التسميات

الخميس، 9 أكتوبر 2014

المصريون وثقافة ندرة المياه ...

المصريون وثقافة ندرة المياه 

د‏.‏ حمدي هاشم  - جريدة الأهرامالأحد 27 من شعبان 1431 هــــ   8 أغسطس 2010 السنة 135 العدد 45170 :


   المصريون وعلاقتهم بمياه النهر في حاجة إلى مراجعة دائمة ومستمرة‏,‏ بعد تناقص متوسط نصيب الفرد عن خط الفقر المائي ـ ‏1000‏م‏3‏ ـ والذي لن يتجاوز‏ 500‏ م‏3‏ بحلول عام‏2050,‏ بدلالة احتفاظ مصر بحصتها من مياه النيل وزيادة السكان بمعدل نمو معتدل‏.

   إي أن الفجوة المائية تتسع وتزداد معها ضغوط مشكلة ندرة المياه, وأن المصريين ليس أمامهم إلا تعلم ثقافة الاستخدام الأمثل للمياه وتعظيم الاستفادة من جميع المصادر المتاحة ويزداد الوضع حرجا, مع مناهضة دول منابع النيل السبع لاتفاقيتي1959,1929, وإسقاط حق دولتي مصر والسودان في الحصول على المياه بمبدأ التوارث الدولي ويتوقع البعض أن تنقص حصة مصر بمقدار7 مليارات م3, نتيجة تشييد السدود الضخمة على روافد دول المنبع لتوليد الكهرباء وحجز المياه للزراعة الدائمة والتوسع في مساحات الغابات المروية. وذلك دون استشارة مصر بما تقتضيه الاتفاقية الأولى, ولكن بمبدأ ملكيتها لمياه الأمطار المتساقطة فوق أراضيها, ومن ثم حقها في إقامة مشروعات الري والكهرباء بما يلبي احتياجات خططها للتنمية البشرية, بل تحتفظ بحقها في بيعها تلك المياه لدولتي المصب. وإلى هنا يمكن تعويض ذلك الفرق وليس سد الفجوة, المائية, باستكمال بناء قناة جونجلي جنوبي السودان لتوفير نحو15 مليار م3 من المياه, التي يعاد توزيعها باتفاقية مشتركة بين الدولتين.
   لا شك أن المشكلة السكانية لها دور في أزمة دول حوض النيل, ولاسيما بالدول الأربع الكبرى وهي: أثيوبيا والكونغو وتنزانيا وكينيا, التي تشكل نحو85% من جملة سكان دول المنبع وما يزيد من 50% من جملة سكان دول الحوض مجتمعة. وأن دول المنبع في أغلبها دول فقيرة ذات معدلات تنمية بشرية متدنية وإنها تعتمد في توفير الغذاء لشعوبها على الأمطار. ومن سوء الطالع أن الأمطار تشهد اختلافات في الكمية وأوقات الهطول نتيجة تأثر المنطقة بالتغيرات المناخية, إلى جانب تضاعف عدد سكان هذه الدول بحلول عام 2050, مما يعكس الخوف من المستقبل في سرعة تأمين وتمويل خطط ومشروعات التنمية، وبذلك تتطلع دول المنبع إلى الفوز بالأموال المقدمة من الهيئات والدول المانحة والتي تقدر بنحو20 مليار دولار أمريكي وحرمان مصر والسودان منها. وترى تلك الدول أن مصر المستفيد الأول بلا منافس وكانت حصتها من مياه النيل وراء تفوقها الاقتصادي, رغم اقترابها في المساحة وعدد السكان مع أثيوبيا بعد انفصال اريتريا, إلا إن مصر تعتمد على مياه النيل بنسبة 100% في مقابل 1% للثانية لاعتمادها على الأمطار في الزراعة وجدير بالذكر أن مصر, منذ تنفيذ مشروعات الري في عهد محمد علي باشا وبناء السد العالي في بداية الثورة, قد تقدمت في سياسات الزراعة وإدارة الموارد المائية لدعم التنمية البشرية في البلاد.
   وقد كانت قلة أمطار مصر وراء اعتمادها الرئيسي على حصتها الثابتة من مياه النيل, وإنها ستعاني مشكلات ندرة المياه وتدهور البيئة مع زيادة عدد سكانها على 120 مليون نسمة بعد مرور أقل من أربعين سنة.
   يظل هدف الوصول إلى حالة التوازن بين الأمن القومي للبلاد وتعظيم استخدامات المياه وتحسين جودتها, رهن العمل بأسلوب الإدارة المستديمة للمياه التي تتطلب قدرا كبيرا من الكفاءة والتكنولوجيا المتقدمة في إطار من الحوكمة لإدارة المياه. وتؤكد الدراسات علاقة قوية ومؤثرة بين إجمالي الناتج المحلي للدول ووفرة المياه وجودتها. ويظل الفرق شاسعا بين الدول الغنية والأخرى الفقيرة في مجال بحوث التنمية المستديمة, وعلى رأسها مصادر المياه العذبة وليست القضية تحقيق قدر من النجاح في تخفيف ندرة المياه وإنما التغلب على الفجوة الغذائية وآثارها الواسعة بالدول الفقيرة ومنها مصر. ومن هنا يتطلب الأمر البحث عن مصادر جديدة للمياه, الواسعة بالدول الفقيرة ومنها مصر ، ومن هنا يتطلب الأمر البحث عن مصادر جديدة للمياه والاهتمام بالتركيب المحصولي والعائد الاقتصادي بما يتناسب مع استهلاك المياه, بل الاعتماد على تقنية التعديل الجيني للمحاصيل لإنتاج زراعي وفير بأقل كمية من المياه ، ووقف الاستخدام الجائر في مجال الري وتأمين المياه الجوفية بالوادي والدلتا وصحراء سيناء, وكذلك الاستفادة من مياه الأمطار والسيول في زراعة مراعي موسمية لتنمية الثروة الحيوانية ، وضرورة الأخذ بإعادة استخدام مياه الصرف الزراعي والصحي في زراعة محاصيل معينة, واستحداث أنظمة ري قادرة على فصل الملوثات وضبط نوعية المياه المعاد استخدامها دع عنك التوسع في أساليب الري الحديثة بالأراضي القديمة ومراجعة خطة التوسعات المستقبلية في توشكي وشرق العوينات وعبر الدلتا وغيرها بما يتناسب مع اقتصاديات الموارد المائية المتاحة.
   تقتضي الضرورة تحليل مياه البحر بعد أن تطورت تقنياتها وكمياتها المولدة. ومراجعة انتشار ملاعب الجولف وحمامات السباحة للفئات الخاصة, وسلوكيات الأفراد في غسيل السجاد والسيارات والأرصفة والطرقات وري الحدائق بنظام الغمر حيث يقدر استهلاك تلك الأنشطة والسلوكيات بما يزيد على 5% من إجمالي حصة مصر المائية ويمكن استرداد كميات هائلة من المياه الضائعة بالتخلص النهائي من حشائش وورد النيل, وكذلك خفض الفاقد من بحيرة ناصر حوالي10 مليارات م3 سنويا، و فواقد محطات وشبكات مياه الشرب حوالي ثلاثة ملايين متر مكعب في إقليم القاهرة,2008 ـ. ناهيك عن الاستفادة من نتائج أبحاث جلب السحب والأمطار والتحكم في المناخ المحلي. وفي حقيقة الأمر, لابد للحفاظ على المياه من تفعيل المسئولية الاجتماعية بمشاركة جميع فئات المجتمع وذلك من خلال إيجاد برنامج قومي لتنمية الوعي المائي ينفذه شباب مصر بنظام الخدمة العامة, من هؤلاء الذين يطبق عليهم الإعفاء من التجنيد سنويا. ويستهدف, أصحاب المقاهي والمطاعم والورش الحرفية وحراس العقارات وعمال النظافة في البيوت ودور العبادة وغيرهم ممن لهم دور مؤثر في ترشيد معدل استهلاك المياه, وكذلك إعداد برامج إعلامية متكاملة تحت إشراف وإدارة متخصصة للتوعية في مجال الحفاظ على المياه من أجل حياة يسودها السلام والحرية والرخاء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا