التسميات

الخميس، 29 يناير 2015

الفساد المالي بعد ثورة 17 فبراير 2011 م - أ.د. عوض يوسف الحداد

الفساد المالي بعد ثورة 17 فبراير 2011 (*)

إعداد البروفسور د. عوض الحداد
قسم الجغرافيا بجامعة بنغازي
 

   بعد أن استعرضنا في دراسة سابقة على موقع "ليبيا اليوم" نشرت يوم الأحد الموافق 9 مايو 2010م بعنوان "الفساد والتنمية .. رؤية تحليلية لظاهرة الفساد المالي والإداري" (للإطلاع على الدراسة، انظر أرشيف ما قبل الثورة ) الذي كان متفشيا بين كل فئات المجتمع على طول الحيز الجغرافي الليبي قبل اندلاع الثورة المدنية الليبية في سنة 2011م نتيجة للدور الهدام اللاأخلاقي الذي كانت تمارسه القوى الفاعلة آنذاك في المجتمع الليبي والذي أدى بالبلاد إلى أن تصنف من أفسد دول العالم منذ نهاية القرن الماضي على حساب منظمة الشفافية الدولية، والذي يبدو أنه من أهم أسباب قيام انتفاضة الشعب الليبي بكامله في 17 فبراير سنة 2011م والنتهت بإطاحة النظام السابق.

سنتاول في هذه الدراسة الفساد المالي بعد ثورة 17 فبراير سنة 2011م
يبدو أن الإطاحة بالنظام السابق والفوضى التي أعقبت سقوطه، وغياب الأمن والقانون، أصبحت هذه العوالم بمثابة بيئة حاضنة جديدة لظاهر الفساد واستمراريتها، وهذا ما ظهر واضحا في نموذج الارتباطات بين القوى الفاعلة الجديدة في المجتمع الليبي في أعقاب ثورة 17 فبراير سنة 2011م وعلاقتها بأنماط الفساد المختلفة المبينة في شكل (1) حيث يلاحظ تكالب من تحصلوا على المال الكثير بطرق غير شرعية على شراء المساحات الشاسعة من الأراضي الزراعية المحيطة بالمدن على طول الحيز الجغرافي الليبي وتحويلها إلى استعمال سكني منتهكين بذلك كل مخططات المدن الليبية وضاربين بكل التشريعات عرض الحائط وبدأت مؤشرات البعد المكاني للفساد تظهر بعد 17 فبراير، فمثلاً في مدينة بنغازي ثاني أكبر مدينة في ليبيا ومقعل الثورة الليبية تضاعفت عملية البيع والشراء للعقارات وخاصة الأراضي المحيطة بالمدينة بنسبة تجاوزت 10% مما أدى إلى ظاهرة أخرى خطيرة وهي ظاهرة الزحف على الأراضي الزراعية المحيطة بالمدينة التي تشكر الحزام الأخضر لها والاستيلاء عليها بالقوة وتفتيتها إلى قطع صغيرة لغرض بيعها للاستعمال السكني بأسعار مرتفعة جدا، الأمر الذي يثير العديد من التساؤلات حول مصدر هذه الأموال التي تدفع كثمن لهذه الأراضي والتي تقدر بالملايين فيبدو أن هناك فئة من الناس لديها ثروة طائلة تحصلت عليها بطرق غير مشروعة نتيجة لتفشي ظاهرة الفساد وغسيل هذه الأموال في شراء الأراضي وبناء الدارات والقصور الفخمة والعمارات الشاهقة كما يؤكد هذا العديد من المسئولين السابقين من القوى الفاعلة في المجتمع، فهناك حوالي أربعة مليارات من الدينارات موجودة في أيدي المضاربين في كل الأنشطة التجارية والخدمية وغيرها، وأصبح التعدي على استعمالات الأرض داخل مخططات المدن ظاهرة شائعة وتحول الاستعمال السكني إلى استعمال تجاري مما أصبح يهدد شخصية المدينة وخصوصيتها.
الفساد المالي، جاء نتيجة لظاهرة انتشار المخالفات والتجاوزات بالمصارف في الدولة الليبية للثلاث عقود الأخيرة ولم تظهر إلا أخيرا مثل:
ـ ضخامة حجم وقيمة التجاوزات والمخالفات.
ـ تورط عناصر قيادية مسئولة من الإدارة العليا للمصارف بشكل واضح في عمليات المخالفات والتجاوزات والاختلاسات.
ـ تعاون وحماية أطراف ذات نفوذ من القوى الفاعلة في المجتمع مع العناصر المصرفية المخالفة والمتجاوزة.
ـ التجاوز الخطير في تقديم الخدمات المصرفية دون مراعاة لنسب الأمان أو حتى الأسقف المعتمدة.
ـ تركيز الخدمات المصرفية الجيدة والمفيدة لجهات محددة وفئات معينة.
ـ تقديم الخدمات المصرفية المختلفة على أساس المجاملات الشخصية أو الشللية أو القبلية.
ـ إهمال مساعدة الجهات الرقابية والتغاضي عن دعمها وتهميش أدوارها.
هذا الضعف والتسيب والإهمال والسرقات في المؤسسات المصرفية، جاء نتيجة لضعف رقابة المصرف المركزي الذي استشرى الفساد بين موظفيه، وتورط عناصره القيادية في التجاوزات والاختلاسات والمخالفات وكانوا أعضاء فيما كان يعرف سابقا باللجان الثورية.
فمثلا لاحظ تقرير ديوان المحاسبة مدى الفساد في معظم إدارات المصرف المركزي، وخاصة إدارتي الرقابة على المصارف وإدارة الإصدار، التلاعب في العملات الِأجنبة فوجد أن هناك العديد من المؤسسات لا تعتبر حكومية ولكنها في الواقع تتبع النظام السياسي السابق حيث لم يتم تجميد حساباتها أو لم يتخذ ضدها أي إجراءات قانونية مثل مكتب الإتصال باللجان الثورية والشركات التابعة له،
والروابط والمؤسسات الأهلية، وهي ظاهرها مؤسسات أهلية ولكنها تتبع النظام السابق وكان من المفروض الجميد حساباتها واتخاذ الإجراءات المناسبة ضد حساباتها المصرفية المحلية والخارجية بشكل سريع حتى يتجنب التلاعب بها مما يثير الشك في طبيعة الحسابات ومن يملكها الآن.
هذا إلى جانب التلاعب في العملات الأجنبية، فمثلا بلغت جملة مبيعات المصرف المركزي من العملات الأجنبية التي بيعت مباشرة سواء لموظفي المصرف المركزي الفاسدين أو غيرهم من عناصر البيئة الحاضنة للفساد كرجال الأعمال والجهات العامة التابعين لمنظومة النظام السابق خلال الفترة من 1/9/2011م وحتى 2/12/2011م مبلغ قدره 15 مليون دينار.
هذا الفساد المنتشر في إدارات المصرف المركزي وفروعه قبل وبعد ثورة 17 فبراير انتشر بكل أنواعه بعد الثورة وفي كل مؤسسات الدولة.
وفيما يلي سنحاول مناقشة بعض أوجه الفساد في بعض هذه المؤسسات:
أولا: دائرة المالية والنفط التابعة للمكتب التنفيذي:
أهم مؤشر للفساد المتعلق بالدائرة المالية هو نظام العهد الشخصية التي لم يراع فيها تحديد أغراض صرف العهد وبالتالي يلاحظ تفاوت كبير حيث تم استعمال العهد لتغطية العديد منها التي لم تقدم المستندات المطلوبة، أو أن المستندات المقدمة لم تغط كامل قيم العهدة إلى جانب التوسع في صرف العهد المالية لنفس الشخص دون تسوية العهد السابقة، ومن مجالات الفساد أيضا نظام السلف والمنح، واستخدام نظام السلف كأداة للصرف دون تحديد الغرض منها مما كلف الخزينة أموالا طائلة، وقد سجل ديوان المحاسبة مجموعة من الملاحظات حول العهد المالية التي تدل على انتشار الفساد المالي بشكل كبير وخطير، الذي كان المصرف المركزي وفروعه المختلفة الموزعة على طول الحيز الجغرافي الليبي يمثل البيئة الحاضنة للفساد، ومن أهم هذه الملاحظات ما يلي:
1ـ "التوسع في الصرف عن طريق العهد المالية فضلا عن التأخر في تسويتها بعد انتهاء الغرض بالمخالفة للمادة (188) من لائحة الميزانية والحسابات والمخازن".
2ـ "يلاحظ تكرار صرف عهد مالية للعديد من الموظفين دون قيامهم بتسوية العهد المالية السابقة وهو ما نتج عنه تضخم الرصيد وترحيله من سنة لأخرى، ونقل أعباء مالية لميزانيات السنوات اللاحقة".
من المؤشرات الأخرى للفساد ما صرف ولا زال يصرف على الفنادق التي يقيم فيها العديد من النزلاء سواء مصاريف إقامة العديد من ضيوف المجلس الوطني أو أعضاء المجلس أنفسهم.
ثانيا: مراقبة الخدمات المالية ببنغازي:
تعتبر مراقبة الخدمات المالية ببنغازي من أكثر البيئات الحاضنة للفساد في ليبيا، وهذا ليس بمستغرب فقد ذكرنا سابقا وبالأرقام والأشكال أن مدينة بنغازي تعتبر أفسد مدينة في ليبيا وما لاحظه تقرير ديوان المحاسبة ما هو إلا استمرارية لثقافة الفساد التي سادت في النظام السابق.
فقد جاء في تقرير ديوان المحاسبة، سواء فيما يتعلق بالإيرادات أو المصروفات، أن هناك عبث لا يصدق بأموال الشعب الليبي فمثلا بخصوص الإيرادات كان هناك تعدد فتح الحسابات المصرفية بالمخالفة للقانون المالي للدولة الذي اقتصر منح الحسابات المصرفية على حساب الميزانية التسييرية وحساب التحول وحساب الودائع والعهد.
أما فيما يتعلق بالمصروفات فهناك فساد مالي كبير سواء من ناحية الحوالات المالية التي تصل إلى ملايين الدينارات من حساب العهد والودائع وهو مخالف للقانون المالي للدولة الذي لا يسمح بالتصرف في حساب العهد والودائع إلا بنسبة 30%، هذا إلى جانب الصرف من الحسابات دون الحصول على الإذن اللازم من جهات الاختصاص.
وبلغ الاستهتار بأموال الشعب إلى درجة لا تصدق، فمثلا تم صرف مبلغ (410000) ألف دينار لعدد 22 شخصية فقط لتغطية نفقات الإعاشة لما كان يسمى بالقيادات الشعبية والاجتماعية والروابط الشبابية وما كان يعرف بمكتب الإتصال باللجان الثورية والنقابات.
ومن الأمثلة الأخرى لفساد مراقبة الخدمات المالية بنغازي صرف عهدة مالية بقيمة نصف مليون لموظف بالخزينة، هذا إلى جانب أكثر من مليون دينار لأشخاص لم تعرف صفتهم الوظيفية وذلك بتاريخ 17/2/2011م، أي في الإيام الأولى لثورة 17 فبراير.
ثالثا: شركة الخليج العربي للنفط:
وهي من أكبر الشركات النفطية في ليبيا والتي تمثل أحد أوكار الفساد المنتشر في كل إداراتها الإدارية والفنية فمثلا ذكر ديوان المحاسبة في تقريره أن هناك مبالغ طائلة صرفت لشراء سيارات فارهة لبعض مدراء الادارات دون إرفاق اجتياجات هذه الإدارات الطالبة.
رابعا: البعثات بوزارة التعليم العالي:
يتضح من خلال فحص تقرير ديوان المحاسبة بما يخص ملف وزارة التعليم العالي وخاصة ملف إدارة البعثات الدراسية بالخارج أن ظاهرة الفساد المالي منتشرة بشكل كبير إلى جانب الشللية والجهوية والقبلية سواء في داخل الوزارة أو في المكاتب الثقافية بالخارج، فمثلا يذكر التقرير أنه حولت قيمة مالية لمتكب التعليم الكندي بقيمة (218) مليون دولار التي حددت حسب المقترح المقدم من المكتب الذي يوضح بنود الصرف وعدد الطلبة الدارسين بالساحتين الأمريكية والكندية ويلاحظ من المقترح ما يلي:
"القيمة المحالة كبيرة جدا ولم تودع كوديعة لصالح وزارة التعليم ليتم الصرف منها حسب الاحتياجات وبأمر مما أضاع تحقيق عائد مالي لتغطية بعض نفقات الطلبة حيث أودعت في حساب المكتب الكندي بالمخالفة وبدون دراسة. هذا إلى جانب المبالغة في تقدير التأمين الصحي على الطلبة الموفدين على الساحتين الأمريكية والكندية، التي قدرت من قبل المكتب الكندي وتتضمن قيمة إجمالية بلغت أكثر من 57 مليون دولار أمريكي وهي قيمة مبالغ فيها بشكل كبير وغير دقيقة وشفافة وهناك شكوك في صحتها ومن ثم لابد من الإجراء القانوني السريع سواء فيما يتعلق بموظفي المكتب الثقافي أو المكتب الكندي.
ومن مظاهر الفساد الخطيرة التي لا زالت مستمرة حتى الآن تزايد المشاكل التي يمر بها الطلبة بالساحتين الأمريكية والكندية بسبب احتفاظ المكتب الكندي المنغمس في الفساد بالمبالغ المحالة إليه والاستفادة منها كوديعة وحرمان الطلبة الليبيين من حقوقهم المالية مما سبب في انقطاع المنح عنهم وما ترتب عنها من معاناة لا تصدق لهم ولأسرهم علما بأن جميع الرسوم الدراسية ورسوم الأبناء، والمنح تحال بانتظام وقبل مواعيد صرفها كما تشير إليه التفويضات المالية المحالة من إدارة الخزانة".
كما يلاحظ من تقرير ديوان المحاسبة لسنة 2011م تورط المراقبين الماليين والخبراء التعليميين في الفساد من خلال عدم إحالة مستندات الصرف النهائية من أي سنة مالية لإدارة البعثات لمراجعتها والتأكد مستنديا من عملية الصرف للمبالغ المحالة لهذه الساحات، مما أدى إلى عدم معرفة المصروفات الفعلية والأرصدة المصرفية بالساحات الدراسية" مما يسهل من عملية الاختلاس والتزوير في هذه الأمور.
خامسا: جامعة بنغازي:
تعتبر جامعة بنغازي أعرق مؤسسة علمية في الدولة الليبية وهي في نفس الوقت أفسد المؤسسات العلمية في الدولة، ففي تقرير ديوان المحاسبة لسنة 2011م مثلا لاحظ تعدد الحسابات المصرفية لهذه المؤسسة والتي بلغت (16) حساب دون توضيح طبيعة الحسابات مع وجود العديد من حساب للميزانية التسييرية والودائع والعهد.
كما يذكر ديوان المحاسبة أن هناك العديد من الصكوك المالية بالخزينة منها ما تعدى المدة المحددة باللائحة ولم يتم إلغائها. وفيها ما هو غير معزز بمستندات مؤيدة ولاحظ الديوان أيضا هناك ما قيمته أكثر من 400 ألف دينار لغرض توريد أجهزة بدون تقديم أي مستندات أصلية إلى جانب عدم صحة شهادات الضرائب والضمان المقدمة من بعض الجهات الخاصة مثل تشاركيات الأثاث.
كما تم توريد عدد 550 جهاز حاسب آلي قيمة تقترب من نصف مليون دينار وقد تم الصرف بناء على مستندات غير أصلية (صورة ضوئية) وقد تم توريد الحواسيب من معارض يملكها أشخاص لهم علاقة برئيس جامعة سابق، هذا إلى جانب صرف أكثر من ربع مليون دينار لشركة تعهدات مقابل وجبات لصالح الجامعة بالرغم من توقف الدراسة.
سادسا: العقود والمشروعات:
نظرا للظروف التي مر بها الوطن الليبي بعد ثورة 17 فبراير سنة 2011م، ونجم عنها توقف أغلب المشروعات التنموية التي كلفت الدولة مليارات الدينارات كا هدفها قفزة تنموية غير عادية بالنسبة لدولة غرقت في وحل الفساد لأكثر من عقدين من الزمن وأصبحت رائدة في التنمية والعدالة والمساواة وأبرمت عشرات العقود لعشرات من المشروعات العامة في كل القطاعات (إسكان وتعليم وصحة ومواصلات واتصالات ودفاع ..الخ) بشكل مركزي من قبل الأجهزة العامة التي أنشأت وحلت بديلا لما يعرف باللجان الشعبية العامة في إبرام العقود وتنفيذها في محاولة للحد من الفساد في النظام السابق إلا أن قيمة التعاقدات المبرمة وحجم الإلتزامات القائمة على الميزانية العامة وخاصة ميزانية التنمية تضخمت منذ العام 2007، وتراكمت بشكل كبير خلال السنوات التالية حسب تقرير ديوان المحاسبة سنة 2011م إلى أكثر من 100 مليار دينار.
هذه الالتزامات نشأت للعديد من الأسباب من أهمها وأخطرها غياب السياسات الواضحة بشأن التنمية المكانية وتجمع وتوطين المشروعات مما يؤدي إلى تنمية غير متوازنة وتهميش أقاليم دون أخرى على طول الحيز الجغرافي، مما يزيد من التفاوت المكاني بين أقاليم الوطن الواحد. هذا إلى جانب حجم الفساد الذي صاحب توقيع هذه العقود مما جعل ديوان المحاسبة في تقريره يوصي الاستعانة بمكتب محاربة الفساد بالنمسا التابع لمنظمة الأجهزة الرقابية العالمية (الأنتوساس) بهدف المساعدة في إثبات حجم الفساد في تلك العقود وأوضاع الشركات الوهمية المتعاقد معها.
نتائج الدراسة:
يتضح من العرض السابق أن للفساد الاقتصادي والإداري أثر كبير على التنمية بأبعادها المختلفة في ليبيا. هذه الأثار أو العواقب تتضح فيما يلي:
ـ التشوهات في تخصيص الإنفاق الحكومي نتيجة للعديد من الأسباب منها مثلا تأخر الحساب الختامي للدولة الذي قدم لديوان المحاسبة عن السنوات المالية 2007 ـ 2008 ـ 2009 ـ 2010 مع بداية شهر ديسمبر من سنة 2010 متأخرة عن المحدة المحددة بستة أشهر من تاريخ انتهاء السنة المالية وفق المادة (23) من قانون النظام المالي للدولة نتيجة تأخر الإدارات المختصة بقطاعي التخطيط والمالية إعداد تقارير المتابعة عن تنفيذ الميزانية والموارد والنفقات ومشاريع التنمية، وقد أثر هذا سلباًً على مشاريع التنمية على طول الحيز الجغرافي الليبي، فمثلاً قامت اللجنة الشعبية العامة في النظام السياسي السابق بالغاء كافة القطاعات في التعاقد على مشاريع التنمية في محاولة للحد من الفساد المالي واقتصار تنفيذ ميزانية التنمية على عدد من الأجهزة والوحدات الإدارية التي استحدثت لذلك مثل جهاز تنمية وتطوير المراكز الإدارية وجهاز تنفيذ مشروعات الإسكان والمرافق وجهاز تنفيذ مشروعات المواصلات وجهاز تنفيذ الطرق الحديدية وجهاز تنمية وتطوير المدن، إلا أن هذا أدى إلى تضخم حجم التعاقد وتراكم الالتزامات هذه إلى جانب العديد من الأسباب من أهمها:
1ـ "عدم الاهتمام والالتزام بصرف مخصصات ميزانية التنمية وفق المشروعات المعتمدة بالميزانية ولم تتمكن الأجهزة الرقابية في النظام السابق من حصر مخالفات الصرف للاختلاف السنوي في تبويب الميزانية، ففي سنة قطاعيا وفي سنة أخرى وفق أجهزة التنفيذ ومرة أخرى وفق المشروعات".
2ـ "ضعف اختيار الشركات المنفذة للمشاريع سواء شركات محلية أو عالمية والاعتماد على التكليف المباشر وما صاحب ذلك من فساد مالي وإداري".
ـ البنية التحتية والأساسية غير السليمة أو رديئة النوعية من الناحيتين الإنشائية والبشرية من كوادر فنية وإدارية مؤهلة".
ـ خسارة المدخرات الوطنية، وتعطل الاستثمار نتيجة هروب رأس المال المجمع من الرشاوي إلى الخارج، فثلا أصدرت اللجنة الشعبية العامة (رئاسة الوزراء حاليا) تعليمات بشأن دفع مبالغ مالية كبيرة بملايين الدينارات لشركات الطيران "المتحدة للطيران والخطوط الافريقية والخطوط الليبية" لسداد تكاليف رحلات طيران خاصة لتهريب الأموال خارج الدولة الليبية، هذا إلى جانب وهروب الاستثمارات الأجنبية".
ـ "عدم الإنصاف والعدل في إعادة توزيع الأصول من القطاع العام إلى الأفراد الفاسدين".
ـ "زيادة الفقر من خلال إعادة التوزيع بين الأفراد الأفقر نسبيا إلى الأعلى نسبيا، الذين كانت لديهم ـ في الأرجح ـ سبل الوصول إلى المسئولين الحكوميين والتقرب إليهم سواء قبل الثورة أو بعدها".
ـ زيادة حدة التفاوت المكاني في مستويات المعيشة بين القوى الفاسدة وبقية أفراد المجتمع داخل المدن وبين الريف والمدينة.
ـ أخيرا، هذه العواقب مجتمعة تؤدي إلى الإحباط لدى أفراد المجتمع غير المستفيد من الثروة لغياب العدالة الاجتماعية في توزيع الثروة، مما يدفعهم إلى اتخاذ اتجاهات سلبية كعدم المبالاة بالانتماء للوطن، والنظام السياسي في الدولة مهما كان شكله.
-----------------------
* اعتمدت هذه الدراسة بشكل كبير على تقرير ديوان المحاسبة الاستثنائي للسنة المالية 2011م.
المصدر : موقع الشفافية - ليبيا .

هناك 5 تعليقات:

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا