التسميات

آخر المواضيع

السبت، 21 أكتوبر 2017

البيئة ومشكلاتها في المملكة العربية السعودية ...

البيئة ومشكلاتها في المملكة العربية السعودية

تعد المشكلات البيئية وتناقص الموارد ودراساتها من الأمور التي تشغل العالم، خاصة بعد اكتشاف الدول الصناعية أن الدمار البيئي الذي يحدث في أي مكان على سطح هذا الكوكب الأرضي يؤثر بطريق أو بآخر على نوعية الحياة في العالم كله. وقد جرى عقد ندوات ومؤتمرات عديدة لمعالجة المشكلات البيئية المتزايدة في العالم، كما تأسست أحزاب سياسية في الدول الصناعية تسمى "الأحزاب الخضراء"، تدافع عن البيئة، وتهاجم ما له صلة بالتأثير على حياة البشر على سطح الأرض مثل النفايات النووية، والتلوث بجميع أنواعه، وقطع الغابات، واستخدام المبيدات وغيرها.  وإذا كانت الدول الصناعية قد أدركت أن الجشع البشري في استغلال الموارد ينبغي كبح جماحه، وهي ذات موارد طبيعية متجددة ومتعددة الأنواع، فإن الدول والشعوب التي تعيش في المناطق الجافة ذات الموارد المحدودة وغير المتجددة غالباً أحوج ما تكون لمثل هذا الوعي واتباع إدارة حازمة للحفاظ على مواردها.

وفي هذا البحث جرى التأكيد على محدودية موارد المناطق الجافة. فالإنسان الذي يعيش في هذه المناطق الجافة ظَنَّ أنه يستطيع استغلال هذه الموارد دون حدود نتيجة للتقدم التقني الذي وصل إليه ، غير أنه بدأ يتضح أنه ما لم تتخذ الاحتياطات اللازمة والإجراءات الكفيلة بترشيد استغلالها فإنها ستتناقص لدرجة يخشى عليها من النضوب، مثل مصادر المياه غير المتجددة ومواطن الرعي، والتُرَب الصالحة للزراعة وغيرها. ولذا كان من أهداف البحث تحقيق الآتي:
1– عرض لأهمية المحافظة على البيئة من خلال مناقشة مقدمات بيئية عامة عن التصحر بشكل عام، والنشاطات المسببة لتدهور البيئة بشكل خاص ، مثل (الجفاف، وسوء الأساليب الزراعية، وتدهور التربة، واستخدام الخشب وقوداً، والتبذير في استخدام الماء، والرمال التي تحملها الرياح، وجموع الجراد، والصيد الجائر، والتنمية الاقتصادية المتسمة بالطفرة، وضعف إدارة البيئة، والإسراف في الرعي، وزيادة السكان، واتساع المناطق المدنية، والتعدين، والسياحة).
2–  عرض للمحافظة على الحياة الفطرية في المملكة العربية السعودية، من خلال مناقشة أربعة موضوعات هي: حمى حرم مكة المكرمة وحرم المدينة المنورة، ونظام الحمى التقليدي، والدعم الحكومي لحركة المحافظة على الحياة الفطرية، وإقامة المناطق المحمية.
تمهيـد :
تبين البحوث أن تدهور البيئة يرجع إلى أسباب عدة، منها: (الجفاف، وسوء الأساليب الزراعية وتدهور التربة، واستخدام الخشب وقوداً، والتبذير في استخدام الماء، والرمال التي تحملها الرياح، وجموع الجراد، والصيد الجائر، والتنمية الاقتصادية المتسمة بالطفرة، وضعف إدارة البيئة، والإسراف في الرعي، وزيادة السكان، واتساع المناطق المدنية، والتعدين، والسياحة). وتسهم هذه العوامل بصورة مباشرة أو غير مباشرة في الشكل النهائي  للبيئة، وليس من الضروري أن تعمل جميعها في مكان واحد، فقد يكفي عامل واحد من هذه العوامل لتعجيل عملية تدهور البيئة.
وتتمتع بيئات الأراضي الجافة بسمات مناخية وأنماط من الحياة الفطرية والأشكال الطبوغرافية، التي أثرت في طريقة استغلال الإنسان لهذه البيئات، ومن السمات الشائعة لهذه الأراضي هو نقص الماء الذي يؤدي في كثير من الأحيان إلى ندرة الغطاء النباتي أو انعدامه. ويعيش الإنسان في المناطق الجافة منذ آلاف السنين، ويستخدم مواردها الضئيلة، ويتعلم من التجربة حدود هذه الموارد، وهو لم ينجح في العيش فيها إلا بالقدرة التي منحه إياها الباري عز وجل، بأن يفهم ويتأقلم مع عناصر البيئة الطبيعية والثقافية والاقتصادية. والتوازن البيئي بين الإنسان والبيئة في الأراضي الجافة يبلغ من الهشاشة درجة بحيث إن مجرد زيادة طفيفة في عدد الناس أو الحيوانات فوق طاقة العطاء لموارد المنطقة قد يخل بهذا التوازن. ولا يمكن أن يعود هذا التوازن إلا بإنقاص عدد الناس والحيوانات عن طريق الهجرة إلى مناطق أخرى أو بالموت جوعاً، إن هم ظَلُّوا في أماكنهم، وبذا يتم التقليل من الإخلال بالتوازن، وبغض النظر عن قسوة هذه العملية فقد عرف الناس الذين يسكنون هذه المناطق ذلك من تجاربهم، وصارت كل تجربة جديدة درساً تعليمياً للجيل الجديد. ومن المزعج حقاً أن الإنسان اليوم لا يستسلم لتقلبات البيئة الجافة، فأحدث آثاراً سلبية دائمة على وجه هذه الأراضي من خلال استعمال التقنية الحديثة.
وتدهور البيئات الجافة وتصحرها ظل موضوع الساعة في الدوائر التعليمية، منذ أن التفت إليه العالم إبَّان مؤتمر دولي نظمته الأمم المتحدة سنة 1977م في نيروبي، وحتى قبل ذلك التاريخ فلطالما حذَّر العلماء من مثل هذا النوع الخطير للتدهور البيئي، ولكنه ظل أمراً بعيداً عن اهتمام العامة.
والتصحر ينشأ من التفاعل المتبادل بين العوامل الطبيعية والبشرية التي تؤثر على تشكيل ظروف البيئة، ومن الشائع في هذا المقام أن تقسم هذه الأسباب إلى أسباب طبيعية (أهمها المناخ) وعوامل بشرية، فنقص المطر يؤدي إلى زيادة الجفاف، وبهذا يمهد السبيل لمزيد من تدهور البيئة، لأن طاقة العطاء لموارد الأراضي الجافة سوف تقل.
ظهر مفهوم التصحر في كتابات المؤلفين منذ القرن التاسع عشر الميلادي، والمعنى الأصلي للفظة (desert) بالإنجليزية هو (deserted) أي مهجور، ولربما كان أوبريفيلAubreville هو أول من استخدم كلمة تصحر (desertification) في عام (1949). وعلى الرغم من أن هذه اللفظة فرنسية الأصل، فقد دخلت اللغة الإنجليزية في زمن مبكر جداً. وكانت منظمة التغذية والزراعة (فاوFAO ) هي أول من استخدم لفظة "تصحر" من بين الوكالات الدولية سنة 1962م. والألفاظ الاصطلاحية التي استخدمها أوائل الكتاب كان لها تعريفات لا تختلف اختلافاً بائناً عن معنى لفظة "تصحر" المستعملة في الوقت الحاضر. وقدم لوهيرو (Le Houerou, 1977, pp. 18–35) اللفظ الاصطلاحي " تصحر desertization " ليقتصر على الأراضي الجافة. غير أن لفظة "تصحر" أعم وأشمل، ولذا نجدها تضم مناطق أخرى خلاف تلك المناطق. ووردت لفظة تجفف الأرض land aridization بنفس المعنى العام الشامل للفظة تصحر desertification كما قدمه كوفدا Kovda سنة 1981م.
وهذا المصطلح يرد بتعاريفه بمعنى "التدهور البيئي للأرض، حيث إن بعض مظاهره يمكن حدوثها في خارج المناطق الجافة. وقد سبب اللفظ الاصطلاحي desertificationومرادفه العربي (تَصَحُّر) الذي يعني حرفياً تحول بعض الأراضي إلى صحراء فكرة خاطئة بين الناس، حتى في بعض الدوائر العلمية حيث يربطون التصحر بالجفاف، ومن ثم فهم يوجهون اللوم جميعه إلى هذا العامل باعتباره العامل الوحيد المسؤول عن إحداث تدهور البيئة. ولكن اللغة العربية أكثر مرونة من اللغة الإنجليزية.
ولذا يقترح استخدام الاصطلاح (تَصْحِيْر) ليدل على التصحر بفعل الإنسان، وباستخدام هذين اللفظين الاصطلاحيين يستطيع الناس التمييز بين (التصحر) بفعل الجفاف و(التصحير) بفعل النشاطات البشرية.
ولم يقتصر الخلاف على استعمال الألفاظ، بل لقد تعددت تعريفات هذا المفهوم، وقد عرفت الأمم المتحدة التصحر في مؤتمر نيروبي سنة 1977م مؤكدة على التدهور البيولوجي كما يلي: "التصحر: هو انخفاض الإمكانات البيولوجية للأرض أو تدميرها مما قد يقود إلى أحوال شبيهة بأحوال الصحراء".
وقــد عــدلت الأمم المتحــدة من هــذا التعريف ســنة 1992م في "مــؤتـمـر قمـــــة الأرض Earth Summit" في ريو دي جانيرو ليشمل الأعمال البشرية كما يلي: "التصحر هو تدهور الأرض في المناطق الجافة وشبه الجافة والجافة شبه الرطبة الناتج عن عدد من العوامل بما فيها التقلبات المناخية والأنشطة البشرية" (UNEP,1992).
وهذا التعريف أفضل من سابقه، لعمومه حيث لا يقتصر على التدهور البيولوجي، بل يشمل كل أشكال التدهور في المناطق الجافة. كما أن التعريف الجديد تخلَّى عن فكرة أن عملية التصحر غير قابلة للعلاج irreversible، فالتدهور في المناطق الجافة يمكن علاجه، بينما تدمير الإمكانات البيولوجية لا يمكن استعادتها. وكانت هذه النقطة مثار خلاف بين العلماء الذين لم يؤيدوا التعريف الأول بحجة أن أراضي منطقة الساحل الأفريقية المتصحرة قابلة للعلاج (Ibrahim,1993,p.5).
أما الباحثون في هذا الموضوع فعرّف كل باحث التصحر حسب دراسة الحالة التي يضطلع بها. وبعد استعراض لما كتب عن هذا الموضوع ظهر أن جميع التعريفات على وجه التقريب تقع داخل مدى التعريف الذي استخدمه ثقتان من ثقات هذا العلم، فجروف (Grove, 1973, pp. 33–35) يعرفه بقوله:
"ليس من السهل أن نعرّف "التصحر"، فهو يتضمن تخريباً للأرض له ارتباط بتناقص المياه السطحية، وتضاؤل الغطاء النباتي، مع تناقص الفائدة والنفع بالنسبة للإنسان والحيوان نظراً لانخفاض معدلات الإنتاج النباتي بصفة رئيسة".
أما دريجــــن Dregne فاتخــــذ تعريفـــــاً أصر عليه في عدد من بحوثـــــه (انظر 1978 , 1977, 1976) وهو أفضل تعريف ممكن – على ما يبدو لي – لأنه يضم أغلب الاعتبارات وثيقة الصلة بالموضوع، فهو يعرّفه على هذا النحو:
"التصحر هو عملية اضمحلال الأنظمة البيئية الجافة وشبه الجافة وشبه الرطبة نتيجة للتأثيرات المشتركة بين أنشطة الإنسان والجفاف. إنه عملية التغير في هذه الأنظمة البيئية والتي يمكن قياسها بانخفاض الإنتاجية للنباتات المرغوبة والتغييرات في الكتلة الحيوية biomass وتنوع الغطاء النباتي والحيواني سواء على نطاق ضيق أو واسع، وتزايد تدهور التربة، وتزايد الأخطار التي تتهدد السكان."
إن مشكلة التصحر مشكلة معقدة جداً نشأت عن التفاعل المتبادل بين بيئة الأرض الجافة، وهي بيئة صعبة وحساسة لا يعتمد عليها، وبين استخدام الإنسان لها واحتلاله إياها محاولاً كسب قوته والحفاظ على حياته (United Nations,1977, p.16)، ومن ثم فأغلب من تعرضوا لهذه المشكلة من الباحثين يقسمون أسبابها إلى قسمين رئيسين: أسباب مناخية وأنشطة بشرية.
عندما تنبه العلماء إلى جفاف الساحل ما بين أعوام 1968–1973م نشأ تساؤل: أهذا الجفاف جزء من اتجاه بعيد المدى نحو جفاف أشد، أم أن ذلك كان فترة جفاف عارضة؟
وظهرت مدرستان مختلفتان من مدارس الفكر: المجموعة الأولى وهي تتكون في الغالب من عدد من المتخصصين في علم المناخ. وقد رأت هذه المجموعة أن ذلك الجفاف ليس إلا بداية لفترة طويلة من الجفاف، وأنه سيزداد سوءاً، ويعتقد هؤلاء المتخصصون أن امتداد الهواء البارد من المناطق القطبية سيحدث لا محالة تغييراً ناحية خط الاستواء بالنسبة للمناطق ذات الضغط المرتفع الرئيسة، وأن من شأن هذا التغيير أن يحد من تقدم الهواء الرطب الاستوائي ناحية المناطق المدارية.
وتتكون المدرسة الفكرية الثانية في مجملها من متخصصين في علم المناخ والجيولوجيا، والهيدرولوجيا والإيكولوجيا والجغرافيا والبلينتولوجيا (الأحيائية)، ويرون أن الأرصاد الجوية التي تعود في بعض الأحيان إلى 135 عاماً أو يزيد لا تتيح للمرء التوصل إلى أي نتائج بخصوص التغير المناخي بعيد الأجل.
ومناخ العالم في حالة توازن ديناميكي دقيق بين عوامل كثيرة، يتحكم فيها بصورة أساسية حالة التوازن القائمة بين الأشعة الشمسية القادمة من الشمس والأشعة الصادرة من الأرض والتي تخضع لعوامل متنوعة تتمخض عنها حالة التوازن هذه، ويتفاعل الغلاف الجوي أيضاً مع الغلاف الحيوي والغلاف المائي، ومن شأن أي تغير يطرأ على هذه العوامل المؤثرة أن يحدث بعض التغيرات في مناخ الأرض.
والآثار المناخية المترتبة على عملية التصحر متعددة الجوانب، فزيادة الرعي خلال أعوام المطر تؤدي إلى تضام التربة نتيجة لسير الحيوانات عليها، ويعاني الغطاء النباتي من ضغط مفرط نتيجة تزايد عدد الحيوانات. وكنتيجة لتدهور الغطاء النباتي يتزايد جرف التربة والانسياب السطحي run off والبياض albedo، وقد تؤدي الزراعة الكثيفة خلال أعوام المطر إلى جرف التربة بفعل الرياح خلال الفصول الجافة، كما يؤدي أيضاً إلى الضغط على الماء المخزون بالتربة ونقص ما به من مواد عضوية، ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى إضعاف طاقة التربة على تخزين المياه. وثمة نتيجة أخرى لذلك وهي زيادة البياض السطحي surface albedo.
كما يؤدي تجميع الحطب إلى ارتفاع مباشر في حرارة سطح الأرض وانخفاض في التبخر والنتح. ويعتقد بأن الجفاف المستمر من العوامل الفعالة المؤثرة في التعجيل بعملية التصحر ولكن يعادل هذا العامل في الأهمية استمرار المطر لأعوام طويلة في بيئة من البيئات الجافة، فمن شأن ذلك تضاعف قطعان الماشية واتساع الزراعة بدرجة تفوق قدرة المنطقة الاحتمالية مما يعرضها لخطر التدهور (United Nations, 1977, pp.93–94).
وقد يؤثر الإنسان على المناخ دون قصد، بأن يفعل أشياء كتغيير سمات مظهر الأرض landscape والإخلال بدورة الماء water cycle، وتغيير التوازن بين مكونات الغلاف الجوي، وهو أمر لم يتفق جميع العلماء عليه، فهل الجو يدفأ نتيجة حقن كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون بإحراق كميات كبيرة من الوقود ومن هنا يزداد أثر البيت المحمي؟ أو هل هو يبرد نتيجة لزيادة عدد الجزيئات في الغلاف الجوي بتأثير الانفجارات البركانية وغير ذلك من الذرات ؟ إن ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي بمقدار 3 ْ فقط يزيد الرياح الموسمية قوة، وهذا معناه زيادة في الأمطار في أحزمة الصحراء العربية وآسيا الموسمية، ولكن معناه أيضاً خلل شديد في مناخ المناطق المنتجة للغذاء كوسط غرب الولايات المتحدة على سبيل المثال.
أحدث البشر ولا زالوا يحدثون تغيرات في بيئتهم على مر التاريخ، ولكن هذه التغيرات ليست سيئة على الدوام، فالإنسان يصلح الأرض ويدخل النباتات الجديدة ويعالج التربة المالحة ويحمي الحياة البرية في بعض الأحيان، وسنقصر اهتمامنا خلال هذا البحث على التغيرات السلبية التي فرضها الإنسان على بيئته، مما يؤدي بها في كثير من الأحوال إلى التصحر في صورة من صوره. وفيما يلي الأسباب الرئيسة للتصحر الذي حدث بتأثير الأنشطة البشرية:
وهي من أقدم المشكلات التي واجهها المزارع في سعيه لزيادة المحصول. والتملح موجود دائماً في المناطق الجافة حيثما وجدت الزراعة المروية، ومرده إلى عدد متداخل من العوامل المتشابكة نذكر منها على سبيل المثال جفاف المناخ والجيولوجيا وشكل التضاريس وهي عوامل تحدد طبيعة الصرف وخواص التربة الفيزيائية والكيميائية، وكذلك نوع التربة وخطة الإدارة الخاصة بالتربة والمياه (Khatib, 1971, pp.13–28).
وقد واجهت الحضارات القديمة في سومر وبابل ومصر ووادي السند والصين مشكلة تملح التربة بدرجات متفاوتة، فتدمرت الأراضي الزراعية تماماً أو انخفضت انتاجيتها على نحو شديد، وافترض كثير من الكتاب أن نهاية حضارة وادي السند ترجع إلى سوء الصرف والافتقار إلى تقنية تقي الأرض من التملح.
واليوم تواجه مشكلة التملح العالم أجمع، فلا تنحصر في الدول الفقيرة وحدها، ولكنها تصيب أيضاً أكثر الدول تقدماً، ففي الولايات المتحدة الأمريكية خطر حقيقي من التملح في الوديان الغنية مثل سان جواكين San Joaquin وإمبريال Imperial.
وتعانــي الــدول العــربية مــن هذه المشكلة إلى حــد كبير، وهذا يرجع إلى سوء الصرف، وانخفاض جودة المياه، وجهل الفلاحين بعمليات الري وأســاليبه. وثمــة درجــات متفاوتـــــــة من الملوحة والتشبع بالماء water logging في دول أخرى بالمنطقة غير أنه لا تتيسر الإحصاءات الدقيقة (El–Gabaly, 1977).
وهذه المشكلة العالمية صورة من صور التصحر المدمر للغاية، فالتملح يمثل تهديداً خطيراً لانتاجية الزراعة المروية في جميع أنحاء العالم، وكثير من مشروعات الري الكبرى التي تطلبت رأسمال كبير ثبت أنها مهددة بخطر تملح التربة بعد وقت أقصر مما كان في الحسبان، ويؤكد خبراء الفاو (FAO) أن:
"ما لا يقل عن 50% من أراضي العالم المروية متملحة أو تعطي محاصيل أقل مما يجب أو لا تستغل في الزراعة على الإطلاق، فمئات الآلاف من الهكتارات من الأراضي المروية تظل عاطلة كل عام بسبب التملح. وحسب تقديرات الخبراء التقديرية يكون الجنس البشري قد خسر ملايين كثيرة من الهكتارات من الأراضي الخصبة بسبب التملح (Kovda, 1980, p.180)."

تقدر أراضي الرعي بثلث مساحة سطح الأرض، وهي تشمل مساحات كبيرة من الأقاليم الجافة وشبه الجافة. فحرفة الرعي عرفها الإنسان منذ أن استأنس الحيوان، منذ حوالي 10.000 سنة، حيث تنشغل نسبة كبيرة من السكان بصورة مباشرة بالعناية بالحيوانات، والخروج بها للرعي إلى أماكن جديدة حيث الكلأ أفضل والعشب أجود.
وللإفراط في الرعي آثار مباشرة وغير مباشرة، فالآثار المباشرة هي الوطء والرعي، وقد ثبت أن الوطء أكثر إضراراً من الرعي ولاسيما حول أماكن الري (United Nations, 1977, p.205). فالإسراف في وطء التربة خلال فترات الجفاف يتلف بنية التربة ومخلفات النبات مما يعرض التربة لذرو الرياح wind deflation، أما الوطء بالوحل فمن شأنه أن يضعف قدرة سطح التربة على الارتشاح infiltration capacity  ويزيد من انجراف التربة soil erosion. أما الرعي الخفيف كالقضم على سبيل المثال فهو يزيد إنتاجية المراعي في المعتاد، بل يساعد في بعض الأحيان على تفتح البراعم الغضة (Goudie, 1981, pp.33–34). ولكل مرعى من المراعي سعة احتمالية carrying capacity، وتعريفها كما يلي:
"هي الحد الأعلى من عدد الماشية الذي تستطيع مساحة من الأرض إعالته مدة عام كامل بدون أن يحدث تدهور في إنتاجية المرعى" ((Sanford, 1982, p.63. وتتفاوت طاقة العطاء والسعة الاحتمالية هذه حسب الفصل والوقت (Sherbrooke & Paylore, 1973, p.8). ففي أثناء فصل المطر تزيد طاقة السعة الاحتمالية للمرعى نتيجة لتوفر الغطاء النباتي الذي يكفي لغذاء عدد من الحيوانات يفوق العدد الذي يمكنه في فصل الجفاف حين تنقلب الحال إلى العكس. ونظراً لاختلاف ظروف المراعي من عام إلى آخر فلا يمكن تحديد العدد الأمثل من الحيوانات الذي يناسب طاقة العطاء للمرعى. فخلال فترات الجفاف الشديد يصبح أي عدد يقع الاختيار عليه أكثر من طاقة المرعى وقدرته. أضف إلى ذلك أنه من الصعوبة بمكان فرض نظام للرعي في دول العالم الثالث يقوم على السعة الاحتمالية لكل مرعى وقدرته على العطاء، نظراً لعوامل كثيرة كالعقائد الدينية والصلات القبلية أو سوء إدارة البيئة.
وبالإضافة إلى الآثار المباشرة للإسراف في الرعي هناك أيضاً آثار غير مباشرة، يمكن أن يكون لها أثر في تغيير الغطاء النباتي. والتغيرات التي تحدث عادة على النحو التالي:
1–               دمار في الغطاء النباتي وتغير في تجديده.
2–               تغير في البنية الفيزيائية والتكوين الكيماوي للتربة سببه وطء القطعان ومخلفاتها التي تحدث على وجه العموم بعض التغيرات في الغطاء النباتي.
3–               إدخال بذور لأنواع من النباتات الأجنبية جلبتها الحيوانات في مخلفاتها أو علقت بجلودها (Peyre de Fabregues,1970).
وفي أغلب الأحوال يمارس البدو حرفة الرعي ولهذا فإن قطعان الرعي تخص البدو الرحل. فالرعي المرتحل nomadic pastoralism  أو الارتحال الرعويpastoral nomadism  عميق الجذور في الأنظمة الحضارية للأراضي الجافة، وفي جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا يعيش الرحل في الصحراء، معتمدين على سقوط المطر غير الثابت أو المضمون، وهم في واقع الأمر قد أنشأوا نظاماً للتجوال والترحال ساعين إلى المطر أنّى كان، أو قد تتخذ حركتهم صورة التأرجح بين مكانين معروفين transhumance. فالحركة إذن هي أفضل وسيلة للدفاع اتخذها الرعاة الرحل لمواجهة ظروف الصحراء القاسية. وقد دعا إلى هذا اللون من الحركة التغير الفصلي والمكاني لمواقع المراعي وموارد المياه، فالمناطق الجافة تتسم على الدوام بندرة الماء وقلة الغطاء النباتي.
والرحل يعيشون في الأراضي الجافة منذ آلاف السنين وتمكنوا من البقاء بمحافظتهم على التوازن مع البيئة، ولم يختل هذا التوازن إلا بعد تدخل ما يسمَّى "بتحسين أحوالِ البدو الرحل"، فأسهم الطب البيطري ومكافحة أمراض الحيوانات في زيادة عدد الماشية، لتتجاوز حدود السعة الاحتمالية وطاقة العطاء للمراعي. ومما زاد الطين بلة حفر الآبار الكثيرة المتجاورة، لأنه بينما حلت مشكلة المياه بهذه الطريقة، نجد الرحل يتجهون نحو هذه الآبار ويتجمعون حولها، ثم يحدث الإسراف في الرعي (Ware, 1977, p.182–187).
وتظن بعض الدول في الشرق الأوسط أن الترحال علامة من علامات التأخر، فنجدها تحاول جاهدة إخفاء العدد الحقيقي لسكانها من الرحل معتقدة بأن هؤلاء الرحل وصمة لا نعمة، ونمط متخلف من الحياة يتهدد الأمن ((Briks,1981, p.83. ويشترك في هذا الاعتقاد كثير من الدول التي بها عدد من السكان الرحل، ومن ثم أنشئت البرامج لتوطينهم في الاتحاد السوفيتي السابق وإيران والمملكة العربية السعودية والكويت ومصر.
وخلاصة القول: إن أفضل لون من ألوان الترحال هو الترحال الحقيقي، حيث يخف الضرر الذي يلحق بالبيئة، أما سوى ذلك من صور الترحال كتوطينهم أو تجمعهم حول موارد المياه أو مراكز الحكومة أو أشباه الرحل من أصحاب المزارع الصغيرة التي تقتضي بقاءهم في مكان واحد مدة طويلة فهي ضارة بالبيئة مؤدية في المعتاد إلى حدوث التصحر نتيجة للمبالغة والإسراف في استغلال مناطق الرعي.
إن الغطاء النباتي في الأراضي الجافة غطاء ضئيل في المعتاد، لا يزيد عن عدد قليل من الأشجار، ومن ثم فلا تشكل النار لكونها عاملاً من عوامل تدمير أنماط الغطاء النباتي وتغييرها عاملاً رئيساً في الأراضي الجافة، اللهم حيث توجد الغابات الرواقية بجانب مجاري المياه، ولكن الضرر الحقيقي الذي يلم بالغطاء النباتي هو جمع الأخشاب عن طريق قطعها، ولقد ظلت هذه مشكلة كبرى في المناطق الجافة. فسكان الصحراء يقطعون الأخشاب لعدة أسباب ظاهرة: أحدها: إطعام جمالهم كما هي الحال عند الرعاة في منطقة تيبستي، والرحل يفعلون ذلك على وجه العموم في المناطق الجافة في أغلب بقاع العالم، وهم أيضاً يستخدمون فروع الأشجار لبناء حظائر لماشيتهم (Grove, 1973, p. 40). وثمة سبب آخر لقطع الأخشاب هو سد الحاجة إلى الوقود، ليس بالنسبة إلى الرحل فحسب، بل للمناطق المدنية أيضاً.
نظراً لندرة مياه الأمطار وتفاوتها بالمناطق الجافة فلا يمكن أن تقوم للزراعة قائمة إلا عن طريق الري، ويمكن الحصول على المياه من الأنهار التي تنبع من خارج الأراضي الجافة كالنيجر والنيل ودجلة والفرات أو من المياه الجوفية.
والمياه الجوفية في المناطق الجافة إما أن تأتي من مصدر خارجي أو تكون مياهاً حفرية، وثمة طبقات كثيرة خازنة للمياه في المناطق الجافة مثل الحوض الارتوازي الأسترالي العظيم والمياه الجوفية في الأحجار الرملية النوبية في الصحراء الكبرى، وفي صحراء شمال أفريقيا الليبية والنوبية والصحراء العربية. وبعض هذه المياه الجوفية قديم يرجع إلى 24000 عام مضت أو أكثر، وقد حدثت فترات مطيرة في الماضي في هذه النطاقات الصحراوية، حيث نتج عن المطر ارتشاح عبر الطبقات الجيولوجية الرسوبية بمقادير أكبر من الوقت الحاضر (Burdon, 1971, p.293).
ولم يترك سكان المناطق الجافة وسيلة من وسائل الحصول على الماء إلا اتخذوها فطوروا الزراعة في الوديان بحفر آبار في إرسابات الأودية السميكة، وتمكن الناس باستخدام هذه الإرسابات في السهول الفيضية للأودية من استيطان أغلب أجزاء الصحراء (Burdon, 1971, p.291). كما ابتدعوا بعض الوسائل البارعة للتوصل إلى المياه ففي جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا حصل الناس على المياه الجوفية بحفر أنفاق أو آبار أفقية في المراوح الفيضية تمتد في الجزء الأعلى من المنحدر حتى تصل إلى المياه الجوفية في نهاية الأمر، فيجلب الماء إلى السطح من خلال المنحدر، ويصل إلى الواحات في القنوات، وتحفر آبار رأسية متقاربة لصيانة هذه الأنفاق، وتسمى هذه الأنفاق بالقنوات أو الأفلاج أو الكاريزkarez   وفي شمال أفريقيا تسمى بالفقارة foggaras. وهي تتراوح في الطول من بضع مئات من الأمتار إلى عشرة كيلومترات (Cressey, 1958, pp. 27–44).
إن طبقات الصخور العميقة الخازنة للمياه الجوفية في حاجة إلى الحفر الاستكشافي باتباع أساليب الحفر الرحوي، وقد حفرت آبار ارتوازية تتراوح أعماقها من 1000–1600 متر في بعض المناطق الجافة، وهذه الآبار الارتوازية تتدفق تلقائياً مما يثير سكان هذه المناطق لدرجة عظيمة غير أن هذا التدفق الذي لا يخضع لضابط يؤدي في النهاية إلى التعجيل بانتهاء الضغط ونقص تدفق المياه بعد انخفاض منسوب المياه الجوفية. والآبار الارتوازية ليست متينة البناء على الدوام ولذلك يؤدي التسرب منها إلى امتزاج المياه المنبثقة من مختلف طبقات الصخور الخازنة التي تتفاوت جودة مياهها (Burdon, 1971, p.293).
إن غزو الرمال للأراضي الزراعية خطر يتهدد الحياة في واحات الصحراء، وينذرها بالدمار والخراب، فعندما يسرف الناس في ممارسة الرعي وقطع الأشجار والشجيرات تتفكك الرمال وتحملها الرياح في سهولة ويسر من مكان إلى مكان. وهي مشكلة واجهها الإنسان منذ أقدم العصور. وفي المناطق الجافة حيث تكون تعرية الرياح شديدة وفي مناطق الرمال المتحركة تواجه المستوطنات والأراضي الزراعية والطرق البرية وسائر المنشآت خطراً دائما هو خطر الرمال المتحركة والكثبان المتنقلة، فتراكمات الرمال تخنق المحصولات وتدمر الأراضي الزراعية (Hagedorn, 1977, p.119).
تبرز هذه الآثار البيئية المدمرة بشكل أوضح في الدول المتقاتلة، فالحروب توجه ضربة قاصمة للاقتصاد الوطني لتصير الدولة عاجزة أمام تدهور الموارد البيئية، وتنفق بلايين الدولارات لشراء الأسلحة بدلاً من استصلاح الأرض أو تحسين الوسائل الزراعية، ويذهب الشباب عادة للخدمة في القوات المسلحة تاركين الريف لرعاية الشيوخ الذين قد يهاجرون هم أيضاً إلى المدن أو ينزحون عن بلادهم بسبب الحرب.
وفي بعض الحروب تستخدم الأسلحة البيولوجية والكيمائية مما يؤثر على مظاهر الطبيعة تأثيراً عميقاً، فلقد استخدم الجيش الأمريكي مادة كيميائية تسمى Agent Orangeفي حرب فيتنام لإزالة الغابات من أجل منع المتسللين من الفيتناميين الشماليين وكان أثر ذلك مأساوياًّ للغابات والبشر والحيوانات على حد سواء. ويعتقد بعض العلماء بأن هذه المادة قد تؤدي إلى تغير دائم في بيئة المنطقة.
والحروب الداخلية مشكلة من المشكلات العويصة في بعض البلدان في العالم، فهؤلاء الناس يدمرون بيوتهم بأيديهم، ويخربون البنية الأساسية في بلادهم فهي أشد ضرراً من الحروب الخارجية؛ نظراً لأن مدى الدمار يتسم بالشمول.
إن من أسباب التصحر الخطيرة هجرة الناس من الريف إلى المدن بحثاً عن حياة أفضل. وهجرة الأيدي العاملة من دولة إلى أخرى تعد صورة أخرى من صور الهجرة الضارة، حيث تعبر أعداد كبيرة من العمال الحدود بين المملكة العربية السعودية واليمن وبين الولايات المتحدة والمكسيك. إنهم يتركون مزارع أسرهم في حالة راحة لسنوات عديدة، مما قد يتسبب في ضياع التربة عن طريق التذرية، وحتى إذا لم تترك الأرض في حالة راحة فسوف يتولى أمرها إما الأطفال غير المتمرسين بالزراعة أو الشيوخ الضعفاء الذين لا يقدرون إلا على زراعة جزء صغير من الأرض. أما المهاجرون فلن تنقطع صلتهم بطـــرق حياتهم التقليديـــة فحسب، بل لربما قلت مهارتهم في مجال الزراعة أيضاً. إنهم في الحقيقة يجنحون إلى التخلص من الزراعة عندما تتاح لهم أول فرصة في المدن.
هناك أسباب أخرى لعملية التصحر لن نستعرضها بالتفصيل لأنها نادرة الحدوث في البلاد الجافة ومنها:
1-   أخذ الإنسان يزيل مساحات واسعة من الغابات في المنطقة الاستوائية لأغراض الزراعة أو لاستخدامها للوقود أو التجارة.
2- وكان الصيد أيضاً أحد تخصصات الإنسان حيث قضي قضاء تاماًّ أو يكاد على أي حيوان من ذوات الدم الحار، يرى فيه خطراً عليه أو منافساً له، حدث ذلك في جميع الحضارات القديمة على وجه التقريب.
3- يتزايد عدد السكان في العالم بمعدل مزعج، وصار لزاماً على الدول الزراعية أن تنتج لهم الغذاء، فتتوسع في مجال الزراعة فتكثفها، أضف إلى ذلك أن تزايد السكان في منطقة ما يؤدي في المعتاد إلى اختلال التوازن بين السكان والموارد البيئية. وسوف يمضي الناس في مسعاهم للحصول على الطعام من أجل أطفالهم، بغض النظر عما تحدثه تصرفاتهم من أضرار للبيئة، وهنا تأتي مسألة أثر توزيع الثروة والعون الدولي في تخفيف الضغوط السكانية على المصادر الطبيعية. وثمة رابطة قوية بين الضغط السكاني على المصادر الطبيعية وبين طاقة العطاء للأرض، وفي البلاد الجافة قد يرى البعض أن خمسة أو سبعة أشخاص في الكيلومتر الواحد هم أكثر مما يجب، بحيث قد يؤدي وجودهم إلى نوع من أنواع الإسراف في استغلال الموارد الطبيعية في المنطقة، بينما في وادي النيل بمصر قد تصل الكثافة السكانية إلى أكثر من ألف شخص في الكيلومتر المربع الواحد.
4- يعد اتساع المناطق المدنية في بعض الأحيان من عوامل الدمار بالنسبة للأراضي الزراعية المجاورة. فعملية التمدن تمثل بعض المشكلات البيئية الخطيرة، وتتطلب المدن عادة تزويدها بالوقود الذي قد يؤخذ من الخشب، وإمدادها بالماء الذي يأتي في المناطق الجافة من المياه الجوفية في أغلب الأحيان، كما تتطلب أيضاً شق الطرق والشوارع. كما تؤثر المدن بصورة غير مباشرة على المصادر الطبيعية للقرى والواحات، وذلك بجذب أعداد كبيرة من العمال منها كما ذكرنا آنفاً.
5- وللتعدين والصناعة المترتبة عليه آثار ضارة بمظاهر الطبيعة، كمخلفات المصانع وآبار البترول بجوار الشواطئ فقد ينتج عن المخلفات السامة أثر دائم على البيئة.
6- كما أن السياح بسياراتهم وعرباتهم يسببون تذرية التربة، ويطؤون الغطاء النباتي، ويقلقلون الكثبان الثابتة، والحكومات قد يبلغ بها حرصها على السياحة أن تضحي بالبيئة نظير مكاسب قصيرة الأجل متجاهلة آثاراً بيئية يمكن حدوثها على المدى البعيد.
ولم تدخر الدول في أنحاء العالم جهداً لمكافحة التصحر، ومع أن التعاون العالمي مفيد ولازم في هذا المجال فينبغي أن تأخذ برامج مكافحة التصحر مع أخذها في الحسبان الاحتياجات الفردية لكل دولة من الدول، فما ينطبق على دولة متقدمة ربما لا يفي باحتياجات دولة في طريق النمو، لأن البرامج لمكافحة التصحر لا تأخذ في حسبانها الخصائص الطبيعية للبيئة فحسب، بل تهتم أيضاً بالخصائص الاجتماعية والاقتصادية والثقافية في الدولة، ومن هنا يعتمد نجاح البرنامج على مستوى الوعي البيئي والمقدرة الاقتصادية والخبرة التقنية للدولة، وكذلك درجة خطر التصحر.
وثمة بعض التوصيات الجيدة التي طرحها العلماء لمكافحة التصحر:
أولاً: اقترح هير Hare وكيتس Kates و وارن Warren (1977, pp.342–5) أنه ينبغي بذل الجهود للتغلب على التصحر والتخفيف من وطأة آثاره البيئية إلى أدنى حد ممكن بحيث لا يصبح الإنسان أحد عوامل عملية التصحر، وهم يوصون باتخاذ التدابير الآتية في مجال الأرصاد الجوية تخفيفاً لآثار الذبذبات المناخية:
‌أ-     الاستفادة من السجلات المناخية الموجودة.
‌ب-بذل المحاولات للتنبؤ بالاختلافات المناخية الفصلية وبين السنوية عن طريق النماذج modelling.
‌ج-  استخدام الوسائل المتقدمة للتنبؤ كصور الأقمار الصناعية على سبيل المثال.
‌د-    تعديل الطقس عن طريق تلقيح السحب Cloud–seeding أو غير ذلك من الأساليب.
أضف إلى ذلك أنهم يؤكدون أن التصحر يمكن السيطرة عليه، إذا ما طبقت مبادئ إدارة سليمة للأرض، مثل الاعتراف بفكرة المحافظة على الانتاجية وقدرة العطاء والتحمل لكل ظرف من الظروف الثقافية والبيئية، ومبدأ آخر عبارة عن تطوير خطط استخدام الأرض، بحيث تعالج النظام البيئي للأرض الجافة ككل. كما ينبغي أيضاً استخدام كل مورد من موارد الأرض بطريقة مناسبة فالاستخدام غير السليم لأي مورد من الموارد من شأنه في نهاية الأمر أن يؤدي إلى التصحر.
ثانياً: يثير بودين ( Bowden, 1977, pp. 397–408 ) نقطة جديرة بالاهتمام وشائقة للتخفيف من خطر التصحر، فبعد مناقشته للتصحر في السهول العظيمة Great Plainsبالولايات المتحدة اكتشف أن المزارعين في محاولتهم تخفيف الأزمة كيفوا أنفسهم مع بيئة السهول العظمى منذ التسعينات من القرن التاسع عشر، وكان من نتائج هذا التكيف أن زادت مزارعهم من ناحية الحجم. ولاحظ أن أحجام المزارع قبل سنة 1890م كانت أحجاماً صغيرة متوسطها 65 هكتاراً، ومعظم تلك المزارع أفلست نتيجة للجفاف الذي حدث سنة 1890م. ونتيجة لذلك حدثت زيادة مطردة في حجم المزارع حيث بلغ متوسطها في هذه الأيام 283 هكتاراً، ومن المتوقع أن تستمر أحجام المزارع في النمو، بينما تنخفض أعدادها. وأطلق بودين Bowden على ذلك (الثورة الزراعية) التي تقوم على دمج المزارع، وتنبأ بنشاط هذه الحركة عند حدوث أي جفاف في المستقبل. ويصبح المزارعون في نهاية العملية مديرين للأموال والدولارات، وكثير منهم سيتخلى عن ملكية المزرعة، لتصبح شركة أسرية أو مزرعة تدار وفق عقد مبرم. وتوحيد المزارع يحقق عدداً من الأهداف، كتقليل عدد المزارعين وتخفيف الضغط عليهم، وجعل أعدادهم تتسم بالمثالية لإنجاز إدارة على جانب كبير من الكفاءة.
وتوحيد المزارع فكرة تبشر بالخير، فلقد نجحت في الولايات المتحدة، ومن الممكن نقلها إلى أجزاء أخرى من العالم، ولاسيما في العالم الثالث، حيث يمكن تطبيقها مع شيء من التعديل، فالمزارعون ينبغي أن يتملكوا أسهماً في المزرعة الكبيرة، وأن يعملوا فيها في الوقت نفسه. وهنا بمساعدة الحكومة طبعاً ستتاح لكل شخص فرصة امتلاك حصة في المزرعة، كما سيتاح للناس فرص عمل كثيرة، كما سيتحلون بدرجة أكبر من التسامح بخصوص الجفاف، فتستطيع المزارع ذات الحجم الأكبر من سواها أن تتحمل الخسارة، بينما لا تستطيع المزارع ذات الحجم الأصغر أن تفعل ذلك.
ثالثاً: اقترح دريجن (Dregne, 1976, pp.17–18) برنامجاً لمكافحة التصحر بالدول الفقيرة من أربع شعب:
1-   الالتزام الوطني في البداية لمكافحة التصحر وتتبعها حتى انتهائها.
2- توجيه برامج الإصلاح إلى أحسن المناطق ظروفاً حتى تتاح فرص أفضل للنجاح مما يشكل دفعة للاقتصاد إلى الأمام، فترتفع بذلك معنويات الناس، وتتأكد مشاركتهم في البرامج.
3-   إنشاء صناعات على نطاق ضيق تعتمد على الزراعة.
4-   العمل على تحسين القاعدة الوطنية الاقتصادية والتعليمية.
ويؤكد دريجن أن الشعب الأربع ينبغي تنفيذها واحدة وراء الأخرى، نظراً لأهميتها،  وعدم إمكان الاستغناء عن إحداها.
رابعاً: يعتقد الكثيرون أن التقنية هي العلاج الأوحد لجميع المشكلات المتعلقة بالتصحر، ومع ذلك فالاعتماد الكلي على التقنية الحديثة تعتوره الكثير من الزلاّت، بل نجده يؤدي في بعض الأحيان إلى التصحر، بدلاً من تجنبه، مثل سوء إدارة مياه الري، والإسراف في استغلال المياه الجوفية، وأنظمة الصرف التي تفتقر إلى الكفاءة، والترسيب والتغرين وضياع التربة الخصبة بسبب أنظمة الزراعة التي تخلو من الحكمة، ونقص الغطاء النباتي، والتحديد غير الكافي لموارد المياه (انظر  (Anaya–Garduno 1977, p. 407).
إن الإدارة السليمة للأنظمة البيئية بالأراضي الجافة مهمّة جداً، قبل تطبيق أي نمط من أنماط التجديد التقني، فالطرق التقنية والمعدات التي استخدمت بنجاح في المناطق الرطبة قد أسهمت في التصحر في البيئات الأكثر جفافاً، ولذلك ينبغي الاهتمام بالتقنية التقليدية المحلية التي يمكن بقليل من التعديل أن تكون أكثر ملاءمة من التغيير التقني الجديد بصورة جذرية، والسبيل لتحاشي سوء استخدام التقنية هو أن نلتزم بالأسلوب البيئي الذي يتعامل مع النظام البيئي الجاف لكونه كلاًّ متكاملاً، تتفاعل عناصره فيما بينها على نحو من التناغم والتماسك (United Nations,1977,p.46).
ولا يمكن لأي نظام تقني مهما بلغت درجة تقدمه أو اتصافه بالعملية أن يحقق النجاح إلا إذا اهتم بالبرامج التعليمية والتدريبية لنشر المعلومات، والمحافظة على سيطرة المجتمع على موارده، والعدل في توزيع هذه الموارد، وضمان مستويات للمعيشة تتسم بالأمان، والتغلب على معوقات النشاط البشري والحيواني (Anaya– Garduno, 1977, p. 407).
ويؤكد كلاودسلي تمبسون ( Cloudsley–Thompson,1977, p.116 ) بأن مشكلة زحف الصحراء هي مشكلة سياسية واجتماعية، كما يؤكد – أيضاً – أن الحلول العلمية معروفة منذ عقود على الرغم من أن أي أحد يعتقد بإمكان حل المسألة عن طريق التقنية وحدها، لابد أن يكون ممن يحلقون في عالم من الأحلام.
خامساً: اقترح بعضهم – أيضاً – أنه ينبغي تغيير الطقس والمناخ، حتى نتمكن من تخفيــــــف خطر التصحر في المناطــــــق الجافـــــة ، وأوصى بلاك وتارمي( Black & Tarmy,1963)  باستخدام الإسفلت كغطاء ، حتى تزيد الأمطار على أن يرش هذا الغطاء الإسفلتي قرب جسم مائي كبير. وطبعاً سيكون بياض albedo  هذا الغطاء الإسفلتي أقل من المناطق المجاورة، فتنشأ تيارات حمل حراري فوق الغطاء الإسفلتي، تشابه على نحو من الأنحاء فعل الجبل، إذ يجبر الهواء على الصعود لأعلى، مما يؤدي إلى التكثف وتكون السحب، فتتاح الفرصة لسقوط الأمطار.
وقد تعرضت هذه الفكرة للنقد، بدعوى أنها قامت على الحدس والتأملات النظرية، ولم تطبق بعد (انظر (Glantz, 1977, p. 316.
سادساً: أشار آخرون إلى توزيع غبار الكربون في الغلاف الجوي فمن شأن الكربون أن يمتص الإشعاع الشمسي في الغلاف الجوي الذي يؤدي إلى تسخين الهواء الذي حوله. ومن المفترض أن هذا المصدر الحراري يزيد من عملية التبخر فوق المسطحات المائية مما يؤدي إلى تكون السحب الركامية التصاعدية فوق سطح الأرض( Gray, et. al. 1976,pp. 355–356 ).  ويخشــــى أن يكون لهذه المادة آثــــار طويلة الأجل على البيئة نظراً لضرورة استخدامها بصورة مستمرة كلما احتيج إليها ( Glantz 1977, p.317 ).
سابعاً: اقترح آخرون إنشاء مناطق مياه مفتوحة في الأحواض المنخفضة بأفريقيا، لرفع معدل التبخر، وإيجاد مصدر مائي يحدث التبخر فوقه، وسيؤدي هذا بطبيعة الحال إلى زيادة بخار الماء في الهواء، غير أن المشكلة تكمن في أنه حتى في أشد فترات الجفاف الذي قد يحدث في أي مكان في العالم تنطلق كتل مائية ضخمة على شكل بخار ماء غير منظورة فوق رؤوس الناس. والسبب الرئيس للجفاف في جميع الأحوال تقريباً هو نقص العمليات الديناميكية القادرة على إنتاج الحمل الحراري الذي يسبب التبريد الذاتي adiabatic cooling. وبالتالي يكون تكوّن السحب أول خطوة لا غنى عنها لسقوط أي قدر من الماء على سطح الأرض (MacDonald, 1962, Quoted in Glantz,1977 ,pp.32122).
ثامناً: يمكن تعديل الطقس بتلقيح السحب Cloud–seeding وجرب ذلك في عدة دول محققاً قدراً محدوداً من النجاح. وفي الولايات المتحدة نجح مشروع حوض نهر كولورادو Colorado River Basin Project  في زيادة كمية الثلج بنسبة 30(Eagleman,1980, p. 279).
وأجريت تذرية السحب في فلسطين المحتلة خلال الفترة بين 1961 و 1965 باستخدام جزيئات أيودايد الفضة silver iodide particles فزادت كمية الأمطار بنسبة 18% خلال خمسة فصول عما كانت عليه في فترات عدم التذرية (Gabriel, 1967, p. 91–113). وأجريت تجربة تذرية السحب في جنوب استراليا من 1957 إلى 1959، ولكن لم يلحظ أي زيادة في كمية الأمطار (Smith, et. al., 1963, pp. 565–568).
تاسعاً: اقترحت تدابير أخرى للتخفيف من خطر التصحر، مثل تشجير الأراضي الجافة عن طريق الري الذي يعد أمراً جوهرياً لتثبيت التربة، وإيقاف غزو الرمال، وزيادة فرص المطر، فقد أشير إلى أن ثمة صلة بين الغطاء النباتي وسقوط الأمطار.
وأهم من ذلك هو وجود الماء، ولذلك فقد اقترح أن أفضل طريقة للتغلب على نقص الماء، إلى جانب تنمية الموارد المحلية، هو إحضاره من مناطق أخرى خارج المناطق الجافة، وأحد هذه المناطق هو القارة القطبية الجنوبية Antarctica ، حيث يمكن نقل جبال الثلج عبر البحار إلى مناطق مثل كاليفورنيا والمملكة العربية السعودية وأستراليا وكثير من دول أفريقيا.
وعلى كل حال فأفضل وسيلة للتخفيف من خطر التصحر هو اتباع خطة واقعية جيدة لا تأخذ في حسبانها محدودية الموارد الطبيعية بالمناطق الجافة فحسب، بل تهتم أيضاً باحتياجات السكان هناك. ويتبقى أن تضع الخطة في الحسبان الموارد المتاحة، ودرجة استعداد الناس للتعاون من أجل تنفيذ الخطة، بالإضافة إلى الطبيعة الهشة للنظام البيئي بالمناطق الجافة، واستغلال الموارد والتقنية المحلية والعمل على تطويرها.
لقد بذلت المملكة العربية السعودية جهوداً مضنية لمكافحة التصحر وحماية البيئة، وسنناقش هذا الموضوع من خلال دراسة أربعة موضوعات هي: حمى حرم مكة المكرمة وحرم المدينة المنورة، ونظام الحمى التقليدي، والدعم الحكومي لحركة المحافظة على الحياة الفطرية، وإقامة المناطق المحمية.
في الإسلام يحق لولاة الأمور بل عليهم أن يحموا أراضي إذا كان في حمايتها مصلحة عامة، كإدارة المراعي والغابات، ومستجمعات المياه، والحيوانات الفطرية والمحافظة عليها. وقد نهى رسول الله e عن الأحمية الخاصة بزعماء العشائر، وهي الأحمية التي لا ينتفع منها سوى زعيم القبيلة دون ضعفاء قومه، وشرع e حَمْى أراض في سبيل الله للمصالح العامة، كما زاد عليها الخلفاء الراشدون من بعده. فعلى ولاة الأمور أن يحموا أهم الأراضي وأنسبها لإصلاح المراعي وإدارتها ولرعاية الحيوانات الفطرية وإنمائها، ولحماية الغابات والتشجير فيها، وللمحافظة على مستجمعات المياه وتحسينها. ولولاة الأمور في داخل هذه الأحمية أن يمنعوا التعمير، وقطع الشجر والرعي والصيد، أو أن يقيدوه بحسب الأهداف المعينة لكل حمى.
وقد أعلن رسول الله e حرمي مكة المكرمة والمدينة المنورة مناطق محمية يحرم فيهما التعدي على الأحياء إلا ما تم استثناؤه. وفيما يلي بعض نصوص الحديث من كتاب "نيل الأوطار" للشوكاني تلقي الضوء على ذلك:
1- "عن ابن عباس قال: قال رســـول الله e يـــــوم فتح مَكَّة: إن هذا البلــــد حرام لا يعضد شوكه، ولا يختلى خلاه، ولا ينفَّر صيده، ولا تلتقط لقطته إلا لمُعَرِّفٍ فقال العبَّاس إلا الإذخــــــر، فإنـــــه لا بد لهم منه، فإنه للقيون والبيوت، فقال إلا الإذخر." والقين هو الحداد.
2-   "عن عطاء أن غلاماً من قريش قتل حمامة من حمام مَكَّة، فأمر ابن عبَّاس أن يفدى عنه بشاة."
3-   "عن علي عليه السلام قال: قال رسول الله e : المَدِينة حرم ما بين عَيْرٍ إلى ثور."
4- "وفي حديث علي عـــن النبي e في المَدِيْنَة: لا يختــــلى خلاها ولا ينفَّر صيدها، ولا يلتقط لقطتها إلا لمن أشاد بها، ولا يصلح لرجل أن يحمل فيها السلاح لقتال ولا يصلح أن تقطع فيها شجرة إلا أن يعلف رجل بعيره."
5-   "عن عبَّاد بن تميم عن عمه أن رسول الله e قال: إن إبراهيم حرَّم مَكَّة ودعا لها: وإني حرَّمت المَدِيْنَة كما حرَّم إبراهيم مَكَّة."
6-   "عن أبي هريرة قال: حرَّم رسول الله e ما بين لابتي المَدِيْنة وجعل اثني عشر ميلاً حول المَدِيْنَة حمى."
ويتضح من هذه النصوص قدم حمى حرم مكة المكرمة إذ إن النبي إبراهيم عليه السلام هو الذي حماه، كما أخبر بذلك رسول الله e ، أما حمى حرم المدينة المنورة فقد حماه رسول الله e . وبهذا فهما محميتان مقدستان سابقتان لنظام المناطق المحمية الدولي الذي بدأ بأول محميَّة وطنية بالعالم وهي محمية يلوستون Yellowstone عام 1872م.
الحمى: يعني المنطقة من الأرض التي تحمى من الرعي وقطع الأشجار، إنه نظام توفير احتياطات للرعي، حيث تترك الحشائش والأعشاب والأشجار دون مساس بها لمدة ممتدة من الزمن، ولا يجوز الرعي بها إلا تحت ظروف معينة، كاشتداد الجفاف على سبيل المثال. وهذا النظام أكثر انتشاراً في المناطق الغربية والجنوبية الغربية من المملكة، وهناك أحمية كثيرة يتفق الباحثون على أنها ترجع إلى ما قبل الإسلام، ويختلف الغرض من هذه الأحمية من مكان إلى آخر.
ولم يكن يوجد حمى في المناطــــق الوسطى والشرقية والشمالية، بل كان للقبائــل ما يسمونه "الديرة"؛ وهي منطقة القبيلة التي يعرفها ويعترف بها سائر القبائل. وكانت هذه المناطق مثار صراعات وحروب قبلية، فلما جاء الإسلام سعى جاهداً للقضاء على هذه الصراعات القبلية، وتحويل ولاء العربي من القبيلة إلى الدين. ولذلك فقد جعل الإسلام ضروريات ثلاثاً مشاعاً بين الناس: قال النبي e : "المسلمون شركاء في ثــلاث: الماء والكلأ والنار". ومع ذلك فلم يحرم الإسلام الحمى تحريماً مطلقاً لأن الرسول e وخلفاءه كان لهم حمى لحيوانات الجيش وغير ذلك من الأغراض.
وبعد توحيد المملكة العربية السعودية، توجه الناس بولائهم نحو الدولة وقادتها بدلاً من القبائل، واعتبروا الدولة كلها "ديرتهم" أو منطقتهم. وتم تطبيقه في الأراضي الحكومية فقط، وكان معنى ذلك أن الأحمية القديمة الشهيرة بالمنطقة الغربية أصبحت في مأمن، لأن أغلبها كان ملكاً خاصاً للقرى والقبائل. ولكن يختلف الحال في المناطق الأخرى فالصحراء في المناطق الوسطى والشرقية والشمالية من المملكة، هي أراض تملكها الدولة، ولذلك فهي مفتوحة لرعي الجميع، والبدو يدركون هذه الحقيقة تمام الإدراك.
ولا شك أن رعي الناس قطعانهم حيثما أرادوا، أضف إلى ذلك الحركة السريعة، قد أدت إلى التدهور السريع للمراعي. وتظهر آثار ذلك بجلاء ووضوح عندما تقارن أشجار الطلح التي وُفِّرت لها الوقاية والحماية في وادي حريملاء وأشجار الغضى Haloxylon persicum في غرب عنيزة وروضة خريم قرب رماح حيث حميت أيضاً نباتات كثيرة أغلبها السدرZiziphus spina–christi وحمى بني عباس في وادي نهوقة وغيره في منطقة نجران لحماية أشجار السدر وموازنتها بما حولها من بيئات غير محمية. فهذه المناطق تتميز عما سواها من البيئة الجافة بغطائها النباتي الكثيف، أما المناطق غير المحمية حولها فقد خلت من الأشجار. وهذا دليل آخر على أن الجفاف ليس هو العامل الأوحد المتسبب في تدهور المراعي.
ويعترف خبراء المراعي بأن المناطق المحمية من رعي الماشية تعد من العوامل المهمة في تقويم آثار الرعي، واتخاذ الخطوات والتدابير اللازمة لعلاج حالة الإفراط في الرعي. وهي غالباً تعد نقاط انطلاق لبرامج الإصلاح الرعوي rehabilitation ، ونشر بذور النباتات المحلية لإعادة الغطاء النباتي والشجري إلى حالته الطبيعية.
تظهر جهود الملك عبدالعزيز آل سعود في المحافظة على الحياة الفطرية في اهتمامه الكبير في حفظ عينات حية فطرية من الأنواع المهددة بالانقراض فيذكر كاروثرز(Carruthers, 1935,p.59) أن الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود قد أهدى نعامتين للسيد بيرسي كوكس Sir Percy Cox المندوب البريطاني الأول في العراق. كما أن جون فلبي (Philby, 1928,p.48) ذكر أن الملك عبدالعزيز قد أعد له مها صغيراً ولكنه مات قبل استلامه. ويذكر تشيزمان (Cheesman, 1926) أنه في 16 يناير عام 1924م قابل الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله  الذي سبق أن منحه الإذن بالقدوم للمملكة لجمع عينات من الطيور ودراسة ما بها من حياة فطرية في الهفوف وأن الملك عبدالعزيز سأله عن أشياء كثيرة ومنها النعامة العربية التي سبق أن أرسلها إلى السير برسي كوكس في لندن، وعن المها العربية أو الوضيحي التي سبق أن أهداها إلى ملك بريطانيا. ويذكر تشيزمان (Cheesman, 1926) أنه قابل الملك عبدالعزيز ابن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله مرة أخرى في 20 يناير 1924م في الهفوف لكي يرى العينات التي جمعها فأظهر الملك عبدالعزيز معرفة أكثر بالأنواع المختلفة من أي مثقف عربي قابله. وقد أخبره عن مدى سعادته بوجود قنبرة الصحراء Ammomanes فأخبره الملك عبدالعزيز "إنها الحُمَّرة إحدى أكثر طيورنا شيوعاً." قالها الملك عبدالعزيز معلقاً عندما أوضحت بأن هذا قد يكون طيراً جديداً بالنسبة لعلماء الطيور. وقد أطلق عليه منذ ذلك الحين Ammomanes deserti aziziنسبة لاسم الملك عبدالعزيز. ويذكر تشيزمان (Cheesman, 1926) أن الملك عبدالعزيز رحمه الله كان قد أهدى ملك بريطانيا خلال الحرب العالمية الأولى بزوج من المها (ذكراً وأنثى) ليحافظ عليه بسبب الصيد غير المنضبط الذي كان يمارس في شبه الجزيرة العربية.
المشاركة في الحملة العالمية لإنقاذ المها العربي:
بدأت بوادر قصة عملية المها operation oryx في عام 1959م عندما أجرى لي تالبوت Lee Talbot مسحاً للأنواع الآسيوية المهددة بالانقراض ونشر في مجلة أوريكس Oryx في مايو عام 1960م بعنوان: " A look at Threatened Species: A report on some  animals of the Middle East and Southern Asia which are threatened  with extinction
وقد ذكر في بحثه أن المها العربي قد تناقصت أعداده إلى ما بين 100 و200 رأس في آخر منطقة يوجد بها وهي أقصى جنوبي الربع الخالي بسبب حملات الصيد السنوية. وقد أبدى قلقه من انقراض المها تماماً من بيئاته خلال سنوات معدودة. والذي يوجد في الأسر عدد قليل لا يتناسل منها بصورة جيدة سوى ما يوجد في حديقة حيوانات الرياض. وفي عام 1963م صدرت موافقة جلالة الملك سعود بن عبدالعزيز رحمه الله على إهداء أربع من المها إلى القطيع العالمي. وتأخر نقل هذه الحيوانات حتى 14 مارس 1964م حتى تبرعت شركة "بان أميركان" بنقلها من الرياض إلى بيروت ومن هناك إلى روما ثم إلى نابولى حيث تم وضعها في الحجر الصحي لمدة شهرين قبل نقلها إلى نيويورك في نهاية شهر مايو، ومن هناك نقلت إلى حديقة حيوان فينكس في أريزونا التي وصلتها بتاريخ 16/7/1964م. وقد قام جريموود Grimwood بالسفر شخصياً إلى الرياض لاستلامها. وكانت تعيش مع قطيع مؤلف من 13 مهاة في حديقة حيوان مدينة الرياض (Grimwood, 1964, p.223).
وقد أطلقت الأسماء التالية على الحيوانات الأربعة بعد وصولها إلى فينكس: الأنثى رقم 8 لوسي Lucy ، والأنثى رقم 9 كونيو Cuneo ، والذكر رقم 10 رياض Riyadh  والذكر رقم 11 عزيز عزيز Aziz Aziz. وقد وضعت الأنثى لوسي أول مولود ذكر يولد في حديقة فينكس بتاريخ 1/12/1964م إذ إنها كانت حاملاً من رفيقها السعودي (رياض) قبل نقل المجموعة من مدينة الرياض. وقد سمي الوليد شيرمان Sherman. كما وضعت لوسي أول أنثى تولد في القطيع العالمي يتاريخ8/9/1966م وسميت آني Annie ، كما وضعت كونيو وليدها الأول في حديقة فينكس بتاريخ 9/3/1968م وسمي إيرل Earl (Turkowski and Mahoney, 1964, p.712).
وتدل السجلات المحفوظة على أن جميع الحيوانات التي أرسلت إلى منطقة الشرق الأوسط فيما بعد هي من نسل الحيوانات الأربعة التي ساهمت بها المملكة العربية السعودية. وتلا ذلك إرسال عدد من المجموعات الأخرى إلى كل من المملكة العربية الأردنية وسلطنة عمان والمملكة العربية السعودية ودولة البحرين والإمارات العربية المتحدة.
كم أسس جلالة الملك خالد يرحمه الله مزرعة الثُّمَامَة التي تحولت الآن إلى مركز الملك خالد لأبحاث الحياة الفطرية، وفيها أعداد كبيرة من الغزلان والمها العربي وغيرها من الحيوانات المهددة بالانقراض ومثلت النواة الأولى لبرنامج عمل الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها. كما أن خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز امتنع عن الصيد، وعمل على الحد من إلحاق الأذى بالحيوان فمنع صيد المها العربي والغزلان منعاً باتاً، وأصدر نظام الصيد الذي حدد مواسمه ومناطقه ومنع استخدام البندقية بالصيد كخطوة أولى نحو إعادة التوازن البيئي في المملكة، وتبلورت لديه فكرة إقامة مناطق محمية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها.
2– حماية البيئة إحدى مواد نظام الحكم وأساس استراتيجي في خطط التنمية:
صدر النظام الأساسي للحكم الصادر بالأمر الملكي رقم أ/90 وتاريخ 27/8/1412هـ مشتملاً على ثلاث وثمانين مادة. وقد نصت المادة الحادية والثلاثون منه على: "أن تعنى الدولة بالصحة العامة وتوفر الرعاية الصحية لكل مواطن"، كما نصت المادة الثانية والثلاثون من النظام نفسه على أن: "تعمل الدولة على المحافظة على البيئة وحمايتها وتطويرها ومنع التلوث عنها."
وقد سنت القوانين الهادفة إلى تنفيذ هاتين المادتين ومنها: نظام المراعي والغابات ونظام المناطق المحمية، ونظام صيد الحيوانات والطيور البرية، ونظام صيد الثروات المائية الحية من المياه الإقليمية واستثمارها وغيرها من النظم الخاصة بصحة البيئة.
وقد بدأت خطط التنمية في معالجة مشكلات البيئة التي بدأت في الظهور بسبب التنمية الشاملة في جميع المجالات خلال العقود الماضية. فابتداء من خطة التنمية الخامسة (1410–1415هـ–1990–1995م) أصبح علاج المشكلات البيئية هاجساً للمخططين بالمملكة، حيث ورد فيها نص صريح بهذا الموضوع هو: "لقد صاحب التوسع الاقتصادي السريع في المملكة، وتحقيق معدلات في التنمية العمرانية لم يسبق لها مثيل خلال العقدين الماضيين، حدوث بعض الأضرار بالموارد الطبيعية والبيئية مثل: التلوث والأخطار الصحية الناجمة عن المعالجة غير الملائمة لنفايات النشاطات الصناعية والزراعية والحضرية، وتلوث الهواء في المدن الكبيرة والمناطق الصناعية، وتلوث البحار، ولا سيما في الموانئ وبالقرب من المجمعات الصناعية الكبرى ومحطات التحلية، وارتفاع مستوى المياه الأرضية في المدن، وتراكم المياه بالقرب من سطح الأرض، وارتفاع ملوحة التربة، والأخطار التي تواجه الحياة الفطرية، وانقراض بعض أنواع الحيوانات والسلالات، والحد من التباين الوراثي، علاوة على نقص احتياطي المياه الجوفية وتدني مستوى جودتها، ص 442).
وفي إطار المنظور البيئي للتنمية أكدت خطة التنمية الخامسة على أنه يمكن اعتماد الأهداف الآتية كأهداف بعيدة المدى:
1- تحسين نوعية الحياة، والارتقاء بمستوى رفاهية المواطنين، والحرص على توفير البيئة الخالية من التلوث، وبخاصة الهواء النقي، والمياه النظيفة، والغذاء الصحي.
2- تحقيق التنمية المتوازنة على أساس تحسين إدارة الموارد الطبيعية المتاحة، والطاقات الاستيعابية للبيئة، إضافة إلى إصلاح الأضرار البيئية الناجمة عن عدم الاهتمام بها.
كما أكدت خطة التنمية هذه على أنه – انسجاماً مع طبيعة أعمال البيئة التي ترتبط بمختلف القطاعات – سوف تتعاون الجهات الحكومية جميعها على تحقيق الأهداف الآتية خلال خطة التنمية الخامسة:
1-   حماية البيئة وأنظمتها والمحافظة على خصائصها الطبيعية، علاوة على صيانة المواد الطبيعية.
2-   حماية مختلف أنماط الحياة الفطرية في  المملكة وتطويرها، مع الحفاظ على التوازن البيئي، وتباين المصادر الوراثية الحيوانية والنباتية.
3- تحقيق توازن مستمر بين التوزيع السكاني والطاقات الاستيعابية للبيئة مع الأخذ في الحسبان آثار النمو السكاني والأنماط الاستهلاكية على قاعدة الموارد الطبيعية.
4- توفير الطاقة الكافية بتكلفة ملائمة، وبالطرق التي تحد من مخاطر تدهور البيئة، مع المحافظة على موارد الطاقة غير المتجددة، والاستفادة من إمكانات موارد الطاقة النقية المتجددة مثل الشمس والرياح.
5- تحقيق أعلى قدر ممكن من التنمية الصناعية التي تأخذ بأحدث أساليب التقنية المتاحة الملتزمة بالاعتبارات البيئية لتلافي التلوث في مراحل التصميم كلها، والإنشاء، والتشغيل لهذه الصناعات.
6- تحقيق الأمن الغذائي دون استنزاف للموارد، أو أضرار بالبيئة، إضافة إلى إصلاح قاعدة موارد المياه والأرض في المواقع التي تصاب بالتدهور البيئي (وزارة التخطيط، 1410هـ، ص ص 442–443).
وقد وضعت خطة التنمية السادسة (1415–1420هـ) أساساً استراتيجياً هو الأساس الاستراتيجي العاشر الذي يهتم بالبيئة والمحافظة عليها ونصه هو: "المحافظة على البيئة وحمايتها ومنع التلوث عنها من خلال تحقيق السياسات الآتية:
‌أ-     حماية البيئة وأنظمتها، والمحافظة على خصائصها الطبيعية، علاوة على صيانة الموارد الطبيعية.
‌ب-حماية مختلف أنماط الحياة الفطرية في المملكة وتطويرها، مع الحفاظ على التوازن البيئي، وتباين المصادر الوراثية الحيوانية والنباتية.
‌ج- تحقيق توازن مستمر بين التوزيع السكاني والطاقات الاستيعابية للبيئة مع الأخذ في الاعتبار آثار النمو السكاني والأنماط الاستهلاكية على قاعدة الموارد الطبيعية."
كان ثمرة اهتمام قادة هذه البلاد بحماية البيئة تأسيس أجهزة حكومية تعنى بالبيئة وشؤونها، فأنشئ جهاز لحماية البيئة بمصلحة الأرصاد وحماية البيئة، للاهتمام بالبيئة المحيطة بالإنسان، فهي تهتم بالمشروعات التي تؤثر سلباً في البيئة كالتلوث وإحداث الضجيج، أو ينتج عنها مخلفات سامة، وتراقب تصميم المشروعات لضمان تطبيق المعايير البيئة. وأقامت وزارة الزراعة والمياه متنزه عسير الوطني عام 1981م كأول منطقة محمية للنباتات والحيوانات البرية في المملكة العربية السعودية، وتبع ذلك تأسيس متنـزهات أخرى، وتبنَّت وزارة الزراعة والمياه أساليب متطورة للعناية بالمصادر الطبيعية، وجهاز لصحة البيئة في وزارة الشؤون البلدية والقروية، كما تأسست الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها بتاريخ 12/9/1406هـ. فالمملكة العربية السعودية يوجد بها أنظمة بيئية برية وبحرية متنوعة، بالإضافة إلى وحدات بيئية متباينة، تحتوي على أصناف متنوعة من النباتات والحيوانات. وقد سعت الهيئة منذ إنشائها إلى احتضان أعداد مختلفة وإنمائها من أنواع الحيوانات والطيور البرية التي كانت توجد بكثافة كبيرة في صحاري المملكة وجبالها وأصبحت مهددة بالانقراض. كما عملت على إجراء الدراسات والبحوث الأساسية والتطبيقية لطرائق معيشة مختلف الحيوانات الفطرية، وأساليب تكاثرها، بغية إكثار أعدادها، تمهيداً لإطلاقها في محميات تؤسس لهذا الغرض، أو في مواطنها الطبيعية السابقة في البرية. وتسعى الهيئة أيضاً في برامج موازية إلى حماية الغطاء النباتي الفطري  الذي يشكل القاعدة الأساسية في سلاسل الغذاء وإنمائها، حيث يعاني هو الآخر من تدهور واضمحلال. وتقوم الهيئة أيضاً بإجراء البحوث والدراسات الهادفة إلى حماية الأحياء البحرية النادرة وإنمائها.
ويرعى صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس لمجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام جهود حماية البيئة في أعلى مستوياتهــــا، فهو رئيس مجلس إدارة الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها، كما أن مصلحة الأرصاد  وحماية البيــــئة أحد أجهزة وزارة الدفاع والطــــيران. ويبذل صاحب السمو الملكي الأمير سلطان الكثير من الوقت والجهد والمال للارتقاء بالوضع العام للبيئة إلى مستوى مشرف، يعكس ما تلقاه البيئة من دعم من لدن خادم الحرمين الشريفين ورعايته. وتقديراً للجهود التي يبذلها سموه في رعاية البيئة وحمايتها والحفاظ عليها فقد جرى منحه "درع البيئة العربي" لعام 1991م، كما نال لقب "رجل البيئة العربي" لعام 1996م، واختارته وكالة وتنس الدولية ضمن العشرة العازمين على إنقاذ بيئة كوكب الأرض.
كما أن صاحب السمو الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية والعضو المنتدب للهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها لم تشغله السياسة وأمورها عن الاهتمام بالمحافظة على ما تبقى من الحياة الفطرية في المملكة، وتنميته وإعادة توطينه. فهو رائد إنماء طائر الحبارى الذي أسس له مركزاً كبيراً في الطائف، تعمل به كفاءات عالمية ومحلية، لفك لغز التكاثر عند هذا الطائر العجيب. وقد نجح المركز في إجراء العديد من التجارب حتى تمكن أخيراً من النجاح، وبدأ طائر الحبارى يتكاثر بأعداد جعلت البحث عن ملاجئ له عملية ضرورية. وقد جرى تسمية أربعة مواقع لهذا الغرض هي التيسية والجندلية ونفود العريق وسجا وأم رمث. كما أن سمو الأمير سعود الفيصل هو رائد تأسيس المحميات الطبيعية في المملكة، بل إن القريبين من الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها يعرفون أن المحميات الأولى كان معظمها من اختياره، فهو عارف ومتخصص بصحراء هذه البلاد، يعشق السفر والترحال بها، ويتمنى لو عادت صحراء المملكة لما كانت عليه. ويؤمــــن سموه أن المواطن هو مصــــدر نجاح المحافظـــة على الحياة الفطرية فدونه لا يمكن تحقيق شيء مثمر. وقد كان سموه رائداً مرة أخرى في إنشاء لجان الاتصال المحلية التي يجري تشكيلها من السكان المحيطين بالمحميات. وقد كانت فكرة رائعة، فقد نجحت نجاحاً باهراً في محمية عروق بني معارض ومحمية الوعول بحوطة بني تميم. كما زار المحميات بنفسه مرات عديدة، يقود سيارته بنفسه، ويلتقي المواطنين، ويحرص على المواءمة بين حاجات الناس المحلية من رعي وخلافه والحاجة إلى تخصيص مواقع للحياة الفطرية. وبقيادة سمو الأمير سعود الفيصل للهيئة فقد نالت عدة جوائز تقديرية عالمية، منها جائزة بنكاسيا العالمية، وشهادة جمعية أصدقاء الأرض الدولية، وشهادة جماعة السلام الأخضر الدولية، وجائزة فريد باكارد للمتنـزهات والمحميات، وشهادة جمعية الحياة الفطرية الأمريكية.
نتيجة لوجود عدد من الأجهزة الحكومية التي تهتم بالبيئة أو أحد جوانبها فقد ظهرت الحاجة الملحة للتنسيق بين هذه الجهات لتنفيذ ما يخصها. فأنشئت لجنتان للتنسيق بين هذه الأجهزة هما: لجنة تنسيق حماية البيئة واللجنة الوزارية للبيئة.
لقد صدر الأمر السامي الكريم رقم 7/م/8903 وتاريخ 21/4/1401هـ بإنشاء لجنة دائمة للتنسيق بين أعمال الوزارات والأجهزة الحكومية التي يرتبط موضوع حماية البيئة بها، وتكون عضويتها على مستوى وكلاء الوزارات أو الوكلاء المساعدين، ويرأسها سمو وزير الدفاع والطيران، وينوب عن سموه في الرئاسة سمو نائب وزير الدفاع والطيران. ويقوم رئيس مصلحة الأرصاد وحماية البيئة بمهام وواجبات أمين عام لجنة التنسيق إلى جانب عضويته فيها. والجهات الحكومية ذات العلاقة هي: (وزارة الداخلية، ووزارة الشؤون البلدية والقروية، ووزارة الصناعة والكهرباء، ووزارة التخطيط، ووزارة الصحة، ووزارة البترول والثروة المعدنية، ووزارة الزراعة والمياه، ووزارة المواصلات، ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، ووزارة التجارة، والهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس). وفي سنة 1411هـ أضيفت لها (الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها، والمؤسسة العامة للموانئ). وحددت مهامها بما يلي:
1-   دراسة ما ترفعه مصلحة الأرصاد وحماية البيئة من أنظمة تتعلق بشؤون حماية البيئة وإقرارها ثم رفعها لمجلس الوزراء.
2-   اعتماد الدراسات والتقارير المقدمة من مصلحة الأرصاد وحماية البيئة.
3- إقرار اللوائح والتعليمات الواجب اعتمادها وتطبيقها من قبل جميع الأجهزة الحكومية في مختلف مناطق المملكة، ورفعها إلى مجلس الوزراء للتصديق عليها.
4-   إقرار الإجراءات والتعليمات التي يقتصر تطبيقها على جهات حكومية معينة.
5-   اعتماد خطط مصلحة الأرصاد وحماية البيئة وبرامجها ومشاريعها.
6-   توجيه مصلحة الأرصاد وحماية البيئة حول مجال الدراسات والمعلومات الواجب توافرها في الأمور ذات العلاقة بحماية البيئة.
7-   تنسيق النشاطات ذات الطابع البيئي بين الأجهزة ذات العلاقة في المملكة.
تعد "لجنة تنسيق حماية البيئة" هي اللجنة التحضيرية للجنة الوزارية للبيئة التي صدر الأمر السامي الكريم بتشكيلها برقم 5/ب/5635 وتاريخ 14/4/1410هـ برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام وعضوية أصحاب السمو الوزراء وسمو مساعد وزير الدفاع والطيران لشؤون الطيران المدني والوزراء من الجهات الحكومية التالية: (وزارة الداخلية، ووزارة الخارجية، ووزارة الشؤون البلدية والقروية، ووزارة الزراعة والمياه، ووزارة المالية والاقتصاد الوطني، ووزارة البترول والثروة المعدنية، ووزارة الصناعة والكهرباء، ووزارة الصحة، ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، ووزارة التجارة، ومصلحة الأرصاد وحماية البيئة). وحددت مهامها بما يلي:
1-   إعداد وجهة نظر المملكة وموقفها من القضايا البيئية على المستوى الدولي والإقليمي.
2-   تحديد موقف المملكة ووجهة نظرها في المؤتمر العالمي للمناخ.
3-   وضع الاستراتيجيات والسياسات البيئية على المستوى الوطني .
4-   تنسيق النشاطات البيئية في المملكة العربية السعودية ومتابعتها.
ويقوم رئيس مصلحة الأرصاد وحماية البيئة بمهمة الأمين العام لهذه اللجنة.
على الرغم من أن بعض النظم والقوانين قد اختصت ببعض مظاهر البيئة الطبيعية منذ القدم، إلا أن قوانين المحافظة على البيئة في شكلها الحالي لم تظهر إلا قريباً، كرد فعل على التطور الهائل الذي أصاب مختلف نواحي الحياة في العالم، وأدى إلى استغلال مكثف غير مرشد لمصادر العالم خاصة ماله علاقة بالحياة الفطرية. وأصبحت الدعوة للحفاظ على الحياة الفطرية والبيئة الطبيعية تجد القبول في العالم ككل إما بدوافع دينية، أو دوافع جمالية، أو دوافع نفعية استثمارية سواء سياحية بيئية أم تجارية في منتجات الحياة الفطرية نفسها.
ولكن المحافظة على الحياة الفطرية ليست الشيء الوحيد الذي تهتم به الدول كما أنها ليس لها الأولوية المطلقة، فهي تتنافس مع التنمية الاقتصادية بجميع أشكالها وحفظ حقوق المجتمع ومصالحه. ولذلك يجري إيجاد توازن بين اهتمام الدولة بالمحافظة على البيئة وبين المتطلبات الأخرى للدولة. وعندما ينظر المرء إلى عدد الأنظمة الصادرة بالمملكة ينشرح صدره لهذا التقدم في هذا المجال، والحقيقة أن الأنظمة دون تطبيق حازم لها تصبح "أنظمة ورقية" لا تسمن ولا تغني من جوع. ومن هذه الأنظمة:
1-     نظام الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها.
2-     نظام المناطق المحمية.
3-     نظام الغابات والمراعي.
4-     نظام صيد الحيوانات والطيور البرية.
5-     نظام صيد واستثمار وحماية الثروات المائية الحية في المياه الإقليمية للمملكة العربية السعودية.
6-     لائحة الحجر الزراعي.
تأسست بموجب هذا النظام هيئة وطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها باسم "الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها" وذلك بالمرسوم الملكي الكريم رقم م/22 وتاريخ 12/9/1406هـ من خمس عشرة مادة. وللهيئة شخصية اعتبارية مستقلة وترتبط برئيس مجلس الوزراء، وقد أوضحت المادة الثالثة من هذا المرسوم المسؤوليات المنوطة بالهيئة:
المادة الثالثة:
الغرض الأساس للهيئة هو العناية بالحياة الفطرية البرية والبحرية في المملكة والمحافظة عليها، وحمايتها، وإنمائها وإجراء بحوث علوم الأحياء، وتجميعها وتطبيقها بما يكفل التوازن البيئي ويشمل ذلك، دون تحديد لاختصاصاتها، القيام بما يلي:
1- تشجيع البحوث العلمية وإجراؤها في مختلف حقول علوم الحياة وخاصة ما يتعلق منها بالكائنات الحية التي تعيش في البيئات الفطرية.
2- إثارة الاهتمام بالقضايا البيئية المتعلقة بالحياة الفطرية، ومحاولة إيجاد الحلول المناسبة لها عن طريق عقد اللقاءات والندوات والمؤتمرات.
3- إجراء مسح شامل للبحوث، والدراسات المتعلقة بالحياة الفطرية، والبيئية الطبيعية في المملكة المنشورة في مختلف مصادر المعلومات المحلية أو العالمية والعمل على تحديثها.
4- تطوير خطط ومشاريع تهدف إلى المحافظة على الحياة الفطرية في بيئتها الطبيعية وتنفيذها، واقتراح إقامة مناطق محمية، وملاذات للحياة الفطرية في المملكة وإدارتها، وتطبيق الأنظمة والتعليمات الخاصة بتلك المناطق.
5- التنسيق مع مصلحة الأرصاد وحماية البيئة والأجهزة الحكومية، والمؤسسات العلمية ومراكز البحوث في المملكة لتحقيق أهدافها ومنع الازدواج في مجهوداتها.
بعد تأسيس عدد من المحميات في أنحاء متفرقة من المملكة استجابة للفقرة (4) من المادة الثالثة من "نظام الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها" السابق ظهرت الحاجة إلى نظام صريح لهذه المناطق المحمية يحدد إجراءات إعلان المناطق المحمية، مع إيجاد مستويات متدرجة من الحماية تتناسب مع ظروف كل منطقة محمية والأهداف التي تقام من أجلها هذه المنطقة، وكذلك تأكيد اختصاص الهيئة بإدارة المنطقة المحمية وما يستتبع ذلك من إيجاد خطط إدارة وتشكيل قوى حراسة، وبيان مالها وما عليها وتحديد جميع الأعمال المحظورة التي تعد مخالفة عند القيام بها في المناطق المحمية. وقد صدر هذا النظام بموجب المرسوم الملكي الكريم رقم م/12 وتاريخ 26/10/1415هـ ويتكون من ثماني عشرة مادة. وتنص مادته الثالثة عشرة على ما يلي:
المادة الثالثة عشرة:
مع عدم الإخلال بما تقضي به الأنظمة الأخرى يعد مخالفة لأحكام هذا النظام القيام في المناطق المحمية بأي عمل من الأعمال الآتية:
‌أ-     الصيد في جميع أشكاله ووسائله، ما لم يتم وفقاً للقواعد التي يصدرها مجلس الإدارة.
‌ب-التعرض لمسيجات المناطق المحمية.
‌ج-  الاحتطاب أو الرعي أو الزراعة أو التبعيل داخل المناطق المحمية ما لم يتم وفقاً للقواعد التي يصدرها مجلس الإدارة.
‌د- حصــــاد المواد النباتية أو جمعهـــــا أو تحطيم فصائلهـــــا أو قطعها أو تشويههـــــا أو استئصالها أو قطفها أو أخذها من المناطق المحمية بأي طريقة كانت أو إتلاف الأشجار الحية.
هـ- رمي النفايات والمخلفات بجميع أشكالها.
و - إحداث أي عمل له أثر سلبي على الأحياء الفطرية داخل المناطق المحمية لم ينص عليه آنفاً.
صدر نظام الغابات والمراعي بالمرسوم الملكي الكريم رقم م/22 وتاريخ 3/5/1398هـ (1978م) الذي أكد على أن تقوم وزارة الزراعة والمياه بالمحافظة على الغابات والمراعي وتنظيم أمر استغلالها في خمس وعشرين مادة.
وتأسيساً على هذا النظام فـــإن قطــــع الأشجار والشجيرات سواء لغرض خــــاص أو غرض تجاري أمر محظور، ويسمح بالرعي فقط في أماكن محددة، كما يمنع إقامة المباني في المناطق الزراعية. وتوضح المادتان (12) و (13) المحظورات في هذا النظام.
المادة الثانية عشرة:
‌أ- لا يجوز دون الحصول على الترخيص المنصوص عليه قطع أو اقتلاع أو الإضرار بأي شجرة أو شجيرة أو أعشاب من الغابات العامة أو القروية أو حرقها أو نقلها أو تجريدها من قشورها أو أوراقها أو أي جزء منها.
‌ب-لا يجوز إقامة المنشــــآت الثابتـــــة في مناطــــق الغابات العامة والغابات القرويـــــة إلا بتصريح من الوزارة كما لا يجــــوز إشعال النـــار أو استعمالها في هذه المناطق إلا لأغراض الطبخ والتدفئة مع اتخاذ جميع الاحتياطات والترتيبات اللازمة لمنع نشوب الحرائق.
‌ج- لا يجوز حرق بقايا المحاصيل الزراعية أو الأعشاب في الأراضي الزراعية الموجودة داخل الغابات أو القريبة منها منعاً لنشوب الحرائق.
المادة الثالثة عشرة:
لا يجوز الرعي في مناطق الغابات الآتية:
‌أ-     في أراضي الغابات المشجرة التي لم يمض على تشجيرها عشر سنوات.
‌ب-في الغابات التي جرى فيها حريق ولم يمض عليها عشر سنوات من تاريخ نشوب الحريق.
‌ج-  في أراضي الغابات المستثمرة بالقطع الكلي ولم يمض على قطعها خمس عشرة سنة.
‌د-    في الأماكن الأخرى التي ترى الوزارة ضرورة منع الرعي فيها لصيانة الغابات أو إجراء دراسات على الغطاء النباتي.
صدر نظام صيد الحيوانات والطيور البرية بموجب المرسوم الملكي الكريم رقم م/26 وتاريخ 25/5/1398هـ من تسع مواد، وتتولى وزارة الداخلية تطبيق النظام. وقد جاء في تقديم قرار مجلس الوزراء رقم 42 وتاريخ 10/5/1398هـ "أن المصلحة العامة تقتضي وضع نظام متكامل لصيد الحيوانات والطيور البرية يكفل الحفاظ على الثروة الحيوانية للبلاد بإتاحة الفرصة للحيوانات والطيور البرية للتكاثر، ويحقق في الوقت نفسه لهواة الصيد ممارسة رياضتهم في مواقيت معينة وفي الأماكن التي لا يترتب على ممارسة الصيد فيها مخالفة لقواعد الشرع الحنيف أو الإخلال بالمصلحة العامة".
وقد جاء في مواده الأربع الأولى ما يلي:
مادة (1): لا يجوز لأحد مباشرة الصيد بغير الحصول على ترخيص.
مادة (2): ترخيص الصيد شخصي لا يجوز التنازل عنه للغير، ويجب حمل رخصة الصـيد وإبرازها عند كل طلب من مندوبي الحكومة.
مادة (3): لا يجوز الصيد داخل حدود المدن والقرى، ولا في الأماكن والأوقـات التي يحظر الصيد فيها، ولا بالوسائل المحظور الصيد بها، وذلك وفقـاً لما تحـدده اللائحة التنفيذية لهذا النظام.
مادة (4): يجوز حظر صيد أنواع معينة من الحيوانات والطيور التي يخشى انقراضها.
وقد ورد في اللائحة التنفيذية لهذا النظام الصادرة بقرار وزير الداخلية رقم 457 وتاريخ 13/3/1399هـ التي تتكون من خمس عشرة مادة تفصيلات عن ضوابط الصيد منها:
مادة (6): يحظر صيد الغزلان والوعـــول حظراً تاماً كما يحظر صيد أي حيوانـــات أو طيور يجري الإعلان عن منع صيدها، وفيما عدا ذلك يجوز صيده وفقاً لما تقضي به هذه اللائحة.
مادة (7): يحظر الصيد داخل حدود الحرمين الشريفين كما يحظر داخل حدود المـدن والقرى وفي الجهات التي يجري الإعلان عن منع الصيد فيها كمـا لا يجوز الصيد في جزيرة أم القماري الواقعة قرب مدينة القنفذة إلا بتصريح خاص يحدد وسيلة الصيد والمدة المسموح بها على ألا يكون ذلك في فترة تفريخ الطيور.
مادة (8): يحظر الصيد ليلاً كما يحظر في غير فصل الشتاء وهو الفتـرة الواقعة بين العاشر من ديسمبر والعاشر من شهر مارس من الأشهر الشمسية.
مادة (9): يحظر استعمال بنادق الرش (الشوزن) وأي أسلحة أو وسائل تـؤدي إلى اصطياد أكثر من حيوان أو طير دفعة واحدة ويجوز الصيد بما عدا ذلك مثل الصقور والكلاب.
صدر نظام صيد الثروات المائية الحية واستثمارها وحمايتها في المياه الإقليمية للمملكة العربية السعودية بموجب المرسوم الملكي الكريم رقم م/9 وتاريخ 27/3/1408هـ من ثلاث عشرة مادة. وتتولى وزارة الزراعة والمياه بموجب هذا النظام التنسيق مع الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها في الإشراف على جميع أعمال الصيد والغوص وتنظيمها واتخاذ كل ما من شأنه تنمية وتطوير واستثمار وحماية الثروات المائية الحية في المياه الإقليمية للمملكة. وقد جاء في المادة الخامسة والمادة السادسة ما يحظر فعله.
المادة الخامسة:
لا يجوز لسفن الصيد أو الغوص الأجنبية استخراج الثروات المائية الحية من المياه الإقليمية  للمملكة إلا بترخيص من وزير الزراعة والمياه بعد موافقة رئيس مجلس الوزراء ويحدد بالترخيص أنواع الثروات المائية الحية المسموح باستخراجها والأوقات والأماكن التي يجــــوز فيها ذلك، فإن كانــــت السفن الأجنبية المشار إليها تعمل لحساب شركات أو مؤسسات وطنيـــة تمارس مهنة الصيد فيكتفى بالترخيص لها من وزير الزراعة والمياه فقــــط.
المادة السادسة:
لا يجوز قطع الأشجار أو الأعشاب النامية على سواحل المملكة، أو في الجزر التابعة لها، أو نقل الأتربة أو بيض الطيور والسلاحف أو أي مواد عضوية منها، أو القيام بردميات ساحلية إلا بعد موافقة وزارة الزراعة والمياه على ذلك بالتنسيق مع الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها.
صدرت هذه اللائحة بناء على قرار مجلس الوزراء رقم 207 وتاريخ 26/1/1396هـ من سبع عشرة مادة. وقد ورد في موادها الأربع الأولى ما يلي:
1- لا يسمح باستيراد مواد زراعية أو مواد تعبئة يشتبه في أنها ملوثة بالآفات والأمراض المبينة بالملحـــــق رقم (1)، ولوزارة الزراعـــــة اشتراط إجراء ما تراه من معالجــــــة للبضاعة قبل شحنها للمملكة. ولا يمنع ذلك من إعــــــدام الإرسالية كلياً أو جزئياً أو إعادة تطهيرها على حساب المستورد إذا اقتضت الضــــــــــــرورة ذلك.
2- لا يسمح بدخول أي مادة زراعية إلى المملكة ما لم تكن مصحوبة بشهادة صحية زراعية صادرة من الهيئة الرسمية للحجر الزراعي في البلد المصدر وفق النموذج رقم (2) أو صادرة من الهيئات الرسمية المختصة إذا لم يكن في البلد المصدر هيئة للحجر الزراعي.
3- لا يسمح لأي جهة باستيراد الحشرات النافعة أو المواد الزراعية المصابة بالآفات الزراعية أو المشتبه في إصابتها لغرض البحث العلمي والتجارب، إلا بإذن سابق من وزارة الزراعة والمياه.
4- يحظر دخول الرمل أو التربة مع الإرساليات الزراعية، وإذا كانت هذه الإرساليات من نوع الشتلات أو الفسائل أو العقيل أو الدرنات، فيمكن السماح بدخولها إذا كانت مغسولة من التربة قبل تصديرها وموضوعة داخل مادة حزم معقمة بموجب شهادة مصدقة من حكومة البلد المصدر.
1- الاتفاقية الإقليمية لحماية البيئة البحرية (Ropme) عام 1978م. وتختص هذه الاتفاقية بالخليج العربي وتشترك بها جميع الدول المطلة على الخليج.
2-   الاتفاقية الإقليمية لحماية البيئة البحرية للبحر الأحمر وخليج عدن عام 1982م.
3-   مشروع النظام الموحد لحماية الحياة الفطرية وإنمائها بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وما زالت المفاوضات بشأن هذا المشروع قائمة، ومن المتوقع أن تختتم قريباً. وهو يحوي 43 مادة في ستة فصول عن المناطق المحمية، والصيد، والاتجار بالكائنات الفطرية وبمنتجاتها، وأحكام عامة، وعقوبات.
1-         اتفاقية حماية التراث الثقافي والطبيعي العالمية عام 1972م، وقد انضمت المملكة إلى هذه المعاهدة عام 1398هـ (1978م).
2- اتفاقية حفظ الأنواع المتنقلة من الحيوانات المتوحشة (اتفاقية بون) عام 1979م وقد انضمت المملكة لهذه الاتفاقية عام 1410هـ (1990م).
3- اتفاقية التجارة الدولية في الأنواع المهددة بالانقراض من مجموعات الحيوان والنبات البرية (اتفاقية سايتس CITIES) (1973م) وقد أصبحت المملكة عضواً كاملاً بالاتفاقية عام 1416هـ (1996م).
تشارك المملكة العربية السعودية في المؤتمرات والفعاليات العالمية التي تنعقد لمعالجة شؤون البيئة، وقد كانت من ضمن الدول التي حضرت مؤتمر "قمة الأرض" في ريو دي جانيرو الذي صدرت عنه عدة اتفاقيات تختص بالتنوع البيولوجي والتغير المناخي ومكافحة التصحر. كما تحرص على المشاركة الفعالة في الندوات والمؤتمرات اللاحقة الهادفة لتنفيذ توصيات ذلك المؤتمر.
تقوم منظومة المناطق المحمية للموارد الفطرية المتجددة بالمملكة على تأكيد مفهوم الحمى التقليدي والتوسع فيه ، خاصة أنه يبدو حالياً في طريقه للاندثار، مع الاستفادة من خبرات الدول المختلفة التي سبقتنا في هذا المضمار. على أن يتوافر فيها الأساسان التاليان:
1- التمثيل الكافي لجميع البيئات الطبيعية في المملكة من أجل المحافظة على كل صور التنوع الأحيائي فيها وكذلك على مواطنها الطبيعية.
2- تشغيل المناطق المحمية واستغلال الموارد فيها بما يحقق تطورها، ويتيح فرص اختيار إجراءات تنفيذية مبنية على أسس اجتماعية–اقتصادية أفضل وتطبيق تقنية سليمة لتعزيز التنمية المستديمة sustainable development لنظم الموارد الطبيعية فيها.
ويمكن لنظام المناطق المحمية أن يحقق قدراً عالياً من الحماية للموارد الطبيعية ضد تعديات الإنسان وأن يحافظ على هذه الموارد لاستغلالها بأقصى قدر ممكن من الكفاءة، بحيث تحقق أكبر عائد مستمر لا يتأثر بمرور الزمن، وهذا هو أساس التنمية المستديمة sustainable development. وباختصار فإن من شأن هذا الإدراك الجيد لمفهوم الحمى على النطاق المحلي، أن يوفر مجال عمل مثالي نحو قيام منظومة من المحميات تناسب الاحتياجات المعاصرة للمملكة العربية السعودية.
ينبغي أن يتحقق لمنظومة المناطق المحمية شمولٌ كافٍ لكل ما يلي:
1- التنوع الطبيعي البيئي للبلاد، مع الأخذ في الحسبان أن التغييرات المناخية العالمية المتوقعة ربما تؤدي إلى تعديل التوزيع الأحيائي والجغرافي الحالي للأنواع والنظم البيئية.
2-   التنوع البيئي في البلاد بحيث يكون مبنياً على تحليل مكاني موثق لتوزيع المجتمعات النباتية الواسعة.
3- التنوع الأحيائي للبلاد الذي ينبغي أن يستقي من النطاقات الطبيعية لمجموعة أنواع ممثلة ولا سيما من تلك الأنواع التي تناقصت أعدادها بدرجة كبيرة، أو انقرضت تماماً من المواطن الفطرية.
4- جميع المناطق الأحيائية (البيولوجية) المهمة مثل مناطق المياه العذبة والأراضي الرطبة وغابات العرعر، والمرتفعات الرئيسة، ومناطق نباتات المنجروف (الشورة والقندل)، ومهاد الأعشاب البحرية، ومناطق الشعاب المرجانية التي تتعدى أهميتها الأحيائية حدود هذه المناطق.
لاشك أن إنشاء المحميات بأنواعها له قيمة عظيمة، حيث إنه يحفظ للعالم ثرواته الحية وجماله الطبيعي وبعده الحضاري. وتقدم المحميات فوائد مباشرة وغير مباشرة للمجتمعات المحلية والحكومات الوطنية. إضافة إلى ذلك فهي تقدم ما يلي:
1- تساعد في المحافظة على التنوع في المنظومات البيئية، والعمليات الإيكولوجية (بما فيها تنظيم تدفق المياه في الأودية والأنهار، والمناخ) ذات الأهمية الحيوية لدعم الحياة على سطح الأرض وتحسين الأحوال الاجتماعية والاقتصادية للبشر.
2- تحمي التنوع الجيني وتعدد الأنواع ذات الأهمية الحيوية في توفير الاحتياجات البشرية والطب مثلاً، كما أنها الأساس للتكيف البشري الاجتماعي والحضاري في عالم متغير.
3-   قد تمثل موطناً لمجتمعات محلية ذات تقاليد حضارية عريقة ومعرفة تقليدية بالطبيعة لا يمكن تعويضها في حالة فقدانها .
4-   للمحميات قيمة علمية وتربوية وحضارية وترفيهية وروحية مهمة.
5-   توافر فوائد مباشرة وغير مباشرة للاقتصاد المحلي والوطني.
6-   تمثل الأساس الذي يمكن من خلاله حفظ التنوع الأحيائي ودعم التوجه نحو مفهوم التنمية المتواصلة.
بدأت وزارة الزراعة والمياه منذ عام 1394هـ(1974م) في إنشاء متـنـزهات وطنية تحفظ ما فيها من حياة فطرية، وتكون مفتوحة للتـنـزه لعامة الناس، وقد تم تأسيس المتـنـزهات التالية:
1- متـنـزه عسير الوطني: يقع على مرتفعات جبال الحجاز (السروات) حيث طورت مواقع للتـنـزه (دلغان، القرعة، السودة، الهضبة، الجرة) حيث وفرت فيها جميع المستلزمات وتبلغ مساحته الإجمالية 450.000 هكتار.
2- متـنـزه سعد (خريص): يقع على بعد 110 كم في الشرق من مدينة الرياض على الطريق السريع الموصل إلى المنطقة الشرقية وتبلغ مساحته 140 كم2 زُرع في هذا المتـنـزه حوالي 40.000 شجرة من الأنواع الحراجية ووفرت فيه جميع الاحتياجات اللازمة للمتـنـزهين.
3- متـنـزه السكران ببلجرشي: يقع على بعد 14 كم من بلجرشي أنشئت به بعض التسهيلات للرواد تمهيداً لتحويله إلى متـنـزه وطني.
4-   متـنـزه رغدان بالباحة: يقع على بعد 1كم من مدينة الباحة تم عمل بعض التسهيلات فيه تمهيداً لتحويله لمتـنـزه وطني.
5- متـنـزه العيون بالأحساء: يقع على بعد 20كم من الهفوف وتبلغ مساحته 300 دونم زُرع به قرابة 300.000 شجرة، وعملت به بعض التسهيلات للمتنزهين (سُلم للبلدية بناء على موافقة معالي وزير الزراعة والمياه).
6- مشروع حجز الرمال بالأحساء (متـنـزه الأحساء الوطني): قامت وزارة الزراعة والمياه بدراسة زحف الرمال على واحة الأحساء، واستقر الأمر على تنفيذ مشروع لحجز الرمال المتحركة وذلك عن طريق زراعة الكثبان الرملية وتشجيرها ومن ثم استغلالها كمتـنـزهات حيث تم في هذا المجال إنشاء خط الدفاع الأول وطوله 20كم وعرضه يتراوح ما بين 250– 1000م وتبلغ مساحته الإجمالية 15.595 دونم زُرع بها حوالي 10.000 شتلة وعقلة أثل. تم إنشاء أربع مصدات نفذت متوازية مع المصد الرئيس بطول 5كم وعرض 400م لكل مصد بمساحة 2000دونم لكل منها ويبعد كل مصد عن الآخر ما بين 1.5– 2.5 كم وزرع بها قرابة 1.000.000شتلة وعقلة أثل (الشريف، 1410هـ،ص ص 62–63).
أنشئ برنامج ناجح لإيقاف حركة الرمال بغرس الأشجار والشجيرات بمنطقة الأحساء بالمنطقة الشرقية بالبلاد. فقد أنشأت وزارة الزراعة والمياه مشروعاً لحجز الرمال وتثبيت الكثبان الرملية عام 1382هـ، شمال شرق واحة الأحساء لإنقاذها من زحف الرمال وانسياقها عبر إقامة مصد رئيس طوله 20 كم وعرضه يتراوح ما بين 250–1000م.كما أقيمت خطوط دفاع شمال مشروع تثبيت الرمال الأساس في شمال العمران بالأحساء، حيث زرعت تلك الخطوط بالأشجار على شكل أربعة مصدات (الثاني، الثالث، الرابع، والخامس) على بعد 1–2.5 كم مما مكن من احتواء حقول كثبان الرمال الزاحفة، ووقف تدمير وتصحير الأراضي الزراعية شمال شرق واحة الأحساء.
وهناك طرق أخرى مستخدمة لوقف زحف الرمال هي النقل، وحفر الخنادق، والرصف، واستخدام الألواح، والتسوير، واستخدام زيت البترول. وكثبان الرمال النشطة المعرضة التي تذروها الرياح تجاه الواحات والكثبان المستقرة معرضة لأن تعود إلى سابق نشاطها لذا يجب حمايتها من أي نشاط بشري، وينبغي منع اقتراب الناس من هذه المناطق تماماً، لأن السيارات والتطعيس ووطء الحيوانات وإزالة الغطاء النباتي كلها أمور تؤدي إلى عدم استقرار الكثبان الرملية.
بما أن للرعي الجائر آثاراً مدمرة على الغطاء النباتي تؤدي إلى تعرية التربة وانهيار الأنظمة البيئية نتيجة لزيادة أعداد الحيوانات بما يفوق الحمولة الرعوية لتلك المواقع فقد اتجهت وزارة الزراعة والمياه إلى مكافحة تدهور المراعي بالمملكة عبر الآتي:
1–              إنشاء مسيجات من أجل حماية المواقع المتدهورة؛ لدراسة التعاقب النباتي وإجراء بعض التجارب على إدخال بعض الأنواع العلفية، غير أن مواقع المسيجات تتعرض للتعديات المستمرة من الرعاة بسبب عدم توافر إمكانات حراستها بشكل دائم.
2–              بما أن الغطاء النباتي في المناطق الجافة يستجيب لأي زيادة في رطوبة التربة إذا كانت هذه الزيادة في حدود التحمل البيئي للأنواع النباتية، فقد قامت وزارة الزراعة والمياه باستخدام طريقة نشر وتوزيع المياه من خلال إنشاء العقوم الترابية الكنتورية بارتفاعات تتراوح بين 70–120سم مما أدى إلى تحسن فعلي في الغطاء النباتي.
3–              ونتيجة لتضافر عدة عوامل كالرعي الجائر والاحتطاب والجفاف، فقد فقدت بعض المناطق الرعوية غطاءها النباتي. ولذلك لجأت وزارة الزراعة والمياه إلى زراعة المواقع المتدهورة ببذور بعض النباتات الرعوية والتي تم تأمينها من مناطق مشابهة بيئياً لبعض مناطق المملكة مثل أستراليا وأمريكا وسوريا وتونس والأردن ومصر والباكستان (انظر الشريف، 1410هـ، ص ص 64–68).
لا يوجد في المملكة العربية السعودية أنهار دائمة الجريان، غير أن الله حباها بموارد كبيرة للمياه موجودة في الطبقات الجوفية العميقة، وقد كانت موارد المياه السطحية في المملكة هي العنصر الذي كان يحدد نشوء المدن والقرى والزراعة. وقد أدى النمو الاقتصادي والاجتماعي السريع إلى تزايد الحاجة إلى مصادر أخرى للمياه والى معرفة المعلومات الدقيقة لأوضاع المياه للاسترشاد بها في استخدام المياه العذبة الثمينة والحفاظ عليها، وقد أولت وزارة الزراعة والمياه جل اهتمامها لدراسة مصادر المياه منذ عام 1386هـ، بوضع برنامج لإجراء الدراسات المائية، وقسمت المملكة إلى ثماني مناطق مسح هيدرولوجية وزراعية من أجل الحصول على معلومات كافية عن المياه والتربة والغطاء النباتي الطبيعي في المملكة. وقد كلفت هيئات وشركات استشارية عالمية بإجراء عمليات المسح الهيدرولوجي والزراعي، وتم إعداد تقارير شاملة للوزارة في الفترة من عام 1383– 1400هـ، تم خلالها تحديد الطبقات الحاملة للمياه الجوفية وتقدير مخزونها من المياه.
1– حفر آبار المراقبة والدراسات الجوفية للمياه:
تهتم وزارة الزراعة والمياه بتنمية المياه الجوفية وتنظيم استغلالها عن طريق تطبيق الأنظمــة الخاصة بالميـــــاه سواء للاستعــمال الزراعي أو الشرب، وللحيلولـــة دون تلوثها أو تردي نوعياتها ومن أهم الإجراءات والضوابط المستخدمة لذلك:
§       لا يتم حفر الآبار أياً كانت إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من وزارة الزراعة والمياه.
§       الإشراف على حفر الآبار الخاصة.
§       التحكم في استعمالات المياه.
§       حظر الحفر في بعض المناطق للمحافظة على المياه الجوفية والزراعات القائمة.
ونظراً لقيمة المياه الثمينة جداً في المملكة، فقد حرصت وزارة الزراعة والمياه على تجهيز مناطق المملكة بشبكة كبيرة وجيدة من آبار المراقبة وذلك لمراقبة المخزون المائي الجوفي.
2– سدود تخزين مياه الأمطار:
تهتم وزارة الزراعة والمياه ببناء السدود المختلفة لأغراض تخزين مياه الأمطار، والتحكم في الفيضانات أو لأغراض الري، وقد أدت سرعة تطور المدن والأرياف وزيادة النشاطات الزراعية إلى ازدياد الحاجة لاستكشاف مصادر جديدة للمياه والحفاظ عليها عن طريق بناء السدود على الأودية لتخزين مياه الأمطار وإطلاقها تدريجياً لتغذية الطبقات الجوفية وللوقايــــة من الفيضانات والإسهام في استصلاح الأراضي الزراعية، أو لتوفير مياه الشرب بعد تنقيتها أو المساعدة في توفيرها.
3– تحلية المياه المالحة:
أدى التطور السريع في المملكة إلى تزايد الطلب على المياه الصالحة للشرب بما فاق معه إمكان المياه المتاحة من المصادر الجوفية، وخاصة لبعض المدن الكبيرة. ولهذا بدأت المملكة في استخدام مياه البحار بعد التحلية للشرب عام 1327هـ في مدينة جدة وكان الإنتاج في بداية الأمر في حدود 4800–6400 م3 من المياه المحلاة يومياً، وتم تأسيس المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة وجرى إنشاء محطات للتحلية تنتج أكثر من 565 مليون جالون من المياه العذبة يومياً بالإضافة إلى إنتاج 4079 ميجاوات كهربائية يومياً تغذي المدن الساحلية وبعض المدن الداخلية.

4– الدراسات المناخية:
تولي وزارة الزراعة والمياه موضوع الدراسات المناخية أهمية كبيرة، ولقد أنشأت لهذا الغرض العديد من المحطات المناخية المتكاملة يزيد عددها عن خمسين محطة، كما أنها أنشأت خلاف ذلك بعض المحطات المتخصصة في أكثر من موقع من أجزاء المملكة المترامية الأطراف إما لأغراض قياس السيول في الأودية والفيضانات وإما لأغراض قياس الأمطار في مواقع محددة، وأما لقياس التبخر..الخ.
5– تنقية مياه الصرف الصحي:
أصبحت تنقية مياه الصرف الصحي وإعادة استعمالها جزءاً أساسياً من إدارة الموارد المائية في المملكة، والتي تقوم بها وزارة الزراعة والمياه، وتشمل استخدامات المياه المنقاة من المجاري للأعمال الزراعية والصناعية، وحقن الطبقات الجوفية الحاملة للمياه وفي إنشاء المتنزهات والمناطق الترفيهية وتجميل المدن بحيث يخصص أكبر قدر من المياه الجوفية المتوافرة لأغراض الاستهلاك المنزلي (الشريف، 1410هـ، ص ص 60–61).
إن دور المواطن في حماية البيئة دور عظيم فلن تنجح البرامج الوطنية لحماية البيئة بدون دعم كامل واقتناع تام من المواطن بأهمية ذلك.
وفي دول العالم الثالث حيث تتركز أغلب التنمية على المراكز المدنية يجد المرء أن الناس يهاجرون من الريف إلى المدن بحثاً عن حياة أفضل مما يجعل الريف محروماً من القوى العاملة وبالتحديد الشباب، وتترك الموارد الطبيعية والزراعية في رعاية الشيوخ والأطفال، ولذلك نجد هذه الموارد تتدهور تدريجياً. وقد أدركت المملكة العربية السعودية هذه المشكلة من واقع التجربة، ففي بداية التنمية انتقلت أعداد كبيرة من الناس إلى المدن، وسببوا مشكلات كثيرة، وفي الآونة الأخيرة أدت تنمية المناطق الريفية إلى التخفيف من هذه الهجرة، وينبغي أن تعطي تنمية المناطق الريفية أولوية قصوى في الخطط الوطنية في المستقبل، حتى يظل الريفيون في حقولهم، ولنتفادى حدوث هجرة عكسية مرة أخرى.
أ –               فالمواطن العادي ينبغي عليه الحرص على عدم تلويث الصحراء (بقايا أكياس الشعير، بقايا الرحلات القصيرة)، وعدم تلويث الشواطئ، وعدم تلويث الحدائق والمتنـزهات العامة. كما ينبغي عليه الحرص على النسبة المحددة من عادم السيارة للحرص على صحته أولاً وصحة أبنائه وصحة غيره من المواطنين من تركيز الرصاص المهلك الذي أثبتت بعض الدراسات ارتفاع نسبة تركيزه في دماء أطفال مدارس مدينة الرياض.
ب –               وينبغي على المواطن صاحب المصنع أن يحرص على عدم تلويث الهواء بأي أدخنة ضارة قد تكون لها تأثيرات سلبية على المجتمع، وأن يتخذ الإجراءات المناسبة لنقل المواد وتخزينها للحد من تأثيراتها السلبية على البيئة.
جـ – وينبغي على المواطن المزارع أن يهتم بالمستهلك فلا يستخدم من المبيدات إلا المسموح بها وبالنسب الضرورية فقط، كما يجب عليه عدم تلويث التربة والماء بمخلفات المبيدات والمواد السامة، وألا يسوق منتجاته بعد رشها بالمبيدات إلا بعد فترة طويلة تسمح لها بالتخلص من بقايا السموم التي تضر بصحة المواطن.
د –               وينبغي على المواطن المستورد أن يتقي الله فيما يستورد فلا يجلب حيوانات مريضة ولا نباتات ذات آفات قد يحلو لها الجو فتهلك الحرث والنسل لأن حيوانات ونباتات المملكة ربما لا تكون لديها مناعة من هذا المرض والآفة التي جلبت.
هـ –  وينبغي على المواطن المستثمر أن يبتعد عن تدمير الأراضي الزراعية، وأن يحافظ على جميع المناطق الأحيائية (البيولوجية) المهمة، مثل مناطق المياه العذبة والأراضي الرطبة وغابات العرعر، والمرتفعات الرئيسة، ومهاد الأعشاب البحرية، ومناطق الشعاب المرجانية التي تتعدى أهميتها الأحيائية حدود هذه المناطق، وأن يكف عن تجريفها وتدميرها.
أ –              الاهتمام بالنشء عن طريق تضمين مناهج التعليم العام والجامعي المفاهيم البيئية، وشرح ذلك بأسلوب جذاب وعاطفي يضمن تفاعلهم معها وإدراكهم لأهمية المحافظة عليها.
ب – تطوير أساليب التوعية البيئية وتكثيفها عن طريق جميع وسائل الإعلام بأسلوب راق مؤثر يجمع بين الصورة الجذابة والشرح الجميل والموازنات المعبرة بين حال البيئة في الماضي وحالها الآن وبين حالها لدينا وحالها لدى الدول المتحضرة الأخرى.
جـ –               تقديم دورات في العلوم البيئية لجميع الطلبة في الكليات، وكذا الطلبة في السنوات النهائية في علوم البيئة، ويوجه برنامج مبسط يخصص للكبار إلى الفلاحين والبدو. كما ينبغي أن يتضمن زيارات شخصية، فينبغي أن يعلم العامة بحقائق الموارد الطبيعية التي يستغلونها فلا غناء عن إدراك أهمية معرفة وظائف النظام البيئي للأراضي الجافة، ونقاط ضعف الأراضي الجافة، وأهمية صحة البيئة بشكل عام.
د –               على الأجهزة الحكومية المعنية متابعة تنفيذ النظم الصادرة لحماية البيئة وتطبيقها، وألا يكون هناك فجوة بين سن القوانين والنظم وتنفيذها.

المراجـــع
ملحوظة: لقد جرى الحصول على بيانات غير منشورة من الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها بالرياض ومصلحة الأرصاد وحماية البيئة بجدة عبر اتصالات شخصية من الباحث.
§         باقادر، أبوبكر أحمد، وآخرون، (1993م)، حماية البيئة في الإسلام، الطبعة الثانية الموسعة، سلسلة دراسات النظم والقوانين رقم (20)، الاتحاد الدولي لصون الطبيعة والموارد الطبيعية، جلاند، سويسرا؛ ومصلحة الأرصاد وحماية البيئة بجدة.
§         دراز، عمر عبدالمجيد، (1965م)، المراعي ووسائل تحسينها في المملكة العربية السعودية، مطابع الرِّيَاض، الرِّيَاض.
§         سنكري، محمد نذير، (1978م)، إدارة وتطوير مراعي المملكة العربية السعودية، المركز العربي لدراسات المناطق الجافة الأراضي القاحلة، دمشق.
§         الشريف، عبده قاسم، (1410هـ)، دور وزارة الزراعة والمياه في تنمية وإعمار الصحراء في المملكة العربية السعودية، ندوة حلقة الدراسات الصحراوية في المملكة العربية السعودية: مجالاتها والمهتمون بها، جامعة الملك سعود 23–25 ربيع الآخر (21–23 نوفمبر 1989م).
§         الشوكاني، محمد بن علي، (ت1255)، نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخيار شرح منتقى الأخبار، الجزء الخامس، دار القلم، بيروت.
§         الطريف، محمد بن سليمان، (1416هـ)، أنظمة المحافظة على الحياة الفطرية والمواطن الطبيعية في المملكة العربية السعودية، الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها بالرياض.
§         وزارة التخطيط، (1410هـ )، خطة التنمية الخامسة1410–1415هـ (1990–1995م)، وزارة التخطيط، الرياض.
§         وزارة التخطيط، (1417هـ ) خطة التنمية السادسة 1415–1420هـ (1995–2000م)، وزارة التخطيط، الرياض.
§         الوليعي، عبدالله بن ناصر ، (1416هـ)، المحميات الطبيعية في المملكة العربية السعودية، الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها.
§         الوليعي، عبدالله بن ناصر ، (1417هـ)، الجغرافيا الحيوية للمملكة العربية السعودية، مكتبة الملك فهد الوطنية بالرياض.
§         الوليعي، عبدالله بن ناصر ، (1417هـ)، جيولوجية وجيومورفولوجية المملكة العربية السعودية، مكتبة الملك فهد الوطنية بالرياض.
§         الوليعي، عبدالله بن ناصر ، (1417هـ)، "الجغرافيا الطبيعية والدراسات البيئية"، مجلة المنهل، العدد السنوي المتخصص (الجغرافيا والجغرافيون: الإنسان وجغرافية المكان)، (شوال وذو القعدة 1417هـ).
§         تشيزمان، أر. إي.، (1419هـ)، في شبه الجزيرة العربية المجهولة، ترجمة وتعليق عبدالله بن محمد المطوع ومحمد بن عبدالله الفريح، مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، الرياض.
§         فلبي، جون، ( د.ت. )، أرض الأنبياء ومدائن صالح، تعريب عمر الديراوي، المكتبة الأهلية ببيروت.
§         موزل، ألويز، (1417هـ)، أخلاق الرولة وعاداتهم، ترجمة وتعليق محمد بن سليمان السديس، مكتبة التوبة، الرياض.
§         Alwelaie, Abdullah N., (1985), The Role of Natural and Human Factors in the Degradation of the Environment in Central, Eastern, and Northern Saudi Arabia, Unpublished Ph.D. Dissertation, University of California, Riverside.
§         Alwelaie, Abdullah N., (1989), Factors Contributing to the Degradation of the Environment in Central, Eastern, and Northern Saudi Arabia, in A. Abu–Zinada, et al. (eds.), Wildlife Conservation and Development in Saudi Arabia, pp.31–61, The National Commission for Wildlife Conservation and Development, Riyadh.
§         Alwelaie, Abdullah, (1994), Protected areas in Saudi Arabia: Sustainable use of natural resources, GeoJournal, 34 (4), pp.383–392, (1994).
§         Alwelaie, Abdullah; Chaudary, Shaukat; and Wetaid, Yousef (1993), Vegetation of Some Red Sea Islands of the Kingdom of Saudi Arabia,  Journal of Arid Environments,  Vol. 24, pp. 287–296.
§         Anaya–Garduno, M., (1977), Technology and Desertification, Economic  Geography, Vol.53(4), pp. 407–412.
§         Aubreville, A., (1949), Climats, forests et desertification de l'Afrique  tropicale, Societe d' Editions Geographiques, Maritimes et  Coloniales, Paris.
§         Birks, J., (1981), The impact of economic development on pastoral  nomadism in the Middle East: an inevitable eclipse? in J. Clarke  and H. Bowen–Jones, (eds.), Change and Development in the Middle  East, pp. 82–94, Methuen and Co. Ltd., London.
§         Black, J. and Tarmy, B., (1963), The use of asphalt coatings to  increase rainfall, Journal of Applied Meteorology, Vol.2, pp.557–564.
§         Bowden, M., (1977), Desertification of the Great Plains: Will it Happen?,  Economic Geography, Vol.53 (4), pp.398–406.
§         Burdon, D., (1971), Exploitation of groundwater for agricultural  production in arid lands, in W. McGinnies  B. Goldman, and       P. Paylore, (eds.), Food, Fiber and the Arid Lands, pp. 290–300, The University of Arizona Press, Tucson, Arizona.
§         Choudsley–Thompson, J., (1977), Reclamation of the Sahara, Environmental Conservation, Vol.4 (2), pp. 115–119.
§         Cressey, G., (1968), Qanats, Karez, and Foggaras, Geographical  Review, Vol.48 (1), pp. 27–44.
§         Dregne, H., (1976), Desertification of a Crisis, in P. Paylore and R.  Haney, Jr., (ed.), Desertification: Process, Problems, Persprectives, pp. 12–22.
§         Dregne, H., (1977), Desertification of Arid Lands, Economic  Geography, Vol.53(4), pp. 322–331.
§         Dregne, H., (1978), Desertification: Man's Abuse of the Land, Journal  of Soil and Water Conservation, Vol. 33, pp. 11–14.
§         Eagleman, J., (1980), Meterology: The Atmosphere in Action, D. Van Nostrand Co., New York.
§         El Gabaly, M., (1977), Water in Arid Agriculture: Salinity and Water  logging in the Near East Region, Ambio, Vol.6, pp. 36–39.
§         Gabriel, K., (1967), The Israeli Artifical Rainfall Stimulation Experiment:  Statistical Evaluation for the Period 1961–65, in Mathematical  Statistics and Probability Symposium, University of California,  Berkeley Proceeding, V. 5, pp. 91–113.
§         Glantz, M., (1977), Climate and weather modification in and around arid  lands, in M. Glantz, (ed.), Desertification: Environmental  Degradation in and around Arid Lands, pp. 307–337, Westview Press, Boulder,  Colorado.
§         Goudie, A., (1981), The Human Impact: Man's Role in Environmental  Change, The MIT Press, Cambridge, Mass.
§         Gray, W.  Frank, W.  Corrin, M. and Stokes, C., (1976), Weather  Modifications by carbon dust absorption of solar energy, Journal of Applied Meteorology, Vol.15, pp. 355–386.
§         Grove, A., (1973), Desertification in the African Environment, in D.  Dalby and R. Harrison Church, (eds.), Drought in Africa, pp.  33–45, School of Oriental and African Studies, London.
§         Hagedorn, H., (1977), Dune Stablization: A Survey of Literature on Dune  Formation and Dune Stablization, German Agency for  Technical Cooperation, Ltd., (GTZ), Eschborn.
§         Hare. F.  Kates, R.  and Warren, A., (1977), The Making of deserts:  Climate, ecology and Society, Economic Geography, Vol.53(4), pp.  332–346.
§         Ibrahim, F., (1993), A reassessment of the human dimension of desertification, GeoJournal, Vol.31(1),pp.5–10.
§         Khatib, A., (1971), Present and potential salt–affected and waterlogged  areas in the countries of the Near East in relation to agriculture,  in FAO Irrigation and Drainage Paper 7, pp. 13–28, Salinity  Seminar Baghdad, Rome.
§         Kovda, V., (1980), Land Aridization and Drought Control, Westview Press, Boulder,  Colorado.
§         Le Houerou, H., (1977), The Nature and causes of desertization, in      M. Glantz, (ed.), Desertification: Environmental Degradation in and  around Arid Lands, pp. 18–25, Westview Press, Boulder, Colorado.
§         Peyre De Fabreques, B., (1970), Paturages natureles saheliens du and  Tamensa, Maisons Alfort, Institut d'Elevage et de Medecine  veterinaire des Pays Tropicaux (iemvt).
§         Sanford, S., (1982), Pastoral strategies and desertification: opportunism  and conservatism in dry lands, in B. Spooner and H. Mann,  Desertification and Development: Dryland Ecology in Social  Perspective, pp. 61–80, Academic Press, New York..
§         Sherbrooke, W. and Paylore, P., (1973), World Desertification: Cause and  Effect, Office of Arid Lands Studies, University  of Arizona, Tucson, Arizona.
§         Smith, E.  Adderley. E.  and Bethwaite, F., (1963), A Cloud–seeding  Experiment in South Australia, Journal of Applied Meterology, Vol.2, pp. 565–568.
§         UNEP, (1992), Status of Desertification and Implemntation of the United Nations Plan of Action to Combat Desertification, GCSS.III/3, Nairobi.
§         United Nations, (1977), Desertification: Its Causes and Consequences, Pergamon Press, New York.
§         Ware, H., (1977), Desertification and Population: Sub–Saharan Africa,  in M. Glantz, (ed.), Desertification: Environmental Degradation in  and around Arid Lands, pp. 166–202, Westview  Press, Boulder, Colorado.
§         Carruthers, D., (1935), Arabian Adventure to the Great Nafud in quest of the oryx, Witherby, London.
§         Cheesman, R.E., (1926), In Unknown Arabia, Macmillan and Co. Ltd., London.
§         Grimwood, I., (1964), Operation Oryx: The second stage, Oryx, vol. 7 (5), pp.223–225.
§         Harrison, D.L., (1968), The Mammals of Arabia, (vol.2), Ernest Benn Ltd., London.
§         Oryx, (1961), Arabian Oryx, Oryx  vol.6 (1), p.5.
§         Oryx, (1973), Spreading the oryx risk, Oryx vol. 12 (1), p.5.
§         Oryx, (1977), Arabian Oryx herd, Oryx, vol. 14 (1), p.83.
§         Oryx, (1978), Arabian oryx return to Arabia, Oryx vol. 14 (3), p.83.
§         Philby, John, (1928), Arabia of the Wahhabis, (Reprinted in 1977 by Frank Cass and Company Limited, London.
§         Philby, H. St. John, (1957), The Land of Midian,  Ernest Benn Limited, London.
§         Shepherd, A., (1965), Flight of the Unicorns, Elek Books, London.
§         Stanley–Price, M.D., (1989), Animal Reproductions, The Arabian Oryx in Oman.
§         Stewart, D., 1963, The Arabian Oryx (Oryx leucoryx Pallas), East  African Wildlife Journal, (East African Life Society, Nairboi) 1: 103–117.
§         Talbot, L., 1960, A look at Threatened Species: A report on some  animals of the Middle East and Southern Asia which are threatened  with extinction, Oryx, 5 (6): 155–306.
§         Turkowski, F.G. and Mahoney, G.C., (1964–1971), History, management, and behavior of the Phoenix Zoo Arabian oryx herd, Special Bulletin No.2, The Arizona Zoological Society.

جامعة الملك سعود

  حمله من هنا



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا