطريقة أمر بسيط للغاية. وفيما يلي خصائص الطريقة:
مدة البقاء : 6-10 ساعات؛
الحاجة الكيمائية الحيوية للأكسجين : 0.8 – 2 كلغم/متر3 .

2- برك اتزان الحمأة (stabilization ponds) : هذه الطريقة أيضا بسيطة وفعالة :
مدة البقاء : 30-60 يوما؛
يتراوح عمق البركة بين 0.9   و 1.5 متر؛
وتتراوح الحاجة الكيمائية الحيوية للأكسجين بين 50 و 100 كلغم/هكتار.

        ليبيـا
        تشمل تقنيات معالجة المياه المستعملة في ليبيا عدة طرق تشمل مصافي الرشح والحمأة المنشطة. وتستخدم وسائل الترسب الثانوي وإضافة الكلور في المحطة الرئيسية لمعالجة المياه المستعملة.

        يوضح الجدولان 2-1 و 2-2 رسومات بيانية للمحطتين الرئيسيتين لمعالجة المياه المستعملة في طرابلس وجريان على التوالي. واستنادا إلى المعلومات المتوفرة يمكن ملاحظة ما يلي:
·  ينحصر استخدام طرق مصافي الرشح فقط في المحطات التي أنشئت في بداية الستينات، بينما تستخدم تقنية الحمأة المنشطة تقريبا في كل المحطات الموجودة في البلد؛
·    تتراوح الطاقة التصميمية لمختلف المحطات بين 150 متر3/اليوم   و 110000 متر3/اليوم.
·    روعي عند تصميم هذه المحطات استخدام المياه المستعملة للري؛
· تمكن التقنيات المستخدمة، عند التشغيل في ظروف ملائمة، من إزالة المواد العضوية التي تتعرض للتحلل الإحيائي بنسبة عالية (ربما تصل إلى 99 في المائة).

        المغـرب
        توجد محطات لمعالجة المياه المستعملة تقريبا في أغلب المدن الكبيرة في المغرب. والوسائل المستخدمة لمعالجة المياه المستعملة هي الحمأة المنشطة، ومصافي الرشح، وبرك استقرار المياه. ويوضح الجدول 2-9 عدد المحطات ومختلف الطرق والتقنيات المستخدمة في المغرب.

الجدول 2-9 : عدد محطات معالجة المياه المستعملة في المغرب وطرق المعالجة

عدد المحطات
الطريقة
        محطات غير عاملة
                  محطات عاملة
  
5
6
3
4
13
13
5
-
10
2
الحمأة المنشطة
مصافي الرشح
التجفيف
برك استقرار المياه
الترسيب - الهضم


        تونـس
        عادة ما تستخدم المعالجة الثانوية في تونس باتباع التقنيات التالية:
- الحمأة المنشطة؛
- برك الأكسدة؛
- برك استقرار المياه؛
- البرك الاصطناعية المعرضة للهواء؛
- مصافي الرشح.

ويوجز الجدول 2-10 مختلف التقنيات المستخدمة في معالجة المياه المستعملة في العديد من بلدان المنطقة دون الإقليمية.

        الجدول 2-10 : تقنيات معالجة المياه المستعملة المتبعة في المنطقة دون الإقليمية

تونس
السودان
المغرب
موريتانيا
ليبيا
مصر
الجزائر
التقنية
x
غير متوفر
x
غير متوفر
x
غير متوفر
x
1- الحمأة المنشطة
x
-
x
-
x
غير متوفر
x
2- برك استقرار المياه
x
-
x
-
x
غير متوفر
-
3- البرك الاصطناعية المعرضة للهواء
x
-
x
-
x
-
-
4- مصافي الرشح
x
-
-
-
-
-
-
5- برك الأكسدة
-
-
-
-
x
-
-
6- إضافة الكلور



        تكلفة معالجة فضلات مياه المجاري

        لا تتوفر معلومات بشأن تكاليف معالجة المياه المستعملة في مختلف بلدان المنطقة دون الإقليمية. ولكن توجد بعض المعلومات ذات الصلة فيما كتب في هذا المجال عن بلد مشابه لبلدان المنطقة دون الإقليمية من ناحية الثقافة على الأقل ؛ وهذا البلد هو البحرين.

        وتقدر تكلفة معالجة فضلات مياه المجاري بما في ذلك إضافة الكلور بحوالي 0.4 دولار أمريكي/ متر3. وباستخدام عامل اللانطاقية، ستتضاعف التكلفة تقريبا لتصبح حوالي 0.8 دولار أمريكي/متر3. غير أن التكلفة ترتفع كثيراً عند إضافة المعالجة الكيمائية أو التناضح العكسي. ففي الحالة الأولى تبلغ التكلفة حوالي 0.18 دولار أمريكي/متر3. وفي الحالة الثانية حوالي 0.56 دولار/ متر3. ومع ذلك، فالطريقة الثانية تعتبر أقل تكلفة مقارنة بتكلفة مياه التحلية بالأسعار الدولية في الوقت الحاضر والتي تبلغ أكثر من 0.75 دولار/متر 3.

        ويوضح الملحق الثاني -2-ألف شبكة مياه المجاري في الخرطوم (السودان). ويمكن أن يكون ذلك أساساً لتحديد تكلفة الوحدة لمعالجة المياه المستعملة أي المتر المكعب من المياه المستعملة المعالجة. وقد تشمل التكلفة ما يلي:
- تكلفة رأس المال (تركيب الأنابيب وإنشاء البرك وقنوات الري وما إلى ذلك...)؛
- تكاليف التشغيل (التشغيل والصيانة).


الفصل الثالث
تلـوث الميـاه

3-1 مصادر التلوث
        كان الناس يتعرضون بصورة عامة للمواد الخطرة منذ عصور ما قبل التاريخ عندما كانوا يستنشقون الغازات السامة المنبعثة من البراكين والغازات المتسربة من الكهوف التي كانوا يسكنوها. وبدأت مشاكل التلوث في القطاع الصناعي مع إنتاج الأصباغ وغيرها من المواد الكيمائية العضوية التي تفرزها مختلف أنواع الصناعات. وتزايدت مؤخرا أنواع المواد والفضلات الكيمائية بشكل مخيف، ولا سيما الفضلات التي تخلفها مصافي البترول.

        أما مصادر تلوث المياه فنجدها في كل مكان. غير أن الزراعة المكثفة تسهم بشكل خاص في تلوث المياه الجوفية باستخدام مبيدات الآفات؛ وفوق ذلك بإفراز النترات من الأسمدة النتروجينية على سبيل المثال. ويمكن أن تسهم فضلات المياه المستعملة في الصناعة والفضلات التي تفرزها الحواضر في تلوث المياه لاحتوائها على قاذورات تشمل مواد كيمائية عضوية وغير عضوية، ومركبات معدنية ثقيلة وأملاح وغيرها. وتشمل مصادر التلوث الأخرى مدافن النفايات، وآبار الحقن للتخلص من فضلات المياه، وشبكات أحواض تطهير الفضلات المنزلية، وتسرب الفضلات في الأرض، وحجز المياه في السطح.

        ويؤثر إنتاج المياه المستعملة بشكل أو آخر في الحياة العادية في الأنهار أو البحيرات أو الخزانات. وحينما يبلغ هذا الأثر درجة يتعذر معها الاستخدام الأفضل للنهر، يكون هذا النهر ملوثاً. ويعني الاستخدام الأفضل استعمال المياه للشرب، أو الاستحمام، أو صيد الأسماك وما إلى ذلك.

        ويمكن أن تستوعب الأنهار والبحيرات كمية معينة من الفضلات قبل أن تصل إلى درجة التلوث. غير أن التلوث بأي شكل من الأشكال يكون مصدر إزعاج.

        وتوجد الأملاح غير العضوية في معظم المياه المستعملة كما في الطبيعة نفسها. ويمكن أن تجعل هذه الأملاح ماء النهر مالحا، وغير مرغوب فيه للأغراض الزراعية والاستخدامات الأخرى. فالمواد الحمضية والقلوية لا تجعل مياه النهر غير صالحة لأغراض الترفيه فحسب ،   بل أيضا غير صالحة لتكاثر الأسماك وغيرها من الكائنات المائية. ويمكن أن تستنزف المواد العضوية الأكسجين الموجود في الأنهار، وأن تضفي على المياه رائحة كريهة وطعماً غير مستساغ ، وأن تلوث المياه بقاذورات أخرى. ونتيجة لذلك، تختنق الأسماك وغيرها من الكائنات المائية لعدم وجود الأكسجين.


هذه بعض المعايير الهامة لنوعية المياه التي ينبغي أن تولى الاهتمام عند محاولة معالجة المياه المستعملة أو إعادة تدويرها. غير أن التكوين الكيمائي الشامل للماء يمكن تعديله بتخفيف التركيز في إطار المعالجة الانتقائية.


3-2 حالة المياه الملوثة في المنطقة دون الإقليمية
        تعتبر المشاكل المرتبطة بتلوث المياه في بلدان المنطقة دون الإقليمية حديثة العهد. وبرزت هذه المشاكل كآثار جانبية للتوسع الحضري والتطور الصناعي والزراعي المعجل والمتسارع نسبياً. ولم تستطع برامج الحفاظ على نوعية المياه في المنطقة دون الإقليمية مواكبة النمو السريع للموارد المائية. وظهرت مشاكل تلوث المياه كنتيجة لموجات الجفاف الأخيرة التي شهدتها المنطقة دون الإقليمية. وأدى كل ذلك إلى انخفاض هائل في كميات المياه السطحية والجوفية وترتبت عليه آثار سلبية على نوعية المياه. وتعزى الأسباب الرئيسية لتلوث المياه في المنطقة دون الإقليمية للتخلص من المواد الآتية في الموارد الطبيعية للمياه :
        - فضلات المياه المستعملة في المناطق الحضرية؛
        - فضلات المياه الصناعية؛
        - الفضلات الزراعية؛
        - مواد أخرى؛

        3-2-1 الجزائر
        في الجزائر تتعرض طبقات المياه الجوفية الضحلة لتلوث خطير نتيجة لمجاري المياه السطحية التي تقوم بدور قنوات التصريف لمعظم فضلات مياه المجاري. وتشمل المصادر الأخرى لتلوث المياه الجوفية تسرب مياه الري الغنية بالنترات التي تحتوي عليها الأسمدة. ومن الأمثلة على ذلك ما نشاهده من تلوث في سهل ميتجا في جنوب الجزائر ومناطق سيدي عباس والسيدة حيث تزيد كمية النترات على 50 ملغم/1. والمعلومات المتوفرة بشأن تلوث المياه غير كافية نتيجة لقصور شبكات الرصد بشكل رئيسي.

        3-2-2 مصر
        هناك كميات هائلة من مياه الصرف الزراعي في مصر قد تزيد كميتها على 13 بليون متر3/السنة. وتتدفق مياه الصرف في مصارف تجري عبر قنوات تصريف النفايات. وقد كشف تحليل البيانات التي كانت تجمع منذ عام 1977   (أبو زيد 1988) بشأن مياه الصرف ما يلي :
- حوالي 80 في المائة من مياه الصرف التي تفرغ في البحر تحتوي على   درجة ملوحة تقل عن 2000 جزء في المليون؛
-  تتراوح معدلات التركيز الحالية بين 400 و500 جزء في المليون؛
- وجد أعلى معدل تركيز للملوحة في الجزء الغربي من الدلتا وفي الجزء الشرقي بسبب ملوحة التربة بشكل رئيسي، بينما وجدت أدنى معدلات في الجزء الأوسط؛
- تزداد ملوحة مياه الصرف في الجزء الجنوبي والجزء الشمالي من الدلتا بسبب التغير في قوام التربة وتسرب مياه البحر. وتصل درجة ملوحة معظم المصارف جنوب خط (3) و(8) (الدلتا الوسطى) إلى 1500 جزء في المليون، بينما قد تزيد الملوحة في مناطق الدلتا الشمالية عن 3000 جزء في المليون؛
- تتفاوت نوعية مياه الصرف خلال العام من موقع لآخر، وتصل درجات التركيز أعلى معدلاتها في شهري يناير وفبراير نظرا لفترة الإقفال عندما يكون إطلاق الري في أدنى مستوياته، وفي يونيه ويوليه وأغسطس (فترة الذروة للاحتياجات من المياه) حينما يكون التبخر والرشح التبخري في ذروتهما. وتكون معدلات التركيز في أدنى مستوياتها في مارس وأبريل ومايو نظرا للأحوال الجوية في الفترة (1980-1986) وهي موضحة في الجدول 3-1 أدناه.
الجدول 3-1: نوعية المياه المستعملة في مصر


النسبة المئوية للصرف التراكمي
نسبة التصريف / التصريف الكلي
التصريف (بليون متر3)
الملوحة (جزء في المليون)
14
50
69
75
100
14
36
19
6
25
1,859
4,862
2,584
0,801
3,528
1000 أو أقل
1000 - 1500
1500 - 2000
2000 - 3000
3000 أو أكثر

        فيما يلي المعايير العامة التي تستخدمها وزارة الأشغال العامة والموارد المائية لإعادة استخدام مياه الصرف :
-      أقل من 700 جزء في المليون : تستخدم مباشرة في الري؛
-      700 – 1500 جزء في المليون : تخلط مع مياه القنوات بنسبة 1 : 1؛
-      1500 – 3000 جزء في المليون : تخلط مع مياه القنوات بنسبة 1 : 2 أو   1 : 3 ؛
-      أكثر من 3000 جزء في المليون : لا تستخدم حتى الآن في الري.

        وبصورة عامة يمكن القول إن نوعية مياه النيل حتى السد العالي في أسوان جيدة إلى حد معقول. ولكن مياه النيل في منطقة الدلتا تكون شبه راكدة بسبب كثافة نمو الطحالب. كذلك فإن هذه المياه ملوثة بفعل المركبات العضوية الناجمة عن تصريف فضلات المياه غير المعالجة، ويسبب نمو الطحالب في منطقة الدلتا مشاكل معقدة من بينها إغلاق قنوات الري.


        3-2-3 ليبيـا
        هناك استخدام مكثف للمياه الجوفية في ليبيا، الأمر الذي أفضى إلى انخفاض مستمر في منسوب المياه الجوفية. كذلك تتسرب مياه البحر برا بمعدل يتراوح بين نصف كلم/السنة و3 كلم/السنة في سهل الجفيرة، ويؤدي ذلك إلى زيادة الملوحة من 1000 جزء في المليون إلى حوالي 7000 جزء في المليون.

        وفي منطقة الجبل الأخضر تتعرض طبقة المياه الجوفية باستمرار لتسرب مياه البحر. وتتراوح الملوحة بين 300 و600 جزء في المليون.

        ولم يتم إبلاغ بشأن التلوث بسبب المياه المستعملة. ونوعية المياه المستعملة المعالجة جيدة بدرجة معقولة جدا كما يوضح الجدول 3-2.


الجدول 3-2 نوعية المياه المستعملة المعالجة في ليبيا

الحد الأقصى
المعيار
المرحلة الثالثة من المعالجة
المعالجة الثانوية

10
15
الحاجة الكيميائية الحيوية للأكسجين
10
20
المواد الصلبة المعلقة

5
غاز النشادر

        3-2-4 موريتانيا
        تستغل المياه ولا سيما المياه الجوفية بشكل متقطع ودون إدارة كافية وبخاصة طبقات المياه الجوفية المجاورة للسواحل في موريتانيا. ففي إدني يستخدم حوض يقع بالقرب من المحيط الأطلسي لتوفير إمدادات المياه المنزلية للعاصمة نواكشوط. واضطرت السلطات إلى إغلاق بعض الآبار العاملة في الحوض بسبب تسرب مياه البحر إليها.

        3-2-5 المغرب
لوحظ تشبع بالمغذيات في بعض الخزانات بسبب التخلص من المياه المستعملة غير المعالجة (سد القنيطرة، وسد المسيرة في وادي الربيع)، ويسود أيضاً تسرب المياه المالحة في معظم المناطق الساحلية. ويحدث كذلك تلوث بقدر كبير في الآبار الضحلة بسبب تسرب مياه الري التي يزيد محتوى النترات فيها عن 50 جزء في المليون.

        3-2-6 السودان
        نادراً ما تتوفر في السودان البيانات الخاصة بنوعية المياه. وحتى البيانات المتاحة توجد في مؤسسات متفرقة. وتمثل البيانات الخاصة بتركيز الرواسب الطينية وكميتها الشاغل الرئيسي، نظراً للمشاكل التي تسببها الرواسب التي تتراكم أثناء مواسم فيضانات الأنهار التي تنبع من الهضبة الإثيوبية، ولا سيما مشاكل الري وانقطاع إمدادات الكهرباء. وقد يصل معدل تركيز الرواسب الطينية إلى 30000 جزء في المليون. وتقتصر البيانات بشأن نوعية المياه السطحية على مياه النيل الأبيض والنيل الأزرق في الخرطوم.

        لا تعتبر المياه الجوفية في السودان مصدرا رئيسيا للمياه مقارنة بالمياه السطحية، باستثناء الأقاليم النائية التي تقع بعيدا عن نهر النيل وروافده. ولذلك لا يوجد اهتمام كبير بمشاكل المياه الجوفية.

        3-2-7 تونس
        يمكن ملاحظة تشبع بالمغذيات في سد سيدي سالم في ميجرادا. وتتراوح ملوحة المياه السطحية بين 2000 و3000 جزء في المليون. وتعزى ظاهرة التشبع بالمغذيات بشكل رئيسي للتخلص من المياه المستعملة غير المعالجة بتصريفها في المياه السطحية. وبناء على ذلك، وضعت السلطات التونسية مجموعة من المعايير لتصريف المياه المستعملة كما يوضح الجدول 3-3.

        وتتراوح ملوحة المياه الجوفية بين 500 و1500 جزء في المليون في طبقات المياه الجوفية الضحلة، وبين 1500 و8000 جزء في المليون في الطبقات العميقة. ونتيجة للاستخدام المكثف للمياه ، انخفض منسوب المياه الجوفية في بعض المناطق .   يلاحظ أيضاً تسرب المياه المالحة في بعض المناطق الساحلية في شمال وشرق البلد ؛ كما لوحظ تملح ووجود مواد قلوية في الأراضي المروية في سهل القيروان وأماكن أخرى في تونس.
الجدول 3-3 : معايير تصريف المياه المستعملة في تونـس
الحدود (أقل من ملغم/1)
المعيار
8,5 < pH < 6,5
درجة الحموضة
30
النسبة المائوية للحاجة الكيمائية الحيوية للأكسجين
90
الحاجة الكيمائية للأكسجين
30
المواد الصلبة المعلقة
600
الكلورين
3
الفلورين
0,05
أحادي أكسيد الكلور
500
الكبريتات
0,1
الكبريت
50
النيترات
0,5
النتريت
1,0
النتروجين
0,005
الكالسيوم
5,0
الألمنيوم
0,1
الكروم
0,5
النحاس
1,0
الحديد
0,5
المنغنيز
200
الماغنزيوم
50
البوتاسيوم
300
الصوديوم
0,001
الزئبق
0,2
النيكل
0,05
الفضة
0,1
الرصاص
2,0
القصدير
0,05
السوليتوم
0,05
السينايد
0,1
الكوبالت
0,5
الباريوم
0,05
الزرنيخ
5.0
الزنك
المصدر: Tunisia Country Report prepared for AOAD El Atairi, R. and Elgharbi, N. 1999. Reuse of Wastewater in Agricultural Production.
الفصل الرابع
القيود الرئيسية التي تواجه إعادة استخدام المياه المستعملة والمعاد تدويرها للزراعة

4-1 القيود البيئية :
        على الرغم من فائدة المياه المستعملة المعالجة للزراعة ، فيما يلي بعض المخاطر البيئية الرئيسية المتصلة باستخدامها :

        4-1-1 المخاطر التي تتعرض لها التربة :
        ربما تشمل المشاكل الرئيسية المتصلة بالتربة نتيجة لاستخدام المياه المستعملة ما يلي : التملح ، والمواد القلوية ، والنفاذية المائية ، وتراكم العناصر المحتملة وتراكم المغذيات.

        4-1-2 تلوث المياه الجوفية :
        على الرغم من أن الآثار التي تتعرض لها المياه الجوفية في ظروف معينة أكثر أهمية من الآثار التي تتعرض لها التربة ، لا يولي المزارعون هذا الأمر الاهتمام الكافي. فتلوث المياه الجوفية بفعل العناصر الموجودة في المياه المستعملة أمر شائع للغاية، ويتعين أن يتبع المزارعون بعض الجوانب الإدارية لتقليل هذه الآثار.

        4-1-3 التشبع بالمغذيات ونمو الطحالب في المياه السطحية
        يحدث ذلك بشكل رئيسي إذا تم التخلص من المياه المستعملة غير المعالجة أو التي عولجت على نحو رديء في بحيرات السدود نظرا لوجود النتروجين والفوسفور في المياه المستعملة. وفي هذه الظروف يكون ازدهار الطحالب الخضراء أمرا عاديا للغاية مع ما يصاحب ذلك من مشاكل، ولا سيما انسداد أنظمة الري الحديثة، وهي كلها مشاكل يصعب التغلب عليها .   ومشكلة انسداد أنظمة الري هي الشاغل الرئيسي بالنسبة للمزارعين.

        4-1-4 الآثار التي تتعرض لها المحاصيل ومشكلة التسمم النباتي والإدارة
        بالإضافة إلى الأثر الشامل لبعض خواص المياه المستعملة في المحاصيل المروية ، مثل الملوحة ، هناك أيضا احتمال أن تؤدي المياه المستعملة إلى التسمم النباتي نتيجة لتركيزها العالي بمواد من قبيل اليورون وبعض المواد المعدنية الثقيلة. وتشير البقع الميتة في الأوراق إلى أعراض التسمم باليورون في المحاصيل الحساسة.

        4-1-5 المشاكل الصحية التي تواجه الإنسان والحيوان
        يضر استعمال المياه المستعملة والمعالجة بطريقة رديئة بصحة الإنسان والحيوان على حد سواء .   وينبغي مراعاة تدابير الحماية المختلفة الواردة في الفصل 1 مراعاة تامة.
       
        4-2 القيود الاجتماعية
        لا تعتبر المياه المستعملة مصدرا للمياه بالنسبة للعديد من المجتمعات المحلية، ولذلك فهي لا تستخدم في معظم الأحيان ولا يوجد حتى تفكير بشأن استخدامها مجددا لعدة أساب تشمل ما يلي :
- عدم وجود معلومات بشأن فوائد المياه المستعملة؛
- الخوف من المخاطر التي تنجم عن استعمال هذه المياه؛
- التحيز الثقافي؛
- عدم وجود منهجية تتبعها الدراسات الإقتصادية الشاملة الخاصة بمشاريع إعادة استخدام المياه المستعملة؛
- قلة الخبرة في مجال إعادة استخدام المياه المستعملة ، إذ كانت تستخدم في ظروف لا تخضع للمراقبة.

        4-3 القيود التنظيمية والقانونية  
        أهم الشواغل بالنسبة لمشاريع إعادة استخدام المياه هي الصحة العامة والمشاكل البيئية.   وفي هذا الشأن ، تكون المبادئ التوجيهية الخاصة بالنوعية ، فضلا عن شروط المعالجة وأخذ العينات والرصد أمورا أساسية في كل بلد . وتفرض في عدد من البلدان تدابير رقابة صارمة بشأن إعادة استخدام المياه. وبهذه الطريقة يكون المزارعون ملزمين بالتصرف في إطار هذه الأنظمة وذلك حماية للصحة العامة والبيئة . غير أنه لا يمكن ضمان   مدى مراعاة المزارعين لهذه الأنظمة . ولذلك يصبح الرصد الفعال أمراً هاماً . علاوة على ذلك ، ربما يكون التفويض القانوني لجهة ما أمراً ضرورياً لإنفاذ عملية الامتثال لهذه النظم.
غير أن تجزئة القوانين في قطاع المياه في معظم بلدان المنطقة دون الإقليمية أمر غير خاف. ومن الضروري إجراء استعراض شامل للقوانين القائمة حتى يتم وضع قوانين تلائم الظروف المتغيرة في قطاع المياه ،   وتكفل مشاركة شعبية على نحو أوسع ، وتتناول العوامل الخارجية والمنازعات ،   والآثار التي تحدثها أطراف ثالثة من أجل تحسين إدارة الموارد المائية وبخاصة إدارة المياه المستعملة.

        4-4   القيود التقنية والاقتصادية
        في الجزائر هناك 70 في المائة من محطات معالجة المياه المستعملة الغير عاملة . وهذه إشارة واضحة إلى عدم وجود الدراية ، ومن ثم عدم وجود الموظفين المدربين جيدا على تشغيل وصيانة هذه المرافق حتى تؤدي وظيفتها على النحو المطلوب .   علاوة على ذلك، تحتاج معالجة المياه المستعملة لاستثمارات ضخمة لبناء سدود لتخزين المياه.

        وتقع محطات معالجة المياه المستعملة في معظم بلدان المنطقة دون الإقليمية بعيداً عن الأراضي الملائمة للري . ويتطلب كذلك نقل المياه إلى أماكن الحاجة إليها استثمارات   كبيرة. ومن بين العوامل الهامة أيضا ما يلي :
 · عدم التناسق بين احتياجات المحاصيل من المياه في فترة الذروة وحجم المياه المعالجة ، مما يفضي إلى عدم استخدام كميات كبيرة من هذه المياه ؛
  · وجود قاذورات في المياه المستعملة المعالجة تلحق أضراراً كثيرة بنظم الري؛
  · الافتقار إلى مزارعين مدربين ومهرة .
       
        4-5 القيود المؤسسية
        يوجد في معظم بلدان المنطقة دون الإقليمية عدد كبير من المؤسسات العامة المسؤولة عن إدارة المياه . وفي العديد من الحالات يكون التنسيق بين هذه المؤسسات ضعيفا أو غير موجود أصلا. بالإضافة إلى ذلك ، فإن مسؤوليات كل مؤسسة غير محددة بشكل واضح . وينتج عن ذلك اشتراك أكثر من مؤسسة في القيام بنفس الوظائف ، بينما تهمل الوظائف الأخرى التي لا تشملها ولاية أية مؤسسة .   ففي السودان ، على سبيل المثال ، توجد مؤسسات كثيرة مسؤولة عن الري وتوزيع المياه واستخدامها ، بينما لا توجد مؤسسة واحدة مسؤولة عن رصد نوعية المياه أو حماية البيئة.



الفصل الخامس
خطة العمل دون الإقليمية لتعزيز استخدام المياه المستعملة  والمعاد تدويرها في الري

5-1 الأهداف
        تهدف خطة العمل إلى ما يلي :
 · إعداد تقارير قطرية بشأن حالة المياه المستعملة في الحاضر والمستقبل بغية تحديد نهج منتظم لتخطيط معالجة استخدام المياه المستعملة واستخدامها مجددا، ومساعدة السلطات في تكوين رأي سليم مبدئي بشأن جدوى إعادة الاستخدام ؛
  ·خلق الوعي بشأن استخدام المياه المستعملة المعالجة في الزراعة في بلدان المنطقة دون الإقليمية ؛
 · التثقيف والتدريب لزيادة القدرات البشرية في مجال إدارة الموارد المائية ؛
· تشجيع وتعزيز تبادل المعلومات بشأن المياه والرطوبة الجوية .


5-2 خطة العمل
ترمي خطة العمل دون الإقليمية إلى معالجة ما يلي :
× إعداد دراسات قطرية بشأن إمكانية إعادة استخدام المياه المستعملة ؛
× تنظيم حلقة عمل دون إقليمية بشأن طرق وتقنيات تعزيز إعادة استخدام المياه المستعملة في المنطقة دون الإقليمية لشمال أفريقيا ؛
× بناء القدرات في مجال الإدارة المتكاملة للموارد المائية ؛
×  المشاركة الشعبية .

        5-2-1 إعداد دراسات قطرية بشأن إمكانية إعادة استخدام المياه المستعملة
        المهمة الأولى لهذه الدراسات هي تحديد مواقع وكميات وإمكانية مصادر المياه المستعملة بغرض استصلاحها واستخدامها مجددا ، وتحديد الأسواق المتحملة لاستيعاب هذه المياه المستصلحة. ومن الضروري أيضا تحديد القيود المؤسسية والقانونية ، والمجموعات السكانية المنظمة التي يمكن أن تقوم بالتنفيذ الشامل للمشروع . ومن المتوقع أن تغطي الدراسة القطرية القضايا التالية :
§ المياه المستعملة المتاحة حاليا ، ومحطات معالجة المياه المستعملة العاملة في الوقت الحاضر؛
§الطلب المحتمل على المياه المستعملة المعالجة والأراضي المتوفرة للري ؛
§ اعتبارات الصحة العامة المرتبطة بإعادة استخدام المياه المستعملة وطريقة التعامل معها ؛
§ تقييم الآثار البيئية لإعادة استخدام المياه المستعملة ؛
§ تقييم القوانين و/أو اللوائح والمؤسسات التي تؤثر في إعادة استخدام المياه المستعملة ؛
§ تحديد المحاصيل الملائمة التي يتعين ريها بالمياه المستعملة ؛
§ التكلفة الحالية والتكلفة المتوقعة في المستقبل للمياه العذبة والمياه المستعملة ؛
§ الشروط المحددة لنوعية المياه لكل استعمال في حالة الاحتياج إلى أكثر من نوعية واحدة للمياه ، أو تكييف هذه النوعية ، وتحديد التذبذبات النوعية التي يمكن قبولها ؛
§ هل يمكن التغلب على التذبذبات في نوعية فضلات المياه المنتجة ، وتلبية الطلب على مياه الري على أفضل نحو بواسطة التخزين ؟   وأين سيكون موقع مرافق التخزين ؟
§هل من الأفضل للمزارعين أن يكونوا جهة متصلة اتصالاً مباشراً بنظام تقديم الخدمات ؟ وما هي الحوافز المتوقعة ؟
§ هل من شأن استخدام المياه المستصلحة جعل المزارعين الموجودين أصلاً في المنطقة مضطرين إلى إتباع أنماط ونظم الري القائمة ؟

من دون شك أن معظم الأسئلة الواردة أعلاه لا يمكن أن يجيب عليها سوى السلطات المختصة أو المزارعين أنفسهم . وفيما يلي نتائج هذه الدراسات :
·وضع معايير لنوعية المياه المستعملة عن طريق مجموعة متكاملة من التدابير ، بما فيها الحوافز لتشجيع استخدام المياه المستعملة في الزراعة ؛
· إعداد برامج وطنية ودون إقليمية ملائمة لدعم إعادة استخدام المياه المستعملة من جانب المزارعين ؛
· إعداد كتيب مبسط للمستعملين عن استخدام المياه المستعملة من جانب المزارعين.

        ويمكن أن يقوم الخبراء على الصعيد الوطني بإعداد الدراسات القطرية .   كما يمكن أن تعين اللجنة الإقتصادية لأفريقيا خبيرين من كل بلد لإعداد هذه التقارير ،   وأن تكون اختصاصاتهم حسب ما هو مبين أعلاه .   ويتعين أن يدفع لكل بلد مبلغ إجمالي قدره 1000 دولار أمريكي لإعداد التقارير بشرط أن تعد هذه التقارير وفقا للاختصاصات المذكورة.


5-2-2 تنظيم حلقة عمل دون إقليمية بشأن معالجة وإعادة استخدام المياه     المستعملة: الفرص في المستقبل
        من المتوقع أن تكون الأهداف الرئيسية لحلقة العمل كما يلي :
§الجمع بين الخبراء في المنطقة دون الإقليمية لشمال أفريقيا والخبراء الدوليين ووكالات الدعم في الخارج لمعالجة مواضيع محددة تتصل بمعالجة وإعادة استخدام المياه المستعملة في المنطقة دون الإقليمية ؛
§ مناقشة خيارات الإطار التعاوني والمؤسسي والتوصل إلى برامج دون إقليمية متفق عليها لتعزيز إعادة استخدام المياه المستعملة المعالجة؛
§ تمكين المشاركين من تقاسم التجارب وتبادل المعلومات المتصلة بتنمية وإعادة     استخدام المياه المستعملة للأغراض الزراعية في المنطقة دون الإقليمية وعلى نطاق العالم.

        ويمكن أن تكون المواضيع الفرعية لحلقة العمل كما يلي :

 ×الحالة الراهنة لإعادة استخدام المياه المستعملة والمعالجة في المنطقة دون الإقليمية لشمال أفريقيا ؛
×الاتجاهات الدولية والإقليمية في ميدان التقنيات المستخدمة لمعالجة المياه المستعملة ؛
× تقنيات ومعايير الري الملائمة لاختيار المحاصيل بهدف الاستخدام الأمثل للمياه المستعملة والمعالجة .

        ويمكن أن تنظم اللجنة الإقتصادية لأفريقيا حلقة عمل لمدة ثلاثة أيام ، إما في المغرب أو تونس أو مصر. كما يمكن أن يمثل كل بلد في المنطقة دون الإقليمية وفد مكون من عضوين . ويتعين أن يقدم كل بلد دراسة قطرية في حلقة العمل. أيضا يمكن دعوة خبراء من البلدان الرائدة في مجال إعادة استخدام المياه المستعملة المعالجة سواء في المنطقة دون الإقليمية أو في مناطق أخرى ليقدموا ورقات رئيسية عن كل موضوع فرعي .   ويمكن كذلك دعوة المنظمات المختصة في هذا الشأن .

        ويتعين أن يتحمل البلد المضيف تكاليف الإقامة في الفنادق والنقل المحلي أثناء فترة انعقاد حلقة العمل . ويتعين أن تدفع اللجنة الإقتصادية لأفريقيا تكاليف تذاكر الرحلات الجوية والمصاريف النثرية .   وتقدر التكلفة الكلية المتوقعة بحوالي 30000 دولار أمريكي .

        5-2-3 بناء القدرات في مجال الإدارة المتكاملة للموارد المائية
        القضية الرئيسية في هذا المجال هي تنمية المهارات في كل جوانب إدارة المياه المستعملة ، لأن الافتقار إلى المهارات والمعرفة يمكن أن يؤدي إلى فشل تنفيذ المشروع . وينبغي أن يشمل برنامج التدريب الجوانب التالية :
- دعم التثقيف والتدريب في مجال حماية البيئة في المنطقة دون الإقليمية لشمال أفريقيا ؛
- تعزيز رصد تلوث المياه في المنطقة بوضع ترتيبات مؤسسية لرصد التلوث ودعم الربط الشبكي لرصد تلوث البيئية ،   وإنشاء قاعدة بيانات ونظام إنذار مبكر لرصد التلوث ؛
- مساعدة الدول الأعضاء في دعم استخدام المياه المستعملة المعالجة في الزراعة.


        5-2-4 المشاركة الشعبية
        ربما يكون نهج إعادة استخدام المياه المستعملة نهجاً جديداً في بعض بلدان المنطقة دون الإقليمية (السودان على سبيل المثال) .   ولذلك ينبغي توخي الحذر بشأن توفير المعلومات ووضع برامج تثقيفية للمستعملين النهائيين (المزارعون) ،   لأن سوء استخدام المياه المستعملة يمكن أن يؤدي إلى معارضة الأمر برمته .

        ينبغي التخطيط لحملة إعلامية جيدة التنظيم كوسيلة لزيادة الوعي الجماهيري بهذه القضية. والهدف الأول من هذه الحملة هو زيادة الوعي الجماعي وتوضيح أن إعادة استخدام المياه المستعملة هو تقنية بديلة موثوقة. وينبغي أن توضح الحملة للمستعملين المحتملين الحقائق المتعلقة بإعادة استخدام المياه المستعملة .   ولا ينبغي أن يعي المزارعون وعامة الجمهور منافع استخدام المياه المستعملة فحسب ، بل أيضا المخاطر البيئية والصحية المرتبطة بهذا الاستخدام . وينبغي أن تفضي الحملة إلى إزالة التحيز الثقافي والحاجز النفسي المرتبط باستخدام المياه المستعملة.

        ويوجز الجدول 5-1 المجالات الرئيسية لتعزيز المشاركة الشعبية ، فضلاً عن الأهداف ووسائل التنفيذ .



الفصل السادس
الاستنتاجـات

        أوضحت هذه الدراسة أن العديد من بلدان المنطقة دون الإقليمية لشمال أفريقيا في طريق بلوغ حدود إمداداتها المائية المتاحة . والمنطقة دون الإقليمية عرضة أيضا لمعدلات أمطار متغيرة وغير موثوقة إلى حد كبير ، مما يؤدي في بعض الأوقات إلى فجوات غذائية هائلة. كما أن حالات الجفاف تتكرر في المنطقة دون الإقليمية وبشكل حاد . ولذلك فإن التخفيف من الآثار الضارة للجفاف سيكون عنصرا حاسم الأهمية بالنسبة للأمن الغذائي والانتعاش الاقتصادي المستدام والتنمية في المستقبل . وكلما ازداد عدد السكان ، كلما تعرض المزيد من الناس للمخاطر . كما أن تصاعد استغلال الموارد الطبيعية وتدهورها ، ولا سيما ممارسة المزيد من الضغوط على الموارد المائية ، يعرض قاعدة هذه الموارد للخطر .

        وتوضح المؤشرات الدولية أن شح المياه ربما يصبح أمرا سائدا في بلدان المنطقة حيث يتجاوز استخدام المياه نسبة 40 في المائة من الموارد المائية المتاحة. وتختلف الأسباب التي تؤدي إلى شح المياه ، بمعنى أن هناك شحاً حقيقياً وشحاً مستتراً ، أي :
1. كل الموارد المائية التي يمكن استغلالها اقتصاديا قد استغلت ، وما تبقى لا يمكن استغلاله إما من الناحية التقنية أو الاقتصادية ؛
2. المعرفة بشأن تنمية الموارد المائية محدودة أو غير موجودة ؛
3.الموارد المائية متوفرة ، ولكنها لا تستوفي الشروط (أي ملوثة) .

 والمؤشرات الأخرى لشح المياه هي الأرقام القياسية لشح المياه التي توضح مستويات الإجهاد المائي . وتم تحديد أربعة مستويات للإجهاد المائي وهي :
· الإجهاد المائي المنخفض : البلدان التي تستخدم أقل من 10 في المائة من مواردها المائية المتاحة لا تواجه ضغوطا على هذه الموارد؛
 · الإجهاد المائي المعتدل : البلدان التي تستخدم ما بين 10 إلى 20 في المائة من مواردها المائية المتاحة تصبح فيها المياه عاملا يحد من التنمية؛
 · الإجهاد المائي الذي يتراوح من المتوسط إلى العالي : البلدان التي تستخدم ما بين 20 إلى 40 في المائة من مواردها المائية المتاحة. وينبغي هنا اتباع إدارة موارد مائية حذرة لضمان استدامة استخدامات المياه . وينبغي أيضاً حل مشكلة المنافسة على الماء بين القطاعات المختلفة ؛
 ·الإجهاد المائي العالي : البلدان التي تستخدم نسبة تزيد على 40 في المائة من مواردها المائية المتاحة. هذا مؤشر من مؤشرات شح المياه ، وينبغي البحث عن مصادر مائية بديلة ، وإبلاء الاهتمام إلى إدارة المياه وأساليب الطلب عليها .

        وقد أوضحنا في الجزء الأول من هذه الدراسة أن جميع البلدان ، باستثناء الجزائر ،   في المنطقة دون الإقليمية قد تجاوزت بقدر كبير نسبة ال 40 في المائة من نسبة مواردها المائية المتاحة والمستخدمة لمختلف الأغراض. وفي هذه الظروف ينبغي البحث عن مصادر جديدة ،ويتعين إيلاء الاهتمام على نحو عاجل إلى الإدارة المكثفة للموارد والطلب عليها.

        وأوضح الجزء الأول كذلك أن المنطقة دون الإقليمية عرضة لمعدلات أمطار متغيرة وغير موثوقة بدرجة كبيرة .   كما أن الجفاف الضار بالزراعة يحدث حينما لا تكون إمدادات المياه كافية لتلبية احتياجات المحاصيل والماشية .

        واستعرض هذا الجزء من الدراسة ممارسات مكافحة الجفاف التي تشمل تقنيات جمع المياه والري التكميلي في مناطق الزراعة المطرية وإعادة زراعة الغابات وعوامل إدارة المحاصيل، وإدارة الإمدادات المائية والتوسع في المساحات المروية ، وزيادة إنتاجية استخدام المياه ، واستعمال المياه المالحة في الري . وينتهي هذا الجزء من الدراسة باقتراح استراتيجيات تشمل : تشجيع استخدام تقنيات جمع المياه ، وزيادة فعالية استخدام المياه في الزراعة ، وتنمية موارد مائية غير تقليدية ، ووضع تدابير لإدارة مناطق مستجمعات المياه ، وإنشاء شبكة لقواعد البيانات ، واستكمال المعلومات الخاصة بالموارد المائية ، وتعزيز التعاون فيما بين بلدان المنطقة دون الإقليمية ، وتهيئة بيئة مواتية لحفز القطاع الخاص على الإستثمار في تنمية المياه ، وتشجيع البحث ، وإنشاء مؤسسات ملائمة و/أو إصلاح المؤسسات القائمة .

        ويتناول الجزء الثاني من الدراسة إعادة استخدام المياه المستعملة حاليا ومستقبلا في المنطقة دون الإقليمية .   ويمكن استخلاص الملاحظات التالية :
· هناك دليل واضح على إمكانية إنتاج كميات من المياه المستعملة في بلدان المنطقة دون الإقليمية لشمال أفريقيا . ويختلف حجم هذه الكميات من بلد لآخر، غير أن كمية وخصائص هذه الكميات سواء المنتجة حاليا أو التي يمكن أن تنتج في المستقبل غير محددة بدقة ؛
· نادرا ما تتوفر المعلومات والبيانات الخاصة بشبكات معالجة المياه المستعملة بالنسبة لكل بلدان المنطقة دون الإقليمية ؛
· لا تتوفر المعلومات والبيانات الخاصة باستخدام المياه المستعملة المعالجة في العديد من بلدان المنطقة دون الإقليمية .   وحتى البلدان التي لديها معلومات وبيانات ، فإن ما لديها من معلومات وبيانات غير كاملة ؛
· هناك العديد من القيود التي تواجه إعادة استخدام المياه المستعملة . ويمكن تقسيم هذه القيود إلى قيود تتصل بمواقف الناس إزاء استخدام هذا النوع من المياه ،وقيود مؤسسية ، وقيود تتصل بالدراية التقنية، وقيود اجتماعية واقتصادية وبيئية ؛
· تستخدم المياه المستعملة في المنطقة دون الإقليمية للري لفترة من الزمن ؛   غير أنه لم يكن هناك رصد كاف لآثار هذا الاستخدام في الصحة العامة والبيئة ، أو دراسة اجتماعية-اقتصادية بشأن إعادة استخدام المياه المستعملة ؛
· ينبغي أن توضع لكل بلد معايير وقوانين ممارسة تحكم استخدام فضلات المياه المعالجة للري ؛
· من الضروري تدريب المهارات في مجال تشغيل وصيانة محطات معالجة المياه المستعملة ، وتدريب المزارعين على إعادة استخدام المياه المستعملة في الري ؛
· يتعين وضع قوانين ونظم وإنشاء مؤسسات لإدارة المياه ، أو تعديل وإصلاح القائم منها لتصبح قادرة على مواكبة إعادة استخدام الفضلات المعالجة؛
· ينبغي إضافة مكونات زيادة الوعي العام ودعم الصحة والتثقيف إلى مشاريع إعادة استخدام المياه المستعملة .

        وفيما يلي مكونات خطة العمل دون الإقليمية المقترحة لتعزيز استخدام المياه المستعملة المعالجة
 · إعداد دراسات قطرية عن إمكانية المياه المستعملة وإعادة استخدامها ؛
 ·تنظيم حلقة عمل دون إقليمية عن معالجة المياه المستعملة وإعادة استخدامها : الفرص في المستقبل ؛
 ·  بناء القدرات في مجال الإدارة المتكاملة للموارد المائية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا