دور العوامل الاجتماعية
في التنمية الكمية للسكان في العراق
مشحن زيد محمد التميمي
مدرس مساعد كلية الآداب
الجامعة المستنصرية
مجلة مدارك - السنة الأولى -العدد الثالث - 2006 :
المقدمة:
تؤدي العوامل الاجتماعية أثرها الفاعل في زيادة حجم السكان بحيث يكون متوازياً من حيث الكم مع حجم الموارد الطبيعية التي يتمتع بها المجتمع أو البلد.فإذا كانت العوامل الاجتماعية مشجعة على الإنجاب فإن هذا لابد أن يؤدي إلى زيادة معدلات النمو السكاني . أما إذا كانت العوامل الاجتماعية المسؤولة عن زيادة حجم السكان غير مشجعة فان هذا لابد أن يقلص معدلات النمو السكاني، وبالتالي لا ينمو السكان إلا قليلاً(1). علماً بان العوامل الاجتماعية المؤثرة في التنمية الكمية للسكان لا تتعلق بالأفراد أنفسهم بل تتعلق بالمعطيات الاجتماعية والحضارية المحيطة بهم كالعادات والتقاليد الاجتماعية والخدمات التي يمكن أن تقدمها الدولة لهم فضلاً عن الموارد المالية التي تتمتع بها الأسرة والقيم الاجتماعية التي يحملها المجتمع إزاء الإنجاب وزيادة السكان(2) . فحتى لو كان الفرد يحمل القيم الايجابية نـحو الإنجاب وان ظروفه الذاتية مشجعة على الإنجاب فانه لا يسير باتجاه إنجاب الذرية وزيادة حجم أسرته لان هناك عوامل اجتماعية وحضارية محيطة به تمنعه من إنجاب عدد كبير من الأطفال.
ولكن مع هذا فان العوامل الذاتية المؤثرة في الإنجاب لها الأثر المهم في الإنجاب أو عدم الإنجاب، لان معدلات الخصوبة السكانية تتأثر بالعوامل الذاتية والموضوعية والمجتمعية ،وعليه فأننا عندما نريد دراسة التنمية الكمية للسكان ينبغي أن ننظر إلى الظروف الذاتية للفرد وننظر أيضا إلى الظروف الموضوعية للمجتمع ،ثم نـحكم بعد ذلك على أن السكان سائر في طريق الزيادة أو القلة.
إن هذا البحث يتكون من أربعة مباحث وخلاصة واستنتاجات، إلا إننا قبل الإشارة إلى هذه المباحث ينبغي أن نـحدد أهداف البحث.
إن البحث يهدف إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسة هي ما يأتي:
أولاً: التعرف على طبيعة العلاقة المتفاعلة بين حجم السكان وحجم الموارد الطبيعية في أي مجتمع كان، والمجتمع المقصود هنا هو المجتمع العراقي.
ثانياً: تشخيص العوامل الاجتماعية المسؤولة عن زيادة الكم السكاني في العراق.
ثالثاً: تحديد التوصيات والمعالجات التي من شأنها أن تسرع ظاهرة التنمية الكمية للسكان في العراق.
بعد تحديد أهداف البحث علينا التطرق إلى محتوياته وأبعاده العلمية والموضوعية.أن البحث يتكون من المباحث الآتية:
المبحث الأول: التحديد العلمي للتنمية الكمية للسكان.
المبحث الثاني: العلاقة بين حجم السكان وحجم الموارد الطبيعية في العراق.
المبحث الثالث: ما العوامل الاجتماعية المؤثرة في التنمية الكمية للسكان؟ وهذه العوامل هي:
أولاً: القيم الاجتماعية.
ثانياً: الموارد المالية للأسرة.
ثالثاً: الزواج المبكر و الإنجاب.
رابعاً: الخدمات التي تقدمها الدولة للأسر الزواجية حديثة التكوين.
خامساً: التقليد والمحاكاة.
المبحث الرابع: التوصيات لتسريع ظاهرة التنمية الكمية للسكان في العراق.
والآن علينا دراسة هذه المباحث مفصلاً.
المبحث الأول: التحديد العلمي للتنمية الكمية للسكان
هناك عدة تعار يف للتنمية الكمية للسكان ،لعل في مقدمتها التعريف الذي جاء به العالم هانسن في كتابه الموسوم بـ" الاقتصاد التطبيقي" الذي يقول فيه :بأن التنمية الكمية للسكان هي زيادة السكان زيادة مبرمجة ومخططة بحيث تتلاءم مع زيادة الموارد والخبرات الطبيعية التي يمتلكها المجتمع(3). أما العالم بيتر تاونسند (Townsend) فيعرف التنمية الكمية للسكان : بأنها زيادة سكانية ناجمة عن زيادة معدلات الولادات على معدلات الوفيات ، وهذا ما يطلق عليه الزيادة الطبيعية للسكان التي لا علاقة لها بالهجرات الداخلية والخارجية للسكان(4). أما تعريف البروفسور كورت للتنمية الكمية للسكان فهو:إنها ظاهرة اجتماعية بايولوجية تفضي إلى التكاثر السكاني عن طريق الولادات ،وعند موازنة نسبة الولادات بنسبة الوفيات نرى بان نسبة الولادات تزيد من حيث الكم على نسبة الوفيات ،وهذا ما يسبب التنمية الكمية للسكان(5). علماً بان هذه التنمية السكانية هي عملية مقصودة ومخطط لها مسبقاً وترمي إلى إحداث التوازن العقلاني بين حجم السكان وحجم الموارد الطبيعة.
أن جميع هذه التعاريف تعتقد بان التنمية الكمية للسكان إنما هي عملية مقصودة وليس عفوية أو اعتباطية ، بل هي عملية مخطط لها مسبقاً ، فهي تريد أن تنمي السكان كماً لكي يتناسب مع حجم الموارد الطبيعية، وبالتالي تتحقق حالة ما يسميه علماء السكان بالسكان المثالي ، وهو السكان الذي تتعادل فيه كفة السكان مع كفة الموارد الطبيعية(6). وحالة السكان المثالي تجلب للمجتمع التنمية الاقتصادية والاجتماعية لأنها حالة يتمكن السكان من خلالها من استثمار الموارد الطبيعية استثماراً مثالياً يفضي إلى التطوير والتغير الاقتصادي والاجتماعي.
والتنمية الكمية للسكان تختلف عن التنمية النوعية للسكان، إذ أن المقصود بالتنمية الكمية للسكان كما أسلفنا في أعلاه هو زيادة ملحوظة في السكان عن طريق الزيادة الطبيعة للسكان. بينما التنمية النوعية للسكان هي تطوير مواهب وكفايات وقدرات السكان على الخلق والإبداع وذلك عن طريق التدريب والتأهيل العلمي والتكنولوجي وتحسين طرق النشأة الاجتماعية التي تعتمد عليها الأسر في تربية أبنائها(7). ومهما يكن من أمر فأن التنمية الكمية للسكان هي عملية يراد منها زيادة حجم السكان لكي يكون السكان قادراً على استثمار الموارد وبالتالي تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي يخطط لها القادة المسئولون في المجتمع.
من التعريفات المختلفة للتنمية الكمية للسكان نستطيع أن نشتق تعريفاً لها وهذا التعريف يوحد بين هذه التعاريف ويستفيد من خصوصياتها ثم يطبقه على موضوع البحث وهو أثر العوامل الاجتماعية في التنمية الكمية للسكان إذ أن التنمية الكمية للسكان لا تكون في فراغ وإنما تتأثر بمنظومة من العوامل الاجتماعية التي تحدد طبيعتها ومسار عملها واتجاهاتها التنموية والنهضوية حيث أن زيادة الكم السكاني لها مردودات اقتصادية وسياسية وعسكرية وأمنية لأنه بدون السكان لا تكون هناك خطط تنموية تسعى الدولة من خلالها إلى إحراز التنمية الاقتصادية والاجتماعية الناجزة والى تحقيق حالة من الأمن السكاني ثم حالة الأمن العسكري والدفاعي لأنه بدون السكان لا يستطيع المجتمع الدفاع عن نفسه ضد الأخطار والتحديات الخارجية والداخلية(8). وعليه فإننا نعرف التنمية الكمية للسكان تعريفاً إجرائيا بالقول: إنها زيادة السكان المخطط لها مسبقاً والتي لها علاقة بالمشاريع الاقتصادية والاجتماعية التي تريد الدولة تنفيذها وإنها تتأثر بجملة العوامل الاجتماعية التي يتخصص هذا البحث في دراستها وتحليلها.
المبحث الثاني: العلاقة بين حجم السكان وحجم الموارد الطبيعية في العراق
هناك ثلاث حالات للعلاقة بين حجم السكان وحجم الموارد الطبيعية، وهي:
أولاً: حالة النقص السكاني (Under population) وهي الحالة التي يكون فيها حجم السكان اصغر من حجم الموارد الطبيعية(9) وهي التي تتمثل في العراق إذ أن سكان العراق هو اصغر من حجم الموارد الطبيعية التي يمتلكها، وعليه فأن العراق مطالب بزيادة حجم سكانه عن طريق التنمية الكمية للسكان ، وهنالك حالة ثانية للعلاقة بين حجم السكان وحجم الموارد الطبيعية وهي حالة الفيض السكاني (Over population) وحالة الفيض السكاني هي الحالة التي يكون فيها السكان اكبر من حجم الموارد الطبيعية مثلما هو موجود في الصين والهند والباكستان ومصر ، بمعنى أن السكان يزيد من حيث الكم على حجم الموارد الطبيعية(10).وهناك تطالب الدولة بتقليص حجم السكان عن طريق استخدام برامج التخطيط الأسري أو وسائل منع الحمل.
ثالثاً: هناك حالة السكان المثالي (Ideal population) التي فيها يتساوى حجم الموارد مع حجم السكان(10). وهذه الحالة تعد من أفضل الحالات للنمو الاقتصادي والاجتماعي في البلد وهي موجودة في بعض الدول الأوربية كما في انكلترا وفرنسا والسويد وألمانيا والدانمارك وهولندا وبلجيكا. و الحالة هذه كانت سبباً من أسباب تقدم هذهالسكاني،في الميادين الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية.
وهكذا نلاحظ بأن العراق يقع في حالة النقص السكاني ، الحالة التي تحتاج إلى زيادة السكان كمّاً لكي تتوازن كفة السكان مع كفة الموارد الطبيعية. علماً بان حالة النقص السكاني التي يعاني منها العراق هي حالة مضرة وتترك نتائجها السلبية على التقدم والنهوض الاقتصادي للعراق لان وحدات العمل لا تتناسب مع وحدات رأس المال والإنتاج ، لذا يكون الإنتاج قليلاً وإذا أراد العراق زيادة إنتاجه القومي من السلع والخدمات فان عليه زيادة وحدات العمل لكي يستطيع استثمار رؤوس أمواله الإنتاجية استثماراً اقتصادياً خلاقاً(12) . وعندما لم يستطع العراق زيادة حجم سكانه مقارنة بالموارد الطبيعية التي يمتلكها فأنه اضطر في عقد السبعينيات إلى دعوة العمال العرب والأجانب للقدوم إلى العراق للمشاركة في استثمار خيراته الاقتصادية ولكن الأحداث أثبتت عكس ما كان يتمناه العراق من خبراته وموارده الاقتصادية ، فالعمال العرب والأجانب أخذوا يحولون رواتبهم وأجورهم إلى الخارج على شكل عملات صعبة مما جعل العراق يفتقد ملايين الدولارات عن طريق تحويلها للخارج من العمال العرب والأجانب . وهنا اخذ العراق يعاني من نقص في عملاته الصعبة لأن قسماً كبيراً من العملات الصعبة التي كانت بحوزة العراق قد حوّلها العمال العرب والأجانب إلى بلدانهم إلى أن بات العراق يعاني من شحة العملات الصعبة التي يمكن أن يستثمرها في صناعاته ومشاريعه التنموية(13).
وهكذا نلاحظ بان النقص السكاني الذي عانى ويعاني منه العراق يكون بمثابة المعوق الذي يمنع العراق من إحراز التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي يحتاج إليها. لذا كان لزاماً على العراق أن ينمّي سكانه عن طريق الزيادة الطبيعية للسكان أي زيادة عدد المواليد وتقليص عدد الوفيات من خلال انتهاج مشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
المبحث الثالث: العوامل الاجتماعية المؤثرة في التنمية الكمية للسكان
هناك العديد من العوامل والمعطيات الاجتماعية المؤثرة في التنمية الكمية للسكان إذ أن هذه العوامل تؤدي دورها الفاعل في تشجيع العوائل الزواجية والنووية على إنجاب اكبر عدد ممكن من الأطفال أو تشجيع غير المتزوجين من كلا الجنسين على الزواج المبكر لان الزواج المبكر هو سبب من أسباب الخصوبة السكانية وإنجاب عدد كبير من الأبناء . إن هناك عوامل اجتماعية تساعد على زيادة الإنجاب والتنمية الكمية للسكان، ولعل من أهم هذه العوامل ما يأتي:
أولاً: القيم الاجتماعية المشجعة على الإنجاب:
للقيم الاجتماعية دورها الفاعل في زيادة معدلات الإنجاب، فإذا كانت القيم الاجتماعية التي يحملها الأفراد مشجعة على الإنجاب، فان معدلات الخصوبة السكانية ترتفع وبالتالي يزداد السكان بتأثير عالية.بينما لو كانت القيم الاجتماعية التي يحملها الأفراد غير مشجعة على الإنجاب، فان معدلات الإنجاب لابد أن تنخفض إلى مستويات هابطة وبالتالي يتقلص حجم السكان(14).
والقيم بمعناها العلمي الدقيق هي ضوابط اجتماعية تحدد سلوك وعلاقات الأفراد في المجتمع بحيث يكون السلوك ملتزماً تجاه الزواج وإنجاب الذرية.إذا كانت القيم الاجتماعية التي يحملها الأفراد نـحو الإنجاب ايجابية كان يعتقد الفرد بان الإنجاب يمنح الفرد قسطاً من الثروة والمال ويعطيه درجة لا باس بها من الجاه والتقدير والاحترام ويقوي الأسرة ويعزز مكانتها الاجتماعية والاعتبارية.
هذه المعتقدات القيمية التي يحملها الفرد إزاء الإنجاب تجعله يشعر بان الإنجاب شيء مرغوب فيه. ومثل هذا الشعور يدفعه فعلاً إلى إنجاب الأطفال ،وهكذا تزداد معدلات الخصوبة السكانية نتيجة للقيم الايجابية التي يحملها الأفراد تجاه الإنجاب(15).
أما إذا كانت القيم سلبية نـحو الإنجاب كان يعتقد الفرد بان الإنجاب يسبب انخفاض المستوى الاقتصادي والمعاشي للفرد وان الإنجاب عبء ثقيل على الأسرة، إذ يستنفذ الموارد المالية والمادية عند الأسرة ويجعل الأسرة فقيرة ، وان الإنجاب يترك مسؤولياته الثقيلة على الأسرة بحيث لا تستطيع الأسرة تحمل ثقل الواجبات الأسرية . وهنا يكون عبء الإنجاب ثقيلاً على الأسرة فتعزف الأسرة عن الإنجاب لان الأسرة تعتقد بان الإنجاب يترك انعكاساته السلبية على الأسرة ككل لا سيما عندما تكون الأسرة غير مستعدة على إنجاب العدد الكبير من الأبناء مع تحمل مسؤولياتهم المالية والاقتصادية. وهذا ما يدفع بالأسرة إلى تقليص حجم أبنائها لأن للإنجاب مسؤولياته المالية والاجتماعية والتربوية الثقيلة .وهكذا تكون القيم عاملاً من العوامل المشجعة أو غير المشجعة على الإنجاب لأنها تؤثر في سلوكية المواطن وتدفعه إلى زيادة الإنجاب إذا كانت قيمه نـحو الإنجاب ايجابية . أما إذا كانت قيم الفرد نـحو الإنجاب سلبية ،فان الفرد يقلل من معدلات إنجابه وبالتالي يؤثر هذا سلباً على الزيادة السكانية للمجتمع.
ثانياً: الموارد المالية عند الأسرة :
يقول العلامة ابن خلدون في كتابه المقدمة بان الازدهار الاقتصادي في المجتمع يساعد على زيادة الإنجاب؛ لان الفرد المعني بالإنجاب يعرف تمام المعرفة بان هناك معطيات اقتصادية تساعده على تربية أبنائه وتقويمهم ورعايتهم(16).بينما الفقر والحرمان الاقتصادي يدفع بالفرد إلى تقليص عدد أبنائه لان الأبناء يحتاجون إلى المقومات الاقتصادية التي تدعم حياتهم وتقدم لهم الرعوية والخدمات المادية وغير المادية التي يحتاجون إليها في حياتهم اليومية والتفصيلية. وما يتعلق بالمجتمع يتعلق بالأسرة باعتبار أن الأسرة خلية حيوية من خلايا المجتمع فإذا كانت مرفهة فان المجتمع يكون مرفهاً ، وعندما يكون مرفهاً مادياً فان استعداده للإنجاب يكون واسعاً.
لذا فالمعطيات المادية والمالية التي تتمتع بها الأسرة تمكنها من الإنجاب لان الأسرة المرفهة اقتصادياً وتمتلك الإمكانات المادية التي تشجعها على الإنجاب باعتبارات الإنجاب هو قناة من قنوات الرفاهية الاقتصادية للفرد والمجتمع.أما إذا كانت الأسرة تفتقر إلى الإمكانات والموارد الاقتصادية فان هذا لا يشجعها على الإنجاب(17). وعليه فان مسألة الإنجاب هي مسألة لا تتعلق بقيم الأسرة بل تتعلق أيضا بالإمكانات المادية والمالية للأسرة أيضا. وهكذا نلاحظ بان الموارد المالية التي تكون بحوزة الأسرة تكون عاملاً دافعاً للأسرة يدفعها إلى الإنجاب باعتبار أن الإنجاب على مستوى الأمد البعيد هو سبب من أسباب الرفاهية المادية للأسرة والمجتمع.
ولكن ما مصادر الموارد المالية عند الأسرة لكي تكون مستعدة على إنجاب اكبر عدد ممكن من الأطفال ؟ أن الموارد المالية للأسرة قد تنعكس في المقومات الاقتصادية الآتية:
1. الراتب أو الدخل الذي يتقاضاه أفراد الأسرة نتيجة الأعمال والمهن التي يؤدونها للمجتمع.
2. العقار والملكية غير المنقولة كالأراضي والمزارع ودور السكن والأبنية والمؤسسات التي يعود مردودها المادي إلى الأسر(18).
3. الخدمات التي تقدمها اسر المجتمع للأفراد والتي تستحق عليها أجورا ورواتب يمكن أن تحسن الوضع الاقتصادي للأسرة.
4. الهدايا والهبات التي يمكن أن تقدم للأسرة من الأقارب والأصدقاء والأشخاص المقربين لها.
5. الأموال التي تمتلكها الأسرة التي قد تكون مودعة في المصارف والمؤسسات المالية.
جميع مصادر الدخل التي تكون بحوزة الأسرة لابد أن تدفعها إلى الإنجاب والإنجاب يزيد من معدلات النمو السكاني،وهذه الزيادة يمكن أن تتعادل مع كفة الموارد والخيرات الطبيعية التي يمتلكها المجتمع ومثل هذا التوازن يحقق درجة من النمو والرفاهية الاقتصادية التي تصيب جميع أفراد المجتمع(19).
علينا القول بان الموارد المالية الكثيرة التي تمتلكها الأسرة تكون دافعاً لها وسبباً من أسباب زيادة الإنجاب والتكاثر السكاني إذ أن رفاهية الأسرة المادية تشجع أبناؤها على الإنجاب في سن مبكرة، وعليه تزداد معدلات الخصوبة السكانية ومعها يزداد السكان. أما إذا كانت الموارد المالية قليلة وغير متنوعة وأحادية المصدر فان الأسرة لا تشجع على زواج أبناءها أي يكون أبناءها بدون زواج.
وهنا تقل وتنعدم الخصوبة السكانية ويتناقص السكان وتقل معدلات الولادات . وهذا يؤثر سلباً في الحالة السكانية بحيث يكون السكان اقل حجماً من الموارد الطبيعية المتاحة له. وهذه الحالة تقود إلى الفقر والحرمان الاقتصادي اللذين يقودان إلى وفاة عدد كبير من السكان . وهكذا تكون الموارد الحالية من حيث وفرتها أو شحتها سبباً من أسباب التناقص السكاني أو الزيادة السكانية التي لا تخدم أهداف التنمية القومية بشقيها الاقتصادي والاجتماعي.
ثالثاً: الزواج المبكر والإنجاب :
لعل من أهم العوامل المؤثرة في العوامل الكمية للسكان عامل الزواج المبكر إذ أن علماء السكان يقولون أن الزواج المبكر هو من احد الأسباب المهمة لارتفاع الخصوبة السكانية. فكلما كان الزواج مبكراً كلما كانت معدلات الإنجاب عالية وكلما كان الزواج متأخرا كانت معدلات الإنجاب واطئة(20). علما بان الزواج المبكر في المجتمع يعتمد على عدة عوامل ومعطيات أهمها استعداد الشاب أو الشابة على الزواج المبكر وتوفير الإمكانات المادية التي تتيح المجال للشباب على الزواج ووجود الخدمات الاجتماعية والصحية والسكنية والمادية التي تشجع الشباب على الزواج.
أن الزواج المبكر يعني فيما يعني زواج الفرد في سن مبكرة يتراوح بين18-20 سنة أو ربما أكثر، ومثل هذا الزواج هو مدعاة لإنجاب اكبر عدد ممكن من الذرية لان الرجل أو المرأة في ذلك السن من الناحية البيولوجية والتناسلية يستطيع أن ينجب عدداً كبيراً من الأطفال ، وكذلك المرأة التي تتزوج في سن مبكرة تكون خصبة من الناحية البيولوجية والتناسلية، وعليه تكون مؤهلة على إنجاب الذرية بسرعة وانتظام عكس المرأة المتقدمة في السن إذ تلقى الصعوبات الجمة في الحمل والإنجاب ، وعليه لا تستطيع إنجاب إلا عدد محدود من الذرية(21).
لذا ينصح علماء الاجتماع والسكان الشباب والشابات بالزواج في سن مبكر؛ لان هذا الزواج يتسم بالخصوبة السكانية وإنجاب عدد كبير من الأطفال عكس الزواج الذي يتم في سن متأخر ، فهو لا يثمر إلا في إنجاب عدد قليل من الأطفال أو لا يتيح على الإنجاب مطلقاً وذلك لصعوبة الحمل والإنجاب في سن يتجاوز 35 أو 40 سنة . لذا إذا أردنا زيادة عدد السكان في المجتمع العراقي ،فإننا ينبغي أن نشجع الشباب والشابات على الزواج المبكر أي الزواج الذي يقع في سن يتراوح بين 18-25سنة ، أما إذا كان الزواج بعد هذه السن فيعد نوعا من أنواع الزواج المتأخر الذي يكون زواجاً لا يتسم بالخصوبة السكانية، ومن العسير في هذا السن من الزواج إنجاب الأطفال .بينما إذا كان الزواج مبكراً فان هذا النوع من الزواج يثمر عن إنجاب عدد كبير من الذرية يفضي إلى التكاثر السكاني وزيادة معدلات النمو السكاني في ذلك المجتمع.
إنَّ من فوائد الزواج المبكر إنجاب الأطفال الكثيرين وتربيتهم والعناية بهم لكي يكونوا فيما بعد أفرادا صالحين في المجتمع يعتمد عليهم خلال مدة تنميته الاقتصادية والاجتماعية. علماً بان الزواج المبكر خلال حقبة الأمد البعيد يكون مصدراً من مصادر الثروة والرفاهية الاقتصادية؛ لأنه ينتج في إنجاب أفراد يمكن للمجتمع الاعتماد عليهم في نهوضه الحضاري وتقدمه الاجتماعي.بينما الزواج المتأخر يسبب الزيادة القليلة للسكان أو قلة السكان. علماً بان قلة السكان مع زيادة الموارد الطبيعية يسبب عدم قدرة المجتمع على النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية(22).لذا يمكن تقديم النصائح والإرشادات للمجتمعات كافة بتشجيع الزواج المبكر لأنه مصدر من مصادر الثروة والرفاهية والاقتصادية وعدم تشجيع الزواج المؤجل أو المتأخر لأنه سبب من أسباب التناقص النسبي للسكان وسبب من أسباب الركود الاقتصادي والتخلف الاجتماعي والحضاري لأنه يخل بمعادلة التوازن بين معادلتي السكان والموارد الطبيعية التي يتمتع بها السكان.
رابعاً: الخدمات التي تقدمها الدولة للأسر الزواجية حديثة التكوين :
إذا كانت الخدمات التي تقدمها الدولة للأسرة كثيرة ومتنوعة وذات نوعية عالية ،فان الأسر تتشجع على إنجاب الأبناء لأنها تعرف تمام المعرفة بان هناك جهة تقدم لها المساعدات المالية والاجتماعية والتربوية والسكنية والنفسية وان عملية الإنجاب تكون عملية إرادية ومخططة حيث أن الأسر تعلم بأنها ليست مسؤولة عن تربية وتقويم الأبناء فحسب ،بل أن هناك الدولة التي من جانبها تقدم المساعدات والخدمات التي تحتاج إليها الأسر الزواجية لاسيما الأسر التي لديها أطفال(23). أما إذا كانت الخدمات الاجتماعية التي تقدمها الدولة للأسرة قليلة ومفقودة أو ذات نوعية واطئة،فان الأسرة تعزف عن إنجاب الذرية لان عملية الإنجاب تكون عملية مكلفة لان نفقات التربية والرعاية تكون كلها على عاتق الأسرة وليس هناك جهة تساعد الأسرة في أداء الواجبات التربوية والخدمية التي تحتاج إليها .لذا نلاحظ عزوف عدد كبير من الأسر عن الإنجاب لان الإنجاب والتربية والتقويم تحتاج إلى خدمات متنوعة وأموال باهضة لا تستطيع الأسر تحمل أعبائها(24). وهنا تعزف معظم الأسر على الإنجاب أو إذا أنجبت أطفالا فإنها لا تنجب أكثر من طفلين في أحسن الأحوال. وهذا يسبب انخفاض معدلات النمو السكاني وبالتالي عجز المجتمع عن استثمار موارده الطبيعية وبالتالي بطء حركة النمو السكاني.
أن الخدمات التي تقدمها الدولة للأسر الزواجية هي خدمات كثيرة ومتنوعة لعل أهمها رعاية الأسرة وخدمة التقاعد والضمان الاجتماعي وخدمات رعاية الأحداث ورعاية الشباب والخدمات السكنية والخدمات الصحية والخدمات الترويحية .ومثل هذه الخدمات تمكن الأسرة من العناية بأبنائها ومن زيادة إنجاب الأطفال لان هذه الزيادة تنتج في زيادة السكان وبالتالي قدرته على استثمار الموارد والخيرات الطبيعية وقدرته على تحمل مهام الدفاع الوطني في حالة تعرض البلد للعدوان الخارجي أو في حالة اضطراب الأمن الداخلي(25).
وللسكان أثر كبير في إحلال الأمن والنظام في الداخل والقيام بمهام الدفاع الخارجي عندما يتعرض الوطن للعدوان.
أن الخدمات التي تقدمها الدولة للأسرة الزواجية تكون على أنواع كثيرة منها تقديم المعونة المالية للأسر المستحقة ومنح الأسر الأراضي السكنية أو البيوت الجاهزة مجاناً أو بأسعار الكلفة مع منح الأسر الامتيازات والمكافآت بين حينٍ وآخر لكي تتمكن من تلبية وسد حاجاتها . فالأسر الفقيرة تعرف تمام المعرفة بان هناك جهة يمكن أن تقدم لها المساعدات المالية أو العينية أو الاعتبارية، ومثل هذه المساعدات تعينها على إشباع حاجاتها وحل مشكلاتها الآنية والمستقبلية مع تمكينها من التكييف للبيئة التي تعيش فيها وتتفاعل معها.
خامساً: التقليد والمحاكاة :
يعد عامل التقليد والمحاكاة من أهم العوامل التي تؤثر في السلوك البشري اليومي والتفصيلي وقد أكد على أثر هذا العامل في تنظيم السلوك البشري والعلاقات الإنسانية عالم الاجتماع الفرنسي جبرائيل تارد عندما قال في كتابه الموسوم بـ(قوانين التقليد) بان عامل التقليد يساعد الأفراد والجماعات على بلورة ونشر العادة الدارجة في المجتمع، إذ أن التقليد يكون بمثابة العدوى الاجتماعية التي تنتقل انتقالاً سريعاً من فردالى آخر أو من جماعة إلى جماعة أخرى(26).
فعندما تنجب الأسرة عددا كبيرا من الأطفال وهذه الأسرة تكون ناجحة في المجتمع وتحظى باحترام الجميع فان سلوكها الإنجابي سرعان ما تقلده مئات أو الآلاف من الأسر ، ومثل هذا التقليد يجعل جميع اسر المجتمع أسرا كبيرة تنجب عدداً كبيراً من الأطفال . هذا الإنجاب كان نتيجة للتقليد والمحاكاة ، بمعنى آخر أن الأسر الكبيرة التي أنجبت في السابق عدداً كبيراً من الأطفال سرعان ما تقلدها العديد من الأسر فتكون هذه الأسر ذات حجوم كبيرة لأنها عدّت الأسرة الكبيرة التي قلدتها مثالاً تحتذى به من قبلها ومن قبل بقية الأسر في المجتمع.وهذه الظاهرة أي ظاهرة التقليد والمحاكاة في الإنجاب وزيادة الذرية يكون سبباً مهما ًمن أسباب التنمية الكمية للسكان(27).وهكذا يكون العامل التقليد والمحاكاة الدور الفاعل في الزيادة السكانية.
ولو لا التقليد والمحاكاة هذه فيما يتعلق بموضوع الإنجاب لما استطاع المجتمع أن يحصل على الزيادة السكانية إذ أن التقليد كان عاملاً دافعاً للكثير من الأسر على الإنجاب إذ أن الأسر كبيرة الحجم نتيجة زيادة معدلات الولادات قد تكون أسرا مثالية يمكن أن تقلدها مئات الأسر التي تعيش بجانبها حيث أن السلوك الإنجابي سرعان ما يقلد وينتشر في المجتمع انتشار النار في الهشيم .
المبحث الرابع: التوصيات لتسريع ظاهرة التنمية الكمية للسكان في العراق :
هناك العديد من التوصيات التي يمكن أن تسجل في هذا المبحث لتسريع ظاهرة التنمية الكمية للسكان في العراق،ومن هذه التوصيات ما يأتي:
1. حث الشباب والشابات على الزواج المبكر؛ لان الزواج المبكر هو سبب من أسباب التنمية الكمية للسكان،ولكننا لا نستطيع أن نشجع الشباب على الزواج المبكر دون التوصية بإزالة الموانع والعراقيل التي تحول دون الزواج المبكر ومن هذه العراقيل تكاليف الزواج الباهظة وفرض الشروط التعجيزية على الرجل من المرأة، وهذه الشروط التي تجعل الرجل غير قادر على الزواج بسبب التكاليف الباهظة للزواج. وبسبب الشروط والمطالب الصعبة التي فرضت عليه من المرأة التي يريد الزواج منها أو من قبل أسرتها.
2. حل مشكلات تأخر سن الزواج عند الشباب والشابات إذ أن هناك مؤشرات تدلل على تأخر سن الزواج عند الشاب أو الشابة ومثل هذا التأخير لا يساعد على الإنجاب ويحول دون كثرة عدد السكان في المجتمع.
3. نشر القيم الاجتماعية التي تشجع على الزواج والزواج المبكر بين الأفراد والجماعات، ومثل هذه القيم يمكن نشرها بين الشباب عن طريق التوعية والتثقيف وعن طريق وسائل الإعلام الجماهيرية وعن طريق مكاتب البحث الاجتماعي والرعاية الاجتماعية.
4. مبادرة الدولة بتأسيس ونشر العديد من المؤسسات الخدمية والترفيهية التي يمكن تقديمها إلى الأسر الزواجية حديثة التكوين حيث أن مثل هذه الخدمات الاجتماعية تساعد على الزواج والإنجاب .والخدمات هذه هي خدمات صحية وسكنية وثقافية وتربوية، فضلاً عن خدمات الرعاية الاجتماعية والخدمات الترويحية.
5. زيادة الموارد المالية للأسرة عن طريق زيادة معدلات دخولها وتنوع هذه الدخول بحيث لا تكون من مصدر واحد بل من مصادر مختلفة. وهذه الموارد المالية المتنوعة تكون بحوزة الأسرة إنما تساعدها على زواج أبنائها في سن مبكرة.
6. مبادرة الدولة والقادة المسئولين على منح مكافأت تشجيعية للشباب تشجعهم على الزواج وتسد بعض تكاليف الزواج التي لا يستطيع الشباب تغطيتها لان مواردهم المالية محدودة أو معدومة.
الخلاصات والاستنتاجات:
يهدف هذا البحث إلى دراسة ماهية العوامل الاجتماعية المسؤولة عن التنمية الكمية للسكان في العراق حيث أن حضور هذه العوامل يساعد على النمو السكاني السريع،بينما غيابها ينتج تلكؤ النمو السكاني .وعليه أصبح لزاماً على المجتمع تهيئة العوامل الاجتماعية المسؤولة عن التنمية الكمية للسكان .وهذه العوامل حددها البحث بنقاط:
1. القيم الاجتماعية.
2. الموارد المالية عند الأسرة.
3. الزواج المبكر والإنجاب.
4. الخدمات التي تقدمها الدولة للأسر الزواجية.
5. التقليد والمحاكاة.
وبعد استعراض هذه العوامل الاجتماعية المسؤولة عن الإنجاب وشروطها، فان البحث طرح بعض التوصيات لتسريع ظاهرة التنمية الكمية للسكان في العراق .فإذا اخذ المسئولون بهذه التوصيات فان سكان العراق لابد أن يزداد عن طريق الزيادة الطبيعية للسكان وهي زيادة عدد الولادات على عدد الوفيات. علماً بان التنمية الكمية للسكان في العراق تساعد على استثمار الموارد الطبيعية الموجودة في المجتمع وتحويلها من شكلها غير النافع إلى سلع رأسمالية واستهلاكية تساعد على إشباع حاجات المستهلكين فضلاً عن أثر التنمية الكمية للسكان في تهيئة القوى البشرية المؤهلة على تحقيق الأمن الوطني عن طريق مواجهة القلاقل والاضطرابات في الداخل ومواجهة العدوان الخارجي الذي قد يتعرض له العراق.
مصادر البحث
1. الحسن، إحسان محمد (الدكتور). علم الاجتماع: دراسة نظامية ،بغداد،مطبعة الجامعة،1976،ص256.
2. م. ن، ص270.
3. Hanson, J.L. Applied Economics, London, Macdonald, 1983, P39.
4. Towensend, P. Population Growth, London, Evans Press, 1969, P11.
5. بوتول، جاستون، الحرب والمجتمع، ترجمة عباس الشربيني، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، 1986، ص72.
6. Rao, C.N. Sociology, New Delhi, Chand Co. 2000, P631.
7. غيث، د. محمد عاطف، البيئة والسكان، الإسكندرية، دار المعرفة الجامعية، 1992، ص56.
8. المقدم بسام العسلي، الحرب والحضارة، بيروت، المؤسسة العربية للدراسات ولنشر، 1979، ص195.
9. Hicks, M.F. The Social Framework, London, the Crescent press,1968, P30.
10. Ibid, P.32.
11. Ibid, P.33.
12. Hanson, J.L. A Texbook of Economic, London, Evans press, 1991, P65.
13. الحسن، د. إحسان محمد، التصنيع وتغيير المجتمع، بغداد دار الشؤون الثقافية، 1992، ص57.
14. عبد المعطي، د. السيد، علم الاجتماع الحضري والسكان، القاهرة، مطبعة مصر الجديدة، 1989، ص23.
15. م. ن، ص46.
16. ابن خلدون، المقدمة، بيروت دار القلم، 1974، ص169.
17. محمد، د. محمد علي، الموارد البشرية في المجتمع المصري، دار الكتب الجامعية، الإسكندرية، 1988، ص33.
18. Paish, Frank, Family Finance, London,1981, P11.
19. Ibid, P.13.
20. Townsend, P. Population Trends in Britain, London, The Strand Press, 1986, P12.
21. Ibid, P.14.
22. Lewis, A. Population and Economic Development, London, George Allen, 1965, P51.
23. الحسن، د. إحسان محمد، الإنجاب والأمن السكاني، بغداد، مطبعة المعارف، 1993، ص88.
24. م. ن، ص89.
25. م.ن، ص91.
26. Tarde, G. The Laws of Lmitation, London, the legacy.
27. Ibid, P.81.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق