المركز التربوي الجهوي بطنجة الموسم التكويني: 2008ـ2009م
- المركز التربوي الجهوي طنجة
- شعبة الاجتماعيات
من انجاز الطالبان:
- عبد الغفور بوصايون
- عـــــــــــادل أرودام
أولا : الكتاب المدرسي: تعريفه، وظائفه وأهدافه
1- تعريفه:
هناك تعريفات متعددة للكتاب المدرسي؛ فهو وثيقة تربوية ودراسية، و"مصدر من مصادر المعرفة السهلة المنال والموثوقة كعامل من عوامل التربية والتعليم "(1) [7] ويعتبر من الدعامات الأساسية للعمل التربوي أيا كان نوعه.
ومن بين التعاريف المهمة، نجد تعريف كزافي روجرز والذي يقول بأن الكتاب المدرسي " أداة مطبوعة بكيفية تجعلها مندرجة في صيرورة تعلم من أجل تحسين فعالية تلك الصيرورة "(2) .
هذا إضافة إلى تعريفات متعددة نورد منها مايلي:
- " الكتاب المدرسي مؤلف تعليمي يقدم المفاهيم الجوهرية لعلم ما، أو تقنية ما يتطلبها البرنامج التعليمي في شكل ميسر. " (3)
- " هو منوال تعليمي، تعرض فيه عناصر منظمة لمادة علمية معطاة كتابيا ومناسبة لوضعية بيداغوجية محددة لكي يستوعبها المتعلم "(4)
- " هو أداة مطبوعة ومنظمة وموجهة للاستعمال في صيرورة تعلم وتكوين متفق عليه. " (5)
من خلال هذه التعاريف المتنوعة ، يظهر لنا صعوبة في إيجاد تعريف شامل جامع للكتاب المدرسي ووظيفته وأهدافه، فهناك من يعتبره أداة منظمة وموجهة ، وآخرون يرون فيه سلة مفاهيم مهيكلة لعلم ما . فإذا كان الدارسون لا يتفقون على تعريف موحد لهذه الوثيقة ، فهل يتفقون على وظائفها وأهدافها؟ وإذا كان الأمر كذلك ، فما هي تلك الأهداف؟ وكيف يمكن تحقيقها؟
2- وظائف الكتاب المدرسي
رغم الاختلافات الموجودة حول تعريف الكتاب المدرسي، إلا أن هناك تقارب لوجهات النظر حول أهداف هذه الوثيقة. و قد حدد هؤلاء أهم الوظائف في كونه أداة تعلم وتكوين، إضافة إلى وظائف أخرى تتغير من مادة إلى أخرى، ومن منظومة تربوية إلى أخرى، وحسب مستعمليه أيضا ( المتعلم والمعلم)؛ فهو بالنسبة للمتعلم وسيلة لنقل المعارف والمهارات، أما بالنسبة للمعلم فهو منوال يساعده على التعليم وتطوير قدراته التربوية والرفع من أدائه. وفيما يلي تبيان لبعض الوظائف الأخرى الخاصة بكل من الطرفين.
الجدول رقم :1
وظائف الكتاب المدرسي تجاه طرفي العملية التعليمية
تجاه المتعلم
|
تجاه المعلم
|
|
|
| |
| |
| |
| |
بحيث يمكن للمتعلم الرجوع إلى الكتاب المدرسيلإيجاد قواعد محددة مثلا.
| |
| |
|
وعموما فان هذه الوظائف تبينت أهمية الكتاب المدرسي المدرسية والحياتية، فمهما كان التطور الحاصل في علوم التربية، فان الكتاب المدرسي يبقى أداة أساسية لا غنى عنها في التدريس رغم أنها ليست الأداة الوحيدة. فكيف تبنى هذه الأداة؟ وما هي مراحل إنتاجها؟
3- مراحل إعداد الكتب المدرسية
تمر صياغة الكتب المدرسية وإخراجه بعدة مراحل:
- تعتمد الخطوط العريضة للمناهج بعد إقرارها من قبل مجلس التربية والتعليم.
- تقوم إدارة المناهج والكتب المدرسية باختيار المؤلفين ثم تعد اللجنة اللازمة وأعضاء لجنة التأليف.
- تسلم الوثائق اللازمة لأعضاء لجنة التأليف وتعد اللجنة العينة اللازمة.
- تقوم لجنة تأليف بكتابة وحدات المخطوطة ثم يقوم محرر لجنة التأليف بتحرير المادة التعليمية.
- يقرأ المحرر العلمي المخطوطة، ويحدد مدى مطابقتها للخطوط العريضة للمنهاج والمواصفات التربوية والفنية للكتاب المدرسي.
- يقوم الفاحصون بفحص المخطوطة بعد اكتمالها مع الأخذ بملاحظات الفاحصين، وتقديم تقارير مفصلة .
- تناقض لجنة التوجيه والإشراف المخطوطة بعد اكتمالها.
- يجهز المحرر العلمي المخطوطة بكامل صفحاتها ووثائقها.
- يقوم قسم التحرير بتحرير المخطوطة لغويا.
- تعرض على مجلس التربية والتعليم لمناقشتها وإقرارها أو طلب تعديلها.
- يقوم المؤلفون بإدخال تعديلات على المخطوطة في حالة طلب ذلك مجلس التربية والتعليم.
- يقوم قسم التحرير بتحرير المخطوطة فنيا.
- يقوم قسم التصميم بوضع التصاميم اللازمة وإعداد الرسوم وصور الأغلفة.
- يعد قسم الإنتاج بوضع صباغة للكتاب ويحال على إحدى المطابع.
- ترسل المطبعة نماذج للطباعة، وتحال على قسم الإنتاج والمحرر العلمي والفني والمصمم لإدخال تعديلات عليها في حالة ظهور نواقص.
- تدخل المطبعة جميع التعديلات المطروحة وتقدم نماذجا مطبوعة لقسم الإنتاج لمعاينتها.
- يحول قسم الإنتاج العينة إلى المحرر العلمي والمحرر الفني والمصمم للاطلاع عليها وإجازتها.
- وأخيرا تقوم المطبعة بطباعة الكتب الجديدة وتسليمها إلى المستودعات المركزية.
لكن ما يلاحظ حول هده العمليات أنها لا تتضمن ما يشير إلى وجود محررين ومراقبين متخصصين في المواد التعليمية بمختلف أنواعها، بما في ذلك مادة الجغرافيا التي تقوم على مناهج علمية خاصة بها. فكيف يمكن أن تكون المضامين والقدرات المدرجة في هذه الكتب المدرسية تخضع للنهج الجغرافي وتخدم المادة؟ فرغم أن من وضعها ينتمون إلى المنظومة التربوية إلا أنهم ليسو متخصصين في المناهج العلمية للمادة.
4- مادة الجغرافيا من خلال الكتاب المدرسي: موضوعاتها وغاياتها
الجدول رقم 2
|
تشكل مادة الجغرافيا إحدى مكونات المنهاج الجديد لوحدة الاجتماعيات، وقد تم تأطير موضوعاتها في محورين كبيرين؛ الأول : يتعلق بالمؤهلات الطبيعية للمغرب، والثاني يتناول المؤهلات البشرية والأنشطة المختلفة ثم تنظيمها المجالي( هذا بالنسبة للمستوى الثانوي- الإعدادي).
السنة الأولى : الأرض كوكبنا
عناصر البرنامج
|
الكفايات
|
سن المتعلم
|
أولا : مكونات وخصائص كوكبنا.
1. الأرض: شكلها، تمثيلها
2. التدرب على رسم الإحداثيات وتحديد الموقع
3. الأرض في الكون
4. الأرض كوكــب في تحول مستمر
5. اليابس والمائي,
6. الغلاف الجوي.
* إعداد ملف عـن الاستخدام السلمي للبحر.
ثانيا : الإنسان وأنشطته الاقتصادية
1. دينامكية السكان وتوزيعهم
2. التدرب على تمثيل البنية والكثافة السكانية
3. أنشطة السكان: الفلاحة
4,أنشطة السكان: الصناعة,
5. أنشطة السكان: التجارة والخدمات
إعداد ملف حول الخصائص الطبيعية والبشرية لمحيط المتعلم وكيفية استغلالها
|
أنظر لائحة الكفايات الخاصة بالإعدادي.
|
من 12 إلى 13
|
السنة الثانية : جغرافية بلادنا
عناصر البرنامج
|
الكفايات
|
سن المتعلم
|
أولا: ماذا توفر لنا الطبيعة؟
1. موقع استراتيجي.
2. تضاريس وموارد سطحية متنوعة.
3. موارد باطنية مختلفة.
4. التدرب على رسم خريطة تضاريس المغرب وتوطيـن الموارد الطبيعية.
5. مناخ متنوع الخصائص
6. التدرب على رسم وقراءة المبيانات المناخية
* إعداد ملف حول موضوع الجفـاف بالمغرب.
ثانيا: سكان المغرب واستغلال المجال
1. سكان المغرب: دراسة ديمغرافية
* ملف حول المغرب ومؤشــر التنمية البشرية
2. تنظيم المجال الفلاحي والصيد البحري بالمغرب: إرغامات الطبيعــة ومشاكل التنظيم والتسويق
3. تنظيم المجال الصناعي: تنميــة ضرورية من أجل تحديث الاقتصاد.
4. التجارة: مرآة للاقتصـاد المغربي
5. السياحـــة بالمغرب ومستلزمات التطور.
6. قضايا تعيق التنمية المستدامة.
* إعداد ملف حول ظاهرة الهجرة.
* تشخيص قضية تعيق تنمية جهتي واقتراح حلول.
|
أنظر لائحة الكفايات الخاصة بالإعدادي.
|
من 13 إلى 14
|
السنة الثالثة: العالم من حولنا
عناصر البرنامج
|
الكفايات
|
سن المتعلم
|
تقديم : التكتلات الجهوية في زمن العولمة.
أولا: المغرب العربي: التكامل والتحديات.
1. المغرب العربي: عناصر الوحدة والتنوع.
2. المغرب.ع: بين التكامل والتحديات
3. اتحاد المغرب.ع: خيــار استراتيجي للتكتل الإقليمي.
ثانيا: الاتحاد الأوربي مثال لتكتل إقليمي.
1. الاتحاد الأوربي: إمكانياته ومكانته الاقتصادية في العالم.
2. الاتحاد الأوربي: بين الاندماج والمنافسة.
3.معيقات التكتلات الجهوية: مقارنة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب العربي من خلال وثائق.
ثالثا: نماذج دول متباينة النمو.
1.الولايات.م.أ قوة عالميـة.
2. اليابان قوة تكنولوجية.
3. روسيا ورهانات التحول.
4. مصر نموذج تنموي عربي.
5. نيجيريا بين الغنى الطبيعي والضعف التنموي
6. التدرب على معالجة ظاهرة اقتصادية باعتماد النهج الجغرافي.
|
أنظر لائحة الكفايات الخاصة بالإعدادي.
|
من 14 إلى 15
|
المصدر: الكتاب الأبيض، الجزء الثالث ( منهاج مادة الجغرافيا)، لجان مراجعة المناهج التربوية المغربية للتعليم الابتدائي و الثانوي-الإعدادي ، يونيو 2002.
تهدف هذه المادة من خلال هذه المواضيع إلى محاولة ترسيخ بعض المفاهيم الجغرافية المتعلقة بتنظيم التراب الوطني ومكوناته الطبيعية والبشرية، كذلك حصر الموارد من أجل تنظيم التصرف فيها والحفاظ على التوازنات البيئية.
بموازاة ذلك تهدف هذه المادة الى تنمية القدرات المرتبطة باستثمار الوثائق وتحليلها، إضافة إلى تنمية المهارات المرتبطة بتوطين الظواهر الجغرافية، تنمية مهارات خاصة بمناهج البحث الجغرافي وكذلك التمكن من المفاهيم المهيكلة للنهج الجغرافي المتمثلة في مفاهيم ؛ المورفولوجية والتوطين ثم الحركة. فما هي الأهداف التي يتوخاها المنهاج من مادة الجغرافيا؟ وهل تمت مراعاة هذه الخطوات خلال تأليف الكتب المدرسية ( الدروس الخاصة بالجغرافيا)؟ إذا كان الأمر كذلك، إلى أي حد تتناسب المواضيع المقترحة مع متطلبات تطبيق هذه الخطوات في الفصول الدراسية المغربية؟
5- الأهداف العامة لمنهاج مادة الجغرافيا
يهدف المنهاج إلى تنمية كفايات وقدرات تكوينية ذات أبعاد متنوعة( وظيفية، منهجية وقيمية...) لمسايرة متطلبات المنظومة المجتمعية. فيما يلي هذه الأهداف كل حسب انتمائه:
- " الأهداف المعرفية: اكتساب رصيد مفاهيمي ومعرفي حول القضايا المجالية؛ المحلية، الجهوية، الوطنية والعالمية.
- الأهداف المواقفية: اكتساب تربية مجالية تمكنه من الاندماج وتبني مواقف وسلوكات ايجابية تجاه محيطه الجغرافي بمختلف أبعاده.
- الأهداف المنهجية والمهارية: تنمية القدرات التعبيرية الخاصة بالجغرافيا لدى المتعلمين بما يمكنهم من توظيف مكتسباتهم في معالجة مكونات المجال الجغرافي واستيعاب اشكالياته ثم الانخراط في اقتراح الحلول المناسبة لها.[*] (6)
فكيف تعمل مواضيع مادة الجغرافيا كما قدمها المنهاج على تحقيق هذه الأهداف ؟ وما موقع كل من المدرس والتلميذ في هذه العملية ؟
جدول رقم 3:
لائحة الكفايات مادة الجغرافيا حسب منهاج مادة الجغرافيا (6)*
الكفايات
|
القدرات
| |
المرحلة الإعدادية
|
تنمية الكفايات السابقة
|
ترسيخ كافة القدرات المقررة لسنوات الابتدائي مع التمرن على تعبئتها في وضعيات تعلمية جديدة.
|
تطوير القدرات في أفق اكتساب الكفايات النهائية ( نهاية التأهيلي)
| ||
اكتساب أولي للعمليات المكونة للنهج الجغرافي ولأشكال التعبير التي تعتمدها المادة
|
التمرن على العمليات الفكرية المتمثلة في الوصف والتفسير والتعميم باستعمال المفاهيم المهيكلة لمادة الجغرافيا.
| |
تنويع وضعيات التمرن على دراسة الظواهر الجغرافية بما في ذلك مقارنة مجالات قريبة بأخرى بعيدة ، مقارنة بين تمثيل ظاهرة بمقياسين مختلفين ....
| ||
تنويع وسائل التعبير الجغرافي وكذا وضعيات استعمال تلك الوسائل
| ||
اكتساب معارف أساسية
|
اكتساب رصيد معرفي أساسي وفق موضوعات المقرررات.
اكتساب القدرة على انتقاء ومعالجة معارف وفق إشكالية مبسطة.
| |
اكتساب مهارات تنظيمية
|
التمرن على منهجية العمل، الفردي والجماعي وعلى تقنيات البحث والتعبير والعرض والتقديم..
| |
إدراك وظيفية الجغرافيا
|
تعزيز الثقة بالنفس
| |
التحفيز على المشاركة وحب الاستطلاع...
|
من خلال هذا الجدول يتضح أن المنهاج ركز بشكل أساسي على ضروروة اكساب التلاميذ العمليات الفكرية المكونة للخطاب الجغرافي ولمختلف أشكال التعبير التي يقوم عليها هذا الخطاب وكذا المفاهيم المهيكلة له. فما معنى الخطاب الجغرافي؟ وماهي مرتكزاته ووظائفه؟ اذا كانت الكتب المدرسية تتطابق مع المواصفات التي وضعها المنهاج، الى أي حد تخضغ الدروس المتضمنة بهذه الكتب للعمليات الفكرية المشكلة للنهج الجغرافي؟ و هل تنمي مهارات دراسة ظواهر جغرافية ؟ الى أي حد وظف العتاد الجغرافي في طرح هذه الدرو س ومواضيعها ؟
ثانيا : النهج الجغرافي : مفهومه وخطواته
1- مفهوم النهج الجغرافي
1-1 تعريف النهج
هو الطريق الذي يسلكه الباحث في التعاطي مع الظواهر وفي فحصها ونقدها وتحليلها وفي عرضها وترتيبها وتفسيرها واستخلاص التعميمات والنتائج العامة منها التي لا تقف فائدتها على معرفة الظاهرة المدروسة فقط بل تتعداه إلى المساعدة في تفسير الظواهر والإشكاليات المشابهة لها.
1-2 تعريف الجغرافيا:
لم تصل الدراسات على اختلاف أصحابها وطرقها إلى إيجاد مفهوم دقيق للجغرافيا، لكن على العموم يمكن تعريفها بأنها " مادة علمية تعتمد التحليل والتفسير وفق منهج علمي، كما أنها علم مركب يهتم بدراسة الظواهر الطبيعية والبشرية داخل المجال وتعاقبها الزمني والمكاني." [7]
بذلك فهي ليست مجرد وصف للأرض كما كان يقال عنها سابقا، بل هي علم له مناهج خاصة به في التعاطي مع الظواهر.
إذا كان الأمر هكذا من أين تستمد الجغرافيا مقومات هذا المنهج ؟
1-2-1 مرتكزات العمل الجغرافي
تستمد الجغرافيا وسائلها من ذاتها ومن العلوم الأخرى، فاستعارت مناهج التحليل الاقتصادي لاعتماده في دراسة الأنشطة السكانية وطرح الفرضيات ثم توقع المستقبل، كما استمدت منهج التحليل الكمي من علم الإحصاء والرياضيات المعتمد على اللغة الكمية التي تستعمل الإحصائيات والمعادلات الرياضية في تحجيم الظواهر الجغرافية بمختلف أشكالها وأنواعها خاصة في دراسة الأنشطة البشرية وحركتها، كذلك دينامكية بعض العناصر الطبيعية المتحولة باستمرار. إضافة إلى أن الجغرافيا تستفيد من أدوات التحليل النفسي والإيديولوجي والثقافي لعدة علوم أخرى. زيادة على الاستفادة من الثورة التكنولوجية- المعلوماتية التي يشهدها العالم في تطوير عملها وتدقيق أدائها ليصير أكثر علمية مع تطور الفكر البشري وتزايد الابتكارات والإبداعات التقنية. فما هي وظائف هذا العمل؟
1-2-2 وظائف الجغرافيا
لطالما كانت الوظائف التقليدية للجغرافيا تهتم بوصف الظواهر الطبيعية والبشرية لدوافع استكشافية أو توسعية أو دينية، لكنها الآن قد تجاوزت هذه الوظائف وأصبحت تدرس الظواهر وفقا لمناهج علمية دقيقة تتخطى مراحل الملاحظة والوصف الى تفسير العلاقات التفاعلية بين الظواهر الطبيعية والبشرية، مستعيرة أدواة عملها من نفسها ومن العلوم الأخرى.
ما هي الوسائل التي يعتمدها الخطاب الجغرافي ؟
1-2-3 وسائل التعبير الجغرافي
تتعدد أشكال التعبير الجغرافي بتعدد الغايات والأهداف وكذا الظواهر قيد الدراسة، منه:
- التعبير الكارتوغرافي: يضم عددا من الوسائل التعبيرية تساعد على التعرف على الكيان الجغرافي وتوطينه ثم تمثيل حركته وديناميته الكمية والكيفية. قد تكون هذه الوسائل حقيقية أحيانا كالصور المأخوذة من المجال بشكل آلي مباشر، أو قد تكون وسائل خرائطية تمثيلية( خرائط طبوغرافية، موضوعاتية، تصاميم)، أو مبيانات ومقاطع تختزل كنه الكيان الجغرافي وديناميته.
- التعبير العددي أو الإحصائي: يتعلق الأمر بالإحصائيات والحسابات الرياضية التي تستعمل للتعبير عن دينامكية الكيانات وعناصرها على المستوى الكمي على الخصوص، تشمل المعادلات الرياضية( مثلا عمليات حساب معدل النمو السنوي للسكانr= (t p1/p0)-1 )، الجداول الإحصائية، الرسوم البيانية، النسب المئوية...
- التعبير اللفظي: يمكن أن يكون شفهيا أو وثائق مكتوبة، أو تقارير تهم ظاهرة معينة كيفما كانت طبيعتها. عموما فن المقصود بالتعبير اللفظي هو كل النصوص الجغرافية كيفما كانت.
و يروم الخطاب الجغرافي من خلال هذه الوسائل إلى الإجابة عن الإشكاليات التي تطرحها الظواهر المجالية. ولتقنين التعامل مع هذه الإشكاليات بشكل دقيق فان الخطاب الجغرافي يعتمد على مجموعة من المفاهيم الهيكلية لمختلف الإشكالات. فما هي هذه المفاهيم؟ وما طبيعتها؟
1-2-4 المفاهيم المهيكلة للإشكال الجغرافي
- المورفولوجيا: تعني الخاصيات المتعلقة بهيئة الكيان الجغرافي المدروس، ويختزل هذا المفهوم شبكة من المفاهيم الفرعية، توظف حسب نوع الموضوع قيد الدراسة، ومقياس الدراسة وهي الشكل، البنية ثم الأبعاد.
- الحركة: تهم دينامكية الكيانات الجغرافية وعناصرها داخل المجال المدروس مكانيا وزمنيا، ذلك؛ من حيث الاتجاه، الحدة، الكم والكيف، كحركة السكان بمجال معين. فأهميته تكمن في فهم تطور الكيانات التي تمثل أهم الإشكاليات الجغرافية المطروحة بحدة.
- التوطين: يدل على المرجعيات المعتمدة في تحديد الموقع ورصد التوزيعات الجغرافية للكيان المدروس عبر المجال. ويعتمد التوطين بالأساس على الإحداثيات في التوطين العام من جهة، ثم توطين كيان جغرافي بالنسبة لكيانات أخرى من جهة ثانية.
كيف تعامل المنهاج مع النهج الجغرافي ومفاهيمه؟ وما هو النموذج الذي يقدمه؟
2- النهج الجغرافي من خلال منهاج مادة الجغرافيا
ألح المنهاج على أن " تجاوز الوضع الحالي للجغرافيا المدرسية معرفة ومنهجا يقتضي اعتماد المقومات الابستيمولوجية للمادة ومسايرة المستجدات على مستوى البحث الأكاديمي."[9] لتأخذ الجغرافيا دورها بفعالية أكثر في تنمية الفكر وحصر الموارد للمساهمة في انجاز وبناء المخططات الوطنية لإعداد التراب، ثم حماية التوازنات البيئية من الأخطار المحدقة بها. بالتالي ستتمكن الجغرافيا من استعادة وظيفتها الفكرية والاجتماعية.
عملا على تحقيق هذا التصور اقترح المنهاج ضرورة احترام مجالات عمل الجغرافيا كعلم وكمادة دراسية، كما ألح على إلزامية تطبيق خطوات النهج الجغرافي لتحقيق وظيفية وفعالية المادة. ذلك؛ لأن المنهاج يهدف إلى تنمية خبرات المتعلمين عن طريق اغنائها بتكوينات ذات أبعاد فكرية، منهجية، مهارية وقيمية بشكل يلبي طموحات المنظومة المجتمعية بصفة عامة، والمنظومة التربوية بصفة خاصة.
ما هو النموذج الديداكتيكي الذي يقترحه المنهاج؟
الجدول رقم 4 : النموذج الديداكتيكي الذي يقترحه منهاج مادة الجغرافيا
مجموع الميادين التي تهتم بها الجغرافيا(الطبيعية، البشرية، الإقليمية...) تشكل "سجلات تحمل مميزات المجال على شكل خامات يتم توظيفها في سياق تصور معالم المجال الجغرافي..." وتعرف هذه الميادين تفرعات (جغرافية بشرية، جغرافية حضرية...) كما تعيش تطورا تساير عبره الحاجيات المتجددة للمجتمع بقدر ما تتطور الآليات الفكرية التي توظفها.
|
يجمع بين الخدمة المجتمعية للجغرافيا والمجالات التي تهتم بدراستها
|
مجالات الجغرافيا
|
- الوصف: عملية فكرية تهدف إلى تحديد وتقديم الكيان المدروس وبالتالي الإفصاح عن هوية هذا الكيان وتحديد مواصفاته.
- التفسير: عملية فكرية تهدف إلى إبراز الأسباب التي تفسر مواصفات الكيان المدروس، والتي تم وصفها سابقا. وهو بذلك يقتضي الجمع بين ظواهر مفسرة وأخرى مفسرة وإبراز تفاعلاتها.
- التعميم: عملية فكرية تهدف إلى تقنين تجربة من خلال صياغة مبادئ أو اقتراحات مجردة تترجم الانتقال من الحالات الخاصة إلى ما هو عام أو كوني. والتعميم يقوم بوظيفتين: العناية بصقل المفاهيم لفائدة الوصف. سبك المبادئ والقوانين لفائدة التفسير. ويتم هذا السبك من خلال تتبع حالات ورصد العلاقات وتقنينها وبلورتها في شكل تعبير وجيز.
|
يشمل العمليات التي يتم من خلالها الكشف عن الكيان الجغرافي موضوع الدراسة. وهي ثلاث:
الوصف
التفسير
التعميم
|
النهج الجغرافي
|
- المرفولوجية:
تعني الخاصيات المتعلقة بهيئة الكيان المدروس. ويختزل هذا المفهوم شبكة من المفاهيم الفرعية توظف تبعا للموضوع المدروس ومقياس الدراسة وهي: الشكل، البنية، الأبعاد.
- التوطين:
يدل على المرجعيات المعتمدة في تحديد الموقع ورصد التوزيعات الجغرافية. ويعتمد مفهوم التوطين حسب الحاجيات على مرجعية مطلقة (الإحداثيات) وأخرى نسبية (توطين كيان جغرافي بالنسبة لكيانات أخرى).
- الحركة:
تدل على انتقال كيانات جغرافية عبر المكان ، وذلك من حيث الاتجاه، الحدة، وثيرة التنقل. كما يشمل مفهوم الحركة تطور الكيانات عبر الزمان من خلال مساءلة تاريخها بهدف يرتبط بانشغال جغرافي.
|
تدل على الواجهات التي تخضع للمعالجة من حيث الوصف والتفسير والتعميم. وهي ثلاث واجهات:
المرفولوجية
التوطين
الحركة
|
المفاهيم المهيكلة
|
- التعبير اللفظي: يعتمد الكلمة في تقديم الكيانات الجغرافية وذلك بإبراز صفاتها النوعية والقيم المرتبة لها.
- التعبير العددي: يوظف الأرقام في إبراز الجوانب الكمية والقيم المرتبة.
- التعبير البياني: ينقسم إلى قسمين: رسوم بيانية وأشكال كرتوغرافية، علما بأن هذه الأخيرة تمتاز بطاقات كبيرة في اختزال المعلومات النوعية والكمية مع توطينها.
|
قنوات التواصل المستعملة في الخطاب الجغرافي دون أن تكون حكرا عليه:
التعبير اللفظي
التعبير العددي
التعبير البياني
|
وسائل التعبير الجغرافي
|
- الأحداث الجغرافية: تعني الأوضاع التي يوجد عليها المجال المدروس. ويتم الكشف عنها من خلال مقياس محدد ومرجعية نظرية.
- المفاهيم الجغرافية: وهي موضوعاتية تشمل المفردات الاصطلاحية التي تستعمل في تحديد هوية الكيانات المجالية حسب المرجعية المعتمدة. وتؤدي هذه المفاهيم دورا كبيرا في التواصل العلمي الشفاف.
- الاقتراحات المجردة: تعني الإطارات النظرية المجردة المصاغة أوالمطبقة في سياق دراسة الظواهر المجالية، وتشمل المبادئ والقوانين والنظريات. وتقدم هذه الإطارات النظرية نماذج تفسيرية تنير طريق الدراسة.
|
الحصيلة المعرفية التي حققتها الجغرافيا من خلال الدراسات المجالية وتتضمن:
الأحداث
المفاهيم
اقتراحات مجردة
|
الإنتاجات الجغرافية
|
المصدر: الكتاب الأبيض، منهاج مادة الجغرافيا ، الجزء الثالث، لجان مراجعة المناهج التربوية المغربية للتعليم الابتدائي والثانوي الإعدادي والتأهيلي، يونيو 2002م
3- تعريف النهج الجغرافي وخطواته
1-3 تعريف النهج الجغرافي :
هو عبارة عن " عمليات فكرية يتم من خلالها تسليط الضوء على الظواهر المجالية باعتبارها منتجا اجتماعيا يترجم العلاقات الاجتماعية من خلال الممارسة المجالية ومختلف أشكال الإنتاج، إضافة إلى عمليات هيكلة المجال، ذلك؛ برصد ميكانيزماته والقوى الفاعلة في ذلك."[10] وبذلك فهو عملية يتم من خلالها إدراك المنبهات التي تسمح بتحديد مورفولوجية، حركة ومكان الظواهر. فما هي العمليات الفكرية التي هذا النهج؟
2-3 خطوات النهج الجغرافي
رغم اختلاف التوجهات الإيديولوجية والعلمية للباحثين في ابيستيمولوجية الجغرافيا، فإنهم يجمعون على ارتكاز النهج الجغرافي على أربع خطوات، هي : الملاحظة، الوصف فالتفسير قم التعميم.
1-2-3 الملاحظة:
هي عملية ذهنية- بصرية تقوم على معاينة الظاهرة المدروسة على جميع المستويات( الشكل، الحركة، التوطين...)، بذلك فهي تشكل الخطوة الأولى في أي عمل جغرافي ممهدة الطريق أمام العملية الثانية، أي الوصف، التي تحدد معالم الظاهرة وخصوصياتها المجالية. فما المقصود بالوصف؟
2-2-3 الوصف: On géographique:
هو " عملية فكرية قديمة قدم الجغرافيا، كانت تهيمن على العمل الجغرافي منذ ظهور هذا العلم في حلته الأدبية إلى غاية القرن التاسع عشر. ورغم بقائه الركيزة الأساسية للإنتاج الجغرافي فانه عرف تطورا هائلا؛ فبعد أن كان خلال العصور القديمة والوسطى هدفا في حد ذاته، أصبح الآن في خدمة عمليات أخرى هي التفسير والتعميم الجغرافي. "[11]
مر الوصف الجغرافي بثلاثة مراحل متكاملة في تطوره عبر التاريخ، هي:
- الوصف الموسوعي: On encyclopédique: اهتم بوصف المناخ والتضاريس، تاريخ المجتمعات البشرية، أنظمة الحكم، العادات...وقد أدخل هذا الوصف مفاهيم الشكل، التطور، الأبعاد، والتدرج على كل ظاهرة جغرافية موصوفة، إلا أنه تميز بتشتيت الموصوف وهيمنة البعد الأدبي في وصف الظواهر، بالتالي ربطها بحتمية قوية للوسط الطبيعي على الإنسان.
- الوصف القياسي أو الاستدلالي: On raisonnée : هو عملية تتم عبر صيرورة من التحليل والتركيب، تهدف إلى إدراك المنبهات التي تسمح بتحديد مورفولوجية ومكان وحركة الظواهر الجغرافية، هذا هو واقع الجغرافيا الحالية في حلتها العلمية القائمة على منهج واضح الخطوات وأكثر فعالية ونجاعة في معالجة الظواهر، تفسيرها ثم التنبؤ بمستقبلها.
من خصائص هذا التعريف، حسب صاحب هذا التقسيم الأستاذ محمد زكور، أنه يربط الوصف بالمفاهيم المهيكلة للخطاب الجغرافي( المورفولوجية، الحركة، التوطين) ، ويحدد بدقة الجوانب التي ينكب عليها الوصف ونوع المعالجة الفكرية التي تنحصر في إبراز الأشياء من حيث هي كذلك دون تفسيرها، إضافة إلى اكتشاف مبادئها، لأن ذلك من اختصاص عمليتي التفسير والتعميم.
تمر عملية الوصف بمرحلتين أساسيتين هما:
المرحلة التحليلية: تعنى برصد المعطيات، وهذا يقتضي اكتشاف العناصر عن طريق الملاحظة والمقارنة، بالتالي يتم الاقتصار خلال هذه المرحلة على تعداد العناصر وتصنيفها ثم ترتيبها.
المرحلة التركيبية: لا يقتصر الوصف خلال هذه المرحلة على استعراض مكونات الكيان وتعدادها فقط، بل يتعداها إلى وضع خطاب ذو معالم جغرافية تحدد بدايته ومراحله ومحتواه ويجب أن يضم هذا الخطاب المفاهيم المناسبة للموضوع ووسائل تعبير ملائمة.
مع هذا التصنيف يصعب وضع ضوابط قطعية للوصف الجغرافي، نظرا لتدخل مجموعة من العوامل في توجيهه، وهذه العوامل غالبا ما يصعب ضبطها.
عموما فان الوصف بمرحلتيه هو ليس غاية بحد ذاته، إنما هو وسيلة تمهد لتفسير الظواهر وتحليلها، إضافة إلى دورها المركزي في بناء الفكر والمنطق.
3-2-3 التفسير الجغرافي :
:L’explication géographique
عرفت الجغرافيا عدة تحولات مع بداية القرن العشرين على مستوى التوجهات، حيث لم يعد العمل الجغرافي يقتصر على الوصف وترتيب الظواهر، بل تعدت ذلك الى تفسيرها عبر الاهتمام بالعمل أو العوامل المسببة في نشوء الظاهرة الجغرافية المعنية، أو الصفات التي تحملها من حيث المورفولوجيا، الحركة والتوطين.
فالتفسير الجغرافي هو " عملية فكرية يتم بمقتضاها توضيح السبب أو الأسباب التي أدت إلى وجود ظاهرة مجالية ما، أو مواصفات تلك الظاهرة المعنية "[12] من حيث شكلها وتوطينها وكذا ديناميتها الذاتية ثم حركتها في المجال.
إذا كان هذا هو التعريف الحالي للتفسير الجغرافي، فان الجغرافيين الأوائل لم يعطوا مفهوما موحدا لهذا المصطلح بسبب اختلاف توجهاتهم وانتماءاتهم للمدارس الجغرافية التي كانت سائدة ورائدة في هذا المجال، ونظرا لاختلاف زوايا النظر لدى كل باحث، كل حسب الفرع الجغرافي الذي يشتغل في إطاره ( جغرافيا اقتصادية، سياسية...).
ما يستنتج من هذا التعريف أنه ينكب على دراسة ظاهرة جغرافية ملموسة، فهو يبحث في نوع العلاقة التفاعلية بين العناصر المشكلة للظواهر من جهة، وعلاقة الظاهرة المعنية بباقي الظواهر، إضافة إلى علاقتها بالمجال الذي توجد به. لهذا فان أصناف التفسيرالجغرافي كثيرة ومتنوعة.
3-4-2التعميم الجغرافي:
:La généralisation géographique
هو " عملية فكرية يتم بمقتضاها وضع أو استعمال أجهزة نظرية تضيء سبل الوصف والتفسير الجغرافيين ."[13] وهي عملية تهدف إلى تقنين التفسير بمقارنة العوامل المتحكمة في الظاهرة المدروسة بالتي حدثت في ظروف مشابهة. والتعميم نوعان؛ الأول يعنى بصقل المفاهيم المستعملة في تحديد الظواهر الجغرافية، أما الثاني فيعنى بوضع إطارات مرجعية تخدم الوظيفة التفسيرية للمادة الجغرافية:
- التعميم الخاص بالمفاهيم: يقوم على تعريف مفاهيم معينة لها خصائص موحدة، فهو ينكب على استيفاء المنبهات التي تدخل في تركيب المفاهيم المستعملة في تحديد الكيانات الجغرافية( مثلا مفهومي الزراعة البورية والزراعة السقوية، فالتمييز بين المفهومين تم بالاعتماد على مصدر المياه...).
- التعميم المرتبط بالتفسير:يهتم هذا النوع بوضع نظريات وقوانين قصد إبراز العوامل التي تتحكم في ظاهرة أو مجموعة من الظواهر المجالية، وتستند عملية التعميم هاته في بعدها التفسيري على تفسير العديد من الظواهر الطبيعية والبشرية. كما يتم التمييز في هذا التعميم بين نوعين: أولهما؛ التعميم التفسيري على مستوى المبادئ، أما الثاني فهو التعميم التفسيري على مستوى النظريات التي تتطلب تجريبها في دراسات ملموسة للتأكد من نجاعتها ووظيفيتها.
كيف نعمم الأسباب المفسرة لظاهرة على ظاهرة أخرى لها ظروف مشابهة للأولى؟
- منهجية التعميم الجغرافي:
لم توجد بعد منهجية مكتملة وتامة تحدد كيفية تحقيق عملية التعميم الجغرافي، لكن هناك إشارات عامة حول ذلك. من ذلك ما يقترحه الدكتور " محمد زكور " ، الذي يقول بان التعميم يتم عبر مرحلتين: مرحلة بناء العتاد النظري للتعميم، ثم مرحلة تطبيق هذا العتاد.
1- مرحلة بناء العتاد النظري: L’ élaboration d’un matériel théorique
يفترض فيه أن يكون العتاد السابق أو القديم قد تم تطبيقه بشكل سليم مع وجود نقائص واضحة فيه تستدعي التجديد والإصلاح ، ثم بناء نظرية جديدة ، كما حددها الدكتور زكور، عبر المراحل التالية:
- تحديد المجال الذي طبق فيه العتاد النظري السابق.
- البرهنة على أن العتاد السابق غير قابل كلا أو جزءا للأجرأة في المجال، بالتالي تفرض ضرورة الاطلاع على كل النظريات التي من شأنها أن تكون جزء منها أو كلها كقاعدة لدراسة الظاهرة الجغرافية المعنية بالدراسة.
- تحديد مكونات العتاد النظري، الذي يضم المفاهيم المهيكلة، المحددات... ويشترط في تقديم هذا العتاد وضوح اللغة ودقة التعبير.
- تجربة العتاد النظري على حالات مستقاة من مجال الدراسة، مما يسمح بتدقيق المفاهيم ووضع حدود النظرية.
ب- تطبيق العتاد النظري:
: L’application d’un matériel théorique
يتطلب وضع وتحديد معايير واضحة لمعرفة الظواهر، وتمر عملية التطبيق بدورها بأربعة خطوات:
- الاستكشاف: تحديد مجال الدراسة.
- التحليل: تقوم بالأساس على التعميم على الصعيد المفاهيمي، يتطلب التمكن من المفاهيم المهيكلة للمجال الجغرافي قيد الدراسة.
- التطبيق: تعتمد على التعميم على مستوى المبادئ. تقتضي التمكن من مختلف المبادئ التي تهم المجالات الجغرافية لتفسير الظاهرة قيد الدرس.
- التركيب: يتم خلالها التأكد من مدى صلاحية النظرية وصحته، فن كانت صحيحة تعمم، وان كانت فيها نقائص تصحح ثم تعمم بعد ذلك.
فما هي العلاقة بين خطوات النهج الجغرافي ؟ وكيف يمكن إخضاع هذه المواضيع والمضامين لخطوات المنهج الجغرافي؟
المحور الثالث: استنتاجات وخلاصات حول تطبيق النهج الجغرافي على وثائق مادة الجغرافيا للسنة الثانية من التعليم الثانوي- الإعدادي
أولا: تحليل بنية النهج الجغرافي من خلال دعامات مادة الجغرافيا للسنة الثانية من التعليم الثانوي-الاعدادي
تماشيا مع مقتضيات المنهاج الجديد الذي وضعته وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي، وفي إطار أجرأة الميثاق الوطني للتربية والتكوين، تم تأليف كتاب "منار الاجتماعيات " للسنة الثانية من التعليم الثانوي الإعدادي، من لدن باحثين وأساتذة ومتخصصين مختلفي التوجهات، مما أعطانا وثائق متنوعة الأساليب والأهداف، وذلك سينعكس حتى على النهج الجغرافي المحقق في مادة الجغرافيا .
وجدير بالذكر، أن مقرر السنة الثالثة من التعليم الثانوي الإعدادي ، خصص فيه درس متعلق بالنهج الجغرافي، وهو الدرس 12 والأخير، المعنون ب" كيفية معالجة ظاهرة اقتصادية باعتماد النهج الجغرافي"[14] ، وهذا ما يدفعنا إلى التساؤل عن عدم إدراجه ضمن مقرر السنة الأولى أو الثانية، على الرغم من أهمية وضرورة التعرف عليه مبكرا بالنسبة لمتعلم المرحلة الابتدائية، بغية فهمه واستيعابه من الجانب النظري على الأقل ، فكيف ننتظر من المتعلم تطبيق خطواته على وثائق مادة الجغرافيا؟
فما هي إذن الخلاصات والاستنتاجات التي يمكن الخروج بها من المحور الثاني في هذا البحث؟ وهل تم إخضاع الوثائق المتعلقة بمادة الجغرافيا لخطوات النهج الجغرافي بشكل كامل أو جزئي؟ وإذا أرفقناها بالأسئلة الموجودة في كل نشاط، هل سيكون هناك تغيير أم لا؟
من خلال الإحصائيات التي قمنا بها في المحور السايق، والخاصة بنسب خطوات النهج الجغرافي المحققة على الوثائق التي اشتغلنا عليها، خرجنا بمجموعة من الملاحظات، ولعل أبرزها هو أن معظم الدعامات الموجودة في مادة الجغرافيا من الكتاب المذكور، لم يتم إخضاعها للنهج الجغرافي بخطواته الثلاث " الوصف، التفسير، ثم التعميم" بشكل كامل ومطلق، بل بشكل جزئي ونسبي، حتى أنه ينعدم في بعض الدروس " مثل الدرسين الرابع والسادس"[15] كما أشرنا إلى ذلك سابقا.
_ بالنسبة للوصف:
يطغى الوصف على معظم الوثائق الموجودة في دروس مادة الجغرافيا للسنة السالفة الذكر، حيث يتشكل بنسبة./. 99 ، وبالتالي ما يمكن قوله عن هذه الدروس، هو أنها وصفية بدرجة كبيرة، تستهدف التعرف على الظواهر الاقتصادية (كيفما كان نوعها) من الوهلة الأولى، دون الوصول إلى الخطوتين المتبقيتين من النهج الجغرافي وهما التفسير والتعميم، بمعنى ملاحظة الوثائق في بداية الأمر، ثم تحديد مواصفاتها وحيثياتها بعد ذلك، وفيما يلي جرد لما ذكرناه :
_الدروس التي تشكل فيها نسبة الوصف مائة في المائة هي:
- الدرس 1 : " المغرب موقع استراتيجي مهم"
- الدرس 2 : " المغرب تضاريس سطحية متنوعة"
- الدرس 5: "المغرب مناخ متنوع الخصائص"
- الدرس 7: "سكان المغرب دراسة ديموغرافية"
- الدرس 8 : " تنظيم المجال الفلاحي والصيد البحري بالمغرب: ارغامات طبيعية ومشاكل التنظيم والتسويق"
- الدرس 10: " التجارة مرآة للاقتصاد المغربي"
- الدرس 11: " السياحة بالمغرب ومستلزمات التطور"
- الدرس 12: " قضايا تعيق التنمية المستدامة"
ويتضح من خلال التواجد التام والكامل لخطوة الوصف في هذه الدروس، أن واضعي كتب ومقررات المرحلة الإعدادية، قاموا بمراعاة المستوى البسيط للمتعلمين في التعامل مع هذا الكم الهائل من الوثائق، إذ بمجرد إلقاء نظرة أولية وصفية على هذه الأخيرة تتضح الصورة دون الانتقال بطبيعة الحال إلى الخطوتين المواليتين من النهج الجغرافي.
أما الدرسين المتبقيين فتختلف فيهما نسبة الوصف بحيث أن :
_ نسبة./. 89 من الوصف يحققها :
- الدرس 9 : " تنظيم المجال الصناعي : تنمية ضرورية من أجل تحديث الاقتصاد" حيث لوحظ أن بعض الوثائق لا تستجيب لخطوة الوصف، (كالوثيقة 6 من المقطع التعلمي الثاني)، وهي عبارة عن نص بتعلق بالمشاكل التي يعاني منها القطاع الصناعي بالمغرب، حيث أن استيعابه وفهمه يستوجب تفسير هذه المشاكل التي تعرقل التدابير التي اتخذتها الدولة والمتمثلة في تجهيز التراب الوطني بأراضي صناعية جديدة ، ثم تعميم هذه الظاهرة على دول أخرى من جهة، وعلى مشاكل القطاع الفلاحي التي يعاني منها المعرب كذلك
_ أما نسبة./. 80 من خطوة الوصف فيحققها:
- الدرس 3 : "المغرب، موارد باطنية مختلفة" إذ أن (الوثيقة 6 من المقطع التعلمي الثالت " التي تحمل عنوان " جدول موارد الطاقة الباطنية وإنتاجها بالمغرب)، لا تستجيب لخطوة الوصف، بل يقتصر النهج الجغرافي فيها على تفسير اختلاف حجم إنتاج الموارد الطاقية الباطنية بالمغرب، وتعميم ذلك على دول أخرى.
علاوة على ذلك، إذا أرفقنا الوثائق الخاصة بمادة الجغرافيا بالأسئلة التابعة لكل نشاط، تتغير المعطيات نوعا ما، حيث يحيل سؤال معين على خطوة محددة من خطوات النهج الجغرافي المذكورة، مثل ( صف، فسر، عمم، حلل، ناقش، قارن...)، بمعنى أنه انطلاقا من الأسئلة يمكن استخراج (الوصف، التفسير، التعميم )
_ بالنسبة للتفسير:
إن المتأمل في المحور الثاني من هذا البحث، والمتعلق بتطبيق النهج الجغرافي على دروس مادة الجغرافيا، سيستنتج :
أن هناك ارتباط وثيق بين الخطوات الثلاث، وبالتالي لا وصف بدون تفسير، فغالبا ما يتبع الثاني الأول، أي عندما نصف وثيقة معينة، نتبعها مباشرة بتفسير ومناقشة معطياتها، من أجل استيعابها من زوايا مختلفة،
ويشكل التفسير نسبة ./. 81 من النهج الجغرافي المحقق في دروس مادة الجغرافيا من كتاب "منار الاجتماعيات" للسنة الثانية من التعليم الثانوي الإعدادي، وتختلف النسبة من درس آخر، ويتجلى ذلك في ما يلي :
_ الدروس التي تستجيب لخطوة الوصف بنسبة ./. 100 هي:
- الدرس 3 : " المغرب موارد باطنية مختلفة"
- الدرس 5 : " المغرب متنوع الخصائص"
- الدرس 7 : " سكان المغرب دراسة ديمغرافية"
- الدرس 9 : " تنظيم المجال الصناعي : تنمية ضرورية من أجل تحديث الاقتصاد"
- الدرس 12 : " قضايا تعيق التنمية المستدامة"
ولعل تواجد التفسير بهذه النسبة في الدروس التي أمامنا، يدل على أهمية هذه الخطوة المشكلة كحلقة وصل بين الوصف والتعميم.
أما بقية الدروس فتنخفض فيها نسب التفسير مثل:
_ الدرس 1 : " المغرب موقع استراتيجي مهم" يتحقق التفسير فيها بنسبة ./. 22
_ الدرس2 : "المغرب تضاريس وموارد سطحية متنوعة" يحقق بنسبة ./. 60 .
_ الدرس 8 : " تنظيم المجال الفلاحي والصيد البحري بالمغرب: ارغامات طبيعية ومشاكل التنظيم والتسويق" يحقق نسبة ./. 75
_ الدرس10 : " التجارة مرآة للاقتصاد المغربي" يحقق نسبة ./. 67 .
_ الدرس 11 : " السياحة بالمغرب ومستلزمات التطور" يحقق نسبة ./. 87 .
ان انخفاض النسب في الدروس السابقة، راجعة الى تباين أهدافها المشار اليها مباشرة بعد العنوان، ففي بعض الوثائق، هناك كفايات وقدرات تستهدف الجانب المهاري والمنهجي، وهناك كفايات تستهدف الجانب التواصلي، وهناك كفايات تتوخى الجانب المعرفي والثقافي، وهكذا دواليك.
علاوة على ذلك، اذا أدرجنا مصطلح التفسير مع بعض المصطلحات الأخرى، مثل "المقارنة" و"التحليل" و"الاستنتاج" الموجودة في الأسئلة المرافقة لكل نشاط، واعتبرناها كمفهوم واحد، في اطار خطوة واحدة للنهج الجغرافي (التفسير)، سترتفع النسبة بطبيعة الحال.
_بالنسبة للتعميم:
ان التعميم كخطوة ثالتة من خطوات النهج الجغرافي، على الرغم من أهميتها، تحقق نسبة أقل من خطوتي الوصف والتفسير، حيث أن أعلى نسبة هي ./. 78، ويحققها الدرس التالي:
- الدرس 9: " تنظيم المجال الصناعي: تنمية ضرورية من أجل تحديث الاقتصاد"
أما باقي الدروس، فتتباين فيها النسب، وهي على الشكل التالي:
- الدرس 1: " المغرب موثع استراتيجي مهم " يحقق نسبة ./. 11 من التعميم.
- الدرس2: " المغرب : تضاريس وموارد سطحية متنوعة" يحقق نسبة./.60 .
- الدرس 3: " المغرب: موارد باطنية مختلفة" يحقق نسبة 67./. .
- الدرس5: " المغرب: مناخ متنوع الخصائص" يحقق نسبة 40./..
- الدرس7: "سكان المغرب :دراسة ديموغرافية" يحقق نسبة75 ./.
- الدرس 8: " تنظيم المجال الفلاحي والصيد البحري بالمغرب: ارغامات طبيعية ومشاكل التنظيم والتسويق" يحقق نسية 75./.
- الدرس10: " التجارة مرآة الاقتصاد المغربي" يحقق نسبة 67 ./.
- الدرس11 " السياحة بالمغرب ومستلزمات التطور" يحقق نسبة 65 ./.
- الدرس 12" قضايا تعيق التنمية المستدامة" يحقق نسبة 50 ./.
انطلاقا من نسب التعميم الموجودة في وثائق في الدروس التي أمامنا، يلاحظ أن المغرب ينفرد بخصائص وظواهر اقتصادية محددة مثل ("المشاكل التي يعاني منها قطاع الصيد البحري على الرغم من إطلالته على واجهتين بحريتين"، إضافة إلى" بعض الصعوبات في القطاع السياحي على الرغم من توفر البلاد مؤهلات سياحية متنوعة"....)، وهذا ما يحول دون تعميم هذه الظواهر على دول أخرى
هكذا إذن، يتبين لنا أن نسب الخطوات الثلاثة للنهج الجغرافي لا بالنسبة "للوصف ولا التفسير وحتى التعميم"، تختلف من وثيقة لأخرى، ومن درس لأخر، الشيء الذي يدفعنا الى الجزم بأن وثائق مادة الجغرافيا عامة ، لا ترقى الى مستوى تحليل الظواهر الاقتصادية بالشكل المرغوب فيه لدى المتعلم، فأين هي الأهداف التي يسعى منهاج مادة الجغرافيا تحقيقها، خصوصا ربط ما تعلمه ويتلقاه التلميذ بالواقع والمحيط الذي نعيش فيه؟
زيادة على ذلك، تجدر الاشارة إلى أن الحيز الزمني المخصص لشعبة الاجتماعيات عامة، ولمادة الجغرافيا خاصة، (32 حصة كأعلى سقف) قليل اذا ما قارناه مع المواد الأخرى، وغير ملائم لكي يستوعب متعلم المرحلة الإعدادية، الكم الهائل من الوثائق التي تحتوي عليها المقررات والكتب الجديدة فقط ، فما بالك بتطبيق النهج الجغرافي عليها.
استمارة حول موضوع إخضاع مقررات مادة الجغرافيا لخطوات النهج الجغرافي
هذه الاستمارة المقدمة إليكم جزء من بحث تربوي لنيل شهادة التخرج من المركز التربوي الجهوي بطنجة، يهدف إلى معرفة مدى إخضاع المواضيع المقررة لمادة الجغرافيا لخطوات النهج الجغرافي، ومدى ملاءمة الحصص الزمنية لمتطلبات تطبيق هذه الخطوات.لذلك نرجو منكم الإجابة عن أسئلتنا البسيطة بكل موضوعية خدمة لمصداقية هذا العمل.
كما نطمئنكم أن هذه المعلومات التي ستدلون بها لن تخرج عن إطارها التربوي المحض، وستحاط بسرية تامة. لذلك فأنتم غير مطالبين بتدوين أسمائكم.
وتقبلوا منا فائق التقدير والاحترام والسلام عليكم ورحمة الله.
نص الاستمارة
الأسئلة
|
الإجابة
|
هل تراعي الأسئلة المرافقة للدعامات الديداكتيكية في مادة الجغرافيا خطوات النهج الجغرافي.
|
جيد متوسط ضعيف
|
الى أي حد تساعدك ظروف العمل داخل الفصل على تطبيق هذه الخطوات.
|
جيد متوسط ضعيف
|
ما مدى مناسبة الحصص الزمنية المخصصة لمادة الجغرافيا لمتطلبات تطبيق خطوات النهج الجغرافي على مختلف الظواهر.
|
جيد متوسط ضعيف
|
هل يدرك التلاميذ هذه الخطوات
|
جيد متوسط ضعيف
|
هل سبق لك أن تلقيت تكوينا في كيفية التعامل مع الظواهر الجغرافية بالنهج الجغرافي.
|
جيد متوسط ضعيف
|
أسئلة
الأسئلة
|
الإجابات
|
أي خطوة من خطوات النهج الجغرافي تطغى على الوثائق المتضمنة في مادة الجغرافيا؟
|
...........................
...........................
...........................
|
هل تحقق مادة الجغرافيا الأهداف المسطرة لها في المنهاج؟
|
..........................
...........................
..........................
|
ما رأيك في عدد الدعامات الديداكتيكية التي تحتويها الأنشطة التعليمية لمادة الجغرافيا؟
|
............................
...........................
............................
|
ما رأيك في الكتب المدرسية، خاصة مقررات مادة الجغرافيا؟ وكيف تقيمها كممارس؟
|
............................
..............................
.............................
|
الى أي حد أنت راض عن عملك كمدرس لمادة الجغرافيا؟
|
.................................
.................................
..................................
|
نشكر كل من ساهم معنا في انجاز هذا العمل
1- نظرة مدرسي مادة الاجتماعيات للكتب المدرسية الجديدة ومحتوياتها.
تباينت آراء السادة الأساتذة حول بعض العناصر التي تتضمنها الكتب المدرسية الجديدة، إلا أنهم أجمعوا على وجود اختلالات كبيرة تستوجب الإصلاح والمعالجة الفورية.
فكيف ينظر مدرسو مادة الاجتماعيات إلى مقررات هذه المادة وظروف تدريسها؟ ما هو تقييمهم للتقنيات التي يتم تدريس الجغرافيا بها؟ وهل تحقق الجغرافيا الأهداف المتوخاة منها ؟ كيف يتعاملون مع الظواهر الجغرافية الواردة في الأنشطة التعليمية؟
1-1 الدعامات الديداكتيكية والأسئلة المرافقة لها في مادة الجغرافيا
رغم اختلاف الأساتذة حول بعض مكونات الكتب المدرسية الجديدة إلا أنهم أجمعوا على أن الوثائق أو الدعامات التي تتضمنها لم تكن في المستوى المطلوب في معظمها، بحيث اتضح أنها تشوبها عيوب كثيرة، حتى إن كانت بعض هذه الدعامات بحد ذاتها صالحة فإنها لم توضع في مكانها المناسب.
فحوالي 60 % من المدرسين - بحسب الاستمارة المنجزة – يرون بأن عدد الوثائق التي تحتويها الأنشطة التعليمية بهذه الكتب إما تكون كثيرة، أو تتركز في أنشطة دون أخرى مما يخلق نوعا من الاختلال في التدبير الديداكتيكي والزمني للأنشطة. كما يعتبر حوالي 52% منهم أن تلك الدعامات وزعت عبر الأنشطة بشكل سيئ، مما يعرقل في نظرهم سير الأنشطة إلى حد ما.
إضافة إلى هذا فان السادة الأساتذة( حوالي % 80) يرون أن الكثير من الأسئلة المرافقة للوثائق ضعيفة ولا تحقق أي مكتسبات للمتعلم، في حين يرى البعض منهم ( حوالي %10) أن معظم الأسئلة رديئة وغير واضحة.
2-1 واقع الكتب المدرسية الجديدة في نظر المدرسين خاصة مقررات ماد ة الجغرافيا
إذا كانت المناهج قد حددت مجموعة من الأهداف لكل مادة يتوخى تحقيقها من خلال تنفيذ المقررات، فان رأي الأساتذة يكاد يجمع على أن هذه المقررات لا تحقق هذه الأهداف إلا نسبيا. إذ أن حوالي 90% منهم أفادوا بأن الأهداف المعرفية، القدرات والكفايات المحددة في المنهاج يتحقق جزء منها فقط عند نهاية السلك الإعدادي، فيما يضل التلاميذ يعانون من نقائص مختلفة خاصة على المستوى المهاري والمنهجي. فيما يرى حوالي % 10 منهم أن الأهداف تتحقق بشكل كبير.
2- التعامل مع الوثائق في تدريس مادة الجغرافيا باعتماد النهج الجغرافي
1-2 مستوى تكوين الأساتذة في منهج الجغرافيا
رغم أن تدريس الظواهر الجغرافية ( الصناعة، التجارة، حركة السكان...) يقتضي إلمام المدرسين بمناهج العمل الجغرافي، خاصة النهج الجغرافي وكيفية تطبيقه على الوثائق المتضمنة في مقررات المادة الدراسية. إلا أنه وللمفارقة أن معظم الأساتذة(حوالي 70%) قالوا بأنهم لم يتلقوا تكوينا على هذا المستوى، وأن حوالي 10% فقط تلقوا تكوينا في تطبيق خطوات النهج الجغرافي، جلهم من الأساتذة حديثي التجربة في التدريس.
2-2 موقف المدرسين من ظروف العمل والحصص الزمنية المخصصة للمادة
يقتضي تنفيذ أي مخطط تعليمي إيجاد الظروف المناسبة للتعلم والتعليم، وكذا تخصيص الحيز الزمني الكافي لانجاز ذلك المخطط. فهل يتحقق هذا بالنسبة لبلدنا؟
يعتبر سوء الظروف المهيمنة على فضاء التربية والتعليم ومحيطه أبرز معيقات تطوير العمل التربوي بالمغرب، خاصة إذ ما أضفنا إليه الإكراه الزمني لبعض المواد التطبيقية كالجغرافيا مثلا.
فحوالي 50 % من المدرسين يعتبرون أن ظروف عملهم في تدريس الجغرافيا غير ملائمة تماما للقيام بمهمتهم على أحسن وجه، فيما يرى 30% منهم فقط أنها ظروف لابأس بها. إذا ما قارناها بما قلناه سابقا بان مادة الجغرافيا لا تحقق الأهداف المسطرة لها كاملة، فان قسطا من المسؤولية في ذلك يعود حسب هؤلاء إلى الظروف الصعبة التي تعيشها معظم المؤسسات التعليمية الوطنية من جهة، واكراهات الحصص الزمنية الضيقة المخصصة لمادة الجغرافيا؛ ذلك أن %80 من المدرسين يرون أن الحيز الزمني لتدريس الجغرافيا هو حيز ضيق قياسا مع أهمية المادة وصعوبة اكتساب بعض مناهجها في التعامل مع الظواهر، خاصة تطبيق خطوات النهج الجغرافي بشكل مرحلي ومتسلسل. فكيف يمكن للتلاميذ التعامل مع وثائق متنوعة ومتعددة تعالج ظواهر اقتصادية واجتماعية معقدة في حيز زمني ضيق جدا؟ وهل بإمكان المدرس تطبيق خطوات النهج الجغرافي على هذه الوثائق بشكل يسمح للمتعلمين بتتبع مختلف مراحلها؟
في هذا الصدد فان المدرسين يجمعون على أن التلاميذ لا يتمكنون إلا من بعض الخطوات دون أخرى( حوالي 70 % من المدرسين)، خاصة الوصف.
2-2 خطوات النهج الجغرافي التي تحققها الدعامات في مادة الجغرافيا.
يتفرع النهج الجغرافي إلى مجموعة من العمليات الفكرية التي يتوخى من خلالها دراسة الظواهر دراسة علمية، تبدأ بملاحظة الظاهرة على مستوى الشكل، الحركة فالتوطين، تليها مرحلة تفسير وجود الظاهرة على الحالة التي تم وصفها، ثم تعميم النتائج المتوصل إليها على ظواهر أخرى حدثت في ظروف مشابهة، بحيث تصبح قواعد شبه قارة لتفسير بعض الظواهر المشابهة. لكن، هل ينطبق هذا على الوثائق التي تتضمنها مقررات مادة الجغرافيا للمستوى الإعدادي؟
بحسب آراء مدرسي مادة الجغرافيا فأنهم يجمعون أن الدعامات الديداكتيكية التي تتضمنها الأنشطة التعليمية لا تستجيب إلا لخطوتين فقط، خاصة الوصف بنسبة %100 من مجموع الوثائق( وصف تطور الإنتاج، وصف بعض المواقع، وصف حركة بعض المجالات...). فيما يرى هؤلاء أن تلك الدعامات لا تستجيب إلا بنسبة 60 % للتفسير الجغرافي، وحوالي %0,1 بالنسبة للتعميم الجغرافي.
إذا كان هذا يعبر عن شيء فإنما يؤكد ما توصلنا إليه من خلال الدراسة النقدية التي أجريت لمقرر مادة الجغرافيا للسنة الثانية من التعليم الإعدادي، كتاب منار الاجتماعيات.
كيف يقيم المدرسون الكتب المدرسية لمادة الاجتماعيات؟ والى أي حد هم راضون عن الصيغة الحالية للتدريس؟
إن حوالي 70 % من المدرسين يعيبون على الكتب المدرسية ويرون أنها تحتاج إلى التقويم والإصلاح الفوري، نظرا لما يشوبها من أخطاء فادحة منهجيا ومعرفيا، فيما يراها حوالي 30 % أنها مناسبة ولا بأس بتا. كما أن حوالي20% من المدرسين غير راضين عن كمدرسين لمادة الجغرافيا وفق الكتب المدرسية الجديدة.
خاتمة
هكذا فان المنهج الجغرافي بمختلف عملياته الفكرية المتكاملة يعتبر منهجا علميا يهدف إلى الكشف والتنقيب عن الظواهر المجالية بمختلف أنواعها وأشكالها، من حيث شكلها، حركتها ودينامكيتها المجالية والداخلية، وتوطينها بالنسبة للعالم وكذا بالنسبة للظواهر الجغرافية الأخرى المشابهة، إضافة إلى البحث عن العوامل المؤدية إلى الوضع الذي توجد عليه الظاهرة المعنية، ثم تحويل هذه العوامل إلى قوانين ونظريات شبه قارة لتفسير ظواهر أخرى حدثت في ظروف مشابهة،وذلك من أجل الرفع من دقة وفعالية العمل الجغرافي الذي يستهدف منه في جميع الحالات النهوض بالمجال وإعداد الفضاء الملائم لعيش الإنسان.
لهذا فان مادة الجغرافيا تمتلك عدة مزايا يمكن من خلال تدريسها تنمية كم هائل من القدرات والمهارات والمعارف لدى المتعلمين، التي من شأنها أن تنمي لديهم القدرة على الملاحظة والتحليل ويناء فكر مستقل منبثق عن قناعات ذاتية يصعب التأثير فيها دون دلائل قاطعة. وقد حاولت المناهج الحالية التوجه في هذا المنحى، بالعمل على تنمية الجانب المهاري والمنهجي لدى المتعلمين لتمكينهم من بناء شخصياتهم المستقلة، لذلك تمت صياغة مقررات مادة الجغرافيا للمستوى الثانوي الإعدادي بشكل يتناسب مع الرهان، متضمنا مجموعة من القدرات والكفايات التي من شأن تنميتها المساهمة في خلق تنشئة صالحة وفاعلة في خدمة البلد الذي هو في أمس الحاجة إلى كفاءات تساهم في النهوض والارتقاء بمكانته ضمن دول العالم.
لكن محاولة ملاءمة التوجهات التربوية مع الحاجيات الفعلية للوطن والمواطن يبدو أنها لا تزال تواجه مصاعب تقنية، لوجيستيكية، بشرية وعملية جمة؛ ذلك أن معظم الدراسات المنجزة حول النظام التعليمي المغربي أثبت أن هذه المنظومة تعاني من عدة اختلالات، خاصة فيما يتعلق بطرق صياغة الكتب المدرسية الجديدة، مناهج تدبير هذه الكتب على الأصعدة المختلفة، التنوع غير المتناسق للكتب داخل المستوى الواحد والجهة الواحدة...
ومن هذه الاختلالات ما تناولناه في هذا البحث البسيط حول النهج الجغرافي والقصور الكبير الذي يشوب الدعامات الديداكتيكية المتضمنة في الأنشطة التعليمة بالكتب المدرسية لمادة الاجتماعيات، خاصة وأن العمليات الفكرية للنهج الجغرافي من بين الكفابات الممتدة التي تصلح للاستعمال في كل المواد والمجالات الدراسية والحياتية أو المهنية حتى.
هكذا تصير المنظومة التعليمية المغربية ومناهجها التعليمية عاجزة عن المسير - كما هو حال البلد- لما فيها من نقائص وعلل. وإذا كان قطاع التعليم هو الحكم بين التقدم والتخلف، فأبن نحن من المنظومات التربوية في العالم؟ بل وحتى من منظومات بلدان الجوار في التخلف والجغرافيا؟
لائحة المصادر والمراجع
وظيفة الكتاب المدرسي" مأخوذة من الموقع الالكتروني:
www.Onefd.edu.dz
- الكتاب الأبيض، الجزء الثالث ( منهاج مادة الجغرافيا)، لجان مراجعة المناهج التربوية المغربية للتعليم الابتدائي و الثانوي-الإعدادي ، يونيو 2002.
- مكونات الخطاب الجغرافي من خلال أطروحة الدكتور زكور، معالم تربوية – العدد 16- أكتوبر 1998.
- الكتاب المدرسي، منار الاجتماعيات، السنة الثانية من التعليم الثانوي-الإعدادي،طبعة 2004.
- قراءة في أطروحة الدكتور محمد زكور: " Géographie et formation intellectuelle "
مأخوذة من الموقع الالكتروني : www.jeerran.com
1
(2) " ماهو الكتاب المدرسي؟ " مأخوذة من نفس المصدر السابق.
، (3) ، (4)، (5) نفس المصدر السابق.
[*]*(6) الكتاب الأبيض، الجزء الثالث ( منهاج مادة الجغرافيا)، لجان مراجعة المناهج التربوية المغربية للتعليم الابتدائي و الثانوي-الاعدادي ، يونيو 2002.
[7] * - الجغرافيا : الوظيفة والأدوات : www.9asba.net/vb/f22/a-233.htm
[8]* - الكتاب الأبيض، منهاج مادة الجغرافيا ، الجزء الثالث، لجان مراجعة المناهج التربوية المغربية للتعليم الابتدائي والثانوي الإعدادي والتأهيلي، يونيو 2002م.
[9]* - الكتاب الأبيض، منهاج مادة الجغرافيا ، الجزء الثالث، لجان مراجعة المناهج التربوية المغربية للتعليم الابتدائي والثانوي الإعدادي والتأهيلي، يونيو 2002م
www.jeerran.com مأخوذة عن الموقع الالكتروني:
[12]- ، نفس المصدر السابق.‘ Géographie et formation intellectuelle’ - قراءة في أطروحة الدكتور زكور *
[13] - ، نفس المصدر السابق.‘ Géographie et formation intellectuelle’ - قراءة في أطروحة الدكتور زكور *
[15] - الدرسين الرابع : التدرب على رسم خريطة تضاريس المغرب وتوطين الموارد الطبيعية، والسادس: التدرب على رسم وقراءة المبيانات المناخية. لم تشمله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق