دراسة
حديثة تؤكد : القمامة في القاهرة "أغلى" من مثيلاتها في العالم
جريدة
الأهرام اليومي - مقالات وكتاب - 16 مايو 2010 م - بقلم نعمة الله عبدالرحمن :
باتت
مشكلة القمامة في المدن المصرية من المشاكل البيئية التي تتفاقم فترة تلو الأخرى
نظرا لارتباطها بالزيادة السكانية المطردة مما وضعها كقضية محورية للموسم الثقافي
للجمعية الجغرافية المصرية.
كما يشير الدكتور السيد الحسيني أمين عام الجمعية التي
اختتمت أعمالها بندوة تحت عنوان "التحليل الجغرافي لمشكلة المخلفات الصلبة في
الحواضر المصرية" حضرها العديد من المهتمين بشئون البيئة والجغرافيا في مصر
بغرض التعرض للمشكلة، ووضع الحلول الممكنة مع وضع خطة مستدامة لتوعية ورفع الوعي
البيئي بمشكلة المخلفات الصلبة والتركيز على دور المرأة المحوري في هذا المجال
وأهمية ربط البحث العلمي ودوره الرئيسي في حل هذه المشكلة لحماية البيئة.
وقد
عرض الدكتور حمدي هاشم خبير الدراسات البيئية ورقة بحث تناول فيها تحليلا شاملا لقضية
المخلفات الصلبة حيث أشار إلى تقسيم المخلفات الصلبة حسب مصادر تولدها حيث نجد أن
بعضها ناتج من خدمات المستشفيات أو محصلة إنتاج المصانع أو مخلفات تطهير الترع
والمصارف، وكذلك مخلفات الأسواق والمجازر أو المنازل، كما تنقسم إلى مخلفات خطرة
أي أنها تحتفظ بخواص المواد الخطرة ولا يمكن تعديلها أو تحويلها، وقد تكون قابلة
للاشتعال أو سامة، ومنها ما هو غير خطر وهي التي يمكن إعادة تدويرها.
كما
يضيف أن مقدار كثافة القمامة تمثل أعلى نسبة في القاهرة بواقع 30 طنا يوميا يليها
الفيوم وأسيوط بواقع 20 طنا، ثم 6 أكتوبر والجيزة تستحوذ المواد العضوية الموجودة
بالمخلفات الصلبة على نسبة 60% في حين أن النسبة المتبقية تتمثل في مخلفات من
الورق والبلاستيك والزجاج والمعادن والأقمشة وغيره...
وأن المراحل المتبعة
للتخلص الآمن من المخلفات الصلبة يأخذ عدة محاور تتمثل في المعالجة الحيوية
بالتخمير، أو عن طريق الكمر اللأهوائي، أما الهوائي فينتج عنها السماد، أو بالمعالجة
الحرارية بالحرق أو التكسير أو التغويز لاستخراج غاز الميثان من أجل توليد طاقة
تستخدم في مجال التدفئة، أو بطريقة الردم الصحي، ويتم الردم في مدفن صحي أمن له
عدة شروط أن يكون بعيدا عن نهر النيل والمحميات الطبيعية والتجمعات العمرانية
بمسافة لا تقل عن خمسة كيلو مترات وعن البحيرات والشواطئ والقنوات والمجاري
المائية بثلاثة كيلو مترات وكذلك خطوط إنتاج ونقل البترول والغاز الطبيعي، مع
مراعاة الحماية للخزانات الجوفية والحزام الأثري ،وضرورة استخدام الخرائط المساحية
ومراعاة اتجاه الريح.
ويشير حمدي هاشم أنه
توجد في مصر 53 موقعا مقترحا لدفن النفايات الصلبة بهم 39 مكانا ليس بهم أي تعارض،
لكن المشكلة تكمن في أن التقسيم الإداري الجديد جعل محافظتي القاهرة والجيزة بدون
ظهير صحراوي، وبالتالي لم يعد متاحا لديهم أماكن لدفن النفايات الصلبة مما جعلها
تتراكم في الشوارع وتزيد من الأزمة وهذا بدوره يساعد على نقل الأمراض والفيروسات
مع زيادة فرص توالد الحيوانات الضالة، هذا فضلا عن أنها قد تلوث التربة، وقد تصل
للمياه الجوفية فتلوثها... هذا فضلا عن أن عملية حرق المخلفات يمثل خطورة عالية
لأن الغاز الناتج عن الحرق يمثل 4% من جملة الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس
الحراري والناتجة عن مشكلة التغيرات المناخية... لذا لابد من رفع الوعي البيئي
والسعي لإعادة تدوير المخلفات ،فالقمامة على مستوي العالم ثروة حقيقية إذا تم
الاستفادة منها حيث يطلق عليها المناجم الذهبية فقد أثبتت دراسة حديثة أن الطن من
مخلفات القاهرة يعد من أفضل الأنواع عالميا فقد يصل إلى 6 آلاف جنيه، فدولة مثل
اليابان أمكنت أن تتوصل إلى صنع أشياء عضوية من القمامة يمكن للتربة هضمها، وتتحول
لمنتجات صالحة وبذلك تمكنوا من تقليل كميات القمامة. ويوصي حمدي هاشم بضرورة
العودة للنظام القديم في جمع ونقل وتجميع القمامة بمعرفة الزبالين ،ويقتضي ذلك إتباع
الوسائل الحديثة وتحت إشراف المحليات لدمج هؤلاء في منظومة متكاملة للتخلص من
النفايات، كذلك تدريب الكوادر لإعادة التدوير وتصنيع المخلفات ،واستخدام الوسائل
والتقنيات الحديثة في تقليل كميات القمامة، والاستفادة من الخبرات والتجارب
الأجنبية في هذا المجال من خلال تنشيط دور البحث العلمي وإسهاماته في هذا المجال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق