التسميات

الاثنين، 26 ديسمبر 2016

تنمية الموارد البشرية في التّنظيمات الصّناعية الجزائرية (النّظرية والواقع) - أ. بلخيري مراد ...



تنمية الموارد البشرية في التّنظيمات الصّناعية الجزائرية

(النّظرية والواقع)

أ: بلخيري مراد

جامعة محمد البشير الإبراهيمي برج بوعريريج (الجزائر)
الملخّص:
تعتبر تنمية الموارد البشرية تحدّيا كبيرا بالنّسبة للتّنظيمات المعاصرة، خاصة ما تعلّق منها بتشكيل رأسمال بشري من أجل رفع تحدّي التّنمية المستدامة.
 وقام الباحث بتوزيع استبيان على 166 مبحوثا من مؤسّستين صناعيتين جزائريتين، بهدف قياس مستوى التّنمية لديهم. لتتوصّل هذه الدّراسة إلى نتيجة أساسية مفادها أنّ تنمية الموارد البشرية في التّنظيمات الصّناعية الجزائرية ما زالت بعيدة عن الممارسات التّي تعتمدها المؤسّسات العالمية، وهو الأمر الذّي يجعل من التّنمية المنشودة على المستوى الصّناعي بعيدة المنال على الأقل في الوقت الحالي. (تنمية الموارد البشرية، التّنظيمات الصّناعية، الرضا الوظيفي، الاستقرار الوظيفي، تحسين الأداء).

Abstract:
Human resources development is a big challenge for contemporary organizations, especially those related to the formation of human capital in order to raise the challenge of sustainable development.
The researcher distributed a questionnaire on 166 respondents from industrialized Dzaireeten two institutions, in order to measure the level of development they have. This study was to reach a basic conclusion that the development of human resources in the Algerian industrial organizations are still far from practices adopted by global institutions, which makes it the desired development at the industrial level far-fetched, at least for the time being. (Human resources development, industrial organizations, job satisfaction, job stability, improve performance).
Abstrait:
Le développement des ressources humaines est un grand défi pour les organisations contemporainesen particulier celles liées à la formation du capital humain dans le but de relever le défi du développement durable.
Le chercheur a distribué un questionnaire sur les 166 répondants du industrialisés Dzaireeten deux institutionsafin de mesurer le niveau de développement qu'ils ont. Cette étude était de parvenir à une conclusion fondamentaleque le développement des ressources humaines dans les organisations industrielles algériennes sont encore loin de pratiques adoptées par les institutions mondiales, ce qui rend le développement souhaité au niveau industriel farfelueau moins pour le moment(Développement des ressources humaines, organisations industriellesla satisfaction au travailstabilité d'emploi, améliorer les performances).

مقدّمة:

  يحاول الباحث في هذه الورقة البحثية الكشف عن واقع تنمية الموارد البشرية (من حيث المستوى) في التّنظيم الصّناعي الجزائري، مع محاولة قراءة استشرافية لما قد يحصل من تطوّرات وما يمكن أن يتمخّض عنها من سلوكات، قيم، معايير، مهارات، أفكار ومعارف... يساهم في ترقية الدّور المحوريّ لكلّ من الموارد البشرية والتّنظيمات الصّناعية الموكل إليهما للنهوض بالاقتصاد الجزائري.
ومادام الرّهان قائما على دور الموارد البشرية في خلق الميزة التّنافسية للتنظيمات المختلفة؛ من خلال ما يمكن أن تقدّمه من خدمات مما يسمح بالتطوّر، الاستمرار والمنافسة في ظل ما يشهده العالم المعاصر من تحوّلات سوسيو-ثقافية واقتصادية هائلة، وجب على التّنظيمات في الدّول النامية الاستثمار في مواردها بالشّكل الذّي يحقّق لها أهدافها وكذا أهداف أعضائها.
ومن هذا المنطلق جاء هذا المقال ليتناول بالدّراسة والتّحليل من منظور سوسيولوجي جملة من المتغيّرات التّي من شأنها توضيح المغزى من تنمية الموارد البشرية في التّنظيمات الصّناعية، وتبيان الدّور الاستراتيجي الذّي يمكن أن تلعبه على الصّعيدين المحلّي والدّولي، من خلال التعرّض لواقع تنمية الموارد البشرية في مؤسّستين صناعيتين جزائريتين إحداهما عمومية والثّانية خاصة. ويحاول هذا العمل الإجابة عن التّساؤلات التّالية:
- ما مستوى تنمية الموارد البشرية في التّنظيمين الصّناعيين؟
- ما طبيعة الرضا الوظيفي عند المبحوثين؟
- ما طبيعة الاستقرار الوظيفي لدى المبحوثين؟
- هل تسعى الموارد البشرية إلى تحسين أدائها في التّنظيم الصّناعي الجزائري؟.
1: أهداف الدّراسة: هناك جملة من الأهداف التّي تعتزم هذه الدّراسة تحقيقها، يمكن تلخيص أهمّها في:
- محاولة توصيف واقع تنمية الموارد البشرية في التّنظيمات الصّناعية الجزائرية.
- محاولة معرفة مستوى الرّضا الوظيفي لدى العمّال الصّناعيين الجزائريين من خلال عيّنة الدراسة.
- محاولة التعرّف على آراء المبحوثين حول الاستقرار الوظيفي.
- محاولة الكشف عن دوافع التّنمية الذّاتية لدى العامل الصّناعي في الجزائر.
2: مفاهيم الدّراسة:
2-1: تنمية الموارد البشرية (Développement des Ressources Humaines):
$1?الموارد البشرية: يمكن النّظر إلى الموارد البشرية من منظورين: كليّ مجتمعي ويعني جميع السّكان البلد مدنيين منهم وعسكريين باعتبارهم مواطنين ترعاهم الدّولة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وثقافيا وتربوياً، أمّا المنظور الثّاني فهو المنظور الجزئي الذّي يعني مجموع العاملين في مؤسسة(تنظيم) ويكون مجال الاهتمام هنا حول مجموع طاقاتهم وقدراتهم واستعداداتهم ومعارفهم ومهاراتهم، وقيمهم واتجاهاتهم وخصائصهم الدّيموغرافية[1]. وسيتم اعتماد المعنى الثاني (الضيّق)، وفي هذا الصّدد سيتم عرض مجموعة من التّعريفات التّي قدّمها الباحثون حول مفهوم الموارد البشرية في المؤسّسة (المنظّمة).
عرّفها (محمد فتحي) بأنّها: "تعبير عن الثّروة الأساسية في أي مؤسسة إنتاجية أو خدمية، وهي عنصر الإنتاج الرئيس، والأهم والذي تطغى أهميته على ما عداه من عناصر الإنتاج، وتضم الموارد البشرية كل الأفراد العاملين في المؤسّسة من مختلف النوعيات والجنسيات، ومهما تنوعت واختلفت مستويات المهارة وأنواع الأعمال التي يقومون بها، فهي تشمل كل هيئة الإدارة والعاملين في مجالات الإنتاج والعاملين في مجالات الخدمات"[2].
ومن خلال هذا التّعريف نلاحظ أنّه يركز على الأهمية الإستراتيجية للموارد البشرية في التّنظيمات باعتبارها العنصر الرّئيسي في الإنتاج، وتضمّ مجمل الفعاليات والجنسيات العاملة ضمن محيط المؤسّسة.
أمّا (إبراهيم حسن بلوط) فعرّفها بتعريف أكثر دقة ووضوحا، مضمونه أنّها: "مجموعات الأفراد المشاركة في رسم سياسات ونشاطات وإنجاز الأعمال التّي تقوم بها المؤسّسات، وتنقسم إلى خمس مجموعات: الموارد الاحترافية، الموارد القيادية، الموارد الإشرافية، الموارد المشاركة والاتحادات العمّالية"[3].
وتجدر الإشارة إلى أنّ التّنظيمات المختلفة، تملك عددًا من الموارد البشرية التّي تعمل بها فعلا، ولكنّها خلال حياتها تعتمد أيضا على الموارد البشرية المتاحة في سوق العمل، وفي المقابل يطلب الأفراد العمل في هذه التّنظيمات، حيث يعرِض مواهبه وقدراته وخبرته مقابل أجر، وهنا تنتج علاقة تبادلية بين المؤسسات والموارد البشرية.
- أمّا فيما يتعلّق بمفهوم تنمية الموارد البشرية فنجد (علي السّلمي) يعرّفها بأنّها: "تعبير يقصد به تلك العمليّة المتكاملة المخطّطة موضوعيا والقائمة على معلومات صحيحة والهادفة إلى إيجاد قوّة عمل متناسبة مع متطلبات العمل في منظّمات محدّدة، والمتفهّمة لظروف وقواعد وأساليب الأداء المطلوب وإمكانياته، والقادرة على تطبيق تلك القواعد والأساليب، والراغبة في أداء الأعمال باستخدام ما لديها من قدرات ومهارات"[4].
وهناك من يعرّفها على أنّها: "مجموعة النّشاطات التيّ تهدف إلى تأهيل وتطوير الأفراد بطريقة عقلانية تساهم في تحسين أدائهم"[5].
ومن هنا فالهدف من تنمية الموارد البشرية هو الحصول على قوّة عمل (منتجة ومستقرّة وفعّالة)؛ أي:[6]
$1?  منتجة: تحقق الإنتاج المطلوب بالقدر وفي الوقت وبالمواصفات الصّحيحة.
$1?  مستقرّة: تقليل معدّل دوران العمل.
$1?  فعالة: الأفراد يحققون المطلوب منهم بأحسن الطرق وأقل تكاليف وأقصر وقت.
وفي علم الاجتماع هناك مفاهيم متّفق عليها يمكن توظيفها بشكل جيّد هنا وهي: الرّضا الوظيفي إذ أنّ الفرد قد يكون فعّالا وهذه الفعالية لا تكون دون رضا عن العمل في حد ذاته أو دون رضا عن الأجر الذي يتقاضاه، وحتى عن الجماعة التي يعمل فيها... أمّا الاستقرار الوظيفي وهو عكس دوران العمل أي البقاء للعمل في التنظيم لأطول مدّة ممكنة، أمّا الإنتاجية وهي مفهوم اقتصاديّ يقابله تحسين الأداء في علم الاجتماع.
وعليه يمكن اعتبار تنمية الموارد البشرية بأنّها:مختلف الأنشطة التّي تقوم بها المؤسّسة الصناعية بشكل مستمر لتعظيم القدرات الكامنة لمواردها البشرية وتطوير استخدامها إلى أقصى حد ممكن بما يخلق لها الميزة التنافسية ضمن بيئتها المحلية والعالمية التّي تتميّز بعدم الاستقرار، ويتجلى ذلك من خلال الرّضا، الاستقرار الوظيفي وتحسين أداء العاملين.
2-2: التّنظيـم الصّناعي (L’Organisation Industrielle): يحتلّ مفهوم التّنظيم أهمية كبرى في المجتمعات الحديثة؛ حيث يسيطر عدد كبير من هذه التّنظيمات على إنتاج السّلع والخدمات المختلفة التّي يحتاجها الإنسان في حياته هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن الإنسان المعاصر مرتبط ارتباطا وثيقا بعدد منها، حيث يقضي معظم حياته متنقِّلا بينها، وتقدّم المجتمع ورفاهيته يتوقف على كفاءة تنظيماته المختلفة في استغلال موارده وثرواتـه.
والتّنظيم في الاستعمال العام يعني وضع نوع من النّظام في مخزون من الموارد المختلفة لكي تجعل منها أداة أو آلة في خدمة إرادة تسعى إلى تحقيق مشروع معيّن[7]، فيشير بذلك إلى مجمل التّنظيمات التّي تتوافر على الخصائص البنائيّة والديناميكية مثل: المصنع، المدرسة، الجامعة وغيرها، ليصبح هذا المصطلح يطلق على كل مؤسّسة، هيئة... سواء كانت ذات طابع صناعي، فلاحي، أو إداري... شرط أن يكون هناك تنسيق بين عناصرها، لتحقيق أهداف مشتركة[8]. ليصبح بذلك مسلّمة تعني التجمّعات الإدارية المختلفة: جمعية، مدرسة، سجن، مستشفى، مصنع، بنك... الخ، وكلّها مؤسّسات، وهو الشّيء الذّي جعل مختلف التنّظيمات الصّناعية تتساوى مع التّنظيمات الاجتماعية الأخرى على كثرتها؛ مع أنّ التنظيم يفترض وجود منظّمين ومحتوى أو موضوع للتّنظيم.[9]
ويعرّف (تالكوت بارسونز) التّنظيمات بأنّها: "وحدات اجتماعية تقام وفقا لنموذج بنائي معيّن لكي تحقّق أهدافا محدّدة"[10].
أمّا (ميتشيل ريد) فقد عرّف التنّظيم على أنّه: "وحدات اجتماعية يتم توجيهها نحو تحقيق أهداف جمعية أو إشباع حاجات نظامية لأعضاء المجتمع أو البيئة"[11].
وحسب هذا التعريف فإن أهداف التّنظيم لا تقتصر على إشباع حاجات أعضائه بل تتعدّاه إلى تحقيق أهداف المجتمع والبيئة، فمن خلال أهدافه الخاصّة يحقّق أهدافا عامة.
في حين نجد (أميتاي إيتزيوني) يعرّفه على أنّه: "وحدة اجتماعية يتم إنشاؤها من أجل تحقيق هدف معين، هذا الهدف قد يتعارض في بعض الأحيان مع أهداف واحتياجات أعضائه"[12].
وحسب التعريفات السّابقة نلاحظ أنّ التّنظيمات وحدات اجتماعية بالدّرجة الأولى يتفاعل ضمنها مجموعة من الأعضاء وفق نموذج معيّن، لتحقيق الأهداف المتّفق عليها أو التّي قاموا بتسطيرها من البداية، وفيه من يقول بأنّ هذه الوحدات متناغمة ومتجانسة، وفيه من يؤكّد على وجود فكرة الصّراع، بين التّنظيمين الرَّسمي وغير الرّسمي الذِّي قد ينشأ عند تعارض المصالح. إلّا أنّ هذا التّنظيم يعمل على إشباع حاجات أعضائه التّنظيمية أو الاجتماعية المختلفة والمتجدّدة.
وعليه يمكن صياغة تعريف إجرائي للتّنظيم الصّناعي مفاده أنّه: تجمّع مستقل ينشأ بصورة قصدية، واعية بغرض الإنتاج الصّناعي باستخدام مزيج من الموارد بصورة عقلانية؛ عن طريق التّنسيق بين الموارد المتاحة (بشرية، تكنولوجية ومالية) واستخدامها الاستخدام الأمثل بما يضمن لها البقاء والاستمرار في ظلّ البيئة السّائدة محلّيا، إقليميّا وعالميّا.
3: الأهمية الإستراتيجية ل تنمية الموارد البشرية : تحتاج التّنظيمات المختلفة إلى موارد بشرية مؤهلة ومحفّزة لتنفيـذ كافة نشاطا اته وعمليا ا،ته ومن الطبيعي أن تزداد الحاجة إلى تنمية الموارد البشرية لتقديم الجديد من السلع والخـدمات لتحقيق رضا الزبائن وتوسيع حصتها السوقية... و مع ظهور وظائف جديدة في هذه التّنظيمـات، واتسـاع اسـتخدام ها للتكنولوجيات ال حديثة، وكذا تزايد التّنافس بينها؛ أخذت في التركيز على الدور الاستراتيجي الذي يمكن أن تلعبه التنمية في جعل الموارد البشرية ذات قدرات ومهارات ومعارف عالية المستوى تمكّنها من الإبداع والابتكار والتطـوير فـي السلع والخدمات التي تنتجها أو تقدمها . ومن هذا يمكن تقديم أهم الأسباب التّي كانت وراء بروز الحاجة إلـى تنميـة 13
- مواكبة التحول الحاصل في انتقال الوظائف من القطاع الصناعي إلى ال قطاع الخدمي، فالإحصـائيات التـي أورد اته مجلة Business Week في عددها الصادر في 20 سبتمبر 1993 ، بينت أن84 % من الأمريكيين العاملين أصبح يعمل في وظائف ذات الطابع الخدماتي
?  توجيه الأفراد الجدد أو تعريفهم بشتى أنواع النشاطات و الوظائف المعطاة لهم ، و إرشادهم أو تعليمهم كيفية و نوعية الأداء المتوقع منهم.
?  تحسين مهارات وزياد ة قدرات الأفراد و رفع مستوى أدائهم بما يطابق معاييرالأداء المحددلهم.
تهيئة الأفراد لتبوأ وظائف مستقبلية أو تحضيرهم عدة وعددا، لمواجهة كافة التغيرات التكنولوجية و المعلوماتية و التسويقية التي تؤثّر على إنتاجهم و أدائهم.
?تهيئة الأفراد لمواجهة التّحدّيات التّي تفرضها المحيطات الخارجية على المؤسّسات في مجالات عدة ،  منها عولمة اليد العاملة و انتشار المساحات التنافسية بين السّلع و الخدمات المنتجة و ذات المواصفات و الأحجام و المزايا و النوعيات المختلفة بمالها من تصاميم و تجهيزات و تركيبات و تشغيلات متنوّعة.
يتّضح مما سبق، بأن وظيفة تنمية الموارد البشرية، أصبحت من أكثر الوظائف الرئيسية الهامة التّي تشغل بـال مديري الموارد البشرية، فالإبداعات التكنولوجية في مجال البرمجيات والفضائيات والإلكترونيات وثـورة الاتصـالات والمعلوماتية، أثرت تأثيرا مباشرا على الموارد البشرية، وفرضت برامج تدريبية وتطويرية تتناسب مع حجم التطـور التكنولوجي
وبدورها المنافسة بين المؤسسات تبدلت من حيث الأسلوب والوسائل، أين لجأت معظم المؤسسات إلـى خلـق إدارة للجودة الشاملة والتّي من بين أهدافها تدريب الموارد البشرية على توفير الجودة الكاملة للسلع والخـدمات التـي يطلبها المستهلكون، بالإضافة إلى تدريبهم على أفضل الطّرق التّي تخدم إشباع وسعادة الزبائن وتتجاوب مع توقّعـا مته وحاجا مته إلى أقصى الحدود الممكنة.
كما أن ظاهرتي التّقليص وإعادة الهيكلة فرضتا إلى حد كبير على المؤسسات تنمية مواردها ومدهم بالمهارات والقدرات التي تمكّنهم من مواجهة أعباء المسؤوليات الجديدة التّي سوف توكل إليهم
كما أن التنوع والتّعداد الثقافيايان للموارد البشرية داخل المؤسسة الواحدة يشكّل المحطّة الأولى التي دفعت بإدارة الموارد البشرية إلى المبادرة لإعداد البرامج والحلقات التّدريبية، وذلك به دف الاستفادة بقدر الإمكان من حسنات هـذا التنوع والتعدد، والتّي أبرزها سهولة الداخول إلى تجماعات التفواق التّنافسي.
بينما تشكّل هرمية أو شيخوخة الموارد البشرية العاملة المحطّة الثانية التي سارعت لإيجاد الحاجة إلى إعـادة التدريب والتّنمية، لأنها تساعد الأفراد الذين بلغوا سنّا متقدمة من التسلّح مجددا بمهارات وقدرات ومعارف قد تمكّـنهم من مواكبة التطور التكنولوجي والتطور المهني .
وتكمن أهمية تنمية الموارد البشرية في النتائج الملموسة التي تحقّقها في حال ارتكزت على إستراتيجيات وقواعد واضحة ومدعومة من قبل القمة الإدارية.
إذ أن الفاعلية والكفاية في الإنتاج والأداء واللّذان يعتبران مطلبين أساسين يقعان في صلب واستراتيجيات إدارة المؤسسة يتحقّقان غالبا عن طريق تنمية الموارد البشرية، كما أن الحوافز المادية والمعنوية التّي ترفع من مستوى أداء وإنتاجية الأفراد تنمو وتزداد مع ارتفاع مستوى دوافع التّنمية . ومع تطوير وتحديث ال برامج المخصصة لذلك، تتضـح 14 أهميتها أكثر فأكثر من خلال تحقيقها للأهداف المرجوة منها، والتّي يمكن تلخيصها فيما يلي:
?       زيادة الإنتاج عن طريق ضمان التّنمية لأداء الأفراد للعمل بكفاءة وفاعلية.
?       الاقتصاد في النّفقات التي يمكن أن تتكبّدها المؤسّسة ، نتيجة التّغيير أو الهدر أو الاستبدال في موارد معينة (آلات ، معدات ، مواد ).
?       تحفيز الأفراد و توفير الدّوافع الذاتية للعمل و ذلك عن طريق مدهم بالمهارات و القدرات التّي تساعدهم على القيام بمسؤولياتهم.
?       أضف إلى ذلك أنّ المهارات الجيّدة و الجديدة تعزّز من أهمية و مكانة العمل لدى الأفراد و تؤهلهم بالتّالي للترّقية و استلام و ظائف أعلى.
?   خلق الاستقرار الوظيفي للعاملين بما يؤمّن متابعة إنتاج المؤسّسة لمشاريعها المختلفة ، و يكفل تلبية حاجات و شروط مختلف المشاريع الإنتاجية.
هذ او أظهرت دراسة استكشافية أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1995 ، نفّذته اجمعية التّدريب والتّنمية الأمريكية في عدد من المؤسّسات الفوائد التّالية المحقّقة من وراء تنمية الموارد البشرية وهي:[15]
?       زيادة الكفاءة الإنتاجية بمقدار  %77
?       تحسين جودة المنتج بنسبة    %72
?       زيادة رضا الزبائن بمقدار  %63
?       تحسين خدمة الزبائن بنسبة  %75
?       انخفاض الفاقد و الهدر بنسبة% 55 .
4: آليات تنمية الموارد البشرية في التّنظيمات الصّناعية الجزائرية: في هذا العنصر حاول الباحث استنباط الآليات التي كانت المؤسّسة الصناعية الجزائرية تنتهجها كسبيل لتنمية مواردها البشرية الذين كانوا يعانون من نقص التأهيل، وقلة الخبرة في المجال الصناعي، مع حداثة الجزائر بعهد الصناعة واعتمادها على الصناعة المصنّعة كسبيل للحاق بركب الدول المتقدّمة، وكوسيلة لتنمية المجتمع الجزائري بالتركيز على العمال الصناعيين وأسرهم، وقد تمت معالجة هذه الآليات بالاستناد إلى مختلف المراحل التاريخية لتطوّر المؤسّسة الصناعية الجزائرية.
4-1: تنمية الموارد البشرية في المرحلة الأولى (1962/1969): وجدت الجزائر نفسها أمام العديد من المشكلات التي ورثتها عن الاستعمار الفرنسي وأهمّها على الإطلاق نقص الإطارات الفنية القادرة على قيادة ما خلفه الخبراء الأجانب من تعطيل للمؤسسات الاقتصادية وخصوصا الصناعية منها[16]، فالجزائر آنذاك لم تكن لها موارد بشرية كافية من الناحية العددية وحتى النوعية، لدرجة أنها لجأت إلى الاستعانة بالمعاونين والخبراء من الدول الشقيقة والصّديقة، لغرض تكوين الإطارات الجزائرية، وأمام عجز هذه المحاولات نظرا لمحدودية تلك الإطارات لجأت الدولة إلى إرسال بعثات للخارج للتكوين، زيادة على إنشاء مراكز تكوين داخل الوطن، والتركيز على التكوين الفني والتقني في مختلف الأطوار، وهو ما يعكس أهمية التكوين في عملية تنمية الموارد البشرية في الجزائر في تلك المرحلة، دون الاهتمام بالجوانب الأخرى التي تساهم في تنمية طويلة المدى للعناصر البشرية المتوفرة.
كما لا ننسى أنّ هذه المرحلة تُنعت بمرحلة التسيير الذاتي للمؤسسات، حيث احتل المواطنون أغلب المؤسسات الاقتصادية والصناعية، والمزارع وغيرها وقاموا بتسييرها وفقا لمعارفهم، وهو نوع من الارتجالية الإدارية، فرغم ما لها من محاسن خاصة في تحفيز العاملين على العمل وتنمية ذواتهم تنمية ذاتية قصد تذليل الصعاب وتجاوز المحن التي قد تعترض طريق مؤسساتهم خلال تحقيق الأهداف، كانت لها أيضا مساوئ. إلا أن التوجه الذي اختاره القادة السياسيون وقتها حال دون استمراره، وتبني طرق جديدة للتسيير يعرف بالتسيير الاشتراكي للمؤسسات والذي بدأت بوادره في المخطط الثلاثي الأوّل، لكن كان مجلس الإدارة يخضع لسلطة المدير، الذي كانت له صلاحيات كبيرة في اتخاذ القرارات، من منطلق أن العمّال ليس لهم العلم والدراية الكافيين لفهم وتسيير تلك المؤسسات.
4-2: آليات التنمية البشرية أثناء المرحلة الثانية(1970/1979): وهذه المرحلة أيضا ركزت الجزائر على التكوين المهني كعامل حاسم في التنمية البشرية، حيث لم يكن الهدف الوحيد منه تحسين المداخيل والعوائد من خلال رفع الإنتاج، بل كان هدفه الأساسي تقدم العامل وتنمية شعوره بقيمة العمل الصناعي والاعتزاز بالانتماء المهني هذا من جهة، ومن جهة أخرى يجعل التكوين الفرد قادرا على القيام بالمهام التي توكل إليه بطريقة تمكن من زيادة إنتاجيته، بهدف بناء مجتمع جديد...[17].
وكان سائدا في سنوات الستينات وخاصة السبعينات من القرن الماضي أن التدريب هو العامل البشري في التنمية التّي تنشدها المؤسّسات والمجتمع ككل، فعمدت الدولة الجزائرية إلى تشييد وبناء مراكز تكوين ملحقة بالمؤسسات الصناعية، ولإنجاح مقاصدها الاشتراكية ركزت الدولة على توفير الخدمات الاجتماعية المختلفة داخل المؤسسات الصناعية حديثة العهد من نقل وإطعام ومتابعة طبية وغيرها، مع رفع الأجور للعاملين في القطاع الصناعي دون غيره ما انعكس سلبا على القطاع الزراعي بالدرجة الأولى وقطاع الخدمات، وذلك لجلب أكبر عدد ممكن من الأفراد لدمجهم في العمل الصناعي.
4-3: تنمية الموارد البشرية في المرحلة (من 1980/1989): في هذه المرحلة كانت الجزائر تعرف ازدهارا واسعا في مواردها البشرية، باعتبار أنها تمكنت من إعداد أعداد لا بأس بها من الإطارات في مختلف التخصصات، بحيث يمكن الاعتماد عليها في تسيير مؤسساتها المختلفة، وأمام العراقيل التي واجهت تلك المؤسسات الصناعية وخصوصا ما خلفته الأزمة الاقتصادية (1986)، والانعكاسات السلبية لها على عمل المؤسسات الوطنية وتخفيض المبالغ المخصّصة لتدريب العاملين وتنميتهم بالتركيز على التكوين والتدريب المهنيين، وكذا العدد الكبير لخريجي الجامعات والمعاهد المتخصصة من قوة عمل لها خاصية التأهيل والكفاءة.
فتراجع الاهتمام بالعنصر البشري فيها وخصوصا تلك الجوانب المتعلقة بالتحفيز، حيث شاع في المؤسسات الوطنية هدر الوقت وتضييعه من طرف العمال والمسئولين، ما نتج عنه تدني الأجور، الأمر الذي جعل العامل أو الموظف مكرها على مزاولة عمل آخر إلى جانب عمله في المؤسّسة الصناعية، ومع نقص المواصلات وازدحام الطرقات... كان التّأخير سمة الجميع، وأمام التزامات العامل الأسرية يتمّ تقسيم الوقت بين العمل الصّناعي والعمل الثّانوي وبين ما تتطلبه حاجات عائلته، يجعله ينصرف قبل انتهاء الدّوام في المؤسّسة.
وهو ما يكلف المؤسّسات الوطنية الإنتاجية خسائر معتبرة، لتصبح هذه الظواهر عادية في المؤسّسة الجزائرية، فالظروف المادية والنّفسية والاجتماعية لا تعمل على دفع الموارد البشرية لتنمية قدراتهم ومهاراتهم، فأصبحت المؤسّسة الجزائرية العامة تفتقر لعوامل التنمية البشرية. حيث تغيب الروح الديمقراطية عنها، وشاع التسلط والهيمنة والاستحواذ باعتبار المؤسسات ملكية شخصية للمسؤولين، فكانت تحصل تجاوزات على القوانين واللّوائح[18]، الأمر الذي يساهم في حدوث ضغوط نفسية للعاملين، ما يساعد على تردي القيم والمعايير السلوكية، ليصبح الأفراد خاضعين لظروف لا تساعد على تنمية قدراتهم وتفجير طاقاتهم...
هذا وقد كان العمال يعاملون باعتبارهم سلعا، وأدى الغلو في هذه المعاملة إلى جعل العامل يعتبر نفسه سلعة ذات قيمة تبادلية، ليصبح موقفه من ذاته لا يتحدد بالكفاءة والتأهيل ومستوى الأداء فقط بل من خلال المراوغة واستخدام الحيلة لإحراز النجاح وتحقيق الأهداف الشخصية...؛ أي أن الظروف والممارسات المختلفة على الموارد البشرية في مؤسساتنا الوطنية ساهمت في تنمية العاملين تنمية غير مرغوبة ولا تعمل على الرقي بالمؤسّسة، وذلك بتفشي ظواهر الرشوة والمحسوبية والجهوية في التّرقية والتكوين ومنح المكافآت والعلاوات...إلخ، وهو ما انعكس سلبا على تنمية الموارد البشرية في المؤسّسة الصناعية الجزائري في هذه المرحلة.
4- 4: تنمية الموارد البشرية من1990 إلى يومنا هذا: رغم المحاولات المتكرّرة للنهوض بالمؤسّسات الصّناعية الجزائرية إلّا أنهّا مازالت عاجزة عن تحقيق أهدافها ولم تكتسب الشّروط اللازمة لنجاحها، فرفع مستوى الأداء الفردي والتنظيمي تحدده إلى حد كبير الموارد البشرية المحفزة على القيام بأعمال ومهام تسمح بالحصول على أداء متميز ومستمر.
ونتيجة الظروف التي مرت بها المؤسسات الإنتاجية في فترة التسعينات، والركود الاقتصادي الذي صاحبها، وما حدث من تسريح للعمال نتيجة إفلاس وإغلاق العديد من المؤسسات، لا يمكن الحديث عن تنمية للموارد البشرية بها ولا عن التحفيز، حيث وصلت السياسات التقشفية إلى عدم دفع أجور العمال نهاية عشرية التسعينات.
وصاحب هذه المرحلة تدني الإنتاجية في مختلف القطاعات، ويمكن إرجاع أسباب ذلك إلى نظرة المورد البشري لذاته نظرة دونية، مبنية على عدم الثقة بالإنسان العامل، وشيوع الأنانية والنزعة التسلطية، واعتقاد الكثير من المديرين بأن العمال لا تحكمهم إلا وسائل الترهيب.
وأمام كل تلك الظروف وغيرها، نجد أنّ الألفية الجديدة جاءت بأشياء جديدة على مختلف الأصعدة، منها دخول مؤسّسات أجنبية للعمل والاستثمار في الجزائر، تشجيع إنشاء المؤسسات الصغيرة والمتوسّطة مع تثمين جهود القطاع الصّناعي الخاص ووفرة الأيدي العاملة المؤهلة... ما جعل المنافسة تشتدّ بين مختلف هذه التّنظيمات للظّفر بحصص أكبر في السّوق من خلال الاستثمار الأمثل في الموارد البشرية، مع القناعة بعدم إمكانية القضاء على مظاهر التّدنية البشرية (عكس التّنمية البشرية) إلّا من خلال توفير جوّ عمل مناسب  يرتكز على مفاهيم العلاقات الإنسانية.
5: حدود الدّراسة:
5-1: الحدود الجغرافية: أجريت هذه الدراسة في مؤسستين صناعيتين جزائريتين إحداهما عامة وهي: وحدة أنابيب (مؤسسة صناعة أنابيب الري الزّراعي ذات أسهم)، أمّا الثّانية فهي مؤسسة خاصة وهي: وحدة المكيّفات والغسالات (مؤسّسة كوندور إلكترونيكس ذات أسهم)، وذلك قصد إعداد دراسة مقارنة، نظرًا لوجود تجانس بين المؤسّستين من حيث عدد العمال طبيعة النشاط والموقع الجغرافي...إلخ.
وسيتم استخدام مفهوم المؤسّسة العامة للتّعبير عن مؤسسة صناعة أنابيب الري الزّراعي ذات أسهم (وحدة أنابيب)، واستخدام عبارة المؤسّسة الخاصة بدلا من مؤسسة كوندور إلكترونيكس ذات أسهم (وحدة المكيفات والغسالات)
5-2: الحدود الزمنية:  امتدت المدة الزمنية التي استغرقها البحث الميداني حوالي 7أشهر من (أفريل 2013 إلى ماي 2014) حاول فيها الباحث جمع أكبر قدر من البيانات المتعلّقة بالمؤسستين (نشأتهما، تقسيمهما، عدد العاملين فيهما وتوزيعهم حسب الفئات والأعمار والجنس...)، وتوزيع الاستبيان على المبحوثين.
5-3: الحدود البشرية: تتشكل المؤسّسة الخاصة من 512 عاملا، أمّا المؤسّسة العامّة فيشتغل فيها 226 عاملا.
6: عيّنة الدّراسة:اختار الباحث في هذه الدّراسة عينة عشوائية بسيطة تتشكّل من 79مبحوثا من المؤسّسة العامة و87 مبحوثا من المؤسّسة الخاصة، لتكون العينة النهائية مؤلفة من 166 مفردة من كل المستويات التّنظيمية وهم المتعاونون فعلا.
7: أدوات جمع البيانات:  تمّ الاعتماد على الاستبيان كأداة أساسية لجمع البيانات من الميدان وكان مقسّماً إلى أربعة محاور أساسية، خُصّص المحور الأوّل للبيانات الشخصية، أمّا الثاني فشمل العبارات الخاصة بالرضا الوظيفي، في حين كان المحور الثالث مخصصا للعبارات المتعلقة بالاستقرار الوظيفي، والمحور الأخير للعبارات التي تقيس تحسين الأداء.
8: واقع تنمية الموارد البشرية في التّنظيم الصّناعي (العام- الخاص): حاول الباحث قياس المتغيرات المتعلقة بـ: الرضا الوظيفي للمبحوثين، الاستقرار الوظيفي وتحسين الأداء عند المبحوثين؛ عن طريق تجميع البيانات الإحصائية الضرورية.
8-1: الرّضا الوظيفي:
8-1-1: الرّضا عن الأجر وملحقاته: من خلال ملاحظة المتوسّط الحسابي العام لرضا المبحوثين عن الأجر وملحقاته، نجد أنّه أخذ قيمة (1,915= 1) في العينّة الأولى بانحراف معياري قدره (0,709=S1) وقيمة (1,69= 2) في العينة الثانية بانحراف معياري قدره (0,687=S2) وهذه القيم تقع ضمن المجال المتوسّط أو الشدة المتوسطة [1.66، 2,32[.
وهذا ما يسمح بالقول أنّ رضا العمّال في المؤسّستين عن الأجر وملحقاته متوسّط؛ ويرجع ذلك إلى طبيعة الأعمال التّي ينجزها المبحوثون من جهة، ومستوى الأجور في سوق العمل الجزائري من جهة ثانية؛ حيث أنّ هذا الأخير يتميّز بوجود أجور منخفضة على العموم خاصّة إذا علمنا أنّ أغلبية الوظائف فيه هي وظائف في القطاع العمومي ونخص بالذّكر الوظيفة العامة (إدارات مختلفة، قطاع التربية والتعليم، التعليم العالي، الصحة، الثقافة.....). وهذه القطاعات أجور العاملين والموظفين فيها عادة ما تكون أقل من تلك التّي يتقاضاها العاملون في القطاعات الاقتصادية عموما والقطاع الإنتاجي العام خصوصا؛ حيث أنّ الأجور وملحقاتها تكون مرتفعة في قطاعات النشاط الصّناعي نظرا للأهمية البالغة التّي توليها الدّولة لهذا القطاع من خلال الدّور الذي يلعبه في بناء اقتصاد حقيقي منتج أساسه الصّناعة وبالتّالي التحرّر من هيمنة الاقتصاد الرَّيْعي القائم على النفط والغاز...
ونظرا للأهمية التي أولتها الجزائر في السّنوات الأخيرة للقطاع الخاص والدّور الذّي يمكن أن يلعبه في النهوض بالاقتصاد الوطني؛ من خلال ما يمكن أن يوفّره من مناصب عمل جديدة ودائمة وما ينتج عن ذلك من ارتفاع للمستوى المعيشي للأفراد وأسرهم وتفعيل ثقافة العمل.... ومع سياسة تدعيم الأجور في هذا القطاع الهام، نجد أن الأجور تكون أفضل في بعض الحالات عن تلك السائدة في السوق، وكل هذا يؤثر على رضا الموارد البشرية عن الأجور التي يحصلون عليها....
ولكن إذا ما عالجنا هذه المتغيرات والمثيرات المختلفة ضمن البيئة الاجتماعية السائدة والبطالة المتفشية في أوساط الشباب (حملة الشهادات العليا، خريجي معاهد التكوين المهني والتمهين...)، وفي ضوء غياب البدائل أمام العامل الذي كان في وقت سابق (سبعينات القرن العشرين وحتى الثمانينات) يختار العمل الذي يناسبه فكان دوران العمل مرتفعاً... فلا مجال أمامه اليوم للتذمر وعدم الرضا، فهو عادة ما يقوم بمقارنة حالته ووضعيته الاجتماعية والاقتصادية مع أقرانه في البيئة أو المحيط الذي يعيش فيه (زملاء الدراسة، الجيران، الأقارب....) فإذا لاحظ أن وضعيته أفضل من وضعيتهم يكون الرضا والعكس صحيح.
كما لا يمكن إغفال عنصر آخر مهم وهو أن أغلب المبحوثين من الشّباب (أقل من40 سنة)، وهم عزابٌ أو ذوو أسر نووية... وهذا الأمر يجعل الأجر الذي يتلقونه يلبي حاجاتهم المختلفة وخصوصا الأساسية منها، وبالتالي فإنّ هذا الوضع ينعكس على رضاهم عن الأجر الذي يتقاضونه من عملهم في المؤسّسة العامة أو الخاصة.
8-1-2: الرّضا عن العمل في حدّ ذاته: يعتبر العمل من العوامل الدافعة التي يرى فيها (فريدريك هيرزبرغ)[19] أنها تلعب دورا هاما في حفز العاملين؛ ويرى أن دافعية العامل تكون مرتفعة إذا ما تمّ وضعه في عمل يرغب هو في أدائه ويتيح له فرصا للانجاز والتحصيل والنمو... والحصول على تقدير الآخرين لما ينجزه تكون والعكس صحيح، فإذا انعدمت هذه العوامل يتولد لدى الفرد شعور بعدم الرضا عن عمله تترجمه مظاهر الاستياء والتذمر والشكوى... مما يؤدي إلى أداء أقل من المطلوب، وهنا يمكن اعتبار العلاقة بين العوامل الدافعة والشعور بالرضا التام في العمل علاقة غير منتهية بسبب عدم قابلية حاجات الإنسان للإشباع كلّها.
ومن خلال البيانات الكمية التي تمّ جمعها لاحظ الباحث أنّ المتوسّط الحسابي العام لاستجابات المبحوثين حول البند المتعلّق بالرّضا عن العمل في حد ذاته قد بلغ (2,397= 1) في العيّنة الأولى بانحراف معياري قدّر بـ(0,698=S1) وأخذ قيمة (2,487= 2) في العينة الثانية بانحراف معياري قدره: (0,638=S2) وقيم المتوسطين تقعان ضمن مجال الشدة القوية [2,32، 3].
ومنه يمكن القول أن سبب ذلك يعود إلى طبيعة نشاط المؤسّستين سواء الخاصة أو العامّة؛ حيث أنّهما مؤسّستان صناعيّتان تقومان على الإنتاج وفق طرق معينة لعلّ أهمها: تقسيم العمل، العمل بالسلسلة... وهذا أمر يتطلب نوعا من التخصص والمهارة في الأداء... ما يجعل غياب العامل أو مغادرة مكان عمله ينعكس سلبا على الأداء التنظيمي، من خلال حصول خلل أو اختلال في أداء جماعة العمل التي تعمل على السلسلة...هذا وتنشط كل من المؤسّسة الصناعية الخاصة والعامة الجزائرية ضمن بيئة تشريعية واحدة تعطي للعامل الحقّ في العطل السنوية، المنح، العلاوات، الخدمات الاجتماعية... وكلها حقوق مكتسبة تساهم في خلق الرضا الوظيفي للموارد البشرية عن الأعمال التي يقومون بها أو تلك التي أوكلت لهم مهمة متابعتها...
ولما كان العمل مقسّما إلى أبسط أجزائه فذلك قد قلل من التّحدي والضّغط الذّي تفرضه أنواع أخرى من الأعمال، هذه البساطة أعطت نوعا من الراحة للعمال ساهمت في رضاهم عن الأعمال الموكلة إليهم في المستويات الدنيا، وهذا توجّه كلاسيكي (افتراضات النظريةx) وفي المقابل نجد ذلك أمرا طبيعيا إذا علمنا أن العامل يقارن ما يحصل عليه من مقابل مادي عن الجهود التي يبذلها في العمل مع بقية العمّال الآخرين (أو جهده مع الأجر الذي يحصل عليه) وهو ما يتوافق مع نظرية العدالة لـ (أدامز)، التّي تقوم على أساس أنّ الفرد في المؤسّسة يبحث عن التعويض العادل للجهود التي يبذلها خلال عمله، ويميل إلى مقارنة أدائه بأداء غيره من الزملاء، والحافز الذي يستلمه بدوره يقارنه مع الحافز الممنوح لزملائه، فإذا وجد أن هناك عدالة في الحوافز فإنّ مستوى رضاه عن العمل، سيرتفع وتزداد دافعيته، والعكس يحصل عادة عندما تكون عدم العدالة أو اللّامساواة في التّحفيز؛ ممّا يؤدي بالفرد إلى سلك سلوك معين يعبّر عن عدم رضاه مثل: تقليل الجهد المبذول في العمل، التغيّب، التّأخر، الاستقالة وغير ذلك، والبحث عن العدالة والرضا في مؤسسة أخرى.
فالأفراد الذين يشعرون أن النتائج كانت أقل من الجهود المبذولة، عند مقارنتها مع الآخرين يعمدون إلى تحسين النتائج أو تقليل الجهد الذي يبذلونه بخفض إنتاجيتهم، أمّا الأفراد الذين يشعرون أنّ العوائد أكبر من الجهد فهم إمّا سيعمدون لبذل جهود إضافية أو إلى تقليل عوائدهم.
أما على مستوى المشرفين فالعمل يمنحهم سلطة وظيفية معينة مع مسؤولية على المواد والأفراد بناء على خبرتهم أو كفاءتهم... ما يخلق لديهم نوعا من الرضا عن أعمالهم.
8-1-3: الرّضا عن الرّئيس (المشرف): يمثّل الرّئيس في العمل حجرة زاوية في العملية الإنتاجية نتيجة ما يمكن أن يضفيه على جوّ العمل من خلال تحفيزه لمرؤوسيه، مراعاتهم، مساعدتهم، تفهّم مشكلاتهم، تزويدهم بالوسائل، الثّقة التي يمنحها لهم وغير ذلك. ومن هذا المنطلق يصبح الرضا عن الرئيس من الأمور الهامّة لتفعيل العمل الجماعي وحتى الفردي ليكون المتوسط العام لاستجابات المبحوثين من العيّنتين يأخذ قيمتي: (2,112= 1)، (1,954= 2) على التّوالي وذلك بانحراف معياري قدره (0,788=S1) في العينة الأولى و(0,743=S2) في العينة الثانية، تنتمي قيم المتوسط الحسابي إلى مجال الشدة المتوسطة [1,66، 2,32[.
إذن ومن خلال ملاحظة قيم المتوسطات الحسابية الخاصة برضا المبحوثين عن الرّئيس المباشر في العمل نجده يتّجه نحو المتوسّط، ويرجع ذلك إلى السّجال الأزلي بين الطبقات التّنظيمية (العمّال والإطارات) من مختلف المستويات التنظيمية) حسب كارل ماركس، فالعمّال التّنفيذيون لا يرضون عن رئيسهم أبدا نتيجة اعتباره مواليا للإدارة وهو يدين لها بالولاء ويعمل لصالحها، ويظهر ذلك حسبهم عندما تكون مواقف متناقضة بينهم وبين الإدارة العليا وهنا عادة ما يتم اكتشاف ميل الرئيس المباشر؛ حيث يعمل في تضامن مع الإدارة العليا ضد العمال وذلك إما بشكل مباشر أو غير مباشر...
وهذا الأمر لا يدعّم رضا العمّال عن الرؤساء، وفي المقابل نجد وعيا في أوساط الرؤساء المباشرين بضرورة اعتماد الطرق الإنسانية عند التعامل مع العمال الذين يشتغلون تحت إمرتهم، باعتبارهم أفرادا لهم مشاعر وأحاسيس واتجاهات يجب مراعاتها وأخذها بعين الاعتبار نتيجة تأثيرها في خلق مناخ تنظيمي ملائم يخدم مختلف المصالح، وكما رأينا سابقا تجمع العاملين في الورشات المختلفة علاقات إنسانية جيدة... يبقى إلا على الرؤساء تفهم الوضع واستخدام تلك العلاقات لتطوير العمل من جهة ولتفادي الصراع وتفشي المشكلات من جهة أخرى... غير أنّ الشيء الملاحظ في المؤسّسة العامة هو ما صرح به أحد الإطارات حول فكرة استخدام التنظيم غير الرّسمي في إبقاء الجوّ مناسبا في أغلب الحالات من خلال تقسيم الإدارة للمناصب المختلفة وذلك باعتماد نظام الـ(كوطا) عند التّوظيف وبعدها وفي حال ظهور مشكلات على أي مستوى تنظيمي يتم مباشرة الاتصال بالشخص الذي يحسب عليه مصدر المشكلة ويتم حلها بشكل ودي في أغلب الأحيان (وهذا النظام يركز على خلق جماعات الضغط والموالاة..).
وفي المؤسّسة الخاصة يسود اتجاه أن الجميع يعملون عند خاص وبالتالي الكل مهدد في منصب عمله؛ أي يمكن أن يفقده في أي وقت نتيجة أي سبب وهو الأمر الذي جعل الجميع يسعى للتعاون وربط أواسر المحبة للحفاظ على البيئة العامة السائدة وتحسين العلاقات الإنسانية خاصة من جهة الرؤساء وذلك خدمة للمصالح المختلفة.
8-1-4: الرّضا عن الزملاء: يركّز التّنظيم الحديث على أهمية جماعات العمل من خلال الدّور الذّي تلعبه هذه الجماعات في إنجاح المؤسّسة وتوحيد الأهداف؛ حيث يؤكّد المختصّون بداية من (إلتون مايو) على أهمية الجماعات الاجتماعية في العمل (تنظيم غير رسمي في مقابل التّنظيم الرسمي) وما تحققه للأفراد من أمنٍ وانتماءٍ وجاءت العديد من النظريات التي دعمت هذا الرأي منها نظرية الحاجات (لماسلو)، نظرية الإنجاز (ماكليلاند)، نظرية العاملين... ومن النظريات الحديثة نذكر النظرية Z (وليام أوشييه)، نظرية التحليل الاستراتيجي (ميشال كروزييه)...إلخ.
ومن خلال البيانات الجدولية نلاحظ أنّ المتوسط الحسابي العام لاستجابات المبحوثين حول العبارات المكونة للبند (الرضا عم الزملاء) قد أخذ قيمة (2,38= 1) في العينة الأولى، وقيمة (2,39= 2) في العينة الثانية، بانحراف معياري قدره (0,686=S1) و(0,658=S2) على التوالي. وهي قيم تقع في مجال الشدة القويّة [2,32، 3].
إنّ هذه القيم تؤكد على أن المبحوثين راضون عن الزملاء ويرجع ذلك إلى سنوات الخبرة التي قضوها معا في العمل داخل المؤسّسة؛ حيث تكوّنت أو نشأت بينهم علاقات وروابط متينة... كما أنّ منهم من ينحدر من المنطقة الجغرافية ذاتها وبالتالي يميلون إلى تكوين جماعات جهوية من أجل تدعيم وجودهم، تحصين وتقوية جماعاتهم لدفاع عن المصالح المشتركة... ومن الأسباب أيضا محاولة خلق جو عمل اجتماعي مناسب يخدمهم في غياب البدائل...
وكما سبقت الإشارة يمكن أن يعود هذا الرضا إلى الطريقة التّي تتبعها المؤسستان في توظيف العمال فيها؛ حيث أنّ المؤسّسة العامة تعتمد على نظام الكوطا في التوظيف من خلال توظيف كل إطار لمجموعته لتتكوّن مع الزمن جماعات اجتماعية أساسها ذلك الإطار ... أمّا في المؤسّسة الخاصة فعادة ما يتم اللجوء إلى المعارف (سواء بالنسبة للإطارات أو المشرفين وحتى في بعض الأحيان إلى المنفذين)، وهو الأمر الذي يساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في خلق تلك الجماعات الاجتماعية في الورشات أو المصالح المختلفة، بما ينتج عنه في آخر المطاف مع التفاعل الدّائم بين أعضائها والمواقف المختلفة التي قد تحدث بينهم... نوع من الرضا عن تلك الجماعات خاصة وأن مجمل النظريات تؤكد ميل الأفراد إلى تكوين مثل هذه الجماعات التي تكون تتميز بالقوّة لحماية مصالحهم التي قد تتهدد من الإدارة أو من أطراف أخرى... ويسود فيها التعاون بين أفرادها وهم يميلون إلى الدفاع الآلي عن بعضهم البعض (التضامن الآلي حسب إميل دور كايم).
8-2: الاستقرار الوظيفي للعاملين:
8-2-1: الارتياح في العمل: من البيانات الواردة في الجدولالملحق نلاحظ أنّ المتوسط الحسابي العام لاستجابات المبحوثين في العينّة الأولى يقدّر بـ(= 12,118)، أمّا في العيّنة الثانية فبلغ قيمة(= 22,10)، بانحراف معياري قدره(=S10,703) و(=S20,723) على التّوالي والقيمتان تنتميان لمجال الشدة المتوسطة [1,66، 2,32[.
وهذا دليل على أنّ المبحوثين يشعرون بارتياح في العمل ولكن ليس بصفة مطلقة أو كبيرة، ويعود ذلك إلى وجود تنظيمات أخرى مشابهة تمنح عمالها أجورا أفضل، ولا ننسى السبب الذّي يؤثر بشكل كبير ومباشر على استقرار العاملين وهو طبيعة عقود العمل التي تجمع العمال بهذه المؤسسات (عقود عمل محددة المدّة، عقود ما قبل التشغيل ومختلف العقود التي تقترحها الدولة (مصالح التشغيل والعمل...)؛ فالعامل الذي لا يعمل بشكل دائم يعتقد دائما بأنه ليس عضوا كاملا في المؤسّسة التي يشتغل فيها. وفي المقابل يعتقد هذا الشاب بأنه من الممكن أن يعمل في مؤسسة أخرى سواء في القطاع العام أو الخاص بأجر أعلى وينال جميع حقوقه...، وهو في القابل يقارن بين ما يملكه من قدرات أو شهادات مقابل ما يقوم به خلال العمل ما يجعله غير مرتاح في المنصب الذي يشغله، كما أنّهم يعتقدون أنه قد يتم الاستغناء عنهم من طرف صاحب المؤسّسة الخاصة أو إدارة المؤسّسة العامة بمجرّد انقضاء العقد الذي يربطهم بها، وقد لا يتم أصلا تجديده (عقود ما قبل التشغيل)....
ومن خلال هذه المتغيرات التي تحكم واقع هؤلاء الأفراد، فهم أيضا يطمحون في الظفر بالمنصب الذي يشغلونه نتيجة الخبرة التي اكتسبوها والمدة التي قضوها فيه؛ حيث تدرّبوا على طرق العمل والأداء، كوّنوا صداقات، اطلعوا على معلومات تخص المؤسّسة وغير ذلك. وهو ما يؤثر على ارتياحهم في العمل بشكل إيجابي في ضوء ما يعرفه سوق العمل الجزائري من بطالة وانسداد أفق الشباب في الحصول على وظيفة في القطاع العام أو الخاص.
8-2-2: التغيب عن العمل: يتّضح من قيم المتوسّط الحسابي العام لاستجابات المبحوثين من العيّنتين أنهّما تقريبا متساويان؛ حيث بلغ المتوسّط في العيّنة الأولى قيمة(= 12,49) وفي العينة الثانية(= 22,496)، بانحراف معياري قدره(=S10,712) و(=S20,543) في العينتين على التّوالي، وقيم المتوسّطات تقع ضمن المجال نفسه وهو مجال القوّة [2,32، 3].
وعليه فالمبحوثون -من خلال ما أدلوا به- لا يحبذون التغيب عن العمل لأنّ ذلك عادة ما ينعكس عليهم بالسّلب، إذ أن تغيبهم يؤدي إلى خصم في الأجر خصوصا في المؤسّسة الخاصة، كما أنّ بعض المبحوثين أدلوا بعبارة (الشّيء قليل ويزيدوا ينحّيوْلك) أي أنّ الأجر الذي يتقاضونه قليل في رأيهم فلا داعي للخصم منه فذلك يؤثر على الحياة العامة للعامل (عدم القدرة على تلبية احتياجات الأسرة وقلة المدخول...)، فإذا كان التنظيم الصّناعي الجزائري ينظر للعامل على أنّه تابع للآلة أو أنّ ما يتقاضاه إنما هو إنفاق لا طائل منه بدلاً من اعتباره استثمارا مدرّاً للربح ومنه تستطيع المؤسّسة الحصول على العائد من وراء ذلك، فهذا أمر طبيعي أنْ تركّز على الخصم من الدخل لردع العمال عن التغيب...
إنّ النّظرة الكلاسيكية (التّقليدية) تجاه العامل تجعل منه ذلك الإنسان الكسول الذي لا يحب العمل ولا يرغب فيه، كما أنه لا يحب تولي المسؤولية...؛ أي تنطبق عليه افتراضات النظرية X وهو ما يصل إلى الهدف المتمثل في خلق الانضباط لدى العمّال وبالتّالي القضاء على هذه الظاهرة السلبية في وقت قصير وفي جوّ يسوده حالات عدم الرضا بين أوساط العمال. ولكن التوجه الجديد هو ذلك التوجه الذي يركز على البعد الاستراتيجي الذي يمكن المؤسّسة من تحقيق مختلف أهدافها ولكن في جو أخوي، اجتماعي يعمّه الرضا الوظيفي...
8-2-3: التّفكير في مغادرة المؤسّسة: فيما يتعلّق بتفكير المبحوثين في مغادرة المؤسّسة جاءت النّتائج الإحصائية على النحو التّالي: بلغ المتوسط الحسابي العام لاستجابات المبحوثين في العينة المأخوذة من المؤسّسة الخاصة (2,265= 1) بانحراف معياري قدره (0,777=S1) وتنتمي هذه القيمة إلى المجال المتوسط [1,66، 2,32[. أمّا في العينة التّي أختيرت من المؤسّسة العامة فقد أخذ المتوسط الحسابي العام قيمة (= 22,36) بانحراف معياري قدره (0,689=S2) وتنتمي هذه القيمة إلى المجال القويّ [2,32، 3].
في الحقيقة قد يعود سبب رغبة المبحوثين من المؤسّسة الخاصة في مغادرة المؤسّسة هو طبيعة عقود العمل بالدرجة الأولى وأيضا نظرة العامل الجزائري إلى المؤسّسة الخاصة؛ حيث أنّه غالبا ما يعمل فيها مضطراً، لسبب رئيسي هو أنّ المؤسّسة العمومية توفر الامتيازات المختلفة أكثر من الخاصة والقصد هنا هو العمل بعقود غير محددة المدّة أو مدى الحياة... وللعامل الحرّية في التصرّف، مع مجال أوسع من الراحة نتيجة التسيّب أحيانا ومراعاتها للجوانب الإنسانية أكثر من الاقتصادية... وما لذلك من مظاهر ميّزت المؤسّسة العامة الجزائرية، كما أنّ العاملين من هذه المؤسسات لم يقضوا فيها فترات طويلة الأمر الذي لم يؤهّلهم للتعلّق بها أو بزملائهم في العمل.
وفيما يتعلق بالعينة الثانية فنجد أن المبحوثين يرغبون في الاستمرار في العمل فيها للأسباب التي ذكرناها سابقا، وأيضا نتيجة عدم توفر العمل في البيئة (برج بوعريريج) والحصول على عمل دائم ذو أجر مرتفع نسبيا مقارنة بالمعدل العام للأجور في سوق العمل الجزائري يعدّ حلماً على حد تعبير بعض المبحوثين الشباب.... خاصة إذا علمنا أنّ معظمهم من أصحاب عقود ما قبل التشغيل، والمتربصين، أو من ذوي الخبرة الكبيرة وهم في طريقهم إلى التقاعد وبالتالي من الصعب عليهم تغيير المؤسّسة في هذا الوقت بعدما قضوا فيها أغلب سنوات حياتهم. 
8-3: تحسين الأداء:
8-3-1: تحسين طرق العمل: يوضّح الجدول المرفق النتائج المتعلقة بطرق تحسين الأداء أنّ المتوسط الحسابي العام لاستجابات المبحوثين حول عبارات هذا البند تتّجه نحو القوّة وذلك بأخذها للقيمتين: (2,80= 1و(2,89= 2) في العينة الأولى والثانية على التّوالي وذلك بانحراف معياري  قدره: (0,514=S1) و(0,360=S2) على التوالي في العينتين، وبذلك فهما قيمتان تقعان ضمن المجال ذاته وهو مجال القوّة [2,32، 3].
وعليه يمكن القول أنّ المبحوثين سواء من المؤسّسة الخاصة أو من المؤسّسة العمومية يسعون إلى تحسين الطرق التّي يؤدّون بها وظائفهم وأعمالهم على مستوى القسم، الورشة أو المصلحة التّي ينتمون إليها وذلك مردّه إلى مجموعة من العوامل التي من شأنها أن تلعب الدّور الحاسم في ذلك منها:
?طبيعة عقد العمل الذي يجمع أغلب المبحوثين بالمؤسّستين؛ نظرا لأنّ أكثر العقود إمّا محدّدة المدّة أو هي عقود ما قبل التشغيل بصيغها المختلفة أو عقود تربّص.
?عامل السنّ(العمر) وهو من العوامل المهمة التي لها دور في تفسير هذه النتائج؛ باعتبار أن الشباب أكثر حماسة واندفاعا وتفرّغا للبحث والإبداع والتطوير... ولهم رغبة كبيرة في ذلك اعتقادا منهم أنّ ذلك سيغيّر من واقع الأمور...
?المستوى التعليمي للمبحوثين يساهم بشكل كبير في تعليل النتائج المتعلقة بتحسين طرق الأداء الوظيفي وذلك نتيجة لما هؤلاء الأفراد من منهجية علمية في البحث والتقصي تسمح لهم بالتطوير بشكل ذاتي دون انتظار أن تقوم المؤسّسة بتكوينهم أو تدريبهم..
إنّ هذه العوامل تتداخل وتتفاعل مع بعضها البعض لتشكّل مجموعة من الموارد البشرية التي لها رغبة كبيرة تطوير وتحسين طرق الأداء باللجوء تارة إلى العاملين الذين يفوقونهم خبرة وتجربة لينهلوا منهم زبدة التجارب المختلفة التي مرّوا بها لتطوير قدراتهم المختلفة... كما أن هؤلاء المبحوثون الذين لهم خصائص محددة يستخدمون الأنترنت ووسائل وتكنولوجيات الاتصال الحديثة في تطوير واكتشاف الطرق المثلى للأداء...
8-3-2: التّكوين والتّدريب: تلجأ المؤسّسات المعاصرة إلى التكوين أو التّدريب قصد القضاء على حالات نقص أو تدني الإنتاجية من جهة ومن جهة أخرى تفادي الوقوع في مشكلات تتعلق بالأداء أو حوادث العمل وغيرها.
ومن البيانات الواردة في الجدوليتّضح بأنّ المبحوثين من العينتين يقومون بحضور دورات تدريبية سواء تلك التي تنظمها المؤسّسة التي يعملون فيها أو دورات خارجها وعلى حسابهم الخاص. كما أن العمال أيضا يقومون بالبحث والتقصي عن المعلومات التي تخص مؤسستهم وخاصة تلك التي تتعلق بالقوانين الداخلية للمؤسّسة وقوانين العمل سعيا منهم لحماية أنفسهم من أي تعسف أو خطأ قد ينجم عن المسؤولين أو أصحاب المؤسّسة...
هذا ويقوم المبحوثون ببذل جهود مضاعفة في أغلب الأحيان حتى يكونوا الأفضل من بين العاملين وبالتالي يمكن القول بأنه يوجد جو من المنافسة بين العمال في مجال العمل... وقد ترجع أسباب ذلك إلى:
 ?   عقود العمل إذ نجد أنّ العمّال الذّين تربطهم بالمؤسّسة سواء العمومية أو الخاصة عقود محدّدة المدة يقومون بكل تلك الجهود أملا في تجديد عقد العمل لفترات أخرى. كما أنّ البقية من الشباب الذين تربطهم بهذه المؤسّسات عقود ما قبل التشغيل أو الصيغ الأخرى لهذه العقود يحلمون إن صحّ التعبير بأن يكونوا عمالا دائمين أو على الأقل تصبح عقودهم عقودا محددة المدة لكونهم محرومين من كل الحقوق التي يتمتع بها بقية العمال مثل الأجر العادل وملحقاته، المنح المختلفة والعلاوات....
 ?   وهؤلاء المبحوثون أيضا يحاولون استثمار الفترات التي يقضونها في المؤسّسة لنهل المعارف والخبرات المختلفة التي تؤهلهم مستقبلا للعمل في مؤسسات أخرى وبذلك فهم يصقلون أنفسهم ومهاراتهم وخبراتهم من أجل الاستفادة منها في المستقبل كلما سنحت الفرصة لذلك.
8-3-3: تطوير الذات: تسعى التّنظيمات المعاصرة إلى تنمية مواردها البشرية بصورة مستمرة وخاصة في الجوانب المتعلقة بالأداء وفي ذلك فائدة كبيرة على الفرد والمؤسّسة على حد سواء، ونتيجة لعدم قدرة المؤسّسة على مواكبة كل التغيرات والتطورات الخاصة ضمن بيئة نشاطها أو حتى على البيئة العالمية، أصبحت تتوجّه نحو الطرق التي يمكن للموارد البشرية العاملة بها أن يطوّروا أنفسهم (على مستوى الشّخصية، السلوكات، المهارات والمعارف...) بالشكل الذي يرضي طموحهم ويساعد المؤسّسة على بلوغ أهدافها بأقل التكاليف الممكنة...
ومن هذا المنطلق نلاحظ أنّ المتوسّطات العامة لاستجابات المبحوثين فيما يخص بند تطوير الذّات قد بلغ في العينة الأولى (المؤسّسة الخاصة) (2,79= 1) بانحراف معياري قدره: (0,536=S1) كما أنّه أخذ قيمة (2,82= 2) بانحراف معياري قدره: (0,423=S2). وهما قيمتان تقعان ضمن المجال ذاته وهو مجال الشدّة القوية [2,32، 3].
وعليه فالموارد البشرية في المؤسّسة الصناعية الجزائرية تعمل على تطوير قدراتها بصفة دائمة ومستمرة للحفاظ على مستوى مرتفع من الأداء... وذلك من خلال تحيين المعلومات الخاصة بالعمل وطرق الأداء عن طريق المطالعة المستمرة سواء باستعمال الكتب والمراجع الورقية أو باستعمال الأنترنت، مع الحرص على مواكبة التغيرات وخاصة فيما تعلق بالإعلام الآلي الذي أصبح سمة العصر... كما أنّ المبحوثين يعملون باستمرار على اكتساب السلوكات المختلفة التي ترغبها المؤسّسة المشغّلة من خلال التطبّع بثقافتها (قيم، سلوكات، معتقدات، عادات...). ومع الانفتاح والعولمة اللّذان عرفتهما الجزائر فإن ذلك أثّر على الأفراد العاملين من خلال محاولتهم لاكتساب لغات أجنبية لتفادي الإحراج أو عدم فهم الرؤساء من جهة والزبائن من جهة أخرى في الشؤون المتعلقة بالعمل والإنتاج والبيع... ونتيجة لخصوصية الموارد البشرية  في المؤسستين ونتيجة التحوّل الكبير الذي حدث على مستوى الوظيف العمومي الذي عاد من جديد للتّركيز على الشهادات في تقييم الوظائف بشكل كبير ما أثّر على العاملين في محاولتهم لتطوير أنفسهم من خلال متابعة الدراسة في مختلف المعاهد والجامعات الجزائرية سواء معاهد ومراكز التكوين المهني أو الجامعة الليلية وغيرها...
خاتمة: من خلال ملاحظة المتوسّطات الواردة في الجدول المرفق(*) يمكن استخلاص ما يلي:
$1?بالنسبة للرّضا الوظيفي: نلاحظ أنّ المتوسط الحسابي قد بلغ في العيّنة الأولى: (2,201= 1) بانحراف معياري قدره: (0,720=S1)، أمّا في العينة الثانية فقد بلغت قيمة المتوسط الحسابي: (2,13= 2) بانحراف معياري قدره: (0,6815=S2)، وهذه القيم (أي قيم المتوسطات الحسابية) تقع ضمن المجال المتوسط [1,66، 2,32[.
$1?بالنسبة للاستقرار الوظيفي: نلاحظ أنّ المتوسط الحسابي قد بلغ في العينة الأولى: (2,291= 1) بانحراف معياري قدره: (0,7306=S1)، أمّا في العينة الثانية فقد بلغت قيمة المتوسط الحسابي: (2,3186= 2) بانحراف معياري قدره: (0,6516=S2)، وهذه القيم (أي قيم المتوسطات الحسابية) تقع ضمن المجال المتوسط [1,66، 2,32[
$1?أمّا بالنسبة للأداء الوظيفي: نلاحظ أنّ المتوسط الحسابي قد بلغ في العينة الأولى: (2,7166= 1) بانحراف معياري قدره: (0,584=S1)، أمّا في العينة الثانية فقد بلغت قيمة المتوسط الحسابي: (2,7633= 2) بانحراف معياري قدره: (0,4566=S2)، وهذه القيم (أي قيم المتوسطات الحسابية) تقع ضمن مجال الشدة القوية [2,32، 3[
$1?وعلى العموم نلاحظ أن المتوسط الحسابي العام لاستجابات المبحوثين فيما يخص متغير تنمية الموارد البشرية قد أخذ قيمة (2,3827= 1) في المؤسّسة الخاصة بانحراف معياري قدره (0,6825=S1) أما في العينة الثانية المأخوذة من المؤسّسة العامة فقد بلغ المتوسط الحسابي العام لاستجابات المبحوثين (2,3767= 2) بانحراف معياري قدره (0,6051=S2). وهي قيمتان تقعان ضمن مجال الشدة القوية [2,32، 3].
بناء على ما تقدّم يمكن القول بأنّ التّنظيمات الصّناعية الجزائرية مازالت أمام تحدّيات كبيرة فيما يخصّ تنمية مواردها البشرية، إذ عليها الاستثمار بشكل مثالي فيها دون خسارتها، وذلك بالأخذ بعين الاعتبار المنافسين الذّين يحاولون الظفر بما لديها من عقول ومهارات... وكلّ ذلك حتى تضمن هذه المؤسّسات بقاءها واستمرارها في السّوق مع السّعي على اكتساب الميزة التنافسية التي لا يمكن الحصول عليها إلا من خلال مخزونها من الموارد البشرية، هذه الأخيرة التي تبقى الدعامة الرئيسية لرقيّ هذه المؤسسات، ومن هنا وجب التوجه إلى العمل الاستراتيجي فيما يتعلّق بتنمية الموارد البشرية في التّنظيمات الصّناعية الجزائرية، ليصبح بذلك حتمية ملحة وضرورة لا مناص منها...
 الهوامش:


1. عبد الباري إبراهيم درّة، زهير نعيم الصباغ: "إدارة الموارد البشرية في القرن21 منحى نظمي"، ط1، دار وائل للنشر، 2008، ص20.
2 محمد فتحي: "766 مصطلح إداري"، دار التوزيع والنشر الإسلامية، القاهرة، 2003، ص233.
3.إبراهيم حسن بلوط: "إدارة الموارد البشرية، منظور استراتيجي"، ط1، دار النهضة العربية، بيروت، 2002، ص17.
4. المرجع نفسه، ص216.
5سليمان خليل الفارس وآخرون: "إدارة الموارد البشرية-الأفراد"، منشورات جامعة دمشق، 2004/2005، ص178.
6. علي السّلمي: :"إدارة الموارد البشرية"، دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، د ت، ص215.
7. ريموند بودون، فرانسوا بوريكو: "المعجم النقدي لعلم الاجتماع"،ترجمة/سليم حداد، ط2، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، 2007، ص199.
8. بوفلجة غيات: "مقدمة في علم النفس التّنظيمي"، ديوان المطبوعات الجامعية، بن عكنون، الجزائر، 1992، ص ص13  14.
.9 المرجع نفسه، ص47.
10. محمد الدّقس: "علم الإجتماع الصناعي"، ط1، د د ن، عمان، الأردن، 1999، ص123.
11. طلعت إبراهيم لطفي: "علم اجتماع التنظيم"، مكتبة غريب، القاهرة، 1993، ص9.
12.المرجع نفسه، ص9.
13. إبراهيم حسنبلوط،مرجعسابق،ص237.
14. المرجع نفسه، ص239.
Lyle M. Spencer:"Reengineering human resource", John Wiely, New York, 1995, P23715.
16. بلقاسم سلاطنية: "سوسيولوجيا التّكوين المهني وسياسة التّشغيل في الجزائر"، مجلة العلوم الإنسانية، ع10، جامعة منتوري قسنطينة، 1998، ص131.
17. بلقاسم سلاطنية: "التكوين المهني كرهان مستقبلي للقضاء على بطالة الشّباب"، مجلة الباحث الاجتماعي، ع2، معهد علم الاجتماع، جامعة قسنطينة، 1999، ص113.
18. أجغيم الطاهر: "إنتاجية العامل الجزائري والشّخصية المنتجة في المؤسّسات الصّناعية بالجزائر"، مجلة العلوم الإنسانية، ع18، منشورات جامعة قسنطينة، ديسمبر2002، ص44.
19. قدّم (فريدريك هيرزبرغ) نظرية العاملين سنة 1959 واحتوت على تحليل آخر للدافعية، حيث أجرى دراسة على 200 مهندسا ومحاسبا في 09 مؤسسات مختلفة في مواقع مختلفة محاولا فهم شعورهم حول الأعمال التي يقومون بها؛ حيث وجه إلى أفراد العينة سؤالين، الأول يطلب منهم ذكر العوامل التي جعلتهم يشعرون بحالة عدم الرضا عن العمل في كثير من الحالات، أما الثاني فيطلب منهم ذكر العوامل التي جعلتهم يشعرون بحالة من الرضا عن العمل، وقام بتصنيف نتائج الدراسة في مجموعتين: مجموعة العوامل الصحية (الوقائية)، ومجموعة العوامل الدّافعة.
*. أنظر الملحق 1.
الملحق الأوّل: جدول يبيّن النتائج الإحصائية للبيانات المجموعة حول كل بند:
نوع المؤسّسة
المؤسّسة الخاصة
المؤسّسة العامة
البند
المتغيرات
المتوسط الحسابي
الانحراف المعياري
المتوسط الحسابي
الانحراف المعياري
الرضا الوظيفي
الرضا عن الأجر وملحقاته
1,915
0,709
1,69
0,687
الرضا عن العمل في حد ذاته
2,397
0,698
2,487
0,638
الرضا عن الرئيس
2,112
0,788
1,954
0,743
الرضا عن الزملاء
2,38
0,686
2,39
0,658
المجموع الجزئي
2,201
0,720
2,13
0,6815
الاستقرار الوظيفي
الارتياح في العمل
2,118
0,703
2,10
0,723
التغيب عن العمل
2,49
0,712
2,496
0,543
التفكير في مغادرة المؤسّسة
2,265
0,777
2,36
0,689
المجموع الجزئي
2,291
0,7306
2,3186
0,6516
الأداء الوظيفي
تحسين طرق العمل
2,80
0,514
2,89
0,360
التكوين والتدريب
2,56
0,702
2,58
0,587
تطوير الذات
2,79
0,536
2,82
0,423
المجموع الجزئي
2,7166
0,584
2,7633
0,4566
المجموع العام
2,3827
0,6825
2,3767
0,6051




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا