إمكانية استخدام الطاقة الشمسية في ليبيا
دراسة في جغرافية الخدمات
د. منصور علي قلية
كلية التربية العجيلات - جامعة الزاوية
مجلة كليات التربية - مجلة علمية محكمة - تصدر عن كليات التربية بجامعة الزاوية - العدد التاسع - نوفمبر 2017 - الصفحات 231 - 239 :
المقدمة
استخدم الإنسان الطاقة الشمسية منذ الأزل في تدفئة جسمه وملابسه وحفظ طعامه ، وقد حدثت تغيرات جوهرية على استغلال الطاقة
الشمسية من القرن الثامن عشر حتى القرن الحالي
،حيث فتحت آفاقاً جديدة للتطور داخل المدينة وحتى المناطق الصحراوية والقروية المنعزلة
‘ ولا تزال طرق استغلال الطاقة الشمسية في تطور مستمر(1) .
وفي الوقت الذي أدرك فيه العالم الصناعي ضرورة البحث عن مصادر بديلة للنفط والغاز
لتسيير عجلة الاقتصاد حيث يدفعون بمراكز الأبحاث لإيجاد وقود بديل إدراكاً للخطورة
كون النفط مادة غير متجددة فإن الأهمية الاستراتيجية صارت تستوجب التفكير في إمكانية
إيجاد بديل لو جزئياً، حتى يتم الاستغناء عنه على المدى البعيد مع ضرورة الصيانة والترشيد
في استثمارات موارده في الوقت الراهن والمتمثلة في إقامة مشروعات استثمارية استراتيجية
في مجال الطاقة المتجددة (الشمسية )، إذ تشكل الصحراء الليبية حوالي (95%) من مساحة
ليبيا الشاسعة ،كما أنها تمتلك كماً هائلاً من الإشعاع الشمسي على مدار السنة؛ مما
يؤهلها أن تكون في مقدمة الدول المصدرة للطاقة الكهربائية الشمسية ورائدة في إرساء
قواعد التعاون الدولي في هذا المجال .
((الباحث))
مشكلة البحث :
أصبحت ليبيا في السنوات الأخيرة تعاني
من نقص في التزود بالكهرباء ؛مما زاد في فترات انقطاع التيار الكهربائي يدوم لساعات
طويلة؛ مما أثر سلباً على المواطن وعلى الاقتصاد داخل الدولة وعليه فأن هذا البحث سيركز
على الطاقة الشمسية وإمكانية تحويلها إلى طاقة كهربائية.
أهمية البحث :
تكمن الأهمية في الاستفادة من الطاقة الشمسية وتحويلها إلى طاقة كهربائية والاستفادة
من كمية الإشعاع الشمسي الساقط على الأراضي الليبية ،أثبتت الدراسات العلمية بأن ليبيا
تتمتع بمصادر للطاقة الشمسية قابلة للاستثمار محلياً ودولياً حيث يتم التحول الحراري
المباشر للإشعاعات الشمسية إلى طاقة كهربائية عبر الخلايا الشمسية .
محاور البحث:
أولاً- التوزيع الجغرافي للإشعاع الشمسي :
يتأثر التوزيع الجغرافي للإشعاع الشمسي بدرجة الموقع المكاني بالنسبة لدوائر
العرض وعلى ذلك يعظم الإشعاع الشمسي عند الدائرة الاستوائية ويقل بالتدريج في اتجاه
القطبين ،وتستقيل الدائرة الاستوائية سنوياً من الإشعاع الشمسي ما يقدر ب4أمثال مقداره عند أي نقطة من القطبين الشمالي والجنوبي ، وتبعاً
لحركة الشمس الظاهرية فيما بين المدارين فإن أعظم فترات الإشعاع الشمسي تتمثل في فترات
تعامد الشمس على مدار السرطان في نصف الكرة الشمالي (الصيف الشمالي ).
وتعامدها على مدار الجدي في نصف الكرة الجنوبي (الصيف الجنوبي ) وعلى ذلك فإن
كمية الإشعاع الشمسي في المناطق المدارية كبيرة جداً إلا أنها تختلف من فصل إلى آخر
،خلال حركة الشمس الظاهرية فيما بين المدارين السرطان والجدي وتمر الشمس مرتين على
كل المواقع التي تقع في هذين المدارين وينتج عن ذلك تجمع أكبر كمية من الإشعاع الشمسي
فوق هذه المواقع من سطح الأرض .
فيما بين دائرتي عرض 23.5-66.5 شمالاً
وجنوباً فإن أعظم كميه للإشعاع الشمسي تحدث خلال فصل الصيف (الصيف الشمالي ) في نصف
الكرة الشمالي وخلال فصلي الشتاء (الصيف الجنوبي) ويقل الإشعاع الشمسي خلال فصلي الشتاء
(الشمالي والجنوبي في نصفي الكرة الارضية)أما فيما وراء دائرتي القطبين فأن أعظم كمية
للإشعاع الشمسي تتمثل هنا في فترتي الانقلابين الصيفيين (الشمالي والجنوبي في نصفي
الكرة الأرضية ) وقد تبين أن أعظم كمية سنوية للإشعاع تتمثل عند دائرة عرض 20 شمالا
وجنوبا- وذلك تبعا لجفاف الهواء عند هذه العروض المدارية وصفاء السماء وقلة السحب؛
لهذا تستقبل هذه المناطق أكبر قدر من الإشعاع الشمسي وتنعكس هذه الأشعة على شكل إشعاع
أرضي يؤدي بدوره إلى ارتفاع درجة حرارة الهواء الملامس لسطح الأرض (2).
وعلى ذلك فإن مناطق سطح الأرض التي
تقع فيما بين الدائرة الاستوائية من دائرة عرض 30(شمالا وجنوبا )ويمتثل فيها فائضُ
في الحرارة نتيجة لشدة الإشعاع الشمسي يقدر بنحو 200 الف كالوري (سعر حراري) بكل سم2 في السنة في حين تتعرض المناطق الواقعة فيما بين دائرتي
عرض 40،90(شمالاً وجنوباً) إلى نقصان في الحرارة تبعاً لقلة الحرارة المكتسبة عن مقدار
الحرارة المفقودة في هذه المناطق وبالنسبة للدائرة القطبية الشمالية ،فتبعاً لحركة
الشمس على الظاهرية يظهر الإشعاع الشمسي على شكل قمة واضحة خلال فصل الصيف عند تعامد
الشمس على مدار السرطان في نصف الكرة الشمالي وعلى شكل حوض ضحل مقعر خلال فصل الشتاء وعندما تتعامد الشمس على مدار الجدي ، في نصف الكرة
الجنوبي وعلى ذلك فإن الدائرة القطبية الشمالية تكون مشمسة لمدة ستة أشهر متصلة خلال
فصل الشتاء.
ثانياً - خصائص الطاقة الشمسية :
لجأ الإنسان إلى الاستفادة من ضياء الشمس في توليد الطاقة نتيجة لتوفر أشعة
الشمس بكميات كبيرة ،وهذه الطاقة لا تكلف شيئاً و ليس لها مخلفات ضارة ولا تنتج عنها
غازات ونواتج ثانوية ضارة بالبيئة ، كما في حالة أنواع الوقود التقليدية ؛ ولا تترك
وراءها مخلفات على درجة من الخطورة مثل النفايات المشعة التي تتخلف عن استعمال الطاقة
النووية .
إن استعمال الشمس في توليد الطاقة يقلل من نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو،
فعلى سبيل المثال تم حساب نسبة غاز ثاني اكسيد الكربون الناتجة من إنتاج الوحدات الكهربائية
ذات الشرائح الدقيقة وجد أنها تشكل أقل من 30% من مستوى ثاني أكسيد الكربون الناتج
عن تقنيات توليد الكهرباء بالطرق التقليدية ،وكلما زادت نسبة طاقة الكهرباء المولدة
عن طريق تقنيات الطاقة الشمسية كلما قلت نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون والانبعاثات الغازية
الأخرى .
إن الكهرباء الناتجة من الطاقة الشمسية لا تتطلب وقوداً بالمعنى التقليدي وليس
لها أضرار ناتجة عن عمليات المعالجة أو نقل الوقود ،وهذا يتم مقارنته بالآثار المترتبة
عن تعدين الفحم واستخلاص النفط (بما فيها من مضار التلوث الناتجة عن تسرب الوقود أثناء
النقل والتصنيع ،بالإضافة إلى الآثار المترتبة عن إعادة المعالجة والتخلص من الوقود
النووي ) فالطاقة الشمسية نظيفة لا تصدر عنها انبعاثات غازية ، لا تشكل مصدراً للضجيج
.
إن ضوء الشمس من الموارد التي تمتاز بالوفرة والتي يمكن الاعتماد عليها بدون
مقابل فلا تعجب إن علمنا أن حرارة شمس يوم واحد تكفي لمد الإنسان باحتياجاته من الطاقة
لمدة عام كامل وهي علي النقيض من أنواع الوقود اللاحفوري ذات الاحتياطات المحدودة ،
فضوء الشمس غير محدود الأصل وليس رصيداً قابل للنفاذ فحرق برميل من النفط يتبدد ويندثر
إلي الأبد ويلوث البيئة ولكن الشمس ثروة حقيقية عاش الكون عليها منذ خلقه الله وستظل
إلي ما شاء الله .
ومن خصائص طاقة الشمس أن الكهرباء المولدة عنها تفوق في كمياتها تلك المولدة
من الوقود التقليدي ،حيث إن كمية الطاقة الشمسية
التي تصل إلى سطح الأرض تعادل 5× 17 10 (500 مليون كيلو واط \ساعة ) وأن ما يمكن الاستفادة
منه فعلاً لا يزيد عن حوالي 30% من هذه الكمية (150 مليون مليار كيلو واط \ساعة) (3)وهو ما يسقط على اليابسة ،ومع
ذلك فإن هذه الكمية الكبيرة جداً تفوق الاحتياج الكلي للكهرباء المتوقع في ليبيا عام
2040 م مقدار
خمسة ملايين مرة.
ثالثاً- استعمالات الطاقة الشمسية :
بدأ استعمال الطاقة الشمسية في العصر الحديث من قبل العالم (كامينين ) وفي عام
1759 صنع (هنري دود) محركاً يعمل بالهواء الساخن ،وفي نهاية القرن التاسع عشر استعملت
الطاقة الشمسية في شيلي لتقطير الماء ،وفي سنة 1878 عرضت أول مطبعة في المعرض الدولي
بباريس بواسطة محرك بخاري يعمل بالطاقة الشمسية مستعملاً مجموعة من المرايا التي تعمل
على تركيز الإشعاع الشمسي (4)
إن استعمال الطاقة الشمسية لحد الآن يقتصر على دول معينة وعلى نطاق محدود في
الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا واليابان وألمانيا وفرنسا والصين ومن الدول العربية
المغرب والإمارات وغيرهما من الدول الصناعية المتقدمة .
وفي السنوات الأخيرة أصبح استعمال الطاقة الشمسية على نطاق واسع في مجالات عديدة
منها :- في المباني لتسخين الماء والهواء وتوليد الكهرباء وتحلية المياه، وفي الزراعة
المحمية في البيوت الزجاجية وتجفيف المحاصيل الزراعية ، وتوليد الغاز الحيوي وغيرها
من الاستعمالات الأخرى .
يمكن التركيز على استعمال الطاقة الشمسية في مجال توليد الطاقة الكهربائية لكي
يتم تكييف المباني وتوفير الظروف الطبيعية للسكان وهذا يتم باستعمال منظومات الخلايا
للطاقة الشمسية والوسائل الأخرى المساعدة في المباني لتوفيرها للتقليل من استعمال الطاقة التقليدية .
رابعاً- الطاقة الشمسية في ليبيا :
تعتبر الطاقة الشمسية من أهم مصادر
الطاقة المتجددة بليبيا و تسعى الدولة جاهدة
لتطوير مجال استخدامها على الرغم من أن الاهتمام باستغلالها يعتبر حديثاً تزامناً مع
إنشاء بعض من مراكز الأبحاث العلمية ، وبحكم الموقع الجغرافي أو الفلكي بين دائرتي
عرض 45 18 و 57 32 شمالاً فإن كمية الأشعة الشمسية تصل إلى 8كيلو
وات /الساعة للمتر المرابع الواحد، وساعات السطوع 3200-4000ساعة في السنة وتبلغ كمية
الطاقة الشمسية الساقطة على مساحة ليبيا خلال سنة واحدة 350×103(5.3مليارات) كيلة وات
/ساعة وهو ما يفوق 100000 مرة للاحتياج الكلي للكهرباء المتوقعة في ليبيا لعام
2040، يتركز التطبيق الحالي لاستغلال الطاقة الشمسية على التزود بالكهرباء ،وتسخين
المياه للأغراض المنزلية والتدفئة والتبريد والاتصالات وتحلية المياه وغيرها من المشاريع
الخدمية الأخرى ،وقد نفذت وصممت العديد من المشاريع التجريبية لاستغلال الطاقة الشمسية
؛ومن أهم مشاريع الطاقة في ليبيا مايلي :
1- مشروع تحلية المياه:
يعد مشروع تحلية المياه من أهم المشاريع التي تسعى الدولة لاستغلال الطاقة الشمسية
من خلالها، خاصة إن الوضع المائي يهدد بالخطر والنضوب وإن توفر فإنه يحتوي على نسبة
عالية من الأملاح تفوق المواصفات الصحية لمياه الشرب وإذ تؤكد الدراسات أن تملح المياه
الجوفية وأن كمية السحب من الخزانات تفوق التغذية الواردة إليها من الأمطار ،وهذا الوضع
يحتم ضرورة الالتجاء إلى تحلية المياه بالطاقة كبديل لتوفر مياه الشرب ،والاستغلال
لبعض الأغراض الزراعية.
وقامت ليبيا في السنوات الماضية بدراسة إمكانية إسهام الطاقة الشمسية في حل
مشكلة نقص المياه العذبة ، باستخدام المقطرات الشمسية ذات السقف الزجاجي المائل لتحلية
المياه عالية الملوحة ‘وتوصلت التجارب العلمية والدراسات النظرية إلى إمكانية الحصول
على 2-7 لتر من المياه يومياً من كل متر مربع .
وتعاني معظم المدن الليبية من نقص المياه وتملحها خاصة المدن الساحلية فمياه
مدينة طرابلس مثلاً تحتوي على نسبة عالية من الأملاح تصل إلى أكثر من 3000 جزء بالمليون
للخزان الجوفي ، وإجمالي الاستهلاك حوالي 750 مليون متر مكعب سنوياً مقابل تغذية سنوية لا تزيد عن 430 مليون متر
مكعب وبذلك يكون العجز المائي للخزان 430 متراً مكعباً .
كما أن مدينة بنغازي تعاني هي الأخرى من الملوحة المرتفعة التي تقدر بحوالي
2000 جزء بالمليون ، وبإجمالي استهلاك سنوي يقدر بحوالي 150 مليون متر مكعب مقابل تغذية
سنوية 65مليون متر مكعب ،لذا يصل العجز السنوي إلى حوالي 85 مليون متر مكعب، وتطبق
إمكانية إسهام الطاقة الشمسية في حل مشكلة نقص المياه في العديد من المدن الليبية منها
– طرابلس ،بنغازي ،سبها وغيرها من المدن وقد
أمكن الحصول على إنتاجية تقدر بحوالي 4 لتر لكل متر مربع يومياً وبتكلفة
تقل كثيراً عن المياه المحلاة بالطاقة النفطية ، لذا فهي طريقة مشجعة اقتصادياً خاصة
أن عمر الأجهزة المستخدمة يدوم أكثر من 25 سنة .
2-مشروع التحويل الكهرو شمسي :
من العوامل التي ساعدت ليبيا على التحويل الحراري للطاقة الشمسية موقعها الفلكي
بالدرجة الأولى وما تستقبله من إشعاعات شمسية وعدد ساعات السطوح الشمسي بالإضافة إلى
كبر مساحتها.
إن اول منظومة استُخدمت للتحويل الكهرو شمسي عام 1976م استعملت للحماية المهبطية
لأنبوب النفط الواصل بين حقل الظهرة وميناء السدرة وأنشئت
أول منظومة كهرو شمسية للاتصالات اللاسلكية عام 1980م بمنطقة زلة ثم توسع الاستغلال
الكهروشمسي من حيث الحجم وتوع التطبيقات ومن أهم تطبيقات التحويل الكهرو شمسي (الخلايا الشمسية ) :-
1- الحماية المهبطية لأنابيب النفط والغاز
2- ضخ المياه الزراعية .
3- محطات لإعادة الاتصالات اللاسلكية .
4- إنارة الشوارع .
5- مصدر لتغذية المحطات الإرصاد الجوية
.
وقد بلغ إجمالي الطاقة المولدة بمنظومة الخلايا الشمسية 66.5كيلووات كما توجد
إلى جانب هذا المشروع مشاريع أخرى تستغل من خلالها طاقة الشمس مثل البيت الشمسي والمحطة
البرجية الشمسية والتي ما زال الكثير منها في طور التصميم والتجريب .
3- مشروع استخدام الطاقة الشمسية في الزراعة :
تشهد ليبيا تطوراَ في مجال إنتاج الخضروات باستخدام
نظام الزراعة المحمية ( الصوبات )التي تحتاج إلى تقنيات خاصة أهمها الوقاية من الأمراض
التي تصيب المحاصيل في التربة ، وتستخدم عدة طرق للمكافحة بواسطة المبيدات الكيميائية
التي أثبتت الدراسات أنها تلحق ضرراَ بالإنسان والحيوان وتسبب تلوثاَ بيئياَ ، بالإضافة إلى التكاليف الباهظة
وصعوبة تطبيقها في الحقل؛ لذلك اتجه العلماء لإيجاد بديل عن المركبات الكيميائية باستغلال
المصادر الطبيعية التي لا تؤثر على البيئة والإنسان والحيوان لمكافحة الأمراض والآفات
الزراعية (5 )
بدأ العمل بهذا المشروع من قبل مركز الطاقة الشمسية
ومركز البحوث الزراعية مع كلية الزراعة وهو يهدف إلى استغلال الطاقة الشمسية لبسترة
التربة للقضاء على الآفات و الأمراض الزراعية وكبديل أفضل للمركبات الكيميائية ،وقد
أًجريت تجارب على هذ المشروع في منطقتي العزيزية وتاجوراء حيث تم تغطية التربة بغطاء بلاستيك أسود شفاف تقاس فيه
درجة حرارة التربة يومياَ ،كما تؤخذ عينات قبل وبعد موعد التغطية لدراسة الكثافة العددية
للفطريات والنيماتودا المسببة للأمراض ثم زرعت الصوبة بالمحاصيل فسجلت الأمراض التي
تصيبها ،كما تُجرى تجارب لدراسة البسترة الشمسية على الحشائش الضارة ،كما يتم تحليل
العناصر الغذائية للتربة وتقدير نسبتها قبل وبعد البسترة الشمسية .
وقد أظهرت النتائج الأولية للمشروعات أن استخدام
الطاقة الشمسية لبسترة التربة ملائم جدا في الظروف المناخية بليبيا ، فقد بلغ متوسط
درجات الحرارة المسجلة في تربة العزيزية 43-45
درجة مئوية وبمنطقة تاجوراء 40-42 درجة مئوية ، وهذه المعدلات كافية للقضاء
على معظم الكائنات المسببة للأمراض مثل الفطريات والنماتودا، كما بينت النتائج أن نسبة
الإصابة في النباتات المزروعة في الصوبات التي تمت معاملة تربتها بالطاقة الشمسية اقل
من 1 %بينما كانت نسبة الإصابة في التربة غير المعاملة تزيد عن 70 % ، وأثبتت النتائج
أيضا أن تأثير البسترة الشمسية على الحشائش الضارة ذات فائدة كبيرة في القضاء عليها
، خاصة عند تغطية التربة ببلاستيك .
4- مشروع قرية رأس لانوف:
يعد من المشاريع الاختيارية للتوصل إلى التطور الأفضل
للتقنية الشمسية في مجال الإسكان وقد ساعدت الظروف المناخية لمنطقة رأس لانوف على تحقيق
ذلك ، فالمناخ دافئ رطب جدا ومتوسط درجات الحرارة يتراوح ما بين 2-10 درجة مئوية في
شهر سبتمبر ، و 4-8 درجة مئوية في شهر فبراير ، والمتوسط السنوي للرطوبة 71% وتهب علي
المنطقة صيفا الرياح الشمالية الغربية والجنوبية والغربية والشمالية الغربية شتاء.
ومعدل سرعة الرياح يتراوح ما بين 3.5-8م/ث خلال السنة .
إن الظروف
المناخية السائدة شجعت على بناء نظام شمسي بأسهل وأقل التكاليف فالحرارة المعتدلة شتاء
تقلل من الوصول إلى درجة التجمد؛ مما يشجع علي بناء نظم شمسية ، والتغير الحراري اليومي
الضئيل يجعل الاستفادة من التبريد السلبي الليلي ممكنة، كما أن الرطوبة الجوية تقلل
من تأثير التبخر ، وعلية فإن الرطوبة تؤدي إلى زيادة مساحة الأجهزة .
تتكون قرية رأس لانوف التجريبية من مائة مسكن بتصاميم
ومنشأت ميكانيكية خاصة روعي فيها ملاءمتها للبيئة المحلية ، تضم القرية أربع مجاميع
رئيسية فهناك 20 مسكن إشارة و21 مسكناُ شمسياً
سلبياً و 27 مسكناً شمسياً ايجابياً مركزياً
و32 مسكناً شمسياً إجابياً، ولكل مسكن نظام خلفي للتدفئة والتبريد الكهربائي إضافة
إلى نظامها الشمسي .
ترصد من خلال المشروع متغيرات أهمها :
1- استهلاك الطاقة (تبريد-كهرباء-تدفئة-طاقه-شمسية).
2 – حركة الهواء داخل المساكن إضافة إلى الحرارة
أو الرطوبة وذلك لإعطاء صورة نسبية عن مدى الرفاهية داخل المسكن .
3-فعالية أنظمة التبريد والتدفئة.
4-العوامل المناخية الخارجية (حرارة، رياح، شمس،
رطوبة).
5-الخبرة التجريبية في مواجهة الأعطال .
وستقدم هذه القرية التجريبية آفاقاَ ومعارف جديدة حول صلاحية المساكن الشمسية في المناطق
الليبية ومن أهم نتائجها الثانوية أنها تسمح بمراجعة المعلومات والمعطيات الأساسية
المتعلقة بكل أوجه استغلال الطاقة الشمسية فقياس مستويات الشمس والحرارة والرطوبة على
مدار سنتين يتلقاها العاملون في المشروع ستتيح لهم المجال لتطبيق معارفهم وخبراتهم
في مجالات أخرى كالزراعة، والصناعة ،وتحلية المياه.
ويمكن اختصار أولويات لبرنامج علمي متكامل حول الطاقة
الشمسية في ليبيا علي النحو التالي :
1- إنشاء قاعدة
بيانات خاصة بالطاقة الشمسية في ليبيا في عدة مواقع ويتم اختيار هذه المواقع في عدة مناطق
جغرافية محددة لتكون مشروعاَ تجريبياَ أو تطبيقياَ مستقبلياَ.
2- متابعة التطور الحديث للتقنيات الحديثة في مجال
تقنية الألواح الشمسية على مستوى الأداء الفني والاقتصادي لهذه التقنيات التي يتم التوصل
إليها على مستوى العالم ، وإدخالها في شبكة التطبيقات الممكنة في ليبيا .
خامساً :
دور الطاقة الشمسية في التنمية المستدامة في ليبيا
1- البعد الاقتصادي : يحقق نمو اقتصادي مهم من خلال
تخفيض نسبة الاستيراد من مواد الوقود الاحفوري التي تُعرف ارتفاع في أسعارها وبالتالي
المساهمة في تضخيم الميزان التجاري حيث نجد أن معظم الأنشطة الصناعية و الفلاحية تسد
حاجيتها من الطاقة انطلاقاً من الألواح الشمسية .
2- البعد الاجتماعي :تسهم الطاقة في تحقيق جزء من
الرخاء الاجتماعي لدى سكان القرى الذين يعانون من غياب الشبكات الكهربائية خاصة في
مناطق الدواخل حيث تعاني من ضعف شديد في التيار الكهربائي،وكذلك توفير فرص عمل جديدة
للمواطنين .
3- البعد البيئي : تلعب دوراً كبيراً في التخفيف
من التغيرات المناخية على المستوى العالمي وذلك بالتقليل من انبعاثات الغازات الدفينة
التي تزيد من تلوث الهواء وتدمير البيئة بصفة عامة .
النتائج :
1-الشمس مصدر كل الطاقات سواء كانت تقليدية أو متجددة
على سطح الكرة الأرضية .
2- الطاقة الشمسية بديل أمثل لمصادر الطاقة التقليدية
؛لأن مخزون العالم من الوقود التقليدي يوشك على النفاد .
3- تقع ليبيا ضمن المنطقة التي تتمتع بمتوسط إشعاع
شمسي مرتفع مما يساعد على إقامة مشاريع مستقبلية لهذه الطاقة .
التوصيات :
1-الاهتمام بالطاقة البديلة والمتجددة والتي لا تسبب
تلوثاً والتي من أهمها الطاقة الشمسية .
2- متابعة أحدث التطورات العلمية المستخدمة في صناعة
الألواح الشمسية المستخدمة في توليد الطاقة الكهربائية التي تعتمد على الطاقة الشمسية
.
3- ليبيا تمتلك مساحة كبيرة وإمكانيات مادية وعلمية
وبشرية تساعد على استغلال الطاقة الشمسية .
4- ضرورة النظر للطاقة الشمسية على كونها طاقة أبدية
في المستقبل وإيقاف استهلاك طاقة الوقود الأحفوري
والتي تؤدي الى تلوث البيئة .
الهوامش :
1-الطاقة الشمسية، العلوم المتكاملة ،د.حافظ قبس-
معهد الانماء العربي
2-الجغر افيا العامة ،الطبيعية والبشرية ،د .جودة
حسين جودة ،د. فتحي محمد ابوعيانة – جامعة الاسكندرية ص42-50
3- القرية الشمسية أخبارية العلم والتكنولوجيا، انطوان
حداد ،1993،ص42
4- الطاقة والمباني ،د . عبد الرسول حمودي الغزاوي
،مطابع الثورة العربية، العدد السادس،1996.
5- مجلة الطاقة والحياة ،العدد الثاني ،1992.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق