أثر انخفاض مستوى سطح البحر الميت على جيومورفولوجية الأحواض الدنيا لأودية: الكرك، ابن حماد، الجرة، الشقيق، الموجب
إعداد الطالب
عواد عايد النواصرة
إشراف
الأستاذ الدكتور
إبراهيم العرود
رسالة مقدمة إلى عمادة الدراسات العليـا استكمالا لمتطلبات الحصول على درجة الماجستير في الجغرافيا قسم الجغرافيا جامعة مؤتة عمادة الدراسات العليا
الفصل الأول
خلفية الدراسة ومشكلتها
1.1.المقدمة تعد دراسة الأحواض الدنيا للأودية سواء أكانت مياهها دائمة أو موسمية الجريان ذات أهمية كبيرة، خاصة إذا اجتمع النظام الفيضي للأودية مع بيئة بحرية تتعرض إلى هبوط مستمر في مستوى الأساس، وخير مثال على الهبوط السريع في مستوى الأساس، ما حدث ويحدث في مستوى البحر الميت، الذي أثر على بيئة الأودية ومصباتها، مما أدى إلى تطور مستمر في العمليات الجيومورفولوجية المتكونة في تلك البيئات، وتأثرها بعوامل متعددة: كالمناخ، والهيدرولوجيا والجيولوجيا، إضافة إلى العوامل البشرية.
ويشير السجل الجيولوجي لمنطقة البحر الميت أنها تعرضت لمراحل متعددة من البناء الجيولوجي، والتكوين الرسوبي، ابتداءً بمرحلة تشكل الأغوار وانتهاء بالبحيرات التي سادت المنطقة لفترات سابقة، والتي انتهت بتشكل البحر الميت الحالي. و هنالك نظريتان لتشكل الأغوار، نظرية الحركة العمودية Vertical Tectonics ، ونظرية الحركة الأفقية ،Horizontal Tectonics. إذ تقوم فكرة نظرية الحركة العمودية على أساس أن هنالك صدوع متوازية في اتجاه شمال جنوب من غور الأردن، تؤدي هذه الصدوع إلى حدوث عملية هبوط صغيرة عندما تتحرك الصخور إلى الأعلى أو إلى الأسفل باتجاه الصدع (عموديا) مما يشكل في النهاية منطقة منخفضة تمتد على شكل انهدام الأغوار(عابد،1985)،أما نظرية الحركة الأفقية فتبين طبيعة الحركة على طول الصدع إلى الأمام أو إلى الخلف، و يتحرك جزءٌ من الأرض أفقيا بالنسبة لجزءٍ آخر لا يتحرك، فتحدث بذلك إزاحة جانبية بين نقطتين كانتا في الأصل نقطة واحدة فأصبحتا نقطتين تفصل بينهما مسافة أفقية تعتمد على مقدار الحركة، وتتم هذه الحركة في منطقة الأغوار على طول صدع يمتد على الجانب الشرقي للبحر الميت ووادي عربة، والأغوار بشكل عام. وتمتد هذه الحركة نحو الشمال، والشمال الشرقي بالنسبة لسيناء، وفلسطين، ولبنان، وغرب سوريا بحوالي 107 كم منها 62 كم حدثت في بدايات الميوسين و45 كم حدثت منذ أواسط البلايستوسين وما زالت مستمرة حتى الآن (1959Quennell ،1959،Burdon). وتبعا لنظريات تشكل الأغوار سابقة الذكر، فقد تم تفسير نشأة البحر الميت كما يلي يرى أصحاب نظرية الحركة الأفقية أن طبيعة تلك الحركة بالاتجاه الأفقي يرافقها حركات شد، مما يؤدي إلى تكون صدوع بشكل عرضي تتم الإزاحة عليها مما يؤدي إلى تكون أحواض وقيعان منخفضة(1959،Quennell). أما أصحاب نظرية الحركة العمودية فيفسرون نشأة البحر الميت إلى وجود العديد من الصدوع على جانبي منطقة الأغوار أدت إلى إيجاد منطقة عميقة محصور بين جبال عالية من الجانبين الشرفي والغربي، ولابد من وجود مناطق مرتفعة تعترض المناطق العميقة حتى تتشكل الأحواض المائية(عابد،1982).
وقد شهدت منطقة البحر الميت شماله وجنوبه، تكون عدد من البحيرات قبل أن يتخذ البحر الميت شكله الحالي، فأول البحيرات المتكونة في تلك المنطقة؛ بحيرة أصدام في مرحلة البلايوسين أي قبل حوالي 3 إلى7 مليون سنة، وهي منخفض لم يهبط كثيرا عن مستوى البحر المتوسط الذي زودها بالمياه عن طريق اتصاله بها بعدد من الجروف وقد كانت المياه تتبخر مخلفةً أملاحاً وصل سمكها إلى حوالي 400م، ويعتقد أنها السبب الرئيس في ملوحة البحر الميت (عابد،1982). أما بحيرة السمرة فقد امتدت بطول 190كم، ابتداء من بيسان شمالا وحتى عين الحصب جنوب البحر الميت ويقدر عمرها بأكثر من 70 ألف سنة. وكانت تنخفض 250م تحت مستوى سطح البحر المتوسط وسميت بهذا الاسم لان رسوبياتها تنتشر في منطقة خربة السمرة شمال شرق منطقة أريحا. وأخر البحيرات التي سبقت تشكل البحر الميت الحالي، بحيرة اللسان، والتي امتدت من أطراف بحيرة طبرية في الشمال وحتى 38 كم جنوبي البحر الميت الحالي(عابد،1985). وقد تكونت هذه البحيرة، قبل حوالي 50 ألف سنة، أي أن حوالي 38 ألف سنة تفصل بداية بحيرة اللسان عن تشكل البحر الميت الحالي،(2000،et al ،Bartov ،.(Y وقد وصل أعلى مستوى لبحيرة اللسان بحدود 180م تحت مستوى سطح البحر اعتمادا على انتشار تكوينات مارل اللسان (Neev and Emery. 1967).
وقد تأثرت منطقة الدراسة كغيرها من مناطق البحر الميت بهذا السجل الجيولوجي الطويل، الذي أثر في البناء الجيولوجي، والتكوين الرسوبي في المنطقة بشكل عام وأحواض الأودية قيد الدراسة بشكل خاص. وتشير السجلات الجيولوجية أن مستوى البحر الميت تراوح بين335م إلى حوالي395م تحت مستوى سطح البحر خلال الألفي سنة الماضية(1982،Klein). وأن أكبر تغيير في منسوب مياه البحر الميت حدث بين 100 قبل الميلاد و 40 بعد الميلاد حيث ارتفع منسوب مياه البحر الميت حوالي 70 م، من حوالي 400 م إلى حوالي 330 م تحت مستوى سطح البحر(1986،Klein). أما في الفترة من عام 1810 إلى2006 فقد تعرض مستوى سطح البحر الميت لتذبذب بلغ 30م، حيث بلغ عام 1810 بحدود 399م تحت مستوى سطح البحر وصل إلى أقصى ارتفاع له عام 1897 عندما بلغ 389م تحت مستوى سطح البحر.أما حاليا فيبلغ منسوب البحر الميت 419م تحت مستوى سطح البحر (شركة البوتاس العربية،2006). ويعود السبب في تذبذب منسوب مياه البحر الميت لغاية نهاية الخمسينيات من القرن الماضي إلى العوامل المناخية والمتمثلة باختلاف كمية الأمطار من عام لأخر، وارتفاع معدل التبخر. وقد أثرت عملية التذبذب في منسوب مياه البحر الميت على مساحته والتي تقلصت من 1000كم2 في بداية الخمسينيات إلى حوالي 640 كم2 في الوقت الراهن (خرفان،2004).
2.1 أهمية الدراسة
تأتي أهمية الدراسة من خلال ما ستكشف عنة من تأثيرات انخفاض منسوب سطح البحر الميت على جيومورفولوجية الأحواض الدنيا لأودية الدراسة، خصوصا و أن منطقة الدراسة تعاني من هبوط واضح في مستوى سطح البحر الميت، وانكشاف مساحات من الأراضي على حساب البحر. كما أنها ستكشف عن الخصائص الطبيعية لدلتاوات الأودية، وتأثير تراجع مستوى البحر على مساحة الدلتاوات وديناميكية الترسيب.
كما ستقدم الدراسة معلومات ميدانية عن الأشكال الجيومورفولوجية السائدة في منطقة الدراسة والخصائص الجيومورفولوجية للمجاري النشطة.
3.1 أهداف الدراسة تهدف الدراسة إلى ما يلي :
1 . دراسة أثر تذبذب مستوى البحر الميت على جيومورفولوجية دلتاوات أودية الدراسة.
2 . أثر اختلاف التصريف المائي للأحواض المائية على ديناميكية النحت والارساب في الأحواض الدنيا لاودية الدراسة. 3. آلية تطور المصاطب النهرية ومساحات دلتاوات الأودية نتيجة هذا الانخفاض.
4. دراسة الخصائص الجيومورفولوجية لأسطح دلتاوات الأودية ، والمجاري المائية النشطة للتعرف على العلاقة بينها وبين انخفاض منسوب سطح البحر الميت.
5. اثر الأحداث الكارثية Catastrophic events على ديناميكية تطور الأودية.
4.1 مشكلة الدراسة
تعرض مستوى سطح البحر الميت إلى تذبذب واضح خلال عدة آلاف من السنين الماضية، نتيجة عوامل طبيعية بحتة ناتجة عن تغيرات مناخية متعاقبة. ويعد البحر الميت مؤشرا ممتازا للتغيرات المناخية الحديثة التي طرأت على منطقة بلاد الشام. فقد ارتفع مستوى سطحه خلال الفترة 1700 - 1900 نتيجة ازدياد التساقط المطري في الجزء الشرقي لحوض البحر المتوسط ليصل مستوى سطح البحر نهاية القرن التاسع عشر بحدود 390 متر تحت مستوى سطح البحر(1982،Klein). وظل هذا الوضع قائما حتى بدا ينخفض تدريجيا في الثلاثينيات نتيجة عوامل طبيعية، ثم اصبح الانخفاض سريعا في نهاية الخمسينيات نتيجة تحويل روافد نهر الأردن لري صحراء النقب من قبل إسرائيل إضافة إلى النشاط الصناعي المتمثل في استغلال أملاح البحر الميت في الجانبين الأردني، والإسرائيلي، الذي أسهم في التسريع في انخفاض مستوى سطح البحر الميت. فقد كانت كمية المياه الواصلة للبحر الميت قبل عام 1956 ما بين 1500 إلى 1600 مليون متر مكعب سنويا، انخفضت هذه الكمية بعد تحويل روافد نهر الأردن لإقامة السدود المائية عليها حوالي 250 إلى 350 مليون متر مكعب سنويا(سلطة وادي الأردن،2006).
ونتيجة الانخفاض المفاجئ في كمية المياه الواردة، حدث اختلال هائل في الموازنة المائية للبحر الميت، مما أدى إلى انخفاض مستوى سطحه بسرعة خلال الخمسين سنة الماضية. فقد كان مستوى سطح البحر الميت عام1955بحدود392م تحت مستوى سطح البحر وصل في منتصف عام 2006، 419م تحت مستوى سطح البحر (شركة البوتاس العربية،2006). وأدى انخفاض مستوى سطح البحر الميت إلى تراجع سريع في مساحته، والتي كانت بحدود 980 كم2 عام 1955، لتصبح عام 2006 بحدود 618كم2. ونتيجة هذه الوضعية تعرضت دلتاوات أودية الدراسة إلى تراجع مستمر في قاعدة الأساس ونتج عن ذلك، تغير واضح في جيومورفولوجية المصاب النهرية من حيث النحت والارساب. وسيتم في هذه الدراسة تقييم الوضع الجيومورفولوجي لخمسة دلتاوات نهرية هي: وادي الكرك، وادي ابن حماد، وادي الجرة، وادي الشقيق، و وادي الموجب. وقد تم اختيار هذه الأودية للفرق الكبير في كل من مساحة الأحواض و معدل التصريف النهري بينها والذي يتراوح ما بين 85 مليون م3 سنوياً كما هو الحال لوادي الموجب،وأقل من مليون متر مكعب لوادي الجرة.
للقراءة والتحميل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق