لا نهضة بغير المرأة ...

لا نهضة بغير المرأة

 جريدة الأخبار - آراء حرة - رقم العدد: 19262 - الاثنين 6  يناير 2014 :

 بقلم د . حمدي هاشم :

drhhashem@yahoo.com

    أعتقد أن "المرأة" هي الجين التربوي ـ الثقافي الأكثر تأثيراً في تنمية المجتمع والبيئة، وأن بتعظيم دورها الوطني ترتقي الدولة  في درجة التقدم الاجتماعي والاقتصادي ويتقدم مركزها الدولي بمقياس "مكانة المرأة في المجتمع".

   ولا تزال مصر، رغم تحسن وضع المرأة في المجتمع في السنوات الأخيرة، تعاني من بعض التمييز ضد المرأة على أرضها. وأرى أنه لا نهضة بغير المرأة، وأن الحل في دعم وتمكين المرأة وتقليل الفجوة النوعية بينها وبين الرجل، في كافة المجالات التعليمية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية والسياسية.

   ويؤكد الخطاب العربي على المستويين الشعبي والرسمي بل والعالمي "أن المرأة نصف المجتمع"، ولكن نصفه المعطل بإشكالية المرأة في الشرق التي تحكمها التقاليد المرتبطة بالمجتمع الذكوري، والتي تؤهلها علي تربية الصمت السلبية بلا حرية وانخراطها في خدمة العائلة والمنزل.

    فالمرأة طاقة إنتاجية مهدرة وقدرة إبداعية مهملة، وإن كانت مسئولة عن تربية وتعليم النشء، فالمرأة هي القوة الناعمة بجدارة في تشكيل الوجدان والانتماء للوطن، ومن ثم طوق العناية بفئة الشباب والكتلة الحرجة التي يتعلق عليها مستقبل الأمة.

   وقد قال عنها "رفاعة الطهطاوي" (1801 ـ 1873) "يجب أن  تتعاطى المرأة من الأشغال ما يتعاطاه الرجل علي قدر قوتها وطاقتها فالعمل يصون المرأة ويقربها من الفضيلة وإذا كانت البطالة مذمومة في حق الرجال فهي مذمة في حق النساء".

   ومن دراسة "حجم الفجوة النوعية ومؤشر التكافؤ لخصائص الفرد في مصر"، حسب نتائج التعداد السكاني (2006) من منظور النوع الاجتماعي، تبين الحالة العملية وخاصة نسبة اللاتي يعملن بأجر نقدي والتي تنخفض بشكل كبير في الريف عنها في الحضر، وأهميتها في إحداث التغير تجاه المرأة وأسرتها والذي ينعكس علي شخصيتها وفي سلوكياتها تجاه المجتمع.

   وترتفع نسب البطالة بين النساء بوجه عام، والتي تركزت ـ حسب المستوي التعليمي ـ بين خريجات التعليم المتوسط لضعف فرص العمل المتاحة لهن. مما يستدعي من الحكومة التوسع في المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، وبرامج التدريب التحويلي للحد من هذه البطالة.

    وتؤكد الحالة الزواجية بدلالة التوزيع النسبي النوعي التأخر في سن الزواج نتيجة عدم توفر فرص العمل ومساكن الشباب لمساعدتهم على الزواج.

    وقد بلغ معدل البطالة بين النساء أكثر من أربعة أمثال المعدل بين الرجال (2010) ومن ناحية أخرى تعاني الأسر التي تعولها النساء مقابل التي يعولها الرجل من تدني وضعها الاقتصادي والاجتماعي، علاوة على ارتفاع نسبة الأمية بينها وأن أغلبهن من المطلقات والأرامل، الأمر الذي يتطلب تكثيف جهود التنمية للارتفاع بخصائص هذه الأسر والحد من الفقر بينها. وترصد الحالة التعليمية تدني مستوياتها بالنسبة للإناث، وكذلك نسبة التسرب والتي ترتفع بين الإناث ببعض المحافظات المصرية، وذلك بسبب العجز في المدرسين أو وجود مدارس بدون دورات مياه تتسبب في انقطاع البنات عن المدرسة، وغير ذلك من أسباب ارتفاع نسبة التسرب في أماكن جغرافية بعينها.

   وفي ظل الظروف الاستثنائية (منذ يناير 2011) احتلت مصر المرتبة الأخيرة في تقرير عن وضع المرأة بالدول العربية (2013) ،وفق بنود الاتفاقية الدولية للقضاء علي جميع أشكال التمييز ضد المرأة، من حيث العنف والحقوق الإنجابية والمعاملة داخل الأسرة والاندماج في المجتمع والمواقف تجاه دورها في السياسة والاقتصاد. وإن كانت المرأة المصرية تعاني من تهميش في دورها المجتمعي وانتهاك حقوقها فإن نتائج هذا الاستطلاع لا تخلو من نوايا أخرى ولا تمثل إلا مرحلتها من عدم الاستقرار السياسي والانفلات الأمني.

   يواجه تغير وضع المرأة المصرية، حسب مرآة المجتمع الدولي، اختلافات جوهرية بينها وبين مثيلتها في الغرب، علاوة على خصوصية البيئة الاجتماعية المرتبطة بها عملية التغير؛ والذي يتطلب بناء كوادر سياسية نسائية عل المستوى المحلي، والتركيز على تصحيح الصورة الذهنية السلبية عن المرأة من خلال حملات التوعية والتثقيف وجهود منظمات المجتمع المدني، وأن تتبنى الحكومة إستراتيجية قومية بهدف تفعيل دور المرأة في المجتمع والنهوض بها لبناء مجتمع ديمقراطي.أي تحسين وضع المرأة وفق سياسة ظاهرة تراعي التنوع الثقافي ووحدة أقاليم الدولة، وتفعل تشريعات حصول المرأة على حقوقها مثل الرجل. فهل سيعطي الرجل الفرصة لتتولى المرأة حكم البلاد ويقف هو من خلفها؟!.