جمهور مقاهي الانترنت بالمدن السودانية
دراسة وصفية وتحليلية بمدينة عطبرة
د. عبد النبي عبد الله الطيب النوبي
يناير 2012 م
الملخص :
مدخل:
شكلت ظاهرة الربيع العربي نقطة تحول لما بات يعرف بوسائل الإعلام الجديدة "New media " ويقصد بها وسائل الإعلام التي اتخذت من شبكة الانترنت وسيلة للوصول للجمهور. فشبكة الانترنت أصبحت الآن محتشدة بمواقع الصحف والإذاعات ومحطات التلفزة والمنتديات وغيرها من المواقع، ما يتيح للجمهور فرصة التجول في محتواها الغزير والمتنوع والسهل الوصول، مما خلق مجالاً جديداً لجمهور الإعلام. يوسع من فرص التعرض وزيادة التشبع.
وعلى الرغم من أن أدبيات الإعلام القديمة كانت تصف هذا الجمهور بأنه جمهور ضخم Heterogeneous معزولين اجتماعياًsocial isolated وغير معروف للقائم بالاتصال Anonymous إلا أن الانترنت قد غير كل تلك المفاهيم، لينقل هذا الجمهور الضخم لحالة من التواصل الحميمي،والذي أصبح مجالاً خصباً لتبادل الأفكار الفعالة.
وأصبح جمهور ما يعرف بمنتديات التواصل الاجتماعي كالفيس بوك Face Book والتوتير Twitterوغيرها جمهور متنامي،أدى لزيادة أعداد المترددين على مقاهي الانترنت،حتى أن بعض التقارير تقدرهم في الوطن العربي فقط بحوالي 40 مليون زائر في العالم.
لذلك فإن معرفة هذا الجمهور ودراسة سلوكه الاتصالي تبقى أمر مهماً،لما نْشكله مثل هذه الدراسات من رصيد معلوماتي مهم للقائمين على أمر دراسة الاتصال، وذلك لتحديد التوقعات المرتقبة من ممارسة هذا السلوك الاتصالي بشكل دقيق، وتجنب الاتهامات المعممة والموجهة لجمهور الانترنت باعتباره وجمهور يبحث عن المتعة بالتردد على مواقع الانترنت التي يمكن بسهولة الهروب من الرقابة الحكومية أو الأسرية المفروضة عادة على وسائل الأعلام الأخرى.
منهجية الدراسة
الإحساس بمشكلة الدراسة:
بدأت ظاهرة مقاهي الانترنت تنتشر بمدينة عطبرة شيئاً فشيئاً حتى أصبحت ظاهرة ملموسة،حيث بلغت مقاهي الانترنت عند إجراء هذه الدراسة 10 مقاهي،موزعة في مناطق إستراتيجية وهامة في وسط مدينة،وأصبح من المعتاد رؤية أعداد من الناس يدخلون ويخرجون من هذه المقاهي ، مما استدعى نظر الباحث،خاصة وان مجال وسائل الإعلام وتأثيرها احد اهتمامات الباحث الأكاديمية،مما جعله يفكر في دراسة هذه الظاهرة.
أهداف الدراسة:
تسعى هذه الدراسة لتحقيق عدد من الأهداف:
1- التعرف على مقاهي الانترنت بعطبرة ومعرفة ملاكها،وأهدافهم من إقامتها؟
2- رصد جمهور هذه المقاهي وذلك للتعرف على نوعه،وحجمه،ودوافعه من ارتياد هذه المقاهي؟
3- الكشف عن الأسباب التي تدفع هذا الجمهور لارتياد مقاهي الانترنت، مع العلم أن الخدمة سهلة ومتاحة عبر الاشتراك الشخصي، كما انه متاح مجاناً في بعض مكتبات جامعة وادي النيل التي تقع في مدينة عطبرة.
4- تحديد أنماط السلوك الاتصالي لجمهور مقاهي الانترنت، ومعرفة الاشباعات التي تحقق من ارتياد مقاهي الانترنت، والوقوف على طريقة الاستخدام.
مشكلة البحث:
مما تقدم فان هذه الدراسة تتركز على المحاور التالية:
أ- مقاهي الانترنت.
ب- جمهور هذه المقاهي.
ج- النمط الاتصالي لهذا الجمهور.
د- الاشباعات المتحققة من ارتياد هذه المقاهي.
ويمكن صياغة مشكلة البحث في التساؤل الرئيسي التالي: ما هي أهمية مقاهي الانترنت في عطبرة؟ ومن هم جمهورها؟ وما هي طبيعة الخدمة التي تقدمها هذه المقاهي؟
تساؤلات البحث:
يجيب هذا البحث على التساؤلات التالية:
1- ما هي أكثر الفئات ارتياداً لمقاهي الانترنت؟
2- ما العوامل التي تجذب المرتادين للتوجه لمقاهي الانترنت؟
3- ما هي الاشباعات التي تتحقق للأفراد من ارتياد مقاهي الانترنت؟
4- ما هي علاقة الموقع الجغرافي للمقهى على الإقبال عليه؟
أسباب اختيارالموضوع :-
سبب موضوعي:
الانترنت أصبح ظاهرة عالمية قربت المسافات وربطت العالم المترامي الأطراف، يقدم خدمة متنوعة وسريعة،مما جذب إليه المتابعين،كما أن خدماته تأخذ الطابع التجاري والذي أدى لنشأة ظاهرة منتديات مقاهي الانترنت، ولذلك فان الدراسة ستخضع هذه الخدمة وجمهورها للدراسة. علماً بان مقاهي الانترنت ظلت محل شبهات ويريد الباحثان يتحقق من واقعية تلك الشبهات.
سبب ذاتي:
وهو اهتمام الباحث كأستاذ جامعي وأب جعله يتابع النقاش الدائر والمخاوف القائمة حول خطورة مقاهي الانترنت، وارتياد الشباب لها هرباً من الرقابة الأسرية جعلت الباحث يخضع هذه الدراسة للتأكد من أو نفي هذه المخاوف.
منهج الدراسة:
استخدم الباحث المنهج المسحي الذي يستهدف جمع الحقائق والبيانات عن الظاهرة أو الموضوع أو الموقف للمشكلة، في محاولة لتفسير ذلك بطريقة كافية ، بغية الوصول لحل المشكلة وتعميم هذه الحلول .
مجتمع الدراسة :-
مجتمع الدارسة هو مرتادي مقاهي الانترنت في عطبرة وعددها وقت إعداد هذه الدراسة في يناير2012م وعددها خمسة مقاهي،بغدادي نت عدد المترددين أسبوعيا 420 شخص تقريباً ، نوري نت عدد المترددين أسبوعيا 350 شخص تقريباً،كوكب نت عدد المترددين أسبوعيا 500 شخص تقريباً،منشاري نت عدد المترددين أسبوعيا245 شخص تقريباً،عطبرة نت عدد المترددين 1050 شخص تقريباً.
عينة الدراسة :-
تم اختيار مائة مفردة عن طريق العينة العشوائية البسيطة،وذلك بعد رصد للمترددين على المقاهي لأكثر من ثلاثة أيام في الأسبوع على الأقل.وتم توزيع العينة بعد ذلك على المترددين على المقاهي بالتساوي بواقع 20 استمارة لكل مقهى.
أداة جمع البيانات:
تم تصميم استمارة لجمع البيانات مكونة من 24 سؤالاً، مقسمة على محاور وفقاً لتساؤلات الدراسة. إجراءات الصدق :-
تم تحكيم الدراسة من قبل ثلاثة من أساتذة الإعلام المختصين ذوي الخبرة * وتم الأخذ بملاحظاتهم لإعداد الاستمارة بشكلها النهائي.
إجراءات الثبات :-
تم طرح الاستمارة على عدد10 أفراد من مجتمع العينة،ثم طرحت الاستمارة على نفس المجموعة بعد أسبوع وحققت الاستمارة نسبة ثبات عالية قاربت 99% مما يؤكد على صدفية البيانات المجموعة بعد ذلك .
الإطار الزماني :- يناير 2012م
الإطار المكاني: - مدينة عطبرة بولاية نهر النيل في السودان
النتائج
نتائج الدراسة
1- كشفت هذه الدراسة ان اعلى الفئات ارتياداً لمقاهي الانترنت بمدينة عطبرة هم من فئة الطلاب الجامعيين 54% " 39% طلاب و15 % طالبات " والنسبة تكشف تدني نسبة الطالبات للطلاب،مما يعطي مؤشراً لتحكم العوامل الاجتماعية السودانية في تدني قلة اقبال الطالبات على مقاهي الانترنت مقارنة بالطلاب .
2-اوضحت الدراسة ان اكثر الفئات ارتياداً للانترنت هم شريحة الشباب والتي تقع بين الفئة العمرية " 18- 25 سنة "بنسبة 54% وهذا ما يؤكد نفس النتيجة السابقة حيث تقع شريحة الطلاب ضمن هذه الفئة العمرية.
وهو ما تفق مع معظم الدراسات في هذا المجال.
3- أوضحت الدراسة ان الغالبية العظمى من مرتادي هذه المقاهي تملك الفكرة مسبقة عن الانترنت " 20 % ممتاز، 4% جيده " .
4- بينت الدراسة ان الغالبية العظمى من افراد العينة يدخلون على الانترنت في اماكن اخرى غير مقاهي الانترنت "49% اجابوا بنعم،23% اجابوا احياناً ، بينما اجاب 26% انهم يكتفون فقط بمتابعة الانترنت في المقاهي،مما يعني ان غالبية المجموعة عينة الدراسة من المتعودين على استخدام الانترنت،وهذا يؤكد الاعتماد على الانترنت كوسيط لنقل المعلومات والاعلام.
5- وعلى الرغم من ارتفاع نسبة مرتادي مقاهي الانترنت(54%)إلا أنهم أبدوا عدم رضاهم عن بئة المقاهي بنسبة 46% وتفاوتت الأسباب بين الشعور بالحرج في ارتياد المقاهي ، وعدم تهيئة المقاهي،والازعاج،وقدم أجهزة الحاسوب المستخدمة. كما أبدى 39% من أفراد العينة رأيهم بأن أماكن انتشار مقاهي الانترنت ضعيف في الأحياء السكنية،ويتركز فقط في وسط المدينة مما يؤدي لمزيد من الأعباء في سبيل الوصول لهذه المقاهي.
6- أبدى معظم أفراد العينة عن ارتياحهم لأسعار الخدمة حيث يرى "48% منهم أنها مناسبة بينما يرى 31% إنها وسط ".
7- كشفت الدراسة عن ضعف الرقابة الإدارية على مقاهي الانترنت حيث بلغت نسبة من يرون ذلك فقط 22% مما يثير الشكوك حول خطورة هذا الأمر،خاصة إذا أخذنا في الاعتبار ارتفاع نسبة جمهور هذه المقاهي 54% مما يعزز التخوف من أن تكون هذه المقاهي ملاذاً للباحثين عن ارتياد المواقع الإباحية بعيداً عن الرقابة الأسرية. ولكن إجابة 52% من أفراد العينة بأنهم يرتادون هذه المقاهي من اجل جمع مواد متعلقة بتعليمهم يقلل من هذا التخوف .
8- أوضحت الدراسة أن 50% من مرتادي مقاهي الانترنت،وهم كما أوضحنا غالبيتهم من الطلاب، يتبادلون المعلومات التي يحصلون عليها من الانترنت مع اقرانهم،مما يزيد فرص هؤلاء الطلاب من الاستفادة القصوى من الانترنت.
9- ارجعت نسبة كبيرة من افراد العينة "41%" ان سبب ارتيادهم لمقاهي الانترنت اقتصادي ، وذلك لارتفاع تكلفة الاشتراك في الخدمة على المستوى الشخصي. وهذا يتناسب مع طبيعة المدينة العمالية .
10- يرى معظم أفراد العينة بنسبة 65% أن الانترنت كخدمة يشبع رغباتهم ويؤثر فيهم.
11- كشفت الدراسة أن نسبة كبيرة بلغت 45% من افراد العينة تعودوا على الذهاب لمقهى محدد معظم الوقت للدخول للانترنت،بينما يذهب30% لمقاهي مختلفة،و25% يذهبون حسب الظروف .
12- بينت الدراسة تقارب نسب الذهاب للانترنت" 33% يذهبون بينما يرى 35% انهم يذهبون مساءً ويذهب 32% أحياناً بالصباح واخرى بالمساء.
13- أوضحت الدراسة أن الغالبية العظمى من أفراد العينة يذهبون لمقاهي الانترنت بعلم ورضا أسرهم،وبلغت نسبة من أجابوا بذلك بـ 75% مما يعني عدم تخوف الأسر من إرتياد أبنائهم لمقاهي الانترنت،وإحساسهم بأنها مهمة لمسيرتهم التعليمية.
14- وعن الطريقة التي يذهب بها الشخص لمقاهي الانترنت يغلب عليها الصفة الفردية، حيث أجاب 37% من أفراد العينة أن ذهابهم لمقاهي الانترنت يتم بصورة فردية،بينما يذهب40% أحياناً بصفة فردية وأحياناً مع آخرين،بينما بلغت نسبة من يذهبون مع آخرين21% فقط.
التوصيات
توصيات الدراسة :-
1- تهيئة بئة الانترنت وذلك بتحديث الأجهزة،وأن تكون المباني مهيئة لإرتياد وهذه الأعداد الكبيرة من الرواد.
2- العمل على نشر المقاهي قريباً من مناطق السكن وذلك لتقليل حجم معاناة مرتادي المقاهي.
3- تكثيف الرقابة الحكومية على المقاهي،والتأكد من حسن سيرة ملاك المقاهي،ومن يديرونها خوفاً من استقلالها خاصة وإذا علمنا أن غالبية مرتادي هذه المقاهي من الطلاب والشباب.
4- ضبط زمن فتح مقاهي الانترنت بما لا يتسبب في أن تكون ملاذاً للهاربين من مدارسهم أو واجباتهم التعليمية .
5- تكثيف الارشاد والتوجيه من المختصين وذلك لمنع التفلت في الدخول للمواقع المحظورة. ويمكن إلزام المقاهي باستخدام برامج الترشيح Filter وذلك لتقليل فرص الوصول للمواقع الضارة.
المصدر : جامعة شندى - كلية الآداب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق