التسميات

السبت، 28 يناير 2017

التخطيط البيئي - م. سميرة محمد الكندري ...


التخطيط البيئي

م. سميرة محمد الكندري

مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 11 :

   يقصد بمصطلح التخطيط البيئي : هو التخطيط الذي يحكمه بالدرجة الأولى البعد البيئي والآثار البيئية المتوقعة لخطط التنمية على المدى المتطور وغير المتطور ، وهو التخطيط الذي يهتم بالقدرات أو الحمولة البيئية بحيث لا تتعدى مشروعات التنمية وطموحاتها الحد البيئي الحرج ، وهو الحد الذي يجب أن نتوقف عنده ولا نتعداه ، حتى لا تحدث نتائج عكسية قد تعصف بكل ثمار مشروعات خطة التنمية ، وربما يؤدي إلى كارثة بيئية او بمعنى آخر " التخطيط البيئي هو التخطيط الذي يطوع خطط التنمية بيئياً " .والجدير بالذكر أن التخطيط البيئي ليس خطاً مستقلاً في التخطيط ، إنما هو تطبيق للمفهوم البيئي والرؤية البيئية السليمة في خطط التنمية الوطنية ، كما يستمد أصله من مفهوم كون البيئة مع التنمية تكاملا لتصادما . فالأخذ بالتخطيط البيئي كأسلوب جوهري لتحقيق استخدام متوازن لموارد البيئة ، هو تجاوز لازم في عالم أصبح النمو السكاني فيه مشكلة عالمية ، وأصبح فيه التقدم التكنولوجي يتسارع سريعا ، ويفرض على البيئة ضغوطاً شديدة ترهقها وتهدد بحدوث خلل في توازنها البيئي أساس الحياة . وعليه يمكن الاستنتاج باهمية التخطيط البيئي في الإدارة البيئية ، حيث أن الإدارة البيئية يدخل في مضمونها التخطيط البيئي ــــ الحماية ــــ المراقبة ـــ التقييم ــــ البحث ــــ التعليم ـــ المحافظة والإستبدال في استخدام الوارد.

تجربة دولة الكويت في التخطيط البيئي

أولاً : المخطط الهيكلي :

  أخذت دولة الكويت بمبدأ التخطيط الهيكلي من أوائل الخمسينات ، وتم وضع دراسة شاملة للدولة ، تضمنت توزيع الأراضي بين مختلف الاستخدامات ، وقد روعى أن يكون التوزيع واضحاً وبسيطاً ، وبقيت مدينة الكويت القديمة مركزاً للاستيطان المتزايد مع تركيز الأعمال الحكومية والنشاط التجاري في المنطقة التي كان يحيط بها السور القديم ، وقد خصص قطاع من الأرض يبلغ عرضه حوالي 250 مترا كحزام أخضر يحيط بموقع السور القديم ، كما تضمن المخطط إنشاء أربع طرق دائرية متوازنة حول المدينة ، مع إنشاء عدد من الطرق الشعاعية متعامدة تقريباً مع هذه الطرق عند المدينة القديمة وتوصل إليها مباشرة ، وقد أدت هذه الطرق إلى تحديد 16 منطقة سكنية تتراوح مساحة كل منها بين 1.2 - 2.9 كم مربع. وخصص لكل منها الطرق الداخلية والمرافق الاجتماعية والخدمات العامة، وكان من الواضح منذ البداية اتباع نوعين أساسيين من التنمية الحضرية ، هما إسكان ذو كثافة منخفضة وآخر ذو كثافة عالية .

  كما روعي الفصل التام بين التنمية الإسكانية والمناطق التي يسمح فيها بممارسة النشاط الصناعي، وتم تخصيص منطقة الشعيبة كمركز للصناعات البترولية والبتروكيماوية ، كما خصصت منطقة الشويخ الصناعية إلى الغرب من مدينة الكويت للصناعات الخفيفة والورش والخدمات الحرفية.

  وفي عام 1968 قام مجلس التخطيط بالاشتراك مع البلدية بمراجعة شاملة للمعلومات والبيانات المتوفرة، والقيام بعمليات مسح ميدانية لتوفير البيانات الضرورية عن السكان والاقتصاد ووجوه استخدام الأراضي في المناطق الحضرية والصفات المعمارية والجمالية لهذه المناطق ، ونظم البناء وسبل النقل والمواصلات ، وتعتبر هذه الخطة الأساس الذي تعتمد عليه الدولة في التخطيط وتلتزم بتنفيذه إلى حد كبير، وقد إجريت مراجعة وتعديل المخطط الهيكلي وأعيد النظر في بعض مقومات المخطط في عام 1977، وقد تم في هذه المرحلة إضافة عدد من مناطق الصناعات الخفيفة كما تضاعفت مساحة منطقة الصناعات البترولية مما يمكن معه استيعاب حركة التنمية الصناعية السريعة .

  وقد شاركت الجهات المسؤولة عن حماية البيئة في مراجعة المخطط الهيكلي لتوفير البعد البيئي للخطة والتقليل من قدر الغمكان من الآثار السلبية ومنها التلوث المحتمل من الصناعة واستخدام الوقود لإنتاج الطاقة او تشغيل وسائل النقل وتم الاتفاق في هذه المرحلة على أن يراعي في توطين الصناعة واختيار مواقعها بعض الأسس البيئية وأهمها احتياجات الصناعة من المواد الخام ومتطلباتها من وسائل النقل ومساحة الأرض اللازمة لإقامتها وعدد العمال الذين تستخدمهم والمساحات التي يحتمل أن تنتقل خلالها اي ملوثات للهواء أو المسافات التي يكون فيها مستوى التلوث الصادر عن الصناعة أعلى من الحد المسموح به.

ثانياً : تخطيط المناطق الصناعية :

  يعتبر تخطيط المناطق الصناعية من أهم بنود التخطيط البيئي ، وهناك عدة إعتبارات يجب مراعاتها عند تخطيط المناطق الصناعية وتوزيع الطرق بها ، بحيث تحقق الإستفادة من اتجاه الرياح السائدة في تشتيت الملوثات ، كما يراعى العوامل الطبوغرافية في صرف المخلفات السائلة بصورة تحقق أعلى كفاءة ممكنة في هذا المجال .

   ويتبع في توطين الصناعات وتحديد مواقعها داخل المناطق الصناعية بعض الاعتبرات البيئية التي تتعلق بعدم السماح بانتقال الملوثات من منشأة صناعية إلى أخرى مجاورة لها والتأثير على العاملين بها أو التأثير على نوعية المنتجات التي تقوم المنشأة بتداولها أو تخصيصها ، وتم تقسيم الأراضي داخل مناطق الصناعات الخفيفة ( منطقة صبحان الصناعية ) إلى 3 فئات تخصص الفئة (أ) منها للصناعات الغذائية والدوائية والفئة (ب) للصناعات التحويلية الخفيفة أما الفئة (ج) قتم تخصيصها للصناعات المعدنية ويراعى في التخصيص المساحات المطلوبة للصناعة واتجاهات الرياح السائدة .
 
  أما في المنطقة الجنوبية وهي امتداد منطقة الصناعات البترولية فتم الاتفاق على أسلوب آخر في التخصيص بحيث تتواجد الصناعات التي يحتمل أن تؤدي أي تصاعد ملوثات للهواء في مركز المنطقة تحيط بها المناطق الأقل تأثراً على أن توضع الصناعات التي لا تؤدي إلى تصاعد ملوثات أو ملوثات ضيئلة في المحيط الخارجي للمنطقة وبذا تعمل هذه الصناعات كمناطق عازلة تعمل على تقليل تأثير المناطق السكنية المجاورة نتيجة انتقال الملوثات .

  كما قام مجلس حماية البيئة سابقاً بالتعاون مع بلدية الكويت بدراسة تم فيها تحديد متطلبات المناطق الصناعية ومحطات توليد الطاقة وتحلية المياه وشبطة الطرق والمطار الدولي وغيرها من المصادر الثابتة للتلوث بالغازات والأتربة أو الضوضاء واحتياجات من المناطق العازلة .

  وقد روعي في تحديد عرض الأحزمة نوعية الصناعة وطبيعة التنمية في المنطقة المحيطة بها ، ويبين الجدول رقم (1) عرض المساحات التي تم تخصيصها كأحزمة عازلة حول مناطق الصناعات الخفيفة ، وقد روعي فيها اتجاه الرياح السائدة وكان عرض الأحزمة في إتجاه الجنوب الشرقي يصل إلى 750 متراً أقلها في الشمال الشرقي 10 متر ويبين جدول رقم (2) عرض المنطقة العازلة في حالة منطقة الشعيبة الصناعية .

  وهي المنطقة التي تتركز فيها الصناعات البتروكيماوية وكان عرض الأحزمة يزيد كثيراً عن هذا فكانت تصل في اتجاه الجنوب الشرقي إلى 6400 متر وفي اتجاه الجنوب إلى 3700 متر وأقلها في اتجاه الشمال الغربي ، ولا يسمح بأي تنمية إسكانية في هذه الاحزمة ، أما حول الطرق السريعة والطرق الرئيسية فكان العامل المؤثر هو الضوضاء وتم اختيار 100 متر كحد ادنى على جانبي الطرق السريعة يزيد إلى 400 مترا على جانبي الجسور العلوية ، أما المطار الدولي فقد قسمت المنطقة التي تقع في مسار إقلاع وهبوط الطائرات وحددت نوعية الاستخدام فيها بالاشتراطات بالتوصيات الصادرة عن المنطقة الدولية للطيران المدني في هذا الشأن.

  كما تم الاتفاق في مرحلة لاحقة على توفير مناطق فاصلة حول المنشىت الصناعية.

ثالثاً : التنمية الحضرية :

   وبالإضافة إلى تخطيط المناطق الصناعية ، فيجب أن يكون هناك تخطيط مسبق لمشاريع التنمية المختلفة ( المناطق السكنية وما يتبعها من إدارة وتنظيم حركة المرور الناتجة عن إنشاء الشوارع والجسور . المنشآت الحساسة مثل المستشفيات والمدارس . المشاريع الترفيهية والترويحية ) .

   حيث يراعي في إقامة الضواحي أو المناطق السكنية بعض الاعتبارات البيئية ، أهمها ألا تقام هذه المناطق في إتجاه هبوب الرياح من المناطق الصناعية وإن تقام بينها مناطق عازلة بعرض كاف . ويراعي في التخطيط الإسكان في المناطق الحضرية بصفة عامة أن تقام المباني المفردة والفيلات في مناطق خاصة تبنى حولها وإن يراعي في تحديد ارتفاعات هذه المباني أن يكون لها نفس ارتفاع الأشجار التي تزرع حولها .

  أما بالنسبة لحركة المرور روعى أن تصمم الشوارع في المناطق الحضرية بطريقة تتناسب مع الأحوال المناخية السائدة وإبعاد حركة المرور السريع عن مركز المدن في المناطق السكنية ، وإقامة الأحزمة الخضراء أو الجسور المرتفعة على جوانب الطرق للفصل بينها وبين المناطق السكنية أو أثناء الانفاق وتفادي إقامة التقاطعات المرتفعة بالقرب من المناطق المأهولة ومن الوسائل الأخرى التي أجريت دراستها تشجيع إستخدام وسائل النقل العام وتقليل كميات الملوثات التي تتصاعد من العادم بتحديد مواصفات السيارات واختيار أنواع الوقود المناسبة وتوعية السائقين إلى الوسائل الكفيلة بالحد من تصاعد الملوثات والتقليل من الضوضاء.

رابعاً : السياسات البيئية

   من الركائز التي يتركز عليها التخطيط البيئي هو وضع لوائح بالسياسات ، لما لهذه السياسات من دور فعال في إضفاء الفعالية على الإدارة البيئية ، وإدراكا لأهمية وضع هذه السياسات كإطار يتم من خلاله وضع وتنظيم الجهود التي تبذلها الجهات المختلفة في مجال حماية البيئة وللاسترشاد بها في عمليات التنمية وإقامة وتنفيذ وتشغيل المشروعات الإنمائية والإنتاجية والعمرانية بما يضمن عد الإضرار بالبيئة فقد تم إعداد بيان بالسياسات ( قانون حماية البيئة 62/1980 ) وقد نوقشت على مختلف المستويات وتم تعديلها على ضوء ما ورد من ملاحظات من الجهات المعنية بالدولة وتم إعتمادها من قبل مجلس الوزراء الموقر ، وبناء على القانون تحت رقم 16/ 1996 بشأن إنشاء الهيئة العامة للبيئة والسياسات العامة لحماية البيئة في دولة الكويت فقد تم موائمة السياسات العامة لحماية البيئة مع أجندة القرن الحادي والعشرين وتضمنت السياسات العامة المجالات التالية :

1. حماية البيئة من التلوث.

2. المحافظة على البيئة الطبيعية والموارد الطبيعية وموارد الطاقة.

3. دعم الزراعة والثروة الحيوانية.

4. ملائمة التطور العمراني والسكني والطابع المعماري للظروف البيئية.

5. الحد من الآثار السلبية لاستخدام التكنولوجيا على الإنسان والبيئة والاستفادة منها.

6. المحافظة على التراث القومي.

7. تنمية القوى البشرية في مجال حماية البيئة.

8. دعم التوعية والتربية البيئية.

9. تشجيع الأبحاث البيئية.

10. مراعاة الاعتبارات الدولية في حماية البيئة.

   وتم وضع العناصر الأساسية للسياسة العامة لحماية البيئة في كل مجال من هذه المجالات، والتي يجب أن تعتبر مؤثرات عامة تحدد الإطارات التي يتم على أساسها وضع خطط عمل تفصيلية ومتكاملة لتنفيذ كل عنصر من هذه العناصر.

  ويشمل تنفيذ هذه السياسة وضع التشريعات وتحديد المستويات الآمنة للملوثات في مجالات البيئة المختلفة مثل الهواء والماء والتربة وأن يتم على أساسها تحديد مستويات الملوثات المسموح بصرفها من أي مصدر من المصادر ، والحد أو التقليل من مستويات التلوث الحالية وذلك بإجراء الدراسات والتحليلات اللازمة وتحديد وتحديد التكنولوجيا المناسبة . والحد من مشاكل التلوث المستقبلية ، وذلك بترتيب وتقييم مشروعات التنمية المناسبة ، والحد من مشاكل التلوث المستقبلية ، وذلك بترتيب وتقييم مشروعات التنمية الصناعية والعمرانية المزمع إقامتها وتعميم أساليب التقييم البيئي وجعلها جزاء لا يتجزأ من عمليات التخطيط الإنمائي على أن يوخذ في الإعتبار المواصفات التي تحدد الجودة البيئية لكل مكونات البيئة المختلفة ، والتقليل قدر الإمكان من الأضرار البيئية ، وتنمية القدرات الوطنية وذلك بدعم خطط تدريب الكوادر الوطنية التي تقوم بتنفيذها الهيئات المختلفة ، ودعم وتطوير التنسيق والتعاون بين مختلف الجهات الوطنية المختصة وذلك في إطار السياسة العامة لحماية البيئة .وتوحيد التي تبذلها الدول الخليجية بما يمنع من تأثير مشروعات التنمية والتصنيع التي تقوم بها إحدى الدول على البيئة بالدول المجاورة.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا