اتجاه منهج الجغرافيا على أعتاب القرن الحادي والعشرين
أ . د . مضر خليل العمر
وحدة الابحاث المكانية – جامعة ديالى
1- توطئة
منذ ردح من الزمن كان المنهج الدراسي يحتوي معلومات وحقائق و مفاهيم منظمة في صيغة مواد دراسية موزعة على سني الدراسة ومراحلها ، وذلك لأن المادة الدراسية كانت هي الغاية والوسيلة في آن واحد . ( اللقاني وزميله ، 9، 1989) فالهدف كان مجرد اكتساب معرفة وليس الإعداد أو التأهيل العلمي المنهجي . لذا أقتصر الأمر على عملية الحفظ والاستظهار دون غيرهما من العمليات الذهنية الأخرى التي تجعل للتعليم متعة ومعنى .
أما النظرة التي اعقبت ذلك ، حسب رأي ريان ، فترى أن المنهج يتضمن كل خبرات التلميذ التي تنظمها المدرسة وتشرف عليها سواء اتخذت تلك الخبرات مكانها داخل جدران المدرسة أو خارجها . فالمنهج ليس مجرد شئ يتعلمه التلميذ ، وليس مجرد اكتساب للتراث المعرفي البشري ، كما أنه لا قيمة له في ذاته ، بل هو وسيلة وليس غاية ، ويجب أن ينظر اليه بهذا الاعتبار لتجنب الأخطاء التي يقع فيها الكثيرون عند التفكير فيه . ( ريان ،7، 1981).
هذا ما أشارت إليه الكتب المعنية بالمنهاج الصادر خلال عقد الثمانينيات من القرن الماضي ، ومما يؤسف له أن منهج مادة الجغرافيا وطريقة تدريسها ما زالا على الحال نفسه دون تغيير في القرن الحادي والعشرين . فالمشاكل ما زالت كما هي ، إن لم تتعمق وتتسع وتأخذ بعداً وتأثيراً أكبر .
2- المشاكل التي تواجه تدريس الجغرافيا
بالإمكان حصر ابرز المشاكل التي يعاني منها منهج مادة الجغرافيا وطريقة تدريسها في العراق ، والعديد من بلدان وطننا العربي ، بسبع مشكلات اساسيه ، الاربع الاولى منها مباشرة ، وهي متداخلة بشكل كبير جدا ومكملة لبعضها البعض . اما المشكلات الثلاث الاخيرة فإن تأثيرها غير مباشر وهي تصب ببعضها البعض حسب تتابع ورودها في الورقة . يعرض الشكل المرفق هذه العلاقة وفق تصور الباحث كدورة حلقية Cycle تكرر نفسها وتعمل طبقا لقانون كرة الثلج المتدحرجة Snow ball التي تكبر كلما استمرت في التدحرج دون أن يوقفها عارض صلب .
1-2) الإعداد المنهجي
في الدول المتقدمة يعاد النظر في المنهاج دورياً لتتناسب مع سوق العمل للخريجيين , ويعطى للطالب حرية اختيار تخصصه العلمي ليحدد هويته المهنية . فالمنهاج أداة تكوين مهنية تخدم المجتمع وتؤهل ابناءه لأكثر من وظيفة واحدة في الوقت نفسه, ويؤهل طلبة قسم الجغرافيا – كلية التربية في العراق ليكونوا مدرسي مادة اجتماعية , (تاريخ, جغرافيا, تربية وطنية) . فالتخصص العلمي الدقيق غير متكامل الجوانب , ومعرفي بدرجة رئيسة .
2-2) طريقة التدريس
الجغرافيا علم مبني على التدريب العملي , (رسم خرائط وقرائتها, الدراسة الميدانية في كل فرع من فروع الجغرافيا, التحليل الكمي, الاستشعار عن بعد, الحاسوب,.....الخ), وذلك لأن الحياة عملية بطبيعتها, والجغرافيا تدرس التنظيم المكاني لعناصر الحياة, عناصر البيئة التي يحيا بها الإنسان . ولا تظم مفردات منهج الجغرافيا على مختلف المراحل الدراسية (من الابتدائية وحتى الجامعية)على اية نصوص صريحة أو إشارات ضمنية تدل على ضرورة القيام بزياة حقلية أو دراسة ميدانية استكمالا لمفردات منهج أو توضيحاً لما ورد في الكتب المدرسية.
واستكمالاُ لهذا ليس هناك مادة تدرس في أقسام الجغرافيا تحت عنوان دراسة ميدانية, وإن وجدت فأنها نظرية بنسبة عالية جداً, وما يتم تحقيقه فهو في الغالب زيارة حقلية وليس دراسة ميدانية والفرق شاسع بين الاثنين, ومما يزيد من الطين بلة كما يقال فأن من يقوم بتدريب الطلبة على طرائق تدريس الجغرافيا ليس جغرافياً في الغالب فقد يكون كيميائياً, أو لغوياً او في أي اختصاص عملي آخر. وأن التدريب على التمكن من طرائق تدريس الجغرافي يتطلب أن يكون المدرب نفسه مستوعباً فلسفة الجغرافيا ومتمكن من تقنياتها كي يقوم بواجبه بصورة صحيحة, وإلا فأن النتيجة غير خافية على احد.
3-2) قصر النظر العلمي
تميزت الجغرافيا عن العلوم الأخرى بنظرتها الشمولية لجميع عناصر الحياة على سطع الأرض, الطبيعية والبشرية, إضافة إلى ذلك منهجها النظامي في تحليل العلاقة بين عناصر هذه البيئة. ولكن عند ولكن عند تدريس مادة الجغرافيا يتم تجاوز هذا كلياً ’ ففروع الجغرافيا الطبيعية لا علاقة لها بفروع الجغرافيا البشرية, والأخير تدرس بمعزل عن الأولى انها اشجار منفصلة عن بعضها البعض تربطها صلة التجاور المكاني وليس النظامي البيئي الذي يحكمها ويؤطر حقيقتها وجوهرها .
ويستمر هذا القصور في النظر الى تدريس التقنيات والمواد التكميلية والتي يقوم بتدريسها غير الجغرافيين , فصلتها في الجغرافيا كون طلبتها في أقسام الجغرافيا وليس أنها أدوات ومواد عملية يعتمدها الجغرافي في فهم الواقع وتحليله وتفسيره. فما هي العلاقة بين الموارد المائية وجغرافية المدن (طبيعة- بشرية) ؟ وهل هناك علاقة بين علم الاقتصاد وجغرافيا السكان (بشري- بشري) وما هي العلاقة بين علم المناخ والغطاء النباتي (طبيعي- طبيعي) ؟ وما هي العلاقة بين النشاط الصناعي – التبادلات المناخية – المشكلات البيئية ؟ ( بشري- طبيعي – بشري) ؟ وهل هناك صلة بين علم الخرائط – مناهج البحث العلمي – الدراسة الميدانية –التحليل الكمي – الفكر الجغرافي ؟ وهذه الأسئلة لا يجد الكثير من طلبة الجغرافيا أن الإجابة عنها سهلة, مع شديد الأسف.
4-2) توفر الوسائل التعليمية
أكدت الدراسة التربوية على أهمية استخدام الوسائل التعليمية المساندة مثل الخرائط والرسوم والنشاطات الصفية واللاصفية لتشد ذهن الطالب للمادة وتجعله يتفاعل معها. ولكن يلاحظ النقص الكبير في توفر هذه المستلزمات في المدارس, وقد اصبح غريباً أن يستخدم مدرس الجغرافيا خارطة في الصف, فغالباً ما تكون الخرائط قديمة وفي المخزن دون حفظ وتجديد وقليل من المدرسين يستخدم السبورة لرسم مخطط توضيحي وعند تعليق الخارطة تبقى في منأى عن أيدي التلاميذ, أما الأفلام السينمائية فأنها تعود إلى أكثر من نصف قرن.
5-2) الامتداد الأفقي دون العمودي
نتيجة لتطور علم الجغرافية في العديد من الدول, فأن الاقسام العلمية في الكليات لا تغطي جونبه المترامية, لذلك تشكلت أقسام تدرس وبعمق بعض تخصصاته, مثل قسم الجغرافيا الاجتماعية في جامعة لوند Lund University السويدية. كما تطورت بعظ الاقسام لتشكل مدارس تخصص في تدريس الجغرافيا School of Geography كما في جامعة برمنكهام في انكلترا وفي روسيا تدرس الجغرافيا بصيغة كليات خاصة Faculty تضم أقساما معنية بفروع علم الجغرافيا . تؤشر هذه الحالة درجة التطور الذي وصل إليه هذا العلم ومدى الاحساس بأهميته في الدول المتقدمة , وبعض الأقسام تضيف اليها وحدات ومراكز بحث متخصصة, مثل مركز التخطيط الحضري , وحدات الدراسة السكانية , وغيرها الكثير.
وما يصح على الجغرافيا يكون كذلك على العلوم الأخرى وقد تنبهت بعض الأقطار النامية الصغيرة المساحة وقليلة السكان( دول الخليج العربي على سبيل المثال لا الحصر ) إلى هذه الحقيقة فعملت على تجميع الدراسات العليا على مختلف الاختصاصات في كليات أو معاهد خاصة تحقيقاً لتكثيف الجهود والاستفادة الكاملة في التخصصات العلمية الدقيقة حيث لا وضوح للاختصاصات إلا من خلال فلسفة الاختصاص. إن فلسفة تجميع الجغرافيين في عدد قليل من الأقسام مبنية على قاعدة مفادها أن هذا التجمع يساعد في تبلور التخصصات العلمية الدقيقة ويؤدي إلى تطورها خدمة للعلم والبلد. فعوضاً عن إضاعة الجهود وتشتت الأفكار والآراء, ينحصر التفكير العلمي على معطيات محددة يتم تدراسها بعمق وروية, تكون محصلتها النهائية تطور الاختصاص وتعميق وتجذير أفكاره, وبالتالي تعاظم استفادة البلد من هذا العلم بمختلف فروعه وتخصصاته الدقيقة.
يقابل هذا الاتجاه العلمي توسيع أفقي في أقسام الجغرافيا في القطر, واستحداث الدراسات العليا في اقسام حديثة التكوين, وتدريس مواد أكثر مما يسمح به قانون وزارة التعليم العالي مما يؤدي إلى تشتت جهد التدريسي وقلة اهتمامه بالمادة الدراسية التي يعطيها لطلبته, وبالتالي انعكس ذلك سلبياً على متابعته لهم في أبحاثهم ونشاطاتهم الصفية و اللاصفية وعلى تطويره لنفسه أيضاً.
6-2) غياب الاستراتيج البحثي
نتيجة سياسة الاتساع الأفقي في الأقسام العلمية ، وقلة التوجه نحو المراكز البحثية ، وبسبب ضعف رابطة الجامعة بالمجتمع ، وقلة توجه دوائر الدولة إلى الجامعات لتكون مكاتب استشارية لها ، فقد بقى التوجه البحثي اعتباطيا غير موجه ليؤدي إلى تتابع التقدم في منحى علمي محدد . ولهذا السبب لم تتبلور شخصيات علمية معروفة بمنهجها البحثي ، أو تتسم بملامح مدرسة فكرية معينة . فهناك اسماء دون أن يكون لها ظل على أرض العلم ، دون طلبة يتبعون المنهج و الأفكار . إن غياب مثل هذه الظاهرة لا تعود إلى عدم وجود رجال أكفاء ، بل إلى سيادة النزعة والموجة المتبعة وغياب الاستراتيج البحثي .
7-2) الانتماء الفكري
ارتبط اسم الجفرافيا في العديد من الجامعات في العالم المتقدم ، وطبقاً لطبيعة التوجهات العلمية السائدة ، مع أكثر من مجموعة علمية واحدة منها علم الأرض Geo-Sciences ، العلوم الاجتماعية Social – Sciences ، والعلوم البيئية Environmental Sciences . وجميعها صحيح . فالجغرافيا علم يدرس الأرض كموطن للإنسان لذا فإنها تشترك مع الجيولوجيا في مادة الدراسة دون الغوص في اعماق الأرض . وهي تدرس الإنسان ككائن اجتماعي وليس كأفراد ، ولهذا تشترك مع علم الاجتماع وعلم الاقتصاد والعلوم السياسية في الدراسة والموضوعات . ولأنها تدرس موطن الإنسان و التأثير المتبادل بين الإنسان وموطنه ، لذا فإنها علم بيئي . فالجغرافيا علم يدرس التنظيم المكاني لعناصر البيئة الطبيعية والبيئة البشرية و تفاعلها مع بعضها البعض ومتبادلة التأثير .
يعرض الجدول أدناه الفرق بين أن تكون لنا شخصية علمية من عدمها ، وإذا كان مسموحاً لأن نبقى بدون شخصية واضحة المعالم في القرن الماضي ، فأن ذلك مرفوض في زمن التحدي المصيري ، في عصر العولمة والهيمنة الأمريكية على العالم اقتصادياً وسياسياً وتقنياً وعلمياً .
3- دورة مشاكل تدريس الجغرافيا
قد تبدأ دورة Cyele مشاكل التدريس في أية نقطة في النظام التعليمي ، وفي الغالب تبدأ بتخريج معلمين أو مدرسين غير كفء ، وهؤلاء يتحججون بقلة أو عدم توفير التجهيزات المساعدة والخرائط في المدرسة لايصال المادة بصورة صحيحة وسليمة إلى الطلبة . وقد لا يكون نقص الكفاءة في الجانب المهني (التربوي ) فقط ، بل وفي المادة العلمية (الجغرافيا ) أيضاً ، مما يعني أن فهم الجغرافيا غير دقيق وغير واضح المعالم ،إن لم يكن خاطئ . وبما أن فاقد الشئ لا يعطيه ، لذا فالعملية التعليمية تكون غير ناجحة علمياً وتربوياً وذلك لقصر النظر على جوانب أحادية في مفردات الجغرافيا ، واتباع طريقة تدريس ببغاوية ، وتعويد الطلبة على حفظ غيبي دون فهم وعدم استخدام مساعدات التعليم السمعية والبصرية في توضيح وشرح الموضوع ، وعدم استخدام الخارطة أو إعطاء الواجبات البيئية المكملة للمنهج . حيث لا يختلف تدريس مادة الجغرافيا عن تدريس مادتي التاريخ وحقوق الإنسان ، فهي جميعا عبارة عن نصوص مكتوبة المطلوب حفظها في الذاكرة لا غير .
إن عدد الطلبة الذين يفدون إلى التعليم الجامعي غير معتاد على التفكير والتحليل ، وتستمر حالهم هكذا حيث لا مجال ولا وقت لإعادة تركيب تفكيرهم في وقت لم يبق إلا القليل من التدريسين الذين لديهم مثل هذا الاهتمام والحرص . لقد تناقص عدد هذا النوع من المدرسين بالتوسع الأفقي في أقسام الجغرافيا ، حيث كلف التدريسيون في الجامعة بتغطية مواد وساعات أكثر مما يسمح به قانون وزارة التعليم العالي ، مما يعني تحميل التدريسي عبئاً وظيفياً لا يبقى له فرصة لتطوير نفسه بالقراءة و المتابعة وتحضير محاظرات تنسجم مع مستوى الجامعة ولا مع طموحاته الذاتية ، وبذلك يتخرج طلبه بمستوى علمي أدنى مما يجب ، وأقل من رغبته وقدرته في الوقت نفسه .
تميز التدريس الجامعي بحركية وتطوير مستمر ، بينما يتسم التعليم الثانوي باستقراريته وبنمطيته ونتيجة للضغوط العالية التي وضعت على التدريسين في الجامعات فقد هبط مستوى التدريس الجامعي إلى مستوى التعليم الثانوي فأصبح نمطيا مقننا ، حيث لا وسائل تعليمية ، ولا دراسة ميدانية ، وبدون تجديد في الموضوعات والطروحات ، واعتماد كتاب منهجي واحد (في أحسن الأحوال) .
بسبب عدم توفر وقت كاف للتحضير وتهيئة المحاضرات ورفع المستوى العلمي فقد انعكس ذلك سلباً على مستوى الابحاث ، وأصبح الميل إلى كتابات سريعة تصب في تحقيق أهداف آنية قصيرة المدى فلا حاجة إلى وجود إستراتيج بحثي على المستوى الشخصي أو الأقسام العلمية أو الجامعة . وقد عولج هذا الخلل من خلال نظام الجوائز التحفيزية والتكريمات ، ومن خلال تشجيع تأسيس المراكز البحثية ، إلا أن الأمر يتطلب أكثر من ذلك . يتطلب تخفيض العبء على التدريسي , ووضع صيغة لتطوير الكادر الموجود وانتشاله من حالة اللا إنتماء واللا طموح .
الإنتماء الفكري أعلى مراحل النضج العلمي والوعي الاجتماعي ، ومازلنا بعيدين عنه في مجال الجغرافيا على الأقل . والإنتماء الفكري يسهم بفاعلية في وضوح الأهداف ، ويولد العزيمة لتحقيقها ، وينير الدرب لاختيار الوسائل التنفيذية لها ، ويستنبط من النتائج والمخرجات ما يعزز الفكر ويطوره ويعمق الفلسفة الحياتية ، وبالمحصلة النهائية السياسية . بالمقابل ، فأن عدم وضوح الأهداف لا يساعد في تنفيذها ، ويسهم في التردد والتراجع عن تنفيذها عند وجود أي معوق وعارض . وبدون تحقيق الطموحات المشروعة ، وبتكرار حالات الإخفاق يميل الإنسان إلى الرتابة والنمطية في حياته مستسلماً للراحة ، حيث لا تطور ولاتقدم ، ولا مشاكل تصدع الرأس ، وبهذا تنتهي الدورة حيث بدأت، وتستمر حالة التراجع والإخفاق متصاعدة مع كل خطوة يتقدم بها الغير إلى الأمام . وبتسارع دحرجة كرة الثلج ( التخلف العلمي و النفسي ) ، وتسارع خطي الآخرين إلى الأمام تزداد الفجوة بيننا وبين العالم الآخر ، فتزداد هيمنته ويتفاقم تسلطه على مصائرنا ومواردنا الطبيعية والبشرية .
4- منهج الجغرافيا في بعض الجامعات
ليس من الضروري ، ولا من المعقول تغطية عدد كبير من نماذج منهاج الجغرافيا في جامعات العالم المختلفة لعرضها في ورقة عمل . عوضاً عن ذلك ، سأكتفي ببضع نماذج من جامعات دولة متقدمة . الملحق ( 1) يعرض مناهج خمسة أقسام جغرافيا ، تم الحصول عليها عن طريق الشبكة الدولية ( الانترنيت) . لقد كان التركيز في مناهج هذه الجامعات ، المختارة عشوائياً ، على موضوعات بيئية بشكل واضح ، وفي أقاليم معينة ، إضافة إلى ذلك ، يكون تدريب الطلبة على التقنيات باعتماد بيانات عن ذلك التخصص البيئي والمكاني . فا لتدريب يؤشر المنحني العلمي التطبيقي للمنهج ويؤدي الغرض منه .
ويلاحظ ان التبدلات السياسية التي قد طرأت على العالم بعد سقوط الاتحاد السوفيتي ، والتغيرات الاجتماعية المتسارعة الحاصلة في بعض أصقاع العالم قد غيرت من بعض الاهتمامات المكانية . فالموضوعات الجغرافية المطروحة للطلبة تختلف كثيراً عن ما كان مقدما قبل عقد من الزمان . أدناه خلاصة لأبرز ملامح هذه المناهج . ينظر الملحق رقم (1) .
1-4) منهج الجغرافيا في جامعة او كسفورد
تشكل الجغرافيا في جامعة اوكسفورد مدرسة وترتبط بالبيئة حيث تعرف باسم :
School of Geography & the Environment ( SoGe )
ويختار الطلبة الاختصاص الذي يريدونه من طيف واسع من المواد الجغرافية .
ضمت قائمة المواد الدراسية (15) موضوعاً ذا علاقة مباشرة بالبيئة ، و (17) موضوعا حديثاً يضاف الى المواد الجغرفية التقليدية ، و ( مواد تقنية ، وبضمنها (15) موضوعا ذا طابع مكاني ( من غير موضوعات الجغرافيا الإقليمية التقليدية ) . تختص المدرسة بالموضوعات البيئية ، والبيئية الاجتماعية على وجه الخصوص في أفريقيا ، و روسيا و أوربا الشرقية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي . وتختص أيضا بالجغرافيا التاريخية لبريطانيا .
2-4) منهج الجغرافيا في جامعة كاليفورنيا
تدرس جامعة ولاية كليفورنيا في نورثرج California state , University , Northridge الموضوعات البيئية في (13) مادة ، مع تركيز على التقنيات (14مادة ) ،و ( 10) موضوعات حديثة ذات تخصص مكاني ( من غير الجغرافيا الإقليمية ) . الاهتمام المكاني هنا منصب على البحر الكاريبي وجنوب شرق آسيا . و لدراسة الإقليم الوظيفي للجامعة ( كاليفورنيا ) حصة تم تغطيته ب(3) موضوعات . ولإتقان التقنيات أهمية خاصة ، حيث خصصت ست ساعات تدريب عملي مقابل كل ساعة نظري .
3-4) منهج الجغرافيا في جامعة شمال استراليا
ارتبطت الجغرافيا في جامعة جيمس كوك مع دراسات البيئة المدارية في مدرسة واحدة School of Tropical Environmet Studies Geography – James Cook University ، ولهذا السبب كان هناك (15) موضوعاً عن البيئة ، و( مواد تقتية ، ومثلها موضوعات حديثة من غير الموضوعات التقليدية في الجغرافيا . ثماني مواد ذات طبيعة مكانية من غير موضوعات الجغرافيا الإقليمية . وتعتمد طريقة المجاميع block في التدريس التخصصات الدقيقة التي تتدارس بصيغة المجموعة ( البلوك ) بعبارة أخرى ، يكون التدريب العملي على التقنيات متسقا مع حاجة كل مجموعة دون الخبرة الجغرافية في إدارة الموارد الطبيعية وصيانة البيئة وحمايتها .
4-4) منهج الدراسات الحضرية في جامعة منسوتا
والمنهج خيارات واسعة تطرحها أقسام الجغرافيا أمام طلبتها لاختيار المناسب للمستوى العلمي لهم ويتوافق مع التوجه الفكري والتطلع المهني للطالب . أقدم نموذجا عن مواد الدراسات الحضرية التي عرضها قسم الجغرافيا في جامعة منسوتا في الولايات المتحدة . Urban Studies at University of Minnesota صنف المواد تحت اربعة مسارات رئيسية Tracks وكان مجموع المواد التخصصية التي تكونت منها هذه المسارات (56) مادة ، تبعتها ( 40) مادة يحتاجها الطالب لاكتساب وتطوير الخبرة في البحث الجغرافي . لايعني هذا أن الطالب ملزم بجميع هذه المواد ، بل أنه حر في الاختيار لينتقي منها ويبني بها شخصيته العلمية ويعبد مسلكه المهني بما يحتاجه من مواد دراسية . ينظر الملحق رقم (2)
5-4) التوجهات العلمية في منهج الجغرافيا
بعد عرض المواد الدراسية لاقسام الجغرافيا في الجامعات المذكورة سابقا يتضح أن التوجهات قد اخذت المسار الآتي :-
1) هدف الدراسة الجامعية هو تطوير خبرة الطالب في التحليل الجغرافي لعناصر البيئة وليس مجرد توسع دائرة المعرفة الجغرافية . والخبرة لا تأتي بالعلم النظري ، بل بالتدريب والممارسة العملية .لذا ربطت المواد التكميلية بالمواد التخصصية بشكل تطبيقي عملي .وقد أعطى الجانب العملي (في المختبر أو الميدان ) بين (3-6 ) ساعات لكل تدريس نظري .
2) لقد جاء تنوع المواد الدراسية متتاغماً مع تنوع عناصر البيئة ضمن إقليم الجامعة ومجال اهتمام ملاكها التدريسي والبحثي مما أعطى الطالب حرية لأن يختار مستقبله المهني من خلال طبيعة المواد التي يتخصص في دراستها .
3) شخصية القسم العلمي واضحة من خلال طبيعة المواد المطروحة والأماكن التي تجري دراستها جغرافيا فكل قسم له ما يميز عن غيره من الأقسام الجعرافية في الجامعات الأخرى . إنها أقسام متخصصة في الموضوع وفي المكان (الرقعة الجغرافية التي تركز على دراستها ) في وقت واحد .
4) التخصص العلمي الدقيق يبدأ من الدراسة الجامعية الأولية ، ويعطي هذا فرصة أكبر للتعمق في التخصص ولاتساع المعرفة والخبرة فية ، سواء للطالب أو للملاك التدريسي والبحثي .
5) نتيجة تخصص القسم بموضوعات معينة فقد طرحت مواد دراسية بالغة الدقة ، و جرى تدريب الطلبة على التقنيات الحديثة بما يوفي هذه المواد متطلبات البحث فيها .
6) أخذت التبدلات السياسية الحاصلة في العالم في نظر الاعتبارات عند دراسة الأقاليم الجغرافية .
7) ادخلت الموضوعات والتوجيهات العلمية الراهنة في الاعتبار وأقرت لها مواد دراسية تخصصه .
8) مواد الدراسات العليا متخصصة بدرجة كبيرة ، مستندة على التخصصات العليا الدقيقة للدراسة الجامعية الأوليه ومطورة ومعمقة لها .
9) العديد من المواد الدراسية مرتبطة كلياً بالمجتمع وخدمته مباشرة ، فالمجتمع هو الهدف ، والوسيلة هي التاهيل العلمي للطالب.
10) اشتراك أكثر من تخصص علمي واحد في دراسة موضوع معين أو رقعة جغرافية محددة . وبهذا يتحقق التكامل العلمي في الدراسة ، وخدمة المجتمع .
5) تجسير الفجوة : الهوة كبيرة بين منهج الجغرافيا في جامعات القطر ونظرائه في أقسام الجغرافيا في الجامعات الغربية، وهذه الهوة تزداد سعة وعمقا مع مرور الأيام ، وبالسرعة التي يتقدم بها العالم الغربي ونبقى فيها ندور في حلقة مفرغة دون ثورة ثقافية حقيقية في المنهاج وطرق التدريس .
لقد أشار سرحان إلى أن المناهج الحديثة تلجأ إلى الارتفاع بدارسة البيئة إلى أقصى حد ممكن . وتستخدم المدارس في سبيل تحقيق هذا المبدأ التربوي وسيلتين اساسيتين : تعتمد أولاهما على تقديم البيئة إلى التلاميذ في مدارسهم عن طريق العينات والمناخ والصور والأقاليم وغير ذلك من الأساليب التكلنوجية الحديثة . وتعتمد ثانيتهما على انتقال التلاميذ بأنفسهم إلى البيئة عن طريق الرحلات والجولات والمعسكرات الدراسية وغير ذلك من أساليب النشاط الخارجي في البيئة ، الذي يستهدف زيادة المعرفة بالبيئة ، والإلفة معها والإطمئنان إليها واتخاذها مختبرأ كبير يزود الإنسان بالخبرة والعلم ، ويزيد من صلته بها وحبه لها ، وأفتدائها إذا لزم الأمر بكل ما سواهه (سرحان ، 71، 1983) .
وحسب رأي كومبز فأن تشكيل استراتيجيات قومية وعالمية متوازية وجيدة الإعداد هي الأصل والأساس لمعالجة أزمة التعليم في عالمنا المعاصر والبديل لهذه الاستراتيجيات هو التعثر في مستقبل تعليمي خطورته واضحة والسير بغير خريطة من أي نوع تهدينا الطريق الصحيح بحيث نستيقظ كل صباح لنميل مع الريح حيث تتجه وربما أدى هذا بنا إلى الدوران في دائرة لننتهي من حيث بدأنا أو إلى عدم مبارحتنا لمكاننا على الاطلاق ( الوكيل ،158، 1982) . ولراب الصدع ، واللحقاق بالركب الحضاري ، وتبوء موقعاً متقدماً علمياً ، من الضروري اعتماد المحكات الآتية لتكون معياراً للجغرافيا كعلم حيوي ذي فائدة ، وهي :.
1) الجغرافيا علم بيني ، فالإنتماء إلى البيئة يعطي الجغرافيا قيمتها اليومية . ولا يكون الربط حقيقياً إلا من خلال تدريس الموضوعات باعتبارها عناصر بيئية مع أمثلة وشواهد من الواقع المحلي .
2) البيئة العراقية مصدر حياتنا والهامنا ، فهي المادة والمجال الذي ندرس وندرب طلبتنا على دراسته وفهمة واستيعابه ، وذلك من خلال الدراسة الميدانية المبرمجة والمرتبطة بمفردات المنهج الدارسي ، وعلى مختلف المراحل التعليمية .
3) إعادة صياغة منهج الجغرافيا على مراحل التعليم جميعها بحيث تكون الدراسة الميدانية جزء أساسياً منها ، وبشكل تؤدي إلى تكامل معرفة عناصر البيئة العراقية – المحلية ضمن أقاليم المدارس والجامعات ، وبما يعزز الإنتماء الوطني علمياً . وحسب تعبير الوكيل وحيث أننا نعيش في عصر يطلق عليه عصر العلم والتكلنوجيا ، وحيث أن الدولة النامية تبذل الآن قصار جهدها للحاق بركب هذا العصر فأن إعادة نظر للموازنة بين الجانب النظري والجانب العملي للمادة الدراسية أمر لا مناص منه. أي تحديد دور كل جانب من هذه الجوانب ومتى يقدم وكيف يقدم وكيفية الربط بينهما ( الوكيل ، 42، 1982) .
4) توفير مستلزمات الدراسية الميدانية الضرورية على مختلف أنواعها ، ولجميع المراحل التعليمية .
5) توفير الخرائط والأطالس لجميع الطلبة ولمختلف المراحل التعليمية .
6) توفير مختبرات تحليل التربة ، الجيومورفولوجيا ، الموارد المائية ، التلوث ، و محطة رصد جوي تعليمية ، ومختبر حاسبة ، في جميع أقسام الجغرافيا.
7) توفير مختبر رسم (يدوي وآلي ) في جميع أقسام الجغرافيا ، مع توفير مستلزماته الأساسية .
8) تأسيس مختبرات نظم المعلومات الجغرافية ، وتحديث تجهيزاتها دورياً ، في جميع أقسام الجغرافيا .
9) تشكيل وحدات بحثية متخصصة تابعة إلى أقسام الجغرافيا ، تعني بـ : السكان ، التخطيط ، البيئة ، ، التحسس النائي ، وحسب اهتمامات الملاك الوظيفي في الأقسام.
10) توفير سيارة (11- 24) راكب لكل قسم جغرافيا لاستخدامها في الزيارات والدراسات الميدانية.
11) ايصال أقسام الجغرافيا بالشبكة الدولية ( الانترنت ) ، وتحديد موقع ثابت فيها .
12) إعطاء الأقسام حرية النظر في المناهج ( بنسبة 25%) لإضافة موضوعات جديدة وتدريس مواد تتعلق بإقليمها الوظيفي ، وبما يحقق شخصيتها العلمية . والإستفادة منها في دراسة منطقتها .
13) إلزام الكليات والجامعات بتبادل مطبوعاتها من الكتب ومجلات علمية دون حصر توزيعها لمن لديه بحث منشور فقط . فالكثير من النتاج العلمي قد دفن في خزانات دون الإستفادة منه
14) تنشيط الجمعية الجغرافية العراقية ، ودفعها لتأسيس فروع لها في الجامعات الإقليمية ، ودعمها كي تستطيع القيام بالمهام المناطة بها . من مؤتمرات وحلقات نقاشية ونشر علمي .
15) تدريس مادة الحاسبة في أقسام الجغرافية ، لأربع سنوات وربط مفرادات المادة بالجغرافيا ومتطلباتها .
16) إيجاد مختبرات حاسوب في كل كلية حتى يمارس فيها الطلبة تدريباتهم على استخدام الحاسبة وتقنياتها خارج الساعات التدريسية بهدف تطرير مهاراتهم وتعزيز خبراتهم التقنية .
17) تدريس مادة طرائق تدريس الجغرافيا من قبل الجغرافيين المتخصصين بطرائق تدريس الجغرافيا حصراً دون غيرهم .
18) إقامة دورات مكثفة لمدرسي مادة الجغرافيا في الثانويات خاصة بالدراسة الميدانية ، وسبل الإستفادة من البيئة المحلية في فهم موضوعات الجغرافيا ضمن المنهج المقرر.
19) إقامة دورات مكثفة للتعريف بتقنيات نظم المعلومات الجغرافية والتدريب على استخدامها ، كذلك تقنيات التحسس النائي ، للجغرافيين وغيرهم من اختصاصات ذات العلاقة .
20) اعتماد المنهج النظامي عند تدريس موضوعات الجغرافيا ، من حيث الربط الموضوعي بين عناصر البيئة الطبيعية والبشرية في كل فرع من فروع الجغرافيا .
أو
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق