التسميات

الأحد، 28 فبراير 2016

الرسالة الملكية الموجهة للمشاركين في اليوم الوطني لانطلاق إعداد مدونة التعمير ...

الرسالة الملكية الموجهة للمشاركين في اليوم الوطني لانطلاق إعداد مدونة التعمير
مقدمــــة
                                      I.      بيـان الأسبـاب
                                   II.      واقع الحال
                                III.      مراحل إعداد مدونة التعمير
                                      I.      التخطيط وتأهيل المجال
                                   II.      تعمير "منصف" وتشاوري، يساهم فيه الجميع
                                III.      تعمير في خدمة المواطن
                               IV.      تعمير تحفيزي
                                      I.      وثائق التعمير
                                   II.      التهيئات الحضرية
                                III.      التدبير الحضري
                               IV.      الإشكالية العقارية
                                  V.      المؤسسات المكلفة بالتعمير
                               VI.      الإنجاز في التعمير
                            VII.      السكنى والسكن الاجتماعي
                         VIII.      دور التعمير في خلق الثروة
                               IX.      التراث العمراني
                                  X.      الجودة المعمارية والمشهد الحضري
                               XI.      البيئة والتنمية المستديمة

مقدمــــــة:
إذا كانت المدينة تعتبر سابقا، شأنا من شؤون الدولة والجماعات المحلية والفاعلين الاقتصاديين، فقد أصبحت اليوم أمرا يهم المواطن كذلك. لذا، فقد أصبح لزاما على السياسة العمرانية أن ترتكز على التشاور والمشاركة والحوار وعلى تدبير حضري يعتمد القرب.
ولكون التعمير قطاعا يهم مختلف مكونات المجتمع فإنه يتعين، عند إعداد المدونة الجديدة للتعمير، إشراك كل الأطراف المعنية من منتخبين محليين وهيئات مهنية ومنظمات غير حكومية ومجتمع مدني إلى جانب القطاعات الإدارية.
ولقد أكد جلالة الملك محمد السادس، في الرسالة الملكية الموجهة إلى المشاركين في اللقاء الوطني لإعطاء انطلاقة مشروع مدونة التعمير، على الحرص على حسن إعداد هذه المدونة، إعدادا "...ينبغي أن يعتمد المقاربة الديمقراطية، القائمة على التشاور الواسع، مع كل القطاعات والهيئات المعنية، وينهج إشراك المنعشين العقاريين، والفاعلين المحليين".
 وينبغي لمشروع المدونة هذا، أن يشكل قانونا تأسيسيا ينطلق من المكتسبات التاريخية ويضع المجال المغربي في إطار التنافسية الترابية، من أجل توفير بيئة ثقافية واقتصادية واجتماعية تحقق التنمية المستديمة وتوفر للمواطن إطار عيش كريم.
وإذ تقدم هذه الوثيقة أرضية للحوار والتشاور وتعالج جوانب متعددة وتطرح أفكارا من شأنها توجيه محتوى مشروع المدونة الجديدة للتعمير، فإن المقصد الأساس منها، يبقى هو فتح نقاش بناء بين مختلف الفاعلين، من شأنه تحرير الطاقات لوضع تصور مستقبلي متكامل لما نريد أن تكون عليه تكتلاتنا العمرانية.
إننا من خلال هذه المدونة نرسم معالم المستقبل للأجيال القادمة، وهذه مسؤولية علينا أن نستشعر جسامتها، حتى تكون مساهمتنا في مستوى التطلعات المرجوة. 
  I.      بيــان الأسبــاب:
لقد أثبتت التجربة والممارسة الميدانية محدودية التشريعات المعمول بها في ميدان التعمير، في ضبط النمو المجالي والاستجابة للتحولات الاجتماعية والاقتصادية، فهي لا تواكب مبدأ اللامركزية واللاتركيز الإداري، ولا تستجيب لمتطلبات الاستثمار وللاحتياجات الخاصة لبعض فئات المجتمع.
فالتشريعات القائمة لا تمكن من إيجاد حلول للمشاكل الكبرى التي تعرفها التكتلات العمرانية فحسب، بل تزيد من حدتها بسبب التثاقل والجمود الذين يميزان هذه القوانين والتنظيمات التي لم تعد تتماشى والتغييرات المتسارعة التي يشهدها المجال.
لذا، ولمعالجة الاختلالات الاجتماعية والمجالية المتجلية في تعمير "غير منظم"، مع كل ما يحمله هذا التعبير من معاني التمييز والإقصاء الاجتماعي والمجالي وتفشي البطالة والانحراف وكل مظاهر ضعف الاندماج، صار جليا أن تنظيم مجالاتنا يتطلب وسائل وآليات ومقاربات جديدة في ميدان التخطيط والتدبير الحضريين.
ولقد أضحى من اللازم، في ظل التحولات التي يعرفها السياق الوطني والدولي، مقاربة التعمير عبر جوانبه الاقتصادية والمالية وخاصة الاجتماعية. ثم إن القواعد القانونية للتعمير يجب أن لا تستمد مبادئها من المساطر الإدارية فحسب، بل كذلك من خلال الآليات المتحكمة في سيرورة التحولات التي يعرفها المجتمع.
ومن جهة أخرى، فغياب تدوين تراتبي وموضوعاتي لمجموع النصوص القانونية المتعلقة بالتعمير والإسكان والبناء، يجعل معظم المتدخلين يواجهون حالات من التناقض والالتباس، مما يجعل تدبير هذا القطاع صعبا على مستوى الممارسة، حيث نجد كثيرا من التدابير القانونية المرتبطة بالتعمير، متداخلة مع نصوص متناثرة، تخص ميادين عديدة يصعب كشف علاقتها بالتدبير الحضري.
وفي هذا السياق، جاءت الرسالة الملكية السالفة الذكر لتؤكد على ضرورة اعتماد إطار قانوني جديد: "... وتعزيزا للمجهودات التي تقوم بها حكومتنا، فقد أضحى من اللازم الانكباب على مراجعة وتحديث منظومة التعمير الجاري بها العمل في بلادنا، والتي وإن عرفت بعض الإصلاحات في العقدين الماضيين، فإنها ظلت محدودة. وما زالت بعض تشريعاتها ترجع إلى بداية القرن الماضي". كما أوضحت الغاية من الإصلاحات التشريعية المنشودة: "... غايتنا المثلى جعلها تواكب الحركة العمرانية، التي تعرفها المملكة، وتساير وتيرة تنمية العديد من القطاعات الحيوية، ذات الأبعاد الاستثمارية والصناعية، والسياحية والسكنية".
وبينت الرسالة الملكية كذلك الملائمة الظرفية لهذا المشروع في ظل: "... الانفتاح الذي تعرفه المملكة، وانخراطها في مناخ العولمة، وما يفرضه ذلك من تقوية لقدراتنا التنافسية". كما أكدت على أن التفكير في هذا التعديل يندرج في:  "... سياق تعزيز الأوراش الإصلاحية الكبرى، التي تعرفها بلادنا في شتى المجالات، وفي قطاع الإسكان والتعمير".
 فالمشروع الجديد للمدونة لن يقتصر على تقويم المقتضيات القانونية التي لا تتلاءم مع الواقع فحسب، بل عليه أن يأخذ كذلك بعين الاعتبار متابعة الأوراش الإصلاحية الكبرى التي اعتمدتها الدولة، ونخص منها بالذكر:
-  إحداث المجلس الأعلى لإعداد التراب الوطني والمصادقة على الميثاق الوطني لإعداد التراب.
-      تدعيم اللامركزية واللاتركيز الإداري؛
-      صدور الميثاق الجماعي الجديد؛
-  تبني مبدأ "وحدة المدينة" كاختيار سياسي ومؤسساتي رئيسي في منظومة تأهيل المدن؛
-      اعتماد التدبير اللامركزي للاستثمارات؛
-      تشجيع عرض السكن الاجتماعي لفائدة الفئات ذات الدخل المحدود؛
-  تحقيق برامج كبرى، خاصة تلك التي تندرج في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية والتي تروم تحسين إطار عيش المواطن.
إن إعداد مدونة جديدة للتعمير، فرضته ضرورة معالجة الاختلالات القانونية الحالية على مستوى النص والتطبيق، وتحديث الترسانة القانونية حتى تواكب التحديات الراهنة لبلادنا.
II.      واقع الحــال:
 بدأ اهتمام السلطات العمومية بالنمو الحضري منذ الحقبة الأولى من القرن الماضي، حيث تم إصدار ومراجعة عدة تشريعات بهذا الخصوص، كلما دعت الحاجة أو استجدت ظروف تحتم ذلك.
§         النصوص القانونية المعمول بها حاليا في قطاع التعمير والإسكان:
-      القانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير؛
-      القانون رقم 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات؛
-      الظهير الصادر بتاريخ 25 يونيو 1960 يتعلق بتنمية التكتلات القروية؛
-  المرسوم الصادر بتاريخ 26 دجنبر 1964 المحدد لمناطق السكن الاقتصادي والمصادق بموجبه على الضابطة العامة للبناء المطبقة بهذه المناطق.
§         مشاريع قوانين تم إعدادها ولم يصادق عليها بعد:
-      مشروع قانون رقم 04-04 يقضي بسن أحكام تتعلق بالسكنى والتعمير؛
-      مشروع قانون رقم 00-42 متعلق بتأهيل العمران؛
-      مشروع مرسوم متعلق بالمصادقة على الضابطة العامة للبناء الخاص بالسكن الاجتماعي.
إن النصوص القانونية المعمول بها حاليا مكنت السلطات العمومية، على سبيل المثال، من :
-      إقرار شبكة مدن متميزة؛
-      تأطير النمو الحضري للتكتلات العمرانية الكبرى؛
- إنشـاء الـمـلك العمومي والمحـافظة عليه (الشبكة الطرقية، الأحزمة الخضراء ...الخ.)؛
-      تحصين المكتسبات في ميدان التراث العمراني...
إلا أن معاينة الحالة الراهنة لواقع التكتلات العمرانية، تبدي واقعا عمرانيا معقدا يدعو للقلق على أكثر من صعيد. ويمكن معاينة هذه الحالة من خلال معطيات مختلفة تتعلق بالجوانب الديموغرافية والمؤسساتية والقانونية والعقارية والمالية:
1.   المعطيات الديموغرافية:
حسب نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2004، يمكن استخلاص ما يلي:
-      بلغ عدد سكان المغرب29,89  مليون نسمة؛
-      بلغ معدل النمو الديمغرافي السنوي 1,7%؛
-      يمثل السكان الحضريون %55,1 من مجموع السكان؛
-      %60 من مجموع السكان يستقرون في مثلث الدار البيضاء- فاس-القنيطرة؛
-      أزيد من %50 من السكان يقل سنهم عن 20 سنة؛
-      %26,6 من الشباب حاملي الشهادات الجامعية عاطلون عن العمل؛
-      ارتفاع في نسبة الفئة البالغة سن الرشد؛
- وجود فوارق ما بين الجهات وعدم توازن النمو الديمغرافي بين المجالين الحضري والقروي؛
-      توزيع غير متوازن للسكان.
ويتبين من خلال تحليل هذه المعطيات:
-      صعوبة التحكم في المجال العمراني؛
-      حدوث تحولات كبيرة على المستوى الاجتماعي وأنظمة نشاط المجالات الحضرية والقروية؛
-      ارتفاع الطلب على الشغل والسكن والتجهيزات.
تطور الساكنة المغربية (2004-1960)
سنة الإحصاء
الساكنة
معدل النمو
الحضرية
القروية
العامة
1960
3.389.613
8.236.857
11.626.470

1971
5.409.725
9.969.534
15.379.259
%2,8
1982
8.730.339
11.689.156
20.419.555
%2,6
1994
13.407.835
12.665.882
26.073.717
%2,1
2004
16.463.634
13.428.074
29.891.708
%1,4
مصدر: المندوبية السامية للتخطيط.
2.   المستوى المؤسساتي:
عرف الجانب المؤسساتي تحولات إيجابية خلال السنوات الأخيرة، نخص منها بالذكر:
-      تدعيم سياسة القرب؛
-  تأسيس مفهوم جديد للسلطة بما يحمله من مضامين تخص تدعيم الحكامة وترشيد النفقات واستقطاب الاستثمارات وكذا أهمية دور والي الجهة...؛
-  إحداث مؤسسات جديدة (المراكز الجهوية للاستثمار، الوكالة الوطنية للمحافظة
العقارية، ...)؛
-      بروز المجتمع المدني كفاعل في التنمية الحضرية.
ومقابل هذه التحولات، نسجل بقاء بعض العوائق، نذكر منها:
-      تعدد الفاعلين وتداخل الاختصاصات وصعوبة التنسيق؛
-      غياب رؤية شمولية وتشتت التدخلات القطاعية؛
-      ضعف التشاور والمشاركة عند اتخاذ القرارات.
3.   المستوى القانوني:
رغم المكتسبات التي تم تحقيقها على الصعيد القانوني، فإن هذا الجانب يعرف مجموعة من العوائق، نذكر منها:
-      تقادم وعدم ملائمة بعض القواعد القانونية وتشتتها على نصوص متعددة؛
-      جمود بعض المقتضيات التشريعية؛
-      بطء وتعقد المساطر؛
-      صعوبة تطبيق بعض المقتضيات المتعلقة بالتعمير بسبب:
§   قلة الوسائل؛
§  سوء استيعاب النصوص القانونية؛
§   غياب المراسيم التطبيقية لبعض القوانين المعمول بها.
-   عدم ملائمة الترسانة القانونية للمعطيات الاقتصادية والاجتماعية الجديدة؛
-  غياب وسائل التدخل داخل الأنسجة القائمة خصوصا منها غير القانونية أو الأنسجة ذات الطابع التاريخي والأركيولوجي، وكذا غياب التدابير المتعلقة بإنجاز عمليات التعمير الكبرى.
4.   المستوى العقاري:
وفي هذا المجال، اتخذت مؤخرا بعض التدابير الإيجابية، نذكر منها:
-      مشروع مراجعة القانون المتعلق بالتحفيظ العقاري؛
-      مشروع القانون المتعلق بالحقوق العينية العقارية؛
-      إحداث الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية؛
-  تعبئة العقار العمومي لفائدة مشاريع التنمية الكبرى (السياحة، السكن، الصناعة،
الخدمات ...).
وبالرغم مما سبق تحقيقه، ما تزال هناك بعض العراقيل تفرض نفسها بحدة، ومن بينها:
-      تقلص الاحتياط العقاري التابع للدولة والجماعات المحلية؛
-      تعقد الأنظمة العقارية وتعدد القوانين المنظمة لها؛
-  الارتفاع المهول في قيمة العقار داخل المجال الحضري نتيجة غياب آليات ضبط السوق العقارية؛
-      عدم ملائمة مساطر وآليات التعمير لتعدد الأنظمة العقارية وتعقيداتها.
5.   المستوى المالي:
وإذا كنا على هذا الصعيد نسجل عدة مكتسبات كإحداث صندوق الحسن الثاني للتنمية وإنعاش الاستثمار وإشراك القطاع الخاص وتظافر التعاون الدولي، فإن بعض العوامل ما تزال تشكل عائقا في هذا المجال، كقلة الموارد المالية للدولة والجماعات المحلية وغياب آليات التمويل، وعدم تحويل القيمة المضافة للعقار التي تمنحها وثائق التعمير إلى عوامل للتنمية...
ومع وجود هذه العوامل كلها، فمن الطبيعي إذن أن نجد التجمعات العمرانية تشوبها بعض الاختلالات المرتبطة بالتنظيم المجالي والتخطيط الحضري:
اختلالات مرتبطة بالتنظيم المجالي:
- توسعات ضخمة للتكتلات العمرانية في غياب بنيات الاستقبال المتعلقة بالتجهيز والتشغيل؛
-      تشتت المدينة وعدم انسجام مكوناتها الحضرية؛
-      استعمال غير معقلن للأراضي وتردي المجالات الحضرية؛
-      انتشار السكن غير اللائق وتدهور الأنسجة العتيقة وإطار العيش؛
-      تعمير مناطق معرضة للأخطار؛
-      ضعف التأطير وخصاص في آليات التدخل في العالم القروي؛
-      تنميط الأنسجة الحضرية؛
-      الفقدان التدريجي للمميزات والخصوصيات الجهوية والمحلية.
اختلالات مرتبطة بالتخطيط الحضري:
-  عجز وثائق التعمير عن تدبير التهيئة المجالية وعن مصاحبة استراتيجيات التنمية الاجتماعية والاقتصادية؛
-  ضعف تنفيذ توجهات وثائق التعمير على أرض الواقع بما فيها المرافق الاجتماعية والبنيات التحتية؛
-      محدودية آليات تنفيذ مقتضيات وثائق التعمير؛
-      غياب تفاعل حقيقي بين وثائق التعمير والمستجدات الاجتماعية والاقتصادية؛
-      بطء وتعقـد مسطرة إعداد وتحيين ومراجعة وثائق التعمير؛
-      كثرة اللجوء إلى الاستثناء وتحوله، في العديد من الحالات، إلى قاعدة.
إن تعقد وسرعة النمو الحضري تزيد من تفاقم هذه الاختلالات، فإذا كانت المدينة في السابق، محددة ومرتبطة بوظائف معينة، فقد أصبحت اليوم في انفتاح وتوسع مستمر لا تحكمه حدود.
فما هو، إذا، التوجه والمنهج الذين يجب اعتمادهما من أجل إنتاج وتنظيم وتدبير المجالين الحضري والقروي؟ وكيف ستكون المدينة مستقبلا؟ وكيف سيكون شكلها وحجمها؟ وما هي نوعية العلاقات التي ستنسجها بساكنيها؟
وبالنظر إلى العلاقة بين مستوى التجمعات العمرانية وقدرتها على إنتاج الثروة، فهل ينبغي الاستمرار في اتجاه تضخيم المدن الكبرى أو على العكس، ينبغي الحد من توسعها؟ فالنمو العمراني، إذا كان مصحوبا بنمو واندماج اقتصاديين، يصبح ورقة رابحة في حلبة المنافسة، والتنمية العالمية تتحقق، اليوم، قي "المتروبولات" أو المدن الكبرى.
فالتعمير كما يطبق اليوم في بلادنا، يقتصر على التخطيط للمجال وتحديد الإطار القانوني لتدبير ترخيصات البناء والتجزيء، دون أن يعير وسائل تحقيق الخيارات المجالية ما تستحقه من اهتمام.
والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو إلى أي حد يمكن تقنين المجال وتنظيمه؟ وما هي حدود التخطيط والتقنين الحضري؟ وأي هامش يمكن تركه للواقعية والتفاعل المستمر مع المستجدات في إطار حكامة محلية؟

إنه وعلى الرغم من وجود ترسانة قانونية وتشريعية في ميدان التعمير، فإن النمو الحضري ما زالت تشوبه بعض الاختلالات الناتجة عن تداخل عدة عوامل، تتعلق بالأساس، بالنصوص القانونية في حد ذاتها وبسوء تطبيقها وبغياب بعض المقتضيات الملائمة.


III.      مراحـل إعداد مدونـة التعميـر:
مدونة جديدة للتعمير، مطلب لطالما عبرت عنه شرائح عريضة من المهتمين. ولكي تتم فعلا الاستجابة لأكبر قدر من التطلعات، كان لزاما أن يكون إعداد المدونة موضوع مشاورات موسعة وعلى جميع الأصعدة. ومن هذا المنطلق، فإن هذا الإعداد يتم في إطار نظرة تشاركية تعتمد على التشاور والحوار، يساهم فيها جميع المتدخلين في هذا القطاع سواء على الصعيد المحلي أو الجهوي أو الوطني (الجماعات المحلية ومختلف القطاعات الوزارية المعنية والهيئات المهنية والمنظمات غير الحكومية ...الخ ).
ولقد شكل اللقاء الذي نظم بمناسبة إعطاء انطلاقة إعداد مشروع المدونة والذي جمع مختلف الفرقاء والمتدخلين في ميدان التعمير، مناسبة لعقد المشاورات الأولى. فالمناقشات التي عرفها الملتقى مكنت من جهة، من تشخيص الوضعية الراهنة، كما أتاحت من جهة أخرى، الفرصة لتحديد التوجهات الكبرى لمشروع المراجعة ووضع قواعد وآليات التشاور لإنجاز هذا المشروع.
وستتم متابعة هذه المشاورات على المستويين الجهوي والمحلي وذلك بالمساهمة الفعالة لجميع الفاعلين المحليين وبالخصوص العمالات والجماعات المحلية والوكالات الحضرية والمنظمات
 المهنية ...الخ.
ولقد أكدت الرسالة الملكية على الدور الذي يجب أن تلعبه الوكالات الحضرية لدعم التشاور والحوار على الصعيد الجهوي والذي يجب أن يتم: "... بتنشيط من الوكالات الحضرية، تجسيدا لما أكدنا عليه في خطاب العرش لهذه السنة، من التفعيل الأمثل لدورها".
فالوكالات الحضرية هي المسؤولة على الإشراف على تسيير هذا الحوار وإنجاحه على الصعيد المحلي، مع إشراك المنتخبين المحليين ومجموع الشركاء المعنيين.
لذا، فهي مدعوة لتنظيم أيام دراسية وجلسات الحوار والمدارسة، من أجل الوقوف على الانشغالات والاهتمامات الجهوية والمحلية في ميدان التعمير، واقتراح الحلول للإشكاليات الكبرى التي تفرض نفسها، وكذا إثارة المعيقات والخصوصيات المحلية التي يجب أخذها بعين الاعتبار عند إنجاز مشروع المدونة.
أما على الصعيد المركزي، فإن المشاورات ستتم مع كل القطاعات الوزارية المعنية، وكذا مختلف الهيئات المهنية والمنظمات غير الحكومية الفاعلة في ميدان التعمير والإسكان، من منعشين عقاريين ومجزئين ومهندسين معماريين والمساحين الطبغرافيين وباقي المهنيين...إلخ.
إن المغرب يحتاج اليوم إلى مقتضيات قانونية في ميدان التعمير، ملائمة للحركية التي تعرفها مجالاته، ومتماشية مع النمو الاقتصادي لمختلف القطاعات الحيوية من صناعة وسياحة وعقار، وتمكن من بلورة تعمير يعتمد الإبداع والمرونة ويستجيب بشكل فوري وسريع للإشكاليات التي يطرحها المجال العمراني بكل ما يتميز به من غنى وتعقيد.
ويأتي مشروع مدونة التعمير لإرساء تصور ملائم للنمو الحضري وبناء ترسانة تقنية وقانونية فعالة، تعطي لمجالاتنا القدرة على التنافسية دون المساس بالمكتسبات.
إن الرسالة الملكية الموجهة إلى المشاركين في الملتقى الوطني لانطلاق مشروع مدونة التعمير، تعتبر مرجعا أساسيا يحدد التوجهات الكبرى ويمهد الطريق لـ :
-      تأهيل التجمعات العمرانية يجعلها في مستوى استقبال واستقطاب الاستثمارات؛
-  تطوير تقنيات جديدة في ميدان الإسكان تمكن من الاستجابة للحاجيات المتجددة للمواطنين؛
-      الحفاظ على التراث المعماري سواء في أبعاده الوطنية أو خصوصياته الجهوية والمحلية؛
-      ترسيخ مبادئ الشفافية والمنافسة والحكامة الرشيدة؛
-      إقرار العدالة العقارية التي تضمن مساهمة كل الأطراف في تمويل عمليات التعمير؛
-  الاستجابة لمتطلبات التنمية البشرية ومحاربة الفقر والحد من الخصاص في الميدان الاجتماعي؛
-  الأخذ بعين الاعتبار خيارات المخطط الوطني لإعداد التراب والتوجهات المقررة على ضوء تنوع مجالاتنا الترابية.
ويمكن تقديم التوجيهات التي تضمنتها الرسالة الملكية في أربعة محاور:

I.      التخطيط وتأهيل المجال:
إن مساهمة قطاع التعمير في وضع إطار مرجعي للتنمية المستديمة وتأهيل المجال الوطني، سواء بالمدن أو بالأرياف، مع التوفيق بين متطلبات الحداثة والحفاظ على الهوية الـوطنية والخصوصيات الجهوية والمحلية بالإضافة إلى ترشيد الموارد،
يتطلب اتخاذ التدابير التالية:
1.    اعتماد إجراءات عملية تهدف إلى:
-      استحداث أشكال جديدة لعمليات التهيئة (التهيئة التشاورية، التهيئة التفاوضية...)؛
-      تفضيل مقاربة "المشروع الحضري" على التقيد بالشكليات المسطرية؛
-      تيسير عمليات التأهيل والتجديد الحضريين؛
-      تأطير إحداث مجالات حضرية جديدة؛
-      توسيع وتدعيم الحوار والتشاور مع المجتمع المدني.
2.   احترام التوازنات البيئية وذلك بهدف:
-  اعتبار التنمية المستديمة أساس كل عملية تهيئة وذلك عبر ترشيد استهلاك المجال واستغلال الثروات الطبيعية والبيئية؛
-      إدماج الأنسجة القائمة مع محيطها البيئي؛
-      إخضاع عمليات التعمير الكبرى لمنظور بيئي متكامل؛
-  تحديد وحصر المجالات والمواقع والمشاهد الطبيعية ذات الأهمية الخاصة التي يتعين حمايتها وإعادة الاعتبار لها.
3.   ترشيد وعقلنة وسائل التدخل في الأنسجة القائمة وعند إحداث تكتلات عمرانية جديدة.
4.   إبراز الهوية الوطنية والارتقاء بالتراث الطبيعي والثقافي بالحرص أساسا على:
-  وضع تدابير تمكن من الحفاظ على التراث الطبيعي والعمراني والمعماري وحمايته من التشوه والاندثار؛
-      القطيعة مع أساليب التنميط؛
-      اعتبار التقاليد المحلية للتعمير.
II.      تعمير "منصف" وتشاوري، يساهم فيه الجميع:
إن تحقيق مدينة فعالة وتنافسية يتطلب حكامة حضرية محكمة، قوامها المسؤولية والشفافية والتحفيز واستشراف المستقبل وهذا يستوجب، لا محالة، اتخاذ التدابير التالية:
1. تأسيس تعمير يساهم فيه الجميع ويمنح المواطن حق المشاركة الفعلية في إعداد السياسات العامة ويمكنه من التفاعل والتأثير في اتخاذ القرارات وبلورة التوجهات المتعلقة بالتهيئة والتعمير؛
2. تعزيز تدخل الجماعات المحلية في إطار لامركزية متجددة وفعالة، بإعطائها مسؤوليات واضحة ومحددة؛
3.   تحديد اختصاصات ومسؤوليات مختلف المتدخلين؛
4.   تحفيز التمازج الحضري والاجتماعي من الناحية الوظيفية والشكلية، عن طريق:
-  تأهيل الأنسجة المتدهورة، بشكل يشجع اندماجها داخل محيطها الحضري ويمكنها من التكامل معه؛
-      الاستشراف فيما يخص جوانب التنمية الاجتماعية؛
-      إدماج التجمعات القروية وفك العزلة عنها.
III.      تعمير في خدمة المواطن:
إن مصالحة المواطن مع محيطه المعيش، مرتبط أساسا بضمان سلامة المباني وجودتها، وبتشجيع المبادرات الفردية والجماعية، إضافة إلى تلبية حاجيات مختلف فئات المجتمع ولاسيما ذات الاحتياجات الخاصة. وهذا يستوجب:
1.   مرونة في قوانين التعمير، تحدد واجبات المواطن وتضمن له حقوقه؛
2.    تحديد المسؤوليات في ميدان التدبير الحضري مع حسن توزيعها؛
3.   إعادة الاعتبار لهيبة القانون باعتماد نظام ملائم وفعال للمراقبة وزجر المخالفات.
IV.      تعمير تحفيزي:
فضلا عن كون التعمير أداة لتجسيد وتنفيذ السياسات الحكومية، ينبغي له أن يلعب أيضا دور المحفز على الاستثمار، بمواكبة النمو الاقتصادي والاجتماعي للتكتلات العمرانية كي تلعب دورها الأساسي في خلق الثروة في إطار تنمية مستديمة. ومن أجل ذلك لا مناص للتعمير من أن:
1. يوفر إطارا مرنا وقادرا على التفاعل من خلال نهج التدبير عن قرب ووضع آليات لتأطير المشاريع الاستثمارية.
2.   يشجع المبادرة الخاصة ويؤطرها من خلال:
-  وضع آليات للمساهمة والمعاوضة في تكاليف التعمير وكذا لمواكبة عمليات الإنجاز؛
-  اقتراح أشكال للشراكة بين القطاعين العام والخاص في ميدان تعزيز المشاريع الحضرية.
3. يشجع الأنشطة الاقتصادية المدرة للدخل القار والمحفزة على التشغيل، في إطار التخطيط والتهيئة الحضريين، وذلك عبر اتخاذ تدابير مالية وعقارية ومجالية... الخ.
4.   يرسخ الاحترافية في قطاع التعمير ويطور التخصص في ميدان التنمية الحضرية.

إن الهدف الأساس من مشروع المدونة هو إيجاد الحلول الملائمة والمستديمة لإشكاليات التخطيط والتدبير الحضريين ومتابعة بناء تكتلات ذات قدرة تنافسية، وتأهيل مجالاتنا عبر تنمية محكمة التخطيط ومستديمة، توافق بين الحداثة والارتقاء بالهوية الوطنية وبالخصوصيات الجهوية والمحلية.


I.    وثائق التعمير
1.      مقاربة الإشكالية:
إن جميع البلديات وجل المجالات القروية الأكثر حساسية مغطاة حاليا بوثائق التعمير، غير أن تطبيق مقتضيات هذه الوثائق يعرف مجموعة من الاختلالات، الأمر الذي يزيد في توسيع الهوة بين مقترحات التهيئة وما يتم إنجازه على أرض الواقع، وهذا يجعل قيمة الوثيقة، كأداة لتخطيط استشرافي، موضوع تساؤل. ويتجلى ذلك من خلال:
-      بطء وتعقيد مساطر الإعداد والمراجعة والمصادقة على وثائق التعمير؛
-      ضعف أو غياب إشراك الجماعات المحلية وانخراطها في الإنجاز والتنفيذ؛
-  عدم ملائمة وثائق التعمير، في تصورها وأساليب بلورتها، لتنوع وخصوصيات المجالات المحلية؛
-      عدم مسايرة مقترحات التهيئة المجالية للواقع الاجتماعي والاقتصادي؛
-      تعدد المتدخلين وغياب التنسيق والتشاور على مستوى بلورة وتنفيذ خيارات التهيئة؛
-      ضعف الموارد المالية والعملياتية وغياب تحديد آجال التنفيذ.
2.      عناصر توجيهية:
أصبحت المراجعة الشاملة لمضمون وشكل وثائق التعمير والمساطر المتبعة لإعدادها والمصادقة عليها، ضرورة ملحة وذلك من خلال:
-      تعزيز مسلسل اللامركزية واللاتمركز في إعداد وثائق التعمير؛
-      تبسيط مسالك ومساطر إعداد وثائق التعمير والمصادقة عليها وطرق مراجعتها؛
-  تبسيط محتوى وثائق التعمير خاصة ما يتعلق بضوابط التهيئة وبتحديد التنطيقات، وذلك على النحو التالي:
§   اكتفاء وثائق التعمير بتحديد القطاعات، انطلاقا من كثافتها ونسبة التمازج الحضري (من الناحية الوظيفية والشكلية)، مع إرفاقها بجدول المرافق العمومية؛
§   الاقتصار على برمجة التجهيزات العمومية الإستراتيجية، علما أن التجهيزات الأخرى تتم برمجتها في إطار التجزئات العقارية والمجموعات السكنية؛
-      تعزيز مقاربة التشاور والتشارك في إعداد وتنفيذ مقتضيات وثائق التعمير؛
-      ترشيد نفقات إعداد وتطبيق وثائق التعمير؛
-  تشجيع إنتاج السكن الاجتماعي خصوصا منه السكن ذي القيمة العقارية الإجمالية المنخفضة؛
-      إدماج توجهات المخطط الوطني والمخططات الجهوية لإعداد التراب.
3.      خيارات مقترحة لإدماجها في مشروع المدونة:
يستحسن أن تتوجه خيارات مشروع المدونة نحو:
-  حصر وثائق التعمير في نوعين: وثيقة تحدد التوجهات الإستراتيجية، وأخرى تقنن استعمال الأراضي؛
-  الفصل بين نوعية وثيقة التعمير والوضعية الإدارية للتجمعات العمرانية (حضري/قروي)، وربطها بحجمها الديموغرافي وكثافتها السكانية؛
-      جعل من وثيقة التعمير إطارا لتنسيق عمليات التهيئة المقترحة من قبل مختلف الفاعلين؛
-  إحداث مقتضيات تتعلق بالتعمير العملياتي وذلك بتحديد مناطق تخضع لتدابير قانونية خاصة على المستوى المالي والعقاري والمجالي...
-      برمجة إنجاز العمليات الرئيسية للبنيات التحتية والمرافق العمومية مع تقدير كلفة إنجازها؛
-  تخصيص المناطق الكافية للسكن، وخصوصا منه السكن الاجتماعي ذي القيمة العقارية الإجمالية المنخفضة؛
-      دعم دور المجالس الجماعية في مجال إعداد وثائق التعمير؛
-  إشراك المواطن بشكل مباشر أو عن طريق الجمعيات الممثلة له ابتداءا من صدور قرار دراسة تصميم التهيئة؛
-  إشراك القطاع الخاص في إنجاز التجهيزات العمومية ولاسيما التجهيزات التعليمية والصحية؛
-      إتاحة إمكانية المراجعة الجزئية لتصاميم التهيئة عبر مسطرة استعجالية؛
-  اعتماد مبدأ تقييم وثائق التعمير الإستراتيجية بصفة دورية مع إمكانية المراجعة عند الحاجة؛
-      لامركزة مساطر الإعداد والمصادقة على تصاميم التهيئة.

II.    التهيئات الحضرية:
.1.II عمليات التهيئة:
 .1.1.IIالتجزئات، المجموعات السكنية والتقسيمات:
1.      مقاربة الإشكالية:
تعتبر التجزئات والمجموعات السكنية الوسائل العملية الوحيدة المتاحة في الوقت الراهن لتهيئة المدن، فهي تشكل المكونات الرئيسة للبنية الحضرية. أما أحجامها، فمنها ما لا يتعدى البقع القليلة أو المساكن المحدودة، ومنها ما يشكل مدينة قائمة الذات.
توزع التجزئات والمجموعات السكنية حسب المساحة
مساحة التجزئة/المجموعة السكنية
النسبة المئوية
أقل من 5 هكتارات
%52
من 5 إلى 20 هكتارا
%26
من 20 إلى 50 هكتارا
%14
أكثر من 50 هكتارا
%08
المصدر: الدراسة العقارية وتقييم تأثير التجزئات والمجموعات السكنية على تطور المجال العمراني.
وتشكل التجزئات والمجموعات السكنية النسبة الأهم من المجال المبني، بيد أنها تغفل جانب البنيات الحضرية ذات النفع العام لاسيما التجهيزات والفضاءات الخارجية المشتركة. وغالبا ما يترتب عن التفاوت الحاصل بين إنجاز المرافق الجماعية ووتيرة إنتاج التجزئات والمجموعات السكنية مجالات تفتقر إلى مستوى التجهيز المطلوب.
وكثيرا ما نجد مدنا تكونت نتيجة توالي إنجاز تجزئات سكنية، كان حافز معظمها البحث عن مردودية قصوى وعن استغلال للامتيازات المتوفرة والفرص العقارية السانحة وذلك دون مراعاة الانسجام والتكامل المطلوب، مما أفضى إلى اختلالات على مستوى البنية الحضرية لهذه المدن.
كما أن إنجاز التجزئات السكنية يمتد على فترات طويلة مما يؤدي إلى إبراز مشهد حضري غير مكتمل وبنية حضرية متقطعة، وأشكال معمارية غير متناسقة.
وعلى الرغم من الخاصيات والمميزات الجهوية (طبيعة المواقع، ظروف المناخ، أنماط الحياة والسكن والبناء...) فإن التجزئات والمجموعات السكنية تتشكل من خلال نمط معماري وحضري مفتقد للجمالية ولا يراعي الطابع المعماري الجهوي. كما تعاني هذه التجزئات من غياب اندماج وظيفي واجتماعي وانعدام التنوع في الإطار المبني. 
توزع التجزئات حسب نوعيتها
النوعية
النسبة المئوية
الاقتصادي
%85
الفردي
%11
الجماعي
%4
المصدر: الدراسة العقارية وتقييم تأثير التجزئات والمجموعات السكنية على تطور المجال العمراني.
وتجدر الإشارة إلى أن التنظيمات الحالية لا تتطرق لكيفية إنجاز التجزئات، وخاصة فيما يتعلق بتحميل المجزئين مسؤولية إنجاز مرافق القرب والفضاءات العمومية.
2.      عناصر توجيهية:
 يلزم في مجال إنجاز التجزئات والمجموعات العقارية والتقسيمات والترخيص لها ما يلي:
-  التمييز بين التجزئات وبين العمليات الكبرى للتهيئة والتعمير ذات الكثافة السكانية المرتفعة والمساحات الشاسعة؛
-  الجمع بين السكن ومختلف أشكال الأنشطة الحرفية والتجارية والصناعية والسياحية، في مفهوم جديد "المجموعات العقارية"؛
-  إدخال تدابير تحفيزية للتشجيع على بناء المجموعات العقارية، عوض الاكتفاء بتقسيم العقارات وتجزئتها؛
-      تبسيط مساطر ترخيص التجزئات وتقليص آجال البت في الطلبات المقدمة لهذا الغرض؛
-      تشجيع المجزئين العقاريين للإسراع بتنفيذ المشاريع المبرمجة على تجزئاتهم؛
-  عدم الربط ما بين التحفيظ العقاري ورخص التجزيء أو إنجاز المجموعات العقارية، حتى لا تستثنى الأراضي غير المحفظة أو تلك ذات الصبغة العقارية الخاصة؛
-  تشجيع الشراكة مع القطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية من أجل إنجاز المرافق الجماعية العمومية؛
-  الرفع من مستوى الجودة المعمارية والتعميرية والبيئية ومن قيمة المشاهد الحضرية للتجزئات والمجموعات العقارية.
3.      خيارات مقترحة لإدماجها في مشروع المدونة:
-      قبول ملف طلب رخصة التجزيء عند تقديم أي وثيقة تثبت ملكية المجزئ للعقار؛
-  التمييز بين التجزئات التي لا تتطلب إنجاز تجهيزات البنية التحتية أو الفوقية والتجزئات التي يتعين القيام فيها بهذه التجهيزات؛
-  تدقيق مقتضيات المادة 18 من القانون 90-25، وذلك بالإلزام بتسليم الوعاء العقاري المخصص للمرافق الجماعية مجانا وحسب الاقتضاء، للأملاك العمومية أو الجماعية، وذلك، وفقا لمعايير التجهيزات الجماعية؛
-  السماح للمجزئ العقاري بعد مدة معينة بإنجاز مرافق مخصصة للعموم بدل المرافق العمومية التي لم يتم إنجازها؛
-  يمكن للمجزئ العقاري في حدود ملكيته أن يقترح تغيير الأماكن المخصصة للمرافق العمومية ذات طابع استراتيجي المنصوص عليها في تصميم التهيئة؛
-  في حالة وجود مشروع تجزئة خارج نطاق تصميم التهيئة، وفي منطقة تتميز بحساسية خاصة )فرشة مائية غير عميقة، موقع ذو أهمية بيولوجية، موقع تراثي مرتب..,(، يلزم القيام بدراسات التأثيرات البيئية للمشروع؛
-  يجب إرفاق الوثائق المتعلقة بالتصور الحضري والمعماري للتجزئة بتصاميم عامة للأحياء مع تبيان أحجام البنايات؛
-  اشتراط التمازج الحضري على مستوى مشروع التجزئة والمجموعات العقارية وكذا الاندماج في المحيط المبني القائم؛
-  إقرار مبدأ التجهيز التدريجي للتجزئة، حسب شروط تحدد بموجب اتفاق بين الجماعة والمجزئ المعني بالأمر؛
-  تحديد تدابير عملية تأخذ بعين الاعتبار الجوانب التقنية والمالية والعقارية والمؤسساتية  لتحقيق إدماج التجزئات الغير قانونية؛
-  السماح بتقسيم العقارات داخل المدار الحضري أو خارجه بغض النظر عن وجود وثيقة التعمير؛
-  توسيع المعنى الاصطلاحي لـ"التقسيم" (morcellement)، ليشمل تقسيم البقع الأرضية المخصصة لإنجاز المرافق العمومية، والتقسيم الموجه لفصل جزء من البقع التي شيدت عليها مساكن تابعة للأملاك المخزنية بغرض تسهيل تسليمها لساكنيها، وتقسيم أراضي في ملك الدولة قصد إنجاز المشاريع الاستثمارية...إلخ.
.2.1.II   التهيئة التفاوضية:
1.      مقاربة الإشكالية:
تعترض تنمية التجمعات الحضرية والقروية عدة مشاكل تتعلق بـ :
-      تعقيد الأنظمة العقارية وتعددها؛
-      تعبئة العقار وتكوين أرصدة عقارية؛
-      اقتناء أراضي من أجل إنجاز المرافق العمومية؛
-      تعبئة الموارد المالية الضرورية لتحقيق وإنجاز البنيات التحتية...الخ.
ولمواجهة تصاعد وتيرة استهلاك العقارات التابعة للدولة والجماعات المحلية وبالنظر إلى محدودية الوسائل والإمكانات المتاحة لتنفيذ سياسات التهيئة، يتعين على الدولة إيجاد صيغ وسيطة تسمح بإدماج فعال لمختلف الفاعلين العموميين والخواص، وكذا ملاكي العقارات.
وفي هذا الصدد، فإن اعتماد التهيئة التفاوضية كمقاربة، تهدف إلى إشراك مختلف الفرقاء في إطار توافقي من شأنه أن يسمح بـ :
-       إبراز قيمة الأراضي المفتوحة للتعمير؛
-  رد الاعتبار للأنسجة الحضرية القائمة باعتماد عمليات تجديدية )تأهيل، رد الاعتبار، تجديد حضري، تغيير في الوظائف...(؛
-  تأطير عملية التهيئة المتضمنة لمناطق السكن والمناطق الصناعية والمناطق ذات الأهمية السياحية والمناطق ذات أنشطة مختلفة.
2.      عناصر توجيهية:
 إن تحديد الميكانزمات القانونية التي من شأنها أن تمكن من الشروع في عمليات التهيئة التشاورية وتأطيرها،  يجب أن يراعي:
-      الملائمة مع وثائق التعمير؛
-      التشاور ودراسة إمكانية الإنجاز والجوانب العملياتية؛
-      الخصوصية المتعلقة بالجانب القانوني؛
-      التواصل والإعلام.
كما يلزم الأخذ بعين الاعتبار الصعوبات التي يفرضها السياق المغربي:
-      تعدد المتدخلين المحليين؛
-      ضعف موارد السلطات العمومية والجماعات المحلية؛
-      وجود فوارق صارخة بين المجالات؛
-      ضعف ثقافة التشاور والمشاركة؛
-      ارتفاع الطلب على السكن؛
-      الخصاص الحاصل في التجهيزات.
3.      خيارات مقترحة لإدماجها في مشروع المدونة:
-  تطوير مفهوم جديد : "قطاع التهيئة التفاوضية". ويمكن تعريف قطاعات التهيئة التفاوضية بالقطاعات التي تقرر الدولة في شأنها، في إطار توافقي، ما يلي:
§         تنفيذ مقتضيات وثائق التعمير؛
§         التحكم في المناطق الحساسة؛
§         رد الاعتبار للأنسجة الحضرية القائمة.
-  يتم الشروع في هذه الأعمال إثر قرار يصدره العامل المعني بعد استشارة المجالس الجماعية والوكالة الحضرية المعنية؛
-      يمكن إحداث مناطق التهيئة التفاوضية بطلب من طرف الملاكين العقاريين؛
-  تكون، باتفاق مع الملاكين العقاريين الذين يمتلكون القسط الأكبر من الوعاء العقاري للقطاع المعني، مجموعة تنفيذ تتكلف بإنجاز عملية التهيئة التفاوضية؛
-      تعقد اتفاقية شراكة، يحدد بموجبها مساهمة مختلف الشركاء وشروط إنجاز البرنامج.
.2.II   التجديد الحضري:
1.      مقاربة الإشكالية:
على بلادنا أن تواجه عدة تحديات تتمثل في:
-      تنمية مراكز المدن والتي تلعب دور المحرك للتنمية؛
-      إنقاذ الأنسجة العتيقة لكونها تشكل موردا هاما للتنمية الاقتصادية والاجتماعية؛
-      تحقيق الاندماج الحضري؛
-      القضاء على أحياء الصفيح والأنسجة الحضرية غير اللائقة؛
-      تنظيم التنمية العمرانية بالوسط القروي.
وفي هذا الصدد يلزم التفكير في وسائل للتدخل من أجل التجديد الحضري وذلك قصد بلورة حل متجدد لظاهرة شيخوخة المدن:
-  ففي الغالب تنحصر عمليات التهيئة الحضرية، المنجزة على مستوى الأنسجة القائمة، في المظهر الخارجي للفضاء الحضري أو في بعض الترميمات الجزئية لبعض المعالم الأثرية؛
-  ثم إن الوسائل المتوفرة في مجال التخطيط والتدبير الحضري لا تتوافق مع هذا النوع من العمليات؛
-  أضف إلى هذا عدم توفر مختلف المتدخلين في التخطيط والتدبير الحضري على الموارد البشرية والمادية الكافية لتحقيق العمليات والمشاريع السالف ذكرها.
ونستخلص من هذا، ضرورة وضع إطار تشريعي وقانوني ملائم للواقع المغربي بهدف تأطير عملية التدخل في الأنسجة القائمة.
وفي هذا الإطار فإن عمليات التجديد الحضري يجب أن تندرج في إطار شمولي يتوخى التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، أو بعبارة أوضح: يوفر مسكن لائق في إطار عيش لائق على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
2.      عناصر توجيهية:
إن بلورة إطار تشريعي من أجل التجديد الحضري، يجب أن يندرج في سياق حركية التغيير التي يعرفها المغرب، وذلك بـ؛
-      وضع مساطر دقيقة وواضحة ومحترمة من طرف الجميع؛
-  تمتين الاحترافية والمهنية الموجودة وتنميتها سواء على مستوى الوكالات الموكول إليها تنفيذ السياسات أو الإدارات المركزية والمحلية أو الشركاء غير الحكوميين؛
-  التوجيه المحكم لمصادر التمويل القائمة ) الربط الاجتماعي بشبكتي الماء والكهرباء، قروض صندوق تجهيز الجماعات المحلية، صناديق الضمان التي يتم حاليا تشغيلها، تمويلات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية...).
إن عمليات التجديد الحضري التي تروم تحقيق الإنعاش الاجتماعي والاقتصادي للأنسجة القائمة مع المحافظة على التراث التاريخي لهذه المجالات، تفرض ما يلي:
-      توضيح مفهوم "مشروع الإحياء الحضري" وتعريفه؛
-      تحديد مصادر التمويل؛
-      تعيين المتدخلين والشركاء؛
-      اقتراح مؤسسات للتنفيذ والتنسيق والإشراف.
3.      خيارات مقترحة لإدماجها في مشروع المدونة:

يمكن في هذا الجانب اقتراح ثلاثة أنواع من التصاميم:
-  تصميم التأهيل والتجديد الحضريين الذي ينطبق على كل المناطق الحضرية التي توجد دون "المستوى الحضري المتوسط" والذي يجب تحديده بنص تنظيمي (يكون هذا بعد تحديد مستوى متوسط للحواضر المغربية، يشكل مرجعية في هذا المجال)؛
-  تصميم إنقاذ وتنمية، المنجز لتغطية المناطق التي يجب حمايتها والذي يحل محل تصميم التأهيل والتجديد الحضريين في حدود المنطقة الحضرية الواجب حمايتها؛
-      تصميم الحماية الخاص بالقطاعات التي تتعين حمايتها لاعتبارات بيئية أو طبيعية.
ويلزم أن تحتوي هذه التصاميم على برنامج تنموي وبرنامج عمل وخطة تمويل ومخطط للتدبير والإنجاز يتوفر على طريقة الإشراف والتقييم، وعلى الضوابط المتعلقة بتهيئة المجال واستعمالات الأراضي طبقا لمقتضيات تصميم التهيئة للمنطقة المعنية، لكنها أكثر تفصيلا.
 ويمكن توفير تمويل تحسين السكن والمباني أو إحداث المقاولات أو القيام بعمليات إعادة الاعتبار أو التدخلات الاستعجالية من :
-      الموازنات العقارية؛
-      تحصيل القيم المضافة للعقارات؛
-      تحويل حقوق استعمال الأرض وتحديد السقف القانوني للكثافة على مستوى القطاع؛
-      ميزانية الدولة والجماعات المحلية.
ويمكن لوكالة التنفيذ أن تقوم بتجميع الموارد المذكورة وأن تتكلف بتمويل - وفي بعض الحالات بإنجاز- العمليات بشكل كامل.
كما يمكن بلورة برنامج وطني لتفعيل مختلف البرامج المعدة لصالح السكن والتنمية البشرية  والاقتصادية والاجتماعية.

.3.II عمليات التعمير الكبرى: التوسعات العمرانية الجديدة والتوسعات ذات الطابع الخاص:
1.      مقاربة الإشكالية:
أمام التوسع الحضري الذي يشهده المغرب، يجب على السلطات العمومية أن تسعى جاهدة من أجل الاستجابة للحاجيات ولارتفاع الطلب على السكن والمرافق الاجتماعية والاقتصادية وكذا البنيات التحتية وتوفير فرص الشغل.
وفي غياب تدابير مصاحبة، فإن الاقتصار على فتح مناطق للتعمير في ضواحي المدن، أدى إلى وجود تجمعات عمرانية كبرى يغلب عليها الطابع السكني مما يشكل عبئا ثقيلا على المدن الأم التي ترتبط بها.
وفي هذا السياق نجد عمليات التعمير الكبرى ) مدن جديدة، مدن فلكية ...إلخ( تأخذ شكل تجزئات عقارية وتستند إلى نفس الإطار القانوني المؤطر لهذه الأخيرة.
كما أن التوسع العمراني خارج النطاقات الحضرية، يؤدي إلى كلفة مرتفعة فيما يتعلق بإنجاز واستغلال وتحصيل مردوديات البنيات التحتية الضرورية من شبكات الطرق والتزويد بالماء والكهرباء وبالخصوص فيما يتعلق بإحداث نسيج اقتصادي متماسك.
إن عمليات التعمير الكبرى ينبغي إلزاما أن تتجاوز إطار عملية منعزلة، وأن تندرج في اتجاه اندماج حضري متجانس، يضمن التمازج والتنوع سواء من الناحية الوظيفية أو الاجتماعية. ولهذا أصبح ضروريا تحديد إطار قانوني لها، يشكل أداة إستراتيجية لمواكبة التعقيدات التي تطرحها عمليات من هذا الحجم.
وبناء على هذا، يتحتم علينا بلورة مكانزمات قانونية تضع المساطر وتنظم وتؤطر وتمكن من التحكم في هذا النوع من الإنجازات العمرانية.
2.      عناصر توجيهية:
إحداث عمليات التعمير الكبرى يشكل خيارا استراتيجيا يجب أن يندرج في إطار رؤية شمولية للسياسات الحضرية الجهوية ولسياسة إعداد التراب الوطني.
أما إنجاز هذه العمليات، فيجب أن يكون الصلة الواصلة بين مختلف مكونات البنية الحضرية، وذلك بانسجام تام مع الإمكانات المتوفرة للاستجابة للحاجيات، فيما يخص الخدمات والتجهيزات وتوفير الشغل والسكن والتي يجب أن يتحمل، في جميعها، المنعش العقاري مسؤوليته.
وينبغي للإطار القانوني المقنن لها أن يختلف عن الإطار المقنن للتجزئات. كما ينبغي تحديد العلاقات التي تربط المدينة الأم مع توابعها ولواحقها.
3.      خيارات مقترحة لإدماجها في مشروع المدونة:
إن عمليات التهيئة والتعمير تنجز إما بمحاذاة التكتلات العمرانية والمراكز الحضرية القائمة أو تقام بمعزل عنها.
ويمكن للدولة أو جماعة محلية أو مؤسسة عمومية اتخاذ مبادرة إحداث عملية تهيئة وتعمير كبرى، كما يجوز أن يتخذها ملاكون خواص فرادى أو ضمن جمعيات ينخرطون فيها؛
وينبغي أن تأخذ عمليات التهيئة والتعمير الكبرى بعين الاعتبار إدماج الأبعاد البيئية ومتطلبات التنمية الحضرية مع مراعاة ضرورة تنويع الوظائف الحضرية والتماسك الاجتماعي والاستعمال الأمثل للمجال. كما يجب أن ترتكز هذه العمليات على دعامة اقتصادية قوية من شأنها توفير وإحداث مناصب الشغل.
وعندما تتخذ الدولة أو جماعة محلية مبادرة إحداث تجمع عمراني كبير، فمن المحبذ أن يعهد إنجاز المشروع إلى مؤسسة عمومية مختصة في التهيئة مع إعطائها صلاحيات واسعة في أخذ القرار؛ في حين أنه حينما تأتي المبادرة من منعش عقاري في القطاع الخاص فيلزم أن تنجز العملية بمراقبة من الإدارة المعنية.
   III.          التدبير الحضري:
.1.III البنــاء:
1.      مقاربة الإشكالية:
تخضع مشاريع البناء لآجال دراسة متفاوتة ولمساطر قانونية لا تخلو من تعقيد، مما يشكل مصدر قلق للمستثمرين ويمكن بالتالي أن يؤدي إلى عرقلة مشاريع التنمية الاقتصادية المحلية. وعلى صعيد آخر، فإن الجودة المعمارية والعمرانية لا تتم مراعاتها بالقدر الكافي، لا أثناء الدراسة ووضع التصورات ولا عند دراسة ملفات الترخيص. ثم إن عدم احترام المعايير القانونية والتنظيمية الجاري بها العمل في ميدان البناء، ينعكس سلبا على سلامة وجودة البناءات ويعرض حياة السكان وممتلكاتهم للخطر.
إن الخصاص الذي تعرفه منظومة المعايير القانونية المرجعية ببلدنا، ينعكس سلبا على الجودة والسلامة سواء على مستوى وضع التصورات والإنجاز أو على مستوى مواد البناء وكيفية استعمالها. كما أن غياب المعايير المتعلقة بالبناء بالمواد المحلية وخصوصا البناء بالطين، يشكل إحدى العوائق الرئيسة التي يواجهها مختلف المتدخلين من إدارات ومهنيين، مما يستلزم استشعار الخطر الذي يهدد التراث القيم المبني بهذه المواد، كما يهدد مهارات اكتسبت وطورت عبر أجيال طويلة.
ولهذا، فإن المدونة الجديدة منوط بها، في مجال التدبير الحضري، إرساء منظور جديد يتجاوز نقائص الممارسات القديمة ويتطلع نحو ظهور تجمعات عمرانية تجمع بين الاستقطاب الاقتصادي وجودة إطار العيش.
2.      عناصر توجيهية:
-  تدقيق مهام ومسؤوليات مختلف المتدخلين في ميدان البناء وبالخصوص المهندسين المعماريين والمهندسين المختصين؛
-  ضمان جودة وسلامة البناءات وذلك باعتماد مرجعيات تقنية تخص التصور المعماري وتنفيذ المشاريع، وجودة المواد والأساليب المستعملة وذلك بتحديد مستويات الجودة، تماشيا مع متطلبات السوق؛
-  تبسيط مساطر دراسة طلبات رخص البناء، خاصة بالعالم القروي مع الحرص على مراعاة المقتضيات الأساسية للقوانين الجاري بها العمل في مجال التعمير والبناء؛
-  عدم إغفال مقتضيات تنص على إلزامية إعداد ضوابط بناء محلية تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات كل منطقة؛
-      وضع مساطر خاصة للأشغال الطفيفة.
3.      خيارات مقترحة لإدماجها في مشروع المدونة:
-      تعميم إلزامية رخصة البناء على مجموع التراب الوطني بغض النظر عن التقسيم الإداري؛
-      تحديد مساطر مبسطة للبناءات الفردية بالوسط القروي؛
-  إرجاء دفع جزء من وثائق ملفات طلبات رخص البناء إلى غاية الحصول على الموافقة المبدئية، في إطار شروط يحددها نص تنظيمي ؛
-  اعتماد مقتضيات خاصة تهم طلبات رخص البناءات المتشابهة وذات النمط المعماري المتكرر المزمع إحداثها في تجزئات وذلك بتحميل المسؤولية للمهندسين المعماريين ؛
-  يمكن تسليم رخصة البناء بتحفظ، شريطة أن تتولى الإدارة مراقبة الأشغال للتأكد من تنفيذ التعهدات؛
-  إحداث نماذج لطلبات الرخص ولدفتر الورش ولرخصة السكن ولشهادة المطابقة، تحدد بشكل تنظيمي أو إداري؛
-  إحداث رخصة التعمير تراقب بموجبها الوكالة الحضرية مدى التطابق مع مقتضيات وثائق التعمير؛
-  بينما تسلم رخصة البناء من طرف المجلس الجماعي الذي يراقب مدى مطابقة المشاريع المقدمة لقواعد البناء والسلامة؛
-  التمييز بين المساطر حسب حجم المشروع وطبيعته ونوعية استعمال المباني مع تحديد آجال تسليم الرخص تبعا لكل حالة؛
-      إحداث رخصة الهدم ورخصة تجديد البناءات أو الواجهات.
.2.III المراقبة وزجر المخالفات:
1.      مقاربة الإشكالية:
 تشوب التدبير اليومي لحركة البناء، اختلالات جلية تؤثر سلبا على النسيج العمراني وتتمثل بالأساس في احتلال المجال العمومي، وتجاوز العلو المسموح به، أو في تغيير التنطيق دون الأخذ بعين الاعتبار معايير البناء والجودة المعمول بها...الخ.
وتشكل هذه المخالفات تهديدا لسلامة المواطنين إضافة إلى تأثيرها السلبي على المشهد الحضري. كما أنها تعكس عدم فعالية بعض أشكال التدخل لاسيما فيما يخص المراقبة والزجر. ونورد في هذا المجال بعض الاختلالات الملاحظة:
-  تعقد وتثاقل مساطر المراقبة و تطبيق الإجراءات التصحيحية والتي غالبا ما تأتي متأخرة بالنظر إلى الحركة المتسارعة لارتكاب المخالفات ولاسيما فيما يخص ظهور وتكاثر السكن غير اللائق؛
-  صعوبة تطبيق الإجراءات التصحيحية على أرض الواقع والتعرف على المخالفين الذين غالبا ما يغيبون أثناء عملية المراقبة؛
-      اللبس في تحديد آجال إرسال محاضر معاينة المخالفات إلى المحاكم؛
-  عدم تطبيق بعض الإجراءات الواردة في القانون الجاري به العمل في ميدان المراقبة وزجر المخالفات؛
-  عدم تجريم بعض الممارسات )كاستئناف الأشغال الموقوفة وبيع أو كراء بناءات تفتقر لشروط السلامة...؛
-      مهام المراقبة تحتاج إلى مزيد من التدقيق؛
-  ضعف تكوين الأعوان المكلفين بضبط المخالفات مما يعيق تحرير محاضر معاينة سليمة، الأمر الذي يضعف موقف الإدارة.
 ونظرا لتكرار المخالفات رغم المجهودات المبذولة للحد منها، فإن المنظومة الجديدة مطالبة بالجمع بين تدابير تحفيزية وزجرية : تحفيزية، بالتحكم في التنمية الحضرية وتوفير العروض المناسبة للاحتياجات بالوفرة الكافية، وزجرية، بوضع حد لمختلف التجاوزات والمخالفات في مجال البناء والتعمير.
2.      عناصر توجيهية:
-  إدراج مبدأ عدم ملائمة صلاحيات الترخيص مع مهام المراقبة وذلك لإرساء التوازن بين مختلف المتدخلين في الميدان؛
-  تجميع مختلف المتدخلين في معاينة المخالفات في مصلحة واحدة تكون تحت إشراف وكيل الملك أو عامل العمالة أو الإقليم المعني(شرطة التعمير)؛
-      اعتماد منظومة لزجر المخالفات مرتكزة على :
§         مسطرة واضحة؛
§         عقوبات صارمة ورادعة؛
§         تنفيذ سريع وفعال للعقوبات.
-      تحسين فعالية المراقبة وتحديد مسؤوليات مختلف المتدخلين؛
-  حث مختلف المتدخلين على تحمل المسؤوليات المنوطة بهم لمواجهة الخروقات والمخالفات ووضع غرامات تطبق عليهم عند الإخلال بالمهام الموكولة إليهم؛
-      تحسين مساطر إرسال محاضر المخالفات وكذا القرارات القضائية المتخذة في شأنها.
3.      خيارات مقترحة لإدماجها في مشروع المدونة:
-      يكلف بمعاينة المخالفات:
§         ضباط الشرطة القضائية؛
§         الأعوان المكلفون بمهام المراقبة من طرف سلطة إدارية واحدة.
-      إحداث إجراءات صارمة ضد المخالفين في الحالات التالية:
§         البناء دون ترخيص؛
§         البناء في مناطق ممنوعة أو في المجال العمومي؛
§         الإخلال بمعايير سلامة ومتانة البناء.
-   تشديد المراقبة ضد المخالفات المرتكبة بالخصوص في مناطق حيوية أو حساسة )مناطق معرضة للأخطار، أماكن التجهيزات الجماعية، ارتفاقات الطرق...(؛
-  إحداث نموذج لمحضر معاينة المخالفات لتفادي بعض الإشكالات التي تؤدي إلى رفض المتابعة في حق المخالف؛
-      معاقبة الموظفين والأعوان العموميين الذين سهلوا ارتكاب المخالفة، مهما علت رتبهم؛
-      منح المواطن حق الطعن في القرارات المتخذة.
.3.III الاستثناء في ميدان التعمير:
1.      مقاربة الإشكالية:
إن الاستثناء في ميدان التعمير يوجد في مختلف التشريعات. ذلك أنه كلما كانت الوثائق دقيقة ومفصلة، كان الرجوع إلى الاستثناء ضرورة من أجل الاستجابة إما لمتطلبات التنمية الاقتصادية أو لمواكبة التحولات الاجتماعية ومستجداتها.
ويشكل الاستثناء اليوم شكلا من أشكال التدبير، آخذا في التطور،  خاصة مع قلة لجوء تدبيرنا الحضري إلى مراجعة وتحيين وثائق التعمير.
وإذا كانت مسطرة الاستثناء لم يتم إقرارها إلا بدورية، فإنها وعلى الرغم من ذلك سمحت بتصحيح عدد من الاختلالات الموجودة في تصاميم التهيئة، وساهمت في تسوية وضعية مشاريع استثمارية ما كانت لترى النور لولاها. إلا أن منح الاستثناءات يمكن أن يفرز في بعض الأحيان نتائج سلبية على مستوى المشهد الحضري نذكر منها:
-      بروز قطيعة مجالية والإخلال بسيرورة التطور العمراني لبعض المدن؛
-  الزيادة في كثافة الأنسجة الحضرية دون الأخذ بعين الاعتبار لبعض المعايير المعمارية والمقتضيات التقنية؛
-  خصاص في التجهيزات الجماعية والساحات العمومية والمجالات الخضراء من جراء استعمال مغاير للأوعية المخصصة لها؛
-      المساس بقيمة التراث التاريخي لبعض المدن؛
-      تأثيرات سلبية على البيئة...
   وفي المقابل، يبقى الاستثناء في العديد من الحالات، أداة ضبط وتنظيم للحد من المخالفات والتجاوزات الميدانية لوثائق التعمير.
2.      عناصر توجيهية:
-  دمج الاستثناء في ميدان التعمير وتحديد معايير الاستفادة منه حسب طبيعة المشاريع مع اعتبار الخصوصيات الجهوية والمحلية؛
-  رسم حدود حمراء لا ينبغي تجاوزها، كالتوجه العام للقطاعات والمرافق المهيكلة  والمجالات الخضراء وكذا المقتضيات التقنية والمعمارية الأساسية المنصوص عليها في وثائق التعمير؛
-  فرض دراسة قبلية بخصوص التأثير على العمران والبيئة في إطار دراسة قطاعية يتحمل كلفتها صاحب المشروع؛
-  تطبيق مبدأ التوزيع العادل للقيمة المضافة الناتجة عن الاستثناء )المساهمة المجانية بالأراضي المخصصة لبناء تجهيزات ذات نفع عام، تهيئة الفضاءات العامة...الخ.)؛
-  سن مساطر قانونية مرنة لملائمة ومراجعة وثائق التعمير اعتمادا على دراسات قطاعية تنجز ويصادق عليها في آجال قصيرة.
3.      خيارات مقترحة لإدماجها في مشروع المدونة:
-  السماح في حالات خاصة أو عند الضرورة القصوى، بمنح استثناء كلي أو جزئي لمقتضيات مدونة التعمير لصالح قطاعات أو مجالات ترابية محددة بدقة؛
-  فتح إمكانية إجراء مراجعة جزئية لتصاميم التهيئة دون القيام بالبحث العمومي شرط أن لا يمس التغيير حقوق الغير؛
-      إحداث نظام استثناء ذي طابع محلي مع وضع مساطر تختلف حسب طبيعة الاستثناء؛
-      الحرص على ضمان تجانس وثائق التعمير عند السماح بالاستثناء ؛
-      فرض رسوم على الاستثناءات أو إقرار مقابل لفائدة الجماعة المعنية.
IV.      الإشكالية العقارية:
1.      مقاربة الإشكالية:
إن المشاكل التي يطرحها العقار، في ارتباطه بالتعمير، تكمن أساسا في تعقد المقتضيات القانونية وتعدد الأنظمة العقارية والنسبة الضعيفة للأراضي المحفظة وعدم تحيين الخريطة العقارية.
فالنصوص التشريعية المتعلقة بالتعمير تعير بالغ الاهتمام للمسألة العقارية، حتى أنها تعتبر التعمير وسيلة فعالة لتصفية المشاكل العقارية العالقة، من حيث أنها ربطت الترخيص، لأي مشروع تجزئة، بالتحفيظ.
غير أنه من جهة أخرى، نجد أن  توقعات وثائق التعمير نادرا ما تأخذ النظام العقاري والتقسيمات العقارية بعين الاعتبار، مما يؤدي إلى سوء توزيع للقيم المضافة الناجمة عن فتح العقارات للتعمير. وتعتبر مناطق الاحتياط العقاري، التدبير الوحيد الذي يهدف إلى الحفاظ على المناطق القابلة للتعمير ومراقبتها، لكن وللأسف لم يتم بعد تحقيق الأهداف المتوخاة من تحديد هذه المناطق.
ويعتبر تخصيص مناطق للاحتياط العقاري الإجراء الوحيد، في ميدان العقار، الذي تنص عليه وثائق التعمير الحالية. ولقد كانت الغاية من وراء هذا الإجراء إخضاع مناطق حساسة للمراقبة والتأمل في انتظار توفر ظروف تجهيزها واستكمال منظور تهيئتها. لكن نادرا ما تم تفعيل هذا الإجراء، وبهذا يكون التخصيص الذي منحته وثائق التعمير لهذه المناطق لم يفد إلا في جعلها "مناطق للتهيئة اللاحقة".
ونظرا لتعقيد مسطرة نزع الملكية وندرة الاحتياط العقاري العمومي من جهة، ولغيـــاب الوسائل العملية لمواكبة فتح مناطق جديدة للتعمير، من جهة أخرى، فإن العقار لعب دور المعرقل الرادع  بدل الدور التحفيزي الذي كان بالإمكان أن يقوم به.
2.      عناصر توجيهية:
-  ماهي التدابير التي يجب اتخاذها لكي لا يشكل العقار عائقا ولكي يستجيب للمتطلبات والإكراهات الاقتصادية والاجتماعية؟
-      كيف يمكن تحقيق تعمير منسجم في ظل وضعية عقارية معقدة؟
-  ماهي السبل التي تمكن من تحقيق توزيع أفضل للقيم المضافة الناتجة عن فتح المناطق للتعمير، وخاصة فيما يرتبط بتحمل الكلف المرتبطة بالتجهيزات العمومية؟
-      كيف يمكن ترشيد استعمال الأراضي بوسط المدن وضواحيها؟
-  هل حقا يلزم التغاضي عن معرفة ملاكي العقارات إلا ما تعلق منها بارتفاقات الملك العمومي والتجهيزات الجماعية؟
-  ألا ينبغي الفصل بين مقتضيات مدونة التعمير وقانون التحفيظ العقاري حتى وإن كان التحفيظ مطلبا ملحا وهدفا استراتيجيا؟
-      ألا يستحب الفصل بين الترخيصات الإدارية وأنظمة الملكية العقارية؟
-      هلا تم تحديد مجموعة من الأدوات العملية تمكن من تأطير السياسة العـقارية؟
-  ألا يلزم منح الجماعات المحلية إمكانية نزع الملكية من أجل المنفعة العامة للأراضي موضوع نزاعات، والموجودة داخل الأنسجة الحضرية؟
-      ما السبيل لتوفير العقار اللازم لإحداث المرافق العمومية عند إنجاز التجزئات؟
-  وفي الأخير، ألم يحن الوقت لوضع قواعد تمكن من حفظ توازنات السوق العقارية وأخرى تخص عملية نزع الملكية وحق الشفعة والأسبقية؟
3.      خيارات مقترحة لإدماجها في مشروع المدونة:
-      الفصل بين عمليتي التحفيظ العقاري والترخيص للتجزئات؛
-  إلزام وثائق التعمير بتخصيص مناطق للتهيئة العقارية ومناطق للمشاريع الكبرى تخضع لأنظمة عقارية خاصة أو لطرق إنجاز غير اعتيادية ( تهيئة تفاوضية، التجديد الحضري...)؛
-  التمييز بين مختلف مناطق التهيئة العقارية اعتمادا على الآليات المتحكمة فيها، مع ضرورة توضيح حقوق وواجبات الملاكين قبل الشروع في التهيئة:
§   منطقة المراقبة العقارية: إعلان مبدأ المنفعة العامة التي تخول للدولة صلاحية التدخل انطلاقا من ظواهر التعمير التي تلاحظ بالمنطقة؛
§   منطقة ذات منفعة إستراتيجية: هذه المنطقة تحدد لاحتضان مشروع معين لم يتم بعد تقييمه وتفصيل وسائل إنجازه؛
§   منطقة الاحتياط الاستراتيجي: هذه المناطق التي على الدولة برمجتها، يشترط مواكبتها بمقتضيات عقارية وتنظيمية مع إمكانية التفاوض (نزع الملكية ، عملية التجميع العقاري...)؛
§   منطقة التدخل العمومي: يمكن إحداثها لأجل محدد بهدف معالجة بعض الإكراهات (إنتاج السكن الاجتماعي أو المحافظة على خصوصية منطقة معينة...).
-  المساهمة المجانية للمجزئين العقاريين في الوعاءات العقارية المخصصة لإحداث التجهيزات العمومية وذلك وفقا لمعايير تحدد ويصادق عليها بنص تنظيمي.
V.      المؤسسات المكلفة بالتعمير:
1.      مقاربة الإشكالية:
تتميز المنظومة الحضرية بتعدد المتدخلين وذلك راجع للصبغة الأفقية لقطاع التعمير، مما يستوجب وضع إطار ملائم يأخذ بعين الاعتبار النمو العمراني وكذلك الاختلالات التي يعرفها الجانب المؤسساتي المرتبط به (تداخل الاختصاصات ،صعوبة التنسيق، غياب التشاور، انعدام النظرة
 الشمولية ...).
 إن التحولات التي يعرفها مجال التدبير الترابي تستدعي اتخاذ تدابير موضوعية في إطار تشاوري وحكامة راشدة. مما يطرح عدة تساؤلات تهم محتوى مدونة التعمير:
-  كيف سيتم تحديد الاختصاصات وتوزيع المهام في ميدان التعمير؟ وكذا إشراك فعلي لمختلف المتدخلين؟
-  ما السبل لتأسيس مبدأ المساهمة والتشاور في إنجاز مشاريع التنمية عبر المقتضيات التشريعية؟
-  ماهي الوسائل التي تمكن من تفعيل التأطير المهني لقطاع التعمير بشكل يحقق الانسجام والفعالية على جميع المستويات؟
-      كيف يمكن تخطيط وتدبير المجالات العمرانية بسرعة ومرونة ؟
2.      عناصر توجيهية:
يمكن إعادة صياغة المقتضيات التشريعية المعمول بها وذلك اعتمادا على بعض التوجهات الأساسية، نذكر منها:
-  تحـديد تدخلات كـل الفرقاء من مجالس منتخبة، سلطات محلية، وكالات حضرية، والسلطة الحكومية المكلفة بالتعمير، وذلك فيما يخص المهام الرئيسية التالية:
·          الإعداد، المصادقة، المراجعة وتنفيذ مقتضيات وثائق التعمير؛
·          إعداد وتتبع عمليات التهيئة المجالية؛
·   التدبير الحضري في كل تجلياته من ترخيص ومراقبة وجزر المخالفات، وكذا منح تدابير استثنائية ...
-  اعتماد تدابير تمكن الفاعلين المحليين، خاصة المجالس الجماعية، من اتخاذ قرارات تهم نفوذهم الترابي عن طريق تدعيم اللامركزية في برمجة المشاريع العمرانية وإنجازها؛
-      تأسيس وتحديد جسور الإعلام والتوجيه والدعم بين المستويين المحلي والمركزي؛
-      وضع أدوات تنظيمية استراتيجية وعملية تتلاءم مع نظام وحدة المدينة؛
-      الحث على المساهمة الفعلية للقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني؛
-      إعطاء دور تتبع ومراقبة المخالفات للسلطات المحلية وتحميلها المسؤولية في هذا الشأن؛
-      وضع إطار للتكوين في ميدان التعمير لفائدة المنتخبين وتقنيي الهيئات المحلية.
3.      خيارات مقترحة لإدماجها في مشروع المدونة:
-  التنسيق بين جميــع المتدخلين في عمليات التهيئة المقترحة في وثائق التعمير(الإدارة، المـؤسسات العمومية، الجماعات المحلية والخواص)؛
-      وضع تدابير عملية وتشاورية على مستوى تصاميم استعمال الأرض؛
-      دعم دور الوكالات الحضرية في التأطير التقني ومساعدة الجماعات المحلية؛
-      تعميم الشباك الوحيد في ميدان التدبير الحضري؛
-      إحداث وكالة يعهد إليها بتنسيق وتنفيذ برامج التجديد والتأهيل العمراني؛
-      إحـداث مرصد لتتبع عمليات التجديد والتأهيل العمراني؛
-  وضع هيأة تتكلف بالتنسيق والتكامل بين استراتيجيات تدخل مختلف القطاعات الوزارية في ما يخص سياسة التخطيط الحضري.


VI.      الإنجاز في التعمير:
1.      مقاربة الإشكالية:
إن أشكال النمو العمراني التي يعرفها المغرب، والمتمركزة أساسا على تـوسيع ضواحي المدن وبدرجة أقل على التحولات داخل الأنسجة القائمة، تؤدي إلى تكاليف إضافية باهضة في مجال التدبير الحضري. حيث تتم هذه التوسعات في غياب تدبير محكم للمنظومة الاقتصادية والمالية،  وتترتب عن ذلك عدة اختلالات أهمها النقص في التجهيزات، الأمر الذي يفرض بذل جهود كبيرة والبحث عن مصادر التمويل لتدارك هذا النقص على مستوى البنيات التحتية والربط الطرقي وتوفير الماء الصالح للشرب والتطهير وكذا المرافق العمومية والاجتماعية.
ويبقى الهدف هو تقليص وترشيد التكاليف المترتبة عن حركة التعمير والتحكم في مختلف آليات تمويل النمو الحضري من أجل تدارك الاختلالات الحاصلة،  والتي من أهمها:
-  المبالغة في تحديد الاحتياجات الاجتماعية-اقتصادية في إطار التخطيط الحضري في شكله الحالي؛
-  غياب معايير تقييم تكلفة الإنجاز، سواء على مستوى التخطيط المنظم أو عند إعادة هيكلة المناطق غير القانونية؛
-  غياب اقتسام تكاليف تنفيذ مقتضيات وثائق التعمير بين جميع المتدخلين في القطاع العام والخاص؛
-      قلة موارد الجماعات المحلية والسلطات العمومية؛
-      غياب آليات مساهمة القطاع الخاص في تكاليف التعمير.
2.      عناصر توجيهية:
الأخذ بعين الاعتبار، في مشروع المدونة، لمسألة الانجاز والتنفيذ في التعمير يمكن أن يتم عبر التوجهات الآتية:
-  تقييم تكاليف إعداد وتنفيذ وثائق التعمير وتمكين مختلف الشركاء من الانخراط والمساهمة في تحمل التكلفة؛
-  المساهمة في تكاليف انجاز التجهيزات، كمقابل للقيمة المضافة الناتجة عن مقتضيات التعمير؛
-      اقتراح شراكة بين القطاعين العمومي والخاص لانجاز مشترك في ميدان التنمية الحضرية؛
-  إعادة النظر في الأشكال الحالية لعملية التعمير بما فيها عمليات التجزئات وذلك في اتجاه ترشيد استعمالات الأراضي وتشجيع الابتكار والتجديد في هذا الميدان؛
-      ضمان سلامة وأمن المواطن في إطار التنمية المستديمة عند فتح مناطق جديدة للتعمير.
3.      خيارات مقترحة لإدماجها في مشروع المدونة:
-  ضرورة إرفاق تصميم التهيئة ببرنامج تنفيذي لأهم عمليات البنـيات التحتية والتجهيزات العمومية مع تقييم تكاليف إنجازها؛
-      تشجيع القطاع الخاص على إنجاز بعض التجهيزات؛
-      تحديد وتوزيع المهام بين مختلف المتدخلين في مجال التدبير الحضري؛
-  اقتراح عدة مصادر وأشكال لتمويل عمليات التدخل في إطار الأنسجة القائمة (صندوق التجهيز الجماعي، المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، المساعدات المباشرة، الاستثمارات العمومية...).
VII.      السكنى والسكن الاجتماعي:
1.      مقاربة الإشكالية:
 إن مسلسل النمو الحضري السريع الذي عرفه المغرب منذ بداية القرن، كان من انعكاساته الجلية زيادة الخصاص في السكن، لدرجة أن العجز الحالي يقدر ب 700.000 وحدة، إضافة إلى استمرار وجود السكن غير اللائق بأشكال وأحجام مختلفة.
هذا النوع من السكن وحسب إحصاء أجري سنة 2001 يأوي %18 من الأسر الحضرية تتوزع على النحو التالي:
§   دور الصفيح: لقد انتقل عدد الأسر التي تقطن الأكواخ الصفيحية من 262.000 أسرة عام 2001 إلى ما يقارب 270.000 أسرة حاليا.
§   الأحياء العشوائية: سنة 2001 تم إحصاء حوالي ألف حي من هذا النوع يقطنها ما لا يقل عن 520.000 أسرة.
§   هذا بالإضافة إلى كون 90.000 أسرة تقطن مباني قديمة أو دورا مهددة بالانهيار بالأنسجة القديمة، في حالة مزرية وتعرف كثافة تساكنية عالية.
أمام هذه الوضعية وتبعا للتعليمات الملكية السامية، وضعت الحكومة استراتيجية جديدة تعتمد على تجنيد شامل للفاعلين المعنيين من خلال الشراكة والتعاقد مع جميع الأطراف الرئيسة بغية العمل سويا على تأهيل المدن ومحاصرة أشكال السكن غير اللائق، والاجتهاد في محاربته والقضاء عليه.
وهكذا رأت النور برامج وطنية كبرى في مجال الاحتواء والمعالجة، اقتضت تعبئة إمكانات عقارية ومادية هامة، وتطلبت بذل مجهودات مالية وتنصيب أجهزة مؤسساتية مناسبة، خصوصا برنامج "مدن بدون صفيح" الذي شرع في تنفيذه، وبدأ يعطي نتائجه الأولى.
ويبقى الهدف المنشود معالجة الخصاص والاستجابة للحاجيات وتوفير السكن المناسب -من حيث الكم ومن حيث الكيف- لقدرات الأسر الضعيفة الدخل، تسهيلا لاندماجها الاجتماعي من خلال تحسين ظروف استفادتها من الخدمات والتجهيزات العمومية.
2.      عناصر توجيهية:
-  عدم التوازن الهيكلي القائم بين العرض والطلب فيما يخص السكن والناتج أساسا عن عدة معوقات على مستوى العقار والتمويل وعلى مستوى المواصفات والمعايير المشروطة، مسألة يتعين الانكباب عليها عند إعداد مدونة التعمير الجديدة، لاسيما:
§         تحديد محيطات السكن غير اللائق؛
§         تحديد محيطات التدخل قصد التدارك؛
§         وضع إطار قانوني مناسب من أجل إعادة تأهيل الدور الآيلة للسقوط؛
§   وضع معايير للسكن الاجتماعي تأخذ بعين الاعتبار مواصفات المباني والتجهيز واستعمال الأرض؛
§         وضع إطار قانوني مناسب للتهيئة التدريجية؛
§         سن مسطرة استثنائية سريعة لنزع الملكية.
-      مواكبة برامج معالجة السكن غير اللائق من خلال كيفيات التدخل في مجال:
§   إعادة الهيكلة: بتزويد تجمعات الصفيح التي يمكن إدماجها في النسيج الحضري بتجهيزات البنية التحتية الضرورية وتسوية وضعيتها التعميرية والعقارية؛
§   الإيواء: بتمكين الأسر القاطنة بدور الصفيح من الحصول على ملكية قطع أرضية مخصصة للسكن الاجتماعي داخل التجزئات ذات التجهيز التدريجي (ZAP
§   إعادة الإسكان، ويستحسن في هذا الصدد تشجيع الشراكة أساسا مع المقاولين الخواص لتشييد سكن ذي كلفة منخفضة.
-      يجب تحديد التزامات مختلف الأطراف المعنية بإنجاز مشاريع معالجة دور الصفيح؛
-  ضمان إدماج أحياء السكن غير القانوني القائم داخل النسيج الحضري من خلال عمليات إشراك جميع المتدخلين المعنيين وذلك في إطار رؤية شمولية.
3.      خيارات مقترحة لإدماجها في مشروع المدونة:
-  التنصيص على التجزئات التي يمكن فيها للتجهيزات أن تنجز بشكل تدريجي حسب شروط تحدد بشكل توافقي بين الجماعة والمقاول؛
-  فتح المجال لإدماج التجزئات غير القانونية مع الأخذ بعين الاعتبار الجوانب التقنية والعقارية والمالية والمؤسساتية؛
-  الإشارة إلى ضرورة تعيين وثائق التعمير لمناطق تخصص إلزاما للسكن الاجتماعي ذي تكلفة عقارية إجمالية ضعيفة؛
-  وضع آليات قانونية لإعطاء انطلاقة تأطير مناطق التهيئة التفاوضية، تهدف أساسا إلى الاستجابة للطلبات الكبرى في مجال السكن أو لاستدراك النقص في تجهيزات البنية التحتية أو التجهيزات الجماعية؛
-  تغطية كل منطقة حضرية دون المستوى بمقارنة مع المستوى الحضري الوطني المتوسط، بتصميم "التجديد الحضري" (انظر الجزء الخاص بالتجديد الحضري)؛
-      رصد التمويل اللازم لتحسين السكن والبناء وإعادة التأهيل وكل التدخلات الاستعجالية.
VIII.      دور التعمير في خلق الثروة:
1.      مقاربة الإشكالية:
في ظرف يتميز بعولمة الاقتصاديات، حيث تلعب المدن "والمتروبولات" الكبرى  دورا مصيريا، يستحيل على بلدنا أن يكون"تنافسيا"، ما دام مجاله الحضري يراكم خصاصات مختلفة على صعيد استقطاب الاستثمارات وخلق الثروات، وفي مجالات التنمية والبحث العلمي وكذا في جودة محيط العيش داخل التجمعات العمرانية وفي ميدان المحافظة على التراث ورد الاعتبار له، أو فيما يتعلق باحترام البيئة...الخ.
وتعتبر هذه الوضعية من المعيقات الكبرى التي جعلت الحكومة الحالية معالجتها من بين أولويات عملها، وذلك من خلال نهج سياسة إرادية متمثلة في تشجيع الاستثمار ومتابعة عمليات الخوصصة والتدبير اللاممركز للاستثمار، والاستفادة من صندوق الحسن الثاني للتنمية. لكن هذه الإجراءات، وبالرغم من وجاهتها، تبقى غير كافية إذا لم تصاحب بتدابير قطاعية ملائمة.
ولرفع تحدي العولمة وتسريع انخراط البلد في الاقتصاد العالمي، يلزم التعامل مع قطاع التعمير كأداة لخلق الثروات والرقي بإطار العيش بمدننا وقرانا، وذلك من خلال مقاربة تندرج ضمن منظور التنمية المستديمة.
2.      عناصر توجيهية:
-  تبني نظرة استراتيجية تمكن من استقطاب الاستثمارات ذات القدرات العالية، مع دعم وتنمية الاستثمارات الموجودة؛
-  تهييء مناخ مؤسساتي يبعث على الطمأنينة، واعتماد إستراتيجية تسعى إلى تحقيق اللاتمركز وذلك بتجنب  تناثر الجهود أو تداخل المهام؛
-  تبسيط مقتضيات وثائق التعمير من أجل مزيد من الامتزاج في الأنسجة، وتشجيع تنمية الأنشطة الاقتصادية و كذا الرقي بالتراث الحضري والثقافي والطبيعي؛
-      تبني  آليات جــديدة لإنجاز ومتابعة وتدبير المشاريع الاستثمارية؛
-  إيجاد مقاربة أكثر إرادية للتأهيل الحضري، خصوصا في مجال محاربة السكن غير اللائق وإنعاش التشغيل والسكن الاجتماعي وإعادة تجديد الأنسجة القائمة؛
-  التخفيف من صلابة التشريعات ودعم مقاربة تعتمد على "مشاريع المجالات" و"المشاريع الحضرية"؛
-  تشجيع المساهمة والمشاورة مع الفاعلين الرئيسين خصوصا المقاولين والجمعيات المهنية والمجتمع المدني.
3.      خيارات مقترحة لإدماجها في مشروع المدونة:
-      يهدف مخطط توجيه التعمير إلى تحديد التوجهات الاستراتيجية لتنمية المجالات؛
-  يحدد تصميم التهيئة عمليات التهيئة أيا كان مصدرها، كما ينص على المقتضيات التي تشجع على  التعمير العملي والتشاركي، وخصوصا:
§   التشجيعات لفائدة المنعشين العقاريين لحثهم على المشاركة في مشاريع إدماج التكتلات المبنية أو إنجاز عمليات تعميرية ذات أهداف مرسومة، كمشاريع السكن الاجتماعي، ومناطق الأنشطة الاقتصادية أو المناطق المعدة لإعادة إيواء قاطني مناطق السكن غير اللائق؛
§   برنامج إنجاز للعمليات الرئيسة والتركيبة المالية وكذا بنك للمشاريع مع ترتيب أولويات الإنجاز؛
§   محيطات مناطق التهيئة التفاوضية والمناطق التي ينبغي إدماجها أو تجديدها مع تحديد نوع العمليات التي يجب القيام بها في هذا الشأن؛
§   المناطق التي تكون فيها التهيئة خاضعة لقانون خاص أو التي يمكن  للدولة أو الجماعات المحلية أن تكون بها احتياطات عقارية من أجل تحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية.
-  إشراك العموم، خصوصا الجمعيات ذات الصلة والملاكين والشركاء المعنيين، بالسماح لهم بتقديم اقتراحاتهم منذ الإعلان عن قرار انطلاق دراسة تصميم التهيئة؛
-      إلزام المجزئ ببناء أو تخصيص نسبة معينة من التجزئة لبنائها كمجموعة عقارية.
IX.      التراث العمراني:
1.      مقاربة الإشكالية:
في كثير من البلدان، يشكل التراث وسيلة ناجعة للنهوض بالمدن والمجالات المعمرة وتنميتها. وفي بلدنا عرف الموروث التراثي القروني، خلال العشريات الخمس الأخيرة، تدهورا وتلاشيا كبيرا. فهو يتحول شيئا فشيئا إلى مجالات غير لائقة تطرح مشاكل، سواء على مستوى التعمير أو مستوى السكن. وفي غالب الأحيان، تنحصر عمليات التهيئة الحضرية المتعلقة بهذا النوع من الأنسجة ذات القيمة التراثية في المظاهر الخارجية أو ترميم بعض المنشآت الأثرية.
فوثائق التعمير وكما يتم إعدادها حاليا تقتصر، فيما يخص المحافظة على الأنسجة القديمة، على تحديد مدارها دون تفصيل لعمليات الإنقاذ المتعين القيام بها. كما أن الدراسات المعمارية الحالية التي تمثل مرجعية عملية التدخل داخل هذه الأنسجة ومرشدها وأداتها، لا تستند على أي أساس قانوني.
وفي غياب عملية تنشيط دائم لظاهرة شيخوخة الأنسجة العتيقة، مازالت الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية داخلها تعرف تناقصا واضمحلالا. فكيف يمكن للتعمير أن يأخذ على عاتقه مسألة التراث في سياق قانوني ومؤسساتي ملائم ومنسجم؟
2.      عناصر توجيهية:
إن التدخل  في ميدان التراث يجب أن يتم داخل إطار عام متعلق بالتعمير العملياتي وذلك عبر مقاربة تروم التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، آخذة بعين الاعتبار الجوانب  القانونية والمؤسساتية والعقارية والاقتصادية والاجتماعية.
وهــذا التدخل يجب أن يؤسس على شكل قانوني يحدد، على وجه الخصوص، ميدان العمل ويفصل المحتوى والأهداف التي ترمي إلى:
-      تحسين ظروف العيش والسكن بالأنسجة العتيقة؛
-      إعادة الاعتبار لها مع مراعاة خصوصياتها ومؤهلاتها؛
-      الحفاظ على هويتها المعمارية.
3.      خيارات مقترحة لإدماجها في مشروع المدونة:
يقترح فيما يتعلق بالمحافظة على التراث:
-  أن تقوم وثائق التعمير بتحديد مناطق إعادة التجديد الحضري والقطاعات التي يجب المحافظة عليها أو حمايتها، مع التنصيص على التوجهات العامة المتعلقة بإدماجها وتنميتها وحماية تراثها.
-  إعداد "تصميم الانقاذ والتنمية" يهم قطاعات تتسم بميزات تاريخية وجمالية أو لها صبغة، ينبغي المحافظة عليها أو ترميمها أو تنميتها. وهذا التصميم يهدف بالخصوص:
§         تحديد التوجهات وشروط المحافظة والتنمية للمواقع الحضرية التاريخية؛
§   إعداد، لكل معلمة تستوجب المحافظة عليها، برنامج يحدد الأعمال المتوقع إنجازها والفترة الزمنية لذلك؛
§   تحديد حقوق وواجبات المكترين والقاطنين بالدور المستهدفة بالأعمال المرتقبة في إطار برنامج المحافظة والتنمية.
-  تحديد المناطق الواجب المحافظة عليها وتنميتها يتم بقرار تتخذه السلطة الإدارية وذلك بعد مشاورة الجماعة (أو الجماعات المحلية) المعنية أو باقتراح من هذه الأخيرة.
X.       الجودة المعمارية والمشهد الحضري:
1.       تحديد الإشكالية:
إن النمو الحضري الكبير الذي عرفته بلادنا خلال العقود الأخيرة، تسبب في خلخلة كثير من التوازنات البنيوية وأظهر عدم قدرة التخطيط و التدبير الحضريين على بلورة منتوج معماري يتسم بالجودة وبمشاهد عمرانية متميزة.
وإذا كان التبعثر المعماري والحضري مرده إلى الوتيرة المتسارعة للنمو العمراني، فيمكن القول كذلك أن مما زاد من حدة التبعثر المذكور، طرق البناء والتهيئة الخاضعة لمساطر إدارية وقانونية لا تأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات المحلية والجهوية .
فبالرغم من بعض المحاولات التحسينية للرفع من الجودة المعمارية للإطار المبني، تبقى الحصيلة الإجمالية سلبية، وما تزال حالة المشاهد الحضرية تستدعي انشغال واهتمام السلطات العمومية والمهتمين.
إن الأشكــال الجـــديدة المتعلقة باستعمال المجال (تجارة، ترفيه...الخ) مضافا إليها الشكل الجديد لاستعمال الوقت (التوقيت المستمر) تجعل المواطن يكتسح شيئا فشيئا المجال الحضري.
وللاستجابة لهذه الانشغالات، يتعين على مشروع المدونة تحديد توجهات تسمح برفع الجودة المعمارية وتأهيل الفضاء الحضري وذلك عبر اقتراح:
-      إطار مؤسساتي يحدد المهام وطبيعة الفاعلين وكذا وسائل تنسيق العمليات؛
-      إطار مالي يحدد وسائل الإنجاز ومساهمة الفاعلين؛
-  إطار تنظيمي من أجل تسهيل التدخلات لصالح الجمعيات النقابية للملاكين بتنسيق مع السلطة العمومية والجهات المنتخبة.
2.      عناصر توجيهية:
-      الدعوة إلى الجودة والتنوع في الحقل الحضري مع تشجيع التمازج الوظيفي والإبداع؛
- الاقتصار في ضابطة التهيئة على الأشكال العامة وإعطاء هامش مهم للتصور المعماري؛
- تحسين جودة المكونات المعمارية والتعميرية والبيئية والمشاهد العمرانية والطبيعية، عند إنجاز عمليات التهيئة مع الأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات المحلية والجهوية؛
-  وضع آليات المتابعة والتقييم المصاحبة لعملية تطبيق مقتضيات وثائق التعمير؛
-  تحديد المناطق ذات الأولوية للتدخل، ووضع تصورات للآليات الوقائية والتدخلات  العملياتية وتوضيح المقتضيات المالية والجبائية؛
-  القيام بعمليات ميدانية للتحسيس والإخبار، الداعية إلى المساهمة في تحسين الإنتاج المعماري وإعطاء القيمة للمشاهد العمرانية والطبيعية.
-      إشراك المهنيين.
3.      خيارات مقترحة لإدماجها في مشروع المدونة:
-  على تصميم التهيئة أن يبرمج ضمن مقتضياته، عمليات التأهيل الحضري (عمليات تجديد الأنسجة القائمة أو إعادة الاعتبار لها أو تغيير وظائفها أو إعادة هيكلتها...) والتي تمثل أدوات للرفع من مستوى المشهد الحضري.
-      عند الترخيص بالتجزيء يلزم التأكد من احترام:
§         الصبغة الغالبة على الموقع وجودة المشهد العام؛
§         المقتضيات والمعايير المنصوص عليها في أنظمة البناء؛
§         نسبة مقبولة من الامتزاج الحضري.
-  يجب إرفاق الوثائق المتعلقة بالتصور الحضري والمعماري للتجزئة، بتصاميم عامة للأحياء مع تبيان أحجام البنايات ؛
-  تحديد تدابير عملية لإدماج التجزئات الغير قانونية والتي لا توجد بمناطق مهددة أو قرب مصالح أو تجهيزات عمومية حساسة كالمطارات.
XI.      البيئة والتنمية المستديمة:
1.      مقاربة الإشكالية:
يسبب النمو الحضري ضغوطات قوية على البيئة، الشيء الذي يؤثر سلبا على جودة عيش المواطنين وعلى توازن الأنظمة البيئية. ونشهد في غالبية التكتلات العمرانية ظاهرة التوسع على حساب المجالات الطبيعية (غابات، أحزمة خضراء، ...) نتيجة للاكتظاظ الحضري، مع ما ينتج عن ذلك من إزعاجات وتأثيرات على صحة السكان (ضجيج، تلوث الغلاف الجوي، نفايات، تضخم أعداد السيارات، ..الخ.).
وإذا كنا نلاحظ، في غالب الأحيان، أن الجوانب البيئية تؤخذ بعين الاعتبار على مستوى التخطيط الحضري، فبالمقابل نجد من جهة، معاناة الجانب التطبيقي من اختلال على مستوى التدبير المحلي، كما نجد من جهة أخرى، نقصا مهولا في الوسائل المالية الموضوعة لهذا الغرض من طرف السلطات العمومية.
وتحظى في الوقت الراهن، الجوانب الاجتماعية والاقتصادية وكذا تدارك النقص في التجهيزات بالأسبقية في مسلسل تنمية المدن، على حساب المحافظة على البيئية وتحسين إطار جودة العيش. وبدون مشروع إرادي للتهيئة، فإن المواقع الطبيعية تصبح في غالب الأحيان مطرحا للنفايات أو مهدا    لتوالد السكن غير اللائق وتكاثره، مما يهدد التوازنات البيئية ويشكل خطرا عليها.
إن التخطيط الحضري وحده، لا يمكنه أبدا حل جميع مشاكل البيئة المتعلقة بتمدين المجالات في غياب آليات محفزة، تدمج التنمية المستديمة واحترام البيئة في مسلسل التنمية وإنتاج الثروات.
2.      عناصر توجيهية:
-  يجب إدراج التخطيط الحضري ضمن إطار تنمية حضرية مستديمة، مع استباق الأحداث وتوقعها واتخاذ تدابير الوقاية والمحافظة التي ترمي إلى تقليص تأثيرات ظاهرة التمدن السلبية والرفع من عملية الاستقطاب للمجالات الحضرية التي يتم إنجازها؛
-  ومن أجل الرفع من مستوى جودة العيش بتجمعاتنا العمرانية، يجب مصاحبة التخطيط الحضري بمشروع للتنمية المستديمة، يرسم التوجهات الرامية إلى المحافظة على البيئة.
3.      خيارات مقترحة لإدماجها في مشروع المدونة:
-  المحافظة على المناطق الحساسة والمجالات المهددة بالفيضانات والمعرضة للتلوث ..الخ.
-  فسح المجال والحث على الجودة العمرانية والمعمارية (الأحياء المبرمجة للتأهيل أو إعادة الهيكلة، مواقع الإرث التاريخي الواجب المحافظة عليها، وما إلى ذلك...).
-      ويلزم أن تهدف وثائق التعمير إلى:
§         تحديد المناطق الواجب المحافظة عليها لأسباب متعلقة بالبيئة.
§   إنجاز تصميم أخضر يحتوي على وثائق خرائطية أو مكتوبة تتعلق بالمناطق الخضراء الواجب إنجازها أو  تصنيفها أو المحافظة عليها أو إبراز قيمتها.
§   التوفر على دراسات قطاعية تمكن من تقدير التفاعلات البيئية وتوجيه النمو الحضري (خرائط قابلية التمدين، خرائط المناطق المعرضة للفيضانات أو للتلوث..الخ.).
-   يمكن إنجاز تصميم خاص بالمحافظة على المناطق ذات الاعتبارات البيئية أو الطبيعية المتميزة. ويحتوي هذا التصميم على برنامج تنموي وبرنامج عمل وخطة تمويل ومخطط للتدبير والإنجاز، وكذا الضوابط المتعلقة بتهيئة المجال والتي تدقق توجهات وثائق التعمير الخاصة بالمنطقة المعنية؛
-  في حالة وجود التجزئة بموقع حساس (فرشة مائية غير عميقة، موقع ذو أهمية إحيائية أو إيكولوجية، موقع مصنف..الخ.) وكلما دعت الضرورة إلى ذلك، فيجب أن يكون ملف طلب رخصة التجزيء مصاحبا بدراسة تأثير المشروع على البيئة؛
-  التزويد بالماء الصالح للشرب وضمان الصرف السليم للمياه المستعملة، يجب أن يكونا من الشروط التي يستحيل، عند عدم التوفر عليها، الترخيص للتجزئات أو لمجموعات سكنية. 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا