الأهمية الاقتصادية للتجارة الخارجية السورية والعوامل المؤثرة فيها
مجلة جامعة دمشق - المجلد 29 - العدد 3-4 - 2013 - ص (511-550) - الدكتور عبدالرؤوف رهبان قسم الجغرافية – كلية الآداب والعلوم الإنسانية - جامعة دمشق
الملخص
تعد التجارة الخارجية من أهم النشاطات الاقتصادية فـي الاقتـصاد الـوطني السوري، بسبب حاجة هذا الاقتصاد الماسة للأسواق الخارجية لتـصريف المنتجـات السورية لمختلف قطاعات الاقتصاد الوطني، وتأمين القطع الأجنبي اللازم لدعم خطط التنمية الاقتصادية، وتأمين حاجة البلاد من السلع الصناعية – الاستهلاكية والإنتاجيـة – التي تنتجها الدول المتقدمة.
تتأثر التجارة الخارجية السورية بعدد من العوامل التي تـشجع أو تحـد مـن تطورها، وتتمثل هذه العوامل بالموقع (الفلكـي والجغرافـي) ودوره فـي التجـارة الخارجية، وكذلك وفرة الموارد الزراعية والمنجمية والصناعية، وتطور وسائل النقـل والمواصلات، فضلاً عن السياسات التجارية التي تتبعهـا الحكومـة لـدعم تجارتهـا الخارجية، والعلاقات الدولية وتأثيرها في مجمل العلاقات الاقتصادية للدولة، ولاسيما العلاقات التجارية.
يعد تحليل المؤشرات الكمية للتجارة الخارجية من أهم المقاييس التي تـستخدم في قياس قوة الدولة، وتحديد وزنها الاستراتيجي والجيوبولتيكي، ومن أهم المؤشرات المستخدمة في هذا المجال: مؤشر الانكشاف الاقتصادي ومؤشـر التركـز الـسلعي للتجارة الخارجية، ومؤشر التركز الجغرافي.
إن تحليل العوامل التي تؤثر في التجارة الخارجية السورية يساعد في تفـسير المؤشرات الكمية لهذه التجارة، وتحليل هذه المؤشرات يساعد على تفـسير الوضـع الراهن للتجارة الخارجية السورية، واعتماداً على ذلك يمكن تحديد المعوقات التي تحد من تطور التجارة الخارجية، ولاسيما مجال الصادرات، ومن ثم اقتراح بعض التدابير التي من شأنها التخفيف من هذه المعوقات.
مقدمة:
تتجلى أهمية التجارة الخارجية في أنها ملتقى للعديد من النشاطات الاقتـصادية والممارسات البشرية، فهي من جهة مسؤولة عن تأمين مستلزمات الإنتـاج المـادي (الزراعي والصناعي) المتطور والمتنامي باستمرار، كما أنها مسؤولة عن تـصريف الفائض من هذا الإنتاج.
تتجلى أهمية التجارة الخارجية في أنها ملتقى للعديد من النشاطات الاقتـصادية والممارسات البشرية، فهي من جهة مسؤولة عن تأمين مستلزمات الإنتـاج المـادي (الزراعي والصناعي) المتطور والمتنامي باستمرار، كما أنها مسؤولة عن تـصريف الفائض من هذا الإنتاج.
تعد التجارة الخارجية من أهم النشاطات الاقتصادية فـي الاقتـصاد الـوطني السوري بسبب حاجة هذا الاقتصاد الماسة للأسواق الخارجيـة لتـصريف المنتجـات السورية لمختلف قطاعات الاقتصاد الوطني، وتأمين القطع الأجنبي اللازم لدعم خطط التنمية الاقتصادية، وتأمين حاجة البلاد من السلع الصناعية – الاستهلاكية والإنتاجيـة – التي تنتجها الدول المتقدمة.
أهمية البحث:
يعد قطاع التجارة بشكل عام جزءاً عضوياً من هيكل الاقتصاد القومي للدولة، لأنه يشكل إحدى مراحل العملية الإنتاجية، متمثلة في مرحلة المبادلـة، أمـا التجـارة الخارجية فهي أهم مجالات العلاقات الاقتصادية الخارجية وأوسعها نطاقـاً، وأكثرهـا تأثيراً في العلاقات الدولية، لأن تحليل التجارة الخارجية لأي دولـة يعكـس تحلـيلاً للاقتصاد القومي لهذه الدولة من حيث مستوى تطوره ودرجـة ارتباطـه بالاقتـصاد العالمي.
وانطلاقاً من ذلك لابد من تحليل التجارة الخارجية السورية في مراحل مختلفة، من أجل تقييم السياسات الاقتصادية التي اتبعتها الدولة في كل مرحلـة، لأن التجـارة الخارجية للدولة هي المرآة التي تعكس الحالة الصحية أو المرضية في جسم الاقتصاد الوطني.
مشكلة البحث:
على الرغم من أن سورية تمتلك كثيراً من المقومات والعوامل التي تساعد على تطور تجارتها الخارجية، إلا أنها تعاني كغيرها من الدول النامية من معظم مشكلات التجارة الخارجية، ولاسيما الاعتماد على تصدير سلع قليلة بشكلها الخام، وكذلك عدم تناسب نمو السكان واحتياجاتهم وإمكانات النمو الاقتصادي على تلبية متطلبات السكان المتزايدة من جهة، ومتطلبات التنمية الاقتصادية من جهة ثانية. وانطلاقاً من ذلك فقد صيغت فرضيات البحث على الشكل الآتي:
1- تؤدي العوامل المؤثرة في قيام التجارة الخارجية وتطورها دوراً بارزاً في تطور التجارة الخارجية السورية.
2- وجود خلل هيكلي في التجارة الخارجية بشقيها (الصادرات والواردات).
3- تأثرت التجارة الخارجية السورية، بسياسات الإصلاح الاقتصادي التي انتهجتهـا الحكومة السورية منذ بداية القرن الحادي والعشرين.
4- وجود خلل في التوزع الجغرافي للتجارة الخارجية السورية.
أهداف البحث:
هدفَ البحث إلى تحقيق الأهداف الآتية:
1- تحليل العوامل المؤثرة في التجارة الخارجية السورية.
2- تحليل واقع التجارة الخارجية السورية.
3- تحديد أهمية التجارة الخارجية بالنسبة إلى الاقتصاد الوطني.
4- تحديد الأهمية الاقتصادية للتجارة الخارجية السورية من خلال تحليل المؤشـرات الكمية للتجارة الخارجية.
منهجية البحث:
اعتمدنا في تحقيق البحث على مجموعة من المناهج المستخدمة في الدراسـات الجغرافية وهذه المناهج هي:
1- المنهج الوصفي التحليلي الذي ساعدنا على تحليل بنيـة التجـارة الخارجيـة السورية.
2- منهج التحليل العاملي لتحليل العوامل المؤثرة في التجارة الخارجية السورية.
3- المنهج الكمي (التحليل الإحصائي) الذي ساعدنا على تحليل المؤشرات الكميـة للتجارة الخارجية السورية.
الإطار الزماني للبحث:
حددت المدة الزمنية للبحث بين عامي 2008 – 2000، لأن التجارة الخارجية السورية في هذه المدة تأثرت بالعديد من الأحداث المحلية والإقليمية والدولية، يأتي في مقدمتها سياسة الإصلاح الاقتصادي وتفعيل العمل باتفاقية منطقـة التجـارة الحـرة العربية الكبرى، والسعي للانضمام إلى اتفاقية الشراكة الأوربية المتوسطية، وعقد عدد من الاتفاقيات الاقتصادية الثنائية بين سورية وعدد من دول العالم، وعلى الرغم مـن ذلك لم يتم الالتزام الصارم بهذه المدة، إذ جرى تناول التجارة الخارجية في مدد أقـدم من ذلك في بعض الأحيان؛ وذلك بهدف إجراء المقارنات لإظهار بعـض خـصائص التطور في التبادل التجاري.
النتائج والمقترحات
أولاً - النتائج توصل البحث إلى النتائج الآتية:
1- صحة الفرضية الأولى إِذْ أثبتت الدراسة التأثير الكبير للعوامل المؤثرة في قيام التجارة الخارجية وتطورها، وقد بدا ذلك واضحاً من خلال تأثير الموقع في التركز الجغرافي للتجارة الخارجية السورية في الصادرات والواردات مع الدول والأقاليم القريبة جغرافياً ولاسيما الدول العربية ودول الجوار.
2- صحة الفرضية الثانية بوجود خلل واضح في هيكل التجارة الخارجية السورية، حيث عكس تحليل مؤشر التركيب السلعي التركز الشديد في كل من الصادرات والواردات، إِذْ تزيد نسبة المواد الخام في الصادرات، وترتفع ارتفاعاً كبيراً نسبة السلع المصنعة ونصف المصنعة في الواردات.
3- على الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومة في رسم السياسات التجارية وتطويرها وتعديلها، في سبيل تصحيح الخلل في الهيكل التجاري، مازالت نتائج هذه السياسات دون الطموح، ودليل ذلك خسارة الميزان التجاري شبه الدائمة، ولاسيما الميزان التجاري الصناعي، لأن سياسات التنمية الصناعية لم تستطع أن تحقق زيادة في حجم الإنتاج الصناعي بما يتجاوز الاحتياجات المباشرة للسكان والسوق المحلية، وتكوين فائض للتصدير إلى الأسواق الخارجية.
4- التركز الجغرافي للتجارة الخارجية السورية في الصادرات والواردات، حيث تتوجه الصادرات بشكل أساسي إلى الدول العربية، أما الواردات فيأتي معظمها من الدول الأوربية ولاسيما دول الاتحاد الأوربي، قد يفهم السبب في هذا التركز على أنه استغلال للميزة النسبية لموقع سورية، وسهولة اتصالها مع الأسواق العالمية، لكن هذه الميزة طغت على الميزة النسبية في إمكانية التخصص بالإنتاج بالاعتماد على الموارد المحلية ولاسيما في الصناعات الغذائية والصناعات النسيجية.
ثانياً – المقترحات والتوصيات
في ضوء النتائج السابقة يمكن تقديم المقترحات الآتية:
1- العمل على تطوير شبكات النقل بجميع أنواعها ولاسيما النقل البحري من أجـل الاستغلال الأمثل للميزة النسبية لموقع سورية، وربط مواقـع الإنتـاج بمواقـع التصدير بشبكة متطورة من الطرق البرية والسكك الحديدية، وتطـوير المـوانئ بتوسيعها وزيادة مساحات التخزين وتطوير معدات التحميل والتفريغ.
2- اعتماد مبدأ المراجعة الدورية للسياسات الاقتصادية، ولاسيما السياسات التجارية لتلافي الثغرات التي قد تحصل في أثناء التطبيق.
3- العمل على الحد من التركز السلعي والجغرافي للصادرات السورية عن طريـق تنويع هذه الصادرات وتنويع الأسواق الخارجية.
4- ضرورة تطوير عملية التنمية الاقتصادية ورفع معدلات النمـو وزيـادة حجـم الإنتاج بما يتجاوز الاحتياجات المباشرة للسكان، حتى يصبح بالإمكان زيادة حجم التبادل، ففي إطار محدودية الإنتاج الذي تكاد يلبي الاحتياجات المحليـة، فمـن المستحيل تطوير حجم التبادل التجاري بل وتطوير التجارة الخارجيـة بـصورة ملحوظة.
5- الاستمرار في دعم العمل التصديري وتشجيعه عن طريـق تقـديم الإعفـاءات والتسهيلات، وإنشاء مصرف لتمويل الصادرات.
6- متابعة الإصلاحات الاقتصادية بما يتوافق مع خطوات انضمام سورية إلى اتفاقية الشراكة الأوربية، ومنظمة التجارة الدولية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق