دراسة عن بحيرة قارون وإمكانية تنميتها

جمهورية مصر العربية

وزارة الزراعة و استصلاح الأراضي 

الهيئة العامة لتنمينة الثروة السمكية 

مقدمـة من مهندس/ صلاح نادى عبد الرحمن - مدير عام منطقة وادي النيل للثروة السمكية - 2013 م.

 

مقدمه

بسم الله الرحمن الرحيم

( وجعلنا من الماء كل شيء حي )

                                                                                                          صدق الله العظيم

   حقاً أنه ليس بجديد أن تهتم الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية بتنمية بحيرات الفيوم (قارون- الريان) بتنمية الثروة السمكية في إحدى مصادرها في مصر وهي بحيرة قارون والريان.. وخاصة أن مشكلة الأمن الغذائي في مصر تزداد يوماً بعد آخر مما أدى إلى أتساع الفجوة بين الإنتاج الغذائي والاستهلاك .

   وتعتبر الأسماك من المصادر الغذائية الهامة والتي يمكن أن تحل جزءاً من الفجوة الغذائية وفي البروتين خاصة .

    وإذا ما عرف أنه رغم ما تم استقطاعه من البحيرة كمربي سمكي طبيعي لسمكة بلطي قارون المشهورة من مساحة تربو على ألف فدان لصالح الشركة المصرية للأملاح والمعادن اميسال إلا أن الآمال معلقة على أن يكون خفض درجة ملوحة البحيرة هي إحدى ثمار أعمال الشركة والذي يعتبر بدوره مؤثراً إيجابياً في تنمية الثروة السمكية ببحيرة قارون ويشرفني في هذا المجال أن نشترك بهذه الورقة البسيطة التي أقدمها من واقع موقعي موضحاً بها بإيجاز قارون كتاريخ ... قارون والثروة السمكية ... قارون في الآونة الأخيرة ... قارون وكيف يمكن تنميتها .... قارون وما يجب ؛؛؛؛

أولاً : قارون كتاريخ : -

    من فجر التاريخ المصري والنيل يغرق فيضانه كل ثماني إلى عشر سنوات أرض الوادي وأول من عالج ذلك الملك مينا مؤسس الدولة المصرية القديمة ثم تبلورت المشكلة وأصبحت مشكلة ري حيث أن زيادة المياه تغرق الزراعات وتصبح زيادة مدمرة ونقص المياه هو المهلك للزراعة وقد واجهت هذه المشكلة ( أمنمحات الثاني ) ففكر في الصحراء الغربية حيث أن أرضها تصلح للزراعة ( وادي الفيوم ) ..وسطحها مثل سائر الأراضي المصرية وجانيها الغربي منخفض متسع تغمرها مياه بحيرة طبيعية وهي بحيرة قارون . وطولها عشرة أميال فأمر بحفر بركة في وسط الأرض المستوية ( بركة قارون الصناعية ) وأوصل المجاري بها لتخزين المياه فيها فإذا كان الفيضان عالياً صرف القدر الزوائد بها بقنطرة تشد وتفتح ، وعند الانخفاض تفتح البركة لتخرج المخزون منها للري ....

   وقد سميت ببحيرة موريس الصناعية ويرجع ذلك إلى أن اليونانيين كانوا يطلقون اسم ( موري ) وتعني بحيرة واعتادوا إضافة حرف ( س ) فسميت بحيرة موريس الصناعية ،، وأعتقد أنه أسم فرعوني . وكان يوجد في وسطها هرمان .. هرم عليه تمثال جالس للملك ( أمنمحات ) والثاني لزوجته .

ثانياً : قارون والثروة السمكية : -

تقديم : -

   تعتبر بحيرة قارون إحدي معالم محافظة الفيوم وأكبر ما تشتهر به المحافظة وكانت مساحتها في عهد قدماء المصريين حوالي 2800 كيلو متر مربع أي ما يقرب من مائة ضعف المساحة الحالية والتي تبلغ حوالي 55 ألف فدان بمتوسط عمق 6 أمتار .

    وتبلغ سعة البحيرة عند منسوب – 45 متر تحت سطح البحر 800 مليون متر مكعب ، وعند منسوب – 43.5 متر تحت سطح البحر تصبح سعة البحيرة 1155 مليون متر مكعب ماء ، ويبلغ عدد القوارب التي تعمل بها 605 قارب يتعايش منها 5500 صياد يسوقون إنتاجهم من خلال 11 مركز تجميع منتشرة في علي ساحل البحيرة .

   وتعتبر بحيرة قارون بحيرة صناعية داخلية مغلقة تقع في الشمال الغربي لمحافظة الفيوم وكانت مياهها عذبة قبل إدخال نظام الري المستديم في القرن التاسع عشر ( عصر محمد علي باشا ) .. فقد زادت درجة الملوحة إلى 12 ألف جزء في المليون سنة 1928م ، ثم ارتفعت بشكل مضطرد عاماً بعد آخر حتى وصلت إلى ما يقرب من 31 ألف جزء في المليون سنة 2013م . نتيجة الجهد الواضح لشركة اميسال في استخلاص الأملاح الذائبة من مياه البحيرة.

   وهذا يوضح أن نسبة الملوحة تزداد بنسبة 330 جزء في المليون سنوياً ، فتحولت البحيرة من مسطح مائي شروب ( نصف ملحي ) إلى مسطح مائي ملحي قريب من مياه البحار والمحيطات وذلك لما يلي : -

1- البحيرة مغلقة ولا تصل إليها مياه الفيضان العذبة التي قد ترفع من خصوبتها .

2- زيادة البخر بحرارة الشمس وقد ساعد على ذلك اتساع مسطح البحيرة .

3- كانت مخزناً لأملاح الصرف .

( ب ) مراحل الإنتاج السمكي بالبحيرة : -

    تعتبر البحيرة بيئة مياه عذبة وبالعوامل السابقة تحولت البحيرة إلى بيئة مياه ملحة ، وقد أدى ذلك إلى انخفاض محصول أسماك المياه العذبة ما عدا أسماك البلطي الأخضر Tilapia Zillah  ، وللتغلب علي نقص الإنتاج تم إدخال ذريعة أسماك من مواني ( دمياط ، ورشيد ، والسويس ) لتناسب ملوحة البحيرة الحالية .. فقد أدخلت زريعة العائلة البورية من محطة المكس بالسكة الحديد عام 1928م ثم بالطائرة عام 1930م ثم بدأ نقل أمهات أسماك الموسي عام 1938م .

      وقد ناسبت بيئة البحيرة الحالية تكاثر أسماك الموسي والبساريا  Catherina Sp . ، والجران Magill Saline's  وأعطت معدل عالي في التفريخ الطبيعي والنمو إلا  أنه أثناء نقل زريعة الأسماك البحرية عام 1928م نقل معها العديد من الحيوانات البحرية الصغيرة من القشريات ، والمفصليات ، والرخويات التي أخلت بالتوازن الطبيعي في البحيرة نظراً لأن بعضها لا يصلح كغذاء لأسماك البحيرة مما جعلها تتكاثر بصورة كثيفة في غياب الأعداء الطبيعية مما يشكل عبئاً علي الأسماك في غذائها وفي تنفسها وقد سبب كثرة وجود القواقع المنقولة من البحر المتوسط إلي البحيرة إصابة بعض أسماك العائلة البورية بالديدان الطفيلية حيث تعمل هذه القواقع كعوامل وسيطة لنقل العدوى لأسماك البحيرة .

      إلا انه نتيحه للدور الايجابي في تنفيذ استراتيجيه الهيئة الكاملة كان له الأثر الايجابي على زيادة الإنتاجية وزيادة التركيب المحصولي للأسماك مراعاة للبعد الاجتماعي لصيادي البحيرة والذين لا يمارسون مهنه الصيد.

الجدول التالي يوضح الإنتاج السمكي لبحيرات الفيوم خلال الأعوام  السابقة:

المسطح          الصنف	بحيرات			المزارع السمكية	نهر النيل	الإجمالي
	بحيرة قارون	ريان أول	ريان ثالث		المياه الداخلية
اجمالي2012	4416.379	2815.933	637.68	13.672	86.515	21.628.507
اجمالي2011	4362.343	2287.988	631.897	12008	69.296	19359.524
إجمالي2010	3917.689	2270.180	611.897	11132	62.521	17977.312
إجمالي2009	3503.211	1929.338	582.221	10218.00	54.555	16287.33

     لذلك .. أوصي بعدم معاملة البحيرة علي أنها مزرعة سمكية نظراً لكبر مسطحها وعدم إمكانية السيطرة على المياه الداخلة إليها .. لذا أقترح إنشاء مرابي أسماك بحرية تتحمل الملوحة العالية وتستطيع التغذية علي تلك العوامل والقشريات والقواقع الهائلة العدد في البحيرة .

( ج ) أسماك قارون حالياً : -

(1) أسماك متوطنة : مثل البلطي الأخضر Tilapia Zillah .

(2) أسماك منقولة وتأقلمت :مثل أسماك الموسي Sole Vulgaris وأستطاعت أن تنمو وتفرخ طبيعياً .

(3) أسماك منقولة للتربية : مثل أسماك البوري والطوبار Magill Saline's ويتم نقلها سنوياً .

( ) لافقاريات منقولة للتربية : مثل الجمبري القزازي والأبيض . وتكاثر الجمبري الأبيض بالبحيرة.

ثالثاً : قارون في الآونة الأخيرة : -

تقديم : -

    تعرضت البحيرة خلال الفترة الأخيرة للعديد من المشاكل والمعوقات التي قد تؤثر سالبا على جميع عوامل التنمية سواء تنميه صناعية أو طبيعية وكانت من أهم العوامل التي أدت إلى ذلك بعد دراستها تنحصر في الآتي : -

( أ ) طرق الصيد :

( 1 ) تعرضت البحيرة إلى الصيد المكثف وباستخدام شباك غير قانونية حتى أصبحت هي السمة الغالبة على صيادي البحيرة .

( 2 ) إستخدام شباك الجر ذات الماجة الصغيرة جداً في صيد الجمبري الأبيض أدى إلى تدمير عوامل التنمية بالبحيرة وقضي على زريعة الأسماك المنقولة والمتوطنة .

( 3 ) اعتماد الصياد علي الصيد في فترة المنع .... مما هدد الثروة السمكية .

( 4 ) التهريب كسلوك للصياد وخاصة من رواد البحيرة منتظمين في العطلات الرسمية .

( ب ) زيادة الملوحة :

   حيث تعتبر بحيرة قارون بمثابة مصرف العموم للفيوم .. فلولا مياه الصرف لانقرضت البحيرة تماماً بتأثير عمليات البخر ، ويقدر المتوسط السنوي للمياه التي تصرف في البحيرة بحوالي  365  إلى  400 مليون متر مكعب وهي تعادل تقريباً نسبة البخر من البحيرة في العام الواحد ، ويمثل كلوريد الصوديوم ( ملح الطعام ) نحو ثلث ملوحة البحيرة ، وتختلف نسبة الملوحة زماناً ومكاناً .. فالشواطئ الجنوبية والشرقية للبحيرة أقل من ملوحة من شواطئها الشمالية والغربية ، كما تبلغ الملوحة حدها الأدنى في شهر مارس ، بينما تصل إلى أقصاها خلال أغسطس وسبتمبر .

   وقد تبين أن حوالي 69 % من مياه الصرف تذهب إلى بحيرة قارون ، والباقي 31 % يذهب إلى بحيرات وادي الريان ... وقدر ما يلقي في البحيرة من مياه الصرف بحوالي 390 مليون متر مكعب حاملة معها أملاح تقدر بحوالي 700 طن سنوياً معظمها أسمدة كيماوية ، ومبيدات حشرية ، وبعض أملاح الصرف الصحي .

    والآمال معقودة على الشركة المصرية للأملاح والمعادن ( أميسال ) في محاولة إيقاف أو تقليل ملوحة البحيرة حتى يمكن النهوض بالإنتاج السمكي في بحيرة قارون .

( ج ) التلوث البيولوجي :

   وهذا من الجائز أن يكون سبباً نتيجة الزيادة المطردة لتلوث مياه البحيرة نتيجة كثرة الملوثات عن طريق المصارف .

رابعاً : قارون وكيف يتم التخطيط لتنميتها : -

    وهي في تعريفها أساس التقدم والازدهار وخاصة كلما كانت خطط التنمية تبنى على الأسلوب العلمي كلما ازدادت فرص نجاحها مع ربط السياسة العلمية والتكنولوجية .

    وكان هذا هو الأسلوب الذي روعي في تنمية بحيرة قارون التي قامت ما بين المنطقة والإدارة العامة للبحوث بالهيئة والتي اعتمدت على عدة محاور أساسها معالجة ما تتعرض له البحيرة .

( أ ) معالجة طرق الصيد : -

( 1 ) لمعالجة الصيد المخالف واستخدام حرفة الجر على الشاطئ تم تجريم الصيد بالجر أو التجريف وذلك بموافقة سيادة الأستاذ الدكتور / وزير الزراعة على القرار رقم 210 لسنة 1994م الذي يقضي بإلغاء ترخيص من يتم ضبطه مخالفاً .

( 2 ) إحكام الرقابة على الصيد في فترات المنع ، والصيد المخالف بمعاونة مديرية أمن الفيوم بتكثيف الحملات المفاجئة لشرطة المسطحات المائية .

( ب ) معالجة زيادة الملوحة : -

*إذا ما عرف أن الثروة السمكية ناتج ثانوي للمياه فلابد أن تتلائم أنواع الأسماك المتوفرة لهذا تم دراسة إمكانية نقل أنواع جديدة تتحمل الملوحة من أسماك البحر الأحمر وبعد الدراسة من جانب الإدارة العامة للبحوث بالهيئة تم نقل ( 200 ) ألف وحدة إصبعيات من أسماك الحفار من العائلة المرجانية وبعد نجاح التجربة تم وضع برنامج لتزويد البحيرة هذا الموسم بعد ( 2 ) مليون وحدة .

*كما تم تدعيم قطيع أسماك الموسى المتواجد حالياً بقطيع أمهات الموسى من بحيرة البروديل شمال سيناء ذلك بهدف تحسين السلالة المتواجدة حالياً مما كان له الأثر الايجابي على المصيد من اسماك الموسى.

( ج ) في مواجهة تنمية البحيرة بالأسماك : -

( 1 ) يتم تزويد البحيرة سنوياً بذريعة أسماك العائلة البورية لما هذه السمكة من أهمية اقتصادية وذلك من أكثر من مصدر ( دمياط – بورسعيد – الإسكندرية ) بحوالي من ( 25 – 30 ) مليون وحدة زريعة ، ويتم النقل تحت الإشراف الفني وبالسيارات المجهزة .

( 2 ) تدعيماً لأسماك البلطي بعد انخفاض إنتاجه لانخفاض درجة الحرارة في موسم 1991م إلي درجة أثرت سلباً علي الأمهات بالنفوق ، يتم تزويد البحيرة بإصبعيات أسماك البلطي الأحمر بالإضافة إلى أنه تم إجراء تجربة تفريخ طبيعي في  إحدى أحواض محطة الأقلمة .

( 3 ) تتم حالياً الشروع في تنفيذ تجربة تفريغ أسماك الموسي .. خاصة أنها السمكة الاقتصادية المتوطنة بالبحيرة تحت الإشراف العلمي من الإدارة العامة للبحوث بالهيئة بنقل الأمهات إلى أحواض محطة الأقلمة .

( 4 ) تنفيذاً لتوصيات أكاديمية البحث العلمي يتم تزويد البحيرة سنوياً بمعدل من  ( 400 – 500 ) ألف وحدة زريعة من أسماك الدنيس والقاروص كنوع مفترس يتغذى على الجمبري .

( 5 ) تم إجراء أكثر من دراسة لتحديد أنسب مواعيد لمنع الصيد بالبحيرة طبقاً للمعايير العلمية والاجتماعية وقد تم تحديدها بمرة واحدة في السنة ( من منتصف مارس حتى نهاية يونيه ) .

خامساً : قارون وما يجب : -

تقديم : -

    ما زالت بحيرة قارون تحتاج إلى المزيد حتى يمكن أن تكون حقاً سمه من سمات محافظة الفيوم وعلماً من أعلام الثروة السمكية في جمهورية مصر العربية وذلك يتطلب تضافر الجهود مع التخطيط .. إذا أتضح بالدراسة البيولوجية أنه ليس هناك تنافس بين الأسماك من أجل الحصول على الغذاء وذلك لوفرة الغذاء الطبيعي .

وأري أن ذلك يلزم له :

وفقاً لما ورد في الدراسات الحالية فانه يمكن إيجازها كما يلي :-

( 1 ) إجراء بحوث بيئية تشمل دراسات فيزيائية وكيميائية وبيولوجية للبحيرة .

( 2 ) بحث الأسباب البيئية والمتغيرات المؤثرة على البحيرة .

( 3 ) دراسة الآثار المترتبة على التلوث نتيجة للمبيدات والمعادن الثقيلة من الصرف بنوعيه .

( 4 ) زيادة كفاءة الشركة في استخراج الأملاح المعدنية من مياه البحيرة للاستفادة منها في الصناعات الكيميائية من ناحية والعمل على تقليل نسبة الملوحة بالبحيرة من ناحية أخرى .

( 5 ) تصميم سياسة مائية لتغذية البحيرة بمياه النيل حتى يمكن الحفاظ على مستوي ملوحة البحيرة الحالي فلا تتحول إلى بركة ميتة في المستقبل .

( 6 ) ابتكار الوسائل العلمية للتخلص من الطحلب الأحمر الذي يؤدي إلى نقص الأوكسجين اللازم لتنفس الأسماك ، وزيادة تكوين كبريتيد الأيدروجين السام .

( 7 ) تشديد الرقابة على عمليات الصيد والتهريب .

( 8 ) محاولة إدخال أنواع جديدة من الأسماك البحرية التي تتحمل الملوحة العالية وتستطيع التغذية علي القشريات ، والمفصليات ، والرخويات .

( 9 ) محاولة تفريخ أسماك العائلة البورية صناعياً وهذا ما تسعى إليه الهيئة الآن .

( 10 ) لابد من إحداث التغيير اللازم لجو البحيرة وذلك بالتوسع في التشجير على شاطئ البحيرة وذلك لتقليل البخر كلما أمكن ذلك لضمان عدم الاستقرار في ارتفاع ملوحة مياه البحيرة .

والله ولي التوفيق ،،،

أماني إسماعيل - مديرة المواقع الاليكترونية