التسميات

الأحد، 15 نوفمبر 2015

ﺍﻷﺳﻮﺍﻕ في ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻣﻜﺔ ﺍلمكرمة : دراسة في النشأة والتطور و التوزيع ( تحميل رسالة الماجستير) ...


ﺍﻷﺳﻮﺍﻕ في ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻣﻜﺔ ﺍلمكرمة

دراسة في النشأة والتطور و التوزيع


دراسة مقدمة إلى قسم الجغرافيا كمتطلب تكميلي

لنيل درجة الماجستير في الجغرافيا

قسم الجغرافيا - كلية العلوم الاجتماعية 

جامعة أم القرى



إعداد الطالبة 

أشواق بنت حمزة محي الدين مليباري


 إشراف

أ.د. أحمد البدوي محمد الشريعي


الفصل الأول 1430هـ



مستخلص البحث 

  تسعى هذه الدراسة إلى تتبع نشأة ونمو ظاهرة المحلات بالطرق التجاريـة والمراكـز والمجمعـات التجارية كأحد الظواهر الحضرية بالمدينة، ودراسة نمط توزعها الجغرافي الذي اتخذته خلال الكتلـة العمرانية، ومحاولة تفسير ذلك النمط من خلال دراسة العوامل الجغرافية المـؤثرة عليهـا، ومـن ثم تصنيفها في مجموعات تبرز النمط السائد لأسواق المدينة، من خلال عدة أسس جغرافية .

 قد اعتمدت الدراسة على البيانات الأولية لأمانة العاصمة المقدسة والهيئة العليا لتطوير منطقـة مكة المكرمة عن الأحياء والقطاعات ومساحاتها وسكانها، واعتمدت الدراسة على العمل الميـداني بصفة أساسية لسد فجوات النقص في مصادر الدراسة، كما أن دراسة الأسواق تعتمـد بالدرجـة الأولى على التطبيق أكثر من التنظير، لذلك عمدت الدراسة للمسح الشامل لكل أسواق المدينة، التي حددتها الدراسة بتحديد المواقع الجغرافية والفلكية وخصائصها المكانية، إلى جانب دراسة خصـائص المتسوقين فيها، وبالاعتماد على استمارة الاستبيان وبطاقة العمل الميداني، لجمع كافة البيانات المطلوبة منذعام 1428-1430هـ، مستخدمة لعدة أساليب إحصائية مثل تحليل كيرنل والجـار الأقـرب والتباين البسيط، إلى جانب عدة مقاييس منها: النصيب المتعادل ومتوسط التباعد ونسبة التركـز في المساحة المعيارية وحساب منطقة النفوذ والدليل الوظيفي، ثم مُثلت في ستين جدول وثمانية وخمسين شكلاً وإحدى عشر صورة. 

  وقد ظهرت نتائج الدراسة مثبته لتركز الأسواق الشريطية في أحياء القلب القديم والمنطقة الانتقالية في حين توزعت الأسواق المركزية في المنطقة الانتقالية والهامشية، ونتيجة لذلك حازت أحياء محدودة على كلا النوعين من الأسواق وهي العزيزية والتقوى والمعابدة والشهداء والخنساء والضيافة والعمرة، بينما خلت أسواق أخرى منهما، وهي: العمرة والعوالي وولي العهد والحمراء وأم الجود والملك فهد، وهو اختلال واضح في التوزيع، بينما تركزت الأسواق في جميع القطاعات العزيزية والمعابدة والعتيبية وخلت منهما الشرائع والعمرة، وذلك بتأثير الطبيعة التضاريسية والحجم السكاني والنمو العمـراني واستخدامات الأراضي والسياسات الحكومية وقوة المنافسة، نتيجة تداخل نطاقات نفوذ الأسـواق داخل وخارج المدينة، وقد طُبعت أسواق المدينة بصغر الحيز المكاني وحجم المتسوقين، وتقلص نتيجة لذلك نطاق خدمتها، مع ما تتمتع به من تنوع في الشريطية وتخصص في المركزية، مازال المستفيدين منها يتطلعون لرفع مستوياتها ومعالجة مشكلاتها المكانية، وتفعيل وظائفها المنوطة بها، لتكون أقـدر على إشباع حاجات.


Markets in Makkah Al-Mokaramah City Study in showed and Evolution and Distribution


A Thesis Submitted to the Department of Geography in Partial Fulfillment of the Requirements for the Master Degree in Geography 

Department of Geography


College of Social Science

Department of Geography

By 

Ashwag Bint Hamza Milbary

Supervised By 

Dr. Ahmad Al sheariay 

2010
Abstract 

  This study seeks to follw the emergence and grwth of the market as one modern phenomena of the city,and study of the pattern distribution geographic them which cluster taken during construction,and attempt to explain this pattern through the study of geographical factors affecting it,and then classified in groups highlight the pattern to the markets of the city,through several geographic basics.The study depend on primary data of the Amanat of Holy Makkah and the high authority for the developmentof the Makkah region for Districts and sectors, their area and their population,the study was depended on field work, mainly to fill decrees gaps in sources study,Also study the markets depend primarily on the application more than Endoscopies.

  Therefore proceeded to study the comprehensive survey of each city,s markets ,identified by the study identified the geographical locations, astronomy, spatial characteristics, as well as study the characteristice of the shoppers, and depending on the from of a questionnaire and card work field, for all the required data since ١٤٢٨-١٤٣٠H used for several statistical methods such as analysis of Kirnl The closest Jar and contrast simple, along with several measures, including: assessment of equal spacing ,and the average concentration ratio in the space standard and the calculation of the influence and guide acaeer, then represented at the table and sixty-eight and fifty and eleven form an image. 

  The results of the study installed bar market concentration in the districts of the old centers and the transitional district, while supermarkets were distributed in the transitional district and marginal, as a result it has won districts are limitd to both trypes of markets and are Aziziyah,Taqoa, the Al Moaabdah, Shohda,Khansaa, Dyafah and Umrah, whihe the other markets ago, namely:Umrah and Awali, Waii Alahhad prince,Hamera ,Umm Aljood and King Fahd This is imbalance in the distribution, while focused on markets in all sectors Aziziyah, Al Moaabdah, and Oteibah, ampty them Shraah and Umrah because of effecting the nature of the impact of terrain and population size and urban growth, land use, government policies and the strength of competition as a result of the overlapping ranges of influence markets inside and outside the city, the city markets have been known small space, the volume of shoppers and diminished as a resuit the scope of service, whil the virtues of diversity in conditions and specialization in the central beneficiaries still looking forward to raise their levels and proving places problems and activate the their functions entrusted to be able to satisfy the needs of their shoppers.


الخاتمة

  لقد أضحت ظاهرة الأسواق عنصراً حضرياً مهماً في نظام المدينة الحديثة، تتبلور وتتشكل وفق ظروفها المكانية وخصائصها البشرية، لذلك فقد أسفرت هذه الدراسة، عن سمات خاصة تمتعت بها أسواق مكـة المكرمة دون غيرها، ومن الجدير بالذكر أن هذه الدراسة طبقت علـى أحيـاء مكـة المكرمـة في عـام 1428هـ، وعلى قطاعات البلدية التي وضعتها بغية التوازن بين المساحات المدروسة، والتي انتقلت حالياً لطفرة التطوير العمراني لمناطق حساسة من جسد المدينة، مثل المنطقة المركزية حول المسجد الحرام والطرق الإقليمية الرابطة له بخارج المدينة، الأمر الذي ظهرت انعكاساته في ظهور أسواق حديثة وبأنماط مغايرة لمـا ألفته المدينة، واختفاء أخرى من النظام السوقي، مما ينبئ بملامح واتجاهات جديدة لتوزيعها وسماتها مستقبلاً. وهذا يمنح الدراسة الحالية أهمية خاصة، في تناولها لتطور أنماط وتوزيع ظاهرة الأسواق عـبر الحقـب التاريخية وحتى الفترة الحالية، واعتمدت في ذلك على عدة مؤشرات مكانية وديموغرافية وعمرانية واقتصادية واجتماعية لقياس أنماط التوزيع الجغرافي لها، كما هدفت لإيجاد التباين في التوزيع علـى الأحيـاء وعلـى 62 جدولاً و57 شكلاً و11 صورة فوتوغرافية، في محاولة لتغطيـة القطاعات، وقد اشتملت الدراسة على موضوع الأسواق، كعنصر حيوي في نطاق المدينة الحضري، والذي يعد ظاهرة جغرافية مستمرة التطور ، يحرص الإنسان على ترقيتها لتكون أوفى بإشباع رغباته وتطلعاته المتجددة، والتي تتغير وفقاً لظروف الإنسان الحضاري، وهذا يعني بطبيعة الحال مدى أهمية موضوع الأسواق في النظـام الجغـرافي دائـم التفاعـل والديناميكية، والذي يمنح المكان طابع خاص ويتأثر به في سجال دائم ما دام نطاق المدينة قائم.

  ولا ننسى تأثير الإنسان بعاداته وأنماطه الاستهلاكية ، والتي تتغير خلال العقود عن الأنماط الاستهلاكية السالفة، كما اختلفت تفضيلاتهم وهواياتهم عن تفضيلات وهوايات السابقين لهم، وذلك اتسعت وتضاعف عدد المنتجات والعلامات التجارية المعروضة بها عدة أضعاف واشتدت المنافسة بين المنـتجين، وأصـبحت المواقع التسوق أكبر حجماً وأشد اتساعاً وأكثر استخداماً لوسائل العرض الحديث، وأقدر علـى جـذب المستهلكين إليها عما قبل، وأصبح المتسوق يتوق للجديد والتجديد.

  كما أن ارتفاع الوعي الاستهلاكي للأفراد ونمو دخولهم وزيادة خبراتهم أسهم بشكل فاعل في التأثير على السياسات والبرامج الحكومية والاستثمارية ، حتى ظهرت الأسواق مرآة عاكسة لهذا النظـام الجغـرافي المترابط التأثيرات، والذي يتغير بتغير أي عنصر من عناصره. 



  وقد توصلت الدراسة إلى عدة نتائج نستعرضها فيما يلي:

النتائج :

   نظراً لطبيعة الدراسة المتتبعة لتطور ظاهرة الأسواق كجزء مهم فقد توصلت الدراسة لعدة نتائج نـدرجها على النحو التالي: 

   لقد ولدت التجارة المكية على أيدي القرشيين في العصر قبل الإسلامي في عهد قصي بن كلاب ، والـذين وظفوا الدين بمختلف شرائعه لإقامة مكان أكثر تحضراً وأجدى ربحاً، منذ بدايات تشكلها كمركز لقبائـل قريش وحلفائها، والذين حرصوا على إيجاد كيان آمن تحولت فيه مكة من منطقة قلاقل وحروب إلى منطقة أكثر أمنا واستقراراً ، ثم انتقلت المدينة إلى مرحلة الانتخاب بين المواقع الأكثر تناسباً مع سهولة الوصـول إليها. حتى أصبحت مكة تحتل موقعاً متوسطاً على طريق التجارة القديم، الذي يربط ما بين الشـام شمـالاً واليمن جنوباً كأكبر المستعمرات السكانية في ذلك الحين، الأمر الذي أصل جسور الاتصال لنقل البشـر والسلع بين تلك الحواضر حتى اشتهر القرن السادس عشر ببعد اقتصادي مميز يشكل وجه المدينة، وقد امتد نموها ناحية الشمال الشرقي وغرب مجرى وادي إبراهيم والأودية المنحدرة عبر الإقليم الجبلي، وهو تـابع لحركات التصدعات والانكسارات، وهو موقع يشير إلى تحصن المدينة بجبالها وتلالها، كما ساعدتها الطرق الخارجية بارتباطها باليمن جنوباً وجدة غرباً والطائف شرقاً، وهي بمثابة شرايين تتشعب داخـل القلـب وتقذفها نحو الخارج، حيث الطائف الزراعي والمدينة المنورة ذات النشاط المتنوع. 

  وقد دفعت الظروف البيئية القاسية نشاط المدينة نحو التجارة، وذلك ضمن بوتقة تنظيمية عالية المستوى، فالقرشيين لم يخلطوا ما بين العبادة والمرابحة العشوائية، وإنما اعتمدوا التدبير والتخطيط المسبق لكل موسـم ديني، تنصب خلاله صنوف السلع والأموال في خزائنهم، حتى كانت من أقوى العوامل في التأثير على نشاط الأسواق: وفي مقدمتها وقوع مكة على مفترق طرق القوافل العربية بين الخليج والعراق والحبشـة والـيمن وبلاد الشام، إذ كانت من أهم المراكز التجارية العظمى في ذلك الوقت، ومن ثم تطورها إلى محطة عبـور ومرور للقبائل إذ تميزها بتوفر ماء زمزم وتعدد المجاري نحوها، كما أسهم تجانس التركيب السكاني وتضامن المصالح بين الأطراف القرشية، إذ كانت الوحيدة التي تتمتع بهذا الحد النسبي من الانسجام، حتى تحولت مكة إلى مركز خدمي بظهور الأسواق الداخلية فيها،والتي ارتبطت مواقعها بموازاة بوابات المسجد الحـرام، ولا يخفى أثر نظام الإيلاف كقوة محركة استوعبت به مكة التحضر والبداوة ، حتى أصبحت حلقة مركزيـة واسعة تلتقي عندها مصالح الدول الكبرى، تمخض عن ذلك إقامة دور للتجارة المكية اختصـت ببضـائع متنوعة من خارج المدينة بين الشامية والمصرية واليمنية .كما تبلورت في هذه المرحلـة شـبكة الأسـواق الدورية، والتي تشكلت في دورة زمنية مستقلة تحافظ على نظام التبادل بين الأقـاليم الإيكولوجيـة ذات المحاصيل المختلفة، وكان من أشهرها سوق عكاظ متسوق العرب، والذي يبدأ من أول أيام ذي القعدة،وقد امتاز بتعدد الأنشطة التجارية والثقافي والاجتماعية، بين بيوع ومواثيق وأحلاف وأشعار واحتفالات، حتى أن الرسول صلى االله عليه وسلم كان يدعو الناس فيه لدين االله، أيضاً من أسواقهم: سوق مجنة والذي يبدأ من 20 ذي القعدة وحتى أول ذي الحجة، يعرض فيه ما تبقى من السوق العكاظي، وثالثها سوق ذي المجاز الذي يبدأ ببداية ذي الحجة وحتى الثامن منه، حيث ينقطع الناس للعبادة البحتة، الأمر الذي يتم ضمن تنظيم إداري دقيق يحفظ للمدينة ديمومة نشاطها التجاري في ظل وظيفتها الدينية(الوظيفة الرئيسة).

  وفي القرن الهجري الأول انتقلت أسواق مكة نحو التخصص السلعي، وأصبح لمكة موسمين تجـاريين : أحدهما في شهر رجب و الآخر في شهر ذي الحجة، وأصبح عدد المحلات في هذه الفتـرة 1300 محـل، تحولت بعد ذلك عدة دور تجارية إلى مجمعات تجارية حرفية، رغم افتقادها لتنظيم المواقع والحـرف غـير المتناسبة مع بعضها بمجاورة سلع متنافرة كالغذائية(البقالة...) بالحرفية (الحـدادة ...) كمـا تضـخمت الأسواق الواقعة مقابل بوابات المسجد الحرام واتسع مجالات تخصصها بين التنوع والتخصص، بلغـت في مجملها 27 سوقاً متخصصة بمثابة مراكز تجارية في تتلك الفترة.

  ومن أشهر أسواق هذه الفترة : سوق الليل والسوق الصغير وسوق الغنم والماشية وسوق المعلاة وسوق القشاشية وسوق القرب والصوف ومنتجات البادية وسوق الزل والشمال والمشالح والمفروشـات، وهـي الفروع التي نمت وتجذرت من مجاورتها لمداخل المسجد الحرام والطرق المساورة له، كما ظهـرت أسـواق متخصصة أخرى مثل السوق العراقي واليماني والهندي، كما ظهرت أسواق موسمية داخل منى وعرفـات إبطالاً لعادات الجاهلية، حيث أصبحت تجمع مابين العبادة والتجارة، مما زاد من رواجها ونشاطها، وسـار على إثر هذا التنظيم الدولة الأيوبية في فترة لاحقة، عززه ظهور العملة الأيوبية، وتقوية علاقة مكة بالأقاليم المجاورة،كما راجت عدة أسواق داخلية في هذه الفترة من أشهرها سوق المسعى وسوق سـويقة وسـوق الشامية، وامتازت هذه الفترة بتذبذب موجات النشاط والخبوت في المؤشر التجاري، نتيجة لعدة ظـروف سياسية مرت بها المنطقة، مثل آثار غزو المغول على العراق والصراعات بين الأشراف وسيطرة المماليك على شؤون التجارة، مما زاد الكساد ورفع الأسعار، حتى جاء العصر العثماني بتبعات نشاطه وازدهاره، والـذي انعكس إيجاباً على نشاط الأسواق في مكة، وهو جانب أينعت ثماره في المرحلة اللاحقة.

  بدأت المرحلة الثالثة بحلول عام 1344هـ وهو العهد الذهبي في عمر الأسواق المكية حيث سـاعدت تطورات التكنولوجيا في النقل والحفظ والاتصال والتعليم دورا بارزا في رفع معدلات الادخار والاستثمار، عزز ذلك التغيرات الاقتصادية والطفرة النفطية وتبعاتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافيـة، ممـا أوجد محيطاً غني الموارد أنعشا الأسواق وجذرها ومنحها طابعاً خاصاً ومميزاً، لم يسبق لها بلوغه في العصور السابقة، وعلى إثر ذلك كله ظهر خليط من الأسواق التقليدية، التي تخصصت ببيـع الخضـار والفاكهـة والأغنام والأبقار والجمال والأعلاف والحطب والفحم، والتي تعد النواة الأولى للمراكز التجارية بالمدينـة، بالرغم من طرازها التقليدي القديم، والمكون من محلات صغيرة تلاصقت على هيئة عنقودية، شكلت هـذه الأسواق التقليدية، وبتتبع هذه المراحل نجد أن أقوى عوامل التأثير في إنعاش الأسواق بمدينة مكة المكرمـة، هي السياسات الحكومية، التي تعاقبت على حكمها بالدرجة الأولى، ثم عمق علاقة الوظيفة التجارية بوظيفة المدينة الرئيسة(الدينية)، وبالتالي ارتباط مصيرهما معاً بعلاقة تبادلية، وذلك في موقع حلقي بين أقاليم غنيـة الموارد والمنتجات ، تمخض عنه تباين واضح في استخدامات الأراضي ، فمجاورة أبواب المسـجد الحـرام ومحاذاة الطرق التجارية ومقاربة المناطق الصناعية لهي المواقع المفضلة للأسواق، الأمر الذي يشير إلى تأثيرها في إيجاد نمط توزيعي مميز لأسواق المدينة جدير بالدراسة والتحليل.

  وبنظرة عامة لنقاط ومحاور توزيع الأسواق، نجد أنها تتطابق نسبياً مع نظرية بيرجس الحلقي والذي صنف المدن إلى حلقات جعل المنطقة التجارية تحيط بالمركز القديم، إلا أنها لم تأتي على انتظام تلك الحلقات الذي جاء به النموذج، بسبب اختلاف طبيعة المدينة التضاريسية والحضارية عن منطقة تطبيق النظرية الأساس، مما يعني ميل التوزيع لفقد العدالة والتساوي بين مناطق المدينة، ساعد على ذلك شكل امتداد المدينة غير المنتظم، والذي يميل نحو الاستطالة فهو قريب من المعين غير المنتظم، وذلك بقدر بعدها عن الشكل الدائري (المثالي) وللكشف عن مدى التوازن طبقت الدراسة مقياس نقطة المركز المساحي، والذي حـدد اتجـاه التوزيـع المتركز 95 %من الأسواق المركزية، و77% من الأسواق الشريطية في شمال المدينة، في حـين توزعـت النسب الباقية في جنوبها وشرقها، حيث اتجهت المركزية نحو الجنوب، والشريطية نحو الشرق، واتفقتـا في الاتجاه ناحية الشمال والشمال الشرقي من المركز المساحي للمدينة، وهي الاتجاهات التي أثبتـت نقطـتي الوسيط والجذب المركزي توجه الأسواق نحوها، وهي الاتجاهات الأولى للنمو العمراني، وبذلك يمكن القول أن المناطق الأكثر تكاملاً ونضجاً هي الأشد جذباً للأسواق، لذا نستنتج من هذا أن ابتعاد نقطتي الوسـيط والجذب المركزي عن نقطة المركز المساحي، تشير إلى ميل نمط توزيع الأسواق نحو الشـكل المتجمـع، في مناطق بينية بين القلب القديم والحلقة الحديثة، وهي مرحلة عدم الاستقرار. 

  وقد أثبتت الدراسة وجود تباين واضح في كتلة المدينة، تأثرت بمراحل النمو، فمنطقة القلب المركـزي للمدينة، يتكون من تسعة عشر حياً، وهي الشبيكة وأجياد والقرارة والنقا وحارة الباب والشامية والهجلـة وجرول والحجون وشعبي عامر وعلي والجميزة والمعابدة والتيسير والبيبان والمنصور والطندباوي والسليمانية والمسفلة والمعابدة والضيافة والزهراء، ونسبتها 31% تقدر مساحتها بحوالي 16كم2 ،وتشكل 2.1% فقط 377765 نسمة من السكان، ونسبتهم 27% ، وقد بلغ نصـيبها مـن من مساحة المدينة، حازت على الأسواق الشريطية 1642محل، وبنسبة 32% من محلات المدينة بالأسواق الشريطية، أما الأسواق المركزية فقد بلغت 10 أسواق، وهي تمثل 24%من الأسواق المركزية بالمدينة، تليها المنطقة الانتقالية والمكونة من إحدى وعشرين حياً، وهي جبل النور والعدل وريع ذاخر والأندلس والعتيبية والزاهر والشهداء والنزهـة والهنداوية والرصيفة وجرهم والخالدية والشوقية والتقوى والكعكية وكدي والروابي والروضـة والعزيزيـة والمرسلات والجامعة، وتشكل 35%من إجمالي أحياء المدينة، تقدر مساحتها بحوالي 77كم2 وبنسبة 6% من كتلة المدينة، أما الحجم السكاني فقد بلغ 649566 نسمة، ونسبتهم 47% وهي إشارة لكثافة عددية واضحة في السكان، وقد نالت 2730 محلاً وبنسبة 54% من محلات الأسواق الشريطية، أما الأسـواق المركزية فقد بلغت 23سوقاً بنسبة 56% من أسواق المدينة، وهي بذلك أعلى مناطق المدينة في نصيبها من الأسواق،حلقت بعدها المنطقة الهامشية التي تضم عشرين حياً، وهي العكيشية وبطحاء قـريش والهجـرة والتنعيم والعوالي والمشاعر والخضراء والراشدية وشرائع المجاهدين والشرائع والعسيلة وادي جليل والنسـيم والعمرة الجديدة والنوارية والبحيرات والسلامة والحمراء وأم الجود والملك فهد وولي العهـد، وتشـكل 33% من أحياء المدينة، امتدت مساحتها إلى 1207 كم2 وبنسبة 92% ،أمـا سـكانها فقـد بلغـوا 688 محلاً بنسبة 13%، أما الأسواق المركزيـة فهـي 34279 نسمة ونسبتهم 25%، وقد حازت على 8 أسواق ونسبتها لاتتجاوز20% ، ولدى تقسيم الدراسة للمدينة لحلقات تدرس التوزيع أظهرت الدراسة حيازة الحلقة الثانية على أعلى نصيب من محلات الأسواق الشريطية (72%) والمركزية (66%) ، والتي تمتد على قطر8 كم من مركز المدينة، في حين كانت الحلقة الخامسة والتي تبعد 20كم عن مركز المدينة، قـد تقلص نصيبها 20% من الأسواق المركزية، وانعدمت فيها الشوارع التجارية، الأمر الذي يشـير لوجـود مسافات كبيرة بين نقاط الأسواق، حسبتها الدراسة بين نقاط الأسواق المركزية، والتي بلغت 292 كـم، شكلت نمط توزيع خاص لأسواق المدينة، وهو ما تناولته الدراسة بالتحليل المكاني.

  وقد أثبتت الدراسة أن عدم التجانس في مساحات الأحياء قد أثر على طبيعة التوزيع المكاني للأسواق، إذ أن قيمة التباين، المتجه نحو التشتت البسيط تشير إلى وجود فروقات بينية بين مساحات الأحيـاء القديمـة والحديثة، وبالتالي فروقات في الكثافات السكانية والخدمات العامة، مما استدعى موجات التخطيط للمنطقة المركزية، الأمر الذي تمخض عنه زحف الأسواق إلى نطاقات أبعد عن المركز القـديم، لـذلك توزعـت بها 44% من الأسواق المركزية و57% من محلات الأسواق الشريطية في أحياء الرتبة الرابعة بحسب المساحة، والتي تضم العزيزية والكعكية وريع ذاخر والأندلس والزاهر والرصيفة والنزهة والمرسلات والعتيبية والروابي والخالدية والتقوى والهنداوية والروضة والشهداء والمعابدة والخنساء والزهراء وجرهم والمسفلة والحجون، في حين قل نصيب الرتبة الأولى والثانية، الأمر الذي يشير إلى قوة تأثير مساحة الحي علـى انتشـار محـلات الأسواق الشريطية، في حين أن الأسواق المركزية، كانت أقل مساحة في أحياء المدينة الأولى والثانية، ممـا يقضي بقوة تأثير مساحة الحي على انتشار محلات الأسواق الشريطية، وضعف ذلك التأثير على الأسـواق المركزية، مما أفقد الأحياء العدالة المطلوبة في توزيع أسواقها، وهو جانب أثبته مقياس النصـيب المتعـادل للأسواق الشريطية والأسواق المركزية، والتي تنال جانباً وافراً من التخطيط.

 قد أثبتت الدراسة أن 13% من أحياء المدينة تدنى متوسط التباعد بينـها إلى أقـل مـن 100 ،والـتي 29% من محلات الأسواق الشريطية، وجميعها من الأحياء الصغيرة، في حين خلت 40% استحوذت على من الأحياء من محلات الأسواق الشريطية، أما الأسواق المركزية فقد كانت أشد تركزاًً في محلات الأسواق الشريطية 59% منها في 19% فقط من أحياء المدينة الانتقالية، وقد بلغ متوسط تباعد بينها أقل من 2كم ، وذلك في جنوب شرق وجنوب غرب المسجد الحرام،حيث تشتد المنافسة، في حين كانت أشـد تشـتتاً في 6% فقط من الأحياء، والتي لم يتجاوز نصيبها 12% بينما خلت 60% من الأحيـاء مـن الأسـواق المركزية، في حين أشارت نسبة التركز المعيارية في المساحة المعمورة وفي 76% من الأحياء تدني تركزهـا لتصل إلى أكثر من 30 في المساحة المعيارية 100كم2 ،في حين كانت الأسواق المركزية أشد تركـزا في 38% من الأحياء بنسبة 24.0 في المساحة المعيارية.

  ولدى دراسة التوزيع على مستوى القطاعات أثبتت الدراسة وجود ارتباط قوي وطردي بـين الحجـم السكاني في القطاع ونصيبه من الأسواق، وبالتالي وجود العديد من فجوات النقص في الأسواق، وقد تفرد قطاع العزيزية بحيازته على النصيب المتعادل من المساحة ومحلات الأسواق الشريطية والأسواق المركزية، وقد امتاز بخصائص ومزايا خاصة منحته طابع خاص بين باقي القطاعات منها الارتباط المباشر مع المسجد الحرام 77% ، والمشاعر المقدسة بالمدينة، وارتفاع المستوى المعيشي للسكان، وقد حاز حي الجامعة وحده علـى والذي لا يشغل سوى 2% من مساحة القطاع، وهنا لابد من الإشارة إلى عمق الاتصـال مـابين الأداء السوقي والوظيفة الدينية بالمدينة، وهو عنصر مهم منح قطاع العزيزية حظاً وافراً من أسواق المدينة، وهو ما جذب السياسات الحكومية والبنوك الاستثمارية والأبراج التجارية نحوها، الأمر الـذي يـوحي بوجـود قطاعات أخرى تفتقر لهذه الجوانب، وبالتالي طول المسافة المقطوعة للوصول للأسواق في أحياء أخرى، وهو جانب تناولته الدراسة بمقياس التباعد، والذي أثبت تباعد محلات الأسواق الشريطية لأقل مـن 5 كـم في 66%، أما الأسواق المركزية فقد بلغ متوسط التباعد بينها 63 كم، وهو مسافة كبيرة تفصل بينها، وقـد كان قطاعي العتيبية والمعابدة هما أشد قطاعات المدينة تركزاً بالأسواق المركزية ، حيث حازت 51% من أسواق المدينة بالرغم من تدني نسبتها 22% من الأحياء، في حين كان أشد القطاعات انتشاراً في أسواقها هي الشوقية والعمرة والشرائع، والتي تمثل 33% ولا يركز بها سوى 17% ، وقد خلت أحيـاء القلـب المركزي أجياد وغزة منها تماماً، كما أثبت مقياس نسبة التركز أن أشد القطاعات تركزا في المساحة المعيارية من المعمور هي المعابدة والعزيزية والعتيبية، في حين كان أشدها تخلخلاً هي العمرة والشـوقية والشـرائع والمسفلة، كما أثبت تحليل كيرنل لدراسة تحليل محلات الأسواق الشريطية أن توزيعها قد اتخـذ الشـكل الدائري المائل نحو التركز الشديد في التوزيع، والتي أظهرت أن مركز النواة في منطقة بينية لحي الروضة من الشرق والسليمانية من الشمال والحجون من الغرب وشعبي عامر وعلي من الجنوب، وذلـك في شـرق المسجد الحرام، في حين أخذت كثافتها تتدنى كلما اتجهنا نحو الأحياء الهامشية الجنوبية، فتوزيعها يمتد نحـو الشمال والشمال الغربي والشمال الشرقي من مركز المدينة الهندسي، والاتجاه العام نحو الجنـوب الشـرقي بمسافات أطول من باقي الاتجاهات، في حين أظهر تحليل الجار الأقرب أن توزيع الأسواق المركزية يمتاز بأنه توزيع متجمع بنسبة 99% ووجود عوامل وقوى جذب قوية لها في تلك البقعة التي تجمعت بها.

   أما بالنسبة لأقوى العوامل الجغرافية تأثيرا في توزيع الأسواق الشريطية بنسـبة 91% خاصـة الأقـرب للمسجد الحرام، في حين كانت الأسواق المركزية أقدر على تخطي هذه الهيمنة للتضاريس، وهذا يشير إلى وجود علاقة تبادلية التأثير بين البيئة الطبيعية وقرارات المستثمرين، في اختيار مواقع الأسواق، بين الحتميـة والاحتمالية، تأثراً بتطور تقنية الآلة القادرة على استصلاح المناطق الوعرة وجعلها أكثر سهولة ، ويمكـن القول بأن مواقع الأسواق الشريطية كانت أقل تنظيماً وتخطيطاً، مما جعلها تمتد على مناسيب متباينة نسـبياً في حين انساقت مواقع الأسواق المركزية، نحو النقاط السهلية والمنبسطة بنطاق أوسع من الأسواق الشريطية، الأمر الذي يعلل بتبعية الشريطية للطريق وبصورة تلقائية، وهو جانب تختلف فيه الأسواق المركزية، والـتي كانت أكثر تنظيما في توزيعها، وهي الأقدر على اختيار المواقع الأكثر سهولة.

  أما بالنسبة للطرق فقد أثبتت الدراسة أن الطرق الرئسية هي أشد الطرق جاذبية للأسـواق الشـريطية (58%) والمركزية (61%) ، كما ثبت تأثير رتب الطرق ووجود الأسواق قبول الفرض الصفري بنسـبة 95% .

  أما بالنسبة للسكان فيعد من أقوى العوامل المؤثرة في جذب الأسواق، إذ أثبتت الدراسـة قـوة تـأثير التركزات السكانية على توزيع الأسواق الشريطية والمركزية، إذ توجد علاقة طردية ما بين الحجم السكاني والحجم السوقي في الأحياء والقطاعات، حيث أثبتت الدراسة من خلال مؤشر التركز السكاني أن توزيعهم متركز في أحياء محددة، وهي ذات البقع التي تكدست بها الأسواق الشريطية والمركزية، كما أثبتت أنه كلما زاد النصيب المتعادل من المساحة للسكان زاد نصيب الأحياء من الأسواق الشريطية والمركزية، كما توجد علاقة قوية التأثير ما بين الكثافة السكانية وعدد محلات الأسواق الشريطية، في حين قل تأثير كثافة السكان على الأسواق المركزية إذ تبحث على مساحات واسعة في الأحياء، ولذلك تقل كثافات السكان فيها، كما أثرى التنوع العرقي في التنوع السلعي بالأسواق المكية، حيث وجدت الدراسة أن جاليات كل حي طبعت سلعها بلع خاصة بها، ولا أدل على ذلك من بيع الأقمشة الهندية والباكستانية في المسفلة والخالدية ...وبيع الأزياء الأفريقية في أسواق المنصور والمنصورية....كما ساعد توفر الفئات العمرية المنتجة (15-61 سـنة) وخاصة الذكور منهم في إيجاد سوق عمل غنية بالموارد البشرية، وقد أثبتت الدراسة امتياز مكة بين بـاقي مناطق المملكة بتزايد العاملين في البيع عاما بعد عام. 

  أما النمو العمراني فقد كان من أهم العوامل الموجه لتوزيع الأسواق الشريطية والمركزية ، حيث تجـد أقدم الأسواق بالمدينة قد وقعت في أولى اتجاهات النمو، نحو الجهات الشمالية والشرقية والجنوبية الشـرقية بالمدينة، وهي الاتجاهات التي تظهر فيها المنافسة في أوجها. 

  كما أثبتت الدراسة اشتداد المنافسة بين الأسواق في تلك المنـاطق بالتحديـد، إذ تحكمهـا رغبـات المستثمرين، والهادفة لبلوغ أقصى قدر من الربح، هذا تنافس مكة أسواق خارجية تقع في مدينة جـدة، إذ أثبت حساب درجة التفاعل، أن جدة هي أشد الحواضر المجاورة منافسة مع أسواق مكة مقارنة بأسـواق المدينة المنورة وأسواق الطائف، أيضاً لا يخفى أثر استخدامات الأراضي في جذب الأسواق ناحية المنـاطق الصناعية والسكنية والدينية، وذلك بالقرب من الطرق الإقليمية وخلال المشاعر المقدسة وحول المسـجد الحرام، وهو جانب يعكس مدى تأثير السياسات الحكومية في منح تلك المناطق أهمية خاصة، حيث خرقت لها الأنفاق ومدت الجسور وشقت الطرق... بصورة أبرزت فيها مدى تأثير السياسات الحكومية في إنعاش أسواقها،وهو عامل قوي التأثير منذ قدم نشأتها.

 كما صنفت الدراسة الأسواق بحسب حجمها المكاني، فالأسواق الشـريطية يغلـب عليهـا الطـول المتوسط (500-1500م) والتي بلغت نسبته 59% من أسواق المدينة، في حين كانت الأسواق الصغيرة (أقل من 5000م2) هي النمط السائد في الأسواق المركزية، والمتركزة في شمال شرقي وجنوب شرقي وجنوب المسجد الحرام، ومبرر ذلك فتوة الأسواق المركزية ونضج الأسواق الشريطية بسبب أسبقيتها في الظهـور. كما صنّفت الأسواق الشريطية وفق تخصصاتها، حيث تخصصت الأسواق الشريطية بالسـلع المتنوعـة في 41% من الأسواق، و أما الأسواق المركزية فتخصصت 39% منها بأدوات الزينة والتجميل. 

  وعلى أساس هذا تباين نصيب الأسواق من السلع، فقد كان أعلى نصيب في محلات الأسواق الشريطية 3000 نسمة وذلك للسلع المعمرة والأثاث ومواد البناء والديكورات ومكاتب الخدمات والبنوك، في حين كان أدناها نصيب هي محلات السلع المتنوعة، والتي تضم مراكز التموين الغذائي وصوالين الحلاقـة وبيـع أجهزت الاتصال وألعاب الأطفال، وذلك نظراً لكثرة انتشارها. 

   أما في الأسواق المركزية فقد فاق نصيب (1000 نسمة) محلات المواد الغذائية ومواد البنـاء والمكاتـب والبنوك والمعدات الثقيلة، وهي السلع النادر تواجدها في هذه الأسواق، بينما تقلص نصيب (إلى أقل مـن 10000 نسمة) محلات الملابس وأدوات التجميل والملابس والسلع المنزلية، وهي السلع التي اختصت بهـا هذه الأسواق، وهذا يعني اختلاف كل نوع منها في خصائص متسوقيها. 

  كما صنفت الدراسة الأسواق وفق حجم متسوقيها؛ إذ ساد نمط الأسواق الصغيرة في حجم متسوقيها لأقل 5000 متسوق، وتمثل 51% من أسواق المدينة، إذ أن توسط أطوالها وميلها نحو القصر قلص مـن حجم متسوقيها، وهي عوامل متأثرة بطبيعة المدينة الطبوغرافية والموسومة بتشعب الطرق والدروب، كمـا صنّفت الأسواق المركزية بالصغيرة (إلى أقل من 500 متسوق يومياً) والتي بلغت نسبتها 43% من أسواق المدينة، وهذا يعني تباين في النطاقات الخدمية المحيطة بكل سوق في ضوء تباين أحجامها، وهو جانب اختبرته الدراسة من خلال حساب منطقة النفوذ، والذي أظهر أن 63% من الأسواق الشريطية ذات نفوذ صـغير المساحة لا يتجاوز نصف قطرها (أقل من 1كم)، في حين كان النمط السائد للأسـواق المركزيـة هـي الأسواق الصغيرة، والتي لم يتجاوز نصف قطرها 01.0 كم ونسبتها 68% من أسواق المدينة، إذ أن 36% من أسواق المدينة، حظيت بطريقين يخدمها في حين نالت 63% بطريق واحد فقط، مما قلص من تدفقات المتسوقين نحوها، فكلما كانت الطرق المؤدية للسوق متكاملة العناصر بتناسب أطواله وأعراضـها وتـوفر مرافقها الخدمية كلما تزايد نمو هذه الأسواق وازداد عدد القادمين إليها، وقد حصرت الدراسة التـدفقات الفعلية لحركة المتسوقين بين الأحياء، فظهر أن أعلى نفوذ هو في محلات أسواق شارع عبـد الله عريـف بواقع 25 حياً بنسبة 42% من أحياء المدينة، بينما كان سوق ذي المجاز (الأسواق المركزية) هو الأشد جذباً لـ28 حياً ونسبته 46% من الأحياء. وقد أسهمت ملكية السيارة في وصول 88% مـن المتسـوقين في الأسواق المركزية و76% من المتسوقين في الأسواق الشريطية، لذلك تقلصت المدة الزمنية للوصول مـن 10-15 دقيقة، لذا قل تأثير المسافة في اختيار مواقع تسوقهم، دلل على ذلك تفضيل 41% من المتسوقين للتسوق من أسواق أطراف المدينة وضواحيها، وهو ميل واضح للمتسوق نحو الإنسان الاجتماعي والبعيـد عن العقلانية بل والميال نحو العاطفية في اختيار أسواقه، وهو جانب ترتبت عليه الكثير من المشـكلات في طريقه للسوق، في مقدمتها عدم توفر مواقف للسيارات(32% - 35%) والازدحام المروري في الشـريطية 30% وطول المسافة المستغرقة للوصول في المركزية بنسبة 23% ،وهي جوانب تفسر تقلص منطقة النفوذ المخدومة .

  كما أظهرت الدراسة غلبة جنس الذكور على التسوق في الأسواق الشـريطية والمركزيـة (277 - 233 متسوق)والذين تتراوح أعمارهم من 25 إلى أقل من 35 ،وهي الفئة العاملة والمنتجـة والمسـتهلكة بالدرجة الأولى، وقد أظهرت الدراسة أن 62% من المتسوقين في الأسواق الشريطية قد اقتصر تعلـيمهم على ما دون المؤهل الجامعي، وهم بذلك متباينوا الدخل الشهري، 39% منهم دخولهم ما بـين 6000- 10000 فأكثر، وهو يشير إلى ميل مستويات التعليم والدخل نحو الدونية، في حـين نجـد أن متسـوقي الأسواق المركزية 48% منهم من أصحاب المؤهلات الجامعية فما فوق، ترتب عليه ارتفـاع في الـدخل الشهري، لذا فهم من أكثر الطبقات تسوقاً تحقيقاً لقوة العلاقة ما بين الدخل والإنفاق، لـذلك فـالتعليم والدخل من أقوى العوامل الديموغرافية المؤثرة في تشكيل النمط السائد للمتسوقين، وهما يعكسان مستويات معيشية تؤثر وتتأثر بالحيز الاجتماعي، والذي انعكس على حجم الأسر، فالأسر المتسـوقة في الأسـواق الشريطية والمركزية اتجهت للأحجام الكبيرة (3-5 أفراد)بنسبة 45% ، بيد أن ميل الشريطية كـان أقـوى للكبر (6 فأكثر) بنسبة 42% وأما المركزية فنسبتها (39 ،(%في حين أن الأسر في الأسواق المركزية ميالة للأسر الصغيرة (18%) وفي الشريطية لم تتجاوز 16% ، وبناء على ذلك تختلف متطلبات كل أسرة وعدد مرات تسوقها، إلا أن الدراسة أثبتت أن غالبية المتسوقين يتسوقون وفقاً للظروف بنسبة 47% في الأسواق الشريطية و48% في الأسواق المركزية، وهم يفضلون التسوق في نهاية الأسبوع وفي الفترة المسائية بالتحديد 193متسوق بالشريطية و188 متسوق بالمركزية، كما أظهرت الدراسة أن أقوى عوامل الجذب للمتسوقي هو توفر السلع المطلوبة، أما أهم السلع استقطاباً لمتسوقي الشريطية أدوات التجميل والزينة بنسبة 34% ، في حين أن السلع المتنوعة هي الأكثر جاذبية في الأسواق المركزية بنسبة 52% ، كما أثبتت الدراسة أن أهـم المشكلات التي يواجهها المتسوق داخل السوق هو اختلاف الأسعار للسلعة نفسها 30-37 في الأسـواق الشريطية والمركزية.

التوصيات :

  بناءً على ما سبق من نتائج فقد خلصت الباحثة إلى عدد من التوصيات: 

· تعد هذه الدراسة حلقة ربط لاستقراء نشأة وظهور وتطور ظاهرة الأسواق في مكة المكرمة. 

· لابد لأصحاب الاستثمارات من دراسة الحالة السكانية والمكانية للمدينة وفق نظرة شاملة تشـير لفجوات فقد الأسواق، ومن ثم تحديد مواقع استثماراتهم. 

· تفعيل دور الغرفة التجارية الصناعية في مدينة مكة المكرمة وربطها بنظم أمانة العاصمة المقدسة لتأتي قرارات المستثمرين على جوانب النقص والحاجة فتشبعها. 

·  لابد من طرح بدائل سكنية في أطراف المدينة قبل تهجير السكان من المركز خلال طفـرة النمـو العمراني(الفترة الحالية)، الأمر الذي سيمنح المواقع التجارية نقاطاً ومواقع أكثر اتزاناً على سـطح المدينة. 

· التخطيط لظهور وتحديد الشوارع التجارية، وعدم تركها للتلقائية والعشوائية اللاحقة للنمو، دون توفير خصائصها المناسبة من الاتساع والطول والخدمات العامة والمرافق. 

· توظيف دور الترفيه والترويح للأسواق المركزية في سد حاجة سكان المدينة للمناطق الترفيهية؛ والتي تعد فجوة واضحة في وظائف المدينة، الأمر الذي سيمنح مواقعها منطقية أكثر، دون الحاجة للقرب من السكان، والذين سيحرصون على إشباع حاجتهم من تلك الأسواق خاصة في ظل استعدادهم الحالي لقطع مسافات أطول في سبيل الحصول على حاجتهم بالمستوى المطلوب، وهو الربح الذي يسعى له المستثمرين. 

· تقترح الدراسة تخطيط الشوارع التجارية قبل امتداد محلات الأسواق الشريطية، بحيث تكون أكثر تكاملاًً في الخدمات والمرافق العامة. 

· تقترح الدراسة نموذجاً للسوق المركزي على النحو التالي: 

1/ موقع السوق: يقع خارج الكتلة العمرانية وعند التقاء مجموعة من الطرق مـع بعضـها الـبعض، وبالتحديد في الجهات الشمالية الشرقية والجنوبية والجهة الجنوبية الغربية، وهي الجهات التي تشهد تمدد عمراني مستقبلي، وبها نقص حاد في الأسواق المركزية.

2/ تحتاج الأسواق المركزية إلى تنظيم عصري يتضمن كافة التجهيزات الأساسية وبجودة عالية، إضـافة إلى التجهيزات الثانوية والكمالية كألعاب الأطفال والمطاعم ومراكز التمـوين والترفيـة والتـرويح كحاجات أساسية باتت أساسية مع متطلبات العصر. 

3/ الفارق المكاني بين الأسواق: لكي تؤدي وظيفتها بطريقة جيدة يفضل أن يكون الفارق المكاني لكل سوق والذي يليه مـن 5 إلى 10كم.




للتحميل اضغط


هنا  أو  هنا  أو  هنا  أو  هنا  أو  هنا  أو  هنا



للقراءة والتحميل اضغط

هنا أو  هنا  أو هنا  أو هنا


قراءة مباشرة من    هنا



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا