التسميات

السبت، 7 يناير 2017

هجرة السكان ...


هجرة السكان

مقدمة

  تعد الهجرة أحد العناصر الثلاثة المسئولة عن التغير السكاني في مجتمع ما وهي الخصوبة والوفيات والهجرة. وتختلف الهجرة عن هذين العنصرين من عدة جوانب. فعلى العكس من كل من الخصوبة والوفيات التي يسهل جمع بيانات عنهما ومن ثم قياسهما بشكل دقيق، فإن الهجرة يصعب قياسها بمثل تلك الدرجة من الدقة لأن تدفق المهاجرين لا يتسم بالثبات من الناحية الزمنية، ومن ثم تقل معلوماتنا عن الهجرة بالمقارنة بالخصوبة والوفيات. وثانيا فإننا غالباً ما نجد أن الهجرة عرضة لرقابة قوية من جانب الدول للسيطرة عليها بالمقارنة بكل من الخصوبة والوفيات، وأخيراً، فإن الهجرة من الظواهر السكانية الكفيلة بتغيير الهيكل السكاني لأي مجتمع بصورة سريعة جداً بالمقارنة بآثار كل من الخصوبة والوفيات على الهيكل السكاني والتي تحتاج إلى فترة طويلة جداً من الزمن لكي تؤدي إلى تغيير الهيكل السكاني.

  وتعد الهجرة من الموضوعات السكانية التي نالت قدراً كبيراً من الدراسة. وعادة ما تدور تحليلات الهجرة حول كونها تتم بين الدول المتقدمة أو الدول المتخلفة، أو ما إذا كانت الهجرة داخل حدود الدولة (هجرة داخلية).

مفهوم الهجرة

  يقصد بالهجرة انتقال الأفراد من منطقة ما إلى منطقة أخرى. سواءا كان ذلك داخل حدود الدولة، وهو ما يطلق عليه الهجرة الداخلية، أو الهجرة خارج حدود الدولة وهو ما يطلق عليه الهجرة الخارجية. وقد تتم الهجرة بشكل قانوني، أو قد تتم من خلال تسرب المهاجر إلى الدولة المقصودة بطرق غير شرعية، مثل ادعاء الدخول بغرض الزيارة ثم الاستمرار في البقاء داخل الدولة بهدف العمل.

  وتتم الهجرة الداخلية أساساً من المناطق التي يقل فيها الطلب على العمل إلى المناطق التي تتوافر فيها فرص التوظف، أو تتوافر فيها فرص أفضل للمعيشة، ومن ثم فأن النمط الغالب للهجرة الداخلية هو من المناطق الريفية إلى المدن، ويلاحظ أن الهجرة الداخلية يكون الدافع من وراءها اقتصادياً بالدرجة الأولى

  أما في حالة الهجرة الخارجية فقد تكون الدوافع اقتصادية، أو سياسية مثال ذلك حالة اللاجئين والهاربين والمطاردين من قبل النظم الحاكمة في دولهم، أو قد يكون الدافع علميا، من خلال سعي الفرد إلى فرص تعليمية أفضل أو فرص للبحث أفضل من تلك المتوافرة له في دولته. وغالبا ما يطلق على الهجرة من هذا النوع الأخير لفظ "نزيف العقول "Brain Drain".

  أما عن البعد الزمني للهجرة، فقد تتم الهجرة بشكل مؤقت وذلك حينما ينوي المهاجر الإقامة في المهجر لمدة مؤقتة ثم العودة مرة أخرى الى الوطن، أو قد تكون الهجرة دائمة حينما لا ينوي المهاجر العودة مرة أخرى إلى بلده الأصلي.

  وباختلاف أنماط الهجرة تختلف بالتالي المكاسب التي تعود على البلد الأم من الهجرة. ففيما يتعلق بالهجرة الخارجية المؤقتة فأن المهاجر كما سبق القول يكون مدفوعاً أساساً بالدافع الاقتصادي، ومن ثم فأنه في كافة الأحوال سيعود ومعه مدخراته إلى البلد الأم. وقد يحدث في كثير من الحالات أن يكتسب المهاجر خبرات من جراء إقامته في البلد المضيف، وهذه الخبرات تضاف إلى رصيد الخبرة المتوافر في البلد الأم عند عودة المهاجر، وهكذا فأن نمط تدفق المكاسب سيكون من البلد المضيف إلى البلد الأم في حالة كون الهجرة مؤقتة. أما في حالة الهجرة الخارجية الدائمة فأنها غالبا ما تتم على أساس انتقائي، بمعنى أن الدول المضيفة تقوم بتدقيق النظر فيمن ستمنحهم حق الإقامة الدائمة ولذلك فأن معظم من يهاجرون بهذه الصورة هم من ذوي المهارات والمستويات التعليمية المرتفعة، وبحكم إقامتهم الدائمة في الخارج فأنهم لا يقومون بتحويل مدخراتهم إلى البلد الأم بعكس الحال في حالة الهجرة المؤقتة، وأنما يحتفظون بهذه الأموال في الخارج، ولهذا السبب فأن تدفق المكاسب من الهجرة يكون من البلد الأم إلى البلد المضيف. وتبلغ خسارة البلد الأم أوجها في هذه الحالة حيث تخسر البلد بالكامل رأسمالها البشري المتمثل في الكفاءات العلمية والفنية المهاجرة.

     وتبدو هناك صعوبة كبيرة من الناحية الإحصائية في تعريف المقصود بالمهاجر، ولذلك اتفق الديموجرافيون على أن المهاجر هو الشخص الذي يقيم بشكل مستمر في دولة أخرى أو في إقليم آخر لمدة أكثر من سنة، أو الذي أعلن عندما دخل الحدود عن نيته في البقاء لمدة أكثر من سنة.

  أما عن خصائص المهاجرين فيلاحظ أنهم بالدرجة الأولى صغار في السن، وتميل معدلات الهجرة بين الفئات العمرية المختلفة الى التناقص مع زيادة السن. كذلك يلاحظ أن أغلبية المهاجرين بتمتعون بمستوى تعليمي مرتفع، وكذلك ذوي دخول أصلاً مرتفعاً نسبياً، كما أنهم عادة ما يكونون من ذوي المستوى الوظيفي المرتفع . وفي معظم الأحوال هناك فروقاً جوهرية في المهاجرين حسب النوع. إذ غالباً ما تتم عملية الهجرة بواسطة الذكور في المقام الأول. وعادة ما يقوم المهاجر الذكر بالهجرة أولاً ثم يقوم بعد ذلك باستقدام زوجته إلى دولة المهجر. أما على مستوى الأسرة فإن هجرة الأطفال صغار السن تكون أكبر حيث لا يسهل التخلي عنهم في تلك السن الصغيرة، أما الأطفال الكبار فهجرتهم أقل بسبب عدم الرغبة في التأثير على مستوى تعليمهم من خلال الانتقال من نظام تعليمي إلى نظام تعليمي آخر. كذلك يلاحظ ميل غير المتزوجين إلى الهجرة بشكل أكبر من المتزوجين.

لماذا يهاجر السكان :

   تعد نظرية عوامل الجذب وعوامل الطرد من أكثر النظريات شيوعاً في تحليل الأسباب التي تدفع بالأفراد إلى الهجرة. وتقوم النظرية ببساطة على أن الناس تهاجر لأن هناك عوامل طاردة لهم من موطنهم الأصلي، أو أن هناك عوامل جاذبة لهم في المنطقة المضيفة. ولقد وضع فكرة النظرية رافنشتاين عام 1889 الذي قام بتحليل بيانات الهجرة في انجلترا وويلز والذي استنتج أن عوامل الجذب عادة ما تكون أكثر أهمية من عوامل الطرد في تحديد قرار الهجرة، إذ أن الرغبة في تحسين المستوى المادي للفرد تكون أقوى من الرغبة في الهروب من وضع سئ في الموطن الأصلي للمهاجر. ولعلنا الآن نتذكر ما قاله ديفز في معرض حديثة عن أسباب انخفاض الخصوبة في أن الرغبة في الارتقاء بالمستوى المادي للفرد وليس الرغبة في الهروب من الفقر، هي التي تدفع بالفرد إلى تحديد مستوى الخصوبة.

  ومما لا شك فيه أن مجرد وجود العوامل الطاردة في الموطن الاصل لن يدفع بالفرد إلى الهجرة إلا إذا كان لديه علم بأن هناك فرص أفضل له في مكان آخر. على أن قرار المهاجر بالهجرة يعتمد على عملية حساب للتكلفة والعائد من عملية الهجرة، حيث يقوم المهاجر بوزن عوامل الجذب والطرد، ثم يتخذ القرار بالهجرة إذا كانت المنافع المولدة من عملية الهجرة تتعدى التكلفة المتصلة بها، على سبيل المثال فإن قرار المهاجر بترك وظيفته، ومكانته في العمل لانتهاز فرصة وظيفية أفضل في البلد المضيف يتضمن عملية مقارنة بين العائد الذي يحصل عليه من الوظيفة الجديدة وبين المكانة الأعلى في العمل، والتكلفة التي يتحملها بانتزاع نفسه وأسرته من موطنه الأصلي وترك منزله، ومجتمعه الذي اعتاد الحياة فيه وأصدقائه الذين اعتاد أن يكون بينهم. ومن الناحية الواقعية فإن قرار المهاجر بالهجرة لا يأتي فجأة، وإنما يتم خلال فترة زمنية طويلة نسبياً تبدأ من ظهور الرغبة لدى المهاجر بالهجرة، والوقت الذي يتوقع المهاجر أن يهاجر فيه، وأخيراً التوقيت الفعلي لهجرته، وعلى كل الأحوال فدائماً تعتبر العوامل الاقتصادية مسئولة في المقام الأول عن الهجرة، فالدراسات التطبيقية عن الهجرة تشير إلى أن العاطلين، والعمال الذين لا يشعرون بالرضاء عن وظائفهم هم غالباً الأفراد الذين يميلون للهجرة.

  وهناك وجهه نظر أخرى ترى أن الشخص غالباً ما يكون له مجموعة من الأهداف يسعى إلى تحقيقها على مدار حياته مثل مستوى أعلى من التعليم أو وظيفة أفضل أو شراء منزل أفضل، أو حتى مجرد الحياة في محيط اجتماعي واقتصادي أفضل، ولتحقيق هذه الأهداف فإن الهجرة تعد أحد الخيارات المتاحة أمام الفرد لتحقيق هذه الأهداف.

نموذج هاريس تودارو

  يعد نموذج هاريس تودارو للهجرة من الريف إلى الحضر من الصباغات المهمة لدور العامل الاقتصادي في قرار الهجرة. إذ يقوم النموذج على افتراض أن الهجرة تعتمد أساساً على المقارنة بين مستويات الأجر في سوق العمل في الريف ومستويات الأجور في سوق العمل في الحضر. أي أن :

                                                                                                                 
                                          Mt              =              f  ( Wu  -  Wr )

حيث Mt   =   عدد المهاجرين من الريف إلى الحضر في الفترة الزمنية ( t ) .


              Wu              =              معدل الأجر في الحضر.
              Wr              =              معدل الأجر في الريف.

          
  وبما أنه من الممكن أن تكون هناك بطالة في المدينة، وبالتالي قد لا يستطيع كل مهاجر أن يجد وظيفة في الحضر فإن النموذج يفترض أن المهاجر يقوم بالمقارنة بين الأجر في الريف والأجر المتوقع في المدينة.

  ويحسب الأجر المتوقع في المدينة على أنه يساوي احتمال الحصول على وظيفة في الحضر مضروباً في الأجر الفعلي في الحضر أي أن :


                                                        Wu*   =   PWu.

حيث  Wu*               =              معدل الأجر المتوقع في الحضر.
              P              =              احتمال الحصول على وظيفة في الحضر.
              Wu              =              الأجر الفعلي في الحضر



ولكن كيف يمكن حساب P (احتمال الحصول على وظيفة في الحضر) إن أحد الأساليب الهامة لحساب P هي أن

                                          P              =              Eu / (Eu + Uu)

حيث  Eu               =              أعداد العمال المشتغلين مثلا في الحضر.
          Uu              =              أعداد العمال العاطلين في الريف.

 
   أي أن احتمال الحصول على وظيفة في الحضر يساوي نسبة العمال المشتغلين الى إجمالي عدد العمال فإذا كانت نسبة العمال المشتغلين إلى إجمالي عدد العمال = 90%، فأن ذلك يعني أن هناك احتمال (P) قدره 90% في أن يحصل المهاجر على وظيفة في الحضر.

  ويفترض وفقا لهذه الصياغة أن كل أفراد قوة العمل في الحضر تتكافئ الفرص لديهم في الحصول على الوظائف المتاحة، مما يعني أن معدل الأجر المتوقع في الحضر Wu يساوي معدل الأجر السائد في الحضر مضروباً في معدل البطالة في الحضر وعلى ذلك فأن الهجرة في أي وقت من الأوقات تعتمد على 3 عوامل.

1- الفرق بين معدل الأجر في الحضر ومعدل الأجر في الريف.

2- معدل البطالة في الحضر.

3- درجة استجابة المهاجرين للفرص المتاحة للتوظف في الحضر.

أي أن :


                                                        Mt              =              h  (PWu -  Wr)

حيث              Mt              =              الهجرة في الفترة الزمنية  t
              h              =              درجة استجابة المهاجرين
              PWu              =              معدل الأجر المتوقع في الحضر
              Wr                            معدل الأجر في الريف.

            
   وطالما أن معدل الأجر المتوقع Wu*, في الحضر يزيد عن معدل الأجر الفعلي في الريف فأن تيار الهجرة سوف يستمر من الريف إلى الحضر، إلى الحد الذي تؤدي فيه الهجرة إلى تخفيض معدل الأجر في الحضر، أو أن تؤدي الهجرة إلى زيادة البطالة في الحضر إلى الحد الذي يجعل معدل الأجر المتوقع في الحضر Wu* = {(Eu/ Eu + Uu) . Wu} مساويا لمعدل الأجر السائد في الريف Wr.

  كذلك من الممكن أن يصبح معدل الأجر السائد في الريف Wr أعلى من معدل الأجر المتوقع في الحضر Wu بسبب تيار الهجرة مما يدفع المهاجرين إلى العودة مرة أخرى إلى موطنهم الأصلي.

  ولقد وجهت الانتقادات إلى نموذج هاريس تودارو على أساس أن شرط التوازن المحدد بواسطة النموذج نادراً ما يتحقق (أي التوازن بين معدلات الأجور في الريف والحضر). فمن الأمور الشائعة أن يكون معدل الأجر في الحضر أعلى من معدل الأجر في الريف بنسبة تتراوح بين 50% - 100% حتى عندما تتراوح معدلات البطالة في الحضر بين 10%-20% من قوة العمل. وعلى ذلك فمن الناحية العملية لا تؤدي الهجرة إلى سد الفجوة بين الأجر المتوقع في الحضر، والأجر الفعلي في الريف على عكس ما يتوقع النموذج.

  من ناحية أخرى فأن العامل الاقتصادي ليس هو العامل الوحيد المؤثر على الهجرة مثلما يشير النموذج. فالدراسات توضح أن بعد المسافة بين الريف والحضر، ومدى قوة الروابط الاجتماعية بين الأفراد في الريف تلعب دوراً مهماً في اتخاذ القرار بالهجرة. فأغلب المهاجرين إلى المناطق الحضرية يأتون من المناطق الريفية المتاخمة. كذلك فأن المهاجرين يميلون إلى الذهاب إلى المناطق التي يتواجد بها عدد كبير من أفراد أسرتهم أو أفراد قريتهم أو من نفس الأصل العرقي الذي ينتمون إليه.

  وأخيراً فأن بعض أنواع المهاجرين وبصفة خاصة الشباب عادة ما ينجذبون بأضواء المدينة الباهرة.

تكلفة الهجرة

  يوضح هاريس وتودارو (Harris & Todaro) في نموذجهما للهجرة الداخلية من الريف إلى المدينة أن تكلفة الهجرة ليست تقتصر على الفرد، ولكنها أيضاً  تشمل المجتمع ككل. إذ يفترض كل من هاريس وتودارو أن هناك تسابقاً من جانب المهاجرين على الوظائف التي يتم خلقها في المدن. ففي مقابل كل وظيفة يتم خلقها في المدن من الممكن أن نجد أكثر من عامل مهاجر من الريف لكل فرصة وظيفية في المدينة، وفي مثل هذه الحالة فأن تكلفة الفرصة البديلة لكل وظيفة يتم خلقها في المدينة ستكون الإنتاج الخاص لعاملين أو أكثر من المهاجرين سعياً وراء تلك الوظيفة. وقد لا يقتصر الأمر على ذلك، فالروابط الأسرية المتينة تجعل تكلفة الفرصة البديلة أعلى من ذلك. فالمهاجر من الريف إذا استدعى زوجته وابناءه فأن تكلفة الهجرة في هذه الحالة لن تقتصر على النقص في الإنتاج الناتج عن هجرة المهاجر، ولكن أيضاً النقص في الإنتاج الناجم عن هجرة الزوجة والأطفال الذين غالباً ما يعملون في الأرض.

  وبالإضافة إلى النقص في الإنتاج، فإن المجتمع يتحمل تكاليف إضافية بسبب توسع الحضر. وقد يتحمل المهاجر جانباً من هذه التكاليف مثل ارتفاع تكلفة الغذاء نتيجة التوسع الحضري، وارتفاع تكلفة السكن وما إلى ذلك من تكاليف يتحملها الفرد نتيجة الانتقال إلى المدينة. أما باقي تكاليف التوسع الحضري فيتحملها المجتمع ككل، مثل التلوث الناجم عن الازدحام السكاني وارتفاع أسعار أراضي البناء، والضغط على الخدمات الأخرى مثل المواصلات والمياه والصحة والتعليم إلى آخر هذه القائمة الطويلة من الخدمات الاجتماعية. ولكن إذا كانت المشروعات التي تنشأ في المدن عالية الانتاجية فانها من الممكن أن تقوم بتغطية هذه التكاليف. على أن الهجرة من الريف إلى المدينة قد تحمل أيضا بعد الفوائد للمجتمع وللفرد. فما لاشك فيه أن المهاجر سيستفيد من الخبرة التي سيكتسبها من خلال العمل والتدريب في القطاع الحضري من المجتمع.

  أما على الصعيد الدولي فان تكاليف الهجرة الخارجية ستعتمد على نوعية المهاجرين إلى الخارج. فلابد وأن نفرق أساساً بين هجرة المهرة من العمال، وهجرة غير المهرة. أذ أن هجرة المهرة تعني فقدان دولة الأصل لأحد مواردها النادرة وهو رأس المال البشري الماهر. ولذلك يطلق على هجرة العمال المهرة والمتعلمين استنزاف العقول "Brain Drain". أما الخسارة الرئيسية لهجرة رأس المال البشري الماهر فهي أولا إن عملية تعليم وتدريب هؤلاء المهاجرين أخذت وقتا طويلا وقدرا هائلا من الانفاق التعليمي المدعم بواسطة الدولة الأصل، ومن ثم تصبح هجرتهم إلى الخارج عملية مكلفة لدولة الأصل. وبهجرة هؤلاء إلى الخارج تخسر الدولة الأم الخدمات التي يؤدونها، أو النقص في الإنتاج الناجم عن هجرتهم فضلا عن ذلك فإن عملية إحلال هؤلاء المهاجرين بأفراد جدد ستكون أيضا مكلفة للدولة الأم. وبهذا الشكل تؤدي الهجرة إلى سوء في توزيع الدخل بين دول المهجر ودول المصدر لصالح دول المهجر. لذلك اقترح الاقتصادي باجواتي Bhagwati بفرض ضريبة على "نزيف العقول" تفرض على دول المهجر وتحصل بواسطة حكومات دول المهجر ثم يعاد توجيه هذه الضريبة إلى الدول الام كنوع من التعويض عن خسارة المهارات الناجمة عن هجرة رأس المال البشري.

  على العكس من ذلك فإن هجرة العمال غير المهرة أحد المكاسب لدول المصدر، فأولا نجد أن هذه النوعيات من العمل تكون دائماً في حالة فائض في دولة الاصل، ومن ثم لا تشعر الدولة الاصل بخسارة ناجمة عن هجرة هؤلاء العمال. على العكس من ذلك فإن هؤلاء العمال عادة ما يقومون بتحويل جزء من أجورهم إلى أسرهم التي تركوها عند هجرتهم في دولة الاصل. كذلك فإن هناك احتمال أن يعود هؤلاء العمال بعد فترة وقد ارتفعت مستويات مهاراتهم بسبب أي تدريب يكونون قد تلقوه في الخارج.

العلاقة بين الهجرة وعمر المهاجر

   هناك علاقة وثيقة كما تشير البيانات بين الهجرة وعمر المهاجر. فكما هو واضح من الشكل التالي نجد أن الشباب أكثر ميلاً للهجرة من باقي الفئات العمرية في المجتمع. فالشباب في الفئة العمرية 20-24 هو أكثر المجموعات السكانية ميلاً للهجرة، وتصل الهجرة إلى أعلى معدلاتها بين الشباب في سن 23 عاماً وبدءاً من هذا السن تأخذ الهجرة في الهبوط بشكل حاد بين باقي الفئات العمرية. أما إرتفاع معدلات الهجرة في الفئات العمرية من 1-10 سنوات فيرجع إلى أن هؤلاء الأطفال عادة ما يتبعون آباءهم في تنقلاتهم. وبين هذه المجموعة العمرية يلاحظ أن معدلات الهجرة بين الأطفال صار السن(1-4) أعلى من الأطفال الأكبر سناً.

 ويرجع ارتفاع معدل الهجرة بين الشباب إلى أنه من المتوقع بدخول الشباب في سن العمل أن يبدأون في البحث عن الوظيفة المناسبة، والسعي نحو تكوين كيانهم الاسري المستقل بهم. على أنه توجد هناك فروق في معدلات الهجرة على حسب الحالة الاجتماعية. فمعدلات الهجرة تزيد بين غير المتزوجين عن المتزوجين. أما فيما بين المتزوجين فإن معدلات الهجرة تحتلف باختلاف عدد الأطفال داخل الأسرة فكلما قل عدد أطفال الأسرة وكان أطفالها صغيري السن كلما ارتفعت احتمالات الهجرة. وكلما زاد عدد أفراد الأسرة كلما إزدادت القيود على عملية الهجرة، وخصوصاً عندما يبدأ الأطفال في دخول المدرسة.

الفرق بين الهجرة الداخلية والهجرة الخارجية

  تتميز الهجرة الداخلية بالحرية، بمعنى أن قرار الانتقال من مكان لآخر داخل حدود الدولة يتم بمحض رغبة الافراد، والذي دائما ما يكون قائماً على العوامل الاقتصادية السابق الإشارة إليها. وقد يحدث في بعض الأحيان ، تكون الهجرة الداخلية اجبارية مثلما حدث في جمهورة مصر العربية من تهجير 250,000 شخص من منطقة أسوان لبناء السد العالي. كذلك أجبرت الحكومة الاندونيسية الكثير من سكان جزيرة جاوة إلى الهجرة إلى الجزر الأخرى الأقل كثافة. ومثل هذه الهجرة الاجبارية عادة ما تكون مخططة، حيث يتم الاستعداد من جانب الحكومات للوفاء بحاجات الأفراد مقدماً، وغالباً ما تتحسن الحياة المعيشية للأفراد الذين اجبروا على الهجرة.

  أما في حالة الهجرة الخارجية، فانها لا تكون غالباً حرة. وحتى في حالة كونها حرة فأن على الفرد دائماً أن يستوفي متطلبات الدخول إلى بلد المهجر، فإذا لم يقم بذلك أعتبر مهاجراً غير قانوني. ويواجه المهاجر في حالة الهجرة الخارجية مشاكل في عملية التكيف مع ثقافة ولغة دولة المهجر مثلما هو الحال مع المهاجر المصري إلى كندا. من ناحية أخرى فإننا نجد أن الهجرة الداخلية تعتمد أساساً على الخصائص الشخصية للمهاجر، أما في حالة الهجرة الخارجية فأن المناخ الاجتماعي والسياسي وهيكل الفرص المتاحة في بلد المهجر تلعب دوراً أساسياً في اتخاذ القرار بالهجرة وأخيراً فأن طبيعة الأهداف التي يسعى إليها المهاجر قد تختلف في حالة الهجرة الخارجية عن الداخلية.

الهجرة واعادة توزيع سكان العالم

  مع زيادة عملية النمو السكاني بمعدلات مختلفة بين المناطق المختلفة من العالم زادت الضغوط حول الرغبة في الهجرة. والهجرة عادة ما تكون من مناطق النمو السكاني المرتفع الى مناطق النمو السكاني المنخفض. على سبيل المثال من المكسيك إلى الولايات المتحدة الامريكية. أما في داخل حدود الدولة فأن الهجرة عادة ما تتم أيضا من المناطق الريفية ذات معدلات النمو السكاني المرتفع إلى المناطق الحضرية. وفي القرون الماضية أدت الزيادة السكانية في منطقة ما ترتفع فيها معدلات الكثافة السكانية إلى هجرة سكان هذه المنطقة إلى المناطق الأخرى من العالم حيث تقل درجات الكثافة السكانية. ولعل أهم الأمثلة الواضحة على هذا النمط من الهجرة، هي هجرة الأوروبيين الى المناطق الأخرى المختلفة من العالم. فبدءا من القرن الرابع عشر بدأت عمليات الهجرة من أوروبا، ومع تصاعد عمليات الكشوف الجغرافية في القرن الخامس والسادس عشر بدأت عمليات الهجرة على نطاق واسع من أوروبا إلى باقي مناطق العالم، وبصفة خاصة إلى أمريكا الشمالية وأستراليا.

  إلا أنه بعد الحرب العالمية الثانية أخذت معدلات النمو السكاني في بأوروبا في التباطئ في الوقت الذي بدأت فيه معدلات النمو السكاني في دول العالم الثالث في التزايد مما دفع الى نشوء تيار آخر للهجرة من الدول النامية إلى أوروبا وباقي دول العالم المتقدم. على أنه يلاحظ أن معدلات الخصوبة بين المهاجرين من دول العالم الثالث تكون مرتفعة مما يؤدي إلى أحداث بعض الخلل في التركيبة العرقية للسكان في المناطق التي يهاجرون اليها من ناحية أخرى فإن هجرة الأوروبيين في البداية كانت لاستغلال الأراضي الخالية في العالم الجديد في المناطق التي تنخفض فيها معدلات الكثافة السكانية. أما هجرة السكان من دول العالم النامي الآن فانها تؤدي إلى ارتفاع معدلات الكثافة السكانية، خصوصا بعد استغلال كافة المناطق الصالحة للاستغلال.

  أما على النطاق الداخلي فقد كان عدد سكان المدن أو المناطق الحضرية عموماً صغيراً بالقياس إلى مجموع السكان. ففي عام 1800 كان يعيش حوالي 1% فقط من سكان العالم في مدن يسكنها 100,000 من السكان أو أكثر. وبحلول التسعينات فإن نسبة السكان التي تعيش في المدن من هذا الحجم تزيد عن سكان العالم. وفيما يتعلق بالدول الصناعية يلاحظ أن عملية إعادة توزيع السكان من المناطق الريفية إلى المناطق الحضرية كانت أكثر وضوحاً. على سبيل المثال في عام 1800 كان 10% من سكان انجلترا يعيشون في المناطق الحضرية، أما في عام 1990 فان 90% من السكان في بريطانيا يعيشون في المدن. ونفس هذا النمط من التطور في توزيع السكان يوجد في باقي دول العالم الصناعي.

  أما في دول العالم الثالث فإن النمو في سكان المناطق الحضرية يتم بمعدلات أعلى من تلك المعدلات التي شدتها دول العالم المتقدم.

  ولقد أدى تحسن وسائل الاتصال والمواصلات إلى ايجاد حل لمشكلة نقص العمالة في الأجل القصير وذلك من خلال استيراد العمال من الخارج. فقد أدت الزيادة السكانية في دول العالم الثالث إلى زيادة الضغوط على الموارد المتاحة في هذه الدول، أما في دول العالم المتقدم فقد أدى انخفاض معدل نمو السكان إلى زيادة الطلب على العمالة رخيصة الأجر من دول العالم الثالث. وفي عام 1960 قدر عدد العمال بصفة قانونية والمقيمين في دول العالم المتقدم بحوالي 3,3 مليون عامل. أما في عام 1974 فقد ارتفع الرقم الى 9,5 مليون عامل، ولا شك أن هذه الزيادة في العمالة المهاجرة بصفة قانونية صحبتها زيادة في اعداد العمال المهاجرين بصفة غير قانونية.

  فقد اجتذبت ألمانيا أعداد كبيرة من العمال الأتراك، حيث كانت تحتفظ تركيا بعلاقات جيدة مع ألمانيا في الحربين العالميتين الأولى والثانية، بينما اجتذبت كل من بريطانيا، وفرنسا وهولندا أعداداً كبيرة من العمال من المستعمرات السابقة لهذه البلاد.

  كذلك فتحت الولايات المتحدة أبوابها أمام العمال المهاجرين بصفة مؤقتة من المكسيك بين أعوام 1942 - 1964 وفي بداية السبعينيات والثمانينيات أصبحت الدول العربية البترولية مركزاً كبيراً لجذب العمالة، على سبيل المثال فقد اجتذبت ليبيا والمملكة العربية السعودية أعداداً كبيرة من المصريين والأردنيين وكذلك أعداداً كبيرة من الهنود والباكستانيين. أما في الكويت فقد كان الاعتماد على العمالة المهاجرة بدرجة أكثر حدة. وبالطبع مع تزايد الحاجة إلى العمالة المهاجرة تتزايد أعداد المهاجرين غير القانونيين والذين أصبحوا مشكلة في دول الخليج مع تزايد الطلب على العمالة، ولذلك قامت دول الخليج في أوائل الثمانينيات بحملات مكثفة للحد من وجود العمالة غير القانونية.

مقاييس الهجرة

   تعد الهجرة أصعب الظواهر الديموجرافية من حيث القياس، أو من حيث مدى إتاحة البيانات عن هذه الظاهرة. فهناك عاملان يعملان في التأثير بشكل مضاد على عملية التغير السكاني، وهما الهجرة الى الداخل، والهجرة الى الخارج. فاذا حدث في أي وقت من الاوقات أن زاد أحدهما عن الآخر، فإن ذلك يؤدي إلى إحداث أثار مختلفة على النمو السكاني في المنطقة.

  فمن المعلوم أن التغير السكاني في منطقة ما يحسب من المعادلة الديموجرافية الأساسية الآتية:


                                          Pt  -  Pt-1   =   B - D + I -O

حيث       Pt              =              السكان في العام t
              Pt-1              =              السكان في العام السابق
              B              =              المواليد
              D              =              الوفيات
              I              =              الهجرة الى الداخل
              O              =              الهجرة الى الخارج



  بمعنى آخر فان التغير السكاني يساوي الزيادة الطبيعية في السكان (B - D) مضافاً اليها صافي الهجرة (I - O )، أو الفرق بين السكان الذين يفدون إلى المنطقة والسكان الذين يغادرونها.

 وعادة ما يتم تقدير الهجرة باستخدام ما يسمى بأسلوب البواقي، وذلك من خلال حل المعادلة الديموجرافية الأساسية بالنسبة لصافي الهجرة، أي أن :

                            (I - O)  =  (Pt - Pt-1) - (B-D).



 أي أن أننا أذا طرحنا صافي الزيادة الطبيعية للسكان من التغير الذي يحدث في عدد السكان، فإن الباقي، هو التغير في أعداد السكان الراجع إلى الهجرة.

وفيما يلي نتناول بعض مقاييس الهجرة.

1- معدل الهجرة إلى الداخل

  يقيس معدل الهجرة الى الداخل النسبة بين عدد المهاجرين الى داخل المنطقة وعدد سكان تلك المنطقة كالاتي :



                                      عدد المهاجرين الى الداخل في منطقة معينة
معدل الهجرة الى الداخل  =            ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ  X 1000
                                  إجمالي عدد السكان في تلك المنطقة

 مثال : في عام 1989 إذا كان عدد السكان المهاجرين الى داخل القاهرة 665,480 بينما كان عدد السكان في هذا العام 11,260,000 فإن معدل الهجرة الى الداخل في القاهرة في عام 1989 يكون كالاتي:

                                                          665480
معدل الهجرة الى الداخل  =  ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ   X   59,1
                                                        11260000

      أي أنه في مقابل كل ألف من السكان في عام 1989، كان هناك حوالي 59 شخصاً مهاجراً إلى داخل القاهرة.

2- معدل الهجرة إلى الخارج


       يقيس معدل الهجرة إلى الخارج النسبة بين عدد المهاجرين خارج المنطقة وعدد السكان في تلك المنطقة كالآتي :


                                    عدد المهاجرين الى خارج منطقة معينة
معدل الهجرة الى الخارج   =   ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ   X  1000
                                اجمالي عدد السكان في تلك المنطقة

  مثال : في عام 1989 إذا كان عدد السكان المهاجرين إلى خارج القاهرة 15,650 فإن معدل الهجرة إلى خارج القاهرة عام 1989 يكون كالآتي:

                                                                        15650
معدل الهجرة الى الخارج   =   ــــــــــــــــــــــــ ــــــ X 1000  =  1,4
                                                           11260000

  أي أنه من بين كل ألف من سكان القاهرة هاجر حوالي 1,4 مهاجراً، في عام 1989

3- معدل الهجرة الصافي الخام

  يقيس معدل الهجرة الصافي الخام صافي أعداد المهاجرين في سنة ما لكل ألف شخص ممن السكان ونطلق عليه صافي معدل الهجرة لأنه يقيس الفرق بين أعداد المهاجرين إلى الداخل وأعداد المهاجرين إلى الخارج. فإذا ما تساوى عدد المهاجرين إلى الداخل مع عدد المهاجرين إلى الخارج فإن صافي معدل الهجرة الخام في هذه الحالة يساوي صفراً، حتى بالرغم من أنه قد يكون هناك نشاطاً كبيراً للمهاجرين إلى الداخل والخارج.

                                        عدد المهاجرين الى الداخل عدد المهاجرين الى الخارج
معدل الهجرة الصافي الخام  =  ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ X   1000
  اجمالي عدد السكان

وباستخدام البيانات السابقة فأن معدل الهجرة الصافي الخام في القاهرة 1989 يساوي :

                                  665480  -  15650
معدل الهجرة الصافي الخام   =       ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ   X  1000   =   57,7
                  11260000 

  أي أن صافي معدل الهجرة الخام لكل ألف من السكان يساوي حوالي 58 شخصاً في هذا العام.

  على أن البيانات عادة ما لا تتوافر بهذه الصورة السهلة التي طرحناها في الأمثلة السابقة، لذلك نلجأ إلى المعادلة الديموجرافية الاساسية السابق الإشارة إليها لحساب صافي الهجرة على أساس أنه يساوي الفرق بين التغير في السكان ( Pt - Pt-1 ) مطروحا منه صافي المواليد(B-D).

مثال :

  وفقا للإحصاء العام للسكان في الولايات المتحدة كان هناك 226,505,000 شخص يقيمون في الولايات المتحدة. وخلال الفترة من 1980 الى 1990 كان هناك عدد المواليد 37,447,000 ، وعدد الوفيات 20,626,300. بناءاً على ذلك فإنه باقتراض عدم وجود هجرة، فإن عدد السكان المتوقع وجودهم في الولايات المتحدة عام 1990 يساوي.

:                                          Pt   =   Pt-1  +  (B-D)

أي أن

عدد السكان في عام 1990  =  226505000   +   (37,447000   -   20626300)
                                                =  243325700  شخصا.


  على أن بيانات الإحصاء العام للسكان عام 1990 أبرزت أن عدد السكان في عام 1990 (Pt) يساوي 248,710,000 شخصا.

إذن بادخال هذه البيانات في المعادلة الديموجرافية الأساسية

                            Pt  -  Pt-1   =  (B - D)  +  (I -O)
ومنها
                            (I -O)  =  (Pt  -  Pt-1)  -  (B - D)

              (I  -  O)              =  (248710000  -  226505000)  -  (37447000 - 20626300)
أي أن صافي الهجرة              =  5384300.

أما معدل الهجرة الصافي الخام في هذه السنة فيساوي

                       5384300
معدل الهجرة الصافي الخام              =      ــــــــــــــــــــــــــــــــــ  X 1000   =   21,6
                        248710000
  أي أنه لكل ألف من سكان الولايات المتحدة الأمريكية كان صافي الهجرة حوالي 22 شخصاً عام1990م.

معدل الهجرة

   يعتبر معدل الهجرة عن مدى مساهمة الهجرة في النمو السكاني للمنطقة أو الدولة ويقاس معدل الهجرة بقسمة صافي الهجرة على الزيادة الطبيعية في السكان، كالآتي:


                                                        صافي الهجرة (I - O)
معدل الهجرة               =                      ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ  X  1000
                                             الزيادة الطبيعية في السكان (B - D)

مثال

   من المثال السابق توصلنا إلى أن صافي الهجرة في الولايات المتحدة فيما بين أعوام 1980 - 1990 هو 5,384,300 بينما كان عدد المواليد يساوي 37,447,000، وعدد الوفيات يساوي 20,626,300، وباستخدام هذه البيانات يمكن حساب معدل الهجرة كالآتي:

                                                        5384300
معدل الهجرة              =              ــــــــــــــــــــــــــــــ   X  1000              =              320
                                          37447000 - 20626300

ويعني   ذلك أنه خلال العشر سنوات من 1980 الى 1990 كان هناك 320 مهاجرا أضيفوا إلى سكان الولايات المتحدة الامريكية لكل ألف من السكان الذين أضيفوا من خلال الزيادة الطبيعية.

4 - الهجرة القسرية ومشكلة اللاجئين.

   شهدت فترة ما بعد الحرب العالمية الأولى مولد الهجرة القسرية من جديد بعد أن انتهت بتحريم تجارة جلب العبيد. وتتميز هذه الهجرات بأن السبب الأساسى فيها ينصرف إلى عوامل خاصة بدول الأصل وليس برغبة الدول المستقبلة فى استقدام السكان. كذلك فإن الأسباب الأساسية لها تتمثل فى الأسباب العرقية والايديولوجية وليس للإسباب الاقتصادية.

  وفى أعقاب الحرب العالمية الثانية ازدادت أعداد الدول المستقلة بشكل كبير وترتب على ثورات الاستقلال ملايين من الأفراد اللاجئين. ويعرف اللاجئ بواسطة الأمم المتحدة على أنه الشخص الذي يقيم خارج حدود بلده ولايستطيع أو لا يرغب فى العودة إلى بلده بسبب الخوف من المحاكمة أو الاضهاد القائم على أساس العرق أو الدين أو الجنسية أو لكونه ينتمى لمجموعة اجتماعية معينة أو بسبب أراءه السياسية. ويقدر أعداد هؤلاء خلال هذا القرن بحوالى 100 مليون لاجئ منهم حوالى 15 مليون لاجئ خلال الثمانينيات. وتتعدد أسباب الهجرة القسرية والتى يمكن تلخيصها فى الآتى:

أ - حروب الاستقلال.

   فيما بين الخمسينيات ومنتصف السبعينيات تضاعفت أعداد الدول المستقلة ثلات أضعاف ونتج عن ذلك تحركات كبيرة لهؤلاء اللاجئين. وعادة ما كانت الدول المجاورة تساعد الدول التى تحاول الاستقلال فى صراعها خصوصاً عند توقع نجاح حركات الاستقلال عودة المهاجرين مرة أخرى الى بلادهم.

ب - الصراعات الدولية

   تعد الحربين العالميتين مسئولتان عن معظم حركات اللجوء فى أوروبا. كذلك ترتب على الصراعات بين الدول إلى تزايد تدفقات اللاجئين مثال ذلك الصراع العربى الإسرائيلى والذى ترتب عليه لجوء عدد كبير من الفلسطينيين، والصراع بين اثيوبيا والصومال والغزو الفيتنامى لكموديا فى1978 والاحتلال الروسى لافغانستان الذى خلف حوالى 3 مليون لاجئ فى منتصف الثمانينيات فى باكستان والغزو العراقى للكويت.

ج - الثورات والحروب الأهلية .

   عادة ما تبدأ الموجة الأولى من الهجرة القسرية نتيجة لأحداث العنف التى تصحب مثل هذه الأحوال ثم تأخذ الموجات التالية فى التزايد نتيجة خوف المجموعة المنهزمة فى الصراع من الاضطهاد من جانب المجموعة التى انتهى الصراع لصالحها. ومن أمثلة هذه الهجرات موجات الهجرة التى صاحبت الحرب الأهلية الأمريكية والثورات الفرنسية والروسية والصينية. وكذلك الهروب من تتبع الأنظمة الحاكمة فى فيتنام وكموديا وموجات المهاجرين الشيليين التى تبعت الإطاحة بالرئيس السابق اللندى ( 1973 ) واللاجئين الكوبيين والنيكاراجويين الذين هاجروا بعد ثورات 1959 و 1979على التوالى كذلك خلفت الصراعات الاهلية فى أفريقيا لفترات طويلة مآسى انسانية ناتجة عن تدافع اللاجئين الى خارج بلادهم هربا من الاضطرابات الداخلية مثال ذلك الحروب الأهلية فى أثيوبيا والسودان وتشاد وأوغندا وموزمبيق وانجولا والصومال.

د - الصراعات العرقية.

  يعد مطلب النقاء العنصرى Ethnic Purity من العوامل التى سادت حركات اللاجئين فى أوروبا فى بداية هذا القرن. كذلك حدث أحياء لمثل هذه الأسباب فى الثمانينيات فى روسيا مثال ذلك الصراعات بين جمهوريات ارمينيا وأذربيجان وجورجيا واوزباكستان وكذلك بعد تفكك الكتلة الشرقية حدث الصراع بين المسلمين والصرب والكروات فى يوغوسلافيا السابقة. من أمثلة ذلك أيضا طرد قبائل التوتسى من رواندا وقبائل الهوتو من بورندى.

هـ - تفكك الدول.

  لقد أدى تفكك شبه القارة الهندية إلى هجرة ما بين 6 - 7 مليون مسلم من الهند إلى باكستان ونفس العدد تقريبا من الهندوس والسيخ من باكستان نحو الهند. ومن الأمثلة الأخرى تقسيم كوريا وفيتنام فى الخمسينيات وانفصال بنجلاديس عن باكستان فى 1971 وتقسيم قبرص عام 1974. 

5 - هجرة العمالة

  تسلم النظريات الكلاسيكية والنيوكلاسيكية للهجرة بأن السكان ينتقلون أساساً من المناطق التى يتزايد فيها العرض من العمال وينخفض فيها مستوى الأجر إلى المناطق التى يتزايد فيها الطلب على العمال ويرتفع فيها مستوى الأجر. على أن استمرار تيار الهجرة سوف يؤدى إلى انخفاض ضغوط البطالة فى الدول المرسلة ومن ثم ميل مستويات الأجور إلى الارتفاع. كذلك فأن ازدياد العرض من العمل فى الدول المستقبلة سوف يؤدى إلى ميل مستويات الأجور إلى الانخفاض وهكذا تتلاشى الفروق فى مستويات متوسط دخل الفرد بين كل من الدول المرسلة والمستقبلة فيتوقف تيار الهجرة. على أن نتائج هذا التحليل ليست مضمونة من الناحية الواقعية لأن هناك عوامل كثيرة اقتصادية وسياسية تحول دون حدوث مثل هذا التساوى فى مستويات متوسط الدخل بين الدول المرسلة والمستقبلة.

  أن استفادة الدول المستقبلة من الهجرة تشمل عدة عناصر. من ذلك قدرة أصحاب العمل على تشغيل العمال لوقت أطول ( إلا إذا كانت تشريعات العمل صارمة بالشكل الذى يحول دون استغلال العمال المهاجرين )، وميل الأجور نحو الانخفاض، والزيادة فى إنتاجية العمل من خلال مزج الأساليب التكنولوجة الحديثة مع العمل. كذلك من الممكن أن يحصل أصحاب الأعمال على أرباح اضافية من خلال تخفيض كمية رأس المال الثابت المستثمر فى عملية الإنتاج مثلما هو الحال فى استخدام أساليب الإنتاج كثبفة العمل. فمما لا شك فيه أن درجة كثافة رأس المال فى العملية الإنتاجية للدول المستقبلة للهجرة سوف تكون أكبر فى حالة غياب الهجرة. وعلى ذلك فإن الهجرة إلى الدول المستقبلة تقلل من الحاجة إلى الاستثمار الرأسمالى.

   أما فيما يتعلق بظروف العمل للمهاجرين فعادة ما يعمل هؤلاء المهاجرين فى قطاعات مثل الانشاء والخدمات والزراعة وفى الصناعات ذات القدرة التنافسية المنخفضة. ويكثر استخدام العمال المهاجرين فى القطاعات التى تخضع لظاهرة الموسميةٍSeasonality . على سبيل المثال فأن صناعة البناء من الصناعات التى ترتبط بالدورات الاقتصادية. ففى أوروبا فى الستينيات اعتمدت صناعة الإنشاء فى المملكة المتحدة على أعداد كبيرة من العمال الايرلنديين. وفى المانيا ( الغربية سابقا ) اعتمدت صناعة البناء على عمال من يوغوسلافيا ( السابقة ). وفى سويسرا تم الاعتماد على عمال البناء الإيطاليين، وكذلك اعتمدت صناعة البناء فى فرنسا على عمال البناء الأسبانيين والبرتغاليين وعمال البناء من شمال أفريقيا. كذلك من الناحية التاريخية يتم توظيف العمال الأجانب فى عمليات جنى المحاصيل ثم يعودون إلى بلادهم فور انتهاء عمليات الجنى. على سبيل المثال اعتمدت الزراعة فى كاليفورنيا على العمال الصينيين والهنود والفلبنينيين وحديثاً على العمال المكسيكيين لتعويض النقص فى عمال الزراعة. كذلك اعتمدت ولايات الساحل الشرقى فى الولايات المتحدة على العمال المهاجرين من جزر البحر الكاريبى. من ناحية أخرى فقد اعتمدت صناعة المنسوجات والملابس فى بداية هذا القرن على العمال المهاجرين فى كثير من الحالات على العمال المهاجرين من أوروبا. وبصفة عامة نجد أنه فى كثير من الحالات عادة ما يكون العمال المهاجرين تحت ظروف تجعلهم يقبلون أعمالاً يرفضها العمال المحليين.

   كما أن العمال المهاجرين فى الصناعات كثيفة الاستخدام لعنصر العمل وفى قطاعات الإنتاج ذات القدرة التنافسية الأقل يساعدون على زيادة مستوى الانتاج دون الحاجة إلى استثمار الارباح فى عمليات الميكنة فى المصانع. مثال ذلك صناعات البناء والفنادق والمطاعم والخدمات الأخرى التى يصعب أن نحصل فيها على وفورات للحجم بسبب الحاجة إلى جعل حجم المشروع صغيراً.

   على أن المنافع على البلد المستقبل لا تقتصر فقط على التحليل الاقتصادى لمنفعة المشروعات بل أيضاً تمتد لتشمل المنافع على مستوى الكلية للمجتمع الناتجة عن الهجرة. ومن هذه المنافع انخفاض التكاليف الاجتماعية للانتاج. وتنصرف التكاليف الاجتماعية للإنتاج إلى الاستثمارات الفردية والعامة فى مجالات اللتعليم والصحة والإسكان وغيرها من نفقات الرفاهية اللازمة لعملية الإنتاج. ومثل هذه النفقات تنخفض بصورة كبيرة جداً من خلال استخدام العمال المهاجرين. فبصفة عامة نجد أن العمال المهاجرين عادة مايكونون صغار فى السن ولا يصحبون عائلاتهم معهم ( أو غير متزوجين أصلاً ) ، ومن ثم فأن تكاليف تدريب وتعليم هؤلاء العمال عادة ما تكون صغيرة جداً إذ أنها من الناحية الفعلية تمت من خلال الدول المرسلة وهو ما يعنى من الناحية الواقعية أن دول الأصل لا ترسل فقط عمالها المدربين بتكاليف أقل ولكنها أيضا ترسل مع هؤلاء العمال رأسمال اجتماعى متمثل فى ما يحمله هؤلاء العمال من مهارات وتعليم وتدريب. ومما لا شك فيه أن هذه العوائد تعد مرتفعة خصوصاً كلما ارتفع مستوى المهاجر التعليمى أو التدريبى وهى أيضاً تكاليف ترتفع بمرور الوقت. على سبيل المثال فى دراسة لوزارة الزراعة الأمريكية قدرت أن تكاليف تنشئة طفل ولد عام 1960 حتى سن الثامنة عشر سنة تصل الى 34 الف دولاراً. بينما تصل تكلفة تنشئة نفس الطفل المولود عام 1979 إلى 165 ألف دولاراً ( بما فى ذلك النفقات العامة ). وتشكل هذه التكاليف تكاليف تنشئة عامل بمستوى منخفض من المهارات. ولا شك إذا ارتفعت مستويات التعليم والتدريب فأن ذلك سيعنى تضاعف هذه النفقات يعتمد ذلك على السنوات التى يقضيها الفرد فى التعليم والتدريب. وفى دراسة لمنظمة التعاون الاقتصادى والتنمية OECD قدرت تدفق راس المال الاجتماعى المجسد فى العمال المهاجرين إلى أوروبا بحوالى 50 مليون دولاراً سنوياً وذلك فى بداية السبعينيات من هذا القرن. وهو ما يعنى أن نزيف المهارات المرتبط بالهجرة يصاحبة أيضاً نزيف لرأس المال من الدول المرسلة إلى الدول المستقبلة.

   وتعتمد تكاليف الهجرة الخارجية على نوعية المهاجرين إلى الخارج، فلابد وأن نفرق أساساً بين هجرة المهرة من العمال، وهجرة غير المهرة. إذ أن هجرة المهرة تعني فقدان دولة الأصل لأحد مواردها النادرة وهو رأس المال البشري الماهر. ولذلك يطلق على هجرة العمال المهرة والمتعلمين استنزاف العقول "Brain Drain". أما الخسارة الرئيسية لهجرة رأس المال البشري الماهر فهي أولا أن عملية تعليم وتدريب هؤلاء المهاجرين أخذت وقتاً طويلاً وقدراً هائلاً من الانفاق التعليمي المدعم بواسطة الدولة الأصل، ومن ثم تصبح هجرتهم إلى الخارج عملية مكلفة لدولة الأصل. وبهجرة هؤلاء إلى الخارج تخسر الدولة الأم الخدمات التي يؤدونها، أو النقص في الإنتاج الناجم عن هجرتهم فضلاً عن ذلك فإن عملية احلال هؤلاء المهاجرين بأفراد جدد ستكون أيضاً مكلفة للدولة الأم. وبهذا الشكل تؤدي الهجرة إلى سوء في توزيع الدخل بين دول المهجر ودول المصدر لصالح دول المهجر. لذلك اقترح الاقتصادي باجواتي Bhagwati بفرض ضريبة على "نزيف العقول" تفرض على دول المهجر وتحصل بواسطة حكومات دول المهجر ثم يعاد توجيه هذه الضريبة إلى الدول الأم كنوع من التعويض عن خسارة المهارات الناجمة عن هجرة رأس المال البشري.على العكس من ذلك فأن هجرة العمال غير المهرة أحد المكاسب لدول المصدر، فأولا نجد أن هذه النوعيات من العمل تكون دائماً في حالة فائض في دولة الأصل، ومن ثم لا تشعر الدولة الأصل بخسارة ناجمة عن هجرة هؤلاء العمال. على العكس من ذلك فإن هؤلاء العمال عادة ما يقومون بتحويل جزء من أجورهم إلى أسرهم التي تركوها عند هجرتهم في دولة الأصل. كذلك فإن هناك احتمال أن يعود هؤلاء العمال بعد فترة وقد ارتفعت مستويات مهاراتهم بسبب أي تدريب يكونون قد تلقوه في الخارج.

6 - الهجرة وإعادة توزيع سكان العالم

  مع زيادة عملية النمو السكاني بمعدلات مختلفة بين المناطق المختلفة من العالم زادت الضغوط حول الرغبة في الهجرة. والهجرة عادة ما تكون من مناطق النمو السكاني المرتفع إلى مناطق النمو السكاني المنخفض. على سبيل المثال من المكسيك إلى الولايات المتحدة الأمريكية. أما في داخل حدود الدولة فأن الهجرة عادة ما تتم أيضاً من المناطق الريفية ذات معدلات النمو السكاني المرتفع إلى المناطق الحضرية. وفي القرون الماضية أدت الزيادة السكانية في منطقة ما ترتفع فيها معدلات الكثافة السكانية إلى هجرة سكان هذه المنطقة إلى المناطق الأخرى من العالم حيث تقل درجات الكثافة السكانية. ولعل أهم الأمثلة الواضحة على هذا النمط من الهجرة، هي هجرة الأوروبيين إلى المناطق الأخرى المختلفة من العالم. فبدءا من القرن الرابع عشر بدأت عمليات الهجرة من أوروبا، ومع تصاعد عمليات الكشوف الجغرافية في القرن الخامس والسادس عشر بدأت عمليات الهجرة على نطاق واسع من أوروبا إلى باقي مناطق العالم، وبصفة خاصة إلى أمريكا الشمالية واستراليا.

  إلا أنه بعد الحرب العالمية الثانية أخذت معدلات النمو السكاني في بأوروبا في التباطئ في الوقت الذي بدأت فيه معدلات النمو السكاني في دول العالم الثالث في التزايد مما دفع إلى نشوء تيار آخر للهجرة من الدول النامية إلى أوروبا وباقي دول العالم المتقدم. على أنه يلاحظ أن معدلات الخصوبة بين المهاجرين من دول العالم الثالث تكون مرتفعة مما يؤدي إلى أحداث بعض الخلل في التركيبة العرقية للسكان في المناطق التي يهاجرون اليها من ناحية أخرى فإن هجرة الأوروبيين في البداية كانت لاستغلال الأراضي الخالية في العالم الجديد في المناطق التي تنخفض فيها معدلات الكثافة السكانية. أما هجرة السكان من دول العالم النامي الآن فإنها تؤدي إلى ارتفاع معدلات الكثافة السكانية، خصوصاً بعد إستغلال كافة المناطق الصالحة للاستغلال.

  ولقد أدى تحسن وسائل الاتصال والمواصلات إلى ايجاد حل لمشكلة نقص العمالة في الأجل القصير وذلك من خلال استيراد العمال من الخارج. فقد أدت الزيادة السكانية في دول العالم الثالث إلى زيادة الضغوط على الموارد المتاحة في هذه الدول، أما في دول العالم المتقدم فقد أدى انخفاض معدل نمو السكان إلى زيادة الطلب على العمالة رخيصة الأجر من دول العالم الثالث. وفي عام 1960 قدر عدد العمال بصفة قانونية والمقيمين في دول العالم المتقدم بحوالي 3.3 مليون عامل. أما في عام 1974 فقد ارتفع الرقم إلى 9,5 مليون عامل، ولا شك أن هذه الزيادة في العمالة المهاجرة بصفة قانونية صحبتها زيادة في أعداد العمال المهاجرين بصفة غير قانونية.

  فقد اجتذبت ألمانيا أعداداً كبيرة من العمال الأتراك، حيث كانت تحتفظ تركيا بعلاقات جيدة مع ألمانيا في الحربين العالميتين الأولى والثانية، بينما اجتذبت كل من بريطانيا، وفرنسا وهولندا أعداداً كبيرة من العمال من المستعمرات السابقة لهذه البلاد.

  كذلك فتحت الولايات المتحدة أبوابها أمام العمال المهاجرين بصفة مؤقتة من المكسيك بين أعوام 1942 - 1964 وفي بداية السبعينيات والثمانينيات أصبحت الدول العربية البترولية مركزاً كبيراً لجذب العمالة، على سبيل المثال فقد اجتذبت ليبيا والمملكة العربية السعودية أعداداً كبيرة من المصريين والأردنيين وكذلك أعداداً كبيرة من الهنود والباكستانيين. أما في الكويت فقد كان الاعتماد على العمالة المهاجرة بدرجة أكثر حدة. وبالطبع مع تزايد الحاجة إلى العمالة المهاجرة تتزايد أعداد المهاجرين غير القانونيين والذين أصبحوا مشكلة في دول الخليج مع تزايد الطلب على العمالة، ولذلك قامت دول الخليج في أوائل الثمانينيات بحملات مكثفة للحد من وجود العمالة غير القانونية.

7 - تحويلات المهاجرين

1-7 - طبيعة التحويلات.

تتمثل تحويلات العمال المهاجرين في التدفقات الآتية:

1 - النقود السائلة التي يتم إرسالها من خلال القنوات الرسمية ( البنوك ).

2 - النقود السائلة التي يتم إرسالها من خلال القنوات غير الرسمية، أي من خلال السوق السوداء للنقد الأجنبي في دول الأصل، أو غير ذلك من الوسائل غير الرسمية لإرسال التحويلات.

3 - النقود السائلة التي يحملها المهاجر بصحبته إلى دولة الأصل.

4 - السلع التي يتم إرسالها إلى دولة الأصل مثل الهدايا، أو السلع الأخرى المستوردة إلى دولة الأصل والممولة من خلال استخدام تحويلات المهاجرين.

5 - الأموال المدفوعة من جانب المهاجرين نيابة عن أفراد أسرهم. على سبيل المثال مدفوعات تذاكر الطيران وغيرها من تكاليف السفر، وتكاليف زيارة أفراد الأسرة أو غيرهم.

  وتساعد التحويلات الدول المصدرة للعمالة على التخفيف من حدة اختناقات الصرف الأجنبي في هذه الدول وتحسين موقف ميزان المدفوعات. كما تمكن دول الأصل من استيراد السلع الرأسمالية اللازمة لعمليات الاستثمار وتكوين رأس المال. فضلاً عن أنها ترفع من مستويات الاستهلاك والمعيشة للمهاجرين وعائلاتهم، وتعمل على تحسين هيكل توزيع الدخل في الدول المصدرة للعمالة، خصوصاً إذا تركزت الهجرة بين العمال الفقراء وغير المهرة.

  أما بالنسبة للدول المستوردة للعمالة، فأن التحويلات تمثل استنزافاً لمصادر الصرف الأجنبي المتاحة لديها، وتمارس أثراً سلبياً على موازين مدفوعات هذه الدول، خصوصا في الحالات التي تكون فيها موارد الصرف الأجنبي محدودة. كما أن هذه التدفقات الخاصة عادة ما لا تتسم بالانتظام، وهو ما يجعلها عرضة لتقلبات عنيفة في مستوياتها، يعتمد ذلك على توقعات المهاجرين حول المستقبل، سواء في الدول المصدرة أو الدول المستوردة للعمالة. الأمر الذي قد يعرض موازين مدفوعات هذه الدول المستوردة لعدم الاستقرار إذا ما طرأ من العوامل ما يدفع المهاجرين نحو زيادة عمليات التحويل. كما أن هذه التحويلات تسهم في تعميق أثر أية أزمة اقتصادية أو سياسية طارئة تتعرض لها هذه الدول، وذلك من خلال تزاحم المهاجرين على تحويل مدخراتهم إلى الخارج لتفادى الآثار الناتجة عن هذه الأزمات في الدول المستوردة للعمالة.

2-7 - محددات التحويلات.

  تعتمد تحويلات العمال المهاجرين على ثلاث مجموعات من العوامل، وهى العوامل التي تنصرف إلى العمال المهاجرين أنفسهم، والعوامل التي تنصرف إلى الدول المستوردة للعمالة، والعوامل التي تنصرف إلى دول الأصل. ولا يجب الخلط بين هذه العوامل ومجموعة العوامل المؤثرة على الهجرة ذاتها، والتي يطلق عليها عوامل الدفع والجذب، إذ تنصرف هذه العوامل الأخيرة إلى محددات قرار الهجرة والانتقال من دولة الأصل إلى الدول المستوردة للعمالة. وفيما يلي نتناول العوامل المؤثرة على التحويلات بشيء من التفصيل.

7 -1-2 العوامل التي تنصرف إلى العمال المهاجرين.

  تنصرف هذه العوامل إلى الخصائص الديموجرافية للمهاجرين، مثل العمر، والنوع، ومستوى التعليم، والحالة الاجتماعية، وعدد الأطفال، وعدد أفراد الأسرة المقيمين فعلا مع المهاجر في الدولة المضيفة، وطبيعة الصلات التي تربط بين المهاجر وأفراد عائلته في دولة الأصل. كذلك فأن المستوى الوظيفي للمهاجر يلعب دوراً هاماً في تدفق التحويلات إلى دولة الأصل. فالعمال ذوى المستويات الوظيفية العليا عادة ما يصطحبون أسرهم إلى الدول المستوردة للعمالة، ومن ثم يتوقف ذلك الجزء من تحويلاتهم الذي يتم لتمويل احتياجات أسرهم في دولة الأصل. كذلك فأن وعى هؤلاء المهاجرين بفرص الاستثمار في الداخل والخارج قد يجعلهم يعزفون عن تحويل مدخراتهم إلى بلادهم إذا كانت فرص الاستثمار المربح في هذه الدول محدودة. أما بالنسبة للعمال ذوي المستويات الوظيفة المنخفضة، فأنهم عادة ما يقومون بتحويل مدخراتهم إلى دولة الأصل لتمويل احتياجات أسرهم، كما أن نقص وعيهم بفرص الاستثمار المتاحة خارج دولهم يدفعهم إلى تحويل جميع مدخراتهم إلى دول الأصل عند انتهاء إقامتهم في الدولة المضيفة.

2-2-7 - العوامل التي تنصرف إلى الدول المستوردة للعمالة.

  بالرغم من أنه قد يبدو أن التحويلات تتحدد بالسلوك الخاص للعمال المهاجرين، إلا أن العوامل الخاصة بالدول المستوردة للعمالة تلعب دورا هاما في تحديد معدلات تدفق التحويلات إلى خارج هذه الدول. فتحويلات العمال المهاجرين لا تعد متغيرا خارجياExogenous بالنسبة لاقتصاديات الدول المستوردة للعمالة. فلا شك أنه في إطار أي نموذج اقتصادي كلى كبير الحجم لاقتصاد دولة ما من الدول المستوردة للعمالة، سوف تعد التحويلات أحد المتغيرات الداخلية Endogenous، أي تلك التي تتحدد من داخل النموذج. إذ أن المتغيرات الاقتصادية للدولة المضيفة تلعب أيضاً دوراً هاماً في تحديد حجم التدفق الصافي للتحويلات إلى الخارج. وبصفة عامة يعتمد التدفق الخارجي للتحويلات من الدول المستوردة للعمالة على مجموعة متنوعة من العوامل.

فأولاً: إن معدل النمو الاقتصادي ودرجة التقلب في النشاط الاقتصادي للدولة المضيفة يؤثران على الطلب على العمال المهاجرين. فبالرغم من أن الطلب على العمال المهاجرين يعتمد على ظروف فائض الطلب في أسواق العمل لهذه الدول، فانه بفرض أن العرض من العمال المهاجرين مرن مرونة لانهائية، وهو ما ينطبق إلى حد كبير على ظروف عرض العمال المهاجرين إلى الدول العربية النفطية، فان معدلات النمو الاقتصادي ودرجة التقلب في مستوى النشاط الاقتصادي في هذه الدول سوف تحدد إجمالي كمية العمال المهاجرين. وبشكل عام فان معدلات النمو الاقتصادي تحدد مستويات الأجور التي يحصل عليها المهاجرون من خلال وظائفهم

ثانياً: إن معدل التضخم في الدولة المضيفة يحدد كمية المدخرات التي يمكن أن يحققها العمال أثناء إقامتهم فيها. إذ يترتب على ارتفاع معدل التضخم في الدولة المضيفة تخفيض مستوى الأجور الحقيقية للعمال المهاجرين ومن ثم مستويات مدخراتهم وتحويلاتهم بالتبعية. ويرجع السبب في ذلك إلى أن التغيرات في الأجور الحقيقية للعمال المهاجرين عادة ما لا تتماشى مع التغيرات في مستوى الأسعار في الدول المستوردة للعمالة.

ثالثاً: إن معدلات العائد على الأصول الاستثمارية المختلفة ، وبصفة خاصة الأصول المالية، في الدول المستوردة للعمالة تؤثر على اتجاه العمال المهاجرين نحو تحويل مدخراتهم إلى دول الأصل. إذ عادة ما يقبل المهاجرون على استثمار مدخراتهم في أصول ترتفع درجة سيولتها بشكل عام حتى تسهل عملية تحويل المدخرات إذا ما طرأ من العوامل ما يقتضي العودة السريعة للعمال. وقد تبدو أهمية هذا العامل أكثر وضوحاً في حالة دول الخليج بالمقارنة بالدول الأخرى المستقبلة للعمالة في العالم. حيث تتسم الهجرة إلى دول الخليج أساساً بأنها هجرة مؤقتة. ذلك أن احتمالات حصول المهاجرين على حق الإقامة الدائمة أو الجنسية، بعكس الحال في باقي الدول المستوردة للعمالة، تعد شبه مستحيلة. ومن ثم ينخفض الحافز لدى المهاجرين نحو محاولة استثمار مدخراتهم في أصول استثمارية طويلة الأجل في هذه الدول. أما في الأجلين القصير والمتوسط فان هناك إمكانية أن يحاول المهاجرون الاستفادة من فروق معدلات العائد على الاستثمارات المالية قصيرة ومتوسطة الأجل بين الدول النفطية والخارج.

رابعاً: إن التحويلات من الدول المستوردة للعمالة تعتمد أيضاً على نظرة هذه الدول إلى تحويلات العمال من حيث هيكل القيود الرقابية المفروضة من جانبها على عمليات التحويل. وبالنسبة للدول النفطية فإننا نجدها تنقسم إلى قسمين، القسم الأول وتقع فيه كل من ليبيا والعراق، واللتان تشترطان ألا يزيد ما يتم استبداله من عملتها المحلية إلى عملات أجنبية للعمال المهاجرين عن نسبة معينة من إجمالي الأجور السنوية لهؤلاء العمال. فقد كان العراق يفرض حدا أقصى حول النسبة التي يمكن تحويلها من الدخل السنوي بـ 75%. ومع قيام الحرب العراقية الإيرانية تم تخفيض هذه النسبة إلى 50%. كذلك أدت الصعوبات المالية التي واجهها العراق إلى الحد من تدفق التحويلات العينية إلى الخارج. أما في ليبيا فان النسبة تتمثل في تحويل 60% على الأكثر من الدخول المكتسبة في ليبيا، والتي تتم حالياً بالفرنك السويسري، بسبب ظروف العلاقات السياسية بين ليبيا والولايات المتحدة الأمريكية. ولقد ترتب على هذه السياسات من جانب العراق وليبيا زيادة التحويلات العينية خارج هذه الدول، وكذلك زيادة عمليات تهريب الصرف الأجنبي من جانب العمال، وذلك في حالة تجاوز مدخرات المهاجرين الحد الأقصى المسموح به للتحويل. كذلك أدت هذه السياسات إلى إنعاش عمليات بيع السلع الاستهلاكية والمعمرة في مواسم إجازات المهاجرين، وهو ما ساعد على إنعاش القطاعات التجارية بها.

  أما القسم الثاني فتقع فيه باقي الدول النفطية، حيث لا تفرض هذه الدول قيوداً من أي نوع أمام هذه التدفقات الخارجية للتحويلات. كذلك فان دخول العمال المهاجرين ليست خاضعة للضرائب على الدخل أو غيرها من الرسوم. أكثر من ذلك فأن المهاجرين يستفيدون و إلى حد كبير من برامج الرفاهية التي تتبناها هذا الدول. حيث يدفعون السعر المدعم لكافة السلع والخدمات المدعمة في الغالب. وقد لا يقتصر ذلك الأمر على العامل المهاجر فقط وإنما يمتد إلى باقي أفراد أسرته. ويؤدى ذلك إلى رفع مستويات الدخل الحقيقي للعمال المقيمين في هذه الدول. وربما تلعب وفرة موارد الصرف الأجنبي دوراً هاماً في تبنى هذه الدول لهذه النظرة نحو التحويلات. غير أنه من الواضح أن وفرة موارد الصرف الأجنبي للدول العربية النفطية ليست مضمونة على المدى الطويل.

  وأخيرا فأن درجة الاستقرار السياسي للدولة المضيفة تلعب دوراً هاماً في التأثير على ميل المهاجرين نحو تحويل مدخراتهم إلى الخارج. فكلما ازدادت درجة الاستقرار السياسي للدولة المضيفة كلما مال المهاجرون نحو تأجيل قرار التحويل للمدخرات. على سبيل المثال فقد أدى العدوان العراقي على الكويت وعودة ملايين العمال من الكويت والعراق وباقي دول الخليج إلى إحداث زيادة كبيرة في مستوى التحويلات التي تتم خارج الدول العربية النفطية، وبصفة خاصة بالنسبة للملكة العربية السعودية، ليس فقط أثناء الأزمة، وإنما أيضاً في أعقاب الأزمة كما سنرى فيما بعد.

3-2-7 - العوامل الخاصة بالدول المصدرة للعمالة.

   فيما يتعلق بدول الأصل يفترض أن المهاجرين يقومون باتخاذ العديد من القرارات المتصلة بمدخراتهم. إن على المهاجر أولا أن يحدد ما إذا كان سيحتفظ بمدخراته في الخارج أو سيرسلها إلى دولة الأصل. فإذا ما قرر المهاجر تحويل هذه الأموال إلى دولة الأصل، فأن هناك قراراً أخر لا بد وأن يقوم به وهو ما يتعلق باختيار القنوات الرسمية أو القنوات غير الرسمية للتحويل. كذلك فان هناك قراراً مكملاً والمتعلق بما إذا كان التحويل سيتم بالعملة المحلية لدولة الأصل أو بالعملات الأجنبية. إن هذه القرارات تعتمد على مجموعة من العوامل المرتبطة بدولة الأصل.

  ويقوم المهاجرون بتحويل مدخراتهم أساساً لغرضين؛ الأول هو توفير الاحتياجات المعيشية للأسرة في دولة الأصل، والثاني لأغراض الاستثمار في دولة الأصل. وتعد التحويلات لأغراض توفير احتياجات الأسرة من العناصر المهمة المتعلقة بقرار الهجرة أساساً. وعادة ما لا يتأثر هذا الجزء من تحويلات المهاجرين بأي من الحوافز المختلفة في الدولة المضيفة والتي قد تهدف إلى الحد من عمليات التحويل. كما لا تتأثر بالحوافز في دول الأصل والتي تهدف إلى زيادة عمليات التحويل. وتلعب مستويات الدخول في دولة الأصل الدور الأساسي في تحديد مقدار هذه التحويلات. وبما أن هذه التحويلات سوف تستخدم لدعم استهلاك الأسرة في دول الأصل، فأن انخفاض مستويات الدخول هناك سوف يدفع بالمزيد من التحويلات للمحافظة على مستويات المعيشة للأسر في دولة الأصل.

  ويلعب معدل التضخم دوراً أساسياً في تقلبات الدخول الحقيقية بالنسبة للكثير من الدول المصدرة للعمالة. ومن ثم يؤدى ارتفاع معدلات التضخم في دول الأصل إلى تشجيع المهاجرين نحو تحويل كميات أكبر للمحافظة على مستويات الاستهلاك. غير أن المناخ التضخمي في دولة الأصل يؤدى غالباً إلى تخفيض قيمة العملة المحلية في النهاية. وعندما يتم التخفيض، فأن الضغوط نحو تحويل كميات أكبر من المدخرات سوف تقل. إذ أن كمية المدخرات التي سيتم تحويلها - بالعملات الأجنبية - سوف يتم استبدالها بكميات أكبر من العملات المحلية.

  من ناحية أخرى فإن التحويلات لأغراض الاستثمار تعكس فروق معدلات العائد على الأصول المالية بين الدولة المضيفة ودولة الأصل. فإذا كانت معدلات العائد في دولة الأصل أقل من الدولة المضيفة، فان المهاجرين سوف يفضلون الاحتفاظ بمدخراتهم في الخارج. ومن المفترض أن يكون المهاجر هجرة مؤقتة مهاجراً لهدف، حيث يتمثل الهدف في هذه الحالة في تكوين قدر محدد من المدخرات ثم العودة مرة أخرى إلى دولة الأصل. ومع ذلك فانه في ظل ظروف الهجرة المؤقتة سوف يكون أمام المهاجر خيار الاحتفاظ بأمواله في الدولة المضيفة حتى عودته، ويقوم بتحويل قدر صغير منها لأغراض إعالة الأسرة. وبالطبع كلما ازدادت مدة إقامة المهاجر أو توقع إقامته لفترة طويلة، فانه يصبح أكثر اندماجاً في الدولة المضيفة، ومن ثم يقل احتمال إرساله مدخراته إلى دولة الأصل بصفة دورية. وفى حالة الهجرة الدائمة فإن التحويلات إلى دولة الأصل تتوقف تماماً. من ناحية أخرى فانه من المتوقع أن تعتمد التحويلات لأغراض الاستثمار على مستويات النشاط الاقتصادي في دولة الأصل. فكلما ازدادت مستويات النشاط الاقتصادي في دولة الأصل كلما ازدادت التحويلات لأغراض الاستثمار. 

  وتعد موارد الصرف الأجنبي محدودة في العديد من دول الأصل، كما أنها من الأصول المرغوب فيها من جانب الأفراد، بصفة خاصة في الدول التي تكون معدلات الصرف مغالى فيها Overvalued. ويعد التحويل من خلال القنوات الرسمية أو غير الرسمية من القرارات ذات الأهمية الحيوية للعديد من دول الأصل، بصفة خاصة عندما تكون معدلات الصرف مثبتة Pegged. ففي الدول التي تكون فيها الأسواق السوداء للصرف الأجنبي، نشطة فان المهاجرين سوف يكون لديهم فرصة لتحويل مدخراتهم من خلال هذه الأسواق، أو من خلال القنوات الرسمية. ويعتمد هذا القرار على الفروق الموجودة بين معدلات الصرف السائدة في السوقين. وكلما أصبحت الفروق بين هذين السوقين جوهرية فإن نسبة التحويلات التي تتم من خلال السوق السوداء للنقد الأجنبي سوف تزداد. إذ توفر هذه الفروق حافزاً قوياً لتفضيل القنوات غير الرسمية.

  وقد توجد عدة متغيرات أخرى والتي يمكن أن تحد من التحويلات عبر القنوات الرسمية مثل هيكل المخاطرة في دولة الأصل والمتصل بمعدلات الضريبة على الدخول وغيرها من العوامل. كذلك فأن هناك بعض الأبعاد الأخرى المهمة لتدفق التحويلات مثل عدم الاستقرار السياسي لدولة الأصل.  



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا