دراسة حول الأمن في المدن الكبرى
إعداد الباحثة : عفاف أحمد هاشم
2000
أولاً: المقدمة:
تعد أجهزة الشرطة في مختلف دول العالم من الأجهزة الرئيسة للمحافظة على ما نطلق عليه "بالأمن الاجتماعي" Social Security والذي يعد شرطاً لبقاء المجتمع وتطوره وتنميته وبدون هذا الأمن لا يمكن للمرء أن يحيا حياة تتيسر فيها مختلف سبل التقدم والرفاه، ومن هنا نقف على أهمية رصد وتحليل دلالات الأمن الاجتماعي حدوده وأهميته في سياق مناقشة دور الشرطة ووظائفها الاجتماعية.
إن الأمن الاجتماعي هو حجر الزاوية الذي يرتكز عليه التقدم وتعتمده التنمية والتطور في سبيل تحقيق أهداف المجتمع الجماعية المشتركة.
وإن قانون الشرطة رقم 109 لسنة 1972 يؤكد في المادة رقم (3) "بأن الشرطة تختص بالمحافظة على النظام والأمن العام والآداب، وحماية الأرواح والأعراض والأموال. ومنع الجرائم وضبطها، وكفالة الطمأنينة والأمن للمواطنين في كافة المجالات وتنفيذ ما تفرضه عليها القوانين واللوائح من واجبات".
متطلبات الرقابة والحراسة والأمن.
وإذا كان المفهوم الاجتماعي ضرورياً لنجاح الشرطة في عملها وبما أن الجريمة ظاهرة اجتماعية فلا بد من الأخذ بالأسلوب العلمي لمواجهتها والحد منها.
ولأن جهاز الشرطة يمثل واحدة من أهم وأخطر أدوات الحفاظ على الأمن الاجتماعي وترسيخه ولأن هذه مهمة جسيمة على عاتق رجال الشرطة فإن ذلك يتطلب التوعية العلمية والمعرفية المتواصلة سواء في العلوم الاجتماعية والإنسانية واعتماد برامج توجيهية وتربوية لتوجيه المجتمع وتربية النشئ لأن منع الجريمة والانحراف السلوكي هو الطريق الأكثر صواباً من فرض العقوبات.
وتعمل وزارة الداخلية على تدعيم الأمن وتطوير خدماته لتحقيق الطمأنينة والأمان ومسايرة التقدم العلمي لكشف الجناة ومكافحة الجريمة والتوصل إلى مرتكبيها كما تعمل على رفع كفاءة رجال الأمن بالتدريب والتخطيط العلمي وإرسال البعثات للخارج واستحداث مختبر الشرطة الجنائي الذي يساعد رجال الأمن في مواجهة القضايا التي تحدث في المدن الكبرى. وإنشاء كليات للشرطة تلبي متطلبات هذه المدن فيما يهدد أمن الإنسان واطمئنانه وتقوم بمسؤولياتها في حفظ الأمن تبعاً لتزايد عدد السكان في المدن لتلبي متطلبات الرقابة والحراسة والأمن.
ثانياً: أهمية الدراسة وموضوعها:
إن المدينة صورة من صور الحياة الاجتماعية التي يحياها الإنسان في العصر الحديث بسماتها البارزة كالتحضر والتقدم والتطور في مختلف نواحي الحياة الاجتماعية.
من هذا المنطلق فإن قواعد الضبط الاجتماعي التي تحكم الحياة في المدن الكبرى أصبحت لها سمات خاصة تتفق وطبيعة الحياة الاجتماعية التي تمارس فيها الجريمة، وكشكل من أشكال الخروج على هذه القواعد ارتبطت ارتباطاً مباشراً بطبيعة الحياة فاستحدثت جرائم نمت وامتدت لتصبح ظواهر إجرامية تعيش في كنف ذلك التطور والتقدم الذي شهده مجتمع المدينة المعاصر في صور مختلفة، وبالتالي ارتبط الاستقرار الأمني في المدن الكبرى بجهود مختلفة ومتشعبة للأجهزة الأمنية ضد الجريمة تسعى للوقوف بدقة على أبعاد وحجم واتجاهات مظاهر وأشكال الخروج على قواعد الضبط الاجتماعي حتى يتسنى للقائمين على أجهزة الأمن تطوير النظم العربية مقارنة بين مواد من جنس واحد.
وبالإضافة إلى ذلك فإن المجتمعات العربية استوردت بعض أساليب الحياة الغربية العصرية التي قد لا تتفق مع طبيعة تلك المجتمعات وما تميزت به وهو أمر قد أفرز بعض التصدعات والسلبيات في البناء الاجتماعي الذي ظهر في صور مختلفة، كالتفكك الاجتماعي وضعف القيم البيئية الأصلية، والعجز عن بعض المشكلات المتصلة بالجريمة والانحراف وغيرها من المظاهر السلبية الاجتماعية.
لذلك فإن اقتصار الدراسة على المدن الكبرى في الدول العربية يجعلها أكثر عمقاً ودقة وموضوعية ووصولاً إلى الهدف.
مفهوم الأمن في المدن الكبرى:
إن الأمن مطلب أساسي يتطلع إليه الفرد منذ بدء الخليقة في أي مرحلة من مراحل حياته ويتطلب من الجماعات العديد من الجهود لتحقيقه سواء على مستوى الأسرة أم القرية أو المدينة أم المستوى الدولي لأنه ركيزة أساسية لاستقرار الحياة الاجتماعية.
والمدن الكبرى مكان يتسم بوجود علاقات اجتماعية متشابكة ومعقدة لكثافة سكانية في منطقة جغرافية محددة، لذلك فإن التوصل لتحديد مفهوم الأمن في المدن الكبرى وأبعاده يتطلب عرضاً للإطار النظري العلمي لهذا الجانب من خلال تناول أهمية الأمن في المدن الكبرى ثم المفهوم المعاصر للأمن ثم عرضاً للتطور الاجتماعي الأمني، وإبراز العلاقة بين العوامل السكانية والأمن في المدن الكبرى.
وبما أننا بصدد دراسة موجزة ومركزة فإننا نقتصر على الموضوعات الهامة والتي تلقي الضوء مباشرة على تحديد هذا المفهوم وأبعاده.
ثالثاً: أهمية الأمن في المدن الكبرى:
هناك العديد من الأسباب التي تقودنا إلى ضرورة الاهتمام بالأمن في المدن الكبرى والتعرف على سمات وخصائص هذا الأمن دعماً وتطويراً للتدابير الأمنية التي تكفل تحقيق الأمن والاستقرار في المجتمع.
ويمكن إجمال هذه الأسباب في النقاط التالية:
1 ـ تتسم المدن الكبرى بتمركز عدد كبير من السكان يمثلون غالبية أفراد المجتمع ويعيشون في بقعة جغرافية واحدة تربط بينهم سمات وخصائص مشتركة.
وبالتالي فإن الاهتمام بأمن المدن الكبرى هو محاولة جادة للتعرف على أنسب الأساليب والوسائل التي تكفل المحافظة على النظام والأمن العام والآداب في هذه المدن على مستوى الدولة الواحدة.
2 ـ أهم ما تتسم به المدن الكبرى ترامي أطرافها واتساع مساحتها وتعدد وتنوع أحيائها من مناطق صناعية وسكنية وتجارية، ولعل هذا التنوع في مناطق المدن يفرض أعباء إضافية جديدة على أجهزة الأمن التي ترى أهمية تنوع التدابير الأمنية فيما يتفق بطبيعة هذا التنوع والامتداد الجغرافي.
وبذلك يبرز الاختلاف بين الأمن في المدن الكبرى وغيرها منذ العصور الأخرى للمجتمعات البشرية.
3 ـ إن تركز المصالح الحكومية والمنشآت الحيوية في عواصم الدول والمدن الكبرى سمة هامة تلقي عبئاً جديداً على الأجهزة الأمنية التي يجب عليها أن تسعى من خلال أجهزتها المتخصصة لتأمين هذه المنشآت وحمايتها من أية أخطار تتعرض لها وبما يحمي حق الأفراد في الاستفادة مما تقدمه هذه المصالح والمنشآت من خدمات اجتماعية.
4 ـ ترتبط المدن الكبرى بنشاط تجاري واقتصادي واسع يدعو أجهزة الأمن إلى توقع المزيد من الجرائم المرتبطة بهذا النشاط، وبالتالي فإن عليها واجباً هاماً يهدف إلى توقع حجم واتجاهات هذه الأنواع من الجرائم والاستعداد لمواجهتها في صورها المختلفة.
5 ـ إن التطور المستمر والنمو المتصل للمجتمعات البشرية في المدن الكبرى يوجد دائماً أنواعاً مستحدثة من السلوك الإجرامي ترتبط أشد الارتباط بهذا التطور وتسعى لاستغلاله وقد لا يقف الأمر عند سعي أجهزة الأمن لمواجهة الأمر إلى ضرورة التصدي لظاهرة إجرامية مستحدثة تهدد أمن المجتمع ككل. ومن هنا فإن الأمن في المدن الكبرى يجب أن يتسم بالدينامية وسرعة التفكير الذي يلائم مواجهة الجريمة في شتى صورها وكافة أشكالها وبمعدل يفوق كثيراً أجهزة الأمن التي تعمل مع غيرها من أشكال المجتمعات البشرية.
6 ـ إن السعي لتحقيق الأمن يرتبط منذ البداية بمكافحة الجرائم في صورتها التقليدية، ولا شك أن حجم واتجاهات هذا النوع من الجرائم في المدن الكبرى يفوق كثيراً حجمه واتجاهاته في القرى والريف.
7 ـ إن العوامل البيئية التي تسود مجتمعات المدن وخاصة الكبرى منها تختلف إلى حد كبير عن تلك العوامل المماثلة السائدة في الريف.
إن تعدد هذه العوامل وتداخلها وتشابكها مع العديد من العوامل الأخرى تفرز أشكالاً وأنماطاً من السلوك البيروقراطي السائد في هذا النوع من المجتمعات وعلى أجهزة الأمن دراسة هذه العوامل وتبين مدى تأثيرها على مسيرة أجهزة الأمن وأشكال الجريمة على مستوى أدائها لأهدافها.
ويرتبط الإحساس بالأمن في المجتمع بالقدرة على الحفاظ على النظام العام وحماية الانحراف والأموال والقيم الاجتماعية السائدة وبالتالي فإن أجهزة الشرطة وغيرها تمارس ثلاثة أدوار رئيسة من شأنها دعم مشاعر الطمأنينة والأمن: دور وقائي، وقمعي، وعلاجي.
والدور الوقائي يشمل عدداً من الأجهزة التي يسهم في القيام به كالعمل والشؤون الاجتماعية . . . وغير ذلك.
أما الدور القمعي فيحتم على أجهزة العدالة ذات الاختصاص التصدي لمن يخرجون عن قواعد الضبط الاجتماعي. وأجهزة الشرطة من ضمن الأجهزة التي تتولى تحقيق هذا الدور بالتصدي إلى مظاهر الانحراف بجميع أشكاله، ويجب تطوير هذا الدور على الدوام بما يتفق ويواكب تطور وتغيير جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية.
أما الدور العلاجي فيتمثل بالتصدي للمشكلات الأمنية بالحل والعلاج والحد من آثارها السلبية وبذلك فهي تنمي إحساس الفرد والجماعة بالطمأنينة.
2 ـ أبعاد الأمن في المدن الكبرى:
إن الأمن يرتبط دائماً بالمنظور الاجتماعي والسكاني ويصل هذا الاهتمام بالمنظورين إلى أقصى درجاته في المدن الكبرى، حيث تتبوأ المدن الكبرى مكانة مميزة عما عداها كالريف والمدن الصغرى، ويصبح المتطوران المشار إليهما محددات هامة يجب على جهاز الشرطة في المدن الكبرى أن يضعهما في حسابه عند سعيه لتحقيقه.
ـ المنظور الاجتماعي:
إن أهم ما يميز الأمن في المدن الكبرى عن غيرها درجة التحضر والرقي التي توفرها المدن، ولهذا العديد من المظاهر الإيجابية كانتعاش الدخل الاقتصادي وارتفاع نسبة المعيشة وتزايد نسبة المتعلمين واتساع الدور الذي تؤديه أجهزة الإعلام.
وللتحضر آثار سلبية كالتباين الكبير بين الطبقات الاجتماعية وبروز مشكلات النزوح من الريف إلى المدن وزيادة مشكلات الشباب وضعف الروابط العائلية وتفككها.
وهذه المظاهر سلباً أو إيجاباً لها تأثيرها على السلوك الإنساني لأهل المدن، فنوعية الجرائم التي تسود في الريف تختلف عنها في المدن، فالأحياء الفقيرة في المدن تعد مصدراً أساسياً دافعاً للسلوك الإجرامي وجنوح الأحداث وأحياناً ترجع بعض المظاهر الإجرامية إلى النمو الحضري للمجتمعات وتزايد عدد المهاجرين إلى المدن مما يؤدي إلى انتشار العلاقات السطحية ونوع من الفوضى التي تشجع على انتشار الجريمة. وكذلك الحال في أمريكا.
فعلى سبيل المثال اعترفت الشرطة البريطانية بأنها لا تستطيع محاربة العصابات المنظمة بمفردها وبدأت تطلب مساعدة جهاز المخابرات الداخلي (إم (O . I وذكر مسؤولون أمنيون أن جرائم هذه العصابات تتبع أساليب جديدة ومتطورة إلى الحد الذي لا تستطيع الشرطة العادية فيه الوقوف بوجهها منفردة مما يستوجب اشتراك كل الأجهزة الأمنية لمحاربتها.
فهنا تختلف أنواع الجرائم بين طبقات الفقراء وممن يعيشون في بيئة متحضرة وأسر غنية حيث يكتسبون سلوكاً إجرامياً لأن الجرائم التي تنمو في البيئة المتحضرة تحتاج إلى درجة معينة من العلم والتحضر.
3 ـ مفهوم إدارة الأمن:
عملية تسعى لكسب تعاون مجموعة من البشر والمؤسسات الحكومية أو ذات العلاقة لتحقيق الأمن والطمأنينة في المجتمع بأبعاده الثلاثة المذكورة آنفاً. (الوقائي والقمعي والعلاجي).
وعلى ذلك فإن إدارة الأمن لا ترتبط بالاهتمام بجهاز معين فالأمن كل لا يتجزأ ولأن الاهتمام بحلقة دون أخرى يؤدي إلى انفراط الأمن وتصبح الحلقة الضعيفة مصدر خطر على حلقات العملية الأمنية في المجتمع.
4 ـ الطابع النسبي للأمن في المدن الكبرى:
وتتمتع كل مدينة بدرجة ذاتية من درجات الأمن والاستقرار تختلف من وقت لآخر ومن مدينة لأخرى ويرجع هذا الطابع النسبي إلى اختلاف طبيعة الحياة السائدة في المدن الكبرى والمتغيرات التي تواجهها.
وتختلف نسبة الجرائم من مدينة إلى أخرى وداخل المدينة الواحدة نجد أن بعض الجرائم يظهر في عام ولا يرتكب في عام آخر.
رابعاً: النموذج المقترح لإدارة الأمن في المدن الكبرى:
1 ـ اشتراك الأجهزة ذات العلاقة في التخطيط الأمني.
2 ـ تطوير تنظيم جهاز الشرطة في هذه المدن.
3 ـ وجود نظام اتصالات أمنية فعال.
4 ـ تكامل نظم المعلومات الأمنية.
5 ـ تطوير أساليب إدارة العمليات الأمنية.
لقد استعانت أجهزة الشرطة بأسلوب التخطيط منذ زمن بعيد وتطورت الأجهزة المتخصصة بالنهوض بالعمل التخطيطي.
ولا شك أن تركز الجرائم الهامة في المدن الكبرى فضلاً عن تزايد الأعباء الأمنية لاتخاذ التدابير الوقائية التي من شأنها منع ارتكاب الجريمة أو على الأقل الحد من ارتكابها، وحماية الأخلاق ورعاية السلوك الاجتماعي، كل هذا يدعو لأهمية الاستعانة بالتخطيط الأمني في هذه المدن كأسلوب متقدم يضمن تحقيق الأهداف الأمنية المنشودة.
وتصادف جهود الأجهزة الأمنية في المدن الكبرى لتحقيق هذه الأهداف قيوداً تحد من قدرتها على تحقيق الأهداف بكفاءة مثل:
الكثافة السكانية، وما تتسم به هذه المدن من نمو حضري سريع وتباين في الطبقات الاجتماعية واتساع في ممارسة النشاط الاقتصادي والتجاري واحتواء المنشآت الحيوية الهامة.
وكلها معطيات تؤكد الحاجة لوجود تخطيط علمي لتحقيق الأمن في المدن الكبرى يعتمد على تحديد دقيق لحالة الأمن وتوقع سليم للظواهر الإجرامية وتظافر جهود العديد من الأجهزة للقضاء على الظواهر الإجرامية التي تتصاعد في المدن الكبرى سواء كانت هذه الأجهزة ذات طابع وقائي أو قمعي أو علاجي.
والواقع أن الظواهر الإجرامية في هذا العصر لا تعتمد على أجهزة الشرطة وحدها في عمليات المكافحة بل يجب أن تشاركها الأجهزة ذات العلاقة، ويرتبط نجاح الأسلوب التخطيطي في المجال الأمني في المدن الكبرى بقدرة جهاز الأمن على التغلب على المشكلات التي تصادف المخططين. (4).
خامساً: تطوير تنظيمات أجهزة الشرطة في المدن الكبرى:
إن التنظيم الإداري لأجهزة الشرطة في المدن الكبرى يؤثر تأثيراً كبيراً على كفاءة ومستوى أداء هذه الأجهزة لأدوارها حيث يقوم بتوصيف العمل وتصنيفه وتحديد مسؤولية كل فرد واختصاصه وإجراءات سير العمل.
ومن هنا تبرز أهمية تطوير التنظيمات الإدارية لأجهزة الشرطة وكفالة تحقيق فاعليتها فيجب أن يتناسب التنظيم الأمني مع طبيعة المدينة، لذلك يجب أن لا يكون التنظيم السائد في المحافظات الريفية هو نفسه المطبق في المدن الكبرى ويجب أن يتسم التنظيم للأجهزة الشرطية في المدن الكبرى بالسمات الآتية:
1 ـ إن أنماط السلوك الإجرامي خاصة في المدن الكبرى هي أنماط تتغير وتتبدل وفق عوامل عدة؛ لذلك فإن نمط التنظيم المثالي يجب أن يتلاءم مع طبيعة النشاط الذي يمارس فيه وقد أثبتت الدراسة انتشار نوعيات من الجرائم في المدن الكبرى مثل جرائم الاعتداء على المال والجرائم الأخلاقية والمخدرات والأحداث والمرور لذلك يجب أن يحتوي التنظيم على أجهزة متخصصة في مكافحة هذه الأنواع من الجرائم مع ملاحظة أن انتشار ظاهرة إجرامية معينة في إحدى المدن الكبرى قد تكون مدعاة لاستحداث وحدات تنظيمية جديدة تختص بمكافحة هذه الظاهرة والتصدي لها والتنسيق بين الجهود المختلفة التي تبذل لتقويض هذه الظاهرة ويجب الإشارة إلى أن التغيير في التنظيمات يجب أن لا يكون سريعاً ومستمراً حتى لا يفرز سلبيات وحتى لا يؤدي إلى هبوط مستوى أداء الخدمات الأمنية.
ولكن الحد الأدنى يقتضي وجود وحدات في التنظيم تتولى مكافحة الجرائم المستشرية في المدن الكبرى وتصبح مهمة هذه الوحدات التخطيط لمكافحة هذه الجرائم والحد منها والتنسيق بين جهود الأجهزة الأمنية.
ـ يجب أن يحوي التنظيم تقسيماً جغرافياً يتناسب مع أعداد السكان المتزايدة في المدن الكبرى.
ـ ويمكن استحداث وحدات جغرافية جديدة كلما ازدادت أعداد السكان داخل المدن.
ونشير في هذا الصدد إلى أهمية تطبيق أنماط التنظيم بمرونة بما يتفق وطبيعة أجهزة الشرطة والسعي الدائم المتصل لتطوير هذه الأنماط في ضوء الأهداف المستحدثة للتنظيم ولمواجهة الأعباء الأمنية الجديدة.
ـ وفي إطار تنظيم الأجهزة الأمنية في المدن الكبرى يجب الحد قدر الإمكان من مركزية السلطة والتوسع في تعويضها مما يساعد على زيادة شعور المرؤوسين بالثقة فضلاً عن سرعة مواجهة المواقف المختلفة التي تحدث في المدن الكبرى.
ـ يجب أن يحتوي البناء التنظيمي لجهاز الأمن في المدن الكبرى على:
1 ـ مركز معلومات يقوم بجمع المعلومات وتحليلها واسترجاعها ومجلس أمني استشاري وعدد من المختصين في تحليل المعلومات وتقديمها للمسؤولين.
2 ـ مجلس مساعدي القائد يضم القطاعات الأمنية المختلفة ومركز المعلومات والاتصال.
ومما لا شك فيه أنه يجب أن تتكامل نظم المعلومات الأمنية في المدن الكبرى والتي يمكن بواسطتها تجميع البيانات ولا شك أن تطوير نظم المعلومات الأمنية وتكاملها يتطلب دراسة النظام الحالي للمعلومات في المدن الكبرى والتعرف على ما تعانيه من أوجه القصور وطرق التغلب عليها، ويجب أن تشمل نظم المعلومات الأجهزة الحيوية مثل.
أجهزة الأمن العام والأمن الجنائي، والسياسي، وأمن المناطق، والدفاع المدني، والمؤسسات الإصلاحية والمرور . . .
فضلاً عن المعلومات الخاصة بالأجهزة الحيوية المسـاعدة للأجهزة الأمنية كالتعليم، العمل . . . . ويجب تطوير نظم المعلومات الشرطية في المدن الكبرى وتوفير الكوادر البشرية اللازمة لتشغيل الأجهزة وإعدادها وتدريبها. وذلك:
ـ بوجود نظام فعال للاتصالات الأمنية في المدن الكبرى.
ـ وتطوير أساليب إدارة العمليات باستخدام الأساليب الإدارية الحديثة والتوسع في استخدامها.
ولا شك أن هناك بعض الصعوبات التي تعترض القائمين على العمل الأمني عند استخدامهم الأساليب العلمية الحديثة وفي مقدمتها ما تحتويه المشكلات الأمنية من عناصر يمكن تقديرها رقمياً وعناصر لا يمكن تقديرها كمياً أو رقمياً.
وبالتالي يصعب تحويل هذه العناصر لمكونات العملية الأمنية إلى علاقات رقمية تعالج رياضياً.
ومن ناحية أخرى فإن الحالات الأمنية وخاصة الحادة منها تواجه مستقبلاً غير مؤكد باختلاف الحالات ومن هنا تظهر أهمية الخبرة والدراسة التي تحدث في المدن الكبرى.
وفي دولة الإمارات:
تعمل وزارة الداخلية على تدعيم الأمن وتطوير خدماته لتحقيق الطمأنينة والأمان لكل إنسان وتساير التقدم العلمي لكشف الجناة ومكافحة الجريمة والتوصل إلى مرتكبيها بالأسلوب العلمي الحديث.
وتم استحداث إدارات جديدة، وطورت شبكة الاتصالات التي تربط بكافة مراكز الأمن.
وتعمل على رفع كفاءة رجال الأمن بالتدريب والتخطيط العلمي وإرسال البعثات للاطلاع على أحدث وسائل قمع الجريمة كما استحدثت مختبراً للشرطة الجنائية الذي يعاون رجال الأمن في مواجهة القضايا التي تحدث في المدن الكبرى كالتزوير والتزييف وغيرها. وهناك كوادر بشرية مؤهلة في مختلف الإدارات، كما تم إنشاء كليات شرطة لتلبي متطلبات المدن في كشف أساليب المجرمين التي تهدد أمن الإنسان واطمئنانه وتقوم بمسؤولياتها في حفظ الأمن تبعاً لتزايد عدد السكان في المدن ولتلبي متطلبات الرقابة والحراسة والأمن.
سادساً : الخاتمة:
إن تأييد المجتمع للشرطة واستقطاب التعاون الجماهيري من أهم العوامل الفعالة لنجاح الخدمة الشرطية ولهذا تتسع مهام الشرطة في العصر الحالي لتستوعب مهام جديدة وإن كانت ليست بأمنية في المقام الأول.
إلا أنها اجتماعية وتمس الحياة اليومية لأفراد المجتمع تعميقاً للصورة الذهنية المفترضة بأن الشرطة جهاز خدمي يعنى بأمن المجتمع ويسهر على حمايته.
المراجع:
1 ـ مجلة الشرطة العدد 338، ص 32، فبراير 1999م.
2 ـ العميد عبد الله عبد الرسول، مجلة الأمن العام، العدد 74، السنة 18 يوليو 1976.
3 ـ الشرطة في دول مجلس التعاون الخليجي، المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب، ص 29 ، 30 ، 31 ، الرياض ، 1990م.
4 ـ العقيد / د. عماد حسن عبد الله. إدارة الأمن في المدن الكبرى. المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب، ص 15 ـ 16 ـ الرياض 1411هـ.
5 ـ أحمد عمر هاشم، الأمن في الإسلام، ص 18 ، 19.
6 ـ اللواء الصادق حلاوة، الأمن العام فلسفته ووظيفته ص 117 ، دار الفكر العربي، القاهرة.
7 ـ إدارة الأمن في المدن الكبرى ص (4) مرجع سابق.
8 ـ شرطة ومخابرات ضد العصابات ، جريدة الاتحاد ، ص 24، العدد 8624 السنة 230.
9 ـ المرجع رقم (4).
10 ـ الفكر الشرطي ، المجلد الرابع . العدد الثالث ص 29 ديسمبر 1995م.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق