التسميات

الثلاثاء، 17 يناير 2017

تطور الزراعة في المملكة العربية السعودية ...

الفصل الأول
تعريف الزراعة ومراحل تطورها
تعريف الزراعة :
              تعرف الجمعية الاقتصادية الريفية في فرنسا الزِراعة "بأنها العمل الذي به تستخدم القوى الطبيعية لإنتاج النبات والحيوان بغية تأمين الحاجات البشرية".
              وتعرف الزراعة بأنها علم وفن وصناعة إنتاج المحاصيل النباتية والحيوانية النافعة للإنسانوتعريف الزراعة بأنها علم يعتبر تعريفاً حديثاً نسبياً نظراً لأنه كان ينظر إلى الزراعة قديماً على أنها مجرد عميلة بذر البذور في التربة ثم تركها لتنمو تحت الظروف الطبيعية حتى يحين موعد حصادها فتحصدكما كان ينظر إلى العمليات الزراعية على أنها عبارة عن عادات قديمة وخبرات متوارثة من جيل إلى جيلثم تطورت الأحوال وتقدمت العلوم التي أفادت الزراعةهذا بالإضافة إلى جانب التجارب والبحوث العديدة التي أجريت على الطرق المختلفة للزراعة والتسميد وتغذية الحيوان ومقاومة الآفات وغيرها مما أدى إلى أن أصبحت الزراعة علماً من العلوم بل مجموعة من العلوم والعمليات العلمية المبنية على أساس الملاحظات التي تم اثباتها والتجارب التي كررت مراراً والتي ساعدت المزارع على إنتاج المحاصيل ذات الجودة العالمية بكميات كافية وبصفة مستمرة وبسعر ومجهود وتكاليف معقولة.

              والزراعة بالإضافة إلى كونها علم، فهي أيضاً مهنة أو فن، والمهنة أو الفن هي الطريقة التي تؤدي بها عملية معينة دون البحث عن مسبباتها، بعكس العلم الذي يبحث عن مسببات الظواهر ونتائجهاوعلم الزراعة يمكن أن يكتسب عن طريق الكتب والمراجع أما فن الزراعة فإنه لا يمكن أن يكتسب عن طريق الدراسة في الكتب وحدهافالدقة في العمل وفي اجراء العمليات الزراعية المختلفة وتوقيتها تحتاج إلى الكثير من المران حتى  يصبح الفرد خبيراً في آدائها ولذلك كان الحقل وليس الفصل هو خير مكان للتدريب على حرفة الزراعة لأن الزراعة كمهنة تشمل الكثير من الأمور المعقدة التي لا يمكن جمعها كلها في كتاب وتدريسها دفعة واحدة وانما يمكن اكتسابها بالمران الكثير أثناء الدراسة وبالخبرة العملية في الحقل.
              والزراعة كصناعة لها نواتج تباع في الأسواق وتتأثر أسعارها بعوامل عديدة تستوجب أن يكون المزارع ملماً بطرق الشراء والبيع الحكيمة وكذلك الوسائل التي يتمكن بها تقليل تكاليف الانتاج والمعلومات الأخرى التي تمكنه من الحصول على أعلى ربح بأقل مجهود وتكاليف ممكنة.
              والزراعة هي الصناعة الرئيسية التي تركزت عليها الصناعات الأخرى فهي مصدر الدفعة الأولى التي دفعت بالقطاع الصناعي إلى التقدم فهي التي أمدت سكانه بالغذاء ومواد الكساء الأساسية وهي التي أمدت الصناعات الأخرى بالكثير من المواد الأولية ورؤوس الأموال والقوى العاملة اللازمة لتقدمها.
              إذاً الزراعة هي علم وفن وصناعة وتجارة انتاج المحاصيل النباتية والحيوانية، وهي ليست فقط أرض وزروع نباتية وحيوانية بل أيضاً الفلاح وأسرته، أولئك الذين يقومون بتوفير حاجياته الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والمادية والذين لا يقلون في أهميتهم عن الأرض والمحاصيل الناتجة منهاإذاً فالزراعة الناجحة تعتمد على ثلاث عناصر رئيسية هي النجاح التكنولوجي أي النجاح الزراعي من الناحية الفنية والنجاح الاقتصادي أي الكفاءات في تسويق المحاصيل الزراعيةوأخيراً النجاح الاجتماعي أي العيش عيشة رغدة وتحقيق مستوى نعيم وهناء عالي.
              وتصنف الزراعة العالمية إلى زراعة متقدمة وأخرى متخلفة أو تقليدية وثالثة نامية، والزراعة المتقدمة هي التي يتم فيها استخدام أساليب إنتاجية جديدة عصرية مما أدى إلى إشباع رغبات السكانأما الزراعة المتخلفة أو التقليدية فهي الزراعة التي يتم فيها استخدام عناصر إنتاجية تقليدية أي قديمة غير متطورة في إنتاج سلع زراعية تقليدية لا تكاد تشبع رغبات السكان أما الزراعة النامية فهي تلك النوع من الزراعة التي تقع بين الزراعة التي تقع بين الزراعة التقليدية والمتقدمة، أي تلك الرغبات التقليدية التي بدأت تأخذ بأسباب التقدم عن طريق استخدام إنتاجية عصرية.

مراحل تطور الزراعة :
المرحلة الأولى :
              كان الإنسان قديماً يعتمد في سد حاجته من الغذاء على جمع الثمار والحبوب وبعض الجذور والأوراق كما كان يمارس صيد الحيوانات، وبعد ازدياد السكان أصبحت الحاجة ماسة جداً للغذاء وبدأ الإنسان في زراعة البذور لإنتاج محاصيل الحبوب وبدأت الزراعة في المناطق المجاورة للأنهار نسبة للخصوبة العالية في التربة على ضفاف الأنهار ولتوفر المياه، وتلا الاهتمام بمحاصيل الغذاء الاهتمام بالملبس، وعليه اتجه الإنسان لزراعة محاصيل الألياف كالقطن، وبعد ذلك أدت زيادة السكان للزحف بعيداً عن الأنهار واستغلال الأراضي المتاخمة لها وعليه بدأ الإنسان في زراعة المحاصيل معتمداً على الظروف المناخية ورعاية الأراضي.

المرحلة الثانية :
نظام الرعاة الرحل يمارس هذا النظام في المناطق التي تتوفر فيها المراعي الطبيعية مثل السودان وموريتانيا، فيكون الرعاة في حالة ترحال بحثاً عن الماء والكلأ، وتقوم الأسرة بتقسيم العمل بحيث يرحل جزء من الأسرة مع الحيوانات بحثاً عن المرعى والجزء الآخر يمكث خلال فترة هطول الأمطار لزراعة بعض المحاصيل، وعند نهاية موسم الأمطار ترجع المجموعات المتنقلة مع الحيوانات إلى ما يسمى بمناطق المصيف وأهم شيء فيها أن يتوفر الماءوأحياناً يقوم الرعاة في أوقات استقرارهم قرب مصادر المياه بعمل مزرعة أو حديقة منزلية وتزرع بها محاصيل سريعة النضج كالبقوليات.

المرحلة الثالثة :
الزراعة غير المستقرة كانت الزراعة غير المستقرة تمارس لعدة قرون ولا زالت تمارس في كثير من الدول الناميةوهي زراعة قطعة من الأرض لعدد من السنين بمحصول واحد أو محصولين ولمدة تتراوح ما بين ثلاث إلى أربع سنين بدون توقف ثم تترك الأرض بعد ذلك وينتقل المزارع إلى قطعة أرض جديدة لم تزرع من قبل ويمارس فيها النشاط الزراعي السابق وللمدة نفسها من الزمن وعندما يلاحظ أن التربة قد فقدت خصوبتها وذلك لقلة الناتج من المحصول، بعد ذلك يرجع المزارع إلى القطعة الأولى التي تركها بوراً لمدة أربع سنوات مثلاً وبذلك تكون التربة قد استعادت جزء  كبير من خصوبتها خلال فترة الراحةوتمارس في بعض الدول الفقيرة حيث لا يكون بمقدور المزارع التقليدي استعمال مدخلات الإنتاج اللازمة أي ليست هنالك بذور محسنة أو أسمدة أو مكافحة بالمبيدات اليماوية للحشائش والحشرات.

المرحلة الرابعة :
نظام الزراعة المستقرة : بدأت الزراعة المستقرة في القرون الوسطى بأوروبا وكان التركيز في هذا النظام على زراعة محاصيل الحبوب كالقمح وكان الإنتاج يقسم إلى ثلاثة أجزاء ثلث لغذاء الإنسان وثلث يوفر للعام التالي وثلث لغذاء الحيواناتثم تطورت هذه الزراعة واستخدم فيها المحاريث التي تجرها الخيول، وعندما قامت الثورة الصناعية تم تصنيع الجرارات والمحاريث والآليات الأخرى مما مكن من زراعة مساحات شاسعة، أيضاً تم إدخال الأسمدة لزيادة خصوبة التربة وكذلك بدأ استخدام المبيدات لمكافحة الآفات.

المرحلة الخامسة :
نظام الزراعة المختلطة : ابتكر هذا النظام ليشمل إنتاج المحاصيل الحقلية وتربية الحيوانات في قطعة الأرض نفسها وذلك كنظام متكامل يجمع بين المحصول والحيوانفي هذا النظام يستفاد من مخلفات المحصول بعد الحصاد كبقايا السيقان والأوراق في تغذية حيوانات المزرعة، كما أن رعي الأبقار في المزرعة يترك الروث والذي يتكون أساساً من مواد عضوية وعند جفافها وتحللها تعمل على تخصيب التربة وتحسين قوامها الطبيعي وبذلك يتم التكامل بين الشق النباتي والحيواني في المزرعة.

المرحلة السادسة :
الزراعة الصناعية :
              هي نوع متخصص من الزراعةن في محصول واحد أو محصولين لتوفير الخامات للتصنيع، مثل القطن لتصنيع النسيج، وأهم السمات في هذا النظام هو إدخال الحزم التقنية في الزراعة، وهي مجموعة تقنيات توصلت إليها البحوث وطريقة الزراعة والري ونظافة الحشائش ومقاومة الأمراض والحشرات والحصاد والتخزين.

المرحلة السابعة :
الزراعة ذات التقنيات الحديثة :
              هي نوع من الزراعة أدخلت فيه تقنيات حديثة ومدخلات إنتاج كثيرة وذلك لتعديل بيئة النبات في ظروف النمو غير الطبيعية في الحقل لتماثل بيئة النبات المثالي، مثل زراعة المحاصيل البستانية في البيوت المحمية والزراعة بدون تربة والزراعة في محاليل غذائية.

خصائص الزراعة :
              تعتبر الزراعة أكبر صناعة أولية في العالم، وهي تختلف عن الصناعات الأخرى بأمور كثيرة ولها خصائص تنفرد بها عن غيرها من الفعاليات الاقتصادية ومن أهم هذه الخصائص ما يلي :
1-  ارتباط العمل والمعيشة الريفية من الأمور الشائعة في الزراعة اندماج منزل بحقله حيث أن المزارع يدير المزرعة من البيت وعلى هذا يعتبر البيت بمثابة المركز الذي يدير منه المزارع المزرعة.
-2   اندماج الإدارة والحيازة في الزراعة طبيعة الزراعة تجعل من الضروري قيام الزراع بوظيفتي الإدارة والحيازة في آن واحد وهاذ ما لاتجده في المنشآت الصناعية والتجارية الحديثةحيث أن الإدارة تكون منفصلة عن الملكية.
-3  الزراعة تتخصص بالمناطق والعوامل الطبيعية التخصص هو قيام فرد أو جماعة معينة بأداء عمل معين دون غيره، وأن أهم ميزة للتخصص هي زيادة الإنتاجوالتخصص نوعان تخصص بالمناطق ويرجع السبب في هذا التخصص في الغالب إلى عوامل طبيعية كالمناخ أو طبيعة التربة أو توفر المياه وهذا النوع، في التخصص هو الشائع في الزراعة، أما النوع الثاني فهو التخصص بالواجبات والأعمال الذي يطبق بصورة خاصة في الصناعة ويتم بتوزيع الأعمال والواجبات في المصنع.
-4   عدم تجانس السلع الزراعية وصعوبة توحيد نمطهاإن تماثل الوحدات المنتجة لايمكن تطبيقه في المنتجات الزراعية بنفس السهولة التي يطبق فيه على السلع الصناعية فاستعمال العمليات الميكانيكية في الصناعة يجعل من الممكن انتاج كميات كبيرة من السلع المتماثلة من حيث الشكل والحجم والنوعية، أما في الزراعة فإن صفات المحصول الواحد قد تختلف من منطقة إلى أخرى.
-5  صعوبة تحديد كمية الانتاج في الزراعة من صفات الزراعة تقلب كمية الانتاج من سنة إلى أخرى أو من موسم إلى آخر بسبب العوامل الجوية والطبيعية لذلك يعتبر من الصعوبة بمكان التنبؤ بالمحصول السنوي للدونم وبالتالي المحصول السنوي للدولة.
-6  ضعف مرونة الطلب والعرض على السلع الزراعية والمقصود بمرونة العرض أو الطلب درجة التغيرات الحاصلة في الطلب على المحاصيل الزراعية أو في عرضها في حالة تغير أسعارهاوبعتبر الطلب أو العرض مرنا إذا أدى تغير قليل في ثمن احدى السلع إلى تغير كبير في الكمية المطلوبة منه أو الكمية المعروضة للبيع، أما إذا كان التغير قليل قيل أن لتلك السلع طلباً أو عرضاً غير مرن.
-7  تعرض الزراعة لمخاطر كثيرةالزراعة أكثر عرضة للمخاطر الناجمة عن الجفاف والأمطار والبرد الشديد والفيضانات والحشرات والأوبئة والأمراض النباتية والحيوانيةبينما نجد أن الصناعات يكنها لدرجة كبيرة من حماية نفسها من التقلبات الجوية وهذا بالاضافة إلى عم تعرضه للأوبئة والأمراض التي تتعرض لها الزراعة.
-8   صعوبة التموي الزراعي.
-9   تعدد وصغر الوحدات الانتاجية في الزراعة تتكون الزراعة من مزارع صغيرة متعددة وهذا يؤدي إلى عدم التحكم بالكمية المنتجة والأسعار بعكس الصناعة.
-10   تناقص الغلة الزراعية.
-11  ارتباط الانتاج الزراعي بالزمن تختلف الزراعة عن بقية الصناعات الأخرى في أن الزراعة تتعامل مع كائنات حيةوهذه الكائنات الحية تتطلب زمناً محدداً لتكوينها البيولوجي فعلى سبيل المثال تتطلب بعض أصناف القمح أن تبقى في التربة فترة 120 يوماً قبل الحصاد، وتربية الأبقار تتطلب من الفلاح أن ينتظر تسعة شهور حتى تلد، ومربي الدواجن تتطلب منه عملية حضانة البيض 21 يوماً حتى تفقسوهذه الحالة لا تجد لها مثيلاً في الانتاج الصناعي الذي يتعامل مع كائنات غير حية، إذ أنه من الممكن انتاج ماكينة زراعية في مدة معينة إذا توافر في المصنع المواد الخام وتوفرت العمالة الكافية.
-12  موسمية الانتاج الزراعي يقصد بموسمية الانتاج الزراعي أن زراعة المحصول وحصاده والعمليات الانتاجية الزراعية الأخرى تتم في مواسم معينة وذلك بسبب العوامل الجوية والطبيعيةويترتب على موسمية الإنتاج الزراعي موسمية العمل المزرعي وموسمية الدخول المزرعية وكذلك موسمية الصناعات التي يعتمد انتاجها على المواد الخام الزراعية.
-13   ضخامة نسبة رأس المال الثابت تتصف الزراعة باتساع نسبة رأس المال الثابت اللازم للعملية الإنتاجية وعلى الأخص عند مقارنتها بغيرها من الصناعات الأخرىوقد قدر البعض قيمة الأرض والمباني وما بها من تحسينات رأسمالية وغير ذلك من المنشآت الثابتة بنحو 75% من رأس المال الزراعي.

معوقات التنمية الزراعية في الدول النامية:
يمكن تصنيف معوقات التنمية الزراعية في الدول النامية على النحو التالي :
(1)   المعوقات الطبيعية ومن أهم هذه المعوقات الترب الزراعية والموارد المائية، ففي المناطق التي تقل فيها الأمطار تكون نسبة الملوحة مرتفعة مما يؤدي إلى تدهور الإنتاج يضاف إلى ذلك صعوبة زراعة بعض المحاصيل الاستراتيجية الحساسة للملوحة مثل القمحأما في المناطق المطرية فإن الترب الزراعية تعاني من مشكلة الإنجراف والتعريةأما بالنسبة للأمطار فإن الاعتماد عليها في الزراعة يؤدي إلى التقلبات في الإنتاج، كذلك تتميز معظم الدول النامية بانخفاض معدلات سقوط الأمطار وعدم انتظام سقوط الأمطار وتوزيعها الموسمي بما لا يتناسب مع الاحتياجات الغذائية للمحاصيل الزراعية.
(2)   المعوقات التكنولوجيةمن المعوقات التكنولوجية ما يلي :
1-  عدم توفر الأصناف الملائمة للظروف البيئية في كل من مناطق الإنتاج أو المقاومة للأمراض كالصدأ بالنسبة للقمح، وتدهور السلالات المحلية من الحيوانات وارتفاع نسبة النفوق وانخفاض معدلات الخصوبة.
-2 القصور الواضج في أجهزة البحث والإرشاد الزراعي مما أدى إلى عدم الاستفادة من الأصناف والسلالات المحسنة عالمياً.
-3   ضعف الأجهزة الإقراضية وصعوبة وتعقد شروط الإقراض وخاصة القروض متوسطة الأجل يضاف إلى ذلك صغر وتفتت الحيازات الزراعية.
-4 تدهور مستوى الأداء الفني للعمليات الزراعية المختلفة كالتأخر في عمليات إعداد الأرض للزراعة والتأخر في عمليات خف الثمار ومقاومة الآفات والحشائش.
-5   عدم توفر قطع الغيار والكوادر الفنية اللازمة للتشغيل والصيانة.
-6  التخلف الفني في العمليات المختلفة التي تأتي بعد الحصاد والتي من أهمها النقل والتخزين والفرز والتدريج.
-7  نقص المواد الأولية أو الخامات الصناعية الأساسية وعدم توافق نوعية المواد الخام الزراعية مع المتطلبات الصناعية.
(5)   المعقوقات التنظيمية من أهم المعوقات التنظيمية التي تواجه الدول النامية ما يلي :
1-  تختلف أجهزة التسويق وانخفاض مستوى التسهيلات التسويقية من الناحية الكمية والنوعية.
-2  تخلف أجهزة التسويق وانخفاض مستوى التسهيلات التسويقية من الناحية الكمية والنوعية.
-3  تواجه حركة التعاون الزراعي العديد من المشاكل بسبب الاتكالية التي رافقت عمل التعاونيات من اعتمادها الكامل على مؤسسات واجهزة الدول مما جعلها تتحمل جزءاً غير قليل من آثار الروتين الذي تعاني منه أجهزةت الدولة.
-4  انخفاض الأهمية النسبية للاستثمار الموجه للقطاع الزراعي بالقياس إلى الاستثمار الموجه للقطاعات الاقتصادية الأخرى.
-5  تباين التوزيع النسبي للاستثمارات الزراعية على الأنشطة المختلفة داخل القطاع الزراعي نفسه.
-6   انخفاض مساهمة القطاع الخاص في الاستثمارات الزراعية واعتماد الاتفاق الاستثماري على القطاع العام.
(دالمعوقات البحثية من المعوقات البحثية ما يلي :
1- التخلف التكنولوجي والافتقار إلى الأبحاث العلمية الموضوعية.
2- عدم توفر التمويل الكافي للأبحاث.
3- عدم ارتباط برامج الأبحاث بأولويات المشاكل الزراعية الواقعية في كثير من الأحيان.
4- عدم توجيه اجراء البحوث الزراعية لإيجاد الحلول للمشاكل التي يواجهها المجتمع الزراعي.
5- ضعف التكامل بين المخططين والمنفذين من ناحية ومسئولي الأبحاث من ناحية أخرى.
6- ضعف كفاءة بعض نتائج الأبحاث في تحقيق الأهداف المرسومة.
7- ضعف المستوى الفني للعاملين في القطاع الزراعي بكافة مستوياته.
8- عدم الاهتمام بوضع نتائج الأبحاث امام المزارع بشكل يسمح له بتطبيق هذه النتائج والاستفادة منها بشكل رئيسي في زيادة انتاجية الوحدة الزراعية وبالتالي إلى زيادة الانتاج.
9- التركيز على استيراد التكنولوجيا من البلاد المتقدمة لحل المشاكل الزراعية، بدل القيام باجراء البحوث لإيجاد الحلول المناسبة والملائمة لطبيعة الأرض والموارد والمناخ.
10- ضعف العلاقة بين الباحثين ومؤسسات البحث من جهة وبين المجتمع الزراعي مما أدى إلى انخفاض مستوى الإستفادة من نتائج هذه البحوثلذلك نجد أعداداً كبيرة من البحوث الزراعية التي أجريت انتهت بتقرير نشر بطريقة علمية وغير عملي بحيث لم يستطع المزارع تطبيق نتائجها وبالتالي عدم الاستفادة منها.
11- عدم التنسيق بين الباحثين ومؤسسات الأبحاث مما يسبب التكرار في إجراء كثير من الأبحاث لنفس المشكلة أو الموضوع وهذا يشكل ضياع وهدر الموارد وطاقات الباحثينويعود عدم توفر الدعم التقني المطلوب لزيادة الانتاج من البحوث الزراعية إلى عدد من الأسباب منها :
أمحدودية المخصصات المالية المعدة للبحوث الزراعية في معظم أقطار العالم النامي وعدم كفايتها.
بهجرة الكفاءات الزراعية.
جضعف التنسيق بين المخططين والباحثين.
دضعف التنسيق بين البحوث الزراعية والإرشاد الزراعي.
حعدم الاهتمام بصورة عامة بالنواحي الاقتصادية والاجتماعية خاصة في الأمور التي تمس المجتمعات الريفية.
خلم تستفد الدول النامية من خبرة مراكز البحوث الزراعية الدولية بالشكل المطلوب وانعدام أواصر الصلة العلمية ونقل التكنولوجيا.
تغياب جو البحث الزراعي المحفز.  

الفصل الثاني
التنمية الزراعية المستدامة
أهمية الزراعة المستدامة وتاريخها
يتزايد الاهتمام بالزراعة المستدامة في دول العالم المختلفة منذ الثمانينات الميلادية كنتيجة لظهور بوادر التأثيرات السلبية للزراعة الصناعية أو ما يسمى بالثورة الخضراء على البيئة وصحة المستهلكين وأنماط الحياة الاجتماعية للمزارعين وسكان الريفإذ بدأ واضحاً للمهتمين بقضايا التنمية والبيئة وصحة الإنسان أن الثورة الخضراء التي ساهمت في توسع الإنتاج الزراعي تتسبب في تلوث البيئة عبر استخدام العديد من المدخلات الصناعية في الزراعة كالأسمدة والمبيدات،  وتؤدي إلى تدهور التربة الزراعية وتعريتها من خلال المبالغة في استخدام المعدات الثقيلة في العمليات الزراعيةوإلى تغيير النمط  التقليدي للعائلة الزراعية وهجرة المناطق الريفية والزراعية والنزوح إلى المدن ، بالإضافة إلى الاستنزاف الجائر للموارد الطبيعية.
وبهذا أصبح من الواضح عدم قدرة نظام الزراعة المكثفة على الاستمرار في الإنتاج الزراعي بنفس المعدلات العالية و في الوفاء باحتياجات الناس من الغذاء السليم بالإضافة إلى صعوبة الاستمرار في توفير متطلبات هذا النظام الزراعي المكثف و المكلف مادياً وبيئياً.  ولقد دفعت تلك العوامل العلماء إلى التفكير في نظام زراعي متوازن يكفل الوفاء بمتطلبات الأجيال الحالية والمستقبلية في أحقية الحصول على الغذاء الصحي والبيئة النقية والموارد الطبيعية المصانة و المنتجةومن هنا نشاء الاهتمام بالتنمية الزراعية المستدامة التي أصبحت الآن تمثل  محوراً جوهرياً في السياسة الزراعية للعديد من الدول ومن بينها المملكة العربية السعودية.
ويرى البعض أن الزراعة المستدامة انبثقت من مفهوم الزراعة العضوية التي بدأت في عام 1940مغير أن المتخصصين في هذا المجال يعتقدون أن الزراعة المستدامة أوسع مجالاً من مصطلح الزراعة العضوية الذي يعنى باستخدام المدخلات العضوية والمكافحة الحيوية في الزراعةبينما يتجاوز مفهوم الزراعة المستدامة الاقتصار على استخدام المواد العضوية في الزراعة إلى العناية بنظام الزراعة الشامل الذي يحقق إنتاج زراعي صحي وكافي للمستهلكين ومربح للمنتجين مع ضرورة أن تكون العمليات الزراعية المستخدمة غير ضارة بالبيئة ومقبولة اجتماعياً.  ومثل هذا النظام الزراعي الشامل تتداخل فيه العديد من العلوم الزراعية والبيئية والاقتصادية والاجتماعية.
مفهوم وتعريف الزراعة المستدامة
يتداول المعنيين بالتنمية الزراعية في العالم أكثر من  تعريف للزراعة المستدامة، إذ يهتم المعني بالبعد الاقتصادي باستدامة الحصول على العوائد المالية من الزراعة في حين يهتم المعني بالبيئة بالمحافظة عليها وتقليل ضرر النشاط الزراعي على الموارد الطبيعية وحفظ حقوق الأجيال المستقبلية في استثمارها، بينما يرى المهتم بسلامة الغذاء بوجوب الحرص على إنتاج غذاء صحي للمستهلكين، وهكذا تختلف درجة تركيز التعريف على أي من هذه المحاور حسب اهتمام وطبيعة الخلفية العلمية للمعرفويعد عدم الاتفاق على تعريف محدد من ضمن المشكلات أو الصعوبات التي تواجه المتخصصين في الزراعة المستدامةولكن يمكن استعراض التعريف الخاص بمنظمة الاغذية والزراعة (الفاوالذي ينص على أن الزراعة المستدامة تعني "إدارة وصيانة قاعدة الموارد الطبيعية والتهيئة إلى التغيير التقني والمؤسسي بما يضمن تحقيق الاحتياجات الانسانية وبصورة مستمرة للأجيال الحالية والمستقبلية ، وهذه التنمية الزراعية المستدامة في قطاعات الزراعة، والغابات، والاسماك، تصون الارض والمياه و التنوع الوراثي للنبات والحيوان كما انها غير ضارة بيئياً ومناسبة فنياً وقابلة للتطبيق اقتصادياً ومقبولة اجتماعيا".وبشكل عام ومبسط تسعى الزراعة المستدامة إلى إنتاج غذاء صحي وكافي من خلال الاستخدام الحكيم والرشيد للموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين الإنتاج الزراعي والمحافظة على الموارد الطبيعية.

مجالات الزراعة المستدامة
              تعد الزراعة المستدامة نظاماً زراعياً شاملاً يستخدم فيه العديد من تطبيقات العلوم الزراعيةفالزراعة المستدامة على سبيل المثال تعنى باستخدام التقنيات الخاصة بالمحافظة على التربة الزراعية وحمايتها من التعرية والانجراف عبر الاستفادة من مصدات الرياح والزراعة المختلطة مع أشجار الغابات ونظم الزراعة بدون حرث وتقليل استخدام المعدات الثقيلة في إعداد التربة للزراعة وزيادة خصوبة التربة بالطرق الطبيعية كالتسميد العضوي والحيوي وإتباع الدورات الزراعية.
كما تهتم الزراعة المستدامة بمجالات مكافحة الآفات الزراعية والأمراض النباتية بالطرق الحيوية والطبيعية كاستخدام بعض الحشرات التي تتغذى على بعض المسببات المرضية واستخدام الدورات الزراعية (زراعة مجموعة محاصيل متعاقبة في نفس الأرض لزيادة خصوبة التربة وللحد من انتشار الأمراض وتقليل معدلات الإصابة لغياب العائل الرئيس). بالإضافة إلى زراعة المحاصيل المقاومة للأمراض والاستفادة من تطبيقات علوم الهندسة الوراثية والتحسين الوراثي.
و تعد المحافظة على الموارد الطبيعية مثل المياه من أهم المجالات التي تسعى الزراعة المستدامة إلى المحافظة عليها وترشيد استخدامها وحمايتها من التلوث وذلك لأن الماء عامل محدد لوجود الزراعة ولأهميته العظيمة في الحياة لدوره الفريد في سقيا الإنسان والحيوان وري النبات فهو قوام الحياة وعنصرها الحيويولذا تسعى الزراعة المستدامة إلى الاستفادة من تقنيات وتطبيقات العلوم الزراعية والبيئية المتعلقة بتصميم واستخدام نظم الري الحديثة المرشدة لعمليات الري و ربطها بالاحتياجات الفعلية للمحاصيل واستخدام المحاصيل قليلة الاحتياجات المائية مع الاستفادة من التقنيات الحديثة في التحكم في بيئة النبات كأساليب الزراعة في البيوت المحمية و زراعة المحاصيل النباتية في المناطق الجغرافية الملائمة لمتطلبات المحاصيل المناخية لضمان الحصول على معدلات إنتاج عالية باستخدام مساحات زراعية قليلة و موارد إنتاج محدودة
و من المجالات الهامة في تطبيقات نظم الزراعة المستدامة تحسين طرق التسويق الزراعي والإدارة المزرعية لضمان حصول المزارعون على عائد مجزي من العمل الزراعي يكفل تحقيق ربح مجزي لرأس المال المستخدم لكي يستطيعون الاستمرار في النشاط الزراعي.
كما أن العلوم المتعلقة بإرشاد المزارعين و تدريبهم على استخدام التقنيات الخاصة بالزراعة المستدامة و معرفة العوامل المحددة لتقبل وتبني المزارعين لتلك التقنيات تعد من أهم محاور الزراعة المستدامةولهذا تتعالى الأصوات المنادية بضرورة تقديم الأجهزة الإرشادية في دول العالم لبرامج إرشادية للمزارعين في مجال الزراعة المستدامةوذلك لتعريف المزارعين بالزراعة المستدامة وفوائدها في مجال البيئة والحفاظ على المصادر الطبيعية من مياه وتربة، و دورها في إنتاج الغذاء الصحي الذي لا يسبب أمراض أو مخاطر صحية للمستهلكين، حيث تحتل سلامة الغذاء وخلوه من بقايا المبيدات حيزاً كبيرا من اهتمام الأفراد والمنظمات المعنية بالغذاء وسلامتهومن مجالات الزراعة المستدامة التي يحتاج المزارعون إلى برامج إرشادية فيها ترشيد استخدام مياه الري ونظم الري الحديثة، و المكافحة الحيوية للحشرات ومسببات الأمراض النباتية، وطرق التسميد العضوي والحيوي، و المحافظة على التربة وصيانتها باستخدام محاصيل التغطية ومصدات الرياح، و نظم الزراعة المختلطة مع الغابات.  

التنمية الزراعية المستدامة في المملكة العربية السعودية
                حققت التنمية الزراعية في المملكة العربية السعودية نتائج كبيرة في مجال الاكتفاء الذاتي في القمح والألبان والبيض وبعض الخضار والفواكهكما يسهم القطاع الزراعي السعودي بما يتجاوز 10% من إجمالي الناتج المحلي غير البترولي، ويوفر عملاً لأكثر من نصف مليون شخصولكن رافقت التنمية الزراعية في المملكة بعض الآثار السلبية على قاعدة الموارد الطبيعية الهشة، كاستنزاف مخزون المياه الجوفية غير المتجددة،  وتلوث المياه، وتدهور خصوبة التربة، والتصحر، وتدهور الغطاء النباتيالغابات، المراعي)، و تلوث بعض المنتجات الغذائية بالأسمدة والمبيدات الكيمائيةولهذا تحظى الزراعة المستدامة باهتمام مخططي الزراعة السعودية في الوقت الحالي كوسيلة للحد من الآثار البيئية السلبية ولضمان استمرارية القطاع الزراعي في أداء دوره الهام في تحقيق التنمية الشاملة للمجتمع السعوديولقد تبنت خطط التنمية السادسة والسابعة والثامنة في المملكة التنمية الزراعية المستدامة كنظام للزراعة السعودية. 

الفصل الثالث
الوظائف الاجتماعية والاقتصادية والبيئة للزراعة
تلعب الزراعة أدواراً هامة وبارزة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية لكافة الشعوب والمجتمعات إضافة إلى أن الزراعة ذات أهمية كبيرة في تحقيق التوازن البيئي الذي تحتاج إليه المجتمعات البشرية والكائنات الحيوانية الأخرى التي تعتمد حياتها على توفر البيئات المناسبة التي تساعدها على الاستمرار في البقاء والتكاثر وعدم الانقراضوكنتيجة طبيعية لأهمية الزراعة فإنها النشاط الاقتصادي الذي يشغل النصيب الأكبر من الأراضي المستغلة في جميع البلدان وهي بذلك تمثل القطاع الذي يعتمد عليه بشكل مباشر أو غير مباشر كسبيل لتحقيق العيش لأكبر قطاع من السكان وخاصة في المناطق الريفية والدول النامية التي تزداد فيها نسبة السكان الريفيون إلى إجمالي السكان.
وفي الدول المتقدمة ذات الموارد الزراعية الكبيرة تساهم الزراعة في إنتاج السلع لأغراض الاستهلاك المحلي والتصدير، كما يتميز القطاع الزراعي بالمساهمة الإيجابية في تطوير العديد من الصناعات وخاصة تلك الصناعات المسماة بالصناعات الغذائية أو القائمة على المواد الخام الزراعية كصناعة الأنسجة والملابس وصناعة الأخشاب والمطاط وغيرها من الصناعات.
وفيما يلي سيتم التطرق لأهم الوظائف الاجتماعية والاقتصادية والبيئية للزراعة.

أولاًالدور الاجتماعي للزراعة:
تؤثر الزراعة على الحياة الاجتماعية للسكان بالقرى والأرياف كما لايقتصر هذا التأثير على المناطق الزراعية وحدها بل يمتد إلى كافة المدن والمناطق المأهولة بالسكان، ويشمل هذا التأثير الجوانب التالية:
1. توفير الغذاء: الحاجة إلى الغذاء أهم مطلب أساسي يسعى الإنسان إلى إشباعه ودون أن يتم إشباع هذه الحاجة الضرورية يبقى الإنسان عرضة للفناء بسبب عدم القدرة على العيش الناتج عن فقد الغذاء وعلى هذا الأساس يمكن القول بأن الزراعة تلعب دوراً أساسياً في توفير الغذاء لجميع السكان في المجتمع، وهذا يعني أن استمرار المجتمع وتطوره وإزدهاره مرهون بما يتوفر لأفراده من الغذاء الكافي الذي لايتحقق إلا من خلال الاهتمام بالزراعة وتطوير الإنتاج الزراعي لمواجهة الطلب المتزايد على الغذاء الناتج عن زيادة السكان في مختلف مناطق العالم.
2. المساهمة في تحقيق التوازن التنموي بين الريف والحضرتستأثر المدن والمراكز الحضرية بالنصيب الأوفر من مشاريع التنمية في مختلف البلدان وخاصة في الدول المتخلفة والنامية وقد نتج عن ذلك وجود تباين واضح بين مستويات التنمية في المدن والأرياف، ومما لاشك فيه أن تطوير الزراعة والاهتمام بها سيؤدي إلى تنفيذ العديد من المشاريع التنموية الزراعية في المناطق الريفية مما سيساهم في العمل على تحقيق التوازن التنموي بين الريف والحضر.
3. توفير الخدمات الأساسية في القرى: عندما تكون الجهود موجهة نحو تطوير الزراعة في القرى فإن ذلك لن يكون قاصر على الإنتاج الزراعي ومايرتبط به من مشاريع بل أن السكان الزراعيون سينالهم نصيبهم من هذا التطوير والمتمثل فيما سيتم استحداثه أو توفيره من خدمات أو تحسين للخدمات القائمة كالخدمات التعليمية والصحية وخدمات الطرق والكهرباء والمياه والاتصال وغيرها من الخدمات الضرورية اللازمة لاستحداث التنمية الزراعية والريفية المطلوبة في القرى.
4. توفير فرص العمل للسكان في المناطق الريفية: يسعى بعض الأفراد في جميع المجتمعات إلى تحسين أوضاعهم المعيشية عن طريق البحث عن فرص العمل المناسبة التي تمكنهم من الحصول على مستوى مناسب من الدخل يساعدهم على تحقيق ذلكومما يصاحب التطوير والتنمية الزراعية خلق فرص عمل جديدة في المناطق المستثمرة زراعياً مما يترتب عليه توفر فرص عمل للمزارعين وأبنائهم سواء بشكل مباشر من خلال زيادة الاستثمارات الزراعية وزيادة الإنتاج من قبل المزارعين، أو بشكل غير مباشر من خلال توفر فرص عمل إضافية في القطاعات الأخرى المساندة الحكومية منها والأهلية والتي سيكون من الضروري التوسع في خدماتها وتحسينها وفقاً لمتطلبات التنمية الريفية المتكاملة التي لاتقتصر على تنمية القطاع الزراعي فقط بل تشمل جميع القطاعات الأخرى ذات العلاقة بحياة السكان في المناطق الريفية.
5. الحد من الهجرة نحو المدن: تعتبر الهجرة من القرى نحو المدن من الظواهر الاجتماعية المشاهدة في العديد من البلدانوغالباً مايكون الشباب القادرين على العمل والباحثين عن فرص وظيفية ملائمة أكثر الفئات الاجتماعية ميلاً نحو الانتقال من قراهم ومجتمعاتهم الريفية إلى المدنومما يترتب على ذلك هجر العمل الزراعي وإهمال الزراعة على المدى الطويل مما يتسبب في انخفاض الناتج الزراعي المحلي للقرى المنتجة زراعياًومما يحسب للتنمية الزراعية الحد من هذا النوع من الهجرة وذلك بسبب ماسيتوفر من فرص عمل يلتحق بها بعض الشباب الباحثين عن العمل وسيؤدي ذلك إلى احتفاظ القرى بجزء مهم من سكانها وكذلك احتفاظها بوظيفتها الزراعية لتبقى قرى منتجة زراعياً.
6. الحد من الضغط على المرافق والخدمات في المدنينتج عن الهجرة المستمرة إلى المدن زيادة الضغط على الخدمات والمرافق بالمدن وخاصة في المدن التي لاتتحمل بنيتها الأساسية من خدمات ومرافق عامة سوى أعداد محددة من السكان مما ينتج عنه زيادة أعداد المستفيدين منها ومن ثم تدني مستوى تلك الخدمات وعدم القدرة على تقديم الخدمة بالمستوى المرغوب، إضافة إلى ظهور الأحياء العشوائية غير المخططة مع ما يصاحبها من تدني لمستويات الأمن والنظافة العامة بتلك الأحياء، وكما سبق الإشارة إليه فإن من الإيجابيات الناتجة عن التنمية الزراعية بالقرى والأرياف الحد من الهجرة نحو المدن وهذا بدوره سيسهم في الحد من الضغط على الخدمات والمرافق بالمدن ومايصاحبها من مظاهر غير مرغوبة في المدن المستهدفة بتلك الهجرات.
7. الحفاظ على العادات والتقاليد القروية: تتصف المجتمعات الريفية بسمات ثقافية مميزة من أهمها التمسك بالعادات والتقاليد وعدم التخلي عنها وخاصة مايرتبط منها بشخصية المجتمع الدينية والاجتماعيةومما يساهم في تعزيز هذه الصفة تشجيع الزراعة والمزارعين وتنفيذ مشاريع تنموية ريفية تدفعهم نحو الاستقرار بقراهم وزيادة ارتباطهم بالأرض الزراعية والعمل الزراعيوهذا بدوره سيساعد في الحفاظ على العادات والتقاليد القروية وخاصة المرغوبة منها وذات العلاقة بالحفاظ على هوية المجتمع الثقافية والدينية وبالتالي التقليل من الآثار السلبية للحملات الثقافية الأجنبية المخالفة لعقائد المجتمع وعاداته وتقاليده.
ثانياًالدور الاقتصادي للزراعة:
تؤثر الزراعة اقتصادياً على مختلف القطاعات الإنتاجية الأخرى بالمجتمع، إضافة إلى أن هذا التأثير لايقتصر على المجتمعات الزراعية أو الريفية التي يقوم سكانها أو بعضهم بممارسة العمل الزراعي بل يتعداها إلى باقي المراكز والتجمعات البشرية الأخرى الحضرية منها والقرويةومن المهام الاقتصادية للزراعة في المجتمع مايلي:
1. المساهمة في الناتج القوميوتختلف هذه المساهمة باختلاف الإمكانات والموارد الزراعية  المتاحة من دولة لأخرى فهناك بلدان يساهم الإنتاج الزراعي فيها بما يزيد عن 50% من إجمالي الناتج الوطني وينعكس هذا في ارتفاع مساهمة الناتج الزراعي في التنمية الاقتصادية بتلك البلدان، بينما تنخفض مساهمة الزراعة في النتاج القومي إلى ماهو أدنى من ذلك بكثير في البلدان المتقدمة وكذلك في بعض الدول النامية لأسباب منها تطور القطاعات الأخرى غير الزراعية وخاصة القطاع الصناعي في البلدان المتقدمة وارتفاع مساهمة القطاع النفطي والتعديني في بعض الدول النامية كالدول المنتجة للبترولومع هذا يبقى الناتج الزراعي جزءاً هاماً من الناتج الوطني للدول المتقدمة حيث تقوم هذه الدول بتصدير العديد من السلع الغذائية.
2. توفير الأيدي العاملةتتسم المجتمعات الزراعية بارتفاع معدلات النمو السكاني مما يجعلها موطناً رئيسياً للطاقة البشرية التي تتجه للعمل في القطاعات الأخرى غير الزراعية حيث أن القطاع الزراعي وفي ظل التقنية الحديثة لايستوعب الأعداد الكبيرة من العمالة الفائضة عن حاجة العمل الزراعي.
3. تمويل القطاعات الأخرىيساعد الفائض الناتج عن الإنتاج الزراعي في توفير مدخرات مالية توجه للاستثمار في القطاعات الأخرى غير الزراعية كأن تخصص لتطوير وتحسين الخدمات المختلفة كالتعليم والصحة وغيرها من الخدمات الأخرى ذات النفع العام لأفراد المجتمعوغالباً مايحدث مثل هذا الأمر في البلدان التي ترتفع مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي ويمكن تشبيه ذلك بما تقوم به البلدان النفطية عند توجيه الفائض من ثرواتها النفطية للاستثمار في القطاعات الأخرى غير النفطية أو  التعدينية.
4. توسيع القاعدة الإنتاجية للاقتصاد الوطنيوهذا يؤدي إلى زيادة التكوين الرأسمالي في المجتمع عن طريق الاستثمار في القطاع الزراعي وكذلك توجيه جزء من رأس المال للاستثمار في القطاعات الأخرىكما يعتبر الاستثمار الزراعي من المصادر الهامة التي يمكن الاعتماد عليها في الحصول على العملات الأجنبية الصعبة من خلال تصدير الفائض من السلع الزراعية أو خفض المستورد منها.
5. توفير المواد الخام للقطاع الصناعيتساهم الزراعة بتنمية القطاع الصناعي وذلك بإمداد الصناعة بالمواد الخام التي تقوم عليها العديد من الصناعات كالمنسوجات والإطارات والأثاث وغيرها من الصناعات التي لايمكن أن تقوم دون أن تتوفر المواد الخام الداخلة في صناعتها من القطاع الزراعيإضافة إلى تنمية وتطوير العديد من الصناعات الغذائية التي يتم عن طريقها امتصاص الفائض من الإنتاج الزراعي وحفظ وتخزين الأغذية ونقلها إلى أماكن مختلفة مما يساهم في حفظ وتحسين أسعار السلع الزراعية وتوفير السلع الغذائية للسكان على مدار العام، ويؤدي هذا إلى تحقيق نوع من التوازن بين الكميات المعروضة والمطلوبة من السلع الزراعية، وهذا بدوره يؤدي إلى تحقيق مصالح المنتجين والمستهلكينإضافة لما سبق فإن الزراعة توفر الأعشاب والنباتات الطبية اللازمة للصناعات الدوائية مما يؤكد على أهمية الزراعة في تطوير هذا النوع من الصناعة وفي المساهمة في تحسين الحالة الصحية لأفراد المجتمع.
6. تحقيق التكامل بين القطاعات الريفية وقطاعات الاقتصاد الأخرىويلاحظ هذا التكامل من خلال تطوير العديد من الصناعات التي يعتمد عليها في تنمية وتطوير الزراعة كصناعة الأسمدة والمبيدات والأجهزة والمعدات الزراعية وغيرها من الصناعات الأخرى التي توفر مدخلات أساسية تقوم عليها الزراعة الحديثةوفي الجانب الآخر وكما سبق الإشارة إليه أعلاه فإن الزراعة تمد القطاعات الأخرى بالمواد الخام اللازمة للعديد من الصناعات.ومن أوجه هذا التكامل توفير فرص العمل في المصانع التي تقوم بتصنيع المدخلات الزراعية وازدهار الصناعات الأخرى غير الزراعية الناتجة عن زيادة الطلب عليها في حال تحسن دخول ومستوى معيشة السكان في المناطق الريفية.
ثالثاًالدور البيئي للزراعة:
يُعد الاهتمام بالبيئة والحفاظ عليها من الأولويات التي تسعى كافة المجتمعات إلى تحقيقها وذلك بسبب ارتفاع المخاطر التي يتعرض لها الإنسان نتيجة تدهور البيئة، وبهذا الخصوص فإن الزراعة تساهم وبشكل كبير في تحقيق التوازن البيئي من خلال تعزيز التأثيرات الإيجابية والتخفيف من التأثيرات السلبية على البيئةومن الآثار الإيجابية للزراعة على البيئة الحد من التلوث من خلال زيادة الغطاء النباتي وتوسيع الرقة الخضراء، الحد من التصحر من خلال إعادة زراعة الغابات وغرس الأشجار في المناطق المعرضة لزحف الرمال، ويمكن أن تساعد الزراعة في مكافحة تأثيرات الانحباس الحراري وذلك بالحد من انبعاث ثاني أكسيد الكربونومع ما للزراعة من آثار إيجابية على البيئة فإن هناك بعض السلبيات الناتجة عن الاستخدام غير المتقن للموارد والمدخلات الزراعية مما استدعى إلى المناداة بتطبيق أساليب التنمية الزراعية المستدامة التي من شأنها الحافظ على الموارد وعدم استنزافها بما يتوافق مع الحافظ على المعطيات البيئية للمنطقة المزروعة والحافظ عليها.

إسهامات الزراعة الإقتصادية والاجتماعية والبيئية في المملكة العربية السعودية:
يؤدي القطاع الزراعي في المملكة العربية السعودية العديد من المساهامات في التنية الاقتصادية والاجتماعية والمحافظة على البيئة تتمثل في الآتي:
  1. المساهمة في زيادة الناتج المحلي الاجمالي وتوسيع القاعدة الانتاجية للاقتصاد المحلي حيث ظل الناتج الزراعي المحلي في زيادة متطردة منذ فترة طويلة كما يوضح ذلك الجدول (6) أدناه. 

جدول (6). تطور مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الاجمالي للملكة خلال الفترة 1974-2004م

السنة
الناتج الزراعي المحلي
القيمة (مليون ريال)
من الناتج المحلي الاجمالي غير البترولي
من الناتج المحلي الاجمالي
1974
6751
4.8
1.9
1979
9207
3.8
1.9
1984
15146
4.9
3.8
1989
28356
9.4
6.5
1994
32157
9.5
5.8
2001
35992
8.5
5.7
2002
36454
8.3
5.8
2003
36751
8.0
5.4
2004
37401
7.8
5.2

    1. توفير فرص العملبلغ عدد العاملين في القطاع الزراعي في عام 2004م بنحو 588 الف يمثلون 7.8% من إجمالي العمالة الكلية في المملكة و19% من إجمالي حجم العمالة في القطاعات الانتاجيةويبلغ عدد السكان الذين يعتمدون بشكل رئيسي على الزراعة (الانتاج النباتي والحيواني والسمكي والرعي ومنتجات الغاباتفي معيشتهم حوالي 4.5 مليون نسمة. 
  1. تحقيق الإكتفاء الذاتي من بعض السلع الاستراتيجية مثل القمح والوصول إلى نسب مرتفعة من الإكتفاء الذاتي من البعض الآخر.
  2. ساهم القطاع الزراعي مساهمة فعالة في في رفع المستوى المعيشي لأفراد المجتمع كماً ونوعاً، فمثلاً إرتفع إستهلاك الفرد اليومي من الطاقة من حوالي 1800 سعراً حرارياً في عام 1974م إلى ما يقارب 3000 سعراً حرارياً في عام 2004م.
  3. تحقيق التنمية المتوازنة والتوازن اإقليمي بين مناطق المملكة المختلفة والحد من الهجرة الريفية – الحضرية.
  4. تنمية القطاعات الأخرى وتفعيل الحركة التجارية حيث يرتبط القطاع الزراعي مع القطاعات الأخرى بروابط خلفية وروابط أمامية حيث يستخدم العديد من منتجات القطاع الصناعي مثل الأسمدة والمبيدات والآت الزراعية بينما يمده بالمواد الخام للصناعات الغذائيةكما يساهم القطاع الزراعي في تنشيط التجارة الداخلية والخارجية.
  5. ساهم القطاع الزراعي من خلال قطاع الغابات في الحد من ظاهرة التصحر
  6. تحسين وتجميل البيئة السكنية والعملية. 

الفصل الرابع
تطور الزراعة في المملكة العربية السعودية
مقدمة :
اتسمت الزراعة السعودية قبل فترة السبعينات أي قبل فترة بداية تنفيذ أول خطة للتنمية (1970مبعدد من الصفات منها صغر حجم الحيازات الزراعية وتبعثرها وعدم استقرارها في مكان واحد لاعتماد الزراعة على الآبار ومياه الأمطار وتحركات البادية المستمرة، كما أتسمت باتباع الأساليب اليدوية والبدائية في العمليات الإنتاجية الزراعية (من الري والتسميد ومقاومة الآفات والحصاد والتعبئة)، وانخفاض حجم الانتاج الزراعي كما ونوعاً وعدم تنوعه وعدم تصنيعه، كما اتسمت بانخفاض مستويات الإنتاجية الزراعية (النباتية – الحيوانيةمقارنة بنظيرتها من المستويات العالمية، وفي ظل ندرة وشح الموارد المائية السطحية والجوفية وكذلك ندرة الآلات والمعدات الزراعية اللازمة لتحقيق التنمية الزراعية بالإضافة إلى عدم توفر مشاريع البنية الأساسية التحتية مثل الري والصرف والسدود والطرق الخ، وعليه فإن الزراعة السعودية كانت زراعة بدائية للإكتفاء الذاتي يقوم عليها أهل البادية من أجل توفير الاكتفاء الذاتي من الحبوب والأعلاف اللازمة لمعيشتهم، وكانت نسبة عالية من السكان 51% تعيش حياة الريف مقارنة بسكان المدن أو الحضر (49%).
              هذا وقد اهتمت حكومة المملكة العربية السعودية بالقطاع الزراعي لدوره الحيوي في المساهمة في تأمين الاحتياجات الغذائية للمواطنين وبتنويع القاعدة الاقتصادية للدولة وفي زيادة الفرص لتنمية الدخل في المناطق الريفية الزراعية والتقليل من الاعتماد على الخارج في استيراد السلع الزراعيةلذا فقد تم اتخاذ خطوات إيجابية في دعمه وذلك بإعداد الخطط الخمسية له والهادفة إلى تحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية للعاملين فيه وزيادة الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني مع المحافظة على الموارد الطبيعية والعمل على تنميتهاولتحقيق هذه الأهداف فقد اتخذت سياسات وبرامج اشتملت على توزيع الأراضي، والدعم المباشر وغير المباشر لمدخلات الإنتاج وتقديم القروض بدون فوائد وإنشاء البنية التحتية من طرق وسدود ومراكز أبحاث وتدريب ودعم أسعار المنتجات الزراعية، كما تم تشجيع قيام المشاريع المتخصصة والشركات المساهمة والتي تستخدم أحدث التقنيات الزراعية في الإنتاج الزراعي مما كان له أبلغ الأثر في تحفيز القطاع الخاص للاستثمار في مختلف الأنشطة الزراعية الأمر الذي أدى إلى تحول أسلوب الزراعة بالمملكة من أسلوب تقليدي إلى أسلوب متطور تستخدم فيه أحدث الآليات والمعدات الزراعية .
خطط التنمية الزراعية بالمملكة العربية السعودية :
تعتبر خطط تنمية القطاع الزراعي جزءاً من منظومة خطط التنمية الشاملة بالمملكة وفيما يلي ملخص لها :
خطة التنمية الزراعية الأولى في الفترة من 1390هـ - 1394هـ (1970-1974م):
                            مع بداية وأثناء تنفيذ هذه الخطة وفي ظل الإرتفاع الذي حدث في أسعار البترول عام 1973م رأت الدولة التركيز على الإنفاق الحكومي كأفضل أداة لتنفيذ برامج التنمية الزراعية  الطموحة في المملكة، وعملت تنفيذ مشروعات وتطبيق سياسات تسعى إلى التحرك في اتجاهين هما :
التوسع الزراعي الرأسي بزيادة مستوى الإنتاجية للموارد الاقتصادية الزراعية المستخدمة في الانتاج عن طريق التوسع في استخدام الآلات والتكنولوجيا الزراعية الحديثة وتقديم القروض الميسرة والإعانات الزراعية للمزارعين، بالإضافة إلى تقديم الخدمات الإرشادية الزراعية لهم لتحسين مستوى معيشة أهل الريف.
أما الاتجاه الثاني فهو التوسع الزراعي الأفقي بزيادة المساحة المحصولية عن طريق توفير مشروعات للري والصرف الزراعي وبناء السدود لتخزين وتوفير المياه بالإضافة إلى توسيع نطاق برامج توطين البادية وتوزيع الأراضي البور بل وتمليكها مجاناً للمزارعين والمواطنين، كما وتم التعاقد مع بعض الشركات العالمية للقيام بإجراء مسح شامل للموارد الجوفية بالمملكةهذا وقد بلغت قيمة الاستثمارات الموجهة للقطاع الزراعي بنهاية الخطة الأولى حوالي 561 مليون ريال بعد أن كانت تقدر بنحو 66 مليون ريال في عام 1969م (كسنة أساس)، وبمعنى آخر فإن الاستثمارات الموجهة للقطاع الزراعي في عام 1974م بلغت حوالي سبعة أضعاف ونصف مستواها في عام1969 وبمعدل زيادة قدره 750% خلال الفترة، 150% سنوياً في المتوسط خلال الفترةوارتفع قيمة الناتج المحلي الاجمالي الزراعي (GDP) بالأسعار الثابتة من حوالي 5.5 مليون ريال في عام 1969م إلى حوالي 6.8 مليون ريال في عام 1974 وبنسبة تقدر بحوالي 23.6% خل الفترة وبمعدل متوسط قدره 4.7% سنوياًوهي نسبة نمو متواضعة مقارنة بمعدل زيادة الاستثمارات الموجهة للقطاع الزراعي والبالغة نحو 150% سنوياً، وقد يعزى ذلك إلى أن الجزء الأكبر من الاستثمارات تم توجيهه للزراعة في نهاية فترة هذه الخطة (عامي 73، 1974مومع زيادة عائدات النفط، وأن ظهور آثار هذه الاستثمارات على مقدار الانتاج الزراعي عادة ما تكون متباطئة الأثر وليست فورية، حيث تظهر عادة بعد سنة أو سنتين على أقل تقدير وهي الفترة اللازمة لتأسيس مشروع زراعي واكتساب العامليين فيه الخبرة اللازمةوعليه فإن الأثر لهذه الإستثمارات ظهرت آثاره في خلال فترة خطة التنمية الثانية.
وقد بلغت قيمة القروض الزراعية المقدمة من البنك الزراعي العربي السعودي للقطاع الزراعي ي عام 1970 (بداية الخطةحوالي 16.6 مليون ريال وازدادت لتصل إلى 146 مليون ريال في عام 1974 (نهاية الخطة)، هذا وقد بلغ اجماليها خلال فترة الخطة 235 مليون ريال، وبمتوسط قدره 46.9 مليون ريال سنوياً.
وقد بلغ معدل النمو السنوي للقروض خلال الفترة 779% أي حوالي 7.8 ضعف مستواه في بداية الخطة وبمتوسط معدل نمو سنوي قدره 155%.
خطة التنمية الزراعية الثانية في الفترة (1975-1979م):
              ومع بداية هذه الخطة حدث طفرة في الاستثمارات الموجهة للقطاع الزراعي، حيث بلغت تلك الاستثمارات بنهاية هذه الخطة قيمة اجمالية قدرها 2716 مليون ريال، وبنسبة زيادة قدرها 384% عن نظيرتها بخطة التنمية الأولى أي حوالي أربع أضعاف، وقد واجهت هذه الخطة آثار موجه عالمية للتضخم المستورد وهو ما دعى الدولة إلى توجيه أولوية جهودها لمكافحة آثار هذا التضخم وتبنت استراتيجية تهدف إلى تقديم الإعانات الزراعية للمنتجين والمستهلكين الزراعية، والتي تمثلت في قيام البنك الزراعي العربي السعودي بتقديم القروض لعناصر الانتاج الزراعي لتعزيز نشاط القطاع الخاص في الانتاج الزراعي وتقديم اعانات تصل إلى 50% من تكلفة الآلات، فضلاً عن قيام وزارة المالية والاقتصاد الوطني بتبني سياسة تقديم اعانات سعرية لعدد من المواد الغذائية ومن أهمها الأرز والسكر والدقيق والحليب والزيوت النباتية واللحوم المبردة والمثلجة والإعلاف اللازمة لغذاء الثروة الحيوانية، وذلك من أجل تخفيف حدة آثار الموجه التضخمية على أسعار هذه السلع وبالتالي على دخول المستهلكين بالمملكة.
              وقد تحققت معدلات نمو في الناتج المحلي الإجمالي في خطة التنمية الثانية تفوق المعدلات المستهدفة كنتيجة لأنواع الدعم الحكومي، إذ بلغ متوسط معدل النمو السنوي الفعلي لقطاع الزراعي حوالي 5.4% سنوياً في حين كان المستهدف 4%، وللاقتصاد السعودي ككل حوالي 8% سنوياً في المتوسط خلال فترة سنوات الخطة التنموية الثانية.
              وقد بلغت قيمة القروض الزراعية في بداية الخطة (1975محوالي 269 مليون ريال ووصلت في نهايتها عام (1979مإلى 1129 مليون ريال أي تضاعفت حوالي ثلاث مرات، وبلغت جملة القروض خلال هذه الخطة حوالي 3183 مليون ريال.
              واعتباراً من عام 1977م بدأ البنك الزراعي العربي السعودي سياسة نحو توجيه التمويل إلى المشاريع الاستثمارية الزراعية المتخصصة من أجل تحويل الزراعة السعودية من الأساليب البدائية وزراعة الاكتفاء الذاتي إلى الزراعية التجارية المتمثلة في قيام مشروعات كبيرة الحجم نسبياً وتستخدم التكنولوجيا الحديثة من أجل الاستفادة من ما يعرف باسم وفورات الحجم أو السعة الاقتصادية للانتاج إذ أنه من المعروف أنه كلما زاد حجم الانتاج كلما قل عبء التكاليف الثابتة وينخفض متوسط تكلفة الوحدة المنتجة لصالح المزارع ومركزه الربحي والتنافسي بالأسواق.
              وتمثلت هذه المشروعات في مشروعات انتاج الدجاج اللاحم والبيض والالبان والحبوب والأعلاف وتسمين وتربية الأغنام والأبقار، إلا أن عوائد هذه المشروعات لم تظهر لها آثار مباشرة أو سريعة في هذه الخطة(الثانية)، وانما ظهرت آثارها مركزة في خطة التنمية الثالثة (فضلاً عن التوسع الذي حدث في الخطة الثالثة أيضاً)، وقدرت اجمالي قيمة المشروعات الاسثمارية المتخصصة الممولة عن طريق البنك بحوالي 482 مليون ريال خلال الفترة من عام 77-1979م فقط.
خطة التنمية الزراعية الثالثة في الفترة (1980 – 1984م) :
              ركزت الدولة جهودها في هذه الخطة على التوسع الزراعي الأفقي لزيادة كمية الناتج الزراعي وتحقيق مستوى عالي من الأكتفاء الذاتي وذلك من خلال توزيع المزيد من الأراضي على المزارعيين لاستزراعها مع زيادة الدعم لمستلزمات الانتاج والانتاج.
              وتعتبر فترة خطة التنمية الثالثة هي بداية لمرحلة الانطلاق الفعلية للتنمية الزراعية بها حيث ظهرت بها الآثار التراكمية للاستثمارات والجهود المبذولة بالخطة الأولى والثانية فضلاً عن مضاعفة قيمة الاستثمارات الموجهة للقطاع الزراعي في هذه الخطة حيث بلغت حوالي 6004 مليون ريال بزيادة قدرها حوالي 3288 مليون ريال عن قيمة هذه الاستثمارات بخطة التنمية الثانية والبالغة حوالي 2716 مليون ريال أي أنها تضاعفت بمقدار مرة وربع عن مستواها بالخطة الثانيةكما تم فيها زيادة مبالغ الدعم لمستلزمات الانتاج والانتاج معاً، وشجعت فيها الدولة التوسع في إقامة المشروعات الزراعية المتخصصة الكبيرة الحجم وذات التكثيف الرأسمالي الكبير في العملية الانتاجية باستخدام أحدث أساليب التكنولوجيا أو التقنية الزراعية.
              وقد نجم عن هذه الجهود تحقيق القطاع الزراعي لمعدل نمو سنوي مرتفع بلغ 8.7% مقارنة بما كان مستهدف بهذه الخطة (5.4%)، وتحقق الاكتفاء الذاتي من القمح والبيض والألبانومع تحقيق هذا النجاح بدأت تظهر بعض الظواهر السلبية كنتيجة للتوسع غير المحدود في انتاج القمح وأثر ذلك على الموارد المائية وخصوصاً أنها نادرة تحت ظروف المملكة وغير قابلة للتجديد أو الاستعاضة بنفس معدلات السحب التي تمت عليها.
              أما الأثر الثاني فتمثل في تعدي انتاج القمح لمستوى الاكتفاء الذاتي اللازم منه للمملكة ووجود فائض انتاجي كبير بلغ حوالي مليون طن بالزيادة عن احتياجات المملكة الاستهلاكية، والذي يصعب التصرف فيه بالتصدير لدول العالم الخارجي حيث كان سعر كيلو القمح للمزارع 3.5% ريال/كجم في عام 1984م في حين كان القمح المستورد يصل إلى ميناء جدة بسعر نصف ريال/كيلوجرام، وهو الأمر الذي دعى الدولة إلى تحمل تكاليف إضافية لتوسعة الطاقة التخزينية لصوامع الغلال لتخزين هذا الفائض للعام التالي وتوزيع بعض الكميات منه للدول الفقيرة نظراً لعدم استيعاب الصوامع للإنتاج المحليولمواجهة هذه السلبيات بدأت الحكومة بتخفيض السعر التشجيعي للقمح إلى ريال/كجم في عام 1406هـ (1986مومع بداية خطة التنمية الرابعة لتخفيض انتاجية وتوجيه المزارعيين لزراعة محاصيل ذات احتياجات مائية أقل من القمح، مع انتهاج الدولة لسياسة جديدة بتغليب النظرة الاقتصادية عن سياسة الاكتفاء الذاتي عند التوسع في الانتاج الزراعي أو تمويل مشروعاته.
خطة التنمية الزراعية الرابعة في الفترة 1405-1409هـ (1985-1989م)
              حقق القطاع الزراعي خلال هذه الخطة زيادة كبيرة في انتاج القمح حيث بلغ في عام 1989م (بنهاية سنوات الخطةإلى 3.4 مليون طن بزيادة عن مستوى الانتاج اللازم لتحقيق الاكتفاء الذاتي بكمية قدرها حوالي 2مليون طن، وهو ما يعني وجود فائض انتاج قدرة حوالي مليون طن (من ناتج الخطة الثالثة والرابعة)، كما تضاعف انتاج محصول الشعير وبلغ حوالي 235 ألف طن بالإضافة لزيادة في انتاج الخضروات من حوالي 1.3مليون طن في بداية الخطة إلى حوالي 1.9 مليون طن في نهايتها وبنسبة زيادة قدرها 46%، كما ازدادت المساحة الموزعة على المواطنين بنظام توزيع الأراضي البور من حوالي 606 ألف هكتار في بداية الخطة إلى نحو 1.4مليون هكتار في نهايتها وبنسبة زيادة قدرها 131% عن مستواها في بداية الخطة، كما ارتفعت السعة التخزينية لصوامع الغلال لتصل إلى 2.4 مليون طن، وذلك من أجل توفير طاقة تخزينية لمخزون استراتيجي من القمح يستخدم في حالة ارتفاع الأسعار العالمية، مع استخدام القاعدة التخزينية المعروفة بالداخل أولاً يستهلك أولاً (First in first out) من أجل تقليل نسبة التالفكما تم زيادة طاقة مطاحن الدقيق من أجل تصنيع فائض انتاج القمح حيث وصلت تلك الطاقة إلى حوالي 5250 طن قمح يومياً من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي من الدقيق.
              ومما سبق يتضح أن سياسة خفض الأسعار التشجيعية لمحصول القمح لم تؤدي النتائج المرجوه منها حيث زاد انتاجح القمح أيضاً في تلك الخطة ولم ينقص كما كان متوقعاً كنتيجة لخفض هذه الأسعار في عام1986م أي مع بداية الخطةويعزى ذلك إلى وجود ظاهرة تعرف باسم ظاهرة ثبات الاصول الرأسمالية (Fixity of resources) في الزراعة، حيث أن آلات الري المحوري المستخدمة في انتاج القمح لا تصلح لللاستخدام في زراعة محاصيل أخرى، بالإضافة إلى خبرة المزارع في زراعة محصول معين ليس من السهل تغييرها بالسرعة المطلوبة، ولهذا نجد أن التقارب الموجود في تكنولوجيا الانتاج بين محصولي القمح والشعير قد ساعد على تحول جزء من المزارعيين من زراعة القمح إلى الشعير وتضاعف انتاج الشعير، إلا أن سعر القمح المحدد من الدولة ظل في مستوى يغطي تكلفة القمح حتى بعد تخفيضه ولذلك لم يتحول المزارعين عن زراعة القمح وزادت كمية انتاجه المحليكما وازدادت نسبة مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي من حوالي 3.4% عام 1984 (بنهاية الخطة الثالثةإلى حوالي 8% بنهاية الخطة الرابعة (إي عام 1989مكما حقق القطاع الزراعي معدلاً عالياً في نمو إنتاجية المحاصيل، ويعزى ذلك إلى انحسار مساهمة المزارع التقليدية في الإنتاج وزيادة مشاركة المشاريع الزراعية المتخصصة ذات التقنية العالية.
              وعلى الرغم من الانجازات التي حققتها خطة التنمية الزراعية الرابعة فقد تسبب برنامج توزيع الأراضي البور على المزارعيين دون مراعاة توفر المياه بالمناطق إلى ظهور مشكلة مياه بتلك المناطق حيث تبين أن90% من الأراضي البور الموزعة تركزت في المنطقة الوسطى والشمالية والشرقية وجميعها تعتمد على المياه الجوفية، كما برزت على السطح مشكلة استمرار ازدياد السحب من المياه الجوفية بمعدلات تفوق معدلات استعاضتها بكثير حيث أن هذا المخزون المائي قد تكون عبر الآف السنين، ولا يمكن القبول باستمرار هذه المعدلات للسحب من المياه الجوفية، حيث أن الجيل الحالي لا يمتلك بمفرده هذه المياه وانما هذه المياه ينبغي ترشيد السحب منها حفاظاً على مصالح الأجيال القادمة، وهو مايعرف باسم مفهوم التنمية المستدامةأي أن استدامة التنمية الزراعية يجب أن تستند إلى أسس اقتصادية لترشيد استخدام مورد المياه والمعروف علمياً بأنه قابل للنضوب لوز زادت معدلات السحب عن معدلات الاستعاضة والتي تعد ضعيفة تحت ظروف المناخ الصحراوي.
              وقد استهلك القطاع الزراعي في هذه الخطة حوالي مليار متر مكعب من المياه والتي تمثل حوالي 90% من اجمالي حجم الطلب على المياه في المملكة، كما تبين أن القمح وحده قد استهلك حوالي 37% من المياه المستخدمة في القطاع الزراعي، كما تبين أيضاً أن زيادة الانتاج الزراعي في هذه الخطة قد اعتمد اعتماداً كبيراً على محصول واحد وهو القمح، والذي يفوق حجم انتاجه مستوى الاكتفاء اللازم لتغطية الاحتياجات الاستهلاكية المحلية منه، فضلاً عن صعوبة تصريف الفائض، وأن تصدير القمح تحت ظروف المملكة يعد من وجهة النظر الاقتصادية هو تصدير غير مباشر للمياه بوصفها كمورد نادر لا تقدر قيمتها في حالة فقدها بأي قيمة أو عائد تصديري.
              وقد كان لهذه التجربة آثاراً كبيرة على ضرورة تحول التنمية الزراعية من الاعتماد على محصول واحد وتنويع الانتاج الزراعي بمحاصيل أقل استهلاكاً للمياه مثل مشروعات الثروة الحيوانية وانتاج الخضر وتربية الأسماك أو صيد الأسماك من البحار، فضلاً عن ضرورة مراجعة السعر التشجيعي للقمح وتخفيضه إلى 1.5 ريال/كجم بعد أن كان قد تم تخفيضه بالخطة السابقة من 3.5 ريال/كجم إلى ريال/كجم، ومراجعة التركيب المحصولي للزراعة السعودية بوجه عام والتركيز على المشروعات المتوافقة مع المورد الأكثر تحديداً للتنمية الزراعية وهو مورد المياه مع تغليب النظرة الاقتصادية في خطط التوسع الزراعي على النظرة الأمنية الغذائية المتمثلة في هدف تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح كمحصول استراتيجي هام.

خطة التنمية الزراعية الخامسة في الفترة 1410-1414هـ (1990-1994م) :
              بدأت الدولة في هذه الخطة بتنفيذ سياسة جديدة لتوزيع الأراضي البور من خلال تحديد برنامج التوزيع على المناطق التي تتوفر بها مياه سطحة أو موارد مائية قابلة للتجديد نسبياً، مع تحديد التوزيع في المناطق التي بدأت تعاني من نضوب المياه الجوفية بمعدلات حرجة، وركزت هذه الخطة توجيه قدر أكبر من الاهتمام بتنويع الانتاج وبهدف تغيير التركيب المحصولي الراهن، مع الاهتمام بالتكامل بين الانتاج والتسويق برفع الكفاءة للعمليات التسويقية وخاصة لصغار المزارعيين، أي التركيز على تنمية الجوانب التسويقية بدرجة أكبر من الجوانب الانتاجية، مع الإبقاء على انتاج كمية من القمح تعادل كمية الاكتفاء الذاتيوقد القطاع الزراعي معدل نمو سنوي بلغ في المتوسط حوالي 3.1% خلال فترة الخطة كما وبلغت نسبة مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي  (غير النفطيحوالي 11% بنهاية خطة التنمية الخامسة، ويعزى انخفاض معدل نمو الناتج المحلي الزراعي بهذه الخطة إلى انخفاض انتاج القمح بصفة أساسيةففي نهاية هذه الخطة انخفض انتاج القمح من حوالي 3.4 مليون طن في عام 1989م (نهاية الخطة الرابعةإلى حوالي 2.6 مليون طن عام 1994م (نهاية الخطة الخامسة)، كما ارتفع انتاج الخضروات من حوالي 1.9 مليون طن في عام 1989 (نهاية الخطة الرابعةإلى 2.3 مليون طن عام 1994، وازداد انتاج اللحوم الحمراء من 133 ألف طن إلى 150 ألف طن، وكذلك ازداد انتاج البيض من 113 ألف طن إلى 127 ألف طن متجاوزاً بذلك حد الاكتفاء الذاتي منه في عام 1994م.
خطة التنمية الزراعية السادسة في الفترة 1415-1419هـ (1995-1999م):
              تمثل هذه الخطة مرحلة انتقالية هامة في مسيرة التنمية الزراعية بالمملكة حيث خفضت الدولة سعر استلام القمح التشجيعي من ريال/كجم إلى 1.5 ريال/كجم اعتباراً من عام 1995م لتعديل مسار انتاج القمح مع الموارد المائية، وركزت أهدافها على تعديل هيكل الانتاج الزراعي وتطبيق سياسات التوازن بين اعتبارات الأمن المائي والأمن الغذائي، وتنمية الثروة السمكية والحيوانية والخضروات في البيوت المحمية، وذلك بإعتبارها منتجات ذات قيمة مضافة عالية، مع التركيز على رفع انتاجية القطاع الزراعي باستخدام التقهنيات الحديثة وبالمشروعات الحديثة والكبيرة الحجم التي تستخدم وسائل الري الحديثة وذلك لخفض تكلفة الانتاج ورفع انتاجية العمالة الزراعية وترشيد برنامج توزيع الأراضي البور بقصره على المناطق التي تتوفر بها موارد مائية قابلة للتجديد فقط وتوفير بعض المدخلات الزراعية المختارة مثل البذور والشتلات المحسنة والمرتفعة الإنتاجية، والاهتمام بالتصنيع الزراعي وتقديم خدمات الإرشاد الزراعي وتدريب القوى العاملة الزراعية والتوسع في صيد الأسماك باستخدام تقنيات متطورة مع تطوير قاعدة البيانات للموارد الزراعية والتوسع في صيد الأسماك باستخدام تقنيات متطورة مع تطوير قاعدة البيانات للموارد الزراعية والمنتجات والأسعار وتكاليف الانتاج ودعم البحوث العلمية التي تعالج مشاكل القطاع الزراعي مع خفض سعر القمح التشجيعي للمنتجين إلى 1.5 ريال للكليوجرام وقد حققت هذه الخطة انجازات تتعلق بتعديل هيكل الانتاج وتخفيض تكلفة الانتاج وزيادة الكفاءة الانتاجية حيث انخفض انتاج كل من محصول القمح والشعير بوصفهم الأكثر استهلاكاً للمياه بنسبة 23%، 90% على التوالي من مستواهم بالخطة الخامسة، كما ازدادت إنتاجية هكتار القمح إلى حوالي 4.7 طن ومن الشعير إلى حوالي 5.3 طن/هكتار.
              كما وتم ايقاف عملية تصدير القمح وايقاف اصدار تصاريح جديدة لمشروعات زراعة الأعلاف مع تكثيف برامج ترشيد استخدام المياه وتنويع الانتاج الزراعي وفقاً للمزايا النسبية للمناطق الزراعية المختلفة والاحتياجات المائية للمحاصيل.
              كما نجحت مشروعات تنمية الثروة السمكية واصبح الانتاج المحلي منه قادراً على الوفاء بنسبة 60% من حاجة السوق المحلي في نهاية الخطة السادسة (1999موبكمية انتاج بلغت حوالي 58 ألف طن.
              كما ونجحت مشروعات تنمية مصادر الثروة المائية وترشيد استخدام الموارد المائية من خلال زيادة السعة التخزينية للسدود، حيث بلغت السعة التخزينية للسدود المائية حوالي 765.375 ألف متر مكعب مياه في عام1999م، بعد أن كانت في عام 1994م (نهاية الخطة الخامسةحوالي 433.625 ألف متر مكعب مياه أي بزيادة قدرها 331.750 ألف متر مكعب مياه بزيادة قدرها 76.5% من مستواها بنهاية الخطة الخامسة كما ساهمت المشروعات الزراعية المتخصصة والكبيرة الحجم في تهيئة فرص العمل وخفض تكلفة الانتاج الزراعي.
خطة التنمية الزراعية السابعة في الفترة 1420-1424هـ (2000-2004م) :
              استهدفت هذه الخطة التأكيد على تحقيق التوازن بين اعتبارات الأمن المائي والأمن الغذائي من أجل الحرص على مفهوم التنمية المستدامة للقطاع الزراعي بوصفه أصبح أحد القطاعات الإنتاجية التي تساهم في تنويع مصادر الدخل الوطني للمملكة، مع الحرص أيضاً استخدام مفهوم الأمثلية لضمان الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية والاقتصادية المتاحة (الغابات والأشجار والمراعي وحماية الحياة الفطرية بالإضافة إلى الأرض والمياه والعمالة انفقت عبر خطط التنمية الزراعية السابقة)، وذلك بهدف زيادة معدلات النمو الاجمالية للقطاع الزراعي ورفع مستوى كفاءته الاقتصادية بشكل متواصل لتحسين مستويات الدخول والمعيشة لسكان المناطق الريفية وتلبية الاحتياجات الغذائية اللازمة للمواطنين من المنتجات الزراعية، وقدرت الخطة ارتفاع معدل الطلب الإجمالي على هذه المنتجات بحوالي 3.2% سنوياً في المتوسط خلال فترة تنفيذ الخطة.
              وقد تضمنت الخطة مجموعة أخرى من السياسات والبرامج المساندة لتنمية القطاع الزراعي وتحقيق أهداف الخطة والتي تمثلت في مشروعات تنمية مصادر المياه وصيانتها من خلال مشروعات حفر الآبار وإقامة السدود لتخزين المياه مع تشجيع استخدام أساليب الري الحديثة.
              كما تضمنت استمرار برنامج تقديم القروض الزراعية للمنتجين وتوفير بعض مستلزمات الانتاج الزراعي وتقديم الخدمات الإرشادية الحكومية للمزارعيين، مع دعم الحكومة للخدمات وللبحوث الزراعية التي تعالج مشاكل الزراعة السعودية، بالإضافة إلى التركيز على عمليات التصنيع الزراعي للمنتجات الزراعية لزيادة القيمة المضافة للناتج واستقطاب كافة التقنيات الحديثة من أجل خفض تكلفة الانتاج ورفع الكفاءة التسويقية للانتاج الزراعي والتصنيعي الزراعي لرفع كفاءة أداء المشروعات الزراعية بوجه عامكما تضمنت أيضاً التوجيه نحو زيادة انتاج الخضروات في البيوت المحمية والعمل على حل للمشاكل التسويقية لصغار المزارعين.
خطة التنمية الثامنة 1425-1430هـ ( 2005-2009م)
              تشمل الأهداف الرئيسية للقطاع الزراعي خلال خطة التنمية الثامنة على زيادة اسهام قطاع الزراعة في التنوع الإقتصادي للمملكة، وتحسين كفاءة استخدام الموارد الطبيعية بما يضمن تحقيق تنمية زراعية مستدامة مع تحسين الأداء الاقتصادي للقطاع الزراعي لمواكبة المتغيرات المحلية والإقليمية والعالمية، تعزيز قدرات القطاع الزراعي الاستثمارية لتحسين مستوى المعيشة إضافة إلى المحافظة على البيئة وتنمية المراعي والغابات.
ويعتمد تحقيق هذه الأهداف في خطة التنمية الثامنة على العديد من السياسات من بينها :
المحافظة على المياه بتحديد نوعية المحاصيل الزراعية والمقننات المائية وفقاً للخطة الوطنية للمياه.
توفير المعلومات والبيانات واجراء  الأبحاث الزراعية لتقديم النشاطات الأكثر تنافسية واستخدام موارد المياه من المصادر غير التقليدية في اطار المحافظة على البيئة.
مراجعة سياسات الدعم والإعانات الزراعية بما يتوافق مع دخول المملكة لمنظمة التجارة العالمية.
دعم استخدام التقنيات الحديثة وانتاج المحاصيل ذات القيمة المضافة العالية في المزارع الصغيرة مع تحسين كفاءة صيد الأسماك وتشجيع الاستزراع السمكي.
تطوير هياكل وتجهيزات التسويق والتصنيع الزراعي من خلال انشاء الجمعيات التعاونية.
تطوير التنظيم المؤسسي والإداري باكمال اجراءات تخصيص المشروعات الزراعية وصوامع الغلال ومطاحن الدقيق ومراجعة سياسات توزيع الأراضي.
تأهيل وتدريب العمالة الوطنية في القطاع الزراعي مع تكثيف برامج توعية المزارعين وتثقيفهم.

هذا ومن المتوقع أن ينمو القطاع الزراعي خلال هذه الخطة بمعدل سنوي متوسط مقداره 3.2% ومن المتوقع أن يتم خلال الخطة الثامنة تحقيق الأهداف المحددة التالية :
اكمال التشريعات ووضع المقاييس الخاصة بالحد من الاستهلاك المحصولي للمياه والأسمدة والمبيدات والتوسع في استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة .
دعم إنشاء الجمعيات التعاونية الزراعية التسويقية مع إنشاء مركز متطور لدعم انتاج التمور وتسويقها.
إنشاء قاعدة بيانات زراعية بوزارة الزراعة يستفيد منها المنتجين والمستثمرين.
تخصيص المختبرات والمنتزهات والمحاجر التابعة لوزارة الزراعة مع اكمال دراسة واجراءات تخصيص صوامع الغلال ومطاحن الدقيق.
اجراء دراسة حول القدرة التنافسية للنشاطات الزراعية وكيفية تحسين الكفاءة الاقتصادية في مجال انتاج وكيفية تحسين الكفاءة الاقتصادية في مجال انتاج الأسماك.
هذا وتبلغ المخصصات المالية لتنمية وتطوير القطاع الزراعي خلال الخطة الثامنة نحو 7456.2 مليون ريال. 

الرؤية المستقبلية :
              لقطاع الزراعة اسهام فعال في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية ودعم عملية التنوع الاقتصادي وتوفير المدخلات الضرورية لصناعة غذائية وطنية واعدة، ويعمل على تحقيق التكامل والانسجام بين الهدفين الوطنيين الرئيسيين الأمن الغذائي والأمن المائي.
              ومن المتوقع أن تنطلق الحلول العلمية والعملية للمعوقات التي تواجه تنمية القطاع الزراعي وأن تتشكل الرؤية المستقبلية لقطاع الزراعة في المملكة من خلال المعالم الرئيسية التالية :
1-  استغلال الموارد المائية الاستغلال الأمثل وفقاً لنتائج عملية تقويم الموارد المائية في إطار الخطة الوطنية للمياه لتحقيق التنمية الزراعية المستدامة.
-2  استغلال أمثل لمياه الأمطار بإنشاء المزيد من السدود مع الإستغلال الكامل لمياه الصرف الصحي المعالجة في الأغراض الزراعية.
-3  وجود نظام دعم ومساندة وإرشاد يسهم في نمو الزراعات الصغيرة والمتوسطة عالية القيمة.
-4  وجود منظومة متطورة للبحث العلمي تهتم بتطوير مجالات الزراعة وتقنيات الري وتحديد المحاصيل المناسبة وتعظيم انتاجية المحاصيل ورقع كفاءة التسويق الزراعي.
-5  وجود عمالة وطنية مؤهلة وفاعلة في النشاط الزراعي.

القضايا والتحديات :
هناك قضايا وتحديات ينبغي الاستمرار في التصدي لها ومعالجتها من خلال خطة التنمية الثامنة من أبرزها :
1- الكفاءة الاقتصادية للمحاصيل الزراعية :
              في ظل الانفتاح المتزايد على الأسواق العالمية مع ما تنطوي عليه من أجواء المنافسة فمن المتوقع ارتفاع تكاليف الانتاج عند استخدام الموارد المائية المتاحة وفقاً لأسس اقتصادية سليمة تأخذ تكلفة الفرصة البديلة في الحسبان، وبما أن تحقيق مستويات عالية من الإكتفاء الذاتي لم يعد مطلباً استراتيجياً في ظل مقتضيات العولمة والتجارة والاتفاقات الدولية فإن الوضع يستوجب الاستمرار في مراجعة السياسات الزراعية خاصة المتعلقة بدعم الأسعار وتشجيع استخدام التقنيات الحديثة للإرتقاء بكفاءة استخدام الموارد والإتجاه نحو انتاج المحاصيل عالية القيمة المضافة.
2- كفاءة نظم الري :
              شهدت المملكة تقدماً في استخدام نظم الري الحديثة ذات الكفاءة العالية التي تغطي نحو 67% من المساحات المرويةوأن هنالك 33% من الأراضي الزراعية تستخدم نظم الري التقليدية ذات الكفاءة المنخفضة، لذا ينبغي اجراء المزيد من الدراسات لتحديد مستوى كفاءة الوسائل المستخدمة في الري ومراجعة أساليبها من أجل توفير مياه الري حسب الحاجة الفعلية لكل محصول، وصولاً لتحسين مستوى الكفاءة وتوفير المعلومات عن الطرق التقليدية بهدف اعادة تأهيلها ورفع مستوى وعي صغار المزارعين وتوجيههم للإستفادة من الدعم الحكومي لنظم الري الحديثة.
3- الاهتمام بمياه الصرف المعالجة لأغراض الزراعة:
              لم تحظ معالجة مياه الصرف الصحي لاستخدامها في الزراعة باهتمام كافي بالرغم من فوائدها الكثيرة التمثلة في المحافظة على المياه، وتوفير مصدر موثوق لإمداد المياه للمزارعين وتوفير كميات كبيرة من المياه الجوفية العذبة لاستخدامها لأغراض أخرى.
4- العرض والطلب على المنتجات السمكية :
              لا تزال كمية الانتاج السمكي محدودة، حيث بلغت 69 ألف طن في عام 1425هـ، ويشكل حجم الانتاج ما نسبته 54.1% فقط من الطلب الكلي البالغ 127.5 ألف طن وذلك لعدة أسباب من بينها انخفاض كفاءة الصيد في المياه الإقليمية لاستخدام القوارب والوسائل التقليدية، وضعف امكانات الصيادين، وارتفاع تكلفة الانتاج.
              لذا لا بد من توفير أساليب تمويل وحوافز للمستثمرين تشجعهم للدخول في مجالات الاستزراع السمكي والتصنيع مع تقديم المساعدة لصغار الصيادين.
5- الكفاءة الإنتاجية والتسويقية للتمور :
              بلغ عدد أشجار النخيل بالمملكة في عام 23/1424هـ نحو 21 مليون نخلة تنتج 884 ألف طن مما يجعل المملكة ثالث أكبر الدول المنتجة للتمور في العالمورغم ذلك يعاني هذا القطاع من تدني الكفاءة الانتاجية والتسويقية حيث لم تزد صادرات المملكة من التمور عن 8.8% من اجمالي صادرات التمور العالمية وما يعادل 4.1% فقط من الانتاج المحلي، وكذلك تبرز مسألة تدني الأسعار الخارجية لتمور المملكة مقارنة بالأسعار التي تحظى بها تمور الدول المنافسة، والتفاوت الكبير في الأسعار المحلية للأصناف المختلفة مما يعكس وجود معوقات رئيسية في الانتاج والتسويق تستوجب الاهتمام والمعالجة.

الفصل الخامس
الأمن الغذائي
مقدمة
  نتيجةً لازدياد وتعقيد العوامل والمشكلات المؤثرة على سلامة الإنسان واستقرار المجتمع شاع مؤخراً استخدام مصطلحات الأمن التخصصي مثل الأمن الغذائي، والأمن المائي، والأمن البيئي، والأمن الاجتماعي، والأمن الاقتصادي، والأمن الثقافي وغيرها للدلالة على كل متطلب من متطلبات الأمن بمعناه الواسعوبالتالي فإن تحقيق الأمن بمعناه الشامل يعتمد على عناصر ومقومات عدة مترابطة ومتداخلة يمثل كل منها حلقة أو ثغرة إذا لم تسد وتؤمن أمكن من خلالها إختراق الأمن القومي لأي دولة والإضرار بمصالحهاومن أهم هذه الحلقات والثغرات حلقة الأمن الغذائي حيث أصبح إنتاج وتوفر الغذاء محكوماً بسياسات بعض الدول والتي حولت بعض السلع الغذائية كالقمح والأرز الى سلع إستراتيجية تستخدمها كسلاح رئيسي في محاصرة الشعوب الضعيفة، بهدف تطويعها واخضاعها لمصالحها الخاصة.
   وبالرغم من التحسن الذي طرأ على إنتاج الغذاء منذ بداية الثورة الخضراء (Green revolutionوتقلص عدد السكان المهددين بعدم الأمن الغذائي، إلا أنه في نهاية القرن العشرين كان هنالك 800 مليون فرد يمثلون 18%من سكان العالم النامي يواجهون مشكلة عدم الأمن الغذائي و166 مليون طفل يعانون من سوء التغذية و10 مليون طفل يتحولون سنوياً إلى معاقين عقلياً وجسدياً بسبب سوء التغذية وما بين ومليون طفل يموتون سنوياً بسبب أمراض مرتبطة بسوء التغذيةولإنعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية تكاليف باهظة يتحملها الأفراد والعائلات والمجتمعات والأمموفي هذا الإطار أشارت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (2004مالى أن نقص الأغذية والفيتامينات والمعادن الضرورية تطيح بحياة أكثر من خمسة ملايين طفل كل سنة، ويكلف نقص التغذية البلدان النامية أكثر من 220 مليون سنة من الحياة المنتجة لأفراد الأسرة الذين تتناقص أعمارهم أو يتأثرون بسبب العجز الراجع الي سوء التغذية، كما أن البلدان النامية تفقد مئات المليارات من الدولارات بسبب فقدان الانتاجية والدخل ونقص الاستهلاك بسبب الوفاة المبكرة، أو العجز، أو التغيب عن العملكذلك تقدر التكاليف الطبية والتي تعتبر أهم التكاليف المباشرة المترتبة على سوء التغذية في البلدان النامية بنحو 30 مليار دولار في السنةولذلك يولي المجتمع الدولي ممثلاً في حكوماته ومنظماته التنموية ومؤسساته وهيئاته البحثية والأكاديمية إهتماماً كبيراً ومتزايداً لمشكلة عدم الأمن الغذائي حيث جاء في الإعلان العالمي الخاص بإستئصال الجوع وسوء التغذية الصادر عن مؤتمر الأغذية العالمي المنعقد بمقتضى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 3180 (د-28) في 17ديسمبر 1973مإن رفاه شعوب العالم يتوقف الي حد بعيد على إنتاج وتوزيع الأغذية بكميات كافية، وكذلك على إقامة نظام عالمي للأمن الغذائي يؤمن توفر القدر الكافي من الأغذية بأسعار معقولة في جميع الأوقات، بصرف النظر عن التقلبات الدورية للطقس وتغيراته المفاجئةوأعلن المؤتمر أن لكل رجل وإمرأة وطفل حق في أن يتحرر من الجوع وسوء التغذية لكي ينمي قدراته الجسدية والعقلية إنماءً كاملاً ويحافظ عليها ولذلك فإن استئصال الجوع هدف مشترك لكافة بلدان العالموبلغ إهتمام المجتمع الدولي بتوفير الأمن الغذائي زروته بإعتبار المعاهدة الدولية المؤسسة لحقوق الإنسان أن توفر الأمن الغذائي من حقوق الإنسان الأساسية التي يجب على الدول إحترامها وتوفيرها حيث نص الاعلان العالمي لحقوق الانسان على أنFood security is a basic human right ).
مفهوم الأمن الغذائي ومقوماته
   بالرغم من تباين الأراء حول تعريف مفهوم الأمن الغذائي ومقوماته وأساليب تحقيقه، إلا أن هنالك محورين أساسين تناولتهما معظم التعريفات ولكن بدرجات مختلفة من التركيز والإهتمام هما:
المحور الأول: يتعلق بماهية الأمن الغذائي وكمية ونوع الغذاء المطلوب توفره لتحقيق الأمن الغذائيفهنالك مجموعة من المهتمين بقضية الأمن الغذائي ركزوا على على هذا المحور ولكنهم أيضاً إختلفوا فيما بينهم وتباينت آراءهم حول كمية الغذاء المطلوب توفرها لتحقيق الأمن الغذائيفمنهم من جعل هذه الكمية نسبية وربطها بمستوى الدخل والمعيشة في المجتمع وهو ما يعبر عنه بضمان تدفق الاحتياجات الغذائية المعتادة أو الموضوعيةومنهم من جعلها مطلقة وهو ما يعبر عنه بضمان حصول كل فرد على السعرات الحرارية المطلوبة للحياة الصحية، وفقاً للمعايير المتفق عليها دولياً بغض النظر عن مستوى دخل ذلك الفرد.
  ويؤخذ على الذين ركزوا في تعريفهم للأمن الغذائي على تحديد كمية ونوع الغذاء المطلوب توفره لتحقيق الأمن الغذائي أنهم لم يهتموا بكيفية وسبل تحقيق الأمن الغذائي وبالتالي يعتبر تعريفهم تعريفاً نظرياً وليس عملياً.
المحور الثاني: يتعلق بكيفية الحصول على الغذاء سواءً من المصادر المحلية أو الأجنبية وضمان تدفقه من تلك المصادروركزت مجموعة أخرى من المهتمين بمشكلة الأمن الغذائي على هذا المحور المتمثل في كيفية الحصول على الغذاء ومصادره وأيضاً إختلف هؤلاء وتباينت وجهات نظرهم حول كيفيـة الحصـول علـى الغـذاء التي تحقـق الأمن الغذائيفهنالك مجموعة المحافظين ((Conservatives التي تجعل مفهوم الأمن الغذائي مرادفاً لمفهوم الإكتفاء الذاتي وتعبر عنه بقدرة المجتمع أو الدولة على توفير الاحتياجات الغذائية لجميع السكان بالكمية والنوعية المطلوبة من الانتاج المحلي حتى لو تطلب ذلك التضحية بالإستخدام الأمثل للمواردوبالتالي بالنسبة لهؤلاء كلما كانت النسبة الأكبر من إحتياجات المجتمع الغذائية منتجة محلياً (أي كلما كانت نسبة الاكتفاء الذاتي من السلع الغذائية عاليةكلما كان ذلك أدعى لضمان وإستمرارية ((sustainability الأمن الغذائي وأن البلدان التي لا تستطيع توفير الغذاء لشعوبها من مصادر محلية ربما تصبح عاجزة أمام الضغوط التي تواجهها، مما يعرض أمنها القومي للخطر، وحريتها للإستباحة، وإستقلالها للإنتقاص وربما أدى ذلك للتبعية الإقتصادية والسياسية، خاصةً في عالم اليوم الذي تسود فيه علاقات سياسية وإقتصادية معقدة ومتوترةولذلك يعتبر هؤلاء أن معدل تغطية الإحتياجات الغذائية من الإنتاج الوطني هو أهم مؤشر، بل وربما المؤشر الوحيد لمستوى الأمن الغذائي (الأمم المتحدة، 2001). ويؤخذ على هذه المدرسة من مدارس تحقيق الأمن الغذائي أن تحقيق هدف الإكتفاء الذاتي من المنتجات الغذائية والأمن الغذائي قد يتعارض مع هدف تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة والذي يستلزم توجيه الموارد نحو الاستخدامات والأنشطة المثلى التي تحقق أعلى عائداتوهنالك مجموعة أخرى من الذين ركزوا في تعريفهم لمفهوم الأمن الغذائي على كيفية الحصول على الغذاء ومصادره ترى أن الأمن الغذائي ليس من الضرورة أن يتحقق فقط بالإعتماد على الانتاج المحلي من الغذاء، وإنما بقدرة الدولة على توفير الموارد المالية الازمة لإستيراد إحتياجاتها الغذائيةوالانتقاد الرئيسي الذي يوجه لهذا المعسكر من المهتمين بقضية الأمن الغذائي هو جعلهم حصول الدولة على إحتياجاتها الغذائية من الخارج نتيجة حتمية لإمتلاكها للموارد المالية الازمة وهو إفتراض تشوبه كثيراً من الشكوك والمحاذير وتدحضه كثيراً من الأحداث والوقائع العمليةفعلى سبيل المثال في عام 1965م إمتنعت الولايات المتحدة الأمريكية عن بيع القمح لمصر في السوق الحرة بالرغم من قدرتها على سداد قيمته، مستغلة في ذلك الانخفاض الكبير في أنتاج القمح في الاتحاد السوفيتي الذي كان يمثل مصدراً لواردات مصر من القمح (العيادي، 1999م؛ ماهر، 1986م).
   وبناءً على ما سبق يمكن إستنباط تعريف للأمن الغذائي يجمع بين محوري ماهية الأمن الغذائي (كمية ونوع الغذاء المطلوب توفره لتحقيق الأمن الغذائيوكيفية الحصول على الغذاء (من المصادر المحلية أو الأجنبية)وضمان تدفقه من تلك المصادروبالتالي يمكن أن يعرف الأمن الغذائي بقدرة المجتمع على توفير الإحتياجات الغذائية الموضوعية (المحتملةلأفراده والتي تمكنهم من العيش بصحة ونشاط، مع ضمان ذلك للذين لا تمكنهم دخولهم من الحصول عليه، سواءً كان ذلك عن طريق الانتاج المحلي أو الاستيراد إعتماداً على الموارد الذاتية. وبتبني هذا التعريف يمكن للمجتمع ان يحقق أمنه الغذائي بإنتاج إحتياجاته الغذائية محلياً أو إستيرادها من مجتمعات اخرى مع  تفضيل الخيار الأول إذا لم يكن باهظ التكلفة من حيث كفاءة إستغلال الموارد المتاحةوعليه فإنه كلما كانت النسبة الأكبر من إحتياجات المجتمع الغذائية منتجة محلياً (أي كلما كانت نسبة الاكتفاء الذاتي من السلع الغذائية عاليةكلما كان ذلك أدعى لإستمرارية ((sustainability وعدم تهديد الأمن الغذائيولذلك يعتبر معدل تغطية الإحتياجات الغذائية من الإنتاج الوطني من أهم مؤشرات تحقيق الأمن الغذائي (الأمم المتحدة،2001). ومن هنا تأتي أهمية الموارد الطبيعية الزراعية (الأراضي الزراعية والمياه)، والموارد البشرية والمالية الازمة لإستغلالها كعوامل محددة للأمن الغذائيوفي هذا الإطار تقسم المجتمعات الى:
  1. مجتمع يمتلك الموارد الطبيعية الزراعية وتتوفر فيه الموارد البشرية والمالية الازمة لاستغلالهايتمتع هذا النوع من المجتمعات بالأمن الغذائي المستدام (Sustainable food security) حيث أن كل أو معظم الاحتاجات الغذائية تنتج محلياً ولا يوجد أي مهدد للأمن الغذائي.
  2. مجتمع لا يملك الموارد الطبيعية الزراعية الكافية لإنتاج إحتياجاته الغذائية ولكنه يمتلك الموارد المالية وبالتالي لديه القدرة على إستيراد إحتياجاته الغذائية من الخارجويتمتع هذا النوع من المجتمعات بالأمن الغذائي ما دام يعيش مناخاً إقليمياً ودولياً سلمياً وتعاونياً وبإفتراض تمسك وتقيد المجتمع الدولي بالقيم الانسانية وعدم إستخدام الغذاء كسلاح للضغط وحسم الخلافات السياسية بين الدول والمجتمعاتولذلك أقر الاعلان العالمي الخاص باستئصال الجوع وسوء التغذية أن رفاهية الشعوب وأمنها الغذائي يتوقف على إنتاج وتوزيع الأغذية بكميات كافية وأسعار معقولة في جميع الأوقات وبمنأى عن الضغوط السياسية والاقتصادية مما يتطلب من الجمعية العامة للأمم المتحدة الوصول الى إتفاق إجماعي على ميثاق يكون أداة فعالة لإقامة علاقات إقتصادية دولية جديدة على أساس مبادئ الإنصاف والعدالة (الأمم المتحدة، 1996). وكذلك هنالك ثمة تحديات جديدة تواجه تحقيق الأمن الغذائي في هذه المجتمعات خاصةً فيما يتعلق بنوعية الغذاء، مرتبطة بالاستخدام المكثف للكيماويات الزراعية وما نجم عنه من متبقيات كيماوية في كثير من المنتجات الزراعية والتعديل الوراثي للمحاصيل والحيواناتوتزداد هذه المهددات بالنسبة للدول النامية في ظل سيادة اقتصاد السوق الحر وانضمامها لمنظمة التجارة العالمية (مما يعني تدفق المنتجات الغذائية من الخارج)، وتدني مستوى وعي المستهلكين في هذه الدول (رويشدي، بدونتاريخ). 
  3. مجتمع يمتلك الموارد الطبيعية الزراعية ولكنه لا يملك الموارد الاقتصادية الازمة لإستغلالهاهذا النوع من المجتمعات يفتقر الى الأمن الغذائي في المدى القصير وربما في المدى المتوسط ويتحقق أمنه الغذائي بصورة دائمة متى ما توفرت له الموارد المالية الازمة لإستغلال موارده الطبيعية الزراعية.
  4. مجتمع ليس لديه موارد طبيعية زراعية ولا يملك الموارد المالية التي تمكنه من إستيراد الكميات الكافية من الغذاء وهذا النوع من المجتمعات هو الذي يعاني مشكلة في أمنه الغذائي في المدى القصير والبعيد. 

العلاقة بين الأمن الغذائي والأمن الاجتماعي
يعرف الأمن بأنه: (إحساس الفرد والجماعة البشرية بإشباع دوافعها العضوية والنفسية، وعلى قمتها دافع الأمن بمظهريه المادي والنفسي والمتمثلين في إطمئنان المجتمع الى زوال ما يهدد مظاهر هذا الدافع المادي، كالسكن الدائم المستقر، والرزق الجاري، والتوافق مع الغير، والدوافع النفسية المتمثلة في اعتراف المجتمع بالفرد ودوره ومكانته فيه وهو ما يمكن أن يعبر عنه بالسكينة العامة، حيث تسير حياة المجتمع في هدوء نسبي). وبالتالي فإن تحقيق الأمن بمعناه الشامل يعتمد على عناصر ومقومات عدة مترابطة ومتداخلة يمثل كل منها حلقة أو ثغرة إذا لم تسد وتؤمن أمكن من خلالها تهديد الأمن القومي للمجتمعومن أهم هذه الحلقات والثغرات حلقة الأمن الغذائي حيث أصبح إنتاج وتوفر الغذاء محكوماً بسياسات بعض الدول والتي حولت بعض السلع الغذائية كالقمح والأرز الى سلع إستراتيجية تستخدمها كسلاح رئيسي في محاصرة الشعوب الضعيفة، بهدف تطويعها واخضاعها لمصالحها الخاصةوبالتالي فإن عدم الأمن الغذائي يعتبر من أهم المهددات الخارجية لأمن وسيادة المجتمعات وكذلك من أقوى أسباب تفشي الجريمة وظهور الأمراض والظواهر الاجتماعية والاقتصادية السالبة في المجتمع.وفي المقابل فإن إرتفاع الجريمة وعدم الأمن الاجتماعي يؤدي لنقص الانتاج ويؤثر سلباً على الأمن الغذائي في المجتمع حيث يصبح المجتمع طارداً للمستثمرين والمنتجين وربما يتدهور الأمن الاجتماعي بدرجة كبيرة تؤدي الى توقف الانتاج بصورة كاملة كما هو الحال في كثير من مناطق الحروب والنزاعات المسلحةويعتبر عدم الأمن الاجتماعي والبيئي من أهم أسباب الهجرة المعاكسة ((Turn-around migration من المدن الكبيرة الى القرى والمدن الصغيرة في كثير من البلدان، والنزوح والهجرة الجماعية من مناطق الحروب والنزاعات المسلحة التي غالباً ما تكون مناطق إنتاج للغذاءمما سبق يتضح أن العلاقة بين الأمن الغذائي والأمن الاجتماعي علاقة تماثلية(Symmetrical relation) حيث أن كلاً منهما يمثل حلقة من حلقات الأمن الشامل وبالتالي يمكن أن يكون سبباً في إحداث الآخر وانعدام أي منها يؤدي لانعدام الآخر على النحو التالي ((Bailey, 1982:

الأمن الغذائي         الأمن الاجتماعي

   وبالرغم من هذه العلاقة التماثلية (Symmetrical relationship) بين الأمن الاجتماعي والأمن الغذائي، إلا أنه في معظم الأحيان وفي كثير من المجتمعات نجد أن عدم الأمن الغذائي هو سبب عدم أو تدني مستوى الأمن الاجتماعي وذلك للأسباب التالية:
أولاًفي معظم الأوقات والمجتمعات يحدث عدم الأمن الغذائي بسبب عوامل مثل الكوارث الطبيعية (الجفاف، والتصحر، والفيضانات)، السياسات الزراعية والاقتصادية غير الملائمة، وعوامل سكانية مثل ارتفاع معدلات الهجرة الريفية-الحضرية والنمو السكاني.
ثانياًتعتبر العلاقة بين الأمن الغذائي والأمن الاجتماعي تجسيداً للعقد الاجتماعي بين الفرد والمجتمع والذي يلزم فيه المجتمع أفراده بالالتزام بقواعد الضبط الاجتماعي في سلوكهم وتعاملهم مقابل تمكينهم من الحصول على وإشباع إحتياجاتهم الأساسية والمشروعة.

                              توفير الاحتياجات الأساسية للأفراد
المجتمع                                                                     الفرد
                             الالتزام بقواعد الضبط الاجتماعي                     

  فعندما لا يمكن المجتمع أفراده من إشباع أي من إحتياجاتهم تبدأ تظهر في المجتمع بعض الظواهر الاجتماعية وأنماط السلوك غير المتعارف عليها والتي تتعارض مع قواعد الضبط الاجتماعي في المجتمعويكون هذا التعارض قوياً ومهدداً للأمن الاجتماعي كلما كانت الحاجة التي لم يتم إشباعها أقرب لقمة الهرموبالتالي فإن الانسان عندما يفقد الأمن الغذائي، وهو من أهم الاحتياجاته الفسيولوجية ويأتي في المرتبة الاولى بالنسبة لسلم إحتياجاته وقبل حاجته للأمن الاجتماعي والذي يأتي في المرتبة الثاتية (الشكل 1)، لا يأبه كثيراً بقواعد الضبط الاجتماعيبينما عندما لا يتاح لأفراد المجتمع اشباع حاجة تحقيق الذات (Self-actualization ) والتي تأتي في آخر سـلم إحتياجـاتهم فعادةً ما يكون تعبيرهم عن عدم رضائهم عن ذلك بصور سلمية وبقليل من تجاوز قواعد الضبط الاجتماعيولذلك يعد عدم الأمن الغذائي من أهم أسباب إنتشار الجريمة وعدم الأمن والطمأنينة حيث يرى أفراد المجتمع أنهم في حل من عقدهم الاجتماعي مع المجتمع الذي لم يمكنهم من الحصول على أهم إحتياجاتهموبالتالي يعتبر عدم توفر الأمن الغذائي لأعداد كبيرة من السكان في مناطق كثيرة من العالم من أهم مهددات الإستقرار والأمن على المستوى المحلي والقومي والإقليمي والدولي Prinstrup-Andersen, 2001 ).  

            Physiological
High



                               Safety
                                 Security)


                                                  Social
                                                  (Affiliation)
Strength                                                                  
                                                                             Esteem
of                                                                          (Recognition)

Need                                                                                                  

                                                                                                      Self-actualization
  
Low


شكل (1). سلم الاحتياجات البشرية لماسلو
Hersey and Blanchard (1972)المصدر:

 الزراعة في المملكة العربية السعودية ودورها في الأمن الغذائي:
  كان الإنتاج الزراعي في المملكة العربية السعودية قبل فترة السبعينات أي قبل بداية تنفيذ أول خطة للتنمية (1970ممنخفضاً كماً ونوعاً وكانت الإنتاجية الزراعية (النباتية والحيوانيةمنخفضة مقارنة بالمستويات العالمية.ولذلك، وبالرغم من أن الزراعة في المملكة لعبت دوراً هاماً في توفير الغذاء في تلك الفترة، إلا أن إستهلاك الفرد اليومي من المنتجات الغذائية والسعرات الحرارية كان متدنياًومع بداية خطط التنمية في عام 1970م بدأ القطاع الزراعي يشهد تغيرات كثيرة هدفت إلى زيادة الإنتاج الزراعي من خلال التوسع الأفقي والرأسي، مع التركيز على الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية والمحافظة عليها ورفع مستوى معيشة سكان الريفونتيجة لهذه السياسات فقد شهد إنتاج معظم المحاصيل الزراعية تطوراً مطرداً خلال خطط التنمية الزراعية المختلفة مما عزز الأمن الغذائي بتوفير جزء كبير من الاحتياجات الغذائية من الانتاج المحليوفيما يلي نستعرض أثر السياسات التي إتبعتها كل من خطط التنمية على الأمن الغذائي.
خطة التنمية الزراعية الأولى (1970-1974م):
   هدفت هذه الخطة إلى زيادة الإنتاج الزراعي رأسياً بتحسين إنتاجية الموارد الطبيعية الزراعية عن طريق التوسع في استخدام الآلات والتكنولوجيا الزراعية الحديثة، وأفقياً بزيادة المساحة المحصولية عن طريق توفير مشروعات الري وبناء السدود لتخزين وتوفير المياه بالإضافة إلى توزيع الأراضي البور وتمليكها مجاناً للمزارعين والمواطنين.
   يوضح الجدول (1) التطور الذي طرأ على إنتاج المحاصيل والمنتجات الغذائية الرئيسية ومستوى الإكتفاء الذاتي منها خلال فترة خطط التنمية الأولىويجب ملاحظة أنه خلال هذه الفترة أيضاً حدثت زيادة في استهلاك المنتجات الزراعية المختلفة بسبب الزيادة في حجم السكان والتحسن في مستوى معيشتهم. وهذا يفسر زيادة مستوى الإكتفاء الذاتي من بعض المنتجات الزراعية بمعدلات منخفضة، وإنخفاضه لبعضعها خلال خطة التنمية الأولى بالرغم من الزيادة الملحوظة في الإنتاج الكلي لهذه المنتجاتفمثلاً نجد أن إنتاج القمح إرتفع بنهاية الخطة الأولى بنسبة 166% عما كان عليه في بدايتها، بينما إرتفع معدل الإكتفاء الذاتي خلال نفس الفترة فقط بنسبة21.9% مما يعني أن معظم الزيادة في الانتاج أستخدمت لمقابلة التوسع في الاستهلاكوكذلك بالرغم من أن إنتاج الطماطم إرتفع بنهاية هذه الخطة بنسبة 106.1% عما كان عليه في بدايتها، إلا أن مستوى الإكتفاء الذاتي منه إنخفض من 100% إلي 88.9%، الأمر الذي يعكس الزيادة والتطور الذي حدث في استهلاكهوكذلك الحال بالنسبة لبقية المنتجات الزراعية، حيث نجد أن معدل الارتفاع في نسبة الإكتفاء الذاتي من معظمها كان أقل بكثير من معدل الزيادة في إنتاجها، بينما إنخفض معدل الاكتفاء الذاتي من البعض الآخر بالرغم من زيادة انتاجهاوبصورة عامة يمكن القول أن خطة التنمية الأولى ساهمت في تعزيز الأمن الغذائي من خلال زيادة كمية ونوع الغذاء المستهلك لضمان حصول كل فرد على السعرات الحرارية المطلوبة للحياة الصحية، وفقاً للمعايير المتفق عليها دولياًوأيضاً ساهمت هذه الخطة في تعزيز الأمن الغذائي من خلال زيادة مستوى الإكتفاء الذاتي من بعض المنتجات الغذائية.

خطة التنمية الزراعية الثانية (1975-1979م)
بالرغم من التوسع في زراعة وزيادة إنتاج معظم المنتجات الزراعية خلال خطة التنمية الثانية، إلا أن معدلات الاكتفاء الذاتي من معظم المنتجات إنخفضت بنهايتها عما كانت عليه في بدايتهاويرجع ذلك بالدرجة الأولى للإستمرار في التوسع في إستهلاك المنتجات الغذائية نتيجة للنمو السكاني بمعدلات مرتفعة، وإرتفاع معدلات التمدن والتحسن في مستوى المعيشةوبالتالي يمكن القول أنه خلال فترة خطة التنمية الثانية تم تعزيز الأمن الغذائي في محور كمية ونوع الغذاء والسعرات الحرارية المستهلكة، ولكن كان ذلك على حساب محور الإكتفاء الذاتي من المنتجات الغذائية المختلفة.

خطة التنمية الزراعية الثالثة (1980 – 1984م) :
خلال خطة التنمية الزراعية الثالثة تحقق الاكتفاء الذاتي من القمح والتمور والذرة الرفيعة والبيض بنسب عالية  (جدول1) و تعدى انتاج القمح مستوى الاكتفاء الذاتي وأصبح هنالك فائض انتاجي كبير بلغ حوالي مليون طن زيادة عن احتياجات المملكة الاستهلاكية.

خطة التنمية الزراعية الرابعة (1985-1989م)
تعزز الأمن الغذائي خلال هذه الخطة بدرجةٍ كبيرة حيث بلغ مستوى الاكتفاء الذاتي من القمح، والبيض، والتمور، والدخن، والذرة الرفيعة، والخضروات، واللحوم الحمراء بنهايتها معدلات مرتفعة  (جدول1). ويعزى هذا الارتفاع في انتاج معظم المنتجات الزراعية جزئياً لانحسار مساهمة المزارع التقليدية في الإنتاج وزيادة مشاركة المشاريع الزراعية المتخصصة ذات التقنية العالية.
 جدول (4) تطور إنتاج المحاصيل المختلفة خلال الفترة (1970م – 1989م)
البيان
الخطة الأولى
الخطة الثانية
الخطة الثالثة
الخطة الرابعة
نسبة الاكتفاء الذاتي
نسبة الاكتفاء الذاتي
نسبة الاكتفاء الذاتي
نسبة الاكتفاء الذاتي

1970
1974
1975
1979
1980
1984
1985
1989
القمح
14.2
36.1
28.3
18.0
16.0
132.5
154.3
203.9
دخن
_
85.7
78.6
100
100
50.0
44.4
100
ذرة رفيعة
100
96.7
94.8
93.3
77.3
100
100
99.2
ذرة شامية
0
6.9
3.2
0.8
0.1
0.1
0.2
1.0
شعير
25
46.9
45.9
2.1
0.6
0.1
0.1
9.4
طماطم
100
88.9
91.8
65.9
60.1
56.3
63.4
63.4
بصل
71
91.6
70.4
60.5
42.8
13.9
15.3
7.8
خضروات أخرى
98.4
93.3
96.0
63.6
68.9
75.7
83.6
87.6
تمور
103.7
100.3
102.7
102.2
103.6
104.8
106.0
106.5
موالح
0
24.1
24.7
7.2
9.3
2.2
3.7
8.3
فواكه أخرى
31.3
38.2
45.0
15.8
14.4
29.0
38.2
37.8
لحوم حمراء
98.1
96.4
91.9
56.1
50.9
52.5
59.1
76.4
لحوم دواجن
46.7
40
29.4
18.0
17.4
48.0
54.1
55.4
بيض المائدة
50
57.1
63.2
68.9
70.7
99.0
109.9
109.7
أسماك
91.7
66.7
62.2
28.6
25.5
29.5
31.9
34.3
اللبن






22.8
27.0

خطة التنمية الزراعية الخامسة (1990-1994م) :
حققت خطة التنمية الخامسة نجاحاً كبيراً في تعزيز الأمن الغذائي من خلال خفض إنتاج القمح، الذي كان فائضاً عن الاستهلاك المحلي، والتوسع في إنتاج المنتجات الغذائية الأخرى. وقد إرتفعت نسبة الإكتفاء الذاتي من القمح، والبيض، والتمور، والدخن، والذرة الرفيعة، والخضروات، واللحوم الحمراء، والطماطم، ولحوم الدواجن، (جدول 2).

خطة التنمية الزراعية السادسة (1995-1999م):
ركزت السياسات الزراعية خلال هذه الخطة على رفع انتاجية القطاع الزراعي باستخدام التقنية الزراعية الحديثة وتوفير بعض المدخلات الزراعية المختارة مثل البذور والشتلات المحسنة والمرتفعة الإنتاجية، وتقديم خدمات الإرشاد الزراعي وتدريب القوى العاملة الزراعيةوكان أيضاً من أهداف خطة التنمية السادسة تغيير هيكل الانتاج الزراعي من خلال زراعة بعض المحاصيل ذات الاحتياجات المائية المنخفضة حيث شجعت تنمية الثروة السمكية والحيوانية والخضروات في البيوت المحميةونتيجةً لهذه السياسات ارتفعت إنتاجية هكتار القمح إلى حوالي 4.7 طن وانتاجية الشعير إلى حوالي 5.3 طن/هكتار وبالتالي تمت المحافظة على معدل إكتفاء ذاتي مرتفع من القمح بالرغم من تقلص مساحته.

خطة التنمية الزراعية السابعة (2000-2004م) :
استمرت خطة التنمية الزراعية السابعة في سياسة تقديم القروض الزراعية الميسرة للمنتجين وتوفير بعض مستلزمات الانتاج الزراعي وتقديم الخدمات الإرشادية الحكومية للمزارعيين، ودعم الخدمات والبحوث الزراعية التي تعالج مشاكل الزراعة السعودية، إضافة إلى استقطاب كافة التقنيات الحديثةوأدت هذه السياسات إلى رفع إنتاجية معظم المحاصيل وتعزيز الأمن الغذائي بصورةٍ واضحة حيث إرتفع إنتاج معظم المنتجات الغذائية وبلغت نسبة الاكتفاء الذاتي منها معدلات مرتفعة كما يوضح ذلك جدول (2) 

جدول (2) تطور إنتاج المحاصيل المختلفة خلال الفترة (1990 - 2003)
البيان
الخطة الخامسة
الخطة السادسة
الخطة السابعة
نسبة الاكتفاء الذاتي
نسبة الاكتفاء الذاتي
نسبة الاكتفاء الذاتي

1990
1994
1995
1999
2000
2003
القمح
190.1
154.4
113.5
104.2
105.4
116.2
دخن
100
100
72.2
77.8
81.8
69.2
ذرة رفيعة
100
100
100
100
1000
100
ذرة شامية
1.7
0.1
5.2
0.3
3.1
3.9
شعير
15.1
39.2
15.7
4.0
2.2
3.3
طماطم
67.4
72.0
76.8
49.4
66.1
57.9
بصل
7.2
19.9
59.9
42.0
41.3
36.4
خضروات أخرى
90.0
95.1
94.7
90.1
91.3
85.6
تمور
103.1
103.1
106.1
101
104.0
103.9
موالح
8.2
12.4
14.7
23.7
25.9
21.2
فواكه أخرى
32.8
41.9
44.3
41.9
35.5
27.9
لحوم حمراء
68.9
73.4
58.4
64.9
57.3
56.2
لحوم دواجن
55.8
68.7
54.7
53.7
63.7
54.0
بيض المائدة
108.7
104.1
107.3
103.8
100.8
93.2
أسماك
39.4
36.8
27.6
34.0
29.6
29.1
اللبن
27.4
62.5
46.4
39.3
49.2
45.4

الأمن المائي في المملكة العربية السعودية
    تشير تقديرات الأمم المتحدة في تقويمها لمصادر المياه وتنبؤاتها بالنمو السكاني على مستوى العالم أن أكثر من 2.8 بليون نسمة في 48 بلد يعانون من شح ونقص المياهويكتسب موضوع المياه اهمية خاصة في الوطن العربي نظراً لموقعه الجغرافي ضمن حزام المناطق الجافة وشبه الجافة والتي تتسم بندرة الموارد المائية بصفة عامة حيث تقل الأمطار السنوية في 66% من مساحة الوطن العربي عن 100 ملم، بينما تتراوح في 20% من المساحة بين 200 ملم و300 ملم وتتلقى 14% فقط من المساحات أمطاراً سنوية تزيد عن 300 ملمكذلك تأتي أهمية المياه والأمن المائي في الوطن العربي من وقوع منابع حوالي 60% من موارده المائية خارج الأراضي العربيةويتضح من الجدول (3) أن كميات المياه المتاحة في الوطن العربي تعادل فقط نحو 0.48% من الكميــات المتاحة على المستوى العالميويبلغ نصيب الفرد من المياه المتاحة في الوطن العربي نحو 876موهو ما يعادل نحو 10% من مثيله على المستوى العالمي والذي يبلغ 8696 م3. ويوصف المجتمع بأنه يعاني من ندرة المياه وعدم الأمن المائي إذا كان نصيب الفرد السنوي فيه من المياه العذبة القابلة للتجدد أقل من 1000متر مكعب. 
جدول (3): كميات المياه المتاحة والمستخدمة في أقاليم الوطن العربي المختلفة (مليار متر مكعب)


الإقليم
كمية المياه المتاحة
المياه المستخدمة
المياه المستخدمة  في الزراعة
نصيب الفرد من المياه (متر مكعب)
الكمية
من المتاح
الكمية
من المستخدمة
المتاحة
المستخدمة



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا