التسميات

الاثنين، 28 أغسطس 2017

العلاقات الاقليمية الريفية – الحضرية ...

العلاقات الاقليمية الريفية – الحضرية  

  قام العديد من العلماء بتحليل دقيق للعلاقات الوظيفية بين الريف والحضر, ومن المعروف لكل باحث إن المدينة يحيط بها دائما نطاق من الأرض تخدمه وتعتمد علية فالمدينة لا يستطيع إن تعيش مكتفية بذاتها, معتمدة على مواردها الحضرية يقيمها فتقوم بأعمال لا بد تؤدي في أماكن مركزية (كما قال جيفرسون), فهناك تفاعل وثيق بين المدينة وريفها, ويتكون من مجموعة من الأفعال وردود الأفعال المتبادلة تنتهي بخلق مركب إقليمي متميز, وان إشعاع المدينة في الريف فيه انعكاس لتخصصها الوظيفي ولهذا لا يمكن إن نتصور الريف بلا مدينه أو المدينة بلا ريف.
   فالمدينة التقليدية التي عرفت من حيث الشخصية- بأنها ((مدن أسواق)) تقوم بمجموعة من الوظائف لخدمة الإقليم الذي تقع فيه. وبذلك تقوم مدن الأسواق هذه نيابة عن مناطق الأرياف الواقعة حولها بمجموعة من الوظائف والخدمات الأساسية وأهميتها هنا تبقى في كونها مكانا مركزيا بالنسبة للإقليم الذي تخدمه وتكمن أهميتها في وجود مساحة من الأرض وعدد من السكان يعتمدون على هذا المكان المركزي في نشاطهم الاجتماعي والاقتصادي. وكان من الطبيعي إن تكون المدن هي نقطة التقاء ((الإنتاج)) لكل من سكان الحضر والأرياف على السواء.
  على إن بعض مدن الأسواق ما زالت توجد حتى ألان في أماكن متقاربة على الرغم من إن المراكز الحضرية الأكبر قد أخذت جزءا من وظائفها والسبب في ذلك هو إن هذه المدن مازالت مراكز مهمة لتسويق النتجات المحلية لزوجة الفلاح التي ترغب في الذهاب إليها دائما لقضاء ضروريات الحياة اليومية.
  ويحاول دكنسون Dickinson تعريف إقليم المدينة فيقول انه ذلك النطاق الذي يحيط بالمدينة المركزي (إلام) فهذه المدينة هي بحكم مركزها وموقعها سوق الإقليم ومصرفه وربما مصنعه إدارته وخدماته الصحية والثقافية والترفيهية إلى غير ذلك
   وتمييزا لإقليم المدينة عن غيرة من الأقاليم فقد أطلقت علية عدة تسميات خاصة, فقد سماه سميلز بالحقل الحضري Field  Urban وسماه مخططو المدن ( بالإقليم الوظيفي  Region  Functional كما سمي بالأقاليم المنظم Oeganisational  ومنهم من استعمل مصطلح ((مجال التأثير الحضري))  Field Urban Influence .
   فتقسيم العلم إلى أقاليم مدن ليس حلا لمشكلة الإقليم الجغرافي, وان إقليم المدينة ما هو إلا نوع من تلك الأنواع ابتدعها الجغرافيون لبلوغ قمة الجغرافية, وتوجد مساحات واسعة في قلب عدد من القارات ؛- . وخاصة في إفريقيا وأميركا الجنوبية لا تنتمي إلى أي من أقاليم المدن لسبب واضح هو غياب مدينة تحتل بؤرة الإقليم.
  إذن فقد بنيت فكرة إقليم المدينة على أساس العلاقة بين المدينة وما حولها من ريف ومدن اصغر, وقد تباينت العلاقات المكانية من عصر إلى أخر, إما نتيجة لاختلاف المرحلة أو المستوى التقني وخاصة فيما يتعلق بالمستوى الحضاري, أو لظهور علاقات جديدة ووسائل لم تكن معروفة من قبل. فقد أدى التطور الكبير في وسائل النقل والمواصلات إلى اختلاف مجالات نفوذ المدن.
  وقد مرت العلاقات الإقليمية الريفية والحضرية خلال التاريخ بتطورات فالمدينة كانت بنت الريف وتعتمد علية اعتمادا يكاد يكون كليا. كانت المدينة تأخذ ولا تعطي إلا النزو اليسير.
   ويفسر ذلك ببساطة حياة أهل الريف. وبذلك الاكتفاء الذاتي الذي ميز حياتهم بحيث استغنوا إلى حد كبير عن العالم الخارجي في تلبية مطالبهم اليومية؛ حتى إن مطالبهم المتواضعة من المصنوعات منها حرفيو القرية وصناعها ثم أخذت المدينة تسوق ما فاض من منتجات الريف القريب؛ ولكن وسائل المواصلات البدائية وضعت حدا لهذه العلاقة, وفي نفس الوقت عملت على الاستمرار اعتماد المدينة على الغذاء وبعض الخدمات المجلوبة من مجالها الريفي.
  ومع ذلك أخذت المدينة تثري على حساب الريف بفضل ما أوتيت من خبرة وقدرة على استثمار المال وادخاره, وبالمال فرضت سيطرتها على الريف, وملكت أراضيه بل ومن يعيش عليها .
  وقد تغيرت هذه العلاقة مرة أخرى عقب الانقلاب الصناعي وما ارتبط به من تطور مثير في الوسائل النقل والمواصلات.
صارت المدينة اقل اعتمادا على الريف المجاور ولكنها صارت في نفس الوقت محط أنظار أهل الريف وقبلتهم يقصدونها لقضاء حاجاتهم وربما للعيش منها إذا طاب لهم المقام. لقد صار تأثير المدينة في الريف نافذا وصارت الوظيفة الإقليمية لا تقل أهمية عن الوظائف المحلية ولهذا السبب ارتبط الريف مع المدن المجاورة بالعديد من العلاقات الإقليمية يمكن إن تدرج فيما يأتي:
1- العلاقات الزراعية :
   بما إن الزراعة هي النشاط الاقتصادي الرئيسي في المناطق الريفية لذا فقد أفردنا لهذه العلاقات مجالا مستقلا لما لها من أهمية كبيرة ونسبة عالية ضمن العلاقات الريفية – الحضرية فريف المدينة هو مطمحها الفسيح الذي يكون إقليم تغذية وتموين لها .
  كما إن الزراعة تعد من المجالات التي تنفذ من خلالها المدينة إلى الريف على الرغم من إن حياتها صارت متعلقة أكثر من ذي قبل بالتجارة أو الصناعة. وتعتمد المدينة في غذائها خاصة السريع التلف منه على الريف المجاور حتى إن كثيرا من البساتين تقع على مقربة منها, والى اليوم يتوقف عمق المجال الذي تحصل منه المدينة على حاجاتها من الفواكه ومنتجات الألبان على مدى تقدم وسائل المواصلات, ففي الدول النامية تضيق الرقعة التي تمد المدينة بحاجاتها اليومية من المواد الغذائية بينما تتسع وتطول المسافة في الدول المتقدمة, فحدود المنطقة التي تمد باريس بالحليب مثلا تبعد عن مركز المدينة بنحو 400 كم وتعتمد لندن في سد مطالبها منه على كل السهل الانكليزي.
   إما عن المحصول الزراعي في الريف حول المدينة فتوجد هنا ضوابط الطلب وسعر الأرض وتكاليف الإنتاج مع طبيعة المحصول من حيث الوزن والقابلية للتلف لها توجيه واحد مشترك. فالمحاصيل العالية القيمة, السريعة التلف, التي تطلب طازجة تحتل اقرب ارض إلى المدينة, إما المحاصيل الثقيلة القليلة القيمة التي تعيش طويلا فتكون بعيدة عن المدينة. ومن هنا يظهر تخصص في المركب الزراعي بحسب المسافة من سوق المدينة, أي تنضد المحاصيل في نطاقات واضحة.
  وقد حاول عدد من الجغرافيون تصوير تتابع النطاقات التي تمد المدينة بالخضر والفواكه ومنتجات الألبان وغيرها من متطلبات الحياة اليومية على أساس أنها تأخذ ترتيبا خاصا وقد خرج بعضهم برأي مفاده إن تلك النطاقات تأخذ ترتيبا خاصا, فالنطاق الأقرب إلى المدينة هو نطاق الورود ثم يليه نطاق الخضر والفواكه, إما النطاق الثالث فهو مخصص لزراعته كثيفة عمادها تربية الماشية من اجل ألبانها وينتهي هذا النطاق بمنطقة لتربية مختلف الحيوانات وهذه بدورها يحوطها نطاق من الغابات. وهي نطاقات تنتج بسبب تفاعل عوامل بشرية وطبيعية في إطار حضاري خاص ولكل بيئة مناخية ترتيب يناسب ما فيها من صفات فما ذكر في التتابع أعلاه يتلاءم مع العروض المعتدلة الرطبة .
  إما فيلله Fleure وجد في دراسته لقرية بيركنفلد Birkenfeld نطاقين من كثافة الإنتاج: نطاق قرب القرية ونطاق بعيد عنها فالنطاق الداخلي يمتاز بدوره زراعية ثلاثية واستعمال غزير للأسمدة الخضراء والحيوانية. إما النطاق الخارجي فدورته خماسية وسداسية, يختفي منها البنجر الثقيل تماما ويحل محلة الشوفان والبر يسم وكالهما اقل عائدا.
  وقد رسم ميللر خطوط الأزمان المتساوية للتسميد فوجد إن أبعدها في النطاق الداخلي حوالي ساعة, بينما هي ساعتان في النطاق الخارجي , أي من الممكن نقل حملين من السماد إلى الأول مقابل كل حمل إلى الثاني. من هنا أصبح التسميد أكثر تعذرا في النطاق الخارجي ومن ثم كانت الدورة خماسية لا تحتاج إلى كثير من التسميد. وهذا يعني إن كثافة الإنتاج تزيد بينما تقل نسب تكاليف التسميد كلما اقتربنا من المدينة .
  وفي النطاقات الريفية المحيطة بالمدن التي تنتج ما تحتاجه المدن من المحاصيل المذكورة آنفا, وتختار المناطق ذات التربة الخصبة والمياه الوفيرة وفي حالة عدم توفر هذه التربات فإن الفلاحين يستخدمون الأسمدة العضوية لزيادة خصوبتها وخاصة في الأجزاء التي تكون حولها المدن الكبيرة الحجم ولهذا تحاط كل مدينة بحلقة من (أكثر أنواع التربة) خصبا وإنتاج وتمتد إلى مدن لا يمكن لرجل إن يذهب بالحمل ويعود في اليوم خاصة في الأقطار النامية والكثيفة السكان .
   وبعد فأن المدينة ما زالت في كل الاقطار هي صاحبة الفضل في توجيه استغلال الارض القريبة افضل استغلال تنفسك تبحث عن اصلح الاساليب الزراعية ومن وراء جدران معاملها واسوار حقولها الجريبية تسعى لتهجين احسن الحيوانات وانتقاء افضل البذور خدمة للريف والزراعة والزراع.

العلاقات التجارية والصناعية :
   لايمكن أن تكون القرية استيطانا مستقلا قائما لوحدة بل ان القرى كما سبقت الاشار هي اجزاء من نظام استيطاني معقد تكونه العديد من الانظمة الاجتماعية الاقتصادية. يضم العشرات من القرى ذات الحجوم المختلفة تنتظم كلها في شبكة ذات علاقات مكانية متكاملة تشكل المدن مراكز لهذه الاقاليم. وبما انه ليس من المعقول تطوير كل قرية على حدة حتى تصبح مكانا يقدم مجموعة من الخدمات التسويقية او الادارية او الترفيهية . فإن عملا من هذا القبيل ليس دون طاقة أي بلد نام فحسب بل أنه مطلب لا يمكن أن يصل إليه حتى البلدان المتقدمة بسبب الاتفاق العالي الذي يتطلبه وبسبب عدم امكانية توفير الوقت والجهد والعنصر البشري لمثل هذا التطور.
  أن أقاليم الأرياف والحضر لا يمكن أن تعيش في معزل عن بعضها البعض لان كلا منها قاعدة للاخرى, وان هذا الارتباط له طبيعة عضوية وجغرافية, ان جميع مراكز الحضر كانت مراكز للاسواق وهنا لا نجد خلافا بين السوق والمدينة وظل هذا الربط في التعريف بين الاثنين سائدا وظلت المراكز التي لا تتمتع بمراكز اسواق او مراكز حضر ظلت مناطق ارياف في هويتها وشخصيتها ووظيفتها. ونتيجة للاختلاف الواضح في تركيب وشخصية مدن الاسواق هذه عن اقاليم الارياف ظل الفرق واضحا وجليا بين الاثنين.
  وكان من الطبيعي ان يتوفر لكل منطقة ريفية ذات مساحة وامكانيات معينه, ان يتوفر لها بؤرة حضرية (مكان مركزي) ترسل اليه انتاج هذه المنطقة من المنتجات الاوليه للتسويق والتصدير وكذلك تستمد احتياجاتها من المواد الوسيطة والاستهلاكية من هذه البؤرة وكان من الطبيعي ان تكون نقطة لبيع المنتجات والتسوق لما يحتاجون الية من بضائع.
  ولا تتحول المدينة الى سوق للريف المجاور لمجرد انها تستقبل منه ما تصنع وتأخذ من ما تأكل وأنما يتم ذلك بالدرجة الاولى بفضل مؤسساتها التجارية التي تعرض الانتاج وتتكفل بنقلة وتوزيعه على اوسع مجال ويتمثل ذلك واضحا بالنسبة للمدن التي اقامها المستعمرون في افريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية بقصد جعلها مركز انطلاق لاستغلال ثروات البيئة المحلية .
ولا يقتصر هذا الدور على توفير فرص العمل للسكان ومدهم بالقروض ورعاية مصالحهم المالية وتسويق منتجاتهم بل يشمل توفير حاجياتهم بما يناسب قدراتهم الشرائية فأهل الريف يفدون الى المدينه لشراء ما يتطلبون من المنتجات والسلع.
   والتجارة بلا ريب اهم اوجه العلاقة الوظيفية بين المدينة والاقاليم ولما كان من المستحيل ماديا واقتصاديا ان تتعامل كل نقطة على سطح الاقليم مع كل نقطة اخرى وتتصل بها مباشرة, فقد اصبح التركيز ضروره.
  فالمدينه هي وسيط الاتصال والتعامل بين اجزاء الريف المشتت المترامي بعضه عن البعض, وبينها وبين الاقاليم الريفية الاخرى وحدتها. فالدور التجاري للمدينة هو الذي يجعلها بصورة مباشرة (( أداة تكامل )) الاقليم الريفي ويجعلة اقليما وظيفيا بالمعنى المباشر.
  ولا يجد سكان الريف الاقرب كل حاجاتهم الشرائية في القرية, ولذلك يستكملون الاهم منها برحلة يومية او فترية الى المدينه. فبعض تلك الحاجات تتصل بمطاليب يومية مستمره كالطعام والصحف والادوية وغيرها, وكلها متطلبات لا بد ان تكون على مسافة قصيرة بقدر الامكان من مكان السكن ومن ثم لا بد ان تكون واسعة الانتشار, والبعض الآخر يشمل المتطلبات الاقل إلحاحاً او ضرورة في الحياة والتي من الممكن ان تسد طريق التسوق الأسبوعي وهذه الحاجات ليس من الضروري ان توزع على نطاق واسع. فهو يظم محلات لبيع الاحذيه والملابس ام بعض المواد الغذائية الخاصة اما الرحلة الاطول التي تتطلب زيادة المدينة الكبرى فأنما تكون من اجل الحصول على انواع افضل من الملابس او شراء الأثاث او كتب او مجوهرات وهكذا نجد تدرجا في الحاجات وفي ضرورياتها وكذلك المسافات التي يقطعها الريفي من اجل الحصول عليها .
   على ان الحال يختلف بين الدول النامية والدول المتقدمة وذلك لاسباب متعددة منها التطور الحضاري والتقني ومايتوفر من تسهيلات مدنية كما ان المواصلات ووسائلها المتاحه تؤدي دورا كبيرا في تحديد نفوذ المدينة وان كل ما تقدم او تطور فيها يقرب المدينه من الريف خطوة جديدة.
 ولما كانت معرفة الظروف التي يتمكن ابن القرية فيها من الوصول الى المدينه مهمه في تحديد مجال اقليم المدينه فقد ابتكرت خطوط الازمات المتساوية Isochromes وهي خطوط تربط بين الاماكن التي يستطيع المواطن بلوغها من نقطة معينه بوسيله معينة في وقت واحد. وعند رسم هذه الخطوط ينبغي الاخذ بنظر الاعتبار عوامل متعددة تحدد في المجال الذي ترسم فية الخطوط وما تكون علية صورته ولعل من اهمها نوعية وسائل المواصلات المستخدمة وسرعتها والوقت الذي يقطعة المسافر للوصول اليها من منزله لبلوغها من مكان عمله ومدى انتظام انطلاقها ووصولها .
ومن الواضح ان طرق النقل الجيدة الصالحة للعمل طوال العام تسهل وصول المواد الزراعية المنتجة الى المستهلك الذي هو غالبا ما يكون ساكن المدينة بالوقت والسفر الملائمين الامر الذي يسمح بحصول المزارع على ريع ممكن. وكلما تطورت طرق وسائل النقل انخفضت تكاليفة , اذ انها تنخفض 5%  من تكاليف الانتاج الكلية بينما ترتفع حتى تصل الى 30% في البلدان النامية.
  ونظرا لما يمتاز به الريف بشكل عام والريف المحيط بالمدن خاصة, من عوامل طبيعية وبشرية تجعلة صالحا لصناعات عديدة. كما تجعل اهتمام المدينة بتصنيعه امرا حيويا لصالح البيئات الريفية والحضرية. ولذا اخذ الاهتمام يتزايد في تطوير الريف صناعيا بادخال صناعات عديدة تتلاءم وبيئة الريف المجاور . 
  وقد ادى ميل الصناعات الى الانتقال من المدينة الى اطرافها الريفية للافادة من سعة المكان وانخفاض الضرائب وسعر الارض, ادى هذا الى جذب المدينه الصناعية المتخصصة باطراد الى الاطار الاقليمي والريفي وتقوية علاقاتها المتبادلة فمثلا ان ليون قد احالت صناعاتها ومصانعها الى ريفها ومدن ريفها المحيط حتى خلقت شبكة من العلاقات الاقتصادية بينها وبين ريفها ترقى الى خلق اقليم اقتصادي كامل يرادف اقليم المدينة .
  كما ان العديد من المدن المتخصصة جدا تؤدي الى دور المصنع لاقليمها الريفي, ويقسم الدور الى ما قبل المزرعة وما بعدها أي على الترتيب تصنيع خامات مستوردة من مراكز اخرى لتوزيعها على الاقليم الريفي وتصنيع خامات الريف الزراعية للاستهلاك المحلي او التصدير وفي كلتا الحالتين لا يمكن لصناعة المدن ان تفلت من اثر التوجيه الريفي الاقليمي .

3-    العلاقات الخدمية :
  ويتضمن هذا النوع من العلاقات الخدمية التي تحتاج إليها سكان الأرياف ويستطيعون إيجادها في المدن المجاورة لريفهم ومنها الخدمات الثقافية التي تشمل (المسا رج , النوادي , دور العرض والسينمات والصحف ) والخدمات التعليمية (المدارس الثانوية, المعاهد المتخصصة والجامعات) والصحية (الأطباء المتخصصون والمستشفيات ) والخدمات الإدارية.
  فالمدينة يوجد فيها المسرح ودار السينما والنادي ووسائل اللهو فكل هذه الخدمات يصعب إن تقوم في القرى, وإذا قامت فأن القرية تكون قد أدت بذلك دور الخدمات الإقليمي وأصبحت قرية سياحية وبهذا فهي تماثل وظيفة المدن كما هو الحال في القرى السياحية في العراق في صلاح الدين وشقلاوة وسرةرش وغيرها.
   وهذه الحاجات الترفيهية تحتاج إلى سعة الاختيار والتنوع ومن ثم فهي في الأغلب تكون في المدن وخاصة الكبرى منها. وقد وجد رواد هذه الخدمات من الريف بينها وبين إغراض العمل أو الشراء والتسوق Shopping في رحلة واحدة إلى المدينة.
  كما إن المدينة هي مركز الصحافة المحلية التي يستمد منها الريف التوجيه ويجد فيها التعبير, ومنها يستطيع إن يجد ضالته في إيجاد أداة التوجيه الفكري بما يقدم إلية في الصحف من أراء وتحليلات صحفية. إضافة إلى وسائل التثقيف فعن هذا الطريق تستطيع المدينة إن توجه الريف, وتسيطر علية ثقافيا, حتى في الإعلانات التجارية التي تنشرها تلك الصحف.
  ولكل مدينه دور ثقافي تؤدي في إقليمها وان كان دور بعضها يتعدى حدود الإقليم بفضل مل فيه من مؤسسات تعليمية مثل الجامعات والمدارس الغالية والمعاهد المتخصصة .
  والجامعات العريقة أوسع تأثيرا من الحديثة, والجامعات الكبرى الوطنية أعمق تأثيرا من الجامعات الإقليمية وتزيد من نفوذ بعض الجامعات أحيانا ما يتمتع به أساتذتها من شهرة عالية وحسن تجهيزها بالمختبرات والمعامل وإشرافها على مراكز متخصصة في البحث تعمل على تطوير البحث العلمي الخاص بالإنتاجية, ومع ذلك فأن تأثير الجامعة لا يتغلغل إلى كل بيت ذلك لان الجامعيين يشكلون نسبة منخفضة من مجموع أبناء الشعب ومنهم الريفيون .
  وكلما ارتفعت درجة المؤسسة التعليمية ازداد تركزها في المدينة اكبر, ومن ثم يضطر سكان الأرياف إلى مراجعتها للاستفادة من خدماتها, فتزيد المسافة التي ينبغي ان يقطعوها للحصول على تلك الخدمات.
  والمدينة بالنسبة لإقليمها هي مركز الإدارة والإعمال المالية والتقاضي والخدمات الصحية والتعليمية والترفيهية, ولعل الخدمات الطبية التي تؤديها المدينة لسكان الأرياف عن طريق أطبائها ومستشفياتها هي من أوسع خدمات المدينة امتدادا وخاصة في الأقطار النامية.
  كما إن وظيفة المدينة الإدارية هي وظيفة إقليمية بدرجة كبيرة, إذ إن هناك سلما تراتبيا للسلطات الإدارية بحسب درجة المدينة الإدارية, وفي ضوء ذلك تختلف مساحة الإقليم الريفي الذي يتبعها. 
                                                                                  
4-   العلاقات السكانية :  
  الريف لا يغذي المدينة بالطعام فقط بل بالسكان أيضا, ويتم ذلك عن طريق الهجرة من الريف إلى المدينة فالإقليم الريفي يمثل الخزان البشري الذي تسحب منه المدينة ما تحتاج إلية من الأيدي العاملة ومن سكان آخرين وتكاد لا توجد أسرة ريفية ليس
لها ممثل في المدينة المجاورة
 وقد أصبحت المدينة في عدد من الحالات عنصر تفكيك وتخريب للحياة الريفية المحيطة. فإفقار القرى يتركها غير قادرة على إن تعيش ككائن صحي .
  ويزداد عدد المسافرين يوميا جيئة وإيابا كلما زادت صعوبة توفير السكن في مكان العمل وعادة ما تستعصي مشكلة السكن هذه على الجيل في المدن الكبيرة المكتظة بسكانها مما يؤدي إلى ظهور رقاع مدينه وضواح سكنية في وسط الريف تغطي مساحات شاسعة حول هذه المدن وتسهم في نفس الوقت في رفع مستوى المعيشة في الريف المحيط.
  والرحلة إلى العمل من الإقليم الريفي تعظم تياراتها إذا كانت المدينة كبيرة الأهمية والحجم, أو تقدمت المواصلات خارج المدينة وهذا شرط أساسي أو سهلت وتطورت, اتسع مدى الرحلة, وهكذا أصبح النبض اليومي بين المدينة والريف حقيقة كبرى تجعل إقليم المدينة إقليم حركة Region of Circulation وأصبحت الحركة الإقليمية Regional Mobility من خصائص مجتمع إقليم المدن الحديث التي تجعله سوقا واحدة للعمل.
  والحركة في الإقليم الريفي نحو المدينة نوعان : الأول يكون لغرض العمل في الصباح والعودة مساء إلى الريف حيث ينتقل العمال من الأرياف إلى المدن للعمل فيها ثم العودة إلى مساكنهم مساء .
   الثاني: يرتبط بالسكن الذي هو وليد رغبة سكان المدينة الكبيرة في هجر قلبها المزدحم, للعيش في إطرافها الريفية طلبا للهدوء والراحة وتكون لهم رحلة يومية أو نصف أسبوعية أو أحيانا أسبوعية للاستفادة مما تقدمة المدينة من سلع وخدمات يستفيدون ويتسوقون منه
إن أنماط رحلات العمل معقدة ويمكن تمييز الأسباب الكثيرة التي تؤدي إليها وهي :
  1. ممارسة الملكية الصغيرة الجزئية والعمل الصناعي الجزئي وعمل ساكني الريف في نشاطات مدينه .
  2. رغبة كثير من العمال المدنيين في الضواحي الريفية او الشبه الريفية .
  3. عدم ملائمة الإسكان في المناطق المدينة أو ارتفاع تكاليفه .
  4. ألعزله الوظيفية في المناطق المدينة بين المناطق السكنية والإحياء الصناعية والإدارية والتجارية والثقافية .
  5. تنوع المهن في المجتمع ما وانتشار أماكن العمل, وبالأخص في حالة وجود فروق في التركيب المهني للذكور والإناث من السكان العاملين
ومما سبق بشأن العلاقات الريفية الحضرية يمكن التوصل إلى العديد من الحقائق الخاصة بتلك العلاقات ومنه:
  1. إن الأقاليم تشهد تغيرات اقتصادية واجتماعية وسكانية وبيئية تظهر في السلوك والنظام الاقتصادي والتكوين البيئي. هذه التغيرات تسمى بعملية ( النمو الحضري) أو التحضر .
  2. إن هناك علاقة عكسية قوية بين اتجاهات وكثافة عمليات التحضر وبين سيادة نظام الاستقرار الريفي وتكوين شكل البيئة الريفية .
  3. إن أقاليم الأرياف والحضر لا يمكن إن تعيش في معزل عن بعضها البعض لان كلا منها قاعدة للأخرى وان هذا الارتباط له طبيعة عضوية وجغرافية .
  4. إن التحول الوظيفي للسكان عن الأحرف الأولية في الزراعة والرعي إلى الحرف الثانية أو الثالثة في الصناعة والتجارة وغيرها من الخدمات, يعد علامة للتحول الريفي نحو الجانب الحضري .
  5. إن درجة التحضر والأرياف مسألة نسبية بحسب ظروف كل دولة سواء فيما يخص الحجم السكاني أو درجة التصنيع أو المكتسبات المادية للسكان أو مقدار ما تحصل علية العائلة من الخدمات والكيفية التي تحصل بها على تلك الخدمات ومدى يسرها وتنظيمها .
  6. إن ظاهرة الأقاليم ( الحضريفية Rur-urban Regions) ما تزال في حاجة إلى المزيد من الدراسة والحسم, ولكنها تحتاج إلى تقريب وتوضيح في الصفات والخصائص النسبية الذاتية من اجل الوصول إلى الأنماط التي تشترك في الصفات العامة مثل المظهر الخارجي للمركز السكني وحرفة العاملين والخدمات التي يوفرها وغيرها .
        ولابد هنا من تجاوز التفاصيل الدقيقة لملامح الأقاليم والاكتفاء بالصفات العامة لكي نتمكن من التوصل إلى معايير عامة تتسم بالدقة لحسم النزاع في نفس الوقت, وعدم الاتفاق بين العديد من الباحثين وخاصة في مجال علم الجغرافية والمخططين الإقليميين والإداريين في الأجهزة المختصة بالتخطيط
7) إن عدد السكان الريفيين يمكن إن ينمو في القرى الميتروبولينة Metroplitan Villages ولكن في اغلب قرى الأقاليم النائية يكون عدد المستوطنين في تلك القرى في انخفاض مستمر, وتكون الاحتياجات للخدمات الموضعية فيها في تقلص مستمر 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا