التسميات

الأحد، 2 نوفمبر 2014

مشكلات التمدن والنمو الديموغرافي في سورية ...

مشكلات التمدن والنمو الديموغرافي في سورية

ظهور المدن الضخمة صار يشكل ظاهرة بارزة في المسألة 

الديموغرافية في سورية وما ينجم عنها من إشكاليات

الجماهير - تحقيقات - حلب - الاثنين -18-6 - 2012 : 
   من المتفق عليه في المسألة الديموغرافية أن التزايد السكاني في البلدان المتخلفة عموماً له مظهر هام يتمثل في التزايد الملحوظ في نسبة سكان المدن بحيث أن الزيادة في حجم المدن وعددها أصبحت السمة المميزة ؛ كما أن معدل سكان المدن والريف في تغير مستمر .
    ومع أن مقدار العمران ما يزال غير معروف في عدد من الدول لأنه لا يوجد اتفاق عام على الحد الذي تتحول عنده القرية إلى مدينة ؛ بيد أن الأمر لا يحتاج إلى نقاش أو تقديرات بالنسبة لسورية؛ فظهور المدن الضخمة صار يشكل ظاهرة بارزة في المسألة الديموغرافية في سورية ؛ومن الأسباب الرئيسية لهذا النمو الكبير للمدن السورية يمكن أن نشير إلى الإهمال الذي عانى منه الريف عموماً ؛ وعدم التشغيل الأمثل والكامل للأيدي العاملة الزراعية مما يضطرها للهجرة إلى المدن بحثا عن فرص عمل ؛ إضافة إلى أن هذا النمو لسكان المدن أدى إلى مركزية شديدة نتج عنها جذب الأيدي العاملة ؛ فمعظم المشاريع كانت توجه إلى المشاريع في العاصمة‏.

     إن هذا النمو يدعونا بالضرورة إلى القلق ؛ فحسب المقاييس العلمية يتضاعف عدد السكان كل 18 سنة إذا كان معدل النمو السكاني 4% ؛ ويتضاعف كل 12 سنة إذا كان معدل النمو السنوي 6،0% ؛ وكل 10 سنوات إذا كان معدل النمو السنوي 7،5% وكل 6 سنوات إذا كان معدل النمو السنوي 10،0% ؛ وهذا يعني ان سكان مدينة دمشق قد ازداد خلال ثماني سنوات من( 1،370،000) عام 1970 إلى (2،000،000) نسمة عام 1978 وزاد عن(4،5 )مليون عام 2000 ووصل إلى( 6) مليون نسمة عام 2003 , بينما احتاجت مدينة مثل لندن إلى 200 عام كي يصبح عدد سكانها( 4 )ملايين نسمة ؛ كما أن باريس احتاجت إلى قرن من الزمن حتى يزداد عدد سكانها من( 1،370،000) نسمة عام 1870 إلى ( 2) مليون نسمة عام 1978 .‏
   ولنبرر مشروعية قلقنا أكثر نشير إلى ارتفاع معدلات الكثافة السكانية في بعض المدن السورية ؛ فقد كانت الكثافة السكانية لمدينة دمشق في الكيلومتر المربع الواحد عام 1960 تبلغ (5053) وصارت( 7090) عام 1970 ثم ارتفعت إلى (10593) عام 1981 .‏
    على هذا يمكن القول الآن أن سورية تعيش في مستويات مرتفعة من التحضر بسبب الهجرة الداخلية وحركة النزوح من الريف للمدن ؛ نضيف إلى ما سبق ان الهجرة الداخلية بأنماطها غير المنظمة قد أدت إلى عشوائية نمو المدن ؛ وأدى استثمار رؤوس الأموال الضخمة بالإضافة إلى الزيادة السريعة في المستويات الاستهلاكية في الواردات إلى نمو ضخم في النشاطات المصرفية والسياحية ( فنادق – مطاعم ) والخدمات التجارية والمالية ؛ وتمركزت كل هذه النشاطات في العاصمة والمدن الكبرى حيث تتوفر المطارات ومراكز النشاطات الحكومية ؛ وقد رافق ذلك بالطبع انفجار عمراني في نفس المناطق الحضرية ؛ ولا بد من الإشارة هنا إلى انه حتى الصناعات التحويلية المحدودة التي عرفت قدرا من النمو وجدت انه من الأوفر لها ألا تبعد مراكزها كثيراً عن ضواحي المدن الكبرى ؛ وذلك بالنظر إلى عدم توزيع السكان بشكل فعال ؛ والى غياب السياسات الإنمائية الإقليمية ؛ ونتيجة لذلك لم تنم المدن الرئيسية بسرعة فقط ؛ بل نمت بصورة غير طبيعية بالنسبة إلى سائر المناطق الحضرية ؛ وبالتالي استطاعت هذه المدن أن تهيمن على البنية الحضرية وتصبح المدن الرئيسية في سورية على التوالي .‏
مشكلات التمدن‏ :
    بالضرورة لا نستطيع هنا أن نفصل بين ظاهرة التمدن والنزوح الريفي ؛ وهي ظاهرة مشتركة بين جميع البلدان المتخلفة ؛ وخطورة هذه الظاهرة ؛ نعني ظاهرة الهجرة نحو المدن ؛ لا تحتاج إلى توضيح ؛ فالمهاجرون هم من العناصر الأفتى والأكثر ديناميكية وثقافة في الريف ؛ ومع أن النزوح الريفي يجعل مشكلة البطالة في المدن أشد حدة ؛ إلا انه لا يستطيع حل مشكلة نقص الاستخدام في الريف .‏
وأسباب النزوح نحو المدن هي نفسها في كل مكان : الفقر وجذب المدن ؛ كما أن الضغط الذي يمارسه السكان المتزايدون على مساحات من الأراضي الزراعية المحدودة والموزعة توزيعاً غير متساو من العوامل التي دفعت إلى النزوح الريفي ؛ ومن العوامل الأخرى يمكن ان نذكر عدم كفاية فرص الاستخدام في الريف وغياب الإصلاح الزراعي أو عدم تطبيقه ونقص الإمكانات التي تقدمها المناطق الريفية في ميادين التربية والصحة وشغل أوقات الفراغ ؛ ومما يمكننا القول أن حركة النزوح من الأرياف للمدن في سورية لم تسببها دينامية التصنيع أو مجهودات التنمية كما هي الحال في الدول المتقدمة .‏
    وفي الواقع إن المشاكل الناجمة عن التمدن في سورية كثيرة جداً؛ فما من مدينة سورية الآن إلا ويحيط بها حزام يتسع باستمرار من ( مناطق المخالفات ) حسب اصطلاح مجالس المدن , وهي أحياء عشوائية البناء فقيرة المظهر ؛ وتمر سنوات طويلة قبل ان تستطيع الحكومات تأمين الحد الأدنى من الخدمات والمرافق لهذه المناطق , ولكن ما ان يتم ذلك حتى تكون أحياء أخرى قد تشكلت خلف الأحياء التي تشكلت سابقا , وهكذا يصبح من المتعذر تقديم الخدمات وان تم ذلك فعلى حساب الخدمات المقدمة لمواطني المدن ؛ وكمثال نذكر ان مجلس مدينة حلب اقتطع في عام 1980 ما يعادل ثلث الموازنة الاستثمارية والمستقلة لتوصيل الخدمات بحدها الأدنى ( مناهل مياه الشرب – الصرف الصحي ) لبعض أحياء مناطق المخالفات , وفي عام 1985 اقتطع نفس النسبة من الموازنة لتقديم خدمات الصرف الصحي فقط لأحياء أخرى مخالفة للمخطط التنظيمي ؛ وحتى نهاية عام 1990 لم يستطع المجلس إلا ضم منطقة واحدة فقط من مناطق المخالفات المحيطة بالمدينة للمخطط التنظيمي ؛ وقد أوقع ذلك المجلس بعجز كبير تجاه تحقيق المشاريع الخدمية المخصصة لمدينة حلب تعادل 14% عما هو مقرر في الخطط منذ عام 1980 وحتى عام 1990 , وقد وصل هذا العجز إلى 33% في نهاية عام 1995 والى 40% في نهاية عام 2001 نتيجة قرار تخديم ثلاث مناطق فقط من مناطق المخالفات .‏
    من هذا كله نستطيع تلخيص بعض المشاكل الناجمة عن التمدن السريع في الوطن العربي بالنقاط التالية :‏
1- فقدان المناطق الزراعية لخيرة أبنائها باعتبار أن المهاجرين من الريف هم من العناصر الفتية وغالباً الأكثر ثقافة ووعياً .‏
2- تشكل أحزمة البؤس والفقر حول المدن .‏
3- تفجر جملة من المشاكل الاجتماعية كمشكلات تكيَف المهاجرين مع مناطق سكناهم الأولى في الأحياء الفقيرة واضطرارهم للعمل في المهن الهامشية ليشكلوا ما يمكن تسميته بالبطالة الاحتياطية في المدن ؛" وفي مثل هذه البيئة ؛ وتحت هذه الظروف ؛ تظهر مشكلات اجتماعية كثيرة‏
4- تفاقم جملة من المشاكل البيئية واتساع نطاقها باستمرار ؛ وفي مقدمتها الاستيلاء على المناطق الخضراء المحيطة بالمدن ؛ وهي مساحات هامة تعتبر مورداً غذائياً هاماً لسكان المدن وإمدادهم بالخضراوات والفواكه ؛ وهكذا ؛ ونتيجة التوسع العشوائي الحضري حول المدن ؛ اقتُطعت مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية لبناء المساكن ومزارع الدواجن وإقامة المعامل والمحترفات ؛ " وعلى سبيل المثال وصلت هذه المشكلة في حلب إلى أوضاع خطيرة في السنوات الأخيرة ؛ إذ أصبحت معدلات فقدان أراض تعتبر من أجود أراضيها الزراعية من الناحية الإنتاجية مثلا خلال عشرين سنة من عام 1970 وحتى 1990 ما يعادل نصف المنطقة الخضراء حولها وهي ذات اراض شهيرة بخصوبتها الزراعية نتيجة التوسع العمراني ؛ كما ان اعتماد التوسع الأفقي في المدن السورية أدى إلى زحف العمران على الأراضي الزراعية المنتجة .‏
المصادر‏ :
- سعد الدين ابراهيم – التحضر في الوطن العربي – اللجنة الاقتصادية لغربي آسيا – المؤتمر الإقليمي الأول للسكان – بيروت – 1974.‏
- محاضر اجتماعات مجلس مدينة دمشق خلال عام 2002 م.‏
- د. حيدر كمونة – مصدر سبق ذكره .‏
- المكتب المركزي للاحصاء – المجموعة الإحصائية –لعام 1982 – دمشق .‏
- محاضر اجتماعات مجلس مدينة حلب في سورية خلال أعوام مختلفة .‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا