الآثار السوسيواقتصادیة لحدث التقاعد على فئة العمر الثالث
دراسة ميدانية على فئة المسنين ببلدیة باب الوادي
من إعداد الطالبة : أمزيان نعيمة
تحت إشراف : مصطفى بوتفنوشت
السنة الجامعية : 2004-2005
المقدمة:
يشهد المجتمع الجزائري في ظل التغيرات الكبرى التي تعرفها المجتمعات المتقدمة و المتخلّفـة لتحولات عدة ؛ فقد استنبطنا من خلال الدراسات الاجتماعية المتظافرة في هذا المجال ,إلى أن آثـار هذه التحولات قد رسمت أولا على الوجه الديموغرافي لمجتمعنا, خاصة مع الدينامية السكانية التي عرفها المجتمع بعد نقلة 1986 ,اين لعب فيها عامل تراجع الوفيات العامة و وفيات الأطفال الرّضـع -الناتج عن التحسن الملحوظ في المجال الصحي العلاجي منه و الوقائي- الدور الأساسي فـي رفـع معدل أمل البقاء على قيد الحياة الذي اثر مباشرة على الهيكلة العمرية للسكان بارتفاع في نسبة كبـار السن تدريجيا على حساب الفئات العمرية الأخرى .
و الوجه الآخر للتحوّل قد مس الجانب البنيوي و الوظيفي للأسرة الجزائرية بانتقالها مـن الـشكل الممتد الى الشكل النووي غير المكتمل . وقد تصاحب مع هذا الشكل الجديد تحول في أهمية مراكز و أدوار الأفراد , بما فيها تلك الخاصة بالعناصر المسنة ، فبعد أن كانت هذه الأخيـرة تحظى في الأسر التقليدية بمكانة اجتماعية مميزة محاطة بالاحترام و التقدير بغية الاستفادة من خبراته ومهاراته في النشاط الاقتصادي و الاجتماعي للأسرة ، فقد عمل الطابع الحالي للمجتمـع الـصناعي على إفقادهم لمكانتهم الخاصة و لما كانوا يحاطون به من اهتمام .
و باعتبار فئة العمر الثالث تتأثر بما يوفره لها المجتمع من مكانة خاصة ، فقـد خلـصت بعـض الدراسات من بينها تلك التي قام بها "عزت سيد اسماعيل" في : الشيخوخة –أسبابها،مضاعفاتها- او في مؤلف : رعاية المسنين لـ" سيد سلامة ابراهيم" ,إلى أن أهمية المكانة الاجتماعية التي يحظى بها الفرد المسن في الأسرة و المجتمع يدرك من خلالها أهميته وسط الفئات العمرية الأخرى ، فكلما أحس بأنه موضع تقبل واحترام من الآخـرين اسـتطاع التفاعل معهم ، ما يتيح للأفراد المنتمية لهذه الفئة فرص مشاركة اجتماعية و عضوية فعالـة داخـل نسق العلاقات المتبادلة مع الآخرين من أبناء المجتمع و هذا ما يؤدي إلى شيخوخة متوافقة و سـعيدة .
أما الانتقاص من هذه المكانة ، قد تؤدي إلى سوء توافقهم مع هذه المرحلة من العمر و التي قد تقيّد دورهم و تختزل فرص إنتاج سلوك فعال و منتج لديهم يخدمهم و يخدم من حولهم ، و على هذا الأساس تم التطرق لهذا الموضوع قصد معرفة ما إذا كان لعامـل التقاعـد دور فـي التغيرات الحاصلة على مراكز وادوار فئة العمر الثالث.
إن فصول الدراسة تنقسم ضمن بابين ، الباب الأول يحوي الجانب النظري لمشكلة البحـث و تحديـد إطارها المنهجي مجزئا إلى فصول ، حيث نقوم في الأول بطرح موضوعي لإشكالية البحث التي تـم تحديدها أساسا من دراسة استطلاعية ميدانية لموضوع البحث التي ساهمت فيما بعد فـي صـياغة فرضياته و تحديدنا للمفاهيم الأساسية المستخدمة في الفرضيات و في البحث الميداني ، كما قمنا فيـه بتحديد المناهج المستعملة لإنجاز البحث و تقنياته ، أما الفصل الثاني فنقوم فيه بعرض ديموغرافي للفئة المسنة في الجزائر مـن خـلال المحـددات الديموغرافية المؤثرة على الهيكلة العمرية ، كما تطرقنا فيه إلى أفاق التوجه الديموغرافي في المجتمع الجزائري لمعرفة الهيكلة العمرية المستقبلية في مجتمعنا .
و الفصل الثالث من الباب النظري قد قمنا فيه بعرض للواقع الاجتماعي الذي آلت إليه فئة العمـر الثالث في ظل تحديات الدينامية الاجتماعية بدراسة أثارها أولا على الأسرة الجزائرية و منـه علـى مكانة الفئة المسنة و أدوارها فيها ، كما تم التطرق إلى عامل التعايش بين الأجيال المسنة و الأجيـال الشابة . و في الفصل الرابع عرضنا مختلف المشاكل التي قد تعترض الفئة المسنة بعـد التقاعـد و كـذا احتياجاتها المادية و الاجتماعية في هذه المرحلة ، و تم التعرف على دور الدولة في رعاية هذه الفئة و طرق رعايتها و الأطراف الداخلة في هذا المجال .
أما الفصل الأخير من الباب النظري فقد تطرقنا فيه للوضع المادي العام للفئة المسنة المتقاعـدة و لأحوال الهياكل الاجتماعية التي من دورها التكفل بهذه الفئة ، كصناديق الحماية الاجتماعيـة منهـا : الصندوق الوطني للتقاعد ، الصندوق الوطني للحماية الاجتماعية و صـندوق الـضمان الاجتمـاعي للعمال غير الأجراء ، و قد تّم في هذا الفصل وضع تقييم لمداخيل الشيخوخة و التقاعد . أما الباب الثاني من البحث فقد شمل على نتائج الدراسة الميدانية بالتعرض إلى تجزئـة النتـائج و تحليلها حسب الفرضيات .
قمنا في الفصل الأول من هذا الباب بعرض للأوضاع المادية لفئة العمر الثالث بعد الإحالـة إلـى التقاعد من خلال الصورة المعطاة لمرحلة التقاعد من طرف معايشيها و داعي لجوءهم للعمل بعد هذا الحدث ، كما قمنا بدراسة أثر اكتساب الأب لدعم أبنائه المادي و موارد مالية في احتمالية عمله بعـد التقاعد . و تّم التطرق في فصله الثاني لمكانة و ادوار الشيخوخة المتقاعدة في الأسرة الذي درسنافيه مكانة فئة العمر الثالث في الأسرة بعد التقاعد من خلال عامل السلطة ، و كذا تطرقنا لأثر التقاعد في مدى قيام الفئة المسنة بأدوارها المنتظرة منها في مجالها الأسري ، و عرضنا كـذلك أثـر هـذا الحدث على نفسية الشيخوخة المتقاعدة في ظل أجواء النسق العلائقي السائد في المحيط الأسري . وقد حلّلنا في ثالث فصل من هذا الباب العوامل السوسيواقتصادية الداخلة في عملية تكيف و اندماج المسن مع تقاعده , المتمثلة في المكانة الاجتماعية و المحيط الأسري بالإضافة إلى الأهمية المعطـاة لمدلول العمل و كذا عامل الرضا عن الأوضاع السوسيواقتصادية المحيطة بهذه الفئة . أما آخر عنصر في هذا البحث يتمثل في النتائج العامة للبحث و الخاتمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق