التسميات

الاثنين، 2 يناير 2017

التطور التاريخي للتعمير بالمغرب ...


التطور التاريخي للتعمير بالمغرب

مقدمة

  تعتبر مسألة التعمير والتمدن ظاهرة اجتماعية حديثة استأثرت باهتمام المتخصصين والأكاديميين والفاعلين العموميين وكذا المجتمع المدني، فنظام التعمير بالمغرب بمختلف أبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإدارية تَشَكَّلَ من خلال تطور تاريخي متتالي الحلقات، تستند كل مرحلة فيه على ما سبقها وتكون أساسا لما سيعقبها، كما يمثل قطاع التعمير أحد القطاعات التي تتدخل فيه مجموعة من الجهات، حيث أن ثمة أكثر من مؤسسة إدارية تتقاطع فيما بينها على المستوى المركزي إضافة إلى مؤسسات إدارية متمركزة والتي تتداخل بدورها مع الأجهزة الإدارية اللامركزية محليا إقليميا وجهويا، دون إغفال التوجه الحالي للدولة في إشراك القطاع الخاص لتدارك الخصاص الحاصل في المجال السكني.

  ويمكن تعريف التعمير بكونه”دراسة منظوماتية للطرق تسمح بتنظيم الساكنة وخصوصا السكن التعميري، وذلك حسب احتياجات الأشخاص[1]“، كما تم تعريفه بأنه “فن تهيئة المدن أو علم المدينة والتجمعات المخصصة أساسا للسكن والعمل والأنشطة الاجتماعية الأخرى[2]“، ويقوم على أربع مبادئ أساسية تتجلى في مبدأ المنفعة العامة، مبدأ المراقبة والتدخل العمومي، مبدأ التنطيق ثم مبدأ الارتفاقات.

  ويعود قانون التعمير بالمغرب في وجوده القانوني والتقني إلى فترة الحماية مع بداية القرن العشرين، فهو يعتبر من أقدم القوانين، في الوقت الذي لم تكن تتوفر فيه العديد من الدول على قوانين في هذا المجال، والفضل في إرساء البنيات التعميرية الجنينية يعود لسلطات الحماية التي سارعت إلى وضع قانون كان الهدف منه هو التحكم في المجال وفي الأرض، خاصة الأراضي الحضرية والمحاذية للمدن.

   فمباشرة بعد إبرام عهد الحماية مع فرنسا، سنة 1912، شرعت هذه الأخيرة في عمليات تعميرية تنسجم مع مصالحها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، من بينها نقل العاصمة السياسية والإدارية من مدينة فاس إلى الرباط،وكذا تبويء الدار البيضاء عاصمة اقتصادية تستأثر بحصة الأسد من المشاريع والاستثمارات وحيازة القرار الاقتصادي، والشروع في بناء ميناء الدار البيضاء وجعله أكبر موانئ إفريقيا، ودعم وتعزيز بعض المدن بالبنية التحتية ذات الطابع العسكري والاستراتيجي .

  فمجيء الحماية ساهم في خلق تجمعات حضرية جديدة، ومن بين أهدافها هو استغلال الخيرات والثروات وإدخال النمط الرأسمالي في الاقتصاد المغربي، ارتكزت مباشرة على خلق مجموعة من المصانع والأنشطة بالمدن، مما ساهم في توسعها بفعل استفحال ظاهرة الهجرة القروية، وعليه، بدأت المدن خاصة بالمحور القنيطرة الجديدة تعرف تركيزا للنشاط الاستعماري الذي أدى إلى ارتفاع عدد الساكنة بهذا المحور الساحلي، رافقهازدياد وتنامي الحركة العمرانية به.

   ومن بين البنيات الأولى للسياسة التعميرية التي دشنها المقيم العام الماريشالالليوطيوالتي أوكل مهمة تنفيذها إلى مهندسه المعماري،ذائعالسيط في الأوساط الفرنسية، هنري بروست، هي القيام بإنشاء عشر (10) مدن جديدة في كل من الدار البيضاء، الرباط، مكناس، فاس، مراكش، صفر، تازة،وزان، أكادير والقنيطرة. تجلت سماتها في عزل المدينة العصرية عن المدينة العتيقة.

  وإثر ذلك، عرف مسلسل التمدن الحضري توسعا مهولا منذ بداية ثلاثينيات القرن الماضي، نتيجة للديناميةالديمغرافية التي نشطت بفعل موجات الهجرة القروية وإعادة انتشار وتموقع الساكنة الحضرية المتنامين، مما طرح إشكالية وضع مقاربة جديدة لتدبير وتهيئة المجالات الحضرية والقطيعة مع هيمنة الطابع البنيوي القروي للمدن المغربية الشيء الذي أدى إلى رفع نسبة التمدن آنذاك.

   وعملت سلطات الحماية منذ سنة 1914 ، على إحداث مرفق إداري خاص بالتعمير مكلف بإنشاء المدن الأوروبية وحماية خصوصية المدن العتيقة، اعتمد عدة قوانين وإجراءات تعميرية تهدف حماية المصالح الأوروبية، ومن أبرزها:

- ظهير التعمير لسنة 1914 المتعلق بالوقاية الصحية والذي كان له تأثير كبير في صياغة التصاميم الأولى للحواضر المغربية اعتمادا على ضرورة إحداث مساحات خضراء ومساحات كبرى للشوارع[3].
- ظهير التعمير لسنة 1914، الذي اعتبرته سلطات الحماية قانونا تجريبيا، بحيث جرب في المغرب لينقل فيما بعد إلى فرنسا.
- ظهير 16 أبريل 1914 المتعلق بالتصفيف وتصاميم التهيئة وتوسيع نطاق المدن والارتفاقات والجبايات (الاسم الحقيقي لقانون التعمير).
- صدور أول ظهير لنزع الملكية بتاريخ 31 غشت 1914 وهو مقتبس عن القانون الفرنسي الصادر في ابريل 1914.
- صدور ظهير 23 نونبر 1917 المتعلق بالجمعيات النقابية للملاك الحضريين تيسيرا لضم الأراضي التابعة لمختلف الملاك في مدار بعض القطاعات
- صدور قانون 27 يناير 1931 المرخص بموجبه إنجاز تصاميم التهيئة لمراكز وضواحي المدن
- ظهير 14 يونيو 1933 الخاص بالتجزئات العقارية
- ظهير 30 يوليوز 1952 المتعلق بالتعمير ليحل محل ظهير 16 أبريل 1914
- ظهير 30 شتنبر 1953 المتعلق بتجزئات الأراضي وتقسيمها إلى قطع صغيرة

   ويمكن تأريخ تحديث التعمير بالمغرب، بعد تولي المقيم العام لابون الذي جلب مواطنه المهندس إيكوشار، حيث شرع في إرساء إصلاح تعميري جذري يعتمد على مبادئ جديدة في مجال التعمير منتقدا النظام التعميري الذي خلفته فترة الليوطي، تميزت برفض الفصل بين المغاربة والأوروبيين بمنحهم رخص البناء على السواء، ونهج اللامركزية الصناعية،وإعطاء رخص التجزئات خارج الأسوار، كما عمل على إعادة التوازن بين المجالين الحضري والقروي. وقام بالتخلص من التركة القانونية السابقة.

   فعلى الرغم من كل هذه الإجراءات المهمة على المستوى التشريعي والمؤسساتي، إلا أنها لم تستطع الحد من الثغرات والاختلالات التعميريةوالتي ستلقي بآثارها على فترة ما بعد الاستقلال، ويضاف إلى ذلك الصعوبات المتعلقة بالتحفيظ العقاري من تعدد الأنظمة العقارية واختلاف مساطرها، حيث لم يتم توحيد مسطرة التحفيظ، فالمعمرين لجؤوا إلى التحفيظ لضمان واستقرار معاملاتهم العقارية، لكن في مقابل ذلك ظل نظام الملكية وفق التقاليد الإسلامية والأعراف المغربية قائما (فنجد، الملك، الأراضي المحفظة، أراضي الكيش، أراضي الأوقاف، أراضي الجموع، الأراضي الغابوية…).

  وبعد حصول المغرب على استقلاله، سعى جاهدا إلا فرض سيادته في مختلف المجالات الحيوية، خاصة في مجال التعمير، إثر وقوع نزيف في مغادرة الفرنسيين والأجانب للمغرب وتوقف العديد من الاستثمارات والأنشطة الاقتصادية وهروب رؤوس الأموال الأجنبية والخبراء، الشيء الذي دفع الحكومة الوطنية إلى مغربة إدارتها بما فيها الإدارة المكلفة بالتعمير والسكنى، وإصدار جملة من القوانين والتدابير المتعلقة بالتصاميم الإنمائية للمناطق القروية مترجمة سياسة تعميرية قوامها التخطيط.

  وتشكل مرحلة صدور قانون 12.90 و25.90 ثورة تنظيمية في مجال التعمير المنظم سلفا بقوانين مشتتة وقديمة، وسندا للتدخل للحد من العديد من الاختلالات العمرانية والسكانية التي طالت المجال الحضري الوطني بشكل عام تمثل في محاصرة ومجابهة الضغط الديمغرافي.

  غير أن كل المجهودات التشريعية التي بوشرت من أجل توحيد كل النصوص المتعلقة بالتعمير في إطار مدونة جامعة لم تبلغ نهايتها لعدة عوامل مرتبطة بتعثر المسار التشريعي للبرلمان تارة، وتارة أخرى بسبب الزج بالمسألة التعميرية في خضم المزايدات السياسية لمختلف الفرقاء السياسيين .

الإشكالية:

  تتجلى أهمية الموضوع في تحليل التطور التاريخي لقانون التعمير بالمغرب من أجل فهم مختلف تصورات سلطات الحماية والمشرع المغربي بعد الاستقلال في مجال التعمير، واستنتاج مميزات هذه السياسة التعميرية وأهدافها في كل مرحلة من المراحل التاريخية.

   وتتمحور الإشكالية المركزية التي يعالجها الموضوع في دراسة تنظيم التعمير بالمغرب بين تجلياته إبان الحماية وبعد الاستقلال وإرادة الإصلاح.

   فبالرغم من الترسانة القانونية والتنظيمية وتعدد المتدخلين المؤسساتيين في بلورة السياسة العمومية في مجال التعمير، لازال موضوع التعمير بالمغرب يعاني من العديد من الاختلالات والتشوهات بفعل عوامل اقتصادية واجتماعية وتدبيرية، وقد استعصى هذا القطاع الحيوي على مختلف الحكومات المتعاقبة منذ الاستقلال إلى يومنا هذا.

   فهل الفشل في السياسة التعميرية المتبعة يعود إلى قصور في تشخيص مكامن الخلل؟ أم أن تعدد المتدخلين وتداخل الاختصاصات في هذا المجال هو السبب في فقدان الانسجام وتوحيد الرؤى الاستراتيجية لبلورة سياسة تعميرية قادرة على إعادة تشكيل مدن بمواصفات جديدة تستجيب للخصوصيات المحلية اقتصاديا واجتماعيا وديموغرافيا؟

ولتفكيك عناصر الإشكالية سنحاول الإجابة عن العديد من الأسئلة من بينها:

- ما هي الأسس التنظيمية التي تبنتها سلطات الحماية في مجال التعمير؟.

- كيف تمت مقاربتها؟.

- هل حققت أهدافها ؟.

- هل الترسانة القانونية التي اعتمدها المغرب بعد الاستقلال ساهمت في تدارك سلبيات سياسة التعمير الموروثة عن سلطات الحماية؟.

- ما هي المستجدات القانونية التي صدرت بخصوص التعمير في المغرب الحديث؟.

- هل تمكنت هذه القوانين من تجاوز الإشكاليات المطروحة في مجال التعمير؟.

- هل سيظل تطبيق تنظيم التعمير بالمغرب أمرا شبه مستعصيا، تحت ذريعة مبررات أوضاع اجتماعية هشة للتملص من الالتزام به؟ وفرض الأمر الواقع من خلال استثناءات غير قانونية؟.


الاعتبارات منهجية، ستعتمد هذه الدراسة على طرح فرضيات تعد بمثابة أجوبة مؤقتة على الأسئلة المطروحة في انتظار التأكد من صحتها، ويمكن اختزالها فيما يلي:

- تسخير تنظيم التعمير إبان الحماية لخدمة أهداف اقتصادية فرنسية المتمثلة في تعبئة كل الإمكانات القانونية والمؤسساتية قصد الاستغلال والسيطرة على ثروات وخيرات المغرب.

- التعمير لم يكن يعني في منظور الحماية تنظيم وإعادة هيكلة المجال الحضري بالمغرب بقدر ما كان يهدف من ورائه إلى تأمين ومراقبة البلد أمنيا وبسط نفوذها، وفق مقاربة أمنية صرفة.

- المناخ السوسيو-ثقافي المتسم بالنظام البيروقراطي للإدارة والصعوبات المتعلقة بتنفيذ القوانين عامل أساسي في الاختلالات المجالية.

- تعدد المتدخلين في ميدان التعمير وغياب التنسيق بينهم أربك التطبيق السليم لقانون التعمير.

- قوانين التعمير المستحدثة،من شأنها تحقيق أهداف الاستراتيجية التعميرية وإعادة تشكيل مشهد عمراني عصري بالمغرب تتحقق فيه متطلبات الجماعة.

- هناك محاولة فاشلة لتجميع مختلف المقتضيات المنظمة لقطاع التعمير بالمغرب.

- غياب الإرادة السياسية الحقيقية وعدم الربط بين التعمير وأهدافه الاجتماعية وأيضا السياسات الترقيعيةللظاهرة العمرانية من العوامل التي عثرت إصلاح قطاع التعمير.

ومن أجل مقاربة هذا الموضوع، سنعتمد في تحليلنا على مبحثين اثنين:

المبحث الأول: الإطار القانوني والمؤسساتي للتعمير في عهد الحماية الفرنسية

المطلب الأول: التجربة المعمارية لمرحلة الماريشال الليوطي

المطلب الثاني: مرحلة الإقامة العامة في عهد لابون

المبحث الثاني: التعمير بالمغرب المستقل

المطلب الأول: نظام التعمير من 1956 إلى غاية 1992

المطلب الثاني: نظام التعمير بعد سنة 1992

التصميم

مقدمة

المبحث الأول: الإطار القانوني والمؤسساتي للتعمير في عهد الحماية الفرنسية

المطلب الأول: التجربة المعمارية لمرحلة الماريشال الليوطي

الفقرة الأولى: التأسيس القانوني

الفقرة الثانية: التنظيم الإداري

المطلب الثاني: مرحلة الإقامة العامة في عهد لابون

الفقرة الأولى: منطلقات عصرنة سياسة التعمير (تقييم فترة الليوطي)

الفقرة الثانية: التعديلات القانونية

المبحث الثاني: التعمير بالمغرب المستقل

المطلب الأول: نظام التعمير من 1956 إلى غاية 1992

الفقرة الأولى: التأهيل القانوني للمسألة التعميرية

الفقرة الثانية: الإصلاح المؤسساتي والإداري

المطلب الثاني: نظام التعمير بعد سنة 1992

الفقرة الأولى: الإطار التشريعي للتعمير

أولا : القانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير

ثانيا : القانون رقم 90.25 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات:

ثالثا: مدونة التعمير المجهضة

الفقرة الثانية: مرسوم للتعمير المتعلق بضابط البناء العام لسنة 2013

الخاتمة

لائحة المراجع

المبحث الأول: الإطار القانوني والمؤسساتي للتعمير

  في عهد الحماية الفرنسية  عرفت فترة الحماية إصدار مجموعة من القوانين ذات الأهمية الكبرى في مجال التعمير وتنظيم استعمال الأراضي، وكانت هذه القوانين تحت إشراف الماريشالالليوطي، الذيكان يحتكر تسيير الإدارة بالمغرب، بمساعدة مهندسين استخدمهملإنجاز الأوراش الكبرى في ذاك الوقت.

  الليوطي ركز على إقامة تجمعات حضرية عصرية إلى جانب ماكانموجودا سلفا، بحيث أنه في جميع المدن المغربية، أقامت سلطات الحماية مدنا عصرية إلى جانب المدن العتيقة، وبذلك ترك ما هو للمغاربة (les indigènes) أي السكان المحليين في بنياتهم السكنية التقليدية وشيد أحياء وتجمعات جديدة تتوفر فيها شروط التعمير الحديثة من أزقة ومرافق اجتماعية منظمة بشكل جديد، وهندسة معمارية حديثة.

  وفي فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، أي في عهد المقيم العام لابون، برز المهندس إيكوشار الذي اقترن اسمه بالتعمير الحديث بالمغرب، الذي قاد انقلابا على السياسة التعميرية للماريشال اللوطي.

المطلب الأول: التجربة المعمارية لمرحلة الماريشال الليوطي

الفقرة الأولى: التأسيس القانوني

  المستعمر الفرنسي كان يحتاج إلى أراضي من أجل تشييد السكك الحديدية والطرق والمرافق الاجتماعية، ولذلك بتاريخ 1/1/1912 أصبح يفرض بمقتضى القانون على كل شخص يريد إبرام عقد شراء أرض معينة أن يلتزم كتابة بالتخلي لفائدة الدولة عن المساحات التي ستحتاج إليها مقابل تعويض (كبوادر أولى لقانون نزع الملكية)، وهذا كان من بين القوانين الأساسية الأولى التي صدرت في عهد الماريشالالليوطي.

   في 26/3/1914 صدر قانون بمثابة ظهير يفرض ارتفاق عدم التصرف في الأراضي التي ستمر منها السكك الحديدة (عدم التشييد فوقها أو بيعها في انتظار إقامة السكك الحديدة).

  بتاريخ 16/4/1914 صدر الظهير المتعلق بالتصفيف وتصاميم التهيئة وتوسيع نطاق المدن والارتفاقات والجبايات (التسمية الرسمية لقانون التعمير): ويهم التصفيف بمعنى تصفيف البنايات في صف واحد، وظهور فكرة التخطيط وتوسيع نطاق المدن أي فتح المجال للإدارة لتخلق أحياء جديدة في ضواحي المدن أيضا الارتفاقات والجبايات فهذا القانون خلق جباية التعمير التي تؤدى جراء الاستفادة من مزايا التعمير وهو ما يسمى بالإثراء بدون سبب.

  في 1/7/1914، صدر القانون المتعلق بالملك العمومي والذي نص على فرض مجموعة من الارتفاقات لفائدة هذا النظام، تم تكريس حصانة الملك العمومي حيث أنه لا يمكن أن يُتملك بالتقادم ولا يمكن أن يُحجز عليه ولا يمكن الاعتداء عليه.

  وفي نفس السنة 31/8/1914 صدر قانون المنظم لعملية نزع الملكية الذي جاء بفكرتين نزع الملكية والاحتلالالمؤقت للملك العمومي، حيث يسمح بمقتضاه للدولة، بصفة شرعية، باحتلال ملك الخواص بصفة مؤقتة في انتظار أشغال تشييد بناء تابع للدولة، ولا يمكن أن يعتبر الخواص ذلك اعتداء أو المطالبة بتعويض، لأن الأمر يتعلق بالمنفعة العامة.

  هذا إضافة إلى مجموعة من القوانين ستكمل النسق التنظيمي للتعمير ، وكلها تفيد حق الملكية في اتجاه تمكين الإدارة من القيام بعمليات التعمير المختلفة سواء تعلق الأمر بـإحداث أحياء جديدة أو إقامة تجهيزات ومرافق جديدة، أو تشييد مدن جديدة.

  وبالرجوع إلى قانون التعمير لـ 1914 فقد أتى بمجموعة من المبادئ الأساسية والتي لازالت سارية المفعول ليومنا هذا:
  وضع إطار قانوني للارتفاقات التصفيف بمعنى أن كل مالك للأرض أصبح ملزما باحترام ما تنص عليه الإدارة في مجال التصفيف (الطريق، البنايات مصففة، ومنسجمة مع بعضها البعض (l’alignement)، وبذلك لا يمكن لأي كان الحق في التصرف في ملكيته كيف يشاء وإنما أصبح ملزما في إطار هذا القانون، وهذا النظام حسب المشرع هو مأخوذ من مدينة لوزان السويسرية).

فكرة التخطيط لتهيئة وتوسيع المدن المغربية: أصبح لكل مدينة تصميم خاص،يسمى بتصميم التهيئة le plan d’aménagement، والهدف منه هو تنظيم المجال من حيث عمليات التعمير ومراقباتها من طرف الإدارة وشق الطرق، وتحديد الاماكن التي تشيد فيها المرافق الاجتماعية أو السكنية أو المساحات الخضراء..
التأسيس لعملية جديدة في مجال التعمير وهو التجزئات السكنية، بحيث وضع المشرع إطارا قانونيا بعمليات تجزيئ وتقسيم الأراضي المعدة للبناء، لأنه بدون التحكم في هذه العملية لا يمكن الحصول علىأحياء متجانسة.
   ضرورة تدخل الدولة لترخيص عمليات البناء والتعمير، وبالتالي فجميع عمليات التعمير السكنى أصبحت خاضعة للرخصة الإدارية أي خاضعة لمراقبة الإدارة حتى يتم تحقيق الضبط والانسجام.

  هذا القانون، بالرغم من تحقيقه كل هذه المبادئ والتي خلقت دينامية جديدة في مجال التعمير وساهمت في خلق العديدمن المدن الجديدة، فإنه لم يساهم في تحسين الوضعية السكنية للمغاربة لأنه كرس التمييز بين المعمرين والمغاربة، وبين المعمار المغربي التقليدي والمعمار العصري الأوروبي الذي يتوفر على شروط الحداثة والسلامة والعصرنة، وهذا التمييز أفرز مظاهر السكن اللائق الخاضع لقانون التعمير تحت إشراف سلطات الحماية ومراقبتها، ومن جهة أخرى سكن غير لائق دون مواصفات السلامة والشروط الصحيةغير خاضع لإشراف سلطات الحماية كالمدن التقليدية. وبحلول الأزمة الاقتصادية وسنوات الجفاف التي عرفها المغرب وبفعل الهجرة القروية التي أغرقت ضواحي المدن بمساكن غير منظمة (السكن الصفيحي، العشوائي، غير اللائق…) هذه التجمعات السكنية العشوائية خدمت المصالح الاستعمارية لأنها كانت خزانا لليد العاملة التي كانت تحتاج إليها المصانع والمعامل والمناجم، نموذج ذلك ما يعرف بالكاريانات بالمدن القديمة وبعض المناطقالمنجمية (كالدارالبيضاء (كاريانسونطرال)، مكناس، فاس، تطوان ، مراكش، سيدي قاسم ، خريبكة..)،وهذا دليل على عدم قدرة المدن على استيعاب الضغط الديمغرافي للهجرة القروية. كما أن تدني المستويات المعيشية لهؤلاء السكان القادمين من البوادي، وحاجتهم في الشغل أدى إلى استفحال هذه الظاهرة بالإضافة إلى المضاربات العقارية بخصوص السكن اللائق.

  فمن خلال قانون التعمير تم تكريس محور الدار البيضاء القنيطرة ثم الدار البيضاء الجديدة لكونهفضاء اقتصاديا حيويا بالنسبة لسلطات الحماية لتوفره على موانئ بجانب أراضي خصبة وأيضا الاستقرار حيث استطاعت سلطات الحماية بسط نفوذها بسهولة على هذه المناطق.

  في بداية الثلاثينات، لاحظت سلطات الحماية مجموعة من الثغرات العملية بخصوص قانون 1914، حيث خلصت أن هذا القانون لم يكن كافيا لضبط عمليات التعمير بالمغرب، خاصة عملية تجزئ الأرضي أو التجزئات السكنية. فالفصل 10 الذي قنن عملية التجزيئ لم يفي بالغرض المتوخى منه، وبذلك أقدمت في 14/6/1933 على إصدار قانون خاص بالتجزئات، الذي طور مجموعة من المبادئ الجديدة:

- وجوب الرخصة الإدارية والوثائق المطلوبة في عملية تجزئي التجزئات السكنية.

فرض تصميم التجزئة، حيث أصبح صاحب التجزئة يقدم تصميمامتكاملا لتجزئته (محل البناء، الطرق، المساحات الخضراء، عدد البيوت، كم من بقعة…) وأصبح بذلك ملزما باللجوء إلى مهندس معماري لتصميم التجزئة وذلك بغرض تنظيم استعمال الأرض التي يريد إقامة مشاريع البناء فوقها.

  الإدارة بإمكانها التدخل لتعديل هذا التصميم: إذا ما رأت في ذلك مصلحة عامة، فالمجزئ يقدم مشروعا قد تقبله الإدارة قد ترفضه، وقد تعدله، والتعديل يعتبر ملزما للمجزئ، وبذلك أصبحت الإدارة تتدخل في تنظيم البقع الأرضية التي يقدمها المجزئ. وهكذا أصبحت الإدارة تتدخل في تقييد حرية التصرف في الملكية العقارية باسم المنفعة العامة ولتفتح بذلك المجال لنزع الملكية (فبمجرد المصادقة على تصميم التهيئة والإعلان عنه بمرسوم تجمد تلك الأرض وإلا سيتم التلاعب فيعل إما بالبناء او البيع وبالتالي طلب تعويضات مهمة من الدولة). وقد أحاط المشرع نزع الملكية بمجموعة من الضمانات أهمها مسطرتها الطويلة والمعقدة والتي تعتبر من النظام العام.

الفقرة الثانية: التنظيم الإداري

  بعد الحرب العالمية الثانية، هاجر عدد كبير من الأوروبيين للجوء إلى المغرب، مما نتج عنهضرورة للنهوض بمجال التعمير، وفي سنة 1942 تم إحداث أول مصلحة مكلفة بالسكنى بالمغرب تحت تسمية “المكتب الشريف للسكن الأوروبي” فسلطات الحماية خلقت مصلحة خاصة بالأوروبيين دون المغاربة أو ما يسمى بالتعمير الحديث أي الأحياء العصرية التي تحدث في المدن المغربية.

  هذا أدى إلى تفاقم التناقضات بين التجمعات السكنية بالمغرب، فالسكن الأوروبي تتوفر فيه جميع وسائل التعمير الحديثة، أما السكن المغربي ظل مهملا من طرف الإدارة، وهذا شكل البوادر الأولى لحدوث أزمة سكانية وتعميرية بالمغرب، مما دفع سلطات الحماية إلى إعادة النظر في القوانين التي وضعتها قبل الحرب العالمية الثانية، لأنها لم تحقق الغرض منها.

  ومع النمو السريع للمدن والمشاكل التي ترتبت عن ذلك، تم إحداث مجلس أعلى للتعمير بمقتضى قرار المقيم العام المؤرخ في 08 أكتوبر 1945، وفي سنة 1955 تم إحداث مديرية التعمير تابعة لوزارة الداخلية.

المطلب الثاني: مرحلة الإقامة العامة في عهد لابون

  فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، في عهد المقيم العام لابون، ستعرف بروز المهندس إيكوشار الذي اقترن اسمه بالتعمير بالشكل الحديث بالمغرب، حيث عمل على إعادة النظر فيما أنجزه كل من الماريشالالليوطي ومنفد سياسته المهندس بروست.

الفقرة الأولى: منطلقات عصرنة سياسة التعمير (تقييم فترة الليوطي)

أهم ما ركز عليه المهندس إيكوشار هو:

- انتقد بشدة سياسة بروست التميزية، واعتبرأنها كرست سياسة التمييز الممنهج بين السكان المحليين والأوروبيين وحاول تجاوز هذا التمييز بإعادة تسمية المكتب الشريف للسكن الأوروبي بإعطائه تسمية جديدة وهي “المكتب الشريف للسكنى” قصد إدماج الأوروبيين والمغاربة في السياسة التعميرية على حد سواء.

 - حاول الخروج من الفكرة الضيقة للمدينة أو التجمعات الحضرية وبدأ في التفكير بربط المدينة بمحيطها الخارجي وجسدها في توسع المدينة وبعلاقتها بالتجمعات المجاورة، وانصب اهتمامه على الاشتغال على محاور بكاملها بدل المدن (محور فاس مكناس..).

- انشغل بضواحي المدن التي تستقطب السكن العشوائي،بغية التحكم فيها .

- خالف سياسة سلفه في التعامل الضيق مع محور القنيطرة الدار البيضاء، بالتفكير في إنشاء مدن خارج هذا المحور كمراكش، فاس، مكناس، سيدي قاسم،… على اعتبار أنها أيضا مدن تعاني من مشاكل مرتبطة بالامتداد العمراني.

- أدخل لأول مرة مبدأالتنطيق، حيث عمد إلى عزل الأنشطة الصناعية عن الأنشطة السكنية وعلى الأنشطة الأخرى حيث يتسنى تنظيم العمل.

- شرع في إنجاز مشاريع سكنية، في إطار برامج الدولة في مجال السكن لسد الخصاص المتراكم في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية.
  
  بانفتاحه على الساكنة المغربية، اشتغل على حل أزمة مدن الصفيح، ففي غياب إمكانية منح السكن لهذه الفئة، وبغية التحكم في هذه الأحياء والتي أصبحت تمثل تهديدا لسلطات الحماية،خططلإعادة هيكلة أحياء مدن الصفيح، بتجهيزها ببعض المرافق والتجهيزات الضرورية كالإنارة (لضبط الأحياء ليلا) وشق بعض الطرق للتمكن من التدخل، وتزويدها بالماء الصالح للشرب ليس في إطار مد جميع السكان بالماء الشروب، ولكن بخلق السقايات الجماعية في كل حي (هذا في غياب الإمكانيات والبنية التحتية). وفي سنة 1948 ومع ازدياد مطامح إيكوشار في إعادة هيكلة جميع الأحياء، تم الاستغناء على المكتب الشريف للسكنى بإحداث أول مصلحة إدارية خاصة بقطاع التعميركأول نواة لخلق إدارة للتعمير حسب توجهات الحكومة في معالجة قضايا التعمير والسكنى.

الفقرة الثانية: التعديلات القانونية:

  بمجيء إيكوشار الذي عينته سلطات الحماية تمت إعادة النظر في الترسانة القانونية التي وضعت من قبل، بهدف الحد من تفاقم الأزمة التي انتشرت في مجال التعمير والسكن بالمغرب، وأيضا من أجل تثبيت سلطات الحماية وحماية مصالح الجالية الفرنسية المقيمة بالمدن المغربية، والتحكم في المجال الحضري بصفة عامة.

  وتميزت هذه الفترة خاصة سنة 1951 وما يليها بإصدار مجموعة من القوانين المهمة شكلت انقلابا على تركة الليوطي.

  ظهير جديد لنزع الملكية بمقتضى ظهير 3 أبريل 1951[4]، والذي نسخظهير 21 غشت 1914 المتعلق بنزع الملكية[5]، ومن بين مضامينه:

- تخفيف مسطرة نزع الملكية في شكلها التعسفي، بمعنى تلطيف وتخفيف العبء على المواطنين بخصوص نزع الملكية، فقانون 1914 كان استعماريا لم يراعي مصالح المواطنين وإنما كان يعطي الأولوية لحاجيات سلطات الحماية في مجال نزع الملكية من أصحابها.

- تحديد مدة نزع الملكية في مدة سنتين بدل تركها مفتوحة كما كان معمولا به في السابق فبعد مرور سنتين إذا لم تنزع الملكية فإنه يتم تحريرها كاملة لصحابها.

- تحديد التعويض، في السابق كان التعويض يحدد بناء على تاريخ إعلان نزع الملكية، وهذا كان فيه إجحاف، والجديد أن التعويض يحدد انطلاقا من نشر مقرر التخلي أي إقدام الإدارة على التأكيد على أن النزع أصبح نهائيا، وهذا مراعاة لأصحاب الحقوق. 

(مسألة من يحدد التعويض؟ في النظام القديم، كانت الإدارة هي من تحدد التعويض، أما في نظام إيكوشار أصبحت الإدارة تقترح التعويض ويحدده القاضي إما يُقبل فيصبح نهائيا أو ينازع فيه صاحب الأرض فيحدده القاضي وهذا فيه ضمانة لأصحاب الأراضي).

قانون التعمير لسنة 1952

  هذا القانون جاء بظهير 30 يوليوز 1952 ليحل محل ظهير 16 أبريل 1914 المتعلق بالتعمير، وتضمن مجموعة من المقتضيات الجديدة التي حسن بها إيكوشار تجربة الليوطي في مجال التعمير، ومن أهم مبادئه:

- تجاوز النظرة الضيقة للتعامل مع قضايا التعمير، ففي السابق، كان التركيز ينصب على المركز الحضري دون محيطه، وهذا القانون أعطى الإدارة الحرية لتوسيع مجال المناطق الحضري؛
 - جاء بفكرة سد الفراغ حينما لا يكون هناك نص قانوني، حيث سمح قانون 1952 للإدارة بالامتناع عن منح الرخص (البناء او التجزيء) في انتظار صدور القوانين، لأنه خلال فترة انتظار صدور التصاميم يقوم المضاربون بأنشطتهم من بيع وبناء على أساس أن المنطقة غير مؤطرة بنص قانوني وبالتالي فهو لا يلزم بالرخصة أو التجهيز او المراقبة الإدارية، ويضع الإدارة أمام الأمر الواقع.
- توسيع نطاق تطبيق تصاميم التعمير على المستوى المجالي، خاصة بضواحي المدن، ففي قانون 1914 كانت ضواحي المدن لا تتعدى 5كلم ، هذه المسافة تلاعب فيها المضارب العقاري حيث كان يصل إلى6 كلم ويتلاعب فيها على أساس أنها غير مغطاة بالقانون، ولذلك ذهب إيكوشار وبدل هذه المسافة ووسعها لتصل إلى 10 كلم، وتصميم التهيئة يطبق على المدينة و10 كلم المحيطة بها حتى لا يفلت أي مضارب من القانون؛
خلق المناطق أو ما يسمى بالتنطيق، بإعطائها وظائف محددة (سكنية، صناعية، منطقة خضراء للترفيه،) وهذا كان نوع من الاجتهاد من أجل توظيف المجال بشكل ذكي عن طريق تقسيم أنشطة المجتمع على مستوى المجال الحضري، وقد فرض إيكوشار مسألة التنطيق حتى لا تختلط المشاريع داخل المدينة،وخلق بذلك تصميما جديدا هو تصميم التنطيق le plan de zonage، وذلك من أجل سد الفراغ، لأنه تصميم سهل الإنجاز فبدل قضاء السنوات في إعداد تصميم التهيئةيستغل المضاربون الفراغ من أجل القيام بمشاريع قبل صدور تصميم التهيئة، قام إيكوشار بإعداد تصميم للتنطيق سهل التطبيق على المدينة، وهذا ما يسمى بالتصميم الوقائي وهو تصميم التنطيق، وبالنظر لكونه وقائي فهو تصميم مؤقت في انتظار تصميم التهيئة. فتصميم التنطيق تعمل به الإدارة لمدة سنتين في انتظار إيجاد تصميم آخر ولسد الفراغ وتفادي الأمر الواقع.

المصادقة على نزع الملكية يعتبر إعلانا عن المنفعة العامة، وربط الإعلان بتحديد الأراضي التي تعتزم الإدارة نزعها من أجل المنفعة العامة وتبليغ أصحابها برغبة الإدارة.

ومع كل هذا، ظل القانون يحتمل مجموعة من النواقص:

– ظل هذا القانون تنظيميا وليس قانونا استشرافيا للمستقبل، كان يركز على الهاجس الأمني والضبطي فيما يخص مجال التعمير بدل التفكير في المستقبل، والدليل فإنه لم يخلق تصميما استشرافيا مدته طويلة بل احتفظ بتصميم التهيئة لـ 10 سنوات وخلق إلى جانبه التصميم التنطيقي ومدته سنتين.

– إغفاله للمناطق القروية حيث أن التعمير ربط فقط بالمدينة، والحال أن القرى تعرف هي الأخرى عملية عمرانية وتحتاج إلى تجهيزات وسكن وتنظيم.. فقانون التعمير في عهد الحماية وإلى غاية الاستقلال ظل قانونا منصبا على المناطق الحضرية دون القروية، وهذا خلق مشكلا، وهو أن عملية البناء في القرى تتم خارج مراقبة الإدارة لأنها لاتتوفر على نص قانوني يخولها مراقبة البناء فالقروي ليس ملزما برخصة الإدارة.

ظهير 30 شتنبر 1953 بشأن التجزئات وتقسيم العقارات:

  جاء هذا القانون ليغير مقتضيات الفصل 10 من قانون 1914 المنظم للتجزئات، ويضم مجموعة من المستجدات في إطار إصلاح القانون القديم، وأيضا الاستفادة من التجارب فالمشكل الأساسي كان هو التحايل على الإدارة من طرف المضاربين كي لا يخضعوا في قانون 1933 وأعبائه والنفقات الباهظة المترتبة عن التجهيز بالنسبة للمجزئ.

  لكل ذلك جاء قانون 1953 ليخلق حياة جديدة تمكن الإدارة من التحكم في عملية تقييم الأراضي، فالمستجدات تتجلى في:

- عرف، لأول مرة، التجزئة على وجه قانوني: التجزئة هي تقسيم أرض على مجموعة من القطع ابتداء من قطعتين بمساحة تبين أنها ستخصص للبناء، وبالتالي وجوب إعداد تصميم باحترام ما تلزمه الإدارة من شروط لتخصيص أماكن للارتفاقات والمنفعة العامة.

- تعرض القانون لمختلف أنواع التجزئات لأن قانون 1933 كان يتحدث فقط عن التجزئات السكنية، فما يتم تقسيمه من أجل الصناعة أو السياحة لا يطبق عليه القانون، وبالتالي فقانون 1953 تعرض لمختلف أنواع التجزئات السكنية والصناعية والسياحية والترفيهية فكل تقسيم يخضع لهذا القانون، وهذا فيه نوع من المراقبة لسلطات الحماية بخصوص التعمير وأيضا التجهيزات من المرافق الضرورية التييجب أن تتوفر عليها التجزئة السكنية.

- تحديد الآجال فيما يتعلق بتجهيز التجزئات، لأنه في السابق كان القانون يترك عملية التجهيز مفتوحة، بينما وفق هذا القانون أصبح المجزئ ملزما باحترام مدة 5 سنوات للتجهيز وإلا ستسقط عملية التجزيء وبالتالي تسقط الرخصة وهذا فيه نوع من ضبط تحايل المجزئ على الإدارة.

- حل مشكل غلاء عملية التجهيز لأنه تبين للمشرع أن هناك العديد من المجزئين يتراجعون عن مشاريعهم لأنهم لا يقدرون على مواجهة نفقات وكلفة التجهيز، والجديد هو التجهيز على مراحل، فعندما يتقدم المجزئ لطلب الرخصة فإنه يقترح على الإدارة أن يجهز المشروع على فترات أي تجهيز بقعة معينة وبيعها وبالمدخول يجهز القسم الثاني، وهذا فيه تسهيلات للتخفيف على المجزئ بخصوص كلفة التجهيزات بتحديدها في مشروعه والالتزام بها مع الإدارة.

  هذه بعض المستجدات التي جاء بها هذاالقانون، لكن بالرغم من ذلك فهو لم يحقق كل المطالب لأنه ظل قانونا معقدا من الناحية المسطرية، ويغلب عليه الشق التنظيمي والضبط الإداري (تعدد الوثائق، تدخل الإدارة في تعديل المشاريع، وفرض الارتفاقات والتجهيزات على المجزئ)، كما أنه ظل مقتصرا على المناطق الحضرية ولم يطبق على المناطق القروية والتي ستعرف مجموعة من التطورات بعد الاستقلال.

المبحث الثاني: التعمير بالمغرب المستقل

  ورث المغرب التركة القانونية لسلطات الحماية، كما سبق ذكرها في المبحث الأول، والتي كانت تقتصر على المجال الحضري فقط، كما ورث أيضا كل المشاكل المتعلقة بالتعمير(السكن العشوائي، الخصاص في مجال السكن والمرافق الضرورية والبنيات التحتية والهجرة القروية وأيضا المضاربات العقارية…) في شكل أزمة عمرانية مبنية على سياسة التمايز بين المغرب نافع ومغرب غير نافع، وكان على المغرب واجب التعامل مع هذه الوضعية الجديدة، ولذلك قام المشرع المغربي والحكومات المتعاقبة على العمل على تعديل القوانين المنظمة للتعمير، كما حاول تجاوز هذه المعيقات بنهج برامج التنمية والمخططات الاقتصادية والإصلاحات الإدارية.

المطلب الأول: نظام التعمير من 1956 إلى غاية 1992

الفقرة الأولى: التأهيل القانوني للمسألة التعميرية

  أول مبادرة تشريعية للمغرب المستقل تتجلى في صدور الظهير بتاريخ 25/6/1960 بشأن توسيع نطاق العمارات القروية[6]، والذي يضم مجموعة من القواعد القانونية التي تهتم بمجال التعمير في العالم القروي.

هذا القانون جاء بثلاث عناصر أساسية:

- فكرة الرخصة الإدارية بالنسبة للمناطق القروية، حيث أنه قبل هذا الظهير كان البناء في المناطق القروية لا يخضع لأي ضوابط قانونية أو إدارية، الأمر الذي تجنبه المشرع لأن من شأنه خلق فوضى في المراكز القروية، ومعنى الرخصة الإدارية هو مراقة الإدارة لعمليات التعمير في المجال القروي.

- أعطى قواعد قانونية أكثر ليونة من القواعد المتعلقة بالمناطق الحضرية لأن التعمير في المناطق القروية، تعمير غير معقد نظرا لحاجيات القرية البسيطة.

خلق مخطط التنمية كمخطط للتعمير خاص بالمجال القروي، والذي لازال العمل به إلى يومنا هذا.

   وقد ظل الاشتغال بقانون التعمير لسنة 1952 وقانون التجزئاتلسنة 1953 التي ورثها المغرب عن سلطات الحماية إلى غاية 1992، حيث بادر المشرع إلى إصلاحهما بإصدار قانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير، وقانون 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات، وهي القوانين التي سنتطرق إليها في المطلب الثاني.

   غير أنه لابد من الإشارة إلى أن المشرع المغربي بادر إلى تعديل قانون نزع الملكية بإصداره للقانون رقم 7.81 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة وبالاحتلال المؤقت[7]، والذي جاء لتعويض القانون الذي وضعته سلطات الحماية لنزع الملكية بمقتضى ظهير 31 غشت 1951، حيث يتم نزع الملكية لأجل المنفعة العامة بحكم قضائي ويتم تحديد التعويض طبق الشروط المقررة في هذا القانون.

الفقرة الثانية: الإصلاح المؤسساتي والإداري

نهج سياسة المخططات:

  إلى حدود سنة 1967 تم التركيز على سياسة المخططات؛ فمخطط 1958-1959 كان الهدف منه حل مشكل السكن عبر نهج سياسة السكن للأكثرية.

  وعلى نفس المنوال سار المخطط الخماسي 1960-1964 الذي خصص مبلغ 54 مليون سنويا كميزانية للإسكان ووضع كهدف بناء وتمويل 300.000 مسكن تمكن من استقبال حوالي 100.000 من ذوي السكن غير اللائق سنويا. ولمراقبة هذه السياسة فقد تم تأسيس الشركة العقارية سنة 1960 كمؤسسة عمومية متخصصة في الإنعاش العقاري كما تم إصدار مرسوم حول السكن الاقتصادي سنة 1964.

  أما المخطط الخماسي (1968-1972) ، فقد بينت حصيلته أن الأهداف المسطرة لم يتم بلوغها.

   لكن، ما يمكن قوله أن أهم الإنجازات التي يمكن تسجيلها في هاته المرحلة هي تلك المتعلقة بإنجاز مشروع القانون الإطار[8]لسنة 1970 من أجل إصلاح قطاع التعمير و إدخال آليات جديدة للتخطيط الحضري، حيث جاء كأول محاولة جادة لمواجهة السياسة العمرانية بشكل شمولي باقتراحه مقاربة جديدة لإدماج التعمير في السياسة العامة للتهيئة تأخذ في الحسبان كل أبعاد المجال وتقوم على مشاركة كافة الفعاليات من سلطات إدارية وجماعات وفاعلين اقتصاديين، ورغم أنه لم تتم المصادقة على مشروع القانون الإطار، فإنه قد شرع العمل ببعض بنوده وذلك عبر مباشرة إعداد وثائق مخطط الهيكلة والتهيئة والتصميم المديري دون توفرها على أية قوة قانونية .ومنذ ذلك الحين بدا واضحا أنه من اللازم إعادة التفكير بشكل شامل حول السياسة المتبعة في ميدان السكنى والتعمير وذلك في إطار سياسة متكاملة لإعداد التراب الوطني بالاعتماد من جهة على الحاجيات، ومن جهة أخرى على الإمكانات المتوفرة.

تنظيم البنية الإدارية للتعمير:

  وفي هذا السياق تم إحداث وزارة في هذا الشأن سميت بوزارة التعمير والسكنى والبيئة وذلك بتاريخ 13 أبريل 1972 وقد تقوت اختصاصاتها سنة 1974 بضم السياحة إليها، وبتاريخ 10 أكتوبر 1977 تم تحويل وزارة التعمير والسكنى والسياحة والبيئة إلى وزارة للسكنى وإعداد التراب الوطني.

   إلا أن هذه المجهودات على مستوى البنيات الإدارية لم تعط ثمارها على مستوى الواقع، حيث ظلت المدن المغربية تتخبط في مشاكلها الناجمة عن نموها غير المنتظم لكون الوزارة المعنية لا تتوفر على السلطة الكافية لفرض قراراتها على جميع المتدخلين وهو ما قاد إلى إحداث وزارة السكنى بتاريخ 11 أبريل 1985 محل الوزارة السالفة الذكر، في حين تم إلحاق قطاعي إعداد التراب والتعمير من جديد بوزارة الداخلية التي عمدت إلى إحداث مديرية للتعمير وإعداد التراب الوطني والبيئة تحولت فيما بعد إلى مديرية عامة للتعمير والهندسة المعمارية وإعداد التراب الوطني.

وبالنظر لعدم قدرة وزارة الإسكان على مواكبة الاحتياجات المتزايدة لقطاع التعمير ، تم بناء على قرار مسبق بين وزارتي الإسكان والمالية، إحداثالشركة الوطنية للتجهيز والبناء[9] سنة 1987 كشركة وطنية مجهولة الاسم برأسمال عمومي من أجل تدبير القطاع، واستحدث معها مؤسسات جهوية للتجهيز والبناء على صعيد الجهات الاقتصادية.

  وفي سنة 1984، تم إحداث الوكالة الوطنية لمحاربة السكن غير اللائق كشركة عمومية مجهولة الاسم تملك الدولة كل رأسمالها الأساس هو أننا أصبحنا امام إدارة قائمة لها مسؤولين ومهندسين وإداريين وتقنيين تختلف مرتبتهم من حكومة إلى حكومة[10].

  يمكن التمييز في الإدارة المخصصة بالتعمير بين ثلاث مستويات، الإدارة المركزية، المصالح الخارجية والإدارة اللامركزية.

على المستوى المركزي:

  الملاحظ أن الهياكل المركزية المتمثلة أساسا في الوزارة أو في الكتابة العامة أو في المديريات، كلها تهتم بالأساس بالتخطيط أي وضع مخططات التعمير المختلفة، وبشكل عام، قطاع التعمير في أسوء الحالات تتكلف به مديرية عامة داخل وزارة إذا تعلق الأمر بوزارة واحدة تتكلف بعدة قطاعات كإعداد التراب الوطني والتعمير والبيئة، فمديرية التعمير المركزية تهتم بالتخطيط سواء كان مديري أو توجيهي وبالضبط فيمايخص مجال التعمير وأيضا المراقبة المعمارية تحتوي على الأقل على ثلاث مديريات أساسية:

- مديرية تهتم بقضايا التعمير، كل ما يتعلق بالسياسة العمومية للتعمير من برامج التفكير في الحاجيات والتخطيط.

- مديرية الهندسة المعمارية: تتعلق بالخصوص بالبناء وإنجاز المشاريع.

- المديرية القانونية: التي تهتم بوضع النصوص القانونية وإعادة صياغتها والتفكير في المراسيم، فهي تهتم بالشق القانوني والتوثيق والتقنين الإنعاش والمراقبة المعمارية والضبط فيما يخص مجال التعمير والتخطيط الحضري.

المصالح الخارجية أو الإدارة غير المتمركزة:

  وهي الإدارة الموجودة خارج العاصمة، تشتغل على مستوى إما الجهات أو العمالات أو الأقاليم، وهي مديرية أو مندوبية أو مفتشية جهوية للتعمير، كل هذه المصالح تساعد الإدارة المركزية،بتفويض بعض الاختصاصات بخصوص متابعة قضايا التعمير على المستوى المحلي، وهذه المصالح إما تنوب عن الإدارة المركزية في إطار التفويض أو تحمل المقترحات أو المشاريع التي تنبع من الإطار المحلي إلى الإدارة المركزية.

على المستوى اللامركزي:

هناك نوعان من العمل اللامركزي:

الإدارة اللامركزية: ويتعلق الأمر بالأساس بالجماعات المحلية والقروية، فالشرطة الإدارة تم نقلها من رجال السلطة سنة 1976 إلى رؤساء الجماعات، ومن اختصاصات الشرطة الإدارية منح الرخص للتعمير والبناء والسكنى والتجزيء، وأيضا المراقبة فيمايخص السكن العشوائي، وكل عمليات التعمير والمشاركة في إبداء الرأي فيما يتعلق بالمخططات.

اللامركزية المرفقية: بخلق إدارات لها شخصية معنوية مستقلة عن الإدارة المركزية، ويقصد بها الوكالات الحضريةهذه الوكالات رغم كونها طبقت سنة 1984 بعد أحداث الدار البيضاء سنة 1981 (حيث قسمت الدار البيضاء إلى 5 عمالات)للسهر على مجال التعمير وضبطه (حيث ربطت السلطات العمومية المظاهرات بمشاكل التعمير)، والتنسيق على مستوى التخطيط والتدبير العمرانيين نظرا لما يحتاجه التخطيط العمراني من مهنية وما يتطلبه ضبط العمران من كفاءات، واعتبارا كذلك لخصوصيات التعمير كميدان التقاء مختلف القطاعات.

  وبصدور قانون 10/9/1993 تم تعميم فكرة الوكالات الحضرية على كل مناطق المملكة[11]،بتغطية كبريات المدن المغربية كفاس والرباط وسلا وأكادير ومراكش كمرحلة أولى تلتها مدن بني ملال ثم طنجة ووجدة وتازة والحسيمة وتاونات ومكناس وتطوان والقنيطرة وسيدي قاسم وآسفي والجديدة وسطات وبن سليمان وخريبكة، تلتها بعد ذلك مدن قلعة السراغنة وخنيفرةوورزازات والرشيدية والداخلة. وأصبح لهذه الوكالات المتخصصة في مجال التعمير حضور ضروري إلى جانب المجالس الحضرية والقروية بتقديم المساندة وتقويم عمل رؤساء المجالس الجماعية تفاديا للوقوع في الاختلالات والمشاكل، وأيضا باعتبارها صلة وصل بين مجموعة من المصالح المتضاربة والمتشعبة. فمن جهة، هناك الملاك العقاريون الذين يهدفون تحقيق أكبر ربح ممكن، وهناك الطبقات الفقيرة التي تبحث عن إطار عيش ملائم، ومن جهة أخرى هناك السلطات العمومية التي تروم ضمان توازن معين من أجل تحقيق الاستقرار الذي يعد ضروريا لكل تنمية .

  وقد نقل المشرع لهذه الوكالات مجموعة من الاختصاصاتخففت العبء عن الإدارة المركزية ، فالوكالة الحضرية لها استقلال إداري ومالي عن الإدارة المركزية، وتخضع لوصاية الإدارة المركزية أي وصاية الوزارة المكلفة بالتعمير ، كما لها اختصاصات داخل المجال الترابي الذي يحدده القانون.

  ولتفادي المشاكل المترتبة عن تعدد المتدخلين وتحقيقا لنوع من التنسيق بينهم تشتغل الإدارة المركزية على السياسة العامة للتعمير وبالخصوص على المخططات التوجيهية الكبرى وتصادق على وثائق التعمير، أما الإدارة اللامتمركزةفهي تهتم بالمجال الجماعي وتشتغل في إطار الشرطة الإدارية بالإضافة إلى الوكالات الحضرية .

المطلب الثاني: نظام التعمير بعد سنة 1992

الفقرة الأولى: الإطار التشريعي للتعمير

  قام المشرع المغربي بهدف تجاوز الوضعية المزرية والاختلالات والمشاكل المتعلقة بالتعمير، بإصدار كل من قانون 12.90 بشأن التعمير[12] والقانون رقم 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات[13]كترسانة قانونية تستجيب لتنظيم وضبط سياسة التعمير ومتطلبات التنمية العمرانية. وبغاية الحد من البناء الغير القانوني، اعتمد المشرع على مجموعة من التدابير والضوابطالواجب احترامها من لدن المنعشين العقاريين، تحت طائلة عقوبات زجرية أومدنية في مواجهةكل تجاوز أو مخالفة لقوانين التعمير،أو رفض الترخيص من طرف الجهة الإدارية المعنية في حالة عدم مطابقة المشروع للمقتضيات والضوابط الغير القانونية، وتتجلى أهم هذه القيود في الآتي :

1 الالتزام بضوابط وثائق التعمير

2 الارتفاقات القانونية في مجال التعمير

3 رخص التعمير

أولا : القانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير

جاء قانون التعمير لسنة 1992، ليعوض قانون 1952، ويراجع مقتضياته، فصدور هذا القانون لا يعني أنه قلب كل النظم القانونية المعمول بها في مجال التعمير، بل احتفظ بالمبادئ الاساسية،معززا إياها بمقتضيات جديدة أملتها ضرورة مواكبة مستلزمات النمو السريع للتمدن وتخطي الصعوبات التي تواجه التعمير العملي [14].

وتنبع المقتضيات القانونية الجديدة من الحرص على ما يلي :

أ- تحقيق المرونة الضرورية للتطبيق السليم لوثائق التعمير من جهة وتبسيط الإجراءات وضعها والمصادقة عليها من جهة أخرى.

ب- وضع الأساس القانوني لمخطط توجيه التهيئة العمرانية هذه الإدارة من شأنها تطوير المدن بشكل يجعلها تستجيب لحاجيات النمو الحضري على المدى البعيد.

ج- ضمان حماية وتنمية المناطق ذات الصبغة الخاصة والتي توجد في بعض الحالات خارج الجماعات الحضرية .

د- متابعة تحقيق هدف مزدوج يجمع بين الجودة المعمارية وسلامة البناء وجودته.

  ويحدد القانون المذكور في قسمه الأول وثائق التعمير ونطاق تطبيقها وآثارها والمراحل الهامة للمصادقة عليها.

  وما يؤاخذ على هذا القانون أنه ترك للإدارة المكلفة بالتعمير السلطة الواسعة في اعداد هذه الوثائق، مع اعطاء المجالس الجماعية الدور الاستشاري فقط علما بأنها هي جهة متدخلة بشكل رئيسي في هذه الوثائق والمسؤولة عن تنفيذها، الشيء الذي يطرح عدة مشاكل عند التطبيق تتمثل في عدم ملاءمة هذه الوثائق للواقع العملي.[15]

   غير أن أهم ما جاء به هذا القانون هو إحداثه لوثيقة جديدة في مجال التعمير وهي المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية le schéma directeur de l’aménagement et de l’urbanisme SDAU، وهذا المخطط يختلف عن مخطط التهيئة لأنه غطى كل من المجال الحضري والمجال القروي معا، كما أنه يتعلق بكتلة واسعة ورقعة ترابية أوسع من مخطط التهيئة فهو بذلك يهتم بمخطط التهيئة ومخططاتالتنمية،كما أعاد النظر في المساطر وفي بعض المقتضيات المتعلقة بإعداد التصاميم السالفة الذمر أي تصميم التهيئة وتصميم التنطيق.

ثانيا : القانون رقم 90.25 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات:

  إن عملية تقسيم الأراضي المحيطة بالمناطق المبنية هي التي تعطي الانطلاقة لميلاد أحياء جديدة، وبذلك فالتجزئاتالعقارية تلعب في الواقع دورا حاسما في تهيئة المدن.فإرادة السلطات العمومية في مراقبة وتوجيه وتحقيق التناسق في نمو المدن لا يمكن أن تتحقق إلا إذا تمكنت الإدارة من وسائل تتيح لها مراقبة عمليات التجزئة سواء على صعيد التخطيط لمشروعها أو على صعيد إنجازها.

   ومع ذلك فالنص القانوني الجديد الذي أتى لتعويض النصوص القانونية السابقة وإدخال إصلاحات على محتوياتها، لا يحدث قطيعة تامة مع التدابير القانونية التي تحملها، فالنشاط الإداري في ميدان التجزئة مازال يمارس عن طريق تطبيق إلزامية الحصول المسبق على رخصة التجزئة وإلزامية تجهيزها قبل مباشرة أي عملية بيع او كراء او قسمة .

  إلا أن القانون الجديد وتماشيا مع التطورات التي عرفها القطاع بهدف تمكين التجزئة من لعب دورها كعملية من عمليات التعمير ، ركز في مقتضياته على إعطاء الإدارة الوسائل الفعالة والوقائية لتفادي خلق التجزئات غير القانونية العشوائية، وزجر المخالفين بسرعة وصرامة ، وإعطاء تسهيلات خاصة بالتجزئات التي تنجز عمليات تجهيزها على مراحل.

وفي هذا الاتجاه، فإن المقتضيات الجديدة التي أدخلها القانون تهدف إلى ما يلي :

أ- توسيع المفهوم القانوني لعملية التجزئة وتقسيم العقارات لتمكين الإدارة من التحكم بشكل أفضل في العمليات العقارية التي قد تكون مصدرا لخلق تجزئات غير قانونية،

ب- التدخل الإلزامي للتقنيين المختصين –المهندس المعماري ومهندس المساحة والمهندس المختص- للرفع من مستوى تخطيط ووضع التجزئات .

ج- إحداث عقوبات إدارية بقصد خلق نظام زجري أكثر فعالية من شأنه الحد من تنامي التجزئات غير القانونية.

   ومن بين المؤاخذات على هذا القانون، يمكن ذكر إلزامية التحفيظ العقاري التي تثقل كاهل المجزىء ، مما يؤدي إلى التوجه إلى التجزئات السرية بالتواطؤ مع السلطات المعنية بالمراقبة، ونشوء الأحياء العشوائية التي تصبح أمرا واقعا تواجهه الدولة، يفرض عليها التدخل عن طريق إعادة الهيكلة.

  كما يجب الاشارة كذلك الى ظهير 1960 الخاص بتنمية الكتل العمرانية القروية والذي يعتبر اول نص صدر بعد الاستقلال في ميدان التعمير يهم المجال القروي والتي لم يكن يسري عليها لا ظهير 1952ولا 1953كما لا يسري عليها قانون 90-12 ولا قانون 90-25 .

  ومن عيوب هذين القانونين أنهما أصبحا متجاوزين وغير مسايرين للمستجدات الاجتماعية والاقتصادية، فيما يتعلق بمسطرة الاعداد والتنفيذ،أو فيما يخص العقوبات الزجرية التي تبقى غير ذي جدوى وغير فاعلة رغم احتفاظه بالعقوبات الحبسية،.

ثالثا: مدونة التعمير المجهضة:

   إن التجربة التشريعية المغربية في مجال التعمير لم تتمكن من احتواء كل التحولات العمرانية بكل أبعادها الاقتصادية الاجتماعية والبيئية، في ظل تنامي الضغط الديمغرافي الحاصل على المدن كما أن تناثر النصوص وتعقد المساطر والالتباس المرصود في الاختصاصات الموكولة لكل المتدخلين في هذا المجال، دفع إلى التفكير في إعادة تجميع الترسانة القانونية للتعمير في مدونة جامعة وميسرة تختزل كل المسائل التنظيمية والتطبيقية للقطاع.

  لهذا ولدرء هذا القصور تمت صياغة مشروع قانون رقم 42.00 المتعلق بتأهيل العمران، الذي يتوخى تأهيل التجمعات العمرانية وتهيئ القرى والحواضر لاستيعاب التغييرات الجديدة وتمكين المجتمع المغربي من تطوير مجاله الترابي في إطار تنمية مستديمة يعود نفعها على الأجيال المتعاقبة، وقد اعتمد هذا المشروع، عبر العديد من التوجهات نذكر منها ما يتعلق بضرورة تحقيق التوازنات البيئية الكبرى، حيث لقد أعاد مشروع القانون المقترح صياغة وثائق التعمير التي أصبحت تتمثل بالخصوص في مخطط توجيه العمران والتصميم المحلي للتعمير والمخطط المرجعي للتجمعات العمرانية الصغرى، لتستجيب لهذا الهدف الاستراتيجي. وهكذا فقد أصبح “مخطط توجيه العمران” وثيقة تنص، بصفة إلزامية، على تأثيرات المدن القائمة على محيطها وكيفية إعادة التوازنات البيئية والحفاظ على سلامتها، وكذا القيود والشروط الموضوعة لإحداث التجمعات العمرانية الجديدة من منظور بيئي متكامل، بالإضافة إلى ضرورة توفر هذه الوثيقة على مخطط أخضر، ينتج عنه ترتيب المناطق المعنية ترتيبا يجعل منها تراثا جماعيا غير قابل للتفويت ولا للاستعمال المغاير لما خصص له، أيضا إشاعة ثقافة التضامن والتي ترتكز أساسا على الوعي العميق بارتباط المصير المشترك لقاطني المجال الحضري نظرا للعلاقة الوطيدة والوثيقة بين الإنسان والمجال كعامل للتنمية المستديمة.بالإضافة إلى تثبيت التواصل بين الفئات الاجتماعية والتساكن والتعايش بين مختلف مكوناته تفاديا لما أحدثته تصاميم التهيئة من ميز واضح بين مناطق شاسعة للسكن الاقتصادي ومناطق مترامية للسكن الفردي الضئيل الكثافة، والسكن الجماعي الرفيع المستوى، أيضا الأخذ بعين الاعتبار الخصائص الجهوية والمحلية لأنه مما لا يرقى إليه الشك أن الحضارة المغربية المتجلية خصوصا في العمران والبنيان، غنية بتنوعها حسب الجهات، فليس العمران بالجبل كالعمران بالسهل، وليست التجمعات الحضرية بالجنوب كمثيلاتها بالشمال، وليست التجمعات العمرانية الصغرى كالمتوسطة أو الكبرى…الخ. هذا دون إغفال ضرورة حماية المواطنين من الأضرار والأخطار، حيث أضحت،بعض عمليات البناء وإحداث التجزئات والمجموعات  السكنية،تنجم عنها أضرار وأخطار متعددة ، منها مايهدد سلامة وحياة المواطنين ومنها ماتنعدم فيها الشروط الصحية، ومنها مايلحق الأذى بالبيئة.

  وقد تلت هذه المبادرة التشريعية (والتي لم تكتب لها الحياة)، مبادرة ثانية وهي صياغة مشروع قانون رقم 04.04 المتعلق بمدونة التعمير، والذي سعى إلى تجميع كل القوانين المتناثرة المتعلقة بالتعمير،في إطار مدونة كاملة وشاملة، كمحاولة لم يكتب لها الحياة القانونية، والتي شارك فيها كل الفرقاء البرلمانيون والسياسيون والخبراء الميدانيون على مستوى حوار وطني واسع وقد نصت الرسالة الملكية الموجهة إلى المشاركين في اللقاء الوطني لإعطاء انطلاقة مشروع مدونة التعمير، على الحرص على حسن إعداد هذه المدونة في هذا الصدد على أن الإعداد “…ينبغي أن يعتمد المقاربة الديمقراطية، القائمة على التشاور الواسع، مع كل القطاعات والهيئات المعنية، وينهج إشراك المنعشين العقاريين، والفاعلين المحليين” وضرورة اعتماد إطار قانوني جديد: “… وتعزيزا للمجهودات التي تقوم بها حكومتنا، فقد أضحى من اللازم الانكباب على مراجعة وتحديث منظومة التعمير الجاري بها العمل في بلادنا، والتي وإن عرفت بعض الإصلاحات في العقدين الماضيين، فإنها ظلت محدودة. وما زالت بعض تشريعاتها ترجع إلى بداية القرن الماضي“. وقد أكدت هذه الرسالة على الغاية من الإصلاحات التشريعية المنشودة: “… غايتنا المثلى جعلها تواكب الحركة العمرانية، التي تعرفها المملكة، وتساير وتيرة تنمية العديد من القطاعات الحيوية، ذات الأبعاد الاستثمارية والصناعية، والسياحية والسكنية”. وبينت الرسالة الملكية كذلك الملائمة الظرفية لهذا المشروع في ظل: “… الانفتاح الذي تعرفه المملكة، وانخراطها في مناخ العولمة، وما يفرضه ذلك من تقوية لقدراتنا التنافسية”. كما أكدت على أن التفكير في هذا التعديل يندرج في: “… سياق تعزيز الأوراش الإصلاحية الكبرى، التي تعرفها بلادنا في شتى المجالات، وفي قطاع الإسكان والتعمير“. أخذا بعين الاعتبار متابعة الأوراش الإصلاحية الكبرى التي اعتمدتها الدولة من قبيل إحداث المجلس الأعلى لإعداد التراب الوطني والمصادقة على الميثاق الوطني لإعداد التراب، وتدعيم اللامركزية واللاتركيز الإداري؛ وصدور الميثاق الجماعي الجديد؛ وتبني مبدأ “وحدة المدينة” كاختيار سياسي ومؤسساتي رئيسي في منظومة تأهيل المدن؛ واعتماد التدبير اللامركزي للاستثمارات؛ وتشجيع عرض السكن الاجتماعي لفائدة الفئات ذات الدخل المحدود؛ وتحقيق برامج كبرى، خاصة تلك التي تندرج في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية والتي تروم تحسين إطار عيش المواطن.

  وقد كانت هاتين المحاولتين التشريعيتين بمثابة مخاضللتفكير العميق من خلال إعادة النظر في طرق وأساليب ومنهجيات إدارة مرفق التعمير ببلادنا.

   وكان آخر المحاولات الهادفة إلى مراجعة قوانين المتعلقة بالتعمير ، ورغبة جادة في تجميعها تكرس من خلال إعدادمسودة مشروع قانون رقم 30.07 بمثابة مدونة التعمير، والتي تحدد أحكامها القواعد العامة المنظمة بتهيئة المجال واستعمال الأراضي وتبين الكيفيات الخاصة لتدبير أعمال التعمير وزجر كافة المخالفات المتعلقة به، كما تحدد العلاقات بين مختلف المتدخلين في قطاع التعمير.

  وتتضمن مسودة هاته المدونة خمسة أقسام تتناول كل المسائل المرتبطة بميدان التعمير، وخاصة في مجال إحداث مدن جديدة.

  فالقسم الأول خصص للتعمير من خلال تكريسه لخمسة أجزاء تناولت أهمها استراتيجية التهيئة وتوجيه العمران عبر تحديد مخطط توجيبه التجميع العمراني، والذي يشتمل على تخطيط التنظيم العام للتنمية المجالية لمدة لا تتجاوز 20 سنة، والذي يوضع وفق توجهات المخطط الوطني لإعداد التراب الوطني والمخطط الجهوي لإعداد التراب كما يبين الغرض منه.

  كما يشير القسم الثاني إلى مخطط توجيه التهيئة التيتسري على رقعة أرضية ذات طابع خاص كالواحات والساحل والجبال …

 القسم الثاني انصبت مضامينه على الاحتياط العقاري وحق الأولوية حيث يخول للدولة والجماعات المحلية أو مجموعاتها حق تملك العقارات ، وفقا للقانون العام أو عن طريق نزع الملكية من أجل المنفعة العامة أو بواسطة حق الأولویة بقصد إحداث احتياطات عقاریة ، و ذلك عند ما تكون هذه الاحتياطات مقررة في مخطط توجيه التجمع العمراني أو في تصميم للتهيئة.

یمكن تحدید مناطق للاحتياطات العقاریة ، في حالة عدم وجود مخطط توجيه التجمع العمراني أو تصميم للتهيئة ، أو عندما لا تحدد هاتان الوثيقتان هذه المناطق ، بقرار لعامل العمالة أو الإقليم المعني بالأمر ، یتخذ بعد استطلاع رأي الإدارة المختصة . وذلك بغرض إنجاز عمليات من أجل المصلحة العامة أو احتياطات استراتيجية ، أو – عمليات التعمير الجدیدة.

  هذا إضافة إلى ما تنص عليه بخصوص حق الأولوية ، حيث یحدث لفائدة الدولة ، في مناطق معينة ، حقل لأولویة عند تفویت عقارات أو حقوق عينية عقاریة ، مقابل أداء الثمن نقدا أو عينا . ویمارس هذا الحق وفق شرو، ویجوز للدولة أن تفوض حق الأولویة للجماعات المحلية والمؤسسات العامة ، وشركات القانون الخاص التي یكون رأسمالها في أغلبهم ملوكا للأشخاص العموميين.

  أما القسم الثالث فاختص بتحديد القواعد المنظمة للبناء وفق رخصة البناء وبالتصريح بالاشتغال واستوجب إلزامية الاستعانة بالمهندس المعماري وبالمهندس الطبوغرافي وبالمهندسين المختصين الذين يزاولون في القطاع الخاص، وكيفيات وشروط تسليم رخص السكن وشهادة المطابقة.

  وضمت مقتضيات القسم الرابع من المدونة المذكورة مختلف حقول المراقبة وإنزال الجزاءات التي تحد من مخالفات التعمير.

أما القسم الأخير فقد اقتصر على ذكر الأحكام والتدابير الانتقالية لتنفيذ المدونة.

  ومن خلال قراءة تحليلية في المسلسل التشريعي المتعلق بالتعمير ، نلاحظ جليا أنها في غالب الأحيان تتسم بالتعثر والمماطلة الهادفة إلى تعطيل كل مصادقة نهائية على مشاريع القوانين المقدمة إلى المؤسسة البرلمانية بدواعي مختلفة لعل أهمها الاعتراض جزئيا أو كليا عليها.

  وللتدليل على حالة التعثر والمماطلة في الإفراج على النصوص المنظمة للتعمير، نسوق مثال مشروع قانون رقم 66.12 المتعلق بمراقبة وزجر المخالفات في مجال التعمير والبناء الذي تمت إحالته على مجلس النواب بتاريخ 27 نونبر 2013 وانتهت اللجنة المختصة المناقشة بشأنه بتاريخ 11 فباير 2014، غير أن الحكومة سحبته بهذا التاريخ من أجل تقديم صيغة جديدة بتاريخ 24 مارس 2016 أي بعد سنتين من انتهاء المناقشة بشأنه في اللجنة، وبتاريخ 4 ماي 2016 وافقت اللجنة على هذه الصيغة الجديدة وليومنا هذا لم يعرض على الجلسة العامة من أجل التصويت والمصادقةعليه ليحال على الغرفة الثانية.

  وترتكز أهم المقتضيات التي أتى بها هذا المشروع على توحيد وتبسيط مساطر مراقبة وزجر المخالفات في مجال التعمير والبناء، والتنصيص على تكليف مراقبين للتعميرسواء التابعين للوالي أو العامل أو للإدارة تمنح لهم صفة ضباط الشرطة القضائية بمزاولة مهامهم تحت إشراف النيابة العامة، التأكيد على ممارسة مراقبي التعميرلمهامهم تلقائيا أو بناء على طلب السلطة الإدارية المحلية أو رئيس المجلس الجماعي أو مدير الوكالة الحضرية بعد إبلاغهم من طرف الأعوان التابعين لهم بها، أو بناء على طلب كل شخص تقدم بشكاية، توسيع نطاق التجريم ليشمل جميع المتدخلين والمهنيين، الرفع من مهنية القطاع بتعزيز صلاحيات مختلف أصناف المهنيين في المراقبة التقنية وكذا مراقبة معايير الجودة، بغرض حماية أرواح المواطنين وممتلكاتهم.

الفقرة الثانية: مرسوم للتعمير المتعلق بضابط البناء العام لسنة 2013:

  ولتجاوز القصور التشريعي في مجال التعمير، وتتميم مقتضياته، صودق سنة 2013 على مرسوم بالموافقة على ضابط البناء العام المحدد لشكل وشروط تسليم الرخص والوثائق المقررة بموجب النصوص التشريعية المتعلقة بالتعمير والتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات والنصوص الصادرة لتطبيقها[16].

  فقطاع التعمير باعتباره قطاعا حيويا تتداخل فيه مجموعة من التدخلات العمومية، ويتقاسمه مجموعة من الفرقاء والمتدخلين، يجعل التحكم به وتوجهيه أمرا صعبا ويفرض تجاوز المساطر والمقتضيات التي تدرس وفقها طلبات رخص التعمير والتي تأكد أنها أصبحت متجاوزة ولم تعد تساير متطلبات الحاجيات العمومية والأساسية، سواء من حيث السرعة في دراسة هذه الملفات أو من حيث المرونة والشفافية.

  هذا المرسوم يصنف ضمن المراسيم ذات الطابع التنظيمي، مما له من قوة قانونية أكبر من الدوريات والمناشير الوزارية .

   ويتكون هذا المرسوم من ستة أبواب و49 مادة، فضلا عن 8 ملاحق. وتتوزع هاته الأبواب بين الغرض ونطاق التطبيق ، ومذكرة المعلومات التعميرية وتسليم الإذن بالتجزيء وإحداث المجموعات السكنية ، وتقسيم العقارات وتسليم رخص البناء والسكن، وشهادة المطابقة ومساطر التدبير اللامادي للملفات، وأخيرا مقتضيات عامة.

   ويندرج هذا المرسوم في إطار إصلاح المنظومة المحددة لتسليم رخص التعمير، و إرساء قواعد جديدة للتنافس وتحسين مناخ الأعمال والاستقطاب الفعال للاستثمار، فضلا عن الدفع بالجهوية المتقدمة خطوات إلى الأمام وتعزيز الديمقراطية بكل مستوياتها وإرساء مبادئ الحكامة الجيدة لتدبير الشأن العمومي المزمع تنزيلها في مجال التعمير.

   هذا، ويمكن اعتبار هذا المرسوم تفعيلا للمادة 59 من القانون 90 – 12 المتعلق بالتعمير الذي طال انتظاره، وهو بذلك يعد قفزة نوعية للحد من الإشكاليات المطروحة على مستوى توحيد المساطر وآجال التراخيص في ميدان البناء والتعمير. وهو أيضا محاولة وإجراء لتحسين مناخ الأعمال والاستثمار بالمغرب، للحد من الممارسات غير القانونية واحتكار المعلومة والاستفراد بالقرار أو الرأي، وسد الثغرات القانونية والمساحات الفارغة التي كانت تتخلل النصوص السابقة.

  وبقراءة متأنية لهذا المرسوم، يتبين أن المشرع حاول الارتقاء بمجال التعمير من خلال:
اعتماد المعيارالديموغرافي كأساس لإحداث الهياكل المكلفة بتدبير ملفات مشاريع التجزيء والبناء، عوض التقسيم التقليدي جماعات حضرية وقروية.

خلق هياكل جديدة تتولى دراسة ملفات طلبات الرخص والأذون، من خلال:

- الجماعات التي يفوق عدد سكانها 50 ألف نسمة:

 خلق الشباك الوحيد للتعمير واعتباره المخاطب الوحيد لأصحاب الشأن والمستثمرين.

- بالنسبة للجماعات التي تقل أو تساوي ساكنتها 50 ألف نسمة،اللجنة الإقليمية للتعمير (التي أنيط بها نفس مهام الشباك الوحيد للتعمير) .

- الجماعات التي يقل عدد سكانها عن 50 ألف نسمة: 

- ترك باب الاجتهاد والاقتراح للجماعات المحلية باتفاق مع السلطات الترابية المحلية والإدارات المعنية لإمكانية إحداث الشباك الوحيد للتعمير، وذلك لتجاوز كل إشكال قد يطرح بالنسبة إلى الجماعات التي تشهد تحولا عمرانيا ملموسا أو ستعرف تحولا ديموغرافيا مع مرور السنيين.

-  تحديد عنصر الزمن والآجال الواجب احترامها في دراسة الملفات وإبداء الرأي ومنح الرخص حسب كل مشروع (المشاريع الصغرى أو الكبرى) سعيا إلى التقليص ما أمكن من الآجال التي كانت موضوع عدة انتقادات.

- التمييز بين الوثائق الأساسية والتكميلية المكونة للملفات، وهاته الأخيرة لن تكون سببا لعدم قبول إيداع الملف أو رفض دراسته من طرف اللجان المكلفة بذلك.

- الإقرار بضرورة توفر الكفاءة والأهلية لدى الأشخاص الممثلين في حظيرة لجان دراسة وإبداء الرأي في الملفات، لاتخاذ القرار في وقته بدون تردد أو اتكالية والاختفاء وراء رأي مصلحة أو هيئة معينة.

- تحديد أماكن إيداع الملفات: مكتب ضبط الشباك الوحيد للتعمير، مكتب ضبط الجماعات ومقر العمالة أو الإقليم، لتفادي الفوضى الملاحظة في هذا الميدان.

- الإبقاء على الرأي المطابق الذي يبديه ممثل وكالة التعمير في حظيرة اللجان، وبهذا يبقى قرار رئيس الجماعي مشروطا إلى حد ما.

- حصر مسطرة دراسة الملفات في المشاريع الكبرى والصغرى بدمج الأشغال الطفيفة والمنشآت الموسمية والعرضية بهاته الأخيرة.

- الإقرار بتعميم انضمام ممثل العمالة أو الإقليم إلى اللجنة المكلفة بمعاينة مشاريع طلبات رخص السكن والمطابقة، مع فتح إمكانية الاعتماد على شهادة المهندس المعماري الذي يتولى تتبع وإدارة أشغال البناء عوض المعاينة التي تقوم بها لجان رخص السكن وشواهد المطابقة.

- التنصيص على مساطر التدبير اللامادي المتعلقة بإيداع الملفات ودراستها وتسليم الرخص.

- تكليف عمال العمالات أو الأقاليم بالسهر على أن تمارس الجماعات والإدارات والمؤسسات العمومية اختصاصاتها في إطار احترام الآجال المحددة قانونيا من أجل تسليم رخص البناء والتجزيء وتقسيم العقارات وإحداث المجموعات السكنية ورخص السكن وشواهد المطابقة وتخويلهم حق اتخاذ الإجراءات اللازمة في حالة عدم احترام الآجال المحددة.

  لكن، ورغم الإيجابيات المتعددة لمرسوم ضابط البناء العام، إلا أنه أغفل أو تناسى نقاط مهمة يمكن إجمالها فيما يلي:

- اقتصار المرسوم على الجوانب المسطرية، أي كيفية إعداد الملفات ومساطر البت… إلخ. في حين كان ينتظر أن يكون هذا الضابط أكثر شمولية بحيث يتناول جوانب أخرى من قبيل قواعد السلامة والصحة والمرور والجمالية والراحة العامة للبنايات طبقا لما هو وارد في المادة 59 من القانون 90 – 12 المتعلق بالتعمير…

- إغفاله لرخصة الهدم (تكوين الملف، المسطرة ولجن البت،… إلخ)؛ خصوصا أنه لوحظ مؤخرا ارتفاع عدد المنازل التي تهدم أويعاد بناؤها من طرف أصحابها في الأنسجة القديمة أو العتيقة والمجالات التي عرفت تحولا أو انتقالا عمرانيا بناء على وثائق تعميرية جديدة.

- عدم تعيين المرسوم لرئاسة اللجان والمؤهلات المطلوبة في التمثيليات حتى يتم ربط المسؤولية بالمحاسبة. وعدم تحميل واضعي المشاريع (المهندسين المعماريين) أية مسؤولية مهنية-أخلاقية.

- عدم تحديد النصاب القانوني الذي يسمح للجان بمباشرة أعمالها، (في حالة غياب أحد أعضائها الدائمين).

- إغفال موضوع تسليم مشاريع التجزئات والمجموعات العمرانية، وخصوصا الجانب المتعلق بتحديد الآجال، ونسيان وضع جذاذة لتتبع أثر وسيرورة ملفات المشاريع، تكون قاعدة أساسية لإعطاء المعلومة في أسرع وقت.

الخاتمة

  يراهن المغرب على حكامة التعمير من أجل التغلب على الاختلالات الموروثة في المجال المعماري منذ سنوات من منطلق كونه أحد الدعامات الأساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.

   وقطاع التعمير ظل مستعصيا على جميع الحكومات المتعاقبة بالمغرب، تداخل فيه ما هو سياسي اقتصادي، إداري، ثقافي… هذا الترابط والتشابك ساهم في عرقلة التنزيل السليم لقانون التعمير في المغرب في غياب صرامة ومحاسبة للمخالفين لأحكامه، كما أن تعدد الأجهزة الإدارية المركزية واللامركزية أضعف قواعد التنسيق والانسجام ووحدة الرؤية تجاه الشكل النموذجي للتجمعات السكانية لاستيعاب اتساع النمو الديمغرافي والاستجابة لمتطلبات الجماعة والدولة خاصة في هوامش المدن المستوعبة للهجرة القروية.

  إن السياسة المعمارية أصبحت معطى أساسي منذ تبني القوانين المتعلقة بالتعمير والتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات كما أنه بصدد تعقد التهيئة الحضرية لا يمكن للدولة أن تستعمل الطرق التقليدية في عملها ومن بينها القرارات الإدارية الانفرادية. ومن المؤكد أن التعمير بطبيعته يستلزم اللجوء إلى التقنيات التحكمية والسلطوية لأن الدولة هي الشخص الوحيد الذي يتوفر على الوسائل الضرورية لإنشاء وتأسيس وتنظيم المدن، لكن تعقد المشاكل المطروحة وقوة العلاقات والترابط بين جميع الأطراف تحتم على السلطات أن تبحث عن موافقة الأشخاص والجماعات المعنية بالأمر، حيث أن النصوص التي تنظم مساطر إعداد وإنجاز مشاريع التعمير لا تأخذ بعين الاعتبار مواقف ورغبات الجماعات الترابية وتحديد مساهمتها الفعلية في بلورة السياسة والتوقعات العمرانية ضمن مقاربة مجالية بكل مكوناتها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية .

  فالنهوض بالمسألة التعميرية وجعلها في صلب السياسات العمومية هو رهان على كل المتدخلين توخي السبل الكفيلة بإنجاحه لاسيما فيما يتعلق بالمجال الرقابي والزجري، وخاصة مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية حيث تتنامى وتتضاعف الاختلالات والسلوكات غير القانونية التي تعرقل أي تدابير رائدة.

لائحة المراجع

الكتب:

- البكريوي عبد الرحمان ، وثائق التعمير بين اختصاص الدولة و الجماعات المحلية، الادارة المغربية للادارة المحلية و التنمية العدد الاول اكتوبر ديسمبر،1992.

- الحاج شكره. الوجيز في قانون التعمير المغربي. الطبعة الثانية. سنة 2007.

- الكشبور محمد: “نزع الملكية من أجل المنفعة العامة الأسس القانونية والجوانب الإدارية والقضائية “، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى،1989.

- المحجوبي محمد: قراءة عملية في قوانين التعمير المغربية، دار النشر المغربية، الطبعة الأولى، الرباط، 2006.

- المصطفى نشوي: المجال الجغرافي والمجتمع المغربي، خاص: مائة سنة من التعمير والتحضر بالمغرب،العدد 7 – 2002.

- الورديغي عبد الرحيم: “الماريشال ليوطي المؤسس الأول للمغرب الحديث 1912-1926″، مطابع الرباط نت، الطبعة الأولى،2012.

- أوعبي بوشعيب: “قانون التعمير المغربي-نظرية عامة” – دار القلم بالرباط – الطبعة الأولى،2013.

- جمال خلوق: التدبير الترابي بالمغرب: واقع الحال و مطلب التنمية، الطبعة الأولى مطبعة الرشاد سطات، 2009.

- حداد عبد الله: “تطور قطاع الإسكان بالمغرب دراسة قانونية وقضائية”، منشورات عكاظ الرباط، طبعة،2004.

عبد الرحمان البكريوي: التعمير بين المركزية و اللامركزية. الطبعة الأولى، الشركة المغربية للطباعة و النشر، الرباط، 1993.

- محمد بوجيدة رخصة البناء ، الجزء الاول ،دار الجيل الطبعة الثانية،2000.

- مقداد الهادي: السياسة العقارية في ميدان التعمير والسكنى. الطبعة الأولى، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2000.

الأطروحات والرسائل:

- أحمد مالكي، التدخل العمومي في ميدان التعميربالمغرب، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، جامعة محمد الأول وجدة،2008.2007.

- اسروح عبد الله: الصعوبات التي تواجه التخطيط العمراني بالمغرب، بحث الدراسات العليا المعمقة في القانون، وحدة العقار والتعمير والإسكان، كلية الحقوق أكدال السنة الجامعية 2003-2004.

- المصطفى الشويكي: الدار البيضاء مقاربة سوسيومجالية،بحث لنيل الدكتوراه، جامعة الحسن الثاني كلية الآداب و العلوم الإنسانية،سنة 1996.

- أمرير حسن: “دور الدولة والجماعات المحلية في ميدان التعمير”. رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية لمراكش، السنة الجامعية 1998-1999.

- براق عبد الواحد: “الشرطة الإدارية الجماعية دراسة نظرية وعملية لمنح الرخص الإدارية”، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الخامس، كلية الحقوق أكدال الرباط السنة الجامعية 2006-2007.

- فاطمي حسن: التعمير الاستثنائي: دراسة مقارنة، رسالة دبلوم الدراسات العليا المعمقة في الحقوق، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – أكدال، الرباط، الموسم الجامعي 2004-2005.

- محمد بنعيش. وثائق التعمير والممارسة. نموذج طنجة، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، جامعة محمد الخامس أكدال ، كلية الحقوق أكدال، السنة الجامعية 2002-2003.

- وحتاش هدى: “إصلاح قوانين التعمير على ضوء مشروع مدونة التعمير”، بحث لنيل الماستر في القانون العام والعلوم السياسية، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية الاجتماعية أكدال الرباط ، السنة الجامعية 2009-2010.

القوانين:

- ظهير 16 أبريل 1914: ج.ر بتاريخ 20 أبريل 1914 المتعلق بتصفيف الأبنية والطرق والتصاميم الموضوعة لتهيئة المدن وتوسيع نطاقها والحرمات والجبايات المفروضة على الطريق.

- ظهير 10 شتنبر 1993 المتعلق بإحداث الوكالات الحضرية.

القانون12.90 المتعلق بالتعمير، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.92.31، بتاريخ 17 يونيو 1992.

- القانون 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.92.7، بتاريخ 17 يونيو 1992.

- مرسوم رقم 2.13.424 صادر في 13 من رجب 1434 (24 ماي 2013)بالموافقة على ضابط البناء العام المحدد لشكل وشروط تسليم الرخص والوثائق المقررة بموجب النصوص التشريعية المتعلقة بالتعمير والتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات والنصوص الصادرة لتطبيقها، الجريدة الرسمية عدد 6155 الصادرة بتاريخ 16 رجب 1434 (27 ماي2013).

- المرسوم رقم 2.93.67 الصادر 04 ربيع الآخر 1414 الموافق ل 21 شتنبر 1993 بتنفيذ الظهير الشريف رقم1.93.51 بتاريخ 22 ربيع الأول 1414 الموافق ل 10 شتنبر 1993 المتعلق بالوكالات الحضرية. ج.ر. عدد 4223 بتاريخ 19 ربيع الآخر 1414 الموافق ل 06 أكتوبر 1993.

- منشور وزير الدولة في الداخلية عدد 61 م ت هـ م/م ق بتاريخ 28 مارس 1994 المتعلق بنظام زجر المخالفات في ميدان التعمير.

- منشور وزير الداخلية رقم 005 م ع ت هـ إ ت بتاريخ 15 يونيو 1995 المتعلق بتصميم التهيئة.

_________________

[1] تعريف الأستاذ بول كليرجي Paul Clerget سنة 1910 – بوشعيب أوعبي – قانون التعمير المغربي نظرية عامة – الطبعة الأولى 2013- دار القلم – الرباط.

[2] تعريف الأستاذ الهادي مقداد – محاضرات في قانون التعمير -2014-2015.

[3] أوعبي بوشعيب، قانون التعمير المغربي، نظرية عامة ، الطبعة الأولى 2013، مطبعة دار القلم الرباط.

[4] الظهير الشريف الصادر في 26 من جمادى الآخرة 1370 (3 أبريل 1951) بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت، كما وقع تغييره وتتميمه.

[5] الظهير الشريف الصادر في 9 شوال 1332 (21 غشت 1914) بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت.

[6] ظهير شريف رقم 1.60.063 الصادر في 30 من ذي الحجة 1379 (25 يونيو 1960) بشأن توسيع نطاق العمارات القروية.

[7] ظهير شريف رقم 1.81.254 صادر في 11 من رجب 1402 (6 مايو 1982) بتنفيذ القانون رقم 7.81 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة وبالاحتلال المؤقت

[8] رغم الاقتراحات التي تقدم بها واضعو مشروع قانون الإطار لسنة 1970، فإن المغرب لم يستطع الاستغناء عن قواعد التعمير الاستعمارية إلا ابتداء من التسعينات مع استثناء تعديل قانون نزع الملكية بظهير 12 ماي 1982، أما ظهير 1952 المتعلق بالتعمير فلم يتم الاستغناء عنه إلا بمقتضى ظهير 17 يونيو 1992، وكذلك الشأن بالنسبة لظهير 1953 المتعلق بالتجزئات العقارية.

[9] عبد الله حداد: قطاع الإسكان بالمغرب، دراسة قانونية وقضائية، منشورات عكاظ الرباط 2003.

[10] في هذا الإطار تم، سنة 1981 إنشاء المعهد الوطني للتهيئة والتعمير INAU، وهو معهد رائد في مجال التكوين الأكاديمي والتكوين المستمر والبحث والخبرة في كل ما يتعلق بمجال إعداد التراب والتعمير. وتعد هذه المؤسسة التكوينية الوحيدة بالمغرب التي تعالج الإشكالات المتعلقة بتنظيم المجال ومختلف أدوات التدخل المتعلق به (من تكوين الأطر العليا في المجال، وإنجاز الدراسات لفائدة الإدارات ومؤسسات الخدمات العامة والجماعات المحلية، ووضع برامج بحوث في مجالات التخطيط والتصميم الحضري).

[11] طبقا للظهير الشريف رقم 1.93.51 الصادر في 22 من ربيع الأول 1414 (10 سبتمبر 1993) المعتبر بمثابة قانون يتعلق بإحداث الوكالات الحضرية.

[12] القانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير ، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.92.31 بتاريخ 15 من ذي الحجة 1412 (17 يونيو 1992)

[13] القانون رقم 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.92.7 بتاريخ 15 من ذي الحجة 1412 (17 يونيو 1992)

[14] دليل التعمير والهندسة المعمارية تحت إشراف إدريس البصري مجموعة التشييد دولة جديدة ص10 المطبعة الملكية بالرباط 1994

[15] محمد محجوبي : قراءة عملية في قوانين التعمير المغربية – الطبعة الاولى 2006 ص: 9

[16] مرسوم رقم 2.13.424 صادر في 13 من رجب 1434 (24 ماي 2013) بالموافقة على ضابط البناء العام المحدد لشكل وشروط تسليم الرخص والوثائق المقررة بموجب النصوص التشريعية المتعلقة بالتعمير والتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات والنصوص الصادرة لتطبيقها – الجريدة الرسمية عدد 6155 الصادرة بتاريخ 16 رجب 1434 (27 ماي 2013).

المصدر : مجلة المعرفة القانونية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا