التسميات

الخميس، 30 أكتوبر 2014

الصحافة التركية والعوامل المؤثرة في العلاقات العراقية التركية

الصحافة التركية والعوامل المؤثرة في العلاقات العراقية  التركية 


صحيفة بلادي اليوم- صحيفة يومية عامة عراقية - د. احمد مري البنداوي :

أولا : مشكلة الموصل :
   وضع العراق في أعقاب الحرب العالمية الأولى، تحت الانتداب البريطاني وفقا لما جاء في معاهدة  سيفر ) 1920، المتضمنة فصل العراق عن الدولة العثمانية، هذه المعاهدة رفض مصطفى كمال توقيعها، لأنها جردت تركيا من الأراضي التي كانت خاضعة لسيطرة الدولة العثمانية.وبعد أن تمكن مصطفى كمال من تحقيق انتصارات عدة، أهمها طرد اليونان المحتلة لأزمير، وإحباط محاولات الاكراد والأرمن لتأسيس دولتين مستقلتين لهما، كانت بريطانيا قد وعدتهما بها. جاءت معاهدة (لوزان) 1923، المعقودة بين تركيا والحلفاء لتبيّن حدود تركيا الجديدة بعد فصل الاقطار العربية عنها.كان من أهم المشاكل التي واجهتها الدولة العراقية الفتية، بعد مبايعة فيصل بن الحسين ملكا على العراق في عام 1921، هي مشكلة ولاية الموصل. التي طالبت تركيا بضمها إليها، على أَنها جزء لا يتجزأ منها، استناداً لما جاء في المادة الأولى من الميثاق الوطني التركي المعلن عنها في شباط 1920، التي نصت على ما يلي: ((إذا آقتضت الضرورة يقرر مصير أجزاء الامبراطورية العثمانية التي تسكنها أكثرية عربية أو التي كانت حين عقد هدنة 30 تشرين الاول 1918 تحت احتلال القوات المعادية، وفقا لتصويت سكانها الحر، أما تلك الأجزاء سواء كانت داخل خط الهدنة المذكورة أو خارجها – التي تسكنها أكثرية عثمانية مسلمة متحدة بالدين والجنس والهدف....فتؤلف كلا لا يتجزأ لأي سبب منطقي أو قانوني )).

      وتركزت سياسة تركيا باتجاه المطالبة باستمرار فرض سيطرتها على الموصل، بحجة أن القوات البريطانية المحتلة للعراق، تحركت نحو الموصل منتهزة فترة الهدنة وانسحاب القوات العثمانية منها. وأن احتلال القوات البريطانية للموصل يشكل خرقاً لبنود الهدنة، ولانها لم تخسرها في الحرب، فهي داخلة ضمن حدود تركيا الوطنية. إضافة إلى أَنها – على حد زعمهم – تشكل امتداداً لهضبة الأناضول، وأن أكثرية سكانها من الأكراد،كسكان المنطقة التركية المجاورة فضلا عن وجود عدد كبير من السكان الأتراك في الموصل. وبقيت مشكلة الموصل معلقة، حتى تم عقد مؤتمر لوزان في عام 1923، تحت إشراف عصبة الأمم المتحدة. فأوفدت الحكومة العراقية كلا من جعفر العسكري - وزير الدفاع وتوفيق السويدي من وزارة العدل كمراقبين في المؤتمر المذكور إلى جانب الوفد البريطاني. واشترطت عصبة الأمم في قرارها تسوية قضية الحدود العراقية – التركية، اتفاق بريطانيا وتركيا على حلها بمباحثات ثنائية خلال عام واحد، وإذا لم يتوصل الطرفان إلى حل، يحال النزاع إلى مجلس العصبة للبت فيه. ولعدم توصل الطرفين البريطاني والتركي إلى اتفاق بصدد المشكلة، أحالت بريطانيا النزاع إلى مجلس العصبة عام 1924، عملا بمعاهدة لوزان. وقرر المجلس تشكيل لجنة تحقيق دولية من ثلاثة أعضاء محايدين للنظر في النزاع وتقديم تقرير عنه إلى المجلس وبناء على ما جاء بتقرير اللجنة التي زارت منطقة الموصل وأجرت الاستفتاء فيها، قرر مجلس عصبة الأمم في 16 كانون الأول 1925 إبقاء ولاية الموصل _ المنطقة المتنازع عليها _ برمتها ضمن العراق. وأن تراعى مصالح الاكراد في المنطقة. وأثار هذا القرار احتجاج تركيا التي حذرت من احتمال نشوب حرب بينها وبين بريطانيا ومقابل الرفض التركي للقرار، أتبعت بريطانيا سياسة الترغيب والتهديد، فقد عرضت على تركيا منحها قرضاً بمبلغ (20) مليون جنيه مع تخفيض كبير للديون العثمانية السابقة، إضافة إلى تحريض إيطاليا، بلغاريا واليونان ضدها. وإزاء تلك الإغراءات والضغوط، وافقت تركيا على إجراء مفاوضات مع بريطانيا والعراق، تمخضت عن توقيع معاهدة ثلاثية بين العراق وتركيا وبريطانيا في الخامس من حزيران 1926. اعترفت بموجبها بقاء منطقة الموصل جزءا من العراق، والتنازل عن إدعاءاتها بشأنها. مقابل منحها 10 % من عائدات النفط المستخرج من منطقة الموصل لمدة خمسة وعشرين عاماً. وعبر هذا الاتفاق عن تصرف حكيم لمصطفى كمال الساعي -حينئذ- لتوطيد كيان الدولة التركية الحديثة. إلا أن تركيا كانت وما تزال تبدي أسفاً شديداً لخسارتها بدعوى أن الحل كان مجحفاً بحقها، مما أثار شكوك العراق بشأن المطامع التركية بالمنطقة، هذه الشكوك انعكست على طبيعة العلاقات بين البلدين وكانت أحد العوامل المؤثرة فيها. إن المطامع التركية في ولاية الموصل ،كانت تثار من قبل المسؤولين الاتراك أو الصحافة التركية،كلما تعرض أمن العراق لتهديدات أو مخاطر داخلية وخارجية. وقد أثارت الصحافة التركية، عدة حملات صحفية عن مسألة الموصل وكركوك، ففي شهر تشرين الاول من عام 1986، وبعد ترويج إيران لأخبار عن تحقيقها لمكاسب عسكرية في القاطع الشمالي في اثناء الحرب العراقية- الإيرانية. دعت الصحافة التركية إلى ضرورة التدخل العسكري التركي، واستثمار الضعف العسكري العراقي للسيطرة على الموصل وكركوك. وبدأت الحملة الصحفية بالإشارة إلى خلفية النزاع التركي - العراقي حول ولاية الموصل والمضايقات التي يتعرض لها التركمان. وأصدر مجلس الامة التركي (البرلمان) بياناً أكد فيه أن تركيا لن تبقى دون أهتمام بمسألة كركوك. ونشرت جريدة ترجمان في 27 تشرين الثاني 1986، تصريحاً لعضو البرلمان و وزير الدولة كاميران إينان قال فيه:-
     ((يجب عدم التخوف من التحدث عما سمعناه عن كركوك ، فعندما تتقاطع مصالح تركيا فانها ستتخذ التدابير، فكما فعلت في قبرص فبإمكانها أن تفعله في إيجه وسوريا وكركوك). وشهد مطلع عام 1987، وبعد تناقل وكالات الأنباء العالمية أخباراً عن احتمال قيام القوات الإيرانية بهجوم على مدينة البصرة، قامت الصحافة التركية بحملة إعلامية أخرى شاركت فيها معظم الصحف وأبرزها ترجمان، تركيا، حريت وملليت.
    وتميزت تلك الحملة الإعلامية في الصحافة التركية عن سابقتها، بأنها كانت ذات اتجاهين: الأول يطالب بضرورة تدخل تركيا وضم الموصل وكركوك إليها بدعوى أن منطقتي الموصل وكركوك بقيتا خارج الميثاق الوطني التركي لعام 1920، وأن لتركيا مصالح اقتصادية كبيرة هناك ويجب أخذ الموصل وكركوك. أما الاتجاه الثاني فكان يدعو إلى عدم التدخل في الموصل وكركوك لان المسألة قد حُلت وفقا لمعاهدة لوزان، وأن ترويج مثل هذه الإدعاءات لا يخدم مصالح تركيا.
    صاحب الحملة الإعلامية تلك، ردود فعل عديدة سواء من قبل الحكومة التركية أو الاحزاب السياسية. فقد قال رئيس الوزراء التركي توركوت أوزال ((ان تركيا ليست لديها أية نوايا في التورط بأي شكل في النزاع بين إيران والعراق. ولا صحة على الاطلاق لما نشرته الصحف من تقارير بشأن احتمال تدخل تركيا في شمال العراق، فأراضي تركيا تكفيها، ولسنا من الباحثين عن مغامرات، والتورط في مغامرة سيفقدنا مصالحنا الاقتصادية هناك، وزج تركيا في مثل هذه المغامرة سيكون أسوأ بكثير من فقد هذه المصالح)) ونشرت جريدة ملليت مقالاً افتتاحياً في الثالث من شباط 1987، تحت عنوان ((الجيش التركي لا يؤيد التدخل في كركوك)). بينما نشرت جريدتا حريت وترجمان في الثاني من شباط 1987، تصريحاً لرئيس حزب العمل القومي التركي علي كوج قال فيه: ((أن منطقتي الموصل وكركوك تقعان ضمن حدود الميثاق القومي لتركيا، وتوجد لتركيا مصالح اقتصادية كبيرة هناك، ويجب أخذ الموصل وكركوك، كما فعلت بريطانيا التي حصلت على جزر الفوكلاند)). وقال رئيس الوزراء السابق سليمان دميريل: ((إن الموصل وكركوك تركت لمعاهدة لوزان، ويجب قراءة محضر ذلك اليوم، فلماذا لم يظهر مصطفى كمال باشا قوته في ذلك اليوم وأبدى رضاه في بقاء تلك الأراضي خارج تركيا)). وفي أعقاب احتلال العراق للكويت في آب 1990، باشرت وسائل الاعلام التركية حملة إعلامية على نطاق واسع شددت على ((تركية)) الموصل وكركوك معززة ذلك بما اعتبرته الأدلة والوثائق، وتميز الموقف التركي عن سائر مواقف دول المنطقة، فقد ألمح الرئيس التركي توركوت أوزال إلى حقوق تاريخية سابقة في كركوك والموصل. وحاول توريط تركيا في حرب الخليج الثانية على اعتبار -كما قال- أن تركيا ستضع واحداً لتأخذ ثلاثاً. ففي الخامس عشرمن كانون الثاني 1991، أي قبل شهر ونصف من بدء الحرب على العراق، عرض رئيس الوزراء أوزال على رئيس الاركان التركي الفريق أول نجيب تورمتاي دخول القوات المسلحة التركية إلى شمال العراق وصولاً إلى الموصل وكركوك مع بدء قوات التحالف بدخول الأراضي العراقية، بهدف وضع أكراد العراق وحزب العمال الكردستاني ((pkk تحت إشراف تركيا وللمطالبة من جديد بحقوق تركيا المغتصبة منذ سنوات في نفط الموصل وكركوك)). وقد أحال أوزال، رئيس الاركان التركي نجيب تورمتاي على التقاعد، لأنه رفض احتلال الموصل وكركوك ضمن ما سمي خطة أوزال العثمانية الجديدة لإقامة دولة تركيا الكبرى. ومنذ آب 1991 ولغاية عام 2003، كانت القوات التركية تقوم بعمليات عسكرية متكررة، وقبل يوم واحد من انسحاب القوات التركية التي نفذت عملية (فولاذ 1995) في شمال العراق، نشرت معظم الصحف التركية تصريحات الرئيس التركي سليمان دميريل في الثالث من مايس 1995، التي شكلت سابقة خطيرة من قبل أعلى المسؤولين الأتراك تدل على الأطماع الرسمية التركية في الاراضي العراقية. إذ طالب دميريل بضرورة إعادة ترسيم الحدود بين تركيا والعراق لأن منطقتي الموصل وكركوك مازالتا تابعتين لتركيا وكجزء من إقليم تركيا بموجب الميثاق الوطني التركي لعام 1920.
     تصريحات دميريل تلك مثلت تحولاً حاداً في السياسة التركية إزاء مسألة الموصل، كما أثارت احتجاجات عربية وعدم ترحيب من قبل الولايات المتحدة ودول غربية أخرى. ولم تتغير التوجهات السياسية التركية إزاء الأطماع في الموصل وكركوك، بعد الاجتياح الامريكي البريطاني للعراق عام 2003، فقد قال وزير الخارجية عبد الله كول خلال لقاء صحفي أجراه معه الصحفي التركي دريا سزاك ونشر في جريدة ملليت في الثاني والعشرين من اّّب 2003: ((سنأخذ حق تركيا من البترول هناك {الموصل وكركوك} سنأخذه ضمن إِطار حقوقي)). وبعد مرور شهر على تصريحه السابق نشرت جريدة حريت في الخامس والعشرين من أيلول 2003، تأكيد وزير الخارجية عبدالله كول بأن بلاده ستطالب السلطات العراقية بحقها من النفط العراقي بحسب الاتفاقية الموقعة بين البلدين عام 1951، مشيراً إلى أَنه من المحتمل أن تتم المطالبة بالكمية التي لم تحصل عليها من حقها في النفط العراقي ... وقال: ان تركيا لن تتنازل عن حقها بهذا الموضوع موضحاً أنه بحسب اتفاقية لوزان واتفاقية انقرة عام 1926، فأن تركيا ستحصل على نسبة 10 % من النفط العراقي لمدة 25 عاماً، وأضاف: لقد سددت الحكومة العراقية العائدات النفطية للمدة من 1931 - 1950 أي لمدة عشرين عاماً ولكنها لم تسدد أي شيء لعائدات النفط في المدة من 1951 - 1959 .
ثانياً : المياه
      منذ أكثر من أربعين عاماً وما يزال ملف المياه مفتوحاً بين تركيا وجاراتها العراق وسوريا. فالمفاوضات حول مياه نهر الفرات التي بدأت باجتماعات ثنائية بين سوريا والعراق عام 1962. أعقبها اجتماع عراقي _ تركي عام 1964، ثم اجتماع ثلاثي سوري _عراقي _تركي عام 1965. وتوالت بعدها تلك الاجتماعات وأصبحت اجتماعات دورية دون أن تتمخض عن حل مناسب، يرضي جميع الأطراف. وأضحت المياه مشكلة قائمة بين تركيا من جهة وسوريا والعراق من جهة أخرى، كانت تزداد - بتقادم الزمن - تأزماً وتعقيداً، وخلاصة هذه المشكلة تتمثل في مشروع جنوب شرق الاناضول المسمى (GAP) الذي أقامته تركيا على منابع ومجاري نهري دجلة والفرات، في هضبة الاناضول. وأنشأت (21) سداً وعدداً من محطات توليد الطاقة الكهربائية.
     إن جوهر المشكلة يكمن في مسعى تركيا فرض سيطرتها على مياه النهرين بدعوى مبدأ السيادة المطلقة لها، أي سيادة دول المنبع على مجاريها المائية ونزع صفة الدولية عن الانهار المشتركة. إذ ترى تركيا أن نهري دجلة والفرات يشكلان ثروة وطنية خاضعة لسيادة الدولة التركية. ومن وجهة النظر التركية هذه، فأن نهري دجلة والفرات ليسا نهرين دوليين وأن مياههما مياه عابرة للحدود. ولا تنطبق عليها أحكام القوانين الدولية والقيود التي تفرضها. وعبر هذا النهج عن عدم رغبة تركيا في اتخاذ حل نهائي لإقتسام مياه النهرين مع العراق وسوريا. وفي نهاية الثمانينيات، روج رئيس الوزراء التركي توركوت أوزال - آنذاك - لفكرة مشروع أنابيب السلام الذي يتألف من خطين من الأنابيب أحدهما شرقي وآخر غربي، ينقلان المياه من الأراضي التركية إلى شبه الجزيرة العربية ويمران بسوريا والأردن والضفة الغربية وإسرائيل. وتبتغي تركيا من هذا المشروع بيع ما يقارب (16.1) مليون متر مكعب يومياً من نهري سيحون وجيحون إلى دول الخليج العربي. بقيمة تقدر بنحو ملياري دولار سنوياً. إلا أن هذه الدول أدركت أن للموضوع أبعاداً أخطر من مد المياه إليها، فقد كانت أهداف المشروع ترمي إلى تسويق المياه كسلعة للبيع وبالتالي اعتبار المياه وسيلة للضغط السياسي على كل من العراق وسوريا.. حث ذلك المسعى التركي، النخب السياسية في كل من سوريا والعراق على القيام بعمل سياسي متناسق في محاولة جاهدة لتنظيم تكتل من الدول العربية مناوئ لتركيا، من شأنه دفع تركيا للتفاوض على تسوية منصفة لقضية المياه بين الدول الثلاث والحيلولة دون رغبة تركيا في فرض سيطرتها على مصادر المياه كورقة ضغط تجاه جيرانها.بلغت مشكلة المياه ذروتها، عندما قررت تركيا عام 1990 حجز مياه نهر الفرات لملء خزان سد أتاتورك الضخم. وأدى ذلك إلى خلق أزمة سياسية بين تركيا وكل من سوريا والعراق إذ ازدادت مخاوفهما من خطر المشاريع التركية على منسوب المياه ونوعيتها في نهر الفرات، مما زاد في رغبتهما في التوصل إلى اتفاق مع تركيا لحل مشكلة المياه على أساس اعتبار أن مياه نهري دجلة والفرات هي مياه دولية مشتركة يجب أن تتقاسمها الدول الثلاث ضمن إتفاقيات ثنائية أو جماعية وأن تحترم الاتفاقيات وتنفذ. وزادت تصريحات المسؤولين الأتراك مشكلة المياه تعقيداً وجعلتها محوراً للتجاذب السياسي بين تلك الدول. فقد صرح رئيس الوزراء السابق سليمان دميريل قائلاً: ((لا يمكن لأي من سوريا والعراق أن تدعي حقاً في الأنهار التركية أكثر مما تستطيع أنقرة أن تدعي حقاً في نفطهما. إنها مسألة سيادة، نحن نملك الحق في أن نفعل ما نشاء، منابع الماء تركية، منابع النفط عائدة إليهما. نحن لا نزعم أن لنا حصة في ثرواتهما النفطية، وهما لا تستطيعان المطالبة بحصة من الموارد المائية)) غير أن جريدة (ملليت) تؤكد أن العرب عرقلوا إقامة مشروع جنوب شرق الاناضول (GAP) بعد أن قام العراق وسوريا بتعبئة الرأي العام العربي ضد تركيا بسبب قيامها ببناء السدود على نهري دجلة والفرات مما حال دون تمكن تركيا من الاقتراض من المؤسسات المالية الدولية. وفي مطلع أيلول 1997، صرح وزير الدولة التركي: ((تركيا يجب أن تبيع مياهاً من نهري دجلة والفرات لجيرانها في الجنوب))، واستضافت تركيا لمؤتمر ((مياه العالم: تمويل مشروعات المستقبل)) المنعقد في إسطنبول نهاية شهر أيلول 1997، وبشأن ما كان يتردد آنذاك عن عقد مؤتمر في تركيا لوضع نظام جديد بشأن بيع المياه إلى الدول الاخرى صرح الرئيس التركي سليمان دميريل في 15 أيلول 1997: ((ليست مسألة بيع مياه، وحتى لو كان الأمر كذلك، فأنه {البيع} لن يكون من دجلة أو الفرات)). ومن هنا أضحت المياه قضية معاصرة تتعلق بالأمن والعلاقات الدولية، لأنها تتسم بعدد من الخصائص المتميزة. فالمياه كقضية تمتاز بالشمول وشدة التعقيد والحيوية. إذ لا يوجد بديل عن كثير من وظائفها اللازمة لاستخدامات الإنسان كما أَنها - المياه - من القضايا التي يشكل فيها أي مكسب لأحد الأطراف خسارة للطرف الآخر. وهذا ما جعل منها قضية متفجرة إلى هذا الحد الذي ينذر بنشوب الصراع حولها. إن الدول المعنية بالمشكلة لم تتوصل إلى اتفاق نهائي لحل مشكلة المياه بينها، لأنها مرتبطة بقضايا أخرى عديدة، المعوق السياسي يشكل أساسها ويكمن الحل بقيام علاقات جيدة متكافئة وعادلة تبنى على مصلحة شعوب هذه الدول. وكان لوسائل الاعلام والصحافة التركية اهتمامها بمشكلة المياه، ولها آراؤها المتباينة إزاءها، ومع ان الحكومة التركية تنفي اية نية لاستخدام المياه كسلاح سياسي إلا ان وسائل الاعلام التركية غالباً ما تشير إلى إمكانية هذا الاستخدام إذ ترى جريدة(زمان) ان إسرائيل تشجع تركيا على عدم تزويد العرب بالمياه.وترى جريدة (مللي غازيته): ((إن تركيا التي لعبت ورقة إسرائيل بالوقوف إلى جانب أمريكا في حرب الخليج الثانية، تريد اليوم أن تلعب الورقة نفسها في مشروع (GAP) في بيع مياهها إلى إسرائيل وحجبها عن العرب، فأنها لا تدري أَنها بذلك تساهم بعلم منها أو من دون علم في تحقيق إقامة إسرائيل الكبرى الممتدة من النيل إلى الفرات)). إضافة إلى نشر جريدة (ملليت) لسلسلة مقالات تحت عنوان ((المياه ستكون سبباً للحرب)) وذلك في شهر شباط 1994، كما نشرت جريدة (حريت) في التاسع والعشرين من كانون الثاني 1994، مقالاً تحت عنوان ((أمل إسرائيل في المياه التركية)) كتب عمر بيلكه. وجريدة ( تركيا) ساهمت هي الأخرى في الحملة الصحفية عن المياه، فقد كتب مصطفى أوز فاتورا مقالاً بعنوان ((الشرق الاوسط ومشكلة المياه)) نشر في الثالث عشر من كانون أول 1993. وكتب بهاء الدين قاراتابا مقالاً آخر عن الموضوع بعنوان ((سيناريوهات حروب المياه)) في الأول من كانون الثاني 1994.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا