قياس تداعي الموجود العمراني : أسـس و مـنهـج
أ.د. مـضـر خـليل عـمر خليل الكيلاني - قسم الجغرافيا – جامعة تكريت
مـلـخـص
للزمن
، و العوامل الطبيعية و البشرية أثر كبير في تداعي الموجود العمراني . تبرز مشكلة التداعي ، بشكل واضح ، في مراكز
المدن ذات التأريخ الحضاري العريق . و يعاني الباحثون و المخططون من غياب وحدة
قياس موضوعية لهذا التداعي ، مضاف إلى ذلك تباين مناهج الدراسة ، مما يجعل
المقارنة و التخطيط العلمي أمر غير سهل . يقدم البحث مقترح مسطرة قياس موضوعية و
منهج موحد لدراسة التهرؤ العمراني و التداعي الحضري في المدينة خطوة لمعالجة
المشاكل حسب أسـس علمية .
1 - الـمقـدمــة
من
بديهيات التخطيط التي لا يختلف عليها اثنان ، إن المسح الميداني للواقع المطلوب
التخطيط لمعالجة مشاكله و نواقصه يمثل
الخطوة ألأولى ، وانه حجر الزاوية لاقتراح البدائل . وفي تخطيط الإسكان فإن مسح
الموجود السكني هو البداية لتقدير العجز في العرض مقارنة بالطلب من حيث الكمية
والنوع و المكان . ويمثل الموروث السكني مشكلة مستديمة في التخطيط الحضري ، وقد
تباينت إستراتيجيات معالجة مشاكله . ويعتقد الباحث أن المشكلة الرئيسية تكمن في طريقة قياس تهرؤه وتحديد الصالح منه لسكنى الإنسان
.
إن
الحفاظ على الموجود السكني بصورة تصلح للاستعمال السكني تعني توفير سكن مناسب
يحافظ على شخصية المدينة ، و يبقي جذور الأجيال مرتبطة بأرض الواقع دون أن تقتلعها
رياح التقليد الأعمى لكل ما هو غريب (أجنبي) . أنها الحالة الطبيعية ، ومسؤولية كل
جيل تجاه نفسه و ذويه و أبنائه . لهذه العملية أبعاد نفسية ، اقتصادية ، اجتماعية
، حضارية و إنسانية .
تعاني
المدن العريقة في تأريخها من مشكلة مستديمة ترتبط بتاريخها الذي ترك لها إرثاً عمرانيا معماريا يحتل موقعا
مركزيا في بنائها الحضري . أنها مشكلة المباني و الأحياء السكنية القديمة التي
كانت في وقت ما منطقة الجذب السكاني ، ولكنها رغم كل ما تعانيه من تداع حاليا ،
لازالت جزء حيويا من التركيبة الاقتصادية
و السكنية للمدينة .
تنمو
المستقرة البشرية بدء من نواتها الأولى ، وبالانتقال من مركزها نحو الأطراف يظهر
للعيان التدرج التاريخي ، من القديم إلى الحديث فالأحدث . ولكل حقبة زمنية خصائصها
و سماتها التي تترك بصماتها على المظهر العمراني . فالمدينة بأنماطها العمرانية
عبارة عن لوحة (موزائيك) تعكس تاريخ المدينة و إقليمها و تطورهما الاقتصادي و
السياسي والحضاري .
وقد
اهتمت الدول المتقدمة بالموروث العمراني ، ورسمت السياسات العلاجية والوقائية
المناسبة لكل نمط و حالة . وبهذه الصيغة تكون قد أعطت الموجود السكني عمرا
جديدا و وهبت تاريخها عزا وجلالاً ،
واستثمرته بصورة علمية اقتصادية ، وأبقت الصلة بين الماضي و متطلبات الحاضر و
تحسبت بصورة صائبة للمستقبل .
لمدننا
العربية تأريخ أصيل ، و موروث عمراني و معماري
متميز ، إلا أنه مهمل ، وإن كان هناك شيء من الاهتمام فقد انصب على مبان
معينة لا غير . فما أحوجنا إلى الحفاظ على هذا الموروث ، وتحليل عوامل تداعيه و تهرؤه والعلاقة بينها بهدف رسم السياسات
المكانية ، الوقائية و العلاجية المناسبة
للمنطقة والحالة العمرانية و البيئية . هدف البحث طرح نموذج نظري لدراسة عوامل
التداعي العمراني في مراكز المدن وتقديم دليل عملي لقياس درجة تهرؤ المباني فيها ، ليكون برنامج عمل للباحثين الشباب
ليخوضوا غمار موضوع حيوي ذي فائدة جمة ، وليكون الموجود السكني مناسبا لمتطلبات
الحاضر .
هذا
مقال نظري يلخص خبرة تدريسية وبحثية في موضوع الإسكان الحضري لعقد ونصف من السنين
. انه يوجز الأساس النظري لقياس تداعي الوضع العمراني في المناطق القديمة من
المدينة ، ويعرض نموذجا للتحليل و الدراسة . فمدننا العربية لازالت بحاجة إلى
دراسة منهجية تجلب اهتمام المسؤولين الى الواقع المرير الذي تعانيه أجزاء حيوية من
بنائها و تأريخها وشخصيتها .
فالمصادر
الواردة في نهاية هذا المقال قد ذكرت لتساعد
الباحثين الشباب الذين يرومون خوض هذا الموضوع بحثا و دراسة و تطبيقا . لم
يتم الإشارة في المتن إلى أي منها لأن المقال عبارة عن ملخص لها من خلال الخبرة
التدريسية و البحثية في هذا الموضوع .
2 - عوامل تداعي العمران الحضري
يعرض
الشكل أدناه نموذجا كتابيا Conceptual Model للعوامل المؤثرة على
الموروث المعماري وتؤدي الى تهرؤه عمرانيا وتداعي قيمته الاقتصادية والاجتماعية ،
و العلاقة بينها . يقترح النموذج ستة عوامل متداخلة بتأثيراتها توصل الى النتيجة
ذاتها ، وهي :-
2 – 1 ) عـامـل
الـزمـن
لأنه
موروث فـللزمن دور رئيسي في عملية التداعي
، و يرتبط بالزمن مجموعة من العوامل الثانوية المتداخلة المكملة لبعضها ،
مثل :-
(أ)
مادة البناء ، فلكل حقبة زمنية مادة بناء رئيسية تعتمد بشكل واسع ، وغالبا ما تكون
محلية الصنع ، ولكل مادة عمر زمني لا تتعداه . وبتقدم تقنيات البناء تنوعت المواد
و أصبحت أطول عمرا وأكثر مقاومة للظروف الجوية و التآكل .
(ب) يعكس طراز البناء المرحلة التاريخية
التي بني فيها العقار ، والمستوى الاقتصادي و الحضاري لشاغليه الأوائل ، فلكل فترة
من الزمن طرازها المعماري و العمراني . ويعكس الطراز ، فيما يعكسه ، المعايير
العمرانية والاجتماعية السائدة في فترة البناء . وما هو مفضل في فترة زمنية يصبح
أقل قبولا في فترة لاحقة ، وما هو مناسب لمستوى اجتماعي معين غير مقبول أو صعب
المنال عند مستوى آخر .
(ج)
يتوافق نمط الشوارع مع تقنيات النقل السائدة ، ولما كانت التقنيات القديمة لا
تحتاج الى شوارع عريضة و حركة مرور منظـمة ، ولأسباب أمنية و اجتماعية و مناخية
فقد ساد النمط العضوي للشوارع ، وهو غير مناسب كليا للوقت الراهن ، عصر السيارات
الفارهة و الحركة السريعة . فالمناطق القديمة تعاني من أزمة مرور سببها عدم
التوافق بين تقنيات النقل و نمط الشوارع . ولهذا السبب هي التي يفكر بها المسؤلون
عند الحاجة إلى إعادة النظر في خطط المدينة و تنظـيم استعمالات الأرض فيها . لا
يعني هذا اهتماما بها ، بل لأنها الأضعف في رد المقترحات التخطيطية التي تخدم
المناطق و الاستعمالات الأخرى .
(د)
كما أن لكل فترة تاريخية طرازا و مادة
بناء و تقنيات للنقل خاصة بها ، كذلك نوعية البنى الارتكازية و طاقتها الاستيعابية
. وبالتأكيد فإن هذه البنى قد أصبحت لا تتناسب مع الزيادة الكبيرة وغير المتوقعة
للسكان ، وأخذ الزمن منها كل مأخذ . لذا فهي بحاجة إلى إعادة نظر ، ولكن ذلك مكلف
ماديا ، فضلاً عن وجود أولويات تخطيطية
تجعل تنفيذ المقترحات التطويرية ضربا من التبذير و الصرف غير المقبول لأموال
البلدية . فالتفكير بتطوير المناطق
القديمة من المدينة لا تؤيده إلا القلة وأقل منها التي تمارسه ، وفي النهاية هي
مغلوبة على أمرها لأنها ليست صانعة للقرار بل منفذة له .
نموذج للعلاقة بين عوامل تداعي الموروث
العمراني
(هـ) موقع الحي
السكني في دورة حياة المحلة Neighborhood ، فللمحلة دورة حياة تبدأ
بتوزيع الأرض إلى قطع سكنية و الشروع في البناء والسكن ، وتنتهي بالهدم وإعادة الإعمار
الشاملة . ولهذا الموقع توأم ، هو الموقع في سوق الإسكان . في المراحل الأخيرة من
دورة حياة المحلة ، تزداد نسبة الوحدات السكنية المؤجرة ، و يزداد عدد حلقات سلسلة
الفراغات Chain of vacances (عدد مرات شغل السكن خلال
فترة زمنية محددة) ، و يتفاقم تغلغل وانتشار الاستعمالات غير السكنية ، وبهذا يصل
الحي السكني إلى مستويات متدنية من عملية التنقية إلى الأدنى Filtering down . يعني هذا أن ساكنيه من الشرائح الاجتماعية –
الاقتصادية التي هي في أدنى السلم الاجتماعي ، وان الخدمات العامة فيه متخلفة و هي
دون الحاجة وليس في مستوى الطموح . ويعده البعض منطقة مشاكل ، أو من مناطق
المحرومين ، وهناك من ينتظر نضج ترديه العمراني ليكون استثماره اقتصاديا يحقق
الربح المادي .
2 – 2 ) عـامـل الـموضـع و الـموقـع
المدينة من نتاج موقعها ، إنها المرآة التي
تعكس كل ما يجري في هذا الإقليم من تبدلات اقتصادية وسياسية و اجتماعية ، ومشاريع
اروائية . وقد كتب الجغرافيون كثيرا عن العلاقة بين المدينة وإقليمها ، ولست هنا
في صدد إعادة ما كتب ، بل التذكير بعلاقة
ذلك على الموجود العمراني في المدينة .
ولعل
أكثر ما كتب عنه هي مشاكل الريف وأثرها على الهجرة إلى المدن القريبة ، كذلك درست
مورفولوجية المدينة ، و الواقع السكني فيها ، ومراحل نمو المدينة وتطورها ،
والمشاكل التي تعاني منها المدينة ، مع ربطـها بشكل مباشر بالهجرة من الريف المجاور ، أو الظروف البيئية
و السياسية السائدة في الإقليم الوظيفي للمدينة .
ولتوقيع
مشاريع الري الكبرى في الإقليم له آثاره على منسوب المياه الجوفية في الإقليم ،
الذي يؤدي إلى ارتفاع نسبة الرطوبة في المناطق المنخفضة من المدينة . وليس هناك شيء
ينخر أساس البناء مثل ديمومة الرطوبة فيه ، خاصة عندما يصيبها الوهن بسبب العمر الزمني و عدم التحصين
ضد الرطوبة . وقد تؤثر التعديلات التي تجرى على مجرى النهر داخل المدينة أو قريبا
منها على مستوى المياه الجوفية في بعض مناطقها .
إن
النمو السريع لسكان المدن الناتج عن الهجرة لا يتزامن مع الزيادة في موجودها
السكني ، مما يعني ارتفاع كثافة الإسكان ، التي تؤدي بدورها إلى تعجيل تداعي
العمران ما لم يرافق ذلك إدامة مستمرة .
وتؤدي الهجرة من المدينة إلى النتيجة ذاتها ولكن من خلال سيادة الكثافة
السكنية الواطئة وإهمال الإدامة و الترميم وترك مبان خالية دون إشغال . فكلا
التطرفين يؤديان إلى النتيجة نفسها ، وهي تسريع تداعي الموجود العمراني
ولموقع
المناطق السكنية القديمة قريبا من المنطقة التجارية المركزية دور في جلب الأنظار إليها
للغزو و الانتشار خاصة وإنها الأضعف في المنافسة و الدفاع عن نفسها في سوق الأراضي
و التخطيط العمراني . فموقعها بمنظوره الإقليمي ، و الحضري المحلي قد جذب الطامعين
من الأغنياء و الفقراء إليها رغم تناقض الأهداف و الوسائل.
وقد
يتم إنشاء أحياء سكنية في مواضع مستصلحة ، ولكن بسبب عدم الردم الجيد ونقص في
المعالجة قبل بناء الأسس فقد تنتشر فيها القوارض التي تنخر في جسم المباني ،
وتكتمل عملية الهدم الداخلية بارتفاع منسوب المياه الجوفية . وقد عانى من هذه
المشكلة العديد من المدن ، خاصة عندما تنجز التنمية السكنية بطريقة مقاولة منطقة
كاملة وليس كوحدات سكنية منفردة .
تؤدي حالة عدم الردم
الجيد للأرض قبل البناء إلى انهدامها بعد تشبعها بالرطوبة ، وتكون المشكلة كبيرة
عندما تكون الوحدات السكنية متصلة ببعض Terraces . إن انهدام التربة في أحد المساكن يؤدي إلى خفض لأسعار المنازل
في ذلك الشارع لاحتمالية الانهدام و تدني الوضع البيئي في الحي السكني . وبما أن
التربة الكلسية تتآكل بسرعة لضعفها أمام المياه ، لذا تظهر الانهدامات و التخسفات في
الأرضية و المباني أكثر من غيرها من أنواع الترب
، كذلك ، حيثما يرتفع منسوب المياه الجوفية و تكثر السيول و المياه السطحية
غير المسيطر عليها .
2 – 3 ) عامل الرطوبة
أربع
مصادر رئيسية للرطوبة التي تؤثر سلبيا على المباني : الأمطار ، جريان المياه
وتجمعها على سطح الأرض ، تسرب المياه وتجمعها تحت سطح الأرض ، المشاريع الاروائية
المحلية والإقليمية . للرطوبة دور متعدد التأثيرات على المباني ، فهي تضعف مقاومة
المواد بطبيعتها ، قابليتها على إذابة المواد ، و تعمل على تآكل الصلب منها عندما
تكون وسطا مذيبا للمواد الكيمياوية في التربة أو الجو . أضف إلى ذلك ، فان تأثيرها
قد يكون مباشرا (على المبنى) أو غير مباشر (على الأرضية التي يستند إليها أو على
ما يحيط به) . وفي كلتا الحالتين فان الرطوبة هي العدو اللدود للمباني
القديمة
فالأمطار
، بهطولها بشدة وغزارة تعجل من تهديم المباني التي بان عليها التهرؤ ، وبجريانها
كسيول أو تجمعها في المناطق المنخفضة تشبع الأساسات بالرطوبة و تتركها كقطعة ثلج
في الشمس (ذائبة لا محال) لا تتحمل ضغط الثقل الذي تحمله . وعندما تكون حامضية
التركيب فإنها تصبح كماء النار (تيزاب) تذيب وتحرق في الوقت نفسه ، ولا مجال
للمباني لتفادي التعرض إلى المطر .
ويرتبط بعامل البنى
الارتكازية في المناطق القديمة ، ( وعمرها الزمني ، وعدم قدرتها على تلبية ضغط
الحاجات المتزايدة ، وثقل تقنيات النقل الحديثة ) ، تكسر أنابيب مياه الشرب و
المجاري ، الظاهر منها و المخفي تحت سطح الأرض قريبا من أسـس المباني . وقد لا
تكتشف هذه حال حدوثها ، وفي الغالب لا تعالج مباشرة بل تترك فترة من الزمن بما
يكفي لتشبع الأسس بالرطوبة . والأدهى أن تأثيرها لا ينحصر في رقعة محددة بل أنها
سريعة التجمع و الانتشار ، ولهذا يكون تأثيرها أوسع مما يتوقع وأكثر خطرا .
لارتفاع
منسوب المياه الجوفية أسباب عديدة ، قد تكون راجعة إلى مشاريع اروائية إقليمية ، أو
تعديلات في مجرى النهر الذي يمر في المدينة ، أو تتابع الفيضانات ، أو انخفاض في
مستوى الأرض التي بني عليها الحي السكني ، أو تسرب من مياه سطحية نتيجة تكسر و تسرب
من أنابيب المياه و المجاري ، أو أمطار غزيرة ، أو أكثر من سبب . المهم أنها تحيط
بأسـس المباني لفترة غير قصيرة وغير منظوره ، لذا فأن أثرها كبير و خطير .
2 – 4 ) عامل الإهمال
ليس
إهمال السكن أو مصدر الرزق من طبيعة الإنسان ، إلا أنه قد يحدث لواحد أو أكثر من الأسباب
المبينة في أدناه :-
(أ)
ضعف القدرة المالية للمالك ،
(ب) ضعف المردود المالي للصيانة في حالة
استئجار المبنى ،
(ج)
الاستعمال المكثف للمبنى بما يفوق طاقته الاستيعابية ،
(د)
استعمال جزء من المبنى وترك الجزء الباقي دون عناية و صيانة ،
(هـ)
تعدد الشركاء في الميراث واختلافهم حول ضرورة الإدامة والترميم ،
(و)
التعمد في الإهمال توقعا للتغيرات التي قد تحدث في المنطقة و الحي السكني ،
(ز)
عدم التفرغ وضعف الإمكانية الذاتية (غير المالية) لإجراء الترميمات .
فالإهمال
يرتبط كليا بطبيعة السكان وإمكاناتهم ، وبالعودة إلى طبيعة المرحلة التي تمر بها
المحلة في دورة حياتها ، فان نسبة المباني المؤجرة عالية ، وتلك التي يستثمرها
مالكوها قليلة وهم في الغالب من ذوي الدخول الواطئة . بعبارة أخرى ، يترافق مع التدني العمراني في
الحي السكني تدن مواز له في المستوى
الاقتصادي - الاجتماعي لساكنيه ، مما يعني ضعف القدرة المالية على إجراء الترميمات
و الإصلاحات الضرورية .
فالإيجارات
المنخفضة ، والاستعمال الكثيف يعجلان تداعي المبنى . ويكون تأثير الكثافة السكنية
المنخفضة واضحا عندما يهتم بجزء من المبنى ويترك الباقي للتداعي و الانهدام . وقد تتوفر الرغبة والقدرة المالية لإجراء
الترميمات والإصلاحات الضرورية إلا أن من بيده الأمر لا يجد وقتا كافيا لذلك بحكم
طبيعة عمله ، أو بسبب عمره و جنسه (مسن ، أنثى) . ويكون لموقع المبنى و الحي
السكني بالقرب من المنطقة التجارية المركزية دور في زيادة الإهمال وصرف النظر عن الإدامة
خاصة عندما تنتشر إشاعة مفادها وجود مقترحات للإزالة Clearance
و تنميات تجارية كبيرة في المنطقة أو قريبا منها .
2– 5 ) عامل التبدل في استعمالات الأرض
لعمليات
الغزو و التتابع و الانتشار ثم السيادة دورها في التغيرات التي تحصل في الحي
السكني ، ولا ترتبط هذه العمليات في استعمالات الأرض فقط ، بل في الموقع الاجتماعي
لساكنيه ، وفي موقعه في سوق الإسكان أيضا . فالغزو اجتماعي - اقتصادي ، ينعكس
بصيغة استعمالات أرض . وتكون عملية التغيير في الشوارع الرئيسية أولاً ، وتبدأ في
واجهات المباني ، وفي الأركان ، و تتابع لتسود الشارع ، ولا تكتفي بالواجهات
فقط ، بل تنتشر أفقيا مع امتداد الشارع و
عموديا مع طوابق المباني و تتدرج في العمق باتجاه داخل الحي السكني .
إن
سيادة الاستعمالات غير السكنية في الشوارع الرئيسية تجعل السكن قربها غير مناسب
للكثيرين ، ولهذا تزداد حلقات سلسلة الفراغات ، وقد تترك بعض المباني دون إشغال
مما يجعلها مصدر خطر على المنطقة ، ليس من الناحية الأمنية فقط ، بل وفي دفع
الآخرين لإهمال الترميمات و التفكير بالانتقال من المنطقة أيضاً . فوجود مبان
خالية في الحي السكني عائق أمام تطوير الحي للاستعمال السكني ، وتسريع للتداعي و
تعزيز للإهمال المتعمد . فالمباني القديمة
الخالية ما هي إلا جرثومة سرطانية تنخر جسم الحي السكني ، كما هو حال الاستعمالات
غير السكنية فيه . وعندما تستوطن جرثومتا الاستعمالات غير السكنية و المباني
الخالية ، عندها يصل الحي السكني المرحلة
ما قبل الأخيرة من دورة حياته ، أي يكون في النزع الأخير ، قبل الإزالة وإعادة
التطوير الشاملة .
ان
عملية التبدل في استعمالات الأرض ناتجة عن مجموعة العوامل المشار اليها في النموذج
جميعها (عدا عامل الإهمال) ، فالزمن و تعجيل الرطوبة للتداعي تدفع بالساكنين الى
البحث عن أماكن ذات بيئة (اجتماعية وصحية) أفضل ، وللموضع والموقع أثر في ارتفاع
نسبة الرطوبة ، و الموقع من المنطقة التجارية المركزية عامل حاسم في تحديد أولويات
التبدل في الاستعمال ، تكملها قرارات البلدية . فالعوامل متداخلة يفضي بعضها الى البعض
الآخر وبشكل نسيج ((الحصيرة)) .
2 – 6 ) عامل القرارات البلدية
لقرارات
المجلس البلدي دور حاسم في تغيير خارطة الأجزاء القديمة من المدينة، وبهذا فإنها
قد تنقل بعضها إلى استعمال آخر و إلى آفاق لم تكن في الحسبان ، وتعجل في تداعي أجزاء
أخرى ، وتبقى أجزاء ثالثة على حالها .
تشمل
هذه القرارات إقامة جسر جديد يربط بين جانبي المدينة ، أو مد طرق سريعة تدور حول
مركز المدينة لتخفف ضغط المرور عليه ، أو بناء مركز حضري Civic centre يضم دوائر الدولة و مؤسـاستها . جميع هذه
القرارات تهتم بالهدف ((تنفيذ قرار الإنشاء)) دون الأخذ بالحسبان الشكل النهائي
للمنطقة بعد التنفيذ . فالطريق يجب ان يكون مستقيما ، و المبنى بموقع مركزي
بالنسبة للنقل ، وغيرها من أولويات تخطيطية رسمت في البروج العاجية وأحيلت إلى
مهندسين ليحددوها في الغرف المغلقة . لهذه الطريقة الجراحية في التعامل مع جسم أصابه
الوهن وأكله المرض آثار سلبية خطيرة جدا .
إن
إنشاء الطرق والجسور عبر المنطقة الحضرية يؤدي إلى تغيير جذري في أسعار الأرض ،
ومن ثم إلى تبدل في طبيعة استعمالاتها . هذه حقيقة لا يختلف عليها اثنان ، ولكن
ليس التغيير في مصلحة الجميع . فقد تسبب عملية تقطيع أوصال المنطقة القديمة من
المدينة تجزئة للمباني وقطع الأرض (العرصات) بما لا يساعد في استثمارها اقتصاديا ،
وقد تجعل واجهة المباني و الأراضي غير مناسبة للكثير من الاستعمالات ، وبهذا ينخفض
سعرها رغم تحسن موقعها في سوق الأراضي .
أما المباني التي تقع خلف الشوارع الرئيسية الجديدة ، فان مالكيها لا يجرون عليها أي ترميم أو إصلاح
طمعا في التغييرات التي قد يصل مداها إليهم . أنها كمريض مصاب بمرض عضال ينتظر أما
إجراء عملية جراحية أو الموت البطيء .
3 - قياس تهرؤ
المباني و تقويم التداعي العمراني
3 – 1 ) أسـاسـيات لا غـنى للدراسة عـنهـا
الخارطة
و المسح الميداني و المقابلة و الاستبانة أدوات مشتركة في معظم البحوث إن لم يكن
جميعها ، ولكن هدف البحث و موضوعه هما اللذان يحددان طبيعة استخدام تقنية جمع معلومات . فعندما يكون البحث معني
بالتهرؤ العمراني و التداعي الحضري ، ولما كانت الأسباب متعددة ، منها المحلي و
الحضري (على مستوى المدينة) و الإقليمي فخرائط الدراسة يجب بالضرورة إن تشمل هذه
المستويات الثلاث : خرائط قطاعية لإسقاط مواقع المباني المتهرئة و التي عانت
الانهدام و تخسف الأرضية والتي تركت خالية نتيجة إجراءات البلدية ، وخارطة التصميم
الأساس (بعد تحديد المنجز منه) لتأشير موقع منطقة الدراسة والنمط الذي شكلته الإسقاطات
على الخرائط القطاعية ، و خارطة تغطي الإقليم لتحديد الطبيعة الجيولوجية و اتجاهات
الخطوط الكنتورية و مواقع المشاريع الاروائية في منطقة الدراسة .
والمسح
الميداني للمباني يجب أن يكون شاملاً ، و لتلك المتهرئة تفصيليا ، وان تجرى
المقابلة و الاستبانة مع من كان سكنهم (أو عملهم) في المنطقة لمدة لا تقل عن خمس
سنوات بشكل خاص فهي العينة المقصودة . بعبارة أخرى لا مجال للعشوائية في هذه
الدراسة ، فالعينة مقصودة لذاتها سواء أكانت مبنى أم شاغل لها أم مالكها .
ومن
أجل تأشير التباين المكاني للتهرؤ و التداعي ، من الضروري تقسيم منطقة الدراسة إلى
وحدات إحصائية (مناطق صغيرة نسبيا) تجمع المعلومات على أساسها ، وان يكون هذا
التقسيم محدد على الخارطة ليتسنى إسقاط النتائج لاحقا . وبالإمكان العودة إلى
التقسيمات التي اعتمدت في التعداد العام السابق ، وقد يستفاد من نتائج التعداد
حيثما توفرت على هذا المستوى . وفي حالة تعذر ذلك ، فان الحجم السكاني لكل وحدة إحصائية
يجب أن لا يقل عن (2000 ) نسمة ولا يزيد عن (5000 ) نسمة ، أو يعتمد عدد المباني
أساسا للتقسيم ، (500 - 1000) ، وان تأخذ المناطق الإحصائية شكلاً قطاعياً يمتد من
مركز المدينة التجاري أو أية نقطة مركزية تعتمد لقياس أثر المسافة . فحجم المنطقة الإحصائية
وشكلها و موقعها معطيات ثلاث تكمل بعضها عند رسم الخارطة الجغرافية .
3 – 2 ) المسـح المـيدانـي للـمباني الـمتهرئة
بعد تحديد الوحدات الإحصائية جغرافيا ، من
الضروري مسح كل منطقة وتسجيل الملاحظات الميدانية في الدفتر وعلى الخارطة :-
(أ)
ارتفاع أرضية البناء قياساً إلى مستوى الشارع ،
(ب) التباين في مستويات الشوارع (المنخفضة
منها على وجه الخصوص) ،
(ج) المظهر العام للواجهات (وجود تصدع في المباني مثلاً) ،
(د) وجود مبان متهدمة غير صالحة للاستغلال
،
(هـ) السؤال عن المباني الخالية (غير
المشغولة) ،
(و) وجود الرطوبة في الجدران الخارجية ،
(ز) التحويرات والإضافات التي جرت على
واجهات المباني ،
(ح) التبدلات التي حصلت في الاستعمال (من
سكني إلى صناعي مثلاً) ،
(ط) نوعية الاستعمال السائد ، وهكذا .
جميع هذه النقاط يكون مسحها من الخارج ،
أما المباني المتضررة فيتم الكشف عليها من الداخل وتثبت المعلومات بالتفصيل عن
حالتها العمرانية و إشغالها ، و ملكيتها ، ويفضل أخذ عينات من جدرانها لتحليل نسبة
الرطوبة مختبرياً .
3 – 3 ) المقابلة و الاستبانة
المقابلات تسبق دائما إجراء الاستبيانات ،
فعن طريقها تتحدد متغيرات الدراسة و طبيعة أسئلة الاستبيان . ومن الضروري أن يتم إجراء
المقابلات مع أكبر عدد من المتواجدين (سكن أو عمل) في منطقة الدراسة ولفترة تزيد
عن الخمس سنوات . ويستفسر عن :-
(أ) تأريخ المنطقة و التبدلات التي حصلت
فيها عمرانيا و سكانيا ،
(ب) حدوث التخسفات الانهدامات في المنطقة و
مواقعها ،
(ج) حدوث التسرب و النضح للمياه الجوفية و
السطحية في المنطقة و مواقعها ،
(د) حدوث تجمع ولفترة غير قصيرة لمياه الأمطار و مواقعها ،
(هـ) هل أرض المنطقة مستصلحة أم لا ؟ وكيف
تم ردمها و تهيئتها للاعمار .
ومن الضروري جدا إجراء مقابلات مع مالكي
المباني المتهرئة واخذ معلومات تفصيلية عن تاريخها وإدامتها والأسباب التي أدت إلى
وصولها إلى المرحلة التي هي بها حاليا .
أما
الاستبيان فيشمل جميع المتغيرات التي لها علاقة بتهرؤ المباني و التي أشار إليها
النموذج . وبالإمكان تقسيمها حسب محاورها الأساسية وكما مبين في أدناه :-
(أ) المحور العمراني : تاريخ البناء ، مادة
بناء الجدران ، مادة بناء السقوف ، طراز البناء ، عدد الغرف ، مساحة البناء ، عدد
الطوابق ، وجود تصدعات في المبنى ومواقعها ، وجود الرطوبة في الجدران ، وجود الرطوبة في الأساس ، طريقة
تصريف المياه الثقيلة ، حاجة المبنى إلى إدامة ، نوع الصيانة المطلوبة .
(ب) المحور السكاني : مجموع عدد الغوائل ،
مجموع عدد الساكنين ، التركيب العمري ،التركيب المهني ، التركيب النوعي ، المستوى
التعليمي .
(ج) محور الإدامة : ملكية العقار ، عدد مرات الإدامة
، تاريخ آخر صيانة ، نوعها ، طبيعة الأشغال الحالية ، وجود غرف غير مشغولة ، تداخل الاستعمالات داخل المبنى (سكن مع عمل).
3 – 4 ) قياس درجة التهرؤ و تحديد نسبة التداعي
القياس
و التقويم من أدوات التخطيط العلمي ، و لكي تكون الدراسة علمية ، دقيقة في وصفها
للحالة و تحليلها ، من الضروري اعتماد طريقة لقياس درجة تهرؤ المبنى وصولاً إلى تقويم إجمالي لنسب التداعي العمراني
في الوحدات الإحصائية و منطقة الدراسة . ويعني القياس وضع ((مسطرة)) بالدرجات تقيس
الفرق بين العينات قيد الدرس على ضوء معيار معين . فكيف تقاس درجة تهرؤ المبنى ؟
وهل معياري الرطوبة والتصدع كافيين ؟ وكيف تقاس درجة الرطوبة ؟ هل في الجدران فقط
؟ في الأسـاس ؟ في الاثنين ؟ وما هي التصدعات التي يعد المبنى بعدها متهرئاً ؟ وفي
حالة الاتفاق على صيغة محددة للقياس ، هل بإمكان الباحث لوحده بمسح منطقة الدراسة
؟ وعند قيام البعض في تقديم يد العون إليه ، إلا يتوقع حدوث اختلاف في تقدير
الدرجات ؟ ما هي درجة ضمان عدم انحياز التقديرات ؟ كيف يجب تجنب الانحياز في
التقديرات ؟ اذا حلت مشكلة قياس تهرؤ المبنى ، لم يبق شك في صحة حساب نسبة التداعي
العمراني ، انها مشكلة المشاكل و عقدتها
بالإمكان
اعتماد صيغة وضع نقطة (أو أكثر) لكل مؤشر من مؤشرات التهرؤ والتداعي Penalty
points system وكما مبين في أدناه :-
(1) نقطة لكل مبنى بعمر (50) سنة فأكثر ،
(2) تضاف نقطة عن كل حالة من الحالات
المبينة في أدناه :-
- تبدل في واجهة المبنى ،
- كل استعمال يضاف إلى الاستعمال
السكني للوحدات السكنية ،
- كل عائلة إضافية تقطن الوحدة
السكنية ،
- وجود جزء متروك من المبنى بدون
استعمال ،
- عدم الترميم والصيانة خلال خمس
السنوات الأخيرة ،
-
وجود شرخ في الجدران ،
(3) إعطاء نقطتان عن كل من الحالات الآتية
:-
- انخفاض أرضية البناء عن مستوى
الشارع ،
- وجود تخسف في أرضية المبنى ،
- وجود الرطوبة في الأساس ،
- وجود شرخ في الأساس (أو يصل إليه)
،
- المباني السكنية المستعملة لأغراض
غير سكنية ,
(4) إعطاء عشر نقاط عن كل من الحالات الآتية
:-
- المبنى المتهدم لدرجة لا يصلح لشيء
،
- المبنى المقسوم (المجزأ) لسبب
ما ولا يصلح لشيء بوضعه الحالي ،
- أرض خالية من البناء وسط مجموعة
من المباني .
لما
كان التهرؤ متباين في درجته (المستوى الذي وصل إليه) بين المباني من جهة ، وبين
المناطق الإحصائية من جهة أخرى ، لذا فان قياس هذه الدرجة أمر ضروري لتحديد مستوى
التداعي العمراني و نسبته (عمودياً و أفقياً) ، والدرجات المقترحة أعلاه تمثل وزن
التهرؤ أو المستوى الذي وصل إليه على مستوى الشارع ، الوحدة الإحصائية ، منطقة
الدراسة . فمعدل التهرؤ هو المعدل الوزني Weighted Mean للمستوى الذي وصلت إليه
حالة المباني في الوحدة الإحصائية ، فهو أدق من الوسط الحسابي Arithematic
Mean لعدد الدور المتهرئة
في المنطقة .
بإيجاد
وحدة قياس واحدة تحسب درجات تهرؤ المباني في الوحدة الإحصائية ، (ومن الضروري الإشارة
إلى إن المباني الخالية و غير المشغولة والأراضي الخالية تحسب ضمن المباني
المتهرئة عند حساب نسبة التهرؤ) ، وبعد تحديد درجاتها تحسب ضمن المجموع لاستخراج
معدل التهرؤ في الوحدة الإحصائية . وتحسب
نسبة المباني التي تعاني من تهرؤ من مجموع مباني الوحدة الإحصائية ، وبعد ذلك تحسب
درجة التداعي العمراني بالصيغة الآتية :
نسبة التداعي = معدل درجة التهرؤ X نسبة المباني المتهرئة
و باستخراج نسبة
التداعي لكل وحدة إحصائية ، و معدل درجة تهرؤ المباني في كل منها ، تحسب درجة
التهرؤ الإجمالية و النسبة العامة للتداعي العمراني في منطقة الدراسة .
وبحساب درجة التهرؤ الإجمالية و النسبة
العامة للتداعي في منطقة الدراسة ، فانها تعتمد كمقام عند تقويم التهرؤ والتداعي
لكل وحدة إحصائية (دليل يقيس التهرؤ و التداعي) . أي يكون التقويم بالصيغة الآتية
:-
|
وبالإمكان تقسيم
الوحدات الإحصائية إلى أربعة فئات على الأقل على ضوء هذا الدليل :-
(أ) وحدات سجلت نسبا أعلى من الواحد في دليلي التهرؤ و التداعي ،
(ب) وحدات سجلت نسبا أعلى من الواحد في
دليل التهرؤ ، وأدنى منه في التداعي
(ج) مناطق نسبها في دليل التهرؤ دون الواحد
و أعلى منه في دليل التداعي ، و
(د) مناطق تقل نسبها عن الواحد في دليلي التهرؤ و التداعي .
وبعد إسقاط النتائج أعلاه على الخارطة ،
وتحديد نمط توزيعها قياسا بالمنطقة التجارية المركزية (أو أية منطقة ذات أهمية) ،
وبالعودة إلى خارطة بواقي تحليل الانحدار الخطي ، يمكن تفسير النتائج و تقديم مقترحات عملية تكون
قواعد لرسم السياسات المكانية. وبقياس سبب التهرؤ ( رطوبة ومياه ، زحف الاستعمالات
غير السكنية ، القرب من التنميات الحضرية ) وحسابها كنسبة مئوية (مجموعها 100% في
الوحدة الإحصائية) ، بالإمكان تصنيف الوحدات الإحصائية إلى فئات على أساس مثلث
النسبة المئوية ، أو حسابها كسببين
رئيسيين : طبيعي يشمل كل مسببات الرطوبة في المباني ، وبشري يحتوي كل مسببات تغيير
الاستعمال ، وهما مع بعض يجمعان (100%) . ومن المهم جدا رسم خارطة تعرض أثر هذين
السببين .
3 – 5 ) التحـليـل الإحصائي
بتوفر
بيانات عن الوضع العمراني في كل وحدة إحصائية ، تشمل : درجة التهرؤ المعماري ،
نسبة التداعي العمراني ، نسبة أثر العامل البشري ، و نسبة أثر العامل الطبيعي
حينها يمكن إجراء التحليل الإحصائي باعتماد طريقة تحليل الانحدار الخطي متعدد
المتغيرات Multiple Linear Regression . تؤشر طريقة الانحدار
الخطي نسبة التباين المفسر في البيانات ((دور العوامل قيد الدرس في تفسير النتائج
و أثر العوامل الأخرى التي لم تعتمدها الدراسة)) ، وباعتماد البواقي Residuals يمكن رسم خارطة درجة تأثير كل من
العاملين قيد الدرس و العوامل الأخرى التي لم تغطـها الدراسة . وعلى ضوء هذه
الخارطة ، وخارطة الأنماط المكانية للتهرؤ و التداعي ، يتم طرح المقترحات الوقائية
والعلاجية ، و ترسم السياسات المكانية المناسبة لكل منطقة Area based policies
والبدائل التخطيطية أيضا .
4 – وبعد القياس و
التقويم ، ماذا يأتي ؟
إن
قياس حجم أية مشكلة وتقويم تباينها المكاني بداية صحيحة للتخطيط لحلها . و بدون
التخطيط ليس هناك مستقبل مضمون ، ولكن ، بدون تقويم موضوعي للواقع ليس هناك تخطيط
علمي . أنهما وجهي عملة واحدة ، ومرحلتين تكملان بعض . فـلكي نضمن وجود سكنا للأجيال
القادمة علينا أن نحافظ على الموروث و الموجود العمراني بصورة مناسبة تليق
بالمستوى الحضاري والإنساني للمواطن . ومعالجة مشاكل التهرؤ والتدني العمراني هي
البداية الصحيحة للتخطيط العلمي الهادف حل مشاكل السكن الراهنة والمتوقعة . وغير
خاف أن ما يبنى اليوم يسبب مشاكل غداً ما لم يتم صيانته وترميه وتطويره كي يتناسب
مع المتطلبات والمستجدات .
إن النظر إلى
المستقبل دون معرفة الواقع ضرب من خيال المراهقة ، الذي قد يقود عند البعض إلى
انفصام الشخصية ، (الغربة في المدينة العربية كما عبر عنها د. حسن الخياط) . وهذه
حالة لا نرضاها لمدننا العريقة ولا لشعبنا الأصيل ، ومخططينا هم من صلب هذا الشعب
ومن نتاج هذه الأرض المعطاء . إن الحاضر هو من نتاج الماضي ، والمستقبل من نبات
اليوم ، وكما زرعوا فأكلنا علينا أن نزرع (نحافظ على الموجود العمراني ونضيف إليه)
كي لا ينقطع حبل الوصل مع جيل الأبناء و الحفدة ، وتبقى مدننا العربية صورة مشرقة
فيها يتلاحم التأريخ مع الجغرافيا و التخطيط ، الماضي والحاضر و المستقبل .
5 - المصادر و
المراجع
1 - بالم ، ريسا 1987
التركيب السكني للمدن الأمريكية
، في : قراءات في الجغرافيا الاجتماعية
التطبيقية
تحرير : د. عبد الله علي الصنيع
، مكتبة الطالب الجامعي ، مكة المكرمة .
2 - ثابت ، كنانة محمد و زملاءه
1989
حالات من هبوط أبنية في
الموصل القديمة . مجلة التربية والعلم ، العدد 6 ، كانون ثاني
3 - الجنابي ، د. صلاح حميد 1997
مشكلة التهرؤ (التدهور)
في المدينة المعاصرة : التشخيص و المسببات
مجلة الجمعية الجغرافية
العراقية ، العدد 35 ، حزيران
4 - حسن ، د. محمد خالص رؤوف 1989
مستقبل الأجزاء القديمة
في مراكز المدن العراقية . وقائع ندوة الجغرافيا و التنمية ، جامعة الموصل
5 - الدليمي ، د. مالك صالح و د.
مضر خليل العمر 1987
دراسة في التجربة
البريطانية لمعالجة مشكلة المساكن القديمة وإمكانات الاستفادة من ايجابياتها وسلبياتها في العراق . مجلة
النفط و التنمية العدد 6 ، بغداد
6 - السرياني ، د. محمد محمود 1987
مورفولوجية مكة الاجتماعية
، في : قراءات في الجغرافيا
الاجتماعية التطبيقية
تحرير : د. عبد الله علي الصنيع
، مكتبة الطالب الجامعي ، مكة المكرمة .
7 - السعدي ، د. سعدي محمد صالح ، د. محمد خالص رؤوف و د. مضر خليل العمر
1990
جغرافية الإسكان
، مطبعة جامعة صلاح الدين ، أربيل
8 - الشيخلي ، د. فاضل عبد القادر
1996
المناخ وأثره في البناء . مجلة
الجمعية الجغرافية العراقية ، العدد 31 ، تشرين الثاني
9 - العمر ، د. مضر خليل 1988
مؤشرات عن الواقع السكني
في مدينة البصرة
موسوعة البصرة الحضارية ،
المحور الجغرافي ، مطبعة جامعة البصرة ، البصرة .
10- العمر ، د. مضر خليل العمر
1992
الترميم و الإضافات
العمرانية في العراق : دراسة في جغرافية الإسكان
المؤتمر الخامس للجمعية
الجغرافية العراقية ، بغداد .
11- العمر ، د. مضر خليل 1995
أثر الحصار على حركة بناء
المساكن في العراق . المؤتمر السادس للجمعية الجغرافية العراقية ، بغداد
12- كركجة ، فواز عائد جاسم 2000
التدهور (التهرؤ) الحضري
الشكلي لمدينة الموصل القديمة . أطروحة
دكتوراه ، جامعة الموصل
13 - Al-Omar , M. K. 1986
Substandard Urban Housing in Wales : post
1960
Ph.D. Thesis , U.C.W. at Aberystwyth , U.K.
14 - Bassett K.
& Short J. 1980
Housing and Residential Structure :
Alternative Approaches
Routledge & Kegan Paul , London .
15 - Bourne , L.
s. 1978
Housing Supply and Housing Market Behavior
in Residential Development . In : Social Areas in Cities : Processes ,
Patterns and Problems
Ed. D. T. Herbert & R. J. Johnston , John Wiley & Sons , Chichester .
16 - Bourne , L.
S. 1981
The Geography of Housing , Edward Arnold , London .
17 - Cullingworth , J. B.
1972
Problems of an Urban Society .
Vol. 2 , The Social Content of
Planning , George Allen & Unwin , London
18 - Form , W.
H. 1977
The Place of Social Structure in the
Determination of Land Use
In : The City : Problems of Planning
Ed. M. Stewart , Penguin Books , Harmonsworth
.
19 - Johnston , R.
J. 1978
Residential Area Characteristics : Research
Methods for Identifying Urban
Sub-areas Social Area Analysis and
Factorial Ecology . In
: Social Areas in Cities : Processes , Patterns and Problems. Ed. D.T. Herbert
& R.J. Johnston , John Wiley & Sons Chichester .
20 - Lansley
, S. 1979
Housing and Public Policy , Croom Helm , London
21 - Nevitt
, A. A. 1978
Issues in Housing , In : Issues in
Urban Society
Ed. R. Davies & P. Hall , Penguin Books
, Harmondsworth .
22 - Robson , B. T. 1975
Urban Social Areas , Oxford Univesity Press , Oxford .
23 - Smith , W. F.
1975
Filtering and Neighbourhood Change
In : Readings in Social Geography
Ed. E. Jones , Oxford University Press ,
Oxford .
Measuring
Housing Stock Decay :
Rules
and Methods
Prof. M. K. Al-Omar
Geography , Tikrit University
The key factor for inner city crises is
the deterioration of housing stock , in
both terms ; physical and social . The physical side of this issue need to be
measured numerically . The paper introduce a method for measuring physical
housing decay quantatitively .
Applying this measuring method enables
planners to designate areas according to the overall degree of deterioration in
each ward . Which , in turne , will help them to draw area based policied .
Academic workers , also , will find the method useful , especially in applying
advanced statistical techniques .
The paper gives a brief summary , as a
conceptual model , of the factors affecting housing stock , that’s accelerating deterioration in inner city
areas . The rules and the method were resulted from a decade and a half of
lecturing and investigation in the field of Geography of Housing .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق