المخططات الحضرية وواقع استعمالات الأرض في مدينة الخمس
د. أبو القاسم علي محمد سنان
قسم الجغرافيا - كلية الآداب - جامعة المرقب
Senan39193@gmail.com
المؤتمر الاقتصادي الأول للاستثمار والتنمية
الملخص:
تناول البحث المراحل التخطيطية التي مرت بها مدينة الخمس منذ نشأتها، والمتمثلة في المرحلة التخطيطية الأولى (المخطط الشامل 1988)، والمرحلة التخطيطية الثانية (المخطط الشامل 2000) من حيث أهدافها والأسس والمبادئ التي استندت عليها، بالإضافة إلى توضيح استعمالات الأراضي بالمخططين من حيث توزيعها ومساحاتها ونسبتها بالنسبة للمساحة الإجمالية للمدينة.
أتبع الباحث في كتابة بحثه على المنهج الوصفي والتحليل الكمي للبيانات التي جمعت من خلال مخطط مدينة الخمس، والدراسة الميدانية عن طريق الملاحظة والاستبانة التي وزعت على سكان المدينة بطريقة عشوائية.
توصل البحث إلى جملة من النتائج من أهمها الكشف عن عدم تطوير مخطط المدينة الحالي (2000)، أو إعداد مخطط جديد بعد انتهاء الفترة التخطيطية الثانية المنتهية في عام 2000م، بالإضافة إلى بعض التجاوزات الحاصلة في استعمالات الأرض بالمخطط مثل: التعدي من بعض الأفراد على الأراضي بطريقة غير قانونية، وتغيير وظيفة استعمالات الأرض من الوظيفة المعتمدة بالمخطط إلى وظيفة أخرى مخالفة لذلك.
أردفت نتائج البحث بعددٍ من التوصيات يمكن الإستفادة منها في حل المشاكل التخطيطية التي تواجهها مدينة الخمس أو مخططات مدن أخرى مشابهة لها.
Abstract:
This research investigates the previous urban planning stages that have projected for the city of Al-khums since last century, namely the first planning stage (the first comprehensive planning 1988) and the second planning stage (the comprehensive plan 2000) in terms of its objectives, principles and foundations on which it was based. The study also covers the land use in both stages in percentage to the total area of the city.
The researcher has used the descriptive approach and data quantitative analysis of the collected information from the city plan. The field study also is performed by using random public distributed questionnaires and observing the possible outcomes based on the people’s feedback. This research revealed several results, the most important of which is the detection of the lack of development of the current city plan (2000), or the preparation of a new plan after the end of the second planning period ended in 2000, in addition to some abusive uses of the land scheme Illegally, changing the function of land uses from the original approved function by the scheme to another contrary function.
The results of the research are followed by outlined recommendations that can be used to solve the planning issues faced by the city of Al-khums or other similar cities.
المقدمة:
إنَّ مخطط المدينة يمثل الإطار الفعلي لاستعمالات الأرض متقيداً باللوائح التي تنظمها الهيئات التشريعية والجهات المنفذة، لذلك جرت العادة على وضع ملحق بالمخططات يوضح الصلاحيات والعقوبات للجهات ذات العلاقة به، بهدف ضمان مستويات عالية لتنفيذ استعمالات الأرض داخل الحيز الحضري؛ لأن كل موقع يشغل حيزاً قد صمم لتحقيق هدف معين، وبصورة لا تتعارض مع استعمالات اأأرض الأخرى.
عموماً يمكن القول إنَّ المخطط بهذا المعنى له تأثير مباشر على حياة سكان المدينة،؛ لأنه يرتبط بنمط حياتهم، ويحدد لهم خصائص الأنشطة الاقتصادية المتضمنة فيه، لذلك حرصت معظم الأجهزة المعنية بإعداد مخططات لمدن وتنفيذها مع ضرورة وجود آلية فعَّالة للمتابعة لضمان الوصول إلى أعلى مستويات التنفيذ من جهة ومعالجة المشاكل التي قد تحدث في فترة مبكرة من جهة أخرى؛ وتعد هذه من الوسائل المهمة في تنفيذ المخططات، وإعادة النظر فيها، خلال فترات متلاحقة بصورة تعكس التغييرات الحاصلة فيها، ليمثل واقعاً ملموساً لمتطلبات السكان من استعمالات الأرض حاليّاً ومستقبليّاً.
أمَّا مخططات مدن البلدان النامية عموماً، فيلاحظ عليها ضعف مستوى نظام التنفيذ والمتابعة لاستعمالات الأراضي ضمن مخطط المدينة، هذه الحالة تؤدي إلى تراكم المشاكل، وظهور تناقضات في استعمالات أراضي المدينة بصورة تؤثر على البيئة الحضرية.
إنَّ مدينة الخمس – موضوع البحث - هي إحدى المدن التي تتضح فيها ظاهرة التداخل في استعمالات الأراضي، وعدم تطابق واقع حالها مع ما يتضمنه المخطط من أنماط مكانية لهـذه الاستعمالات حتى أصبحت من الأمور المألوفة في هذا المجال، كما أنَّ هذه التجاوزات المخالفة لما ورد في المخطط تأخذ أشكالاً عديدة، وبخاصة في الاستعمال السكني الذي أصبح ذا وظيفة مركبة في الأماكن التي تطل على واجهات وشوارع حيوية.
تناول هذا البحث موضوع تقييم استعمالات الأرض في مدينة الخمس، ومحاولة تحديد الأسباب الكامنة وراء التغييرات والتداخلات في استعمالات الأراضي الحضرية بالمخطط، والآثار المترتبة عنها.
مشكلة البحث:
يعاني مخطط مدينة الخمس كغيره من مخططات المدن الليبية الأخرى من تفشي ظاهرة التجاوزات والتعديات التي يقوم بها بعض سكان المدينة، والمخالفة للمعايير واللوائح والتشريعات التخطيطية مما أثر سلباً على الوظائف المنوطة لاستعمالات أرض المدينة حسب ما جاء بالمخطط الشامل 2000 لمدينة الخمس.
ويمكن طرح مشكلة البحث في التساؤالت الآتية:
1. هل تدني معدل دخول الأفراد المقيمين بالمدينة وعدم مقدرتهم على شراء قطع أراضٍ مخصصة للاستعمال السكني لبناء مساكن لهم من جهة، أو الحصول على أراضٍ معدّة لمزاولة أي نشاط اقتصادي من جهة أخرى - بسبب ارتفاع أسعارها - يمثل أحد الأسباب الكامنة وراء حدوث التجاوزات وظهور التشوهات التي انتابت أنماط استعمالات الأرض بالمخطط في أكثر من منطقة؟
2. هل هناك علاقة بين عدم إعداد مخطط جديد (مخطط الجيل الثالث) للمدينة وظاهرة التجاوزات والتغيرات الحاصلة في مخطط المدينة الحالي؟
3. ما الآثار المترتبة على عدم اتباع المعايير التخطيطية من قبل المواطنين خلال مراحل تنفيذ المخطط؟
الفرضيات:
1- وجد علاقة ارتباطية بين غياب الرقابة والمتابعة التخطيطية من قبل الجهات ذات الاختصاص وتفشي ظاهرة التجاوزات والتعديات والبناء العشوائي على مخطط المدينة.
2- سوء تنفيذ أو عدم التقيد بما جاء في مخطط المدينة المعتمد بدقة تسبب في التغيرات والتجاوزات الوظيفية الحاصلة في استعمالات الأراضي.
الأهداف:
1- التعرف على أهم المشكلات التي تواجهها استعمالات الأراضي جراء التجاوزات والتعديات عليها، والآثار السلبية الناجمة عنها.
2- تقييم وتحليل واقع حال استعمالات الأرض بالمدينة ومقارنته بما جاء في المخططات التنظيمية التي أُعدت لها.
3- معرفة الأسباب الكامنة وراء ظاهرة التجاوزات والتعديات على مخطط المدينة الحالي.
4- إبراز أنماط التجاوزات والتعديات الحاصلة في المخطط وتوزيعها الجغرافي على مستوى أحياء ومحلات المدينة.
الأهمية:
1- إبراز دور الدراسات الجغرافية في دعم الدراسات التخطيطية والتنموية للمدينة، بالإضافة إلى مساهمتها في حل المشكلات التي تواجهها المدينة.
2- التعرف على المراحل التخطيطية التي مررت بها مدينة الخمس، ومدى مساهمتها في التنمية العمرانية للمدينة.
3- إعداد قاعدة بيانات ومعلومات عن استعمالات الأراضي بمدينة الخمس يمكن الرجوع إليها والإستفادة منها في دراسات مشابهة في المستقبل.
مجالات البحث:
يتمثل البحث في ثلاثة مجالات: المجال الجغرافي (المكاني)، والمجال الزمني، و المجال البشري.
النتائج:
أهم النتائج التي توصل إليها البحث تتمثل في الآتي:
1- أدى عدم تطوير المخطط الشامل 2000 أو إعداد مخطط جديد (الجيل الثالث) يستوعب متطلبات السكان في الزمان والمكان إلى زيادة نسبة التجاوزات الحاصلة في استعمالات الأرض المختلفة على مخطط المدينة الحالي.
2- وجود قصور من الجهات المختصة بمتابعة ومراقبة تنفيذ المخطط خلال مراحله المختلفة، بالإضافة إلى عدم التصدي لظاهرة التجاوزات الحاصلة على المخطط بأشكالها، المختلفة وذلك بتطبيق لوائح وقوانين التخطيط العمراني على المتجاوزين.
3- تشير نتائج الدراسة الميدانية المرتبطة بمتغير التعدي على أرضٍ بطريقة غير قانونية على مخطط المدينة، إلى أن الفاعلين بهذا التعدي أو التجاوز يمثلون 22.9% من شملتهم عينة الدراسة.
4- بينت نتائج الدراسة الميدانية أن الذين قاموا بتغيير وظيفة المبنى السكني من الوظيفة السكنية إلى وظيفة أخرى مخالفة لما جاء بالمخطط يمثلون 26.7% من إجمالي عينة الدراسة.
5- تعاني بعض أحياء المدينة من عدم ترصيف شوارعها وطرقاتها لا سيَّما الواقعة في الأطراف، وحتى إنَّ رصفت الشوارع والطرقات في الأحياء الأخرى تنقصها الإنارة وشبكة تصريف مياه الأمطار كما اقترحت في المخطط الشامل 2000.
6- وجود قصور في تنفيذ المرافق الاجتماعية المقترحة في المخطط 2000 مثل المرافق التعليمية، والصحية والثقافية، وغيرها.
التوصيات:
في ضوء النتائج التي توصل إليها هذا البحث فإنَّ الباحث يوصي بما يأتي:
1- الإسراع في وضع استراتيجية تخطيطية - مخطط الجيل الثالث – جديدة للمدينة ضمن رؤية تخطيطية ومنهجية عمل، تنفذ خلال فترات زمنية محددة في المستقبل انطلاقاً من تشخيص واقع حال المدينة، واستناداً إلى مبادئ وأهداف وبرامج تخطيطية.
2- ضرورة متابعة تنفيذ المخطط خلال مراحله المختلفة من قبل الجهات المتخصصة ذات العلاقة، حيث تعتبر مرحلة متابعة تنفيذ المخطط من أهم المراحل التخطيطية، إذ لا ينتهي عمل المخطط بوضع الخطة فقط، بل يجب متابعة تنفيذها وملاحظة أية تجاوزات وانحرافات تحدث فيها والعمل على تلافيها ومعرفة الأسباب الكامنة وراء حدوثها.
3- تشكيل لجان متابعة وإشراف على سير تنفيذ المخطط الحالي بالصورة المثلى، وذلك لتلافي الإرباك والتجاوزات الحاصلة في استعمالات الأراضي الحضرية بالمدينة والمخالفة للوائح والمعايير التخطيطية.
4- الإسراع في استكمال شبكة الطرق والشوارع وممرات المشاة ومحطات المركبات الآلية، بالإضافة إلى إنشاء الكباري عند مداخل المدينة وجزر الدوران للتقليل من تقاطعات الطرق والشوارع لا سيَّما الرئيسة منها لتفادي الحوادث والازدحام المروري.
5- تنفيذ البنية التحتية المقترحة بمخطط المدينة الحالي والمتمثلة في شبكة الصرف الصحي ومياه الشرب وتصريف مياه المطر وشبكة الكهرباء وشبكة الهاتف، وشبكة الغاز، وصيانة المنجز منها بما يتناسب والزيادة السكانية بالمدينة.
6- العمل على بناء المرافق الاجتماعية المقترحة بالمخطط حتى تلبي احتياجات سكان المدينة.
حمله
للقراءة والتحميل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق