استخدام الأرض في أراضي طرح النهر
دراسة ميدانية في الجغرافيا الاقتصادية لجزيرة أبي تشابة
أ.د. فايز حسن حسن غراب
تمثل أراضي طرح النهر مظهراً عمرانياً
واقتصادياً واضحاً على خريطة النيل وفرعيه ، فالسهل الفيضى المصري تنحصر اتجاهات
نموه في المستويات الأفقية على طول الحواجز الرملية ، وما يتساقط فوق قاع النهر من
رواسب تكون جزراً بمثابة مراكز لتجميع أراضي الطرح ، وما تلبث هذه الجزر أن تلتحم
مع السهل الفيضى ، وينطبق هذا على جزيرة أبي نشابه والجزيرة التي نحن بصدد دراستها تميزت
بعقدية مائية موروثة ، ففي الفترة العربية كان يتفرع عندها خليجان على قدر كبير من
الأهمية أولهما خليج أبيار (في الشرق) وخليج شابور (في الغرب) وكان الأول أكثر
أهمية من فرع رشيد نظراً لاستمرارية جريان الماء به والثاني كان يتجه إلى ناحية
شابور ثم الإسكندرية ، وهكذا تحددت هذه العقدية المائية بأربعة طرق إلى القاهرة ،
ووسط وغرب الدلتا ، الإسكندرية ، إضافة إلى عدة دروب صحراوية إلى منطقة وادي
النطرون .
وتستمد الجزيرة أهميتها حاليًا من
وقوعها على فرع رشيد الذي تزداد فيه معدلات الطرح بسبب اختلال النظام المائي في
أعقاب إنشاء السد العالي بحكم ارتفاع مستواه بحوالي المترين على الفرع الثاني
(دمياط) ، ويركز البحث الاهتمام على أراضي طرح النهروتدخل هذه الأراضي ضمن أملاك
الدولة الخاصة وتخصص للمنفعة العامة أو للبيع أو الإيجار .
وقد حددت مؤسسة صندوق طرح النهر وأكله
مفهوم الجزر بأنها الجزر الواقعة في وسط المجرى أو المتصلة بأحد الجسرين وتتأثر
مساحتها سنوياً بالزيادة (طرح) أو النقصان (أكل) أوالإفساد ( أي تحويل الأرض
المزروعة إلى غير مزروعة لارتفاع نسبة الرمال بها ) وإذا غطتها طبقات الطين والطمي
وأصبحت صالحة للزراعة يطلق عليها المعمور .
كذلك حدد القرار الوزاري رقم 1 لسنة
1958م باللائحة التنفيذية للقانون 192 لسنة 1958 م ([1])
الجوانب الخاصة بتوزيع أراضي الطرح بأن يعتبر الطرح الملاصق لإحدى الضفتين تابعاً
لها ، أما الطرح المنفصل وسط المجرى يتبع إحدى الضفتين (الأقرب) أويوزع بينها وفقا
لما يتبين من تحديد المحور على الطبيعة ، وهذا المحور يحدد منتصف البعد بين
الضفتين الثابتتين للنيل في المجرى الملاحي سواء كان الطرح واقعًا في هذا المجرى
أو بين مجريين أحدهما ملاحي والآخر غير ملاحي .
ولأهمية موضوع أراضي طرح النهر وأكله فقد
صدر القرار الجمهوري رقم 1384 لسنة 1958 م بإنشاء مؤسسة صندوق
طرح النهر وأكله تلحق برئاسة الجمهورية ومقرها القاهرة تتولى :
1. حصر مساحة ما يفسده النهر أو يصلحه من الفساد وأرض أكل النهر.
2. تقدير الضريبة ورفعها أو رفع الإيجار عن الأرض المؤجرة من الحكومة .
3. حصر الأراضي المنزرعة بطريق الخفية أي الزراعة بدون تأجير أو تصريح كتابي ،
وتبدأ المؤسسة الحصر في شهر يناير من كل عام وينتهي الحصر في آخر شهر يونيو .
- إن أراضي طرح النهر بصفة عامة تتطلب الدراسة
الجغرافية البشرية والاقتصادية نظراً لتميزها الواضح في النمط السكني، المركب
المحصولي ، النمط الحيازي، والعلاقات الإقليمية الخاصة بها .
- تتوزع أراضي الطرح بنسبتي 35.9% طرح مرتفع ، و64.1%
طرح منخفض وارتفاع هذه النسبة الأخيرة يؤثر سلبياً على الجزيرة ، فلا مساكن تقام
فيها وزراعات شتوية محددة وضريبة زراعية قليلة ، فلا تشكل المساحة المخصصة للسكن
والمنافع سوى 5% فقط من مساحة الجزيرة ، وشكلت الاستخدامات السكنية 98% من مساحة
الاستخدامات ، وكذلك هناك إفراط في المساحات المخصصة للسكن فحوالي ثلث (33.9%)
المساكن تفوق مساحتها 200
متر مربع .
- كذلك ترتفع نسبة المساكن
الطينية إلى 86% ومساكن الدور الواحد إلى 79% من المساكن، وقد انعكس ذلك على أحجام
المساكن وأنماطها فحوالي :
- 3.7% من مساكنها بسيطة
تتكون من حجرة واحدة أو حجرتين .
- و 41.2% من مساكنها متوسطة
يتكون من ثلاث إلى أربع حجرات .
- أما المسكن الكبير فيشكل
نمطاً سائداً لمساكن الجزيرة، حيث شكل أكثر من نصف مساكن الجزيرة (55.1%) .
- إن متوسط عدد أفراد الأسرة في الجزيرة 6 أفراد وإن
مركب الاستخدام يتراوح بين 57.1% للاستخدام الاجتماعي و27.5% للاستخدامات الإنتاجية 15.4% للاستخدامات المختلطة والكثافة252 نسمة/الفدان ، ومعدل
التزاحم 0.96 فرداً/ للحجرة ، فإن بديل التنمية الرأسية لمساكن الجزيرة يؤدي إلى
تخفيض مساحة المسكن بنسبة 7.14، والارتفاع رأسيا بمقدار ثلاثة أو أربعة طوابق
ويترتب عليه ذلك رفع نسبة الاستخدامات الاجتماعية إلى 62.5%، ورفع نسبة
الاستخدامات الإنتاجية بنسبة 75.3%، وكذلك زيادة الطاقة الاستيعابية بنسبة الثلثين
ومعدل التزاحم بمقدار 0.985 نسمة/حجرة ، الكثافة بمقدار 258 نسمة/ الفدان .
- كذلك فالحيازات القزمية تمثل مشكلة واضحة في الجزيرة،
فحوالي 97.53% من الحائزين، و88.71% من المساحة يندرج تحت فئة الحيازة أقل من
الفدانين، مما يؤدي إلى ظهور مشكلات كبيرة في العمليات الزراعية .
- والمركب الزراعي دليل واضح على الشخصية الزراعية لهذه
الأراضي ، فالقطن غائب تماماً من الخريطة المحصولية تاركاً المجال لثلاثية الذرة
والبرسيم والخضراوات (72.3% من المساحة المحصولية) ثم عدة محاصيل بنسب محدودة مثل القمح و البطاطس
وفول الصويا والفول السوداني ، وهذه الأخيرة قرينة أراضي الطرح المنخفض ( المواطي )
بتربة ذات الدرجة الإنتاجية الثانية وقرب الماء الأرضي منها (80 سم ) كما أنها أكثر احتياجاً لتحسين الصرف الزراعي
بها .
- كذلك لم تشكل حرفة الصيد
نشاطًا رئيسياً لسكان هذه الجزيرة ، ففي بيان لهيئة الثروة السمكية أن عدد
العاملين بالصيد بالجزيرة 115 عاملاً فقط، وبغرض 5 أفراد لكل أسرة، فإن حرفة الصيد
تضم 18.6% من سكان الجزيرة.
- إن الوضع الجغرافي للجزيرة
ووجود الفاصل المائي مع تفتيت الحيازات الزراعية قد أثر في الرحلة اليومية للمزارع
بين المسكن والحقل فحوالي 89.1% من المزارعين تتراوح المسافة بين مساكنهم وحقلهم
50 متراً و2 كم ، وحوالي 10.9% منهم ذات إمكانيات حرجة لهذه الرحلة اليومية.
- وعلى هذا الوضع الجزري ظهرت مشكلة كبيرة في المركب
التجاري للجزيرة ، فهي في إحتياج شديد لتخطيط قطاع تجارة التجزئة ، وفي إحتياج
أكبر لتعديل وضعها الإداري لكي يتلاءم هذا الوضع مع التوجهات الجغرافية، فيجب أن
تنضم الجزيرة إداريًا إلى مركز منوف أو مركز أشمون بدلاً من مركز السادات.
وإذا كانت
الجزيرة تشكو مشكلات خاصة بالمساكن أو المركب التجاري أو الوضع الإداري، فهناك
مشكلات أخرى قد تكون أكثر أهمية مثل مشكلات الخدمات ، فهناك انعدام في الخدمات
الصحية مع قصور شديد في مراكز الخدمات التعليمية ، الكهرباء ، مياه الشرب ،
الخدمات البريدية ، الخدمات التليفونية ، الخدمات البيطرية ، إضافة إلى مشكلات
خاصة بالاستخدام الزراعي يدور معظمها حول :
1. لقصور الشديد في دور الجمعية الزراعية .
2. وارتفاع
أسعار الوقود لآلات رفع المياه ، خاصة وأن كل وسائل الري تعتمد على الآبار الارتوازية .
3. مشكلات نقص العمالة الزراعية .
4. وأخيراً وأكثرها أهمية مشكلات انعدام الطرق المرصوفة أو الترابية الواسعة
بالجزيرة .
وأخيراً فإن
جزيرة أبي نشابة تشكل نموذجًا لأراضي طرح النهر، ويمكن أن تعمم مشكلاتها على بقية
مناطق الطرح، ويمكن أن توضع خطة شاملة للنهوض بأراضي طرح النهر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق