التسميات

آخر المواضيع

الأحد، 20 يوليو 2014

السكن العشوائي و أثره على النمو الحضري في المدن الصغيرة مدينة الحروش نموذجا – شمال شرق الجزائر ...

السكن العشوائي و أثره على النمو الحضري في المدن الصغيرة

 مدينة الحروش نموذجا – شمال شرق الجزائر

المجلة الأفريقية للعلوم السياسية  -الأستاذ حسين بولمعيز جامعة تبسة الجزائر  - الجمعة, 14 فبراير 2014 :

المقدمة :    

  أدى النمو الحضري المتسارع الذي شهدته معظم الدول النامية وخاصة الدول العربية خلال النصف الثاني من القرن العشرين إلى مشكلات اقتصادية واجتماعية وديموغرافية وأمنية وغيرها، ومن إفرازات ذلك النمو الحضري المتسارع ظهور العشوائيات حول أطراف المدن. حيث كشفت دراسة للمعهد العربي لإنماء المدن عن أن النمو الحضري في معظم الدول العربية قد أدى لظهور العديد من المناطق العشوائية ولم يقتصر وجود المناطق العشوائية على الدول العربية التي تعاني من المشكلات الاقتصادية وإنما ظهرت أيضا في بعض الــدول العربية ذات الدخل المرتفع أو المتوسط على غرار دول الخليج. 

   وقد بدأت ظاهرة الإسكان العشوائي أو غير المشروع كرد فعل لعوامل متعددة، منها الاقتصادية والسياسية والديموغرافية والظروف الطبيعية، ما دفع العديد من سكان المناطق الريفية وغيرها، للنزوح نحو المدن والعواصم للإقامة على أطرافها، دون التقيد بقوانين ملكية الأراضي، ودون التقيد بنظم ولوائح التخطيط العمراني. إذ عادة ما تشيد المساكن العشوائية من الصفيح أو الزنك أو الخشب أو الكرتون في شكل أكواخ متفرقة، وذات أزقة ضيقة يصعب تحرك المركبات داخلها. وغالباً ما تفتقر مناطق السكن العشوائي للخدمات الضرورية كالصحة والصرف الصحي والخدمات الأمنية وغيرها من الخدمات الأساسية .

      عرفت الجزائر ظاهرة السكن العشوائي منذ الاستقلال بسبب الركود الذي عرفه قطاع السكن في الفترة اللاحقة للاستقلال، حيث ركزت التنمية في العواصم الاقليمية و المدن الكبرى، مما جعلها مجالا لاستقطاب السكان فيما عرف بالهجرة الريفية نحو المدن، حيث استقر هؤلاء الوافدون في المناطق المتدهورة داخل المدن، و على أطراف المدن  و المناطق الصناعية الكبرى على غرار العاصمة، وهران، قسنطينة و عنابة، و سكيكدة و غيرها، مما كان له تأثير كبير على التنظيم المجالي و العمراني لهذه المدن بانتشار مناطق البناء العشوائي.

      كما كان للظروف الأمنية التي مرت بها الجزائر (العشرية السوداء) وما ترتب عليها من هجرة داخلية من الأرياف نحو المدن الأكثر أمنا ، دورا بارزا في تفاقم هذه الظاهرة حتى أصبح من غير الممكن بل من المستحيل إزالة مثل هذه التجمعات الفوضوية وتوفير الإسكان البديل لسكانها. غير أن تفاقم هذه الظاهرة جعل الحكومة تتشدد في أخذ التدابير اللازمة حيالها من خلال سن قوانين ردعية غالبا ما أدت إلى الحد من هذه الظاهرة داخل المدن الكبرى و على محيطها القريب، في مقابل ذلك بدأت هذه الظاهرة في التركز بشكل أكبر في المدن الصغيرة نتيجة للعديد من العوامل لعل أهمها:

-       ضعف الأداء الرقابي لأجهزة الدولة المختلفة سواء تلك المكلفة بمحاربة السكن الفوضوي أو المسؤولة عن تسيير العقار بمختلف أشكاله (الصناعي، الفلاحي و السياحي.

-       العقار بهذه المناطق غالبا ما يتسم بالفوضى و ضعف الرقابة مما يسهل عمليات التلاعب به مما يجعله في متناول مختلف فئات المجتمع.

-       تطور وسائل النقل و شبكة المواصلات بين المدن على اختلاف أحجامها سهل كثيرا من عملية تنقل الأشخاص بحثا عن العمل و مصادر العيش، مما جعل الاستيطان في المدن الصغيرة يعتبر أحد الحلول المثلى و بأقل التكاليف.

-       توفر المدن الصغيرة على معظم الهياكل الخدماتية خاصة تلك المتعلقة بالجانب التعليمي و الصحي و الأمني، جعلها مدن جالبة للسكان.

          كل هذه العوامل و غيرها جعلت من السكان الوافدين يفضلون المدن الصغيرة و ضواحيها مستغلين في ذلك الظروف السالفة الذكر، حيث يتم توطنهم بشكل عشوائي إما ضمن تجمعات سكنية في ضواحي المدينة حيث غالبا ما تكون على الأراضي الفلاحية الهامشية ، أو  في شكل سكنات فردية داخل المدينة من خلال بناءات فوضوية.

         هذا الوضع أدى إلى نشوء العديد من التجمعات السكنية العشوائية التي أخذت في التوسع تدريجيا حتى أصبحت تشكل في كثير من الأحيان قرى و أحياء تضم مئات السكنات بأنماط عمرانية مختلفة، و لا تتوفر على أدنى الاحتياجات الضرورية من البنية الأساسية والخدمات المختلفة والمناطق المفتوحة، حيث أضحت هذه العشوائيات تشكل عائقا لمختلف خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية و تهديدا فعليا على البيئة و مستقبل التنمية في كافة مجالاتها.

أولا -  السكن العشوائي :

          استخدمت العديد من المصطلحات في تحديد ماهية المناطق العشوائية، فمن مدن الكرتون إلى مدن الصفيح، الأحياء الفقيرة ، البناء الفوضوي و غيرها، غير أنها تعرف بشكل عام بأنها مناطق أقيمت مساكنها بدون ترخيص وفي أراضي تملكها الدولة أو يملكها آخرون، وعادة ما تقام هذه المساكن خارج نطاق الخدمات الحكومية ولا تتوفر فيها الخدمات والمرافق الحكومية لعدم اعتراف الدولة بها. كما أوضحت الدراسة التي أجراها المعهد العربي لإنماء المدن أن نحو 60% من العشوائيات في المجتمع العربي توجد على أطراف المدن و 30% توجد خارج النطاق العمراني، وتوجد 8% فقط وسط المدن عاصمة البلاد. كما كشفت تلك الدراسة عن أن 70% من تلك العشوائيات قد شيدت بطريقة فردية و 22% شيدت بطريقة جماعية. ولا تزيد نسبة المباني المستأجرة في الأحياء العشوائية عن 70%. كما أوضحت تلك الدراسة أن معظم العشوائيات في الدول العربية تفتقر لخدمات الصرف الصحي ومياه الشرب النقية ونقص المواد الغذائية وتنتشر فيها البطالة والجريمة والمخدرات والاعتداء على الممتلكات مما جعلها تشكل معوقاً للتنمية وبؤرة للمشاكل الاجتماعية والصحية والأمنية.(1).

-1 تعريف السكن العشوائي :

          إن مفهوم المناطق العشوائية وتعريفها يختلف من مكان لآخر، وذلك حسب ظروف كل مجتمع ومستويات المعيشة والقيم والنظم الاجتماعية السائدة به.

          تعرف هذه المناطق في اللغة الانجليزية بمصطلح "Slum" أو "Squatters"، و في اللغة الفرنسية غالبا ما تسمى "Bidonville" بمعنى مدينة القصدير، أو "Habitat illicite" بمعنى السكن اللاشرعي أو اللارسمي، في الدول الناطقة بالاسبانية يعرف بـ "Barraca" أو "Miseria"، أما في البرازيل و البرتغال فيطلق عليه مصطلح "Fevela" أو "Moro"، "Comunidate"، أما في الولايات المتحدة الأمريكية فيسمى "Hood, Ghettos"، أما في الدول العربية فيسمى في المغرب الأقصى بـالزريبة، و فغي تونس "Gourbi ville" بمعنى الأكواخ، و في مصر و العديد من الدول العربية يعرف بالعشوائيات أو السكن العفوي، أما في الجزائر فغالبا ما يطلق عليه مصطلح السكن الفوضوي(2).  

          فالبناء العشوائي هو كل بناء يتم خارج الإطار القانوني الخاص بالبناء و التعمير و يمس جانبين هما، المخالفة القانونية العقارية و المخالفة التقنية.(3)

          كما أن منشورات منظمة الأمم المتحدة عرفت ظاهرة السكن العشوائي على النحو التالي : " هو تجمع سكني يقع على هامش المدينة، بنيت بدون ترخيص رسمي، و هي تعتبر منطقة عشوائية لدى السلطات المحلية، سكانها أغلبيتهم فقراء، يعانون من التدهور لمساكنهم غير المجهزة، و أحياؤهم تفتقر إلى الخدمات و الهياكل القاعدية من جهة، و انعدام عقد الملكية العقارية من جهة أخرى"

          إذا فيقصد بالسكن العشوائي ذلك السكن الذي يأوي غالبا السكان الفقراء، كما أن هذه المساكن تفتقر إلى الهياكل القاعدية التي تتمثل في الشوارع المنظمة و الممرات و الأرصفة، و كذلك الشبكات الضرورية كشبكة الغاز و الكهرباء      و شبكة الماء الصالح للشرب و الصرف الصحي، شيدت غالبا بمواد بسيطة كالخشب و قطع الحديد و الزنك ...إلخ، دون ترخيص قانوني و بعيدا عن المعايير المتعلقة بالبناء و التعمير. غير أنه بالإمكان أن نجد بناءات عشوائية شيدت بواد صلبة "En dur " و وفقا لتصاميم معمارية حديثة، و عليه يمكن تمييز نوعين من السكن العشوائي :

أ- السكن العشوائي الصلب: هو بناء لائق للسكن إذ يعتبر ذو قابلية للتحسين و التسوية بالنظر لحالته الإنشائية و العمرانية كأن يكون مبني بمواد البناء المتعارف عليها كالأسمنت و الياجور و غيرها كما يمكن أن يكون وفقا لتصميم معماري. هذا النوع من البناء العشوائي و بفضل مساهمة السكان و تدخل الدولة، يمكن تأهيله و إدماجه في النسيج الحضري.

ب- السكن العشوائي الهش: هو بناء غير لائق للسكن بالنظر لحالته الإنشائية و خصائصه العمرانية إذ غالبا ما يكون مبني بمواد مهترئة كالخشب و الزنك و الكرتون و غيرها، أو لسوء موقعه كتواجده على أراضي مخصصة لتموضع الهياكل القاعدية أو تشكل أخطار صناعية (خط كهربائي ذو توتر عالي، شبكة الغاز أو الماء الشروب، طريق سريع، على أطراف المناطق الصناعية) أو فوق أراضي تشكل خطر طبيعي (الفيضانات أو انزلاق التربة). هذا النوع من البناء غالبا ما يكون موضوع الهدم و الإزالة.(4)

-2 أسباب ظهور السكن العشوائي :

          السكن العشوائي هو نتيجة حتمية لظاهرة نمو السكان و احتياجاتهم من جهة (نمو السكان: بالهجرة الداخلية أو الريفية، الزيادة الطبيعية: الزواج ، تطور و تغير بعض المفاهيم الاجتماعية لدى الأسرة الجزائرية:  ظاهرة السكن الفردي بدل السكن ضمن العائلة و ذلك راجع لعدة أسباب أهمها ارتفاع المستوى الثقافي، ضعف و تفكك الروابط الاجتماعية ) ، و من جهة أخرى فإن هذا التطور في تركيبة السكان واهتماماتهم لم يقابله تطور في النمو الاقتصادي للدولة، مما جعلها عاجزة عن توفير جميع احتياجاتهم بم في ذلك السكن و العمل، هذا ما أدى إلى بروز ظاهرة السكن الفوضوي كتعويض عن العجز المسجل في برامج الإسكان، و كذلك زيادة حدة الهجرة نحو المدن بحثا عن فرص العمل و كسب الرزق، هذه الأخيرة التي غالبا ما تترجم ميدانيا بظهور بؤر سكنية عشوائية.(5)

          إضافة إلى ما تمت الإشارة إليه من عوامل، يمكن للكوارث الطبيعية (الزلازل، الفيضانات...) أن يكون لها تأثير في نشوء و تطور بؤر السكن العشوائي، ناهيك عن عامل آخر لا يقل أهمية ألا و هو المنظومة القانونية للسكن في الجزائر والتي تقصي العديد من فئات المجتمع من الاستفادة من البرامج السكنية المدعمة من طرف الدولة (السكن الاجتماعي الإيجاري، السكن الاجتماعي التساهمي، السكن الترقوي و السكن الريفي) مما يدفعها لانتهاج مختلف السبل لتوفير السكن و غالبا ما يكون السكن العشوائي هو الحل الأيسر و المتوفر.

-3أنواع المناطق العشوائية :

          تنقسم المناطق العشوائية على أساس موقعها من المدينة إلى قسمين رئيسيين هما المناطق العشوائية التي تقع داخل المدن، و تلك التي تقع خارجها.

أ- المناطق العشوائية داخل المدن: هي مناطق مكونة من مباني غير ملائمة للسكن، و لا يمكن إدخال إصلاحات عليها، غالبا ما تتواجد في الأحياء القديمة للمدينة. غالبا ما يكون سكانها فقراء أو ذوو مستوى مادي محدود. غالبا ما تكون هذه المناطق موضوع إزالة و إعادة الإحياء من خلال تدخل الدولة، من خلال مشاريع التحسين و التجديد الحضري.(6).

ب- المناطق العشوائية خارج المدن: تقع على أطراف المدن و خارج نطاق الخدمات الحضرية أو ما يصطلح علية بحدود المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير (hors PDAU)، غالبا ما تكون فوق أراضي ملك الدولة كالأراضي الزراعية الهامشية أو على أطراف المناطق الصناعية. تنقسم بدورها إلى نوعين (7):

- مناطق مؤقتة: غالبا ما تكون ذات بنايات هشة و متدهورة، يتم هدمها و إزالتها لتحل محلها مناطق جديدة مخططة تستفيد من مزايا الموقع.

- مناطق دائمة: غالبا ما تكون ذات بنايات صلبة و لائقة للسكن، مما يجعلها قابلة للنمو و التطوير لتتكامل مع أجزاء المدينة.

-4 الآثار المترتبة عن انتشار البناء العشوائي :

          يترتب على العدد الكبير من البنايات غير الشرعية المشيدة على الإقليم مجموعة من الآثار الخطيرة في العديد من المجالات العمرانية ، البيئية و الاجتماعية و الثقافية، إذ تتميز مناطق البناء غير الشرعي بفقدان المعايير الأساسية لنشوء البيئة العمرانية وتغليب الجانب الاجتماعي على عملية التخطيط العمراني و تظهر آثار ذلك على صعيد موقع تشييد البناءات غير الشرعية و آثار البنايات غير الشرعية على المشهد العمراني حيث و بفعل موقعها تؤدي إلى المساس بالصحة و الأمن العموميين و تدهور مستوى تجهيز الأراضي و اختلال الربط بالطرق العمومية و المنافذ، و توسعها الرأسي على حساب الأراضي الزراعية و المواقع الحساسة و انعكاسات ذالك على الجانب الاقتصادي.

-1-4تأثير البنايات العشوائية على الصحة و الأمن العموميين :

          تتصف معظم مناطق البناء الفوضوي بمستوى صحي منخفض جدا لانعدام الوقاية الصحية، و بسبب قلة الوسائل الفعالة للتخلص من النفايات في تلك المناطق المزدحمة غير المخططة في حين أن البنايات الفوضوية الموجهة للنشاط الصناعي فتفتقد إلى دراسة التأثير على البيئة (المرسوم التنفيذي 07-145 المؤرخ في 19-05-2007 المتعلق بدراسة التأثير على البيئة) فقد بلغ عدد المنشآت التي تم غلقها من قبل وزارة البيئة و تهيئة الإقليم في سنة 2008 حوالي 450 مصنعا، كما تم توجيه 2700 إعذار لمؤسسات أخرى بسبب عدم التزامها بالمعايير و القوانين البيئية.

-1-1-4 البنايات العشوائية المشيدة في الأراضي المعرضة لخطر الفيضانات :

          كشفت دراسة أعدت في سنة 2003 أن أكثر من 100.000 بناية في الجزائر مشيدة على أراضي معرضة لخطر الفيضانات الأمر الذي ترتب عنه العديد من الخسائر المادية و البشرية ناهيك عن الآثار التي تخلفها بعدها، فعلى سبيل المثال فيضان باب الواد سنة2001  تسبب في مقتل 800 شخص و جرح 7543 آخرين، ناهيك عن غرق و اختفاء سوق تريولي بكامله في الأوحال، كما أدى إلى تضرر أكثر من 156 مؤسسة و منشأة عمومية و تهديم 360 مسكن و إعادة إسكان 1500 عائلة ، و أرجعت أسباب تلك الخسائر إلى تساقط الأمطار الكثيف بشكل متواصل إذ قدرت بـحوالي 200 ملم في 24 ساعة هذا من جهة ، و من جهة أخرى فقد ساهم الإخلال بقواعد البناء التعمير في تفاقم الكارثة و خاصة :

- انعدام أو النقص في المساحات الخضراء و الأشجار بالمنطقة المنحدرة و ارتفاع الكثافة السكانية بها فقد قدر عدد سكان باب الواد في سنة الحادثة بـ 64.050 ساكن.

- التعمير الفوضوي و غير المخطط من خلال القيام بالبناء في مجرى الوادي.

- تجهيزات شبكة صرف المياه غير الصالحة و غير الكافية.

          كما أن فيضان غرداية في أكتوبر 2008 و الذي تسبب في مقتل 34 شخصا و جرح 89 شخصا، وخسائر مادية بقيمة 20 مليار دينار، فقد أرجعت الدراسات و التحقيقات أسباب الخسائر إلى البنايات الطينية المشيدة في مجرى الوادي مع انعدام تجهيزات صرف المياه و عدم احترام مخططات التعمير.

-2-1-4البنايات العشوائية المشيدة على الأراضي المعرضة لخطر الانزلاق :

          عرف هذه الظاهرة بالخصوص في مدينة قسنطينة التي يعود الاهتمام بها من قبل سلطات الاحتلال إلى نهاية الخمسينيات إذ انه قام بتحديدها و إخضاعها بموجب مخطط التعمير الرئيسي آنذاك إلى ارتفاق عدم البناء، إلا أن التوسع الحضري السريع و العفوي لمدينة قسنطينة بعد الاستقلال، و إغفال السلطات لتراتيب استعمال الأراضي المتزامن مع سياسة الاحتياطات العقارية، أدى إلى تسارع ظاهرة الانزلاق و استمرارها إلى اليوم، في حين تعرف مناطق أخرى من الجزائر العاصمة هذه الظاهرة بسبب اكتساح البنايات للأرض و تشييدها على المنحدرات الخطرة على حساب دور المساحات الخضراء في تثبيت التربة لتفادي الانجراف (8).

-3-1-4 البنايات العشوائية المشيدة على الأراضي المعرضة للخطر الزلزالي :

          تعتبر الجزائر كسائر بلدان البحر الأبيض المتوسط مهددة بهزات أرضية معتبرة، فهي تقع على طرف الصفيحة الإفريقية التي توجد في حركة دائمة و اصطدام مع الصفيحة « الأوراسية »، و قد ترتب عن هذه الحركة زلازل مدمرة، قدرت بسبعة زلازل قوية في فترة قصيرة من الزمن تمتد من سنة 1980 إلى غاية 2003 ، و رغم اعتبار الجزائر و تعهدها في هذا المجال بأخذ الاحتياطات اللازمة عند البناء و رقابة حركة التعمير على إثر زلزال الأصنام سنة 1980، إلا أن آثار زلزال بومرداس أثبتت عكس ذلك فقد ظهر للعيان هشاشة البنايات و الانتشار الرهيب للبنايات غير الشرعية و ذلك بسبب (8):

- عدم احترام أدوات التعمير و قواعد البناء، لا سيما المحددة منها بالوثيقة التقنية التنظيمية المتعلقة بالنظام الجزائري لمقاومة الزلازل، و بسبب ضعف المواد المستعملة في البناء و عدم مقاومتها.

- تضرر البنايات المتواجدة بولاية الجزائر أكثر من البنايات على مستوى ولاية بومرداس رغم أن بؤرة الزلزال تقع بزموري في ولاية بومرداس، و يعود سبب ذلك، إلى التوسع العمراني الحديث و غير المنظم بالجزء الشرقي من العاصمة في شكل مجموعات سكنية غير شرعية مشيدة على أراضي طينية غير صالحة للبناء كما أنها لم تحترم قواعد التعمير.

-4-1-4 البنايات العشوائية المشيدة على الأراضي المعرضة للخطر الصناعي :

          إن تشييد البنايات ضمن الأراضي المجاورة للأنشطة الصناعية و الصحية الخطرة سيعرضها إلى أخطار الانفجار أو انبعاث الأبخرة السامة و الحريق و كذا أخطار التلوث، و تشير الدراسات المنجزة في 2003 في الجزائر إلى تشييد أكثر من 7500 بناية على أنابيب نقل الغاز، و 8000 أخرى متصلة مباشرة بمناطق النشاط الصناعي. و لقد شكل انفجار مركب الغاز بسكيكدة بتاريخ 19-01-2004 أكبر كارثة صناعية عرفتها الجزائر، و التي خلفت العديد من الأضرار على البنايات السكنية الواقعة في محيط الكارثة و خسائر مادية فادحة قدرت بخمسمائة مليار دينار بسبب تشقق بسيط في خط الأنابيب، كما رتب انفجار آخر لأنبوب ناقل للغاز بنفس الولاية بتاريخ 03-03-1998 مقتل 07 أشخاص، و جرح 77 آخرين مع تحطيم 10 مساكن مشيدة عليه و 50 بناية أخرى تضررت لقربها من موقع الحادث. كما تعاني منطقة حاسي مسعود و حاسي الرمل هي الأخرى من وجود العديد من الأحياء غير شرعية على شبكة كثيفة من خطوط أنابيب المنشآت البترولية و الذي يشكل خطرا دائما يهدد حياة المواطنين القاطنين في هذه الأحياء و كذلك المطار المشيد أيضا على أرض تمر بها أنابيب البترول.

-2-4 تأثير البناء العشوائي في تدهور مستوى تجهيز الأراضي و الربط بالطرق العمومية و المنافذ :

          لأسباب تتعلق بعدم مشروعية البناء و عدم خضوع الأراضي المشيد عليها لأسس التخطيط العمراني يتعذر تزويد مناطق البناء غير الشرعي بالمرافق و الخدمات العمومية، باستثناء حالات خاصة و استثنائية لأسباب سياسية في الغالب،    و حتى في حالة تجهيزها فإنها لا تكفي، فالأحياء العشوائية تتميز بنقص المياه الشروب و نوعيتها الرديئة، و الضعف في الإمداد بالطاقة الكهربائية و الغاز، فيلجأ سكانها في الغالب إلى عملية الربط غير الشرعي بالشبكات النظامية من أجل تلبية حاجاتهم مما يؤدي إلى التأثير العام على طاقة الشبكات و الخدمات العامة و تضرر الاقتصاد الوطني.  كما يترتب أيضا عن نشأة مناطق البناء العشوائي خارج مبادئ التخطيط العمراني صعوبة الوصول و النفاذ إليها بسبب عدم كفاية الطرق العمومية اللازمة للوصول إليها و بالخصوص في حالة الكوارث الطبيعية و الحوادث، و حتى في حالة وجودها فهي غير معروفة في المخطط العام للطرق مما يصعب عمليات التدخل و الإجلاء السريع بواسطة الآليات و تقتصر عملية الإنقاذ في العديد من الحالات على استعمال الوسائل التقليدية كما حدث في زلزال بومرداس 2001 مما يجعل المهمة صعبة.

-3-4تأثير البناء العشوائي على الجانب الزراعي و السياحي :

          لقد أدى زحف البناءات غير الشرعية و نموها السريع إلى تآكل الأراضي الزراعية المحدودة و غير المتجددة، إذ عرفت الجزائر فقدان مساحات مهمة قدرت بحوالي 70.000 هكتار للفترة الممتدة من 1974 إلى غاية 1987 ، و 78.000 هكتار للفترة الممتدة من 1988 إلى غاية 1996 منها 750 هكتار فقدت في فترة ما بين جوان 1995 إلى مارس 1996 رغم صدور تعليمات رئاسية بخصوص حماية الأراضي الفلاحية آنذاك. و لم يسلم العقار السياحي هو الآخر من هذه الآفة، بسبب كثرة البنايات غير الشرعية المشيدة ضمن مناطق التوسع السياحي و التي عرفت هي الأخرى المضاربة في الصفقات العقارية و تحويل الموارد عن طبيعتها السياحية(9).

-4-4 تأثيرالبناء العشوائي على المشهد العمراني :

          في الجزائر تسبب العدد الهائل للبنايات العشوائية و شكلها في المساس الصارخ بعنصر الجمال المعماري كأحد عناصر النظام العام كما حددته المادة 02 من المرسوم التشريعي 94-07 المتعلق بالإنتاج المعماري و ممارسة مهنة المهندس المعماري بنصها : " و تعد نوعية البنايات و إدماجها في المحيط و احترام المناظر الطبيعية و الحضرية و حماية التراث    و المحيط المبني ذات منفعة عامة "، و يتجلى ذلك في عدم الاهتمام بإتمام انجاز البناء لا سيما الواجهة، و تهميش دور التشكيل المعماري الذي « يشرع فيه المصمم باستخدام المفردات البصرية الشكلية كعناصر أساسية و المبادئ و الأسس التصميمية ليحولها إلى كتل و فضاءات بنظام معين » (10) ، فالقائم بالبناء العشوائي لا يعير اهتماما بالذوق العام و ذوبان البناية في المجال المشترك مع المحيط و يكفيه الاهتمام بالأجزاء الداخلية فقط لتتكون بذلك أشكالا معمارية يسودها عدم الوحدة و النظام.

          و هكذا حتم التدهور الشديد و التشوه الذي شاب المظهر العمراني بسبب هذه البنايات التدخل بالقانون 08-15 المتعلق بتحقيق مطابقة البنايات و إتمام إنجازها لمعالجة الوضع القائم بعد أن برر ذلك في عرض أسبابه بأن الشكل الغريب لهذه البنايات و تناثر أشكالها و انتشارها المتفاقم ... التي ما فتئت تفقد فضائنا العمراني تجانسه مخلة بذلك برونق مدننا و جمالها فقد أصبحت معظم مدننا نماذج من الاختلافات العمرانية و أنماطا من الخروقات في التصميم و الانجاز تجسدت في هياكل منجزة بالإسمنت المسلح و استخدام أعمدة فولاذية مؤقتة إلى جانب العجز المسجل في تهيئة الفضاءات الخارجية .

-5-4 الآثار الثقافية و الاجتماعية المترتبة على البناء العشوائي :

          تشكل دراسة هذه الآثار مجال بحث علم الاجتماع الحضري الذي يختص بدراسة أنماط تحركات السكان و استيطانهم بمنطقة ما و كيفية استغلالها و تأثرهم ببيئتهم الطبيعية و الاجتماعية و الثقافية فيدرسها ضمن إطار نشأتها و هو تجمعات السكن العشوائي ، ويحدد طرق تفاعلها و تأثيرها ، و سنركز في هذا الجانب على البعض من هذه الآثار التي قسمناها إلى:

-1-5-4 صعوبة التكيف الحضري لسكان المناطق العشوائية :

          تعتبر مناطق السكن العشوائي أمكنة لاستقبال الوافدين الجدد من الريف بحثا عن العمل و تحسين أوضاعهم المادية ، إلا أنهم يصطدمون في الأمكنة الجديدة بصعوبة العيش في المدينة و تعقيدات الحياة الحضرية بشكل يدفعهم للتكتل في شكل تجمعات و أحزمة عمرانية حول المدينة باعتبارها الأمكنة البعيدة عن أعين الرقابة، التي تحتل منطقة وسط بين ريف و مدينة أو منطقة العبور الحضري الريفي التي تسهل لشاغليها الاتصال الدائم بموطنهم الأصلي و الرجوع إلى مناطق السكن العشوائي، و يتخذ سكان هذه المناطق أسلوبا لمقاومة تأثير المدينة عن طريق إعادة بناء الوسط المعيشي  و استحداث شبكة من العلاقات تتجاوز الوسط الذي يقطنون فيه، لحماية هويتهم و ضمان استمرار تقاليدهم ، لترتد فيما بعد آثار ذلك على حياتهم في المدينة فتظهر على شكل سلوكيات تفتقر إلى الوعي و الحس الحضري كتربية الحيوانات بالمساكن و تجميع الخردوات بجانبها.

-2-5-4تدني المستوى التعليمي لسكان المناطق العشوائية :

          يتأثر التعليم مباشرة بمستوى الدخل، خاصة في ظل حالة فقر الأسر الجزائرية الذي يتجلى أهم مظاهره في انخفاض استهلاك الغذاء، كما و نوعا، و تدني الحالة الصحية و المستوى التعليمي و الوضع السكني و فقدان الاحتياطي أو الضمان لمواجهة الحالات الصعبة ، و يمنع هذا الوضع الوالدين في الإنفاق المستمر على أبنائهم لممارسة الدراسة و يقرران التضحية بهم، و هذا ما يفسر نقص المستوى التعليمي و الثقافي و التربوي لسكان مناطق البناء الفوضوي، كما أن أرباب الأسر في هاته المناطق يفضلون العمل لأبنائهم للمساهمة في دخل الأسرة بدلا من الدراسة، في أوضاع تتسم بضيق المسكن المزدحم بسكانه و بعد المدرسة بسبب عدم تجهيز الحي .

-3-5-4كثرة المشاكل الأسرية و انحراف سلوك الأفراد :

          يؤدي تكدس الأفراد في غرف المسكن ضمن المناطق العشوائية، و طبيعة الفضاء العام الذي غيبت خصائصه إلى فقدان الإحساس بالخصوصية و بالوجدان، إذ أن الحدود الفاصلة بين الفرد و بين الدوائر الاجتماعية المحيطة به شبه معدومة، و تدفع هذه البيئة غير الصحية أفراد الأسرة إلى تعقيدات قد تكون مأساوية في بعض الأحيان ، في علاقاتهم مع أنفسهم و مع المجتمع الخارجي، تغرس في أعماقهم الشعور بالإحباط و العدوانية، كما أنها تساهم في خلق شخصية غير سوية للإنسان و على حد قول الدكتور عبد الحميد ديلمي بأن هذه البيئة السكنية " ينشأ الأطفال و تترعرع الصداقات و تنمو العلاقات و تزدهر، و تثور الخلافات و الصراعات و الضغائن ، و ينمو الشعور بالانتماء و الاندماج و تنمو كافة الأعراض المرضية من القلق و الانطواء إلى الانحراف و العداوة و الإجرام" (11). هذه الظروف تجعل الفرد عرضة للتهميش و الإقصاء مما يهيئ بيئة جديدة أصلح ما تكون لتفريخ الجرائم عامة و جريمة الإرهاب بصفة خاصة.

ثانيا - النمو الحضري

-1تعريف  النمو الحضري :

           عملية النمو الحضري أو التحضر تعتمد في تعريفها على أبعاد عديدة فهي تركز على البعد الديموغرافي المتعلق بزيادة السكان في المناطق الحضرية و نسبتهم إلى إجمالي السكان و نمو المدن التي يزيد عددها عن خمسة آلاف نسمة،     و ذلك حسب تعريف القانون الجزائري للمدينة و عشرون ألف نسمة حسب تعريف الامم المتحدة. على أساس المعايير التي حددها الديوان الوطني للإحصاء سنة 1966 في تعريف المدينة الجزائرية حيث اعتبر كل مركز رئيسي للبلديات يضم أكثر من 5000 نسمة فهو مدينة (12). و التركيز أساسا على البعد الديموغرافي للنمو الحضري لا يعني بالضرورة إغفال الأبعاد الاقتصادية و الاجتماعية خاصة ظاهرة الفقر، الفجوة الكبيرة بين الريف و المدينة، انتشار المناطق العشوائية  و البناءات الفوضوية و الأحياء المتخلفة و الأكواخ و أحياء الصفيح.

-2 النمو الحضري غير المخطط:

يأخذ النمو الحضري غير المخطط عدة أنماط من التخطيط هي(13)

أ- النمو الشريطي : ينتشر هذا النوع من النمو على أطراف المدن من خلال الاعتداء على الأراضي الزراعية و تحويلها إلى مناطق سكنية دون سند أو إذن قانوني و يتم ذلك في أغلب الأحيان نتيجة غياب السيطرة على النمط العمراني في ضواحي المدن، و ضعف الأجهزة الرقابية المكلفة بتطبيق قانون العمران و حماية الأراضي الزراعية، كما ينتشر هذا النمط كذلك على أطراف الطرق الرئيسية و خطوط السكك الحديدية المؤدية إلى المدن.

ب- النمو الحضري الخطي: يعتمد هذا النمط في انتشاره على حركة اتساع و امتداد كل من المدن الرئيسية الكبرى و المراكز الحضرية الصغرى و ذلك من خلال امتداد الطرق التي تربط بينها مكونة بذلك مناطق عمرانية صغيرة تظهر على شكل عنقود و ذلك بالامتداد على الخطوط الطولية القريبة من شبكة المواصلات و المتقاطعة مع المراكز الريفية.

ثالثا : تأثير البناء العشوائي على النمو الحضري لمدينة الحروش :

-1 تاريخ و نشأة مدينة الحروش :

          إن المتصفح لتاريخ المنطقة يتبين له وأنها لم تكن إطلاقا محل الصدفة، بل تظافرت عدة عوامل أثرت بشكل أو بآخر في بروز هذا المجال الفيزيقي و البشري، مكونا بنية عمرانية تعاقبت عليها التغيرات بشتى صورها وأشكالها. وهكذا شهدت هذه المنطقة حركية متواصلة مند النشأة، كان العامل البشري العنصر المؤثر والفعال في بروز هذا المجال العمراني المتميز.

          تأسست بلدية الحروش بمرسوم مؤرخ في 22 أوت سنة 1861 ، ووصلت المساحة الكلية للبلدية آنذاك 11719 هكتار و امتد نطاقها إلى بلديات صالح بوالشعور سيدي مزغيش وبعض دواوير بلدية عزابة. وعرفت القرية تطورا متميزا بعد ذلك خاصة بعد الاستيطان الذي عرفته المنطقة حيث وزعت لهم امتيازات مهمة شجعتهم على ذلك تتمثل في قطع أرض فلاحية، وهكذا تجاذبت منطقة الحروش ظروف ومعطيات تاريخية شكلت منعرجا هاما في سيرورة لازلت ملامحه إلى يومنا هذا.

          لقد اجتمعت عدة عوامل طبيعية اعتبرت من المقومات الهامة التي ساعدت على بروز ونشأة الحروش، منها أهمية الموضع (الشكل رقم 1) ، حيث يوجد ضمن حوض وادي الصفصاف المحاط بجبال تصل علوها إلى حوالي 800 م، مع تجانس في الانحدارات مما جعلها تتميز بطبوغرافيا مشجعة على التعمير. كما أن  تواجد المنطقة ضمن أراضي قليلة الانحدار وذات قيمة فلاحية عالية تتميز بتكوينات رسوبية تتوزع على تكوينات طينية داكنة تعود إلى تراكم بقايا النباتات والذي يلعب دورا كبيرا في إغناء التربة، مما جعل المنطقة تتميز بتربتها الفلاحية وتواجد وفير للمياه السطحية و الجوفية على السواء. كما أن موقع المنطقة بين أقطاب نمو هامة قسنطينة (54 كلم) و عنابة (90 كلم) و سكيكدة (30 كلم) جعل منها منطقة عبور جالبة للسكان و الاستثمارات و ملائمة للاستيطان البشري بأنواعه.

 -2التطور العمراني و التنمية الحضرية بمدينة الحروش:

          إن دراستنا للمراحل التاريخية للتطور العمراني للحروش هو بدافع البحث عن ماهية العمران بالمنطقة وما هي خصوصية هذا التطور عبر الزمن، وما يلي محاور توسعه؟ وما هي العوامل المتحكمة في اتجاهات التوسع ماضيا وحاضرا ؟ و مدى تأثير العمران العشوائي في النمو الحضري لهذه المدينة ؟ وهكذا، ومن خلال بحثنا في هذا الموضوع وبعد التحليل سجلنا أربع مراحل كبرى (الشكل رقم 2) وهي (14) :

المرحلة الأولى:  ما قبل  1962:

          وتتمثل في نواة الحروش حاليا، متمثلة في كل النسيج العمراني الكولونيالي بوظائفه السكنية والخدماتية والتي يرجع بناؤها إلى بداية سنوات 1840 ليستمر التعمير إلى نهاية الخمسينات محققة بذلك قفزة نوعية في الخدمات ولكن في أغلبها لصالح الأوروبيين. تميزت هذه المراحل بمساكن فردية متجانسة ومنظمة يحكمها نظام التصفيف ضمن مخطط شطرنجي على غرار باقي التجمعات والقرى السكنية عبر الوطن. وهكذا كانت المرحلة الأولى عبارة عن استيطان داخل محيط قرية مغلق تماما عبر أربع حصون تتكون من 45 معمر و 12 حرفي و أصحاب مهن حرة ، واستمرت هذه الوضعية إلى بداية الخمسينات حيث بدأت أولى الهجرات الكثيفة للجزائريين وبدأت معها أولى البوادر للتعمير خارج المحيط الأصلي خاصة مع مخطط قسنطينة حيث بنيت مساكن على شكل محتشدات على أطراف القرية للوافدين الجزائريين الجدد في ظل عمليات التهجير الجماعية التي مارستها السلطات الفرنسية اتجاه سكان الأرياف قصد محاصرة الثورة. وبلغ استهلاك المجال بالنسبة للقرية حتى 1962 ما يقارب 41 هـ من الأراضي الفلاحية فقط خلال 119 سنة من الوجود الفرنسي، أي بمعدل سنوي يقدر ب 2.90 هـ، بينما قدرت المساكن في هذه الفترة حسب مصالح البلدية ب 928 مسكن فردي. وقدر استهلاك المجال بنحو 27 هكتار فقط خلال122 سنة.

- المرحلة الثانية :  1962 -  1987:

          عرفت هذه المرحلة بتغيرات هامة في البنية الحضرية و الاجتماعية، حيث كانت بدايتها مع استقلال الجزائر ورحيل المعمرين وهو ما فتح المجال إلى المزيد من الهجرات الريفية في اتجاه القرية (Bien vacants) وبدأت معها عمليات الإسكان الجديدة داخل ما كان يعرف بالأملاك الشاغرة، كما تميزت على غرار باقي المناطق الجزائرية بأولى البرامج التنموية المحتشمة فيما بين 1962 و 1965لتلبية الاحتياجات الأساسية مع مواصلة البرامج السابقة التي كانت محل إنجاز. وتميزت بعدها بانتشار كبير للبنايات حيث ظهرت معظم المرافق المهيكلة لمجال الحروش الحالي، والتي تتمثل في الهياكل المدرسية والصحية والخدماتية، وعرفت الحروش نموا حضريا متميزا خاصة بعد ارتقائها إلى مصف الدائرة سنة 1974 ، حيث ازدادت وتيرة التنمية المحلية بشكل كبير جدا فيما بين 1976 و 1987 ليخرج نطاق التعمير نهائيا خارج الحدود الأصلية مكتسحا بذلك أراضي فلاحية شاسعة والذي تزامن مع قانون الإحتياطات العقارية سنة 1974 وظهور أدوات التهيئة و التعمير على المستوى المحلي كمخطط التعمير الموجه (PUD) ، وهذا ما يفسر وصول وتيرة الاستهلاك المجالي إلى ذروته، حيث وصل إلى 169.4 هكتار، أي ما نسبته% 71.10  من مجموع مساحة التجمع وهي بالتالي أعلى نسبة على الإطلاق تعكس إلى حد كبير النمو المجالي والتنمية الحضرية التي ميزت المدينة  تلك الفترة.

- المرحلة الثالثة : 1987 - 1998:

          تميزت هذه المرحلة بانخفاض نسبي في وتيرة التنمية المحلية كانعكاس للأزمة الاقتصادية التي بدأت بوادرها سنة  1985  ومست الاقتصادي الوطني، حيث انعكست سلبا على باقي القطاعات وخاصة منها مجال التنمية العمرانية على المستوى المحلي. وبالرغم من ذلك فقد  شهدت هذه المرحلة تركيزا خاصا على الجانب السكني من خلال مواصلة برنامج المنطقة الحضرية الجديدة بنحو 500 مسكن و التحصيص الاجتماعي 315 قطعة أرض، إضافة إلى تهيئة حضرية مست الأحياء القديمة وإنجاز أحياء أخرى (بناء 165 مسكن) بـمحاذاة الطريق الوطني رقم 3 في اتجاه قسنطينة، كما أنجز 64 مسكنا في الجهة الجنوبية الشرقية للمدينة، وكلها مساكن جماعية.

          من جهة أخرى عرفت الحروش إنجاز بعض المشاريع الصناعية الهامة كوحدة أغذية الأنعام والتوابل ووحدة الصيانة الإلكترونية وتوسعة مركب العجائن بمنطقة النشاط الشرقية ( اتجاه سكيكدة ) وكلها ساهمت إلى حد كبير في خلق ديناميكية اقتصادية واجتماعية بالمدينة مكنت من تزايد فرص العمل و التجارة والاستهلاك ونمو وتيرة الاستقطاب وتضاعف حجم الحركة الداخلية والخارجية. وساهمت هذه الوتيرة إلى حد ما في ظهور مناطق للنشاطات عبر المحاور الأساسية للحركة المرورية مكن من إنشاء استثمارات عديدة، ومكن أيضا بشكل أو بآخر من تحقيق تنمية حضرية نسبية. في مقابل ذلك تزايدت وتيرة النمو الديموغرافي والهجرة الداخلية، وتواصلت وتيرة التعمير إلى أن برزت ملامح المدينة ككيان فيزيقي واجتماعي يتأثر بالبنية الديموغرافية المتغيرة باستمرار وهو ما أدى إلى تنامي الحاجات الاجتماعية من سكن ومرافق كالتعليم والصحة والشغل والخدمات...إلخ.

          كما تميزت هذه المرحلة أيضا بتنامي ظاهرة الهجرة الريفية تزامنا مع الظروف الأمنية الصعبة التي عرفتها البلاد فيما بين 1992 و1998 ، حيث عرفت مدينة الحروش استقرارا أمنيا ملحوظا جعلها منطقة استقطاب للمهاجرين الوافدين من المناطق المتدهورة أمنيا و خاصة تلك الواقعة غرب ولاية سكيكدة، و نتج عن ذلك انتشار غير مسبوق للسكن العشوائي بنمطيه الصلب و الهش و بشكل خاص في الأراضي الزراعية المحيطة بالمدينة (الصور التالية).

 

             سكنات عشوائية صلبة (مارس 2013)  

     سكنات عشوائية هشة (مارس 2013)

المرحلة الرابعة : من  1998 - 2008 :

          عرفت هذه الفترة العودة من جديد إلى وتيرة النمو السابقة بعدما انخفضت نسبيا فيما بين 1992 و 1998  نتيجة للظروف التي مرت بها البلاد وسنوات التسعينات. وعليه ظهرت بعض البرامج السكنية الجديدة ذات طابع ترقوي وأخرى اجتماعية خاصة بعد الأزمة الحادة التي ميزت الفترة في مجال السكن وبعد أن سجلت المدينة تنامي كبير للحاجيات الاجتماعية وتزايد النمو الديموغرافي بها. حيث شيدت 128 مسكن في الجهة الشرقية للمدينة في اتجاه سكيكدة، وهي مساكن نصف جماعية وإنجاز 84 أخرى داخل المنطقة الحضرية الجديدة في إطار عملية تكثيف المجال السكني. من جهة أخرى شهدت الفترة ظهور بعض المرافق التعليمية ومواصلة بعض البرامج السكنية. أما على المستوى الاقتصادي فقد شهدت الفترة غلق العديد من المؤسسات الاقتصادية المحلية، كوحدة النجارة وتوزيع المواد الغذائية والأروقة ووحدة الصيانة الإلكترونية ومؤسسات البناء وغيرها والتي تركت انعكاسات سلبية على النشاط الاقتصادي أولا ثم في ازدياد ظاهرة البطالة وتدني مستوى المعيشة، وهو ما أثر على التنمية العامة للمدينة أمام التحولات الكبرى التي تشهدها البلاد على مختلف المستويات.

          والنتيجة التي من خلال دراستنا للتطور التاريخي للعمران هي أن توسع وانتشار المباني والهياكل أخد مند البداية اتجاهين أساسيين في الجهة الشرقية الغربية حول المحاور الكبرى للمواصلات والنقل باتجاه  قسنطينة و سكيكدة و عنابة ، ومع ازدياد النمو أخد هذا الاتساع منحى المحاور الفرعية الأخرى في اتجاه بلدية أمجاز الدشيش وعلى المستوى كامل الجهة الشمالية نحو منطقة بئر السطل (المنطقة المبرمجة للتوسع حسب المخطط التوجيهي للبلدية ) حيث كان للعوائق الطبيعية والملكية الخاصة للأراضي والارتفاقات الموجودة دورا كبيرا في انتشار وتوسع مدينة الحروش بهذا النمط .

-3أدوات التهيئة و التعمير و دورها في التنمية الحضرية لمدينة الحروش :

أ - المخطط التوجيهي للتهيئة والتعمير لبلدية الحروش : PDAU

          تم البدء في إعداد هذا المخطط سنة 1992 من قبل مكتب دراسات عمومي ولم يتم المصادقة عليه إلا سنة 1998  وقد انطلق المخطط من خلال تشخيص لواقع الشبكة الحضرية على المستوى البلدي بما فيها مدينة الحروش و التجمعات الثانوية: السعيد بوصبع- التوميات-  بئراسطل. هذا التشخيص شمل الجوانب الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية والطبيعية والعمرانية اعتمادا على التحقيقات الميدانية والمخططات والبيانات المساعدة.

         بالنسبة لمدينة الحروش ونظرا لعدم قدرة المدينة على استيعاب مزيدا من البرامج والمرافق عبر محيطها المباشر ، تم اقتراح توسع المدينة في اتجاه التجمع الثانوي بئر سطل في الجهة الشمالية الغربية ضمن مرتفعات وأراضي صالحة للبناء وغير فلاحية ( أراضي جبلية ومرتفعات )، وهو الاقتراح الذي تمت المصادقة عليه من قبل الهيئات والمصالح المعنية ، غير أن العائق الأساسي كان الانتشار الواسع للبنايات العشوائية في هذه المنطقة مما جعل العملية تعرف وتيرة بطيئة إلى غاية اليوم، خصوصا بعد صدور قانون تسوية البنايات 08/15. بمعنى آخر وبعد مرور أكثر من 10 سنوات من إنجاز الدراسة فإن الأمور بقيت كما هي في سنة 1998 فما أنجز حتى الآن لا يتعدى ما نسبته 32.33 %  من البرنامج، في مقابل ذلك لا يزال هناك عجز واضح في المدينة من ناحية توفر العقار المخصص لمختلف البرامج التنموية (15).

ب-  مخطط شغل الأرض : (POS)

          في إطار توجيهات المخطط التوجيهي للتهيئة والتعمير ، برمجت على مستوى مدينة الحروش ثلاث مخططات شغل الأرض:

-       الأول : مخطط شغل الأرض لمركز المدينة ( النسيج القديم )

-       الثاني : مخطط شغل الأرض رقم 03 لبئر سطل والذي يحدد تفاصيل التهيئة الحضرية وتوزيع السكن والمرافق والخدمات والهياكل في إطار التوسع المستقبلي لمدينة الحروش ضمن هذا الإقليم ، أي التجمع الثانوي الواقع في الجهة الشمالية الغربية للمدينة باعتباره امتدادا طبيعيا لمدينة الحروش، و ذلك رغم وجود العديد من العوائق التي تحول دون تنفيذه بالشكل المطلوب تتمثل أساسا في(16) :

- وجود خط السكة الحديدية الرابط بين سكيكدة و قسنطينة.

- وجود أنابيب نقل الغاز و البترول و التي تمر في المجال الفاصل بين مدينة الحروش و منطقة التوسع المقترحة (منطقة بئر سطل).

- الانتشار الكبير للبنايات العشوائية فوق المناطق المقترحة للتوسع الحضري، مما يستلزم إزالتها رغم صعوبة المهمة كون السكنات الفوضوية المنتشرة تعتبر من صنف السكنات الصلبة.

- الثالث : ويتمثل في المخطط شغل الأرض لوادي النساء ويقع في الجهة الجنوبية للتجمع.

-4 واقع السكن العشوائي في مدينة الحروش :

أ- أسباب و عوامل انتشار السكن العشوائي في مدينة الحروش :

          أدت الكثير من الظروف و العوامل الاقتصادية و الاجتماعية و حتى السياسية منها إلى جعل مدينة الحروش من المناطق التي عرفت انتشار كبير لظاهرة السكن العشوائي، لعلنا نوجز أهمها فيما يلي :

-1  كثرة الطلب على المساكن والعقارات عموما وهو ما زاد في ارتفاع أسعارها بشكل مذهل وصل المتر مربع للأراضي الصالحة للبناء إلى 10000 دج/م 2 كأدنى حد ، كما وصلت فيه كراء المساكن ذات الثلاث غرف بنحو 10000 دج شهريا. من جهة أخرى وصلت قيمة المسكن بثلاث غرف إلى نحو 3 مليون دينار ومسكن ب 5 غرف إلى 7 مليون دينار جزائري(17).

-2 ضعف العرض من المساحات العقارية المخصصة للبناء، خاصة و أن المناطق المحيطة بالنسيج العمراني كلها أراضي فلاحية ذات جودة عالية يمنع قانونا التوسع على حسابها إلا وفقا لشروط صارمة، مما جعل السلطات المحلية نقوم بعمليات تكثيف غير عقلانية وغير وظيفية داخل النسيج العمراني دون الاستناد لمقاييس مدروسة.

-3 الظروف الأمنية المستقرة بالمدينة سنوات التسعينيات، جعلتها منطقة جالبة للسكان الوافدين من المناطق المتدهورة أمنيا، و خاصة من الجهة الغربية لولاية سكيكدة.

-4 ضعف رقابة السلطات المحلية و تقاعسها في محاربة السكن الفوضوي، مما شجع على تفاقم الظاهرة و بروز بؤر عديدة شكلت مناطق و أحياء للسكن العشوائي وفق نمط عمراني حديث، مما زاد في صعوبة القضاء عليه.

-5 الموقع الاستراتيجي لمدينة الحروش إذ تعتبر همزة وصل ما بين ثلاث مدن كبرى في الشمال الشرقي للوطن، مما جعل الاستقرار بالمدينة يوفر فرص عديدة للعمل في هذه الأقطاب الصناعية الكبرى و خاصة سكيكدة.

-6 وجود فرص عديدة للعمل ضمن المؤسسات و القطاعات الاقتصادية المتوفرة في المدينة في القطاعين العام و الخاص، ناهيك على فرص العمل الموسمية في القطاع الفلاحي الذي يعرف انتعاشا كبيرا.

          كل هذه العوامل و غيرها أدت إلى عرقلة التوسع الحضري الممنهج و المنظم، كما أسهمت في تعطيل العديد من مشاريع التنمية العمرانية ما أدى إلى التراجع في التنمية الحضرية والاجتماعية بشكل عام  برزت من خلال(18).

-       عدم قدرة الأحياء السكنية على توفير بيئة حضرية صحية.

-        تقلص المساحات الخضراء ومساحات اللعب.

-    تلوث البيئة والمحيط ...إلخ.

-       لجوء السكان للبناء الفوضوي و العشوائي كحل لأزمة السكن و خاصة في ضواحي المدينة حيث قدر عدد السكنات القصديرية حسب تعداد السكان و السكن لسنة 2008 بحوالي 578 مسكنا بنسبة 8 % من إجمالي السكنات (19).

ب- دور السكن العشوائي في عرقلة التنمية الحضرية بمدينة الحروش :

          إن المتصفح لمناطق انتشار السكن العشوائي بمدينة الحروش (الشكل رقم 3)، يلاحظ تموقعها في الضواحي و على أطراف المدينة ملاصقة بشكل مباشر للنسيج العمراني، هذا ما جعل الفصل بين ما هو عشوائي و غير عشوائي صعب للغاية، كما شجع ذلك على توسع أكبر لبؤرة السكن العشوائي و صعب عملية القضاء عليها. هذه الوضعية جعلت من بؤر انتشار السكن العشوائي تشكل حاجزا و عائقا أمام تجسيد العديد من المشاريع التنموية على غرار بناء العديد من الهياكل الإدارية و الاجتماعية و كذلك المشاريع السكنية بمختلف صيغها، مما دفع بالسلطات المحلية لمراجعة المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير من خلال اللجوء إلى التوسع على حساب الأراضي الزراعية من جهة، و من جهة أخرى اللجوء للبناء داخل الفضاءات الفارغة (poches vides) رغم ضيق مساحتها.

           كما تم اللجوء في بعض الحالات القاهرة إلى التعدي حتى على المساحات الخضراء المتدهورة . كما تم اللجوء إلى البناء في بعض المناطق غير المستقرة من خلال اعتماد أساليب تقنية خاصة تتمثل أساسا في الحفر العميق للأساسات و بعض التقنيات المضادة للزلازل مما جعل تكلفة المشاريع ترتفع بشكل كبير، الأمر الذي أدى في كثير من الأحيان إلى عزوف المقاولات عن المشاركة في المشاريع، و في أحيان أخرى تأخر كبير في إتمام المشاريع خصوصا مع تزامن ذلك و أزمة ندرة الإسمنت ، و كمثال على ذلك مشروع 495 مسكن اجتماعي تساهمي، حيث تم إعلان المشروع سنة 2008 و لم يتم الشروع في بناء 195 وحدة منه سوى سنة 2011 و ذلك بسبب الافتقاد للوعاء العقاري، حيث برمجت هذه الأخيرة على ضفاف شعبة مروش حيث الأرضية غير مستقرة ناهيك عن خطر الفيضانات. أما الحصة المتبقية فتمت برمجتها في أرضية استرجعت بعد ترحيل 180 عائلة من سكنات فوضوية.

الأرضية التي تم استرجاعها بعد ترحيل و تهديم السكنات العشوائية الهشة و خصصت لبناء مشروع سكني يضم 300 وحدة بصيغة السكن الاجتماعي التساهمي  كما يبين الشكل رقم 4 انتشار السكن العشوائي حول المحيط العمراني لمدينة الحروش و في مناطق تعتبر امتدادا للتوسع العمراني المستقبلي للمدينة، مما يعيق عملية النمو الحضري المنظم الأمر الذي فرض على السلطات المحلية اللجوء لحلول أدت إلى الاستغلال المفرط و غير العقلاني للمجال، حيث تم اقتراح مراجعة المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير من خلال ضم المزيد من الأراضي الفلاحية بما فيها تلك الواقعة ضمن محيط السقي.

رابعا - اقتراحات بشأن الوقاية من البناءات العشوائية :

 تفعيل أدوات تهيئة الإقليم من أجل تخفيف الضغط على القطاع العقاري بالمدن و المراكز الحضرية الكبرى و تعزيز التوجه الاستراتيجي نحو الانتشار المكاني المتوازن على كافة إقليم الدولة.

- تنظيم و تحديث صناعة الإنتاج في قطاع البناء عن طريق تقديم الحوافز التي من شأنها الزيادة في عرض السكنات في السوق و السهر على حماية السوق من المضاربين.

- وضع نظام فعال للإعانات الموجهة للعائلات ذوي الدخل المحدود، و بشكل خاص تغيير نظام القرض الموجه للسكن من خلال إيجاد صيغة تشجع المواطنين على الانخراط في هكذا مشاريع.

- فيما يتعلق بالرقابة العمرانية المنصوص عليها في قانون التهيئة و التعمير المسندة إلى رئيس المجلس الشعبي البلدي و الأعوان المؤهلين يتعين النص على معاقبتهم في حالة التقاعس عنها أو ثبوت تورطهم فيها طالما أن تطبيقها يتعلق بأعمال حفظ النظام العام و فرض القوانين في نطاق البلدية التي يقوم بها رئيس البلدية بصفته ممثلا للدولة و يخضع بموجبها للرقابة التسلسلية التي يمارسها الوالي و الوزير.

- تعزيز دور شرطة العمران و تزويد أفرادها بالوسائل اللازمة و التكوين القانوني المناسب.، و لما لا منح شرطة العمران سلطة الأمر بوقف الأشغال غير المطابقة و هدم الأشغال غير المرخصة مباشرة دون اللجوء إلى رئيس المجلس الشعبي البلدي.

- تشجيع البحوث و الدراسات الجامعية للبحث عن أنماط جديدة لمواجهة مشكلة البناء غير الشرعي و اقتراح حلول من شأنها الحد من نموها، و إدراج الأهداف السكانية في الأبحاث الاقتصادية و الاجتماعية.

- تمديد العمل بقانون تسوية و مطابقة البنايات (08/15)، و تخفيف الإجراءات الإدارية المنصوص عليها.

- الاستفادة من التجارب الناجحة التي توصلت إليها البلدان المختلفة و ذلك عن طريق إعادة استخدام أراضي الأحياء غير الشرعية و المناطق المتدهورة.

- انتهاج أسلوب المقاربة التشاركية و ذلك من خلال الأخذ بعين الاعتبار مبدأ مشاركة المجتمع المدني و قاطني مناطق الأحياء غير الشرعية في أي عملية تسوية.

الخاتمة :

إن مدينة الحروش و بحم موقعخا الاستيرلتيجي ضمن حوض وادي الصفضاف، و في نقطة التقاء محورية تربط العديد من الأقطاب التنموية في الشمال الشرقي للوطن، جعلها منطقة جالبة للسكان و الاستثمارات مما أهلها لتكون مجالا مناسبا للاستقرار البشري بمختلف أشكاله. هذا الوضع الذي تزامن مع ظروف اجتماعية ،اقتصادية و سياسية أدى إلى الطلب المتزايد على السكن  بالمدينة مما جعل سوق العقار يعرف التهابا غير مسبوق، مما دفع بالسكان إلى اللجوء لحلول متعددة لعل أهمها السكن العشوائي أو ما يعرف بالفوضوي، حيث ظهرت مناطق كاملة تضم مختلف الأنماط السكنية العشوائية كأحزمة حول المدينة أدت من جهة لاستنزاف العقار، و من جهة أخرى إلى عرقلة عملية التنمية الحضرية بالمدينة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 المراجع :


1: انتصار جابر كاظم ، المناطق العشوائية وأثرها على الخدمات في مدينة بغداد ( الدورة – أبو دشير ) حالة دراسية  "رسالة ماجستير" بغداد / جامعة بغداد – كلية التربية – ابن الرشد / 2011 ،159 صفحة.
2 : Bachir Mohamed Tidjani , 2005, La problématique de l’habitat illicite : spontané, précaire ou insalubre ? Géographie et Aménagement, Fascicule n11, p 10, bulletin de l’Association de Géographie et de l’Aménagement du territoire, Université d’Oran, Algérie))
3: بوراس شهرزاد، إشغال المجال في مدينة باتنة بين النظري و التطبيقي، الملتقى الدولي الثاني حول تسيير المدن، معهد التسيير التقنيات العمرانية، جامعة محمد بوضياف بالمسيلة، أيام 7-8-9 نوفمبر، 2006، ص 377
4: بن عطية محمد،  البحث عن أسس اختيار نوع التدخل العمراني في السكن العشوائي بمدينة المسيلة، رسالة ماجستير، جامعة المسيلة، 2009.
5: المصدر السابق.
6: بوذراع أحمد، التطوير الحضري و المناطق الحضرية المتخلفة بالمدن، مركز المنشورات جامعة باتنة، الجزائر، 1997، ص 209
7: المصدر السابق
8: مشنان فوزي، البناء الفوضوي و مشكلة التنمية العمرانية، مذكرة مكملة لنيل شهادة الماجستير، جامعة منتوري، قسنطينة، 2008/2009.
9: المصدر السابق.
10: بن عطية محمد، البحث عن أسس اختيار نوع التدخل العمراني في السكن العشوائي بمدينة المسيلة، مذكرة ماجستير، جامعة المسيلة، 2009/2010.
11: بن عطية محمد، مرجع سابق.
12: بن عطية محمد، مرجع سابق.
13: عبد اللطيف بن أشنهو، ترجمة عبد الحميد أتاسي : الهجرة الريفية في الجزائر،المطبعة التجارية، دون ذكر سنة النشر، ص 152
14: سهام وناسي، النمو الحضري و مشكلة السكن و الإسكان، مذكرة ماجستير، جامعة باتنة، 2008/2009.
15: رياض تومي، أدوات التهيئة و التعمير و إشكالية التنمية – مدينة الحروش نموذجا- ، مذكرة ماجستير ، جامعة منتوري، قسنطينة، 2005/2006.
16: المصدر السابق.
17: رياض تومي، مصدر سابق.
17 : Bouraoui Ibtissem, croissance de petites villes algériennes – cas d’El Harrouch-, mémoire de Magister, université de Constantine, 2007.
18: رياض تومي ، مصدر سابق.
19: الاحصاء العام الخامس للسكان و السكن، معطيات إحصائية، ولاية سكيكدة، 2009.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا