تحديات تحقيق الأمن المائي العربي
دراسة حالة - حوض نهر النيل
د. عباس محمد شراقي
استاذ الموارد الجيولوجية والمائية المشارك ، قسم الموارد الطبيعية
معهد البحوث والدراسات الأفريقية – جامعة القاهرة - مصر
مقدمة:
تعاني أغلب المناطق العربية من ندرة المياه نظراً للموقع الجغرافي الكائن في المنطقة الجافة وشبه الجافة من الكرة الأرضية حيث قلة الأمطار، وارتفاع درجة الحرارة وزيادة معدلات البخر. ومنذ أكثر من 60 عاماً فقدت الأقطار العربية جزءً هاماً من مياهها نتيجة للاحتلال الاسرائيلي لبعض الأراضي العربية بما فيها من مصادر للمياة العذبة مثل مرتفعات الجولان (سوريا) ونهر الأردن (الأردن) وعلى جزء آخر من المياه الجوفية بالضفة الغربية وغزة (فلسطين).
كما تتجه معظم الدول العربية نحو نقص حاد في الموارد المائية، وذلك لأسباب عدة يأتي في مقدمتها النمو السكاني وما يتبعه من زيادة في مساحة الرقعة الزراعية، وازدياد مناطق التحضر وإنشاء مدن جديدة، وتطوير المدن الحالية، والتوسع في الأنشطة الصناعية، وارتفاع مستوى معيشة ورفاهية الإنسان العربي، تلوث المياه، استنزاف خزانات المياه الجوفية الغير متجددة، بالإضافة إلى العوامل الطبيعية مثل سيادة المناخ الجاف وشبه الجاف في أغلب أنحاء العالم العربي، عدم تجدد معظم خزانات المياة الجوفية.
تشكل المياه الخارجية السطحية حوالي 54% من جملة المياه العربية المتجددة سنوياً. ومما يزيد من حدة مشاكل المياه في العالم العربي التهديدات الخارجية من دول منابع الأنهار الغير عربية مثل المنابع الاستوائية والاثيوبية لنهر النيل التي تشكل 85%من إيراد نهر النيل، والمنابع التركية لنهري دجلة والفرات التي تشكل 52، 90% من الإيراد السنوي للنهرين، على الترتيب. وتكمن التهديدات الخارجية من دول مثل إثيوبيا وتركيا، واسرائيل والسنغال بإنشاء مشروعات مائية من شأنها خفض حصص المياه التي تصل إلى بعض الدول العربية مثل ومصر وشمال السودان وسوريا والعراق وفلسطين وموريتانيا. كما أن الأحداث السياسية الأخيرة مثل انفصال جنوب السودان بعد استفتاء التاسع من يناير 2011، وتوتر العلاقات بين دول منابع نهر النيل وعلي رأسهم إثيوبيا ودولتي المصب مصر والسودان الشمالي، مما أدى إلى توقيع مفوضية جديدة تضم ستة دول من دول منابع نهر النيل (إثيوبيا – أوغندا- تنزانيا – رواندا – كينيا - بوروندي)، والتي تهدف إلى إعادة توزيع عائد مياه النيل بين دول الحوض وعدم الاعتراف بالاتفاقيات المائية المبرمبة سابقاً، وحق انشاء مشروعات مائية (سدود) في دول المنابع دون الرجوع إلى دول المصب. تضفي هذه الأحداث السياسية بظلالها علع تهديد الأمن المائي العربي خاصة لدول المصب، وتهدف هذه الورقة إلى:
1- إلقاء الضوء على الميزان المائي العربي والتحديات العامة التي تعترض تحقيق الأمن المائي العربي مع التركيز على التحديات الطبيعية في دول منابع نهر النيل وبصفة خاصة إثيوبيا التي تمد نهر النيل بحوالي 85% من الايراد السنوي الذي يقدر بحوالي 84 مليار م3 عند أسوان.
-2 مناقشة إمكانية إثيوبيا من الناحية الجيولوجية والجغرافية من القيام بإنشاء سدود عظمى من شأنها التأثير على حصة مصر والسودان المائية.
3- تقييم أثر المشروعات المائية القائمة أو التي تحت الإنشاء في إثيوبيا على الحصة المائية لكل من مصر وشمال السودان، والتعرف على المشروعات المائية المستقبلية في إثيوبيا، وإيجاد سبل للخروج من الأزمة الحالية بين دول المنبع من جهة ودول المصب (مصر والسودان) من جهة أخرى.
الموارد المائية المتاحة في الوطن العربي:
يبلغ متوسط كمية المياه السطحية المتجددة سنوياً حوالي 300 مليار م3 (جدول 1) وهي تمثل 0,67% من إجمالي الموارد المائية السطحية المتجدد في العالم والتي تقدر بحوالي 44,8 تريليون م3 (Gleick 1993,)، وهذه المياه عبارة عن مياه سطحية خارجية واردة من الدول المجاورة، وأخرى داخلية ومياه جوفية.
والمياه السطحية ممثلة في الأنهار التي لا يتجاوز عددها في الوطن العربي عن خمسين نهرا. وتتمثل الأنهار الرئيسية في نهر النيل والفرات ودجلة والعاصي ونهر الأردن ونهر السنغال. والمياه السطحية موزعة توزيعاً غير متجانس، فهناك ثلاثة أقطار عربية هي العراق وشمال السودان ومصر يستحوزون على ثلثي هذه المياه (197,4 مليار م3)، معظمها من ثلاثة أنهار هي النيل ودجلة والفرات، إذ يبلغ التصرف السنوي لنهر النيل 84 مليار م3 عند أسوان، ونهر دجلة الذي ينبع من مرتفعاتجنوبي شرق تركيا، ويقدر تصريفه السنوي عند دخوله الأراضي العراقية بحوالي 42 مليار م3، ويقدر تصرف نهر الفرات عند دخول الأراضي السورية بحوالي 3,14 مليار م3 (Zanboaa, 2007)، بالاضافة إلى أكثر من 45 نهرًا صغيرًا دائم الجريان في الوطن العربي (Baiaty, 1996).
يتراوح متوسط سقوط الأمطار في العالم العربي بين صفر و 1800 مم/سنة، ومتوسط البخر حوالي 2000 مم/سنة (El-Quosy, 2009). ويقدر متوسط هطول الأمطار السنوي في المنطقة العربية بحوالي 2288 مليار م3 سنويا قبل انفصال جنوب السودان الذي يبلغ كمية الأمطار به حوالي 800 مليار م3 سنوياً، مما يعني أن الدول العربية فقدت أكثر من ثلث مياة الأمطار، بصافي قدره 1488 مليار م3 سنويا (أقل من ربع مياه الأمطار التي تسقط على دولة الكونغو الديمقراطية).
تنقسم المياه الجوفية في العالم العربي إلى متجددة وغير المتجددة "أحفورية"، وتقدر كمية الموارد المائية الجوفية المتجددة بنحو 42 مليار م3سنوياً، بينما يصل حجم الموارد المائية الجوفية الغير المتجددة إلى 1500 مليار م3 (Salama, 2001).
يوجد في معظم الدول العربية مصادر مائية أخري غير تقليدية وهي تحليه مياه البحر والمياه الجوفية ذات نسبة الملوحة العالية، والمياه المعالجة من مياه الصرف الصحي والزراعي. وتعد عملية تحليه مياه البحر الأكثر انتشارًا في دول الخليج العربي والجزيرة العربية. ويقتصر استعمال مياه الصرف الزراعي المعالجة على مصر إذ يبلغ حجم مياه الصرف الزراعي المعالج حوالي 5 مليار م3 سنوياً. وتبلغ جملة ما ينتجه الدول العربية من المياه الغير تقليدية حوالي 10 مليار م3 سنوياً (Zanboaa, 2007).
استعمالات المياه في الوطن العربي :
تتنوع استعمالات المياه في الوطن العربي على ثلاثة مجالات رئيسية هي الزراعة والأغراض المنزلية والصناعة. رغم أن الأراضي الزراعية او الصالحة للزراعة في المنطقة العربية لا تشكل أكثر من 11% من اجمالي المساحة، إلا أنها تستهلك 81% من المياه في الأغراض الزراعية، وتستهلك الأغراض المنزلية 13% والصناعة 7% من المياه المتاحة سنوياً (AQUASTAT, 2010). وتقدم الدول العربية دعما ماليا كبيرا لقطاع المياه، وتنفق الدول العربية الخليجية مبالغ كبيرة على تحلية مياه البحر رغم الارتفاع النسبي لتكلفة تحلية المتر المكعب من المياة المالحة الذي يتراوح بين 1-2 دولار أمريكي.
التحديات الداخلية لتحقيق الأمن المائي العربي:
-1 زيادة عدد السكان في العالم العربي بمعدل 2% سنويا، حيث وصل في عام 1997 إلى حوالى 262 مليون نسمة ثم الى 294 مليون نسمة عام 2000، إلى أن بلغ 350 مليون نسمة في منتصف عام 2011م، PRB, 2011)، ومن المتوقع أن يصل سكان العالم العربي إلى حوالي 450 مليون نسمة عام 2025. لايقابل الزيادة السنوية للسكان العرب زيادة في الموارد المائية.
بالرغم من أن عدد السكان في الدول العربية يشكل حوالي 5% من سكان العالم (7 بليون نسمة)، ويقطنون 13,61 مليون كم2 (9,2% من مساحة اليابس للكرة الأرضية)، إلا أن نصيب الفرد العربي من المياه المتجددة يصل إلى أقل المستويات العالمية حتي بلغ 841 م3/فرد/سنة عام 2011م، بعدما كان 3300م3 سنوياً في عام 1960، في الوقت الذي يصل فيه متوسط نصيب الفرد عالمياً إلى 6396 م3، وإفريقياً إلي 4372 م3/سنة، أي أن نصيب الانسان العربي دون الحد الأدنى لحاجة الفرد أو الاستقرار المائي في السنة البالغ 1000 م3، ومن المتوقع أن يتجه نصيب الإنسان العربي من المياه المتجددة إلي الانخفاض حتى يصل إلى 668 م3/فرد سنويا (شكل 1)، ونحتاج إلى 77,37 مليار م3
شكل (1) نصيب الفرد العربي من المياه المتجددة عام 2011 والمتوقع عام 2025.
مصادر البيانات: AQUASAT, 2010 and BRB, 2011
للحفاظ علي نصيب الفرد الحالي (841 م3/فرد/سنه) خلال الأربعة عشر عاما القادمة، أي بمعدل 5,5 مليار م3 سنوياً.
-2 تواضع كمية الأمطار في الربوع العربية حيث أنها تصل إلى حوالي 1488 مليار م3، بعد انفصال جنوب السودان الذي يستحوز بمفرده على أكثر من ثلثي مياه الأمطار (أكثر من 800 مليار م3) التي تسقط على جميع الأقطار العربية مجتمعة.
-3 التوزيع الغير متجانس لمياة الأمطار القليلة سواء المكاني أو الزمني، حيث يتلقي حوالي 65٪ من الدول العربية أمطاراً أقل من 100 مم/سنوياً، وحوالي 25% أقل من 250 مم/سنوياً، والباقي معظمه أقل من 500 مم/سنة (مناخ البحر المتوسط شبه الرطب)، والقليل أكثر من 500 مم/سنة، وتتركز الأمطار في موسم قصير خلال فصل الشتاء، كما أنها أيضاً متذبذبة من عام إلى آخر.
-4 التوزيع الغير متجانس أيضا للمياة السطحية، حيث تحتوي 14 دولة عربية على 6,17% فقط من الموارد المائية المتجددة سنويا على الأراضي العربية (جدول 1)، وثلاث دول على أكثر من 65%، حيث أن العراق بمفرده يمتلك 25% من هذه المياه، يليه شمال السودان (21,5%)، ثم مصر (19,1%).
-5 البخر الشديد الذي يسود معظم الدول العربية والذي يصل إلى أكثر من 80% نتيجة ارتفاع متوسط درجات حرارة الهواء وانخفاض الرطوبة النسبية وزيادة ساعات السطوع الشمسي (Shahin, 2007).
-6 الطبيعة الجيولوجية وقلة الأمطار ساعدا على انتشار المسطحات الصحراوية والكثبان الرملية خاصة في شمال أفريقيا والجزيرة العربية، والسلاسل الجبلية الجرداء على امتداد جانبي البحر الأحمر.
-7 تهديد التغيرات المناخية: المنطقة العربية، شأنها شأن معظم دول العالم، معرضة للتأثر إلى بالتغيرات المناخية خلال العقود المقبلة، سواء بالسلب أو بالإيجاب، وهذه التغيرات تشمل جفاف في مناطق، يقابلها أمطار في مناطق أخرى. وانقسمتالرؤي والسيناريوهات إلى ما يؤيد نقص الموارد المائية في المستقبل مسترشدين بموجات الجفاف التي تجتاح بعض المناطق العالمية، مثلما حدث في بحيرة تشاد والتي تراجعت بنسبة 95% خلال الخمسين عاما الأخيرة نتيجة قلة الأمطار والاستخدام الجائر للمياة (UNEP, 2004)، إلا أن مياة الأمطار قد ازدادت في بعض المناطق مثل منابع نهر النيل الاثيوبية في نهاية القرن الماضي (1998-2000 م)، والتي زاد فيها ايراد النهر إلى أكثر من 30% مما اضطر الحكومة المصرية إلى صرف معظم هذه الزيادة في منخفضات توشكي غرب بحيرة ناصر لحماية السد العالي، عن طريق مفيض توشكي وذلك للمرة الأولى منذ إنشاء السد العالي عام 1970.
-8 الاستخدام الجائر للمياه في العالم العربي خاصة في مجال الزراعة الذي يستهلك 81% من المياه المتاحة، فمازالت طرق الري التقليدية (الري السطحي) هي السائدة في معظم الدول العربية. فعلى سبيل المثال في مصر معظم الأراضى المزروعة حاليا، تروى بنظام الرى السطحى. فالمساحة المزورعة حاليا من الأراضى القديمة والجديدة حوالى 8 مليون فدان، منها حوالي 6 مليون فدان تزرع بنظام الرى السطحى حيث يستخدم المزارعون مياه أزيد من احتياجاتهم، ويفقد جزء كبير من مياه الرى عن طريق البخر والرشح.
-9 استخدام المياه في الممارسات الزراعية الخاطئة مثل زراعة المحاصيل الشرهة للمياه في الأراضي الصحراوية التي تعد استنزافاً للموارد المائية، كما يحدث في زراعة الأرز (كيلو جرام أرز يحتاج 2-5 م3 مياه) في دلتا النيل وبعض الواحات المصرية،وكذلك قصب السكر في وادي النيل في مصر والسودان، وبالتالي تدني إنتاجية وحدة المياه بسبب عدم كفاءة استخدامها.
-10 تلوث الموارد المائية: تلوث المجاري المائية (الأنهار وقنوات الري) نتيجة إعادة مياه الصرف الزراعي الملوثة بالاملاح ومبيدات الآفات والحشائش، أو مياه الصرف الصحي الغير معالج بطريقة سليمة إلى النظام المائي في حالة غير قابلة للاستعمال.زيادة ملوحة المياه الجوفية الغير متجددة عن طريق السحب الجائر الذي يؤدي أيضاً إلي انخفاض منسوب الماء الجوفي واختلاطها بالمياة المالحة كما هو الحال في منطقة وادي النطرون (غرب دلتا النيل) والساحل الشمالي لدلتا النيل في مصر.
-11 غياب الوعي البيئي لدى بعض متخذي القرار أدى الى تلوث المياه وتدهور نوعيتها، وأيضا عند المواطن العربي بصفة عامة في التعامل مع المياه، وعدم اتباع مبدأ ترشيد الاستهلاك اليومي او السنوي العام.
12- التحديدات الخارجية للأمن المائي العربي وهي تتمثل في أربعة تحديات مع دول الجوار الجغرافي:
أولاً: التحديات التي تواجه مصر والسودان مع دول منابع النيل وعلى رأسهم إثيوبيا.
ثانيا: التحديات التي تواجه مصر وشمال السودان مع الدولة الوليدة جنوب السودان والتي تعتبر مستقبل العرب وخاصة مصر وشمال السودان في توفير حوالي 20 مليار م3 من اجمالي 30 مليار م3 يتم فقدها في منطقتي السدود ومشار، وذلك عن طريق بعض المشروعات المائية في جنوب السودان مثل قناة جونجلي التي يمكن أن توفر في مرحلتها الأولى 4 مليار م3.
ثالثاً: التحديات التي تواجه الأمن المائي السوري والعراقي والتي تتمثل في خفض حصص المياه لكل من سوريا والعراق بسبب المشروعات التركية على نهري دجلة والفرات.
رابعاً: الاطماع المائية الاسرائىلية في مياه جنوب لبنان والجولان والضفة الغربية وغزة.
خامساً: النزاع الكامن بين موريتانيا والسنغال على مياه نهر السنغال المجرى الدائم الوحيد في موريتانيا، ولإسباب أخري عديدة منها ماهو اجتماعي واقتصادي وتاريخي، ولقد عقدت عدة اتفاقيات بينهما لاستثمار مياه نهر السنغال منها التي ابرمتعام 1974 بالإشتراك مع مالي والتي سميت بـــ OMVS (Moqatel, 2011).
التحديات الخارجية لتحقيق الأمن المائي العربي:
يحصل العالم العربي علي حوالي 54% من موارده المائية السطحية من مناطق جغرافية تقع خارج حدوده، ومن أهم هذه الموارد حوض نهر النيل وحوض نهري دجلة والفرات، على سبيل المثال تعتمد الكويت اعتماداً كليا (100%) على مصادر المياه من خارج حدودها، كما أن نسبة اعتماد مصر وموريتانيا وسوريا والبحرين على المياه الخارجية حوالي 97% (جدول 1).
أولاً- حوض دجلة والفرات:
ينبع نهري دجلة والفرات من ذوبان الثلوج بمرتفعات جنوب شرق هضبة الأناضول في تركيا، ويعبران أراضي سوريا والعراق، ثم يلتقيا في نهر واحد هو شط العرب قبل المصب بعد مسافة تبلغ نحو 1718 كم ، ينبع نهر دجلة من المرتفعاتالتركية لمسافة 485 كم، و 1415 كم في الأراضي العراقية، كما يبلغ متوسط إيراده السنوي إلى 52 مليار م3، حيث تساهم تركيا بحوالي 40%، والعراق بنسبة 51%، وإيران بنسبة 9% من مجموع التدفق السنوي (Beaumont, 1992).
يمر نهر الفرات بثلاث دول هي: تركيا، وسورية، والعراق، ويبلغ طوله من منبعه إلى مصبه أكثر من 2330 كم، منها 442 كم في تركيا، و 675 كم في سوريا، 1213 كم في العراق. وتبلغ مساحة حوض تصريفه حوالي 444 ألف كم2.ويصل متوسط تصريفه السنوي إلى 32 مليار م3، حيث تساهم المرتفعات التركية بحوالي 90% من متوسط ايراد نهر الفرات، والباقي يأتي من سوريا.
وتسعي تركيا إلى تعزيز سيادتها على مياه نهري دجلة والفرات عن طريق إقامة العديد من المشروعات المائية (سدود ومحطات كهرباء) في الجنوب الشرقي من البلاد (المنطقة المحاذية للحدود السورية) على نهري دجلة والفرات لتحقيق توازن اقتصاديبين هذه المنطقة وباقي المناطق التركية. وخططت الدولة لتنميتها بإقامة سلسلة من السدود المعروفة باسم "مشروع جنوب-شرق الأناضول"جاب" GAP (بالتركية: (Güneydoğu Anadolu Projesi,) لحجز كميات من المياه للري والزراعة وتوليد الطاقة الكهرومائية. وتتضمن الخطة إقامة 13 مشروعاً للري وتوليد الكهرباء، وذلك بإنشاء 17 سداً على نهر الفرات، وأربعة سدود على نهر دجلة، و 17 محطة لتوليد الطاقة الكهرومائية على النهرين وروافدهما وذلك لري 1,8 مليون هكتار (Moqatel, 2011). وسيؤدي تنفيذ المشروعات التركية إلى وقوع الضرر على كل من سوريا والعراق، وتم عقد حوالي 10 اتفاقيات بين دول حوض دجلة والفرات لتنظيم تدفق المياه إلي سوريا والعراق، بدءً من معاهدة لوزان عام 1920م إلى اتفاق سوريا والعراق عام 1990 (Salama, 2001).
ثانياً- حوض نهر النيل:
نهر النيل هو أطول أنهار العالم حيث يبلغ طوله 6650 كم، ويمتد من دائرة العرض 4 درجة جنوباً إلي 32 درجة شمالاً، ويغطي حوض النيل مساحة 3,4 مليون كم2 في 11 دول أفريقية هي من المنبع إلى المصب: تنزانيا - الكونغو اليمقراطية –أوغندا – كينيا – بورندي – رواندا – إثيوبيا – إرتريا – جنوب السودان – شمال السودان - مصر (شكل 2)، ورغم ذلك فإن تصرفه عند أسوان من أقل التصرفات النهرية (84 مليار م3 فقط) علي مستوي العالم. يشكل حوض النيل تنوعا جغرافيا فريداً، بدءاً من المرتفعات المطيرة في الجنوب حتي وصوله إلى سهول صحراوية فسيحة في أقصي الشمال، وهو النهر الوحيد الذي يجري من الجنوب إلى الشمال. وينبع نهر النيل من مصدرين رئيسيين هما:
1- هضبة البحيرات الاستوائية والتي تشارك بحوالي 13 مليار م3 (15% من إيراد نهر النيل عند أسوان)، تشمل بحيرات فيكتوريا - كيوجا – إدوارد - جورج – ألبرت.
(شكل 2) خريطة حوض النيل ((Waterwiki, 2010.
2- الهضبة الإثيوبية والتي تشارك بحوالي 71 مليار م3 عند أسوان (85% من إيراد نهر النيل، (Wu and Whittington, 2006) من خلال ثلاث أنهار رئيسية: النيل الأزرق (نهر أباي في إثيوبيا، 50 مليار م3) ونهر السوباط (بارو-أكوبو في إثيوبيا، 11 مليار م3) ونهر عطبرة (تاكيزي في إثيوبيا، 10 مليار م3).
الموارد المائية في إثيوبيا:
متوسط كمية الأمطار في إثيوبيا السنوي يصل إلى 848 مم/سنة، والذي يصل إجماله السنوي إلى 936 مليار م3 (FAO, 2010)، بينما مصر تحتل المرتبة الأخيرة في أفريقيا من حيث متوسط كمية الأمطار السنوية التي تصل إلى 51 مم/سنة .(FAO, 2005) ويقدر مجموع موارد المياه السطحية المتجددة في لإثيوبيا 122 مليار م3 سنويا ((MoWR, 1999 and FAO, 2010، تجري من خلال 12 حوض نهري رئيسي.
ويجري من المياة السطحية (122 مليار م3) نحو 97 مليار م3 خارج الأراضي الإثيوبية كالأتي: 80 مليار م3 غرباً نحو نهر النيل إلى السودان ومصر، و8 مليار م3 جنوباً إلى بحيرة توركانا (كينيا)، و7 مليار م3 جنوب شرق إلى الصومال و2 مليار م3 شرقاً إلى جيبوتي، ويتبقي 25 مليار م3 داخل الأراضي الإثيوبية، أي بنسبة 3% من جملة المياة المتجددة. إثيوبيا لديها أيضاً 11 بحيرة عذبة أهمها وأكبرها بحيرة تانا منبع النيل الأزرق، 9 بحيرات مالحة، 4 بحيرات علي أفواه بركانية، وأكثر من 12 منطقة مستنقعات أو أراضي رطبة.
وبالمقارنة مع الموارد المائية السطحية فإن إمكانات المياه الجوفية في إثيوبيا متواضعة للغاية، حيث تقدر بنحو 2,6 - 5 مليار م3 سنوياً (Awulachew et al., 2007) وذلك لأسباب جيولوجية تتعلق بنوع الصخور الغير مناسبة لتكوين خزانات جوفية وبعض العوامل الأخرى (Sharaky, 2010).
التحديات الطبيعية:
تعاني إثيوبيا من العديد من التحديات او المعوقات الطبيعية الصعبة التى تواجهها عند إقامة مشروعات تنموية سواء كانت مائية أو زراعية، كبيرةً كانت أو صغيرة، أهم هذه المعوقات:
1- التضاريس:
تغطي إثيوبيا مساحة 1,13 مليون كم2، منها 99,3% يابس والباقي 0,7% مسطحات مائية معظمها بحيرات (MoWR, 2002). وبعد إنفصال إريتريا عام 1993، أصبحت إثيوبيا دولة حبيسة ليس لها أي منافذ بحرية. إثيوبيا عبارة عن هضبة وسطي ضخمة تحيط بها السهول المنخفضة عند حدودها مع الدول المجاورة. ووفقا لبعض التقديرات فإن إثيوبيا تحتوي على نحو50% من الجبال الأفريقية الأكثر من 2000 متر فوق سطح البحر، والتي تغطي مساحة 371432 كم2 (FAO, 1984)، أي مايعادل نحو ثلث مساحة إثيوبيا. يؤدي اختلاف التضاريس أيضاً إلي صعوبة نقل المياة من مكان إلى آخر. ولا تقل بقية روافد النيل في إثيوبيا مثل بارو (السوباط)، وخارج إثيوبيا مثل كاجيرا ونيل فيكتوريا ونيل ألبرت عن النيل الأزرق في شدة الانحدار (شكل 3) وبالتالي في صعوبة إنشاء سدود مائية كبرى (أكبر من مليار م3 تخزين) بغرض تخزين مياه.
2- التوزيع المكاني للأمطار:
تختلف كمية الأمطار في إثيوبيا من مكان إلى آخر، وترجع التغيرات في سقوط الأمطار في جميع أنحاء إثيوبيا إلى سببين رئيسيين: اختلاف التضاريس، والغييرات الموسمية في أنظمة الضغط الجوي التي تتحكم في نظم الرياح السائدة(Gillespie and Gritzner, 2003) طبقاً لوجودها في المنطقة المدارية. يتراوح متوسط سقوط الأمطار السنوي من حوالي 2000 مم في بعض المناطق الجنوبية الغربية إلى حوالي 100 مم في المنطقة الشمالية الشرقية (منخفض عفار)والجنوبية الشرقية في إقليم أوجادين، وينخفض معدل هطول الأمطار شمالا وشرقا من المناطق المطيرة في الجنوب الغربي (NMSA, 2006). كما يبلغ متوسط هطول الأمطار السنوي على إثيوبيا حوالي 812 مم طبقاً للمعدلات السنوية في الفترة1961-1990 (، بإجمالي حوالي 936 مليار م3 (FAO, 2010) موزعة توزيعاً مكانياً غير متجانس، حيث يجري 83% من المياة السطحية علي ثلث مساحة إثيوبيا في الجزء الغربي الذي يشمل حوض تاكيزي/عطبرة وأباي/الأزرق وبارو-أكوبو/السوباط، وأومو-جيبي، حيث يعيش في هذه المناطق 30-40% من السكان. ويساهم الثلاثة أحواض الأولى بنسبة 86% من مياة النيل عند أسوان.
3- التوزيع الزمني للأمطار:
داخل كل نطاق مناخي توجد تغيرات موسمية لنظام الضغط الجوي تساهم في خلق ثلاثة مواسم مناخية، والتي تعرف باسمKiremt ،Belg ، Bega. موسم Kiremt هو موسم الأمطار الرئيسي ويستمر عادة من يونيو إلى سبتمبر، والذي يغطي جميع إثيوبيا باستثناء المناطق الجنوبية والجنوبية الشرقية. إثيوبيا دولة زراعية بالدرجة الأولى حيث يعمل حوالي 85% من السكان في الزراعة، ويعتمد الاقتصاد الإثيوبي على المنتجات الزراعية التي تشكل 47,7% من إجمالي الناتج القومي. ويساهم فصل المطر بنسبة 90% في إنتاج المحاصيل القومية (Arsano, 2007)، وتسببت موسمية الأمطار في توقف سد تاكيزي Tekeze، والذي تم افتتاحه في 14 نوفمبر 2009، عن إنتاج الكهرباء يوم 8 مارس 2010 لحدوث إنهيار جزئي ولعدم وجود مياة كافية، وهو الآن في إنتظار موسم المطر الجديد لعام 2010 والذي يبدأ في شهر يوليو (Ethiopian Review, 2010). موسمBelg هو موسم الأمطار الخفيف ويستمر عادة من مارس إلى مايو، وهو المصدر الرئيسي للمياه في المناطق شحيحة المياة، وهي الجنوب والجنوب الشرقي من إثيوبيا. موسم Bega هو موسم الجفاف ويستمر عادة من أكتوبر إلى فبراير، يسود خلاله الجفاف في كافة أنحاء البلاد، مع استثناء من حين لآخر هطول الأمطار التي يتم تلقيها في الفروع المركزية (Seleshi and Zanke, 2004).
(شكل 3) قطاع طولي لنهر النيل وروافده ((Sutcliffe & Parks, 1999.
4- معدل البخر:
إثيوبيا عبارة عن نموذج مصغر للقارة الأفريقية، ففيها الأمطار غزيرة في أماكن وشحيحة في أماكن أخري، تسقط في فترات وتنقطع باقي العام. والتشابه الكبير يتمثل في معدل البخر العالي والذي يصل في المتوسط إلى 80% على مستوي القارة الأفريقية. ويشكل البخر أحد المشاكل الكبرى في حوض نهر النيل عامة وإثيوبيا خاصةً. ويبلغ البخر عند بحيرة السد العالي حوالي 2683 مم/سنة، وهو تقريبا ضعف البخر علي المرتفعات الإثيوبية (1400 مم/سنة)، مما جعل البعض يعارض إنشاء السد العالي في مصر، ويفضلون تخزين المياه في إثيوبيا علي المرتفعات بدلاً من الأراضي المنخفضة عالية الحرارة والبخر في مصر أو السودان. ولكن فقد المياه لا يرجع فقط إلى البخر، بل أن هناك عاملاً لا يقل أهمية عن البخر، ألا وهو التسرب الذي يصل إلى أعلى درجاته في الأراضي الإثيوبية، فبحيرة تانا تفقد 6,6 مليار م3 سنوياً بنسبة 64% من المياه، على الرغم من ارتفاعها عن سطح البحر بحوالي1800 م، بينما بحيرة السد العالي التي تقع على إرتفاع منخفض (160 م) تفقد حوالي 10 مليار م3، بنسبة 10,9% فقط من إجمالي تصرف نهر النيل عند أسوان (84 مليار م3)، وهذا يرجع إلى قلة تسرب المياة.
5- نوعية الصخور:
تلعب الصخور أيضاً دوراً سلبياً بالنسبة لمشروعات تخزين المياه فى إثيوبيا، إذ تغطي صخور ما قبل الكمبري المتحولة حوالي 23% من مساحة السطح في إثيوبيا، وتنتشر في أجزاء كبيرة من شمال وغرب إثيوبيا وقليلاً في بعض المناطق جنوب وشرق البلاد. كما تسود الصخور البركانية (البازلتية) التي تنتمي أساسا للعصرالحديث Cenozoic أجزاء كبيرة من غرب إثيوبيا (حوض النيل الأزرق)، وهي تشكل حوالي 35% من مساحة السطح. ويوجد أكبر تجمع بازلتي علي يابس الكرة الأرضية في منطقة شرق أفريقيا.
وتوجد الصخور الرسوبية التي تنتمي للعصرين الوسيط Mesozoicوالحديث Cenozoic في الجزء الشرقي من البلاد، بمساحة 25% و17% ،على الترتيب، والتي يكثر فيها الحجر الجيري؛ وتغطي الوادي الأخدودي رواسب البحيرات وبعض الصخور البركانية الحديثة (Merla et al., 1973). صخور ماقبل الكمبري تتكون من وحدتين فرعيتين: الكتلة السفلي (1500 م) وتتألف من أكثر من سلسلة سميكة من الصخور البركانية المتحولة، يعلوها الكتلة العليا المكونة من تتابع سميك من الرواسب المتحولة (2000 م) والتي تظهر علي السطح في المناطق الغربية والجنوبية.
المرتفعات الإثيوبية في حوض النيل الأزرق مغطي بتتابع سميك من الصخور البركانية البازلتية وسلسلة من البازلت الفيضي المغطي بتدفق كثيف من الحمم البركانية التي تشكل الدرع الجبلي (Pik et. al., 1998). أما السهول الإثيوبية فتتكون أساساً من صخور القاعدة (ماقبل الكمبري) المتحولة مثل النيس gneiss والرخام. وتنتشر الصخور البركانية على نطاق واسع في إثيوبيا أكثر من أي مكان آخر في نطاق الأخدود الأفريقي الشرقي (Schluter, 2008). من التركيب الجيولوجي يتضح أن البازلت يشكل أكثر من 40% من مساحة السطح الإثيوبية، وأكثر من 75% من حوض النيل الأزرق.
ويتكون البازلت أساساً من معادن الأولوفين Olivine والبيروكسين Pyroxene والأمفيبول Amphibole، وهي معادن قاعدية ضعيفة المقاومة لعمليات التعرية إذا ما قورنت بمعادن الجرانيت على سبيل المثال. كما أن البازلت من أقل الصخور تحملاً للأثقال مثل أجسام السدود، وهذا ما يجعل إنشاء السدود الكبرى في حوض النيل الأزرق أمراً بالغ الخطورة، بالاضافة إلى التكلفة المادية المضاعفة لمحاولة التغلب على هذه المشكلة. ويزيد من ضعف البازلت التشققات التي تسود معظم الصخور الإثيوبية نتيجة نشاط الأخدود الأفريقي. كما أن وجود الصخور البركانية على هيئة طبقات بازلتية lava flow يزيد من ضعف هذة الصخور على تحمل أثقال نتيجة التضاغط compaction وهبوطها مع زيادة الحمل.
والصخور الرسوبية القليلة في حوض النيل الأزرق والتي معظمها حجر جيري متشقق ومليء بالفراغات، تشكل أيضا تحدياً آخر عند إنشاء المشروعات المائية نظراً لقدرتها العالية علي تسريب leakage المياه، مما يتسبب في فشل السدود وعدم القدرة على تخزينها.
وهناك بعض السدود الصغيرة في تيجري Tigray شمال إثيوبيا التي فقدت مياهها نتيجة التسرب Dejenie et al., 2008; Abay, 2010))، كما أن هذه الصخور أيضا ليست الصخور الملائمة للإحتفاظ بالمياة لتكوين خزان جوفي، ويشاركها أيضا البازلت ضعيف المسامية في تكوين خزانات للمياة الجوفية، عدا المياة المتجمعة في بعض التشققات البينية، والتي يعتمد عليها كثير من الإثيوبيين كمياة للشرب في موسم الجفاف.
6- التعرية والاطماء:
نواتج تعرية الصخور في حوض الأنهار، وفي جوانب وقيعان المجاري المائية يتم نقلها مع المياه الجارية، ويعاد ترسيبها عندما تقل سرعة المياه، ويتم ذلك غالبا في خزانات السدود أو في مناطق المصب. لولا هذه الرواسب ماتكونت التربة الزراعية الخصبةفي الوادي والدلتا المصرية، وفي المقابل تسبب هذه الرواسب مشاكل الإطماء وتقليل السعة التخزينية في خزانات المياه السطحية، كما تؤدي التعرية إلى تآكل التربة، وهو أحد أهم المشاكل البيئية التي تشكل تهديدا للتنمية في إثيوبيا. حيث أنه يؤثر على 82٪ من الأراضي الإثيوبية، ويصل معدل فقد التربة في المرتفعات إلى 200-300 طن للهكتار الواحد سنوياً.
تحمل الأنهار الإثيوبية نسبة عالية من الطمي، ويقدر كمية الرواسب التي نقلت من حوض النيل الأزرق بقدار 93,2 ترليون م3 خلال الـ 29 مليون سنة الأخيرةGani et al., 2007) )، وذلك بسبب ارتفاع سطح الأرض، وشدة الانحدار، وشدة الأمطار، ضعف الصخور (بازلت)، وحديثاً الرعي الجائر (حيث تعد إثيوبيا سابع أكبر دولة في العالم من حيث الثروة الحيوانية "الماشية، إلى جانب إزالة الغابات والممارسات الزراعية غير الملائمة على السفوح الجبلية الشديدة الانحدار. ويقدر الفاقد السنوي من حوضي أباي/النيل الأزرق وتاكيزي/عطبرة وحدهما بحوالي 525 مليون م3. وحوالي 66% من هذه الرواسب يأتي من الصخور البازلتية مباشرة أو الأراضي الغير زراعية (Yohannes, 2008). وهذا يؤدي إلى إنخفاض السعة التخزينية للسدود المقامة على النيل في السودان ومصر (جدول 2).
ولقد انخفضت السعة التخزينية للسدود في السودان انخفاضا شديداً من 9084 مليون م3 عند الإنشاء إلى 6430 مليون م3 حتي عام 1992 بمتوسط 30%. حيث انخفض التخزين في سد سنار بنسبة 71% خلال الفترة 1925-1986، وحاليا لم يعد يستخدم لتخزين كميات كبيرة من الماء، ولكن لتوليد كمية محدودة من الطاقة الكهرومائية (15 ميجاوات) (2008 Awulachew et al.,). ولم يتأثر سد جبل الأولياء
السد
|
ارتفاع السد
(م)
|
ارتفاع سطح الأرض (م)
|
سعة التخزين
(مليار م3)
|
الكهرباء
(مليون
ميجاوات)
|
معدل التصرف
م3/ث
| ||||
قبل
تانا-بيلس
|
بعد
تانا-بيلس
| ||||||||
كارادوبي
|
252
|
1146
|
40,2
|
1600
|
649
|
572
| |||
مابيل
|
171
|
906
|
13,6
|
1200
|
-
|
-
| |||
ماندايا
|
164
|
741
|
15,9
|
1620
|
1091
|
1014
| |||
النهضة
|
84,5
|
575
|
11,1
|
1400
|
1547
|
1547
| |||
بيكو أبو
|
110
|
906
|
-
|
800-2000
|
-
|
-
| |||
الإجمالي
|
80,8
|
7220
|
جدول (2) خصائص السدود الأربعة طبقاً لدراسة مكتب الاستصلاح الأمريكي عام 1964بالإضافة إلى سد بيكو أبو.
لأنه يأتي من الهضبة الاستوائية التي تتكون أساساً من صخور الجرانيت الأشد مقاومة للتعرية من البازلت السائد في المرتفعات الإثيوبية، ولأن منطقة السد في جنوب السودان تعمل كمرشح للمياه، ويقدر ما يأتي به النيل الأبيض من طمي لا يتعدى نسبة 5% من إجمالي طمي نهر النيل (Ahmed and Ismail, 2008)، وتعود هذه الكمية إلى نهر السوباط الذي يأتي من المرتفعات الإثيوبية.
كان ترسيب نهر النيل في مصر قبل السد العالي حوالي 12 مليون طن من الطمي سنويا (Yamauchi,2000)، وإذا فرض أن هذه الكمية تترسب بالكامل في بحيرة السد العالي، فإن إجمالي ماترسب خلال الأربعين عاماً الماضية يكون 480 مليون طن، وهذا يعادل حوالي 178 مليون م3 (0,11% من السعة الأصلية). وفي دراسة أخرى ElMonshid et al. (1997)، يقدر كمية الطمي عند أسوان بـ 160 مليون طن سنويا (60 مليون م3)، بإجمالي 2400 مليون م3 (1,5%).
ويرجع الفضل لقلة كمية الطمي عند أسوان إلي مجموعة السدود المنشأة على النيل الأزرق ونهر عطبرة وبعض السدود الصغيرة في إثيوبيا، وجميعهم يساعد على إطالة العمر الافتراضي للسد العالي والذي يقدر بحوالي 500 سنة. وهذه الكمية الكبيرة من الطمي تهدد أي سد في أحواض أنهار النيل الإثيوبية، خاصة النيل الأزرق، وتقلل من عمرها الافتراضي، وكما يهدد ترسيب الطمي السدود الكبرى (أكبر من 15 م ارتفاع، أو سعة تخزين أكبر من مليار م3)، فهو يهدد بدرجة أكبر السدود الصغرى بقصر العمر (حوالي 10 سنوات). ولقد تم بناء أكثر من 70 سداً صغيراً في مناطق تيجاري Tigary وأمهرة Amhara(حوض تاكيزي/عطبرة) خلال الخمسة عشر عاما الماضية (Abay, 2010)، معظمهم لم يستند علي دراسات هيدروجيولوجية كافية (Bshar et al., 2005)، تتراوح ارتفاعاتهم من 9-24 م، والسعة التخزينية من 0,1 -3,1 مليون م3. ولقد فشل حوالي 70% منهم في تحقيق الغرض المطلوب وهو تخزين المياه، ويرجع ذلك إلي أسباب جيولوجية أو جيولوجية/هندسية بنسبة 70% (Abay, 2010). وكثيراً من هذه السدود أمتلأ بالطمي في عدة سنوات نتيجة عدم وجود مخارج لنقل الطمي، وكثيراً ما يطاح بهذه السدود بواسطة الفيضانات مما يتطلب إعادة بناؤها سنوياً (Bshar et al., 2005)، وفي أحد أقدم خزانات السدود الهامة في إثيوبيا، وهو سد أواش Awash، أو كوكا Koka والذي أنشيء عام 1960، فإنه فقد 40% من سعته التخزينية الأصلية (1,8 مليار م3) عام 2000، ولا يستطيع استيعاب الفيضان السنوي، وهو الآن على وشك الوصول إلى نهاية سعته التخزينية بسبب الإطماء، ويحتاج إلى مزيد من الأبحاث الهيدرولوجية لدراسة إمكانية زيادة ارتفاع السد.
ولا شك في أن أكثر الطرق فعالية في التحكم في كمية الطمي يأتي من خلال المحفاظة على مناطق المنابع من مزيد من التعرية، من خلال زيادة المساحات الخضراء والتحكم في الرعي الجائر وتنظيم قطع الأشجار والمحافظة علي الغابات وعمل المدرجات لتخفيف الانحدار.
7- النشاط الزلزالي والانهيارات الصخرية:
الزلازل ذائعة الشيوع في إثيوبيا، وخصوصا في مثلث عفار وعلى امتداد الاخدود الأفريقي النشط والذي يقسم إثيوبيا نصفين، ويزداد الأخدود اتساعاً نتيجة تباعد الجانبين. الزلازل بشدة أكبر من 5 ريختر ليست نادرة في إثيوبيا Ayele and Arvidsson, 1998))، وأدى ذلك إلى كثرة الفوالق والتشققات في الصخور الإثيوبية ومن ثم الإنهيارات الصخرية، وساعد على ذلك شدة الأمطار والانحدارت الأرضية ووجود طبقة من الطمي أسفل بعض الكتل صخرية مما يساعد على انزلاقها كما هو الحال في منطقة تيجاري شمال إثيوبيا.
المشروعات المائية الاثيوبية داخل حوض نهر النيل:
إثيوبيا هي أكثر دول الحوض معاناة من نقص المياة رغم أنها المساهم الرئيسي في مياة النيل، وليس لدول المصب دخل في هذا الوضع، حيث أن طبيعة الأراضي الإثيوبية لاتصلح لإقامة سدود كبرى لتخزين مياه بغرض الري، ومع ذلك فإن إثيوبيا أكثر دول الحوض ملائمة لعمل مشروعات توليد كهرباء تكفي جميع دول الحوض. نفذ مكتب الاستصلاح الأمريكي دراسة موسعة عن حوض النيل الأزرق أعوام 1953 -1963، وقد نشرت هذه الدراسة في 7 مجلدات .(Waterburry, 2002)حددت تلك الدراسة 26 موقعاً لإنشاء سدود متعددة الأغراض على طول النيل الأزرق والروافد الرئيسية. وتحاول إثيوبيا تنفيذ بعضها.
1- سد شارا شارا Chara Chara Weir (حوض النيل الأزرق):
إنشا سد شارا شارا علي مخرج بحيرة تانا لكي ينظم تدفق المياة منها إلى النيل الأزرق، والذي يقع عليه المحطة الكهرومائية تيس أباي الأولى والثانية Tis Abbay I&II، على بعد حوالي 32 كم من البحيرة، وهذا هو السد الوحيد الذي يقع مباشرة على المجرى الرئيسي للنيل الأزرق، ويبلغ إرتفاعه متر واحد فقط. بدأ بناء السد في عام 1984، ثم توقف العمل به، إلى أن بدأ مرة أخرى عام 1994 واكتمل إلى حد كبير في مايو 1996 (McCartney et al., 2009). بدأ هذا السد ببوابتين (4,8 معرض، 4,5 م ارتفاع)، تبلغ سعة كل منهما 70 م3/ث، لإنتاج الكهرباء من تيس اباي الأول. وبعد ذلك تم إضافة خمسة بوابات أخرى عام 2001. وتم الانتهاء من محطة الطاقة الثانية (تيس اباي الثاني)، لإنتاج 72 ميجاوات والتي تمثل 11٪ من إجمالي الكهرباء في إثيوبيا (731 ميجاوات).
تبلغ السعة التخزينية لبحيرة تانا بين منسوبي 1784 و 1787 م، حوالي 9,1 مليار م3، يتصرف إلى النيل الأزرق 3,7 مليار م3/سنة لتشغيل محطتي تيس اباي 1،2، والباقي يفقد بالبخر والتسرب. وقد بنيت خلال الفترة 1960-1971 ثلاثة سدود: كوكا وأواش 1 و 2، بإجمالي طاقة كهربية مقدارها 107,2 ميجاوات (Hathaway, 2008)، وتم تمويل السد الأول من إيطاليا.
2- سد فينشا Fincha (حوض النيل الأزرق):
أنشا سد فينشا Fincha عام 1973، ويغطي مساحة حوض نهر فينشا نحو 1318 كم2، وهو حوض صغير من أحواض النيل الأزرق، على ارتفاع يتراوح بين 2200 - 3100 م. معظم المنطقة (80%) عبارة عن هضبة (2200- 2400 م). سد فينشا يصل ارتفاعه إلى 20 م بقمة طولها 340 م، مساحة الخزان 393 كم2 بسعة تخزينية حوالي 185 مليون م3، ويقوم بإنتاج طاقة قدرها 128 ميجاوات .(HARZA Engineering Company 1975) ، تم تحويل نهر أمارتي Amartiإلي فينشا من خلال نفق عام 1987، لتزداد سعته التخزينية إلى 460 مليون م3. ووقعت إثيوبيا والصين على اتفاق 24 سبتمبر 2007 لمنح إثيوبيا قرضاً بقيمة 208 مليون دولار للمشاريع بما في ذلك بناء مشروع الطاقة الكهرمائية على نهر نيشي(Neshe Finchaa-Amarti-Neshe) بإجمالي 100 ميجاوات (HydroWorld, 2007) ، و بتكلفة قدرها 276 مليون دولار أمريكي، على أن تقوم الحكومة الإثيوبية بتدبير الباقي 68 مليون دولار. ويقدر مقدار الطاقة المنتجة حالياً بحوالي 127 ميجاوات.
3- سد تايكزي Tekeze (حوض تايكزي/عطبرة):
يقع سد تاكيزي Tekeze على نهر تاكيزي/عطبرة في منطقة تيجري Tigre وعلي الحدود الغربية مع أمهرة Amhara شمال إثيوبيا. ينبع نهر تايكزي من جبال سيمين .Simien ويعرف نهر تايكزي بسيتيت Setit في غربي إثيوبيا وإريتريا وشرق السودان. ويصل طول النهر إلى 608 كم داخل إثيوبيا، ويتميز بعمق مجراه والذي يصل في بعض المناطق إلى أكثر من 2000 م. تبلغ مساحة منطقة مستجمعات المياه الى نحو 68 ألف كم2 معظمها (70%) تقع على ارتفاع أكبر من 1500 م.بينما الأراضي المنخفضة (500 إلى 1000 متر فوق سطح البحر) تكون شريط عرضه 30 - 100 كم، بطول 150 كم على طول الحدود السودانيةBehailu and Nata, 2005) ). يتراوح هطول الأمطار السنوي بين 700-1200 مم بمتوسط 850 مم/سنة. حوالي 90% من تدفق النهر يتركز في الفترة من يونيو إلى سبتمبر، كما هو الحال في حوض النيل الأزرق. يقع السد على ارتفاع حوالي 1100 م فوق سطح البحر.
ويهدف سد تايكزي إلى توليد 300 ميجاوات كهرباء من خلال 4 توربينات، وتتراوح سعة التخزين الإجمالية حوالي 9,23 مليار م3، وسعة التخزين الميت 4 مليار 3م .(EEPCo, 2010) تبلغ كمية الجريان السطحي السنوي في إقليم تيجري حوالي 9 مليار 3م (GebreMedhin and Kiflom, 1997) ، وعند منطقة السد حوالي 3,75 مليار م3، وبالتالي يحتاج الخزان إلى حوالي سنوات لكي يمتلئ، والأراضي القابلة للري تصل إلى حوالي 200 ألف فدان في حوض تايكزي.(Denekewand Awualchew, 2010)
سد تايكزي من النوع المقوس double curvature arc، ويصل ارتفاعه إلى 188 م، وهو بذلك أعلى سد حالياً في أفريقيا، متخطياً الرقم القياسي لأعلى سد أفريقي 185 م وهو لسد كاتسيKatse المقوس في ليسوتو، ويبلغ طول قمة السد460 م.
بدأ العمل في إنشاء سد تاكيزي عام 1999، وتم افتتاحه في 14 نوفمبر 2009، بعد تأخير حوالي سنتين عن الموعد المقرر، وبتكلفة إضافية قدرها 160 مليون دولار (44%)، بعد التغلب على كثير من العوائق الجيولوجية، خاصة الإنهيار الصخري الذي حدث في أبريل 2008 (International Rivers, 2010)، ثم توقف العمل به بعد أشهر قليلة لعدم وجود مياه كافية تتخطي التخزين الميت، وتصل كمية المياة الموجودة حالياً وقبل أمطار 2010 إلى 52%؛ كما أن هناك إنهيار جزئي في أحد أجزائه،. يقدر عمر السد بحوالي 50 عاماً، بمعدل إطماء 75 مليون م3/سنة، وتخزين ميت 40% (3,7 مليار 3م) (Aforki, 2006). ولكن يستنتج من الدراسات السابقة، أن معدل الاطماء في تايكزي أكبر من ذلك بكثير (Ahmed and Ismail, 2008)، وأن عمر السد لن يتجاوز 25 عاماً.
فقدت مصر والسودان 3 مليار م3 مياة في السنة الأولى للتشغيل 2009، ولكن هذه المياة غير كافية لتشغيل توربينات الكهرباء حيث أن سعة التخزين الميت 4 مليار م3 ، وبالتالي تم الانظار إلى موسم الأمطار في السنة التالية 2010 ، وعند وصول المخزون إلى 4 مليار م3 بتوليد الكهرباء، وبهذا تكون مصر والسودان قد فقدا 4 مليار م3 إلى الأبد ولكن لمرة واحدة فقط ولن يكون هناك أي فقد آخر في المستقبل من هذا المشروع (Sharaky, 2011).
3- تانا-بيليس Tana-Beles (حوض النيل الأزرق):
يقع مشروع تانا-بيليس في منطقة أمهرة (شمالي غرب إثيوبيا)، على بعد حوالي 150 كم من مدينة بهير دار، على الجانب الجنوب الغربي من بحيرة تانا (شكل 10). تانا-بيليس ليس سداً أو وخزاناً للمياه بالمعني المعروف، ولكنه عبارة عن نفق لنقل المياه من حوض بحيرة تانا إلى حوض نهر بيليس بدون تخزين مياة، والإثنان عبارة عن حوضين صغيرين من جملة 16 حوض صغير يشكلون حوض النيل الأزرق، وهما معاً يشكلان 15% من مساحة الحوض الأكبر، أي أن نفس كمية المياة سوف تصل إلى مجري النيل الأزرق الرئيسي ولكن عن طريق مختلف ومختصر. تساهم بحيرة تانا بمقدار 3,8 مليار م3 في مياة النيل الأزرق، ونهر بيليس بحوالي 1,15 مليار م3 سنوياً (Ahmed and Ismail, 2008).
ويهدف هذا المشروع إلى إنتاج طاقة كهربية مقدارها 460 ميجاوات، من خلال إندفاع المياه من المنسوب الأعلي عند بحبرة تانا (1800 م) إلى المنسوب الأقل في حوض بيليس (1535 م) بفارق 275 م خلال 12 كم، بالإضافة إلى ري حوالي 360 ألف فدان مستقبلاً (Goor et al., 2010).
تم اسناد المشروع من قبل شركة الطاقة الكهربائية الإثيوبية (EEPCo) عام 2005 إلى الشركة الايطالية ساليني Salini Construttori، بإجمالي تكلفة 467 مليون يورو، والتي تعاقدت من الباطن مع شركة SELI بمبلغ 48,791 مليون يورو لحفر نفقين وتبطينهما بقطاعات خرسانية سابقة الصب (SELI, 2009).
بدأ تنفيذ المشروع في 8 يونيو 2006 بحفر النفق في صخور بركانية بازلتية وفتات بركاني phyroclostics، وتم افتتاحه في 14 مايو 2010 (يوم توقيع اتفاق عنتيبي)، بتأخير عام عن موعده المحدد (فبراير 2009).
سد النهضة (الألفية):
عُرف سد النهضة (الألفية) الإثيوبي بسد بوردر (Border) في الدراسة الأمريكية التي اجريت على حوض النيل الأزرق (أبيي) في إثيوبيا. أعلنت الحكومة الإثيوبية في الثاني من أبريل 2011 تدشين إنشاء مشروع سد النهضة، لتوليد الطاقة الكهرومائية (5250 ميجاوات) على النيل الأزرق بولاية جوبا/ بني شنقول جوميز (Guba, Benishangul/Gumuz State) غربي إثيوبيا وعلى بعد نحو 20-40 كيلومترا من حدود إثيوبيا مع السودان بتكلفة تبلغ نحو 4,8 مليار دولار (شكل 2).
تضاربت الأقوال حول سد النهضة، فالحقائق العلمية من خلال الدراسات الأمريكية عام 1964 وماتلاها من أبحاث تؤكد على أن سعة الخزان تتراوح بين 11,1، 13,3، 16,5، 24,3 مليار م3، إلا أن تصريحات المسؤلين الإثيوبيين الأخيرة ذكرت 62 ثم 67 مليار م3، وهذه الأرقام لا يوجد ما يؤيدها علمياً.
الإعلان عن انشاء سد النهضة:
أعلنت إثيوبيا في فبراير 2011 عن عزمها إنشاء سد بوردر على النيل الأزرق، والذي يعرف أيضاً بسد هيداسي (Hidase)، على بعد 20-40 كم من الحدود السودانية بسعة تخزينية تقدر بحوالي 16,5 مليار م3، واسناده إلى شركة ساليني(Salini) الايطالية بالأمر المباشر، وأطلق عليه مشروع إكس (Project X)، وسرعان ماتغير الأسم إلى سد الألفية الكبير (Grand Millennium Dam) ووضع حجر الأساس في الثاني من أبريل 2011، ثم تغير الأسم للمرة الثالثة في نفس الشهر ليصبح سد النهضة الاثيوبي الكبير (Grand Ethiopian Renaissance Dam). وهذا السد هو أحد السدود الأربعة الرئيسية التي اقترحتها الدراسة الأمريكية عام 1964.
الموقع الجغرافي لسد النهضة:
يقع سد النهضة في نهاية النيل الأزرق داخال الحدود الإثيوبية في منطقة بني شنقول جوموز وعلى بعد حوالي 20-40 كم من الحدود السودانية، خط عرض 11° 6´ شمالاً، طول 35° 9´ شرقاً، على ارتفاع حوالي 500-600 متر فوق سطح البحر. يصل متوسط الأمطار في منطقة السد حوالي 800 مم/سنة (World Bank, 2006)
الخصائص الفنية لسد النهضة:
الدراسات الحديثة غير معلنة، وهناك تصريحات إثيوبية بعدم إعلانها إلا بعد توقيع مصر على الاتفاقية الاطارية لدول حوض النيل. ولكن المعلومات العلمية المتاحة هي من خلال الدراسة الأمريكية التي أوضحت أن ارتفاع السد حوالي 84,5 م، وسعة التخزين 11,1 مليار م3، عند مستوى 575 م للبحيرة؛ وقد يزداد ارتفاع السد ليصل إلى 90 م بسعة 13,3 مليار م3، عند مستوى 580 م للبحيرة، وفي سيناريوهات أخرى قد تصل سعة التخزين إلى 16,5 مليار م3، عند مستوى 590 مللبحيرة، أو 24,3 مليار م3، عند مستوى 600 م للبحيرة (BCEOM, 1998).
وطبقاً لتصريحات وزير الري الإثيوبي فإن ارتفاع السد سوف يصل إلى 145 متراً بسعة تخزينية 62 مليار م3، ازدادت إلى 67 مليار م3 في تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي (Berhane, 2011)، لا يوجد أي دراسة علمية منشورة تؤكد هذين التصريحين حتى الآن.
من خلال دراسة نماذج خرائط الارتفاعات يمكن الاستنتاج أن يصل طول البحيرة إلي 100 كم بمتوسط عرض 10 كم، والتي سوف تغرق حوالي نصف مليون فدان من الأراضي القابلة للري والتي يصل إجملها إلى 2 مليون فدان في حوض النيل الأزرق (شكل 4).
(شكل 4) حوض النيل الأزرق في إثيوبيا، ومناطق السدود المقترحة، والأراضي الزراعية القابلة للري، وشكل البحيرة المتوقع تكوينها أمام سد النهضة.
المصدر: توزيع الأراضي القابلة للري من Awulachew et. al (2008).
يحتوي تصميم السد على 15 وحدة كهربائية، قدرة كل منها 350 ميجاوات، عبارة عن 10 توربينات على الجانب الأيسر من قناة التصريف، وخمس توربينات أخرى على الجانب الأيمن، باجمالي 5225 ميجاوات، مما يجعل سد النهضة في المرتبة الأولى أفريقيا والعاشرة عالميا في قائمة أكبر السدود إنتاجاً للكهرباء.
فوائد سد النهضة:
- الفائدة الكبرى لإثيوبيا من سد النهضة هو إنتاج الطاقة الكهرومائية (5250 ميجاوات) التي تعادل ما يقرب من ثلاثة أضعاف الطاقة المستخدمة حالياً.
- التحكم في الفيضانات التي تصيب السودان خاصة عند سد الروصيرص.
- توفير مياة قد يستخدم جزء منها في أغراض الزراعة المروية.
- تخزين طمي النيل الأزرق الذي يقدر بحوالي 420 مليار م3 سنوياً مما يطيل عمر السدود السوداني والسد العالي.
- تخزين معظم طمي النيل الأزرق في إثيوبيا، والذي يقدر بحوالي 420 مليار م3 سنوياً مما يقلل من تراكم هذا الطمي في خزانات السدود السودانية وكذلك السد العالي (بحيرة ناصر)، وبالتالي إطالة أعمارهم.
- قلة البخر نتيجة وجود بحيرة السد على ارتفاع حوالي 570 إلى 650 متر فوق سطح البحر، إذا ما قورن بالبخر في بحيرة السد العالي (160-176 م فوق سطح البحر).
- تخفيف حمل وزن المياة المخزنة عند بحيرة السد العالي، والتي تسبب بعض الزلازل الضعيفة.
أضرار سد النهضة
- التكلفة العالية التي تقدر بـ 4,8 مليار دولار والتي من المتوقع أن تصل إلى 8 مليار دولار.
- إغراق حوالي نصف مليون فدان من أراضي الغابات، والأراضي الزراعية القابلة للري والتي تعد نادرة في حوض النيل الأزرق في تكوين بحيرة السد، مع عدم وجود مناطق أخرى قريبة قابلة للري.
- إغراق بعض المناطق التعدينية لكثير من المعادن الهامة مثل الذهب والبلاتين والحديد والنحاس وبعض مناطق المحاجر.
- تهجير نحو 30 ألف مواطن من منطقة البحيرة.
- قصر عمر السد والذي يتراوح بين 25 إلى 50 عاماً نتيجة الإطماء الشديد (420 ألف متر مكعب سنوياً)، وما يتبعه من مشاكل كبيرة لتوربينات توليد الكهرباء، وتناقص في كفاءة السد تدريجياً.
- زيادة فرص تعرض السد للإنهيار نتيجة العوامل الجيولوجية وسرعة اندفاع مياة النيل الأزرق والتي تصل في بعض الأيام (سبتمبر) إلى ما يزيد علي نصف مليار متر مكعب يومياً ومن ارتفاع يزيد على 2000 م نحو مستوى 600م عند السد، واذا حدث ذلك فإن الضرر الأكبر سوف يلحق بالقرى والمدن السودانية خاصة الخرطوم التي قد تجرفها المياه بطريقة تشبه السونامي الياباني 2011.
- زيادة فرصة حدوث زلازل بالمنطقة التي يتكون فيها الخزان نظراً لوزن المياه التي لم تكن موجودة في المنطقة من قبل في بيئة صخرية متشققة من قبل.
- التوتر السياسي بين مصر وإثيوبيا بسبب هذا المشروع.
- فقد مصر والسودان لكمية المياه التي تعادل سعة التخزين الميت لسد النهضة والتي تتراوح من 5 إلى 25 مليار م3 حسب حجم الخران، ولمرة واحدة فقط، وفي السنة الأولى لإفتتاح السد نظراً لأن متوسط إيراد النيل الأزرق حوالي 50 مليار م3سنوياً، وبالتالي لا يحتاج هذا السد سنوات لملئ البحيرة، بل عام واحد فقط، وقد تكون أسابيع قليلة في حالة أن تكون سعة التخزين الميت أقل من 10 مليار م3، وفي حالة السعة الكبيرة (67 مليار م3)، فإنه قد يحتاج إلى أسابيع قليلة من موسم المطر. وهذا الفقد سواء كان كبيراً أو صغيراً يستوجب معرفة مصر والسودان به من حيث الكمية وموعد التشغيل لأخذ الاحتياطات الازمة لتفادي أزمة نقص المياة في العام الأول لتشغيل السد.
ونظراً للتحديات الجيولوجية والجغرافية السابقة في دول منابع النيل التي أكثر ما يناسبها نمط الزراعة المطرية والتي يجب أن يزداد التعاون بين دول الحوض من أجل تقدم هذه الزراعة والاستفادة القصوي من مياة الأمطار، كما أن المشروعات المائية الكبرى لا تناسب دول المنابع نظراً لتكلفتها العلية للتغلب على الظروف الجيولوجية، وزيادة نسبة تعرضاً للانهيار نتيجة الفياضانات والتشققات الصخرية والزلازل، وعدم امكانية نقل المياة وتوزيعها في حالة تخزينها، والحل الأمثل هو التوسع في إقامة سدود صغيرة متعددة الأغراض (كهرباء ومياة شرب وزراعة بسيطة) لكي تخدم أكبر عدد من المدن أو القرى التي يستحيل نقل المياة إليها من أماكن أخرى.
- وبالتالي فإن سد النهضة (الألفية) الأثيوبي المزمع إنشائه على النيل الأزرق بالقرب من الحدود السودانية، والذي يقال أنه سوف يخزن 67 مليار م3، ليس في صالح إثيوبيا للأسباب سابقة الذكر، وأن الهدف من ورائة قد يكون سياسياً بالدرجة الأولى، خاصة بعد التصريحات بالسعات الكبيرة للتخزين والمسميات الحماسية التي لم تعلن إلا بعد ثورات الربيع العربي خاصة ثورة 25 يناير 2011 المصرية.
المراجع
Abay, A., 2010, Microsoft PowerPoint-experience of dam harvest failure pin Northern Ethiopia.http://www.unipv.eu/on-line/en/Home/InternationalRelations/CICOPS/documento5707.html
Aforki H. G., 2006, Sediment studies for Tekeze hydropower development, University Library (BIBSYS), Norwegian Centre for International Cooperation in Highe Education.
Ahmed, A.A. and Ismail, U.H., 2008, Sediment in the Nile River System, UNESCO, 93p.
AQUASTAT , 2010, FAO (Food an Agriculture Organization), AQUASTAT of global information system on water and agriculture. Ethiopia. http://www.fao.org/nr/aquastat/
Arsano, Y., 2007, Ethiopia and the Nile Dilemmas of National and Regional Hydropolitics, Ph.D. Thesis, Faculty of Arts, University of Zurich, 320p.
Awulachew, S.B., McCartney, M., Steenhuis, T.S. and Abdalla A. Ahmed, A.A., 2008, A Review of Hydrology, Sediment and Water Resource Use in the Blue Nile Basin, Working Paper 131, International Water Management Institute, 81p.
Awulachew, S.B., Yilma, A.D., Loulseged, M., Loiskandl, W., Ayana, M. and Tena Alamirew, T., 2007, Water Resources and Irrigation Development in Ethiopia, International Water Management Institute, Working Paper 123, 66p.
Ayele, A., and Arvidsson R., 1998, Fault mechanisms and tectonic implication of the 1985–1987 earthquake sequence in south western Ethiopia, J. Seismol., 1: 383– 394.
Baiaty, A.H., 1996, Water crisis in the Arab World, Center of Arab Unity Studies, Mostaqbal AlArabi, No. 204.
BCEOM. 1998. Abay River Basin Integrated Development Master Plan Project. Report to Ministry of Water Resources, The Federal Democratic Republic of Ethiopia.
Beaumont P., “Water: A Resource Under Pressure” in G. Nonneman (ed.), “The Middle East and Europe: An Integrated Communities Approach”, Federal Trust for Education and Research, London, (1992), p. 183.
Behailu, M. and Nata, T., 2005, Monitoring productivity of water in agriculture and interacting systems: the case of Tekeze/Atbara River Basin in Ethiopia, International Water Management Institute, Conference Papers No. h037543.
Berhane, D., 2011, Quick facts on the Grand Millennium dam | Ethiopia, on April 11, 2011, http://danielberhane.wordpress.com/2011/04/11/quick-facts-on-the-grand-millennium-dam-ethiopia/
Bshar, K.E., Chane, B., Kizza, M., Abebe, M., Soliman, M.A., Mengiste, A., Gebeyehu, A., Seleshi, Y. and Boeriu, P., 2005, Nile Basin Capacity Building Network "NBCBN", River Structures research Cluster, Group II, Microdams, 30p.
Dejenie, T., Asmelash, T., De Meester, L., Mulugeta, A., Gebrekidan, A., Risch, S., Pals, A., Van der Gucht, K., Wim, W., Nyssen,, J., Deckers,J., Declerck, S., 2008, Limnological and ecological characteristics of tropical highland reservoirs in Tigray, Northern Ethiopia, Hydrobiologia, 610:193–209.
Denekew and Awualchew, 2010, Irrigation Development and Potential: Ethiopia:
EEPCo, Ethiopian Electric Power Corporation, 2010, Overview of Tekeze hydroelectric power plant: http://www.eepco.gov.et/files/TEKEZE%20INAGURATION%20BULLETIN.pdf
ElMonshid, B.E.F., ElAwad, O.M.A. and Ahmed, S.E., (1997), “Environmental effect of the Blue Nile sediment on reservoirs and irrigation canals", Int. 5th Nile 2002 Conf., Addis Ababa, Ethiopia
El-Quosy, D., I., 2009, impact of Climate Change: Vulnerability and Adaptation Fresh Water, In: Tolba, M.K. and Saab, S.W., editors., Arab Environment, Climate Change, Impact of Climate Change on Arab Countries, pp. 75-86.
Ethiopian Review, 2010, http://www.ethiopianreview.com/
FAO (Food an Agriculture Organization), 2005, Irrigation in Africa in figures, AQUASTAT Survey – 2005, Rom. 75p.
FAO (Food an Agriculture Organization), 1984, Geo-morphology and soils. Assistance to land use - Planning Project, Ethiopia. Field Document 2, AG: DP/ETH/781003, Addis Ababa, Ethiopia.
Gani, N.D., Gani, M.R. and Abdelsalam, M.G., 2007, Blue Nile incision on the Ethiopian Plateau: Pulsed plateau growth, Pliocene uplift, and hominin evolution, GSA Today, 17: 1-11.
GebreMedhin, B. and Kiflom, B. (1997). Progress, Potentials and Problems of Small Scale Irrigation Development in Tigray. Paper Presented on the Regional Workshop on Small-Scale Irrigation Development in Tigray. Mekelle, Ethiopia.
Gillespie, C.A. and Gritzner, C.F., 2003, Ethiopia, Chelsea House, New York, 124p.
Gleick, P.H., 1993, Water and Conflict: Fresh Water Resources and International Security, International Security, V: 1, pp. 79-112 .
Goor, Q, Halleux, C., Mohamed, Y. and Tilmant, A., 2010, Optimal operation of a multipurpose multireservoir system in the Eastern Nile River Basin, Hydrol. Earth Syst. Sci. Discuss., 7, 4331–4369.
HARZA Engineering Company. 1975. Fincha’a Hydroelectric Project, Ethiopia. Civil Design Memorandum C-1. Washington, DC: HARZA Engineering Company.
Hathaway, T., 2008, What Cost Ethiopia’s Dam Boom? A look inside the Expansion of Ethiopia’s Energy Sector, International Rivers, 26p.
International Rivers, 2010, http://www.internationalrivers.org/
McCartney, M.P., Shiferaw, A. and Seleshi, Y., 2009, Estimating environmental flow requirements downstream of the Chara Chara weir on the Blue Nile River, Hydrological processes,www.interscience.wiley.com) DOI: 10.1002/hyp.7254.
Merla, G., Abbate, E., Canuti, P., Sagri, M., and Tacconi, P., 1973, Geological Map of Ethiopia and Somalia, 1:2,000,000.- Consiglio Nazionale delle Ricerche Italy MoWR (Ministry of Water Resources), 2002, Water Sector Development Program (WSDP), Addis Ababa: Ethiopia.
MoWR (Ministry of Water Resources), 1999, Water Resource Management Policy (WRMP), Addis Ababa: Ethiopia.
NMSA, National Meteorological Services Agency, 2006, Initial National Communication of Ethiopia to the United Nations Framework Convention on Climate Change (UNFCCC), Addis Ababa, Ethiopia, 113p.
Pik, R., Deniel, C., Coulon, C., Yirgu, G., Hofmann, C., Ayalew,D., 1998. The northwestern Ethiopian Plateau flood basalts: Classification and spatial distribution of magma types. Journal of Volcanology and Geothermal Research 81, 91–111.
PRB (Population Reference Bureau), 2010, World Population Data Sheet, www.prb.org.
Salam, R., 2001, Water crisis in the Arab World: conflict and compromise, Dar Maref, Cairo, 196 p.
Schluter, T., 2008, Geological Atlas of Africa with notes on stratigraphy, tectonics,
economic geology, geohazards, geosites and geoscientific education of Each Country, 2nd ed., Springer, 272p.
Seleshi Y, Zanke U. 2004. Recent changes in rainfall and rainy days in Ethiopia. International Journal of Climatology 24: 973–983, DOI: 10.1002/joc.1052.
SELI, 2009, The Tunnel Design, Constraction and Safty Newsletter No. 52:
Shahin, M., 2007, Water Resources and Hydrometeorology of the Arab Region, Springer, Voorburg, The Netherlands, 586 p.
Sharaky, A.M., 2011, The Ethiopian Renaissance (Millennium) Dam and its impact on Egypt and Northern Sudan, in: Abuel Enin, M., and Sharaky, editors, The Revolution of January 25th, 2011 and the future of Egypt's relations with the Nile Basin States" 30 - 31 May, 2011, Cairo University, pp. 367-377.
Sharaky, A.M., 2010, Water projects in Ethiopia and their effects on the future of Nile water. The International Conference "Prospects for cooperation and integration among the Nile Basin States: opportunities and challenges" 25-26 May 2010, Cairo University, pp. 159-191.
Sutcliffe, J. V. and Parks, Y. P., 1999. The hydrology of the Nile. IAHS Special Publication 5, IAHS, Wallingford, UK.
UNEP, 2004, Analyzing Environmental Trends using Satellite Data: Selected Cases, 36 p.
Waterbury, J., 2002, The Nile Basin National Determinants of Collective Action, University Press, London, 211p.
Waterwiki, 2010, Water Conflict and Cooperation/Nile River Basin, http://waterwiki.net/index.php/Water_Conflict_and_Cooperation/Nile_Rivr_Basin
World Bank Agriculture And Rural Development Department, 2006, Ethiopia Managing Water Resources Growth, A World Bank Water Resources Assistance\Strategy for Ethiopia, 91p.
Wu, X. and Whittington, D.: Incentive compatibility and conflict resolution in international river basins: a case study of the Nile Basin, Water Resour. Res., 42, doi:10.1029/2005WR004238, 2006. 4342.
Yamauchi, K., 2000, Sedimentation and erosion issues at the High Aswan Dam,
Yohannes, O., 2008, Water Resources and Inter-Riparian Relations in the Nile Basin The Search for an Integrative Discourse, State University of New York Press, 256p.
Zanboaa, M., 2007, Arab water security, Damascus Univ. for Legal and Economic Sciences, V. 23, pp. 175-195.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق