مـفهــوم المـدن الجـديدة مــن خــلال القـانــون 08/02
مذكرة
مقدمة لنيل شهادة الماجستير في القانون العام
فرع
الإدارة العامة ، القانون و تسيير الإقليم
كـليـة
الـحـقـوق - جـامعـة قـسنطينـة 01
إعداد
الطالبة : كـتاف كـريمـة
تحت
إشراف الأستاذة : مـوسـى زهيـة
الـسنـة
الجــامعـيــة 2013 – 2012
مـقـدمــة
لقد
كان تأسيس و بناء المدن محل اهتمام الحكام عبر التاريخ ، و ظهور المدن الجديدة ليس
بالأمر الحديث ، فـفكرة المدن الجديدة رددت منذ أقدم العصور ، ففي القديم بناء
المدن الجديدة يعود أساسا إلى تطور الحضارات عمرانيا . فبنيت مدن بأكملها كقلاع
أثناء الحروب و بجانب المقالع و التوسع على الأراضي المستعمرة .
ففي
القرن التاسع عشر للميلاد ظهرت عدة مدن جديدة لأسباب اقتصادية ، لاسيما في المناطق
التي تحتوي على المناجم الضخمة ، مثل منطقة " Ruhr " بألمانيا
وذلك لاستيعاب العدد الكبير للعمال.
ثم
ظهـرت عدة نظريات تناولت هذا الموضوع و عالجته من جراء سرعة التحضر كانت في
انجلترا، و أشهرها كتاب " Patrik Geddes " تحت
عنوان " مـدن في تطـور" الذي حاول أن يحلل فيه العلاقات الـوسطية في
الإقليم الوظيفي للمدن و يعالجها مستعملا جدوله المشهور سكن ، عمل ، سكان ، و
غيديس هو أول من استعمل مصطلح إقليم المدينة ، كما حاول أن يحـدد مجال نفـوذ
المراكز العمرانية في الوسط ، و يطور شبكة حضرية متزنة مستقبلا بإضافة مدن جديدة
صغيرة الحجم لنشاط المدن الكبرى في الوظائف الحضرية ، و تقلل من هيمنتها و تخفف
عليها الضغط في مختلف مجالات الأنشطة الحضرية (1)
أن
المخطط الانجليزي " Ebenezer Howard هوارد " وضع
كتاب بعنوان المدن الحدائقية المستقبلية أو مدن الغد الحدائقية the Garden City حيث وضع أسس نظريته عام 1898 م (2) .
1) مصطفى
عمر حمادة ، المدن الجديدة : دراسة الأنتروبولوجيا الحضرية ، دار المعرفة الجامعية
، دون بلد النشر ، سنة . 4 ص ، 2008 .
2) الحدائقيةالمدينة
نظرية :
http://ar.wikipedia.org/wiki , visité le
: 09 /12/2009
حيث
فكر في مدينة خالية من المشاكل تقدم لسكانها الخدمات و الراحة إذ كان الاعتقاد
السائد من قبل أنه لا يوجد في مجال المدن أو القرى إلا أحد احتمالين : المدينة بكل
مقوماتها و أنشطتها التجارية و الصناعية و السكنية و كثافتها السكانية و حياتها
الاجتماعية المفككة القرية بمقوماتها الطبيعية و ما فيها من هدوء الريف و جمال
الطبيعة و نقاء الطقس و ترابط الحياة الاجتماعية ، إلا أن هـوارد رأى إمكانية مزج
المدينة و القـرية ليتخلص مـن سلبيات كل منها . و كانت الدوافع لهـذه الفكرة هي ما
فـرضته الثـورة الصناعية آنـذاك على العمران الأوروبي و الأمريكي من توسع مفرط و
تلوث بيئي . فاقترح تخطيط كل مدينة لتمثل مجتمعا متكاملا اجتماعيا و اقتصاديا و
ثقافيا ، و أن يتوفر لسكانها الخدمات الأساسية . فالشريط الأول جعله مركز للصناعات
، أما الشريط الثاني فهي مناطق مزروعة ، و تتكون من بساتين و هذه المنطقة تفصل بين
منطقتين السكنية و الصناعية لتساعد على حماية البيئة ، و الشريط الأخير يضم
المناطق الخضراء التي تكون من ضمنها حديقة الحيوانات و المراكز الترفيهية .
و
تعتبر النواة الأولى لمفاهيم المدن الجديدة
تلك التي ظهرت في انجلترا بعد الحرب العالمية الثانية بجـوار المجمعات الحضـرية و
بالأخـص مدينة لنـدن . فـفي القرن العشـرين بلغ مفهـوم المدن الجديدة أوج تطـوره ،
و أصبح يمثل سياسة تخطيطية قائمة بذاتها ، فـتعتبر مدينة " New Town " البريطانية
مـرجع لمصممي المدن الجديدة ، و ظهـرت أول مدينة بضواحي لندن "Letch Worth" سنة 1903 م
، و بعـدها مدينة "
Welwyn " سنة 1920 ، و كانت هـاته البادرة
البداية لعهد جديد (1).
1) د.خلف
االله بوجمعة ، العمران و المدينة ، دار الهدى ، عين مليلة ، 2005 ، ص ص 127 - 128 .
و
بعد دراسة هذه التجربة تم اقتراح ثمانية مدن جديدة لفك الخناق عن حاضرة لندن و ذلك
سنة 1944 ، و انتشرت بعـدها هذه التجربة إلى جميع أنحاء العالم ، بداية بفـرنسا و
التي أدرجت تسع مدن جديدة ثم اختزلت إلى خمسة مـدن محيطة بالضاحية الباريسية خلال
الفترة من 1961 إلى 1969 ، و هولندا و الولايات المتحدة .
و
هكذا أصبحت المدن الجديدة في الوقت الحاضر نموذج معماري يقتدى به في التوسع العمراني
في مختلف بلدان العالم المتطورة أو السائرة في طريق النمو ، التي تملك الإمكانيات
المالية الضخمة ، و الخبرة التكنولوجية التي يتطلبها إنشاء مثل هذه المستوطنات
الحضرية الراقية في مجال التجهيزات الحضرية المتنوعة و المتكاملة ، أو الوظائف و
الخدمات التي تؤديهـا هـذه المدن الجديدة في إطار شبكة حضرية متزنة و متناسقة .
هذا
و إن عممت التجربة في كل دول العالم فقد اختلفت أسباب إنشائها مـن دولـة إلـى أخرى
، فأنشأت مدن لأسباب صناعية في البلدان الاشتراكية ( الاتحاد السوفياتي ، بولونيا
، رومانيا ...) ، و أخرى ذات طابع علمي مثل مدينة " Louvain – la neuve " في بلجيكا.
و
رصدت دول أخرى انجاز المدن الجديدة بغـرض تجنب التمركز الشـديد للسلطات الاقتصادية
و السياسية ، و ضمان توزيع عادل للسكان ، و بـالتالي خلق التنافس بين المدن
المحيطة بالعاصمة ، على سبيل المثال كانبرا باستراليا ، برازيليا بالبرازيل ،
انقرا بتـركيا.
و
تعتبر تجربة العالم العربي من أهم التجارب الرائدة في هذا الميدان ، و التي حققت
نجاحا مميزا ، حيث أقيمت مدن جـديدة متكاملة و مستقلة في المملكة العربية السعودية
و دولة الإمارات و مصر و غيرها .
و
أقيمت مدن عربية علمية كاملة كمراكز للجامعات و البحوث العلمية ، مثل جامعة الملك
سعود بالرياض ، و جامعة الملك فهـد بالظهران ، مدينة مبارك العلمية في برج العرب ،
و جامعة العين في الإمارات و غيرها ، و أقيمت أيضا مدن عمرانية متخصصة صناعية مثل
: مدينتي ينبع و الجبيل في المملكة العربية السعودية و غيـرهما في البلدان العربية
(1)
1) غسان
سمان ، المدن الجديدة في الوطن العربي و دورها في التنمية المستديمة ، مجلة
المدينة العربية ، منظمة المدن العربية / الكويت ، العـدد 2000 ، 94 ، ص 21 .
و الجزائر كغيرها من دول العالم الثالث شهدت هذه التجربة ، و ذلك
بسبب الزيادة المفرطة في حجم المدن لاسيما الكبرى ، و التي أصبحت تعاني ضغــطا
سكانيا صاحبه نمو عمراني سريع ، زاوج بين شكـل التعمير المنظم المخطط أحيانا و
الفوضوي اللاشرعي فـي أحيـان أخـرى .
و قــد تبنت السلطـات إستـراتيجية المدن الجـديدة لمواجهة التحضـر
السريع فـي الجــزائر ، خـاصة عبـر الشريط الساحلي و التل ، أين وصل التشبع الحضري
أقصاه في المدن الكبرى و المتوسطة الحجـم ، و ما نتج عنه من انعكاسات خطيـرة على
الوسط الطبيعي ، و بالأخص تراجع مساحة الأراضي الفلاحية بسبب التوسع العمراني (1)
، سواء كان ذلك التوسع العمراني منظما في إطار المخططات العمرانية ، أو عشوائيا
على شكل أحياء قصديرية ، تنقصها التجهيزات و الهياكل الأساسية الضرورية للحياة
الحضرية .
صادقــــت
الحكومة برئاسة مقداد سيفي ، سنة 1995 على عدة مشاريع مــدن جديدة ، تنشـأ بالقـرب
من مدينة الجزائـر و المتمثلة في : المعالمة ، بوينان ، الناصرية ، و العفرون ، و
مشاريع مماثلة لمدينة وهران و قسنطينة ، و مدن مماثلة في الهضاب العليا كمشروع
مدينة بوغزول ، لتحقيق التوازن في الشبكة الحضرية و التخفيف من أزمة السكن ، و
القضاء على الأحياء القصديرية ، زيادة على بعث التنمية الاقتصادية في الهضاب
العليا و الجنوب ، من أجل استقطاب الفائض السكاني الموجود في شمال الجزائر ، و
تخفيف الضغط الديمغرافي على المستوطنات البشرية الواقعة عبر الشريط الساحلي و التل
، و التي وصلت درجة التحضر بها حد (2) الإشباع .
و قـد حاولت الجزائر التصدي لهذه المشاكل التي عصفت بالمنظومة
الحضرية حيث انتهجت سيـاسات عـديدة سابقة لفكرة المدن الجديدة ، و أهمها مناطق
السكن الحضري الجديدة
ZHUN) Zones d’Habitat Urbaines Nouvelles) و
التي تركزت كثافتها بالأخص في المدن الكبرى مثل : مدينة الجزائر ، وهران ، قسنطينة
، و عنابة و قد نجحت هذه السياسة إلى حد ما في توفير السكن ، و التحكم في التوسع
العمراني بطريقة منظمة إلا أنها فشلت بسبب افتقارها إلى قاعدة التجهيزات و المرافق
العامة الضرورية .
و لهذا بقيت مجرد أحياء للنوم Cités Dortoirs تعتمد
كليا على المرافق و الخدمات بمراكز المدن. مما رسخ في أذهان أصحاب القرار أن فكرة
المدن الجديدة هي الحل الأمثل و النهائي لمعالجة إشكالية سـرعة التحضر ، الـتي
تعيشها الجزائر ، مـن أجل التحكم و تنظيم الاستيطان البشري الحضري .
1) التوسع
العمراني : هو استهلاك المجال و انتشار الأشكال العمرانية و التي ترتبط مع
تجمعات موجودة من قبل و يجب أن تكون هناك استمرارية كي نستطيع الحديث عن التوسع و
هو عملية مرتبطة بالبحث عن الأشكال المادية للأسئلة المطروحة بالنسبة للطلبات
الجديدة من مساحات ( السكن ، العمل ، التجهيزات ... ) .
2) أ.د.
بشير التجاني، التحضر و التهيئة العمرانية في الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية،
الجزائر، دون تاريخ، ص 94 .
إلا أن الفكرة في حـد ذاتها تحتاج إلى استثمارات ضخمة لانجاز مثل هذه
المشاريع الطموحة ، لأن المدن الجديدة بالمفهوم العمراني المعاصر لا يقتصر على
إنشاء مراقد للبشر فقط ، بقدر ما يشترط في مخططاتها العمرانية أن توفر جميع
الهياكل الأساسية ، و التجهيزات التجارية ، و الاجتماعية ، و الثقافية و الإدارية
الضرورية ، زيادة على تواجد المؤسسات الاقتصادية التي تضمن لها نوعا من
الاستقلالية ، و إلا فإن هذه المشاريع تعقد النظام الحضري أكثر .
و
تصبح هذه الكويكبات العمرانية الجديدة المبرمجة (1) ، تعتمد كليا على المدن
الرئيسية المجاورة في مختلف التجهيزات الحضرية و مناصب الشغل ، و بالتالي و بدلا
من أن تكون عائلا لها تصبح عالة عليها .
عموما
لقد ظهرت الفكرة في السبعينات و اندثرت في الرفوف ثم عاد الحديث عنها في التسعينات
، إلا أن سنوات الجمر ، أو كما تسمى العشرية السوداء التي عانت منها البلاد انعكست
أيضا على قانون التعمير بسنوات قحط حالت دون تبلور فكرة المدن الجديدة على أرض
الواقع كمشاريع ذات منفعة وطنية . بل تم تبنيها في البداية بطريقة جـد محتشمة على
المستوى المحلي .
و ظل هذا الفراغ القانوني إلى غاية سنة 2002 أين جاء القانون 08/02 ، المتعلق
بشروط إنشاء (2) المدن الجديدة و تهيئتها و الذي جاء في جعبته بفكرة إنشاء
المدن الجديدة كسياسة واضحة المعالم من حيث التعريف و الشروط و لاسيما التسيير ، و
من خلاله بدأت هذه الفكرة ترى النور .
وخصّ
بها الهضاب العليا و الجنوب ، و استثناءا المدن الكبرى . و في سنة 2004 تمت
المصادقة على القوانيـن المنشئة لمدن الجيل الأول ، و بدأت هذه السياسة تتجسد على
أرض الواقع . و بعد هذه التوطئة و إحاطتنا بأهمية الموضوع على الصعيدين الدولي و
الوطني فإن هذا سبب الأسباب ليقع اختيارنا على هذا الموضوع و التي تتلخص فيما يلي :
1) المدن
الجديدة مبرمجة : بمعنى أنها غير مخططة عبر مدة طويلة ، بل تم تصورها كمشروع
متكامل بكل تجهيزاته
.
2) القانون
رقم 08/02 ، المؤرخ في 2002/05/08
، المتعلق بشروط إنشاء المدن الجديدة و تهيئتها ، الجريدة الرسمية ، العدد 34 ،
سنة 2002 .
- محاولة
إجلاء دور المدن الجديدة في القضاء على مشاكل المنظومة العمرانية نهائيا ، و هو
أمر أثار و لا زال يثير جدلا لكثير من الباحثين و الدارسين .
- التدهور
المستمر الذي تعيشه المدن الجزائرية لاسيما الكبرى منها بالرغم من وجود ترسانة
قانونية في ميدان التهيئة و التعمير .
- تلبية
النقص الملحوظ على صعيد البحث العلمي لأن موضوع المدن الجديدة و على الرغم من
أهميته البالغة لم يأخذ القسط الكافي من الدراسة و التحليل لاسيما من الناحية
القانونية ، ما عدا بعض المحاولات المحتشمة .
فمعظم المواضيع التي تناولت موضوع المدن الجديدة من زوايا ضيقة و
جزئية ، بحيث تفتقد للشمولية ، مثل تناولها من الجانب الجيولوجي المتعلق بطبيعة
التربة المتكون منها مجال الدراسة و نوعية مناخها ... الخ ، أو من الجانب
الاجتماعي ، بالتعرض لجميع شرائح السكان القاطنين بالمدن الجديدة و مدى توافر ظروف
العيش الهنيء .
باعتباره من مواضيع العصر الشائكة لاسيما باندراجه في قوانين التعمير
المعقدة . فضلا عن ما تثيره النصوص القانونية من تداخلات و تناقضات فيما بينها . و
محاولة إجلاء مدى مطابقة الأھداف النظریة التي رسمھا القانون مع حقیقة الممارسات
الفعلیة التي تجسدھا أرض الواقع .
و بـالنتيجة و لما كان موضوع البحث على درجة كبيـرة من الأهمية
دفعنـا ذلك لمحاولة الخـوض فيه و محاولة إجلاء الغموض المتعلق به ، و ذلك بتـركيـز
البحث حول إشكاليتين رئيسيتيـن تتمحـور الإشكالية الأولـى حـول : تحديد ما معـنى
المـدن الجديـدة مـن خلال القانـون 08/02 ؟ و الإشكالية الثانية حول : ما هي الطبيعة
القانونية لهذه المدن بعبارة أخرى لمن يعود تسيير و إدارة المدن الجديدة ؟ و
ما مدى نجاعة هذا التسيير ؟
و تندرج تحته عدة إشكالات
لا سبيل لحصرها فاكتفينا باثنين منها هـي:
ما مدى كـفـاية النصـوص
القـانونية المتعـلقة بالمدن الجديـدة ؟
و هــل يمكـن أن يكون
مصيـر المدن الجديدة مجرد أحياء للنـوم أم ستشكل قطـب هــام و فـعـال ؟
و
نظرا لخصوصية مـوضوع البحث و أهميته و في محاولة منا لتغطية الموضوع اعتمدنا أساسا
على مناهج مناسبة للإجابة على مختلف التساؤلات التي تثيرها الإشكالية حيث اعتمدنا
على وجه الخصوص على :
المنهج
المقارن و ذلك إدراكا منا
بالـفائدة التي نحصدها من الدراسة المقارنة حيث تسمح لنا بمعرفة أهم التشريعات و
الدراسات القانـونية التي تعرضت للموضوع في مختلف الدول من جهـة ، و مـوقف المشـرع
الجزائري من جهة أخرى ، بالإضافة إلى الوقــوف على أهـم الاختـلافات و النقائص
الموجودة فيها ، لاسيما ما تعلق منها بجانب التسيير . و من ثم الاستفادة من
التجارب الأجنبية لاسيما الفرنسية و إسقاطها على التجربة الجزائرية .
و المنهج الوصفي
التحليلي و هذا بغرض جمع و تقديم
مختلف المعلومات و المعطيات ، لتحديد مفهوم الظاهرة المدروسة و شروط إنشائها ، و
ذلك بشرح و تحليل مضامين و فحوى مختلف النصوص القانونية المؤطرة لها ، و الدراسات
المتعلقة بها .
و
للإجابة على كل التساؤلات المطروحة و الإلمام بجميع جوانب الموضوع الخاص بهذا
البحث ، ارتـأينا تقـسيـم هـذا العمل إلى فصلـين :
حيث سلطنا الضوء في
الفصل الأول : على
تحديد معنى المدن الجديدة من خلال التعرض إلى مفهومها و شروط إنشائها في مبحث أول
، ثم اتجهنا في المبحث الثاني إلى تناول أنــــواع المدن الجديدة و تــوزيعها فـي
الجــزائر.
و الفصل الثاني :
تطرقنا فيه لأهم نقطة يثيرها الموضوع ، و هي تسييـر المـدن الجديـدة حيث خصصنا
المبحث الأول لتسييـر المدن الجديدة المؤطرة قانونا ، و على وجه الخصوص هيئة تسيير
المدن الجديدة ، و أخذنا كمثال عن هذا النوع " المدينة الجديدة سيدي عبد الله " .
و في المبحث الثاني
حاولنا الإحاطة بتسيير المدن الجديدة غير المؤطرة قانونا باعتبارها
حالات خاصة و مجموع الفاعليـن المتدخلين في عملية التسييـر، و أخذنا كنمـوذج حصرنا
حوله الدراسة " المدينة الجديدة عـلي منجلي " الواقعة في مدينة قسنطينة
، التي عرفت كغيـرها مـن المدن الجزائـرية الكبـرى ، تطـورا كبيرا فـي نسيجها
الحضـري ، أدى إلـى استهلاك الأراضي المحيطة بها بطـريقة سريعـة ، و لم تستثنى
منها الأراضي الفلاحيـة مما حتم على السلطات اللجـوء إلى حـل بديـل يتمثل في خلـق
مدينة جديدة ، للتخلص جـذريا مـن المشاكل التي يتخبط فـيها المجال العمراني ، و
تمتـص الفائـض السكـاني للـمديـنـة الأم .
مـلـخـص
لقــد
تبنت الحكـومة الجزائرية سياسة المدن الجـديدة لمواجهة التحضـر السريع ، خاصة عبر
الشريط الساحلي و التل ، أين وصل التشبع الحضري أقصاه لاسيما في المدن الكبرى ، و
ما نتج عنه من انعكاسات خطيرة على الوسط الطبيعي ، و بالأخص تراجع مساحة الأراضي
الفلاحية بسبب التوسع العمراني ، و انتشار التعمير غير المنظم و نقــص الخــدمات ،
و زيادة مشاكل البنية الأساسية و النقـص الكبير في المساكن في المدن الرئيسية ،
فكانت من بين دوافع إنـشاء الـمدن الجديدة التحكم في الاتساع غــير المنظم للمناطق
الحضرية ، و إيجاد اتـزان بين السكـن و العمل ، و تقـليل الكثافـات السكانية و
توفـير الخدمات، و توزيع الأنشطـة الاقـتصادية فـي مختلف مناطـق الإقليم ، و تشجيع
عملية التنمية فـي الأقاليم ذات الموارد خاصة غير المستغـلة .
و لقد أقرت السلطات تبنيها لهذه الفكرة بمقتضى القانون 08/02 ، المتعلق بشروط
إنشاء المدن الجديدة و تهيئتها و الذي ورد فيه تعريفها و شروط إنشائها و
كيفية تسييرها ، و خص بها الهضاب العليا و الجنوب ، و استثناءا في الشمال بغرض فك
الخناق عن المدن المتروبولية . و على الرغم من اقتراح أربع أطواق ، إلا أنه لا
الموارد المالية ، و لا طاقات الإنجاز ، و لا الخبرة المطلوبة يمكنها مواجهة
متطلبات تحقيق و تجسيد جميع مشاريع المدن المقترحة ، مما حتم عملية المفاضلة ، و
الأخذ بمبدأ الأولوية ، و التي حازتها مدن الجيل الأول حيث تمت المصادقة على
القوانين المنشئة لها سنة 2004 .
و
قد أسندت مهمة تسيير المدن الجديدة لمؤسسة عمومية ذات طابع صناعي و تجاري و التي
لها مهمة عامة في مجال التهيئة و التنسيق ، وهي تجمع بين قواعد التسيير العمومي ،
و أسس التسيير الخاص .
إن
الطبيعة الصناعية والتجارية لهذه الهيئات جديرة بأن يؤكد عليها ، فهـي تخفف عن
الدولة مختلف الأعباء ، لأن من أهم خصائصها ، الجمع بيـن اختصاص الدراسة و التخطيط
و وظيفـة الانجاز و التسيير ، و هذا الجمع يجنبنا القطيعة المتكررة القائمة بين
وثائق التعمير ، و إستراتيجية التنمية الاقتصادية و المجالية ، والوسائل المالية و
البشرية الضرورية لتنفيذها .
و
إلى جانب هذه المدن الجديدة المؤطرة قانونا نشأت مدن بقرارات محلية ، على غرار
المدينة الجديدة " علي منجلي " بقسنطينة و التي أسندت مهمة تسييرها
لبلديتي الخروب و عين سمارة و بالتالي إضافة أعباء جديدة لهاته البلديات . كما أن
توطينها على أراضي بلديتين مختلفتين ، طرح إشكالية انتمائها الإداري ، و تسييرها
كمدينة على المدى البعيد ، وهو أمر يتطلب إعادة النظر فيه و معالجته في أقرب
الآجال قبل أن تفقد المدينة هويتها و استقلاليتها .
فنموذج
المدن الجديدة الذي تبنته الدولة كإستراتيجية لمواجهة إشكالية التحضر ، ينبغي أن
يؤخذ بكثير من الحيطة و الحذر . كما يحتاج إلى دراسات معمقة و جدية لإيجاد أحسن
البدائل و الحلول لإشكالية التحضر ، حتى لا نكون أمام مشاريع يكون وقع سلبياتها و
انعكاساتها أقوى من إيجابياتها. خاصة أننا في هذا الصدد نميز بين نوعين من المدن
الجديدة :
الأولى
تعبر عن المدينة المتكاملة ، فإلى جانب العمران ، فهي تقوم بوظائف المدينة ،
الاقتصادية ، الاجتماعية و الخدماتية . فـليس دافعهـا الأول الإسكـان ، و لكـن
الاكتفـاء و الاستقلال من حيث مختلف المرافق . كما أن إنشاءها يستند إلى قانون ،
يضع الأسس العامة و يبين طرق التسيير و الأجهزة المعنية به و طرق التمويل .
و الثانية عبارة عن تجمع سكاني ، هدفه الأول الإسكان و يفتقر للقاعدة
الاقتصادية التي تضمن مناصب العمل و للخدمات ، مما يجعلها تعتمد اعتمادا كليا على
الخدمات و التجهيزات المتواجدة في مراكز المدن التي أنشئت بها. فـهـو عـبارة عـن
أحياء للــنـوم لا أكـثـر و لا أقـل. و أهم ما يعاب عليها أيضا عدم استنادها إلى
قانون يؤطرها . و لعل أفضل طريقة لتسيير المدن الجديدة و ضمان فعاليتها و
استقلاليتها ، ليس بإسنادها لهيئة مهما كانت طبيعتها إدارية أم تجارية و صناعية ،
و إنما بمنحها صفة الهيئة اللامركزية في صورة بلدية و ذلك بالنظر إلى حجمها و ما
تستوعبه من سكان ، فهي تحتاج إلى الاستقلالية لضمان القدرة على تسيير المجال .
Summary
The Algerian government adopted the
politics of the new cities to face the fast urbanization, notably the coastline
and the hills, where the urbanization reaches its maximum and especially in the
big cities, and of its damaging consequences on the natural environement, and
especially the reduction of the agricultural surfaces because of the urban
extension, and the anarchical urbanism and the lack of the services, and among
the reasons to create these new cities the domination of the anarchical
extension, and to find a balance between the lodging work and the services, and
to distribute the economic activities in the whole territory, as well as to
incite the development of the regions having the non exploited of the special
sources.
The authorities declared the
adoption of this idea according to the law N° 02-08, relative to the conditions
of the creation of the new cities and their planning, which law includes its
definition and the conditions of its creation and the methods of its
administration, as well as it specified for it the high trays and the south
excepts the north to end of the big cities congestion.
And in spite of the proposition of
four crowns, but nor the human sources nor the strengths of realization, nor
the requisite experience cannot face the needs of the realization and the
realization of all city projects proposed, the case that predetermined the
differentiation, and that encouraged the principle of priority, acquired by the
cities of the first generation whose institutional laws have been ratified in
2004.
The mission to manage the new cities
has been confided to an industrial and commercial public corporation having a
general mission in the setting of the planning and the coordination, that
unites the general rules of administration and the specific principles of
management.
It is necessary to really be
based on the industrial and commercial nature of these establishments, that
alleviates the state of load various, because among its main features the
gathering between the survey and the scheduling and between the operations of
realizations and managements that avoid us the repetitive rupture between the documents
of urbanism, and the strategy of the economic development and the financial and
human means necessary to its execution.
In addition to these new
cities framed by the law, other cities have been constituted according to the
local decisions as the new city "Ali Mendjeli" in Constantine of
which mission of management been confided to the townships of El Khroub and Ain
Smara and consequently to add new responsibility in charge of those
townships.
As well as the site of the
so-called city on the lands of two different townships to raised the
problematic to determine its administrative dependence, and its management as
city on the long course, what requires the revision and the treatment of the
problem in the briefest delays before the city loses its identity and its
independence.
The type of the novelette
cities adopted by the state as strategy to face the problem of urbanization
must be taken with more of prudence and distrust, as well as it requires a
deepened survey and serious in order to find the best alternatives as well as
to find a solution of the urbanization problem not to create the projects of
which the inconveniences and the negative consequences will be more that its
advantages, notably that in this respect we distinguish two types of new
cities:
The first consists of the
exemplary city, and in addition to quoted it urban, her accomplished the
functions of an economic, social city and supplier of service, who won't have
as first goal the lodging, but the realization of the sufficiency and the
independence with regard to the various sectors, as well as its constitution is
based on a law fixing the general bases and indicating the methods of
management, the there concerned organisms and the methods of financing.
The second represents a
residential islet having like first goal the lodging and lack of an economic
basis guaranteeing the stations of work and the services, what always returns
it in need of services and the facilities of the other cities where it has been
constituted. Therefore, only representing no more no less some cities
dormitories. And its main defect sums up in the absence of a law framing
it.
The best way to manage new
cities and the insurance of its efficiency and its independence is not the
designation of another some establishment either its commercial or industrial
nature to accomplish the so-called mission, but, one assigning him the quality
of an establishment non extract as township seen its importance and the
population that it gathers, because it requires the independence to assure the
power to manage the domain.
Résume
La ville Algérienne se présente
comme une ville sans identité, sans personnalité, sans cachet en un mot sans
âme. Ces caractéristiques sont le fruit amer d’un urbanisme improvisé
aboutissant á la production d’un cadre bâti non intégré, sous équipe, un cadre
bâti d’une pauvreté caractérisée.
Pour les pouvoirs publics, le
correctif réside dans la mise en œuvre d’une politique de nouvelles villes
constituant des contrepoints au développement anarchique : des métropoles
d’équilibre . Le correctif réside aussi dans la recherche d’une cohérence dans
les espaces urbains juxtaposés, morcelés, dans l’équilibre de l’habitat, ainsi
que dans de nouvelles stratégies de développement des régions et ce, par la
reconnaissance de leurs spécificités. Tout cela nécessite l’adoption d’un
dispositif juridique en adéquation avec les objectifs affirmés.
C’est dans ce sens que la loi
n’02.08 est prise pour la promotion des hauts plateaux et du sud.
Cette loi définit la nouvelle
ville, précise les conditions de sa création et les méthodes de sa
gestion.
Une telle ambition exige des
moyens colossaux pour le réalisation de tous les projets de nouvelles
villes.
Avec les lois de 2004, on a vu
naitre la première génération de nouvelles villes .leur gestion est confiée á
un établissement public á caractère industriel et commercial.
Certaines villes naissent par simple
décision des autorités locales : Ali Mendjeli en est un exemple probant.
Cette nouvelle ville est rattachée
autoritairement aux communes du Khroubs et Ain Smara. Ces deux communes la
gèrent, ce qui alourdit sensiblement leurs charges.
Le risque pour cette nouvelle
ville est la perte de son identité et de son indépendance.
S’il existe une politique de
nouvelles villes, elle doit nécessairement passer par deux démarches
complémentaires : d’une part , des réformes institutionnelles pour mieux
prendre en compte laréalité urbaine et d’autre part la mise en œuvre de projets
concrets susceptibles de fédérer des énergies c’est -á -dire mobiliser tous les
partenaires autour de ces projets.
Il faut beaucoup de temps et
aussi de volonté pour créer une ville et ce, en associant les populations qui y
vivent demain.
Pour l’heure, les villes
créees souffrent du manque d’urbanisme et d’architecture ; l’habitat est un
exemple probant ; le vivre ensemble a été négligé : absence d’urbanité et de
convivialité, les blocs sont juxtaposées à la fois sépares et réunis par des voies
beaucoup plus routières qu’urbaines.
Créer une ville consiste à réfléchir
minutieusement d’une part sur son rôle multi dimensionnel et , d’autre part sur
son influence entant que pôle autonome d’expansion.
Cela revient á dire qu’il
convient de prendre l’homme pour pôle et d’affirmer que si organiser est bien ,
composer est mieux .
Refuser cette évidence ne peut
que signifier l’échec de toute politique publique , la politique de la ville
comprise.
الـخـاتـمـة
بعد فشل السياسات التي كانت السلطات العمومية قد اتبعتها لمواجهة
التحضـر السريع ، أين وصل التشبع الحضري أقصاه لاسيما في المدن الكبرى و عبر
الشريط الساحلي ، و ما نتج عنه من انعكاسات خطيرة كتراجع مساحة الأراضي الفلاحية
بسبب التوسع العمراني ، و انتشار التعمير غير المنظم و نقــص الخــدمات و تشوه
صورة المدينة بصفة عامة .
تبنت
نموذج المدن الجديدة كإستراتيجية لمواجهة إشكالية التحضر في الجزائر ، و إيجاد
اتـزان بين السكـن و العمل و الخدمات ، و توزيع الأنشطـة الاقـتصادية في مختلف
مناطـق الإقليم ، و تشجيع عملية التنمية فـي الأقاليم ذات الموارد خاصة غير
المستغـلة ، و تجسد ذلك من خلال القانون 08/02 المتضمن
لشروط إنشائها . و لم تجسد هذه الفكرة إلى غاية سنة 2004 أين جاءت المراسيم
المنشئة لمدن الجيل الأول ، و التي تضمنت خلق مدن جديدة تماما و إخراج مدن جديدة
كانت موجودة بإرادة محلية في ثوب قانوني وفق ما تضمنه القانون 08/02 على شاكلة المدينة الجديدة سيدي عبد الله ، و تركت مدن أخرى على
طبيعتها كالمدينة الجديدة علي منجلي . و هكذا أصبح المجال العمراني أمام نموذجين
من المدن الجديدة .
و
قد واجهت هذه السياسة قصورا كبيرا في التنفيذ ، فالنموذج الأول يعبر عن القطب
المتكامل ، فإلى جانب العمران ، فهو يقوم بوظائف المدينة ، الاقتصادية ،
الاجتماعية و الخدماتية . فـليس دافعه الأول الإسكـان ، و لكـن الاكتفـاء و
الاستقلال من حيث مختلف المرافق . و قد واجه هذا النموذج المنشأ بمقتضى مرسوم
تنفيذي بعض الخروقات ، فإذا كان القانون يؤكد على جعل إنشاء المدن الجديدة في
الشمال كاستثناء فإن التطبيق أظهر العكس حيث خصت الجزائر العاصمة لوحدها بخمس مدن
جديدة التي ستزيد من تضخم هذا القطب و إمكانية حدوث التواصل الحضري ، بينما حرمت
المدن المتروبولية الثلاث الأخرى من تطبيق هذه السياسة على أراضيها .
ناهيك
عن طبيعة المواضع التي ستقام عليها بعض المدن و التي تشكل أراضي ذات جودة زراعية
معتبرة ، مما يعتبـر تناقـض صارخ مع قوانين التعمير بصفة عامة و قانون إنشاء المدن
بصفة خاصة و التي تخص مثل هذه المناطق بالحماية .
أما
فيما يتعلق بتسيير المدن الجديدة عن طريق مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي و تجاري و
إن كان لها ايجابيات الجمع بيـن اختصاص الدراسة و التخطيط و وظيفـة الانجاز و
التسيير ، الذي يجنبنا القطيعة المتكررة القائمة بين وثائق التعمير فإن لها سلبيات
الرقابة المشددة المفروضة من سلطة الوصاية عليها و التدخل المتكرر في صلاحيات هذه
الهيئة و الذي يثبت مركزية تسيير مشاريع المدن الجديدة .
أما النموذج الثاني الذي نشأ بإرادة محلية ، فقد رصد بالدرجة الأولى
بغرض الإسكان وهذا يجعل منه تجمع سكاني يفتقر للقاعدة الاقتصادية التي تضمن مناصب
العمل و للخدمات ، و يجعل منه قطب تابع يعتمد اعتمادا كليا على الخدمات و
التجهيزات المتواجدة في مراكز المدينة الأصلية . و يصبح يندرج في زمرة أحياء
الــنـوم Cités
Dortoirs أو على شاكلة مناطق السكن الحضري
الجديد ، كما أن افتقاده لإطار قانوني حقيقي تقوم عليه و تبنى به الركائز و
المقومات الأساسية للمدينة الجديدة ، فـتح الباب على مصراعـيه لتدخل العديـد من
الجهات و من مستويات مختلفة في التسيير و هذا يطرح إشكال حول من يتحمل المسؤولية ،
ناهيك عن غياب التنسيق بينها مما حال دون الوصول إلى الأهداف المسطرة لها .
و لهذا ينبغي أن يؤخذ هذا النموذج بكثير من الحيطة و الحذر و بعيدا
عن الأهداف السياسوية . في ظل تغطية شاملة عن طريق دراسات معمقة و جدية لإيجاد
أحسن البدائل و الحلول (1) لإشكالية التحضر ، قبل تبني مشاريع يكون وقع سلبياتها و
انعكاساتها أقوى من إيجابياتها . بحيث لا ينبغي معالجة إشكالية المدن بإضافة مدن
جديدة بمشاكل حضرية جديدة ، و ألا يكون هدفنا من إنشاء المدن لمجرد إنشائها و
تقليدا أعمى للدول الأجنبية .
و لهذا أصبح هاجسنا الأساسي يتجه ليس بالضرورة إلى خلق مدن جديدة ،
بقدر ما يركز على الاهتمام بهذه المدن القائمة و المتنامية ، من أجل تعزيزها
بتجهيزات تحتية و مرافق أساسية و خدمات اجتماعية ، حتى تلعب دورها كاملا في توازن البنية الحضرية العامة ، و في إعادة توزيع
السكان و التخفيف من الضغط على الحواضر الكبرى ، التي لم تعد تتسع لاستيعاب تدفق
الهجرة .
كما
أن نجاعة المدن الجديدة تحتم علينا إيجاد التكامل بين سياسة الدولة و مبادرات
المجتمع ، و هذا يجنبنا بالتالي ذلك المنزلق الذي جعل كثيرا من المدن الجديدة
عبارة عن ضـواح أو منامات
1) د.بشير
التجاني ، المرجع السابق ، ص 101 .
أو في حالات أخرى عـبارة عـن أحياء نخبوية إقصائية خالية من نبـض
المجتمع و روح (1) المدينة . من خلال هذه الدراسة نستشعر التحديات و الإشكاليات
التي تواجه المدن الجديدة و خاصة أن إعادة الإعمار و توسعه عملية ثقيلة التكاليف
باهظة الثمن ، لأنها تتطلب تجهيزات تحتية هائلة ، و مرافق عمومية ، و فضاءات
اجتماعية و ثقافية متنوعة ، لتحقيق تعمير منسجم ، و متوازن يراعي شروط حياة
إنسانية كريمة آنيا و مستقبلا .
كما أن التخطيطات الأولية كثيراً ما تكون متجاوزة و تصبح واقعة تحت
ضغوطات سكانية تنمو بسرعة متزايدة - بسبب الهجرة غالباً - و بوتيرة أسرع من نمو
البنى الاقتصادية و المرافق الأساسية ، الشيء الذي يترتب عليه إفرازات سلبية على
مستوى الانسجام العمراني ، و الضغط على البنيات التحتية ، و تدني الخدمات
الاجتماعية لفئة عريضة من الساكنين و لهذا يجب أن تكون وظيفة المدينة و قاعدتها
الاقتصادية واضحة ، و أن تكون ضمن خطة التنمية الاقتصادية و الاجتماعية للدولة.
كما
أن إدارة المدن الجديدة بأسلوب مركزي تقليدي أعاق تنمية المدن الجديدة ، و لابد من
تحفيز المستثمرين للمشاركة في إدارتها و تشغيلها ، و إتاحة فرصة أكبر للمشاركة
الشعبية فالمجتمع المدني هو صاحب الفائدة المباشرة من تنمية المدن الجديدة .
و في هذا الصدد لابد من التنسيق بين هيئة المدينة الجديدة المختصة
بالتسيير و الوزارات و الولايات المعنية ، لتلافي التضارب في القرارات و
الاختصاصات و هذا حتى نتلافى بالدرجة الأولى ضياع المسؤولية في ظل تعدد الفاعلين و
باختصاصات غير واضحة . كما يجب أن يلتزم جميع المتدخلين بالأهـداف التي قامت المدن
الجديدة من أجلها ، كل هذا من أجل استشراف رؤية مستقبلية لتطوير هذه المدن و
تأهيلها لكي تلعب دورها كاملاً في التنمية المستدامة .
و
لعل أفضل طريقة لتسيير المدن الجديدة و ضمان فعاليتها و استقلاليتها يكون بإشراك
قاعدة عريضة من السكان في تسيير المجال الذي ينتمون إليه ، وهذا ليس بإسنادها
لهيئة مهما كانت طبيعتها إدارية أم تجارية و صناعية ، و إنما بمنح هذه المدن
الجديدة صفة الهيئة اللامـركزية في صورة بلدية و ذلك بالنظر
إلى حجمها و ما تستوعبه من سكان ، فهي تحتاج إلى الاستقلالية لضمان القدرة على
تسيير المجال و تجسيد انشغالات المواطن ، حتى نتجنب القطيعة بينه و بين الإطار
الذي يعيش فيه من خلال سيطرة القرارات الفوقية .
1) غسان
سمان ، المرجع السابق ، ص 18 .
و
في الأخير يجب أن نجتنب سلبيات ما هو كائن ، بعرض أهم التصورات الواجب توفرها في
قطب ما حتى يكتسب تسمية مدينة جديدة و يكون دورها فعالا في القضاء على مشاكل
المنظومة الحضرية و التي نستعرضها فيما يلي :
- إرساء
دعائم البنى الأساسية و المرافق الحيوية ، كضرورة لأي تنمية مستدامة .
- التخلص
من المركزية في إدارة المدن الجديدة ، و الأهم نقل بعض المؤسسات و الإدارات
بالكامل لهذه المدن و للمعالجة الجذرية تنقل بعض الوزارات لهذه المدن لتفعيلها و
تطويرها .
- إقامة
المدن الجدیدة المتخصصة ، و ذلك ببناء مجمعات صناعیة أو سیاحیة أو زراعیة توفر فرص
العمل ، التي تكون جاذبة للید العاملة و بالتالي إقامة مدن جدیدة . فتفعیل
دور المدن الجدیدة لا یكون (1) إلا بإقامة مراكز بحوث علمیة و جامعات و كلیات و
شركات و إدارات .
- تیسیر
سبل الاستثمار و التمویل كعوامل جذب فاعلة ، و ذلك بتخلیصھا من الإجراءات
الروتینیة و منحھا امتیازات للتمویل و الاستثمار . إذن إن فعالية المدن الجديدة و
جعلها قطبا فعالا ، لا تكون بتكريس ترسانة من القوانين التي تحكمها، و إنما بمدى
احترام تطبيق هذه القوانين في أرض الواقع ، كما أن فعاليتها تبرز من خلال الجهاز
الذي أسندت إليه مهمة تسييرها ، فالعبرة في إنشاء المدن ليس بكمها و إنما بنوعها .
أ.د حمد سليمان المشوخي
، الأبعاد التنموية للمدن العمرانية العربية الجديدة ، مجلة المدينة العربية ،
الكويت ، العدد 94 ، جانفي فيفري 2000 ، ص 122.
قـائمـة الـمختصـرات
أولا : باللغة العربية :
ج.ر : الجريدة الرسمية
للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية .
د.ت : دون تاريخ .
د.ب.ن : دون بلد النشر.
ص ص : من الصفحة كذا إلى
الصفحة كذا .
ثانيا : بالغة الفرنسية :
ZHUN : Zones d’Habitat Urbaines
Nouvelles.
PDAU : Plan Directeur d’Aménagement
d’Urbanisme .
POS : Plan d’Occupation des Sols .
OIN : Opération d’Intérêt National .
GCVN : Groupe Central des Villes Nouvelles
.
SGVN : Secrétariat du Groupe Central des
Villes Nouvelles .
BVN : Bureau du Villes Nouvelles .
EPAVN : Etablissement Public d’Aménagement
des Villes Nouvelles .
EPIC : Etablissement Public a Caractère
Industriel et Commercial .
CNERU : Centre National d’Étude et de
Recherche Urbaine .
SCA : Syndicat Communautaire d’Aménagement
.
SAN : Syndicat d’Agglomération
Nouvelle . PMU : Programme de Modernisation d’Urbanisme .
CADAT : Caisse Algérienne d’Aménagement du
Territoire .
PUD : Plan d’Urbanisme Directeur .
SNAT : Schéma National d’Aménagement du
Territoire .
SRAT : Schéma Régional d’Aménagement du
Territoire .
AADL : Agence Nationale de l’Amélioration et
du Développement du Logement .
DUC : Direction de l’Urbanisme et de La Construction .
DLEP : Direction du Logement et des
Equipements et Logement .
OPGI : Office de Promotion et de Gestion
Immobilière .
CNEP : Caisse Nationale d’épargne et de Précaution
. CNL : Caisse Nationale du Logement .
OP . CIT : Dans l’Ouvrage Cité .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق