وظائف المدن Functions cities ...

وظائف المدن          Functions cities

    الوظيفة هي أساس قيام المدن ،ووظيفة المدينة تخدم جهتين أولاهما داخلية Internal Function  تقدم لسكانها ضمن حيزها الحضري،والثانية خارجية External Function  تقدم لسكان إقليمها .وإذا حاولنا أن نضع قائمة بوظائف المدن وفقا لتعريف المدينة يجب أن نستبعد الوظيفة الزراعية على أساس أنها ليست وظيفة مدنية ،وان وجدت فإنها تمارس في ظروف خاصة وفي أماكن معينة محدودة .وعلى أساس ذلك سوف نعرج على الوظائف الرئيسة للمدن وكالاتي:

1- الوظيفة التجارية

   يعود نمو المدن التجارية في العالم في المدة مابين القرنين الثالث عشر والثامن عشر  إلى جهود أصحاب المشروعات التجارية وأتباعهم .لذلك فالمدن التجارية تعد أقدم أنواع المدن،ووظيفتها هذه وظيفة قاعدية لا يمكن تجاهلها ⁽³⁸⁾.

   وتشمل المدن التجارية على مدن البيع بالمفرد ومدن تجارة الجملة وهي تتراوح بين مدن الأسواق المحلية الصغيرة التي تقدم خدماتها لسكان المدينة والمناطق المحيطة بها مباشرة،وبين مدن التجارة العالمية التي تقوم بفعاليات تجارية واسعة النطاق وعلى المستوى العالمي .ساعدها في ذلك التقدم الكبير الذي حظيت به وسائط النقل ومن أمثلتها مدن باريس ولندن ونيويورك وطوكيو.

واستنادا إلى وظائف المدن التجارية يمكننا ملاحظة ثلاثة أنواع منها هي :

أ-مدن تجارة الظهير :وهذه المدن تعتمد بشكل كبير في تجارتها على الظهير الأرضي أو الإقليمي حولها فتنمو بنموه وتتضاءل حينما يضعف،فالخدمة التجارية بينهما مشتركة،ومدن هذا النوع لا ترتقي إلى مستوى المدن التجارية العالمية .

ب-مدينة المستودع : تمتاز هذه المدن بمواقع إستراتيجية  تمنحها تسهيلات تجعل التجارة المحيطة تفضل أن تمر بها وان كان الطريق إليها غير مباشر كما هو حال مكة المكرمة قبل البعثة النبوية الشريفة وما بعدها ،وهذه المدن تتمتع بنشاط كبير من حيث تجارة المرور والمصارف والشحن والعمليات المالية مثل مدن لندن وهامبورغ وأمستردام .

ج- النقاط التجارية : تمثل هذه المدن مناطق لتجميع الفائض من الإنتاج فهي حلقة وصل بين مناطق الفائض ومناطق الحاجة ، وفي كندا قامت مثل هذه المراكز ليستبدل فيها قناصوا الحيوانات الهنود الفراء في مقابل السلاح والتبغ والمشروبات الروحية .ومدن الموانئ كالبصرة ودبي والإسكندرية هي خير مثال على هذا النوع من المدن .أما الفرق بينها وبين مدن المستودع هو أن مدن المستودع هي مدن مرورية للقوافل التجارية أما النقاط التجارية فهي للتخزين أكثر مما تكون للمرور. 

2- الوظيفة الصناعية

  تختلف الوظيفة الصناعية عن الوظيفة التجارية للمدن ،ذلك لان الصناعة ليست في أصلها خلاقة للمدن بصفة دائمة ،رغم أنها ذات دور مدني هام ،فكل المدن التي نمت نموا كبيرا في العصر الحديث شهدت تنمية صناعية كبيرة .ذلك لان الصناعة تقوم معتمدة على المدينة ووسائط النقل وتوفر الموارد وغير ذلك .ومن هنا يمكن القول إن الصناعة قامت على التجارة في العصور القديمة والوسطى ،أما في العصر الحديث فقد نمت الصناعات الحضرية واتسع سوقها ليتعدى حدود المدينة ،وكان في ذلك إشارة إلى نمو الوظيفة الصناعية واستغلالها.

والمدن الصناعية نوعان هما :

1. مدن تعدينية               Mining Town
2. مدن الصناعات التحويلية Manufacturing

  والوظيفة الصناعية هي أوضح في المدن التعدينية منها في مدن الصناعة التحويلية ،ذلك لان التعدين اقل ارتباطا بالتجارة ،وفوق ذلك تقوم هذه المدن حيث يوجد المعدن أي أنها مَدينة بوجودها للتركيب الجيولوجي فهي تقوم في ألاسكا والصحراء وفي الجبال بل وكثير ما تقوم في مناطق منعزلة .وتندرج المدن الصناعية العربية ضمن هذا النوع من المدن .أي أن مدننا العربية هي أساسا مدن تعدينية (استخراجية) وهذا يعني أن صناعاتنا لازالت في جوهرها صناعة أولية خامية .أي انه في الوطن العربي توجد (صناعات مدن ) وليست (مدنا صناعية ).وصناعات المدن في اغلبها صناعات خفيفة استهلاكية بسيطة ،ثم أن مدن التعدين العربية هي بدورها تبتلعها فئة واحدة أساسا هي مدن النفط ،أما مدن المعادن الأخرى فهي قليلة نسبيا ،نستطيع أن نميز منها مدن الفوسفات والمنغنيز والفحم والحديد .

أما مدن الصناعات التحويلية فتكتسبها المدينة متى صنعت أكثر مما يستطيع سكانها استهلاكه،وتقوم ببيع الفائض للعالم الخارجي ،وهذا هو شان المدن الصناعية في الغرب .أما السمة الثانية لهذه المدن هو ظاهرة التخصص بحسب السلعة أو الإنتاج ،فكثير من المدن الصناعية تنصرف إلى سلعة واحدة ،فنجد برمنكهام تتخصص في الآلات وشيفيلد في الأسلحة القاطعة وشيكاغو في تعليب اللحوم وديترويت في صناعة السيارات وليون في صناعة الحرير . 

3-الخدمات الصحية والترفيهية Health and recreational services

     تشترك الخدمتان في إنهما من عائلة واحدة هي  تقديم الخدمات رغم التناقض في من تقدم له الخدمات ،فالصحة تقدم خدماتها للمرضى ،والترفيهية للأصحاء .وقد ظهرت هاتان الخدمتان في العصر الحديث وبالتحديد بعد الانقلاب الصناعي حيث أصبح السكان ينشدون الراحة والاستجمام .

   وتشترك المدن الصحية والترفيهية في إن خدمتيهما موسمية مؤقتة لا تستمر طول العام ،ومن ثم فهي تجابه فصلا ميتا ،إذ يقتصر نشاطها على فصل واحد من السنة ،أما الشتاء أذا كانت مشاتي أو الصيف إذا كانت مصايف .ولعل المدن الصحية تمتاز بكونها تتمتع بموسم عمل أطول من المدن الترفيهية ،أي أن المدن الصحية مدن دائمة أكثر منها موسمية .لكنها في الوقت نفسه محدودة الانتشار ولا تخلق إلا إحجاما صغيرة بالقياس إلى المدن الترفيهية ،وهي تختلف عن الأخيرة في انتخابها الديموغرافي من حيث السن والنوعية المرتبطة بارتفاع المستوى ألمعاشي لمرتاديها .

     أما الصفة الثالثة المشتركة بينهما هي صفة البطالة ،فكلاهما تخدمان حاجة سلبية وعناصر حاصلة ،فالمرضى لا يعملون وكذلك السياح .ولما كان الاهتمام بالصحة والراحة والعلاج مرتبطا بالحضارة ومستوى المعيشة فاغلب المدن الصحية مركّزة في أوروبا وأمريكا الشمالية ،إلا إن هذه لا يمنع تواجدها في إرجاء أخرى من المعمورة .

والمدن الصحية على نوعين هما :مدن المياه المعدنية  ومدن المصحات ،ويشترط في وجود الأولى تركيب جيولوجي معين ، وعلى موضع يسهل الوصول إليه من قبل السكان ومن أمثلتها مدن قيشي في فرنسا وفيز بادن في المانيا .أما مدن المصحات أو ما يطلق عليها بمدن الراحة والاعتزال ،فيشترط في وجودها العامل الطبيعي المتمثل بالجو المشمس والهواء النقي والأرض الخضراء ،إذ يؤّمها المرضى إثناء دورة النقاهة،ومنها مدينة دافوس جنوب شرق سويسرا التي تقع على ارتفاع يبلغ 1540 مترا فوق مستوى أقصى الإمطار (مناخ جاف) وهي تقع في وادي ألبي على سطحه المشمس ومحمّية من الرياح بواسطة الكتل الجبلية .أما في الوطن العربي فمدن المصحات قليلة الوجود بسبب حرارة الجو المرتفعة والشمس الساطعة في فصل الشتاء مما يلغي الحاجة إليها ، ويمكن أن تعد حلوان في مصر ومدينة بحمدون في لبنان من المصحات حيث يشترط الارتفاع في الأرض والنبع والشمس .

أما المدن الترفيهية فتقسم إلى ثلاثة أنواع هي :

أ-مدن المشاتي  ب- مدن المحطات الجبلية  ج- مدن المصايف البحرية .

أ-مدن المشاتي  Winter Resorts

هي اقرب إلى المدن ذات العيون المعدنية ويلجا إليها السكان هربا من برد الشتاء وتمتعا بالشمس .ونشأت في بدايتها على سواحل البحر المتوسط أهمها الريفيرا الفرنسية French Riviera   كمدن نيس وموناكو ومونت كارلو ،وعلى الريفيرا الايطالية Italian Riviera مثل سان ريمو San Remo ويالتا Yaltaعلى القرم (وهي ريفيرا البحر الأسود).

ب-مدن المحطات الجبلية Mountain Resorts

وهي أشهر الأماكن السياحية رغم حداثتها ،إذ أن صعود الجبال والتزحلق على الجليد لم تبدأ إلا متأخرا ،ومن ابرز أمثلة مدن المحطات الجبلية مدينة شامو نكس في وادي ارف وهي من أهم مراكز السياحة في جبال الألب لأنها تجمع علاوة على ذلك جمال مناظرها الطبيعية ,كما تعد مدينة انزبروك وسالزبورج من المحطات الجبلية الهامة في النمسا.

ت-مدن المصايف البحرية Seaside Resorts

يتطلب لقيام مثل هذه المدن موضعا يتوفر فيه شاطئ رملي متدرج ناعم وتنمو الأشرطة على طول الجبهة المائية،وإذا نجح المصيف أمكنه أن يوجد أحجاما كبيرة من المدن ومثال ذلك برايتون في انكلترا واتلانتيك في الولايات المتحدة الأمريكية .وفي الوطن العربي هناك الإسكندرية وبور سعيد وبيروت وسيدي سعيد في تونس . 

4-الوظيفية الدينية والثقافية Religious and cultural functional

أ-الوظيفة الدينية

   المدن الدينية قديمة ذلك إن الدين كان يوما مسئولا عن نشأة كثير منها ،فالسومريون أسسوا مدنهم للعبادة وليس للتجارة ،وظهرت أثينا في أيامها الأولى كمعبد للإلهة أثينا.ولكن تبدلت الحال في العصر الحديث ،فقد اصطبغ الدين بصبغة دنيوية فتخاذل أمام التجارة بل تخاذل الإيمان أمام الائتمان .

 ولمواضع المدن الدينية قداسة خاصة كما أن اغلبها يفضل الابتعاد عن صخب الحياة فيختار أماكن منعزلة أو متطرفة تتعارض مع المزايا الجغرافية المعروفة ،أما مواقعها فليست لها قيمة بقدر مواضعها ،وذلك لكونها تتخذ بناء على معتقدات أو خرافات أو أحداث أو رؤى.

   وكانت المدينة الدينية في العصور الوسطى على أنواع منها مدن الحج ومدن الأديرة والزوايا والأضرحة ومدن الحكم الديني .وفي ما عدا مدن الحج اختفت اغلب الأنواع الأخرى .ومدن الحج صغيرة الحجم بصفة عامة لكنها تمتلئ بملايين من الحجاج في أيام قليلة لتعود إلى حياتها الهادئة الرتيبة بقية السنة .وتوجد مدن الحج في كل الأقاليم فقد عرفتها الأديان السماوية وغير السماوية ، فهي في الهند (بنارس –الله آباد)وفي اليابان (أساisa  ) وفي الشرق الأوسط (مكة المكرمة والقدس الشريف)وهي (لورد) في شمال غربي  فرنسا .هذا إلى جانب عشرات المدن ذات الشهرة المحلية مثل القيروان وفاس ومراكش وطنطا والنجف الاشرف وكربلاء المقدسة ومشهد في إيران. 

ب

–

الوظيفة الثقافية

  ترتبط هذه الوظيفة بوجود الجامعات في المدن ، وكان لهذه الوظيفة ارتباط بالوظيفة الدينية في الماضي ،ذلك لان تدريس الديانات شغل مركزا كبيرا في الجامعات ،وكانت الثقافة الإسلامية والعلمية تدرس قديما في المسجد في الدول الإسلامية .وتوجد الجامعات في الوقت الحاضر في المدن الكبرى،وان كانت تميل إلى التركز في الضواحي بعيدة عن هذه المدن حتى يكون لها فرصة التوسع في المستقبل ،فضلا عن صفة الهدوء التي تتوفر في أطراف المدن والضواحي .

ويمكن تقسيم الجامعات إلى قسمين :جامعات المدن الكبرى مثل باريس والقاهرة وبيروت .أما القسم الآخر فهو مدن الجامعات  التي تكون الجامعة هي نوات المدينة ومحورها أي أن قيام المدن على أساس الجامعة التي خلقتها .ومن أقدم الأمثلة أكسفورد وكمبردج في انكلترا وهايد لبرج في المانيا وابسالا في السويد وميشيغان وهارفارد وكور نيل في الولايات المتحدة الأمريكية .

وفي مدن الجامعات تصبح الجامعة هي محور الحياة الاقتصادية للمدينة ،فالطلبة هم اغلب سكانها ،وفصل العطلة هو الفصل الميت في اقتصادياتها.  

5-الوظيفة الإدارية والسياسية

Administrative and political

Position