التسميات

السبت، 29 يوليو 2017

الأحوال الاقتصادية في مدينة الحلة منذ عام 495هـ وحتى نهاية القرن الثامن الهجري وأثارها في بناء مدينة الحلة ...


الأحوال الاقتصادية في مدينة الحلة منذ عام 495هـ

وحتى نهاية القرن الثامن الهجري

وأثارها في بناء مدينة الحلة


Economic Status in the city of Hilla, since 495 Ah And until the end of the eighth century AH And raised in the construction of the city of Hilla

أ م د ظاهر ذباح الشمري
مركز بابل للدراسات الحضارية والتاريخية



 مجلة مركز بابـــــل للدراسات الإنسانيـــة - المجلد 2 - العدد 1 - حزيران 2012 - ص ص 221 - 246 :

المقدمة
          شهدت مدينة الحلة منذ تأسيسها ازدهارا في مختلف مجالات الحياة، ويتناول البحث دراسة بعض الجوانب الاقتصادية التي نعمت بها الحلة والملاحظ أن جل الدراسات الأكاديمية قد اهتمت بالجوانب السياسية والفكرية وابتعدت عن الدراسات الاقتصادية لقلة مصادرها.
               اتبعنا في دراستنا لهذا الموضوع منهج التحليل والاستنتاج ومنهج الدراسة التاريخية لمعرفة الكثير عن تاريخ المدينة والتي أسست على يد الأمير صدقة بن منصور بن دبيس بن مزيد الأسدي بعد أن أنتقل من إمارة النيل(1)التي تقع في الجانب الشمالي من مدينة الحلة، ويعد هذا الانتقال حدثاً مهماُ في حياة الأمارة المزيدي ذلك لرغبته في الابتعاد عن منطقة النيل التي سادتها الفتن والاضطرابات ، ولم تكن تتلاءم مع طموحاته في توسيع المناطق التي يرغب السيطرة عليها  
      ويأتي أسم الحلة بعدة معاني منها القوم النزول وفيهم كثرة وجمعهم حلال(2)، وهي مدينة عريقة ومشهورة وكانت مقام سلاطين من قبيلة بني مزيد وعصر خلافة بني العباس وتقع على نهر الفرات ويقسمها الى قسمين(3)، وكان المكان الأول لتأسيس مدينة الحلة ، محلة الجامعين الحالية ، ولقد وقع اخيارنا على هذا الموضوع كونه لم يطرق سابقاً بهذه الطريقة  وإظهار الأهمية الاقتصادية ، ولابد من التأكيد على بعض العوامل التي أعطت مدينة الحلة أهمية عند الذين كتبوا عنها مثل قربها من مدينة بابل ذات العمق التاريخي والموقع الجغرافي المتميز بين بغداد والبصرة ومناطق الفرات الاعلى فضلاً عن المكانة العلمية (4)  ووجود الكثير من القبائل العربية المحيطة بها من كل الجهات مما مكنها أن تتبوأ مركزاً أقتصادياً  لتلك القبائل(5)، ولا بد أن يؤخذ بالحسبان الموقع العسكري لهذه المدينة حيث مكنها هذا الموقع من مواجهة التحديات الخارجية(6)، إن اختيار صدقة بن مزيد مقره في منطقة الجامعين التي تقع في الجانب الغربي من نهر الفرات يشير إلى إن الآجامكانت من الأماكن المفضلة للثوار(7)   وقد أعطت هذه المزايا مدينة الحلة مكانةًً مرموقةً في نظر من زارها، حيث ذكر بارسنز (Parsons) عندما زارها عام 1188هـ-1774 م:((إن مدينة الحلة توازي في أهميتها مدينة بغداد حتى سميت بغداد الصغرى(8) (Little Baghdad)
     وتعد مدينة الحلة وريثة مجد بابل التي لعبت دوراً حضارياً وأصبحت مركزاً سياسياً ومصدراً اقتصاديا مهماً(9)، وقدرتها البشرية من حيث عدد السكان جعل جميع من أستوطن هذه المدينة من القادةً والولاةً أن يتخذها مقراً له(10).
       تعد دراسة عوامل تأسيس المدن ذات أهمية كبيرة لدى الباحثين للاطلاع على ماهية تلك العوامل ،  لاسيما إن لكل مدينةعاملا او أكثر لاختيار ذلك المكان الذي بنيت على أساسه تلك المدينة وكان العامل الاقتصادي من أهم العوامل التي دفعت صدقة بن مزيد لبناء مدينة الحلة ، فالموضع على ضفاف شط الحلة أدى ان تكون للمدينة أراضٍ خصبة تمتد الى مساحات كبيرة استفادت من الارواء السيحي ، وقد أفاض المؤرخون والبلدانيون العرب في ذكر الاراضي الزراعية التي تحيط بمدينة الحلة ، وهنا تبرز نظرة صدقة بن مزيد الاقتصادية في اختيار ذلك المكان حيث اراد ان تكون مدينته في موقع يتميز عن غيره بالمواصفات التي امتاز بها موقع مدينة الحلة  .
       وتأتي أهمية البحث في كونه اهتم بدراسة الاحوال الاقتصادية في مدينة الحلة منذ تأسيسها عام 495هـ وحتى نهاية القرن التاسع الهجري حيث يعد العامل الاقتصادي ذا علاقة مهمة في بناء الكثير من المدن وتطورها ، وان دراسة هذا الجانب له مساس كبير لمعرفة أهمية العوامل الاقتصادية التي شجعت صدقة لاختيار الجامعين المكان الأول لبناء مدينة الحلة وتطورها ، والبحث هو محاولة لمعرفة تأثير العوامل الاقتصادية وتوضيح رؤية صدقة حول اختيار هذا المكان ، وكيف ساعدت الأحوال الزراعية والتجارية والصناعية الأمير المزيدي لاتخاذها بديلاً عن النيل منازل أجداده والتي أصبحت لها أهمية كبيرة في مجالات الحياة المختلفة مما أعطتها دوراً سياسياً واقتصادياً بارزاً ، ولذلك نراها أصبحت من الحواضر العربية الإسلامية التي ساهمت بشتى الوسائل في القضاء على الاحتلال السلجوقي للعراق من خلال دورها الاقتصادي .
       وقد اتبعنا في دراستنا منهج التحليل والاستنتاج ، هذا وقد قسم البحث إلى مبحثين درسنا في المبحث الأول نشأة مدينة الحلة وتطورها خلال مدة البحث .
      أما المبحث الثاني فقد تم فيه دراسة الأحوال الاقتصادية وتأثيرها في بناء الحلة ، كما درست جغرافية مدينة الحلة ، واهمية موقع الحلة من الناحية الجغرافية ، ومؤثرات التضاريس في بنائها مدينة الحلة ، والزراعة في مدينة الحلة كما تطرق البحث الى الصناعة والتجارة في هذه المدينة وختم البحث بأهم الاستنتاجات التي توصل لها الباحث ، وقد اعتمدنا على عدد من المصادر والمراجع التي أشارت الى معلومات قيمة لها مساس بفقرات البحث منها ، أبو البقاء الحلي كان حياً 565هـ في كتابه المناقب المزيدية في الملوك الاسدية ، وكتاب ابن الجوزي (ت: 591هـ في كتابه المنتظم ، وابن جبيرت:614هـ في الرحلة ، وياقوت الحمويت: 626هـ في معجم البلدان ، وابن الاثيرت: 630هـ في كتابه الكامل ، وابن خلكان(ت:681هـفي كتابه وفيات الاعيان وانباء ابناء الزمان ،  وابن الفوطي ت: 723هـ في مجمع الاداب في معجم الالقاب ، وعبد الله الغياثي كان حياً 891هـ في كتابه التاريخ الغياثي ، ومن المراجع كتاب الامارة المزيدية لعبد الجبار ناجي وكتاب مدينة الحلة الكبرى ، صباح محمود الخطيب وكتاب تاريخ الحلة ليوسف كركوش وغيرها .
        وبالرغم من أهمية الموضوع الا ان ما كتب عنه كان شحيحاً الا ما جاء عرضاً والذي يبدو جلياً ان جل الكتابات عن مدينة الحلة وكيف انتقل اليها الامير صدقة بن مزيد الاسدي والاحوال الاقتصادية فيها ما هي الا مختصرات لابن الجوزي ، وابن الأثير .   
Abstract

The city of Hilla prosperous since its inception in various spheres of life, and research study addresses some of the economic aspects enjoyed by Hilla and noted that the bulk of academic studies have focused on the political and intellectual aspects and moved away from economic studies for lack of sources. Follow us in our study of the subject curriculum analysis and conclusion and the methodology of historical study to learn a lot about the history of the city, which was founded by Prince charity bin Mansour bin Dubies bin more Asadi after turn of the Emirate of the Nile (1) which is located on the north side of the city of Hilla, the longer this transition an important event in the life of the Principality Mazeedi of his desire to move away from the Nile region which masters strife and unrest, and did not fit with his ambitions to expand areas that wish to control them The name comes Hilla several meanings, including folk disembark and those frequent and collecting old (2), an ancient city famous and was denominator Sultans of Bani more and era succession between Abbas and located on the Euphrates River and divides into two parts (3), and was the first place to establish the city of Hilla, the locality gatherers current, and has signed Akhiarna to this topic because it did not knock earlier this way and show the economic importance and should be emphasis on some of the factors that gave the city of Hilla importance of those who wrote about such proximity to the city of Babylon with historical depth and geographical location between Baghdad and Basra and regions Euphrates Supreme as well as the scientific status (4) and the presence of many Arab tribes surrounding on all sides, which enabled to assume economic center for those tribes (5), and must be taken into account military site of this city where enabled this site to meet the external challenges (6) , The choice of charity bin more based in the area of ​​collectors located on the western side of the Euphrates River indicates that Coppice was one of the favorite places for the rebels (7) has given these advantages the city of Hilla prestige in the eyes of the visited, where he stated Parsons (Parsons) The city of Hilla, the heir to the glory of Babylon, which played an important cultural and political center and became an important economic source (9), and human capacity in terms of the number of people make all of this city settled leaders and governors to be taken based (10). The study factors founding cities of great importance to researchers for the nature of these factors, particularly if each city * or more workers to choose a place built on the basis of that city was the economic factor of the main factors that drove charity bin more to build the city of Hilla, Vmoda on banks of the Shatt Al Hillah led to be the city's fertile land extending to large areas benefited from the perfusion Alchrista, has elaborated historians and Albuldaon Arabs in Male farmland that surround the city of Hilla, and here is the look charity bin more economic in the selection of the place where he wanted to be his hometown in site differs from other specifications that RPR site of the city of Hilla. The importance of research in being interested in studying the economic conditions in the city of Hilla, since its founding in 495 AH and until the end of the ninth century AH, where is the economic factor to do with the mission to build a lot of cities and their development, and study this aspect has prejudice great to see the importance of economic factors that encouraged charity to choose gatherers first place to build the city of Hilla and development, and research is an attempt to determine the impact of economic factors and clarify the vision charity about choosing this place, and how helped conditions agricultural, commercial and industrial Prince Mazeedi to take a substitute for Nile homes ancestors that has become of great importance in various fields of life which gave a political role and economically significant, and therefore we see become of the Arab-Islamic cities that have contributed in various ways to the elimination of the Seljuk occupation of Iraq through its economic role. Follow us in our approach to the analysis and conclusion, this The research is divided into two sections studied in the first section emergence of the city of Hilla, and their evolution over a period of research. The second section has been the study of economic conditions and their impact on the building of Hilla, also examined geographic city of Hilla, and the importance of site Hilla geographically, and effects of terrain in building the city of Hilla, and agriculture in the city of Hilla, also touched on research to industry and commerce in this city and seal Find the most important Conclusions reached by the researcher, has relied on a number of sources and references that pointed to valuable information affecting the paragraphs search of them, Abu stay ornaments was alive 565 e in his morality Almsideh in Kings stamens, and a book Jawzi (d.: 591 e) in his book regular, and Ibn Jubayr (v: 614 e) on the trip, and Sapphire Hamwi (T: 626 e) in a dictionary countries, and the son of ether (v: 630 e) in his book full, and I'm Khalkan (T: 681 e) in his book mortality Senate and news sons of time, and I'm Alfoti ( T: 723 e) in the compound of Arts in dictionary titles, Abdullah Agheiathi was alive 891 e in his book History Agheiathi, and references book Emirate Almsideh to Abdul-Jabbar Naji and book city of Hilla major morning Mahmoud Khatib and history book Hilla to Yousif Karkosh and others. Despite the importance of topic, but what has been written about was tight, but what came across and which seems clear that the bulk of the literature on the city of Hilla and how to navigate them Prince charity bin more Asadi and economic conditions in which it is only summaries of Ibn al, and Ibn AlAtheer .



المبحث الأول
نشأة مدينة الحلة
          لما كان العرب في عصر الرسالة الإسلامية والراشدين جنوداً محاربين ولذلك كان عليهم عدم السكن في المدن القديمة وان ينزلوا بمواضع نائية عن المدن الموجودة فمثلاً بنيت مدن في العراق مثل البصرة والكوفة لصيانة اللغة العربية والمحافظة على نقاء الدماء العربية من المؤثرات الأعجمية(11) ، وزيادة على ذلك فأن العرب المسلمين حينما اختطوا تلك المدن فأنهم لم يختطوها اعتباطا او كيفما اتفق وإنما كانوا يتخيرون مواضع مدنهم ويتفحصون أمكنتها تفحصاً طوبوغرافياً لذلك وضعوا شروطاً وقواعد لبناء المدن .
        وفيما يتعلق بمدينة الحلة التي بنيت عام 495هـ/1101م فقد اختير لموقعها أن تكون قريبة من الماء ، لا يفصل بينها بحرُ أو حاجزُ طبيعي ذلك كي يتمكنوا من أن يحموا ظهورهم بالصحراء ويتخذوا منها خطاً لرجعتهم عند اشتباكهم مع الاعداء ، لذا لم تحط مدينة الحلة بالأسوار المنيعة أو القلاع الحصينة ، وهنا لابد من الإشارة إلى بعض التعريفات اللغوية للمدينة كقول ابن منظور "إن المدينة هي الحصن يبنى في اصطمة من الأرض وكل أرض يبنى عليها حصن في أصطمة فهي مدينة والاصطمة معظم الشيء وتمامه(12) ، ومن منظور اجتماعي ذكر الفيروز آبادي أن المدينة تعادل الأمة )(13) .
       لقد حفر صدقة حول مدينته سوراً عمل به من سنة 498هـ/1103م وأتمه في واحد وعشرين من شهر رمضان سنة 500هـ/1106م ولم يبق من هذا السور في القرن السابع للهجرة
عندما زارها ابن جبير ت:614هـ الا حلق من جدار ترابي مستدير(14) بها ، وهناك اشارة ان صدقة كان يتحين الفرص للاستقلال والتخلص من السلاجقة الذين حكموا العراق بين عامي ( 447-590هـ/ 1084-1193م وقد سنحت له الفرصة عندما قوي أمره واشتد أزره وكثرت أمواله لانشغال السلاجقةعنه بخلافاتهم فرأى الظروف مؤاتية لتحقيق ذلك فبنى الحلة ومصرها وأتخذها عاصمة له(15) ، وربما يدور في الأذهان سؤال حول ماهية الأسباب التي جعلت من آل سلجوق عدم التحرش بالأمراء المزيدين في تلك الظروف التي أستطاع فيها السلاجقة السيطرة على العراق ، وكان من عوامل أبقائهم هو أن آل مزيد أعلنوا تأييدهم للسلطة السلجوقية(16) ، وهناك عامل آخر هو رغبة السلاجقة في إبقاء الإمارة المزيدية خارج نطاق الاحتواء العسكري ذلك لما يتمتع به آل مزيد من نفوذ بين جميع القبائل في مناطق نفوذهم، وقد ترسخت سياستهم العامة في الطاعة، وتقديم الأموال السنوية لساسة آل سلجوق(17) ، وفي كثير من الاحيان يتدخل السلاجقة في أي امر يريدونها(18) .
          ومما يجدر ملاحظته انه كانت تقع على الامراء المزيدين مسؤولية حفظ الامن والنظام في مدينة الحلة وجميع المناطق القريبة منها ودفع المبالغ المالية المقررة الى السلاجقة سنوياً ، فضلاً عن العون العسكري عند طلب السلاجقة ذلك 
        اما علاقة الامراء المزيديين بالسلطة المركزية في بغداد فكانت ودية(19) ، فقد بنيت لصدقة دار في بغداد وإنها كانت ملاذاً للخائفين(20) ، وعليه يمكن ان نستنتج ان المزيديين استطاعوا الحصول على رضا السلاجقة كما احتفظوا بعلاقة طيبة مع مركز الخلافة العباسية في بغداد .
         قرر صدقة بن مزيد في عام 495هـ/1101م أن يجعل محلة الجامعين* بدل النيل** مقراً له ووسع هذه المحلة بحيث أصبحت عاصمة للمزيديين(21) ، وهو حدث بارز في التحول المكاني الجغرافي ، فقد كانت منطقة الجامعين أجمة تأوي إليها السباع ، ومم اهو جدير بالأنتباه أن اول رواية تأريخية حول انتقال صدقه ابن مزيد الى الجامعيين جاءت على لسان ياقوت الحموي حيث يقول: ( الحلة علم لعدة مواضع أشهرا\ها حلة بني مزيد مدينة كبيرة بين الكوفة وبغداد وكانت تسمى (الجامعيينوأول من عمرها ونزلها سيف الدولة صدقه بن منصور بن مزيد الاسدي وكانت منازل أباءه الدور في النيل فلما قوي وشتد أزره وكثرة أمواله لانشغال الملوك السجوقية (برقياروقومحمد وسنجر أولاد ملك شاه بن ألب أرسلان بما تواتر بينهم من الحروب أنتق الى الجامعين موضع في غرب الفرات يبعد عن الطالب وذلك في محرم سنة 495 هـ (22) وهنا لابد ان نبين العوامل التي شجعت صدقة ان يختار هذا المكان منها ان منطقة النيل التي كان يسكنها حدث فيها صراع سياسي فكثرت الحروب والمعارك بين أعوان صدقة والسلطان بركياروق وكان ذلك عام 494هـ - 1100م فقد وصلت الى صدقة تهديدات من وزير بركياروق أبي المحاسن الدهستاني مفادها سوف تغزو قوات السلطان ديار صدقة ومنازله اذا لم يدفع الى السلطان الف الف دينار ، فعد صدقة هذا إنذارا واهانة له فقطع عن ذكر اسم السلطان في الخطبة وخطب للسلطان محمد(23) ، والمعروف ان الأخوة السلاجقة الثلاثة بركيارق ت:498هـ ، ومحمد أبو شجاع ت:511هـ ، وسنجر ت:552هـ حدث نزاع فيما بينهم بعد وفاة أبيهم السلطان جلال الدولة أبو الفتح ملك شاه عام 465هـ ، ومن ذلك إن محمد وأخاه سنجر سيطرا على بغداد دون موافقة بركيارق فشب النزاع بين الأخوة وطال ثلاث عشرة  سنة في خلاف وحروب(24) ، ومن ذلك استغل صدقة الصراع بين الأخوة وعد هذا الأمر عاملاً مشجعاً له للوقوف بوجه بركيارق وعدم إعطائه أية مطاليب مالية لسد نفقات الحروب وخاصة ان بركيارق أعلن الإفلاس بعد وصوله الى بغداد ، وهنا ثار صدقة للتخلص من مضاعفات مطاليب بركيارق والصفحة السياسية الجلية لصدقة هي ان وقوفه بوجه السلاجقة تمثل الثورة العربية ضد الوجود الأجنبي فقام بقطع أطناب الخيمة التي تواجد فيها رسول وزير مالية بركيارق ، فوقعت الخيمة عليه ويعد هذا العمل أهانة كبيرة لممثل الحكومة في بغداد وبعد خروجه من المكان قال عدة أبيات من الشعر :-
لا ضربت لي بالعراق خيمة

ولا علـت أناملـي على قلـم
أن لم أقدها من بـلاد فارس

شعث النواصي فوقها سود اللمم(25)
        والذي يبدو واضحاً أن صدقة أصبح عنده جيش قوي هدد به جميع ذوي الأمر من السلاجقة المتحاربين على السلطان ووصلت قواته الى الموصل وطرابلس عندما طلب منه السلطان محمد نتيجة مضايقة الإفرنج لصاحب طرابلس(26) .
        ومن المؤكد أن صدقة قد أصبح له شأن كبير نتيجة سوء الأوضاع السياسية في العراق أبان السيطرة السلجوقية عليه وأن انتقاله من منطقة النيل الى منطقة الجامعين لاتصافها بالموقع الاستراتيجي فهي منطقة حصينة وكان هذا من الاسباب التي دفعت صدقة الى بناء المدينة الجديدة الحلة والتي كانت الجامعين مركزاً لها .
       والذي يمكن استنتاجه أن ما شاهده صدقة بن مزيد منازعات بين السلاطين أثر في نفسه فخاف على بلاده واراد أن يكون في مأمن من حملاتهم ، فضلاً عما ما تقوم به القبائل من هجمات على بعض المناطق التي يملكها صدقة(27) ، كل هذه العوامل حفزت صدقة أن ينتقل الى المكان الجديد وفي ذلك أكد ياقوت الحموي بالقول :- (( وكان أول من عمرها ونزلها سيف الدولة صدقة بن منصور بن دبيس بن علي بن مزيد الأسدي وكانت منازل آبائه الدور من النيل فلما قوي أمره وأشتد أزره وكثرت أمواله لإنشغال سلاطين السلاجقة بركيارق ومحمد وسنجر أولاد ملك شاه بن ألب أرسلان بما تواتر بينهم من الحرب ، أنتقل الى الجامعين موضع في غرب الفرات ليبعد عن الطالب ))(28) .
       والملاحظة الجديرة بالانتباه (( ان الجامعين كانت تقع غرب الفرات قبل ان يؤسس صدقة مدينة الحلة وحدودها واسعة تحاذي المدائن في القرن الرابع الهجري ))(29) ، وأول من سكن هذه المنطقة صدقة بن منصور المزيدي فبنى فيها المساكن الجليلة والدور الفاخرة ونزلها الناس(30) .
        ومن مظاهر القوة لصدقة أن أملاكه قد اتسعت بعد بناء الحلة حتى وصلت الى هيت وقد وصفت هذه المدينة أنها كانت كالبنت الباكر والدرة التي لم تثقب(31) ، وفتح عانة وعاد الى حلته(32) .
        والجالب للانتباه أن منطقة عانة كانت تابعة لقبائل بني يعيش العربية وعندما تعرضت لخطر الأتراك استنجدت بصدقة ولم تذهب الى سلطان بغداد من السلاجقة وربما يعزى ذلك الى إن صدقة كان يمثل ثورة العرب وملك العرب للتخلص من جور الأجانب كما سيطر على واسط والبصرة(33) ، وفي عام 500هـ وصل صدقة الى قلعة تكريت(34) واحتلها وواصل توسيع أملاكه فأرسل أبنه بدران الى البطيحة لاستنجاد أهلها من خطر قبيلة خفاجة فسيطر عليها .
        ومما تجدر الإشارة إليه ان موقف الخلافة العباسية في بغداد أصبح غير راضٍ من توسع طموحات صدقة وتعليل ذلك على ما أرى لأنه كان يمثل الشيعة في الحلة خاصة وفي العراق عامة ، وأصبح الخليفة العباسي أمام امر لا بد أن يكسب ود صدقة فلقبه بملك العرب(35)، وهكذا زادت مكانة صدقة فأصبح ملكاً على جميع القبائل العربية وأعطته هذه المكانة واجباً صعباً امام القبائل التي قد تعبث بالأمن .
         لقد اتصف صدقة بصفات حميدة فكان كريماً حتى قيل انه يغترف من بحر جوده فقير العرب وغنيها وأنه كان يصرف على الصلات العارضة والمطابخ حوالي ستين ألف دينار وأطلق سراح أسرى القبائل وكساهم وحماهم وردهم الى أهلهم ، وقد مدح صدقة كثير من الشعراء ، منهم ابن الهبارية الذي أهدى أرجوزة سماها الصادح والباغم تتكون من ألف بيت(36) ، وهنا تبرز ظاهرة لابد من التركيز عليها هي ان هدف صدقة بن مزيد من قدوم هؤلاء الشعراء اليه ومدحه كان يعني إظهار كرمه و أدبه  وشجاعته وهوايته للشعر ، ولكي يضفي على نفسه جميع الامتيازات والصفات التي كان الخليفة يتصف بها ، ويوجه أنظار الناس الى العاصمة الجديدة ، ويقلل من نفوذ الخليفة المستظهر بالله ما يستطيع ، ورغم ان الخليفة كان موقفه أيجابياً من صدقة فقد أكرمه بدار تقع بدرب فيروز ببغداد(37) ، كما أقطع له عدة أقطاعيات منها الأنبار ودماما والفلوجة وخلع عليه خلعاً لم تخلع على أمير قبله وبمرور الزمن ساءت العلاقات بين صدقة والسلطان وكان من أسبابها ما ينقل الى السلطان أنه أصبح لصدقة نفوذ سياسي كبير وقد أوحش أصحاب السلطان ، وان هذه الظروف ولدت مخاوف عند السلطان محمد من صدقة فأوحت له أنه سوف ينافسه بالقوة والنفوذ إذا تركه دون محاربة ، وأما بالنسبة الى صدقة فإنه كان متعمداً في إساءة العلاقة مع سلطان بغداد وكانت هذه الأمور وغيرها قد أشعلت نار الحرب بين الخليفة وصدقة عام 501هـ انتهت بمقتل صدقة وانهيار جيشه واستيلاء أصحاب السلطان على الحلة(38) .
        وهنا لابد أن نعلل فشل جيوش صدقة في مقاومتها للسلطان وكان من أسبابها أن صدقة أعتمد في جيشه على القبائل العربية المحيطة بالحلة وهؤلاء مدفوعون بمصالح نفعية للحصول على مكاسب ومغانم مادية وليس عندهم عقيدة عسكرية فضلا عن انهم متنقلون من مكان الى آخر وحسب الحاجة الاقتصادية ، ويبدو ان سكوت الخليفة طيلة هذه المدة وهو يعلم بنفوذ صدقة ذلك لأنه يرغب أن لا يقضي نهائياً على صدقة لئلا يبقى وحيداً أمام السلاجقة ، وإزاء ذلك فان العامل الاقتصادي كان له أهمية واضحة في دفع صدقة بن مزيد في الانتقال من النيل موطن أجداده الى منطقة الجامعين ، حيث اراد صدقة ان تكون مدينته في موقع خصب ووقوع هذا الموضع على شط الفرات ادى ان يكون لها مكانة اقتصادية بينة وتتصل بطرق عدة .
        وتظهر الأهمية الاقتصادية من خلال التباين في المظهر الارضي الذي يخلق تباينات واختلافات مكانية تساعد على نمو المدينة اذ تتفاعل عوامل البيئة الطبيعية للمكان مع العوامل البشرية وتمنحه القدرة على الاستمرار والنمو(39) .
المبحث الثاني
العوامل الاقتصادية وأثرها في تأسيس مدينة الحلة
       ان للعامل الاقتصادي أثراً ودوراً مهمين في قيام واستمرار الدول وبقائها لذى نرى هذه الدول على اختلاف ازمانها وأماكنها تولي هذا الجانب أهمية كبرى من أجل استمرار وزيادة وتعزيز قوتها السياسية والعسكرية ولما كانت الزراعة عصب الحياة الاقتصادية انذاك زاد الاهتمام بها وصار يرد الى خزائن المال الحكومية من ضرائب كبيرة ، وهي ما يطلق عليه في التاريخ الاسلامي بـالخراج )* و عشور الزكاة )** وغيرهما ، لذا نرى ان الامير صدقة بن مزيد كان يولي اهتماماً وعناية بالزراعة وطرق ري الاراضي الزراعية ، فضلاً عن ان الزراعة هي المهنة الأولى لغالبية السكان والمورد الأول الذي اعتمد عليه معظم السكان في مدينة الحلة.
        ويمكن الاستنتاج ان الزراعة كانت سائدة وان السكان كانوا يعتمدون بالدرجة الأولى عليها ويوحي لنا ان القلق السياسي وكثرة انقطاع الطرق وعدم سلامتها وتهديد الأعداء باستمرار للحلة جعلها تتكيف في اقتصادها الزراعي على نوع من الاكتفاء الذاتي فضلاً عن صعوبة طرق المواصلات في حالة نقلها الى مكان آخر ولذلك يلاحظ ان الكثير من المدن ومنها الحلة اتخذت من ضفاف الانهار مستقراً لها .
       ومن ذلك يمكن القول ان البيئة الجغرافية لما تتصف به من ملاءمة المناخ وخصوبة التربة ووفرة المياه جاذبة للسكان في المنطقة التي أختارها صدقة لتكون عاصمة لسلطان نفوذه كما كانت سبباً في اجتذاب عناصر وافدة من المناطق المجاورة لمدينة الحلة حيث كان لها الأثر في تطور هذه المدينة لاسيما في الاعتماد على الزراعة وتربية الحيوانات اللذين كانا عماد الحياة الاقتصادية لسكان مدينة الحلة ، وليس هذا الامر وقفاً على مدينة الحلة فقد عرفت الزراعة في العراق منذ القدم وهي الحرفة الرئيسية لسكانه نظراً لملاءمة الظروف الطبيعية لها كوجود مساحات كبيرة من الأراضي المنبسطة الصالحة للزراعة ومناخ مساعد للنمو شتاءاً وصيفاً ومعتدل ربيعاً وخريفاً وهذا ما نتج عنه تنوع في الحاصلات الزراعية والذي أكمل التطور الاقتصادي ان جميع الموارد الزراعية الزائدة عن حاجة السكان كان تستغل اما ان تصدر للمناطق المجاورة او تصبح مادة اولية للصناعة المحلية للتجارة .
1-   الزراعة في مدينة الحلة 
1-     جغرافية مدينة الحلة :-
ان دراسة العلاقات المكانية ذات أهمية لمدينة الحلة ويمثل المكان أو المجال الذي يسكنه الإنسان ويستقر فيه وان هذا
الموقع ليس له أهمية إلا بقدر علاقة الانسان(40) ، ولا بد من التطرق الى ما يلي :-
1-     أصل تسمية مدينة الحلة :- كثرت الاراء حول أصل التسمية فقد قيل فيها ، الحلة بكسر الحاء وتشديد اللام المهملة معناها القوم النزول )(41) وفيهم كثرة وجمعهم حلال(42) ، وهي بليدة طيبة جيدة الهواء جيدة الفضاء بارض العراق وكانت تسمى بالجامعين قبل ان يعمرها سيف الدولة صدقة بن منصور(43) ويطلق على الحلة أحيانا الحلة السيفية نسبة الى مؤسسها سيف الدولة أبي الحسن صدقة بن منصور بن دبيس بن علي بن مزيد(44) ، كما أطلق عليها اسم الحلة المزيدية(45) والحلة شجرة شائكة أصغر من العوسج(46) وتسمى أيضاً الكوفة الصغرى لكثرة ما فيها من التشيع(47) . 
2-     أهمية موقع الحلة من الناحية الجغرافية :يعد الموقع ( Situation ) والموضع Site أهم عنصرين في تشكيل أية مدينة ويزودان السكان والبناء الوظيفي نمطاً معيناً يتميز عن المدن الأخرى ، فموقع الحلة يقع جنوب العاصمة بغداد 100كم تقريباً والى الشمال الشرقي من الكوفة بنحو 64كم2(48) ، وتقع بين الكوفة وبغداد(49) ، وهناك علاقة وثيقة بين الخصائص الطبيعة لموضع المدينة وبين حجمها وشكلها والكيفية التي تتوزع فيها أقاليمها الوظيفية كما ان هناك علاقة وأهمية بين الموقع والوظائف التي تقدمها المدينة الى ساكنيها(50) .
     تقع مدينة الحلة على جانبي نهر الفرات وعلى خط طول 44.66° ودائرة العرض32.9 شمالاً(51) ، وهذا الموقع الاستراتيجي الذي امتازت به المنطقة قبل انتقال آل مزيد إليها وتأسيس الجامعين لم يأت بصورة عشوائية بل كان تخطيطاً مدروساً من جميع النواحي .
         ومعرفة تأثير الموقع الفلكي لمدينة الحلة ( Astronomical location ) :- الذي يحدد الخصائص المناخية للمدينة وتأثيره على طريقة بناء بيوت المدينة(52) ، وكذلك معرفة تأثير الموقع النسبي ( Relazive location )الذي يحدد العلاقة بين المدينة ومنطقة نفوذها وهي علاقة ناتجة عن المكانة الاقتصادية والاجتماعية للمدينة ، وهما من العوامل المهمة التي تشجع الانسان في منطقة نفوذ المدينة وتبادل الفعاليات الاقتصادية .
         ان مزايا الموقع الجغرافي لا تعد وحدها السبب في نشوء الحلة إذ ان لمزايا موقعها الطبيعي دور آخر دفع صدقة بن مزيد الى اختيار هذا المكان لبناء مدينته اذ ان مثل هذه المزايا تعطي خصائص البيئة لهذا المكان(53) .
       ولذلك فان ما تتمتع به مدينة الحلة من مزايا الموضع المتمثل بالارض السهلية المنبسطة ذات التربة الخصبة وتوفر المياه دائمة الجريان ومصادر المياه الاخرى ووجود طرق مائية عن طريق شط الحلة والطرق البرية مثل الطريق الذي يربطها ببغداد والكوفة أو كربلاء شجع صدقة ان يكون اختياره لبناء المدينة في هذا الموقع وهي ذات الوقت تمثل المركز بالنسبة لكافة العشائر المحيطة بالمدينة من جميع الجهات وعن موقعها جنوب بغداد من الاخطار التي قد تستهدفها من الشرق .
        وليس من المبالغة اذا قلنا ان الحلة بموقعها تمثل قلب الفرات الأوسط بتربتها الخصبة ووفرة المياه(54) ، وقد وصفت مدينة الحلة بانها (( عتيقة الوضع مستطيلة الشكل لها جسر عظيم معقود الى مراكب كبار متصلة من الشط الى الشط تحف من جانبها سلاسل من حديد مربوطة في كلا الشطين الى خشبة عظيمة مثبتة بالساحل ، والطريق من الحلة الى بغداد أحسن الطرق وأجملها في بسائط جداول من ماء الفرات تتسرب بها وتسقيها فمحرثها لاحد لاتساعه وانفساحه فللعين في هذا الطريق مسرح انشراح وللنفس انبساط وانفتاح ))(55) . ويمكن أن نستنتج من وصف ذلك الجسر أن أبن جبير كان معجباً به والمعروف ان الجسر الذي شيد على نهر الفرات في وسط مدينة الحلة كان له أسهام لمرور الحجاج عليه الى بيت الله الحرام حيث كان عبورهم قبل تشييده بوساطة المراكب .
        قال القلقشندي في موقع مدينة الحلة هي من الأقليم الثالث حيث الطول ثمان وستون درجة والعرض اثنان وثلاثون درجة وخمس وخمسون دقيقة(56) ، ومن تحديد القلقشندي لموقع مدينة الحلة من حيث خطوط الطول ودوائر العرض يمكن ان نستنتج ان اختيار صدقة لموقع مدينة الحلة لم يكن اعتباطاً وانما كان بعد تمعن ودراسة فليس من المعقول ان مثل صدقة كقائد سياسي تنقصه الخبرة في اختيار المكان الملائم له ولإتباعه ولابد ان تتميز عن غيرها من المناطق بمواصفات جيدة وما يؤيد ذلك وصفها طيبة ... جميلة الهواء ... وجيدة الفضاء "(57) ، ويتبين أثر العوامل التي تتحكم في وجود المدن من الآراء المختلفة للجغرافيين فيؤكد البعض ان العامل البشري وكثرة السكان يخفقان من أثر اختيار الموقع المدينة بينما يؤيد آخرون ان الموقع واختياره يتأثر بعاملين أولهما المناخ والتضاريس والتربة وثانيهما العامل البشري الذي يحدد انماط النشاط الاقتصادي والسياسي للسكان(58) ، وهنا لابد من التأكيد ان للعامل الاقتصادي التأثير الاول في اختيار المواقع الاستيطانية ، ومدينة الحلة تحتل موقعاً جغرافياً وتاريخياً هاماً لأنها قريبة من مدينة بابل الأثرية ، وكان العرب يشكلون القسم الأكبر من السكان فقد سكنها المزيديون بعد تأسيسها(59)
جتأثير التضاريس في تطور الزراعة :-
       لقد فضل الإنسان منذ أقدم العصور السهول والأراضي المنبسطة في السكن على غيرها باعتبارها أكثر خضوعاً لأساليب الري واقامة مراكز الاستقرار(60) ، وعلى أية حال فإن المناطق السهلية الغنية بالموارد المائية تكون الأفضل في الاستقرار الحضري وهذا ما نجده في موضع مدينة الحلة اذ ان بيوتها بنيت على جانبي شط الحلة .
       ان دور الانسان وقدراته واسلوب انتفاعه بالارض يسجل اضافة مهمة لعامل او عوامل بشرية تفرض بعداً مؤثراً في توزيع السكان والمستوطنات .    
       كما ان توفر الأرض الصالحة للزراعة يعد عاملاً له أهمية في اختيار الموقع المعين الذي تؤسس عليه المستقرات الانسانية ، وذلك لأن الزراعة تعد محور حياتها الاقتصادية تتخذه مركزاً لاستقرارها ، وعليه يمكن القول بان الزراعة باعتبارها القاعدة الاقتصادية للسكان كان لها الأولوية في رسم اتجاهات الاستيطان سواء من خلال ما رسمته مواقع الموارد المائية ونوعيتها وكميتها او ما عكسته أساليب الزراعة ونوع الانتاج وطرق المواصلات البرية التي تربط بين المدينة وسلطة نفوذها وبين المدينة والمدن الاخرى لنقل الفائض من الانتاج الزراعي والحيواني الى مدن اخرى لاسيما في أوقات الحروب والكوارث الطبيعية .
       ان معرفة جغرافية الحلة تعد من المهام الأولية لدراسة الحالة الاقتصادية فيها فالقرية تاريخياً هي أقدم من المدينة وهي المرحلة الأولى التي خطاها الانسان في سبيل التكيف مع البيئة وان حياة الانسان في أية منطقة تتفاعل مع ما يسود فيها من ظواهر طبيعية ومناخية وتحدد نشاطه(61) .
       وان الهدف من اختيار موقع ما للاستيطان وتجميع الوحدات السكنية فيه ليس لمجرد الإيواء وإتاحة الملجأ بل يهدف كذلك إلى إيجاد العلاقة السوية بين مصالح الناس وخياراتهم وبين صفات وخصائص ذلك الموقع وبين الموضع الذي تقوم عليه المدينة ، وان اختيار الموقع يراعى فيه المكان المناسب من حيث علاقته بموارد الماء(62) ، وموقع مدينة الحلة على ضفاف شط الحلة اعطاها أهمية خاصة ، وان هذا الموقع وفر مستلزمات الأمن والقدرة على الدفاع ومواجهة التحديات والاخطار التي تواجه موقع هذه المدينة في أيام الحروب والأزمات وعند تأسيس أية مدينة تفضل المناطق السهلية التي تبدو مفتوحة ويكون سطحها رتيباً لأن البيئة السهلية تستجيب لجملة من حاجاته ونشاطاته لأنها تتيح له القدرة على ان يستثمر الأرض ويعدها ويجهزها للإنتاج الزراعي وان يخضعها لأسلوب من أساليب الري المنتظم(63) ، والثابت ان جميع الأراضي المحيطة بمدينة الحلة قد امتازت بهذه الصفة ، ومن ذلك يمكن الاستنتاج ان المناطق السهلية بيئة تتوفر فيها جميع مستلزمات الانتاج الزراعي لذا فان الجذب السكاني وبناء المدن يكون فيها أكثر حظاً ولذلك كثر بناء المدن على واجهات الأنهار وهذه المستلزمات كانت من أهم أسس اختيار الموقع لبناء مدينة الحلة وتطورها الاقتصادي .
        ومن المفيد التأكيد على ان العامل الاقتصادي كان له اسهام في انتقال صدقة بن مزيد من النيل الى الجامعين فقرب الجامعين من المياه وخصوبة التربة وطريق قوافل الحج الذي يأتي من بغداد ماراً بالحلة ثم الكوفة متجهاً غرباً الى مكة زاد من أهمية اختيار الجامعين وجعل الحلة محطة اقتصادية مهمة ، كما ان انهيار مشاريع الري في منطقة النيل كان من العوامل التي دفعت صدقة بن مزيد للانتقال الى المكان الجديد الجامعين عام 496هـ ، فضلاً عن ان هناك عاملاً مهماً رفع من منزلتها الاقتصادية هو ارتباطها بالمركز خارج اقليمها فبغداد من الشمال وكربلاء من الشمال الغربي والديوانية جنوباً والنجف من الجنوب الغربي فموقعها من تلك المدن موقع مركزي بحيث تكون حلقة الوصل بين تلك المراكز وعليه فهي باكتسابها بعض هذه الميزات أصبحت الوريث الجديد لبابل(64) ( The modern Successor of Babylon ) .
       ومما تقدم نستنتج ان الامير صدقة قرر بناء مدينته الجديدة الحلة بسبب إمكانياته الاقتصادية لذلك بنى وأصحابه المساكن الواسعة وان هذا العمل يحتاج بطبيعة الحال الى قدرة اقتصادية لجعل المدينة افضل حالاً من مدينة أبائه النيل 


دالزراعة في مدينة الحلة :-
        الزراعة تمثل العمود الفقري الاقتصادي لأية دولة في العالم والمقياس الأساسي لمستوى معيشة السكان وان للزراعة أهميتها المطلقة في الحياة البشرية وفي الحضارة الإنسانية ، وبما ان مدينة الحلة تقع على ضفتي شط الحلة فقد عد ذلك أساساً قام عليه توزيع وتجميع السكان فيها لأن مهنة الزراعة كانت المصدر الرئيس لمعيشة السكان في ذلك الوقت وهذا الأمر أكده السائح العربي ابن جبير عندما مر بالحلة في أواخر القرن السادس الهجري فقد وصف الطريق عبر الحلة بانه (( بسائط من الأرض تتصل به القرى يميناً وشمالاً ))(65) ، لذلك كانت الحلة شبه ريفية وهذا يوضح ان معظم سكانها يعيشون على الزراعة قبل نشوء الصناعة المدنية وهناك عوامل عديدة تجعل اقتصاد المدينة الزراعي  يتصف بالاكتفاء الذاتي ليستطيع سكانها الاستمرار على المعيشة أيام الأزمات الاقتصادية او الحروب ولذلك بنيت على ضفاف الفرات وهذا الأمر متأتٍ من المياه الوفيرة ، فالانهار والترع المتفرعة من نهر الفرات عديدة وأبارها العذبة كثيرة وسواقيها وقناطرها منتشرة في اراضيها المتصلة بين الكوفة وبغداد(66). .
       وتعد الأراضي التي تقع عليها مدينة الحلة جزءاً من السهل الرسوبي ورغم انبساط السهل فانه لا يخلو من بعض التضاريس المحلية التي توجد بين مجرى النهر والمناطق البعيدة عنه ، فالمناطق القريبة من مجاري الأنهار والتي تسمى كتوف الأنهار تكون أعلى ارتفاعا من بقية المناطق بسبب ان المواد الغرينية التي تحملها المياه تترسب في المناطق القريبة من منبعه وبمرور الزمن تصبح هذه المناطق أكثر ارتفاعاً وأكثر خصباً ولذلك ازدهرت الزراعة فيها ، وأهم المحاصيل الزراعية في مدينة الحلة النخيل(67) ، كما اشتهرت الحلة بزراعة المحاصيل الشتوية والصيفية ، وهذه الحالة تعد عامل جذب للسكان للاستفادة من هذه الميزة ، انتشرت الزراعة في الحلة للظروف المناخية الجيدة ومارافق ذلك من ميزات السطح الملائمة والتضاريس المحلية الصغيرة فأصبح له تأثير على نمو الزراعة لوجود التصريف وما يتركه ذلك التصريف على صلاحية التربة للزراعة فالمناطق المرتفعة فضلت على غيرها من الاراضي في الاستثمار الزراعي ، ونتيجة كثرة الانتاج الزراعي في الحلة فقد وصفت الجامعين التي أقيمت عليها الحلة بانها عبارة عن رستاق عامر خصب(68) ، هذا الانتاج الذي كان عامل اسناد للمناطق المجاورة مثل بغداد بتزويدها بالمواد الغذائية(69) أيام الحروب والمنازعات او عند حدوث الكوارث الطبيعية أو الآفات الزراعية ، وكان من العوامل التي شجعت القيام بالزراعة في مدينة الحلة خصوبة أرضها وغنائها بالمواد اللازمة للزراعة(70) وكثرة تفرعات الأنهار لسقي المحاصيل الزراعية فأن مياهها وفيرة ، فالأنهار(71) والترع المتفرعة من نهر الفرات عديدة وأبارها العذبة كثيرة وسواقيها وقناطرها منتشرة في أراضيها المتصلة بين الكوفة وبغداد(72) ، فضلا عن المناخ الملائم فالامطار تتصف بانها تتبع نظام البحر المتوسط من حيث مواسم سقوطها .
         ولي ان أشير ان السبب الرئيسي في نزول معظم الامطار في المنطقة هو تعرضها لمرور المنخفضات الجوية التي تحدث فوق مياه البحر المتوسط والتي تدفعها الرياح العكسية شرقاً في فصل الشتاء(73) ، ولكن هذا لا يعني ان الزراعة تعتمد بدرجة كبيرة على الامطار لقلتها من جهة وعدم انتظام سقوطها من جهة أخرى .
        وهناك عامل مهم امتازت به تربة مدينة الحلة هو التربة الرسوبية التي تكونت بتأثير ترسبات نهر الفرات ثم أضيفت اليها ترسبات أخرى منقولة بالمياه نجمت عن الفيضانات العالية المتعاقبة خلال مئات السنين ومن ذلك يمكن القول أن التربة ليست من التكوين الأساسي أو الأصلي وإنما هي تربة منقولة من مناطق أخرى تمتاز بالخصوبة وتحتوي على كميات كبيرة من الكلس والفسفور وهذه المميزات أعطت التربة في مدينة الحلة صفة الخصوبة وكثرة الانتاج الزراعي ، وهناك أكثر من اشارة لانتشار الزراعة في الحلة منها الاهتمام بحفر الأنهار ففي فترة الاحتلال المغولي حفر السلطان غازان نهراً يسمى نهر الغازاني فأصبحت الحلة مليئة بالحدائق والبساتين(74) ، وهناك عدة أشارات ذكرت أسماء الأنهار التي أمتازت بها مدينة الحلة
        ومما ينبغي التأكيد عليه ان للجامعين طسوجا* تسقيها الأنهار المتفرعة من نهر سوراً** الأسفل وقد ذكر الاصطرخي أن حول الجامعين رستاقاً عامراً خصباً جداً(75) وهناك اشارة عن ذلك الرستاق الذي يحاذي نواحي المدائن(76) ، ومن المعلوم أن الأجمة التي نشأت الحلة بالقرب منها يكثر فيها القصب والمناطق التي يكثر فيها القصب تنتشر فيها صناعة الحصران كما يعد القصب(77) غذاء جيداً للحيوانات لاسيما الجاموس والبقر وهما عماد الحياة الاقتصادية في ذلك الوقت ومن الملاحظ ان الجاموس والأبقار أستخدم للحراثة وسقي الأرض عن طريق النواعيروجاء ذكر استعمال أسمدة هذه الحيوانات في زراعة الفواكه(78) .
        وهناك الكثير من القرى المجاورة لمدينة الحلة قد أشتهرت بزراعة الفواكه(79) ومن هذه القرى قرية القنطرة الكبيرة وسميت هذه القرية بالقنطرة لوجود قنطرة كبيرة محدبة فيها وهي تعرف كذلك بقرية بشير، وقرية الفراش الكثيرة العماره ، وحولها بساط أخضر من الأرض جميل المنظر وفيها خان محاط بجدار عالاً له شرفات صغار وهي أحسن قرى الأرض، وأجملها منظراً، وقرية بزريران ، وقرية صرصر وهناك جسر كبير قرب هذه القرية ويبعد عن بغداد بثلاثة فراسخ وهذه (80)    وكانت منطقة سورا تزرع فيها الأعناب والرمان والحنطة والشعير(81) ، وهنا لابد من ذكر أهم الطسوج في منطقة الفرات الوسط ليتبين لنا الأهمية الزراعية في هذه المنطقة وهي (( طسوج بابل وخطرينة ، والفلوجة العليا ، والفلوجة السفلى ، والنهرين سورا وبريما ))(82) .
2-   الصناعة في مدينة الحلة :-
         تعد الصناعة الركن الثاني من أركان النظام الاقتصادي في مدينة الحلة وهذه المهنة متأتية من وجود المواد الأولية التي تعتمد عليها وقد جاء ذكر ذلك في زيارة ابن جبير لمدينة الحلة قال:( فيها أسواق حفيلة جامعة للمرافق المدنية والصناعات الضرورية )(83) والذي يبدو واضحاً ان تلك الصناعات قد كثرت وتنوعت واعتمدت في ذلك على المنتجات الزراعية والحيوانية ومنها صناعة الدبس والمواد الغذائية المستخرجة من تمور النخيل(84) وتكثر النخيل في الحلة حتى ان دورها كانت بين حدائقه(85) ، وقد شجع صدقة بن مزيد زراعة البساتين(86) فمدينة الحلة قد اشتهرت بكثرة النخيل فمثلاً في عام 653هـ هبت ريح قوية وقعت نتيجتها ثلاث آلاف نخلة من نخل الكوفة ومن نخيل السيب(87) .
        ولي ان أشير ان صناعة التمور كانت رائجة في مدينة الحلة ويبدو ان بعضاً من الحاصلات الزراعية قد زودت الصناعة ببعض المواد الاولية فقد اعتمدت صناعة النسيج على القطن ، كما اعتمدت صناعة العطور على الزهور والرياحين والمعروف ان الصناعة ضرورة اجتماعية تفرضها الحاجات المعاشية على الافراد فقد عرف(88) أهل العراق هذا النشاط منذ أقدم الأزمنة .
         وكان من أشهر الصناعات في الحلة صناعة الثياب النرسية(89) ، وانتشرت في مدينة الحلة صناعة الوراقة والنسخ وكانت لها محلات خاصة بها وممن ذاع صيته في هذه الصناعة احمد بن عبد اللطيف التعاويذي ت:640هـوعز الدين ابو عبد الله المعروف بابن كردس وكان حسن الخط(90) ، كما كان لمدينة الحلة معرفة جيدة بصناعة الصياغة للذهب والفضة ومختلف الجواهر والفخار(91) ،وهناك مصادر تاريخية تسرد لنا الكثير من الصناعات التي أشتهرت بها مدينة الحلة كصناعة النسيج بأنواعه، وصناعة العطور ، والصباغة(92)
       وحول حالة الصناعة في مدينة الحلة يذكر لنا ابن جبير بقوله : (( انها حفيلة جامعة للمرافق المدنية والصناعات الضرورية ))(93) .    
        وتتقدم صناعات الغزل والنسيج عن بقية الصناعات بسبب توفر المواد الاولية التي تعتمد عليها هذه الصناعة كالاصواف والقطن والحرير ، وبفضل حاجة الانسان الملحة الى الاقمشة والمنسوجات لعمل الملابس وبالدرجة الاولى ثم بقية المنتوجات النسيجية فضلا عن ظهور الصناعات الخشبية ، وتعتمد هذه الصناعات على القصب والبردي والحلفاء وخوص النخيل وسعفه والجريد(94) .
         فضلا عن ذلك شاع استخدام اللبن بوصفه مادة اساسية في البناء وكان عبارة عن طين مفخور ، اذ يوضع تحت الشمس لاكسابها قوة ومتانة ثم تستخدم في البناء ، وقد اصبح الطين المفخور الاجر او الطابوق اساس العمل .
        وزيادة عن ذلك يمكننا الاشارة الى وجود العديد من الصناعات المتفرقة والتي عرفها العراقيون منذ القدم وانتشرت في معظم اقسامه ، وكانت معظم هذه الصناعات تعتمد على مواد اولية محلية ، ومن هذه الصناعات صناعة (الجلود ، الصناعات الغذائية ، وصناعة الصابون ، والادهان والمعاجين ، وصناعة الخزف والفخار والنقش عليه ، وصناعة الزجاج )(95) .                    
3-   التجارة في مدينة الحلة :-
        كان للتجارة أهمية بالغة في تطور الحالة الاقتصادية في الحلة وهذا الأمر متأت من كثرة الإنتاج الزراعي والحيواني وازدهار الصناعة فقد كانت مدينة الحلة تجارية منذ تأسيسها(96)، وقد لعبت الطرق المائية عن طريق نهر الفرات دوراً مميزاً  في تشجيع التجارة في هذه المدينة(97) ، فضلا ان المنطقة السهلية التي تقع عليها مدينة الحلة كانت عاملاً مهماً جمع كافة الفعاليات الاقتصادية للمدينة وهناك عدة إيماءات للعلاقة التجارية بين مدينة الحلة ومناطق أخرى(98) ، حيث ذكر إنها قوية العمارة كثيرة الخلق(99) .
        وكان للنقل المائي دور مهم في نقل البضائع فكانت سفن الشحن في نهر الفرات تنحدر فيه ذهاباً واياباُ(100) (( وكان الطريق البري من الحلة الى بغداد احسن طريق واجملها في بسائط من الأرض وعمائر تتصل بها القرى يميناً وشمالاً ... والامن فيها متصل(101) )) .
        والثابت ان النقل المائي والبري وتوفر الامن يشجع التجار على نقل تجارتهم من منطقة الى آخرى بيسر واطمئنان ، ويؤكد ابن جبير بشأن توفر الأمن للطريق البري بين الحلة وبغداد لاسيما في مواسم الحج حيث يمر الحجاج بمدينة الحلة .. فتلك الطرق أكثر الطرق سواقي وقناطير وعلى أكثرها خيام فيها رجال محترسون للطريق اعتناءً من الخليفة بسبيل الحاج دون اعتراض منهم .... والاحتياط عليهم والاحتراس لمقدمتهم وساقتهم(102) ،ومن المعروف أن هذا الطريق الذي سيلكه الحجاج يربط الحلة بالكوفة ، ثم من الكوفة الى الحجاز ويقول أبن جبير أنه خرج من الكوفة وبات في منطقة قريبة من الحلة فبل أن يدخلها أثناء عودته من الحج ،وقد وصف أمير الحج طشتكين الذي عينه الخليفة العباسي الناصر لدين الله عام 580هـ ، أنه كان رفيقاً بالحجاج ، وكان من التواضع ولين الجانب ، ولم يشعر الحجاج بطول الطريق ومشقته ، ومن المعروف ان الحلة كانت تدار من قبل الأمير طشتكين (103) وكان من نتاج التطور الاقتصادي لمدينة الحلة قد سهل للكثير من الحلين أداء مناسك الحج والإقامة والاستقرار في مدن الحجاز وباختلاطهم هناك أصبح لهم مكانة جيدة من خلال المناقشات والمناظرات ومنهم قوام أبو طاهر احمد بن الحسن بن موسى بن طاووس ت:704هـ حج بالناس ودخل المدينة وقد شكره أهل العراق والغرباء الذين حجوا معه(104) . 
       كما ذهب الى الحج من الحلة العلامة الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي ت: 726هـوالتقى هناك بالشيخ ابن تيمية ت:728هـ واعترف للعلامة الحلي بالسبق العلمي(105) ، وهذا الأمر يأتي من الطبيعة الجغرافية الجميلة وما لمناخها من تأثير لسلامة الأبدان وصحة العقول وانفتاح الأفكار(106) .
        ولم تقتصر الاستفادة من الانهر الرئيسية والفرعية في مجال السقي والارواء بل استخدمت ايضا وبنطاق واسع في عملية النقل والمواصلات وذلك لان اغلب المدن نشأت وتطورت على ضفاف الانهار الرئيسة ، وكان رخاء المدن يرجع الى قربها من الماء وهذا الامر ينطبق على مدينة الحلة ، ولاهمية وسائط النقل المائية فقد بنيت باحجام مختلفة تتناسب والاغراض المستخدمة من اجلها ومن الطبيعي ان تزدهر وسائل النقل المائي بين مدينة الحلة والمدن الاخرى التي تقع على ضفاف نهر الفرات .  
أما أهم صادرات الحلة فهي منتجاتها الزراعية والنسيجية وكانت تذهب إلى بغداد(107) .
   ومن خلال القراءات المتأنية لدد من المصادر التي كتبت ن الحالة الأقتصادية لمدينة الحلة تبين لنا أهميتها الأقتصادية من حيث الموقع وأحتلالها مركزاً يمثل محطة تجارية بري ونهرية تمر بها الطرق بين عاصمة الخلافة بغداد ومدينة الحلة، فضلاً عن كونها محطه لقوافل الحجاج.
الخاتمة
       تعد دراسات الحالة الاقتصادية في المدن ظاهرة حضارية متقدمة اهتمت بها الدول المتقدمة منذ وقت مبكر ودراسة الاحوال الاقتصادية لمدينة الحلة تؤكد ان هذه المدينة تعد من الحواضر العربية الاسلامية حيث كان لها دور بارز في مظاهر الحياة الاقتصادية في الحلة واهم ما توصل اليه الباحث ما يأتي :-
- فرضت طبيعة الموضوع ان نبين النواحي الجغرافية وأثرها في النشاط الاقتصادي الذي مهد لنشأة المدينة مدللاً بذلك على ان البيئة الجغرافية في الحلة بما تتصف به من ملاءمة المناخ وخصوبة التربة وكثرة المياه عن طريق نهر الفرات كان عامل تشجيع لاختيار موقع الحلة ذي الاهمية الاقتصادية .
- تبين من خلال البحث ان ازدياد قوة ال مزيد ابان أيام صدقة بن منصور دفعته الى اختيار موقع جديد له مواصفات مميزة فوقع اختياره على منطقة الجامعين لتكون النواة الأولى لمدينة الحلة .
- جاء في البحث ان الصراع الذي جرى بين آل سلجوق حول السلطة بركيارق ، ومحمد أبو شجاع ، وسنجر مهد الطريق لصدقة بسط سلطته وتأسيس مدينة الحلة .
- ورد في البحث ان الموقع الجغرافي وخصوبة التربة ووفرة المياه عن طريق نهر الفرات شجع كثيراً صدقة بن مزيد على اختيار هذا المكان لبناء مدينته الجديدة الحلة )  .
- بين البحث ان وقوع مدينة الحلة بين بغداد شمالاً والكوفة جنوباً وكربلاء غرباً أعطاها أهمية اقتصادية حيث تقع هذه المدينة على طريقي الموصلات النهري والبري اللذين يربطان الحلة بهذه المدن ووقوعها على طريق الحج البري ومنها إلى الكوفة ثم الحجاز .
- جاء في البحث أن نفوذ مؤسس مدينة الحلة صدقة بن منصور قد وصل الى المدائن شرقاً والى هيت غرباً وأصبح خطراً على مركز الخلافة العباسية في بغداد وان طموحه السياسي الواسع مهد لسقوطه بسرعة .
- ساهمت الدراسة بشكل فعال في تبيان أهمية الزراعة والتجارة والصناعة في فاعلية اختيار المكان الذي بنيت عليه مدينة الحلة .
- بان في البحث استخدام للكثير من الأدوات التي كانت تستعمل في رفع المياه ولا زال بعضها شائع الاستخدام إلى يومنا هذا مثل الناعور وهذا يؤكد حقيقة تواصل الحضارة العراقية عبر الحقب الزمنية المتعاقبة .
هوامش البحث
  1. إبراهيم ،أحمد حسن ،مدينة  الكويت،دراسة في جغرافية المدن، مطبعة اليقظة ،الكويت ، (الكويت، 1982م،ص31 .
  2. ت ، و ، فريمان ، الجغرافية في مائة عام ، ترجمة عبد العزيز طريح شريف ، دار الشؤون الثقافية ، ، (بغداد بلا.ت)،ص207.
  3. جمال حمدان ، جغرافية المدن ، ، ط2، مطبعة عالم الكتب ،القاهرة ، 1977 )،ص276.
  4. حسين عبد الرزاق عباس ، نشأة مدن العراق وتطورها ، المطبعة الفنية الحديثة،بغداد، 1973م ، ص42 .
  5. الحسيني ، عبد العزيز ،الحياة العلمية في الدولة العربية الاسلامية ، دار العلم للملايين،(بيروت ، 1973)،ص67 .
  6. خسباك ، جعفر حسين ، تاريخ العراق في عهد المغول ، مطبعة العاني ،(بغداد ،1968)،ص102 .
  7. الخطيب ، صباح محمود محمد ، مدينة الحلة الكبرى ، وظائفها وعلاقاتها الأقليمية ، منشورات مكتبة المنار، (بغداد، 1974)،ص 7 - 8 .
  8. خليل ،عماد الدين ، ملاحظات في خطط الحلة حتى الحكم الجلائري مجلة آداب الرافدين، العدد4  1974 ، ص35-47.
  9. الخياط ، جعفر، صور من تاريخ العراق في العصور المظلمة، مطبعة دار الكتب،بيروت، 1971 )،ص353.
  10. الخوانساري ، الميرزا محمد باقر ، روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات ، تحقيق أسد الله اسماعيليان ، المطبعة الحيدرية ،طهران ، 1390هـ،ج6،ص280 .
مدينة المدينة المصر الجامع ووزنها فعيله لأنها من مدن وقيل مفعله بفتح الميم لانها من دان وجمعها مدائن ومدن ، وقيل هي من دينت أي ملكت ، وفلان من مدن المدائن تمدينا كما يقال مصر الامصار والمدينة الامة المملوكة كانها اولهما العمل ، ومنه قوله تعالى :[أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ] {الصَّفات:53} ينظر احمد بن محمد بن علي المقري الفيومي            ت:770هـ ، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي ، ط، المطبعة الاميرية ، القاهرة ، 1912 ، ج، ص874 ؛ ابن منظور ، لسان العرب ، م13 ، ص170 ) .
11-رمزية الأطرقجي ، بناء بغداد في عهد أبي جعفر المنصور ، مطبعة النعمان ، النجف ، 1967م ، ص17 .
12-ابن منظور ، ابو الفضل بن مكرم ت: 711هـ )، لسان العرب ، بيروت ، 1970م ، ج17 ، ص288 .
13-الفيروز آبادي ، القاموس المحيط ، بولاق ، القاهرة ، 1289هـ/1872م ، ج، ص195 .
14-ابن جبير أبو الحسن محمد بن احمد ت: 614هـ ، رحلة ابن جبير ، دار الكتاب اللبناني ، ودار الكتاب العربي ،      بيروت ، لا.ت ، ص154 .
السلاجقة :- أطلق عليهم هذا الاسم نسبة الى قائدهم سلجوق بن دقاق تمكنوا من احتلال العراق عام 447هـ وأصبح طغرل بك قائداً لهم وهم فرع من قبائل الغز جاءوا من سهول كردستان وسكنوا في بداية الامر في بلاد ما وراء النهر واعتنقوا الدين الإسلامي ينظر (الحسيني علي بن السيد أحمد ، اخبار الدولة السلجوقية ، اعتناء محمد أقبال ، البنجاب 1933، ص؛ حسين امين ، تاريخ العراق في العصر السلجوقي ، مطبعة دار الشؤون الثقافية، (بغداد ، 2006م ، ج، ص47 ) .
15-كركوش ، يوسف ، تاريخ الحلة ، ط، المطبعة الحيدرية ، النجف ، 1956م ، ج، ص22 .
16-بيان ، فاضل مهدي ، السياسة السلجوقية في العراق ، مجلة المؤرخ العربي ، عدد 18 ، بغداد ، 1981م ، ص111-112 .
17-ناجي ، عبد الجبار ، الامارة المزيدية دراسة في وضعها السياسي والاقتصادي والاجتماعي ( 387 – 558هـ ، دار الطباعة الحديثة ، البصرة ، 1970م ، ص99 .
18-ابن الأثير ، أبو الحسن علي بن الكرم ت: 630هـ ، الكامل في التاريخ ، دار الطباعة ، القاهرة ، 1290هـ ، ج11 ، ص122-160 .
19-ابن الجوزي ، ابو الفرج عبد الرحمن بن علي ت: 597هـ ، المنتظم في تأريخ الملوك والأمم ، حيدر آباد ، الدكن ، الهند ، 1358هـ/ 1939م ، ج، ص132 ؛ ابن الأثير ، مصدر سابق ، ج11 ، ص36 .
20-ابن الجوزي ، المصدر السابق ، ج20 ، ص36 .
محلة الجامعين او الجامعان :- مثنى كلمة الجامع وهي أقدم محلات الحلة وان أصل موضع الجامعين كان جامعاً واحداً ثم بني الآخر وهناك عدة آراء في أصل التسمية منها ، لأنها جمعت الناس في مكان واحد او لأنها كانت تجمع مختلف العلوم .
ينظر ، الحموي ، شهاب الدين ابو عبد الله ياقوت ت: 626هـ ، معجم الادباء ، دار المستشرق بيروت ، د.ت ، ج17 ، ص207 ) . 
** النيل ، اصطلاحاً هو نبات العظلم يستخرج منه صبغة زرقاء تعرف بالنيل الفيروز آبادي، مجد الدين محمد ابن يعقوب ، القاموس المحيط ، مؤسسة الحلبي ، القاهرة ، د.ت ، ج4، ص62 ) .
وجغرافياً هو نهر مشهور في سواد الكوفة وان الحجاج ابن يوسف الثقفي والي العراق ايام حكم عبد الملك ابن مروان ( 65-86هـحفر هذا النهر بعد ان بنى مدينة واسط ، البلاذري ، احمد ابن يحيى ابن جابر ، فتوح البلدان ، دار الكتب العلمية      بيروت ، 1978م ، ص288. 
وهناك بعض الاشارات عن النيل فبعد وفاة صدقة وزعت بعض الاراضي للكثير ، ايام بدران بن صدقة الذي نفي ومن حصل على بعض الاراضي  كردي يدعى سياكيل فانشد ابو شجاع الكردي ساخرا بقوله :-
فقلت لها يا من جعلت لها الفــــدا
 

الم تعلمي ان الزمان قد انقلب
 
قرى النيل قد اضحى سياكيل أمرا
 

بها ونفي بدران منها الى حلب
 
ينظرالاصبهاني ، عماد الدين ، محمد ابن محمد ت:597هـ ، خريدة القصر وجريدة العصر ، ج، مج، ص423 ) 
21-المصدر نفسه ، ج، ص132 .
22-ياقوت الحموي ، شهاب الدين ت: 626هـ، معجم البلدان ، نشر فستنفلد ، ليبزج ، 1866م ، ج، ص323 .
23-ابن الجوزي ، مصدر سابق ، ج، ص124 ؛ ابن الاثير ، مصدر سابق ، ج10 ، ص114 – 115 .
24-ابن خلكان ، ابو العباس شمس الدين ت:681هـ ، وفيات الأعيان وانباء ابناء الزمان ، تحقيق رياض عبد اله ، ط، دار احياء التراث العربي ، بيروت ، 1997 ، ج، ص37 ؛ ابن كثير ابو الفداء اسماعيل بن عمر الدمشقي ت: 774هـ/1372م ، البداية والنهاية في التاريخ ، تحقيق علي شيري ، ط، مطبعة احياء التراث العربي ، بيروت 1988م ، ج، ص175- ص177 .
25-ابن الجوزي ، مصدر سابق ، ج، ص124 .
26ابن القلانسي ، ابو يعلى حمزة بن اسد بن علي ت:55هـ ، ذيل تاريخ دمشق ، مطبعة الاباء اليسوعيين ، بيروت ، 1908م ، ص156 .
27-ابن الاثير ، مصدر سابق ، ج10 ، ص97 .
28-ياقوت الحموي ، مصدر سابق ، ج، ص294 .
29- المصدر نفسه ، ج، ص96 .
30-الاصطخري ، ابراهيم بن محمد ت:346هـ ، المسالك والممالك ، تحقيق محمد جابر عبد العال ، مطبعة دار العلم ، القاهرة ، 1961م ، ج، ص20 .
31-ناجي، عبد الجبار ، مرجع سابق ، ص12 .
32-ابن الاثير ، مصدر سابق ، ج، ص97 . 
33-ابن الجوزي ، مصدر سابق ، ج، ص236 .
34-ابن خلدون ، عبد الرحمن ت:808هـ ، تاريخ ابن خلدون ، دار الكتاب اللبناني للطباعة والنشر ، بيروت ،  1959م ، مج، ص603 .
35-ابن الجوزي ، مصدر سابق ، ج13 ، ص9 .
36-ابن خلكان ، مصدر سابق ، ج، ص80 .
37-ابن الجوزي ، مصدر سابق ، ج، ص236 .
38-المصدر نفسه ، ج، ص236 .
39-الموسوي ، مصطفى عباس ، العوامل التاريخية لنشأة وتطور المدن العربية الإسلامية ، دار الرشيد للنشر بغداد ، 1982م ، ص207 .
الخراج ، جاءت كلمة الخراج في القرأن الكريم بقوله تعالى : أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ سورة المؤمنون أية (72) . والخراج يعني المال الذي لايؤخذ ، او يجبى من رقاب الأرض الزراعي التي في مضمونها تقترب من مفهوم الملكي العامة والتي ضمت الى حضيرت الدولة الأسلامي عنوة وحرباً ، والخراج في اللغة يعني الكراء والمال المؤخوذ من خراج الأرض الخراجية مصروف في مصالح جميع المسلمين لأنه وقف على عامت المسلمين ، والتي منها ارزاق الجند وأعطياتهم وتحصين الثغور ، وشق الجداول . ينظر : الماوردي ، علي بن محمد بن حبيب (ت450 هـ ) الأحكام السلطاني ولولايات الدينية ، بيروت ، 1978، ص142؛ ابن عساكر ،ثقة الدين أبو القاسم (ت 5714هـ ) التاريخ الكبير ، تحقيق عبد القادر بدران ، مطبعة روظة الشام 1329هـ ،ج1،ص77. 
** الزكاة وعشورها الزكاة ممدود النما والربح ، والزكاة ما أخرجه الله من الثمر ، وارض زكيه طيبة ، وأصل الزكاة في اللغة الطهارة والنماء والبركة والمدح (1)، وقد تسمى الزكاة بأسم العشر كما أورد ذلك يحى بن أدم (ت 203 هـبقوله : (( وأما الزكاة في الأرض والزرع والثمار فما كان من أرض من هذه الأرضين التي لم يوضع عليها الخراج فهي أرض عشر ، والعشر هو الصدقه وهو الزكاة المفروضه على المسلمين في زرعهم وثمارهم )) (2)، والزكاة في الغلات أربع أنواع هي الحنطة والشعير والتمر والزبيب ، وأجمع العلماء على أنه لا زكاة في الثمار والزرع دون خمسة اوسق والوسق ، ستون صاعاً ،فإذا بلغ النصاب الواجب خمسة او سقكان فيه العشر وأن كان سقى سيحاً او شرب بعلاً (البعل ما يشرب بعروقه او ماسقته السماءوان سقي بغير ذلك فيه نصف العشر (3). ينظر: 1- أبن منظور ،لسان العرب ، ج 6، صص46 ،56. 2- الخراجتحقيق أحمد محمد شاكر ، بيروت ، دار المعرفة ،1979، ص112 . 3- الفيروز أبادي ، قاموس المحيط، ص890.
40-ت ، و ، فريمان ، الجغرافية في مائة عام ، ترجمة عبد العزيز طريح شريف ، ، دار الشؤون الثقافية ، (  بغداد ، د.ت ، ص207 .
41-ياقوت الحموي ، مصدر سابق ، ج، ص294 ؛ القلقشندي ، احمد بن علي (ت:821هـ)، صبح الأعشى في صناعة الأنشا ، ص338 .
42-الحموي ، مصدر سابق ، ج، ص293 .
43-ابن بطوطة ، محمد بن عبد الله بن محمد ت: 779هـ ، تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار المعروف برحلة ابن بطوطة ، تحقيق علي المنتصر الكتاني ، ط، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، 1405هـ/1984م، ج، ص439 .
44-ابو البقاء الحلي ، هبة الله بن نما كان حياً في سنة 565هـ ، المناقب المزيدية في الملوك الأسدية ، تحقيق صالح موسى درادكة ومحمد عبد القادر خريسات ، مطبعة الشرق ، (عمان ، 1984 ، ج1 ) ، ص362 .
45-ابن خلكان ، مصدر سابق ، ج، ص422 .
46-ياقوت الحموي ، مصدر سابق ، ج، ص294 ؛ ناجي ، مرجع سابق ، ص215 .
47-شيخ الربوة شمس الدين ابو عبد الله محمد بن ابي طالب ت: 727هـ ، نخبة الدهر في عجائب البر والبحر ، ط، دار احياء التراث العربي ، بيروت ، 1998م ، ص250 .
48-كمال الدين ، هادي السيد احمد ، فقهاء الفيحاء ، مطبعة المعارف ، بغداد ، 1962م )، ج، ص13 .
49- ياقوت الحموي ، مصدر سابق ، ج، ص294 .
50-صلاح حميد الجنابي ، جغرافية الحضر أسس وتطبيقات ، جامعة الموصل ، دار الكتب الجامعية ، الموصل ،  1987م ، ص39.
51- الخطيب ، صباح محمود محمد ، مرجع سابق ، ص11 .
52- جمال حمدان ، مرجع سابق، ص276 .
53- احمد حسن ابراهيم ، مدينة الكويت ، دراسة في جغرافية المدن ، الكويت ، مطبعة اليقظة، الكويت ، 1982م )  ، ص31 .
54- كربل ، عبد الاله رزوقي ، خصائص التربة وتوزيعها الجغرافي في مدينة بابل ، مجلة كلية الآداب ، جامعة البصرة ، 1972م ، ع، ص31 .
55- ابن جبير ، مصدر سابق ، ص166 ؛ ابن بطوطة ، مصدر سابق ، ج، ص239 .
56- القلقشندي ،مصدر سابق، ج، ص338 .
57- الخوانساري ، الميرزا محمد باقر ،مصدر سابق ، ج، ص289 .
58- محمد خليل اسماعيل ، انماط الاستيطان السكاني في العراق ، مطبعة الحوادث ، بغداد، 1982م )  ، ص119 .
59- الذهبي ، ابو عبد محمد بن أحمد ،(ت 748) تأريخ الأسلام ووفيات المشاهير والأعلام تحقيق عمر عبد السلام ، مطبعة دار الكتاب العربي ، بيروت ،ط1،2002، ج5، ص35 ؛ القزاز ، محمد صالح داود ، الحياة السياسية في العراق في العصر العباسي الأخير ، مطبعة القضاء ، النجف الأشرف ، ط1، 1971م ، ص162.
60- الهيتي ، صبري فارس ، جغرافية الاستيطان الريفي ، مطبعة بيت الحكمة ، بغداد ، د.ت، ص130 .
61-وهيبة ، عبد الفتاح محمد ، في جغرافية العمران ، دار النهضة ، بيروت ، 1973م ، ص15 .
62-الهيتي ، صبري فارس ، مرجع سابق ، ص23 .
63-الشامي ، صلاح الدين ، الجغرافية وعامة التخطيط ، منشأة المعارف ، الإسكندرية ، 1971م ، ص91 .
64-الخطيب ، صباح محمود ، مرجع سابق ، ص14 .
65-ابن جبير ، مصدر سابق ، ص199 .
66-الاصطخري ، مصدر سابق ، ص86 ؛ ابن جبير ، مصدر سابق ، ص155 .
67-ابن جبير ، مصدر سابق ، ص169 .
رستاق كلمة فارسيه معربة وهو السواد ، والجمع الرساتيق ، ينظرالرازي محمد بن أبي بكر بن عبد القادر ، مختار الصحاح ، الكويت ، 1982،ص242.
68-الاصطخري ، مصدر سابق ، ص60 .
69-ابن الفوطي ،كمال الدين ابو الفضل عبد الرزاق البغدادي ،(ت 723)، الحوادث الجامعة والتجارب النافعة في المائة السابعة ، تحقيق الدكتور بشار عواد والدكتور عبد السلام رؤوف ، دار الغرب الاسلامي ، بيروت ، 1997م ، ص461 .
70-حسين عبد الرزاق عباس ، مرجع سابق ، ص42 ؛ الخطيب، صباح محمود ، مرجع سابق ، ص13 .
71-الاصطخري ، مصدر سابق ، ص59 .
72-ابن جبير ، مصدر سابق ، ص155 .
73-كوردن هستد ، الأسس الطبيعية لجغرافية العراق ، تعريب جاسم محمد الخلف ، المطبعة الحيدرية ، بغداد ،  1948م ، ص46 .
74-الغياثي ، عبد الله كان حياً عام (  891هـ/ 1486م ، تاريخ الغياثي ، تحقيق طارق نافع الحمداني ، مطبعة أسعد ، بغداد ، 1975م ، ص51-ص52 .
طسوج :- (( هي تقسيمات ادارية اقل مساحة من الكورة والرستاق وتستعمل الكلمة في اراضي سواد العراق )) فالحلة كانت مقسمة الى عدد من المناطق الادارية وتضم كل منطقة عدد من المدن والقرى .
    ينظر ياقوت الحموي ، شهاب الدين ابي عبد الله الرومي ، معجم البلدان ، بيروت ، د.ت، ج، ص309 ) .
** سورا :- اسم نهر ينبع من نهر الفرات بالقرب من بابل يتجه شرقاً ويمر بمدينة سورى مدينة السريانين (الاراميونيقع فوق هذا النهر جسر يسمى بجسر سورا وله اهمية اقتصادية لعبور القوافل بين بغداد والكوفة .
     ينظر ياقوت الحموي ، معجم البلدان ، مج، ص278 ؛ الاصطخري ، المسالك والممالك ، ص59 ؛ ابن عبد الحق ، مراصد الاطلاع ، ج، ص754 ) .
75-الاصطخري ، مصدر سابق ، ص87 .
76-ابن حوقل ، ابو القاسم محمد بن علي ت:367هـ ، صورة الارض ، نشر دي غويه ، ط، ليدن بريل ،ج، ص245 .
77-الجاحظ ، ابو عثمان عمر بن بحر ت:255هـ ، الدلائل والاعتبار في الخلق والتدبير ، حلب ، 1928م ، ص25.
الناعور وهو عبارة عن دولاب مصنوع من الخشب قائم بشكل عمودي على منسوب الماء ونتيجة هذه الحركة تعمل الاوعية المحمولة على الدولاب العمودي على رفع المياه من مجرى النهر والساقية وصبها في الساقية المخصصة للاغراض الاروائية ، والناعور عرف عند سكان العراق القدماء ولعل من المرجح انه كان في بدايته يعتمد على الطاقة البشرية في عمله ثم سخر الحيوان لمثل هذه الاعمال .
      ينظر الهاشمي ، رضا جواد ، واخرون ، حضارة العراق ، ج، بغداد ، 1985 ، ص76 ؛ الدليمي ، كريم عزيز حسن ، الزراعة في العراق القديم ، اطروحة دكتوراه غير منشورة، جامعة بغداد ، كلية الاداب ، 1996 ، ص86 ) .
78-ياقوت الحموي ، مصدر سابق ، ج، ص306 .
79-ابن جبير ، مصدر سابق ، ص191 .
80- المصدر نفسه، صص171 ،173 .
81-الحميري ، ابو عبد الله محمد ت:900هـ ، الروض المعطار في خبر الاقطار ، تحقيق الدكتور احسان عباس ، ط، مطابع السرج ، بيروت ، 1980م ، ص332 .
82-ناجي ، عبد الجبار ، مرجع  سابق ، ص276 .
83-ابن جبير ، مصدر سابق ، ص169 .
84-المصدر نفسه ، ص169 ؛ ابن بطوطة ، مصدر سابق ، ص138 .
85-المصدر نفسه ، ص189 ؛ المصدر نفسه ، ص220 .
86-ابن الجوزي ، مصدر سابق ، ج، ص236 .
87-ابن الفوطي ، مصدر سابق ، ص277 .
88-ابن حوقل ، مصدر سابق ، ج، ص239 .
89-النرسية :- نسبة الى نرس من اعمال الحلة وتعرف بالثياب الخطرفية نسبة الى خطرفيه الواقعة بالقرب من بابل ، ياقوت الحموي ، معجم البلدان ، ج، ص280 ؛ ابن منظور ، لسان العرب ، مادة نرس  .
90-ابن الفوطي ، الحوادث الجامعة ، ص206 .
91-ناجي، عبد الجبار، مرجع سابق ، ص280.
92-  أبن الجوزي ، مصدر سابق ، ج9، ص30؛ ناجي ، عبد الجبار ، مرجع سابق ، ص280.
93- رحلة ابن جبير ، مصدر سابق ، ص154 .
94-الحسو ، احمد بن عبد الله ، الصناعة في العراق منذ القرن الاول الهجري وحتى القرن السابع الهجري ، بحث ضمن كتاب العراق في موكب الحضارة ، دار الحرية ، بغداد ، 1988 ، ج، ص193 .
95-الكبيسي ، حمدان عبد المجيد ، الصناعة بحث ضمن كتاب حضارة العراق ، دار الحرية للطباعة ، 1985 ، ج، ص278 . 
96-ياقوت الحموي ، مصدر سابق ، ج، ص294 .
97-ابن جبير ، مصدر سابق ، ص70 .
98-ابن حجر العسقلاني ، شهاب الدين احمد ابن علي (ت852)، الدرر الكامنة في أعيان الماء الثامنة، تحقيق عبد الوارث محمد علي، ط1،دار الكتب العلمية ،(بيروت 1977)، ج، ص165 .
99-ابن جبير ، مصدر سابق ، ص166 .
100المصدر نفسه ، ص166 .
101-المصدر نفسه ، ص166 .
102-المصدر نفسه ، ص168 .
103- المصدر نفسه  ،ص69.
104- ابن الفوطي ، كمال الدين ابو الفضلت:723هـ/1323م ، مجمع الآداب في معجم الألقاب ، تحقيق محمد الكاظم ،  طبع وزارة الثقافة الاسلامية ، طهران ، 1326هـ)، ج، ص473-474 .
105-ابن حجر العسقلاني،مصدر نفسه، ج، ص40-41 .
106-بناري علي همت ، ابن ادريس الحلي رائد مدرسة النقد في الفقه الاسلامي ، ترجمة حيدر حب الله ، مكتب الغدير ،  بيروت ، 2005م ، ص49 . 
107-ابن الفوطي ، الحوادث الجامعة والتجارب النافعة في المائة السابعة ، منسوب اليه ، تحقيق بشار عواد وعماد عبد السلام رؤوف ، مطبعة شريعة ، قم ، 1426هـ ، ص361 . 

 النص الكامل : حمله من هنا أو حمله من هنا

للقراءة والتحميل اضغط هنا أو اضغط هنا



                           

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا