حوض الحجر الرملي النوبي
رؤية سودانية
أجانق موييك أجانق
Email : sadeek2002@hotmail.com
سودانايل - بيروت – لبنان - 25/4/2007م :
مقدمة
لما كان موضوع المياه هو الذي سيواجهه العالم في هذا القرن يشير العلماء والباحثون الضليعون في هذا المجال , بأنه سيكون سبباً مباشراً من أسباب الحروب في هذا القرن أو بعده, لأن كمية مياه الشرب الصالحة لا تفي العدد المتزايد من سكان العالم و لذا إخترت من الأسباب المتعددة الآتية:-
- أهمية الموارد الطبيعية في زمان إزدادت الحاجة إليها و تنامت بتنامي عدد السكان و الحاجة إلى التنمية مم يتطلب معه طبيعة الحصر الشامل والدقيق لكل توريد متاح نحو الإستغلال الأمثل .
- والمناقب الإستراتيجية والأمنية المتعلقة بهذه الموارد بحسبانها أما مصدر طمع من القوى الأخرى تسعى إلى السيطرة على منابعها أو الشراكة في تقاسم عائدها.
والأهداف التي نتوخاها في هذا البحث على الرغم من قصرها:-
- التعريف والتنوير بصدر طبيعى ومورد هام من الموارد الحيوية التي يتوجب صيانتها والحفاظ عليها وتنميتها.
- طرح وتعميم المقترحات بآليات العمل والتنفيذ.
- وضع المسألة برمتها في سياق الإستراتيجية الهامة والإستفادة القصوى من السوانح لجعلها بطاقة أفضلية وفيرة في التفاوض المستقبلي.
- تعريف الجيل القادم بأن المستقبل يتطلب إهتماما بتعميق وطرق أسباب البحث العلمي والتسلح بالعلم والإيمان.
الفصل الأول
إدارة مشروع حوض الحجر الرملي النوبي والهيئة المشتركة لدراسة وتنمية خزان الحجر الرملي:-
حوض الحجر الرملي النوبي هو عبارة عن خزان جوفي للمياه تبلغ مساحته تقريبا مليونى كيلو متر مربع , وتقع هذه المساحة المتصلة داخل حدود أربعة دول , هي السودان ,جمهورية مصر العربية ,الجماهرية العربية الليبية ,جمهورية تشاد.
قسمة دول الحوض من المياه:-
أولاً - السودان:
المساحة المقدرة والواقعة داخل حدود السودان حوالى(750) سبعمائة وخمسون ألف كيلو مترا مربعا , أي حوالى 37,5 % من مساحة الحوض الكلية ألا وهي تضم ولايات شمال دارفور , شمال كردفان , والشمالية على الحدود المصرية مع السودان . وهي أشد مناطق السودان تعرضاً لجفاف منذ عام 1985م ,والجهود والبحث مستمرة من الجانب السوداني لزراعة الأحزمة الشجرية , وتعمير هذه المناطق .
تعتبر تنمية حوض الحجر الرملي النوبي حجر الزاوية للبرامج التى قد تؤدي إلى تحقيق الأمن الغذائي وإصلاح مشاريع القمح بالشمالية في المستقبل , وذلك بوقف الزحف الصحراوي بري هذه المناطق وزراعتها , بالرغم من أنه لم يتم دراسة هذا الخزان الجوفي دراسة علمية مكثفة لتحديد المخزون المائي فيه , وطريقة وكمية التغذية السنوية وبالذات تحديداً على الجزء الذى يلي السودان , إلا أن هناك دراسات متناثرة تشير إلى وجود مخزون كبير يمكن الإستفادة منه وتنمية حقيقية مستدامة أو نوعية للمياه المتوفرة فيه وتعتبر صالحة للاستخدامات المختلفة وإن معظم التغذية السنوية له تأتي من النظام النيلي في السودان وترسيب مياه الأمطار.
ثانيا: قسمة دولة تشاد:-
يغطي الحوض شمال تشاد في مساحة (200000) مائتين ألف كيلو متر مربعاً.
ثالثا: ما تلى جمهورية مصر العربية:
يغطى الحوض في أراضي مصر مساحة 650.000 كيلو متر مربعاً فى الصحراء الغربية بما فيه الواحات الجديدة (البحرية – القرقرة - دهلا – الخارجة – واحات سيوا شرق العوينات بمنطقة أسوان كجزء من الصحراء الشرقية ثم سيناء ) وأحد الأهداف المصرية هو الإستفادة من حوض الحجر الرملي النوبي في تنمية وإستقرار المواطن في هذه المنطقة , وبالتالى تخفيف العبء على الواحات المكتظة بالسكان وتوفير فرص عمل في الأماكن المعمرة.
تجرى حفريات في مناطق تقدر كمية المياه فيها بخمسمائة وسبعون مليون متر مكعباً في العام قد تصل في المستقبل لإلى ثلاثة آلاف وخمسمائة ألف (3500) مليون متر مكعبا في العام , يمكن أن يستفاد من مساحة خمسمائة ألف (500000) فدان في المناطق الصحراوية.
رابعا: الجانب الذى يلي الجماهيرية الليبية:-
يقع حوض الحجر الرملي النوبي في ليبيا في مساحة حوالي أربعمائة ألف (400000) كيلو متر مربعا جنوب غرب وجنوب شرق ليبيا في منطقة مرزوق – الكفرة – حوض سارير, حيث أثبتت الدراسات الأولية العشرين عام الماضية أنه يمكن تحويل كميات من المياه المتوفره هنا والتي تبلغ حوالي مليوني متر مكعباً من الحوض الجوفي الواقع جنوب ليبيا إلى تجاه الشمال.
بالرغم أن هناك دراسات أخرى مغايرة متوفرة تشير إلى عدم إرتباط الجزء السوداني من الحوض بالأجزاء الأخرى في كل من مصر وليبيا وتشاد إلا إذا قامت إحدى هذه الدول بعمل إنشائات قرب الحدود السودانية حيث يستتغرق تأثير ذلك على السحب فى الحوض السوداني بعد آلاف من السنين , إلا أن الباحثين السودانين لا يعولون على هذه الدراسة كثيراً لأن هذه الدراسات أنجز بها باحثون مصريون وليبيون دون أن تطلع السودان وتشاد , لذا فإن دراسات تعمير الصحراء مستمرة .
أما ليبيا فقد إستطاعت أن تحقق حلم النهر العظيم منذ عام1983 بهدف الإستفادة من مياهها الجوفية ذلك على خمسة مراحل من المفترض إن تكون قد إنتهت عام2000 وذلك للأغراض الزراعية وتنمية منطقة الصحراء , أيضاً الإستفادة من الكتل الجليدية التى كانت قد إنغمرت داخل حدودها في زمان سابق.
إن الحاجة لمزيد من كميات وافرة من المياه قد زاد , لذا جرى ويجرى البحث عن مصادر مياه جوفية , لأن المياه المستخدمة للأغراض الزراعية الآن هي المسؤلة عن الحاجة الملحة للبحث عن كميات إضافية تزيد عن 85% من المياه الجوفية لديها , فمثلا قدرت المساحات المروية في ليبيا عام1990 ب (470.000) أربعمائة وسبعون ألف هكتار, بلغت إستخدامات المياه لأغراض الزراعة في المجالات المختلفة حوالي (4275) أربعمائة ألف ومائتين وخمس وسبعون بليون متر مكعبا فى العام .
بالمقارنة بالنسبة لسودان وتشاد فلم تستغلا مياهها الجوفية عموما وهاتان الدولتان تشتركان في (منطقة الحزام السودانى) فى أن جملتها صحراوية جافة وشبه جافة يحترف قاطنوها الرعى والزراعة المحدودة , خاصة المناطق التى تلى السودان مصر و ليبيا وتشاد , والتى تتشابه فيها أيضاً المشكلات السياسية والظروف الإجتماعية والصحية من حيث الحاجة الى التنمية مع زيادة الحاجات العاجلة للإنسان فيها , مما يحتم إتباع سياسات تنموية رشيدة مما تطلبها قضايا التنمية لتحقيق الإستقرار الإجتماعى والإقتصادى . أما السياسات غير الرشيدة فى هذه المناطق فتنتهى من حيث المبدأ إلى أجندة غير منتهية لقضايا العصر قد تؤدى فى المستقبل إلى نزاعات سياسية داخلية و إقليمية . بيد أن هذه الدول التى تقع مساحات شاسعة منها فى المناطق الجافة وشبه الجافة قد أطلعت على هذه المشكلات فحاولت أن تركز فى مقابلة التحديات الملحة التى أملتها الحاجة لتنمية مناطقها على نحو ما فعلت مصر وليبيا اللتان أنشأتا الهيئة المشتركة لدراسة وتنمية خزان الحجر الرملى النوبى.
الفصل الثانى
إدارة الهيئة المشتركة لدراسة وتنمية حوض الحجر الرملي النوبي
في تعاون مشترك أنشأت كل من جمهورية مصر العربية والجماهيرية العربية الليبيه هيئة مشتركة لدراسة وتنمية حوض الحجر الرملي النوبي ووقعتا علي المحضر في 6/8/1992 وأصبح المحضر ساي المفعول في 7/10/1992.
تقرر في هذا التعاون , إنشاء هيئة لدراسة و إستثمار مياه حوض الحجر الرملي النوبي لصالح الدول المشتركة في هذا الخزان , كما أجازتا أحقية إنضمام أي دولة من دول الحوض لهذه الهيئة وإتخزت ليبيا المقر الرئيسي لها. كما أنشأ فرع له في مدينة القاهرة , مع جواز أن تنشأ مكاتب في الدول الأعضاء الأخري. قدر أن تمرحل المشروع علي ثلاثة مراحل , حيث قدرت المرحلة الاولي والثانية بمبلغ (2.5) مليوني ونصف دولاًر أما المرحلة الثالثة فقدرة بحوالي (1.5) مليون دولار ذلك في عام 1992.
أهداف الهيئة هي:
- دراسة وتنمية وإستثمار الموارد المائية بحوض الحجر الرملي النوبي وحمايتها والمحافظة عليها بالإضافة إلى ترشيد إستخدام مياهها لخدمة التنمية الاقتصادية والإجتماعية الشاملة في الدول المشتركة في الحوض (السودان – تشاد – مصر – ليبيا).
- إعداد وتنفيذ الدراسات التكميلية المطلوبة لتحديد المعالم الشاملة لهذا الحوض من الناحيتين الكمية والنوعية.
- وضع برامج ومخططات إستغلال المياه وتقبل إقتراحات السياسات المشتركة في مجال تنمية وإستغلال الموارد المائية علي المستويين المحلي والإقليمي في تنفيذ السياسة المشتركة للموارد المائية ووضع الخطط والبرامج والاطراف اللازمة لتفيذها .
- إتفق علي أن تبنى الإدارة المائية لهذا الحوض على أسس علمية.
- العمل علي تحقيق التعاون في مجال التدريب والتأهيل المتعلق بالموارد المائية .
- العمل علي ترشيد إستهلاك مياه حوض الحجر الرملي النوبي.
- دراسة النواحي البيئية لتنمية الخزانات الجوفية ومقاومة التصحر والجفاف وإستخدامات الطاقة الجديدة والمتجدده.
- عقد الندوات ونشر المعلومات ذات الصلة بهذا الحوض مع توثيق الصلات بالمنظمات والهيئات الاقليمية والدولية ذات الصلة .
تطلب الهيئة المعلومات من الأجهزه الفنية المختصة في كل دولة وينبغي أن تزودها هذه الأجهزة بالبيانات المتعلقة بمهامها.
يتكون الهيكل الإدارى من ثلاثة أعضاء غير متفرقين يمثلون دولهم كرئاسة الهيئة لها في ليبيا أمين اللجنة الشعبية , ووزير الأشغال العامة والموارد المائية بجمهورية مصر العربية وكذلك نظرائهم في الدول المشتركة .
** مصادر تمويل الهيئة ونظامها المالى:
** تتحمل الدول المشاركة في ميزانية الهيئة بنسب متساوية لكل منها .
- تمنح هذه الدول الهيئة الإستقلالية والصلاحيات المالية للقيام بمسؤولياتها كاملة .
تعد إدارة الهيئة مشروع ميزانية سنوية تقدمها لمجلس إدارة الهيئة قبل ثلاثة أشهر للإعتماد النهائي.
- يبدأ العام المالي للهيئة مع بداية العام المالي لدولة المقر(ليبيا) .
- تحدد مجلس الإدارة المصارف التى سوف تودع فيها الإعتمادات المالية للهيئة طبقا لبنود الميزانية المعدة كما تعد الهيئة حسابا ختاميا في كل سنة .
دعوة السودان وتشاد للإشتراك في الهيئة المشتركة لدراسة وتنمية حوض الحجر الرملي النوبي:
- في ندوة الساحل والصحراء (sso ) المنعقدة بالقاهرة عام1993 إلتقى فنيون من السودان وتشاد برصفائهم من مصر وليبيا وإقترحوا بضرورة حث بلديهما لمخاطبة الهيئة للإنضمام لها .
- وفي إجتماع دعى إليه السودان فى نوفمبر عام1993 تمكنت الأطراف المعنية من تعديل اللائحة التنظيمية ليصبح السودان عضواً مؤسساً في الهيئة وعليه تقرر أن تتصل دولة المقر بالسودان لتطلب منه الإنضمام ومن ثم ترشيح ممثليها في عضوبة الهيئة .
ذكرت الصحف اليومية السودانية تكوين لجنة وزارية في هذا الخصوص بوزارة الرى لرفع توصيات محدودة حول إشتراك السودان في الهيئة المشتركة لدراسة وتنمية حوض الحجر الرملي النوبي إلا أنه لم تذكر التفاصيل , إلا أنه من المؤكد من واقع الحال أن هناك مزايا وفوائد عملية في إنضمام السودان في الهيئة إفترضها الباحث من وإطلاعه لبعض الدراسات المشابهة قد تكون من هذه المزايا :
- الحصول على معلومات إضافية حول الحوض , وكذلك الإطلاع على الدراسات التى قد تكون قد أعدتها الهيئة لإستقلال مياه الحوض , والسعي لتدريب الكوادر السودانية على برامج التنمية للإستفادة من المياة الجوفية .
- حفظ حق السودان من هذه المياه غير المتجددة لمواجهة الإلتزامات المستقباية لا سيما أن المساحات التى تقع في منطقة الحوض غير مأهولة بالسكان لأنها جافة أغلب الأحيان .
- الاستفادة من مياه الحوض لتنفيذ الإستراتيجية القومية الشاملة التى نصت على ضرورة إنتهاج برامج التنمية المكثفة بولايات السودان المختلفة , وكذلك بإستقلال موارد المياه السطحية والجوفية معاً .
- الحفاظ على التوازن البيئى في منطقة الصحراء وشبه الصحراء , وضمان عدم إستنزاف مياه الحوض بطريقة لا تخدم أغراض التنمية والتوازن البيئي.وضع أسس متينة لتعاون الفني في مجال الموارد المائية بين الدول المشتركة , وبالتالي تخفيف حدة التراعات التي قد تنشأ في المستقبل بسب شح المياه مع التناسب العكسى بين تزايد الطلب على المياه لقلتها والإنفجار السكاني الذي قد يطرأ في المستقبل في المنطقة , ونعتفد بأن التعاون في هذا المجال سيعمق روابط الوحدة السياسية بين هذه الدول مجتمعة .
ولتكملة الصورة رأينا بأن نثبت وجهات نظر علمية فنية غير رسمية لها آراء تختلف عما ذكرنا وبنظرهم للكيفية التى يرونا بها الهيئة المشتركة لدراسة وتنمية حوض الحجر اي ومن بين ما ذكروا :
1 . أن الهيئة تتولى وظائف ومسؤوليات خصماً على سيادة الدول الأعضاء وهي الإنفراد بالإدارة المائية للحوض وترشيد إستهلاك الدول لمياه الحوض .
2. أن الأثر الذي يلحقه هذا التقييد على السيادة ليست متساوية بالنسبة للأعضاء الذين يتوقع أن تشكل منهم الهيئة . فبينما تؤثر هذه القيود على حرية السودان وتشاد المستقبلية في التصرف على الأجزاء التى تقع ضمن إقليمها من الحوض لن تتضرر مصر وليبيا بذلك .
فمصر وليبيا مثلا قد يكونا قد خططا إقامة مشاريع أساسية لازمة للإستفادة من الحوض , بينما لم تبدأ أي من السودان وتشاد في إنشاء مشاريع للإستفادة من الحوض , وقد أنشأت كل من مصر وليبيا هذه الهيئة لتضمنا إستمرار تغذية الأجزاء الواقعة من الحوض في إقليمها , وذلك من خلال وضع الإدارة المائية للحوض على يد هيئة مشتركة بينهما , وترشيد إستهلاك السودان وتشاد ومن بعد ذلك إشراك هاتين الدولتين في التخطيط لكيفة إستغلال مخذونهما من قيام الهيئة بوضع البرامج والخطط والسياسات المشتركة لإستغلال مياه الحوض .
أن من المعروف أن تنازل أي بلد عن جزء من حقوقه السيادية لا يتم إلا نتيجة دافع قوي أو مقابل مجز , فما هو المقابل الذى سيحصل عليه السودان نظير تنازله عن جزء من حقوقه السيادية بإنضمامه لهذه الهيئة ؟
هل يعتبر الود بالحصول على التمويل من بعض المنظمات الدولية لمشاريع الهيئة هو المقابل ؟
وما هي هذه المشاريع التي ستقام ؟ وكم منها ستقام داخل السودان ؟ وما هو حجم التمويل المتوقع لهذه المشاريع ؟ وإذا كان الهدف هو تغذية الحوض هل يمثل ذلك مصلحة حقيقية تدفعنا لتنازل عن بعض حقوقنا السيادية في وقت لم يستغل فيه أصلا أي جزء من منخزوننا ؟ أم إن سبب إنضمامنا هو تخوفنا من أن يكون بإمكان مصر (من الناحية الفنية) السحب من مخزوننا دون أن يكون بإمكاننا بمطالبتها بالتوقف عن ممثل هذا النشاط ؟
ذكر هؤلاء بأن علينا أن نحصل عن إجابات صريحة من خبرائنا فى هذا المجال على هذه الأسئلة حتى نكون في وضع يسمح لنا أن نوازن بين ما سنفقده من حقوق سيادية وما سنكسبه من منافع .
كما ينبغي أن نتسائل عن السبب الذى دفع بمصر إنشاء هذه الهيئة في هذا الموقف بالذات بعد أن فرغت من تخطيط ما يليها من مشاريع خاصه للإستفادة من مياه الحوض ؟ بل ينبغي أن نتسائل أيضا عما إذا كان لهذا الامر أي علاقة بالمجهودات التي تبذل بشان مستقبل المياه فى الشرق الأوسط , والمساعي التي تتواصل لوضع نظم دولية ومواثيق لتنظيم إستغلال المياه في هذه المنطقة الجافة من العالم؟
ويشيرون بشكل خاص إلى المعاهدة الدولية للمجاري المائية للأغراض غير الملاحية التى أجازتها الجمعية العامة للأمم المتحدة والتي شملت المياه الجوفية . بل علينا لنسعى لمعرفة السبب الذى دفع مصر لترحيب بإشراك السودان في هذه الهيئة بينما لم يشرك السودان في إجراءات التاسيس ؟
بما أن مصالح السودان تتفق في هذا الأمر مع مصالح تشاد أكثر من إتفاقها مع مصالح مصر وليبيا , فإنه من الأفضل أن يبادر السودان الإتصال بتشاد لتنسيق جهود هذين البلدين لإجراء دراسة مشتركة للموضوع ليقررا بعدها الإنضمام للهيئة , ومن ثم المطالبة بإعداد التعديلات المناسبة في ميثاق الهيئة مراعاة لظروفهم المختلفة عن ظروف هاتين الدولتين المؤسستين ويقوي من موقف السودان وتشاد كون إنضمامهم لهذه المنظمة أمر ضروري لإتجاهها ما دام الأطر الحقيقى لعملها يوجد ضمن إقليمى هذين الدولتين واذا لم يحدث مثل هذا التنسيق فمن المرجح أن تمنح مصر صفة العضو المؤسس لكل منهما دون أن تكونا قد شاركتا فعلا في التأسيس وإعداد الهيئة وصياغتها بكيفية تعبرا فيها عن مصالحها ونتكون بذلك قد فوتا على نفسيهما فرصة تعديل الميثاق أو الحاق أى تحفظات عليه بعد أن فات عليهما فرصة المشاركة الفعلية في التأسيس .
إن التوقيع على ميثاق هذه الهيئة لا يقل فى أثره عن التوقيع على إتفاقية مياه النيل لأن هذا الميثاق سيمثل الوثيقة الرئيسية التى تحكم العلاقة بين دول الحوض الأربعة لعقود وربما لأجيال قادمة.
عليه مادام السودان يحتفظ داخل إقليمه بأكثر من ثلث مياه الحوض ومادامت تغذية هذا الحوض تتم أصلاً من النظام النيلي بالسودان , فإنه ينبغي أن نتريث كثيرا قبل أن نتخذ خطوة من شأنها التاثير على هذا الموقف للسودان بالإضافة لوجه النظر آنفة الذكر هناك وجهات نظر أخرى حول الهيئة نلخصها في الآتي:-
- أن الحوض لم يخضع لدراسة مكثفة تقنع الأطراف الأخرى.
- أن مصر وليبيا شرعتا في إستغلال المخزون قبل تكوين الهيئة نفسها ولم تخطر حينها بقية الدول التى يقع الحوض ضمن حدودها وهي السودان وتشاد.
- لم يؤخذ رأى كل من السودان وتشاد في موضوع مقر الهيئة وأفرعها .
- من الناحية الإجرائية يستوجب إتخاذ القرارات بأغلبية ثلثي الأعضاء بينما نجد قرارات أساسية مثل النظام الأساسى ومقر الهيئة قد إتخذتا في غياب تشاد والسودان .
- هناك عدم وضوح في نظم ولوائح ميزانية الهيئة ومصادر تمويلها . طريقة أجازتها لا يوجد معيار موضوعى للتساوي في الحقوق والواجبات بين أعضاء الهيئة خاصة ما يتعلق باختيار المدير التنفيذي للهيئة.
- خلو النظام الأساسي للهيئة من أي أسس تعالج حق الإنسحاب منها.
إلا إن تلك المخططات تم تجاوزها جميعها بعد الإجتماع الوزاري المنعقد بتاريخ 8/3/1998 ذلك بإعلان السودان إنضمامه للهيئة ومخاطبة كل من مصر وليبيا بذلك .
ردت جمهورية مصر العربية بالموافقة فى 8/10/1997 إلا أن الجماهيرية الليبية لم ترد على خطاب السودان حتى أبريل 1999م اللهم إلا إذا أعتبر خطاب أمين اللجنة الشعبية العامة للزراعة والثروة الحيوانية الذى قيل أنه عنونه للسيد/ وزير الري السودانى بتاريخ 30/4/1999م والذى فسر فيما بعد بأنها موافقة.
- ضرورة إستغلال نصيب السودان من مخزون مياه حوض الحجر الرملي النوبي:-
إن التنمية الإجتماعية والإقتصادية أمر واجب وحيوي لتحسين نوعية الحياة وتلبية الحاجيات الأساسية للمواطن في هذه المناطق الجافة اشبه الجافة في تلك البقعة من السودان , ولن تحقق التنمية والاستمرار فيها إلا إذا راعت برامج التنمية وخططها ,تلك العلاقات المتبادلة بين مكونات أربعة وشأن السودان في ذلك كغيره من الدول التي تعمها ظاهرة التصحر وهذه المكونات هي :-
- ما تحويه النظم البيئية المختلفة من مصادر الثروة الطبيعية .
- حماية البيئة .
- ترتيب أعداد السكان في هذه المنطقة وانشطتها واحتياجاتها .
- إعداد حاجيات برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية لتحقيق الاحتيجات.
- المتابعة السياسية والادارية الدقيقة واللصيقة ,
ظاهرة تدهورالأرض في هذه المنطقة:-
تنتشر ظاهرة تدهور الأرض وما يترتب على ذلك من انخفاض انتاجيتها وتحولها بالتدريج إلى أرض شبه صحراوية (وهو ما يعرف بالتصهر) , وتغطي هذه الظاهرة المنطقة الغربية للسودان أي من غرب أمدرمان إلى المناطق الجافة التي تشملها مناطق الحجر الرملي النوبي . ونتج هذا التدهور والتصحر من تفاعل الظروف البيئية الطبيعية مع سوء استخدام الإنسان للأرض واشتداد الضغط على الموارد الطبيعية المتجددة . ومن المفترض أن تهدف البرامج المعدة إلى الحد من تدهور الأرض وانتشار التصهر في هذه المناطق الجافة وشبه الجافة , توفير المياه اللازمة وذلك بالاستفادة من كمية المياه الجوفية في هذه المناطق واتقلال حصة السودان كاملة في المستقبل من مياه الحجر الرملي النوبي.
ويمكن أن ننجز ذلك بإعداد خطة طموحة تسخر لها الامكانات المادية والبشرية وكل ما هو ممكن في سبيل دعم أنشطة التنمية بهذه المناطق , وبتوزيع مصادر عيش السكان والأهالي من خارج القطاعات الزراعية والرعوية علما بأن هناك مجهودات مقدرة قامت بها بعض الجهات في السودان لمعالجة ذلك على قرار برنامج الرواكيب بشمال أم درمان إلا أن مثل هذه المشاريع وغيرها تعثرت نتيجة لعدم كفاية الدعم المادي والبشري والسياسي . عليه يمكن الاستفادة من كل إخفاقات الماضي , وتسخيرها ضمن برامج الحجر الرملي النوبي من الاستفادة من مياهها لتنمية المناطق الجافة وشبه الجافة حولها . ونعتقد أن الأنشطة الرئيسية للبرامج يمكن أن تتركز في التالي:-
- دراسة جيولجية وديناميكية للكثبان الرملية لتحديد أفضل الوسائل لتثبيتها والحد من زحفها على الأراضي الزراعية والمستوطنات البشرية. نذكر أن الباحث كان قد أقنع منظمة إيطالية التى قبلت على استصلاح المنطقة الصحراوية الممتدة من غرب أمدرمان إلى مناطق بارة إلا أن التعقيدات الموجودة في 1984م وقفت حجر عثرة دون تنفيذ هذا المشروع الحيوي بحجة عدم توفير المشروع لعائد مباشر للسودان.
- دراسة أنماط العيش المحلية وكيفية توفير مصادر العيش لتلبية حاجات الناس.
- دراسة الأحزمة الخضراء كأحزمة وقائية لحماية الأراضي الزراعية وايجاد الخطط والطرق الارشادية الاستمرار استغلالها .
- تحديد المناطق المعرضة للانجراف والتعرية الشديدة وايجاد السبل لحمايتها وذلك بوضع برامج ومشروعات مضبوطة للتنمية المندمجة اعتماد على الخصائص الطبيعية والبشرية لكل منطقة والعمل على تطبيقها وتنفيذها .
- دراسة تطوير وسائل الري واستخدام التقنيات الحديثة للحد من تمليح وتشبعها الزائد بالمياه .
- دراسة أفضل الوسائل لإدارة واستخدام الأراضي طبقا للظروف الاجتماعية .
- ايجاد طرق التعاون بين تشاد والسودان في هذا المجال وتسخيرها للمساعدة في جلب العون من الدول الفرانكفونية .
- دعوة الدول الإفريقية ذات الإمكانات المتوسطة مثل نيجيريا وجنوب أفريقيا باعتبار الجفاف سبباً مباشراً لتراعات وتبادل الخبرات والمعلومات فى المجالات المتعلقة بالحد من تدهور الأرض والتصحر.
- تدريب الكوادر الفنية والإدارية في مجال مكافحة التصحر عن طريق إعداد دورات تدريبية في مراكز وطنية .
- إنشاء مصارف إقليمية لبذور النباتات والأشجار المستخدمة في تثبيت و تشجير الكثبان الرملية .
- التشجيع على إجراء التجارب الحقلية في الدول المعنية لمكافحة التصحر وتقيم نتائج هذه التجارب لاختيار أفضلها .
- المسح الشامل لنباتات الصحراوية والحفاظ على تنوعها البيولوجى واستخدام سلالتها في الأحزمة الخضراء .
- زيادة توعية المواطنين بأهمية زيادة الرقعة الخضراء والحفاظ عليها.
- زيادة توعية المزارعين ومستغلي الأراضي الزراعية والرعوية بأهمية حماية الأرض من التدهور بالأساليب المثلى لاستخدامها وإدارتها .
يجدر بالذكر أن أهداف هذا البرنامج تتفق ونشاطات معظم ما جاء في الفصل رقم(12) من أجندة (21) التي أقرها مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة والتنمية عام 1992 وخاصة الفقرات 12أ و12ب و 12ف .
ولعله من نافلة القول أن نذكر هنا أن بعض الأمراض التي تلحق بالإنسان والحيوان في المناطق الجافة وشبه الجافة كثيرة جداً إلا أننا سنذكر بعضها للتذكير بالمعاناة في هذه المناطق .
الآثار السالبة:-
لقد تدنى منسوب المياه في معظم هذه المناطق بسبب تدهور البيئة مما جعل الآبار والحفائر والخزانات تجف قبل الموعد المحدد له.
وسبب فى نقص حاد في المياه؟؟؟ أثر على مستوى المعيشة وبالتالى الصحة والإستقرار للإنسان والحيوان . فمثلا في منطقة شمال كردفان محافظة بارا في أم سيالة والبولاد , هجر المعلمون المدارس لعدم إستقرار أبناء المواطنين الذين يرحلون لظروف أهلهم التي تضطرهم إلى الرحيل من وإلى بحثا عن سبل العيش الكريم .
أدى تدهور الخدمات البيئية إلى تدهور في الصحة العامة فإنتشرت أمراض الثدي لدى النساء, وبروز ظاهرة التعسر في الولادة بشكل ملفت(الكلبش) إذ يبلغ عدد الوفيات بسبب هذه الظروف مابين 10-14 في العام , كم أن هناك أمراض العمى الليلي والصمم.
يجدر بالإشارة بأن معلومات هذا البحث مشتقاة من معلومات لمقابلات شخصية من العديد من الشخصيات الضالعين في مجال البيئة والمياه , وإطلاعات الباحثين من قصاصات من مجلات وصحف متعددة وكتب وهواتف مع بعض الدبلوماسين بين دول مختلفة ومنشورات , لذا لم تثبت مراجع للبحث بعينها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق