الأحوال السينوبتيكية المسببة للعواصف الغبارية
خلال فصل الربيع في الأردن
(1975-2005)
د. يوسف مصطفى خليل
جامعة الملك فيصل، كلية الآداب.
د. علـي أحمـد غانـم
الجامعة الأردنية، كلية الآداب، قسم الجغرافية
فعاليات المؤتمر الجغرافيا والتغيرات العالمية المعاصرة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية - جامعة طيبة - خلال الفترة 20 - 23 / 5 / 1434 هـ - ضمن فعاليات الاحتفال بالمدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية للعام 2013م :
الملخص
يهتم هذا البحث في دراسة الأحوال السينوبتيكية المصاحبة للعواصف الغبارية ذات مدى الرؤية من صفر إلى 1كم، والتي حدثت في فصل الربيع خلال مدة الدراسة 1975-2005 في الأردن، وقد وجد تباين كبير في عدد العواصف السنوية، وأن أكبر عدد منها قد حدث في عامي 1976 و2003، بينما لم يسجل في ربيع العام 1983 أي حدوث للعواصف الغبارية، وكان معدلها السنوي (فصول الربيع) خلال مدة الدراسة 9.85 عاصفة، بمعامل اختلاف 75% .
ومن تحليل خرائط الطقس السطحية خلال مدة الدراسة، تبين أن معظم العواصف الغبارية قد حدثت مع الجبهات الهوائية الباردة (104 عواصف) المرافقة لمنخفضات البحر المتوسط، وانخفض عدد الحالات إلى (84) عاصفة مرافقة للمنخفضات الخماسينية، و(43) عاصفة مرافقة لمنخفض البحر الأحمر، وقد حدثت معظم هذه العواصف في شهر نيسان، بينما توزع الباقي بين شهري آذار (89 عاصفة) وأيار (86 عاصفة).
كلمات مفتاحية: عواصف غبارية، فصل الربيع، الأردن، جبهات هوائية، خماسيني، حراري، بحر أحمر، آزوري.
Abstract
Synoptic Conditions Associated with Spring's Dust Storms in Jordan
This research aims to study the synoptic conditions associated with spring's dust storms (visibility 0-1 KM) in Jordan during the study period 1975-2005. There is a large annual variation of dust storms (DS), the coefficient of variation is 75%, with annual average of 9.58. The largest numbers of the dust storms occurred in 1976 and 2003, and there was no record of any dust storm in 1983.
The analysis of surface weather maps for dust storms events revealed that most of (DS) were associated with cold fronts (104) DS, the number of DS decreased to (84) DS associated with Khamasine depressions, and to (43) DS with the Red sea low. Most dust storms (122) DS occurred in April, and the others were divided between March (89) DS and May (86) DS.
المقدمة:
يتفق الباحثون على أن العاصفة الغبارية هي انتشار للغبار في الجو، لكنهم يختلفون على مدى الرؤية وسرعة الرياح المرافقة لها ، فهي أقل من (14) عقدة عند ولي محمد (1982)، و(18) عقدة فأكثر عند صفر (1982)، بينما لم يتم تحديد سرعة الرياح في العاصفة الغبارية لدى منظمة الأرصاد الجوية العالمية( Meddleton, 1968, Goudie, 1978)، لحدوث العواصف الغبارية على سرعات مختلفة، وكذلك عند السلطان (1985) لم يتم تحديد سرعة معينة للرياح ولا مدى رؤية معين في العاصفة الغبارية، وفي هذهالدراسة، فإن مدى الرؤية في العاصفة الغبارية هو ما بين صفر إلى 1 كم، بغض النظر عن سرعة الرياح ، وهذا يتفق مع ما هو معمول به لدى دائرة الأرصاد الجوية الأردنية وكذلك عند الجوراني 1990.
يقع الأردن في إقليم شرق البحر المتوسط بين دائرتي عرض 29.15 ْ و 32.55 ْ شمالاً، وخطي طول 35 ْ و39 ْ شرقاً، وتحدث العواصف الغبارية في الأردن نتيجة لمجاورته المناطق الصحراوية، فهو يقع شمال غرب الجزيرة العربية وشرق صحراء سيناء والصحراء الكبرى، وجنوب غرب بادية الشام، علماً بأن المناطق الصحراوية وشبه الصحراوية تشكل حوالي 90% من مساحة البلاد.
لقد سبب الموقع الفلكي والجغرافي للأردن تأثره بعدد من أنظمة الضغط الجوي والمنخفضات الجوية في مختلف الفصول، تجعله عرضةً لهبوب رياح شمالية شرقية وجنوبية شرقية وجنوبية غربية جافة مثيرة للعواصف الغبارية، حيث تسهم عوامل متعددة في تكون هذه العواصف، مثل الرياح وتفكك التربة والجفاف وقلة الرطوبة، بالإضافة إلى طبيعة الأحوال الجوية التي ترافق حدوثها، ويتعرض الأردن لحدوث العواصف الغبارية في جميع الفصول، وأكثرها يحدث في فصل الربيع نتيجة لتعرض المنطقة لحالات جوية كالجبهات الهوائية الباردة والمنخفضات الحرارية والمرتفعات الجوية، وتعد الصحراء الكبرى مصدراً رئيساً للغبار الذي يصل إلى منطقة شرق البحر المتوسط (Molars, 1986)، وأشار خليل (2008)، إلى أن حوالي (54.1%) من العواصف الغبارية في الأردن تحدث في فصل الربيع، يليه فصل الشتاء بنسبة (21.9%)، ثم الخريف بنسبة (15.1%) فالصيف (8.9%).
ويهتم هذا البحث في دراسة وتحليل الأحوال الجوية المصاحبة لحدوث العواصف الغبارية في الأردن، وذلك من خلال خرائط الطقس السطحية والعلوية لأيام حدوث العواصف الغبارية.
وتتبدى بعض أهمية دراسة العواصف الغبارية باعتبارها ظاهرة جوية تحدث تأثيرات سلبية، فانتشار الغبار يؤدي إلى انخفاض مدى الرؤية مما يعيق حركة النقل البري والجوي، إضافة لما تمثله العواصف الغبارية بما فيها من أتربة ناعمة من أمراض وأضرار عديدة على الإنسان والنبات، (محسوب، 2007). كما تتسبب العواصف الغبارية في تعرية التربة وتزيد من شدة الحت الريحي بما تحمله من أتربة (Goudie, 1978)، وتؤثر العواصف الغبارية كذلك على الغطاء النباتي وتدمر المحاصيل الزراعية، (السيد، 2004وطارق، 2004)، وتعد العواصف الغبارية من العوامل المهمة المسببة للتصحر Desertification (Wang et at, 2006)، كما تؤثر على العناصر الطبيعية فتقلل من كمية الإشعاع الشمسي (Akrawi, et at, 1989).
البيانات:
تشمل بيانات يومية لمدى الرؤية المرتبط بتحديد العواصف الغبارية، باعتبارها متغيراً تابعاً، إضافة لبيانات يومية أخرى من المتغيرات المستقلة المرافقة للعواصف الغبارية، مثل درجة الحرارة العظمى والرطوبة النسبية وسرعة الرياح واتجاهها والضغط الجوي وغيرها، في ثماني محطات للفترة 1975-2005 (دائرة الأرصاد الجوية الأردنية) (الشكل1)، وقد اختيرت هذه المحطات لتوزعها على الأقاليم الجغرافية في الأردن، ذات الامتداد الطولي من الشمال إلى الجنوب ، وهي الأغوار في غرب البلاد والمرتفعات الجبلية في الوسط ، والبادية الأردنية في الأجزاء الشرقية والجنوبية، إضافة لتوفر بياناتها اليومية من خلال مدة الدراسة، كما تم تحليل خرائط الطقس السطحية لمستوى سطح البحر (Surface weather charts)، وخرائط الطقس العلوية (Upper weather charts) عند مستوى(500) هكتوباسكال للأيام التي حدثت فيها العواصف الغبارية، وقد تم الحصول عليها من موقع الإدارة الوطنية الأمريكية لعلوم الطقس والبحار (National Oceanic And Atmospheric Administration: NOAA).
الشكل 1. محطات الرصد الجوي المختارة للبحث في الأردن (1975-2005)
المنهجية:
لتحقيق أهداف البحث اتبعت منهجيات ملائمة لدراسة العواصف الغبارية في ثماني محطات رصد مناخية في الأردن ، ذات بيانات طويلة نسبيا بلغت واحدا وثلاثين عاما ، وقد شملت المنهجية ، استخدام المنهج الوصفي في وصف التباين الزمني (Temporal Spatial ) لحدوث العواصف الغبارية واختلافها من مكان إلى آخر ، رافق ذلك توضيح وتفسير ما أمكن لأسباب تلك التباينات بين محطات الرصد المناخية ، وقد اتخذت خرائط الضغط الجوي السطحية أسلوبا تحليليا وتفسيريا، للتعرف على طبيعة الحالة الجوية السينوبتيكية المرافقة للعواصف الغبارية ، والاسترشاد بخرائط الضغط الجوي على مستوى 500 هكتوباسكال وخاصة الأحواض العلوية الباردة ) ( Upper Trough السائدة في نفس يوم حدوث العاصفة الغبارية لتدعيم المنهج التحليلي .
كما استخدمت بعض أساليب التحليل الإحصائي الملائمة لمعالجة بيانات العواصف الغبارية لتحقيق هدف البحث ، ومن تلك الأساليب :
- استخراج تكرارات حدوث العواصف الغبارية الشهرية ( لفصول الربيع ) والمكانية ( المحطات المناخية للدراسة ) ومعدلاتها، وتبعا للحالات الجوية المرافقة للعواصف الغبارية في الأردن خلال مدة الدراسة .
- استخراج تباين التوزيع الجغرافي في محطات الأرصاد الجوية في منطقة الدراسة ، وتوضيح ذلك بالجداول والأشكال البيانية .
- حساب مقاييس النزعة المركزية ومقاييس التشتت لبيانات حدوث العواصف الغبارية ، مثل المتوسطات الحسابية والانحراف المعياري ومعامل الاختلاف ، حيث تقدم هذه المقاييس وصفا لحدوث العواصف الغبارية من جهة ، وقياس مدى التشتت الزماني والمكاني لحدوث تلك العواصف .
وقد عمدت المنهجية لتحقيق هدفين، الأول: دراسة تفصيلية لبيانات مدى الرؤية للأيام التي حدث فيها إثارة للغبار في محطات الدراسة، وتحديد العواصف الغبارية بناء على مدى الرؤية visibility من صفر إلى 1كم ، أما الهدف الثاني، فهو دراسة تفصيلية لخرائط الطقس السطحية والعلوية لأيام حدوث العواصف الغبارية، وعليه فقد تم تصنيف هذه العواصف إلى مجموعات حسب الأحوال السينوبتيكية التي رافقتها ، وهي الجبهات الباردة، ومنخفضات الخماسين والبحر الأحمر وشبه الجزيرة العربية والموسمي والمرتفعين الآزوري والسيبيري.
تباين العواصف الغبارية تبعاً للأحوال السينوبتيكية:
اتضح من توزع العواصف الغبارية في الأردن خلال مدة الدراسة أن فصل الربيع هو أكثر الفصول التي تأثر فيها الأردن بهذه العواصف، حيث بلغت تكراراتها (297) عاصفة غبارية خلال مدة الدراسة ، وبنسبة (54.1%) من مجموع العواصف لجميع الفصول، وبمعامل اختلاف (69.6%)، ويعود ذلك إلى طبيعة الأحوال السينوبتيكية وتأثيرها وتركزها في فصل الربيع أكثر من غيره من الفصول.
ويوضح الجدول(1) ، أن شهر نيسان كان أكثر الشهور التي تكرر فيها حدوث العواصف الغبارية التي بلغت (122) عاصفة ، وبنسبة (41%) من مجموع عواصف الربيع خلال مدة الدراسة، مما يدل على كثرة وفعالية حالات عدم الاستقرار الجوي فيه، وخاصة العواصف الغبارية المرافقة للمنخفضات الخماسينية والجبهات الباردة التي بلغت نسبتهما معاً (63.9%) من مجموع العواصف الغبارية التي حدثت في هذا الشهر، ويذكر أن الأردن يظل خلال فصل الربيع تحت استمرار تأثير الجبهات الهوائية الباردة المرافقة لمنخفضات البحر المتوسط التي تكون قد بدأت تأثيرها على شرقي البحر المتوسط في فصل الشتاء . وترتبط هذه الجبهات بعمق المنخفض الجوي ومساره ومدة استمرار تأثيره . وتشهد مقدمة الجبهات الهوائية الباردة تناقص درجة الحرارة بالارتفاع ( lapse rate )، مما يؤدي إلي حدوث حالة عدم استقرار جوي مصحوبة برياح جنوبية غربية يرافقها عواصف غبارية قادمة من صحاري النقب وسيناء ومصر الشرقية ذات التربة الهشة والجافة والمفككة .
أما المنخفضات الخماسينية ( Khamasenic Lows ) ، فتتعزز فعاليتها عندما يغطي البحر المتوسط هواء قطبيا ، ويمتد جنوبا نحو الصحراء الكبرى ، فيتكون ضغط جوي مرتفع شمالي البحر المتوسط ، ومنخفض جوي خماسيني على السفوح الجنوبية لجبال أطلس غربي الصحراء الكبرى ، وإذا صادف ذلك وجود كتلة هوائية باردة في طبقات الجو العليا Trough، فإن هذه الوضعية الجوية تسهم في حالة عدم استقرار جوي في الجبهات المرافقة للمنخفضات الخماسينية التي تصل شرقي البحر المتوسط ومنها الأردن ، ومع أن بعض هذه الحالات الجوية قد تسبب أمطارا رعدية مختلطة بالغبار ، إلا أن معظمها يقتصر على إثارة العواصف الغبارية ( شحاده ، 1991 ).
تلا ذلك شهر آذار، وقد حدث فيه (89) عاصفة غبارية بلغت نسبتها (30%) من مجموع العواصف الغبارية التي حدثت في فصل الربيع، كان نصفها مرافقاً للجبهات الباردة، مما يدل على كثرة حالات عدم الاستقرار الجوي الناجمة عن الجبهات الباردة المسببة لحدوث العواصف الغبارية خلال هذا الشهر، والذي حدثت فيه أيضاً (77.8%) من العواصف الغبارية المرافقة للمرتفع الآزوري.
أما شهر أيار، فقد حدثت فيه أقل العواصف الغبارية في فصول الربيع من مدة الدراسة، وقد بلغت (29%)، كان ثلثها مرافقاً لتأثير المنخفض الخماسيني ، و(24%) كان مرافقاً لتأثير كلٍ من المنخفض الحراري لشبه الجزيرة العربية والجبهات الباردة، يذكر أن أقل العواصف الغبارية حدوثاً في فصول الربيع، كانت تلك المرافقة لتأثير المنخفض الموسمي، وقد بلغت نسبتها (1%).
الجدول 1. عدد العواصف الغبارية لشهور فصل الربيع تبعاً للأحوال السينوبتيكية في الأردن (1975-2005)
الحالة الجوية
الشهر
|
جبهة باردة
|
مرتفع سيبيري
|
مرتفع آزوري
|
منخفض البحرالأحمر
|
منخفض الخليج الموسمي
|
منخفض شبه الجزيرة العربية
|
المنخفض الخماسيني
|
مجموع
العواصف
|
آذار
|
45
|
1
|
14
|
8
|
1
|
5
|
15
|
89
|
نيسان
|
38
|
4
|
4
|
22
|
0
|
14
|
40
|
122
|
أيار
|
21
|
0
|
0
|
13
|
2
|
21
|
29
|
86
|
يذكر أنه من بين العواصف الغبارية المرافقة للحالات الجوية لمنخفضات البحر الأحمر والموسمي وشبه الجزيرة العربية والخماسيني ، التي حدثت في فصول الربيع طيلة مدة الدراسة، وعددها (170) عاصفة غبارية، كان منها (136) عاصفة (80.6%) قد حدثت في المحطات الصحراوية الجنوبية والشرقية من الأردن ، وهي العقبة ومعان والجفر والصفاوي الجدول(2)، ويدل هذا على زيادة فعالية المنخفضات الحرارية (Thermal depressions) في المناطق الصحراوية ذات التربة الجافة والمفككة، وهي المناطق قليلة الرطوبة والأمطار والتي لا تتجاوز (100) ملم سنوياً، بعكس المناطق الشمالية الغربية من الأردن، وهي ذات أمطار وغطاء نباتي أكثر من غيرها من المناطق في الأردن، إضافة إلى تربتها الزراعية المتماسكة.
يستنتج مما سبق، وجود تباينات شهرية كبيرة بين الأحوال السينوبتيكية وتأثيرها في حدوث العواصف الغبارية خلال فصل الربيع في الأردن . كما تظهر بيانات العواصف الغبارية في فصول الربيع خلال مدة الدراسة، وجود تباين واسع في حدوثها بين سنة وأخرى، وقد وجد أن المدى السنوي (Annual range) كان (25) عاصفة غبارية، حيث كانت أكثر فصول الربيع حدوثاً للعواصف الغبارية في الأردن في سنتي 1976 و2003، وقد بلغت (25) عاصفة غبارية لكلٍ منهما، بينما لم يسجل في ربيع عام 1983 حدوث أيةعاصفة غبارية، وقد بلغ المتوسط الحسابي (9.58 عاصفة/فصل)، ومعامل الاختلاف (coefficient of variation) السنوي لفصول الربيع (73.6%) ، مما يدل على تباين كبير وعدم انسجام في حدوث العواصف الغبارية بين سنة وأخرى، بسبب التباين في تأثيرالأحوال السينوبتيكية.
كما أن التباينات شملت أيضا محطات الدراسة ( جدول 2) ، وأدى اختلاف التباين المكاني لها، ما بين الأغوار ( تحت مستوى سطح البحر ) والمرتفعات الجبلية والبادية ، إلى انعكاس تأثير الأحوال السينوبتيكية عليها، وبالتالي حدوث العواصف الغبارية المرافقة لتلك الأحوال. وقد بلغ المدى في حدوث العواصف الغبارية خلال مدة الدراسة( 85 ) عاصفة ، كان أقلها في محطة دير علا 224 مترا تحت مستوى سطح البحر(دائرة الأرصاد الجوية الأردنية ) بخمس عواصف، ومحطة اربد (616 م) ذات مناخ البحر المتوسط بتسع عواصف ، أما أكثرها فكان في محطة الجفر الصحراوية بتسعين عاصفة غبارية ، بلغت 30 % من مجموع العواصف الغبارية التي حدثت في جميع المحطات خلال مدة الدراسة ، حيث تعتبر منطقة الجفر المكان المثالي لحدوث العواصف الغبارية في الأردن . أما معامل الاختلاف لحدوث العواصف الغبارية في محطات الدراسة تبعاً للأحوال السينوبتيكية فقد بلغ 76.6% ، مما يدل على وجود تبـاين في فعالية تأثير الأحوال السينوبتيكية في حدوث العواصف الغبارية في منطقة الدراسة .
الجدول 2. عدد العواصف الغبارية في محطات الدراسة تبعاً للأحوال السينوبتيكية في فصل الربيع في الأردن (1975-2005)
الحالة الجوية / المحطات
|
اربد
|
مطار
عمان
|
دير علا
|
العقبة
|
معان
|
الجفر
|
المفرق
|
الصفاوي
|
مجموع العواصف
|
جبهة باردة
|
6
|
11
|
2
|
14
|
8
|
30
|
14
|
19
|
104
|
مرتفع سيبيري
|
0
|
0
|
1
|
3
|
0
|
1
|
0
|
0
|
5
|
مرتفع آزوري
|
0
|
0
|
0
|
9
|
0
|
6
|
0
|
3
|
18
|
منخفض البحر الأحمر
|
1
|
3
|
0
|
8
|
1
|
18
|
5
|
7
|
43
|
المنخفض الموسمي
|
0
|
0
|
0
|
0
|
0
|
2
|
0
|
1
|
3
|
منخفض شبه الجزيرة العربية
|
0
|
5
|
0
|
8
|
4
|
10
|
4
|
9
|
40
|
المنخفض الخماسيني
|
2
|
6
|
2
|
23
|
4
|
23
|
5
|
19
|
84
|
المجموع
|
9
|
25
|
5
|
65
|
17
|
90
|
28
|
58
|
297
|
من جهة أخرى تنعكس طبيعة الحالة السينوبتيكية أحيانا على مدى شدة العاصفة الغبارية، فتحدّر الضغط الجوي الشديد (Pressure gradient) في المنخفضات الجوية العميقة، يؤدي إلى هبوب رياح قوية قادرة على إثارة وحمل حبيبات الغبار والرمال، وإحداث عاصفة غبارية رملية شديدة تؤدي إلى تدني مدى الرؤية في المناطق الواقعة تحت تأثيرها، كما في العاصفة التي تعرضت إليها محطة الجفر الصحراوية جنوبي الأردن يومي 15 و 16 /4/ 1984 ، حيث انعدمت الرؤية تماماً لوجود منخفض جوي عميق، بلغت قيمة الضغط الجوي في مركزه 1004 هيكتوباسكال ، وهبوب رياح غربية إلى جنوبية غربية بلغت سرعتها (49) عقدة ، كما بلغت 58 عقدة في محطة معان جنوبي الأردن التي تأثرت بنفس العاصفة الغبارية ، بينما ارتفع مدى الرؤية في العاصفة الغبارية التي تعرضت لها محطة مطار عمان يوم 23/3/1975 إلى 0.8 كم ، وقد بلغت قيمة الضغط في مركز المنخفض الجوي المرافق 1014.5هكتوباسكال، وسرعة الرياح المصاحبة له 21 عقدة .
وقد وجد أن مدى الرؤية 1كم ، قد حدثت فيه أكبر نسبة من العواصف الغبارية في فصول الربيع خلال مدة الدراسة، وقد بلغت نسبتها (51.7 %) وكانت أكثر العواصف في هذا المدى مرافقة للجبهات الباردة ،مما يدل على كثرة حالات عدم الاستقرار الجوي المرافقة لها ، تلتها العواصف المرافقة للمنخفضات الخماسينية، وقد شكلت نسبة (27.6%) من مجموع العواصف الغبارية في مدى الرؤية 1كم، بعد ذلك كانت العواصف الغبارية ذات الرؤية المنعدمة (صفر) بنسبة (10 %)، وكان أكثرها مرافقاً للجبهات الباردة والمنخفضات الخماسينية ، بينما كان مدى الرؤية 0.9 كم و 0.7 كم الأقل ، وقد بلغ معامل الاختلاف بين أجزاء مدى الرؤية للعواصف الغبارية خلال مدة الدراسة 152.5% ، مما يدل على التباين الشديد في سرعة الرياح الجافة المرافقة لحدوث العواصف الغبارية ، الجدول( 3 ) .
جدول 3 : توزيع أجزاء مدى الرؤية بالكم للعواصف الغبارية خلال مدة الدراسة
0
|
0.1
|
0.2
|
0.3
|
0.4
|
0.5
|
0.6
|
0.7
|
0.8
|
0.9
|
1
|
مجموع العواصف
| |
55
|
48
|
43
|
18
|
16
|
45
|
13
|
3
|
22
|
2
|
284
|
549
|
وإذا كان مدى الرؤية في العواصف الغبارية متباينا ، وكذلك سرعة الرياح المرافقة لها ، سواء كان ذلك في العواصف التي تنعدم فيها الرؤية ، أو تلك التي يكون فيها مدى الرؤية 1 كم مثلا ، فإنه وجد أيضا ،أن مدى الرؤية في العواصف الغبارية ليس مرتبطا دوما بشدة الرياح المرافقة للحالة الجوية السينوبتيكية ، فقد تحدث عاصفة غبارية تنعدم فيها الرؤية بسرعة رياح تبلغ 14 عقدة ، كما هو الحال في العاصفة التي حدثت بتاريخ 12/5/1976 في الجفر ، كما قد تحدث عاصفة أخرى تنعدم فيه الرؤية بسرعة رياح مرافقة تبلغ57 عقدة ، كتلك التي حدثت في محطة الجفر أيضا بتاريخ 17/5/1996 . بينما تحدث عاصفة بمدى رؤية 1كم، وسرعة رياح تبلغ 56 عقدة ، كالعاصفة الغبارية التي حدثت في معان بتاريخ 24/3/2001 .
الظروف السينوبتيكية المصاحبة لحدوث العواصف الغبارية:
إن معظم التباينات الزمانية والمكانية (Temporal Spatial and Variations) في حدوث العواصف الغبارية مردها بشكل أساسي إلى الظروف السينوبتيكية (Synoptic conditions)، وتتمثل هذه الظروف في مجموعة عوامل سينوبتيكية مرتبطة بدورة الغلاف الجوي فوق الإقليم، وأبرز تلك العوامل هي التوزع الجغرافي لأنظمة الضغط الجوي، وحركة الكتل الهوائية ومساراتها، والمنخفضات والمرتفعات الجوية، وحالة طبقات الجو العليا.
ومن خلال دراسة وتحليل خرائط الطقس السطحية وخرائط طبقات الجو العليا عند مستوى ضغط (500) هكتوباسكال، للأيام التي تأثر فيها الأردن لحدوث عواصف غبارية خلال فصل الربيع من مدة الدراسة (1975-2005م)، فقد تم رصد سبعة أنظمة ضغط جوي سطحية (surface pressure systems) يتعرض لها الأردن، وتعد على الأغلب مسؤولة عن تكون العواصف الغبارية، وهي الجبهات الهوائية الباردة والمنخفضات الخماسينية، والمرتفع الآزوري ومنخفض شبه الجزيرة العربية ومنخفض البحر الأحمر، مع ندرة حدوث تلك العواصف مع الحالات الجوية التي يسود فيها تأثير المرتفع السيبيري والمنخفض الموسمي، الشكل(2).
الشكل رقم ( 2 )عدد العواصف الغبارية في فصل الربيع تبعاً للأحوال السينوبتيكية في الأردن خلال فترة الدراسة 1975 – 2005م
ويظهر الشكل السابق التباين الشديد في حدوث العواصف الغبارية تبعا للأحوال السينوبتيكية المرافقة ، إذ بلغ المدى 101 عاصفة غبارية خلال مدة الدراسة ،بينما وصل معامل الاختلاف (Coefficient Of Variation ) إلى 84.9 % ، مما يدل على تشتت وعدم تجانس في تأثير الأحوال السينوبتيكية المصاحبة لحدوث العواصف الغبارية ، وقدتم تصنيف العواصف الغبارية تبعا للظروف السينوبتيكية إلى :
1- العواصف الغبارية المرافقة للجبهات الباردة:
يتأثر الأردن بالجبهات الهوائية الباردة ( Cold Fronts ) في فصل الربيع، وتكون تلك الجبهات مصاحبة لمنخفضات جوية تتكون في حوض البحر المتوسط، وتؤدي إلى حالات عدم استقرار جوي، خاصة مع اقترانها بأحواض باردة (Upper Trough) في طبقات الجو العليا، ويتأثر الأردن في فصل الربيع في المعدل لثمانية منخفضات جوية، وتقدر نسبتها بثلث عدد المنخفضات الجوية التي يتعرض لها سنويا (شحادة، 1991) ، بينما يتعرض نفس الفصل بما معدله 3.35 عاصفة غبارية ، ويستنتج من ذلك أنه ليس بالضرورة أن يرافق كل منخفض جوي عاصفة غبارية .
ومع انحسار المرتفع السيبيري نحو الشمال الشرقي، تبدأ المنخفضات الجوية المتوسطية بالتحرك شرقاً ،( الشكل 3 ) ، وعادة ما يرافق مقدمة الجبهات الهوائية رياحاً جنوبية غربية (الصبابحة، 2005) مثيرة للعواصف الغبارية، قادمة من صحاري سيناء والنقب ذات التربة الهشة والمفككة.
الشكل 3 خريطة ضغط جوي سطحية تظهر تقدم منخفض البحر المتوسط شرقا مع انحسار المرتفع السيبيري نحو الشمال الشرقي.
يتضح من الشكل ( 2 ) أن الجبهات الباردة قد تسببت بما نسبته (35%) من مجموع العواصف الغبارية في فصول الربيع خلال المدة (1975-2005)، وهي بذلك تكون أهم العوامل المؤدية إلى حدوث العواصف الغبارية في الأردن، وقد وجد تباين في تأثير الجبهات الباردة المسببة لحدوث العواصف الغبارية بين منطقة وأخرى، حيث رصدت محطة الجفر أعلى نسبة من حدوث العواصف الغبارية المرافقة للجبهات الباردة في فصول الربيع، وقد بلغت (28.8%)، بينما رصدت محطة ديرعلا أدنى نسبة من حدوث هذه العواصف، وقد بلغت (1.9%).
من جهة أخرى وجد أن المناطق الصحراوية الجنوبية والشمالية الشرقية من الأردن، والمتمثلة بمحطات العقبة ومعان والجفر والصفاوي، قد بلغت فيها نسبة العواصف الغبارية المرافقة للجبهات الباردة (68.3%) أي (71) عاصفة، وتعود أسباب ذلك إلى الجفاف الناجم عن قلة الأمطار في تلك المناطق مع ندرة الغطاء النباتي ووفرة التربة الجافة والمفككة، إضافة إلى أن تزحزح الجبهة المتوسطية (Mediterranean front) في فصل الربيع نحو الشمال، يحدّ من تأثيرها على الأردن، ويقتصر على سقوط أمطار قليلة على المرتفعات الشمالية، بينما تتعرض المناطق الجنوبية والشرقية إلى الرياح الجنوبية الغربية التي تقطع مسافات طويلة فوق صحاري سينا والنقب، فتزداد جفافاً وتتسبب في إثارة العواصف الغبارية.
كذلك وجد تباين في حدوث العواصف الغبارية المرافقة للجبهات الباردة بين شهور فصل الربيع خلال مدة الدراسة، فكان شهر آذار أكثرها، وقد بلغ عدد العواصف الغبارية التي حدثت خلاله (45) عاصفة وبنسبة (43.3%)، بينما كان شهر أيار أدناها وقد بلغت(21) عاصفة وبنسبة (20.2%)، وشهر نيسان (38) عاصفة وبنسبة (36.5%).
يظهر الشكل (4) نظام المنخفض الجوي للبحر المتوسط الذي أثر على الأردن، وتسبب في حدوث عاصفة غبارية في محطة العقبة بتاريخ 6/3/1996، حيث كان مدى الرؤية 1كم ، ودرجة الحرارة العظمى 26 ْم ، وهي أعلى بقليل من معدلها لشهر آذار والبالغ25.7 ْم، بينما كانت الرطوبة النسبية 52% وهي أعلى من معدلها لنفس الشهر بـ 0.6 ْم، ولم يرافقها أية كميات من الأمطار.
الشكل رقم (4): خريطة منخفض جوي سطحي تأثر به الأردن يوم 6/3/1996م
يذكر أن الجبهة الهوائية الباردة التي سببت هذه العاصفة الغبارية، كان يصاحبها حوضاً بارداً في طبقات الجو العليا، عند مستوى 500 هيكتوباسكال ، وكان متمركزا فوق بحر ايجة ، مما يدل على وجود علاقة بين الحالة السينوبتيكية السطحية ، والحالة في طبقات الجو العليا ، الشكل (5) .
الشكل رقم(5) : خريطة منخفض جوي علوي عند مستوى 500 هكتوباسكال يوم 6/3/1996م
2- العواصف الغبارية المرافقة للمنخفضات الخماسينية:
يغلب تشكل المنخفضات الخماسينية (Khamasenic lows) في فصل الربيع في الخمسين يوماً التي تلي الاعتدال الربيعي، وتتكون هذه المنخفضات على السفوح الجنوبية لجبال أطلس غربي الصحراء الكبرى، فتزيد هذه الجبال من الحركة الإعصارية للرياح في المنطقة الخلفية منها (Al-Fandy, 1940 و Tantawy, 1969)، وتكون وقتها حرارة اليابسة أعلى من حرارة مياه البحر المتوسط، ويتدفق الهواء القطبي فوق البحر المتوسط ويمتد جنوباً نحو الصحراء، مما يؤدي لتكون ضغط جوي مرتفع فوق الأجزاء الشمالية من البحر المتوسط، وتكوّن المنخفضات الخماسينية غربي الصحراء الكبرى.
تسلك المنخفضات الخماسينية عادة مساراً شرقياً على امتداد الساحل الشمالي الإفريقي وإذا اقترنت الجبهات الهوائية المرافقة للمنخفضات الخماسينية التي يتأثر بها الأردن بوجود كتلة هوائية باردة في طبقات الجو العليا، فان ذلك يؤدي لحدوث حالات من عدم الاستقرار الجوي، وتمتاز المنخفضات الخماسينية بوجود مدى حراري كبير بين قطاعي المنخفض الحار والبارد، وهذا يضاعف حالة عدم الاستقرار المصاحبة لتلك المنخفضات (Katsnelson, 1969) فتشتد الرياح وتزداد كمية الأتربة المنقولة بفعل حدوث رياح الخماسين، وقد تصل إلى (16) طناً مترياً من الأتربة لكل كيلومتر مربع (أبو العينين، 2005)، ورغم أن بعض الحالات الخماسينية تسبب أمطاراً رعدية ممزوجة بالغبار (Dust)، إلا أنها غالباً ما تقتصر على إثارة العواصف الغبارية (شحاده ، 1991).
لقد وجد أن المنخفضات الخماسينية التي تأثر بها الأردن في فصول الربيع خلال مدة الدراسة، قد تسببت في حدوث (84) عاصفة غبارية، وبنسبة (28.3%) من المجموع الكلي وبمتوسط فصلي/سنوي (2.7) عاصفة غبارية، وهي بالتالي ثاني أكثر الحالات السينوبتيكية التي تسببت في حدوث العواصف الغبارية في الأردن بعد الجبهات الباردة، وقد تركز (77.4%) من مجموع العواصف الغبارية المرافقة للمنخفضات الخماسينية في ثلاث محطات صحراوية هي الجفر والعقبة والصفاوي (الشكل 6 )، حيث تقل الأمطار في تلك المناطق فتزداد التربة جفافاً وهشاشةً، مما يجعلها أكثر موائمة للعمل الريحي، بعكس المناطق الشمالية الغربية من الأردن الممثلة في محطة اربد، حيث لم يحدث فيها سوى عاصفتين غباريتين (2.4%) مصاحبتين للمنخفضات الخماسينية ، وهذا يقود للاستنتاج إلى أن تزايد عدد العواصف بالاتجاه جنوباً وشرقاً، يتناسب مع اتجاهات تناقص الأمطار في الأردن.
الشكل رقم(6) التوزع المكاني للعواصف الغبارية المرافقة للمنخفضات الخماسينية في فصل الربيع في الأردن (1975-2005م)
ويمثل الشكل (7) منخفضاً خماسينياً تأثر به الأردن وصاحبته عاصفة غبارية رصدت في محطة العقبة يوم 15/3/1998، حيث كان مدى الرؤية 1كم ودرجة الحرارة العظمى المرافقة لتلك العاصفة (28.8 ْم)، وهي أعلى من معدلها في المحطة لنفس الشهر بـ(3.1 ْم)، ويعود ذلك إلى أن الرياح الجنوبية الغربية المرافقة للمنخفض الخماسيني تأتي من الصحراء وتقطع مسافات طويلة فوق اليابسة، وهو ما اكسبها خصائصها المعروفة من حيث ارتفاع درجة حرارتها ومصاحبتها للأتربة والرمال، (الزوكه، 2003)، أما الرطوبة النسبية المرافقة للمنخفض الخماسيني وكانت أعلى من معدلها لنفس الشهر بـ (5.6%).
الشكل7. خريطة طقس سطحية لمنخفض خماسيني تأثر به الأردن يوم 15/ 3 / 1998
أما في طبقات الجو العليا، وعلى مستوى 500 هيكتوباسكال ، فقد ظهر على الخريطة شكل ( 8 ) امتداد لحوض بارد (Upper Trough) شرقي البحر المتوسط يأخذ محوره شمالي شرقي ـ جنوبي غربي ، وهو عادة ما يحدث في فصل الربيع ، وإذا اقترن بمنخفض خماسيني على السطح ، فغالباً ما يتعمق هذا المنخفض وتشتد فيه الرياح وتتسبب في إثارة العواصف الغبارية .
الشكل8. خريطة لحوض بارد علوي على مستوى 500 هيكتوباسكال يوم 15/3/1998
3- العواصف الغبارية المرافقة لمنخفض البحر الأحمر:
ينشأ فوق أخدود حوض البحر الأحمر نتيجة التقاء تيارات هوائية شمالية غربية باردة نسبياً قادمة من حوض البحر المتوسط مع تيارات هوائية جنوبية شرقية دافئة، ومع أن تأثير هذا المنخفض على الأردن يظهر مع بداية فصل الخريف (Pedgley, 1974)بسبب تحرك مركز المنخفض الجوي نحو الشمال مقابل الساحل السوداني، إلا أن استمرار تمدده نحو الشمال والشمال الشرقي مع هبوب رياح جنوبية وجنوبية شرقية حارة وجافة ومتربة على الأردن، يؤدي إلى أثارة العواصف الغبارية وخاصة في فصل الربيع، حيث بلغت نسبة هذه العواصف (58.1%) من مجموع العواصف الغبارية المرافقة لامتداد تأثير منخفض البحر الأحمر التي حدثت في الأردن في جميع الفصول خلال مدة الدراسة، ويعود السبب وراء ذلك إلى أن حالات عدم الاستقرار الجوي في فصل الربيع يكون أكثرها جافاً، وتؤدي إلى حدوث العواصف الغبارية (Dayon,et.al.1983).
وقد وجد أن شهر نيسان هو أكثر شهور فصل الربيع حدوثاً للعواصف الغبارية المرافقة لمنخفض البحر الأحمر، وقد بلغ عددها (22) عاصفة وبنسبة (51.2%)، بينما كان شهر آذار أقلها، وقد بلغ عدد العواصف الغبارية التي حدثت فيه (8) عواصف وبنسبة(18.6%)، بينما بلغ عدد العواصف الغبارية المرافقة له في شهر أيار (13) عاصفة وبنسبة (30.2%).
كما وجد أيضاً أن الأردن قد تأثر بهبوب الرياح الجنوبية والجنوبية الشرقية المرافقة لامتداد تأثير المنخفض الجوي للبحر الأحمر نحو الشمال والشمال الشرقي، وقد تسبب ذلك في حدوث (43) عاصفة غبارية ، وبنسبة (14.5%) من المجموع الكلي للعواصف الغبارية التي رافقت جميع الحالات السينوبتيكية في فصل الربيع خلال مدة الدراسة، وبمتوسط فصلي (1.38) عاصفة غبارية، وكانت المحطات الصحراوية أكثر المحطات تأثراً بهذه العواصف، فمحطة الجفر حدث فيها (18) عاصفة، تلتها العقبة فالصفاوي، وقد نالت هذه المحطات الثلاث على (33) عاصفة، أي ما نسبته (76.7%) من مجموع العواصف الغبارية المرافقة لمنخفض البحر الأحمر التي حدثت في محطات الدراسة خلال فصول الربيع الشكل(9) .
أما محطتي عمان واربد اللتان تمثلان المناطق الوسطى والشمالية الغربية من الأردن، فلم يحدث فيهما سوى أربع عواصف غبارية، أي ما نسبته (9.3%) من مجموع العواصف المرافقة لمنخفض البحر الأحمر في محطات الدراسة، وذلك لامتداد تأثير منخفض البحر الأحمر نحو الشمال الشرقي، إضافة لوجود الطبوغرافيا الجبلية والغطاء النباتي والتربة الزراعية المتماسكة وخاصة في منطقة اربد . وفي محطة دير علا لم يحدث فيها أية عواصف غبارية مرافقة لمنخفض البحر الأحمر، وذلك بسبب امتداد تأثير هذا المنخفض نحو الشمال الشرقي من جهة، وللموقع الطبوغرافي للمنطقة بين سلاسل جبلية طولية تحدّ من تأثير الرياح الجنوبية والجنوبية الشرقية من الوصول إليها.
يذكر أن معامل الاختلاف بين المحطات التي حدثت فيها العواصف الغبارية المرافقة لتأثير امتداد المنخفض الجوي للبحر الأحمر، في فصل الربيع خلال مدة الدراسة ، قد بلغ (102.4%) مما يدل على تشتت شديد وقلة تجانس حدوث العواصف الغبارية في محطات الدراسة.
الشكل9. العواصف الغبارية المرافقة لامتداد تأثير المنخفض الجوي للبحر الأحمر في فصول الربيع في محطات الدراسة (1975-2005)
ويظهر الشكل (10) امتداد الضغط الجوي لمنخفض البحر الأحمر الذي تأثر به الأردن، وتسبب في حدوث عاصفة غبارية في منطقة الجفر يوم 16/4/1988 حيث كان مدى الرؤية في تلك العاصفة 1كم، ودرجة الحرارة العظمى المرافقة لها 27.5 ْم وهي أعلى من معدلها في المحطة لنفس الشهر بـ 1.5 ْم، كما كانت الرطوبة النسبية المرافقة (36.2%)، وهي أدنى من معدلها في المحطة لنفس الشهر بـ (11.3%).
الشكل10 خريطة ضغط جوي سطحية لمنخفض البحر الأحمر تأثر به الأردن يوم 16/4/1988
4- العواصف الغبارية المرافقة للمنخفض الجوي لشبه الجزيرة العربية :
مع بداية انحسار المرتفع الجوي الآزوري في فصل الربيع نحو الغرب باتجاه مركزه في المحيط الأطلسي، يبدأ ظهور منطقة من الضغط الجوي المنخفض فوق المناطق الصحراوية من شبه الجزيرة العربية، وإذا تعمق هذا المنخفض بوجود حوض بارد في طبقات الجو العليا، فإن تأثيره يمتد نحو الشمال، ويتدفق الهواء الساخن فوق اليابسة باتجاه الأجزاء الشرقية من حوض البحر المتوسط ومنها الأردن، ويؤدي ذلك إلى حدوث حالة من عدم الاستقرار الجوي قد تكون مصحوبة بعواصف رعدية، إلا أن معظم هذه المنخفضاتالجوية تكون مصحوبة برياح جنوبية إلى جنوبية شرقية جافة وحارة ومثيرة للعواصف الغبارية، وقد تسببت في حدوث أربعين عاصفة غبارية أو ما نسبته (13.5%) من مجموع العواصف الغبارية التي رافقت مختلف الأحوال السينوبتيكية التي حدثت في الأردن خلالفصول الربيع من مدة الدراسة.
لقد توزعت العواصف الغبارية المرافقة لتأثير المنخفض الجوي لشبه الجزيرة العربية على شهور فصل الربيع ، وبمتوسط فصلي (1.29) عاصفة، ولكن بتفاوت واضح بين الشهور، فكان شهر أيار أكثرها عواصف غبارية، وقد بلغت (21)عاصفة وبنسبة (52.5%)، بينما كان شهر آذار أدناها، وقد بلغ حدوث العواصف الغبارية فيه (5) عواصف وبنسبة (12.5%)، بينما بلغ حدوث العواصف الغبارية في شهر نيسان (14) عاصفة وبنسبة (35%). أما معامل الاختلاف لحدوث العواصف الغبارية في فصل الربيع فكان (75%).
يتضح مما سبق، أن تزايد حدوث العواصف الغبارية المرافقة للمنخفض الجوي لشبه الجزيرة العربية في شهر أيار، يدل على تزايد فعالية الحالة السينوبتيكية في هذا الشهر، وضعفها النسبي في شهر آذار، خاصة وأن هذا المنخفض يعتبر جزءاً من امتداد منخفض الخليج الموسمي الذي يغطي منطقة الخليج العربي، ويبدأ فعاليته مع بداية فصل الصيف.
أما تأثير امتداد المنخفض الجوي لشبه الجزيرة العربية على المحطات، فقد وجد من تحليل بيانات الدراسة، أن العواصف الغبارية المرافقة له، قد تأثرت بها جميع محطات الدراسة باستثناء محطتي اربد (الشمال الغربي) ودير علا (الغور)، ووجد أن محطات الجفر والصفاوي والعقبة ومعان الصحراوية قد حدث فيها (77.5%) من مجموع العواصف الغبارية المرافقة لهذا المنخفض خلال فصل الربيع من مدة الدراسة (الشكل11)
الشكل (11) العواصف الغبارية المرافقة لتأثير امتداد المنخفض الجوي لشبه الجزيرة العربية في فصل الربيع في الأردن خلال فترة الدراسة
ويظهر الشكل(12) امتداداً لمنخفض شبه الجزيرة العربية الذي تأثرت به منطقة شمال الجزيرة العربية ومنها الأردن، وتسبب في حدوث عاصفة غبارية في محطة الجفر يوم 16/3/1976، حيث كان مدى الرؤية 1كم ودرجة الحرارة العظمى المرافقة لتلك العاصفة (16 ْم) ، وهي أدنى من معدلها لنفس الشهر بـ (4.2 ْم) ، بينما كانت الرطوبة النسبية فيها (%49) ، وهي أدنى من معدلها في المحطة لنفس الشهر بـ (6.9%).
الشكل ( 12 ) خريطة ضغط جوي سطحية تأثر بها الأردن يوم 16/3/1976
5- العواصف الغبارية المرافقة للمرتفع الآزوري:
مع انخفاض درجة حرارة البر الإفريقي في فصل الشتاء، يبدأ المرتفع الجوي الآزوري ( Azore High Pressure ) الذي يتمركز حول جزر الأزور قبالة الساحل الشمالي الغربي لإفريقيا بالتمدد فوق شمال القارة ، والتحرك شرقا ليغطي جنوب شرق البحر المتوسط.
لقد وجد أن العواصف الغبارية التي رافقت تأثير المرتفع الآزوري على الأردن، قد بلغت (18) عاصفة وبمتوسط (0.58) عاصفة/فصل، وبنسبة (77.8%) في شهر آذار، والباقي في شهر نيسان، ولم يحدث منها أية عواصف غبارية في شهر أيار.
يستنتج من ذلك أن فعالية الحالة السينوبتيكية للمرتفع الآزوري في إثارة العواصف الغبارية تكون أكثر في شهر آذار، حيث تكون درجة حرارة اليابسة لا تزال منخفضة، بما يمكن هذا المرتفع من الاستمرار في التمدد شرقاً والفعالية في إثارة العواصف الغبارية، خاصة مع اقترانه بوجود متن (Ridge) في طبقات الجو العليا، في حين نجد أن درجة حرارة اليابس الإفريقي تبدأ بالارتفاع في شهر أيار (أواخر فصل الربيع)، فيبدأ الضغط الجوي للمرتفع الآزوري بالانحسار والتراجع باتجاه الأطلسي، لذا لم تحدث عواصف غبارية في هذا الشهر.
وعلى مستوى المحطات، فقد وجد تباين شديد فيما بينها، حيث تركزت جميع العواصف الغبارية التي رافقت المرتفع الآزوري وبنسبة (100%) في ثلاث محطات صحراوية هي العقبة بنسبة (50%) والجفر بنسبة (33.3%)، والصفاوي بنسبة (16.7%)وبمعامل اختلاف (146.7%)، مما يدل على تشتت شديد وعدم تجانس في حدوث هذه العواصف بين محطات الدراسة.
يظهر الشكل(13) تأثير المرتفع الآزوري الذي تأثرت به منطقة جنوب شرق البحر المتوسط، وأدى إلى حدوث عاصفة غبارية في الأردن رصدت في محطة معان يوم 27/3/1978 ، حيث كان مدى الرؤية 0.5 كم، ودرجة الحرارة العظمى المرافقة (20.3 ْم)، وهي أدنى من معدلها الشهري في المحطة بنسبة (1.5%) ، بينما كانت الرطوبة النسبية المرافقة (41.8%) وهي أدنى من معدلها الشهري في المحطة بـ (14%).
الشكل ( 13 ) خريطة ضغط جوي سطحية لمرتفع آزوري تأثر به الأردن يوم 27/3/1979
وتظهر الوضعية السينوبتيكية لنفس اليوم على خريطة (500 هب) وجود متن علوي (Upper Ridge) ، كان يتمركز فوق المرتفع الجوي السطحي ويغطي منطقة جنوب شرق البحر المتوسط، وقد أسهم هذا المتن في زيادة حصر الرياح الجافة في الطبقات السفلى من الغلاف الجوي، وإحداث العاصفة الغبارية الشكل (14).
الشكل14. خريطة ضغط جوي علوية 500 هكتوباسكال تأثر بها الأردن يوم 27/3/1979
الخاتمـــــــــة
أظهرت الدراسة وجود تباين زماني ومكاني في حدوث العواصف الغبارية المصاحبة للأحوال السينوبتيكية في فصل الربيع في الأردن ، فشهر نيسان كان أكثر الشهور حدوثا للعواصف الغبارية ، وذلك لكثرة حالات عدم الاستقرار الجوي فيه كالجبهات الهوائية الباردة ، كما كانت محطات الرصد المناخية الصحراوية وخاصة الجفر أكثر المناطق حدوثا للعواصف الغبارية ، مما يشير الى فعالية الظروف السينوبتيكية (Synoptic Conditions) في إثارة الغبار والرمال (أو نقله إليها) نظرا لتربيها الرملية الجافة والمفككة ، إضافة لقلة الرطوبة والأمطار وارتفاع نسبة التبخر ( Evaporation ) والجفاف وندرة الغطاء النباتي ن بعكس المناطق الشمالية الغربية من الأردن ، ويمكن تلخيص نتائج هذا البحث بما يلي:
■ وجود علاقة ارتباطيه قوية بين الحالة الجوية السطحية( Surface Synoptic Condition ) والحالة في طبقات الجو العليا (Upper Synoptic Condition ) ، فمصاحبة الحالة الجوية السطحية لحوض بارد في طبقات الجو العليا ( Upper Trough ) ، تعمل على زيادة تحدّر أو تدرج الضغط الجوي ( Pressure Gradient )، وهبوب رياح شديدة ينعكس تأثيرها في تدني مدى الرؤية ( Visibility ) في العواصف الغبارية .
■ تباين مسار (اتجاه) درجات الحرارة العظمى والرطوبة النسبية في العواصف الغبارية المرافقة للظروف السينوبتيكية المختلفة .
■ يدل تزايد حدوث العواصف الغبارية على زيادة الحالات السينوبتيكية وفعاليتها ، رغم أنه ليس بالضرورة حدوث عاصفة غبارية مع كل حالة سينوبتيكية .
■ أهمية دراسة أحوال طبقات الجو العليا ، لما لها من تأثير على الظروف والحالات الجوية السطحية التي يرتبط بحدوثها العواصف الغبارية .
المراجع
- الجهني ، رابح رزق ، (1994)، العواصف الثلجية في المرتفعات الجبلية في الأردن، رسالة ماجستير غير منشورة ، كلية الدراسات العليا ، الجامعة الأردنية ، عمان، الأردن.
- أبو حسين ، علي صبري ، (2001) ، موجات الحر في الأردن، (1960-2000)، رسالة دكتوراه غير منشورة ، كلية الدراسات العليا، الجامعة الأردنية، عمان، الأردن.
- خليل ، يوسف ، (2008)، العواصف الترابية في الأردن 1975-2005، رسالة دكتوراه غير منشورة ، كلية الدراسات العليا ، الجامعة الأردنية، عمان ، الأردن.
- دائرة الأرصاد الجوية ، بيانات غير منشورة لسنوات متعددة ، عمان، الأردن.
- الزوكه ، محمد خميس ، (2003)، جغرافية حوض البحر المتوسط ، كلية الآداب، جامعة الإسكندرية، مصر.
- سالم، طارق زكريا ، ( 2004 )،العواصف الرملية والترابية واثرها على الزراعة في منطقة جيزان بالمملكة العربية السعودية ، المجلة الجغرافية العربية ، مجلـد (36 ) ، عدد(44 ) .
- السلطان ، عبد العزيز جميل ،(1985) ،الجو عناصره وتقلباته ،وزارة الثقافة والإعلام ، بغداد ، العراق.
- السيد ، ياسر احمد ، (2004)، المناخ والزراعة : دراسة في الجغرافيا المناخية التطبيقية لبيئة دلتا النيل ،كلية الآداب ، دمنهور ، جامعة الإسكندرية ، مصر.
- شحاده ، نعمان ، (1991) ، مناخ الأردن ، دار البشير للنشر والتوزيع ، عمان، الأردن.
- الصبابحة ، نوح (محمد علي) ، (2005) حالات عدم الاستقرار الجوي في الأردن.
- (1990-2003)،رسالة ماجستير غير منشورة ،كلية الدراسات العليا، الجامعة الأردنية ، عمان ، الأردن.
- صفر ، محمود عزو ،(1982)، الغبار في الكويت خلال فصل الصيف ، مجلة دراسات الخليج والجزيرة العربية ، العدد 30 ، نيسان ،السنة الثانية ، الكويت .
- أبو العينين، حسن سيد أحمد، أصول الجغرافيا المناخية، (2005)، مؤسسة الثقافة، جامعة الكويت .
- الفندي ، محمد جمال الدين، (1977)، الطبيعة الجوية ، الطبعة الثانية ، مكتبة الفلاح، الكويت.
- محسوب ، محمد صبري، (2007)، مبادئ الجغرافيا المناخية والحيوية، جامعة القاهرة، القاهرة ، مصر.
- (ولي محمد) وماجد السيد ،(1982) العواصف الترابية في العراق وأحوالها، مجلة الجمعية الجغرافية العراقية ،المجلد 13، بغداد ، العراق.
المراجع الأجنبية
- Akrawi, A ,et.al.(1989),Analysis of severe dust storm and its effects on solar rotation and weather parameter in Baghdad , Baghdad . Iraq .
- Dayan, U., et.al.(1983), Heavy rain in the middle East related to unusual jet stream prosperities, Bulletin of the American Meteorological Society, 64, 10, 1138-1140.
- Al- Fandy, M.(1940), The formation of depression of khamasin type, Q.J. RC.L meteorological society, vol.66, 325-335.
- Katsnelson, J.(1969), Frequency of dust storms at Beer Sheva, Journal of earth sciences, vol.19, Israel.
- Middleton , N.v.10 (2) , National Agricultural Library , USA.
- Morals,(1986),The Airborne Transport Of Sahara Dust: A review, Department Of Meteorology , University Of Stockholm S-1 06 91 Stockholm, Sweden .
- Pedgley, D.E.(1974), Winter & Spring weather at Riyadh, Suadi Arabia, Meteorological magazine, vol.103.
- Tantawy, A.J., 1969, On the genesis and structure of spring desert depressions in subtropical Africa, Meteorological research bulletin, vol.1, Cairo, Egypt.
- Wang, X. M.et.al. (2006), The relative role of climatic and human factors in desertification in semiarid, China .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق