د. ليلى بنت صالح محمد زعزوع - صحيفة الجزيرة العدد10754 السبت 25 ذي الحجة 1423 هـ :
نتشارك جميعاً كأفراد في المجتمع في التوعية المرورية من واقع مسؤوليتنا المشتركة في البيئة التي نعيش فيها كوننا نحن النساء مستخدمين للطريق، حيث لاتقود المرأة السيارة في مجتمعنا المحافظ، ثم هناك المسؤوليات الأخرى لنا بدورنا المشارك في المؤسسات التوجيهية ومنها التعليمية كالمدارس والجامعات والجمعيات والمستشفيات وغيرها.
ولذلك فإننا نطرح هنا هذين التساؤلين:
ولذلك فإننا نطرح هنا هذين التساؤلين:
* هل للمرأة دور فاعل في التوعية بالسلامة المرورية في مجتمعنا السعودي الذي لاتقود فيه السيارة؟
إننا نذكّر هنا بدور المرأة الرئيس، لأنها تمثل لنا نصف المجتمع، لكننا عندما نرى آلامها ومعاناتها عند وفاة رب الأسرة أو أحد الأبناء أو أفراد أسرتها، فإن هذه الآلام تفوق أي فرد في الأسرة لطبيعة المرأة العاطفية. فكم هو مؤثر منظر الأم الثكلى بفقد الأحبة، الذي يتكرر ونشاهد صوره في كل زيارة عزاء ونخرج منه ونحن ندعو ان يساعدها الله ويصبّرها على الحسرة التي في نفسها إنه لأمر يقطع نياط القلب وتظل صورته لاصقة ومرسومة في مخيلتنا لأيام ثم تتجدد مع كل زيارة عزاء أخرى!!
ونحن عندما نقول إن المرأة تشكل نصف تركيبة المجتمع، فلأنها تتقاسم التأثير والتأثر بالسلامة في المجتمع، بل وإن جاز لنا ان نضع في حسابنا الشعور بالألم والحزن لتضاعفت النسبة لديها في حالة فقد رب الأسرة بوفاة أو إعاقة مستديمة، لأن انتقال أعباء ومهام الحياة المعيشية لها مباشرة تولد لديها الإحساس بالمسؤولية التي لم تكن في حسبانها.
إذاً كيف يكون دور المرأة في التوعية بالسلامة المرورية؟؟
هذه الكلمات هي للتذكير بدور المرأة في السلامة المرورية في المجتمع، لأن مسؤوليتنا مسؤولية مباشرة وغير مباشرة نلمسها من حيث لانشعر لأننا أفراد في منظومة المجتمع.
مسؤولية مباشرة:
مسؤولية المرأة تجاه سائق الأسرة الذي استقدم للعمل في المنزل وأصبحت هي التي يقدم لها الخدمات مع أطفالها أو أفراد أسرتها.
مسؤولية غير مباشرة:
تختص بالمحارم أي العلاقة برب الأسرة إن كان زوجا أو أبا أو ابنا أو أخا وهو قائد للمركبة.
إن السلامة المرورية مطلب هام في مجتمعنا نظراً لارتفاع أعداد حوادثه المرورية، فقد تجاوزنا النصف مليون حادث، وتشير المعلومات الإحصائية كما هو واضح من الجدول ان اعداد الحوادث المرورية في مدينة جدة وفقا لآخر إحصاء من شرطة جدة لعام 1421ه بلغ (71954) كان نصيب حوادث التلفيات (69345) وهي الحوادث التي لم تحدث فيها إصابات أو وفيات، وهو في واقع الأمر فاقد بالممتلكات التي تهز ميزانية الأسرة عند إصلاح السيارة، ناهيكم عن مشكلات الانتقال دون سيارة أو البحث عن بديل وما إلى ذلك من خسارة في ثروة هذا الوطن.
إننا في المنطقة الغربية من المملكة نحصد المركز الأول في عدد الحوادث وأعداد الوفيات والمصابين على مستوى مناطق المملكة العربية السعودية ومع هذه الأعداد الهائلة هل تقف المرأة مكتوفة الأيدي؟؟ « جدول رقم1»
إننا إذا ألقينا نظرة سريعة على الأرقام، فإن هناك متوفى واحداً كل يوم في مدينة جدة بمعنى ان هناك 340 أسرة تشهد متوفى من جراء الحوادث المرورية دون ان نضع في اعتبارنا من يموت في المستشفى بعد ذلك ولم يدرج في إحصاء المرور، وإذا كان هذا الرقم يمثل أسرة المتوفى، ولنقل بيته وزوجته وأولاده إن كان متزوجا فعلينا ألا ننسى ان هناك أسراً أخرى وبيتا حزينا آخرممثلا في أمه وأبيه أو أهل زوجته أو أصدقائه أما عن أعداد المصابين فكما هو واضح فهناك مايعادل عشرة مصابين تقريبا في كل يوم في مدينة جدة وحدها.
أما الإحصاء الصادر من نشرة السلامة المرورية لعام 2001 والصادر من شركة ارامكو السعودية، فقد أشار إلى ان نسبة 56% من مجموع الحوادث المرورية كان بسبب السرعة وبهذا المعدل فان الحوادث في المملكة العربية السعودية، تتسبب في وفاة شخص واحد وإصابة أربعة آخرين في كل ساعة من اليوم كما قدرت تكاليف العناية الطبية والخسائر الانتاجية والتأمينات الاجتماعية بمبلغ 21 بليون ريال سعودي.
فهل حان الوقت لأن نحاسب أنفسنا ونتحمل المسؤولية في مجتمعنا؟؟
وبما ان الحملة الأمنية والمرورية لهذا العام كان شعارها (حتى لاتروح الروح) بالتركيز على التوعية بالسرعة فاسمحوا لي بإلقاء الضوء على عملية حسابية سريعة نذكر فيها بالأرقام كم نوفر بالسرعة على الطرقات؟؟ « جدول رقم 2»
أرامكو 2001 أضواء على السلامة
ففي الطرق السريعة وعلى سبيل المثال على طريق الحرمين عند الذهاب للمدينة المنورة المكرمة فإن الفرق بين القيادة على سرعة 160كم/الساعة وبين القيادة على سرعة 113كم/ساعة في مسافة مقدرة على سبيل المثال ب160كم فإنها لاتوفر لنا سوى عشر دقائق فقط فلِمَ السرعة إذاً؟؟
ولكن لنتساءل من خلال هذه الدقائق التي يوفرها السائق كيف تكون حالة المركبة وما الذي يحدث للمركبة إننا نلاحظ الآتي:
* كلما زادت السرعة قل زمن الاستجابة لأي رد فعل طارئ لأن ليس هناك وقت لتفادي التصادم.
* كلما زادت السرعة لا تستطيع المركبة من الوقوف في الوقت والمسافة المناسبة.
* كلما زادت السرعة قلت قدرة جسم المركبة ووسائل الأمان فيها مثل أحزمة السلامة والوسائد الهوائية من حماية الركاب من الإصابات الناجمة عن التصادم.
ولكن من الذي يتحمل نتائج هذه السرعة المتهورة هل هو السائق وحده؟
بطبيعة الحال هناك ركاب في السيارة وهناك مستخدمو الطريق من الركاب والمشاة.
إذاً هو قرار يتحمله غيرك أيضا لأنك تخاطر بروحك وأرواح الآخرين معك في داخل السيارة ومن في خارجها.
لقد منّ الله على مجتمعاتنا بنعمة الإسلام ونوّرنا بالعلم والثقافة فانتشر الوعي والتعليم فهذا كتابنا الكريم يقول لنا {وّلا تّقًتٍلٍوا أّنفٍسّكٍمً إنَّ اللَّهّ كّانّ بٌكٍمً رّحٌيمْا } [النساء: 29]
ومن هنا وبعد ان أصبح للمرأة دور فاعل في المجتمع فهي الطبيبة والمعلمة والممرضة وغير ذلك، فإنه ينتظر منها المساهمة بدورها في حماية المجتمع وأفراده لتحقيق السلامة بالتوعية المرورية بمسؤولياتها بما هو آت على سبيل المثلا لا الحصر:
* زرع مخافة الله في نفوس أفراد الأسرة، فالحوادث المرورية تزهق أرواحا بشرية ونحن عندما ننمي الإحساس بآلام ومشاعر الآخرين عندما يحدث مكروه لأحد أفراد مجتمعنا ينشأ شعور بالألم وتأنيب الضمير من جراء حادث تصادم، أو دهس لرعونة، أو استهتار بأرواح الآخرين.
فقد كشفت لنا الدراسات ان السلوك العام للقيادة في المملكة العربية السعودية يتسم بالميل إلى المخاطرة وعدم اتباع قواعد السلامة والأمان.
وعلينا كمجتمع مسلم ان نركز في توعيتنا على إبراز الإثم الكبير في إهدار دم مسلم أو غيره مع تبيان الجزاء الذي يحصل عليه الفرد في حياته وآخرته.
* تنمية شعور المسؤولية في أفراد الأسرة وإحساسهم بأنهم أفراد في هذا المجتمع الذي نعيش فيه، فالقيم والسلوكيات لاتولد مع الفرد بل تربى فيه منذ الصغر.
* الحرص من المرأة السعودية والمقيمة في المجتمع على الحض على الممارسة العملية لقواعد السلامة المرورية في المنزل وأثناء ركوب السيارة ويكون ذلك باتباع الارشادات التالية التي أختار نماذج منها لتوضيح قيمة هذا الدور:
التوجيه العملي لقائد المركبة:
* للمرأة دور هام في تأثيرها على قائد المركبة بالكلمة الحلوة أو بالدعاء أحياناً فوداع الفرد عند خروجه بكلمة حانية: أريدك ان ترجع لنا بالسلامة، أو بكلمة حلوة أخرى عند العودة مثل: الحمدلله انكم رجعتم سالمين، أو بسؤال هاتفي: ان قلبي انشغل عليكم لم تأخرتم؟ أو بكلمة: الله يرضى عليك با ابني لا تسرع، أو تمهل، أو كن حذراً، أو لاتخليني أبكي عليك طول عمري، أو لاتنس انك رجل الأسرة، فكم كلمة حلوة لها مفعول السحر في الأبناء مثل كم كانت سعادتي بك وأنا أراك رجلا أركب بجواره، أو ان تقول لزوجها مثلا لاتجعل أولادنا أيتاما بدونك.
كثيرة هذه الكلمات التي نرددها جميعا ولها دور فاعل على سلوكيات القائد الابن والزوج أو الأخ أيا كانت القرابة كما لا يغيب عن الذهن ان التهديد والوعيد يكونان جديين في تأثيرهما على قائد المركبة.
* فالتهديد بعدم ركوب المركبة مرة أخرى، أو بسحب مفتاح السيارة، أو وحرمانه إن كان ابنا.
* ولا يغيب عن ذهننا دور المرأة السلبي في تأثيرها على قائد المركبة بعبارات مثل: أسرع نريد ان نصل بسرعة أو لم تمشي ببطء؟
أو تراك عّليت قلبي، أو تأثيرها عليه حين الخروج بعد مشاحنة معه في البيت أو أثناء القيادة.
* أو ان تركب صديقة أو قريبة فتقول للسائق: «يا أختي ما به سائقكم ماشي ببطء كده ترى أنا لست متعودة على هذه القيادة ولن أركب معكم».
التوجيه بالتمسك بآداب استخدام المركبة:
ويتم ذلك بالتهديد بعدم ركوب السيارة معه إذا استمر على بعض السلوكيات كالسرعة مثلا أو عدم ربط الحزام، وتارة بالنصح الهادئ تبعاً لشخصيات أفراد الأسرة.
* التخفيف من استخدام أشرطة التسجيل في السيارة ومناولة القائد وتبديل الأشرطة ورفع الصوت وخفضه فكل ذلك إلهاء للسائق.
* التقيد بفرض ربط حزام الأمان وإلزام الراكبين به.
* الحرص على ان تكون طريقة الجلوس في السيارة سليمة لجميع الأفراد.
* تركيب مقاعد جلوس الأطفال الصغار.
* منع الأطفال من العبث في المركبة ومحاولة تشغيلها في حال انتظار السائق أو قائد المركبة.
* عدم العبث بمفاتيح الأبواب، أو استخراج رؤوسهم من النوافذ.
* الابتعاد عن استخدام وتجربة مفاتيح تشغيل المركبة للأطفال.
* الحرص على عدم ترك المركبة تعمل في حال وقوفها للانتظار أو الشراء أو تعبئة الوقود في المحطات.
* التنبيه على قائد المركبة بعدم ملاحقة سيارات الخدمة العامة كالإسعاف والدفاع المدني.
* توبيخ قائد المركبة عن أي سلوكيات تصدر منه تمس النساء في السيارات المجاورة أو ملاحقتهن أو مع غيره من السائقين أو الأصدقاء.
التوجيه العملي لآداب استخدام الطريق:
* عليك ألا تفاجئ قائد المركبة بالانعطاف يمينا أو يسارا أو التوقف مباشرة دون ترك مسافة عند بحثك عن منزل أو محل تجاري مثلا بل لابد من ترك مسافة توقف كافية لذلك.
* التنبيه على عدم السرعة فحوالي نصف عدد حوادثنا المرورية نجمت بسبب السرعة.
* الحث على الوقوف في موقف ذي وضعية سليمة منعا لاصطدام المركبة، وعلى الالتزام بالإشارات التحذيرية مثل ممنوع الوقوف أو خفف السرعة وغيرها.
* الحرص على ان نعطي الطريق حقه كما تنص على ذلك تعاليم ديننا الحنيف بغض البصر، وعدم معاكسة من في الطريق أو المركبات والحث على ترك أي سلوك مشين يصدر خارج عن حدود الأدب لمستخدمي الطريق.
* التنبيه على عدم استخدام الجوال عند القيادة للسلامة.
* عدم التجاوز الخاطئ لشيوع هذه السلوكيات بين سائقينا.
* عدم رمي المخلفات من مناديل ورقية وبقايا الأكل والمشروبات.
* إن العمل لساعات طويلة ومتواصلة أو السهر من شأنه الضغط على قائد المركبة فيقل تركيزه.
* عدم تكليف السائق أو قائد المركبة بمهام في أوقات الذروة يمكن تأجيلها، كما علينا ان نراعي أحوال الطقس فالأمطار أو الضباب أو الأتربة لها خطورتها في البيئة المرورية.
* حل المشكلات مع السائق، فقد يكون لعدم سداد راتب السائق أو الخصم الجائر عليه، أو عدم تلبية طلبه يأخذ إجازة اضطرارية للسفر من شأنه، أو مشاحنته واستفزازه، مما يجعل السائق يفقد سيطرته على نفسه وعلى المركبة التي يقودها.
* الاعتناء بصيانة السيارة وبوسائل السلامة فيها عند حدوث أي عطل فيها.
دور المرأة وتأثيرها على اختيار سائق المركبة عند استقدامه أو قدومه:
* التأكد من أهلية السائق للقيادة، فهل هو على علم بالقيادة السليمة؟؟ أم أنه يسيرها في الطرقات فقط ليكتسب الخبرة في شوارعنا. وهل وفق مكتب الاستقدام حين استقدمه، والحرص على عدم تسليمه السيارة حتى يتأكد رجال الأسرة من اختباره فكم من سائق قدم وهولايعرف القيادة وهذه من وسائل الغش التي تمارسها مكاتب الاستقدام أو ان يحصل على رخصة قيادة بسهولة ويسر عند قدومه فلايكون مؤهلا للقيادة الصحيحة نعم هناك خسارة مادية لكن ذلك يعني الحفاظ على أرواح الأسرة وأفراد المجتمع، بدلا من ساعة ندم نلوم فيها أنفسنا حيث لاينفع الندم.
* كما على المرأة ان تحرص عند استقدام السائق التأكد من مهنته فإن استقدم كعامل فعليها ألا ترزح تحت ضغوط الحاجة فتقبل بتدريب السائق على القيادة بل يكون لها الدور في إقناع رب الأسرة برفض السائق رغم الحاجة إليه وكما يقول المثل: «الوقاية خير من العلاج»:.
* الحرص على الالتزام بالتعليمات المرورية والأمنية والجوازات لسلامة الأسرة ففي حال الحاجة إلى سائق من داخل البلد عليها ان تحرص على ان تكون أوراقه الرسمية شرعية وغير مخالفة للقانون وأنظمته.
وفي نهاية هذه الكلمات فإني أوصي بما يلي:
* الاهتمام بحسن اختيار سائقي الأسر التي تشكل نسبة كبيرة منهم.
* الاهتمام بمدارس قيادة السيارات والرفع من مستوياتها وتطوير آلياتها فقد يستخرج السائق رخصة ليكون قاتلا بها وليس عامل نافع في المجتمع.
* تطبيق عقوبات صارمة على مكاتب الاستقدام عند تهاونها في استقدام السائقين.
* تطبيق النظام العقابي الصارم الذي يردع من من تسول له نفسه مخالفة الأنظمة لحماية أرواح الناس في المجتمع، فقد حان الوقت للانضباط مع هذه الخسارة والنزف الدموي على شوارعنا.
إذاً علينا ان نعترف ان هناك مشكلة مرورية تحصد أرواحنا وتسبب لنا الخوف من ان نخرج من منازلنا ولانعود إليها، ولنخفف من وطأة ما نشعر به من هلع كلما تأخر أي فرد من أفراد الأسرة عن منزله، فالذعر الذي يعترينا يجعلنا نربط أول سبب بحادث مروري قبل أي عذر آخر.
وعلينا ان نعترف بأن هناك مشكلة مرورية جسيمة في مجتمعنا، والأرقام تحصيها والحزن يعترينا، ولاننسى أننا تفوقنا على دول العالم المتقدم في عدد الحوادث المرورية، ولن يتم تلافي ذلك إلا بتعاوننا حماية لأرواحنا وسلامتنا فالمشكلة قائمة ولا زلنا نعاني منها.
* الباحثة المتخصصة في المشكلات الاجتماعية من المنظور الجغرافي
* الاستاذ المساعد والمشرفة على قسم الجغرافية كلية الآداب والعلوم والإنسانية بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق