التسميات

آخر المواضيع

السبت، 8 أكتوبر 2016

جغرافية الصناعة : الصناعة ونشأتها وتطورها - أ.م رحمن رباط حسين ...

الصناعة ونشأتها وتطورها

أ.م  رحمن رباط حسين

                          قسم الجغرافية كلية الاداب جامعة القادسية                 

يرتبط ظهور الصناعة بنشؤ الحضارة البشرية ، فالإعمال الحرفية الأولى تعد أساس النشاط الإنتاجي القديم أدت الى التحول من اعتماد الإنسان المباشر على الطبيعة في الحصول على غذائه الى انتاج هذا الغذاء وتهيئة الوسائل المناسبة لذلك ، مما غير مجرى حياته الاولى ، فبدأ الاستقرار بدلاً من التجول والترحال من مكان لاخر .

ان الصناعة باعتبارها نشاطاً بشرياً رافقت ارتقاء الانسان سلم التطور الحضاري ، بل ان الحضارة  ارتبطت بإنتاج الأدوات الاولى التي اسهمت في توفير سبل الحياة من وسائل الصيد التي مكنته من مقاومة الحيوانات المفترسة واخضاع بعضها وتيسير صيدها في العصور الحجرية الاولى ، الى عمل بعض الالات والادوات التي اسهمت في الانتاج الزراعي وفي عملية بناء المساكن من تهذيب للحجر والخشب وصنع الاجر في الطين ، فضلاً عن أهميتها في حياتنا ليومية الاخرى كصنع الملابس وانتاج الفخار الذي تعد صناعته مرحلة مهمة من طور قدرة الانسان على الابتكار وبناء الحضارة حتى في ضوء طبيعة انتاج الفخار حدد الاثاريون بعض عصور الحضارة القديمة .
وبعد ان تعرف الإنسان على بعض المعادن وأساليب تعدينها أخذ يصنع منها آلات الزراعة كالمنجل والمحراث وبعض من الات الصيد والقتال وأدوات الكتابة ومواد الزخرفة والتلوين ، إن تطور الزراعة وتزايد متطلبات السكن ونمو السكان عمل على زيادة الطلب على المنتجات الاجتماعية والمنزلية ، فضلاً عن ان ظهور الدول وقيام التجارة والحروب بين الدول ، تطلب توفير وسائط النقل وزيادة في المهارات وتقسيم العمل .
ارتبطت الصناعات الأولى بالمواد الأولية المحلية التي تتوافر في لبيئة الطبيعية أذ تمكن الانسان من استثمار بيئته المحلية في العمليات الصناعية من الحجارة والخشب والعظام في العصور الحجرية، وازدادت المواد التي اخذ يستخدمها وحصل اكبر تطور في ذلك بتعرفه على المعادن الفلزية  وفي مقدمتها النحاس ثم الحديد واستخدامها في صناعة الالات الزراعية وعربات النقل ومعدات الحرب كما اتسع استخدام المتوفرة في الطبيعة بعد تحسن الالات التي صنعها من المعادن ، كما اتسعت أعمال البناء منها الجسور والسدود وتحسين انتاج وسائط النقل من العربات والسفن وظهور افران الصهر وتشكيل المعادن واستمر التوسع في استثمار البيئة وتنوع المنتجات .
إن اعظم التطورات التي حصلت في الطبيعة الانتاج الصناعي ونمطه وحجمه ومداه وجاءت بعد الثورة الصناعية وما يتبعها من تغير في نظاهر الحياة الاقتصادية والاجتماعية وفي نمط الاستيطان وتوزيع الثروة ، وهي لذلك تعد مرحلة مهمه في حركة التقدم الحضاري أدت الى زيادة الطلب على المنتجات الصناعية كما ونوعاً ، كما أدت الى ظهور منتجات جديدة لاحصر لها لمواكبة التقدم الحضاري .

مرحلة تطور الصناعة الحديثة
يمكن ان نحدد المراحل التي مر بها التطور الصناعي منذ بداية الثورة الصناعية حتى الوقت الحاضر بما يأتي :
اولاًالبداية الاولى للثورة الصناعية :
تعرف الثورة الصناعية بكونها سلسلة من التغيرات التي حصلت في الصناعة وأدت الى نقل طرائق الانتاج الى أساليب جديدة في العمليات الإنتاجية وطبيعة الانتاج وتقسيم العمل ، وامتدان نتائجها لتشمل المعيشة والعمل والانتقال ، بحيث شملت التغيرات جميع نواحي الحياة الانسانية ، ومن أهم مظاهر الثورة الصناعية ما يلي :
  1. الاحلال الواسع للالة محل الجهد البشري ، مما أسهم في تحقيق قدرات كبيرة في العمليات الإنتاجية تزيد من طاقة الإنسان الفردية .
  2. التوسع في استخدام الطاقة ، سواء من المصادر مباشرة كالمساقط المائية او غير المباشر كقوة البخار والطاقة الكهربائية التي تعتمد الفحم والنفط والغاز الطبيعي واليورانيوم .
  3. الاستخدام الواسع لقدرة الطاقة الكهربائية في الصناعة كعمليات التحليل الكيماوي وتحريك الالات وتوفير الإضاءة والطاقة الحرارية ، مما أدى الى التوسع في انتاج المعادن وتنقيتها .
  4. الزيادة الكبيرة في استخدام الحديد والصلب بحيث اصبحا يشكلان قاعدة التطور الصناعي الحديث.
  5. ظهور وسائط وطرق جديدة للنقل كالقطارات والسيارات والبواخر ثم السفن ،  كما اتسعت وتيسرت سبل الاتصال السلكي واللاسلكي.
  6. اتساع حركة الاختراع والاكتشاف وانتقال نسب متزايدة من السكان الى الانتاج الصناعي والقطاعات الاقتصادية الاخرى على حساب الانتاج الزراعي والحرف الاولية .
  7. حل الانتاج في الورش والمصانع محل الانتاج في البيوت الضيقة النطاق .
أما المظاهر الاجتماعية للثورة الصناعية أهمها :
  1. التقدم العلمي الهائل اذ سرت الصناعة وسائل ساعدت العلوم في عملية اكتشاف الكون والحياة العضوية والموارد الطبيعية في باطن الارض .
  2. التحسن الكبير في الصحة العامة وانحسار الأمراض ووقف زحف الأوبئة الوافدة منها والقضاء على بعض أنواع الأمراض تماماً نتيجة للتقدم في أساليب الوقاية والعلاج .
  3. بناء المدن وتوسعها وزيادة سكانها وظهور المدن التي تضم ملايين الناس .
  4. زيادة معدل عمر الانسان وانخفاض معدل الوفيات الطفل.
  5. التنوع الطلب على المنتجات الصناعية وظهور منتجات صناعية جديدة وبصورة مستمرة لتبية الحاجات المتزايدة والمتنوعة التي يخلفها التطور الاقتصادي والاجتماعي.
  6. التغيير في طبيعة الأنظمة السائدة وظهور النظام الرأسمالي فالاشتراكي مع قيام المنظمات الاجتماعية المتعددة والأهداف كالمنظمات المهنية والاجتماعية والسياسية التي اخذت تضم في صفوفها اعداد كبيرة وطنياً واقليمياً ويتجاوز بعضها ذلك بشكل اتحادات دولية مثل الاتحاد الاوربي .
  7. ظهور الدول القومية ورسم الحدود السياسية وتبلور فكرة الاستقلال القومي ، كما أن الحروب والمنازعات التي رافقت انتشار الاسلحة المتطورة أدت الى قيام منظمات دولية غرضها سيادة السلام في العالم وحل المنازعات بين الدول وتأكيد الحقوق الاساسية للانسان وايجاد التعاون الدولي .







ثانياً مرحلة الاستخدام الواسع للطاقة في الصناعة .
إن الثورة الحقيقية للصناعة هي التي رافقت اتساع واستخدام الفحم في انتاج الطاقة الحرارية والاستفادة المباشرة منها في المراجل وصهر الحديد وإنتاج الصلب ، ومن ثم صناعة بناء الالات والمكائن وفي صناعة وسائط النقل الجديدة ، كما استخدمت  طاقة البخار في حركة وسائط النقل كالقطارات والبواخر .
ولما كانت بريطانيا هي السباقة في استثمار الفحم فقد اضحت مواقعه من أهم المرتكزات  الصناعية وبالتالي اسهم في بناء الإمبراطورية البريطانية في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ، كما أصبحت مراكز مناجم الفحم في غرب اوربا وشرق الولايات المتحدة تمثل المراكزالصناعية المهم ، الا ان حقوق الفحم لم تعد لها مثل قوتها السابقة في جذب الصناعة ، بسبب المصادر الاخرى للطاقة من النفط والغاز الطبيعي على الرغم من أن استعمله البايلون قديماً في اعمال البناء او في علاج بعض الامراض لكن انتاجه  التجاري للاستخدام النصاعي حصل في منتصف القرن التاسع عشر عند حفر اول بئر للنفط التجاري في ولاية بنسلفانيا الامريكية ..
وقد أخذت أهمية النفط بالازدياد واتسع استخدامه بعد التعرف على طريقة تكريره وبعد اختراع مكائن الاحتراق الداخلي التي اعتمدت المشتقات النفطية وقوداً لها ، ثم اخذ ينافس الفحم ، تزويد الصناعة والنشاطات الاخرى بالطاقة ، ولكن يبدو ان امتلاك الدول النامية للنفط جعل الدول الصناعية الراسمالية تنظر باستياء للموارد الطبيعية التي تحصل عليها تلك الاقطار ، مما حدى بها الى اعادة النظر في حجم استيرادها من النفط بل والبحث عن مصادر بديله من احفورية مثل الطاقة النووية ومصادر متجددة مثل الطاقة الشمسية  والكهرومائية وطاقة الرياح والمد والجزر وطاقة حرارة باطن الارض والطاقة الحيوية مع اعادة الاعتماد على الفحم الذي يتوافر في اراضيها عموماً مما جعل نصيب النفط يميط في مصادر الطاقة .

ثالثاًمرحلة الثورة العلمية التكنولوجية الحديثة .
لقد اسلمت حركة الاختراعات في القرنين السابع والثامن عشر وتطبيقاتها في تقدم الصناعة واحادث ثورة في طبيعتها ، كما اسهمت في توفير الاجهزة العلمية للعلوم التجريبية وتبادل المعرفة العلمية التأثير مع التطور الصناعي ، واخذت العلاقة بينهما في النمو حتى اصبح التطور الصناعي مرتبطاً بقوة بتطور العلوم ونمت الصناعة الحديثة من قلب الجامعات ومراكز الابحاث .
أن ما يسمى حالياً بالثورة العلمية التكنولوجية أخذت تحدث في عالمنا تغييرات جذرية سواء أكان ذلك في تغيير البيئة الطبيعية أم الاجتماعية بشكل لم يعرفه المجتمع البشري من قبل ، ومن ذلك ما يحصل الان من تطور الفضاء ، وفيما يطلق عليه بالثورة البايلوجية في اجراء تغير في سلالات الحبوب والمنتجات الزراعية والحيوانية ويطلق عليها بالثورة الخضراء في الزراعة ، فضلاً عن ثورة المعلومات التي جسدها الحاسوب الالكتروني وثورة الاتصالات والانترنت التي تجسدها الاقمار الصناعية واجهزة الاتصال السلكي واللاسلكي .
ويمكن ان تحدد خصائص الثورة العلمية -  التكنولوجية ما يأتي :
  1. الاعتماد الكبير على الاكتشافات العلمية والاستفادة من تطبيقات العلوم في الانتاج الصناعي .
  2. اعتماد الصناعات الاساسية والمؤسسات الرئيسية على مراكز الابحاث المتخصصة في تطوير إنتاجها والذي أصبح هدفاً ثابتاً لتلك المراكز .
  3. التوسع في اتجاهات التخصص الصناعي واعتماد المشاريع على بعضها في الوصول الى المنتجات النهائية أي اتساع الترابط والتشابك الصناعي .
  4. تنامي الحاجة الى المهارات العالية والى العمل الذهني والخبرة وتناقص الاعتماد على الايدي العاملة غير الماهرة وغير المدربة ، مع العمل بالتدريب الذي يواكب التغيرات السريعة في التكنولوجية .
  5. الاستخدام الواسع للاجهزة الالكترونية للسيطرة على عمليات الانتاج وتحقيق اعلى درجات الدقة من خلال استخدام التشغيل الذاتي .
  6. ازدياد التحفظ على الاسرار التكنولوجية الحديثة والتحفظ في نقلها الى بلدان العالم الثالث ، بسبب عوامل اقتصادية من زيادة كلفة مراكز الابحاث والمنافسة بين الشركات في كسب السوق ، والى عوامل استراتيجية بالمحافظة على اسرارة الصناعات الاستراتيجية .

أن المظاهر المذكورة للصناعة والتي يطلق عليها بالثورة التكنولوجية من استخدام اجهزة السيطرة الالكترونية والاستخدام الواسع للحاسبات والرجل الالي Robot والتوسع في استخدام الطاقة النووية واشعة ليزر واستثمار الفضاء الخارجي للاتصالات والانترنت وأبحاث الانواء الجوية ودراسة الموارد الطبيعية واستخدامات الارض وتطوير الاستفادة من الطاقة الشمسية ، تعد خطوات اساسية في التقدم الصناعي  العلمي الحديث .


الاهمية الاقتصادية للنشاط الصناعي :
ولما كانت الصناعة تعد اساس التطور الاقتصادي والاجتماعي فان بناء الصناعة وتضييع الانشطة الاقتصادية ، تعد الاهداف التي تطمح الى تحقيقها البلدان النامية ، كما تتسابق الاخطار الصناعية  نحو تطوير صناعتها وتحقيق معدلات عالية لنموها وتوسيع قدراتها بتطبيق أحدث الابتكارات العلمية وتجديد فنون وطرائق الانتاج في مؤسساتها .
ويضم القطاع الصناعي ثلاثة أنشطة رئيسية طبقاً للتصنيف الدولي هي الصناعة التعدينية  التي تقوم على استخراج المعادن والمحاجر والصناعة التحويلية التي تقوم على تحويل المواد الاولية الى مواد أخرى مختلفة اكثر استجابة لحاجات الانسان ورغبته وصناعة انتاج الطاقة وتضم الكهرباء في مصادرها المختلفة ، ويمكن تقسيمها بما يلي :
  1. نشاط الصناعة التعدينية وبعد أحد أهم الأنشطة الاقتصادية وأن استثمار المعادن المحلية يعني استغلال الطبيعة الاولية من المعادن الفلزية واللافلزية ، فضلاً عن المواد الوقود والطاقة من النفط والفحم والغاز الطبيعي ، إن استخراج المعادن وتقسيمها واعدادها يتطلب الكثير من المعدات والالات الضخمة والاجهزة والطرائق العلمية ، كما نجذب اليها الصناعات التي تقوم عليها .
وتجدر الاشارة هنا الى ان المعادن عامة من المصادر الناضبة سواء في انخفاض احتياطيها كالنفط او نفاذ الخامات الغنية بالفلزات  كالنحاس او ارتفاع كلف انتاجها  وصعوبة الوصول اليها كاليورانيوم .
  1. نشاط الصناعة التحويلية وهو الذي يقوم على اجراء تغييرات في طبيعة المواد المستخدمة الى مواد اكثر استجابة لمتطلبات الانسان الحديث وتتم في المصانع وتعتمد على الالات والطاقة اساساً في عملياتها ، ولكن يعتمد نطاق ذلك على طبيعة الصناعة ونوعها اساساية في التطور الصناعي والاقتصادي ، كلما كانت مصانعها وعمليات انتاجها اكثر تعقيداً في تقسيمها كالصناعات الالكترونية او اكبر في حجمها كصناعة الصلب والصناعات الكيمياوية والصناعات الهندسية ، أما اذا كانت اهميتها اقل فان مصانعها قد تكون  محدودة في انتاجها وتميل الى البساطة في عملياتها الانتاجية كما هو الحال في انتاج المواد الغذائية .
وتعد الصناعة التحويلة الاساس الذي يعتمد عليه أي تطور اقتصادي لكونها النشاط الذي يسهم في توفير الالات والمعدات والاجهزة لجميع القطاعات الاقتصادية ويحولها الى قطاعات حديثة.
3. صناعة انتاج الطاقة الكهربائية وتحتل القطاع الثالث من النشاط الصناعي ورغم انها تشكل صناعة قائمة بذاتها الا ان الكثير من الباحثين من بعدها من الهياكل الارتكازية التي لابد منها للتطور الصناعي ويرتبط التقدم الحضاري الحديث بتطور انتاج الكهرباء والتوسع في استخدامها ، وشكلت مؤسساتها المتعددة المصادر قاعدة البناء الصناعي ، كما أنها تمثل أسس التطوير الاجتماعي بتغير طبيعة الحياة اليومية ، ويعد بناء المحطات الكهربائية بمختلف مصادرها الحرارية والذرية والكهرومائية واحدة من أهم الجوانب التي تتفاخر بها البلدان الصناعية ، كما تتفاخر بها البلدان النامية .

3. ماهي الجغرافية وماهي جغرافية الصناعة :
قد برزت الجغرافية الحديثة يتأثر واعتبارات هي الكشوف الجغرافية وشيوع الفلسفة العلمية وظهور نظرية التطور لدارون فالرحلات الجغرافية والكشوف عملت على توسيع  أفق البحث الجغرافي وتطويره وذلك باكتشاف الامريكيتن والقارة الاسترالية ، فضلاً عن الكشوف الاخرى في ارجاء قارتي اسيا وافريقيا ، فضلاً عن ان الرحلات كانت عاملاً مساعداً في تطوير علم رسم الخرائط وتقدمه .
غير ان شيوع الفلسفة العلمية قد تمكن من أدخال مبدأ البحث عن الاسباب (مبدأ السببيةوتحولت الجغرافيا من مجرد معلومات وحقائق وصفية الى علم يخضع للتحليل والتركيب أي الى دراسة ذات مستوى فلسفي لائق ، ان الباحث يبحث عن القواسم المشتركة للاقاليم وعن العلاقات المترابطة بين الظاهرات وعناصرها وبين المكان او الأقاليم الذي توجد فيه ، فالارتباط بين الظواهر أول خطوة من خطوات الفرضية المؤدية الى النظرية ، كما ان قياس قوة الترابط بين الظواهر وتغير التفاعل بينها وبين مكوناتها عن طريق الاحصاء والرياضيات ، والخطوة الثانية والتي هي عبارة عن فحص مدى صدق النظرية والتأكد منها .
وعموماً فانه يمكن ان نقول بان الجغرافية قد ظهرت بمنتصف القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ، وفعلاً فان هذه المدة قد شهدت رواد علم الجغرافية الحديثة أمثال كارل ريتر ، وفوت هامبولدت وغيرها ، وعلى الرغم من كثرة المفاهيم الجغرافية وتنوعها الا ان بينها قواسم مشتركة فجميعها تتفق على أن سطح الارض ميدان الدراسة الجغرافية وإن الظواهر التي تشغل ذا السطح بمثابة موضوعاتها ، اما الاختلاف فيما بينها فيظهر من خلال درجة التركيز على ناحية من النواحي أو مظهر من مظاهر فاتباع مدرسة اللاندسكيب الاقليم او سطح الارض كانوا يركزون على المظاهر الطبيعية للظاهرة ويدرسون كل ماهو موجود على سطح الارض المرئي فيمد دون مكانة وموقعه ويصفون خصائصه ويناقشون كل ما يطرأ عليه من تطورات ويبحثون كل ما يحدثه الانسان فيه من تغيران او تعديلات.
أما اتباع المدرسة الإقليمية فقد كانوا يركزون أولاً على تفرد الأقاليم ويرون بان الاقليم وحدة مساحية من الارض متجانسة في ظاهرتها وتتباين الاقاليم مكاتباً طالما ان التفرد صفه من صفات الاقاليم ، ويعاب على هذه المدرسة أنها اغرقت في الوصف وركزت على التفرد مما استحال على الجغرافية عمل التعميمات وبناء الفرضيات وصياغة النظريات والقوانين .
والان لنتساءل هل يمكن تحديد سمات رئيسية لعلم الجغرافية ؟ نعم ذلك من خلال السمات الاتية :
  1. الشخصية الثنائية لعلم الجغرافية ذلك ان الجغرافية تجمع بين العلوم الطبيعية والعلوم البشرية باعتبارها تعنى بدراسة الظواهر الطبيعية والبشرية كافة وهي بهذة الدراسة تنفرد على باقي العلوم الاخرى .
  2. الدراسة الاقليمية الاقليم وحدة في تنوع او مساحة من الارض تحيل الى الوحدة والتشابه في المظهر العام على الرغم من التنوع في الاجزاء المكونه له فالجغرافية تسعى الى تقسيم العالم  الى اقاليم متنوعة قد تكون على مستوى القارات او الدول او غيرها ، أي ان الجغرافية تعتمد في دراستها الى اجراء مسح شامل للظواهر الطبيعية والبشرية كافة الموجودة على سطح الارض (الاقليموهي بهذه الميزة تنفرد على سائر العلوم الاخرى ايضاً .
  3. الخريطةهي اللغة التي يفهمها الجغرافي او العدة او الوسيلة المستخدمة في البحث الجغرافي وفيها يستطيع ان يمثل الظواهر الطبيعية والبشرية كافة تمهيداً لدراستها ، وهي تمثل صورة الوثيقة الاساسية التي تهدف الجغرافية الى دراستها أي تمثل صورة الارض في استخدامه الخريطة يختلف عن استخدام ميادين اخرى كالهندسة والمساحة مثلاً فمهندس المساحة هو الذي يقع على عاتقه مهمة نقل سطح الارض من الارض الى لوحة من الورق ، كما ان انشاء مساقط الخريطة وحساباتها لاتدخل في صميم عمل الجغرافي ، في حين ان الجغرافي يسجل عليه العالم الطبيعة كافة ويوزع مختلف الظواهر البشرية  والحقيقة ان هذا التشعب الكبير للمادة الجغرافية يعني ان الجغرافي البارع يجب ان يتسلح بدراية وخبرة وقراءات مستفيضة في فروع العلوم الطبيعية والبشرية كافة كي يتسنى له فهم خريطة العالم الطبيعية والبشري فهما دقيقاً قائماً على التحليل والتعليل ويستطيع في النهاية تحديد ابعاد صورة المستقبل للاقليم او الموضوع المراد دراسته .
وعموماً فأن النظرة الفاحصة  لمضمون علم الجغرافية ، تكمن في كيفية تحديد مجالات هذا العلم وطبيعة اهدافه ومنهجه فالجغرافية الصناعي القادر الذي تلقى تدريباً جيداً او فهماً واسعاً وحياً متوصلاً بمستوى المعرفة العلمية التجريبية في حقل تخصصة بعلم يقيناً ان منهج تخصصه اقليماً او قطاعياً او سلعياً يقع في عدة جوانب هي :
دراسة عوامل التوطن وتحليل مقومات الموضع ، فان سينظر بنظرة مكانية متفحصة لعوامل التوطن ومقومات الموضع ، فعند التخطيط للقطاع الصناعي تتجه النظرة المكانية في تحديد ارض المصنع من خلال مؤشرات ابعاد المكان واتجاهات النمو العمراني والنمو الحضري واتجاهات الرياح السائدة وما الى ذلك فهل يعقل والحالة هذه ان يغفل دور الجغرافي عند استشراق صورة المستقبل  لموضوع الدراسة او الاقليم .
وهكذا يبرز الجانب النفعي والتخطيطي لما نسمية احيانا بالجغرافية التطبيقية ، ذلك لان العلاقة بين الجغرافية والتخطيط علاقة أصولية علاقة وسبب ونتيجة ، ولاسيما بعد التطور الهائل في الوسائل المستخدمة في البحث الجغرافي متمثلة بالطرق الاحصائية المتقدمة.
فجغرافية الصناعة إذن هي ذلك الفرع من الجغرافية الاقتصادية الذي يهتم بدراسة النشاط  الصناعي كونه ظاهرة ناجمة عن تفاعل الانسان مع ظاهرات سطح الارض الاخرى ، علما انه ينبغي ان نؤكد ان اهتمامات الجغرافية تظل محصورة في اطار منهجي الجغرافية العام ، فمنهج التوزيع والتحليل والتركيب  لاية ظاهرة هي محر الدراسة على ان ذلك لايعني اغفال المشكلات الرئيسية التي تجابه جوانب النشاط الصناعي المدروس والتي تقع هذه المشكلات  في محرين رئيسيين هما مشكلات ناجمة عن ضوابط طبيعية ومشكلات ناجمة عن عوامل بشرية فالاهتمام الجغرافية ينبغي ان يمثل نقطة الارتباط أو همزة الوصل بين مجموعتن المشكلات التي تفترض النشاط  الذي هو اصلاً موضوع الدراسة .
أذن دراسة الموقع الصناعي ومشكلات التركز الصناعي  والتخصص الصناعي والتشتت الصناعي وتخطيط الأنماط الإقليمية للنشاط الصناعي ومشكلات عوامل التوطن ومقومات الموضوع  تعد من صميم عمل الجغرافية وبناء على ما تقدم فان يمكن ان نوجز مجالات  جغرافية الصناعة بما يأتي :
  1. تحليل عوامل التوطن الصناعي ومقومات الموضع للمؤسسات الصناعية للمؤسسات الصناعية القائمة من خلال  التحليل المكاني المقارن .
  2. دراسة الانماط الاقليمية لتوزيع  الصناعات القائمة في محاولة للمساهمة في تخطيط نماذجها لاحقاً .
  3. دراسة التركيب والبنية الصناعية القائمة .
  4. دراسة العلاقة المتبادلة بين المناطق الصناعية المؤسسات الصناعية والمراكز الحضرية المجارة .
  5. التحليل الموقعي للاقاليم  والمناطق الصناعية في العالم بمختلف  المستويات والاقليمية والدولية والمحلية .

مناهج البحث في جغرافية الصناعة :
تستمد الفروع الجغرافية منهجيتها من فلسفة علم الجغرافية القائمة على منهج التوزيع والتحليل والتركيب للظواهر التي تتقاسم المكان ببيان علاقاتها المكانية وتفاعلها تاثيراً وتاثيرة ، ومنه يتبلور منهجان في جغرافية الصناعة هما :
  1. المنهج النظامي الذي يتم بموجبه اختيار صناعة محددة او فرع صناعي ، ثم تطبيق المنهج الجغرافي العام بشأن دراستها وتحليل مقومات موقعها(المواد الاولية ، السوق ، راس المال الايدي العاملة ، النقل ، الطاقة والوقود )، ومقومات موضعها الارض المياة ، اتجاهات الرياح وتدرس في هذا المنهج القرارات الموقعية وأسباب اتخاذها ونتائجها وفيه يمكن ان ندرس المصانع المنفردة او مجموعة المصانع الصغيرة وخصائص الصناعة .
  2. المنهج المكاني او الاقليمي وفيه يتم تحليل عوامل التواطن المتاحة للتصنيع وكيفية افادة الصناعة منها في اقليم معين يتم اختياره للدراسة ومحاولة تحديد الصناعات التي تجد لها فرصاً افضل للتواطن ، وفيه يبحث ايضاً الهيكل القائم بمصانعه وصناعاته ، ومن الاتجاهاتالحديثة في هذا المنهج دراسة الصناعة في المناطق المتروبولية ، وانماط الموقع الصناعي في إقليم او دولة النمو الصناعي ، مشاكل الصناعة في مناطق معينة مثلاً .





















المعايير المستخدمة في جغرافية الصناعة
تستخدم في جغرافية الصناعة والبحث فيها عدة معايير أهمها:
اولاًعدد المصانع ويقصد به عدد المنشات الصناعية القائمة، وبعد اسهل وابسط المعايير ، كما أنه متوفر غالباً ويسمح بتداولة ، الا انه قد لايتوفر في بعض الدول على مستوى الوحدات الادارية الصغيرة ، واستخدامه في قياس حالة الصناعة قد يعطي نتائج مظللة للاختلاف الكبير في حجوم المصانع منها تضم عاملاً واحداً واخرى تضم الاف العمال ، لذا يفضل الاستعانة بمعيار أخر او اكثر .
ثانياًعدد العمال وهو من اكثر المعايير شيوعاً في قياس حجم النشاط الصناعي ، الا انه لايعكس إنتاجية العامل التي تتباين من بلد لاخر ومن صناعة لاخرى ، بل ومن عامل لاخر لاختلاف مستوى التقنيات ومستوى تأهيل العاملين وعوامل آخرى اجتماعية واقتصادية وصحية وتقنية ودينية.
ثالثاًالاجور المدفوعة وهي مجموعة من الاجور والرواتب والمزايا التي تدفع للعاملين والموظفين في المؤسسات الصناعية وهي بطبيعة الحال تختلف من صناعة الى اخرى ومن بلد لاخر وكذلك حسب المستوى التعليمي .
رابعاًقيمة مستلزمات الانتاج ويعبر عنها بقيمة المدخلات وتحتل كل تكاليف الانتاج الصناعي خلال مدة زمنية معينة سنةوتتضمن كلف شراء المواد الاولية ومصادر الطاقة والمياه وكلف النقل وأجور العاملين الاجمالية وكلف الصيانة والضرائب والاعلانات .
خامساًقيمة الانتاج وهي القيمة التقديرية لكل الانتاج الصناعي خلال مدة زمنية محددة وغالباً ما تكون سنة واحدة ، فان قيمة الانتاج الصناعي تعد مؤشراً جيداً لتطور او تراجع الانتاج الصناعي ويعبر عنها بقيمة المخرجات .
سادساًالقيمة المضافة وهي القيمة التي تضيفها العمليات الصناعية للمادة الاولية المستخدمة في الانتاج من خلال قيمة الانتاج  قيمة مستلزمات الانتاج القيمة المضافة .




معوامل التوطن الصناعي
              كل مؤسسته صناعية تعتمد على مجموعة من العوامل من اجل قيام هذه الصناعة واستمرارها وتشمل كل من :
اولاًالمواد الاولية :
تقوم الصناعة التحويلية بتغيير شكل او حالة المادة الاولية لخلق او زيادة منفعتها للانسان عن طريق العمليات الانتاجية بأنواعها المختلفة أي قدرتها على اشباع الحاجات البشرية ، ان الدور الذي يمكن ان تؤدية المادة الاولية في تحديد مواقع الصناعات او المشاريع يأتي من خلال نسبة مساهمتها في الكلفة الاجمالية للانتاج.
وقد وجد ان عنصر كلفة المواد الاولية تعد أهم عامل في الصناعة في العراق حيث وصلت نسبته الى 47% من اجمالي نفقات الانتاج ، بينما كان معدل كلفة العمل نحو 30% ،  وجاءت نفقات الطاقة والوقود بنسبة 9% من اجمالي كلفة الانتاج ، مع ذلك فان الواقع الصناعي في العالم يكشف عن حقائق عديدة منها :
أان وجود المادة الاولية وإن كان شرطاً اساسياً لقيام الصناعة ، الا أنه لايعد الشرط الوحيد لقيامها ، لان توفره لايكفي لقيام الصناعة ، بل هناك مقومات كثيرة فهناك دول تعد فقيرة من ناحية المادة الاولية ولكنها متقدمة صناعياً كاليابان مثلاً واخرى غنية بالمواد الاولية ولكنها مازالت تعد من الدول الفقيرة في مجال الصناعة والتصنيع كما هو الحال في الدول النامية .
بان وجود المادة الاولية فقط لايكفي لقيام الصناعة او توطنها مالم يكن هذا الموجود مستثمر بشكل اقتصادي أي ضمان الحصول وبالمواصفات نفسها .
جإن ضرورة وجود المادة الاولةي كماً ونوعاً يعمل على تخفيض كلفة الانتاج الصناعي ثم تخفيض كلف السلعة المنتجة ، وبذلك تستطيع الصناعة من الاستمرار والتوسع والتطور.
الصناعة لاتعتمد على المواد  الاولية المستخرجة من باطن الارض او الزراعة ، بل هناك صناعات تعتمد اساساً في العملية الانتاجية على مخرجات صناعات أخرى وصناعات أخرى لاتعتمد اساساً في العملية الانتاجية على مخرجات صناعات أخرى وصناعات أخرى لاتعتمد على مادة من نوع واحد بل تعتمد على عدة مواد اولية سواء كمواد اساسية او مساعدة وبنسب مختلفة ، لذا فكمية المواد الاولية تعد عاملاً في تحديد واختيار المواضع الصناعية لتوطين عملية التصنيع فاختيار الموقع قرب المواد الاولية لان ذلك يقلل من تكاليف النقل مثل مصانع قصب السكر الذي تفقد المواد الاولية من وزنها 90% ,والموقع المناسب للصناعة  ينبغي ان يتمتع بادنى تكاليف نقل وقد خرج فيبرما اسماه الرفم القياسي للمواد ويعني ذلك نسبة الخام الى نسبة المنتجات


                  وزن المواد الداخلية في الانتاج
نسبة المواد ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                        وزن المنتجات

وكلما كانت النسبة اكثر من واحد صحيح كان المصنع قريب من المادة الاولية ، اما اذا انخفضت  هذه النسبة الى اقل من الواحد الصحيح فأن المصنع يصبح موقعه من المواد الاولية ضعيفاً ويمكن ان يكون قريب من السوق .

ومن الصناعات التي تنجذب نحو مصادر المواد الخام .
  1. الصناعات التي تكون خاماتها سريعة التلف او التي لاتتحمل النقل لمسافات طويلة كصناعة الالبان وتعليب الفواكه والخضر واللحوم وتعليب الاسماك .
  2. الصناعات  التي تستخدم منتجات او مخرجات صناعات أخرى مثل صناعة المواد الانشائية بالقرب من مصانع الاسمنت وصناعة  الورق قرب المشاجر او الاصطناعية والغابات.
  3. الصناعات  التي تستخدم مواد خام كبيرة الحجم وثقيلة الوزن وتكاليف نقلها كبيراً كالاحجار الجيرية التي تدخل في صناعة الاسمنت وكذلك احجار المرمر والرخام .
  4. الصناعات التي تستخدم مواد خام كبيرة الحجم ثقيلة الوزن والتي يقل حجمها ووزنها اثناء العملية الانتاجية كخامات المعادن الثقيلة وصناعة السكر .

ولاهمية المادة الخام وتوافرها فأصبحت في الوقت الحاضر ذات اهمية نسبية وليست مطلقة وخاصة بعد التطور التكنولوجي في مجال التصنيع والتطور في وسائل النقل الذي ادى بدوره الى تخفيض مجمل تكاليف السلعة الصناعة .

ثانياًالسوق
السوق هو المكان الذي يلتقي فيه البائعون والمشترون لعقد صفقات سواء كانت سلعاً او خدمات ، واكد الاقتصادي السويدي بالاندر على أهمية حجم السوق ودرجة قدرته على الاستيعاب للسلع والمنتجات الصناعية ، اما هو فاهتم بتكاليف النقل ولاحظ ان موقع المشروع الانتاجي ليس بالضرورة ان يكون بالقرب من السوق المواد الخام وانما قد يكون في مكان متوسط بينهما ، وأن تكاليف النقل وتكاليف الانتاج هي عوامل محددة للموقع ، أما الدش فقد اهتم بالموقع الذي يحقق المشروع فيه اكبر قدر من الربح .
ولما كان الغرض النهائي من قيام الصناعة هو انتاج السلع التي يطلبها افراد المجتمع لاشباع حاجياتهم او انتاج السلع التي تستخدم في انتاج السلع التي يطلبها الافراد ، أي توفير السلع التي يتوفر عليها الطلب المدعم بالقدرة الشرائية ، لذلك يعد السوق من اهم مقومات قيام الصناعة  وتطورها والى حجم السوق يعد كذلك عاملاً من عوامل نجاح الصناعة حيث ان حجم السوق يعتمد على السكان ومستوى دخل الفرد .
فقد تتوافر مقومات قيام الصناعة من مواد خام وقوى عاملة وراس مال وغيرها ولكن عدم توفر السوق المناسب قد يكون عقبة اساسية امام قيامها ونجاحها وقد يكون السوق عاملاً  حاسماً في نجاح الصناعة وقيامها واستمرارها وتطورها على الرغم من افتقار الدولة الى بعض المقومات الاخرى لها .
ويعتمد السوق بالطلب على السلع يكون اما داخلياً او خارجياً أي السوق قد يكون محلياً او اجنبياً ويعتمد السوق المحلي بمرحلة النمو الاقتصادي الذي يمر به البلد وما نتج عنه من ارتفاع او انخفاض متوسط دخل الفرد بالاضافة الى عدد السكان ومدى تأثيرها وانتشارهم على المساحة الجغرافية ، اما ما يحدد السوق الخارجي فهو قدرة الصناعة الوطنية على المنافسة في الاسواق العالمية ومواصفات السلعة من رخص الثمن نسبياً والجودة العالية اضافةالى الاتفاقيات التجارية .
وتبرز أهمية  السوق من خلال تكاليف نقل السلع الصناعية الى اسواق تصريفها وتأثيرها على اجمالي الكلفة لهذه السلع ومقارنتها بكلفة نقل المواد الاولية من مواطن انتاجها الى موقع المشروع الصناعي .
وعموماً فان الصناعات التي تتميز ببعض السمات وتجعلها تنجذب نحو السوق هي :
  1. الصناعات التي تكون منتجاتها سريعة التلف مثل صناعة الالبان او الثلج مما يؤدي الى انخفاض وتدهور قيمتها فيما توطئت بعيداً عن السوق ، لو أن التقدم التكنولوجي في مجال النقل قلل من تلف السلع .
  2. الصناعات التي تكون منتجاتها قابلة للكسر كصناعة الزجاج ولاتتحمل النقل لمسافات طويلة ، مما يؤدي الى زيادة الكلفة الاجمالية لتلك السلعة .
  3. الصناعات التي تنتج سلعاً كبيرة الحجم والوزن ورخيصة الثمن نسبياً في الوقت ذاته كالطابوق والجص وغيرها ، فتكاليف نقلها الى الاسواق .
  4. المادة الاولية التي يزداد وزنها اثناء العملية الانتاجية كما هو الحال في صناعات المشروبات الغازية وتجميع السيارات حيث تعادل السيارة وهي مجمعة نحو (5-6) امثال حجم المادة الخام الداخلة في صناعتها ففي هذه الحالات يفضل ان تكون  موقع الصناعة قريباً من السوق .
  5. الصناعات التي تتوطى بالقرب من صناعة قائمة السوق بسبب الارتباطات الخلفية واستخدامها لمنتجات تلك الصناعة بصفة مدخلات في انتاجها مثل صناعة العلف الحيواني والالبان .
  6. صناعات الذوق والطلب الاني والمستمر والتي تتطلب ان يكون المنتج على  اتصال مباشر بالمستهلك مثل صناعات المودة والصناعات التي تتعرض لمنتجاتها بصورة مستمرة للتغيير في انماطها او في رغبات المستهلكين واذواقهم مثل صناعات النسيج  والملابس والاحذية والعطور والتحف والسيارات والاجهزة الكهربائية والهاتف النقال .

ثالثاًراس المال :
ان قيام أي نشاط اقتصادي يحتاج الى راس المال سواء لشراء المواد الخام التي يعتمد عليها في العملية الانتاجية او للحصول على المكائن والمعدات والالات اللازمة لانجاز العملية الانتاجية الصناعية .
الصناعة بحاجة الى رأس مال متغير لتأمين احتياجاتها من المواد والخام ودفع اجور العمال والوظفين ، وهي بحاجة الى رأس مال ثابت لتأمين احتياجاتها من الآلات والكمائن واقامة الانشاءات والمباني ، وكلما كبر حجم المشروع ازدادت الحاجة الى راس مال اكبر فالاحتياجات من راس المال اللازمة لتنفيذ المشروع الصناعي تتوقف بالدرجة الاساسية على طبيعة الصناعة ومدى تطور الاسلوب التقني فيها .
ان توفر رأس المال المطلوب للصناعة لايمثل مشكلة للدولة الصناعية الا ان الدول النامية تعاني من نقص حاد في تحويل الصناعة لان اقتصادياتها في طور النمو لذا تلجأ الى أحدى الطرق او كليهما الادخار او الاقتراض وفي الادخار نعتمد على امكاناتها المحدودة اصلاً وهذه ترتبط بمقدار الناتج المحلي وثم الدخل الفردي ومقدار الفائض منهما والمتاح منه للاستثمار وعلى طبيعة الانظمة السياسية والاقتصادية والمالية القائمة والقوانين وعلى النشاط المصررفي وتطوره ومقدار الفائدة المصرفية ، فضلاً عن الوعي الادخاري والاستثماري لدى المواطنين ومقدار اطمئنانهم على مستقبل المشاريع التي يرغبون باقامتها في البلد ، ويلاحظ في هذه البلدان  شيوع النزعة للاستثمار في القطاعات غير الصناعية كالعقارات والتجارة او حتى نقل او تهريب  الاموال الوطنية خارج البلد مما يعد عائقاً امام النتيجة الصناعية .
ويمكن تحقيق نجاحات هامة في تكوين وتراكم راس المال وفي استثمارها في القطاع الصناعي بترشيد  الاستهلاك وتحسين الانتاجية في الانشطة الاقتصادية المختلفة استثمار الموارد المتاحة بشكل افضل ، محاربة الفساد ورفع كفاءة النظام الضريبي ، الا ان مقدار النجاح يتباين من بلد لاخر بحسب الامكانات وطبيعة الخطط المنفذة مع تشخيص أهم المشاكل ووضع لها خطط زمنية لمعالجتها
اما القروض فهي الوسيلة التي تلجأ اليها كثير من الدول بهدف تحسين أحوالها الاقتصادية  الا ان مقداراً لايستهان به من تلك القروض ينفق على انشطة اخرى  مما يثقل كاهل هذه الدول لاحقاً وتتعد مصادر هذه القروض فمنها ماهو داخلي او خارجي من مصارف او هبات خاصة او حكومية او من حكومات او صندوق النقد الدولي ، كما تختلف مقاديرها وشروطها وظروف منحها تعتمد قدرة الدولة في الحصول على القروض الخارجية على علاقاتها الخارجية وسلامة  اقتصادها ومدى استجابتها للضغوط الخارجية التي تفرض عليها غالباً وتجعلها تقدم باجراءات وتغيرات في سياستها الخارجية او الداخلية او الاقتصادية .
وفي العقود الاخيرة تبلور اتجاه جديد في هذا المجال تمثل في فتح الدول ابوابها  امام الاستثمارات الاجنبية التي تقودها الشركات متعددة الجنسية وقد نجحت دول  في الاستفادة من هذه الاستثمارات مثل كوريا الجنوبية واندونسيا وماليزيا  الا ان  دولاً اخرى تعرضت اقتصادياً الى انتكاسات خطيرة واثقلت بالديون مثل البرازيل والمكسيك .
رابعاًالقوى العاملة :
القوى العاملة عنصر مهم في جميع العمليات الصناعية إلا ان دور هذا العنصر في اختيار موقع الصناعة يختلف من صناعة لاخرى  وفي مصنع لاخر ، ففي بعض الصناعات مثل صناعة الحديد  والصلب وصناعة وسائل النقل والغزل والنسيج يجري استخدام اعداد كبيرة من العمال ، بينما تتطلب صناعات أخرى اعداداً قليلة من اليد العاملة كصناعة البتروكيمياوية وتحتاج بعض الصناعات عمالاً على درجة عالية من الخبرة الفية كصناعة العدسات في حين لاتشترط الاخرى عمالاً ما هربت كصناعة مواد البناء ، وفي بعض الصناعات تحتل كلفة المنتجات النهائية في العمل مثل صناعة  العدسات وصناعة المجوهرات وصناعة الملابس الجاهزة ، وفي بعض الصناعات لاتكون كلفة العمل الانسبة ضئيلة من اجمالي كلفة الانتاج مثل صناعة تكرير البترول.
ففي بعض المناطق المزدحمة بالسكان تستفيد الصناعة  من وفرة اليد العاملة اذ يكون بامكانهما استخدامهم بأجور منخفضة ، وذلك عكس الحال في المناطق القليلة السكان والتي ترتفع  فيها اجور العمال ، كما أن المناطق المزدحمة بالسكان في البلدان النامية والمتخلفة من السهل الحصول على العدد المطلوب من العمال غير الماهرين ولكن من الصعوبة الحصول على العمال الماهرين ، أما في البلدان الصناعية فمن السهل الحصول على اليد لعاملة غير الماهرة  والماهرة في المدن الكبيرة وفي مناطق التركيز الصناعي ، وهنا يكون تدريب العمال من الامور  السهلة لان العمال على علم بمبادئ الصناعة والتكنلوجيا ، أما البلدان المتخلفة تكون مشكلة الحصول على العمال الصناعيين مسألة مهمة لان السكان يفتقرون الى المبادئ الاساسية  في التكنلوجيا والحياة الصناعية .
والواقع ان اهم المشكلات في البلدان النامية عدم الاستخدام الفعال للكوادر الموجودة واعداد متخصصة وباقصى مدة ممكنة ، فضلاً عن عدم وجود صلة بين نظام التعليم السائد فيها وبين متطلبات التنمية الاقتصادية ، ولما كانت غالبية البلدان النامية والمتخلفة تتميز بوفرة عنصر العمل وندرة راس المال ، فان خلق العمالة كان هدفاً من اهداف مشاريع التنمية الصناعية في هذه البلدان .
وان اختيار موقع الصناعة في مناطق توافر العمال او في المناطق الحضرية يوفر على  اصحاب المشاريع انفاق راس المال على الاسكان ومشاريع الماء والكهرباء والخدمات الصحية والتعليم وخدمات النقل والمواصلات وهذا يعني ان عدم توافر الخدمات المذكورة او ما يعرف بالهياكل الارتكازية  يزيد من راس المال المطلوب لاقامة المشاريع الصناعية ، فعلى سبيل المثال نذكر ان مصنع الاسمدة الكيمياوية في منطقة وادي دامودار الصناعية في الهند والذي بدأ الانتاج فيه عام 1952 قد كلف راس مال ضخماً جداً يزيد على راس مال لاي مشروع مماثل له أي متقدم اذا لم ينفق هذا المال على شراء الالات والمكائن وابنية المصنع فحسب وانما انفق على مشاريع بناء الطرق وخطوط السكك الحديد الضروري للمصنع وبناء مدينة كاملة للعمال مزودة بالمدارس والمستشفيات والماء والكهرباء وباقي الخدمات الاجتماعية وينطبق الحال كذلك على مصنع نسيج الديوانية الذي تم بناء حي كامل بالاسكان مع الخدمات.
وهناك من يعطي أهمية كبيرة لعنصر تكاليف العمل في الصناعة ويرى انخفاض تكاليف العمل يؤدي الى جذب الصناعة وتكاليف العمل تتضمن بالاضافة الى الاجور تكاليف الضمان الاجتماعي والخدمات الصحية وتكاليف خدمات النقل وخدمات السكن وكلفة وجبات الطعام المنخفضة التي تقدم للعمال المصانع وياتي انخفاض تكاليف العمل من انخفاض اجور العمل من ارتفاع انتاجهم كما هو الحال في الصيف




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا