قواعد المنشأ وأثرها على التجارة الدولية والسورية
علي العدبه
المطلب الأول : السمات العامة للاقتصاد السوري
مقدمة :
باعتبار أن التجارة الدولية تخضع في تقدمها وتطورها للنشاط الاقتصادي والصناعي -في المقام الأول- في كل بلد، وباعتبار أن الواردات والصادرات هما المظهران اللذان تتجلى بهما، فإن العمليات التجارية الخارجية تعكس – إلى حد كبير-العمليات التصنيعية أو البنية الإنتاجية في كل دولة، ويعكس حجم هذه التجارة وهيكليتها شدة ارتباط اقتصاد ذلك البلد بالاقتصاديات الأخرى، وتبعيته لها، أو مدى ذلك الارتباط.
من جانب آخر، تقوم التجارة الدولية بشكل أساسي على أساس نظرية الميزة النسبية في إنتاج السلع والخدمات، بحيث تنتج كل دولة السلع التي تتمتع بميزة نسبية في إنتاجها، وحيث أن هذه الميزة ( النسبية) تعكس البنية العامة للاقتصاد الوطني و موارده الأساسية، فإن المحور الأساسي لبحثنا هذا سيتناول خصائص الاقتصاد السوري وسماته العامة، ثم ننتقل لبحث الصناعة السورية وأهميتها، والسياسات التصنيعية المعتمدة في سوريا ومدى فاعليتها.
خصائص الاقتصاد السوري :
إن محاولة تحسين الأداء الاقتصادي ودراسة إمكانية تطويره وفق الأسس العلمية، لابد وأن تسبق بدراسة تحليلية لواقع هذا الاقتصاد، أي وضع توصيف علمي شامل وواضح وتشخيص مختلف الجوانب الأخرى الاجتماعية والسياسية المؤثرة فيه، بقصد التعرف على نقاط قوته لتعزيزها وتطويرها، وعلى نقاط ضعفه ليتم تجاوزها ومعالجتها، وعلى إمكاناته المهدورة لاستغلالها، بمعنى آخر، تطوير أدائه وتحسين قدراته التنافسية، في ظل سعي عالمي متسارع لفتح الأسواق وتحريرها من كل القيود التي تعيق حركة السلع ورؤوس الأموال والأفراد.
ومن أجل الوقوف على حالة الاقتصاد السوري في الوقت الراهن، ومعرفة خصائصه، لابد من التعرف على المقدمات والشروط والظروف التي أدت به إلى النتائج التي هو عليها الآن.
الملامح العامة للاقتصاد السوري:
حتى قيام الوحدة بين سوريا ومصر في عام 1958 كان نمط الاقتصاد الحر(اقتصاد السوق) هو السائد في سوريا، ثم بدأ بالاتجاه نحو نمط الاقتصاد الموجه، حيث بدأ بإعداد الخطط الخمسية منذ العام 1961 واستمر الأمر كذلك حتى نهاية عام 1985، إلا أنه منذ العام 1970 بدأ الاقتصاد السوري بالتوجه نحو تحرير أكثر للنشاط الاقتصادي، وإفساح المجال أمام القطاع الخاص للمساهمة في تنمية الاقتصاد ومشاركته للقطاع العام في إدارة الموارد الاقتصادية، من خلال السماح في تولي إدارة وإنشاء مشاريع كانت إلى ذلك الوقت ممنوعاً من القيام بها، وبالتالي كانت السمة الأساسية للاقتصاد السوري في تلك المرحلة هي التعددية الاقتصادية بهدف تعبئة كل الموارد المتاحة لتحقيق معدلات نمو مرتفعة في الإنتاج. واستمر الأمر كذلك حتى نهاية الثمانينيات من القرن الماضي، حيث سقوط النمط الاقتصادي الاشتراكي الموجه، وتحول معظم الاقتصاديات الموجهة إلى نمط الاقتصاد الحر، وسيادة هذا النمط على المستوى العالمي، مع بروز تكتلات اقتصادية عملاقة تقوم في إطار اقتصاد السوق، كل ذلك أدى بالإدارة الاقتصادية في سوريا بالتوجه نحو النمط العالمي الجديد والانخراط فيه.
على الرغم من التحولات في نمط الاقتصاد السوري خلال المراحل السابقة، إلا أن السمات العامة أو الخصائص التي تميز الاقتصاد السوري، لم تكن في مستوى التغيرات السابقة، وبقيت تلك الخصائص، في إطارها العام، تتمثل في غياب الرؤية الاستراتيجية والخطط القطاعية التي تقود باتجاه أهداف مرسومة وبأدوات مدروسة، مما جعل معالجة المشاكل أقرب إلى إدارة الأزمات منه إلى الإدارة العلمية للاقتصاد، و تتجلى في هيئتها العامة[1]بـ:
- تدني مستوى دخل الفرد(حوالي 1200 دولار سنوياً) مقابل 20000 دولار للفرد الأوروبي بالمتوسط، وبما يعادل 15% من مكافئ القوة الشرائية الأوروبية، وهو مقياس أقرب إلى الواقع وأكثر دقة كونه يهتم بمقارنة مستويات الدخل مع الأخذ بالاعتبار اختلاف مستويات الأسعار، بمعنى أن نصيب الفرد في سوريا يعادل 15% من متوسط دخل الفرد في دول الاتحاد الأوروبي.
- ارتفاع نسبة المديونية الخارجية، بسبب اعتماده على الموارد الخارجية لتمويل عملية التنمية، حيث ترتفع نسبة الديون وخدمتها إلى الناتج المحلي، وإن كانت هذه المديونية لا تجبر الإدارة الاقتصادية على اتباع وصفات تفرضها الجهات الدائنة، بسبب ابتعاد تلك الإدارة عن مؤسسات التمويل الدولية التي تعد الأداة الأساسية في تصحيح الهياكل الاقتصادية للبلدان النامية وإعدادها للانخراط في الاقتصاد الدولي المعولم.
- ضعف القدرة على التكوين الرأسمالي الثابت، حيث يبلغ نصيب الفرد في مجمل التكوين الرأسمالي الثابت في سوريا أقل من (75 يورو سنوياً) مقابل حوالي 2400 يورو للفرد الأوروبي، ويتجاوز في بعض البلدان الـ5000 يورو سنوياً للفرد، وهذه القدرة تضعف وتتراجع باستمرار، بسبب تدني المساعدات الأجنبية وتراجع فرص الاقتراض وتدني نسبة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ويلاحظ في هذا الشأن تراجع التكوين الرأسمالي الثابت في سوريا في الأعوام الأخيرة من 158 مليار دولار عام 1995 إلى 152 مليار دولار عام 1998.
- الاقتصاد السوري اقتصاد صغير الحجم، على الرغم من تنوع موارده الاقتصادية ومصادر الدخل فيه، حيث لا يتجاوز مجموع الناتج المحلي الإجمالي رقم أعمال شركة أوروبية متوسطة الحجم. يبنى على هذا الأمر، ضعف القدرة التكنولوجية الوطنية وعدم وجود أقسام للبحث العلمي في المنشآت الصناعية، أو مراكز متخصصة للأبحاث العلمية والصناعية على مستوى الاقتصاد، وهذا يعني اعتماد متزايد على التكنولوجيا المستوردة، وفي ظل وجود معوقات كبيرة أمام الإدارة الاقتصادية، فإن ذلك يؤدي إلى سيادة نمط الصناعات التحويلية البسيطة ذات القيمة المضافة المنخفضة والدخل الوطني المنخفض.
- وهو اقتصاد نامي يحتاج لدفعة قوية لتجاوز عتبة الانطلاق، بمعنى أنه يحتاج إلى استثمارات كثيرة كي يصل إلى مرحلة النمو الذاتي و توليد الحركية الداخلية التي تدفع به إلى الأمام.
- وهو-أيضاً- اقتصاد نصف ريعي، لم تتحول فيه الصناعة إلى قطاع قائد، يدفع بالاقتصاد-من خلال ترابطاته الأمامية والخلفية- إلى الأمام، ولا تبلغ نسبة القيمة المضافة فيه أكثر من 25% في أحسن الأحوال، وتتدنى بالتالي إنتاجية العمل وتضعف قدرته التنافسية.
- عدم قدرته على جذب الاستثمارات على الرغم من كل القوانين والقرارات التي تصدرها الإدارة الاقتصادية، بسبب غلبة القطاع العام بمشاكله الكثيرة(ليست موضوع بحثنا) وعدم وجود نظام قانوني متكامل وفاعل، وعدم حسم الخيار الاقتصادي بالتوجه نحو الاقتصاد الحر وفتح الأسواق والانضمام إلى المنظمات والمؤسسات الاقتصادية الدولية.
- ارتفاع معدلات البطالة، بسبب الفجوة الكبيرة بين المعدل المرتفع للنمو السكاني(3.2% سنوياً) ومعدل نمو الدخل القومي المنخفض، بسبب ضعف الاستثمارات وتدني نسبتها، على الرغم من ارتفاعها في بعض السنين، وعلى الرغم من قوانين الاستثمار التي أصدرتها الإدارة الاقتصادية، وهذا ينعكس سلباً على نمو العمالة، حيث لم تزداد العمالة خلال فترة 10 سنوات(1985 -1995) في القطاع الصناعي عامة (بما فيه الصناعات التحويلية) إلا حوالي 23.3 % أي بمتوسط نمو سنوي قدره 1.25%[2]،وتأخذ هذه البطالة أشكالاً عدة( ظاهرة 20%، ومقنعة تتجلى من خلال التضخم في الجهاز الإداري، وبنيانية أي إنتاجية عمل ضعيفة بسبب تدني التجهيز التقني وضعف الكثافة الرأسمالية).
- غلبة المؤسسات الصغيرة ذات الطابع العائلي في الاقتصاد السوري، وغياب شركات الأموال الضخمة التي تزيد في وتيرة النشاط الاقتصادي وتطويره.
- في جانب آخر، تتميز الإدارة الاقتصادية في سوريا باتباع أساليب تنظيمية تقليدية، وما تزال أسيرة سلوك وقناعات قديمة تحكمها عوامل عديدة أهمها الخوف والحذر والبعد عن روح المبادرة والإبداع، لأسباب عديدة ليست مجال بحثنا، وإن كان لها كبير الأثر في تخلف وجمود قطاعاتنا الاقتصادية الأساسية، سواء في القطاع العام أم الخاص.
كل هذه الأمور تقود إلى نتيجة منطقية مفادها ضعف القدرة التنافسية للاقتصاد السوري وعدم قدرته على مواكبة التطورات المتسارعة في إمكانات الاقتصاد العالمي.
الفرص المتاحة:
على الرغم من كل الجمود والتخلف الذي يعاني منه الاقتصاد السوري، إلا أنه يبقى هناك دائماُ حلولاً وفرص، يمكن اكتشافها واغتنامها بل وخلقها وخلق شروطها وظروفها الملائمة، عندما تتوفر الإرادة الصادقة والنية السليمة للعمل، وإلا لما كان هناك تطور ولا رقي، ولا كان هناك بلدان متقدمة وأخرى متخلفة وثالثة في طور النمو، إن أول وأهم هذه الحلول أو الفرص أن الاقتصاد السوري هو اقتصاد تعددي، يعمل فيه القطاعين العام والخاص جنباً إلى جنب، وهذا يشكل أرضية يمكن الارتكاز عليها في عملية التحول بالاقتصاد الوطني نحو اقتصاد السوق بآليات تتلاءم مع ظروف واحتياجات التنمية الاقتصادية، ولكن هذا يشترط توفر – بالإضافة إلى أمور أخرى- نظام قانوني و تشريعي متكامل يكون في خدمة المصلحة الوطنية وليس كوسيلة للابتزاز وهدر الموارد و تفويت الفرص وضياعها، يشار هنا إلى كثرة الثغرات التي يعاني منها أي قانون يصدر في سوريا، يرافقه ضعف في الوعي يدفع بالناس(على اختلاف فئاتهم) للبحث عن هذه الثغرات واستغلالها، إضافة إلى تعدد الحالات التي يعالجها واختلاف طرق المعالجة لكل منها، ووجود هامش كبير للتفسيرات المتباينة لهذا القانون، وبالتالي يترسخ دوره كوسيلة للابتزاز، وإضاعة الفرص، بدلاً من كونه أداةً لتنظيم علاقة ما، أو لحل مشكلة معينة.
المطلب الثاني : التحديات التي يواجهها الاقتصاد السوري
يمكن تقسيم التحديات التي يواجهها الاقتصاد السوري-لأغراض الدراسة فقط- إلى ثلاث مستويات، تتداخل العوامل المؤثرة فيها بشكل متبادل فيما بينها، وهي:
تحديات خارجية[3]:
تنشأ هذه التحديات من طبيعة العلاقات المتبادلة بين الاقتصاديات المختلفة، وبشكل خاص في ظل ظروف العولمة المتزايدة للإنتاج والاستهلاك، وتنقسم بدورها- حسب تعدد تلك العلاقات وأهميتها بالنسبة للاقتصاد السوري- إلى:
تحدي عولمة الاقتصاد: من خلال جملة الأدوات( المؤسسات) الاقتصادية الدولية، التي تختص بإدارة الاقتصاد العالمي والعلاقات الاقتصادية الدولية، وهي بشكل أساسي:(صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية)، التي تختص بخلق مجال اقتصادي عالمي موحد، فيما يتعلق بإنتاج واستهلاك السلع وتحركات رؤوس الأموال.
إن هذا التحدي ينبع من كون أن التأثر والتأثير به يحدث وفقاً لاحتياجات ومتطلبات الاقتصاد العالمي( المعولم) وليس للاعتبارات الوطنية وعواملها المختلفة.
تحديات الشراكة السورية- الأوروبية: تكتسب العلاقات التجارية المتبادلة بين سوريا و دول الاتحاد الأوروبي، أهمية خاصة عند دراسة التحديات التي تواجه الاقتصاد السوري، فإذا علمنا أن الاقتصاد السوري لا يساوي إلا جزءاً واحداً من أكثر من 450 جزءاً من الاقتصاد الأوروبي( قبل توسعه وانضمام دول جديدة إليه) من حيث الناتج المحلي الإجمالي، الذي يفوق الاقتصاد الأمريكي بأكثر من 10%، ويساوي ضعف حجم الناتج المحلي الإجمالي الياباني، ومن المؤكد أن تزيد تلك الفروقات مع تزايد أعداد الدول المنضمة إليه، وفي ظل الدور المتنامي لنصيبها من حجم التجارة الدولية وفي الاستثمارات الدولية المباشرة، والأهم من كل ذلك أن الاقتصاد الأوروبي هو قاطرة أساسية في الاقتصاد العالمي، و كثيراً من الترتيبات الدولية تتم بقوة هذا الاقتصاد وخدمة له. وتزداد تلك الأهمية في ظل مفاوضات الشراكة القائمة منذ سنوات عديدة، مع كل ما يتمخض عن تلك المفاوضات من آثار وتداعيات، خاصة إذا علمنا أن مشروع الشراكة( السورية- الأوروبية) ليس سوى جزء من مشروع أكبر هو(الشراكة الأوروبية - المتوسطية)، والذي يعد بدوره مشروعاً لتهيئة اقتصاديات دول حوض المتوسط، ومنها الاقتصاد السوري، وإعدادها للانخراط في الاقتصاد العالمي من بوابته الأوروبية، خاصة وأن دول الاتحاد الأوروبي هي الشريك التجاري الأول لسوريا ولمعظم الدول المتوسطية.
تحديات دولية: تنبع التحديات الأخيرة التي على الاقتصاد السوري أن يواجهها، من العلاقات التجارية التي تقيمها سوريا مع دول العالم المختلفة، والاتفاقيات التجارية التي تنظم تلك العلاقات(انظر الملحق رقم 2 الذي يتضمن الاتفاقيات التجارية السورية مع الدول الأجنبية)، خاصة في ظل ظروف منافسة غير متكافئة، لأسباب يتعلق البعض منها بالتباعد الهائل(المتزايد باضطراد) بين مستويات التطور الصناعي بين الصناعات السورية ومثيلاتها في السوق الدولية، وهذا في قسم كبير منه يعود إلى أسباب موضوعية، تتمثل في أن الصناعة في سوريا ( وفي كل الدول التي كانت مستعمرة) نشأت ونمت في فترة كانت الصناعة العالمية في أوج إنتاجها و تطورها، وبالتالي نشأت منذ البداية في جو من المنافسة الشديدة غير المتكافئة، ولم يترك لهذه الصناعات أن تقوم في سياق تنمية وطنية حقيقية تأخذ في الاعتبار الحاجات والإمكانيات والموارد الوطنية، بل كان يفرض عليها دائماً أنماطاً تتحدد وفق شروط الإنتاج العالمي المجحفة، التي تؤدي غالباً إلى تبعية الصناعات المحلية وتطورها وارتباطها بالعالم الخارجي وخدمته، أكثر من ارتباطها بالفعاليات المحلية.
إن جملة التحديات السابقة تتبدى من خلال ضرورة التفاعل الإيجابي مع المتغيرات المرتبطة بها، وهذا بدوره يتطلب قدراً من الاستعداد لرفع أداء الاقتصاد السوري، من أجل تحسين قدرته التنافسية، وبالتالي، لابد من القيام بتغييرات جوهرية تهدف إلى إعادة هيكلة الاقتصاد بما ينسجم مع آليات تحقق تلك المتغيرات، وهنا يبرز التحدي الأساسي الذي يتجلى من حيث أن التحديات والتغييرات المطلوب التصدي لها وإجراؤها، إنما تأتي استجابةً للعوامل المنفعلة عن تلك المتغيرات وليس باعتبارها فعلاً وطنياً يخضع لاعتبارات المصلحة الوطنية.
تحديات إقليمية:
تتمثل تلك التحديات بجملة التداعيات الناجمة عن الترتيبات الإقليمية الأخرى، التي تتطلب من الاقتصاد السوري جملة من الأعمال الموافقة للتأهل لتلك الترتيبات. إن أهم هذه الترتيبات هي ما يطلق عليه، اصطلاحاً: الأقلمة أو التكتلات والاندماجات الإقليمية، مع الإشارة إلى أن بعضاً من هذه التكتلات يكون ضمن إطار إقليمي (غير عربي)، وبعضها الآخر يقسم الوطن العربي إلى وحدات اقتصادية (جغرافية) تأخذ بالاعتبار موضوع القرب الجغرافي( التجاور) وتشابه الأنماط الاقتصادية السائدة في البلدان المتكتلة. إن أهمية هذه الترتيبات أو التكتلات لا تنبع من انضمام سوريا إليها أو عدم انضمامها، بل من الآثار التي تنعكس على الاقتصاد السوري من جرائها، وبالتالي يمكن التمييز بين نوعين من الترتيبات الإقليمية، تبعاً لانتماء سوريا إليها:
تكتلات لا تنتمي إليها سوريا:
التكتل الاقتصادي لدول الخليج العربي.
منطقة التجارة الحرة لدول المغرب العربي.
مناطق تجارة حرة ثنائية، بين دولتين عربيتين أو أكثر، وهي نمط سائد كثيراً بين الدول العربية.
تكتلات تنتمي إليها سوريا:
إن أهم هذه التكتلات وأكثرها شمولاً واتساعاً هي:
منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى: تنبع أهمية هذه الاتفاقية من كونها أول اتفاقية عربية تضم هذا العدد من الدول العربية وتأخذ طريقها إلى حيز التطبيق الفعلي، على الرغم من كثرة الاستثناءات والإعفاءات التي تجيزها والصعوبات التي تعترضها. وقد دخلت سوريا هذا الاستحقاق منذ نفاذ الاتفاقية مع بداية عام 1998.
السوق المشتركة السورية اللبنانية: بدأت هذه السوق مع بداية منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، ولكنها أكثر طموحاً، حيث تبلغ نسبة التخفيض على الرسوم الجمركية للسلع المتبادلة بين البلدين 25% سنوياً(مقابل 10% سنوياً في منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى)، وتعد هذه السوق التحدي الأهم الذي يواجه الاقتصاد السوري، بسبب تباين الأنماط الاقتصادية السائدة في كلا البلدين.
اتفاقيات مناطق تجارة حرة ثنائية: تدخل سوريا في مجموعة من اتفاقيات مناطق التجارة الحرة الثنائية، وهي نمط سائد كثيراً على مستوى العلاقات الاقتصادية العربية، حيث هناك اتفاقيات مناطق تجارة حرة مع كل من الأردن والسعودية والإمارات ومصر وغيرها(انظر الملحق رقم 1،الذي يتضمن الاتفاقيات التجارية الموقعة بين سوريا والدول العربية).
تحديات داخلية(محلية):
تنقسم هذه التحديات في مجموعتين أساسيتين هما: تحدي التنمية وتأهيل الاقتصاد الوطني، وتحدي الإصلاح الاقتصادي والتوجه نحو لبرلة الاقتصاد. أما التحدي الأول فيتمثل في مواجهة النواحي التالية:
1- تحدي المواءمة بين رغبة الحكومة وسعيها لتشجيع الاستثمار و زيادة الإنتاج وتوسيع قطاع التجارة الخارجية وتشجيع التصدير، وبين وجود بنية إدارية وقانونية مناسبة، بمعنى آخر عدم وجود بناء فوقي ملائم للتطور الذي حصل في قطاعات الإنتاج، وفي هذا السياق نجد خللاً كبيراً يتمثل بوجود نوعين من القوانين (السارية) المتعارضة إلى حد التضارب، بعضها قديم أجري تعديلات على بعض مواده، والآخر مستحدث، تطبق جميعاً على مؤسسات تعمل في نفس المجال الاقتصادي وتمارس أنشطة متشابهة، وهذا يقود إلى اختلاف فرص المنافسة بين تلك المنشآت على الرغم من أنها تعمل تحت إشراف وسلطة إدارة اقتصادية واحدة.
2- من جانب آخر، هناك تحدي مشابه يتمثل في عدم قدرة الأجهزة الإدارية بكل ما تعانيه من مشاكل، على النهوض بمستوى عملها إلى مستوى رغبة القيادة وتنفيذ ما تريده، بمعنى آخر هناك صعوبات عديدة تحول بين الرغبات وبين تطبيق هذه الرغبات.
3- مواجهة التطور المتسارع في التقانات والاتصالات ومحاولة الاستفادة منها واستخدامها في تحسين شروط الإنتاج الوطني، وهذه تندرج في إطار الصعوبات الإنتاجية والفنية تدفع المستثمرين بالتوجه نحو القطاعات الخدمية بدلاً من القطاعات الإنتاجية الأساسية.
4- يبنى على البند السابق ضرورة بناء القدرات المعرفية والعلمية وحسن استخدامها في تحسين أساليب الأداء الاقتصادي. تجدر الإشارة هنا أن الاقتصاد السوري يعاني من استنزاف شديد لطاقاته العلمية والمعرفية، تتمثل في هجرة الكفاءات العالية التي تمثل خيرة قوة العمل السورية، لأسباب عديدة، مع العلم أن معظم هذه الكفاءات قد تم تأهيله على حساب الدولة و لصالحها وبتكاليف عالية جداً، فتكون الخسارة مضاعفة.
5- وبالتالي الحاجة إلى بناء القدرات التنافسية وتحسين مناخ الاستثمار والإنتاجية، ومحاولة الاستفادة من تعدد القطاعات الاقتصادية الفاعلة في الاقتصاد السوري، وإقامة توليفة تؤدي إلى المشاركة الفعالة لكل هذه القطاعات.
هناك أيضاً تحديات من شكل آخر هي أكثر تخريباً وخطورة يعاني منها الاقتصاد السوري على المستوى الداخلي، من هذه التحديات: تحدي الفساد و دوره المخرب في تعطيل قدرة أجهزة الدولة والمجتمع عن القيام بأعمالها ووظائفها على النحو الصحيح، ويؤدي إلى تعطيل القدرة الإنتاجية للمؤسسات والأفراد، ولا نغالي إذا ادعينا أن هذا الأمر قد يؤدي إلى إضعاف الروح الوطنية لدى الأفراد وإضعاف قدراتهم الإنتاجية في مختلف الميادين، وهذا ينسجم مع التناقض الحاصل بين ضرورات ومتطلبات التطوير والتحديث الشامل وبين محدودية قدرة الإدارة الحكومية على الاستجابة لهذه المتطلبات.
ويبقى التحدي الأهم هو تنامي ظاهرة البطالة وتراكمها بشكل متصاعد، بسبب الفجوة بين معدل النمو السكاني المرتفع ومعدل النمو الاقتصادي المنخفض، حيث تستقبل سوق العمالة في كل عام حوالي 150 ألف طالب عمل، وحسب التقديرات والدراسات فإن كل فرصة عمل تحتاج إلى تكلفة استثمارية تعادل حوالي (من1 إلى 1.6 مليون ليرة[4]) فيكون حجم الاستثمارات المطلوبة سنوياً حوالي 240 مليار ل.س، أي ما يعادل 43.5% من الناتج المحلي الإجمالي لعام 1996.
وأما التحدي الثاني فيتمثل في النقاط التالية:
تحدي المواءمة بين متطلبات اقتصاد السوق(المطلوب توفيرها والعمل على إيجادها حالياً)، وبالتالي تحقيق شروط المنافسة التي غالباً ما تتعارض مع شروط توفير الطابع الاجتماعي للإنتاج، وبين التوجه السوري نحو النمط الذي يجعل النمو ذو جانبين اقتصادي واجتماعي[5].
تحدي التهميش الذي سيجعل الاقتصاد السوري خارج السياق الاقتصادي العالمي، إذا لم يسارع إلى إعادة تأهيل نفسه والانخراط في هذا السياق، حيث أنه سيترتب على الانفتاح الاقتصادي المرتقب، دخول الأسواق الدولية كأعضاء متساوين في الحقوق والواجبات من حيث الترتيبات التجارية المتبادلة، وبالتالي فإن قسماً كبيراً من الصناعات السورية لن تتمكن من الصمود وستزول الصناعات التي تعتمد على المكونات الخارجية، بسبب ضعف المنافسة.
تحدي الإصلاح الاقتصادي الذي يتجلى بالمواءمة بين ضرورات اقتصاد السوق كخيار لابد منه وضغوطه ومنافعه من جهة، وبين أخطاره المختلفة من جهة أخرى، وضمن هذا الإطار يأتي تحدي الانتقال الآمن من اقتصاد مركزي مخطط -إلى حد كبير- إلى اقتصاد السوق، مع كل ما يتطلبه هذا الاقتصاد من بناء مؤسسات اقتصاد السوق، إلى تأهيل الإدارة الحكومية لتجيد إدارته، وإعادة تنظيم دور الدولة من الدولة المسيطرة على الاقتصاد إلى الدولة المشرفة أو المراقبة، وخاصة في ظل وجود قطاع خاص يخضع لاعتبارات كثيرة يصعب السيطرة عليها جميعاً.
تحدي توفير الخبرات والمهارات الكافية واللازمة لعمليات التسويق الخارجي التي يعد التصدير ثمرة لها، إن تحقيق فائض في بعض السلع المنتجة محلياً ومحاولة عرضها وبيعها في الأسواق الخارجية، يتطلب خلق فرصة دائمة للتصدير، وهذا بدوره يتطلب فهماً دقيقاً للعملية التصديرية، من حيث محاسنها و مساوئها واستغلال الفرص المتاحة.
المطلب الثالث : الصناعة في سوريا
مقدمة :
تكتسب الصناعة في أي بلد أهميتها الكبيرة باعتبارها تمثل القطاع الأول الذي يوفر إمكانية إحداث تطور اقتصادي اجتماعي و تحريك النمو الاقتصادي في الاتجاه الموجب، من خلال جملة الترابطات والعلاقات التشابكية التي تتيحها مع باقي قطاعات الاقتصاد الوطني الأخرى، حيث تعد مجالاً حيوياً لباقي القطاعات من حيث حاجة تلك القطاعات إلى منتجاتها أو خدماتها أو أسواقها، أو من حيث كونها المجال الأهم و الأوسع للأبحاث ولتطبيق منجزات الثورة العلمية[6]، وأكثر استجابة لبرامج التنمية والتخطيط على المستوى الوطني، وبهذا المعنى يعد القطاع الصناعي أحد الأركان الرئيسية في الجهاز الإنتاجي في أي بلد، وبالتالي أصبحت تنمية هذا القطاع هو خيار أكيد لكل دولة تسعى لزيادة مستوى الرفاه والمعيشة لأبنائها، وأصبح هناك ترابطاً وثيقاً ومباشراً بين دخل الفرد الحقيقي ومستوى التصنيع، لأن معظم القيمة المضافة في الاقتصاد الوطني تتحصل في هذا القطاع، من جانب آخر يوفر هذا القطاع فائضاً في السلع المنتجة المطلوب توفرها لمبادلتها بالسلع غير المتاحة، من العالم الخارجي،( وهذا ما يهمنا في هذا البحث، أي الأثر الذي تنتجه الصناعة في مجال التجارة الخارجية، أو مساهمتها في هذا المجال ومقدار المنافع التجارية التي تحققها). وقد أثبتت التجربة التاريخية أن ارتفاع معدلات دخل الفرد الحقيقي في الدول الصناعية المتقدمة، قد رافقه اتجاهاً متزايداً نحو التصنيع، وكان لعملية التصنيع دوراً متميزاً في عملية التنمية الاقتصادية في كل الدول.
وقد رأينا خلال دراستنا لملامح الاقتصاد السوري، أن دور الدولة كان محدوداً في فترة ما بعد الاستقلال وحتى قيام الوحدة مع مصر، وقد تميزت الصناعة خلال تلك الفترة بالتوجه- بشكل أساسي- نحو الصناعات الزراعية الغذائية وبعض صناعات النسيج والتبغ الخفيفة، وخلال تلك الفترة والمرحلة التي تلتها بدأت الدولة التركيز على القطاع العام وتدعيمه، بإقامة مجموعة من الشركات والمؤسسات والمصانع التي تملكها الدولة، بالإضافة إلى زيادة تملك الدولة لبعض الصناعات من خلال عمليات التأميم التي كانت تفرضها دولة الوحدة[7]، وفي مراحل لاحقة تراوح دور الدولة بين مد وجذر حتى مطلع عقد السبعينيات من القرن الماضي، حيث أصبحت الدولة تتحمل العبء الأساسي في مجالات التخطيط والاستثمارات، مع إتاحة الفرصة للقطاع الخاص بممارسة دوره وتحمله قسماً من أعباء التنمية بشكل يتواءم مع نهج التعددية الاقتصادية الذي كان سائداً، إلا أنه آثر البقاء في دائرة الاستثمارات الصغيرة السريعة المردودية وقليلة المخاطر، ومع بداية العقد الأخير من القرن الماضي وانسجاماً مع توجهات الاقتصاد السوري نحو قوى السوق والحرية الاقتصادية، صدرت مجموعة من القوانين التي تهدف إلى إقامة مناخ جاذب للاستثمارات، وخاصة في مجالات الصناعة، والتحويلية منها بشكل أخص، وقد أتيحت مزايا وإعفاءات خاصة للمشاريع العاملة في مجالات تلك الصناعات "التحويلية"، ولكن برغم ذلك لم تستطع الصناعات السورية تحقيق غاياتها، ولا أن تتقدم إلى الأمام، بل في بعض الأحيان أدى الأمر إلى توقف بعض المؤسسات الصناعية أو عملها بشكل جزئي بسبب الصعوبات الإدارية والقانونية والفنية، مما أدى إلى ظهور بطالة واضحة وانعكس ذلك بشكل سلبي على اعتماد الاقتصاد على تصدير المواد الخام بدلاً من تصنيعها، و بالتالي عدم الاستفادة من القيمة المضافة التي يمكن أن تتحقق نتيجة العمليات التصنيعية.
لا شك أن هناك أولوية للاهتمام بالقطاع الصناعي السوري وتطويره، و توجيه ذلك القطاع نحو صناعة السلع والخدمات الإنتاجية، وهذا يتطلب اهتماماً خاصاً بالاستثمارات وبالتكنولوجيا وبالبحث العلمي والتطوير الصناعي، وبالتالي الاهتمام بوضع خطط تصنيعية تقوم على مرحلة العمليات التصنيعية وفقاً للإمكانيات والموارد المتاحة، بحيث يتم البدء بصناعات ذات تكنولوجية بسيطة متوفرة على مدى واسع في الدول النامية تتلاءم مع مواردنا الاقتصادية وتساهم في توظيف واستغلال تلك الموارد بأقصى طاقة لها، ومن ثم الانتقال في مراحل لاحقة إلى الصناعات الأكثر تقنية وتخصص والأكثر حاجة إلى تكنولوجيا متقدمة، على أن يتم كل ذلك في إطار خطة طويلة الأمد والسير بخطوات محسوبة وثابتة وراسخة لا تكون عرضة للظروف والتغيرات الآنية. يرافق ذلك على مستوى البناء الفوقي، تحرك الإدارة الاقتصادية عبر ثلاث أنواع من السياسات الاقتصادية المتوافقة المنسجمة المتداخلة مع بعضها البعض،استثمارية تكنولوجية تجارية.
الصعوبات التي تعاني منها الصناعة في سوريا :
إضافة إلى التحديات التي يعاني منها الاقتصاد السوري بشكل عام، وهي عبارة عن صعوبات تعترض تقدمه، هناك أيضاً صعوبات تحول دون إمكانية تقدم الصناعات السورية الوطنية إذا لم يتجه العمل نحو تذليلها، يمكن تقنينها في النقاط التالية:
- تخلف قسم كبير من آلات الإنتاج وخاصة تلك العاملة في منشآت القطاع العام، وهو القطاع الغالب من حيث الحجم والعدد، مما يؤدي إلى نقص الجودة وتخلف المواصفات الفنية وارتفاع أسعارها النسبية، وبالتالي ضعف إمكاناتها التنافسية.
- الاعتماد على مدخلات إنتاجية مستوردة في معظمها، وتوفر هذه المواد يعتمد على شروط وظروف قد تخضع في بعض الأحيان إلى اعتبارات غير اقتصادية، وبالتالي ارتفاع تكلفة هذه المواد وارتفاع أسعار المنتجات، وبالتالي –أيضاً- ضعف قدرتها على المنافسة في الأسواق الوطنية أو الخارجية.
ضعف الخبرات الوطنية في مجال قيادة المشاريع الصناعية، وفي مجال تسويق المنتجات، وبالتالي الركون إلى الوضع المتخلف للصناعات وعدم السعي لتطويرها واكتفائها بالأسواق المحلية المحمية.
- صعوبات إدارية تتجلى في تركز الإدارة الاقتصادية وضعف هامش الحركة أمام المؤسسات الصناعية فيما يتعلق بالإنتاج والتسويق والأسعار،إضافة إلى تعقد الأعمال والإجراءات الإدارية وسيادة الروتين والبيروقراطية في علاقات مؤسسات القطاع العام، وهذا كله يشكل أعباء وتكاليف إضافية تضعف قدرة المؤسسة على المنافسة .
- غياب مراكز الخدمات الصناعية التي تقدم خدماتها الفنية والإدارية، في تقييم المشاريع الصناعية و تقييم جدوى الاستثمارات وتوجيهها نحو المجالات الفاعلة والمهمة وتحديد البدائل المتاحة لاختيار الأنسب منها، والتي تساهم في توفير قاعدة بيانات صناعية تهم المستثمر الصناعي عند اتخاذ قراره في المجال الذي يقيم استثماره فيه، وغياب العلاقة بين تلك المراكز ( الخدمية الرسمية على قلتها) وبين المنشآت الصناعية (العامة والخاصة)، بسبب التعقيدات الإدارية وبسبب صفة تلك المراكز الاستشارية.
سياسات التصنيع في سوريا:[8]
لقد دأبت معظم الدول النامية، ومن ضمنها الدول العربية على انتهاج التصنيع باعتباره أقصر الطرق لتعظيم معدلات النمو الاقتصادي وزيادة مستوى الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية، وقد تم تبني ثلاثة أنواع من السياسات لتحقيق هدف التصنيع، و يمكن تعريف السياسة بمفهومها العام ووفقاً لسياق هذا البحث على أنها آلية إدارة الموارد[9]، وبالتالي يمكن تعريف السياسة الصناعية على أنها مجموعة الأدوات التي تستخدمها الحكومة للتأثير على القرارات الصناعية والسلوك الصناعي فيما يتعلق بإدارة كل من القطاعين، العام أو الخاص للموارد الاقتصادية المتاحة، وتوجيه تلك القرارات أو السلوك باتجاه الأهداف التي تسعى الحكومة لتحقيقها، وبالتالي فإن سياسات التصنيع تعد جزءاً عضوياً هاماً من السياسات الاقتصادية الهادفة إلى تنمية مجتمعية شاملة، وبهذا المعنى يمكن اعتبارها منهجاً للعمل في إدارة الموارد الاقتصادية بما يحقق أعظم المنافع . إن أهم تلك الأدوات هي التعريفات الجمركية وغير الجمركية، و سياسات الدعم، وأسعار الصرف، والائتمان الصناعي، وأسعار الفائدة، وغير ذلك..[10]،وقد هدفت السياسات الصناعية في سورية خلال العقود الماضية إلى حماية الصناعات الوطنية الناشئة من المنافسة الأجنبية، فقامت بتطبيق ثلاثة أنواع من السياسات الصناعية ( المتداخلة فيما بينها إلى حد كبير، لدرجة أنه يتم وصف بلد ما بأنه يتبنى أحدهما تبعاً لنسبة الصناعات المقامة في إطار أي منهما) في سبيل تحقيق هذا الغرض خلال تلك العقود:
سياسة إحلال الواردات:
تعني هذه السياسة إحلال المنتجات الوطنية محل السلع المستوردة (البديلة)، المشابهة لتلك المنتجات، بمعنى إغلاق الأسواق المحلية في وجه المنتجات الأجنبية، وإنشاء صناعات محلية لإنتاج منتجات كانت تستورد سابقاً، وهذا ينطوي على وجود عراقيل وقيود على دخول تلك السلع إلى السوق الداخلية المحلية، وهذا بدوره يتطلب زيادة الرسوم الجمركية على السلع الأجنبية المستوردة في المنافذ الجمركية، بنسب عالية تجعل أسعار تلك السلع التي يجب أن تباع بها في السوق الداخلية تفوق السعر الذي تباع به السلعة الوطنية في تلك السوق. يشار هنا أن هذه السياسة طبقت في فترة كانت سوريا تعاني فيها من صعوبات اقتصادية فرضت إنشاء هذه الصناعات للتعويض عن سلع منع استيرادها، وبشكل أساسي على منتجات الصناعات الاستهلاكية البسيطة، ولم تهتم بصناعات سلع التكوين الرأسمالي، التي كانت – في ظل ظروف الحماية الكبيرة وفرض قيود وشروط كثيرة على الاستيراد- تكلف الاقتصاد أعباء كبيرة، بسبب الدعم الحكومي للواردات من تلك السلع.
بغض النظر عن مبررات هذه السياسة، سواء من حيث متطلبات حماية الصناعات الوطنية الناشئة، أو من حيث ظروف الحصار والمقاطعة التي فرضتها الدول الغربية في سياق ظروف سياسية معينة على واردات سورية من السلع المختلفة، إلا أن تطبيق هذه السياسة كان مغالاً به من حيث الفترة الزمنية المديدة التي فرضت خلالها، مما جعل تلك الصناعات تركن لظروف الحماية ولم تلجأ إلى تطوير نفسها ومواجهة المنافسة العالمية بعد فترة الحماية اللازمة، مم جعل – أيضاً –تلك الصناعة عاجزة عن دخول الأسواق العالمية أو الصمود في وجه السلع الأجنبية الداخلة في ظروف انفتاح الأسواق الدولية أمام تحركات السلع والخدمات فيما بعد.
سياسة تشجيع الصادرات:
من أجل تصحيح بعض الاختلالات الناجمة عن تطبيق سياسة إحلال الواردات، ترافق تطبيق تلك السياسة بسياسة صناعية أخرى رديفة، كانت تستهدف بشكل أساسي السوق الخارجية بدلاً من السوق المحلية، هذه السياسة هي سياسة تشجيع الصادرات، أي المساعدة في تمكين السلع الوطنية من المنافسة في الأسواق الخارجية ودخول تلك الأسواق، وهذا ينطوي على وجود آلية تتضمن أدوات معينة تستخدم في مجال تشجيع الصادرات، أحد أهم هذه الأدوات على الإطلاق، هي قوانين تشجيع الاستثمار التي تنطوي على نوعين من الإعفاءات "الإغراءات" :
- إعفاءات كاملة من الضرائب المفروضة على دخل الشركات الصناعية العاملة في الصناعات المعدة للتصدير، وتقديم تسهيلات كثيرة فيما يتعلق باستيراد السلع الرأسمالية المستخدمة في تلك الصناعات، من حيث تسهيل وتبسيط الإجراءات الخاصة باستيرادها، أو من حيث إعفاءها من الضرائب والرسوم الجمركية المتوجبة الدفع لإدارة الجمارك في مثل تلك الحالات[11].
- تقديم قروض صناعية بفوائد منخفضة، وتوفير تمويل عمليات التصدير، بالإضافة إلى بعض الخدمات الأخرى المرافقة للأنشطة التصديرية وللعمليات الصناعية بشكل عام.
سياسة ربط الواردات بالصادرات:
تقوم هذه السياسة على مبدأ بسيط يقوم على أساس أن تغطية الواردات أو تمويل عمليات الاستيراد يتم عن طريق الأموال المقبوضة كثمناً للصادرات، أي من عائدات العمليات التصديرية.
أن تطبيق هذه السياسة (أي عملية الربط) عبر دولار التصدير، قد أدى لارتفاع سعر صرف هذا الدولار، وبالتالي ارتفاع تكاليف المستوردات السورية من المواد الأولية اللازمة لعمليات التصنيع، بالإضافة ارتفاع تكاليف السلع الرأسمالية المستوردة، وهذا أدى إلى ارتفاع تكاليف المنتجات السورية وأفقدها القدرة على المنافسة في الأسواق الدولية، أو أن الأمر انعكس بشكل آخر، حيث أدى ارتفاع أسعار السلع والمواد الأولية المحلية المستخدمة في عمليات التصنيع، إلى لجوء الصناعيين إلى المواد البديلة الأرخص ثمناً، وبالتالي، خسارة المواد المحلية.
خلاصة:
يقودنا التحليل السابق ، بعد أن تعرفنا إلى خصائص الاقتصاد السوري ومكوناته الأساسية والفرص المتاحة للصناعة السورية والمعوقات التي تحد من تطورها، إلى أن تبادل السلع والمنتجات السورية في الأسواق الدولية، وفي ظروف المنافسة غير المتكافئة، سوف تجعل إمكانية الاستفادة من عملية التصدير نفسها في حدودها الدنيا، بسبب ضعف عملية التصدير نفسها و محدودية الكميات المصدرة من السلع، بمعنى آخر،لن نستطيع الاستفادة من الاتفاقيات التجارية التي نبرمها مع العالم الخارجي، ولن نستفيد من المزايا والإعفاءات التي تتيحها، لأننا غير قادرين على تحقيق معطيات العملية التصديرية وهي الدخول إلى الأسواق، وتقديم منتج مميز يتمتع بخصائص تنافسية مناسبة، وبالتالي فإن المطلوب هو إعادة تأهيل الصناعة السورية وتسريع عملية النمو الصناعي من خلال جلب الاستثمارات ونقل التكنولوجيا وإحداث مراكز بحثية لتقديم خدماتها في هذا المجال .
الشكل رقم 1
أهمية الصناعة في عملية التنمية الصناعية
- الاعتماد على الاكتفاء الذاتي مستقبلاُ وتفادي آثار انخفاض أسعار النفط و إنتاجه
- زيادة القيمة المضافة
- فائض العمالة الزراعية. - خريجي الجامعات والمعاهد و مراكز التدريب
- توفير احتياجات القطاعات المختلفة من المنتجات الصناعية.
- الانتقال التدريجي إلى مجتمع صناعي
- رفع درجة التخصص الإنتاجي
- زيادة الصادرات
- تحسين البنية التحتية
- صناعة إحلال المستوردات
- رفع درجة الاكتفاء الذاتي
المصدر: د: غسان إبراهيم سياسات التصنيع العربية،المركز العربي للدراسات الاستراتيجية. العدد 9، السنة الثانية،دمشق1998 ، سلسلة أوراق شهرية.
الشكل رقم 2
التشابكات القطاعية للصناعة في الاقتصاد الوطني
-الآلات والمعدات
- الإسمنت - وسائل النقل
- الأسمدة
- الحديد - وسائل الاتصالات
-المبيدات
- الدهانات - الطرق
-مواد التعبئة والتغليف - البلاستيك- الإسفلت- كافة منتجات الصناعة - الكتب- الورق- معدا الطباعة و التصوير- الحبر - منتجات الصناعات الكهربائية- السلع الاستهلاكية - معدات التشخيص- توفير مستلزمات الغذاء والكساء - الأدوية والمحاليل الطبية والكواشف
المصدر: نفس مصدر الشكل رقم 1.
المطلب الأول : ملامح التجارة الخارجية السورية
يعكس الهيكل السلعي للتجارة الخارجية بشكل أساسي تطور القاعدة الإنتاجية أو البنية الهيكلية للصناعات والإنتاج الصناعي في أي بلد، حيث أنه من حيث المبدأ، لا يمكن لأي بلد أن يصدر من غير منتجاته، بل لابد من وجود فائض من هذا الإنتاج أولاً، ومن ثم لابد لهذا الإنتاج من أن يتمتع بميزة تنافسية تمكنه من الصمود في الأسواق الدولية ثانياً، ومن جانب آخر تعكس الواردات قصور القطاع الصناعي في ذلك البلد عن تأمين حاجات أفراده من السلع والخدمات التي يحتاجها لاستهلاكه الداخلي، بمعنى أن قوة الاقتصاد والقطاع الاقتصادي فيه يتأثر إلى حد كبير بالعلاقات الدولية والإقليمية وموقعه في هذه العلاقات التي يقيمها ذلك الاقتصاد مع العالم الخارجي.
أهمية التجارة الخارجية:
تعد التجارة الخارجية من القطاعات الاقتصادية الهامة في أي بلد، وتزداد هذه الأهمية في ظل التقدم التكنولوجي وتطور الصناعات وتنوعها، وبالتالي تأتي أهميتها من ناحيتين:
تتجلى الناحية الأولى باعتبار أن التجارة الخارجية هي(حسب إحدى نظريات التنمية الاقتصادية) مولداً للنمو ومحركاً لعجلة التقدم الاقتصادي، وبغض النظر عن صحة هذه النظرية أو عدم صحتها، يبقى موضوع النمو الاقتصادي يرتبط إلى حد بعيد بقضايا التجارة الخارجية، حيث يعد التصدير(أحد جانبي التجارة الخارجية) المصدر الرئيسي للقطع الأجنبي اللازم لتأمين احتياجات المجتمع من السلع الاستثمارية والرأسمالية اللازمة لعملية التنمية الاقتصادية الوطنية.
كما أنها من جانب آخر تؤمن تمويل الاستيراد من السلع الاستهلاكية التي يحتاجها المجتمع بسب قصور الجهاز الإنتاجي في أي بلد عن تأمين متطلبات المجتمع من السلع والخدمات، وتترسخ هذه الأهمية بشكل أكبر في حالة البلدان النامية، التي تعاني غالباً من اختلال في هياكلها الإنتاجية، الذي يتجلى بشكل أساسي من خلال وجود قطاع اقتصادي منتج لسلعة أو لعدد محدود من السلع تشكل عماد الاقتصاد الوطني، وبالتالي وقوع الاقتصاد الوطني برمته تحت رحمة الظروف والشروط التي تحكم سير عمل هذا القطاع، وتكمن أهمية التجارة الخارجية في القدرة على تأمين كل ما نحتاجه من سلع، وفقاً لأفضل الشروط التي يمكن خلقها من خلال ما يقدمه القطاع المنتج في البلد، وهي بهذا المعنى يمكن أن تكون سلاحاً ذو حدين:
فمن جهة أولى يمكن أن تكون أداة لتعميق الواقع الحالي، أي تعميق حالة التخلف عندما تستخدم في استنزاف الموارد الوطنية المتاحة وتصديرها إلى الخارج بشكلها الخام، في الوقت الذي يتم توجيه المزيد من الإنفاق على الواردات الاستهلاكية.
وعلى النقيض من ذلك يمكن أن تشكل التجارة الخارجية أداة هامة في تغيير واقع التخلف، عندما توجه عوائد الصادرات نحو تأمين سلع الإنتاج الرأسمالي وإقامة المشاريع الصناعية اللازمة لمتطلبات التنمية الاقتصادية الوطنية.
بمعنى آخر،تشكل التجارة الخارجية( الصادرات منها) الأداة الأكثر أهمية نحو ترشيد عوائد الصادرات لصالح توفير السلع الضرورية لمتطلبات التنمية الاقتصادية، وذلك من خلال تصريف الفائض من السلع المنتجة وطنياً، واستخدامها في تأمين حاجات الاستهلاك المحلي من السلع المستوردة بشكل عقلاني ورشيد، واستخدام الفائض في توفير مستلزمات التنمية الوطنية، بما فيها الخبرات الفنية المطلوبة، وبالتالي يمكن من خلال إدارة التجارة الخارجية بشكل منهجي مخطط ومنظم، إحداث تغيير جذري في البنية الاقتصادية للدولة برمتها.
العوامل المؤثرة في هيكل وبنية التجارة الخارجية السورية[12]:
تخضع مكونات وأهمية التجارة الخارجية السورية لمجموعة من العوامل، تتباين من حيث تأثيرها في هيكل التجارة الخارجية ومكوناتها السلعية، وأهم هذه العوامل يمكن تقنينها في البنود التالية:
- زيادة صادرات النفط، الذي أدى إلى زيادة عوائد التصدير من جهة، ومن جهة ثانية زيادة قدرة الدولة على استيرادها للمواد والسلع اللازمة للسوق المحلية وفقاً لمقتضيات الاستهلاك أو الاستثمار.
- تغير الأسواق التجارية التي تتعامل معها الإدارة التجارية في سوريا(استيراداً وتصديراً)، وبالتالي ضرورة الوقوف على رغبات الزبائن الجدد، ومحاولة إجراء دراسات مستفيضة عن هذه الأسواق من أجل معرفة أذواق المستهلكين(المتنوعة) للسلع السورية، ومحاولة رسم خرائط تجارية جديدة، مع بلدان العالم المختلفة.
- السياسات والإجراءات المتبعة في نظام التجارة الخارجية من قبل الإدارة الاقتصادية، من حيث إعطاء حوافز وتشجيع للمؤسسات التي تساهم في تحول الصناعة نحو قطاعات مرغوبة، ومن خلال ذلك محاولة التأثير على منحى التجارة الخارجية، من خلال منح المؤسسات التي تصدر حداً من منتجاتها مزايا وإعفاءات في نسبة الضرائب المتوجبة الدفع على أرباحها، وتحديد السلع المطلوب استيرادها أو تصديرها وفقاً لمتطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدولة.
- الإمكانيات التسويقية والكفاءات والمهارات والخبرات الوطنية في مجال الترويج للمنتجات الوطنية، وتحديد الخيارات المتاحة من السلع البديلة المتوفرة، وإمكانية توفير متممات السلع المستوردة أو قطعها التبديلية، واستقرار الأسواق التجارية التي تشكل مجالاً حيوياً للسع الوطنية المصدرة.
مؤشرات التجارة الخارجية:
إن كفاءة التجارة الخارجية تقاس بالدرجة الأولى(بالإضافة إلى مدى مساهمتها في التنمية الاقتصادية) بنسبة تغطية الصادرات الوطنية للواردات من السلع الأجنبية، لأن الواردات تستنزف موجودات الدولة من القطع الأجنبي وتؤدي إلى خسارة الموارد بشكل عام، بينما تؤمن الصادرات القطع الأجنبي اللازم لاستيراد السلع الرأسمالية اللازمة لعملية التنمية، و تؤدي إلى تزايد موارد الدولة بشكل عام بالشكل الذي ينعكس إيجاباً على هذه العملية، إضافة إلى كونها أحد قطاعات الاقتصاد الوطني الأساسية، وبالتالي بمقدار ما يتحقق في هذا القطاع من فائض (قيمة مضافة)، أي مدى مساهمته في الدخل الوطني، يحقق كفاءة اقتصادية، ويساهم في معدلات النمو والتنمية.
وبتطبيق هذا المؤشر على حالة سوريا فإننا نجد أن مساهمة هذا القطاع في تكوين الناتج المحلي الإجمالي بدأت بالتراجع بشكل مضطرد حتى بلغت حوالي 12% عام 1997 وهو ينقص بمقدار 10% عن عام 1991، في حين أن قيمة الصادرات السورية بدأت بالتراجع بدءاً من العام 1996 ، ولم تعد تغطي أكثر من 74%من قيمة الواردات في عام 1998[13]،وهذا ينعكس سلباً على الميزان التجاري السوري الذي بات يعاني عجزاً، وصل بالرغم من صادرات النفط إلى 35%عام1991،وفي حدود 25% في السنين التالية ( 1993،1996،1998) وحتى انخفاض هذا العجز في بعض السنين إنما يعود لانخفاض الواردات وليس بسبب زيادة الصادرات، وإذا استبعدنا الصادرات النفطية تفاقم هذا العجز ليصل إلى حدود خطيرة(73% في سنة 1996) وإلى 57% في أدنى معدل له في العام1997 [14]، و بالنظر إلى معدل تغير كل من الصادرات والواردات خلال نفس الفترة (من عام 1992 إلى عام 1998) نجد أن هذا المعدل يساوي حوالي 9% بالنسبة للصادرات، بينما يمثل حوالي17% بالنسبة للواردات[15]، بمعنى آخر تنمو الصادرات سنويا بمعدل ينقص عن نمو الواردات بنسبة 6% سنوياً، وهذا يعني استنزاف للقطع الأجنبي الموجود داخل القطر. ومن جانب آخر، تراجعت نسبة مساهمة قطاع التجارة في تكوين الناتج المحلي الإجمالي من حوالي 22% في عام 1991 إلى حوالي 12% في عام 1997 .
المطلب الثاني : البنية الهيكلية للصادرات السورية
يعد تنوع المكونات السلعية للصادرات -بشكل عام- دليلاً على تطور الهيكل الإنتاجي للاقتصاد الوطني، وعلى انخفاض درجة انكشافه على الاقتصاد العالمي، ويعكس إلى حد ما موقع الدولة في تقسيم العمل الدولي، وكلما كان هذا التنوع في مجال السلع الصناعية، ينعكس ذلك إيجاباً على مرونتها وزيادة قدرتها التفاوضية في سياق علاقاتها الاقتصادية والتجارية، وتزداد هذه المرونة والقدرة كلما ارتفعت درجة السلعة في سلم المراحل التكنولوجية، يشار هنا أنه كلما تم توظيف استثمارات في مجال الصناعات كثيفة المعرفة(مراحل متقدمة في السلسلة التكنولوجية) كلما زاد معدل القيمة المضافة المتحققة.
ومن حيث الصادرات السورية فإنها تتوزع بشكل رئيسي ضمن المجموعات السلعية التالية:
الصادرات من المواد الخام:
تشكل المواد الخام والأولية نسبة كبيرة من مجمل الصادرات السورية، حيث ارتفعت من50% في عام 1990(بعد الاكتشافات النفطية المهمة) لتصل إلى حوالي 80% في عام 1997 على الرغم من تذبذب أسعار النفط في تلك المرحلة، أما صادراتنا من القطن الخام فقد ارتفعت خلال نفس المرحلة بشكل متصاعد، مع العلم أن المواد الخام موضوع الدراسة هنا هي بشكل أساسي النفط والقطن وبعض المنتجات الزراعية الأخرى. وقد أجريت بعض الدراسات حول النتائج التي يمكن أن تتحقق فيما لو تم تحويل كل القطن السوري المصدر إلى الخارج بصورته الخام، إلى غزول ومن ثم إلى نسيج معالج، وتم تحويله بعد ذلك إلى منتجات جاهزة كالملابس والمنتجات النسيجية الأخرى، لكانت الحصيلة الناتجة من تصدير تلك المنتجات(الجاهزة) تعادل تقريباً حصيلة تصدير النفط[16]، ويمكن فهم هذه المعادلة بإجراء حساب بسيط لتبيان الفرق(الشاسع) بين سعر1 كغ من القطن الخام أو المحلوج، الذي لا يتجاوز الـ 100ل.س إلا بقليل، وبين 1 كغ تم تصنيعه على شكل ملابس، قد يتجاوز سعره الـ 4000 ل.س(إن سعر قميص لا يتجاوز وزنه أوقية واحدة لا يقل عن 800 ل.س).
الصناعات التحويلية:
تعرف الصناعات التحويلية على أنها: عمليات التصنيع التي تقوم بالتحويل الآلي أو الكيميائي كمواد عضوية أو غير عضوية إلى منتجات جديدة، سواءً تم العمل آلياً أو يدوياً، في مصنع أو في بيت، وسواء تم بيع المنتجات بالجملة أم بالمفرق، مثل( صناعة الغزل، النسيج، الملابس، الصناعات الغذائية، والصناعات الكيماوية والبتر وكيماوية، وصناعة المعدات الرأسمالية، ووسائط النقل وغيرها…[17] ). يفيدنا هذا التعريف في معرفة السلع التي نحن بصدد دراستها، باعتبار أن هذه السلع تشكل المجال الأكبر لتشكيل القيمة المضافة (من حيث كميتها) على مستوى الاقتصاد الوطني، بسبب تعدد مراحل الصنع وتنامي كمية القيمة المضافة المتحصلة مع تعدد تلك المراحل، من جهة، وبسبب الرجحان النسبي لمساهمة الصناعات التحويلية في الناتج المحلي الإجمالي من جهة ثانية. وعلى الرغم من أهمية هذا القطاع بالنسبة للصادرات، فإن نسبة مساهمتها في الصادرات السورية لا تتجاوز في حدودها الوسطى الـ15% سنوياً[18]، وإن كانت هذه النسبة تختلف من سنة لأخرى تبعا للظروف الاقتصادية السائدة وللسياسات الصناعية التي تطبقها الحكومة، بالإضافة إلى انفتاح الأسواق العالمية وظهور منافسين جدد للمنتجات السورية، ووجود صعوبات تسويقية أخرى مختلفة.
هذا من حيث الكم، أما من حيث النوع فإن سلة الصادرات من السلع المصنعة هي قليلة نسبياً، وتتألف بشكل أساسي من الملابس وملحقاتها وبعض المعلبات الغذائية، وهذا يعكس ضعفاً في الجهاز الإنتاجي وقدرة ضعيفة على تصنيع المواد الأولية المتوافرة في سوريا.
ويمكن فهم هذا الأمر،إذا نظرنا- تاريخياً- إلى هذا القطاع في سوريا، حيث نجد أن سياسة (الإحلال محل الواردات) التي كانت ناجزة لفترة طويلة من الزمن، قد أدت إلى قيام صناعات في ظل ستار كبير من الحماية وبعيداً عن المنافسة، ولم تتمكن تلك الصناعات من الاستفادة من ظروف الحماية ولا من شروط الدعم الذي قدمته الدولة، لتثبيت أقدامها و تحسين كفاءتها الإنتاجية وتطوير قدراتها التنافسية، بل أدى ذلك- في معظم الحالات- إلى تراجع في جودة الإنتاج وارتفاع كلفته، وبالتالي تحميل المستهلك أعباء إضافية، سيسعى إلى التخلص منها عندما يتاح له ذلك، وهذا يعني أن تلك الصناعات لن تستطيع الصمود أمام السلع القادمة في ظل انفتاح الأسواق، خاصة وأن تلك السلع تباع بسعر يزيد بنسب مختلفة ( قد تصل إلى الربع تقريبا في بعض الأحيان[19]) عن مثيلاتها في الدول الأخرى.
الصعوبات التي تعاني منها الصناعات التحويلية:
هناك مجموعة من الصعوبات التي تعاني منها الصناعات التحويلية في سوريا، يمكن تقنينها في النقاط التالية:
- تدني نسبة القيمة المضافة المتحققة فيها، بسبب ارتفاع تكاليف المنتجات الصناعية بشكل عام نتيجة انخفاض الإنتاجية وارتفاع قيمة مستلزمات الإنتاج (المستوردة)، حوالي 1.382مليون دولار عام 1998 ، وهذا يشكل حوالي40% من إجمالي مساهمة القطاع الصناعي، في حين أن نسبة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي تساوي فقط حوالي 9% لنفس العام[20]، وبالتالي، تزايد الصادرات السورية من المواد الخام وتراجعها من المواد المصنوعة ونصف المصنوعة، والحرمان من قيمة مضافة كان من الممكن تحققها.
- استمرار الاعتماد على مبدأ التصدير من المنتجات الفائضة عن حاجة السوق وعدم اعتماد سياسة تصديرية تؤدي إلى إيجاد هذا الفائض بدلاً من انتظاره.
- ضعف الخبرات التسويقية والترويجية بشكل عام وبالتالي ارتفاع تكاليف التصدير وأجور الشحن بسبب التسعير الإداري .
مساهمة الصناعات التحويلية في الناتج المحلي
على مستوى المؤشرات الإجمالية يساهم قطاع الصناعة بحوالي ثلث الناتج المحلي الإجمالي (30% في عام 2000[21])، الذي يتضمن قطاع الصناعات التحويلية الذي ما تزال نسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي محدودة جداً، لا تتجاوز نسبة هذه المساهمة 7.5% في عام 2001[22]، على الرغم من أهمية مساهمته في الناتج المحلي باعتباره القطاع الأهم الذي تتحصل فيه القيمة المضافة، ومن جهة أخرى يتطور الناتج المحلي لهذه الصناعة بمعدلات ضعيفة جداً، لا يتجاوز 2% بالمتوسط خلال العشرة سنوات الفاصلة بين عامي (1985-1995). وبالتالي فإن معظم الصادرات السورية تتشكل من المواد الأولية الخام ( النفط والفوسفات والقطن[23]) التي تعد في أدنى حلقات السلسلة التكنولوجية، وبالتالي أدنى قيمة مضافة متحصلة هذا القطاع، و من حيث البنية الهيكلية للصناعات التحويلية فإن الصناعات الاستهلاكية التي تقتصر في معظم الأحيان على الحلقات الأخيرة من السلسلة التكنولوجية، وهذا يعني أن مستلزمات الإنتاج المستوردة تشكل القسم الأكبر من التكلفة، وهذا بدوره يؤدي إلى تضاؤل القيمة المضافة المتحققة(انظر الجدولين 1،2)، ويعكس من جهة أخرى ضعف الترابط بين الصناعات السورية .
من جانب آخر، لا تزال معدلات الاستثمار في القطاع الصناعي بشكل عام ضعيفة جداً، على الرغم من كثرة القرارات والقوانين الصادرة بقصد تشجيع الاستثمار، ووجود رغبة حقيقية لدى الإدارة الاقتصادية في هذا الأمر، وبالتالي لا تزال الفجوة كبيرة في الميزان التجاري لقطاع الصناعات التحويلية( أي نسبة تغطية الصادرات من الصناعات التحويلية إلى الواردات منها)، حيث لا تغطي الصادرات إلا حوالي ثلث الواردات أو حتى الربع في بعض السنوات، على الرغم من المزايا(المزدوجة)التي تتمتع بها الصادرات السورية، فهي من جهة أولى تحصل على إعفاءات من الرسوم الجمركية ونظام الحصص في معظم أسواق الصادرات السورية(أي دول الاتحاد الأوروبي التي تعد الشريك التجاري الأول لسوريا)، ومن جهة أخرى تحتمي خلف جدار من السياسات الحمائية، التي ينتج عنها الكثير من القيود على استيراد السلع والمنتجات(ومنع استيراد بعضها الآخر) التي تنافس السلع الوطنية.
ومن الجدير بالذكر أنه لن يكون هناك إمكانية للاستمرار في هذه السياسات والقيود الحمائية مع تطبيق الاتفاقيات التجارية الدولية التي تسعى سوريا، منذ زمن، الانضمام إليها، خصوصاً في ظل الاتجاهات العالمية المتزايدة نحو إلغاء القيود الجمركية وغير الجمركية، المترتبة على انتقال السلع في الأسواق العالمية، والعمل على التحرير المتزايد للتجارة الدولية، وهذا يشكل تحدياً يهدد صناعاتنا التحويلية، ويؤدي إلى تراجع صادراتنا منها.
المطلب الثالث : البنية الهيكلية للواردات السورية
يعد الاستيراد الجزء الآخر في قطاع التجارة الخارجية، وله من الأهمية ما للصادرات منها لعدة أسباب:
أولها أنه يعكس إلى حد كبير قصور الجهاز الإنتاجي عن تلبية حاجات المجتمع من السلع والخدمات.
وثانيها أنه يعكس اهتمامات الدولة في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية الذي يتجلى من خلال توزع نسب السلع المستوردة وبنيتها الهيكلية، أي الاستهلاكية منها والرأسمالية، والتي تعكس بدورها مكامن قصور الجهاز الإنتاجي وأسبابه، والمرحلة التي تمر بها عملية البناء التنموي.
من جانب آخر تتأثر الواردات بجملة من العوامل:
- حجم الصادرات ونسبة تغطيتها للواردات.
- مصادر تمويل الاستيراد( القروض والمعونات الخارجية بالإضافة إلى عوائد الصادرات).
- وأهمها على الإطلاق(في ظل ظروف تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية كما في حالة سوريا) هو السياسات والإجراءات التي تطبقها الحكومة للتأثير على حجم ومكونات الواردات و توزعها النسبي، أو التصدير، من أجل:
- توازن بعض المؤشرات الاقتصادية الداخلية، أو معالجة بعض القضايا والمشاكل التي يعاني منها الاقتصاد الوطني، مثل توازن ميزان المدفوعات، القدرة على تمويل عمليات الاستيراد، وجود قيود على الصادرات من السلع الوطنية، أو فرض شروط معينة على الواردات من بعض السلع لأسباب متعددة.
- أو محاولة دعم أو حماية بعض الصناعات الوطنية الهامة وفقاً لمتطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة.
- أو نتيجة للأوضاع السياسية التي تفرض على الدولة أحياناً أنواعاً مختلفة من منع الاستيراد، يحرم الدولة من الحصول على سلع وتقنيات معينة، إذا كانت مواقفها السياسية لا تنسجم مع مصالح ورغبات الدول الفاعلة على مستوى الاقتصاد العالمي( وقد عانت سوريا كثيراً من هذا الأمر في مراحل مديدة ولا تزال تعاني من بعض أشكالها إلى الآن)، أو لأسباب أخرى عديدة ليست مجال بحثنا.
تتباين الواردات السورية من حيث طبيعتها، وتتراوح بين السلع المصنوعة بالكامل(العالية التصنيع)، مروراً بالسلع نصف المصنعة، وانتهاءاً بالمواد الأولية اللازمة لكثير من الصناعات الوطنية بمختلف أنواعها وتصنيفاتها. وتتشكل بشكل أساسي من المجموعات السلعية التالية:
الواردات من المواد الأولية والخام:
تباينت نسبة هذه المواد من مجمل الواردات السورية، بتباين السنين، وعكست سياسة الدولة في ضبط ميزان المدفوعات وعدم التفريط بالموارد الاقتصادية (وبشكل خاص المالية منها) المتاحة إلى حد كبير، حيث شكلت ما نسبته حوالي 16%في عام 1990، وتراجعت إلى حوالي 10% في السنوات الأخيرة، مع العلم أنها لم تستقر خلال تلك الفترة[24].
الواردات من السلع نصف المصنوعة:
تشكل هذه المواد عماد الواردات السورية، والنسبة الكبرى منها، وتتفاوت هذه النسبة لتشكل نصف الواردات تقريباً خلال فترة العشر سنوات الأخيرة، باستثناء سنة 1994 التي تشكل أدنى نسبة واردات خلال الفترة المذكورة(حوالي 40%). إن تزايد نسبة حجم هذه السلع في إجمالي الواردات السورية،إنما يعود بشكل أساسي إلى اعتماد الصناعات التجميعية كمؤشر إلى طبيعة التوجه الذي تنحوه الحكومة لتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية شاملة.
الواردات من السلع المصنوعة:
تتراوح نسبة السلع المصنوعة من إجمالي الواردات السلعية السورية بين 40 إلى 50%، وهي بشكل عام تميل للزيادة، بشكل يعكس حاجة الاقتصاد الوطني إلى السلع الرأسمالية الأساسية مثل الماكينات ومعدات النقل وغيرها التي تشكل أكثر من نصف الواردات من السلع المصنوعة لتصل في بعض السنوات إلى 72%(1994)، وهي من جانب آخر تعكس سياسة الدولة وتوجهاتها التنموية، حيث يعكس ارتفاع هذه النسبة حاجة السوق الداخلية إلى مركبات النقل البري والماكينات والعدد الصناعية، ومقدار الفجوة بين العرض والطلب على هذا النوع من السلع، ثم تأتي المستوردات من الحديد والصلب التي تشكل عموماً حوالي ربع الصادرات من المواد المصنوعة، ومن جهة أخرى، اهتمام الدولة بالاستثمارات الأجنبية والوطنية المهاجرة من خلال قانون الاستثمار رقم 10 لعام 1991.
الواردات من السلع الغذائية:
تراجع حجم الواردات السورية من السلع الغذائية بشكل مضطرد، بدءاً من نهاية الثلث الأول في العقد الماضي، بسبب نمو الناتج من بعض المواد الرئيسية التي مكنتنا من الانتقال من حالة الاستيراد الصافي إلى حالة خلق فائض للتصدير، حيث انخفضت نسبة الواردات من السلع الغذائية من حوالي 30% في عام 1990، إلى حوالي 16% في عام 1993، ولم يتم استيراد أي كمية من مادة القمح بعد هذا التاريخ.
يلاحظ على الهيكل السلعي للواردات السورية، تعاظم نسبة المواد المصنعة ونصف المصنعة، التي تقع في مراحل متقدمة من السلسة التكنولوجية مع تراجع قيمة الواردات من السلع والمواد الغذائية، وبالتالي تحقيق قيمة مضافة عالية في هذا القطاع لصالح البلدان المصدرة لهذه السلع.
خلاصة واستنتاجات:
نستنتج مما سبق أن البنية الهيكلية للصادرات والواردات السورية، تعكس قصوراً هيكلياً وخللاً بنيوياً يتجلى بعدم انتظام الاقتصاد السوري (وخاصة قطاع الصناعة)في سياق معين ينسجم مع المسار المرغوب أو المطلوب سلوكه، إن بسبب تدخل الدولة في مسار عمليات التجارة الخارجية من خلال سياسات لم تعد صالحة لهذه المرحلة، أو بسبب تخلف القطاع الإنتاجي وعدم قدرته على مواكبة التحولات المطلوب إنجازها من الإدارة الاقتصادية( التي تتسم بوجود رغبة حقيقية في إجراء الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة ولكن لا توجد روح المبادرة التي تعمل على خلق الآليات اللازمة لهذه الإصلاحات)، أو بسب التحولات العميقة في بنية النظام التجاري العالمي، وبالتالي، ليست المشكلة في عقد اتفاقيات تجارية تتضمن نصوصاً توفر للسلع السورية مزايا وإعفاءات بسبب منشئها، بل في قدرة تلك السلع على الاستفادة من هذه النصوص، بمعنى آخر قدرة السلع السورية على تحقيق شروط المنشأ الوطني وفق اتفاقيات التجارة المبرمة بين سوريا والبلدان الأخرى، وكمثال على إثبات ما نرمي إليه، نجد في سياق الاتفاق التجاري بين سوريا ودول الاتحاد الأوروبي(باعتبارها الشريك التجاري الأول لسوريا)، الذي ينص على منح السلع السورية المنشأ أفضليات وإعفاءات، لم ينعكس ذلك إيجاباً بشكل منافع مادية، لسبب بسيط وهو أن هيكل الصادرات السورية لا يسمح بالاستفادة من التفضيلات الممنوحة وفق الاتفاق، لأن المواد المصنوعة المصدرة إلى الاتحاد الأوروبي، لا تشكل إلا نسبة بسيطة من إجمالي الصادرات له، التي تتشكل بشكل أساسي من المنسوجات القطنية والألبسة والجلود.إضافة إلى أن دول الاتحاد(مجتمعة) تتبع سياسة حمائية انتقائية، بحيث تدخل أي منتج عربي منافس لمنتج أوروبي مشابه، ضمن السلع الحساسة تطبق عليه قيوداً تجاريةً( بالطبع لا يدخل النفط ضمن هذه المجموعة).
(جدول رقم 1) القيمة المضافة في القطاع الصناعي (مليون ليرة بالأسعار الجارية)
العام
|
الاستخراجية
|
التحويلية
|
كهرباء
|
مجموع
|
1992
|
32031
|
25508
|
2080
|
59619
|
1993
|
31632
|
30577
|
1432
|
63641
|
1994
|
31529
|
37893
|
3010
|
72432
|
1995
|
36197
|
45164
|
3303
|
84664
|
1996
|
85984
|
62663
|
4449
|
153096
|
1997
|
118967
|
64997
|
5087
|
189051
|
1998
|
102089
|
72965
|
9272
|
184326
|
1999
|
114700
|
74582
|
10783
|
200065
|
2000
|
137723
|
76536
|
14246
|
228508
|
المصدر: الاسكوا، الإحصاءات الصناعية لعام 2001
القيمة المضافة في الصناعات التحويلية (مليون ليرة بالأسعار الجارية)
2000
|
1999
|
1998
|
1997
|
1996
|
1995
|
1994
|
1993
|
1992
|
العام
|
جدول رقم 2
| ||
22364
|
20971
|
19413
|
16038
|
15333
|
8255
|
6194
|
6451
|
640
|
المواد الغذائية
| |||
19120
|
18321
|
17761
|
15474
|
12992
|
10277
|
8504
|
6423
|
7824
|
المنسوجات والملابس والصناعات الجلدية
| |||
4804
|
4592
|
4509
|
3775
|
3161
|
2588
|
2424
|
761
|
1879
|
الخشب و منتجاته بما فيها الأثاث
| |||
1022
|
989
|
979
|
839
|
760
|
598
|
451
|
426
|
269
|
الورق ومنتجاته
| |||
1139
|
2999
|
4799
|
6787
|
11753
|
9719
|
9096
|
7144
|
2574
|
الكيماويات والمنتجات النفطية والبلاستيك والفحم والمطاط
| |||
10524
|
10335
|
10026
|
9658
|
8625
|
6739
|
4642
|
2946
|
2078
|
منتجات خامات معدنية غير تعدينية غير منتجات الفحم والنفط
| |||
2164
|
1965
|
1770
|
1420
|
930
|
593
|
459
|
579
|
508
|
صناعات معدنية أساسية
| |||
14536
|
13648
|
12976
|
10624
|
8801
|
6243
|
5988
|
5705
|
3822
|
المنتجات المعدنية والمكائن المعدنية
| |||
861
|
762
|
732
|
382
|
308
|
152
|
135
|
142
|
114
|
صناعات تحويلية أخرى
| |||
76540
|
74582
|
72965
|
64997
|
62663
|
45164
|
37893
|
30577
|
25508
|
المجموع
|
المصدر:الاسكوا، الإحصاءات الصناعية لعام 2001
المطلب الأول : قواعد المنشأ في الاتفاقيات التجارية السورية
مقدمة
تنتظم العلاقات التجارية السورية في مجموعة من الاتفاقيات التجارية التي تقيمها الحكومة السورية( الإدارة الاقتصادية) مع باقي دول العالم، العربية منها والأجنبية، وتعد هذه الاتفاقيات هامة من ناحيتين، فهي من ناحية أولى تقنن الإعفاءات والمزايا المتبادلة ضمن بنود ومواد واضحة، ومن جانب آخر تعد مؤشراً لمقدار المنافع والمكاسب التي يحققها كل طرف من علاقاته التجارية، ومن المعلوم أن تحرير التجارة لا يشكل هدفاً بحد ذاته، بل تقاس كفاءته تبعاً لانعكاسات هذا التحرير على الهياكل الإنتاجية، أو إعادة تشكيلها. إن أهم ما يميز هذه الاتفاقيات أنها أنشئت بهدف تسهيل تبادل السلع وتحقيق المزايا التقليدية المعروفة للتجارة الخارجية، والتي يأتي في مقدمتها مساهمة هذه العملية في دفع وتحريك عجلة النمو الاقتصادي، من خلال ما تتضمنه من شروط وإجراءات تؤدي فيما تؤديه إلى نقل للخبرات و التقانات المتطورة، وتأمين القطع اللازم لتمويل عملية التنمية الاقتصادية.
من جانب آخر، تنصب هذه الاتفاقيات على السلع التي تكتسب صفة المنشأ السوري وفق أي من المعايير "السابقة" المستخدمة في تحديد منشأ السلعة، وبالتالي تتوقف مدى الفائدة من عمليات التبادل التجاري بين سوريا ودول العالم على قدرة السلع السورية تحقيق متطلبات شرط المنشأ الوطني من جهة، وقدرة الإدارة الاقتصادية في فرض شروط تعاقدية تكون في صالح السلع السورية، من جهة ثانية، وهذا بدوره يتطلب دعائم قوية يستند إليها المفاوض السوري في سياق المفاوضات التجارية التي يقوم بها. ويختلف أثر هذه الدعائم حسب الطرف الذي تتم المفاوضات معه، وهنا يمكن التمييز بين نوعين من الشركاء التجاريين( المفاوضين)، يتميز الأول بتقارب درجات النمو الاقتصادي وتماثل الهياكل الاقتصادية والإنتاجية بشكل عام مع نمو وهيكل الاقتصاد السوري، مما يتيح نوعاً من التكافؤ في المفاوضات التجارية وتوزيع المنافع المتحققة من عملية التجارة بشكل متوازن إلى حد كبير، ومثال هذه الدول، هو الدول النامية ومنها الدول العربية. أما الثاني فيتميز بتفاوت كبير في درجات التقدم الاقتصادي ومستويات النمو، وهنا سينعكس هذا التفاوت في المفاوضات التجارية لصالحه، ويتجه همُ المفاوض التجاري السوري نحو الحصول على مساعدات( بأشكال مختلفة) يقدمها المفاوض الآخر، وهو هنا الدول المتقدمة صناعياً وتكنولوجياً، وقد لحظت معظم الاتفاقيات التجارية المبرومة سابقاً مع تلك الدول(المتقدمة) هذه الفروق والتباينات الصناعية والتكنولوجية، وظهرت على شكل مزايا وإعفاءات غير متبادلة( تقدم من جانب واحد هو الجانب المتطور)، ممنوحة من تلك الدول إلى الدول النامية بشكل عام، ومنها سوريا، بالإضافة إلى تقديم مساعدات قد تكون على شكل قروض طويلة الأمد وقد تكون على شكل منح مساعدات فنية وخبرات تقنية ، وقد تكون على شكل عدم المطالبة بالمعاملة بالمثل، كأن تمنح تلك الدول البضائع القادمة من دول العالم الثالث تسهيلات معينة، لا يطلب تطبيقها في حالة السلع المصدرة منها إلى دول العالم الثالث.
معايير المنشأ المعتمدة في سوريا :
تعد معايير المنشأ جدراناً لحماية المنتجات المحلية من جهة، ومرآة تعكس واقع تلك المنتجات وبنيتها الهيكلية( مكوناتها) من جهة أخرى، وتعد في نفس الوقت أحد الإشكاليات الأساسية في المفاوضات التجارية الدولية أو المتعددة الأطراف. إن أهم مشكلات قواعد المنشأ السورية تكمن في مكونات السلع الصناعية التي تدخل في صناعتها مواداً مستوردة من أكثر من دولة،وحيث أن المعايير الدولية تؤكد على ضرورة ارتفاع نسبة المكون المحلي في السلعة(60-70%)، بينما تشكل تلك النسبة ما بين(20-40%) في حال السلع السورية، فإن تطبيق سوريا للمعايير الدولية في إثبات المنشأ الوطني، في إطار الاتفاقيات الدولية(وخاصة في مجال منظمة التجارة العالمية واتفاقية الشراكة السورية- الأوروبية) يجعل الصناعات السورية تعاني من صعوبات جمة، ويبقى أمام المفاوض السوري الاستفادة من تطبيق المعايير الخاصة المتفق عليها في حال المرحلة الانتقالية(فترة تطبيق الاتفاقية)، والتي غالباً ما تنص على شروط ميسرة تراعي التفاوت في مستوى التطور الاقتصادي. وهذه المعايير هي: معيار التغير في التصنيف الجمركي، أو معيار القيمة المضافة، أو عمليات التحويل المادية، و كل من هذه المعايير يتيح إمكانية موافقة قواعد المنشأ على الرغم من وجود نسبة مكونات مستوردة كبيرة في السلعة.
أنواع الاتفاقيات التجارية :
يمكن التمييز- وفقاً لأغراض هذا البحث- بين نوعين من الاتفاقيات التي تقيمها سوريا مع دول العالم(والعربية منها)، حسب طبيعة نصوص تلك الاتفاقيات والآثار المترتبة عنها:
- يتضمن النوع الأول نصوص خاصة تقرها الدولتان أو مجموعة الدول، تتيح إعفاءات معينة و مزايا للسلع المتبادلة بين الدولتين أو مجموعة الدول.
- أما النوع الثاني فيتضمن نصوصاً تنطوي على معاملة السلع المتبادلة وفقاً لنصوص اتفاقيات دولية سائدة على المستوى العالمي، مثال ذلك أن يتضمن اتفاق ما معاملة السلع المتبادلة بين دولتين تقيمان فيما بينهما اتفاقاً تجاريا، معاملة الدولة الأكثر رعاية(أحد مبادئ اتفاقيات الجات الدولية) فيما يتعلق بالرسوم الجمركية والضرائب والأعباء الأخرى.
ترتبط الجمهورية العربية السورية بمجموعة من اتفاقيات التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري مع العديد من الدول العربية، يتعهد فيها الطرفان المتعاقدان ببذل الجهود الممكنة لتسهيل وتنمية المبادلات التجارية(بين البلدين) وفقاً لأحكام الاتفاق وللقوانين والأنظمة النافذة في كل منهما، وما يهمنا هنا هو إيراد بعض نصوص الاتفاقيات التجارية التي تتعلق فقط بمنشأ السلعة:
اتفاق التعاون الاقتصادي وتنظيم التبادل التجاري بين سوريا والأردن الموقع في 6 نيسان 1975،الذي تنص المادة الثالثة منه على: تسمح حكومتي البلدين باستيراد جميع المنتجات الزراعية والحيوانية والثروات الطبيعية والمنتجات الصناعية ذات المنشأ(الأردني أو السوري) المباشر، وذلك استثناءاً من أحكام منع الاستيراد ومن جميع القيود الإدارية والنقدية والقيود الأخرى، أما المادة الخامسة منه فتعفي المنتجات السابقة (الوطنية المتبادلة) من الرسوم الجمركية والضرائب الأخرى ومن إجازات الاستيراد والتصدير، أما فيما يخص شروط وتنظيم هذه الإعفاءات، فقد نصت المادة السادسة من الاتفاق على أن ترفق المنتجات ذات المنشأ المستوردة من أحد الطرفين إلى بلد الطرف الآخر بشهادة منشأ متضمنة نسبة الصنع ( أن لا تقل كلفة الإنتاج المحلية واليد العاملة في صنعها عن 40%من تكاليف إنتاجها ) ، كما نصت المادة العاشرة على السماح لأي مركز تجاري(أردني في سوريا أو سوري في الأردن) استيراد منتجاته الوطنية دون أية قيود نقدية أو إدارية، وأن يبيع هذه المنتجات مباشرة إلى مستهلكي الطرف الآخر، مع إعفاء من كامل الرسوم المفروضة في البلد الذي يعمل فيه. بالإضافة إلى 13 اتفاقية و برنامج ومذكرة تفاهم في مختلف المجالات وأهمها منطقة التجارة الحرة التي بدئ بتنفيذها في أيار2002 [26].
اتفاق التعاون والتنسيق الاقتصادي والاجتماعي بين سوريا ولبنان: الذي استند إلى معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق لعام 1990، و يعد نموذجا يحتذى للعمل الثنائي العربي، حيث يتضمن حرية انتقال الأفراد وممارسة النشاط الاقتصادي وانتقال الرساميل وحرية التملك والإرث والإيصاء، بالإضافة إلى حرية انتقال السلع والمنتجات الوطنية بين البلدين، كما تضمن أيضاً، الحث على تنسيق السياسات الزراعية والتعاون في المجالات التقنية والبحوث العلمية والتطبيقية والسياسات الصناعية، وإقامة المشاريع المشتركة، وتم لهذا الغرض إنشاء لجان مشتركة تقوم بمتابعة تنفيذ هذه الأعمال.
وفي مجال معاملة السلع الوطنية فقد تم تذليل العديد من الصعوبات التي كانت تعترض تنفيذ الاتفاق في مجال التطبيق العملي، على الرغم من اختلاف التوجه الاقتصادي في كل من البلدين. ومن حيث نتائج هذا الاتفاق على زيادة التبادل التجاري بين البلدين، فحسب تقرير "المجلس الأعلى" عن التبادل التجاري في عام 2002، تبين أن حجم العلاقات التجارية بين البلدين قد انخفضت بنسبة 22%بالمقارنة مع عام 2001، مع أن الصادرات اللبنانية إلى سوريا زادت بنسبة حوالي17% خلال نفس العام، أي ما يعادل 7.2% من مجموع الصادرات اللبنانية، مقابل انخفاض الصادرات السورية إلى لبنان بحوالي 37% عن العام السابق[27]، بسبب تراجع كميات مستوردات لبنان من النفط والمشتقات النفطية، وبشكل عام زادت الأهمية النسبية لكلا البلدين تجاه بعضهما البعض بعد توقيع الاتفاق فتقدم لبنان من المرتبة السابعة والعشرين في عام 2001 إلى المرتبة الخامسة والعشرين في العام 2002، في تجارته مع سوريا، وتقدمت سوريا من المرتبة السابعة بالنسبة للدول المستوردة من لبنان إلى المرتبة الرابعة، وقد كانت هذه الأهمية أقل من ذلك بكثير قبل توقيع الاتفاق، وعلى سبيل المثال فقد حققت المبادلات التجارية بين البلدين خلال عام 2001 زيادة مقدارها 17% عن العام الذي قبله. ويجدر بالذكر أن الدولتين ألغتا في أول كانون ثاني من عام 2002 الرسوم الجمركية المفروضة على منتجاتهما الصناعية بموجب اتفاق تم التوقيع عليه قبل أربع سنوات.
اتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى،النافذة منذ بداية العام 1998،حيث أصدرت وزارة الاقتصاد القرار رقم46268/3 تاريخ6/8/1998 إلى مديرية ودوائر الاقتصاد في المركز والمحافظات المتضمن القرارين 1058 تاريخ 1/8/1998القاضي بتحرير المنتجات العربية المنشأ من قيود المنع ووقف الاستيراد النافذة، تضمنت المادة 3 منه: تعامل السلع العربية المنشأ معاملة السلع الوطنية فيما يتعلق بقواعد المنشأ والمواصفات والمقاييس واشتراطات الوقاية الصحية والأمنية. وفي مادته العاشرة : يتم استيراد المنتجات والسلع العربية المنشأ بموجب استمارة إحصائية مع مراعاة أحكام المقاطعة العربية وفق الأنظمة النافذة.
أما القرار 3028 تاريخ 3/8/1998، يقضي بتخفيض معدلات الرسوم والضرائب ذات الأثر المماثل بنسبة 10% سنوياً على أنواع البضائع العربية المنشأ والمستوردة إلى سوريا من أي دولة عربية منضمة إلى الاتفاقية كافة، ولكنه اشترط في المادة 3 منه لتطبيق معدلات الضرائب والرسوم ذات الأثر المماثل أن تكون البضائع مستوردة مباشرة إلى سوريا من بلد المنشأ، وأن تكون مصحوبة بشهادة منشأ صادرة عن الجهة المختصة وفق النموذج المعتمد في إطار الجامعة العربية.[28]
بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من الاتفاقيات التجارية التي تربط سوريا بالدول العربية الأخرى، منها على سبيل المثال:
- اتفاق تعاون اقتصادي وتجاري بين سوريا والبحرين الموقع في2 تشرين ثاني 1994، يتفق مع أحكام قواعد المنشأ السابقة، إلا أنه يخضع المنتجات الصناعية إلى ترتيبات أخرى تعدها اللجنة المشتركة .
- اتفاق التعاون الاقتصادي بين سوريا والإمارات العربية المتحدة في 3 أيلول 1990.
- الاتفاق التجاري بين سوريا وتونس في 27 شباط 1992.
- الاتفاق التجاري السوري الجزائري في 14 أيلول 1994.
- اتفاق التبادل التجاري بين سوريا والمملكة العربية السعودية في 3 نيسان 1972.
- اتفاق تجاري بين سوريا والسودان في 22 آب 1974.
- اتفاق التعاون والتنسيق الاقتصادي والاجتماعي بين سوريا ولبنان 1992، يأتي هذا الاتفاق متقدما في مضمونه ومن حيث الأهداف التي يسعى إليها، حيث أنه يهدف إلى تحقيق سوق مشتركة بين البلدين
وكل هذه الاتفاقيات لم تغفل في نصوصها القواعد الناظمة لاعتبارات المنشأ الوطني، بل قننتها ورسختها، ولم تختلف عن تلك القواعد المعمول بها في إطار الاتفاقيات العربية الجماعية إلا في الحالات التي تم ذكر ذلك بها.
المطلب الثالث : الاتفاقيات التجارية بين سوريا والبلدان الأجنبية
ترتبط الجمهورية العربية السورية أيضاً، بمجموعة من اتفاقيات التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري مع العديد من البلدان الأجنبية، وتختلف مفاعيل هذه الاتفاقيات، حيث يتراوح بين التعاون الاقتصادي البسيط في مجالات معينة مروراً بمعاملات تفضيلية فيما يتعلق بالرسوم الجمركية والضرائب والأعباء الأخرى التي تتعلق بالاستيراد والتصدير، وانتهاءاً باتفاقيات مناطق التجارة الحرة، حيث تنص اتفاقيات كثيرة بين سوريا ودول العالم على شرط معاملة الدولة الأكثر رعاية،ما عدا الميزات الخاصة الممنوحة لدول الجوار أو لبلدان المشاركة أو التكتلات، مثال ذلك الاتفاقيات التجارية المبرمة بين سوريا والبلدان التالية:الأرجنتين – 6/9/1989،أرمينيا-30/11/1992،تركيا- 17/9/1974،………،الخ[29].
إن أهم هذه الاتفاقيات على الإطلاق هي تلك الاتفاقيات التي وقعت بين سوريا والمجموعة الاقتصادية الأوروبية في 18/1/1978،( التي كانت تتألف في ذلك الوقت من كل من:بلجيكا، دانمارك، ألمانيا، فرنسا، ايرلندا، إيطاليا، لوكسمبورغ، بريطانيا،الأراضي المنخفضة )، حيث عبرت تلك الاتفاقية عن رغبة مشتركة لتقوية التعاون الاقتصادي والاجتماعي بين سوريا ودول المجموعة، وإقامة نموذج جديد من العلاقات بين الدول المتقدمة والدول النامية، التي تساهم فيها المجموعة بإحداث تنمية اقتصادية واجتماعية تتناسب مع الخطط والبرامج الصناعية التي كانت تقام في سوريا. إن ما يميز هذه الاتفاقية هو الاعتراف بوجود تفاوت في النمو والإمكانات الاقتصادية من قبل الدول الأطراف المعنية، وبالتالي منح الطرف الأقل نمواً(سوريا) مزايا وإعفاءات غير متبادلة، حيث تنص الفقرة الأولى من المادة 23 بأنه يحق لسوريا أن تدخل في نظامها التجاري بالنسبة للمجموعة رسوماً جمركية جديدة و ضرائب ذات أثر معادل أو تقييدات كمية جديدة ذات أثر معادل، وأن تزيد الرسوم والضرائب أو التقييدات الكمية والإجراءات ذات الأثر المعادل المطبقة على المنتجات المستوردة من المجموعة أو المصدرة المعادل المطبقة على المنتجات المستوردة من المجموعة أو المصدرة إليها طالما أن هذه الإجراءات ضرورية لحاجات تصنيعها وتنميتها، وتبلغ هذه الإجراءات إلى المجموعة(ككيان واحد)[30].
وفيما يتعلق بتنظيم قضايا المنشأ الوطني، فقد حددت المادة 26(البروتوكول 2) من الاتفاقية شروط اكتساب السلعة صفة المنشأ الوطني، كما حددت شروط الأفضلية التي تمنح للمنتجات "ذات المنشأ السوري، لأن هذا الاتفاق لم يطلب من سوريا أي معاملة تفضيلية خاصة لمنتجات المجموعة الأوروبية" على النحو التالي:
أن تكون المنتجات من منشأ سوري. وقد حددت الاتفاقية شرط المنشأ الوطني للمنتجات السورية على النحو التالي[31]:
- أن يتم الحصول عليها بالكامل في سوريا
- أن يتم الحصول عليه من سوريا غير أنه قد دخلت في صنعه منتجات لم يتم الحصول عليها بكاملها من سوريا، شريطة أن تكون قد خضعت لعمليات تصنيع وتحويل كافية وفق أحكام مبينة في الملحق(د) الوارد في دليل اتفاقية التعاون، غير أن هذا الشرط لا ينطبق على المنتجات التي منشؤها المجموعة الأوروبية.
- أن يتم نقل المنتجات مباشرة إلى الدولة المستوردة ويستثنى من ذلك الأحوال التي تقتضيها الظروف الجغرافية للنقل، بشرط أن تبقى تحت رقابة الجمارك في بلد العبور دون أن يجري عليها أي عملية غير تلك التي تقتضيها عمليات النقل والحفاظ على سلامة المنتجات.
- أن تكون المنتجات مرفقة بشهادة منشأ حركية أوروبية(EUR1).
الشراكة السورية- الأوروبية:
يسعى الجانب الأوروبي إلى تطوير الاتفاق السابق إلى مستوى الشراكة، بحيث تنعكس أثاره على المناحي المختلفة الاجتماعية والأمنية والاقتصادية على ضفتي المتوسط، كمشروع أكثر تقدماً، وأكثر انسجاماً مع متطلبات الترابطات الاقتصادية العالمية المتنامية(العولمة المتزايدة)،وقد أنجزت كل الدول المتوسطية إجراءات الشراكة باستثناء سوريا، التي تعد – على الرغم من ذلك –الشريك التجاري الأول لسوريا من حيث الصادرات والواردات، حيث تشكل الواردات السورية من دول الاتحاد الأوروبي حوالي ثلث وارداتها، بينما تزيد صادراتها عن ثلثي صادراتها السنوية( بلغت عام 2000، 64.9% من إجمالي الصادرات السورية[32]) .
ملاحظات على موضوع الشراكة:
من حيث المبدأ ينطوي مفهوم الشراكة على وجود طرفين متوازيين من حيث القوة(بالمفهوم العام)، وبالتالي توازن بالمصالح والفوائد الناجمة عن تلك الشراكة، بمعنى، توحد الشروط المطلوبة من الدول المنضمة إلى هذا المفهوم بغض النظر عن تفاوتها فيما يتعلق بالنمو وبالإمكانيات الاقتصادية، وبالتالي إلغاء المزايا والإعفاءات(غير المتبادلة) التي كانت تمنح للدول الأقل نمواُ، بينما واقع الحال يؤكد وجود تفاوت هائل بين أطراف الشراكة وأنها تتم بين قوي وضعيف، أو تابع ومتبوع، وهذا يعني ترسيخ التمايز القائم وتعميقه بين الدول المتشاركة وتمايز المنافع المتحصلة عن الشراكة لجهة ومصلحة الطرف الأقوى، وهو هنا الدول الأوروبية، على الرغم أن الاتفاق يبقى مشروطاً بمبدأين هما التدرج والمرحلية والمساعدة في تطوير الاقتصاد السوري ورفع قدرته التنافسية.
الصعوبات التي تعترض طريق الشراكة :
هناك نوعين من الصعوبات التي تعوق إنجاز اتفاق الشراكة،يتمثل النوع الأول بالفوارق الهائلة في مستويات النمو والقضايا الاقتصادية الأخرى التي تجعل من الطرف الأضعف( سوريا) تتريث كثيراً وتدقق كثيراً في كل قضية خلافية، مهما صغرت، من أجل الحصول على أفضل المزايا المتاحة أو على الأقل تجنب الدخول غير الآمن أو الآثار السلبية التي ستنعكس على الاقتصاد السوري جراء دخوله في اتفاقيات الشراكة، وهذا ما جعل سوريا تحتاج إلى كل هذه الجولات من المفاوضات(10جولات لغاية آذار2003)[33] وما زال هناك الكثير يجب إنجازه قبل إتمام الشراكة، أما النوع الثاني من الصعوبات، فيتجلى بوجود خلافات في تطبيق كثير من الإجراءات التجارية بين سوريا من جهة ودول الاتحاد الأوروبي من جهة ثانية، من هذه الإجراءات على سبيل المثال:
- اختلاف المبادئ المعتمدة في عملية التقييم الجمركي للسلع المستوردة بين بلدان الشراكة وسوريا، حيث تأخذ سوريا بقيمة العملية التجارية وفق نظام بروكسل[34]، بينما تأخذ دول الاتحاد بقيمة الصفقة التجارية المعتمدة وفق نظام منظمة التجارة العالمية، وهذا سيؤدي إلى صعوبات في تدفق السلع ما بين سوريا ودول الاتحاد.
- اختلاف نظم أسعار الصرف المعتمدة في كلا الطرفين، حيث تعتمد سوريا على نظلم أسعار صرف متعدد، وهذه من المشاكل التي تتجه نحو الحل.
- اختلاف المبدأ في منح السلعة صفة المنشأ الوطني في كلا الطرفين، وفق المنشأ المطبقة ( القيمة المضافة، نسبة المكون المحلي، عمليات التصنيع) حيث ترتفع نسبة المكون المحلي المطلوبة لمنح السلعة صفة المنشأ الوطني إلى(60-70%) وفق قواعد المنشأ الأوروبية، بينما تسعى سوريا إلى تخفيض هذه النسبة إلى 40%[35](النسبة التي تطبقها في اتفاقياتها التجارية الثنائية أو المتعددة الأطراف، الأجنبية والعربية)، كما تطالب سوريا بمعاملة أقل تشدداً لجهة قواعد المنشأ من القواعد المطبقة مع الدول الأخرى، ومنح سوريا تساهلاً في القيمة والوزن بالنسبة للمواد الأولية التي تستورد من خارج دول الاتحاد أو الدول المتوسطية بـ 10نقاط، وتقبل القيمة المضافة للمنتجات السورية بنسبة أقل من 10 نقاط على أن تبقى الصناعات الناشئة معفاة بغض النظر عن زمن إقامتها، إضافة إلى قضايا التراكم الإقليمي للمنشأ التي تطالب بها سوريا، التي تتيح لها إمكانية موافقة السلع السورية قواعد المنشأ المطبقة، على الرغم من وجود نسبة مكون أجنبي عالية في السلعة السورية،باعتبار أن الصناعة تقوم في أساسها على مبدأ التراكم وخاصة في موضوع المواد الأولية ونصف المصنعة، ومن جهة ثانية باعتبار أن هذا المكون هو في غالبيته من دول الاتحاد نفسها.
- اختلاف المبدأ في احتساب بعض الرسوم المستوفاة على السلع المستوردة بين الطرفين، مثل الرسم القنصلي[36]، حيث ينظر إليه الاتحاد الأوروبي على أنه رسم مقابل خدمة، وبالتالي لا يجوز استيفاؤه بنسبة عالية من القيمة، بل كمبلغ مقطوع وفق ما هو معمول به وفق أنظمة منظمة التجارة العالمية.
- هناك اختلاف جوهري بين كلا الطرفين، من حيث النظرة إلى أهداف التجارة الدولية، تبعاً لحاجة كل منهما و لاختلاف النهج الاقتصادي السائد في كل منهما(على الرغم أن سوريا تقوم حالياً بموجة من الإصلاحات الاقتصادية التي ستؤدي في حال إتمامها إلى توحد ذلك النهج)، حيث ينظر الجانب السوري على أنها وسيلة لتحقيق نقل التكنولوجيا والمعارف العلمية في مجالات الإنتاج وتطوير مستوى التقانة والتصنيع في سوريا، ولتقديم المساعدات المادية لبرامج التطوير التي تنفذها سوريا، وبما يحقق النمو والازدهار للاقتصاد السوري، وهي تستخدم لذلك بعض السياسات لتحقيق هذا الغرض، مثل رقابة المؤسسات العامة على عمليات الاستيراد والتصدير أو قيامها مباشرة بهذه النشاطات،أو ربط عمليات الاستيراد بالتصدير، أو استيفاء بعض الرسوم التي تعد غير ضرورية من الوجهة الاقتصادية، بينما تريده دول الاتحاد سوقا إضافية لتصريف المنتجات والسلع الأوروبية بالإضافة لأهداف أخرى تتعلق بقضايا غير اقتصادية، سياسية وأمنية تتعلق بالإرهاب ومكافحة الجريمة المنظمة والهجرة والعدالة الاجتماعية وغيرها.
- تتجلى الصعوبة السابقة من خلال كون دول الاتحاد عضواً أساسياً وفاعلاً في منظمة التجارة العالمية( الأداة الأساسية لتحرير التجارة الدولية)، بينما لا تزال سوريا في طور المفاوضات للانضمام إلى هذه المنظمة، وإن كان من الممكن اعتبار أن سعي سوريا للانضمام إليها، يعد بمثابة موافقة ضمنية على الشروط التي تحددها في مجال تحرير التبادل التجاري.
المطلب الرابع : تقييم العلاقات التجارية السورية
إن تقييم أي عملية تجارية وتقدير ربحيتها، إنما يستوجب بداية تحديد عناصر هذه العملية ومن ثم تحليل هذه العناصر، وكمرحلة أخيرة قياس مخرجات هذه العملية مع ما هو مخطط أو مرغوب به كأهداف لهذه العملية، وبالتالي نحن أمام ثلاث مكونات، تشكل دراستها الأساس الذي يجب الاستناد إليه لمقارنة الأهداف المرسومة مع النتائج المحققة، ويمكننا أن نجد:
فيما يتعلق بالمكون الأول، يمكن التمييز بين ثلاث عناصر تتكون منها العملية التجارية، وهذه العناصر هي: السلع المعدة للتصدير، والاتفاقيات التجارية التي تنظم عملية التجارة، والعنصر الأخير هو الأهداف المتوخاة من هذه العملية.
وبتحليل هذه العناصر نجد أن هناك نوعين من السلع المعدة للتصدير، يتمثل النوع بوجود فوائض من السلع يجب تصريفها في الأسواق الخارجية، أما النوع الثاني فيتمثل بوجود سلع هامة يمكن أن تحقق لنا منافع معينة من تصديرها على الرغم من عدم وجود فوائض من هذه السلع، ويخضع كل نوع منها إلى اعتبارات مختلفة عند اتخاذ قرار التصدير، تتعلق تلك الاعتبارات بقياس مخرجات هذه العملية بمقاييس الكفاءة الاقتصادية أو التجارية، التي تتحدد بمقدار المنافع المتحققة من التبادل التجاري بين سوريا والدول العربية أو الأجنبية، وبنسبة تغطية الصادرات للواردات، أي قدرة الصادرات على توفير القطع الأجنبي اللازم لتغطية الواردات من السلع المختلفة، الاستهلاكية منها والرأسمالية، التي تحتاجها عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، أو تغطية حاجة السوق الداخلية من هذه السلع، التي تعد الغاية الأهم من العلاقات التجارية، وفي هذا الإطار نجد أن كلا من النوعين السابقين لا يحقق الأهداف المرجوة منه، ففي مجال السلع التي يوجد فوائض منها، فهي على الأغلب سلع بسيطة تقع في بداية السلسلة التكنولوجية ولا تحقق إلا حداً أدنى من القيمة المضافة، أما النوع الثاني، الذي يشكل أيضا سلعاً في بداية السلسلة التكنولوجية، إلا أنها تتمتع بأهمية خاصة وتصنف ضمن السلع الحساسة أو الاستراتيجية، ولا تخضع لشروط الاتفاقيات التجارية التقليدية، بل تعامل معاملة خاصة أثناء تبادلها لصالح الدول المستوردة لها، وبالتالي فهي تمثل خسارة استراتيجية، من حيث أننا لم نحسن توظيف حساسيتها وأهميتها للحصول على منافع تعادل تلك الحساسية، ومن جهة أخرى وجود فجوة واسعة بين المنافع المتحصلة، وبين المنافع التي تم التخلي عنها، تتمثل هذه السلع بشكل أساسي بالنفط ومشتقاته الأساسية، أما من حيث النوع الثالث، أي الصادرات السلعية، فهي لا تشكل إلا نسبة بسيطة من إجمالي الصادرات.
أما من حيث الأهداف المتوخاة التي تمثل منافع مطلوب الحصول عليها ، فإننا نجد الصادرات السورية عاجزة عن تحقيق أي منها، فلا الفجوة بين الصادرات والواردات تم ردمها، بل إننا نجد عجزاً متناميا في الميزان التجاري السوري، ولا هي ساهمت في تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية شاملة بل على العكس من ذلك تشكل استنزافا مستمراً للموارد الوطنية المختلفة.
وحتى يتمتع تحليلنا بالمصداقية ،سندخل لغة الأرقام والحسابات في مجال البحث لإثبات ما تم التوصل إليه من نتائج:
فمن حيث السلع المعدة للتصدير نجد أن هيكلها السلعي يتشكل بنسبة كبيرة منه من المواد الأولية والخام ( تتراوح هذه النسبة بين حوالي 51%كحد أدنى في عام1990، وبين حوالي 83% عام 1996، وتراوحت في السنين التالية حوالي نسبة الـ80% وسطيا[37])، وغني عن البيان أن هذا يعني أن أكثر من ثلثي الصادرات السورية تحقق قيمة مضافة في حدها الأدنى من جهة، ومن جهة ثانية تصنف ضمن السلع الحساسة(بسبب وجود النفط ضمن هذه المجموعة، الذي يصنف عالمياً كسلعة حساسة لا تخضع لشروط وأنظمة التجارة الدولية، وبالتالي أسقطت هذه الورقة التي كان من الممكن استخدامها لتحسين شروط التجارة لصالحنا) بل تخضع لمعاملة خاصة، هي في الأغلب لصالح الدول المستوردة لها، بينما لا تشكل الصادرات من المواد المصنعة ونصف المصنوعة إلا أقل من 20%، وهذه بدورها لا تحقق إلا قيمة مضافة بسيطة، بسبب قلة عمليات التحويل التي تتم عليها من جهة، ومن جهة ثانية أن معظم المواد الأولية المستخدمة فيها مستوردة من الخارج، وبالتالي فهي لا تحقق شروط اكتساب صفة المنشأ الوطني التي تخولها الحصول على مزايا ومكتسبات عند مبادلتها في الأسواق الدولية.
فمن حيث مساهمة قطاع التجارة الخارجية في تكوين الناتج المحلي الإجمالي، فقد تراجعت بشكل مضطرد خلال السنوات الأخيرة حيث بلغت 14.21%في عام 1997، وهو ينقص بمقدار 10% عن عام 1991، وتراجعت إلى أدنى مستوى لها في عام 2000 كما يبين الجدول التالي:
الإنتاج الإجمالي بسعر السوق (بملايين الليرات)
البيان
|
1990
|
1995
|
1996
|
1997
|
1998
|
1999
|
2000
|
2001
|
الناتج المحلي الإجمالي بسعر السوق
|
268328
|
570975
|
690857
|
745569
|
790444
|
819092
|
903944
|
947808
|
مجموع الاستيراد والتصدير
|
79479
|
116024
|
125658
|
105949
|
96516
|
104366
|
105254
|
124680
|
النسبة %
|
29.6
|
20.3
|
18.18
|
14.21
|
12.21
|
12.74
|
11.64
|
13.15
|
المصدر: الجدول محسوب من مجموعة جداول إحصائية من موقع مكتب الاستثمار على شبكة الإنترنت، 2003.
: تم حساب أرقام 2000 و 2001 بالنسبة لمجموع الاستيراد والتصدير وفقاً لأسعار الدولار السائد في السنوات السابقة حتى يكون المؤشر دقيقاً،لأن الحساب وفق سعر الدولار الذي أصبح في عام 2000 ، 46.5ل.س للواردات، و46 ل.س للصادرات، يجعل حصة التجارة الخارجية من الناتج القومي تفوق نسبة الـ 50%، وهذا غير دقيق.
ومن حيث تغطية الصادرات للواردات خلال نفس الفترة فإننا نجد – حسب معطيات الجدول التالي – أن هذه النسبة غير مستقرة، فهي تنقص تارة وتعود للارتفاع مرة أخرى، وهذا يعكس السياسات التي تعتمدها الدولة للحد من تفاقم العجز في ميزان المدفوعات .
(القيمة بملايين الليرات)
العام
|
1990
|
1995
|
1996
|
1997
|
1998
|
1999
|
2000
|
2001
|
الصادرات
|
47282
|
44562
|
44887
|
43953
|
32443
|
38880
|
216190
|
243179
|
الواردات
|
26936
|
52856
|
60385
|
45211
|
43724
|
43010
|
187535
|
220744
|
نسبة تغطية الواردات
|
1.75
|
84.3
|
74.33
|
97.21
|
74.19
|
90.39
|
1.15
|
1.1
|
المصدر: الجدول محسوب من قبل الباحث اعتماداً على جداول وبيانات إحصائية من موقع مكتب الاستثمار على شبكة الإنترنت 2003.
لم نتمكن من الحصول على بيانات دقيقة تتعلق بالقيمة المضافة المتحققة في كل سلعة مصدرة ليتم قياس مقدار الفائدة التي تتحقق من عمليات التجارة الخارجية، ولكن يمكننا قياس ذلك من خلال دراسة حالتين متطرفتين من السلع التي نصدرها أو نستوردها بشكل شبه كامل، وفق الجدول التالي:
القيمة بملايين الليرات
المادة
|
الاستيراد
|
التصدير
|
إجمالي الواردات
|
إجمالي الصادرات
|
آلات المكاتب والمحاسبة وآلات الحساب الإلكتروني
|
152.317
|
0.02
|
43724.9
|
38880.5
|
أجهزة راديو وتلفزيون
|
389.161
|
2.459
| ||
مكنات مكتبية وأوتوماتيكية لتجهيز البيانات
|
189.717
|
0.02
| ||
أجهزة ومعدات الاتصالات السلكية واللاسلكية
|
195.583
|
1.201
| ||
لوازم سفر وحقائب جلدية
|
0.265
|
29.214
|
المصدر: الجدول محسوب من قبل الباحث اعتماداً على بيانات المجموعة الإحصائية السورية لعام 2000 ص 312-324
بمقارنة السلع في الجدول السابق نلاحظ أن السلع التي نستوردها بالكامل هي غالباً السلع المصنعة التي تحقق قيمة مضافة عالية، بينما السلع التي نصدرها على الأغلب تكون في شكلها الأولي ولا تحقق إلا قيمة مضافة ضئيلة جداً.
خلاصة:
على الرغم من قيام علاقات تجارية واسعة بين سوريا ودول العالم، تبقى المنافع المحققة وعوائد تلك العلاقات هي في حدها الأدنى بسبب تخلف القطاع الإنتاجي وضعف بنيانه وعدم قدرة الاقتصاد الوطني على تحقيق قيمة مضافة عالية، وخاصة في جانب الصادرات السلعية المنظورة التي ترتبط ارتباطاً عضوياً بقضايا المنشأ الوطني، يضاف إلى ذلك،ضعفاً في جانب الصادرات غير المنظورة(الخدمات)وعدم قدرتها على المنافسة في الأسواق الدولية، وبالتالي يبقى التحدي الرئيسي الذي يجب مواجهته هو تحديث القطاع الصناعي الإنتاجي وتوفير البنية الأساسية التي تجعل منه قاطرة للاقتصاد الوطني.
[1] - انظر د: مطانيوس حبيب، الاقتصاد السوري ومتطلبات الشراكة السورية – الأوروبية، جمعية العلوم الاقتصادية السورية، دمشق 1999، ص 2
[2] - انظر د: خالد عبد النور، تأهيل القطاع الصناعي السوري واقع وآفاق، جمعية العلوم الاقتصادية السورية، دمشق 2000.
[3] - انظر د: عدنان سليمان،الاقتصاد السوري وتحديات العولمة، محاضرة ألقيت في إطار نشاطات جمعية العلوم الاقتصادية السورية، دمشق 2000.
[4] - انظر د :خالد عبد النور، تأهيل القطاع الصناعي السوري واقع وآفاق،جمعية العلوم الاقتصادية السورية، دمشق، الرقم يمثل متوسط التكلفة الاستثمارية للعامل الواحد في الاستثمارات الصناعية التي نفذت في عامي 1996-1997.
[5] - انظر سمير سعيفان ، الاقتصاد السوري أكثر من نظرة وأقل من ورقة عمل، ندوة بعنوان" الاقتصاد السوري إلى أين" دمشق تشرين ثاني 2001.
[6] - يبين الشكلان 1 و 2 أهمية الصناعة والترابطات التي تيمها مع باقي قطاعات الاقتصاد الوطني. انظر د:غسان محمود إبراهيم،سياسات التصنيع العربية، المركز العربي للدراسات الاستراتيجية العدد 9 السنة الثانية ،دمشق 1998،
[7] - د : صموئيل عبود، قطاع خاص بدون خصخصة، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت شباط 1999، الطبعة الأولى ص 437 وما بعدها.
معيار الحجم: صناعات كبيرة الحجم،و متوسطة الحجم، وصغيرة الحجم.
معيار الهدف النهائي للإنتاج: صناعات استهلاكية ، وسيطة ، رأسمالية.
معيار مصدر الخامات: زراعة أو تعدين.
معيار التقانة المستخدمة: صناعات كثيفة العمل أو كثيفة رأس المال أو كثيفة المواد.
معيار الأسواق: وهو المعيار الذي يهمنا في هذا البحث، وتم تصنيف السياسات التصنيعية على أساسه، باعتبار أن ما يهمنا هو مدى المنافع المتحققة من التجارة الخارجية وفقاً لمعيار المنشأ الوطني.
انظر: د : غسان إبراهيم سياسات التصنيع العربية ، المركز العربي للدراسات الاستراتيجية ،العدد9، السنة الثانية، دمشق 1998.
البعض سماها مناهج صناعية وحدد أربع مناهج: منهج بدائل الاستيراد، منهج المشاركة( تقديم التجهيزات الرأسمالية والخبرات الفنية من قبل الشركات الدولية ، هذا الشكل لم يطبق في سوريا)منهج التصدير، منهج الصناعات الثقيلة.
انظر: د: يوسف حلباوي ، الصناعة والتكامل الاقتصادي العربي، دار طلاس، الطبعة الأولى، دمشق 1989 ، ص121 وما بعدها.
[9] - انظر د : محمد توفيق سماق، سياسات التصنيع في سورية – تجارب الماضي وضرورات المستقبل، مؤسسة علا للصحافة والطباعة والنشر، دمشق، لم تذكر سنة النشر.
[11] - تم تخفيض الرسوم الجمركية المفروضة على المواد الأولية المستوردة الداخلة في الإنتاج الصناعي، والتي لا تصنع محلياً لتصبح 1% فقط، انظر: غرفة تجارة دمشق ، تقرير حول ملامح الاقتصاد السوري، دمشق 2001.
د: محمد العمادي، أضواء على بعض أوجه سياستنا الاقتصادية – ندوة الثلاثاء الاقتصادية –1992،ص34 وما بعدها.
محسن هلال،تنمية الصادرات السورية في ضوء النظام التجاري الدولي الجديد – غرفة تجارة دمشق –1997،ص30 وما بعدها.
[13] -د : مطانيوس حبيب، آفاق الاقتصاد السوري في ندوة لمركز الرضا بدمشق" الندوة الاقتصادية الثانية 2000"
[22] - انظر sham press ، صحيفة إلكترونية تصدرها مجموعة الإعلام المستقلة بدمشق،الاقتصاد السوري في مرحلة انتقال، دمشق 6/4/2003. ورد هذا الرقم في تقرير مناخ الاستثمار في سوريا لعام 2001، الصادر عن مكتب الاستثمار في الجمهورية العربية السورية 0.2%.
[23] - تشكل هذه المواد نسبة 81.6%( منها 68.1 نفط خام) من إجمالي الصادرات السورية لعام 2000، غرفة تجارة دمشق، 2001 ، ملامح الاقتصاد السوري، مرجع سابق.
[24] - انظر المجموعات الإحصائية السورية للأعوام،1999،2000،2001،2002، بيانات التجارة الخارجية، المكتب المركزي للإحصاء دمشق.
[27] - انظر تقرير المجلس الأعلى السوري اللبناني عن التبادل التجاري في عام 2002، Almostaqbal newspaper،الثلاثاء 6 أيار 2003.
[29] - انظر الاتفاقيات التجارية بين سوريا والبلدان الأجنبية، غرفة تجارة دمشق، دمشق 1999،ص44 وما بعدها.
[31] - انظر دليل حول تطبيق اتفاقية التعاون بين المجموعة الاقتصادية الأوروبية والجمهورية العربية السورية. المجموعة الاقتصادية الأوروبية بدمشق، ص10.
[32] -انظر : عقبات تواجه اتفاق الشراكة بين سوريا والاتحاد الأوروبي، جريدة البيان بيان الأربعاء، العدد157،6 نوفمبر 2002.
[33] - تنقسم المحادثات بين الجانب السوري والأوروبي إلى مرحلتين: الأولى هي مرحلة المحادثات الاستكشافية وعددها أربع جولات بدأت في شهر تموز 1996 وعلى مدى عام كامل، بدأت بعدها مرحلة المحادثات الرسمية في فبراير 1998 ومازالت مستمرة حتى الآن.
[34] - لقد تم تجاوز هذه الصعوبة باعتبار أن سوريا طبقت التعريفة المنسقة وفق نظام (H.S)،اعتباراً من بداية عام 2001. انظر تقرير الأربعاء جريدة البيان ، المرجع السابق.
[35] - انظر التقرير الكامل للاجتماعات الفنية حول الشراكة السورية – الأوروبية، المنعقدة في بروكسل خلال الفترة 30/9-1/10/2002،مجلة الاقتصادية، عدد 71، الإصدار الإلكتروني دمشق تشرين الثاني 2003 .
[36] - تفرض سورية رسماً قنصلياً مقداره 3% من قيمة السلع المستوردة ، تستوفى قيمته في السفارات السورية في الخارج، عند تصديق تلك السفارات لشهادة منشأ السلع المستوردة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق