الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض
نحو تطوير نظام نقل عام آمن وفعال
في مدينة الرياض
التقريـر الفني
رجب 1421هـ
ورشة عمل في الفترة من 26-28 رجب 1421هـ
بعنوان
"نحو تطوير نظام نقل عام آمن وفاعل في مدينة الرياض – التحديات والفرص المتاحة"
وذلك بمقر الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض بحي السفارات.
قائمة المحتويات
1-خلفية.
2- بـرنـامــج عــمـل الــورشــة.
3- ملخص الأوراق العلمية والتجارب المقدمة.
1-3 النقل العام في مدينة الرياض.
2-3 الخبرات العالمية في مجال النقل العام.
4- حلقات النقاش.
5- مشروع تجريبي للنقل العام بمدينة الرياض.
1- خـلـفــيـــــة
تشهد
مدينة الرياض نمواً سكانياً سريعاً وتوسعاً عمرانياً كبيراً، حيث زاد عدد سكان
المدينة عن 4 مليون نسمة، حتى أضحت مدينة الرياض واحدة من أسرع مدن العالم نمواً
وتطوراً.
وقد
أدى هذا النمو السكاني والتوسع العمراني وما رافقهما من ازدهار في الأنشطة
التجارية والصناعية إلى ازدياد الحاجة إلى التنقل بين أجزاء المدينة المختلفة،
الأمر الذي أدى إلى ازدحام بعض الشوارع والطرق بالمدينة وصعوبة التنقل بين بعض
أجزاء المدينة كالتنقل بين مناطق شرق المدينة ومنطقة وسط المدينة.
كما
أوضحت الدراسات التشخيصية والتحليلية التي تجريها الهيئة العليا لتطوير مدينة
الرياض أن ما يزيد عن 93% من الرحلات اليومية تتم بواسطة المركبات الخاصة بينما
تشكل رحلات حافلات النقل العام 2% فقط من مجموع الرحلات المتولدة في المدينة.
كما
تشير الدراسات الحضرية ذات العلاقة أنه من المتوقع أن يستمر النمو السكاني والاتساع
العمراني وما يتولد عنهما من زيادة في حجم الحركة المرورية المتولدة في مدينة
الرياض لسنوات عدة قادمة الأمر الذي يستدعي النظر في سبل تطوير وإدارة نظام النقل
في المدينة بشكل مستمر والبحث عن بدائل فاعلة للتنقل بما في ذلك نظم النقل العام
وذلك للإيفاء بمتطلبات التنقل القائمة والمتوقعة بالمدينة بيسر وأمان.
في
ضوء ذلك كله وحرصاً على الإفادة من جميع
الخبرات المتميزة في هذا المجال فقد تم تنظيم ورشة عمل في الفترة من 26-28 رجب
1421هـ بعنوان "نحو تطوير نظام نقل عام آمن وفاعل في مدينة الرياض –
التحديات والفرص المتاحة" وذلك بمقر الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض
بحي السفارات.
هدفت هذه الورشة إلى مناقشة دور النقل
العام في مدينة الرياض وطبيعة هذا النظام من حيث الوسائط والمرافق والأطر المؤسسية
المناسبة لتطويره وإدارته واستثماره وإمكانية مشاركة القطاع الخاص في ذلك، وكذلك
بحث إمكانية تشييد مشروع تجريبي للنقل العام باستخدام أحد وسائطه المناسبة على أحد
محاور المدينة أو في إحدى مناطقها.
3- مـلخص
الأوراق الـعـلمية والـتـجـارب الـمقـدمـة
1-3 الـنقل العام فـي مديـنة
الـرياض
بدأت
حلقات ورشة العمل الخاصة بالنقل العام في مدينة الرياض بتقديم ورقة الدكتور
عبدالعزيز العوهلي وكيل وزارة المواصلات. وقد ركز المتحدث على الأهمية الحيوية
للنقل العام، كما تعرض للقرارات التي تحكم دور الوزارة في هذا القطاع. كذلك أوضح
المتحدث وجود الإطار العملي الذي يتعامل مع قضايا النقل العام ولكنه يحتاج إلى
آلية أقوى للتطبيق وإلى تنسيق أشمل بين مختلف الجهات ذات العلاقة. كما عدد بعض
الدراسات السابقة التي تم إعدادها للوزارة حول النقل العام.
أما
الورقة الثانية فقد قام بتقديمها المهندس عبداللطيف آل الشــيخ عضو الهيئة
العليا لتطوير مدينة الرياض ورئيس مركز المشاريع والتخطيط بالهيئة والتي اهتمت
بإبراز "التحديات والفرص المتاحة لتطوير نظام نقل مستدام بمدينة
الرياض".
حيث اتضح من الورقة أن النمو الذي شهدته المدينة على مدى العقود القليلة الماضية،
والمتوقع أن تشهده مستقبلاً يجعل من توفير نظام نقل مستدام التحدي الرئيس الذي
يواجهه القائمين على أمر النقل، خاصة وأن المدينة تتمتع بشبكة طرق متميزة تعتمد
بصورة أساسية على السيارة الخاصة في تلبية حاجة ساكنيها للتنقل. ويتضح من الورقة
أن استمرار الأوضاع الحالية سيؤدي حتماً إلى ظهور تأثيرات سلبية خطيرة. كما أبرزت
الورقة أن مشروع المخطط الاستراتيجي لمدينة الرياض الذي يتم إنجازه بالهيئة والذي
يعتبر النقل أحد عناصره الرئيسة، قد خلص إلى أن تطوير نظام نقل عام يمثل واحداً من
القضايا الحرجة التي تواجه مدينة الرياض. وفي ضوء هذا الوضع ظهرت الحاجة إلى البحث
عن نظام النقل العام المناسب الذي يجب أن تتبناه المدينة، وأيضاً البحث عن سبل
التمويل والأسس المؤسسية التي تضمن نجاح هذا النظام.
كما
قدم الدكتور جلال نفـاخ مدير وحدة النقل بالهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض
ورقة عمل بعنوان " نظرة عامة حول نظام النقل في مدينة الرياض ودور
النقل العام". حيث اتضح منها أن نماذج النقل
المطورة بالهيئة أوضحت أن عدد الرحلات المتولدة في مدينة الرياض حالياً يبلغ حوالي
5 ملايين رحلة في اليوم، وأن عدد الكيلومترات المقطوعة بواسطة هذه الرحلات تصل إلى
60 مليون كيلومتر في اليوم بمتوسط سرعة بلغ 52 كلم/ساعة. كما يتوقع خلال 10 أعوام
من الآن أن يصل عدد الرحلات إلى أكثر من 8 ملايين رحلة في اليوم، وأن يزيد عدد
الكيلومترات المقطوعة عن 100 مليون كيلومتر في اليوم، وأن يتدنى متوسط السرعة إلى
حوالي 20 كيلو/ساعة. كما أوضحت تحاليل خصائص هذه الرحلات إلى أن 27% منها هي رحلات
تتعلق بالمدرسة، وتعتمد بصور أساسية على السيارة الخاصة كوسيلة للتنقل. ومن هنا
يتضح استحالة استيعاب معدلات نمو الحركة الحالية وتأثيراتها، ما لم يتم اتخاذ إجراءات
للحد من الاعتماد على السيارة الخاصة، وتحسين كفاءة شبكة الطرق والتقليل من تلوث
الهواء. كما أوصت بضرورة الاهتمام بتطوير سياسات استخدامات الأراضي بصورة خاصة
لتقليل عدد وطول رحلات السيارة الخاصة والاتجاه نحو النقل العام.
أما
الدكتور أسامة عبده مدير دراسات النقل الشامل بوزارة المواصلات، فقد قدم
ورقة عمل عن "وسائط النقل العام
بالرياض".
وقد أكدت الورقة حقيقة سيطرة السيارة الخاصة في القيام بالرحلات داخل المدينة، إلى
جانب تدني مستوى الاركاب على مر السنين
بالنسبة لحافلات الشركة السعودية للنقل الجماعي ، مع زيادة الحافلات
المملوكة للأفراد "الكوستر"، والحافلات الصغيرة ليصل نصيبها إلى 80% من
سوق النقل العام. كما يلاحظ ضعف مستوى الخدمة وعدم توفر السلامة بالنسبة لحافلات
الأفراد، وتعارضها مع القرارات التي تم إصدارها لتنظيم وتشغيل خدمة النقل العام.
وقدمت الورقة بعض العناصر لتطوير النقل العام إلى جانب استعراض بعض الإجراءات
الضرورية لتوفيره للمدينة، وقد شملت تحليلاً معمقاً للمشكلة التي يواجهها، وتبني
بعض الحوافز لإقناع المواطنين السعوديين
لاستخدام نظام النقل العام وزيادة نسبة الإركاب، إلى جانب ضرورة التنسيق بين مختلف
الجهات ذات العلاقة والحد من دور حافلات الأفراد وتحسين مستوى الخدمة الحالي.
وقد
قدم ناصر السعيد مدير منطقة الرياض بالشركة السعودية للنقل الجماعي ورقة
بعنوان "نظرة عامة لنظام النقل العام في مدينة الرياض"،
ومرة أخرى تم التركيز على أهمية دور النقل العام بصورة عامة ولمدينة الرياض خاصة.
وقام باستعراض الوضع الحالي للشركة مع التركيز على المشاكل التي تواجهها وتحول دون
أدائها لمهامها. وتتفاوت هذه المشاكل بين استخدام الأراضي والخصائص الاقتصادية
والاجتماعية، والمشاكل التشغيلية والمؤسسية وعدم تطبيق بعض القوانين التي تم
إصدارها لحماية حقوق الشركة. وقد أدت هذه المشاكل إلى استمرار تدني الخدمة التي
تقدمها الشركة لمدينة الرياض وذلك من خلال عدد الخطوط التشغيلية (حيث انخفضت من
22خطاً إلى 8 خطوط فقط) وتدني نسبة الاركاب. ومن ناحية أخرى تم التأكيد على أن
الشركة تنشط في مجالات خدمة أخرى، خاصة في النقل المدرسي الذي يعاني أيضاً من
مشاكله الخاصة، وفي النهاية تم استعراض بعض فرص الاستثمار إلى جانب بعض التوصيات لتدعيم
نظام النقل العام بالمدينة.
3-2 الخبرات العالميـة فـي
مجال النقـل العام
بدأت
حلقات الخبرات العالمية بمشاهدة فيلم وثائقي عن تجربة مدينة قرطبة بالبرازيل
(والتي يقطنها مليون ونصف المليون نسمة) في تطوير نظام نقل عام بالمدينة. حيث يشكل
نظام طريق الحافلة (Busway) الذي تم اعتماده
تقدماً ملحوظاً في تحسين تشغيل الحافلات في مدينة تعاني من الازدحام. ويعتمد هذا
الشكل من النقل العام على (1) إعطاء الأولوية لحافلات النقل العام على طرق وشوارع
الحركة المرورية، (2) تخصيص طريق ثابت لاستخدام حافلات النقل العام فقط. وقد كان
نظام طريق الحافلة جزءاً من خطة تكامل النقل مع استخدام الأراضي الذي تبنته
المدينة في عام 1994م. وبناء على هذه الخطة فقد توسعت مدينة قرطبة من المركز على
طول خمسة محاور، حيث تركزت المساكن عالية الكثافة والأنشطة التجارية والعقارية على
طول هذه الممرات المخصصة للنقل العام، حيث يتم مسبقاً حجز المنطقة الوسطية لكل من
هذه الممرات لمرور الحافلات عالية السعة، التي تشكل عماد شبكة النقل العام
بالمدينة. وقد مكنت مختلف الإجراءات المبتكرة، مثل كبسولات الصعود والنزول التي
تضمن سرعة تحميل وتفريغ الحافلات، من تشغيل الحافلات كقطار أنفاق سطحي.
وفي
ورقة العمل التي قدمها الدكتور مارتن بوت -ألمانيا- بعنوان "نظرة متعمقة
حول أنظمة ووسائط النقل العام"،
على أن استمرار تزايد الاعتماد على السيارة الخاصة والحاجة للتنقل يؤدي إلى زيادة
الفجوة بين كثافة الحركة المرورية والطاقة الاستيعابية للطرق. وتتطلب الحلول
للمشاكل الحالية والمتوقعة تطبيق استراتيجية "ادفع"؛ "واسحب"،
التي يتأثر فيها النقل الخاص سلبياً بالضرائب، والتحكم في طرق الوصول، وفرض سياسات
ورسوم استخدام المواقف، وفرض رسوم على الدخول للمناطق المزدحمة، وعليه يتم
"سحب" الركاب من السيارة الخاصة و"دفع" الركاب للنقل العام من
خلال تقديم مستوى خدمة متميز وتأمين نظام مقنع ومستوى سلامة جيد، وتوافق هذه
الإجراءات مع تطوير النظم الحضرية الذكية ومفاهيم النقل الذكية (مثل أنظمة وخدمات النقل
الذكية، وأنظمة الإدارة المرورية). كما أكدت الورقة على أن التكامل بين جميع وسائط
النقل هو السبيل الوحيد لتحقيق أهداف "التنقل الحضري". وقد تم عرض تجربة
مدينة برلين كمثال حيث يسكنها 4, 4 مليون نسمة، وتبلغ نسبة ملكية السيارة فيها 353 سيارة لكل 1000
نسمة ورغم ذلك تبلغ نسبة الرحلات التي تتم بواسطة النقل العام 30% من مجموع
الرحلات في المدينة.
وقدم
البروفيسور أديب كنفاني-الولايات المتحدة الأمريكية- ورقة عمل عالجت "استراتيجيات
تكامل استخدام الأراضي وتخطيط النقل"، حيث أوضح أنه وبالرغم من
تغير نموذج التخطيط الحضري من التخطيط للتنقل بالسيارة إلى التخطيط لتأمين الوصول،
إلا أن التوفيق بينهما هو ما تحتاجه التجمعات الحضرية. وعرفت قضايا النقل بأنها
شائكة ومتعددة الأبعاد، فالتخطيط يتطلب توضيح الأهداف المنتظمة والمنسقة والمخصصة
لكل مدينة وبيئة. فقد كان هناك تركيز على بناء الطرق، وإدارة أنظمة النقل،
واستخدام تقنيات النقل الذكي. أما الآن فقد بدأ الاهتمام بالتأكيد على الدور
الرائد لاستخدام الأراضي، والاتصالات (كوسيلة للحد من الحاجة للتنقل)، وإدارة
الطلب، والتخطيط على المستوى المحلي. حيث يجب أن يعزز تخطيط استخدامات الأراضي من
توفير تعدد الأنشطة الحضرية، والتوسع الرأسي والتخطيط الحضري السليم للحد من رحلات
السيارة. أيضاً يمكن أن تلعب سياسات استخدام المواقف دوراً كبيراً في حالة التحكم
في توفرها، والاستخدام المناسب لسياسات فرض الأجرة على استخدامها، وضرورة استخدام
بعض المعايير الاقتصادية التي تشمل سياسة فرض رسوم على استخدام عناصر النقل،
والضرائب والدعم ومبادرات أخرى في هذا المجال. ويمكن الحد من تأثير استخدام
السيارة من خلال إدارة الازدحام والتحكم في جودة الهواء، والحد من سرعة الحركة
المرورية وتحسين مستوى السلامة المرورية. وبالرغم من أن توفير النقل العام أصبح
ضرورة ملحة، إلا أن اختيار الوسيلة المناسبة للأوضاع المحلية مهمة صعبة. فتوفير
مستوى خدمة جيد سوف يزيد من اهتمام المستخدمين المحتملين، إلى جانب الاهتمام ببعض
القضايا الاجتماعية مثل: التعليم والتوعية، وقضايا تساوي الاهتمام بإمكانية الوصول
والتنقل وتوضيح أهمية دور النقل العام. وفي الختام تم التأكيد على الأهمية القصوى
للقضايا المؤسسية وتحديد أنسب السبل لإعداد وتنفيذ الخطط .
وقد
كانت ورقة روسيل شوزيم -الولايات لمتحدة الأمريكية- بعنوان "سبل تفعيل
دور القطاع الخاص في تطوير أنظمة النقل العام – حالة دراسية من أمريكا".
أوضحت الورقة أنه وبعد فترة كان فيها القطاع العام هو المالك الأساسي لشركات
النقل، بدأت زيادة مشاركة القطاع الخاص بصورة تدريجية، وذلك نسبة لعدة عوامل منها:
الضغوط على الميزانية بهدف "اعمل أكثر بأقل ما يمكن"، والحاجة إلى سرعة
تطبيق الاختراعات، والسياسات على مستوى الولاية والاتحادية لتشجيع القطاع الخاص.
وقد بدأ هذا القطاع المشاركة في تخطيط النقل والخدمات، والتشغيل والصيانة،
والمشاريع الأساسية، ودمج المنشآت والامتيازات. وذلك بالرغم من استمرار ضرورة تدخل
ومشاركة القطاع العام في الاستثمارات الكبرى. وقد أوضحت الدروس المستفادة من
التجربة الأخيرة ما يلي: تتطلب المشاركة الناجحة للقطاع الخاص تحديد الأهداف
بوضوح، مع الأخذ في الاعتبار أن هذا القطاع يسعى للربح. يعتمد النجاح على المقدرة
على حماية تكامل النظام وتوفير الجودة التي تأخذ بعين الاعتبار الاعتماد على تجزئة
السوق. ولجذب القطاع الخاص يوصي بتوحيد الجهود في المشاريع الكبيرة، وباستخدام
فترات أطول والعمل على إلزامه منذ المرحلة الأولى لعملية التخطيط المبدئي
للمشاريع.
أما
السيد ستيفان هرتزبيرغ -ألمانيا- فقد قدم ورقة عمل حول نتائج "دراسة الجدوى الأولية لإدخال نظام القطارات في أمارة أبو
ظبي". حيث تم في الدراسة تحليل ثلاثة مشاريع
لتطوير أنظمة سكة حديد متطورة في أبو ظبي وهي: مشروع تطوير نظام حضري عام لخدمة
المدينة، ومشروع ربط المدينة بالمطار الدولي والمناطق السكنية، إلى جانب مشروع خط
حديدي طويل المسافة يربط بين أبو ظبي ودبي والفجيرة والعين. وقد قدرت تكلفة
المشروع الأول (بطول 16كلم) بحوالي 320 مليون دولار ويخدم حتى 12 مليون راكب
سنوياً. أما نظام النقل السريع بين المدينة والمطار فتتراوح تكلفته ما بين 400 إلى
1000 مليون دولار اعتماداً على شبكة النقل التي سيتم اختيارها. ويتوقع أن تشمل
الفوائد المتوقعة من هذه المشاريع تأثيرات بيئية واجتماعية واقتصادية.
أما
الورقة الخاصة "بالتجربة اللبنانية في مجال النقل العام"
فقد قام بتقديمها السيد عمار كنعان -الولايات المتحدة الأمريكية. ففي بيروت
تبلغ نسبة ملكية السيارة 330 سيارة لكل 1000 نسمة. وتتم 69% من الرحلات اليومية
بواسطة السيارة الخاصة و16% بالحافلات. ويقترح أن يستفيد مشروع الخط الحديدي من
وجود الخط الحديدي القديم الذي يربط المدينة بضواحيها. وقد تمت دراسة ثلاثة وسائط
هي: النقل السريع بالحافلات، والسكة الحديدية الخفيفة والثقيلة. وشملت الدراسة عدة
معايير توفيقية. أما التمويل فيتم توفيره من بنود مخصصة للنقل. وقد أوضحت دراسة
المشروع ضرورة تحديد الأهداف بوضوح، وأن يكون للحكومة دور أساسي، وأن يتم تأسيس
جهة معينة تكون قادرة على اتخاذ القرار، وأن يكون هناك تعاون مؤسسي وتنسيق للجهود.
وأن الاهتمام بالنظرة الربحية تجعل من المشاريع أكثر واقعية.
وقدم
السيد ولفقانق سينك -ألمانيا- ورقة بعنوان "تمويل وتشغيل
وإدارة أنظمة النقل العام". حيث بدأت الورقة بتوضيح
الاختلاف بين متطلبات المجتمع ومشغل النقل العام والراكب. وأن المنافسة لكسب السوق
توفر حوافز بهدف تقليل التكلفة وتحسين الأداء. وتم تصنيف خيارات تحويل الوحدة
الإدارية المملوكة للدولة إلى شركة خاصة. ومن ثم وضع إيجابيات وسلبيات لكل خيار.
ويتضح من عرض مؤشرات الأداء الخاصة بكل خيار أن شركة النقل الخاصة تتمتع بإنتاجية
أعلى. ولكن اتضح أهمية دور القطاع الحكومي حتى في حالة عدم تقديم القطاع الخاص
لخدمات النقل العام ويشمل: وضع إطار العمل القانوني، ووضع أنظمة ومراقبة السلامة
والبيئة، والأنظمة الاقتصادية. كما تمت مناقشة خيارات مشاريع توفير خدمة النقل
العام مثل المشروع المعروف باسم بوت (BOT)
وهو اختصار لكلمات إنجليزية تعني تشييد
الخدمة من قبل المستثمر وتشغيلها لمصلحته لفترة معينة يسترد خلالها أمواله مع
تحقيق هامش ربح متفق عليه، ومن ثم تحويلها لمصلحة القطاع العام (Built,
Operate, Transfer)، ومشروع المشاركة بين القطاعين العام والخاص. اتضح من المعطيات
الخاصة بالمدن المختارة أن إيرادات النقل العام تغطي فقط 30-70% من تكلفة التشغيل.
وتم أيضاً استعراض أمثلة لمشاريع النقل التي يتم تمويلها كلية من القطاع العام.
أما
السيد آلان هويس-بريطاني يعمل
بالمملكة- فقد اختار لورقته عنوان "إعادة تنظيم وخصخصة
خدمات الحافلات" وقام فيها بتشخيص تأثير إعادة
التنظيم على كفاءة النقل العام في المملكة المتحدة (والذي تم تبنيه في عام 1986م
لكل أنحاء المملكة المتحدة، عدا لندن وآيرلندا الشمالية), وأشارت الورقة إلى أن
إعادة التنظيم قد أثبتت فوائدها بصورة عامة لصناعة نقل الحافلات. حيث أتاحت
للحكومة التخلص من التزاماتها المالية السابقة. ولكن النتائج لم تكن بذات
الإيجابية بالنسبة للمجتمعات والسلطات المحلية. فبالرغم من أن تكلفة التشغيل قد
انخفضت بصورة ملحوظة، وأن أجرة النقل، وبالتالي الأرباح، قد زادت، إلا أن عدد
الركاب قد واصل انخفاضه، فيما عدا لندن التي استخدمت فيها المنافسة على أساس نموذج
السوق. كما يمكن اعتبار مدينة اكسفورد كاستثناء، فمع وجود اثنين من المشغلين
المتنافسين، وخلال فترة عشر سنوات ارتفع عدد الركاب بحوالي 70-80%. وعموماً نجد
أنه من الممكن الحصول على التوفير في التكاليف بالنسبة للقطاع العام، ولكن حتى في
المملكة المتحدة فإن خدمات الحافلات تحظى بدعم مقدر من القطاع العام بهدف توفيرها
للخطوط غير المربحة لأسباب اجتماعية.
وقد
قام البروفيسور ديفد داويل -الولايات المتحدة الأمريكية- بمزيد من
مناقشة دور القطاع الخاص في النقل العام داخل المدن وذلك من خلال ورقته التي ألقت
نظرة معمقة عن "دور القطاع الخاص في تمويل وتشغيل نظام النقل
العام". فقد وفرت إعادة التنظيم والإصلاح السياسي
المطبق خلال العقود القليلة الماضية فرص لمشاركة القطاع الخاص في مشاريع النقل
العام. حيث قام القطاع الخاص في الفترة بين 1985-1998م بتخطيط وتمويل حوالي
1000مشروع للنقل بتكلفة 580 مليار دولار، وشكلت الطرق التي تفرض رسوماً على
استخدامها نصف هذه المشاريع. وباستثناء دول "منظمة التعاون الاقتصادي
والتنمية" نجد أن معظم المشاريع تقع في شرقي آسيا وأمريكا الجنوبية. أيضا تمت
مناقشة نوع من الاتفاقيات التعاقدية، ومصادر التمويل، وأشكال دعم القطاع العام
للمشاريع. ولمزيد من دعم دور القطاع الخاص، من الضروري أن يقوم القطاع العام
بتطوير استراتيجية لتشجيع مشاركة القطاع الخاص، حيث من الضروري لهذه الاستراتيجية
أن تعكس الأوضاع المحلية، والمتطلبات، ومعرفة السوق والاهتمام بالإطار المؤسسي.
وفي
ورقة ثانية قدمها السيد روسيل شوزيم (الولايات المتحدة الأمريكية) بعنوان
"التنظيمات المؤسسية الكفيلة بتوفير إدارة فاعلة لنظام النقل العام" تمت مناقشة حالة دراسية من
تجارب أمريكا الشمالية. حيث أشارت إلى أنه وبالرغم من عدم وجود اتفاقية مؤسسية
متكاملة، إلا أن الأهم هو النظر إلى كيفية التنفيذ. فمسئوليات وواجبات النقل العام
تتطلب القيام بمهام تنظيمية، وضمان التمويل، ووضع وتطبيق الخطط طويلة وقصيرة
المدى، وتوفير الخدمة. وقد أثبتت التجربة الأمريكية أن سياسة وجود جميع المؤسسات
تحت إدارة واحدة لتقوم بعمل كل شئ، أقل كفاءة وفاعلية، في حين أن خلق وحدات
تنظيمية منفصلة تقسم بينها المسئولية عن المهام الاستراتيجية والتكتيكية، أثبت
نجاحاً ملحوظاً. يمكن أن يتم على المستوى القومي وضع السياسات العامة للنقل العام،
وتشجيع الأفكار المبتكرة من خلال توفير التمويل، ووضع الأولويات لتمويل
الاستثمارات الرأسمالية، ومشاريع التحسينات الكبرى. كما يتم عادة وضع الخطط
الطويلة المدى بواسطة تنظيمات على مستوى المنطقة، بينما يكون وضع الخطط قصيرة
المدى والتطبيق (القرارت المرحلية) من مسئولية تنظيمات أخرى. كما تم وضع مقترحات
لمدينة الرياض، كان أولها الاهتمام بفصل وحدات التشغيل التابعة للشركة السعودية للنقل
الجماعي بهدف توفير أولوية محلية وتركيز أكبر. وخلصت الورقة إلى أن الوحدات
الإدارية الأصغر عادة ما تكون أكثر فاعلية وكفاءة.
وقد
قام السيد جان شارل اورفيه (فرنسا) بتقديم شرح مفصل عن "المشروع التجريبي للنقل بالحافلات في باريس"
والذي يتم استخدامه بنجاح، حيث تقوم هيئة النقل العام بباريس باستخدام 4000 حافلة
لخدمة 247 خط خدمة، ولعدد ركاب يبلغ 875 مليون راكب سنوياً. وقد أثبتت هذه التجربة
أن المسارات العادية للحافلات، والإدارة المرورية الحديثة، واستخدام أنظمة التحكم،
لم تكن كافية وحدها لحماية الحافلات من ازدحام الحركة المرورية. وعليه فقد تم
تطبيق سياسة فصل مسارات خاصة للحافلات، واتخاذ معايير أكثر كفاءة لتوفير الأولوية
لحركة الحافلات. كما تم القيام بمشروع تجريبي يهدف إلى تحسين مستوى خدمة النقل
بالحافلات وزيادة كفاءة النظام. وتم تصميم محطات ومواقف جذابة ومريحة، كما تم جلب
حافلات حديثة، وتعديل الخدمة لتواكب أنماط الطلب على التنقل، أيضاً تم استخدام
وسائل متقدمة لإدارة التشغيل وتوفير المعلومات للركاب. وكان الاهتمام واضحاً
بضرورة الإعلان عن الخدمة الجديدة، حيث شملت قائمة الخدمة المعلن عنها 11 عنصر
توضح كفاءة أداء النظام الجديد.
أما
السيد لي سميس (كندا) فقد استعرض في ورقته بعنوان "المتطلبات المؤسسية والإدارية لتطوير وتشغيل أنظمة النقل العام" حالة دراسية من كندا كمثال،
لتوضيح تطور نظام النقل العام في كندا، مع محاولة استخلاص بعض الدروس من التجربة
الكندية يمكن الاستفادة منها في مدينة الرياض. فقد بدء في تقديم خدمات النقل العام
المدعومة منذ عام 1960م، بالرغم من أن هذا لا يعني أن جميع مشغلي الخدمة ينتمون
للقطاع العام. كما تم استعراض إيجابيات وسلبيات أربعة من أشكال التنظيم هي: تخصيص
إدارة من إدارات البلدية، أو وكالة غير مستقلة لخدمة بلدية واحدة، أو وكالة مستقلة
لخدمة عدد من البلديات المختلفة، أو شكل آخر يستنبط من الأشكال السابقة. كما تم
تشخيص الوضع لأربعة من المدن الكندية هي: تورنتو (4.5 مليون نسمة)، ومونتريـال
(3.5 مليون نسمة)، وأوتاوا (مليون نسمة)، وفانكوفر (2 مليون نسمة). وبالرغم من أن
النقل العام هو مسئولية القطاع العام، يلاحظ وجود مشاركة مقدرة من القطاع الخاص،
وأن بعض المشغلين من القطاع الخاص يقومون بتشغيل بعض أنظمة النقل العام الصغيرة،
إلى جانب قيامهم بتشغيل بعض الأنشطة والخدمات المحددة عن طريق العطاءات. وقد تم
تشييد نظام قطار فانكوفر الطائر على أساس نظام (BOT)التشييد والتشغيل بواسطة القطاع الخاص
ثم التحويل للقطاع العام، ولكن هذا لا يغير من أهمية ضرورة التخطيط للخدمات عموماً
والإشراف عليها بواسطة وكالات القطاع العام. وقد برهنت التجربة الكندية أن النقل
العام يمكن أن يكون جاذباْ لفئات المجتمع الوسطى حتى في المجتمعات التي تعتمد على
السيارة الخاصة في التنقل. كما أوضحت أيضاً: 1) أهمية التكامل بين إدارة النقل
العام والمهام الحكومية الأخرى، 2) تحتاج الجهة المسئولة عن النقل العام إلى
استقلالية لاتخاذ قرارت التشغيل، 3) يحتاج النقل العام إلى مصادر تمويل ثابتة
ومعروفة المصدر.
قدم
البرفسور تشورزوسكي ورقة بعنوان "موجهات تمويل وتشغيل
وإدارة أنظمة النقل العام، دراسة لتجارب من مجموعة الدول الأوروبية" حيث أوضحت أنه وعند مراجعة
نتائج الدراسات والمشاريع المنجزة في مجموعة دول السوق الأوربية المشتركة وكذلك
نتائج مؤتمر وزراء النقل لدول هذه المجموعة يتبين لنا ما يلي:
·
معظم
المدن الأوربية تقوم بإعادة هيكلة نظم النقل العام فيها لتحقيق الاستدامة البيئية
لهذه النظم.
·
إن
نظم النقل العام ما زالت تلعب دوراً مهماً في توفير سبل التنقل لفئات المجتمع التي
لا تمتلك مركبات خاصة وكذلك كوسيلة لتفادي الازدحام لشريحة كبيرة ممن يمتلك مركبات
خاصة.
·
إن
رفع كفاءة وفعالية نظام النقل العام لا يقتصر على تشييد نظم جديدة عالية الكلفة بل
قد يمكن تحقيقه من خلال تحسين استخدام المعدات والبنية التحتية للأنظمة القائمة.
·
إن
الإدارة النوعية والتنسيق بين مختلف وسائط النقل تستخدم بشكل متزايد لرفع كفاءة
أداء نظام النقل العام.
·
هناك
ميل متزايد نحو الفصل بين هيئات نظم النقل العام والجهات العاملة على تشغيل هذه
النظم حيث يؤخذ هذا بالاعتبار منذ بداية إعداد طلبات العروض.
·
تعتبر
سبل التمويل وتعرفة الاستخدام من الأمور المهمة جدا حيث أثبتت التجارب أن هناك
فرصة ضئيلة جدا لتوفير تكاليف تشغيل نظام النقل العام من خلال تحصيل أجور الاركاب
وأنه لا بد من دعم تمويل تشغيل النظام من مصادر أخرى.
وقد
تم مناقشة العديد من الأمور والقضايا بعد عدد من المحاضرات التي قدمت وكان من أبرز
القضايا التي نوقشت إمكانية استخدام التجارب الأجنبية في تطوير نظام النقل العام
في المجتمع السعودي بما فيه من خصوصية ثقافية واجتماعية وبيئية كما تم التأكيد على
ضرورة البحث عن البدائل المناسبة لأنماط النقل العام التي تلائم خصائص مدينة
الرياض الاجتماعية والبيئية كما تم التطرق إلى دور القطاع العام في المساهمة
بتوفير نظام النقل العام المناسب.
4- حـلـقـات الـنـقــاش :
لقد
تم دعوة عدد من الخبراء والمختصين للمشاركة في حلقات نقاش تناولت بالبحث الوضع
الراهن والمستقبلي للنقل العام بمدينة الرياض، حيث تم في هذه الحلقات التي استمرت
ليوم ونصف مناقشة دور نظام النقل العام بمدينة الرياض بوضعه الراهن ومستقبله
المنظور والمتطلبات المالية والمؤسسية لهذا النظام وكذلك فرص تمويل إنشائه
وتشغيله، مع التطرق لمختلف التجارب العالمية في هذا المجال. كما تم في هذه الحلقات
البحث في إمكانية ومتطلبات تشييد مشروع نقل عام تجريبي بمدينة الرياض.
شارك
في هذه الحلقات بالإضافة إلى عدد من الخبرات العالمية المتميزة، مهنيين من الجهات
المحلية التالية: وزارة المواصلات وأمانة مدينة الرياض والهيئة العليا لتطوير
مدينة الرياض والشركة السعودية للنقل الجماعي وإدارة مرور الرياض ووزارة الشؤون
البلدية والقروية وجامعة الملك سعود وجامعة الملك فهد وجامعة الملك عبد العزيز،
وقد تم في بداية هذه الجلسات تقديم عرض لمستقبل مدينة الرياض من حيث تمددها
الجغرافي وفق مرئيات مشروع المخطط الاستراتيجي الشامل. حيث أتضح انه من المتوقع أن
تتحول مدينة الرياض من مدينة أحادية المركز إلى مدينة متعددة المراكز يربط بين هذه
المراكز محاور ذات أنشطة تجارية وكثافة سكانية وفرص وظيفية عالية.
وقد
تركزت محاور النقاش على النقاط الرئيسية التالية:
1-
الحاجة
إلى التنقل.
2-
الخلفية
الاجتماعية.
3-
العلاقة
بين التطوير العمراني ونظام النقل.
4-
الهياكل
المؤسسية.
5-
الإجراءات
الكفيلة لاستدامة نظام النقل.
6-
الأمور
التمويلية.
7-
البدائل
المتاحة لنظام النقل بمدينة الرياض. ( مشروع تجريبي ).
أما
بما يخص احتياجات التنقل فقد عبر المحاورون عن ضرورة بناء قاعدة معلومات عن الطلب
الحالي والمستقبلي للتنقل بالمدينة. كما أشار المحاورون إلى تفرد المجتمع السعودي
بشكل عام وسكان مدينة الرياض بشكل خاص بعدد من الخصائص الاجتماعية ذات العلاقة
والتأثير على نظام النقل العام.
وقد
تم التأكيد على أن نظام النقل العام المنشود بمدينة الرياض هو وسيلة للمساهمة
بتامين سبل التنقل الآمن واليسير وليس هدفا بحد ذاته.
إن
الخلفية الاجتماعية تحتم ضرورة البحث المتأني عن واسطة النقل العام المناسبة حيث
إن الغالبية العظمى من السكان قد درجت على استخدام المركبة الخاصة كوسيلة وحيدة
للتنقل وعزفت عن استخدام وسائط النقل العام المتوفرة ذات المستوى المتواضع.
على
خلاف البلدان الأخرى فان المدينة لم تعهد وجود نظام نقل عام ذو كفاءة عالية.
وأن
المتطلبات الخاصة لنقل النساء بما في ذلك من خصوصية يتطلب العمل الحثيث لاستنباط
حلول فريدة.
كما
أكد عدد من المحاورون العلاقة الوثيقة بين التصور المتنامي لنظام النقل العام ونمط
التطوير العمراني المتمثل بتحويل المدينة من أحادية المركز إلى مدينة ذات خمس
مراكز فرعية تربط هذه المراكز محاور تطوير مكثف.
كما
إتفق المحاورون على أن الاعتماد على المركبة الخاصة للتنقل في مدينة الرياض التي
يتوقع ان يصل عدد سكانها إلى 10 ملايين نسمة هو أمر غير قابل للاستدامة.
لقد
أثار موضوع الهياكل المؤسسية المطلوبة لتخطيط وتطوير وتشغيل نظام النقل العام
الكثير من المناقشات والحوار حيث تباينت الآراء في هذا الخصوص ، وقد رأى معظم
المحاورون ضرورة تأسيس هيئة متخصصة لنظام النقل على مستوى المدينة.
وقد
أكد المحاورون أن قيام مثل هذه الهيئة لا يتعارض مع التنظيمات الإدارية القائمة في
المدينة.
كما
تمت الإشارة إلى أن الإدارات البلدية بشكلها الحالي غير مهيأة للقيام بعملية تخطيط
وتصميم والإشراف على تشغيل نظام النقل العام على مستوى المدينة بالشكل المطلوب.
كما
تم التأكيد على أهمية استقلالية هيئة النقل العام المقترحة عن الجهات المسؤولة عن
تشغيله.
كما
أبدى البعض قناعتهم بإمكانية قيام الأجهزة الإدارية الحالية بمهمة هيئة النقل
المقترحة دون الحاجة إلى استحداث هذه الهيئة.
كما تم في هذه الجلسة مناقشة موضوع
الحافلات الخاصة حيث تم التطرق إلى السلبيات المصاحبة لأداء هذه الحافلات.
وأوصى
النقاش باتباع وتفعيل سياسة "ادفع" و"اسحب"
كواحدة من أنجح السبل لضمان استمرارية
تطوير النقل. وبما أن "سحب" المستخدمين بواسطة النقل
العام لا يكفي وحده لإحداث التغيير المنشود في وسائط التنقل، نجد أنه من الأهمية اتخاذ
معايير تدعم سياسة "ادفع" مثل فرض رسوم على استخدام المواقف،
وعلى استخدام الطريق وزيادة تكاليف تشغيل السيارة الخاصة. كما يجب الاستفادة من
أسباب تدني خدمة الشركة السعودية للنقل الجماعي في الرياض.
وخلال
مناقشة قضية تمويل النقل العام، كان هناك اتفاق عام على أن دعم النقل العام من قبل
الدولة أمر حيوي ويتفق مع اهتمام الجمهور، حيث أثبتت التجارب العالمية أن
الاستثمار في البنية التحتية للنقل العام أمر غير مربح لدرجة تشجع القطاع الخاص
على الدخول في مشروع التشييد والتشغيل والتحويل المعروف اختصاراً باسم BOT.
إلى جانب ذلك، وفي حالة المملكة العربية السعودية حيث تكلفة تشغيل السيارة الخاصة
منخفضة جداً، لا توجد إمكانية لتوفير خدمات النقل العام بالمستوى المطلوب، ويتم
تمويلها من عائد التشغيل.
وتم
التذكير بأن سياسة فرض الضرائب المعمول بها في دول أخرى لتوفير سبل التمويل خاصة لمشاريع
النقل غير مطبقة في المملكة. وقد تباينت الآراء حول دور القطاع الخاص في الاستثمار
في تشييد البنية التحتية للنقل العام والتي قد تتطلب مبالغ مالية كبيرة. كما أشار
عدد من المتحدثين إلى أنه من الممكن عمل الكثير باستخدام أساليب أقل تكلفة مثل
النقل الذكي، والإدارة المرورية وغيرها. وهذا يتطلب اعتبار النقل العام جزءاً من
نظام النقل عموماً.
وبالرغم
من أنه قد تم طرح عدد كبير من خيارات النقل لمدينة الرياض كحالة لها خصائصها
المتميزة، إلا أنه لم يتم الاتفاق على أي الحلول هو الأنسب بدون القيام بإعداد
دراسات أكثر تعمقاً. ولكن ركز معظم المتحدثون في هذا السياق على ضرورة القيام
بإجراءات عاجلة مثل الشروع التجريبي الذي يمكن للقائمين على أمر النقل من اختيار
ما هي أحسن الخدمات التي يمكن أن تكون مقنعة وجاذبة لسكان المدينة.
وفي
هذا السياق فقد تم عرض ملخص للمدخل الذي يمكن تبنيه للقيام بهذا المشروع. وقد برز
رأي بإدخال النقل الخاص مثل نقل المدارس ضمن الدراسة التجريبية، وقد جاء ذلك ضمن
مناقشة مفهوم النقل العام، حيث رأى بعض المشاركين ضرورة عمل تحليل لكل أنواع النقل
التي لا تقتصر على نقل الأفراد. بمعنى ألا يكون التركيز على حافلات النقل العام
فقط ولكن أيضاً نقل المجموعات، وحافلات المدارس وحافلات الأفراد، وحتى سيارات
الأجرة (التاكسي).
5 ـ مشـروع تجـريبـي للنقـل
العام بـمدينـة الريـاض
في اليوم الثالث من ورشة العمل عرض
الخبير الأمريكي رسل شوزلم تجربة مدينة
لوس أنجلوس الأمريكية في تشييد وتشغيل نظام حافلات سريعة. فقد تم إيقاف مشروع لقطارات
الأنفاق بهذه المدينة بسبب تكاليفه العالية، كما أن نظام الحافلات القائم آنذاك
كان عاجزا عن الإيفاء باحتياجات التنقل الأمر الذي أدى إلى اختيار مسارين لاختيار
مشروع تجريبي باستخدام حافلات شبيهة بالقطارات ذات منظر جذاب ومحبب إلى المستخدمين
وكذلك تصميم مواقف وأماكن انتظار مريحة لركاب هذه الحافلات. وقد أدى تشغيل هذا
النظام إلى تخفيض زمن الرحلات بمعدل 25 ـ 38 % وازدياد نسبة الاركاب بـ 30 ـ 33 %
بالإضافة إلى استخدام النظام من قبل عدد من ذوي الدخل المرتفع. وقد أدت هذه
النتائج إلى اتخاذ القرار من قبل الجهات المعنية بتعميم هذه التجربة في لوس
أنجلوس.
بعدها
قدم د.هيربرت نويلاند و د. مارتن بوت من ألمانيا منهجية مقترحة لتشييد نظام نقل عام تجريبي بمدينة الرياض.
حيث تضمنت هذه المنهجية الخطوات الرئيسية التالية:
-
التنظيمات
المؤسسية: تحديد الجهة المتبنية للمشروع، والتأكد من توفر الدعم السياسي، وتخصيص
ميزانية مالية، وتأسس إدارة للمشروع.
-
تقويم
عناصر المشروع التجريبي: تحديد الأهداف، وتحديد المشاكل والصعوبات، ووضع خطة
للمراقبة والتقويم.
-
تعريف
حدود المشروع التجريبي: الحدود الجغرافية، وإطار الجدول الزمني، والميزانية
والمواصفات.
-
الموافقة
على المشروع.
-
تطبيق
المشروع، وتطبيق خطة المراقبة وتقويم الأداء.
-
حملة
توعية عامة.
-
تقويم
المشروع وصياغة النتائج.
أظهرت
نتائج المناقشات بخصوص المشروع التجريبي بمدينة الرياض أهمية استخدام وسائط نقل
متميزة ومختلفة عن الوسائط المستخدمة حالياً ولو كان الاختلاف بالمظهر فقط، أي
استخدام حافلات ولكن ذات مظهر مختلف عن المظهر الحالي. كما أشار المحاورون إلى أن
التقانات الحديثة بإمكانها الإيفاء بمثل هذا الطلب.
كما
أكد المحاورون على ضرورة النظر في مصادر ومقاصد الرحلات المتوقع استخدامها للنقل
العام، ولا يكفي التركيز على مسارات النقل العام فقط، مما يسمح باستخدام بدائل
تقانية مختلفة واستقصاء وفاعلية كل منها.
لقد
تم تقدير الفترة الزمنية اللازمة لتطبيق مشروع النقل العام التجريبي بمدينة الرياض
بعامين. كما تم في هذه الجلسة مناقشة المتطلبات المؤسسية والتقنية والمالية
اللازمة لتشييد المشروع التجريبي.
6- الـنـتـائـج
لقد أثمرت حلقات النقاش والمداخلات التي قدمت أثناء هذه الورشة
عن الاتفاق على عدد من الأمور والتي كان من أهمها:
1-
أن
معدل النمو الذي تشهده المدينة ومعدل ملكيات السيارات في المدينة يؤكد عدم تمكن
نظام النقل الحالي في توفير احتياجات التنقل المتوقعة مستقبلاً.
كما تؤكد الخبرات والتجارب العالمية أن تطوير شبكات الطرق لن
يستطيع بمفرده الإيفاء باحتياجات التنقل وانه لا بد من وجود نظام نقل عام يساهم في
سد احتياجات التنقل في مدينة الرياض كجزء من نظام نقل شامل.
2-
إن
من أهم عوامل نجاح نظام النقل العام بمدينة الرياض هو أن يأخذ النظام المقترح
بالاعتبار الخلفيات الاجتماعية والثقافية الخاصة بمدينة الرياض.
3-
إن
نظام النقل العام القائم بمدينة الرياض يعاني من عدد من المشاكل تحول بينه وبين
تأديته لدوره على الوجه المطلوب. وقد تم في هذه الورشة التعرف على عدد من هذه
المشاكل والتي يجب أخذها بالاعتبار عند تصميم أي نظام نقل عام جديد في المدينة.
4-
أثبتت
التجارب العالمية أن للقطاع العام الدور الأهم في وضع النظم والتشريعات الخاصة
لتشييد وتشغيل نظم النقل العام بينما يلعب القطاع الخاص الدور الأكبر في تشغيل نظم
النقل العام كما هو الحال في عدد كبير من المدن العالمية الكبيرة حيث يكون أداء
القطاع الخاص في تشغيل نظام النقل العام أكثر فاعلية من أداء القطاع العام وخاصة
إذا ما توفر له الدعم الكافي من القطاع العام.
5-
هناك
حاجة لإعادة البنية المؤسسية الكفيلة بتطوير نظام النقل العام داخل مدينة الرياض
وذلك لعدم تمكن الهياكل المؤسسية القائمة حاليا بالنهوض بمستوى خدمات النقل العام
بمدينة الرياض إلى المستوى المطلوب.
6-
ضرورة
العمل على إنجاز دراسة مسهبة للبحث في البدائل المتاحة لتطوير نظام نقل عام آمن
وفعال بمدينة الرياض. بما في ذلك تحديد الأهداف بوضوح وتقويم البدائل التقنية
المتاحة ودراسة التكلفة مقابل الفوائد المرجوة بالإضافة إلى البحث في الهياكل
المؤسسية المطلوبة لتشييد وتشغيل هذا النظام وكذلك البحث في إمكانية مشاركة القطاع
الخاص في هذا المجال .
7-
كخطوة
أولى تجاه تطوير نظام نقل عام شامل فقد تم اقتراح تشييد مشروع نقل عام تجريبي
ليكون بمثابة المستقصي لعوائد ومتطلبات نظام نقل عام ناجح وفعال ، حيث تكون
النتائج من المعطيات الرئيسية للدراسة الشاملة لنظام النقل العام بالمدينة . كما
أوصى المحاورون أن يتم البدء بتصميم هذا المشروع بأسرع وقت ممكن .
حمله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق