التسميات

آخر المواضيع

الاثنين، 1 أغسطس 2016

مورفولوجيا الانحراف دراسة استكشافية لمجالات الانحراف حالة المجال المدرسي والأحياء السكنية ...


جامعة مولاي إسماعيل مكناس كلية الآداب 

 ماستر 
الجريمة والمجتمع 

مجزوءة نظريات معاصرة في الإنحراف 

د.لحسن خوخو

إعداد الطلبة الباحثون:

- سعيد عقاوي

- إلهامي فاطمة الزهراء

- مصطفى السعيدي

مورفولوجيا الانحراف

دراسة استكشافية لمجالات الانحراف

حالة المجال المدرسي والأحياء السكنية

تقديم

   يتعدد تفسير السلوك المنحرف بتعدد التخصصات العلمية ،لذا تعددت وجهات النظر المتعلقة بتفسير هذا السلوك. فرجل القانون ينظر إليه ويفسره من الناحية القانونية ،وعالم النفس ينظر إليه من منظور نفسي وعالم الاجتماعي يتناوله من وجهة نظر اجتماعية، وهكذا فإن كل واحد من هذه التخصصات يرى أسباب الانحراف من جانبه الخاص، وبما أن الدراسة الحالية تهدف إلى الإحاطة ولو جزئيا بتفسير الأسباب الاجتماعية للانحراف لذالك سوف نتطرق إلى السلوك المنحرف من ناحية اجتماعية بالرجوع إلى الواقع المغربي ومحاولة رصد أشكال من السلوكات المنحرفة، ثم ضرورة الخوض في بعض الاتجاهات الاجتماعية التي تفسرا لسلوك الإنحرافي.

  ويمكن القول أن الإتجاه الاجتماعي يعتبر السلوك المنحرف إفرازاً اجتماعياً ناجماً عن مظاهر السلوك والتفاعلات والعمليات الاجتماعية المتنوعة التي تحدث داخل المجتمع، ويمكن رؤية السلوك المنحرف من بعدين أساسيين كما يطرحهما الاتجاه الاجتماعي على النحو التالي:

البعد الأول: يربط التغيرات في معدل نسبة الجريمة بالتغيرات في التنظيم الاجتماعي بما في ذلك التحولات والنظم الاجتماعية، وفي هذا الصدد نجد أن الباحثين الاجتماعين يناقشون ارتباط معدلات الانحراف والجريمة ببعض المتغيرات الاجتماعية.مثل عملية الحراك الاجتماعي والصراع الثقافي والمنافسة ونظام التدرج الاجتماعي وغيرها.

البعد الثاني: يربط بين الانحراف والتفاعل الذين يحدث بين الأفراد داخل البناء الاجتماعي والذي من خلاله يتشكل سلوك الأفراد سواء كان جانحاً أو سوياً ويطرح أنصار هذا الاتجاه بعض المفاهيم والتصورات كالمحاكاة والقيم ومحركات السلوك وعوامل تشكيله والحقيقة أن هذان الاتجاهان لا يخرجان عن إطار النظريات الاجتماعية الأساسية في علم الاجتماع، وهي النظرية الوظيفية والماركسية وأخيراً التفاعلية الرمزية.[1]

   إن القول بالإنحراف يعني إعطاء نظرة عن السلوك المنحرف منه عن السوي. تعريف.فما الذي نقصده بالإنحراف إذن؟

-في المعجم اللغوي "معجم المغني"نجد أن مصطلح إنحراف يعني 'إنحراف عن الطريق :الخروج عن جادة الصواب ،الإبتعاد عنها، و الإنحراف مصطلح في علم النفس الإجتماعي يعني الخروج عن ما هو مألوف ومتعارف عليه من عادات وسلوك.

-وفلسفيا هو كل سلوك سيئ أو دميم يصدر من المراهق ويعود عليه بالضرر المباشر على نفسه و على غيره[2]. إذا كان هذا هو الأمر بالنسبة للتعريف اللغوي و الفلسفي فماذا عن التعريف السوسيولوجي و هو الذي يهمنا أكثر في هذا الموضوع.

-لما نبحث عن تعريف الإنحراف نجد أنه بقدر ما سهل تعريف الجريمة،بقدر ما صعب تحديد الإنحراف ،فالإنحراف كما يعرفه هواردبيكر "إن الجماعات تخلق الإنحراف بإملائها لقواعد خرقها يعد إنحرافا،وبالتالي تطبيق هذه القواعد على الأفراد يعتبرون 'خارجون'عن الجماعة ،ويتفق مجموعة من السوسيولوجين على القول أن الإنحراف هو" سلوك خارج عن المألوف في المجتمع" والإنحراف يظل مفهوما نسبيا. 

*كونه يختلف باختلاف الزمان،فقد يعتبر سلوكا ما إنحرافا في وقت ما ،في حين يعتبر مقبولا في وقت أخر:مثال على ذلك "الزواج المثلي في فرنسا.في السابق كان يعتبر إنحرافا وخروجا عن المعايير المتفق عليها إجتماعيا .أما اليوم فهو لا يعتبر كذلك.

*تختلف نظرة المجتمع للإنحراف بإختلاف المكان:مثال على ذلك أن لبس الفتاة "توب الدجين " في بعض المناطق من المغرب يعتبر إنحرافا.نجد هذا بمنطقة وادي زم مثلا.

في حين أن هذا الأمر لا يعتبر كذلك بمدينة الدار البيضاء القربية من تلك الأخيرة .بل ويعتبر من الملابس و الانواع المستهلكة بكثرة.

*تختلف نظرة المجتمع للفعل المنحرف باختلاف السن فمثلا:تدخين السجائر عند الأطفال يعتبر إنحرافا أما تدخينها لدى الكبار فهو يعرف نوعا من التسامح.

  توجد بالحقل العلمي مجموعة من النظريات تمكننا ولو جزئيا من فهم .ما الذي يدفع فردا إلى الانحراف أو بصيغة أخرى ما الذي يجعل من موضوع الإنحراف يختلف من مجتمع إلى أخر ومن جماعة إلى أخرى؟

   يتعلق موضوع الإنحراف بوجود نسق المجتمع ومؤسساته.بالتالي وجب دراسة باعتباره سلوكا إجتماعيا مرتبطا بسياق سوسيولوجي،إقتصادي وسياسي وشخصي معين.

  إذن فما هي أبرز الظواهر التي توجد بالمجتمع المغربي،والتي ينظر لها على أنها إنحراف؟

أولا: الاتجاهات الاجتماعية المفسرة للانحراف

1) الاتجاه البنائي الوظيفي

-المنظور الأساسي للاتجاه البنائي الوظيفي يجعل محور اهتمامه المجتمع والعلاقات المتبادلة بين النظم السائدة فيه ،أكثر من اهتمامه بالأفراد أو الجماعات ،ويعتبر Durkheim إظافة إلى سابقه أوسط كونت من أهم رواد هذا الاتجاه، حيث يرى هذا الاتجاه المجتمع كوحدة متكاملة ،كتكامل أعضاء الجسد وبصيغة أخرى إن الاتجاه الوظيفي لا يعتبر الأفراد داخل المجتمع،وإنما هم مجرد عملاء تححدهم بنية المجتمع[3].السؤال إذن كيف ذلك؟

   إن المجتمع حسب هو الذي يحدد وجود الأفراد وليس العكس،فيكون الخلل الذي يصيب هذا المجتمع يسميه Durkheim بالأنوميا ولما نبحث في الجذورالأولى لمفهوم الأنوميا anomie نجدها في كتابات دوركايم. قد مرت بمرحلتين أساسيتين هما: المرحلة الأولى: في دراسته عن تقسيم العمل والمرحلة الثانية في دراسته عن الانتحار،حيث إعتبر دوركايم أن العلاقة بين الفرد والمجتمع،تتحدد بنوعين من . من الأسس:[4]

تضامن ألي :ويحدث هذا التضامن في المجتمعات التقليدية نظرا لتماثلهم في الوظائف والافكار والمعتقدات والقيم والتقاليد، تتشكل على اساسها وحة كلية الاخلاقية تصدر عن قيم يفرضها العقل الجمعي أوالوعي الجمعي .وينتج عن هذا التضامن تكثيف التعاون والتكافل بين أعضاء المجتمع.

تضامن عضوي: يحدث عندما يكونوا الافراد مختلفون في القيم والمعتقدات والمشاعر  و بالتالي التنوع في الوظائف الاجتماعية وهذا التضامن يوجد في المجتمعات الحديثة .

   لذالك ادرك دوركايم ان تقسيم العمل هو الظاهرة الاجتماعية الاساسية في المجتمع ومن ضمن هذه الظواهر ظاهرة السلوك المنحرف.

   وفي تفسيره للانحراف يرى دوركايم ان الجريمة ظاهرة اعتيادية في أي مجتمع يصعب القضاء عليها وهي ظاهرة تتصل ببناء المجتمع وبطبيعة حياته الاجتماعية،لذا فهي جزء من وظائفه .[5]

   فقد اعتبر دوركايم على سبيل المثال أن "للجنوح" وظيفة إيجابية .حيث أنه يدعم ويقوي النظام الأخلاقي وذلك لأنه يضطرنا في حال وقوعه إلى إدراك أهمية القوانين والقواعد التي تم انتهاكها ويضطرنا في أحيان أخرى إلى توضيح وتحديد وتفصيل القوانين الأخلاقية والنظام المعياري.[6]

   كما يعتبر أنصار الاتجاه البنائي الوظيفي الأسرة نسقاً اجتماعياً يتكون من أجزاء بينها تكامل وتساند وظيفي.وتتفاعل هذه الأجزاء فيما بينها وهذا النسق للأسرة يعتبر مؤدياً لوظيفة النسق الكلي للمجتمع أو معوقاً له، ونجد أن هناك أنواع عديدة من الأسر .فهناك الأسر الهاجرة والأسر النووية والأسر الممتدة ولكل من هذه الأنواع وظيفة خاصة داخل النسق الكلي في حالة تحقيقه عملية التوازن في المجتمع والتي تحقق في حالة توافر عدد من العمليات منها معرفة كل فرد من أفراد الأسرة بالدور المناط به ،إضافة إلى اتفاق أعضاء الأسرة على عدد من المعايير والقواعد الأخلاقية التي تسعى الأسرة فيما بعد إلى ترسيخها وتأكيدها بواسطة عمليتي التنشئة الاجتماعية والضبط الاجتماعي، وفي حالة تحقيق ذلك تصبح الأسرة بناءً تتوقف سلامته على مدى قيام أعضائه بالوفاء بأدوارهم، أما إذا ظهر خلاف ذلك ولم يلتزم أي عضو من أعضاء الأسرة بالدور المنوط به فإن البناء الأسري يصيبه الخلل وتبرز من خلاله مشكلات الانحراف والجريمة. وبناءً على مفاهيم النظرية الوظيفية يمكن القول أن التفكك الأسري بسبب الطلاق أو غياب أحد الوالدين أو الهجرة وخلافه قد لا يؤدي بالضرورة إلى جنوح الأحداث وانحرافهم إلا بمقدار ما تعوق هذه العوامل الأسرة عن أداء وظيفتها كنظام اجتماعي داخل البناء الاجتماعي.ونجد بالمغرب أن الطلاق يؤثر بشكل عميق جدا في الأطفال لأنه يمر غالبا بصعوبة كبيرة و يصحبه عداوة ليس فقط بين الأباء ولكن أيضا بين العائلات[7].

   إن دراسة الإنحراف من منطلق المنهج الوظيفي يقوم على أساس أنه سلوك يخالف القواعد والأنماط السلوكية المتفق عليها، مما يتطلب معها الضبط. والذي يرى دوركايم أنه يتم بلإنطلاق من الأسرة ،ثم المدرسة ومؤسسات أخرى.

2- الاتجاه الصراعي "الماركسي"

   جاءت أراء ماركس في الجريمة جزء مكملاً لمقولاته المشهورة حول النظام الاجتماعي والرأسمالي والصراع الطبقي فيه حيث نظر إلى ظاهرة الجريمة والانحراف في المجتمعات الرأسمالية عموماً على أنها إفراز من إفرازات الصراع الطبقي بين ملاك وسائل الإنتاج "الطبقة البرجوازية" وبين الطبقة العاملة "طبقة البوليتاريا".

   ومن هذا المنطلق فإن تفسير السلوك المنحرف من خلال المنهج الماركسي ينطلق من محورين أساسيين هما:

1- اعتبار الجريمة ذات علاقة بالفقر سواء كان مطلقاً أو نسبياً.

2- اعتبار الجريمة ذات علاقة بمجمل الأوضاع التي توجدها الرأسمالية والاستغلال.

  وقد جاءت محاولات كثيرة لتفسير الانحراف والجريمة باستخدام التفسير الاقتصادي الماركسي، كان أبرزها ما قام به العالم الاجتماعي الهولندي w.BONGER الذي تناول أسباب الجريمة باستخدام التفسير الاقتصادي الماركسي حيث يرى أنه يمكن إرجاع أسباب الانحراف والجريمة في النقاط التالية:

1- الجريمة لا ترجع إلى أسباب بيولوجة، (وبذا فهو ينفي المدرسة البيولوجية للجريمة بزعامة لومبروزو).

2- ليس هناك علاقة بين الجريمة والأخلاق.

3- البيئة الاجتماعية هي المسؤولة عن نشوء مختلف سمات الفرد وبالتالي فالتوزيع غير العادل للثروة والسلطة يخلق الصراع والانحراف والجريمة.

4- يؤدي الربح وفائض الإنتاج في المجتمعات الرأسمالية إلى المنافسة والخسارة والفائدة غير المعقولة مما يتيح مختلف أصناف الانحراف والجريمة.

5- نظام الطبقة يؤدي إلى العداوة والحقد والحسد وقد قسم بونجر الجرائم والانحرافات بناءً على الطبقة التي ينتمي إليها الشخص[8] .

  وباختصار يمكن القول أن الاتجاه الصراعي أو الماركسي يرجع الانحراف والجريمة إلى إلى مظاهر إنعدام المساواة،فكما تتركز الثورة في يد البعض والفقر لدى البعض الأخر.فإن الجريمة تبعا لذلك تعبير واضح عن صراع الطبقات.فالقانون الجنائي يعد إحدى الوسائل التي تعتمدها البورجوازية للدفاع عن مصالحها ضد الجريمة التي تعتبر كرد فعل ضد فقر البروليتاريا[9] .

3- منهج التفاعل أو التأثير الاجتماعي المتبادل

   ينطلق منهج التفاعل أو التأثير الاجتماعي المتبادل أو المشترك في نظرية الوصم الاجتماعي على أن ما يؤدي إلى خلق المجرم هو الكيفية التي يتعامل بها الآخرون مع الشخص المنحرف، حيث يتحدد تعريف الانحراف من خلال نظرية الوصم الاجتماعي بالتركيز على التعريف الاجتماعي للانحراف.

  وبذا يصبح السؤال الأساسي هو كيف تقوم الجماعة بتعريف الجانح ؟وليس من هو الجانح بالإضافة إلى أن الجنوح والانحراف من وجهة نظر هذا المنهج ،يصبح مجرد تعريف اجتماعي حيث يسهم هذا التعريف بدرجة كبيرة في خلق الانحراف.

ويقوم هذا المنهج على فرضين أساسيين هما:

أولاً: إن الانحراف ظاهرة نسبية غير ثابتة في المجتمعات لذلك فإن الانحراف ذاته لا يقوم على نوعية الفعل الذي يسلكه الشخص بل على النتيجة التي تترتب عليه أو على ما يطلقه الآخرون من صفة على الفاعل "وهذا ما يسمى بالوصم.

ثانياً: إن الانحراف عملية اجتماعية تقوم بين طرفين أساسيين هما الفعل المنحرف الذي يصدر عن الفرد الجانح من جهة ورد فعل الآخرين تجاه هذا الفعل ووصم الفعل بالجنوح.

   ويرى أصحاب هذا الاتجاه أن مؤسسات الإصلاح الاجتماعي كالسجون والمصحات العقلية ومستشفيات الأمراض النفسية وغيرها تلعب دوراً كبيراً في إلباس الفرد صفة الجنوح والجريمة كذلك فإن تلك المؤسسات حسب رأي أنصار هذا الاتجاه لا تقدم أي إصلاح بل إنها تطبع على الفرد وصمة الانحراف بمجرد دخوله إليها.

   و ينطلق جورج هربرت ميد من مسلمة رئيسية مفادها أن الإنسان هو كائن فعال يرتبط 
مع غيره من خلال رموز لها معانيها ودلالاتها لدى المستقبل، وعندما يصبح الرمز لغة 
مشتركة يضفي عليه صبغة الطابع الاجتماعي الذي يكتسب من خلال عملية التفاعل.

   يتم مناقشة نظريات السلوك الإجرامي في أبعادها الاجتماعية "السوسيولوجية" من واقع هذان التقسيمان:

ثانيا : الانحراف كنتاج موضوعي:

   هذا النوع من الانحراف مرتبط بضغوط البيئة الاجتماعية الضاغطة على سلوك الأفراد والتي قد تدفعهم إلى ارتكاب السلوك المنحرف كنمط من أنماط الأمراض الاجتماعية التي تصيب البناء الاجتماعي.

1- نظرية التفكك الاجتماعي:

  ترعرعت نظرية التفكك الاجتماعي في أحضان نظرية الإيكولوجيا الإنسانية التي طورها بارك وبرجس لدراسة البيئة الحضرية.

  وقد فسر هذا الاتجاه الأبعاد الاجتماعية لمفهوم التفكك تفسيراً عمرانياً إذ جعل هذه الأبعاد نتيجة لعمليات تمر بها المدينة، ثم فسر السلوك المنحرف بعد ذلك على أساس افتراض ارتباط السلوك المنحرف بأوضاع معينة تنشأ نتيجة لعملية نمو المدينة.

  ومن الذين استخدموا مفهوم البيئة "الإيكولوجيا" في تفسير الجريمة والانحراف "كليفورد شو" حيث ينظر إليهما باعتبار أنهما نتيجة لا مفر منها لتوسع المدينة وامتدادها وهو ينظر إلى بعض العوامل مثل الظروف السكنية السيئة والازدحام وانخفاض مستويات المعيشة والصراعات الاجتماعية والسلالية على أنها أمراض "تعكس نمط الحياة في الجماعة المحلية" أكثر من كونها عوامل تسهم إسهاماً مباشراً في الجريمة والانحراف. ويرى شو أنه حتى الأسرة المفككة والعصابة الجانحة التي غالباً ما يعتقد أنهما من العوامل الأساسية للانحراف إنما تعكس صورة لما هي عليه الأوضاع في المجتمع المحلي .

  وقد قام (شو) بمساعدة زملاء له بدراسة شهيرة حول ظاهرة الانحراف في مدينة شيكاغو واتضح من هذه الدراسة أن الانحراف يتركز في مناطق محددة حيث تزداد نسبة الانحراف في وسط المدينة وتقل كلما ابتعدنا عن وسط المدينة وقد لوحظ أن سكان هذه المناطق يعانون من مستوى معيشي متخلف وسريع التغير مما يوقعهم في مجموعة من الصراعات النفسية والثقافية ويطلق (شو) على هذه المناطق "مناطق الجنوح الجماعي group delinquency"بظاهرة الحياة الحضرية العصرية والتي تتسم بها المدن الكبيرة[10]، ويشير إلى أن الظروف القائمة داخل هذه المناطق المتخلفة تجعل سيطرة المجتمع على أبنائه ضعيفة أو تضعف من أساليب الضبط الاجتماعي إلى درجة عدم التزام هؤلاء الأبناء بالامتثال لمعايير الثقافة المقبولة داخل المجتمع مما يؤكد العلاقة الوثيقة بين التفكك الاجتماعي وضعف الروابط الاجتماعية وظاهرة الانحراف .

2- نظرية الثقافة الفرعية الجانحة:

  تدور نظرية الثقافة الفرعية الجانحة حول فكرة أن الأفراد الذين ينتمون إلى الطبقة الاجتماعية الدنيا. يتميزون عن سواهم من أفراد الطبقة الاجتماعية الوسطى بخصائص ثقافية معينة تدفعهم وتشجعهم على ارتكاب السلوك المنحرف. وترتبط هذه النظرية باسم كل من ألبرت كوهن وولتر ميلر. وترجع هذه النظرية الانحراف إلى طبيعة البناء الاجتماعي والثقافي للمجتمع حيث استفاد منظروا هذه النظرية من بعض مفاهيم نظرية الأنومي السابقة الذكر. يفسر "كوهن" الانحراف بوصفه حصيلة تناقض بين نوعين من القيم والمعايير إحداهما تلك المعايير والقيم الخاصة بالطبقة الوسطى والأخرى تلك المعايير التي تتصل بتلك الطبقات العاملة المحرومة الأخرى، وتشكل معايير الطبقة الوسطى الهيكل العام للثقافة التي تسود المجتمع الكبير وأما الأخرى فهي تشكل الهيكل الفرعي الآخر لثقافة سفلية فرعية تستمد أصولها من الثقافة العامة للمجتمع الكبير ولكنها تأخذها بشكل معكوس ينسجم مع أهدافها ويوافق غاياتها ويلائم طبيعة العلاقات الاجتماعية الخاصة القائمة بين أفراد هذه الثقافة الفرعية الهامشية.

ثالثا: الانحراف كنتاج للتقييم الذاتي:

  إن الاتجاه الذي سوف نتطرق له الآن هو الاتجاه الذي يهتم بدراسة السلوك المنحرف كنتاج للتعريف الاجتماعي، لمفهوم السلوك المنحرف حيث يرى أنصار هذا الاتجاه أن الانحراف هو حصيلة حكم اجتماعي يقع على أشخاص معينين من قبل العامة من الناس ويوصمون بالانحراف أو نتيجة التقليد والمحاكاة للأخرين.

1- الانحراف كنتاج للوصم الاجتماعي:

   يرجع أصل نظرية الوصم إلى ما كتبه "تاننبوم" عام 1938م عن أن ما يؤدي إلى خلق المجرم إنما هو الكيفية التي يعامله بها الآخرون وذلك حيث أشار إلى أن تلك الكيفية وما يصاحبها من عمليات مرحلية بما يلازمها من تأثير وتأثير متبادل مشترك إنما تؤدي إلى تأكيد الشر والإثم أو المبالغة في تصويرهما. حيث يرى أن عملية صنع المجرم تحتوي على عناصر تشمل وضع علامات وألقاب وتعريفات وفعل وشرح تقوم الجماعة بإلصاقها على الأفراد. وتؤدي عملية الوصم هذه إلى خدمة أغراض الجماعة وتحقيق البعض من أهدافها حيث إنها تساعد على بلورة نقمة الجمهور ضد الشخص المخالف وأيضاً تأكيد نقمة الفرد الموصوم نحو نفسه[11].

   ومن أوائل المتعلقين بمفهوم الوصم من اللاحقين لتاننبوم عالم الاجتماع الشهير إدون ليمرت والذي يرجع الانحراف في السلوك بصفة عامة إلى آثار الخبرة الناشئة عن الوصم الاجتماعي وقد سبق أن استعرضنا آثار الانحراف الاجتماعي لدى ليمرت في جزء سابق من هذا البحث.

   أما العالم الآخر الذي له إسهامات مهمة في مجال الوصم الاجتماعي فهو "هوارد بيكر" في كتابه "outsiders"1963.الذي يرى أن الجماعات البشرية هي التي تخلق الانحراف عن طريق صنع القواعد ا لتي يتكون الانحراف نتيجة خرقها حيث يطبق القانون على بعض الأشخاص الذين يوصمهم المجتمع بوصمة الانحراف ويوصفون بالخروج عن القانون. ومن هنا لا يصبح الانحراف ذاته صفة للفعل الذي يرتكبه الشخص بل نتيجة لما يطبقه الآخرون عليه من القواعد أي نتيجة وصم الشخص من قبل الآخرين كمذنب حيث يقع على الشخص ليكون منحرفاً والفعل الذي ارتكبه انحرافاً. فالأشخاص الذين يرتكبون الأفعال المخالفة للمعايير أو قواعد السوية الاجتماعية لا يصبحون منحرفين إلا بعد أن يتعرضون لوصمة الانحراف والخبرة الناشئة عن مثل هذه الوصمة (Becker, 1963).

   وباختصار يمكن القول أن أهم عناصر عملية تكوين السلوك المنحرف من وجهة نظر هذه النظرية هي الخبرة الناشئة لدى الشخص بعد القبض عليه وما يتعرض له من عملية دمغه أو وصمه بوصمة الانحراف بما يجعلها العلامة الفارقة لدى الشخص والتي تمثل المقام الأول فوق كل الصفات الأخرى التي يحتلها الفرد في مجتمعه.

2- نظرية الاختلاط التفاضلي "المخالطة الفارقة".

   تعتبر هذه النظرية بحق أول نظرية اجتماعية ذات منهج علمي واضح وفرضيات علمية محددة في مجال تفسير السلوكين الإجرامي والمنحرف كسلوك اجتماعي، يمكن أن يتعلمه الفرد كأي سلوك اجتماعي أخر، والحقيقة أن موضوع تعلم السلوك الاجتماعي بوجه عام والسلوك الإجرامي بوجه خاص سبق أن تناوله الفيلسوف الاجتماعي الفرنسي "تارد" من خلال نظريته التقليد، حيث يرى تارد أن جميع أنماط السلوك تتكون بتأثير مثال يحتذى وفعل يندفع الناس إلى النسج على منواله والتقليد عند تارد يتم وفق قوانين ثابتة وهذه القوانين الثلاثة هي:

- يقلد الناس بعضهم البعض و يكون التقليد أكبر كلما كانت الروابط أقرب و أوثق

- في مجتمع معين يقلد الأدنى الأعلى ( الضعيف يقلد القوي .

- إذا التقى نموذجان متعارضان و متنابذان فأحدهما يستبدل الآخر[12]

  ويعتقد "تارد" أن السلوك الإجرامي لا يشكل سمة أو مرضاً ينتقل إلى الإنسان بالوراثة بل هو مهنة يتعلمها الإنسان من خلال اختلاطه بالآخرين وتقليده لهم وذلك حين يختار لنفسه مثلاً معيناً يحذو حذوه.

    والسلوك الإجرامي بهذا المعنى يشكل مهنة قد لا تختلف عن أية مهنة أخرى إلا من حيث محتواها الإجرامي فحسب.

   أما نظرية الاختلاط التفاضلي أو المخالطة الفارقة، فهي تشكل تطويراً منهجياً آخر لشرح كيفية انتقال السلوك الإجرامي بطرق التعلم من الآخرين ،أو من خلال الإختلاط بالمجرمين وتعلم الأنماط الإجرامية والبواعث والمبررات التي تشجع على ارتكاب الجريمة.

رابعا: الانحراف والمجال

   يعتبر مفهوم المجال من أكثر المفاهيم إشكالية لما يحمله من غنى في الدلالة والإيحاء ولما يتصف به من تعقيد ومفارقة. فهو مفهوم يجيد لعبة الوجه والقناع والإخفاء والإبراز يخفي أحيانا ما ينبغي أن يظهره و يبرز أحيانا أخرى ما يبدي الوضوح و الجلاء والبساطة والبداهة الحدسية ويضمر اللبس والغموض[13][14].

  هنا نكون أمام مستويات عديدة و مختلفة في إدراكنا للمجال و حدوده و الأوضاع التي نتواجد فيها و كيف نفهم هذه الأوضاع و بالتالي فل تصوراتنا حول الواقع تؤثر في سلوكنا و طريقتنا في البحث عن حلول للمشاكل التي نواجهها حتى لو كان إدراكنا خاطئا للأوضاع التي نعيشها.

   وهنا ستتبدى الصعوبة المنهجية لمقاربة المجال و فك الشفرات و الرموز و المؤشرات و ربط الدلالات بمدلولاتها،دون انزياح أو استطراد في المعنى.وما يزيد من القبض على المفهوم المجال كونه بؤرة تقاطعات عدة معارف من فلسفة و رياضيات و علم النفس وجغرافيا و اقتصاد،بل و أنتروبولوجيا و سوسيولوجيا دون إغفال الفن والعمارة.

  وإذا أضفنا مفهوم الجريمة إلى مفهوم المجال أصبحنا أمام اشكالية ،لم ينتبه اليها كثيرة إلا استثناءا نجدها مع مدرسة شيكاغو تحديدا مع الدراسات الأولى لهذه المدرسة تحت ما يسمى الإيكولوجيا الاجتماعية.

   وملاحظ أن هذا الموضوع تناوله الجغرافيون أكثر من السوسيولوجيين،فأصبحنا نتحدث عن جغرافيا الجريمة،عن البقع الساخنة ،مناطق بأكملها موصوما بالاجرام يتم اقصاؤها وتكريس هذا على حساب مناطق أخرى يتم الترويج لها بكونها مناطق آمنة وبالتالي لا خوف على المصالح الاقتصادية للمستثمرين.

   إذا كان لا بد من طرح العديد من الأسئلة للوقوف عند هذه العلاقة بين المجال والجريمة،من قبيل كيف تتوزع الجريمة مجاليا؟وما هي سيرورات انتاج مناطق الاجرام؟ وكيف يتم استثمار هذه الأوصام في بناء هويات اجتماعية،وهل يؤثر المجال وطبيعة السكن في انتشار أو الحد من الجريمة؟

* التحليل الجغرافي للجريمة.

   إن مفهوم جغرافية الجريمة مثلا وجد أصوله في المصطلح الذي أصبح متداولا بين علماء الاجتماع ،الثقافات الفرعية خلال الخمسينات و الستينات من القرن العشرين خاصة مع مدرسة شيكاغو و تحديدا مع سيلين و سيدرلاند.

   فجغرافية الجريمة تعكس واقعا محليا يمكن من خلاله التنبؤ بعدد من المؤشرات في المجتمع و التي تكشف لنا التفاوت الإجتماعي و البطالة، وتدهور المساكن واللامساواة التي نستدل منها على وضع القوى الاجتماعية و الادارية في المجتمع.

   فالتحليل المكاني للجريمة لا نحلله من واقع منفصل عن القوى الاجتماعية والسياسية التي تشكل جزءا من المحتوى المكاني لاستخدام الأرض.

   ويشير تعريف جغرافيا الجريمة إلى أنها موضوع فرعي من علم الجغرافيا يفسر ويربط الحيز الجغرافي للمجرمين و مختلف الافعال الاجرامية،ويدرس تباين الجريمة ومعدلاتها و خصائص المجرمين و الضحايا أخدا في الإعتبار دائما البعد المكاني.

   والاحساس بالمكان يعني النظر إليه على أنه أكثر من نقطة على الخريطة أو مجرد موقع ، وإنما ما يحيط بالمكان من خصائص مادية و ثقافية و اجتماعية.[15] 

تعتمد هذه المقاربة على الابعاد التحليلية التالية :

* التركيز على الجوانب الانسانية والسلوكية والسيكولوجية وجمع هذه الجوانب مع الابعاد المكانية.

* دراسة الانماط المكانية للظاهرة في الحيز الجغرافي.

* دراسة العمليات المكانية بكافة وجوهها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ومن ثم ربط احتياجات المجتمع باصلاح البيئة المحلية التي يتواجد فيها مرتكبو الجرائم.

* كشف توزيع الجريمة ما بين الاقاليم الجغرافية ومن ثم فحص معمق لأماكن مسرح الجريمة انطلاقا من معيشة سكان تلك المناطق وخصائصهم ة الاجتماعي 
والاقتصادية .

* المكان ليس كيانا ماديا فقط،ويصعب النظر إليه كذلك إذ إنه مكان للقيم والعادات والانشطة التي يصعب علينا النظر إليها منفردة بعضها عن بعض.

* إن جغرافيا الجريمة لم تكن بعزل عن علم الاجتماع و علم النفس و علم الاجرام،وأهم ما يميز التحليل الجغرافي عنها جميعا التركيز على البعد المكاني الذي يتفاعل من دون شك مع بقية الابعاد البيئية و الاجتماعية،وبدأ الجغرافيون يحاولون تاكيد ذلك البعد فدرس بعضهم كيف يستجيب السكان للخوف من الجريمة و كيف يتباين ذلك الخوف مكانيا؟.

   وهو مجال لم تلمسه العلوم الأخرى بالدقة التي تناولته به الجغرافيا.وترجم الجغرافيون ذلك الخوف الى توزيع مكاني موقع على خرائط أسطح الخوف التي توضح الأماكن التي يخشاها الناس تبعا لشهرتها في الجريمة و التتباين من منطقة إلى أخرى .[16]

   وتساهم السلطة السياسية خاصة المحلية منها في خلق مناطق الفقر ويشاركون في بنيانه و تحديد هذه المناطق "الخطيرة" قصد الحفاظ على القيمة العقارية للأحياء الأخرى، وقد بين الجغرافي "Dorling" بأن هناك متغيرين مرتبطين بعمليات القتل، والمرتبطة أساسا بالمكان الذي توجد فيه الضحية ومستوى تدهور العمارات والمجال العام المحيط بها، أكثر من طبيعة العملية التي يتبناها المجرم أو شخصية الضحية. [17]

   إن هشاشة او تردي الأمكنة التي هي نتيجة لعدم استثمار السلطة المحلية فيها وذلك لصالح أحياء أخرى أكثر ترفيها يؤدي بالأحياء الفقيرة ان تستدمج الطابع الاجرامي كما لو كان من جيناتها.

   يتضح من خلال هذا القول أن مسألة خلق مناطق وأماكن الإجرام ليست قضية طبيعية بقدر ما هي صناعة من طرف بعض الجهات والمؤسسات الرسمية منها و غير الرسمية كذلك.والفاعل الذي يقطن هذه الأماكن له رهانات إذ بدوره يستدمج هذه الأوصام ويستثمرها لتحقيق أهداف اقتصادية ومادية وحتى ثقافية.

خامسا: دراسة مورفولوجية الانحراف

سيتم دراسة توزيع ظواهر الانحراف في سياقين مختلفين:

I. السياق المدرسي.

II. الأحياء السكنية.

I. واقع الإنحراف من داخل المجتمع المغربي.

   إن ظاهرة الإنحراف بالمجتمع المغربي مثلها مثل الظواهر الأخرى،تعرف الإنتشار الواسع بين مختلف الفئات الإجتماعية بمختلف انتماءاتها، وأعمارها ذكورا و إناثا،لذلك ارتأينا ضرورة التطرق لبعض مظاهر السلوك الإنحرافي،خاصة في مؤسسة المدرسة. 

   وتسير المدرسة المغربية اليوم نحو إثارة المزيد من مخاوف المجتمع بسبب مظاهر الإنحراف التي أصبحت بادية على سلوكات التلاميذ وهي مظاهر تتراوح ما بين إستفحال ظاهرة التدخين.وما بين العنف الذي بات متفشيا أكثر بالمدارس .

1) التعاطي للمخدرات

   نجد في صفوف الذكور و الاناث من التلاميذ،بيع الأقراص المهلوسة أو الحلويات المعروفة باسم"المعجون"وهي مادة تشبه الحلوى،ويتم خلطها بالحشيش أو بالأقراص المهلوسة.

   وفي بحث ميداني قمنا به رفقة طلبة الفصل الثالث لهذه السنة ،كان حول الإنحراف في صفوف تلاميذ وتلميذات يدرسون بثانوي إعدادي و ثانوي تأهيلي،خلصنا من خلال جمع المعطيات المتعلقة باستمارة موزعة على تلاميذ و تلميذات هذه المؤسسات.

   إن المدرسة كما هو متعارف عليه تشكل تلك المؤسسة هي مجال العلم و المعرفة .إلا أننا اليوم بدئنا بدئنا نلاحظ وبشدة تعاطي مجموعات من التلاميذ والتلميذات منزوين قرب كدارسهم يتعاظون للتدخين و أنواع أخرى من المخدرات.نتساؤل هنا عن كيف أصبحت المدرسة المغربية مجال للإنحراف؟ 

   ربما إن هذا يستدعي منا البحث عن سيرورة الإنحراف.والتي تبدأ بسيرورة بناء التدخين.

فهذا الأخير تساهم فيه المدرسة بشكل كبير.إذن ما هي المعايير لفهم هذه الدينامية ؟

    ربما يشكل غياب مشروع مدرسي،يقوم على مواكبة مستجدات الواقع وتحولاته القيمية .فالتلميد من داخل المدرسة يحتاج للتعبير عن ذاته ،وفرض نفسه،وعندما لا تمنح له هده الأمور بطرق مشروعة يلتجأ إلى طرق أخرى تعتبر في نظر المجتمع غنحرافا.وما كثرة التعديلات في المخططات المدرسية سوى مؤشر على فشل هذه المنظومة .

    ووفق الدراسة فإن أغلب التلاميذ قالوا أنهم فعلوا ذلك،إما تقليدا لتلاميذ أخرين يدخنون،وهنا تنجح نظرية التقليد"لتارد"قي تفسير السلوك الإنحرافي،وفئة أخرى قالت بالرغبة في الإندماج أكثر وسط شلة أصدقاء أفرادها يدخنون.فيما أشار أخرون إلى أن تدخين مخدر "الحشيش"أو "المعجون"،هو نتيجة مشاكل أسرية ومدرسية.

2) العنف المدرسي

   باعتبارها صورة عاكسة لتمظهرات المجتمع، نجد الفضاءات لم تنج هي الأخرى من بعض أشكال العنف ( عنف مادي تكسير النوافذ ممتلكات المؤسسات التعليمية ،الكتابة على جدران المراحيض ،السب والشتم في حق الأستاذ أو هما مع). 

   لقد ذهبت بعض الدراسات والأبحاث إلى إبراز حجج مادية ومعنوية قائمة على عقم المؤسسات التربوية وإلى إبراز اختلالات بين علائقية عميقة ومساهمة المدرسة الإرادية وغير الإرادية في الدفع بالمتعلمين واليافعين إلى ممارسة سلوكات عدوانية، كشكل من أشكال التعويض عن الحرمان والقهر النفسي الممارس عليهم، نتيجة ضعف دمقرطة الشأن التربوي التكويني وعدم ترسيخ قيم التكافؤ في فرص التعليمية، بشكل قوي في بروز مجموعة من التصرفات العدوانية تبتعد عن طبيعة القيم المراد إكسابها للمتعلم للمساهمة في بناء مجتمعه.

  إن تلاميذ مؤسساتنا في حاجة إلى تواصل حقيقي وإلى من يفهم مشاكلهم وحاجاتهم التي لا يجدونها في المقررات الدراسية، ذلك أن العملية التربوية ليست تلقين التعلمات والمناهج بل إنها عملية متكاملة تسعى إلى تحقيق النمو والازدهار،فسابقا ما كنا نسمع عنه ونلحظه هو أن الأطر المسؤولة من المعلمين وأساتذة هم من كانوا يعنفون تلاميذهم ،أما اليوم فإن الأمر فإن الأمر أصبح معكوسا ،إذ أن مجوعة من الأطر التربوية والتعليمية تعرضت لأشكال من العنف من قبل تلاميذها .

II. دراسة الانحراف بمجالي "بوفكران" و"حمرية"

   إن دراستنا قد تركزت على مجالين متباينين _كما سبقت الإشارة إلى ذلك _ وقد استقينا المعطيات الإحصائية المتعلقة بالظاهرة الإجرامية من مركز الشرطة الموجود في كل مجال من هذين المجالين ، وذلك بغية المقارنة بين هذه المعطيات ، واستخلاص الآليات التي تتحكم في إنتاج نوعية معينة من الجرائم في مجال دون غيره ، بصيغة اخرى إننا نروم مقاربة مورفولوجية الظاهرة الإجرامية، من خلال تحديد مواطن كل صنف معين من أصناف الجريمة، وكذا تفسير العلاقة القائمة بين أصناف هذه الجرائم، وكل ذلك لأجل الإجابة عن إشكالية بحثنا هذا ، والتي تتلخص في ما يلي : كيف يساهم المجال في إنتاج الجريمة؟

   ربما أمكننا استخلاص جملة من الأسئلة الفرعية من هذه الإشكالية، والتي لا تخرج عن ثلاثة أساسية، هي:

- هل اختلاف المجال من الناحية المورفولوجية ، والبنية التحتية والتنظيم ينعكس على طبيعة الجريمة المرتكبة ؟

- أم أن طبيعة الجريمة ترجع إلى منطق تقسيم المجال واستغلاله من طرف الأفراد ؟

- هل ترتبط طبيعة الجرائم بذهنية ساكنة مجال ما ، هذا الأخير الذي يؤثر على الجهاز النفسي للأفراد من خلال عمليات التكيف المستمرة ؟

وإننا في إطار معالجة المعطيات الميدانية التي تم التوصل إليها قمنا بتقسيم التقرير إلى أربعة عناصر أساسية تماشيا مع الفرضيات التالية:

- إن تباين مورفولوجية المجال وأشكال تنظيمه يؤثر على طبيعة الجرائم المرتكبة فيه .

- إن طبيعة الجرائم تتباين من مجال إلى أخر .

- إن طبيعة الجرائم ترتبط بنوعية الذهنيات السائدة لذا ساكنة المجال المحتضن لها .

- هناك علاقة ذات دلالة إحصائية بين جريمة وجريمة اخرى ، ارتكبتا في نفس المجال .

1- المعطيات الخام

- جدول رقم(1):

 معطيات المسجلة بمركز "بوفكران" خلال شهر ماي 2013م:
نوع الجرائم
عدد الجرائم المرتكبة

1-  السرقة بأنواعها
15

2-  الضرب والجرح
26

3-  النصب والاحتيال
06

4-  التهديد
15

5-  النزاع حول الأراضي
04

6-  التزوير في العقود
01

7-  محاولة الانتحار
01

8-  إهمال الأسرة
03

9-  الهجوم على مسكن الغير
01
من خلال الاستقراء الوصفي لهذه النتائج يتبين أن جرائم الضرب والجرح هي الجرائم الأكثر ارتكابا في "حي بوفكران"، أما اقل الجرائم ارتكابا فهي جرائم التزوير والعقود ومحاولات الانتحار ، من هنا فان طبيعة الجرائم التي تهيمن على هذا المجال هي الجرائم التي تنفذ بواسطة القوة العضلية ، وهذا ما تزكيه عدد الجرائم المتعلقة بالسرقة بأنواعها وجرائم التهديد ، إذ كلها جرائم تحتاج إلى القوة البدنية والعنف الجسدي.

وإن طبيعة الجرائم التي تهيمن في هذا المجال، هي الجرائم التي تحتاج للقوة والعنف على حساب الجرائم التي تحتاج لقدر من الذكاء والمهارات الفنية.
جدول رقم (2):
Les crimes sur le secteur de  Hamreya  Meknès de moi Mai 2013.
Insulte et injures
08
Violence
09
Menace
04
Ivresse manifeste
05
Vol a main avuée
01
Vol qualifie
02
Vol a l’arracher
02
Vol avec violence
01
Vol a la tire
01
Vol dans voiture
01
Vol simple
07
Abus de confiance
04
Accusation de vols
04
Consommation de  drogue …
03
أما بالنسبة للمجال الثاني "حمرية" فان طبيعة الجرائم المهيمنة، فهي الجرائم المتعلقة بالعنف ، لكن هو فقط ذلك العنف الظاهر، والذي يتم رصده من طرف الإحصاءات الرسمية ، ليبقى التساؤل حول العنف الرمزي بلغة بيير بورديو ، كذلك جرائم الضرب والجرح ، كما أن الجرائم الأقل ارتكابا هي الجرائم ذات الطبيعة "الناعمة "، بمعنى التي تحتاج إلى مجهود فكري، هنا نلاحظ تطابقا واضحا بين طبيعة الجرائم  السائدة في كلا المجالين ، لذلك لابد من التساؤل : ألا تؤثر الاختلافات والتباينات بين المجالين على طبيعة الجرائم فيهما ؟أم انه في حقيقة الأمر ليس هناك تباينات جوهرية بين المجالين ؟كيف يمكننا تفسير هذا التطابق سوسيولوجيا ؟
للإجابة عن هذه التساؤلات لابد من اختبار الفرضيات بواسطة برنامج spss[18]   وذلك لأجل الوقوف عن كثب على العلاقة القائمة بين المجال كبناء اجتماعي والجريمة كظاهرة  اجتماعية ، ورصد العلاقة الإحصائية من خلال الدلالة التي تكتسيها الأرقام في تفسير الواقع المعاش ، فالذي يعطيه الكمي لا يمكن أن يعطيه الكيفي ، لذلك فإقحام الكمي في تفسير المعيش في ارتباط بالكيفي، وذلك من خلال تحليل المعطيات الرقمية واستنطاقها ، من شانه أن يغني التحليل ويكسبه قيمة أكبر .
وان أولى الأسئلة التي تطرقنا لمعالجتها هي:
كيف تتوزع هذه الجرائم في هذين المجالين ؟ وما الجريمة الأكثر حضورا ؟

2-  تحويل المعطيات الخام:
  قمنا في البداية بتصنيف المعطيات الخام وفق الجدول التالي:
جدول رقم (3): تنسيق المعطيات في جدول تصنيفي نهائي.
Centres de classes finaux




Classe


1
2
النصب والاحتيال
6.00
2.00
التهديد
15.00
4.00
النزاع حول الأراضي
4.00
4.00
التزوير في العقود
1.00
1.00
إهمال الأسرة
3.00
.00
الهجوم على مسكن الغير
1.00
9.00
السرقة بأنواعها
15.00
7.00
الضرب والجرح
26.00
8.00
1= بوفكران 2= حمرية
  يعتبر هذا الجدول بمثابة القاعدة البيانية الأولى التي يتم الرجوع إليها لتحليل المعطيات، وحساب درجة الارتباط بين المتغيرات لاستخلاص كل المعلومات اللازمة، وقد قمنا بتكييف المعطيات الخاصة بجريمة السرقة التي حصلنا عليها من مركز الشرطة "بحمرية ".حيث تم الأخذ بعين الاعتبار السرقات العادية ولم يتم التطرق لأنواع السرقات الأخرى ، وقمنا بمقارنتها مع جريمة السرقة ب"بوفكران "، وذلك لأنه في نظرنا يستحسن مقارنة الجرائم من طبيعة واحدة وكذلك لربح الوقت .
إذن لقد تم الاشتغال على بيانات هذا الجدول وعلى أساسها سيتم تحليل استخلاص جميع المعطيات .
3-  تحليل البيانات
  بعد إدخال المعطيات إلى برنامج spss تم الحصول على النتائج التالية :
جدول رقم (4): نتائج الإحصاء الوصفي .
Statistiques descriptives






N
Minimum
Maximum
Moyenne
Ecart type
Variance
محاولة الانتحار
2
.00
1.00
.5000
.70711
.500
التزوير في العقود
2
1.00
1.00
1.0000
.00000
.000
إهمال الأسرة
2
.00
3.00
1.5000
2.12132
4.500
النصب والاحتيال
2
2.00
6.00
4.0000
2.82843
8.000
النزاع حول الأراضي
2
4.00
4.00
4.0000
.00000
.000
الهجوم على مسكن الغير
2
1.00
9.00
5.0000
5.65685
32.000
التهديد
2
4.00
15.00
9.5000
7.77817
60.500
السرقة بأنواعها
2
7.00
15.00
11.0000
5.65685
32.000
الضرب والجرح
2
8.00
26.00
17.0000
12.72792
162.000
إذا أضفنا عدد الحالات التي ارتكبت جرائم الضرب والجرح في "بوفكران"والتي بلغ عددها 26 حالة ، للتي ارتكبتها في "حمرية " والتي بلغ عددها  8 حالات، فان مجموع الحالات يصير 34 حالة ، من هنا فان متوسط مرتكبي هذه الجرائم سيكون 17حالة كما هو واضح في الجدول أعلاه ، وبذلك فان متوسط مربع انحراف التباين هو 17 الشيء الذي يعني أن جرائم الضرب والجرح هي الجرائم الأكثر ارتكابا في المجالين معا ومن قبل مختلف الفئات التي تقطن في هذين المجالين ، هنا لابد من طرح سؤال أساسي هو: ألا يرجع عامل ارتكاب هذه الجرائم إلى ما هو نفسي أو ثقافي ؟   إن الإجابة تستدعي القيام بمسوحات سوسيولوجية يتم استخدام استمارات لهذا الغرض ، ولكننا سنكتفي بتأويل نتائج مراكز الشرطة للكشف عن كيفية توزع الجرائم في المجال حسب طبيعتها .
ومن خلال هذا الجدول يتضح كذلك إن نسبة انحراف جرائم الضرب والجرح، عن المتوسط قد بلغت 12.72 وهي أعلى نسبة انحراف ما يعني أن هناك تشتت عن المتوسط وابتعاد عنه، والذي يبلغ 5 بالنسبة لجرائم الهجوم على مسكن الغير، وسوف نعطي مثال على ذلك من خلال مقارنة بعض المتوسطات كما يلي:
السرقة بأنواعها الضرب والجرح * الهجوم على مسكن الغير



الهجوم على مسكن الغير

السرقة بأنواعها
الضرب والجرح
بوفكران
Moyenne
15.0000
26.0000

N
1
1

Ecart-type
.
.
9.00
Moyenne
7.0000
8.0000

N
1
1

Ecart-type
.
.
Total
Moyenne
11.0000
17.0000

N
2
2

Ecart-type
5.65685
12.72792
جدول رقم (5)                                                    جدول رقم(6)
السرقة بأنواعها الضرب والجرح * النصب والاحتيال



النصب والاحتيال

السرقة بأنواعها
الضرب والجرح
حمرية
Moyenne
7.0000
8.0000

N
1
1

Ecart-type
.
.
6.00
Moyenne
15.0000
26.0000

N
1
1

Ecart-type
.
.
Total
Moyenne
11.0000
17.0000

N
2
2

Ecart-type
5.65685
12.72792
جدول رقم (7)
السرقة بأنواعها الضرب والجرح * التزوير في العقود



التزوير في العقود

السرقة بأنواعها
الضرب والجرح
بوفكران
Moyenne
11.0000
17.0000

N
2
2

Ecart-type
5.65685
12.72792
Total
Moyenne
11.0000
17.0000

N
2
2

Ecart-type
5.65685
12.72792
 يبدو من خلال الجدول رقم (5) إن متوسط مربع الانحراف بالنسبة لجرائم السرقة بأنواعها مقارنة مع متوسط مربع الانحراف بالنسبة لجرائم الهجوم على مسكن الغير، قد بلغ 11بالنسبة لجرائم السرقة و17 بالنسبة لجرائم الضرب والجرح، وذلك في مجال بوفكران ، أما بخصوص مجال حمرية فان متوسط مربع الانحراف بالنسبة لجرائم السرقة بأنواعها والضرب والجرح مقارنة مع جرائم النصب والاحتيال قد بلغت نفس القيمة التي بلغتها في بوفكران ، كما أن أعلى تردد قد سجل بخصوص جرائم الضرب والجرح في كلا المجالين ،من هنا فان الفرضية التي تقول بتأثير المجال على طبيعة الجريمة تستدعي تنحيتها وتفنيدها بلغة كارل بوبر ، وذلك نظرا لتطابق النتائج وهذا ما تبينه الجداول (5-6-7).
هذا يحفزنا على القيام بمزيد من الأبحاث حول هذا الموضوع لاسيما في ظل غياب مصداقية بخصوص الإحصاءات الرسمية وما يطرحه الرقم الأسود من إشكالات جمة ،فالحديث عن الجرائم الحقيقية يستدعي النزول للميدان وذلك بغية استنطاق تمثلات المبحوثين ، ونحن في محورنا هذا إذ نقوم باختبار الفرضيات المتعلقة بالظاهرة الإجرامية كما رصدتها مراكز الشرطة ، لا يمكننا الغوص في هذا الاتجاه ولكن من خلال النتائج يمكننا إعطاء تأويل أولي ، على اعتبار أن دراستنا هذه هي دراسة استكشافية لهذين المجالين ،وهو أن طبيعة الجريمة ترتبط بطبيعة الذهنيات السائدة والثقافة التي تروج في مجال معين ، وان تطابق النتائج فيما يخص متوسط الانحراف ، يعني أن هناك تصور مشترك يحكم كلا ساكنتي هذين المجالين ويجعل اغلب الأفراد يتجهون إلى ارتكاب جرائم متشابهة ، نظرا لتشابه الثقافة والمعنى الذي يعطيه هؤلاء لعالمهم ، لا يمكن أن ننفي وجود بعض الاختلافات الطفيفة والتي ترجع لعوامل اخرى اقتصادية واجتماعية .
 أما ما يخص قيمة الانحراف عن المتوسط فيمكننا توضيحها أكثر من خلال الجدول التالي:
جدول رقم (8):
Statistiques sur échantillon unique




N
Moyenne
Ecart-type
Erreur standard moyenne
السرقة بأنواعها
2
11.0000
5.65685
4.00000
التزوير في العقود
2
1.0000
.00000a
.00000
الهجوم على مسكن الغير
2
5.0000
5.65685
4.00000
محاولة الانتحار
2
.5000
.70711
.50000
النزاع حول الأراضي
2
4.0000
.00000a
.00000
إهمال الأسرة
2
1.5000
2.12132
1.50000
النصب والاحتيال
2
4.0000
2.82843
2.00000
الضرب والجرح
2
17.0000
12.72792
9.00000
التهديد
2
9.5000
7.77817
5.50000
a. t ne peut être calculé car l'écart-type est nul.





ما الفائدة التي يمكننا أن نستخلصها من هذا الجدول ؟

إنه إذا كان  دوركهايم قد سطر للجريمة حدا لا ينبغي لها أن تتجاوزه أو أن تقل عنه ، حتى نتفادى الوقوع في حالة الانوميا ، فانه لابد من استنطاق هذه القيم لمعرفة كيف تتوزع الظواهر الإجرامية، ويتضح من خلال هذا الجدول أن نسبة 5.65 هي العتبة التي تشكل متوسط الانحرافات وهي القيمة الوسيطة ، كما أن الملاحظ هو أن انحراف ecart-type جرائم السرقة يساوي انحراف جرائم الهجوم على مسكن الغير رغم أن متوسطهما متباين ، لهذا لابد من الاهتمام بهذه النتيجة نظرا لأهميتها البالغة، فالمقصود بالانحراف درجة الابتعاد عن المتوسط ، وبالتالي طريقة التوزيع ، فجرائم السرقة تتوزع بنفس الصيغة التي تتوزع بها جرائم الهجوم على مسكن الغير، في هذين المجالين .
إذن هل هناك علاقة بين هاتين الجريمتين، بمعنى بين صنفي هذه الجرائم، السرقة بأنواعها والهجوم على مسكن الغير ؟
قمنا بتحليل الارتباط بين هاذين المتغيرين، فجاءت النتائج كما يلي:
جدول رقم (9):
Corrélations pour échantillons appariés





N
Corrélation
Sig.
Paire 1
السرقة بأنواعها & الهجوم على مسكن الغير
2
-1.000
.000
Paire 2
الهجوم على مسكن الغير & السرقة بأنواعها
2
-1.000
.000
يتضح إن هناك ارتباط ضعيف بين صنفي الجريمة التاليين : السرقة بأنواعها والهجوم على مسكن الغير، وهو ارتباط ذو دلالة إحصائية كما هو واضح في الجدول أعلاه، (Sig. 0.000) ومنه فان ذلك يتطابق مع النتائج التي تم الحصول عليها فيما يخص متوسط الانحراف (الجدول رقم(8)).
إن بعض الجرائم ترتبط بجرائم اخرى، وتساهم في انتشارها ولو بدرجات متفاوتة ،في المقابل هناك جرائم لا ترتبط بأي جرائم،أوهي ترتبط بصنف محدد من الجرائم فقط ،  وقد حصلنا على النتائج التالية :
جدول رقم (10):

Corrélations pour échantillons appariés





N
Corrélation
Sig.
Paire 1
الضرب والجرح & محاولة الانتحار
2
1.000
.000
Paire 2
التهديد & النزاع حول الأراضي
2
.
.
Paire 3
إهمال الأسرة & الهجوم على مسكن الغير
2
-1.000
.000
Paire 4
النزاع حول الأراضي  & محاولة الانتحار
2
.
.


خاتمة
عموما، إن الجريمة وان لم يثبت ارتباطها إحصائيا بالمجال، فقد أشارت العديد من الدراسات لتأثرها به ، إلا أن الثابت هو إن الجريمة تتأثر بالثقافة والذهنيات  أكثر من أي شيء أخر، وهي تتوزع وفق  توطين دقيق يفسر كونها بناء إنساني يتأثر بالتصورات التي يكونها الفرد عن عالمه ومحيطه ، من خلال البناء الاجتماعي للواقع، والذي يتم وفق رؤى تنطلق من المعياري و اللامعياري ، لتصنف كل السلوكات ضمن هذه الخانة أو تلك ، فجرائم التعاطي للمخدرات والعنف في المجال المدرسي ، لا يتم التعامل معها مثل جرائم السرقة أو التزوير ، من هنا فان السياق الثقافي هو الذي يحدد طريقة التأويل ومن ثمة الفهم والبناء والاستدخال، ثم إعادة الإنتاج في نهاية المطاف.
وان الذي يلاحظ على المجال هو كونه يلعب دورا في تحديد طبيعة الجريمة هذا ما تؤكده اختلاف النتائج من مجال لأخر، على الرغم أن في حالتنا هذه كانت النتائج متقاربة ، نظرا لانتماء مجالينا إلى مجال واحد هو مدينة مكناس، وهكذا فإنهما يتميزان بثقافة واحدة لا تختلف .
 ولكن تبقى دراستنا المتواضعة ذات أهمية لأنها ستفتح المزيد من الأبواب للبحث في مورفولوجية الجريمة والانحراف وكيفية توزيعها، خاصة أنها توصلت إلى نتائج جد أساسية يمكن إجمالها فيما يلي:
-        المجال يؤثر في طبيعة الجريمة (انظر الجدول رقم 3 وقارن تردد الجرائم بين "بوفكران " و"حمرية").
-        ارتباط نوع معين من الجريمة بصنف أخر، تحدده نسبة الانحراف عن المتوسط.
-        الثقافة والقيم المشتركة تساهم في إنتاج أصناف معينة من الانحراف والجريمة داخل المجالات المحتضنة لها (انظر طبيعة الجرائم ب"حمرية"و"بوفكران").
-        تساهم الأسباب النفسية في انتشار الجرائم (انظر الجدول 10 العلاقة بين محاولة الانتحار والضرب والجرح).
-        الجرائم الأكثر تكرارا هي التي تتخذ جملة من الأشكال داخل المجتمع (مثال السرقة بأنواعها).
-        هناك جرائم خفية لا يتم قياسها (جرائم العنف الرمزي).
المحاور:

مقدمة......................................................................2
أولا:الاتجاهات الاجتماعية المفسرة للانحراف.........................3
1-  الاتجاه البنائي....................................................3
2-  الاتجاه الصراعي الماركسي....................................5
3-  منهج التفاعل أو التأثير الاجتماعي المتبادل ..................6
ثانيا:الانحراف كنتاج موضوعي ........................................7
1-  نظرية التفكك الاجتماعي........................................7
2-  الفرعية الجانحة ................................................9
ثالثا:الانحراف كنتاج للتقييم الذاتي ....................................9
1-  الانحراف كنتاج للوصم الاجتماعي ..........................10
2-  نظرية الاختلاط التفاضلي أو"المخالطة الفارقية"...........10
رابعا:الانحراف والمجال...............................................11
خامسا:دراسة مورفولوجية للانحراف..............14              
I.   واقع الانحراف بالمجتمع المغربي.............................15
1-  التعاطي للمخدرات ............................................15
2-  العنف المدرسي................................................16
                                          II.            دراسة الانحراف بمجالي "بوفكران"و"حمرية...............16
1-  المعطيات الخام.................................................17
2-  تحويل المعطيات الخام.........................................20
3-  تحليل البيانات..................................................21
خاتمة.......................................................................26
المحاور....................................................................27

مراد بن علي زريقات.دكتوراه علوم أمنية"العوامل الاجتماعية للانحراف قراءة سوسيولوجية"جامعة الأمير نايف للعلوم الأمنية الرياض السعودية 2007. [1]

[2] www.ejabat.google.com 17/03/2011.5h24.32

[3]Carla nagels « introduction à la criminologie générale ».cours donné par carrol tange.anné académique .2007/2008.p64

هند خالد العتيبي "بعض محاضرات علم الاجتماع الانحراف ،بدون ذكر الطبعة والمطبعة [4]

مصطفى عبد المجيد كاره "مقدمة في القانون الجنائي المغربي"مطبعة الإنماء العربي.بيروث .لوبنان الطبعة الأولى 1985. [6]

د.ابراهيم حمداوي"الجريمة في المجتمع المغربي"دراسة سوسيولوجية.مطبعة دار القلم بالرباط. الطبعة الاولى 2013 ص 141. [7]

مصطفى عبد المجيد كاره"مقدمة في الإنحراف الاجتماعي"مرجع سابق. [8]

د.محمد احداف"علم الإجرام"-النظريات العلمية والسلوك الإجرامي-مطبعة وراقة سجلماسة.الطبعة الثالتة 2009ص 284. [9]

عبد الله أحمد عبد الله المصراتي "في اجتماعيات الجريمة والإنحراف"قراءة اجتماعية معاصرة في النظريات المفسرة للجريمة و الانحراف[10] . الطبعة الأولى بدون ذكر المطبعة .ص13 

أسماء بنت عبد الله بن عبد المحسن التويجري"الخصائص الإجتماعية والإقتصادية للعائدات للجريمة"الرياض الطبعة الأولى2011م ص41. [11]

د مزوز بركو"النظريات المفسرة للإنحراف والجريمة"الطبعة الأولى بدون ذكر المطبعة ص8 [12]

بن محمد قسطاني"ما هو المجال؟"مقال بمجلة فكر ونقد ،العدد 22 ،سنة 1999،16 أكتوبر ص10 [13]

[15] - سيف الاسلام شوية "المقاربة السوسيوجغرافية لظاهرة الجريمة"مقال بمجلة العلوم الإنسانية جامعة محمد خيضر بسكرة،سنة 2007 العدد 12 نوفمبر ص 5 

[16] سيف الإسلام شوية "المقاربة السوسيوجغرافية لظاهرة الجريمة"مرجع سابق ص6 .

[17] Marie-Andrée Bertrand Nouveaux courants en criminologie : « études sur la justice » et « zémiologie Revue : Criminologie, Volume 41, numéro 1, printemps 2008.

برنامج إحصائي لتحليل المعطيات.[18]



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا