التسميات

الاثنين، 7 أغسطس 2017

التركيب الداخلي للمدينة اليمنية القديمة والجديدة وملاءمة كل منهما للمتطلبات الإنسانية والطبيعية (صنعاء – تعز)


التركيب الداخلي للمدينة اليمنية القديمة والجديدة

وملاءمة كل منهما للمتطلبات الإنسانية والطبيعية

(صنعاء – تعز)

محمد أحمد سلام المدحجي

قسم الهندسة المعمارية، كلية الهندسة، جامعة صنعاء، اليمن


مجلة دراسات - العلوم الهندسية - المجلّد 32، العدد 1 - 2005 - ص ص 99 - 114:

ملخـص:

   المدن اليمنية القديمة متميزة بتركيبتها الداخلية المتوازنة التي أعطت نسيجاً حضرياً مترابطاً ومنسجماً، ولبت جميع الاحتياجات الإنسانية، وجاءت نتاج تراكم معرفي وانعكاساً للمعطيات الطبيعية والمناخية، وهي نموذج تخطيطي بجميع مفرداته ومكوناته.

  غير أن هذه المدن تطورت واتسعت رقعتها عشرات المرات في السنوات الأخيرة، مما أدى إلى اختلال التركيبة الداخلية لها وفقدان الكثير من استعمالات الأراضي والخدمات العامة، وسيطرة السيارة بشكل واضح على تركيبة هذه المدن. كما أن هناك قوى جذب تعمل على جذب أنشطة معينة إلى مركز المدينة وأخرى طاردة تدفع بها خارجها (إبراهيم، 1982). وبذلك أصبحت المدينة اليمنية تعاني مشكلة حقيقية تتفاقم يوماً بعد يوم يخشى من تعقيد حلها مستقبلاً.

  إن الهدف من البحث هو إبراز النواحي الإيجابية في تركيبة المدن القديمة وإظهار أهم مشاكل التركيبة الداخلية للمدن الجديدة. وللوصول إلى هذا الهدف اتبعت منهجية معتمدة على الدراسة التحليلية المقارنة للتركيبة الداخلية للمدن اليمنية القديمة والجديدة من خلال نموذجين (صنعاء – تعز) للوصول إلى توصيات يمكن من خلالها المساعدة في حل مشاكل التركيبة الداخلية للمدينة اليمنية. 

الكلمات الدالة: التركيبة الداخلية، استعمالات الأراضي، المدينة القديمة، المدينة الجديدة. 

The Inner Structure of the Old and Modern Cities of Yemen, Checking Whether Each is Suitable for Human and Natural Needs (Sana’a-Taiz)

Mohammed Ahmed Sallam El-Madhagi  

Department of Architectural Engineering, Faculty of Engineering, Sana’a University, Yemen

ABSTRACT

 The old Yemeni cities are distinguished in their balanced land uses particularly in their inner structures, that gave them well-knitted and harmonious urban tissue, satisfying the human needs, which came as a result of wide knowledge and reflexes to the natural and climatic factors, that were also real examples for town planning in all their factors and components.

  In recent years, these cities have developed and their territories have extended more than ten times, which led to a great defect in the land use “inner structure” of those cities, and many of the land uses and public services are absent, allowing the evident control of the car on the structure of those cities, which are suffering from true new problems on a daily basis, making us fear the resulting complications, which would make their solution difficult in the future.

  The aim of this study is to show the positive aspects in the structure of the old and modern cities in the past and present, and the most important problems in the land use “inner structure” of the modern cities. To reach that goal, I followed a method which depends on complete analysis studies of land use in old and modern Yemeni cities (Sana’a-Taiz). The purpose is to reach recommendations for the solution of the problems of the old Yemeni cities. 

KEY WORDS: inner structure, land use, old cities, modern cities. 

المتطلبات الإنسانية والطبيعية في المدن

  تتلخص المتطلبات الإنسانية في توفير أماكن للسكن والعمل والخدمات والراحة والمواصلات، ويؤثر ذلك سلباً أو إيجابا على نفسية الإنسان وادائه، وهذه المتطلبات تتمثل بالمناطق (السكنية، الصناعية،التجارية ومناطق الأعمال، الخدمية - تعليمية، صحية، دينية- الترفيهية ومناطق التسلية، تقوية العلاقات الاجتماعية، لعب الأطفال وممارسة نشاطاتهم، الحركة بين هذه الفعاليات) (أحمد، وعلاء الدين، 1990م).

   أما المتطلبات الطبيعية فتتلخص بالآتي:

- الاختيار الأمثل للأرض (طبوغرافيتها، مستوى المياه الجوفية، غير رخوة أو زلزالية أو صخرية أو مردومة وغير معرضة للفيضانات وغير زراعية خصبة وأن تكون ذات طبيعة جميلة وتتوفر فيها المنتجات الغذائية للسكان وبعيدة عن مصادر التلوث).

- توفر العوامل المناخية المناسبة لحياة الإنسان (مدة تعرضها لأشعة الشمس، درجة حرارة الهواء المتوسطة، اتجاه الرياح وقوتها، الرطوبة، الضباب، كمية الأمطار) (المدحجي،2004م). التركيب الداخلي للمدينة اليمنية تميزت التركيبة الداخلية للمدن اليمنية القديمة باتزانها وتلبيتها للمتطلبات الطبيعية والإنسانية المختلفة، ويظهر ذلك واضحاً في المدن القديمة (صنعاء – تعز – صعدة – زبيد- شبام، حضرموت)، غير أن هذه المدن شهدت تحولات متسارعة في السنوات الأخيرة نتج عنها توسع عمراني كبير أدى إلى اضطراب التركيبة الداخلية لهذه المدن وبروز العديد من المشاكل التخطيطية فيها. ولإظهار واقع التركيبة الداخلية لهذه المدن ستتم دراسة مدينتي (صنعاء – تعز) كنموذج لبقية المدن اليمنية الأخرى. 

التركيب الداخلي لمدينة صنعاء

  أدى التطور الذي مرت به المدينة إلى تغير تركيبتها وشكلها خاصة في العقود الأخيرة، وأخذت تقتبس مخططاتها من أنظمة عمرانية عالمية مختلفة أنتجت مخططات ليس لها أي علاقة بتركيبة وشكل مدينة صنعاء القديمة التي أنتجتها الخبرة التراكمية لسكان هذه المدينة لتلائم المعطيات الطبيعية والمتطلبات الإنسانية المختلفة.

- التركيب الديموغرافي لسكان مدينة صنعاء (الجهاز المركزي للإحصاء، 2002) : يمكن معرفة التركيب الديموغرافي لسكان المدينة من خلال:

- نمو سكان المدينة: نما سكان المدينة نمواً كبيراً بفعل الزيادتين الطبيعية والطارئة التي تأثرت بهما المدينة خاصة في العقد الأخير من القرن الماضي، وذلك بسبب التطورات (السياسية والاقتصادية والاجتماعية) التي طرأت على المدينة ويوضح الشكل رقم (1) هذا النمو.

- الكثافة السكانية: تتفاوت الكثافة السكانية بين أجزاء المدينة المختلفة وتتركز أكبر كثافة فيها في منطقة الوسط والمدينة القديمة أيضاً، وتقل في أطراف المدينة. أما الكثافة الوسطية في المدينة فتبلغ (85 شخصاً /هكتار).

- التركيب النوعي للسكان: تبلغ نسبة السكان في المدينة حسب آخر إحصاء (1994م) والاسقاطات السكانية لعام .للإناث (%45.4)و للذكور (% 54.6) م2002.

- التركيب العمري للسكان: إن التركيبة العمرية لسكان مدينة صنعاء تتكون من مختلف الفئات العمرية حتى أكثر من 80 سنة، وتمثل الشرائح العمرية الصغيرة حتى سن 9 سنوات النسبة الكبرى من الشرائح السكانية، بينما تقل الأعداد كلما زاد العمر وخاصة بعد سن 60 سنة. ويوضح الشكل رقم (2) الهرم السكاني لمدينة صنعاء. 

التركيب الداخلي (استعمالات الأراضي) لمدينة صنعاء القديمة

   صنعاء القديمة مدينة ذات نسيج متشابك من المباني والشوارع والاستعمالات الأخرى، وقد يبدو تخطيطها عشوائياً غير منظم ولا يتبع أسساً منطقية في التخطيط، ولكن الدراسة المتعمقة لها ولكيفية استعمال أرضها ولفلسفة تخطيطها العمراني وأسلوب الحياة فيها تظهر أن الحقيقة غير ذلك؛ إذ تقوم فكرة التخطيط على تقسيم المدينة إلى مناطق متكاملة ومترابطة (المدحجي، 1996).

   وتقسم المدينة بشكل عام إلى أحياء تقسم إلى حارات سكنية، ويوضح الشكل رقم (3) مخطط المدينة القديمة والأحياء المكونة لها. 

أ- الحي: أكبر الأجزاء المكونة للمدينة مساحة وأكثرها عدداً في الفضاءات الوظيفية كماً ونوعاً، ولكل حي شبكة من الطرق والأزقة والساحات (الصرحات) التي تربط بين حاراته، وتربطه بالأحياء الأخرى المكونة للمدينة. ولكل حي خصائصه المعمارية التي تميزه عن الأحياء الأخرى أو التي تشترك معه، وأحياء المدينة هي:

- حي القطيع: يقع شرق المدينة وهو أقدمها ويتكون من 19 حارة و16 مسجداً ويقع في غربه مركز سوق صنعاء وفي شرقه قلعة المدينة (قصر السلاح) وحدوده واضحة بالأسوار (شمالاً وجنوباً وشرقاً) وبمحور المدينة الرئيسي الممتد من باب اليمن (جنوباً) حتى باب شعوب (شمالاً) الذي يفصله عن حي السرار الشرقي من جهة الغرب. ومساحته (4054.7801 هكتار) وتشكل نسبة مقدارها (30%) من مساحة المدينة، وتقدر المساحة الخضراء فيه بنحو (2.2892.8هكتار) وتشكل نسبة مقدارها (5.6%) من إجمالي مساحة الحي، كما تشكل نسبة مقدارها (1.7%) من مساحة المدينة و(13.6 %) من إجمالي المساحات الخضراء في المدينة.

- حي السرار الشرقي: يتوسط كلاً من حي القطيع وحي السرار الغربي وحدوده من الشرق محور المدينة ومن الغرب مجرى السيل (السايلة) وهو أكبر أحياء المدينة القديمة مساحة وأكثرها كثافة في المساحات الخضراء، ومساحته (58.40139هكتار) وبنسبة (43.2%) من أصل مساحة المدينة، وتبلغ المساحات الخضراء فيه (9.10839هكتار) وتشكل نسبة مقدارها (15.6%) من إجمالي مساحة الحي، كما تشكل نسبة مقدارها (54%) من إجمالي المساحات الخضراء في المدينة، وتشكل نسبة (6.7 %) من مساحة المدينة، ويتكون هذا الحي من (31 حارة) و(21) مسجداً.

- حي السرار الغربي: ويقع غرب مجرى السيل (السايلة) وحدوده هي امتداد ضفة السايلة الغربية حتى سور المدينة الغربي، وتبلغ مساحته (36.17752هكتار) وبنسبة (26.7%) من أصل مساحة المدينة، وتبلغ المساحات الخضراء فيه (5.46737هكتار) من إجمالي مساحته وتشكل نسبة مقدارها (15.1%) من إجمالي مساحة الحي، كما تشكل نسبة مقدارها (4.1 %) من إجمالي مساحة المدينة، وتشكل نسبة مقدارها (32.4%) من مساحة المناطق الخضراء في المدينة. ويتكون هذا الحي من (11حارة). (منظمة العواصم والمدن الإسلامية، 2003).

ب- الحارة السكنية: هي مجموعة من الوحدات والمباني السكنية التي تتكامل فيما بينها بمنظومة وظيفية حضرية، وتسمية الحارة مرتبط باسم مسجدها الرئيسي أو الساحة الرئيسية. وعلى الرغم من أن الأبنية في الحارة تبدو متلاصقة، إلا أن الأزقة تخترقها بطريقة منتظمة كما تحتوي الكثير من الحارات على مسجد تلحق به منطقة خضراء (البستان أو المقشامة) تمول سكان الحارة ومحيطها بما يحتاجونه من خضار ورياحين. وبذلك تتكون الحارة من (البيت السكني، المسجد، الحمام، البستان، الساحة (الصرحة) (المدحجي،(Lewcock, 1986) ،(1996).

- استعمالات الأراضي في مدينة صنعاء القديمة

 تبلغ مساحة المدينة القديمة (135.12672هكتار) ويبلغ عدد سكانها (154563 نسمة) وتبلغ الكثافة السكانية فيها (1144 شخصاً/ هكتار)، ويوضح الجدول رقم (1) والشكل رقم (4)  استعمالات الأراضي في المدينة. 

  يلاحظ من الجدول رقم (1) الاتزان النسبي في استعمالات الأراضي في المدينة رغم التعديات التي حصلت على بعض الفعاليات فيها مثل المناطق الخضراء والترفيهية التي كانت نسبتها سنة 1962م تبلغ 33% من مساحة المدينة.

التركيب الداخلي لمدينة صنعاء الجديدة

 تتبع المدينة في تخطيطها المخططات العمرانية الحديثة وذلك بتقسيمها إلى أجزاء يسهل من خلالها دراسة وتوزيع الخدمات في المدينة؛ إذ تقسم تخطيطياً إلى تسعة قطاعات ترتب دائرياً مع عقارب الساعة. ومن حيث المبدأ، فإن كل قطاع يقسم إلى تسعة أحياء سكنية ويقسم الحي إلى مجموعة من وحدات الجوار التي تقسم بدورها إلى بلوكات سكنية.

  وعند عملية التخطيط يفترض أن تدرس استعمالات الأراضي ابتداء من المجاورة السكنية وانتهاء بالمدينة ككل، وبشكل تدريجي حسب الأهمية لكل استعمال. غير أن عملية التخطيط في الواقع تقتصر على ترسيم الشوارع وتحديد بعض الاستعمالات (كالاستعمالات السكنية)، وذلك في وحدة الجوار فقط وإهمال بقية أجزاء المدينة (الأحياء، القطاعات، المدينة ككل). وعند عمل التخطيط للمدن لا يتم التركيز على استعمالات الأراضي على مستوى المدن ككل ولا توجد معايير تخطيطية لها، لذلك تنتج مخططات غير متزنة ونسب استعمالات الأراضي فيها ليست مبنية على أسس علمية صحيحة (الجهاز المركزي للإحصاء، 2002) .(Japan, 1988, p2-1).

- استعمالات الأراضي في مدينة صنعاء الجديدة

  تبلغ مساحة المدينة الجديدة (19864.873هكتار) ويبلغ عدد سكانها (1543927نسمة) وتبلغ الكثافة السكانية فيها (78 شخصاً/ هكتار)، ويوضح الجدول رقم (2) والشكل رقم (5) استعمالات الأراضي في المدينة.

  يلاحظ من الجدول رقم (2) سيطرة مساحة منطقتي السكن والمواصلات وقلة مساحة المناطق الخدمية والخضراء والترفيهية. مقارنة لاستعمالات الأراضي بين مدينة صنعاء القديمة والجديدة تفاوتت نسب استعمالات الأراضي لأهم العناصر المكونة لكل من صنعاء القديمة والجديدة، ويوضح الجدول رقم (3) مقارنة لأهم الاستعمالات في كل من صنعاء القديمة والجديدة.

يلاحظ من الجدول رقم (3) الفرق الواضح في استعمالات الأراضي وخاصة في نسبة توفر الخدمات والمناطق الخضراء والترفيهية بين المدينة القديمة والجديدة، مما يعطي تميزاً واضحاً للمدينة القديمة في توفير هذه الخدمات.

التركيب الداخلي لمدينة تعز

   يتميز موقع مدينة تعز بطبوغرافيته المعقدة والمكونة من العديد من التلال والوديان. وقد انعكس ذلك بشكل واضح في مخططها وبالتالي تركيبتها الداخلية وخاصة في المدينة القديمة.

- التركيب الديموغرافي لسكان مدينة تعز (الجهاز المركزي للإحصاء، 2002): إن التركيبة الديموغرافية للمدينة يمكن إيضاحها من خلال معرفة الآتي:

- نمو سكان المدينة: إن موقع المدينة الذي يشكل عقدة ربط بين المدن اليمنية الجنوبية والوسطى قد أدى إلى ازدياد سكان المدينة بشكل ملحوظ خاصة في السنوات الأخيرة؛ إذ وصل عدد سكان المدينة حسب إسقاطات العام 2002م إلى ما يقرب من نصف مليون شخص. ويوضح الشكل رقم (6) نمو سكان المدينة ابتداء من أول تعداد في اليمن عام 1975م وحتى الاسقاطات السكانية لعام 2002م.

- الكثافة السكانية: فرضت طبوغرافية أرض المدينة وتنوع سطحها توزيع السكان داخل المدينة، فيلاحظ أن الكثافات الكبيرة تتركز في منطقة وسط المدينة والمناطق المحيطة بها، وكذلك في المدينة القديمة، والجحملية، وحوض الأشراف وتقل في أطراف المدينة، أما الكثافة الوسطية في المدينة فتبلغ (57 شخصاً/ هكتار).

- التركيب النوعي للسكان: تزيد نسبة الذكور عن نسبة الإناث حسب آخر الإحصائيات لعام 1994م وكذلك الاسقاطات السكانية لعام 2002م؛ إذ تبلغ نسبة الذكور (54%) بينما تبلغ نسبة الإناث (46%)، وذلك بسبب زيادة هجرة اليد العاملة إلى المدينة وتمركز الخدمات فيها.

- التركيب العمري: تتميز تركيبة المدينة العمرية بكبر نسب الشرائح السكانية للأطفال حتى سن 9 سنوات، تأتي بعدها نسبة الشباب حتى 29 سنة، وتقل النسبة بشكل ملحوظ في الأعمار الكبيرة وتصل إلى أدناها في الأعمار ما بعد 65 سنة. ويوضح الشكل رقم (7) الهرم السكاني لمدينة تعز. التركيب الداخلي لمدينة تعز القديمة إن وقوع المدينة على سفح جبل صبر وعلى أرض ذات طبوغرافية معقدة التضاريس يصل الانحدار في أماكن كثيرة منها إلى أكثر من 90% قد جعل مخطط المدينة يتماشى تلقائياً مع خطوط الكنتور ويتلاءم بشكل واضح مع طبوغرافية الموقع، وتقسم المدينة إلى حارات تتداخل حدودها وتحتوي على خدمات بسيطة تقتصر على الجامع والساحة على عكس مخططات مدينة صنعاء القديمة، ولم تقسم المدينة إلى أحياء نظراً لصغر مساحتها ويوجد بها 17 مسجداً (القدسي، 1989).

- استعمالات الأراضي في مدينة تعز القديمة

   تبلغ مساحة المدينة القديمة (46.0 هكتاراً) ويبلغ عدد سكانها (13105 أشخاص) وتبلغ الكثافة السكانية فيها (285 شخصاً / هكتار) ويوضح الجدول رقم (4) والشكل رقم (8) استعمالات الأراضي في مدينة تعز القديمة.

  الأراضي في المدينة رغم الطبوغرافية المعقدة للأرض فيها. التركيب الداخلي لمدينة تعز الجديدة تعتمد المدينة في تخطيطها على التخطيط الحديث؛ إذ تقسم المدينة إلى قطاعات وأحياء سكنية ووحدات جوار (كما هو الحال في مدينة صنعاء). ومع أن الطبيعة الطبوغرافية لأرض المدينة معقدة إلا أنه يلاحظ أن المدينة اعتمدت المخططات الشبكية الحديثة في تفاصيلها الشعاعية في شكلها العام وأسقطت على الأرض وكأنها أرض مسطحة، أما التركيبة الداخلية فقد اعتمدت في تقسيم استعمالات الأراضي على مبادئ التخطيط المستخدمة في اليمن والمعتمدة على معايير تخطيطية مقتبسة من أنظمة مختلفة لبلدان مختلفة، وتظهر فوارق واضحة بين المعايير المعتمدة والمخططات التنظيمية المعتمدة في الوزارة وتطبيقها على الواقع (وزارة الإنشاءات، 1995)، انظر الجدول رقم (5).

- استعمالات الأراضي في مدينة تعز الجديدة

  تبلغ مساحة مدينة تعز الجديدة (8979 هكتاراً)، ويبلغ عدد سكانها (498423 نسمة) وتبلغ الكثافة السكانية فيها (56 شخصاً/ هكتار)، ويوضح الجدول رقم (6) والشكل رقم (9) استعمالات الأراضي في مدينة تعز الجديدة.

   يلاحظ من الجدول رقم (6) سيطرة مساحة منطقتي السكن والمواصلات، أما المناطق الخدمية والخضراء والترفيهية فهي قليلة رغم أن وضع المدينة أحسن حالا من مدينة صنعاء الجديدة.

مقارنة بين استعمالات الأراضي لكل من تعز القديمة والجديدة

   تتفاوت نسب استخدام الأراضي بين المدينتين القديمة والجديدة نتيجة لتغير العوامل والظروف التي أدت إلى تكوين كل من المدينتين. ويوضح الجدول رقم (7) مقارنة بين استعمالات الأراضي لأهم العناصر المكونة لكل من تعز القديمة والجديدة.

   من الجدول رقم (7) يلاحظ أن هناك تقارباً في توفير الخدمات بين المدينة القديمة والجديدة نظرا لصغر المدينة، رغم أن زيادة بعض الخدمات والمناطق الخضراء والترفيهية في المدينة الجديدة تأتي بسبب زيادة نسبة المنطقة السكنية فيها.

مقارنة في استعمالات الأراضي بين مدن يمنية وأخرى عربية

  تختلف نسب استعمالات الأراضي من مدينة إلى أخرى ومن بلد إلى آخر، ويرجع هذا الاختلاف إلى الظروف المؤثرة على كل مدينة (اجتماعية، اقتصادية، بيئية، ثقافية)، ويظهر الجدول رقم (8) هذا الاختلاف من خلال مقارنة العناصر الرئيسية المكونة لاستعمالات الأراضي للمدن اليمنية المدروسة ومدن عربية اختيرت عشوائياً من أجل المقارنة. 

الخلاصـة

 اتسمت التركيبة الداخلية للمدن اليمنية بالتباين بين المدن القديمة والمدن الجديدة وظهر ذلك واضحاً من خلال استعمالات الأراضي في هذه المدن. فقد جاءت التركيبة الداخلية للمدن القديمة في كل من صنعاء القديمة وتعز القديمة ملبية للاحتياجات الإنسانية، وظهر ذلك واضحا في:

1. تلبية المتطلبات الإنسانية من خلال:

- السكن (البيوت السكنية) - العمل (الأسواق، مباني الخدمات) - الدينية (الجامع، المسجد).

- الخدمات (الحمامات، الأسواق) - المواصلات (الطرق والساحات) - الراحة (البساتين، الساحات). 

  وبذلك لبت احتياجات الإنسان في مرحلة معينة من التاريخ.

2. تلبية المتطلبات البيئية من خلال:

- توجيه المباني الاتجاه الأمثل (جنوب، جنوب شرق، جنوب غرب، غرب، شرق).

- اتجاه شبكة الشوارع (شرق غرب في مدينة صنعاء) عكس اتجاه الرياح الضارة (شمال، شمال شرق، شمال غرب).

- ضيق الشوارع وتكسرها (لتوفير الظلال).

- التفاوت في ارتفاعات المباني (خط السماء) لترمي المباني ظلالها على بعض.

- تراص المباني (لتقليل مساحة الأسطح المعرضة للشمس).

- نسبة المساحات الخضراء (تصل إلى 12% في مدينة صنعاء القديمة).

- الفضاءات المكشوفة وحسن توجيهها (الساحات والفضاءات) توجه باتجاه الجنوب والغرب (صنعاء، تعز).

3. تلبية المتطلبات الاجتماعية من خلال:

- تراص المباني وترتيبها على الشوارع الضيقة أو الساحات مما يعطي إمكانية كبيرة للتآلف والتعارف وزيادة الترابط الاجتماعي بين السكان.

- وجود الساحات والميادين (في صنعاء) والفراغات (في تعز) والحمامات والمساجد والأسواق التي تساعد على التعارف وتقوية العلاقات الاجتماعية بين سكان المدينة.

- وجود أماكن للفعاليات الاجتماعية مثل الأعراس والمناسبات الدينية والمآتم التي تتم في الساحات (صنعاء) والفراغات البينية (تعز).

- البيت السكني وما يوفره من فراغات (ديوان، مفرج) للمناسبات الاجتماعية.

4. ملاءمة طبوغرافية الأرض من خلال:

  النسيج العضوي سواء كانت الأرض مستوية (صنعاء القديمة) أو معقدة التضاريس ينسجم مخططها مع خطوط الكنتور (تعز القديمة).

5. ملاءمة النواحي الثقافية من خلال:

- الجامع وما يمثله من معانٍ روحية وثقافية (الجامع الكبير في صنعاء - جامع الأشرفية في تعز) بالإضافة إلى مكتبته وحلقات الدرس فيه.

6. ملاءمة النواحي الاقتصادية من خلال:

- السوق (بلغت أسواق صنعاء التخصصية أربعين سوقا). - المحال التجارية والمخازن والأسواق المكشوفة والساحات (صنعاء وتعز).

7. تلبية المتطلبات التخطيطية من خلال:

- المرونة في حركة الناس وخصوصية الفرد في مسكنه ثم خصوصية الشارع فالحارة.

- التوازن في نسب استخدامات الأراضي وتوفير جميع المتطلبات الإنسانية (في ذلك الوقت) وعدم زيادة نسبه من النسب على حساب النسب الأخرى.

  أما التركيبة الداخلية للمدن الجديدة فلم تستطع تلبية الاحتياجات الإنسانية لسكانها، ويظهر ذلك من خلال:

1. عدم تلبية كثير من المتطلبات الإنسانية، خاصة:

- في مجال الخدمات الضرورية (تعليمية، صحية) ولم يدرس تسلسلها الهرمي من أصغر وحدة في المدينة إلى المدينة ككل.

- في مجال الراحة (مناطق خضراء وترفيهية).

- في مجال المرور (الشوارع، التقاطعات، المواقف) وما تعانيه المدينة من اختناقات مرورية.

2. عدم تلبية المتطلبات البيئية، وخاصة:

- قلة المناطق الخضراء.

- عدم مراعاة النواحي البيئية في التخطيط (توجيه الشوارع، عرضها، توضع المباني).

- استخدام المخططات الشطرنجية وتعميمها على كل المدن دون مراعاة لطبوغرافية الأرض وبيئة المدينة.

3. عدم تلبية المتطلبات الاجتماعية ويظهر ذلك من خلال:

- عدم وجود متنفسات أو ساحات أو شوارع مخصصة للمشاة.

- عدم وجود مرافق تقوي العلاقات الاجتماعية (مراكزاجتماعية، أماكن لعب للأطفال، أماكن لتجمع الشباب والمسنين).

- عدم وجود خدمات اجتماعية طارئة وملحة (مكتبات عامة، مراكز ومؤسسات ثقافية).

4. عدم تلبية المتطلبات الاقتصادية، وخاصة:

- عدم وجود مراكز تجارية متسلسلة هرميا حسب المخطط العام.

- عدم الاتزان في توزيع الخدمات التجارية بين أجزاء المدينة المختلفة.

- افتقار العديد من المناطق ضمن المدينة إلى الخدمات التجارية المختلفة (كما هو الحال في أطراف المدينة).

5. عدم تلبية المتطلبات التخطيطية، ويظهر ذلك من خلال:

- نسب استخدام الأرض التي لا تلبي الاحتياجات للسكان.

- عدم وجود معايير تخطيطية علمية تتناسب مع المدن وواقعها البيئي والاجتماعي والاقتصادي بل إن المعايير المعتمدة في التخطيط مقتبسة من معايير عالمية مختلفة.

- الرتابة المملة في التخطيط؛ إذ ان معظم المخططات شبكية وتقتصر عملية التخطيط على تقسيم عام للقطاعات وتفصيل لوحدات الجوار بشكل ممل ورتيب.

- عدم دراسة تسلسل الخدمات ابتداء من وحدة الجوار وحتى المدينة ككل.

- تطبيق المخططات الشطرنجية للمدن دون دراسة للأرض وشكلها وطبوغرافيتها.

- أما نسب استخدام الأراضي في المدن اليمنية بعد مقارنتها ببعض المدن العربية فقد أظهرت الدراسة الآتي:

- إن نسبة السكن في المدن اليمنية مرتفعة (أكثر من 50%) ومتفاوتة في المدن العربية (أعلاها في عمان 67% وأقلها في دمشق 29%).

- إن نسبة الطرقات والساحات تقريباً متساوية في المدن اليمنية والعربية (أعلاها في غزة 36%).

- إن نسبة الخدمات في المدن اليمنية قليلة (تقريباً 3%) ومتوسطة في المدن العربية (أعلاها في غزة 19%).

- إن نسبة الخدمات التجارية في المدن اليمنية (حوالي 5%) ومتفاوتة في المدن العربية (أعلاها في غزة 11.43 %).

- إن المناطق الخضراء قليلة جداً تصل في صنعاء إلى (0.5%) وتزيد بنسبة ملحوظة ومتفاوتة في المدن العربية (أعلاها في بغداد9.1%).

- إن المناطق الصناعية قليلة تصل في مدينة تعز إلى (1.1 %) وفي المدن العربية متفاوتة (أعلاها في بغداد %10.8).

التوصيـات

  من خلال الدراسة السابقة يمكن الوصول إلى التوصيات التالية:

1. بالنسبة للمتطلبات الإنسانية:

- دراسة المتطلبات الإنسانية وما يطرأ عليها من تطورات لمحاولة ترجمتها في شكل المخطط العام.

- تصنيف هذه المتطلبات إلى (طارئة أو ملحة، موسمية) ليتم دراسة تسلسلها على أجزاء المخطط ابتداء من أصغر وحدة وحتى المدينة ككل.

- تثبيت المواقع المقترحة لكل عنصر من عناصر المخطط العام على الواقع حتى لا يتم السطو عليه وتغيير استعماله.

2. بالنسبة للمتطلبات الاجتماعية:

  الاستفادة من تجارب المدن القديمة في كيفية توزيع الخدمات فيها ثم دراسة المخططات الحديثة بحيث:

- تدرس المتطلبات الاجتماعية الحالية ويتم توفيرها في المخططات العامة والتفصيلية.

- دراسة مراكز وحدات الجوار والأحياء وإضافة مناطق فيها للتجمع والمشاة والفعاليات الاجتماعية لتقوية الروابط والعلاقات الاجتماعية بين السكان.

- إضافة عناصر تنمي الروح الاجتماعية لدى السكان وتقوي العلاقات بينهم (المراكز الاجتماعية، المراكز الثقافية، تفعيل دور الجامع والمسجد بإضافة العديد من العناصر إليه كالمكتبة ودور تحفيظ القرآن الكريم).

3. بالنسبة للمتطلبات الاقتصادية:

  الاستفادة من مخططات المدن القديمة التي راعت هذا الجانب بموقع السوق وعلاقته بالسكن ثم دراسة المخططات الحديثة بحيث:

- تدرس المناطق التجارية وتحدد أماكنها ولا يسمح بزيادة نسبتها عن الحد المسموح حتى لا تؤثر على بقية النسب في المخططات.

- يتم الحد من فكرة انتشار المحلات التجارية على طول الشوارع وفي جميع مناطق المدينة دون معايير منظمة لذلك.

- تحدد المناطق الصناعية وعدم تداخلها مع المناطق السكنية وربطها مع السكن بشكل قوي ومريح بوسائل النقل المختلفة.

4. بالنسبة للمتطلبات البيئية:

  الاستفادة من تخطيط المدن القديمة في المعالجات التخطيطية البيئية بحيث توفر المخططات الحديثة:

- الملاءمة المناخية (نسب الشوارع، توجيهها، عرضها، توضع الأبنية، توضع شبكة الشوارع). - التسلسل الفراغي في المدن وتوظيفه التوظيف الأمثل.

- زيادة رقعة المساحات الخضراء والمحافظة على المناطق الزراعية داخل المدن وفي محيطها.

- دراسة طبيعة المدن وطبوغرافيتها وعمل مخططات تنسجم معها وتعكس طبوغرافية أرضها.

- دراسة خصوصيات المدن وبيئتها وموقعها وعدم تصميم مخططات نموذجية للمدن المختلفة الخصائص والمعطيات.

- عدم المبالغة في إعطاء أهمية لبعض الوظائف على حساب الوظائف الأخرى (مثل زيادة نسبة الشوارع على حساب المناطق الخضراء).

5. بالنسبة للمتطلبات الخدمية:

  الاستفادة من كيفية توزيع الخدمات في المدن القديمة المتمثل في الحارة السكنية ابتداء بوحدة الجوار وانتهاء بالمدينة ككل، وذلك عن طريق:

- دراسة التسلسل الهرمي للخدمات ابتداء من أصغر جزء في المدينة وحتى المدينة ككل. - إعطاء نسب مدروسة للخدمات وبمستوياتها المختلفة.

- توفير جميع الخدمات التي يحتاجها الإنسان سواء الطارئة (المسجد، المدارس، المحلات التجارية لبيع الاحتياجات اليومية) أو الموسمية (محلات الأثاث، دور السينما والمسرح).

- تصنيف الخدمات حسب أهميتها وتحديد أماكنها وتوزيعها.

6. بالنسبة للمتطلبات التخطيطية:

- الانطلاق من طريقة تخطيط الحارة في المدن القديمة كأساس يمكن تطويره ليتلاءم والمعطيات الحالية.

- استخدام نسب استعمالات الأرض بما يتناسب مع كل المتطلبات الإنسانية والبدء من الجزء إلى الكل.

- إصدار اللوائح والتشريعات والقوانين المنظمة لعملية التخطيط والجدية في مراقبة تنفيذها على المخططات والواقع.

- الإسراع في إصدار وتفعيل قانون التخطيط الحضري وقانون البناء.

7. بالنسبة للتوعية والتثقيف:

- القيام بتأهيل وتدريب الكوادر العاملة في مجال التخطيط وتطوير معلوماتهم ومهاراتهم.

- إقامة ندوات ومؤتمرات ومعارض لتوعية سكان المدن بأهمية التخطيط الحضري.

- المساهمة الجادة من قبل وسائل الإعلام المختلفة في توعية الناس بأهمية التخطيط الحضري وتنفيذ المخططات بشكل علمي وسليم.

النص الكامل حمله من هنا أو للقراءة والتحميل اضغط هنا  


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا