التسميات

الأحد، 17 يوليو 2016

السكان والبيئة والتنمية - التقرير الموجز 2001 م


السكان والبيئة والتنمية

التقرير الموجز

الأمم المتحدة • نيويورك، 2001

ملاحظة

  إن التسميات المستخدمة وعرض المادة الواردة في هذا المنشور لا تعني الإعراب عن أي رأي على الإطلاق من جانب الأمانة العامة للأمم المتحدة فيما يتعلق بالوضع القانوني لأي بلد أو إقليم أو مدينة أو منطقة أو سلطاتها. أو فيما يتعلق بتعيين حدودها.

  وتشير أيضا كلمة “البلد” على النحو المستخدمة فيه في نص هذا المنشور، حسب الاقتضاء، إلى الأقاليم أو المناطق.

   وتستخدم تسميات “البلدان الأكثر تقدما” و “البلدان القليلة النمو” و “أقل البلدان نموا” عن البلدان، أو المناطق لأغراض إحصائية ولا تعبر بالضرورة عن إبداء حكم عن المرحلة التي وصل إليها بلد أو منطقة معينة في عملية التنمية.


ST/ESA/SER.A/202


UNITED NATIONS PUBLICATION

Sales No..........

ISBN...............

Copyright © United Nations 2001

All rights reserved

Printed in United Nations, New York

01-40554
تصدير

   أُعد هذا التقرير استجابة لقرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي 1995/55 المؤرخ 28 تموز/يوليه 1995، الذي أقر فيه المجلس اختصاصات لجنة السكان والتنمية وبرنامج عملها المتعدد السنوات المحدد الأولويات ذي المنحى المواضيعي في دورته الثامنة والعشرين(1). واستنادا إلى برنامج العمل المتعدد السنوات الذي يعد بمثابة إطار لتقييم التقدم المحرز في تنفيذ برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية(2)، سيتم إعداد سلسلة جديدة من التقارير سنويا عن مجموعة خاصة من المواضيع. وقررت اللجنة في مقرريها 1999/1 و 2000/1(3)، أن يكون الموضوع لعام 2000 هو السكان والبيئة والتنمية، الذي هو موضوع هذا التقرير.

  وتحظى الاتجاهات العامة لنمو السكان السريع، والتحسن الاقتصادي ولكن غير المنتظم والتدهور البيئي بقبول جيد. إلا أنه ليس من المعروف جيدا كيف يتفاعل حجم السكان والنمو، والتغيير البيئي والتنمية مع بعضها الآخر. ويستعرض هذا التقرير العلاقات المتبادلة المعروفة، ويحلل آخر المعلومات والمنظورات السياسية المتعلقة بالسكان والبيئة والتنمية. وتتضمن المواضيع التي يبحثها: تطور السكان والبيئة في مؤتمرات الأمم المتحدة الرئيسية؛ الاتجاهات الزمنية في مجال السكان والبيئة والتنمية؛ وآراء الحكومات وسياساتها المتعلقة بالسكان والبيئة والتنمية؛ وحجم السكان والنمو السكاني والبيئة والتنمية؛ والهجرة والتغير السكاني والبيئة الريفية؛ والصحة ومعدلات الوفيات والخصوبة والبيئة؛ والسكان والبيئة والتنمية في المناطق الحضرية. ويلي عرض هذه المواضيع الاستنتاجات التي تم التوصل إليها. ويتناول المرفق الأول مسألة توافر البيانات ونوعيتها؛ ويتناول المرفق الثاني نظريات وأُطر لنمذجة أثر النمو السكاني على البيئة المادية.

  وبناء على طلب المجلس الاقتصادي والاجتماعي، تقوم شعبة السكان في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية التابعة للأمانة العامة للأمم المتحدة. بإعداد تقرير رصد السكان في العالم عن الموضوع الذي تناولته اللجنة في دورتها في تلك السنة. ويرافق التقرير الكامل نسخة موجزة وهي “التقرير الموجز”. ويقدم كل من هذه التقارير إلى اللجنة حيث تجري مناقشتها ثم تنقح توطئة لنشرها. وأن تقرير السكان والبيئة والتنمية: التقرير الموجز هو النسخة المنقحة من التقرير الموجز عن رصد سكان العالم لعام 2001 (E/CN.9/2001/2).

   وقد أعدت هذا التقرير شعبة السكان في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية التابعة للأمانة العامة للأمم المتحدة. وتعرب شعبة السكان عن شكرها للبروفيسور ريتشارد بلزبورو من جامعة شمال كارولينا، للبحث الذي قام به في الفصل الخامس عن الهجرة والتغير السكاني والبيئة والتنمية. وتعرب شعبة السكان عن شكرها أيضا لشعبة الإحصاء في الأمم المتحدة لقيامها بإعداد المرفق عن توافر البيانات ونوعيتها. ونظمت شعبة السكان في كانون الثاني/يناير 2000 حلقة دراسية لمدة يوم واحد عن السكان والبيئة والتنمية. ونود أن نشكر المشاركين في الحلقة الدراسية للاقتراحات المفيدة التي قدموها عن المخطط العام وعن المسائل التي يتعين النظر فيها من أجل التقرير وهم: البروفيسور ريتشارد بلزبورو (جامعة شمال كارولينا)، والدكتورة ماريا كونسيبكتيون - كروز (البنك الدولي)، والبروفيسور جول كوهين (جامعة روكفلر)، والبروفيسور تيم دايسون (كلية الاقتصاد في لندن)، والدكتور جيرهارد هيليغ (المعهد الدولي لتحليل النظم التطبيقية)، والبروفيسور دافيد لام (جامعة ميشيغان)، والدكتورة كاثرين ماري ماركيويت (Chr. Michelsen Institute) والبروفيسور لويس روزيرو - بكسبي (كوستاريكا).

لمزيد من المعلومــات، يرجى الاتصال بمكتب السيد Joseph chamie, Director, Population Division, United Nations, New York, 10017, USA.

الحواشي

(1) الوثائق الرسمية للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، 1995، ملحق رقم 7 (E/1995/27)، المرفقان الأول والثاني.

(2) تقرير المؤتمر الدولي للسكان والتنمية، القاهرة، 5-13 أيلول/سبتمبر 1994 (منشورات الأمم المتحدة، رقم المبيع (E.95.XIII.18، الفصل الأول، القرار الأول، المرفق.

(3) الوثائق الرسمية للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، 1999، ملحق رقم 5 (E/1999/25)، الفصل الأول، الفرع جيم؛ وانظر المصدر نفسه، 2000، الملحق رقم 5 (E/2000/25)، الفصل الأول، الفرع باء.

المحتويات

الصفحة 

iii تصدير 

vii ملاحظات تفسيرية 

مقدمة 

أولا - الاتجاهات الزمنية في مجال السكان والبيئة والتنمية 

21 ثانيا - آراء الحكومات وسياساتها المتعلقة بالسكان والبيئة والتنمية 

27 ثالثا - حجم السكان والنمو السكاني والبيئة والتنمية 

35 رابعا - الهجرة والتغير السكاني والبيئة الريفية 

47 خامسا - الصحة ومعدلات الوفيات والخصوبة، والبيئة 

54 سادسا - السكان والبيئة والتنمية في المناطق الحضرية 

61 سابعا - استنتاجات 

المرفقات

68 الأول - توافر البيانات ونوعيتها 

72 الثاني - نظريات وأطر لنمذجة أثر النمو السكاني على البيئة المادية 

الجداول

 7  1- المعالم الأساسية لسكان العالم  28 

2 - تطور الشواغل البيئية من الأربعينات حتى الوقت الحاضر 37 

3 - سكان الريف ومعدل النمو الريفي حسب المنطقة الرئيسية أو الإقليم 
الرئيسي 1960-2030 

الأشكال

الأول - عدد سكان العالم المقدر والمتوقع حسب معامل الإسقاط للفترة
1950-2050 

11 الثاني - الناتج المحلي الإجمالي العالمي ونمو السكان، 1750-2000 

13 الثالث- نصيب الفـــــرد من الدخــــل في مناطق العالم الرئيسية، 1975-1998 

15 الرابع - استخدام الطاقة الأولية في مناطق العالم الرئيسية 1972-1995 

16 الخامس - انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون من الوقودات الأحفورية ومن إنتاج الأسمنت، 1950-1996 

30 السادس - تقديرات لقدرة الأرض على استيعاب البشر، مبينة حسب تاريخالتقدير 

41 السابع - الصلات بين نمو سكان الريف والهجرة والبيئة الريفية 

ملاحظات تفسيرية

تتألف رموز وثائق الأمم المتحدة من حروف وأرقام.

وقد استخدمت رموز مختلفة في الجداول في هذا التقرير، على النحو التالي:

نقطتان (..) وتشيران إلى عدم توفر البيانات أو أنها غير واردة بشكل منفصل.

شرطتان (--) وتشيران إلى أن المقدار صفر أو جدير بالإهمال.

الواصلة (-) وتشير إلى عدم انطباق المادة.

إشارة ناقص (-) قبل رقم تشير إلى ناقص.

الفاصلة (,) تستخدم للإشارة إلى كسر عشري.

يشير استخدام الواصلة (-) بين السنوات مثل 1995-2000 إلى كامل الفترة المعنية، من 1 تموز/يوليه في بداية السنة إلى 1 تموز/يوليه في نهاية السنة.

كلمة دولار تشير إلى دولارات الولايات المتحدة، ما لم يذكر غير ذلك.

لا تضاف التفاصيل والنسب المئوية في الجداول بالضرورة إلى المجاميع بسبب تدوير الأرقام.

تعني كلمة “بليون” ألف مليون.

وتتألف مجموعة أقل البلدان نموا، على النحو الذي حددته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1998، من 48 بلدا هي: إثيوبيا، إريتريا، أفغانستان، أنغولا، أوغندا، بنغلاديش، بنن، بوتان، بوركينا فاصو، بوروندي، تشاد، توغو، توفالو، جزر سليمان، جزر القمر، جمهورية أفريقيا الوسطى، جمهورية تنـزانيا المتحدة، جمهورية الكونغو الديمقراطية، جمهورية لاو الديمقراطية الشعبية، جيبوتي، الرأس الأخضر، رواندا، زامبيا، ساموا، سان تومي وبرينسيبي، السودان، سيراليون، الصومال، غامبيا، غينيا، غينيا الاستوائية، غينيا - بيساو، فانواتو، كمبوديا، كيريباتي، ليبريا، ليسوتو، مالي، مدغشقر، ملاوي، ملديف، موريتانيا، موزامبيق، ميانمار، نيبال، النيجر، هايتي، اليمن.

                         

مقدمة



كان القرن العشرون قرنا غير مسبوق في نواحي النمو السكاني والتنمية الاقتصادية والتغير البيئي. فعلى مدى مائة عام من 1900 إلى 2000 نما سكان العالم من 1.6 بليون نسمة إلى 6.1 بليون نسمة (الأمم المتحدة، 2001 ب). ومع ذلك، وبينما زاد سكان العالم قرابــة 4 مــرات، زاد الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبـــة تتراوح بيـــن 20 و 40 مرة (دي لونغ، 1998)، مما سمح للعالم ليس فقط باستيعاب 4 أضعاف عدد السكان، وإنما أيضا بعمل ذلك عند مستويات للمعيشة بالغة الارتفاع. غير أن هذا النمو السريع على الصعيدين السكاني والاقتصادي اتخذ أشكالا متباينة في جميع أنحاء العالم، ولم تستفد جميع المناطق من النمو الاقتصادي بشكل متكافئ. ومن ناحية أخرى، تحقق النمو السكاني والتنمية الاقتصادية بشكل تزامن مع زيادة الاستخدام غير المستدام للبيئة المادية لكوكب الأرض.

وقد سبقت المناقشات المتعلقة بالترابط القائم بين السكان والبيئة والتنمية الاقتصادية بمرحلة طويلة كتابات توماس مالتس في آواخر القرن الثامن عشر. فمنذ أماد طويلة، ورجال الدولة والفلاسفة يعربون عن آراء بشأن قضايا من قبيل العدد الأمثل للسكان، ومساوئ النمو السكاني المفرط (الأمم المتحدة، 1993 أ). وكان الموضوع دائم التكرار هو كيفية تحقيق التوازن بين السكان وتلك الموارد الطبيعية التي تشكل وسائل العيش، أو على نحو أكثر تحديدا، الغذاء والماء. غير أن أصحاب النظريات لم ينظروا جميعا إلى النمو السكاني نظرة سلبية. وعلى وجه التحديد، كانت أفكار المركنتاليين في أوروبا خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر ترى جوانب إيجابية في الأعداد الكبيرة والمتنامية للسكان وتميل إلى تفضيل السياسات التي تشجع الزواج وتكوين الأسر الكبيرة. وفي وقتنا الحاضر، يؤكد أعضاء مدرسة جوليان سايمون أيضا على الجوانب الإيجابية للأعداد السكانية الكبيرة والمتنامية (سايمون 1981، 1990، 1996).

وقد بدأت مداولات وإجراءات الأمم المتحدة في مجال السكان والبيئة والتنمية مع إنشاء المنظمة. وكان هذا الموضوع محور مناقشات مهمة أجريت في الجلسة الأولى للجنة السكان (المسماة حاليا لجنة السكان والتنمية) المعقودة في عام 1947 وظل منذ ذلك الحين موضوعا متكررا في جدول أعمال المنظمة، سواء على الصعيد البرلماني أو التقني. وفي السنوات الأولى للأمم المتحدة عندما كان عدد سكان العالم يزيد قليلا عن ثلث عددهم حاليا، كانت القضايا البيئية المتصلة بالسكان والتنمية أميل إلى أن تصاغ في نواحي تتعلق بالموارد الطبيعية اللازمة لمواصلة النمو السكاني والتنمية الاقتصادية. وعلاوة على ذلك، كانت القضايا المتعلقة بتوافر الأرض والإنتاج الزراعي هي الأغلب بشكل عام. وكانت البيانات المتعلقة بالاتجاهات الديمغرافية والاجتماعية - الاقتصادية في البلدان النامية شحيحة للغاية في هذا الوقت. وتركزت الدراسات الأولى على حالة البلدان الصناعية وبيان أثر التنمية الاجتماعية – الاقتصادية على الاتجاهات السكانية (أي على معدلات الخصوبة والوفيات والهجرة).

وشهدت حقبة الستينات زيادة الوعي بمسألة وصول النمو السكاني العالمي إلى مستويات عالية غير مسبوقة، وهي حالة تناولتها كثير من الدراسات والمناقشات باعتبارها مدعاة للقلق الجسيم. فقد وردت في تقرير للأمين العام معنون “مشاكل البيئة البشرية” إفادة مؤداها أن “النمو الانفجاري في أعداد البشر” يأتي في مقدمة الأزمات المنذرة بالسوء على نطاق العالم فيما يتعلق بالعلاقة بين الإنسان والبيئة (الأمم المتحدة، 1969). ومَثَّل هذا التقرير خطوة حاسمة نحو عقد مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة البشرية في استكهولم، في حزيران/يونيه 1972، الذي كان أول مؤتمر حكومي دولي على نطاق العالم بشأن حماية البيئة.

وشكلت مُحصلة هذا المؤتمر – وهي إعلان مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة البشرية (الأمم المتحدة، 1973 ب، الفصل الأول) وبرنامج عمل البيئة البشرية (المرجع نفسه، الفصل الثاني) – أساس أنشطة منظومة الأمم المتحدة المتعلقة بالقضايا البيئية خلال حقبتي السبعينات والثمانينات. وأكد هذا الإعلان (الفقرة 5) أن “النمو الطبيعي للسكان يوجد مشاكل مستمرة في الحفاظ على البيئة، وأنه يتعين اتخاذ سياسات وتدابير وافية، حسب الاقتضاء، لمواجهة هذه المشاكل”. غير أن الإعلان أشار أيضا إلى أنه “من بين جميع الأشياء في العالم، فإن الإنسان هو الأثمن”، ولاحظ “أن الناس هم الذين يحركون التقدم الاجتماعي ويخلقون الثروة الاجتماعية ويطورون العلم والتكنولوجيا، وأنه من خلال عملهم الشاق تشهد البيئة البشرية تحولات مستمرة” ومضى الإعلان تأكيدا لهذه الملحوظات الإيجابية إلى القول بأنه “بالاقتران مع التقدم الاجتماعي والتنمية في مجال الإنتاج والعلم والتكنولوجيا، فإن قدرة الإنسان على تحسين البيئة تزيد يوما عن يوم”. غير أن مؤتمر استكهولم لم يتخذ موقفا بشأن الآثار العالمية الناجمة عن النمو السكاني، وسلم بأن هناك بعض المناطق التي يؤدي النمو السكاني فيها إلى إحباط الجهود الإنمائية، في حين توجد مناطق أخرى تقل فيها الكثافات السكانية بدرجة كبيرة تحول دون تحقيق الكفاءة الاقتصادية.

وعُقد أول مؤتمر عالمي حكومي دولي للسكان في بوخارست في عام 1974. واعتمد مؤتمر الأمم المتحدة العالمي للسكان (الأمم المتحدة 1975، الفصل الأول) خطة العمل العالمية للسكان التي وضعت إطارا للمسائل البيئية من ناحيتها المتعلقة بالنصيب الفردي في استخدام الموارد العالمية. وحثت الخطة البلدان المتقدمة النمو على اعتماد سياسات ملائمة في مجال السكان والاستهلاك والاستثمار، آخذة بعين الاعتبار ضرورة تحقيق تقدم أساسي في كفالة الإنصاف الدولي.

ولم تحتل المسائل البيئية مكانة بارزة تحديدا على جدول الأعمال العام لثاني مؤتمر عالمي معني بالسكان، وهو المؤتمر الدولي المعني بالسكان المعقود في مكسيكو سيتي في عام 1984. غير أن التوصيات التي أصدرها المؤتمر بشأن زيادة تنفيذ خطة العمل العالمية للسكان (الأمم المتحدة، 1984، الفصل الأول، الفرع باء (ثالثا ورابعا)) مضت خطوة أخرى أبعد من نتائج مؤتمر بوخارست بتحديدها القضايا البيئية كبعد في الصلة بين السكان - التنمية على الصعيد العالمي، وحثت جميع البلدان التي شهدت اختلالات في اتجاهات النمو السكاني وفي الاحتياجات من الموارد والاحتياجات البيئية على تنفيذ سياسات لتصحيح هذه الاختلالات. واستخدم المؤتمر لغة أصبحت فيما بعد الركيزة الأساسية لنموذج التنمية في التسعينات، أكد فيها أن وضع أهداف وسياسات سكانية وطنية لا بد أن يأخذ بعين الاعتبار ضرورة تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة بيئيا في الأجل الطويل (المرجع نفسه، الفرع باء، الفقرة 8).

أما مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية المنعقد في ريو دي جانيرو بالبرازيل، في عام 1992، فكان معلما بارزا في مسيرة تطور الوعي الدولي بالصلات القائمة بين السكان والبيئة والتنمية استنادا إلى مفهوم التنمية المستدامة التي أحكمت صياغتها قبل عدة سنوات اللجنة العالمية المعنية بالبيئة والتنمية. وقد عرَّفت اللجنة التنمية المستدامة بأنها “التنمية التي تفي باحتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال المقبلة على الوفاء باحتياجاتها” (اللجنة العالمية المعنية بالبيئة والتنمية، 1987، نظرة عامة بعنوان “من كوكب واحد إلى عالم واحد” الفرع طاء، الفقرة 8). وحدد إعلان ريو للبيئة والتنمية (الأمم المتحدة 1993 أ، القرار 1، المرفق الأول) السياسات السكانية باعتبارها عنصرا متكاملا في التنمية المستدامة. ونص المبدأ 8 في إعلان ريو على أنه “من أجل تحقيق التنمية المستدامة والارتقاء بنوعية الحياة لجميع الشعوب ينبغي أن تعمل الدول على الحد من أنماط الإنتاج والاستهلاك غير المستدامة وإزالتها وتشجيع السياسات الديمغرافية الملائمة”. وغطى الفصل 5 في جدول أعمال القرن 21 (المرجع نفسه، المرفق الثاني) موضوع الديناميات الديمغرافية والاستدامة وذكر “أن نمو السكان والإنتاج في العالم، بالإضافة إلى وجود أنماط استهلاكية غير مستدامة، يضعان عبئا كبيرا على قدرات دعم الحياة في كوكبنا” (الفقرة 5-3).

وفي المؤتمر الدولي للسكان والتنمية المعقود في القاهرة في عام 1994، أعيد تناول هذه الموضوعات. وتمثَّل الموضوع المحوري لمؤتمر القاهرة في السعي إلى إيجاد التوازن بين السكان والنمو الاقتصادي المتواصل والتنمية المستدامة. ولاحظ برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية الذي اعتمده المؤتمر (الأمم المتحدة، 1995، القرار 1، المرفق) أن “هناك وعيا متزايدا بأن قضايا السكان والفقر وأنماط الإنتاج والاستهلاك والبيئة هي قضايا وثيقة الارتباط لدرجة أنه لا يمكن بحث أي منها على انفراد” (الفقرة 1-5). ونُظر إلى العوامل السكانية في بعض الأحيان باعتبارها مثبطات للتنمية المستدامة: “لأن العوامل الديمغرافية، عندما تقترن بالفقر والافتقار إلى فرصة الوصول إلى الموارد في بعض المجالات، والإفراط في الاستهلاك وأنماط الإنتاج التبديدية في مجالات أخرى، تسبب أو تؤدي إلى تفاقم مشاكل التدهور البيئي ونفاد الموارد، ومن ثم تعرقل التنمية المستدامة” (الفقرة 3-25)؛ كما أن “الضغوط التي تقع على البيئة يمكن أن تكون ناجمة عن نمو السكان السريع وتوزيعهم وهجرتهم ولا سيما في النظم الإيكولوجية السريعة التأثر” (الفقرة 3-26). ويشير برنامج العمل أيضا إلى أن “زيادة بطء النمو السكاني في عدد كبير من البلدان أدى إلى إتاحة مزيد من الوقت للتكيف مع الزيادات السكانية في المستقبل، مما أدى إلى زيادة مقدرة تلك البلدان على التصدي للفقر وحماية وإصلاح البيئة وبناء القاعدة اللازمة للتنمية المستدامة مستقبلا. بل أن عقدا واحدا فحسب تستغرقه عملية التحول إلى استقرار مستويات الخصوبة يمكن أن يترك أثرا إيجابيا كبيرا في نوعية الحياة” (الفقرة 3-14). وسلم المؤتمر“بالمساهمة الحاسمة التي يقدمها التثبيت المبكر لسكان العالم في إنجاز التنمية المستدامة” (الفقرة 1-11).

وقد عقد مؤتمر الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (الموئل الثاني) في اسطنبول، بتركيا خلال الفترة من 3 إلى 14 حزيران/يونيه 1996. وحظيت العلاقات المتبادلة بين السكان والبيئة والتنمية بدراسة واسعة وخاصة فيما يتعلق بمسائل التمدين. وأقر إعلان اسطنبول بشأن المستوطنات البشرية (الأمم المتحدة، 1997 ج، الفصل الأول، القرار 1، المرفق الأول)، بأن كلا من أنماط الاستهلاك والإنتاج غير المستدامة، والتغيرات غير المستدامة التي تطرأ على السكان هي من العوامل التي يلزم معالجتها لتحسين نوعية الحياة في المستوطنات البشرية. وأشير بالتحديد إلى التغيرات الطارئة على البنية والتوزيع، ولا سيما المنحى نحو التمركز الشديد للسكان. وأشار جدول أعمال الموئل، (المصدر نفسه، المرفق الثاني)، التمدين السريع، وتمركز سكان الحضر في المدن الكبرى، وزحف المدن إلى مناطق جغرافية أوسع ونمو المدن الضخمة بسرعة إلى أنها من بين أكثر التحولات أهمية في المستوطنات البشرية. وحدد النمو السكاني والهجرة بأنها من بين العوامل التي تؤثر على العملية. وسيجري استعراض وتقييم شاملين لتنفيذ نتائج الموئل الثاني في دورة استثنائية تعقدها الجمعية العامة في الفترة من 6 إلى 8 حزيران/يونيه 2001.

وجرى أول استعراض وتقييم شاملين لتنفيذ جدول أعمال القرن 21 في سياق الدورة الاستثنائية للجمعية العامة المعقودة في حزيران/يونيه 1997. كما جرى اعتماد برنامج مواصلة تنفيذ جدول أعمال القرن 21 (قرار الجمعية العامة د إ – 19/2، المرفق). ولاحظ البرنامج أن معدلات النمو السكاني شهدت انخفاضا على مستوى العالم، وأنه جرى إسقاط اتجاهاتها بحيث تؤدي إلى استقرار عدد سكان العالم في منتصف القرن الحادي والعشرين، وأنه لا بد من التسليم بالصلات الحاسمة بين الاتجاهات الديمغرافية وعوامل التنمية المستدامة. وسيجري ثاني استعراض وتقييم لجدول أعمال القرن 21 (استعراض وتقييم السنوات العشر لتنفيذ نتائج مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية) في عام 2002.

وتناولت دورة الجمعية العامة الاستثنائية الحادية والعشرون لاستعراض وتقييم تنفيذ برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية، الشواغل البيئية (انظر قرار الجمعية العامة د إ – 21/2، المرفق). وأعاد القرار مجددا التشديد على أن “الاستقرار المبكر لعدد سكان العالم يمكن أن يقدم مساهمة حاسمة في تحقيق الهدف الأكبر المتمثل في التنمية المستدامة” (المرجع نفسه، الفقرة 7).


أولا - الاتجاهات الزمنية في مجال السكان والبيئة والتنمية

السكان
شهد القرن العشرون زيادة غير عادية في عدد سكان العالم من 1.6 بليون نسمة إلى 6.1 بليون نسمة، وحدثت 80 في المائة من هذه الزيادة منذ عام 1950 (الشكل الأول). وتسبب في حدوث هذه الزيادة السريعة للسكان الانخفاضات الكبيرة في معدلات الوفيات وخاصة في المناطق الأقل نموا التي ارتفع فيها متوسط العمر المتوقع عند الميلاد بما يزيد على 20عاما خلال النصف الثاني من القرن. ونتيجة لذلك، زاد عدد سكان العالم مرتين ونصف المرة تقريبا منذ عام 1950، وبلغ معدل النمو العالمي ذروته وهي 2.04 في المائة في السنة خلال أواخر الستينات. وفي أواخر الثمانينات كانت الزيادات التي تضاف إلى عدد السكان سنويا وقدرها 86 مليون نسمة هي الأكبر على مدى التاريخ. وقد أضاف العالم البليون الأخير إلى إجمالي سكانه خلال فترة اثنتي عشرة سنة فقط (من 1987 إلى 1999) وهي أقصر فترة في التاريخ لزيادة سكانية قدرها بليون نسمة.

إلا أن نمو سكان العالم انخفض بشكل واضح مع انخفاض معدلات الخصوبة. ففي الفترة بين 1965-1970 و 2000-2005 انخفض معدل الخصوبة في العالم من 4.9 مولود إلى 2.7 مولود لكل امرأة. وتشير التقديرات إلى أن معدل النمو الراهن يبلغ 1.2 في المائة سنويا، وأن صافي عدد الأفراد الذين يضافون سنويا إلى سكان العالم يبلغ 77 مليون نسمة.ورغم الانخفاض الحاصل في معدل الخصوبة ووصولها إلى مستويات معتدلة نسبيا، إلا أن عدد المواليد في ازدياد نتيجة لنمو عدد النساء في سن الإنجاب. وفي الفترة 1965-1970 كان المعدل السنوي المتوســط لعـدد المواليد في أقل المناطق نموا يبلغ 101 مليـــون نسمــــة، أما الآن فيقدر هذا العدد بحوالي 120 مليون نسمة.

ومن المتوقع أن يستمر عدد سكان العالم في النمو (الجدول 1). واستنادا إلى معامل الخصوبة المتوسط، الذي يفترض وجود خصوبة بمعدل إحلال قدره 2.1 طفلا للمرأة، يتوقع أن يصل عدد سكان العالم إلى 9 بلايين نسمة في عام 2043 و9.3 بليون نسمة في عام 2050. غير أن حجم السكان على المدى الطويل حساس للحيودات الصغيرة في مستويات الخصوبة. فعلي سبيل المثال، يسفر معامل الخصوبة المنخفضة حيث تقل الخصوبة بمقدار نصف طفل عن معامل معدل الخصوبة المتوسط، عن انخفاض في عدد السكان إلى 3.9 بليون نسمة في عام 2050. وعلى النقيض من ذلك، يؤدي سيناريو للخصوبة المرتفعة يفترض معدل خصوبة يزيد بمقدار نصف طفل عن معامل معدل الخصوبة المتوسط إلى زيادة عدد السكان إلى10.9 بليون نسمة في عام 2050 (الشكل الأول)
.
الجدول 1
المعالم الأساسية لسكان العالم
السنة
السكان


بلغ عدد سكان العالم
في 1804
بليون نسمة واحد
في 1927 (بعد 123 سنة)
بليونا نسمة
في 1960 (بعد 33 سنة)
3 بلايين نسمة
في 1974 (بعد 14 سنة)
4 بلايين نسمة
في 1987 ( بعد 13 سنة)
5 بلايين نسمة
في 1999 (بعد 12 سنة)
6 بلايين نسمة
ويمكن أن يصل عدد سكان العالم إلى
في 2012 (بعد 13 سنة)
7 بلايين نسمة
في 2026 (بعد 14 سنة)
8 بلايين نسمة
في 2043 (بعد 17 سنة)
9 بلايين نسمة

              المصدر: الأمم المتحدة (2001 أ)

كامل التقرير



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا