الأحياء المتخلفة و النمو العمراني
دراسة ميدانية لحي الديار الزرقاء
مدينة سوق أهراس
مذكرة مكملة لنيل شهادة الماجستير في علم الاجتماع الحضري
قسم علم الاجتماع الديمغرافيا
كلية العلوم الانسانية والعلوم الاجتماعية
جامعة منتوري - قسنطينة - الجزائر
إعداد الطالب
سلاطنية رضا
إشراف
د. عبد الحميد دليمي
السنة الجامعية
2005 - 2006 م
الخاتمة:
إن الظاهرة الحضرية الحديثة الناتجة عن تفاعل عوامل كثيرة التي تم التعرض إليها في أماكن كثيرة من هذا البحث، كما أن المدينة هي مرآة المستوى الحضاري للأمم، بمعالمها تعرف البلدان و الأمصار، من ثمة فإن التحدي الأكبر الذي تواجهه المجتمعات المعاصرة يتمثل في التحكم في التحضر ، و في تسيير المراكز الحضرية ، من مشكلات التحضر التلقائي، و مشكلات الاندماج الحضري ، و استخدامات الأرض و غيرها من الظواهر الاجتماعية الحضرية الكثيرة، التي تركزت آثارها السلبية ليس على التنمية الحضرية فحسب، إنما على التنمية الشاملة للمجتمع عامة، و الجزائر مثال على ذلك بتواجد ارتباك في مجالها الحضري حيث تتقدم خطوة و تتخلف خطوات، فالبيئة المشيدة تأخذ من الغرب الطرز المعمارية الغربية،ثم لا تتعامل مع هذا الطرز كالغربيين، فالأفراد يبنون العمارات و يغيرون مجالات استعمال العمارة ، من هنا يأتي التخطيط الحضري في قمة اهتمامات المجتمعات المعاصرة الذي يأخذ أبعاد متعددة أهمها التخطيط الفيزيقي و الإيكولوجي و التخطيط الاجتماعي ، أي تخطيط العلاقات الاجتماعية ، كما شهدت معظم مدن الجزائر انتشار واسع للأحياء المتخلفة سواء داخل أو خارج مجال العمران ، أضحت صورة ملازمة لأي تجمع عمراني كان- أي عمارة يقابلها كوخ –هذه العلاقة التي أصبحت تؤرق صاحب العمارة و تذمر صاحب الكوخ، لكن نجد هذه الظاهرة تنامت في العشرية الأخيرة دون وجود أي محاولة من طرف القائمين على التخطيط و التنظيم في المدينة، للحفاظ على الجانب العمراني و الاجتماعي ، في هذا السياق فقد عالجت هذه الدراسة جانبا من الجوانب البادية في عمران المدن الجزائرية التي غابت منها الوجه المشرف الراقي الذي تعتز به الأمم ،وبروز التشوه العمراني بتأخره في النمو بفعل تواجد الأحياء المتخلفة فوق أراضي كانت مهيئة للبناء والتعمير، ركزت هذه الدراسة في نظر الباحث على أهم مسببات وضعية العمران و تشوهه. حيث أصبحت المدينة ظاهرة يرثى لها بفعل الوافدين الجدد إلى المدينة مع انتشار الآفات الاجتماعية المختلفة من تسول و سرقة و انتشار واسع للبطالة و الاقتصاد الحضري غير الرسمي و الجريمة، كما نجد الأحياء المتخلفة في مدينة سوق أهراس" حي الديار الزرقاء"، المشكل الرئيسي في عرقلة مشاريع السكنية الهامة، كذلك أماكن المساحات الخضراء و الأماكن المخصصة للعب الأطفال، و تتشكل الأحياء المتخلفة بشكلين الأول بالزيادة الطبيعية و الثاني عن طريق الهجرة و النزوح الريفي من الأرياف، و الأرجح أن يأتي عن النزوح الريفي ، بهذه الطريقة لم تعد المدينة قادرة على استيعاب أكثر للوافدين الجدد ، و لم تعد قادرة حتى على معالجة هذه الظاهرة المتزايدة يوما بعد يوم.
إن إدراك التشوه العمراني الحاصل عن طريق الأحياء المختلفة في المدن و عرقلة النمو العمراني السليم و الصحيح أمر في غاية الأهمية ، إن تشخيص الأزمة و الوقوف على مكمن الداء و معالجته بات من أولى الأولويات المطروحة على الدراسات الحضرية في علم الإجتماع و جميع العلوم المختصة في تهيئة و تسيير المدينة و غيرها من التخصصات التي من شأنها تأهيل مدن راقية تسر الناظر و تؤدي الخدمة و مراقبة الريف و تنميته للكف من ظاهرة الهجرة و مسايرة العولمة و عولمة المدن.
نتائج الدراسة
بعد عرض أهم المفاهيم الأولى المتعلقة بالأحياء المتخلفة و علاقتها بالنمو العمراني ، تبين التأثير الكبير للأحياء المتخلفة على المجال الحضري ، حيث تحت الزيادة المستمرة للأحياء الذي تعرض له حي الديار الزرقاء بفعل النزوح الريفي و النزوح من الولاية الحركة بين الأحياء الأخرى هذا ما خلق ما يسمى بواضعي اليد ، نجد إن هذه الأحياء المتخلفة خلقت نوع من الأزمة على المسئولين و المخططين المحليين في مجال التعمير ، كما نجد صورة أخرى من الوضعية المزرية التي يعيشها سكان المنطقة الحضرية المجاورة لحي الديار الزرقاء، بانعدام مرافق لعب الأطفال ، نظرا للاحتلال الأحياء المتخلفة لتلك المناطق ، خاصة الجيوب العمرانية الفارغة التي كانت مهيئة للمساحات الخضراء أماكن للتسلية الأطفال و دور للحضانة...
- أدى التحول العمراني في وجود خلفيات معينة (غياب التخطيط و التسيير و إهمال المخططات التعمير مع التغير الحضري السريع)، إلى احتلال السكان للمجال بشكل فوضوي متخلف ، و وفق تصوراتهم البسيطة (بساطة وضعياتهم الاجتماعية) مما أنتج عمرانا متخلفا و تلقائيا ، يفتقر لأدنى ظروف المعيشة الملائمة و اللائقة ، نجد كذلك تغيب إزاء كل مقاييس التعمير بحيث تميزت الخصائص العمرانية بانعدام شبكة الطرقات و إنعدام تام لشبكة المياه الصالحة للشرب و الكهرباء ، زد على ذلك الانعدام التام لقنوات الصرف الصحي.
هذا ما أدى إلى تواجد خلل بالنسبة للمدينة التي أضحت غير قادرة على استيعاب عدد أكثر من السكان ، هذا بفعل عدم تواجد أرض للبناء حيث نجد المدينة توسعت عمرانيا حتى على حساب غابات كانت الملتقى الوحيد للسكان.
- إن الظاهرة الحضرية الحديثة الناتجة عن تفاعل عوامل كثيرة تم التعرض إليها في أماكن كثيرة من هذا البحث ، تجعلنا نتصور أن المستقبل هو المجتمع الحضري الذي يبسط نفوذه على جميع أنماط المعيشة الأخرى و سيتأثر بنسبة كبيرة بالسكان، كما هو حادث فعلا في كثير من المجتمعات ، من ثم فإن التحدي الكبير الذي تواجهه المجتمعات المعاصرة يتمثل في التحكم في التحضر في تسيير المراكز الحضرية ، ذلك بسبب الظواهر العمرانية الكثيرة التي ترتبط به، من بينها مشكلات التحضر و الاندماج الحضري ثم مشكلات استخدام الأرض والأحياء المتخلفة التي باتت أحد الصور الملازمة لأي تجمع حضري في بلادنا، و في ولاية سوق أهراس خصوصا .
- كما نجد غياب التخطيط الحضري في قمة اهتمامات المجتمعات المعاصرة كذا مجتمعنا الذي يأخذ أبعاد متعددة أهمها التخطيط الفيزيقي و الإيكولوجي و التخطيط الاجتماعي، أما الدراسة الامبريقية التي تبنت تواجد الأحياء المتخلفة في مدينة سوق أهراس تكشف عن المسار الذي يتخذه بسرعة عوامله و مصادره و غيرها من النتائج الكثيرة من بينها الصناعة التي أدت ببعض الأهالي النازحين من الأرياف للبحث عن العمل ، كما نجد أن الظروف الطبيعية القاسية التي تعرفها أرياف المدينة المعروفة بالمناطق الوعرة في أغلب البلديات المجاورة.
- كما نجد معظمهم نزحوا قصد تعلم أولادهم ، من هنا تنمو الأحياء المتخلفة المؤثرة على النمو العمراني المنظم و تصبح المدينة تبحث عن آليات لقبول هذا النمط من العمران المشوه للجانب الإيكولوجي و المؤثر حتى على الجانب الاجتماعي، نجد كذالك كثير من الأحياء في أزمة متعددة الأوجه ، أزمة مع نفسها من حيث الاستخدام غير الوظيفي للمجال، الذي ينعكس سلبا على العلاقات الجوار و على راحة السكان من حيث تعدد مصادر الإزعاج النفسي و الاجتماعي، ثم صحتهم من حيث تعدد مصادر التلوث و الأمراض ، و أزمة السلطات المحلية حول مسألة إعادة إسكانهم و إدماجهم حضريا التي انعكست المدينة التي تسعى إلى الحصول على نسيج عمراني حضري سليم للمحافظة على الجانب الجمالي للعمران الحضري في أهداف سياستها الحضرية المعلنة و غير المعلنة.
- إن هذا الإختلال الذي تخلفه الأحياء المتخلفة من شأنه إنشاء أزمة اقتصادية بالنسبة للمدينة ذلك بظهور الأسواق الفوضوية و التجارة غير المرخصة، و الإنتشار الواسع لباعة الأرصفة و الطرقات ،" الأنشطة الحضرية غير الرسمية" ، كما نجد أن جل النازحين الفارين من الأرياف يجدون صعوبة في الاندماج الحضري هذا ما يخلق شيء من العداوة بينهم و بين السكان الحضريين.
- بهذه الصورة تكون الأحياء المتخلفة في حي الديار الزرقاء بصنعها عائقا بالنسبة للنمو العمراني و خلقت اختلال بفعل تشوه العمران و فراغا اجتماعيا، حيث تبقى المدينة في صراع مع استمرار هذه الظاهرة .
- واعتبارا لهذه المبادئ كمرجعية أساسية في الفهم والتحليل وانطلاقا من دراستنا الميدانية فلقد توصلنا إلى التحقق من فرضياتنا على النحو التالي:
أولا نتائج الدراسة على ضوء فروضها
الفرضية : الأحياء المتخلفة مشوهة ومعيقة للنمو العمراني بمدينة سوق أهراس.
فبالنسبة للفرضية فالمؤشرات المستعملة في الدراسة للاختبار مطابقة للواقع المحلي و قد أثبتت أن الشواهد الكلية و الحقائق الميدانية تؤكد صدقها إلى حد كبير ذلك بتواجد الأحياء المتخلفة المشوهة للعمران، هذه الحقيقة وقفنا عندها في تحليل الظاهرة من خلال مؤشرات الفرضية بمدينة سوق أهراس، من خلال ما لمسناه بعد إطلاعنا على أوضاع و أسباب تواجد هذه الأحياء و منهم سأكنيها و كذا علاقة هذه الأحياء بالمدينة ، انطلاقا من هذه المعطيات و الشواهد تؤكد لنا ما رأينا و تبين لنا أن المصالح المختصة كانت غافلة عن النمو الهائل للأحياء المتخلفة المشوهة للعمران، بعد إحساس المواطنين بالوضعية المزرية التي آلوا إليها راحوا يطالبون بسكنات لائقة ما نتج عنه مشكل آخر للسلطات المعنية هم في غنى عنها.
من خلال صدق الفرضية و إثباتها للواقع وجدنا بعد إجراء الدراسة أن معظم سكان الأحياء المتخلفة متواجدين فوق أراضي و أوعية عقارية كانت مهيأة للبناء و التعمير و إنشاء مشاريع أخرى كالمساحات الخضراء.
ثانيا : نتائج الدراسة على ضوء الدراسات والبحوث المشابهة
لقد توصلت دراستنا إلى جملة من النتائج التي تشابه في جوانب عديدة و تختلف فى البعض الأخر مع ما توصلت إليه الدراسات السابقة،التي عرضنا جانبا منها ،حيث نشير منذ البداية إلى التوافق الشبه كلى مع كل الرسائل الجامعية والدراسات العربية التي تم عرضها.
إذن في بحثنا نجد أن الأحياء المتخلفة ظاهرة مشوهة للعمران وتعيقه بل أن هذه الظاهرة أضحت الصورة الملازمة لمدينة سوق أهراس منذ الاستقلال ،كذا نجد انشار واسع للأحياء المتخلفة في العديد من مدننا ، منها مدينة قسنطينة وبدرجات متفاوتة نظرا لطبيعة المنطقة حضاريا وحضريا إلا أن تشخيص ظاهرة الأحياء المتخلفة ينصب في نفس الاتجاه ،كما ذهبت إليه الرسائل الجامعية من بينها رسالة بعنوان المشكلات الأساسية للنو الحضري في الجزائر حالة مدينة قسنطينة ،حيث ذهب صاحب هذه الرسالة إلى تشخيص أهم المشكلات المصاحبة للنمو العمراني المتمثلة في الأحياء المتخلفة ونتائجها الاجتماعية ،الاقتصادية،الثقافية.
وتذهب في نفس السياق الدراسة الثانية بعنوان العمران غير المخطط في قسنطينة سنة 1979 حيث كتب الباحث أهم مظاهر التشوه للعمران بسبب العمران غير المخطط وغالبا ما يكون هذا العمران متخلف، والى غير ذلك من الدراسات التي حاولت إعطاء صورة واضحة عن الأحياء المتخلفة وعلاقتها بالنمو العمراني تكاد تشترك في مصب واحد من حيث المشكلات التي تخلفها ، كذلك الأوضاع المزرية التي آلت إليها،هذه الدراسات أثبتت الإطار العام للنتائج المتوصل إليها على مستوى مدينة سوق أهراس،هذا ما يدفعنا إلى التأكيد على أن ظاهرة الأحياء المتخلفة تكاد تكون عامة في الجزائر وفى الدول العربية.
ثالثا موقع الدراسة الراهنة من النظرية الحضرية.
إن علم الاجتماع الحضري أصبح أكثر من اى وقت مضى علما تطبيقيا يهتم بالمشكلات الحضرية،وفوق ذلك يحاول فهمها على ضوء البناء الاجتماعي وعلاقة البيئات الحضرية التي تحدث فيها هذه المشكلات،ضمن هذا المنظور السوسيولوجي نتجه بدراستنا هذه إلى طرح مسالة الأحياء المتخلفة كمجال لفهم السلوك الاجتماعي داخل المدينة باعتبارها مجالا يشكل من خلاله المكان الحضري عبر متغيرات اجتماعية واقتصادية ،ثقافية وبيئية.
لقد أصبح الخوف من المستقبل نظرا لغياب تخطيط واضح للمستقبل النمو العمراني في المدينة وتعقد الحياة الحضرية بفعل التزايد المستمر لظاهرة الأحياء المتخلفة وتزايد الحاجيات الاجتماعية كما وكيفا من مرافق وخدمات،وعدم قرة المدينة على استيعاب أكثر للنازحين من الريف بفعل انعدام الاراضى المخصصة للتعمير، لهذا كانت المدينة حيز للتضخم العمراني وصورة المدينة الاسمنت البائسة، من هنا بات من الضروري الاحاطة بظاهرة تواجد الأحياء المتخلفة وأثرها على النمو العمراني لكي تتضح لنا معرفة مشاكل المدينة والتحكم في تنظيم مجالها مستقبلا، بمعنى أخر نهتم بوضع حد أو التخفيف من نشوء الأحياء المتخلفة و ذلك بتفعيل الريف و إرساء قواعد وأسس ذات أبعاد مستقبلية للنمو العمراني و أهدافه .
وصناعة مستقبل المدينة وتفعيل التنمية الحضرية عبر حلول وأطر مرجعية منطلقة من فهم السلوك الاجتماعي و علاقته مع البيئة الحضرية ، كما تندرج هذه الدراسة ضمن إطار تناول المدينة كوحدة تعتمد على التحليل الكمي و الكيفي في تعاملنا مع المعطيات و البيانات و توظيف التقنيات العلمية للاقتراب من الواقع .
إننا نحاول أن نضع دراستنا هذه في سياق الدراسات الحديثة لعلم الاجتماع وفقا لمعطيات وأوليات متجددة للواقع الاجتماع ، كما حاولنا توظيف المرجعيات النظرية في فهم الحقائق المحلية و هكذا كشفنا بطريقة أو بأخرى أهمية عناصر النظرية الأيكولوجية في البحث والتحليل ومقاربات نظرية مختلفة في تفسير الأحياء المتخلفة بمدينة سوق أهراس ، منها نظرية القطاع الحضري غير الرسمي ، نظرية الفقر الحضري ، نظرية الهامشية الحضرية و الأحياء المتخلفة ودور الأبعاد الثقافية في تطوير المجال الحضري و غيرها من المفاهيم التي وجدة في الحيز الحضري مجالا خصبا للدراسة .
الاقتراحات و التوصيات :
لقد بنيت هذه الدراسة عن مدى عمق الأزمة التي تعيشها المدينة في ظل النمو المتزايد للأحياء المتخلفة ، بناءا على خلفيات و أسباب ساعدت في تفاقم الأزمة ، تتمثل الأزمة في تشوه العمران و عرقلته ، ينجر عن ذلك من مضاعفات على الصعيدين الفراغ العمراني و الفراغ الاجتماعي ، لهذا فإن البحث في جذور الأزمة العمرانية أصبح من الأهمية لمكان، لإضفاء لمسات الإبداع و الابتكار على هذه العمارة، و تغير ما زاد عليها من تخلف و جمود ، كما ينبغي النظر إلى العمارة مأوى بل مسكن يحفظ الكرامة لصاحبه، ويضمن له الأمان و الحماية اللازمة، يتماشى مع مستوى الدخل و يروق في عين الناظر.
إن الحاجة إلى تتبع عمران المدينة أمر هام و ضروري، و مشكل ينبغي أن يطرح على مختلف الجهات و كافة المستويات ثم ينبغي أن نضع حد للتريف المدينة بوضعها في مسار التمدن و الرقي ، يجب أن نعطي للريف حقه للحد من الهجرة ذلك بمشاريع تنموية لتحقيق تنمية مستدامة للوضع المتدني في الأرياف بانتهاج سياسة منسجمة فيما يخص المدينة ، كذا إعادة هيكلة و تأهيل النسيج العمراني و تحديثه لتفعيل وظيفته بوضع إطار وطني للرصد و التحليل و الاقتراح في ميدان سياسة المدينة ثم إعداد الدراسات حول تطور المدن و متابعة تطبيق سياسة المدينة ذلك بالعمل على تطبيق القانون الخاص بالتعمير والتخطيط و تمكين الخبراء من انتهاج سياسة هادفة ، لوضع المدينة في سكة مسار التمدن لا العمل على ترييفها، بدراسة محكمة ذات توقعات رقمية مضبوطة لرسم تحديات المستقبل و مسايرة عولمة التمدن و المدينة، ثم رسم سياسة تنموية شاملة و هادفة، لأن المدينة هي صورة المجتمع و السكن يعبر عن ساكنه.
- ينبغي على الجامعة إن تجند كل التخصصات المتعلقة بالسكان كعلم الاجتماع و علم النفس و الديموغرافيا و الإنثربلولوجيا لدراسة مكونات الفرد و نوازعه و ميولا ته مع تتبع حركات السكان الطبيعية و غير الطبيعية (الهجرة و النزوح)، بالدراسة و التحليل و تفسير السلوكات للتنبؤ مستقبلا بما سيحدث لتفادي ما ينجر عن هذه الحركات السكانية من آثار المدينة ، كما ينبغي على التخصصات التي لها صلة بالعمران كالهندسة المعمارية و التهيئة الحضرية أن تأخذ في الاعتبار مقاييس الإنشاء المعماري المادية و الاجتماعية و رسم رؤى مستقبلية للتغيرات الاجتماعية في المدينة.
- كما ينبغي على الجماعات المحلية أن تعطي العناية الكاملة لقطاع الإسكان تفاديا للانتشار الواسع للأحياء، المتخلفة التي باتت لا تخلوا منها مدننا و أصبحت تنتشر داخل المحيط العمراني ، حيث تشكل مساحات حمراء بفعل البناء الفوضوي القصديري بدلا من تواجد مساحات خضراء تضفي على المدينة جمالا،كما ينبغي على الجماعات المحلية أيضا مراقبة أي توجه من الأرياف و الكف من نزوحه ذلك بتفعيل الريف بإنشاء مستثمرات فلاحيه و مرافق ضرورية للعلاج و التمدرس وتوصيل الكهرباء و الغاز إذا أمكن للأرياف ثم إنشاء شبكة طرق و مواصلات لفك العزلة عن بعض المناطق الوعرة المنعزلة.
كما ينبغي على السلطات المحلية الحفاظ على البيئة بشتى الطرق و إزالة تلك الأحياء المتخلفة التي أفرزت نفايات في كل تواجد لها،كما يمكن إنشاء سكنات لحديثي الزواج تفاديا من إنشاء المساكن المتخلفة لبعض الأسر المنفصلة عن الأسرة الممتدة و ينبغي مراقبة بعض السماسرة المتاجرين في السكنات الموزعة لبعض المستفيدين أكثر من ثلاث مرات للمتاجرة في المساكن ذلك بفعل تحايلهم على القانون و إنشاء سكنات متخلفة قصديرية قصد استدراج الدولة نحوهم و منحهم سكنات إضافية.
يمكن كذلك استحداث برامج تتعلق بالتخطيط العمراني و السياسة الحضرية للتحقيق المزيد من النجاح في تنمية المدينة و العمل على عصرنتها وفق متطلبات الحياة.
الواقع أن هذه الأفكار وردت خلال تحليل ظاهرة تواجد الأحياء القصديرية المتخلفة وعلاقتها بالنمو العمراني ، حيث طرحت الأسئلة عن غياب السلطات إزاء حدوث هذه الظاهرة و جعلها تزداد يوما بعد يوم من ما صعب المهمة اليوم و عمل على عرقلة النمو العمراني المنظم و المخطط، كذلك كيف نشأت هذه الاحياء المتخلفة فوق أراضي كانت مهيئة للبناء و التعمير في ظل غياب السلطات و سكوتها؟، كذلك أين غابت المخططات العمرانية التي شملت المجال المدروس ؟ أين غابت فرق البحث في شؤون السكان والإسكان التي تتبع حركتهم بالبحث و الدراسة و التحليل و التنبيه بخطورة الوضع ؟
بينما السؤال الذي يطرح نفسه، هل هذه الوضعية ستبقى في حي الديار الزرقاء مستمرة وتبقى صورة مشوهة و معرقلة للسير الحسن للنمو العمراني المخطط، و يبقى حي الديار الزرقاء الواجهة المتخلفة المعبرة عن واقع مدينة سوق أهراس ؟ وهل يبقى الحي جيبا قرويا و ريفيا داخل النسيج العمراني لمدينة سوق أهراس؟.
حمله من هنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق