المحاضرة الثانية
قضايا مجتمعية معاصرة
المشكلات الاجتماعية
الأربعاء 12/1/1436هـ
العوامل المؤثرة في تعريف المشكلة الاجتماعية، مواقف الأفراد من المشكلات الاجتماعية.
أبعاد المشكلة الاجتماعية، التداخل بين المشكلات الاجتماعية والتفكك الاجتماعي والانحراف السلوكي.
تصنيف المشكلات الاجتماعية ومستوياتها.
خصائص المشكلات الاجتماعية.
أستاذ المقرر
د. عادل بن عايض المغذوي
العوامل التي تؤثر في تحديد ظرف معين بأنه يمثل مشكلة اجتماعية.
جماعات الصفوة في المجتمع، والتي تميز بالقوة مثل: الأشخاص الذين يحتلون مراكز اجتماعية في المجتمع، أو الأشخاص المسئولون عن المجتمع.
الجماعات التي لها مصلحة خاصة في تحديد سلوك معين، أو موقف معين على أنه مشكلة اجتماعية.
تفسير الجماعات ذات المصالح للمشكلة الاجتماعية على أنها نتاج لمجموعة من السمات الشخصية للأفراد، أكثر من كونه نتاج للبناء الاجتماعي.
تحديد نطاق المشكلة الاجتماعية من خلال النطاق القومي أو المحلي، دون إدراك أو تحليل لهذه المشكلة من خلال النطاق العالمي .
عادة يتم تحديد المشاكل الاجتماعية بعد شعور أفراد المجتمع بها وليس قبل حدوثها
مواقف الأفراد من المشكلات الاجتماعية:
عندما يدرك الأفراد وجود مشكلة اجتماعية يتخذون مواقف متباينة ومتنوعة تجاهها وتتباين مواقف الأفراد على حسب درجة القرب أو البعد عن المشكلة جغرافياً واجتماعياً وعلمياً. ومن هذه المواقف:
اللامبالاة:
الاستسلام القدري:.
الشك الساخر والتهكم:
الجزاء الديني (عقوبة الآخرة):
الإفراط العاطفي:
الموقف الاجتماعي العلمي:
أبعاد المشكلة الاجتماعية
الأبعاد هي المراحل التاريخية التي مر بها مفهوم المشكلات الاجتماعية وتمثل رؤية علماء الاجتماع لها.
بدأ علم الاجتماع الأمريكي في دراسة المشكلات الاجتماعية مع بداية التصنيع السريع والتحضر في المجتمع الأمريكي. حيث ظهر مفهوم يجمع في إطاره مفهوم المشكلات الاجتماعية، أطلق عليه مصطلح العلة الاجتماعية Pathology Social ثم تبعه مفهوم الوهن التنظيمي ”التفكك الاجتماعي“ Social Disorganization ثم السلوك المنحرف Deviant behavior.
الباثولوجية الاجتماعية Pathology Social
العلة الاجتماعية تعني الخروج عما هو مألوف في الوضع السوي والسائد في التنظيم الاجتماعي.
ودخل مصطلح العلة الاجتماعية إلى علم الاجتماع من منظور سوسيولوجي للدراونية الإحيائية ”البيولوجية“ . حيث شبهوا المجتمع بالعضو الجسمي من حيث تطوره وعلاقته بوظائف أجزاء الجسم الأخرى من حيث السواء .
ويتميز المجتمع السوي عن المنحرف بسمات تتمثل في:الحالة الطبيعية من الصحة والظروف المعتادة الطبيعية Normal للمجتمع وأفراده، وأي انحراف عن هذه الحالة يعتبر علة مرضية لأنها لا تمثل الحالة الطبيعية كما عدوها أو حالة شاذة أو غير سوية لأنها لا تعبر عن السواء الاجتماعي للمجتمع الإنساني.
نشأ هذا الاتجاه في جامعة شيكاغو عام 1892-وحتى أربعينات القرن العشرين. واعتبروا هذا القسم (علم الاجتماع) مركز للبحوث الاجتماعية.
ينتمي أصحاب هذا الاتجاه إلى أصول اجتماعية متماثلة، فمعضهم من أبناء الطبقة الوسطى البروتستانية، ومن مجتمعات زراعية صغيرة، وبعضهم كانوا من أبناء وزراء، ومعظمهم يمثلون تنظيمات ومؤسسات الرعاية الاجتماعية.
قاموا بدراسة أوضاع المعيشة للفقراء المهاجرين من الدول الأوربية والأفريقية والأسيوية واستوطنوا في المدن الحضرية التي تنمو بصورة سريعة وتتميز بالحراك الاجتماعي العمودي، واهتموا بدراسة المناطق المتخلفة Slums التي تعج بالعديد من الظواهر الفقر والجرائم والانحراف والطلاق والأسر المتصدعة والصراع العرقي وأطلقوا عليها مصطلح العلل الاجتماعية.
اهتم العالم مليز بدراسة أصول وقيم العلل الاجتماعية فوجدها غير ممثلة للحالات الحضرية، وإنما تمثل نمط الحياة الاجتماعية الريفية، وكشفت خصائص العينة أن معظمهم من الشباب المهاجرين وينحدرون من الطبقات الوسطى للمجتمع الأوربي الحضري، ولم يمثلوا الطائفة المسيحية البروتستانتية.
انصب اهتمامهم على دراسة الانحراف عن المعايير والقواعد التي يحددها المجتمع لأنماط السلوك المرغوبة، وكان الهدف من دراسة السلوك المنحرف لتحديد المشكلة الاجتماعية وإيجاد وسائل وحلول لمواجهة هذه المشكلات.
في أثناء هذه الفترة ظهرت المدرسة الإيكولوجية التي اهتمت بدراسة التفكك الاجتماعي، وترى أن التفكك الاجتماعي ينشأ عندما يتعرض المجتمع لتغير اجتماعي سريع وحاد فيؤدي إلى انهيار النظام القيمي في المجتمع..
لاحظ بارك وزملاءه في دراسته انتشار مظاهر من التفكك الاجتماعي كالفقر والجريمة في مناطق معينة في المدينة، وتزداد المظاهر في وسط المدينة وتقل في أطرافها.
يرجع أصحاب مدرسة شيكاغو مصدر المشكلات الاجتماعية للفرد ذاته لأنه فشل في التمثل لمعاير وقيم مجتمعه، وانتقدوا الفرد لأنه غير قادر على التكيف مع الحياة الجديدة.
يهدف أصحاب هذا الاتجاه إلى تعزيز النظام الاجتماعي والمحافظة عليه أكثر من دراستهم للمشكلات الاجتماعية، وكانوا غير مهتمين بالخصوصية الثقافية والإنسانية للمهاجرين، وطالبوا بإعادة تعليم المهاجرين لحل مشكلاتهم من خلال إيجاد وتنظيم برامج تعليمية وندوات لتعليم المهاجرين القيم والعادات المرتبطة بطبيعة الحياة الاجتماعية للمجتمع الجديد.
التفكك الاجتماعي Social Disorganization
لا يعبر تحول مفهوم الباثولوجيا إلى مفهوم التفكك الاجتماعي عن أي تغير جوهري في المشكلات الاجتماعية التي يتطلب تحليلها. وذلك لأن ما كان يعد شواهد على الباثولوجيا أصبح مؤشر على التفكك الاجتماعي فالطلاق Divorce والهجر Desertion يعتبران مؤشرات على تفكك الأسرة.
يشير مفهوم التفكك الاجتماعي إلى ما يصيب النسق الاجتماعي من قصور أو خلل في أدائه لوظائفه الأساسية وهي تحقيق الاستمرارية والاستقرار.(قصور في أداء الأنساق الاجتماعية لوظائفها).
ويقسم ميرتون Merton المشكلات الاجتماعية إلى نمطين:
الأول: يطلق عليه التفكك الاجتماعي ويقصد به الوهن التنظيمي.
الثاني: يطلق عليه السلوك المنحرف
والتقسيم لا يعني أن كل نمط يركز على ظواهر متباينة، وإنما يتناولان جوانب مختلفة من نفس الظاهرة.
كما يحدد مصادر للتفكك الاجتماعي وهي:
- صراع المصالح والقيم: يرتبط بجماعتين كل واحدة منهما تسعى بالدرجة الأولى لتحقيق مصالحها.
- صراع المكانة والتزامات الدور: يرتبط بالتغير التطوري، ونظراً لتباين مكانة الأفراد داخل المجتمع الواحد، وتعدد الأدوار الاجتماعية للفرد داخل المجتمع الواحد ، يحدث له صراع بين الأدوار بسبب غموض الدور فينتج عن هذا الصراع فشل في أداء الدور وبالتالي يظهر التفكك الاجتماعي.
- القصور في عملية التنشئة الاجتماعية: التنشئة الاجتماعية هي عملية يكتسب منها الأفراد الاتجاهات والقيم التي تتوافق مع أدائهم لأدوارهم الاجتماعية، ويترتب على القصور في عملية التنشئة الاجتماعية تفكك اجتماعي ناتج عن عدم وضوح للتوقعات المتبادلة بين الأفراد في المجتمع، بسبب الصراع القيمي، والصراع بين السلوك الجديد والسلوك القديم للأدوار.
- قصور قنوات الاتصال الجماعي:يظهر التفكك الاجتماعي بسبب قصور أو خلل في أداء الأفراد لوظائفهم داخل التنظيم الاجتماعي حتى ولم يكن هناك صراع بين المصالح أو القيم.
ويفرق ميرتون بين مفهوم التفكك Disorganization وبين مفهوم اللاتنظيم
Unorganization حيث يرى أن نسق العلاقات الاجتماعية في اللاتنظيم لم يتشكل بينما في حالة التفكك فالعلاقات الاجتماعية قائمة بالفعل والخلل يصيب تلك العلاقات الموجودة.
ويقصد ميرتون بالوهن التنظيمي فشل الأفراد في تحقيق التوقعات الاجتماعية للأدوار التي يحددها المجتمع لأفراده، فيحصل صراع بين ما يقوم به الفرد من سلوك يومي وبين توقعات المجتمع. وعادة مايحدث الوهن التنظيمي بسبب التغير الاجتماعي المفاجئ فيحدث عدم توازن أو عدم انسجام بين أجزاء النظام الاجتماعي العام في المجتمع. أي عدم توازن في وظائف النظم الاجتماعية كأجزاء للنظام الاجتماعي العام.
وينتج عدم التوازن من فشل الأفراد في أدوارهم ، ويحدث الفشل من خلال ثلاثة طرق هي: الفشل معياري، الفشل الثقافي، الشعور بالإحباط.
وبالتالي نرجع المشكلة الاجتماعية المتضمنة في التفكك الاجتماعي إلى إخفاق النسق في أن يجعل التنظيم الاجتماعي للمراكز ملتحماً ومتماسكا مع الأدوار المتوقعة ،أي عدم قدرة النسق على القيام بمتطلباته الوظيفية بطريقة فعالة.
السلوك المنحرف Deviant behavior
يشير مفهوم السلوك المنحرف إلى الخروج أو الانحراف عن المعايير الاجتماعية.
يميز ميرتون بين نمطين من أنواع السلوك المنحرف يتباينان من حيث المسببات والنتائج المترتبة عليها وهما السلوك اللاتوافقي والسلوك المنحرف.
السلوك اللاتوافقي:
الفرد غير المتوافق يتخذ في معارضته للمعايير صفة العلانية.
يمثل سلوك الفرد غير المتوافق تحدي لشرعية المعايير الاجتماعية التي يعارضها ويرفضها.
يسعى اهتمام الفرد غير المتوافق إلى تحقيق هدفه المتمثل بتغيير المعايير الاجتماعية القائمة.
الأفراد غير المتوافقين لا يسعون لتحقيق مصالحهم الشخصية.
يسعى الأفراد غير المتوافقين إلى تحقيق العدالة الاجتماعية.
السلوك المنحرف:
الفرد المنحرف سلوكياً يخفي سلوكه المنحرف.
ينتهك الفرد المنحرف المعايير التي يعترف بها.
ينحصر اهتمام المنحرف في كيفية الهروب من العقوبات الخاصة بالمعايير الاجتماعية.
الأفراد المنحرفين دائماً يسعون لكسب مصالحهم الشخصية.
المنحرفين يسعون للتعبير عن مصالحهم الخاصة وإشباع احتياجاتهم الشخصية بأي صورة.
التداخل بين المشكلات الاجتماعية والانحراف والتفكك
- إذا فشل المجتمع في إشباع احتياجات الأفراد وتحديد الأدوار الاجتماعية بفعالية يشعر الأفراد بالإحباط نتيجة الإخفاق في تحقيق الأهداف وبالتالي تظهر الصراعات في الأدوار.
- إذا ازدادت الاحباطات وتفجرت الصراعات أفرزت التفككات الاجتماعية .
- إذا تفشى التفكك الاجتماعي وامتد بين قطاعات مجتمعية لها ثقلها شكل مشكلة اجتماعية.
- إذا أثرت المشكلة الاجتماعية سلبا في الأفراد أو الجماعات أصبحت سلوك انحرافي وتطلب مواجهة وتدخل.
تصنيف المشكلات الاجتماعية:
صنف انكلز المشكلات الاجتماعية المتكررة التي تواجه أي مجتمع إلى ثلاث مجموعات أساسية، تتعلق كل منها بنمط مختلف من أنماط التكيف مع الحياة الاجتماعية، وتتمثل هذه التصنيفات في التالي:
1- المجموعة الأولى من المشكلات المتكررة التي تواجه المجتمع، هي المشكلات الناجمة عن التكيف مع البيئة الخارجية الطبيعية والإنسانية على السواء.
2- المجموعة الثانية من المشكلات التي تتعلق بإشباع الاحتياجات الإنسانية الفردية لأعضاء المجتمع.
3- المجموعة الثالثة من المشكلات التي يتحتم على كل مجتمع مواجهتها والعمل على حلها هي مشكلات الوحدات الأساسية للتنظيم الاجتماعي.
كما يصنف العادلي المشكلات الاجتماعية إلى ثلاث مجموعاتك
1- مشكلات أساسية : ترتبط بعدم كفاية الخدمات المتوفرة في المجتمع لإشباع حاجات الأفراد مثل: نقص المدارس، أو المستشفيات عن الحاجة الفعلية للمجتمع.
مشكلات تنظيمية: ترتبط بتركيز الخدمات على مناطق معينة دون أخرى،فتصبح المشكلة بسبب عدم العدالة في التوزيع للخدمات.
2- مشكلات مرضية: مثل، السلوك الإجرامي، كالسرقة والقتل، والتسول والتشرد والأحداث والبغاء ..الخ.
-3 مشكلات مجتمعية: وترتبط بسوء العلاقات بين الجماعات المختلفة في المجتمع، وعدم اهتمام المواطنين بمشكلاتهم، وتركها للظروف
كما حدد مايس ثلاث مستويات من المشكلات الاجتماعية.:
الدرجة الأولى: وهي مشاكل تؤثر بصورة قوية في الظروف الاجتماعية المحيطة بها، ولها نتائج متعددة ومؤثرة في المجتمع مثل: مشاكل الحرب، الفقر، التمييز العنصري
الدرجة الثانية: وتتمثل في الظروف والنتائج الضارة التي تنتج بصفة أساسية عن المشاكل الاجتماعية المؤثرة، والتي يتولد عنها بدورها مشاكل إضافية أخرى. مثل: سوء التغذية الناتج عن الفقر.
الدرجة الثالثة: وهي تلك الظروف الضارة والتي تعد بصورة مباشرة أو غير مباشرة نتاج للمشاكل الاجتماعية الأساسية من الدرجة الأولى. مثل: البطالة الناتجة بسبب التفرقة العنصرية.
خصائص المشكلات الاجتماعية:
تمتاز المشكلة الاجتماعية بأنها مدركة أو محسوسة، وكلما زاد إدراك الناس للمشكلة كلما أدى إلى زيادة وضوح المشكلة.
لا تتوقف المشكلة الاجتماعية عند حد الرفض الذهني، وإنما تشكل نوعاً من التحفيز لتحريك السلوك المضاد واتخاذ المواقف لمواجهتها وإزالة آثارها السلبية.
تمتاز المشكلة اجتماعية بعدم الثبات على وتيرة واحدة من حيث قدرتها على التأثير، مثال: منظور جيل الآباء يختلف عن جيل الأبناء من حيث المعايير التي يراها الآباء بأنها مشكلة في حين أن الأبناء يراها عكس ذلك.
تمتاز المشكلة الاجتماعية بخاصية النسبية، وترجع هذه الخاصية لاختلاف المجتمعات الإنسانية وأفرادها وجماعاتها في تحديد مفهوم المشكلة. على سبيل المثال: ظاهرة الثار في المجتمعات العربية تشكل بعد ثقافي أما في المجتمعات الغربية فتشكل جريمة اجتماعية.
تخضع المشكلة الاجتماعية في حجمها وتنوعها وتأثيرها للظروف التي يخضع لها المجتمع، فكلما زاد حجم الكثافة السكانية في مجتمع ما زاد تعقيده بنائياً كلما أدى ذلك إلى زيادة في المشكلات الاجتماعية وتنوعاً في أسبابها ومصادرها وزيادة في أشكالها وأنواعها.
تظهر المشكلة الاجتماعية في منشأ يعكس الاضطراب الاجتماعي والشخصي، وتكون نتيجة لتمزق نسيج العلاقات الاجتماعية، أو نتاج سلسلة تصدعات تحصل داخل المجتمع.
تمتاز المشكلة الاجتماعية بالحتمية في وجودها فهي دائمة ومستمرة مع استمرارية الحياة الاجتماعية، ولذلك فهي تظهر في جميع المجتمعات الإنسانية سواء الكبيرة أو الصغيرة المتقدمة أو المتخلفة.
تمتاز المشكلة الاجتماعية بأنها تظهر بسبب التغيرات الحاصلة في الحياة الاجتماعية، أو في المؤسسات الاجتماعية.
أسباب المشكلات الاجتماعية
كما أنه يصعب الوصول إلى تعريف واحد ( جامع مانع ) للمشكلة الاجتماعية ، وكما تلعب النسبية دورا بارزا في تحديد المشكلات ، فإنه يصعب أيضا وضع أيدينا على سبب واحد لها . فأسباب المشكلات ومسبباتها تتنوع وتتعدد من ناحية بل وتختلف من زمان إلى زمان ومن مكان لآخر ومن ظروف إلى ظروف ، بل ومن باحث إلى باحث آخر ( طبقا لخلفيته وتكوينه ) من ناحية أخرى . وعلى سبيل المثال فإنه إذا كان التغالي في المهور سببا في تأخير الزواج لدى الشباب السعودي فإن أزمة الإسكان تقف وراء نفس المشكلة في مصر . وإذا كان النفط ومن بعده الطفرة المادية والوفرة الاقتصادية تقف وراء الكثير من مشكلات دول الخليج العربية ومن ضمنها السعودية ، فإن الحروب ونقص الموارد الاقتصادية كانت هي الواقفة وراء الكثير من الأزمات والمشكلات الاجتماعية في بلدان مثل مصر ثم العراق ولبنان( حاليا ) .
من ناحية أخرى فإنه في الوقت الذي قد يعزو الشخص العادي مشكلة ما إلى سبب أو عامل واحد ، يردها الباحث الاجتماعي المدقق إلى أسبابها وهي في الأغلب الأعم متعددة. وفي الوقت الذي يرى فيه عالم إجرام ـ مثلا ـ أن الوراثة تقف وراء هذه الظاهرة المشكلة ( الإجرام ) ، يرد عالم الاجتماع هذا إلى البيئة المحيطة بكل أبعادها ومؤثراتها وإن كان لا يستبعد تأثير الوراثة كأحد العوامل أو الاحتمالات على الأقل .
هذا ويرجع بعض الباحثين أسباب المشكلات الاجتماعية إلى عدم إشباع الاحتياجات بين أفراد المجتمع وهي الاحتياجات الاجتماعية والنفسية والاقتصادية والبيولوجية والصحية والتعليمية والترويحية ...ويرجعوا عدم الإشباع لمجموعة من العوامل المرتبطة بالفرد ذاته" عوامل ذاتية" أو أسرته" عوامل أسرية" أو للعوامل الاجتماعية أو البيئية أو العوامل المجتمعية.
ومن المسببات الرئيسية للمشكلات الاجتماعية التفاوت في سرعة التغير الاجتماعي والثقافي، الناتج عن سرعة التفاوت في أحد جوانب الثقافة عن الجانب الآخر.
وعلى أية حال فإنه على الرغم من تعدد مسببات المشكلات الاجتماعية فإنه يمكن وضع أيدينا على بعض الأمور مثل : الوضع الاجتماعي والثقافي ( أساسا ) ـ إلى جانب العوامل الذاتية "الوراثية"والبيئية "البيئة الطبيعية" والبيئة الاجتماعية بما فيها من ظروف ثقافية واجتماعية واقتصادية وسياسية باعتبارها واقفة وراء هذه المشكلة أو تلك ومتحكمة في خط سيرها .
فالعوامل الوراثية " هي عوامل تتعلق بذات الفرد، وقد تلعب هذه العوامل دورا في حدوث المشكلات، وتمثل الانحرافات الناتجة عن أسباب بيولوجية أو عضوية أو وراثية مثل الانحرافات الجنسية والأمراض العقلية والعصبية ـ إلى جانب الميول الإجرامية ـ مشاكل اجتماعية، كما يدخل في الانحرافات الشخصية الميل إلى النفعية والسعي وراء المصالح الشخصية عموما، وسواء تأتى ذلك من قبل أفراد أو جماعات .
والعوامل البيئية الطبيعية تتمثل في المناخ والتضاريس والتغيرات البيئية التي تحدث فجأة بسبب البراكين أو الزلازل أو الفيضانات جميعها تسبب في حدوث المشكلات الاجتماعية، على سبيل المثال: المناخ الحار قد يورث حساسية الأعصاب وثورتها بسهولة .
كما أن هناك عوامل بيئية غير طبيعية تحدث من خلال الفعل الاجتماعي وتكون مصدر لتفريخ المشكلات الاجتماعية، على سبيل المثال أحياء سكنية توسم ببيئة المجرمين أو الفقراء، وفي الغالب تفرخ مزيدامن السلوكيات المنحرفة... وهكذا .
ويندرج تحت العوامل البيئية غير الطبيعية الظروف الاقتصادية، والسياسية، والأوضاع الاجتماعية والثقافية.
فالظروف الاقتصادية ( المسببة للمشكلات ) يمكن تمثلها في كثير من الأوجه والتي يأتي على رأسها أمران أولهما الفقر وثانيهما عدم العدالة في التوزيع.
والظروف السياسية المسببة للمشكلات يمكن أن تتركز أساسا في اتجاه نظام الحكم السائد في عدالته أو عدمها، وفي ديمقراطيته أو دكتاتوريته، كما يتمثل في مدى سيطرتها على مجريات الأمور في الدولة وتسييرها من عدمه ، هذا المناخ قد يعصف بكل جهود التنمية ويقف في طريق التطور والتقدم.
أما الأوضاع الاجتماعية / الثقافية التي تسهم في خلق المشكلات فيمكن تمثيلها في كثير من الاتجاهات ومنها :
1) اختلاف التنشئة الاجتماعية .
2) اختلاف المستويات التعليمية .
3) التضارب والتصارع الثقافي : وتؤدي إليه العديد من الأمور التي منها :
- اختلاف الموجهات والمعطيات الثقافية .
- الجمود والتزمت الثقافي أو الانفتاح الثقافي اللا محدود .
- التفاوت في سرعة التغير ( أو التغيير ) الاجتماعي والثقافي .
4) الضبط الاجتماعي القاسي أو المتساهل .
5) عدم وضوح الأهداف والمعايير .
6) النزعات الانعزالية والانفصالية .
ويعتبر التغير الاجتماعي من أهم العوامل المسببة لحدوث المشكلات، وكلما زادت سرعة واستمرار عملية التغير الاجتماعي، زادت احتمالات ظهور المشكلات الاجتماعية داخل المجتمع. وقد يكون التغير إيجابياً بحيث يعمل على حل المشكلة الاجتماعية. أو سلبياً يؤدي إلى حدوث المشكلات الاجتماعية.
التغير الاجتماعي:Social change
يشير مفهوم التغير الاجتماعي إلى الاختلافات والتغيرات التي تحدث عبر الزمن لمجتمع ما، وتشمل هذه التغيرات العادات والقيم والقوانين والتنظيمات الخاصة بالنظام الاجتماعي الموجودة في المجتمع، كما قد يشمل التغير الاجتماعي التحول في التركيب السكاني للمجتمع أو بنائه الطبقي، أو في أنماط العلاقات الاجتماعية. بمعنى آخر يؤثر التغير الاجتماعي المفاجئ على البيئة الطبيعية و البيئة الاجتماعية.
ومن عوامل التغير الاجتماعي
التجديد الثقافي: ويأخذ أشكال متعددة مثل الاكتشاف والاختراع
الفعل الإنساني: أداء الأفراد والجماعات والهيئات المقصود في عملية التغير الاجتماعي.
التكنولوجيا: السبب المباشر للتغيرات الاجتماعي والثقافية التي تحدث في المجتمع، وغالباً ما يترتب عليها حدوث التخلف الثقافي أو الهوة الثقافية، فينتج عنها عدم مسايرة النظم الاجتماعية مع تطورات المجتمع الحديثة، مما يؤدي إلى عجز النظم الاجتماعية عن استيعاب التغيرات الجديدة نوعاً من الانعزال بين الأفراد والنظم الاجتماعية، فتحدث المشكلات الاجتماعية.
الهجرة: سواء كانت هجرة داخلية أو خارجية تعمل على تحويل الأفراد من مكان لآخر وهم يحملون معهم قيمهم وعاداتهم وكذلك ظروفهم الصعبة التي قد تضطرهم إلى عدم التوافق فتنشأ المشكلات الاجتماعية بسبب عدم توفقهم مع المجتمع الجديد نتيجة لهجرتهم.
الحروب: الحرب بحد ذاتها مشكلة اجتماعية، ويؤدي الحرب إلى مشكلات عديدة منها الهجرة والتفكك والفقر والبطالة والتعصب وغيرها من المشاكل الاجتماعي.
الوهن التنظيمي أو التفكك الاجتماعي: يترجم مفهوم الوهن التنظيمي إلى التفكك الاجتماعي الذي يتضمن عدم فاعلية أو ضعف في أدوار ومراكز بنائية داخل التنظيم أو عدم أدائها لأدوارها كما هو مطلوب منها هيكلياً، وهذا بدوره يؤثر على وظيفة النسق أو أنساق البناء، أو يحدث توتر شخصي ناجم عن العيش ضمن نسق تنظيمي يصعب التحكم فيه بشكل تام. كما يشير أيضاً إلى معاناة الأفراد في تحقيق ذواتهم داخل التنظيم بسبب جمود بعض من قيمه. ومن الإفرازات التي يحدثها الوهن التنظيمي الفساد الإداري.
التصنيع: يؤثر التصنيع في البيئة وكذلك الإنسان ويولد أنماط جديدة من العلاقات المبنية على العمل بحد ذاته، وهذا ينكر ثقافة المجتمعات المبنية على العلاقات الاجتماعية.
المشكلات الاجتماعية والتغير الاجتماعي:
تشير الدراسات التي أجريت على المجتمعات المحلية إلى حقيقتين أساسيتين:
الأولى: شهدت المجتمعات المحلية خلال السنوات الأخيرة من القرن العشرين تغيرات اجتماعية سريعة ومستمرة، وترتب على هذه التغيرات نتائج متعددة منها: حدوث تعديلات في كل من الخصائص السكانية لهذه المجتمعات، والنسق الإيكولوجي، والبناء الاقتصادي،والأنماط التنظيمية.
الثانية: عانت معظم المجتمعات المحلية الحديثة من الكثير من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والسكانية والإيكولوجية، ومنها: مشكلة الفساد الإداري، الفقر، الهجرة ...الخ.
وتنشأ المشكلات الاجتماعية عندما لا تتزامن التغيرات التي تطرأ على جزء من الثقافة اللامادية مع التغيرات التي تطرأ مع الثقافة المادية، نتيجة تفاوت معدلات التغير الثقافي في جانبي الثقافة.
ويشير مفهوم التخلف الثقافيCultural lag إلى الموقف الذي يتغير فيه أحد عناصر أو مكونات الثقافة بشكل أسرع مما يتغير به غيرها من العناصر الأخرى للثقافة.
ملخص لما سبق عرضه:
أ -المشكلة الاجتماعية تعتبر انحرافا عن المستويات الاجتماعية ـ المتفق عليها علما بأن المستويات الاجتماعية ذاتها تختلف باختلاف الزمان واختلاف المكان
ب- المشكلة الاجتماعية هي التي يراها الناس كذلك ـ أي هي هذا النوع من السلوك أو الحدث الذي تجمع غالبية الناس ( في مجتمع ما ) على أنه مشكل .
ج - المشكلة الاجتماعية تتمايز من مكان إلى آخر ومن زمان إلى غيره ومن ظروف إلى ظروف ، بل أن النظرة إليها قد تختلف من قطاع اجتماعي ( أو حتى مجتمعي) إلى آخر ـ وهذا يعني أن النسبية تلعب دورا كبيرا في تحديد ملامحها .
د – المشكلة الاجتماعية تعكس الصالح والمواقف والاهتمامات ( الخاصة بطبيعة الحال) أي أن كل فرد وكل جماعة وكل مجتمع يعبر عن الشيء باعتباره مشكلا أو غير مشكل من وجهة نظر ذاتيةSubjective بحتة.
هـ - المشكلات الاجتماعية متداخلة ومتشابكة ومن الصعوبة تحديدها بدقة بالفصل بينها فصلاً قاطعاً
و- المشكلات الاجتماعية مستمرة ولا يمكن إيجاد حلول جذرية لها، أو متفق عليها، فهي تظهر في كافة المجتمعات الإنسانية .
ز- تتشكل تدريجياً على مراحل مترابطة لذا فإنها لا تظهر فجأة أو عفوية وبناءً على ذلك فهي متطورة اجتماعيا .
ح- لا يمكن شرحها وتشخيص حدوثها من خلال سبب واحد بل عدة أسباب مترابطة
ط- مرتبطة بالقيم الاجتماعية في أغلب الأحيان . وتمثل الآداب العامة والأخلاق الاجتماعية نواتها.
ي- تظهر في منشأ يعكس الاضطراب الاجتماعي والشخصي وهذا يعني أنها ملتصقة بالفساد و التفسخ الاجتماعي داخل المجتمع .
ك- لا بد أن تتضمن نمطا من السلوك قابل للتدخل الإنساني.
القاعدة الثقافية للمشكلات الاجتماعية
تكشف المشكلات الاجتماعية (بغض النظر عن نوع المجتمع الذي تظهر فيه) عن اتجاهها المضاد لمعايير وقيم المجتمع ومن أبرز مكونات هذه القاعدة ما يلي:
التفسير الغيبي: يرجع السلوك الصادر من الناس والمضاد للمجتمع وقيمه إلى الجذور الشريرة .
الوظيفة الاجتماعية للقيمة الاجتماعية: مدى ما يقوم به الفرد من خلال قيمة الشيء. مثال: عندما يزو ضيف أسرة بدوية لابد من ذبح خروف له إكرام له. وفي الغرب لا نجد مثل هذا العمل.
إفرازات التغير الاجتماعي: تجلب المعطيات العصرية قيماً ثقافية مختلفة تؤدي إلى حدوث مشكلات لم يعهدها المجتمع من قبل مثل: انتشار الرشوة والفساد الإداري والواسطة وتبدل مفاهيم الشرف والعلاقة الزوجية داخل الأسرة وانتشار ظاهرة العنف والمخدرات..الخ
الجانب الذاتي للمشكلة: لكل مشكلة جانب ذاتي، ونفور الفرد من ممارسة سلوك معين وتم فعله من قبل البعض يعد مشكلة.
قيم الأغلبية: المعايير الاجتماعية هي التي تحدد ما هو مقبول ومرفوض في المجتمع.
أفكار خاطئة عن المشكلات الاجتماعية
يختلف أفراد المجتمع في الدراية والمعرفة عن المشكلة الاجتماعية السائدة في المجتمع، ويرجع هذا الاختلاف إلى درجة القرب أو البعد من المشكلة وإلى نوع العلاقة بينهم. إن جميع المشاكل الاجتماعية يتم إدراكها بدرجة أقل أهمية عند البعيدين عنها اجتماعياً وجغرافياً. لأن المعرفة بها تكون قليلة وبالتالي تفقد الأهمية ، كما أن اهتمام الناس بالمتاعب الذاتية للأفراد يكون أكثر من اهتمامهم بالشؤون العامة للمجتمع، ويزداد إدراك الناس للمشكلات الاجتماعية إذا كانت "المشكلات" تمثل حالات مستعصية، أو ذات صيت واسع، أو تمس جانب من اهتمامات الناس.
معظم الناس لديهم معدل محدود من الدراية والمعرفة حول المشكلات الاجتماعية وغالباً لا تكون منتظمة وأحيانا تسمى متناقضة ومرات تغدو غير صحيحة ،والذي يستمع إلى المغالطات الواسعة المتعلقة بالمشكلات الاجتماعية يكتشف أن معظم معرفة الناس حولها سطحية غير متعمقة ،الأمر الذي يتطلب عدم الوثوق بها.
وتتمثل الانطباعات الخاطئة عن المشكلات الاجتماعية في التالي:
1- عدم الاتفاق بين الناس على ما يعتبر مشكلة اجتماعية:
يرجع عدم الاتفاق إلى الفروق في القناعات الشخصية للأفراد فما هو متفق عليه بين بعض الناس على انه يمثل مشكلاً لا يكون هكذا مع جميعهم .
إذا يتفق معظم الناس على أن الفقر والبطالة و أزمة السكن تمثل مشكلات اجتماعية, لكن البعض الآخر لا يراها هكذا بل يجد لها مردودا حسنا للإنسان لأنها تساعده على إدراك حالة البؤس الإنساني.فالأغنياء يرون أن الفقر ضروري للمجتمع لأنه يجعل مالكي المال و الثروة في أعلى السلم الاجتماعي .
ويرى البعض الأخر أن وجود العاطلين عن العمل ضروري للعاملين لكي يزيدوا من اندفاعهم للعمل وحرصهم عليه وإخلاصهم فيه.
وهناك من يرى المشكلة العرقية بين السود و البيض تمثل مشكلة اجتماعية بينما لا يراها البعض الآخر هكذا لأنها تضع الأعراق في المكانات التي تليق بها .
-2 اعتبار المشكلات الاجتماعية شيئاً طبيعياً وأمراً لا يمكن تجنبه: البعض ينظر إلى المشكلات الاجتماعية على أنها حالات طبيعية محتومة يتعذر اجتنابها، وفي الواقع لا توجد هناك مشكلة محتومة ومتعذر اجتنابها إنما هناك ظروف معينة تعمل على إنتاج أو طرح أو إفراز ناتج لا محال لا يمكن اجتنابه أو منع وقوعه. أي أن المشكلة ناتجة عن القانون الطبيعي ويمتلك الحتمية الأكيدة.
3- المشكلات الاجتماعية ما هي سوى حالة شاذة وغير عادية:
البعض من علماء الاجتماع ينظر إلى المشكلات الاجتماعية على أنها حالات غير طبيعية لأنها أحدثت كسر للنظام الاجتماعي أو اختراق أو انحراف عن السلوك الاجتماعي السوي السائد بين الناس، ويرى أصحاب هذا الرأي أن المجتمع يسير حسب قوانين موضوعة ومتفق عليها في المجتمع ويعد الخروج على هذه القوانين هو الشذوذ ويتطلب الحل التصدي لهؤلاء الخارجين وبالتالي يتم القضاء على المشكلة ،هذا التحديد أو هذه الرؤية تنطبق على بعض المشكلات مثل الإدمان على المخدرات أو بعض الجرائم.. ولكن في الواقع قد تحدث المشكلة بسبب من السلوك السوي وليس عن اختراق القوانين أو الخطأ.
-4 تتسبب المشكلة الاجتماعية من قبل الأشرار و السيئين من الناس:
هذه أوسع مغالطه على الإطلاق , إذ أحيانا يحلل بعض الناس المشكلات الاجتماعية تحت مضمون الثنائية المتبادلة أو المتقابلة مثل طيب وسيئ أو مقارنة الأشرار مع الأخيار . وفي الواقع قد يكون الناس السيئون هم ضحايا لأخطاء يرتكبها غيرهم من الناس البريئون ، إن معظم المشكلات قد تصدر عن الناس الأخيار وبالذات عند الذين يتمتعون بعقلية تجارية أكثر من الأشرار .
-5 المشكلات الاجتماعية توجد بسبب كثرة الحديث عنها:
إن الحديث عن وجود مشكلة اجتماعية بين الناس كالفقر و البطالة و الجريمة أو هروب التلاميذ من المدرسة يعمل على إثارة مشاعرهم وهواجسهم وخيالهم ويوسع حجمها أو يبالغ في خطورتها بحيث تصور و كأنها معضلة مستعصية الحل تعيش في أحشاء المجتمع يفهمها السامع بأن المسئولين في المؤسسات الإصلاحية و العقابية غير قادرين على السيطرة عليها أو معالجتها . إذ أن تضخيم المشكل بين عامة الناسيعمل على إقلاقهم وعدم ارتياحهم فيصبح هذا التضخيم مشكلة اكبر من حجمها و آثارها تتعسر على المصلحين معالجتها بيسر وسهولة، هذا الرأي خاطئ لأن كتم المشاكل وعدم الكتابة عنها لا يحل المشكلة وإنما يزيد من تفاقمها وتزداد حدتها.
-6 المشكلات الاجتماعية سوف تحل نفسها بنفسها:
يعتقد الكثير من الناس بأنه مع مرور الزمن وتواتر الأحداث وخضوع المجتمع لقانون التغير والتطور، فان المشاكل القائمة تكون في طريقها إلى الزوال وهذه رؤية غير واقعية إن لم تكن وهمية، لأن العمل والمثابرة من القيم الإسلامية التي أوصى الله عباده امتثالاً لقوله تعالى: " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" والتغيير يتم من خلال الجهود المثابرة والكفاح في مواجهة المشكلات التي تعيق تطور ونمو المجتمع.
7- أماني الناس:
البعض من الناس لا يرغب في رؤية المشكلة محلولة وذلك إما لكون حلها يعود بتأثير سلبي عليهم، أو أن حلها يتعارض مع معاييرهم وقيمهم، أو لكون معالجتها مكلفة لهم .مثال:كأن يدفعوا ضرائب إضافية أو باهظة فتصبح إزالة المشكلة مؤثرة على نفوذهم وسلطتهم, لذا فإن بقاءها قائمة -في نظر هؤلاء الناس – داخل المجتمع يعزز نفوذهم ويزيد من تأثيرهم الاجتماعي ويقلل من خسارتهم المادية.
8- عندما تصبح المشكلة حقيقية تكون محلولة:
من المعروف أن دراسة المشكلة تتطلب الحصول على الحقائق المتعلقة بها، وإن معرفة هذه الحقائق أمر مهم جداً ولكن الأهم من ذلك هو معرفة كيف نستطيع التحقق منها بواسطة التعرف على أبعادها وعناصرها. ويصبح للحقيقة معنى إذا استندت إلى قيم الإنسان، وعندما يكون للناس قيم مختلفة فإن وجود الحقيقة لا يستطيع حل عدم اتفاقهم. والحقائق التي يتم الحصول عليها تحتاج إلى تفسير وترجمة في صورة خطط علمية، تتطلب الكثير من الجهد والمال وأحيانا تغيير اتجاهات كثير من الناس.
9- يمكن معالجة المشكلات الاجتماعية بعيدا عن تغير المؤسسات الرسمية:
يعتقد البعض بأنه يمكن معالجة المشكلة الاجتماعية دون دفع تكاليف معالجتها – ماديا أو معنويا – وهذا الاعتقاد بعيد عن الواقع لأن معالجة أية مشكلة يتطلب تغيرا سريعا وجادا في المؤسسات و ممارستها الوظيفية .
من الخطأ التوقع من قبل المرء بأن المشكلات سوف تحل بسهولة ويسر, ولكون المؤسسات تتغير ببطء فإنها لا تستطيع معالجة المشاكل بسرعة بل ببطء أيضا، وهذا يعني أننا لا نستطيع القضاء التام على (الفقر و البطالة و الجريمة ) إنما يمكننا وضع برنامج متطور لتقليل حجمها وتأثيرها الاجتماعي, وفي نفس الوقت لا يمكن القضاء أو إقصاء ( الأمراض العصبية و العقلية ) من المجتمع إنما بإمكاننا تطوير وسائل علاجها في المستشفيات المتخصصة بها.
المحاضرة الثالثة
قضايا مجتمعية معاصرة
3/12 /1434هـ
رؤى جديدة للمشكلات الاجتماعية.
المداخل النظرية لتفسير المشكلات الاجتماعية
المداخل العلاجية لمواجهة المشكلات الاجتماعية
المنهج الإسلامي كمنهج شمولي لمواجهة المشكلات الاجتماعية.
رؤى جديدة للمشكلات الاجتماعية
يحدد كل من روبرت نسبت وروبرت مرتون منطلقات تمثل صور جديدة تعكس مظاهر جديدة للمشكلات الاجتماعية لم يسبق لعلماء الاجتماع تناولها وتتمثل هذه الرؤيا في:
1- يبلور البناء الاجتماعي و الثقافة الاجتماعية ( اللذان يعملان على تنسيق وتنظيم سلوك الأفراد وفق معاييرها وقيمها ) ميلا خاصا نحو السلوك المنحرف و الاضطراب الاجتماعي كثمن للتنظيم الاجتماعي الذي تهدف إليه. بعبارة أوضح تتولد المشكلات الاجتماعية من جراء التنظيم ليس بقصد منها أو بهدف تحدده بل كإفراز غير مخطط وغير هادف.
2- تؤدي إفرازات التغير والتطور الاجتماعي داخل المجتمع إلى نتائج سلبية يدفع ثمنها بعض الأفراد كسعر اجتماعي للتحولات الجديدة.
3- غالبا ما تبرز الإفرازات الاجتماعية غير السوية في حيز الوجود بشكل غير مباشر و تتسع بنفس درجة ظهور التغير التي تأخذ اتجاه التعارض مع الأنماط المؤسسية للسلوك الاجتماعي السوي.
4- وبناء على ما تقدم فإن دراسة و تفهم الاضطرابات الاجتماعية يتطلب دراسة وتفهم التنظيمات الاجتماعية لأنهما من الناحية النظرية متلازمان غير منفصلين
5-استمرارا لهذا الاستدلال فإنه يمكن القول بأن كل بناء اجتماعي يتضمن مشكلات اجتماعية خاصة به تعكس نوعه وحجمه ودرجة تطوره.
6- حاله متعلقة بالفقرات الخمس السابقة أن الأفراد الذين لهم ادوار ومواقع بنائية وانتماء طبقي إذا تعرضوا لاهتزازات وزلل اجتماعي فإن سلوكهم الاجتماعي يتعرض للانحرافات أو المخاطر أو التجريح أو التعريض أو النقد بسبب حساسية أدوارهم ومواقعهم البنائية.
7- إذا تصرف شاغلوا المواقع البنائية تصرفا متناقضا مع مستلزماتها وشروطها أو قاموا بتصرف لا ينسجم أو يتناسب معها فإن الآخرين من حولهم ( في مواقع العمل أو المجتمع المحلي) يوجهون سهام نقدهم لهم ويكثر اللفظ الجارح حولهم المفعم بالنميمة والاغتياب على التناقض الحاصل بين تصرفهم الاجتماعي و الموقعي.
8- إن تكافل أقسام ( أنماط أو انساق ) البناء الاجتماعي يولد مشكلات ناتجة عنه .
9- مشكلات نسق معين تخلق مشكلات جديدة لنسق آخر مثل مشكلات النسق السياسي تولد مشاكل للنسق الاقتصادي
المداخل النظرية لدراسة المشكلات الاجتماعية
تمهيد :
إن الكثير من المشكلات الاجتماعية ظاهرة واضحة للعيان ولا يختلف عليها الناس، فالفقر مشكلة ... والكل يعلم هذا ويبغضه ، والأمية مشكلة ... وغالبية الناس تعلم هذا وتستنكره ، والجرائم بكل أنواعها جزء من المشكلات الاجتماعية التي توجد في كل المجتمعات بدرجات متفاوتة ... والكل يستنكرها ... بدرجة أو بأخرى ، وانتشار تعاطي المخدرات بين الشباب ، في كثير من المجتمعات مشكلة خطيرة... والكبار في تلك المجتمعات يحاولون جاهدين إيقاف سيلها ... الخ . كل هذه المشكلات وغيرها كثير مشكلات ظاهرة وواضحة ولكن هناك أنواعا من المشكلات الاجتماعية خافية وغير واضحة للكثيرين منا . وهذا لا يعني أنها غائبة أو غير موجودة أو غير خطيرة .
وعلى سبيل المثال فإن هناك مشكلة الأعداد الكثيرة من الناس الذين تقتلهم حوادث السيارات على الطرقات كل عام ، ورغم ذلك فإن الناس يخافون من ركوب الطائرات اعتقادا منهم بأنها أكثر خطرا من السيارات ، على الرغم من أن الإحصاءات قد أثبتت أن عدد القتلى من حوادث الطائرات أقل بكثير جدا من أعداد الذين يقتلون في حوادث السيارات .
ولو نظرنا إلى دول الخليج العربي وملايين من السيارات التي تجوب طرقاتها ، ومئات الحوادث التي تقع ، وأعداد الضحايا الذين يذهبون نتيجة لها ، وآلاف المصابين الذين يعيشون بقية أعمارهم ، وهم معوقون جسميا بسبب هذه الحوادث . إذا نظرنا إلى كل ذلك وضح لنا جدا هذا المثال . ومع ذلك فهل يعتقد الكثيرون منا بأن هناك مشكلة خطيرة ذات صفة مجتمعية ، بسبب سوء قيادة السيارات ..؟؟
الحقيقة أن المشكلة هناك بالفعل ، ونتائجها الخطيرة واضحة ومحددة في غرفة العمليات وفي تقارير الشرطة ودوائر المحاكم ، ولكن القناعة بها قد لا تكون ظاهرة أو واضحة للعيان ... كمشكلة اجتماعية خطيرة ، ومن هنا فهي مشكلة اجتماعية كامنة .
مـن خـلال مـا تقـدم يمكـن أن نستنتـج أن النـاس من خلال رؤيتهـم العامـة للمشكلـة ،
أو من خلال عدم إحساسهم بها يعبرون عن تصوراتهم وقناعاتهم . فلو أننا أخذنا عينة من أفراد
المجتمع وسألناهم عن خطورة الطائرة وركوبها ، وعن مقارنتها بالسيارة لجاءتنا الإجابة سريعا بأن الطائرة هي المشكلة بحوادثها وأهوالها . ومعنى ذلك أن المشكلة هناك. ولكنها قد تخفى على الناس .
ونفس الكلام يمكن أن ينطبق على برامج التلفزيون الغير ملتزمة في بعض البلاد، والتي قد تؤدي إلى انحراف الكثيرين من الشباب ، فالناس قد لا يحسون بهذه الخطورة الكامنة فيها ، ورغم ذلك فهي هناك تفعل فعلها في عقول الشباب وأحاسيسهم، وفي توجيههم نحو الجريمة والانحراف .
ومما لاشك فيه أن الكاتب المنحرف ، أو الغير ملتزم يكون أثره مساويا لمثل هذه البرامج السيئة التي يذيعها التلفزيون أو يبثها للمشاهدين ، ورغم هذا فقد لا يدرك المجتمع ـ للوهلة الأولى ـ خطورة وجود عدد من الكتاب يكتبون في صحفهم ومجلاتهم، فينحرفون بالشباب في متاهات سحيقة قد تقودهم إلى طريق الجريمة والخروج على قيم الجماعة ومعاييرها السلوكية التي ارتضتها لنفسها .
ومن هنا نجد عددا من النظريات العلمية التي حاولت أن تفسر المشكلات الاجتماعية ، والتي ركزت على الجانب الاجتماعي ، كي تبتعد بها عن المشكلات الشخصية ، فالمشكلات الاجتماعية تتعامل مع مشكلات تتعلق بأعداد كبيرة من أفراد المجتمع ، وبالمشكلات التي تعترض حياتهم ، أو ينغمسون فيها ، أما المشكلات الشخصية Personal Problems فتتعلق بالأفراد ، وغالبا ما تكون مرتبطة ببعض المشكلات النفسية Psychological ... وعلى ذلك فإن هذه النظريات ـ كما سوف يتضح لنا ـ تميل إلى التفسير الاجتماعي للمشكلة ، أكثر من ميلها للتفسير النفسي .
وتتباين اتجاهات العلماء في تفسير أسباب المشكلات الاجتماعية لسببين:
1- تبني المفسر لاتجاه فكري واحد يتم في ضوئه تحديد وتفسير المشكلة الاجتماعية.
2- تباين الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية لعلماء هذه المدارس أو الاتجاهات
السبب الأول: كل عالم يتبنى مدرسة فكرية معينة، تملي عليه اختيار نموذج معين يتم في ضوئه تحديد مشكلة الدراسة ومنهج التحليل والإطار النظري المستخدم في تفسيرها.
وباعتبار أن التغير الاجتماعي سمة المجتمعات فإنه تبعاً لذلك تختلف التفسيرات بحسب ظهور مدرسة جديدة تفسر الواقع الاجتماعي من خلال الفترة الزمنية التي نشأت فيها، وتلغي اتجاه المدرسة السابقة، ومن هنا يحدث ما يسمى بالثورة العلمية.
الثورة العلمية، هي أن يجبر العلماء على التخلي أو رفض النظرية وتبني نظرية أخرى تكون أكثر قدرة على تفسير الظاهرة الاجتماعية.
وتتمثل الوظيفة الأساسية للمدرسة الفكرية في تحديد ما هو هام، ليتم دراسته ووضع نماذج تصورية لتفسيره.
وفي ضوء ذلك تعتبر المدرسة الفكرية النظارة التي تكون رؤيتنا للعالم الاجتماعي، ولتغيير تلك النظارة يحدث ما يسمى بالثورة العلمية.
السبب الثاني: ظهر علم الاجتماع في ظل ظروف اجتماعية وسياسية واقتصادية دفعت المفكرين الاجتماعيين لتطوير نظرياته ومفاهيمه، ولذلك يعد علم الاجتماع نتاجا اجتماعياً لهذه الظروف. بالإضافة إلى أن علمائه ينتمون إلى جذور اجتماعية واقتصادية وسياسية متباينة، وهم اللذين صاغوا تلك النظريات والمفاهيم.أمثال: علماء مدرسة شيكاغو.
ومن النظريات العلمية المفسرة للمشكلات الاجتماعية:
نظرية البناء الوظيفي: Function Structure Theory
تستند مفاهيمها للنظرية الوظيفية البنائية التي تنظر للمجتمع على أنه بناء كلي، يتكون من مجموعة من الأجزاء المترابطة، وكل جزء له وظيفة يؤديها للمحافظة على استمرارية المجتمع، وجميع هذه الأجزاء تتعاون فيما بينها للوفاء بالاحتياجات الأساسية. ومن خلال ذلك يميل المجتمع إلى التوازن والاستقرار.
وتتألف الوحدات البنائية للمجتمع من المعايير والأدوار والنظم والقيم والجماعات والمؤسسات الاجتماعية، وتقوم جميع هذه الوحدات بوظائفها في مواجهة حاجات المجتمع ليتحقق التوازن.
ويتشكل الفعل الاجتماعي في ضوء المعايير والأدوار والنظم، بحيث يبدو لهذا الفعل بناء له طابع الاستقرار النسبي.
مستويات البناء الاجتماعي:
- الدور: الذي يقوم به فرد معين في إطار نظام اجتماعي، ويتمثل البناء في مجموعة من الظواهر السلوكية المتكررة والمترابطة التي يقوم بها الفرد وتترك أثر في النسق الذي يحويه. مثال الأم لها دور في الأسرة يتمثل في الإنجاب ورعاية الأبناء والمشاركة في الوظيفة الاقتصادية، ولها أثر في المجتمع من خلال ممارستها لوظائفها.
- النظام الذي يتألف من مجموعة من الأدوار المترابطة.
-المجتمع الذي يتألف من مجموعة من النظم المترابطة والمتساندة وظيفياً.
ومن فرضيات الوظيفية البنائية:
الوظيفة: وترتبط بأثر السلوك الاجتماعي على النسق الاجتماعي.
البناء: يرتبط البناء بالنمط السلوكي المتكرر، وهو تنظيم لمجموعة من الأنماط السلوكية المتكررة.
التوازن: وله صورتان:
1- التوازن الاستقراري: ويشير إلى قدر ملائم من الاستجابة لتحقيق مطالب اجتماعية معينة.
2- التوازن الدينامي: ويشير إلى استجابة تلاءم التغير الذي طرأ على النسق لإعادة توازنه.
وتحدث المشكلة الاجتماعية عندما يحدث أي تغير في أحد أجزاء النسق لأنه سيؤدي إلى تغيرات في الأجزاء الأخرى للنسق.
ويرى أنصار تلك الاتجاه أن هناك عدة أسباب تؤدي إلى حدوث المشكلات الاجتماعية، منها:
- التغير السريع أو المفاجئ للمجتمع بفقدان التوازن بين أجزائه التي تتميز بالترابط الوظيفي وصولاً إلى الكل. وبالتالي يصاب المجتمع بالخلل الوظيفي.
- فشل الأفراد في تمثل قيم المجتمع المتفق عليها.
- تنتج عن زيادة الاحتياجات الوظيفية للمجتمع Over all functional.
لكل نسق فرعي مشكلاته الاجتماعية الأساسية بحيث يصعب تفسير المشكلات التي تحدث في مستوى النسق ككل في ضوء المشكلات التي تحدث في أنساقه الفرعية.
بمعنى أن لكل مستوى من مستويات الأنساق مشكلاته النابعة منه والمعبرة عنه.
على سبيل المثال: الأسرة نسق فرعي داخل نسق أكبر المجتمع،. وبالتالي فإن دراسة مشكلات الأسرة كالتفكك الأسري لا بد أن يكون تفسيره في ضوء نسق الأسرة.
وتحدث المشكلة الاجتماعية عندما يحدث أي تغير في أحد أجزاء النسق لأنه سيؤدي إلى تغيرات في الأجزاء الأخرى للنسق.
نظرية التفكك الاجتماعي Social Disorganization Theory
حاول بعض العلماء الربط بين التفكك الاجتماعي وبين عمليات التغير أو التحول أو التطور داخل المجتمع التغير، على أساس أن التغير سيتبعه شيء من الاهتزاز في بعض ما هو موجود في المجتمع، ما لم يكن هذا التغير محكوما ومضبوطا. على اعتبار أن المجتمع مبني على أسس منظمة ومتضمناً أدوات ووسائل ضبطية (الضبط الاجتماعي) من أجل تماسكه وبقاء تنظيمه، وأي تغير في بنائه أو في احد مكونات بنائه سيؤدي إلى تفكك.
ويشير مصطلح التفكك الاجتماعي إلى معاناة الأفراد في تحقيق ذواتهم داخل التنظيم بسبب جمود أو تكلس بعض من قيمه.
ويتضمن التفكك الاجتماعي عدم كفاءة النسق الاجتماعي أو فشله في تحديد مراكز الأفراد وأدوارهم الاجتماعية المترابطة بشكل يؤدي إلى بلوغهم أهدافهم بصورة مرضية. ولا يعني الوهن التنظيمي غيياب التنظيم الاجتماعي أو زواله.
إن عدم تحديد الأدوار الاجتماعية بكفاءة يؤدي إلى صراعات داخل المجتمع، ينتج عنها تفكك اجتماعي يعاني منه جماعات وأفراد المجتمع.
المعايير الاجتماعية التي يحدد في ضوئها التفكك الاجتماعي:
- درجة اتزان النسق الاجتماعي: على سبيل المثال: الأسرة نسق اجتماعي والعلاقة الزوجية الناجحة تساعد على اتزان النسق لأن كل من الزوجين يقوم بدوره الوظيفي، وإذا حدث خلل في أدوار أحدهما بسبب تعدد الأدوار وصراعهم يختل النسق وتحدث المشاكل الأسرية بسبب التقصير في الحقوق والواجبات الزوجية.
- تفكك في المجتمع المحلي: على سبيل المثال التقصير في وظائف النسق المتمثل في فقدان تعاون الأسرة مع المدرسة، والفساد السياسي، وارتفاع معدل الجريمة، والبغاء.
- البطالة التي تساعد على انتشار السلوك الإجرامي والإدمان على المخدرات وغيرها من السلوكيات الشاذة.
التحليل السوسيولوجي لمشكلة التفكك الاجتماعي:
يحدث التفكك الاجتماعي عندما يكون هناك تغير في توازن القوى التي كانت تساند التنظيم في مرحلة معينة منه وتؤدي في نفس الوقت إلى فعالية قوى الضبط الاجتماعي المتعددة. فمثلاً: إذا ازدادت عوامل التغير الاجتماعي شدة في المجتمع الدينامي تؤدي إلى تفكك في العلاقات النظامية والأنماط السلوكية، وبالتالي يصعب بناء أنماط جديدة من السلوك أو العلاقات.
عندما يتغير البناء الاجتماعي دون تحديد واضح للأدوار والمراكز تكون الفرصة مهيأة لظهور التفكك الاجتماعي، .
التغير الاجتماعي يؤدي إلى إعادة ترتيب أجزاء البناء الاجتماعي عن طريق إيجاد قيم جديدة وأهداف جديدة تنعكس بدورها على البناء الاجتماعي.
مثال على عدم وضوح الدور وصراعه بسبب عوامل التغير الاجتماعي على المجتمع الدينامي:
أثرت عوامل التغير الاجتماعي والثقافي على دور الزوجة في الأسرة العربية مما أدى إلى عدم انسجام توقعات الدور داخل الدور ذاته. فمثلاً:
دور الزوجة في الأسرة العربية يتوقع لها الإنجاب ليكسبها المكانة الاجتماعية في النسق الأسري، ويتوقع لها الرشاقة وهذا يتعارض مع الحمل والرضاعة.
دورها كأم يتوقع لها تربية الأبناء، وفي نفس الوقت دورها كموظفة أو طالبة يتوقع لها المواظبة في العمل ومذاكرة الدروس وفي نفس الوقت الاهتمام بالزوج والمساهمة بميزانية الأسرة والزيارات العائلية..الخ
هذه التوقعات لدور الزوجة في العصر الراهن يجعلها في صراع مستمر مما يؤدي إلى خلل في أداء الدور فيحدث التفكك بسبب النسق البنائي الذي وضع هذه التوقعات غير المنسجمة لتمارسها الزوجة العربية فأوجد لنفسه تفككاً في نسقه الأسري.
علاقة الحراك الاجتماعي بالتفكك الاجتماعي
يحدث التفكك الاجتماعي بسبب الحراك الاجتماعي العمودي في المجتمع الدينامي الذي يفتح باب التنافس لكل المؤهلين لشغل المراكز والمناصب فينجح في دوره كموظف ولكن قد لا يصاحبه نفس النجاح في دوره كزوج أو أب فتحصل صراعات متماشية مع الحراك الاجتماعي العمودي.
وقد يحدث التفكك الاجتماعي بسبب الحراك الاجتماعي الأفقي المبني على العلاقات القرابية والطائفية والتي لا تخدم المؤسسة الرسمية وإنما تخدم شاغلي المواقع الهرمية العليا في تنفيذ مصالحهم على حساب أفراد المجتمع فيحدث التفكك الاجتماعي ويفرخ تفككات فرعية داخل الأنساق مثل: الواسطة / المحسوبية/ الرشوة/ النفاق/ الطلاق/ انحراف الأبناء
نظرية التغير الاجتماعيSocial Change theory
لقد تبنى بعض علماء الاجتماع فكرة مؤداها أن التغير الاجتماعي هو السبب الأصلي والمبدئي The Primary Cause للمشكلات الاجتماعية . و حاولوا أن يربطوا ذلك بالتحديد مع معدل التغير، فبينما قال بعضهم بأن سرعة التغير وراء المشكلات الاجتماعية، قال بعضهم الآخر إن اختلاف معدل التغير بالنسبة لأجزاء معينة مختلفة من المجتمع هو السبب في المشكلات.
والفكرة الأساسية خلف هذا التصور هو مصطلح وليم أوجبيرن William Ogburn " التخلف الثقافي Cultural Lag أو الفجوة الثقافية ".
ويقصد بالفجوة الثقافية الاحتفاظ بالتقاليد والعادات والتقنيات على الرغم من قدمها أو عدم ارتباطها بمجموعة المعايير الجديدة للثقافة المسيطرة.
وتحدث الفجوة الثقافية عندما يختل التوازن في سرعة النمو بين عناصر الثقافة، بحيث يتغير كل عنصر بسرعة متفاوتة عن العنصر الأخر، فيتغير أحدهما سريعاً بينما لا يتحرك العنصر الأخر أو يتحرك ببطء.
نظرية صراع القيم : Conflict Theory Values
القيم Values هي أحكام مكتسبة من الظروف الاجتماعية يتشربها الفرد ويحكم بها وتحدد مجالات تفكيره وسلوكه وتؤثر في تعلمه،وتختلف القيم باختلاف المجتمعات والجماعات، وقد تكون إيجابية مثل:الصدق الأمانة،تحمل المسئولية..الخ أو سلبية كالكذب، والغش، والنفاق..الخ ويوجد في كل مجتمع مجموعات من القيم التي يشترك فيها جميع أفراد هذا المجتمع تقريباً، كما أن هناك قيماً تختص بها مجموعات معينه داخل المجتمع الواحد، وليس شرطاً أن تكون عامة بين جميع الأفراد، وهذه القيم الأخيرة تختلف من جماعة لجماعة .
وتمتاز المجتمعات الحديثة بالتنوع و اللا تجانس مما يؤدي انساقاً متعددة من القيم في المجتمع الواحد والتي لا يمكن أن تتفق فيما بينها، وبالتالي يحدث ما يعرف بالصراع حول القيم في المجتمع والذي يساعد على وجود المشكلات الاجتماعية فيه.
يحدث صراع القيم نتيجة للتباين والتفاوت بين أفراد المجتمع من حيث القوة والسلطة.
شعور أفراد المجتمع بالاضطهاد والظلم سيؤدي إلى ظهور الصراع بين الطبقات الاجتماعية في المجتمع.
تستند نظرية الصراع على أفكار كارل ماركس الكلاسيكية والآراء المعاصرة لعلم الاجتماع، التي تؤكد دور القوة الاقتصادية والسياسية على فرض رأي شخص ما على الآخرين.
ويحلل أنصار الاتجاه الصراعي المشكلات الاجتماعية في ضوء:
- يتكون المجتمع من جماعات مختلفة ذات مصالح وقيم متباينة وكل جماعة تدافع عن مصالحها، وبالتالي نجاح جماعة ما يتسبب في وجود مشكلة لجماعة أخرى.
- الجهد المبذول لحل المشكلة الاجتماعية يتضمن محاولات من الجماعة المتضررة لإحداث تغييرات لانتزاع حقوقها من الأشخاص الذين يحتلون مراكز القوة.
- قد يعد صراع معين دافع للتغيرات الاجتماعية الضرورية.
صراع القيم Values Conflict
صراع القيم يعني دفاع الجماعة عن مصالحها. لكل جماعة قيم خاصة بها وتسعى من أجل إيجاد ظروف تتوافق مع قيمها، ولا يعكس الصراع بين جماعتين نتيجة لصراع القيم حالة من التفكك الاجتماعي. على سبيل المثال: صراع القيم الشيوخ ضد الشباب/ أو الملاك ضد المستأجرين/ أو الطلبة ضد المدرسون. وأهم شيء هنا ينبغي أن نتنبه إليه هو أن صراع القيم يعتبر من أخطر الصراعات، وأنه ليس من السهل أن يتوصل فيه الناس إلى حلول بسيطة ، وذلك لأن كل مجموعة تعتقد أنها على حق فيما يتعلق بقيمها التي تدافع عنها ، ومن ناحية أخرى بأنها ليست على استعداد للتنازل عن قيمها بيسر وسهولة .
الصراع الطبقي Class Conflict :
الصراع الطبقي في معيار علماء الاجتماع هو نتيجة حتمية لحركة التاريخ التي تتضمن مؤشرات القوة والسلطة.
يؤكد علماء الاجتماع أن الصراع الطبقي من أجل الاستحواذ على الثروة والقوة والسلطة هو المصدر الرئيسي للمشكلات الاجتماعية.
تهدف دراسة علماء الاجتماع للتدرج الطبقي إلى دحض أفكار الماركسية، التي ترى أن التغير التدرجي للمجتمع هو أفضل السبل لحل صراعات المجتمع من الثورة العنيفة.
نظرية الانحراف: Deviance Theory
نظرية الانحراف هذه ، وفقدان المعايير جاء بها عالم الاجتماع الشهير دور كايم Durkeim ، أحد مؤسسي علم الاجتماع الحديث .
يرى أصحاب هذا الاتجاه أن المشكلة الاجتماعية نتاج لقدر من الانحراف عن معايير المجتمع أكثر من كونها انهياراً عاماً.
ويرجع سبب المشكلة الاجتماعية إلى وجود أفراد أو جماعات تصر على أن تسلك سلوكاً ينحرف عن المعايير والقيم السائدة، وبالتالي يستند سلوكهم على معايير خاصة تتعارض مع التوقعات السائدة في المجتمع عن السلوك السوي.
يرى ميرتون في تفسيره للمشكلة الاجتماعية أن " لكل مجتمع أهداف معينة يسعى لتحقيقها، من خلال وسائل مشروعة ارتضاها المجتمع، ولكن داخل كل مجتمع نجد أن هناك بعض الأفراد أو الجماعات الصغيرة التي حرمت من تحقيق هذه الأهداف، وبالتالي فإنهم يتبعون وسائل غير مشروعة للوصول إلى ما يبتغون... وهم بذلك يخرجون على عرف الجماعة وعلى قوانينها التي ارتضتها " فينحرفون عن السلوك السوي.
وفي ضوء نظرية الانحراف أضاف علماء آخرين أبعادا أخرى لانحراف السلوك، منهم " سوثيرلاند Sutherland " الذي قال بأن الفرد في أي مجتمع يتعرض لمؤثرات أساسية من الجماعات الأولية Primary Groups ، وهم الأفراد الذين يتصل بهم مباشرة وله معهم علاقات حميمة أو قريبة وتفاعلات يومية، مثل: الوالدين ورفيق العمر، والأطفال، والأصدقاء المقربين .
والفرد في تعامله مع هؤلاء الأفراد يتعود على الأشياء الطيبة التي ارتضاها المجتمع لنفسه، وأحياناً لا يخلوا الأمر من بعض الأمور الجانبية غير الطيبة، والتي يسر بها الأصدقاء ـ مثلا ـ لبعضهم ، وهذه الأمور بطبيعة الحال قد تكون انحرافا عن معايير الجماعة التي ارتضتها لنفسها، وبالتالي فإن ارتكابها يشكل نوعا من المشكلات الاجتماعية مثال: التحرش الجنسي للأطفال.
ومن الاستعراض السابق للنظريات المختلفة التي حاولت أن تقدم تفسيرا أو أكثر للمشكلة الاجتماعية، نستطيع القول بأن التفسير الواحد أو الأحادي للمشكلة الاجتماعية ،قد لا يكون كافيا .
بمعنى أنه لدينا الآن نظريات خمس مختلفات ، وأصحاب كل منها يدعون بأن نظريتهم هي الأوقع ، وهي الأكثر عملية وعلمية ، في تفسير المشكلة الاجتماعية .... كما أنهم يتبنون تقديم حلول للمشكلات الاجتماعية بناء على تفسيراتهم المختلفة .
ولكن إذا كان لنا قول هنا، فهو أن المشكلة الاجتماعية ـ في الغالب ـ قد لا يمكن إرجاعها لسبب واحد، وبالتالي لا يمكن تفسيرها في ظل نظرية واحدة من هذه النظريات. إن المشكلات الاجتماعية شيء معقد ، وأحيانا بالغ التعقيد ، ومن هنا فإننا قد نضطر للجوء لأكثر من تفسير من تفسيرات هذه النظريات كي نرى أين تكمن جذور المشكلة . وما لم نقف على الجذور الحقيقية للمشكلة ، فإنه قد يصعب ـ إن لم يستحيل ـ علينا أن نجد لها حلا .
قد تكون المشكلة راجعة في مظهرها، وعند النظرة الأولى إليها للتفكك الاجتماعي (النظرية الأولى )، ولكن عند التعمق في بحثها قد نجد أن التغير (النظرية الثانية ) قد لعب دورا هاما في إحداثها أو التسبب فيها ، وعند التعمق أكثر وأكثر ، قد نكتشف أن صراع القيم ( النظرية الثالثة ) كان خلف المشكلة ، وسببا كبيرا من أسبابها... الخ وهكذا نجد أن علينا ألا نقيد أنفسنا عند بحثنا في المشكلات الاجتماعيةإلى تفسير واحد أو نظرية واحدة .
المداخل العلاجية المشكلات الاجتماعية
يتدخل الباحثون الاجتماعيون في مواجهة المشكلات الاجتماعية من خلال مستويين أساسيين يهدفان إلى تحقيق أهداف علاجية أو وقائية وهما:
- المدخل العلاجي : Treatment approach
وهو مستوى يستهدف القضاء على مشكلات قائمة بالفعل ، ويعاني منها السكان. وإذا لم يستطع القضاء على المشكلات تماما أو نهائيا ، فهو على الأقل يحاول التخفيف منها قدر المستطاع .
وهذا المستوى هو الشائع بين معظم المجتمعات ، حيث يبدأ الاهتمام بالمشكلة بعد أن تظهر فعلا وتتضح مظاهرها ، أي أنه يتعامل مع الأعراض والنتائج دون الحاجة للرجوع للمسببات .
- المدخل الوقائي : Preventive approach
وهو الذي يتوقع فيه المسؤولون عن المجتمع حدوث المشكلات ، نتيجة لعلمهم بأسبابها مقدما، وبالظروف التي تؤدي إليها ومن ثم يبدؤن في اتخاذ العدة لذلك قبل وقوع البلاء، وتكون النتيجة السليمة هي قلة الخسائر ... أو حتى انعدامها ، وهذا أفضل كثيرا بطبيعة الحال ، ولكنه يتطلب الكثير من العلم والجهد والعمل .
ومن المهم أن نذكر هنا ، أن هذا المستوى الوقائي لمقابلة المشكلات الاجتماعية، يعتمد على نتائج العلوم الأخرى وعلى معطياتها مثل : علم النفس ، علم الاجتماع، علم الإحصاء ، الخدمة الاجتماعية ، والتربية ... الخ .
ولو ضربنا مثلا من واقع المجتمعات الخليجية ، وبالتحديد من المملكة العربية السعودية فإننا نذكر مثال المنطقة الصناعية ـ سواء في الجبيل أو في ينبع ـ عندما يتم إنشاء المصانع الضخمة فيها ، وحينما يبدأ تشغيلها بكامل طاقتها ، فلسوف يرد إليها آلاف البشر من جميع المستويات ، من العمال غير المهرة ، إلى العمال المهرة ومن المهندسين إلى الفنيين والخبراء ...الخ .
وكما هو الحال في معظم المناطق الصناعية الكبرى ، فسوف يقيم هؤلاء جميعا على مقربة من عملهم، وداخل هذا المجتمع الجديد سوف تنشأ مجموعات من العلاقات الطيبة، كما سوف تعترض الحياة فيها بعض المشكلات الاجتماعية ، وهذا أمر عادي ومتوقع .
والذي يستطيع المستوى الوقائي عمله ، لمجابهة المشكلات الاجتماعية هو معرفة أعداد هؤلاء العمال وفئاتهم ، وأعداد أسرهم ، وفئات أعمارهم ، وتوزيعهم جنسيا ... وهذا من عمل رجال الإحصاء .
ثم إن علما مثل علم النفس ينبغي أن يسهم ببحوثه ودراساته ، حول التعامل النفسي مع أصحاب هذه الفئات المختلفة ، وذلك من خلال الدراسات والبحوث السابقة في نفس المجال، ومن خلال الملاحظة المتعمقة لما يجري من تغييرات وممارسات على أرض الواقع . و كذا يستطيع علماء الاجتماع والخدمة الاجتماعية التقدم بما لديهم من دراسات حول المشكلات الاجتماعية التي يمكن أن تنشأ في مثل هذه المجتمعات الجديدة وكيفية مواجهتها .
وختاما يمكننا القول إن المستويين العلاجي والوقائي يمكن أن يسيرا جنبا إلى جنب في نفس الوقت ، بحيث تكون معالجة آثار المشكلة الاجتماعية سائرة في الوقت الذي تكون فيه أمور الإعداد للوقاية من تكرارها ... أو زيادتها واستفحال أمرها آخذة في السريان أيضا .
المنهج الإسلامي في حل المشكلات الاجتماعية
مقدمة :
يتميز المنهج الإسلامي بخصائص معينة لا تتميز بها المناهج الأخرى، مما جعله أفضل المناهج في علاج المشكلات وتتمثل هذه الخصائص في: .
- الشمول والتكامل :
فالمنهج الإسلامي منهج رباني يسعى إلى تكوين الإنسان الصالح. والإسلام هو دين الفطرة قال تعالى } فطرة الله التي فطر الناس عليها * لا تبديل لخلق الله * ذلك الدين القيم{. فالمنهج الإسلامي يهتم بجميع جوانب الإنسان الجسمية والروحية و العقلية ونشاطه الاجتماعي و الاقتصادي و السياسي و غير ذلك من الأنشطة ، ويشمل دنيا الإنسان و آخرته ، عمله الظاهر و خواطره التي يكنها في نفسه ، بل ويشمل النية بها ولو لم يفعل، ومن هنا فهو أشمل منهج عرفته البشرية.
- التوازن:
توازن المنهج الإسلامي توازن بين طاقة الجسم و طاقة العقل و طاقة الروح. توازن بين ماديات الإنسان ومعنوياته. بين ضروراته و أشواقه ، بين الحياة في الواقع و الحياة في الخيال ، بين الإيمان بالواقع المحسوس و الإيمان بالغيب الذي لا تدركه الحواس ... توازن بين النزعة الفردية و النزعة الجماعية. توازن في النظم الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية. توازن في كل شيء في الحياة قال تعالى: }وكذلك جعلناكم أمة وسطاً{ ، وسطاً في كل شيء ، متوازيين في كل ما نقوم به من نشاط.
- الإيجابية السوية:
من نتائج المزج بين طاقات الإنسان كلها و ربطها بعضها البعض، أن يتحول المخلوق البشري إلى طاقة إيجابية عاملة في واقع الحياة. والإنسان كما يريده الله - قوة فاعلة موجهة ، ومن ثم فهو قوة موجبة في واقع الحياة ، قوة تسيطر على القوى المادية و تستغلها في عمارة.الأرض، قوة يغير الله واقع البشر عن طريقها} إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم{، قوة تنشئ واقعها حسب المنهج الذي تؤمن به ، فتأمر بالمعروف و تنهى عن المنكر وتقيم بنفسها نظامها } كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر وتؤمنون بالله {.
- الواقعية المثالية:
الإسلام يأخذ الكائن البشري بواقعه الذي هو عليه ، يعرف حدود طاقاته ويعرف مطالبه و ضروراته ، ويقدر هذه و تلك ، قال تعالى: }لا يكلف الله نفسا إلا وسعها{. ويعرف ضعفه إزاء المغريات ، و ضعفه إزاء التكاليف } يريد الله أن يخفف عنكم و خلق الإنسان ضعيفا {. يعرف كل ذلك فيساير فطرته في واقعها و لا يفرض عليه من التكاليف ما ينوء به كاهله و يعجز عن أدائه قال تعالى:}هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج {. و يجعل التكليف الملزم في حدود الطاقة الممكنة ، ولكنه مع ذلك لا يتركه لفطرته الضعيفة دون تقويم ، فتظل تهبط و تتراجع عن موقفها إلى موقف دون. و الإسلام وهو يجاري واقع الفطرة بما فيها من ضعف و طاقة محدودة لا يغفل عن تلك الطاقة المكنونة التي تحقق المثال. ومن ثم يسير في نهجه على واقعية تشمـل المثال في طياتها ولكنها لا تغفل واقع الحياة .
كل هذه الخصائص التي يتميز بها المنهج الإسلامي تدعونا إلى إتباع هذا المنهج في رعاية الإنسان و علاج مشكلاته الاجتماعية إلى جانب علاج مشكلاته النفسية و الاقتصادية و التعليمية وأيضاً شغل وقت الفراغ لديه . و سنعرض فيما يلي بشكل موجز – المنهج الإسلامي في علاج هذه المشكلات ...
أولاً: المشكلات الاجتماعية:
لقد وضع الإسلام منهجاً متكاملاً لعلاج المشكلات الأسرية و بناء الأسرة على أساس من التآلف و التراحم و المودة قال تعالى : } ومن آيته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها و جعل بينكم مودة ورحمة {. فالهدف من الزواج هو غض البصر عن المحارم و إحصان الفرج و صلة قربى قال صلى الله عليه وسلم : (... ومن تزوج امرأة لم يرد بها إلا أن يغض بصره ويحصن فرجه ، أو يصل رحمة، بارك الله له فيها وبارك لها فيه ) .
وأباح الإسلام بأن يؤدب الزوج زوجته وأن يتدرج في تأديبها ، فأولا يؤدبها بالموعظة و التحذير و التخويف ، وإن لم يجدي هذا الأسلوب يتبع الأسلوب الثاني وهو هجر زوجته في مضجعه ، أي ينفرد عنها بالفراش و يهجرها وهو في البيت معها من ليلة إلى ثلاث ليال ، وإذا لم يجدي هذا الأسلوب يتبع الزوج الأسلوب الثالث وهو أسلوب الضرب بأن يضرب زوجته ضرباً غير مبرح بحيث يبتعد عن ضرب الوجه. و الضرب هو وسيلة ضمن الوسائل المتعددة للعقوبة ، وكان ضرورياً أن تختلف الوسائل باختلاف الطبائع بين النساء.
وأباح الإسلام تعدد الزوجات للضرورة ، وحدده بأربعة من النسوة فقط. وأوجب الإسلام على الزوج واحدة إذا لم يستطع العدل بين زوجاته قال تعالى :}وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى و ثلاث و رباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا {.
وتعدد الزوجات في الإسلام فيه علاج لكثير من المشاكل وحماية للأسرة من بعض الانحرافات الشخصية التي قد تحدث من بعض أعضائها . ومن المعروف أن الأزواج في أوروبا اليوم كثيراً ما يتخذون زوجات غير شرعيات مما يدل على أن أوروبا المسيحية بدأت تسير نحو التعدد ، يقول أحد فلاسفتهم : " لقد أصاب الشرقيون في تقريرهم لمبدأ تعدد الزوجات لأنه مبدأ تحتمه و تبرره الإنسانية ، و العجب أن الأوروبيين في الوقت الذي ينكرون فيه هذا المبدأ يتبعونه عملياً فما أحسب أن بينهم من ينفذ مبدأ الزوجة الواحدة على وجهه الصحيح ".
ويمكن أن يقضي تعدد الزوجات في الإسلام على الخليلات غير الشرعيات في المجتمعات الغير إسلامية حيث ينتج عنه أطفالاُ غير شرعيين. و إذا عدل الزوج بين زوجاته في المعاملة فإنه لن تحدث مشكلات ، و قد ينتج عن تعدد الزوجات بعض المشكلات وهذه قد تكون لعدم العدل بين الزوجات في المعاملة.
وحث الإسلام الآباء على أن يراقبوا أولادهم ، ليعرفوا من يخالطون و يصاحبون، وإلى أي الأماكن يذهبون. كما وجههم أن يحذروهم من خلطاء الشر ، و رفاق السوء ، ويختاروا لهم الرفقة الصالحة ، ليكتسبوا منهم كل خلق كريم ، ومن توجيهات الإسلام وتحذيراته من قرناء الشر ، و رفاق السوء ... قال تعالى: } يا ويلتا ليتني لم أتخذ فلاناً خليلاً * لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني * وكان الشيطان للإنسان خذولاً {. و قوله تعالى: } قال قرينه * ربنا ما أطغيته *
ولكن كان في ضلال بعيد {. وقوله تعالى: }الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو * إلا المتقين{. و قوله عليه الصلاة و السلام : (المرء على دين خليله ، فلينظر أحدكم من يخالل). و قوله عليه السلام : (إياك و قرين السوء فإنك به تعرف ).
ومن حيث معاملة الأبناء أمر الإسلام بالعدل بين الأبناء وحسن معاملتهم والرفق بهم ، قال تعالى: } إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى {. و قوله عليه الصلاة والسلام : ( إذا أراد الله تعالى بأهل بيت خيراً أدخل عليهم الرفق ، وإن الرفق لو كان خلقاً لما رأى الناس خلقاً أحسن منه ….). وقد أكد عليه الصلاة والسلام على وجوب العناية بالأبناء فقال: ( أدبوا أولادكم وأحسنوا أدبهم ).
وحث الإسلام على المشورة داخل أفراد الأسرة في الأمور المختلفة لقوله تعالى: }وشاورهم في الأمر { و قوله سبحانه: } و أمرهم شورى بينهم {.
وتعويد الأبناء على أسلوب المناقشة داخل الأسرة و خارجها ، مع حسن النقاش لقوله تعالى: } وجادلهم بالتي هي أحسن {.
وحث الإسلام على المحافظة على المواعيد و الوفاء بالوعود لقوله صلى الله عليه وسلم : ( آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، و إذا وعد أخلف ، وإذا أؤتمن خان).
وهكذا نرى أن الإسلام وضع منهجاً متكاملاً في علاج المشكلات الاجتماعية و أسس الوقاية منها…
ثانياً: المشكلات النفسية:
لقد اهتم الإسلام بالجوانب الاجتماعية و النفسية للإنسان فحث الوالدين منذ ولادة الطفل بل و قبل ولادته على تهيئة الجو المناسب الذي ينشأ فيه الطفل و تربيته التربية الصالحة حتى يشب خالياً من العقد النفسية و يشعر بالسعادة و الارتياح.
و أمر الإسلام الإنسان بالابتعاد عن الحقد و الكراهية و مختلف المشاعر السلبية و البعد عن اليأس ، قال تعالى :} ولا تيأسوا من روح الله أنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون {.
وعالج رسول الله صلى الله عليه و سلم الغضب بأن أمر المسلم أن يملك نفسه عند الغضب و يوصي بعدم الغضب ، فقال: ( ليس الشديد بالصرعة ، إنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب ). وأمر الإسلام المؤمنين و المؤمنات بكظم الغيظ ، والدفع بالتالي هي أحسن ، والإعراض عن الجاهلين ، حتى يتحقق للمجتمع مودته ويتم للمسلمين تآلفهم، قال تعالى : }ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن * فإذا الذي بينك وبينه عداوة وكأنه ولي حميم{. وقوله سبحانه }..والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين{ ، وقوله تعالى : }وإذا ما غضبوا هم يغفرون {. وقوله عليه الصلاة والسلام : ( إذا غضب أحدكم فليسكت) .
كما يحثنا ديننا على عدم الخوف والقلق على الرزق ، قال تعالى :}وفي السماء رزقكم وما توعدون { .
ومما يدخل الطمأنينة في نفس المؤمن اعتقاده بأن كل ما يصيبه هو من عند الله لقوله تعالى : }قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا { .
وعالج الإسلام الوساوس التي تصيب الإنسان ، فقال عليه السلام : ( اعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن يضروك بشيء لم يضروك بشيء إلا قد كتبه الله لك ، ولو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك بشيء إلا قد كتبه الله لك ) .
وإذا لم تتحقق بعض حاجات الإنسان في الحياة فيجب عليه ألا ييأس ولا يقلق أو يحزن وإنما عليه أن يتقبل الأمر كما يقع لعله يكون فيه خير له ، لقوله تعالى : }وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم *وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم { .
ومن أسباب عدم تكيف الفرد تعرضه للأزمات النفسية رغبته وتطلعه إلى ما في يد غيره وإلى أهداف فوق مستوى قدراته المادية والجسمية والعقلية فيشعر بالنقص ، وقد يدفعه هذا الشعور إلى الانحراف حتى يصل إلى ما وصل إليه غيره ، فعالج القرآن الكريم ذلك بطلب القناعة من المسلم فقال تعالى : } ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض{ .
هذا وفي العبادات وإقامة الشعائر الإسلامية وتلاوة القرآن الكريم ما يجعل المؤمن يشعر بالطمأنينة والراحة النفسية .
ولقد عالج الإسلام المشكلات الجنسية وإشباع الغريزة الجنسية وذلك عن طريق الزواج والابتعاد عن المثيرات الجنسية، وضبط الغريزة الجنسية عن طريق الإيمان بالله، ويمكن تصريف الطاقة الجنسية في اتجاهات عليا ونبيلة عن طريق الأنشطة المختلفة . قال تعالى :} وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن { .
ثالثا : المشكلات الاقتصادية :
إن الدين الإسلامي شامل لجميع جوانب الحياة ويعالج جميع مشاكل الإنسان ، ويعالج المشكلات الاقتصادية عن طريق العمل والاستثمار وعدم الإسراف والموازنة بين الإيرادات والمصروفات .
حث الإسلام على العمل: }وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنين {، كما حث الإسلام على عدم الإسراف والتبذير مع عدم التقتير في قوله تعالى}: ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملموما محسورا { ، وقوله سبحانه : }والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا * وكان بين ذلك قواما{ . والإسلام دين يدعوا إلى العمل والمثابرة ، ويبين الفرق بين من يعمل ومن لا يعمل قال تعالى : } وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى { .والسنة النبوية الشريفة تدعوا إلى نبذ التواكل والكسل كطريق إلى الكد وإتقان العمل . فيبدي الرسول عليه الصلاة والسلام امتعاضه من الكسل والتواكل حين يقول : ( أشد الناس عذابا يوم القيامة المكفي الفارغ ) ] أي المتعطل العالة على غيره [ ، ويقول عليه السلام : ( أخشى ما خشيت على أمتي كبر البطن ومداومة النوم والكسل).
وهذا رجل يشكوا إلى النبي فقره وحاجته رغم تعبده فيأمره النبي بالعمل فيقول : ( لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه) .
ويقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه قولته المشهورة عندما رأى أحد المسلمين كسولا منقطعا للعبادة في المسجد : ] لا يقعدن أحدكم عن طلب الرزق ويقول : اللهم ارزقني ، وقد علم أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة [ . وفي هذا توجيه للاهتمام بالعمل والجد والاجتهاد .
رابعا : المشكلات التعليمية :
العلم نعمة يمن الله بها على عباده قال تعالى : }وعلمك ما لم تكن تعلم { . }إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته * ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين { . وقوله سبحانه : }هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون{. كما يوضح لنا سبحانه في كتابه الكريم آثار العلم الصحيح وثماره في قوله : } إنما يخشى الله من عباده العلماء{، فإذا عمل كل فرد في المجتمع الإسلامي بما علم فقد وقى نفسه وأمته من أخطائه وزلاته .
ومن آثار العلم الصحيح وثماره ، معرفة النجاح الحق في الدنيا قال تعالى: }الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا {.
وينص القرآن في منهاجه التعليمي على وجوب التيقن والتثبت مما يتعلمه المرء المسلم ، ويضرب مثلا للمعرفة الكاملة الصادقة بأنها كمعرفة الرجل لأبنه ، ويحذر من الظن والحسد ، كما يحذر من الامتراءوالمحاجة وإتباع الأهواء عند بيان الحق وعند عدم العلم بالحقيقة ، فيقول سبحانه : } ولا تقف ما ليس لك به علم* إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا { } فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم * والله يعلم وأنتم لا تعلمون {. وقوله سبحانه : } وإن الظن لا يغني من الحق شيئا {
ويرشد القرآن إلى آداب رائعة ليتأدب بها طلاب العلم ، يرشدهم سبحانه إلى التوجه إليه بالدعاء والرجاء أن يزيدهم علما } وقل ربي زدني علما * وإن نسوا شيئا من علمهم أن يلهمهم ذكرا{ ، } واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهديني ربي لأقرب من هذا رشدا {.
ويؤكد منهج القرآن الكريم على أن هناك مفتاحين لمغاليق الـعلم هـما الإيمـان والتـقـوى .
} ومن يؤمن بالله يهدي قلبه{ ،} وإن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا { .
كما يلفت العقول إلى وجوب التواضع الدائم ، لأن الله هو الذي } علم الإنسان ما لم يعلم{ . ومهما بلغ الإنسان من علم فهو بالنسبة لما لديه سبحانه قليل وضئيل . لقوله تعالى: } وما أوتيتم من العلم إلا قليلا { . وهذا هو منهاج التعليم في ديننا الحنيف .
خامسا : مشكلات شغل وقت الـفراغ :
يحرص الإسلام على استثمار وقت الإنسان من يقظته إلى نومه ، ويحسن توزيع وقت الإنسان بين العبادة والعمل الجاد والراحة والترفيه الهادف والاستمتاع بالطيبات . ولا يهدف الدين الإسلامي إلى استنفاد طاقة الإنسان فهو يدعو إلى الاعتدال وعدم الإفراط أو التطرف ، ويعترف بحق العقل والنفس والبدن وحق الإنسان في الترويح الطيب البريء، ويدعو إلى توزيع الوقت بين العبادة والعمل الجاد والتعلم والتفكر في الكون من أجل فهم سنن الله سبحانه ، هذا إلى جانب السمر الطيب والترفيه المقبول والتزاور وممارسة أنواع الرياضة الهادفة كالسباحة والرماية وركوب الخيل … الخ قال سبحانه : } وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنسى نصيبك من الدنيا{.
ويحث الإسلام على استثمار وقت الفراغ وشغله في كل ما يعود على الإنسان بالخير والفائدة لقوله عليه الصلاة والسلام : ( اغتنم خمسا قبل خمس : شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، و فراغك قبل شغلك ، وغناك قبل فقرك ، وحياتك قبل موتك ) وقوله عليه السلام : (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ، ولا تعجز ) .
ولو التزم المربون بهذه التوجيهات الإسلامية لأكسبوا أولادهم صحة وعلما وقوة ولحالوا بينهم وبين تشردهم وانحرافهم ولملأوا فراغهم بما ينفعهم في دينهم ودنياهم وآخرتهم . قال عليه السلام : ( لن تزول قدما عبد حتى يسأل عن عمره فيما أفناه … ) .
وهكذا نرى الإسلام حريص على شغل الإنسان شغلا كاملا منذ يقظته إلى منامه بحيث لا يجد الفراغ الذي يشكو منه أو يدعوه إلى سوء استغلاله حيث قسم وقت الإنسان بين العمل والعبادة والراحة ، فليست المشغلة كلها إجهادا واستنفاذا لطاقة ، فمنها العبادة ، وذكر الله في القلب ، ومنها غفوة الظهيرة في الهاجرة ، ومنها السمر البريء مع الأهل والأصحاب ، والتزاور ، ومنها الدعابة اللطيفة النظيفة … الخ من أنواع الترويح .
وحين ألغى الإسلام عادات الجاهلية وأعيادها ومواسمها وطرائق حياتها ، لم يترك ذلك فراغا يتحير المسلمون في ملئه ، أو يملؤونه دون شعور منهم فيما لا يفيد ، بل جعل لهم عادات أخرى وأعيادا أو مواسم وطرائق حياة تملأ الفراغ . وهكذا عالج الإسلام مشكلات شغل الفراغ علاجاً جذرياً .
نماذج من المشكلات الاجتماعية في المجتمع السعودي
وضحنا فيما سبق أنه لا يوجد مجتمع بدون مشكلات ، فلكل مجتمع مشكلاته التي تنبع من مجموع ظروفه المتعايش معها . بعض هذه المشكلات يظل هادئا كامنا في أعماق المجتمع مستترا بعيدا عن دائرة الضوء ، بينما البعض الآخر منها يظهر بقوة وإصرار محدثة دويا يسمعه الجميع ويشدهم إليه فارضا وجوده على المجتمع ذاته.
ولما كانت العلاقات بين الأفراد والجماعات داخل المجتمع الواحد علاقات متشابكة، وذات أبعاد مختلفة ، فمن الطبيعي أن نستنتج أنه لا يمكن أن يكون هناك مشكلات اجتماعية ذات سبب واحد أو عامل واحد من العوامل ، ولكن ينبغي أن لا نغفل أن من المسببات الأساسية للمشكلات الاجتماعية التفاوت في سرعة التغير ( أو التغيير ) الاجتماعي والثقافي الذي يسببه ذلك التفاوت في سرعة تغير أحد جوانب الثقافة عن الجانب الآخر .
وتعتبر دول الخليج العربية عامة والمملكة العربية السعودية خاصة قد شهدت تغيرات وأوضاعا اقتصادية لم تشهدها منطقة أخرى في العالم حجما وسرعة بسبب ظهور النفط فيها جميعا ، في أوقات متقاربة مما ساعد على إحداث تغييرات اقتصادية واجتماعية بعيدة الأثر في حياة سكانها كان من نتيجتها أن انفتح العالم عليهم ، وانفتحوا هم عليه راغبين ما لديه من مستلزمات العصر.
ونتيجة للثروات الضخمة التي هبطت على سكان المنطقة و انفتاحهم على معظم شعوب العالم المختلفة و كذلك تلك الطفرة السريعة من البداوة إلى التحضر و مواجهة مستحدثات العلم و منتجاته التي دخلت حياة الإنسان في هذه المنطقة و أحاطته من كل جانب و بدأت تهز بعضاً من عاداته و تقاليده … نتيجة لكل ذلك وغيره من العوامل و الظروف المتعددة والمتنوعة ظهرت العديد من المشكلات التي برزت على السطح و فرضت وجودها على المجتمع السعودي ، و التي دعت العلماء و المفكرين والمسؤولين إلى ضرورة الاهتمام بها و دراستها في محاولة لإيجاد بعض الحلول المناسبة لمواجهتها أو الحد منها .
و سنعرض بإيجاز لبعض المشكلات الاجتماعية التي ظهرت في الفترة الأخيرة بالمجتمع السعودي مع التركيز على مشكلة العنف الأسري ، ومشكلة الطلاق، ومشكلة العمالة ، ومشكلة المخدرات.
العنف الأسري Family violence
يعرف العنف على أنه سلوك أو فعل يتسم بالعدوانية يصدر عن طرف أخر في إطار علاقة قوة غير متكافئة اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً مما يتسبب في إحداث أضرار مادية أو معنوية أو نفسية لفرد أو جماعة أو طبقة اجتماعية أو دولة.
ويقصد بالعنف الأسرى :" الأفعال التي يقوم بها احد أعضاء الأسرة أو العائلة ويعني هذا بالتحديد الضرب بأنواعه وحبس الحرية، والحرمان من حاجات أساسية، والإرغام علي القيام بفعل ضد رغبة الفرد والطرد والتسبب فى كسور أو جروح، والتسبب فى إعاقة، أو قتل ".
أشكال العنف الأسرى :-
عرض (جوهان جالتج) تصنيفات عديدة للعنف تتضمن:
عنف هيكلي ويقصد به العنف غير المباشر الذي يرجع إلى الظلم الاجتماعي الذي يدخل في بنيان المجتمع والطبقات المختلفة غير المتساوية , وهذا العنف إما أن يكون جسدياً أو نفسياً أو بهدف.
العنف الشخصي أو المباشر يقصد به أن مرتكب العنف يكون دائماً له هدف , كما أن للعنف أشكالاً عديدة العنف الكامن والعنف الواضح , والعنف المقصود والعنف غير المقصود.
وهناك أيضاً عنف فردى Individual violence ويقصد به العنف الذي يحدث بين الأشخاص في الحياة اليومية.
وعنف جمعي Collective violence ويتمثل في حالة الإرهاب أو الحرب, وهناك أيضاً عنف غير شرعي وهو العنف الذي يعاقب عليه القانون, وعنف شرعي وهو العنف الذي يتأسس من خلال المعايير والقيم المتعارف عليها , كالعنف المرتبط بالتنشئة الاجتماعية أو بتفريغ الطاقة الغريزية أو ببعض العبادات في المجتمعات البدائية , وهناك أيضاً عنف تعبيري ويقصد به العنف الفيزيقي المقصود الموجه لإحداث ألم فيحد ذاته وهو عنيف سلبي دائماً , وعنف أدائي أو وسيلي ويقصد به استخدام الضوابط الفيزيقية بشكل تهديدي أو عقابي لدفع شخص ما أو أشخاص لتنفيذ سلوك بعينه، والعنف الأدائي عنيف إيجابي إلا أنه قد يكون سلبياً عندما يوجه العنف لمقاصد معينة.
الاتجاهات النظرية المفسرة للعنف الأسرى
- النظريات البيولوجية :-
تقوم هذه النظرية على افتراض مؤداه أن البشر مثل الحيوانات لديهم غريزة العدوان، فالإنسان كالحيوان تسيطر عليه بعض الغرائز الفطرية تدفعه إلى أن يسلك بشكل معين إلى أن يشبعها، ومن هذه الغرائز العدوان التي تدفع الإنسان إلى الاعتداء، فالعنف سلوك غريزي هدفه تصريف الطاقة العدائية.
- نظرية عدوان الإحباط :-
توضح هذه النظرية أن العنف يعد بمثابة أسلوب للتخلص من القلق الناتج عن موقف محبط، وذلك من منطلق أن الشخص المحبط غالباً ما يتورط في فعل عدواني، فالشخص المحبط ربما يرتبط بمصدر الإحباط، ففي ضوء التفسير السيكولوجي فإن الإحباط يؤدى إلى خلق شكل من العدوان تجاه الآخرين وتجاه المجتمع، وطبقا لنظرية عدوان الإحباط فإن عدوان الإحباط يرتكز على قوة الحاجات والبواعثالتي تعترض المواقف المتعددة، وإن درجة العنف والعدوان ترتبط بمقدار الإحباط، وقد يكون الإحباط فقراً أو نقصاً في العاطفة أو ضرراً.
نظرية الضغط :-
تقوم هذه النظرية على افتراض مؤداه أن الضغوط الحياتية تعمل بمثابة مثيرات خارجية تؤثر في بعض العمليات النفسية التي قد تدفع الشخص إلى السلوك العدواني، وتؤكد النظرية في ضوء ذلك على وجود نوعين من هذه الضغوط وهما :
النوع الأول : ويتمثل في دور أحداث الحياة غير السارة وضغوط العمل والأدوار المختلفة كمثيرات قد تدفع إلى السلوك العدواني.
النوع الثاني : يهتم بالضغوط البيئية المتمثلة في الضوضاء والازدحام والتلوث والطقس، والضغوط الأخرى كاختراق الحدود الفردية والاعتداء على الحيز المكاني والشخصي والازدحام السكاني حيث تؤدى المؤثرات البيئية إلى زيادة العدوان والعنف من خلال ما تحدثه من أثار نفسية أو سلوكية.
- نظرية الصراع :-
يفسر العنف الأسرى في إطار مفاهيم ومصطلحات الأقوى والسلطة، فالرجال أكثر قوة من النساء، ومن هنا يفرضون سيطرتهم على النساء.
كما أن الصراع يعد جانباً وجزءاً مكوناً في كل الأنساق والتفاعلات بما في ذلك الأسرة والتفاعلات الزوجية، ويمكن النظر إلى أعضاء الأسرة باعتبارهم يواجهون نوعاً من المتطلبات المتعارضة، فهناك التنافس مع بعضهم البعض من أجل الاستغلال والسلطة والامتيازات، وفى نفس الوقت المشاركة مع بعضهم البعض من أجل البقاء، فالأسرة في ضوء هذه النظرية تعد نظاماً اجتماعياً يعمل على تقنين العلاقات الشخصية المتبادلة والوثيقة من خلال عمليات مستمرة من التعارض وحل المشكلات وإدارة الصراع.
- نظرية مصادر القوة :-
تفترض هذه النظرية أن كافة النظم الاجتماعية بما فيها الأسرة تعتمد إلى حد ما على القوة أو التهديد بالقوة، وكلما ازداد تحكم الشخص في موارده سواء كانت اجتماعية أو شخصية أو اقتصادية كلما زادت قوته، ومع ذلك فإنه طبقاً لوليم جودز Willem Goods فإنه كلما ازدادت موارد الشخص كلما قل استخدامه للقوة بشكل صريح، لذلك فإن الزوج الذي يريد أن يكون الشخص المهيمن في الأسرة لكنه غير متعلم جيداً، أو يشغل وظيفة متواضعة وذو دخل قليل ويفتقر إلى المهارات الشخصية، قد يلجأ إلى استخدام العنف للحفاظ على هيمنته داخل الأسرة فالعنف يعد المصدر النهائي بمعنى أنه يستخدم عندما يدرك الفرد أن مصادره الأخرى غير كافية، أو أنها فشلت في الحصول على الاستجابة المرغوبة، وبذلك يمكن النظر إلى العنف على أنه وسيلة لممارسة الضبط الاجتماعي من جانب الأزواج على الزوجات.
بالإضافة إلى هذه النظريات هناك ثلاث نماذج لتفسير الإيذاء الزواجى باعتباره أحد أشكال العنف الأسرى وهما ك
- نموذج العنف الشخصي.
يحدث العنف عندما يفتقر الكبار المهارة في الاستجابة للضغوط والصراعات الحياتية، مع الافتقار إلى المهارات الشخصية، بالإضافة إلى وجود المشكلات الاجتماعية والمظاهر الجانبية للشخصية، كل هذه العوامل تؤدى إلى حدوث العنف الأسرى.
- نموذج العنف الأسرى.
يركز على تأثير المعايير والقيم الموجودة في الأسرة، حيث أن العنف يحدث نتيجة الصراعات التي تتم بين أعضاء الأسرة، ويظهر العنف أيضاً عندما يكون لدى أعضاء الأسرة خبرة عنه في الطفولة أو يعيشون تحت ظروف الفقر، ومن ثم فإن الأطفال الذين يتم إيذائهم يصبحون في المستقبل آباء يؤذون أولادهم.
3.نموذج سياسة النوع.
يرجع هذا النموذج العنف الأسرى إلى سيطرة المرأة أحياناً في المجتمع، فعندما يحظى الرجل بالنجاح والمال والمكانة، فذلك يعتبر تهديداً للمرأة من وجهة نظرها، ويكون رد فعلها هو العنف، وأحياناً تستمر المرأة في الزواج رغم وجود علاقات سيئة مؤذية بينها وبين زوجها، وذلك بسبب خوفها من أن تكون بمفردها بالإضافة إلى غياب الموارد الأساسية، وذلك يجعل فكرة الهروب من الزواج لديها غير مستحبة، وهذا النموذج يؤكد على أن عدم وجود مأوى للمرأة وعدم اعتمادها اقتصادياً على نفسها يجعلها تنافس الرجل على السلطة والمكانة مما يؤدى إلى حدوث العنف الأسرى.
خامساً : المتغيرات المحددة لأشكال العنف الأسرى :-
- المتغير الذاتي : يرجع إلى شخصية القائم بالعنف كأن يكون لديه خلل فى الشخصية بمعاناته من اضطرا بات نفسية أو تعاطى المسكرات والمخدرات ، أو يكون لديه مرض عقلى.
- المتغير الاقتصادي الاجتماعي : وهى الظروف الأسرية التي يقوم بها القائم بالعنف التي ربما تتمثل فى الظروف الاجتماعية الاقتصادية، مثل الفقر أو الدخل الضعيف الذي لا يكفى المتطلبات الأسرية، أو حالة المسكن أو المنطقة التي يعيش فيها أو نمط الحياة الأسرية بشكل عام، كثرة المشاحنات نتيجة الضغوط المحيطة أو عدم التوافق الزواجى.
- المتغير الثقافي: المتمثل في كيفية قضاء وقت الفراغ، والمستوى التعليمي لأفراد الأسرة ونوع المهنة التي يقوم بها القائم بالعنف، الواعظ الدينى، العلاقة بين الطرفين.
- المتغير المجتمعي : المتمثل في العنف المنتشر والأحداث العربية والعالمية التى تنتقل عبر الفضائيات والانترنت وتأثيرها على العنف الأسرى، فالتغيرات التى تحدث فى المجتمع الكبير تنتقل وبشكل غير مباشر إلى المجتمعات الصغيرة.
ظاهرة العنف ضد الأطفال "إيذاء الأطفال" :
تعتبر ظاهرة العنف ضد الأطفال من أبرز المشكلات العالمية التي لا يكاد يخلو منها مجتمع سواء وصف بالتقدم أو الرجعية. وهي ظاهرة ما تزال تتفاقم وتنمو بشكل مضطرد حتى بدت السيطرة عليها أمراً مستحيلاً وذلك بسبب خصوصية هذه المشكلة. فهذه الظاهرة تتراوح بين حدود خارجة عن الإرادة المجتمعية، وحدود تدخلات الدولة وتشريعاتها.إن ظاهرة العنف في المجتمعات الإنسانية تعددت ضروبها وأنواعها ، حتى تفنن رجال السياسة والمجتمع فأطلقوا على العنف أسماء ونعوتا مختلفة ... ومهما تعددت أنواع العنف فإن معناه العام لا يتعدى كونه الخرق المتعمد للمبادئ والنظم الإنسانية وتجنب الرفق فيها ، واستخدام الشدة والبطش .
وقد أصبحت ثقافة العنف منتشرة بالمجتمع العربي في الآونة الأخيرة من خلال الأفلام الوافدة والمحلية والإسراف في نشر الجريمة وتفخيمها بوسائل الإعلام المختلفة كل ذلك له مردود في مجتمع يتسم بالزحام .
كلمة عنف violence: مشتقة من الكلمة اللاتينية viol are تعني ينتهك أو يؤذي أو يغتصب، وهو استخدام الضغط أو القوة استخداما غير مشروع أو غير مطابق للقانون من شأنه التأثير على إرادة فردما.
ويشير مفهوم العنف إلى عدة معان: منها استخدام القوة أو الإكراه غير المشروع . ويعرف العنف على أنه أحد الأنماط السلوكية الفردية أو الجماعية التي تعبر عن رفض الآخر نتيجة الشعور والوعي بالإحباط في إشباع الحاجات الإنسانية، وهو إي عمل يرتكب ضد الإنسان ويحطم كرامته، ويتراوح بين الإهانة بالكلمة واستخدام الضرب .
ولقد برزت عدة تعريفات للعنف منها الوارد في المادة (19) من اتفاقية حقوق الطفل بأنه: "كافة أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية والإهمال أو المعاملة المنطوية على إهمال أو إساءة المعاملة أو الاستغلال بما في ذلك الإساءة الجنسية"
كما عرفته منظمة الصحة العالمية في تقريرها العالمي عن العنف والصحة (2002) بأنه "الاستخدام المتعمد للقوة أو الطاقة البدنية، المهدد بها أو الفعلية، ضد أي طفل من قبل أي فرد أو جماعة تؤدي إلى أو من المرجح للغاية أن تؤدي إلى ضرر فعلي أو محتمل لصحة الطفل أو بقاؤه على قيد الحياة أو نموه أو كرامته".
تعريف مصطلح إيذاء الأطفال: Child Abuse
توجيه الإيذاء الجسمي أو العاطفي المتكرر للأطفال سواء بالضرب المتعمد، أو عدم السيطرة في العقاب البدني، أو السخرية أو الاستخفاف المستمر، أو التعرض بالإيذاء الجنسي، وعادة ما يكون الإيذاء على يد أحد الوالدين أو من آخرين ممن لهم حق رعاية الطفل.
صور من إيذاء الأطـفال:
أ/ متعمد ويشمل:
1- الإيذاء الجسدي Physical Abuse :
ويكون بتوجيه أذى مادي كالضرب أو الكدمات أو القطع أو الحرق أو الحبس أو الخنق أو العض .... الخ. وهو سلوك متعمد لإيذاء الطفل يسبب له أضرارا مباشرة وغير مباشرة.
2- الإيذاء النفسي أو العاطفي Psychological & Emotional Abuse
ويتضمن السلوكيات التي تؤثر على النمو العاطفي أو السلوكي للطفل وتخلق اضطرابات دائمة أو متقطعة لديه مثل: التهديد والتحقير والتخويف والإيذاء اللفظي أو المطالبة بالقيام بأشياء غير واقعية.....الخ من السلوكيات التي يفشل معها الأهل في توفير بيئة مرضية نفسيا تمكن الطفل من النمو الطبيعي.
علما أن جميع أنواع الإيذاء الجسدي تتضمن بعض التعاملات العاطفية المضطربة.
3- الإيذاء الجنسي Sexual Abuse :
استغلال وسوء معاملة الأطفال أو الكبار جنسياً، أو سوء معاملتهم بطريقة تسمح بإشباع الشبق لدى المؤذي الذي عادة ما يتسم بوجود مشكلة نفسية خطيرة مثل: اضطراب الشخصية، أو اضطرابات عقلية.
ب / غير المتعمد ويشمل:
4- إهمال الطفل Child Neglect :
ويقصد به فشل من يقوم برعاية الطفل في تقديم الموارد اللازمة للصحة الجسمية والعاطفية للنمو الاجتماعي، ويتضمن الإهمال سوء الحضانة أو التربية كما يتضمن ضعف الرقابة أو الإشراف. ويؤدي الإهمال إلى انحراف الطفل نفسياً وسلوكياً واجتماعياً
ونلاحظ من التعريف أن إهمال الطفل هو إحدى صور إيذاء الأطفال الغير متعمد حيث لا يحدث فيه إيقاع الأذى الجسدي وإنما يقتصر على الإيذاء السلبي أي بمنعهم بعض ما يحتاجون إليه من الضروريات اللازمة مما قد يترتب عليه عدم نمو الطفل النمو الكامل وتعريضه لخطورة الإصابة جسديا أو نفسيا بسبب الإهمال.
الأسباب المؤدية إلى إيذاء الأطفال:
اختلفت آراء الباحثين حول الأسباب التي تؤدي إلى إيذاء الأطفال نظرا لاختلاف تخصصاتهم وتوجهاتهم العلمية. وسنعرض فيما يلي للأسباب من المنظور النفسي الاجتماعي ومنها:
أولا: أسباب تتعلق بالطفل:
1- سلوك الطفل نفسه: هناك بعض الأطفال يتعمدون إثارة من حولهم وإزعاجهم لأسباب نفسية واجتماعية مما يثير المحيطين بهم ويوقع الطفل تحت طائلة الإساءة.
2- وجود مشكلات نفسية في حياة الطفل مثل: ضعف الثقة بالنفس، الشعور بالإحباط ، العنف والاضطراب الانفعالي والنفسي، مما يجعل المحيطين بالطفل غير قادرين على السيطرة على أنفسهم بسبب عدم تحملهم لهذه الاضطرابات فيعمدون إلى إيذاء الطفل أو إهماله.....الخ.
3- طبيعة مرحلة المراهقة تجعل كثير من الأطفال يميلون إلى التمرد على معايير وقيم الأسرة والمجتمع مما يعرضهم للإيذاء من قبل الراشدين المحيطين بهم.
4- افتقاد كثير من الأطفال إلى المهارات اللازمة للتعامل مع محيطهم، وافتقادهم إلى أسلوب حل المشكلات يجعلهم أكثر تعرضا للإيذاء.
5- وجود الطفل في بيئة لا تهتم به قد يعزز لديه الشعور بالغضب فيقوده إلى العنف الذي يقوده بدوره إلى إيذاء الطفل.
ثانيا: أسباب تتعلق بأسرة الطفل ومنها:
1- الصراع داخل الأسرة بين الأبوين أو بين أفراد الأسرة بشكل عام.
2- الإهمال الذي ينتج عنه تعرض الأطفال للإيذاء لغياب الرقابة والمتابعة من قبل الوالدين أو شعور الطفل بأنه منبوذ مما يجعله أكثر تعرضا للاستغلال من قبل الآخرين خارج الأسرة.
3- أساليب المعاملة الوالدية غير السليمة كالقسوة الزائدة أو التدليل الزائد أو استخدام أساليب تعذيبية شديدة.
4- المشكلات الاقتصادية التي تعاني منها الأسرة، حيث يحدث إيذاء الأطفال بصورة أكثر في الأسر ذات الدخل المنخفض والأسر الفقيرة.
5- قابلية أحد الوالدين للإصابة بالأمراض النفسية والاضطرابات الشخصية.
6- وجود خلفية أسرية تتصف بوجود تاريخ حافل بالإيذاء والإهمال الذي تعرض له أحد الوالدين أو كلاهما.
ويمارس العنف ضد الأطفال بالدرجة الأولى في المنزل ثم المدرسة ثم أماكن العمل ثم بعد ذلك المجتمع ومؤسساته (مثل: الأندية/ مؤسسات الرعاية/ وسائل الإعلام......الخ).
كما يلاحظ أن العنف الأسري يزداد عند الإناث والأطفال المعوقين والأطفال الذين يعانون من سوء التغذية وصغار الأخوان وفي حالة الحمل الغير مرغوب فيه وكذلك لدى العائلات التي تعاني من عزلة اجتماعية وصعوبات مالية.
مشكلة الطلاق:
الطلاق من الظواهر الاجتماعية الملفتة للانتباه ويزداد حجم هذه الظاهرة سنوياً.. وقد تبين أن أغلب حالات الطلاق تقع بين الشباب، وبين كبار السن الذين تزوجوا للمرة الثانية، وأن أهم أسباب الطلاق عدم الاختيار الموفق للزوجين، و ملاحظة الزوج انحرافاً في سلوك زوجته أو العكس، وعدم تفقه الزوجين بالدين لمعرفة حقوق وواجبات كل منهما .
وقد تبين أن معظم المطلقات في المجتمع السعودي تزوجن في سن أقل من 20 سنة ، مما يبرهن على عدم كفاية نضج الزوجة وقت زواجها، و عدم حسن اختيار الزوج المناسب . مع عدم قدرتها على تفهم الحياة الزوجية و احتمال مصاعبها و مشكلاتها ، و تبين أن معظم حالات الطلاق تقع في الثلاث سنوات الأولى من الزواج، وإن ( 21% ) من حالات الطلاق كان بسبب عمل المرأة الذي أدى إلى عدم الاهتمام بالزوج و أولاده . كما أتضح أن من أهم أسباب الطلاق في المجتمع السعودي تعدد الزوجات، و توزيع عواطف الرجل وإهماله شؤون الزوجة بسبب الأخريات، و اتضح كذلك أن أسلوب الأسرة في اختيار الزوج كان من العوامل التي تؤدي إلى الطلاق في المجتمع السعودي . ومن الأسباب التي ترتبط بظاهرة الطلاق أيضاً تدخل أسرة الزوجين في الحياة الزوجية الشخصية وعدم التوافق الجنسي بين الزوجين ، وكذلك سفر الزوج المتكرر له علاقة قوية بالطلاق في المجتمع السعودي.
ومما يزيد من مشكلة الطلاق في المجتمع السعودي استمرار النظرة الدونية للمطلقة ، مما يجعل الأسرة لا تشجع الأبناء على الزواج من مطلقات، وتظهر الأم معارضة أكثر من الأب في زواج الابن من مطلقة، ويرجع ذلك لتدخل الأم في الوقت الحاضر في اختيار زوجة الابن .
وقد أدى التحضر والتغير في المجتمع إلى تغيير في مفهوم الطلاق عند المطلقين أنفسهم في المجتمع السعودي فهم يرونه أفضل من التعاسة الزوجية، وهو لا يثير العار الاجتماعي بل هو عدم توافق بين الزوجين..
وقد حددت البحوث التطبيقية العوامل الاجتماعية المرتبطة بالطلاق في المجتمع السعودي ، وهي تنحصر في أربعة عوامل رئيسية كما يأتي:
أ - بالنسبة لمن أنهوا سنوات الزواج بطلاق مبكر لم يتعدى عشر سنوات كان: عدم التوافق و عدم تلاؤم الأخلاق وتدخل الأهل و عدم رغبة الزوجة في العيش مع أهل الزوج وفارق السن ، من الأسباب الرئيسة في الطلاق المبكر .
ب - بالنسبة للمطلقين الذين تعدت حياتهم الزوجية أكثر من عشر سنوات كان سبب الطلاق يرتكز على " عدم طاعة الزوجة للزوج و سوء معاملتها ".
2 - العنوسة في الأسرة السعودية:
كانت معظم المجتمعات السعودية تزوج بناتها في سن مبكرة يتراوح ما بين الثالثة عشرة إلى السادسة عشرة ، وكان أبرز أسباب الزواج المبكر يرجع إلى زيادة أعداد العائلة و القبيلة عن طريق الإنجاب السريع من أجل الدفاع عن الأرض و حماية الموارد ، و قد يكون السبب في ذلك الوقت مرتبطاً بالنواحي الاقتصادية لحاجة النشاط الزراعي و الرعوي إلى الأيدي العاملة لتعزيز هذا النشاط . وهذا ساهم بشكل كبير بعدم ظهور مشكلة العنوسة في تلك الفترة .
وتتضح مشكلة العنوسة والعزوف عن الزواج في قضية اجتماعية مزدوجة مرتبطة بالغلاء في المهور والعادات والتقاليد الاجتماعية وتدخل أولياء الأمور ومبالغة الفتيان والفتيات في المواصفات والمقاييس لاختيار الشريك ....
فقد ظهرت مشكلة العنوسة و شاعت في المجتمعات السعودية في هذه الفترة المتغيرة حيث وصلت نسبة العنوسة بين الشباب والشابات في المملكة العربية السعودية إلى (20%) (تبعاً لدراسة أعدتها وزارةالتخطيط عام 1424هـ ) فمثلاً يعاني ( 14.7% ) من أسر مدينة الرياض من عنوسة بناتها حيث تشير نتائج أحدث الدراسات لوزارة التخطيط إلى وجود أكثر من مليون ونصف فتاة عانس في المملكة ومثله وأكثر من الشباب عاجزون عن الزواج أيضاً ، وكان أهم أسباب تأخر الزواج للفتيات في المجتمع السعودي تنحصر فيما يأتي :
أ- نزوح الأسرة من موطنها الأصلي إلى المنطقة الحضرية ، واستمرار إقامة الأسرة في المنطقة الحضرية وانقطاعها عن موطنها الأصلي يشكل عاملا مهما في إعاقة زواج فتياتها .
ب - الابتعاد عن مجاورة الأقارب في السكن في المناطق الحضرية .
ج - مشكلة تأخر زواج الفتيات تعاني منها بكثرة الأسر ذات المستوى العالي ، ويعود السبب إلى ما يعتقد من وجود علاقة عكسية بين فرصة الفتاة في الزواج و بين مستوى أسرة الفتاة الاقتصادية.
د - ارتفاع مستوى تعليم النساء في الأسرة يرتبط بمشكلة تأخر زواج فتياتها، و المرأة كلما ارتفع سنها قلت فرصتها بالزواج خاصة في المجتمعات العربية التي تعطي قيمة كبرى لصغر عمر المرأة في عملية الاختيار للزواج.
هـ - عمل المرأة خارج المنزل سبب رئيسي في تأخير زواجها.
ومن العوامل الرئيسية التي ترتبط بظاهرة العنوسة و تأخر زواج الفتيات في المجتمع السعودي في هذه الفترة وهو عملية القبول النهائي بزواج الفتاة حيث اتجه الآباء نحو استشارتها في عملية القبول النهائي للزواج أو منحها حرية الاختيار. وهذا التغيير في القبول النهائي لإتمام زواج الفتاة أسهم في ظهور ظاهرة العنوسة حيث ترتب على الاستشارة المتكررة لأخذ رأيها ترددها في قبول الزواج ، خاصة إذا كانت منتظمة في مراحل التعليم ، و تطلب إكمال تعليمها قبل الزواج .
وفي دراسة استطلاعية أجريت عن العنوسة من وجهة نظر المرأة تبين أن سبب تأخر زواج الفتاة السعودية يرجع إلى الشروط في عملية اختيار الزوج والتي من أهمها :
شرط مستوى اقتصادي متميز لأسرة المتقدم للزواج .
الإصرار على مستوى تعليمي معين للزوج .
شرط مستوى اجتماعي معين لأسرة الزوج .
اشتراط الاستقلال بمسكن عن عائلة الزوج ، أو اشتراط عدم ترك الوظيفة، أو اشتراط مهر باهظ .
تدخل ولي الأمر في عملية الاختيار عند الزواج ووضع شروط و خصائص معينة.
3ــ تأخر زواج الذكور في الأسرة السعودية :
كانت الأسرة في المجتمعات السعودية تزوج فتيانها الذكور في سن مبكرة ( من 15- 18 سنة ) من أجل الإنجاب المبكر للمساهمة في حماية القبيلة وكذلك المساهمة في النواحي الاقتصادية .
ولكن في وقتنا الحاضر تغير الحال كثيرا وظهرت مشكلة تأخر زواج الذكور في الأسرة السعودية ، حيث تبين أن ( 54% ) من الطلاب الجامعيين لهم رغبة في الزواج المبكر إلا أن هناك ظروف وأسباب تحول دون إتمامهم للزواج حاليا .
وقد أثبتت البحوث التطبيقية عمومية هذه المشكلة وشيوعها في المجتمع السعودي ، فقد بـيـنـت إحدـى الدراسات التي أجريت على طلاب وطـالبات الجامعات في مدينة الرياض عام ( 1406هـ )، أن هناك تأخير في سن الزواج بين الشباب السعودي ، وأن كثرة سفر الشباب للخارج والتخوف من تحمل المسؤولية ، من أهم الأسباب التي تؤثر في تأخر زواج الذكور بالأسرة السعودية .
ويبدو أن معظم الشباب السعودي من سكان المدن يميلون إلى تأخر زواجهم أكثر من شباب القرى ، بينما يفضل شباب البادية الزواج المبكر . وقد ثبت أن ( 74,6% ) من الشباب السعودي يرون أن عزوفهم عن الزواج المبكر كان بسب غلاء المهور ، وأن ( 29,3% ) منهم كان تأخرهم في الزواج بسبب إلحاح الأهل على الزواج من القريبات، إلا أن أهم العوامل التي ساهمت في تأخير زواج الذكور في الأسرة السعودية هو طريقة اختيار الزوجة ، لأن الغالبية من الشباب كانوا يعتمدون على أنفسهم في اختيار شريكة الحياة ، وهي طريقة تؤجل سن زواج الذكر
نظرا لتعارضها مع مبادئ الإسلام وعادات وتقاليد المجتمع السعودي التي لا تسمح بالتعارف واللقاء بين الرجل والفتاة من غير المحارم .
ومن أسباب تأخر سن الزواج للذكور في المجتمع السعودي أيضا اشتراطهم صفات جمالية في جسم المرأة ، ولكن بينت البحوث التطبيقية أن عامل البحث عن صفة التدين بالمرأة أقوى تأثيرا في عملية تأخر زواج الشباب من صفة الجمال ، ومن ناحية أخرى كان تأخر زواج الذكور في مجتمعنا مرتبطا بميل الشباب نحو السفر للخارج وهذا له أثره السيئ في تأخر زواجهم ، وقد يرجع هذا إلى انبهارهم بالسفر ، وتلبية رغباتهم الجنسية بطريقة غير شرعية ، بالإضافة إلى توافر المال بين أيديهم مما يساعدهم على الاستمرار وعدم الإقدام على الزواج . كما يرى معظم الشباب أن مواصلة التعليم يقف عائقا أمامهم عن الزواج في سن مبكرة . كما تبين أن ( 60% ) من الشباب السعودي - وهي نسبة لا يمكن إغفالها أو تجاهلها - يعزفون عن الزواج بسبب المغالاة في تكاليف الزواج ، حيث يوجد بالمجتمع مظاهر من المباهاة والتي قد ترجع إلى اعتقاد بعض الأسر بأن هذه المظاهر ترفع من قدر الأسرة ومكانتها الاجتماعية . ومن أهم هذه المظاهر التغالي في المهور ، والذي قد يرجع لما يسود المجتمع من عادات وتقاليد عقيمة تجعل المباهاة في المهور عند البعض مظهرا يعبر عن مستواهم ووضعهم الاجتماعي ، وقد يرجع التغالي في المهور عند البعض بسبب الطفرة المادية التي سادت في المجتمع السعودي في السنوات الماضية وما أدى إليه من ارتفاع الدخل . كما يرى البعض أن من الأسباب التي تقف وراء مشكلة غلاء المهور هو اعتقاد بعض أولياء الأمور أن قلة المهر ربما يؤدي إلى الطلاق لأن الزوج لم يتكلف كثيراً في الحصول على الفتاة أو قد يرجع إلى الطمع والجشع وحمى جمع المال والذهب والفضة لدى بعض آباء وأمهات البنات إلى جانب التقليد الأعمى والخوف من القيل و القال مما يترتب عليه تأخير زواج الشباب والشابات وحرمانهم منه في بعض الأحيان ، وهذا بدوره قد يخلق انحرافات أخلاقية من ناحية ويؤثر على النمو السكاني بالسلب من ناحية أخرى .
مشكلة الإسراف " الاستهلاك الترفي" :
ونشير هنا إلى جانب اقتصادي اجتماعي نعتقد بخطورته وأهميته وهو جانب الإسراف الاستهلاكي ، كجانب سلبي مصاحب للثروة الجديدة ( ثمنا للبترول خاصة بعد تصحيح أسعاره) .
وتتمثل خطورة هذا الجانب وتتضاعف حيث يثبت في أذهان الأجيال الناشئة من أبناء الوطن أن هذه الثروة قد أتت دون جهد ، وأنها باقية سواء أجهدوا أنفسهم في العمل أو أخلدوا للراحة .
وترجع أحد الدراسات باللوم في موضوع الإسراف على بعض وسائل الإعلام ، وخاصة التلفزيون الذي يعمل على إشاعة " الثقافة الاستهلاكية " بطريق غير مباشر أو مباشر .
كما تؤكد أحد الدراسات على أنه بفضل تدفق العائدات النفطية وارتفاع الدخل ، وتزايد الإنفاق العام والخاص ،أتيحت للمواطنين قدرة شرائية مكنتهم من رفع مستوى استهلاكهم ومن تحسين معيشتهم ، وهذا تطور محمود تبرره الحاجة الملحة لهذا التحسين، غير أن رفع مستوى الاستهلاك تحول وبسرعة فائقة إلى نزوع استهلاكي مفرط تعدى تلبية الحاجات المعقولة والمبررة لسلع وخدمات أساسية ... إلى أخرى كمالية، ثم ترفيهية ... ثم ظهورية تفاخرية ، بكميات وتكلفة مغرقة في التطرف ، وهكذا فخلال حقبة من الزمن اكتسبت شعوب الأقطار النفطية أنماطا استهلاكية مبددة للموارد .
ومما يجدر ذكره أن هذا النمط من الاستهلاك الترفي طارئ على المجتمع، لا يمت بصلة إلى نمط الاستهلاك التقليدي في المنطقة ، ولا ينسجم مع الخلفية الثقافية لمجتمعاتها التي تتخذ من مبادئ الإسلام حافزا لها من أجل المحافظة على النعم .
ومما يدل على خطورة هذه الظاهرة وبلوغها مستويات عالمية التأكيد بأن مسألة الإفراط في الاستهلاك ، وتفشي أنماط المظهرية التفاخرية المستجيبة لصراعات الاستهلاك والقائمة على التبذير والمؤيدة لهدر الموارد، وإخلال توازن البيئة ، وزرع الأحقاد الاجتماعية ، تمثل تحديا خطيرا للتوجهات والجهود التنموية الحضارية .
مشكلة الفراغ :
من المشكلات التي تواجه الشباب والشابات في المجتمع السعودي مشكلة وقت الفراغ وكيفية شغله واستثماره .
وظاهرة الفراغ والميل نحو النشاط البدني - كأحد أهم النشاطات السائدة عند الشباب السعودي - ليست قاصرة على شباب منطقة معينة دون المناطق الأخرى من المجتمع السعودي بل إن الظاهرة عامة على مستوى شباب المجتمع ككل.
فمع بداية كل صيف - إلى جانب إجازة نهاية الأسبوع أو الإجازات الأخرى - تبدأ ظاهرة أسرية واجتماعية من أعقد الظواهر التي يضيق بها المجتمع المعاصر ، وهي ظاهرة الفراغ لدى الصغار و الكبار على حد سواء. فلا نجد مكاناً من الأماكن العامة أو الشوارع والأسواق إلا وبه عدد من الشباب الذين لا شغل لهم ولا عمل إلا التسكع و المعاكسات و التلفظ بألفاظ غير لائقة ، أو قضاء وقت الفراغ بممارسة نشاطات ثقافية أو جانحة تختلف أهميتها باختلاف المناطق .
وقد أوضحت إحدى الدراسات الامبريقية أن الشباب السعودي لديه ميل كبير نحو ممارسة أنشطة الفراغ داخل المنزل ، وتحتل مشاهدة التلفزيون المرتبة الأولى بين أنشطة الفراغ اليومي للشباب ، كما تبين أن معظم الشباب يميلون إلى مغادرة المنزل خلال عطلة نهاية الأسبوع للتنزه أو الزيارة أو التجول في الأسواق والشوارع والجلوس في المطاعم والمنتزهات . كذلك يميل البعض إلى شغل وقت الفراغ بقراءة المجلات والصحف الهابطة أو المكالمات التليفونية الطويلة .
ولوحظ من تحليل بعض الدراسات الاجتماعية أن الفتاة السعودية من عمر ( 18-24 ) عاما تنتهج في برنامجها اليومي سياسة " تضييع الوقت " باستخدام السيارة أو الهاتف أو مشاهدة التلفاز أو الاستماع للأشرطة الغنائية أو الخروج للأسواق بشكل متكرر بدون حاجة أو الزيارات التي لا هدف لها. وجميعها وسائل لا فائدة منها غير تضييع الوقت .
ولقد تبين أن من أهم المعوقات التي تحول دون استفادة الفتاة السعودية من الوسائل الترويحية خارج المنزل هي :
أ -عوامل تنظيمية تتعلق بعدم ملائمة وقت بعض الوسائل الترويحية أو صعوبة الاشتراك في بعض الوسائل الترويحية أو تتعلق بإجراءات الدخول والخروج.
ب- عدم كفاية الوسائل الترويحية النسائية المشجعة للذهاب إليها والشعور بالملل بسبب التردد على وسائل محددة .
ج- عوامل أسرية أهمها عدم وجود أحد أفراد الأسرة يهتم بأوقات الترويح و كثرة الالتزامات الأسرية .
وعموماً يمكننا القول أن الفراغ يأتي على رأس الأسباب المباشرة لانحراف الشباب وهو المسؤول عن تشرد الشباب و جناح الأحداث و التسكع في الشوارع و التفحيط بالسيارات ، والانضمام إلى رفاق السوءوالعصابات و إدمان المخدرات وكل ما يؤدي إلى تدهور الأخلاق و القيم والأمراض النفسية .
مشكلة العمالة الناعمة في البيت السعودي
لكل مجتمع مشكلاته التي تنبع من مجموعة ظروفه المتعايش معها ، بعض هذه المشكلات يظل هادئاً كامناً في أعماق المجتمع ذاته ، بينما البعض الآخر يخرج عن دائرة كمونه و يتفجر بقوة ليصل إلى سمع المجتمع و يشده إليه .
و العمالة عموماً ثم العمالة الناعمة خاصة من المشكلات أو الظواهر المشكلة التي تفجرت بوعي على السطح الاجتماعي السعودي في الآونة الأخيرة و لقيت من المناقشات و الدراسات ما جعلها تحتل موقع القلب من المشكلات جميعها .
ونقصد بمصطلح العمالة الناعمة الأيدي المستأجرة المستقدمة من خارج البلاد و التي تعمل في أمور الخدمة في المنازل – على مختلف أشكالها - و كذلك قيادة السيارات كـالـخـادمـة و المربية و السائق .
و ظاهرة استعانة الأسرة السعودية بالمربيات و الخادمات ليست من الظواهر الاجتماعية المستجدة في المجتمع السعودي فقد كانت هذه الظاهرة موجودة لكنها كانت محدودة و تقتصر على الأسر التي تنتمي للمستويات الاجتماعية والاقتصادية العليا . وكان الخدم و الخادمات من نفس المجتمع أو ممن قدموا إليه و يقيمون به إقامة دائمة .
إلا أن الظاهرة برزت في وقتنا الحاضر و لم يعد استخدام العمالة الناعمة قاصراً على فئة معينة في المجتمع ، فقد ازدادت نسبة الاستعانة بهؤلاء الخادمات و الخدم فلا نكاد نجد بيتاً يخلو من خادمة واحدة على الأقل ، فقد أدى ارتفاع مستوى الدخل لدى الفرد السعودي إلى خلق احتياجات جديدة جعلتها ظروف المعيشة التي يعيشها بعض الأفراد أموراً ضرورية ، فلم يعد رب الأسرة الذي يكون مشغولاً لساعات متأخرة من الليل قادراً على تلبية احتياجات أسرته بالتالي كان لا بد من البديل وغالبا ما يكون السائق هو ذلك البديل . ولم يقتصر الأمر على الزوج بل تجاوزه إلى الزوجة التي ما تفتأ عن المطالبة بإيجاد الخادمة أو المربية التي تقوم بشؤون البيت و الأولاد .
وقد بدأت هذه الظاهرة تأخذ شكلها الواضح والملموس في السنوات الأخيرة لدى كافة أطراف المجتمع حيث بدأت تتناولها الصحف و المجلات السعودية على أنها ظاهرة خطيرة تستحق الدراسة و التمحيص ، كما اتفق الجميع على أنها أحد الظواهر السيئة التي ولدتها الطفرة المادية في المجتمع السعودي خاصة و في المجتمع الخليجي بصفة عامة .
و تشير الدراسات إلى أن المملكة العربية السعودية تعتبر الأولى بين دول الخليج في استقدام هذا النوع من العمالة وأن نسبة ما يصل إليها من الخادمات مقارنة بدول الخليج الأخرى يصل إلى 90% ، وعليه تبرز حجم المشكلة و ذلك أن البيت السعودي الواحد قد يستقدم أكثر من خادمة بل أكثر من جنسية ما بين سيلان و الفلبين و تايلند ...الخ وما يرتبط بهذا من مساوئ مختلفة .
و يضع كثير من الباحثين علاقة بين خروج المرأة للعمل خارج المنزل في المجتمع السعودي واستقدام العمالة الناعمة ، و إن كان هذا افتراض يحتاج مزيداً من التحقق لأن مساهمة المرأة السعودية في سوق العمل ما زال ضئيلاً لا يتعدى (2,2 %) بينما نسبة الأسر التي يوجد لديهن خادمات في مدينة الرياض مثلاً (23 %) من الأسر وذلك حسب تقرير المسح السكاني والاقتصادي الذي أجرته الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض .
كما تبين الدراسات أن (11.8%) من الأسر السعودية تستعين بأكثر من خادمة و مربية في المنزل ، بالرغم من أن الدراسات الاجتماعية الإمبريقية أثبتت أن الغالبية من الأسر السعودية مستقدمي العمالة الناعمة لديها من الإمكانات خاصة البنات و البنين ما يجعلها تستغني كلية عن المستخدمين ، وأن هناك نسبة (21.8%) من الأسر تستخدم العمالة الناعمة كنوع من التقليد و حب التظاهر ، وأن نسبة(20%) من الأسر السعودية تستخدم هذا النوع من العمالة كنوع من الترف و الغنى .
- أسباب انتشار ظاهرة العمالة الناعمة:
أظهرت البحوث الإمبريقية التي قامت بدراسة هذه الظاهرة أن هناك مجموعة من الأسباب و العوامل التي أدت إلى انتشار هذه الظاهرة لعل أهمها العوامل التالية :
1- أسباب اجتماعية تاريخية مرتبطة بترفع المواطن السعودي عن العمل اليدوي و بتأثير العدوى تركت المرأة السعودية أعمال البيت كالكنس والطبخ...الخ .
2- عمل المرأة وتعليمها .
3- كبر حجم المنزل ومرافقه .
4- المكانة الاجتماعية : حيث أصبح حرص الأسرة الخليجية على اقتناء الكماليات مقياساً لمستوى الأسرة ومكانتها لذلك كانت الخادمة استكمالاً لصورة الكماليات فعدم وجودها يعتبر مجالاً للاتهام بالبخل مما يجعلها تحرص على اقتنائها حفاظاً على مكانتها.
5- كثرة زيارات ربة المنزل كأحد المظاهر الاجتماعية الضرورية التي تحرص عليها الأسرة الخليجية .
6- انخفاض أجور الخدم و ارتفاع دخل الأسرة .
7- غفلة الأسرة عن سلبيات الخادمة التربوية .
8- عدم القدرة على التنظيم لانشغال الأسرة بكثير من الأعباء التي تفوق طاقتها .
9- سهولة استقدام الخدم لسهولة الضوابط الروتينية التي وضعتها الدول الخليجية .
10- عدم وجود البدائل بسبب انشغال المرأة وعدم تفرغها للعناية ببيتها وأولادها أو بسبب مرضها أو تقدمها في السن .
11- كبر حجم الأسرة أو زيادة عدد الأطفال و المسنين داخلها بحيث لا تستطيع الأم وحدها القيام برعايتهم .
- الآثار السلبية لوجود العمالة الناعمة في المنازل السعودية :
إذا كان للعمالة آثارها الإيجابية فإن المشكلات الناجمة عنها والآثار الاجتماعية المترتبة على وجودها في المنازل السعودية لا يمكن حصرها بشكل عام- خاصة العمالة غير المسلمة والتي تعيش مع الأسرة في مسكن واحد وتخالطها طوال الأربعة والعشرين ساعة - وذلك لخصوصية تلك المشاكل واختلافها من منزل إلى آخر ، إلا أن هناك مشكلات عامة بدأت تظهر على المستوى العام والتي سنعرض لبعضها بشكل موجز فيما يلي :
اللغة :
حيث تعمد بعض الأمهات بإسناد مهمة تربية الأولاد والإشراف عليهم إلى الخادمات اللاتي يحاولن التحدث مع الأطفال وهم في سن اكتساب اللغة . كما قد يتحدث الأطفال لغة الخادمة قبل أن يتحدثوا لغتهم العربية مما يساهم في غرس قيم غريبة في ثقافة الطفل العربي المسلم .
الدين :
معظم الخدم قادمون من بلاد يمثل المسلمون فيها نسبة قليلة ، ولهذا فإن أغلبهم غير مسلمون. فاستخدامهم داخل المنازل قد يؤدي إلى الاحتكاك بهم والاختلاط معهم وذلك يورث مودتهم والأنس بهم ، وهذا يناقض العقيدة الإسلامية الصحيحة ، حيث أن الخادمة غير المسلمة تقوم بتأدية طقوس دينها داخل الأسرة ، مما يجعل الأبناء يتأثرون بأشياء مخالفة للدين، مما يترتب عليه أثار سلبية بالنسبة للجانب الديني من التنشئة الاجتماعية للأطفال ، خاصة في مرحلة التنشئة الاجتماعية الأولية ، وذلك لكون عمل المربية وثيق الصلة بالطفل ، واحتكاكها به قوي ، وينعكس ذلك على التمسك بأداء الشعائر الدينية ، واحترام القيم الإسلامية ، كما يتنافى مع أهداف التربية الإسلامية للطفل. وهذا يجعلنا نخشى أن تكون الأجيال القادمة جاهلة بلغتها ودينها .
النزاع الأسري :
وقد يكون صغر سن الخادمة سبباٌ جوهرياً في إحداث مشاكل عديدة في الأسرة تنشأ بين الزوجين ، وذلك بدافع الغيرة من جانب الزوجة .
كما أشارت نتائج بعض الدراسات إلى أن وجود الخادمة يسهم في جعل فتيات المستقبل يعزفن ويتأففن عن القيام بالأعمال اليدوية المتمثلة في الأعمال المنزلية و يعتبرنها من أعمال الخادمات الأمر الذي يسبب مشكلات أسرية بين الزوجين .
الصحة :
بعض الخادمات قد يلجأن إلى أساليب ملتوية في الحصول على البطاقات الصحية - وذلك بدافع الفقر والرغبة في تحسين مستوى المعيشة - وهن في الأصل يحملن أمراضاً معدية تكتشف بعد قدومهن واختلاطهن بالأسرة مما ينشأ عنه الكثير من الخوف والقلق على صحة الأسرة .
الكسل :
حيث أن بعض الأمهات يعتمدن كلياً على الخادمة في إدارة شؤون المنزل بينما تتفرغ الأم لأعمال أخرى لا تهم المنزل في شيء مما يخلق بذلك جيلاً اتكالياً سلبي التصرف والتدبير لاسيما وأن البنات يقلدن أمهاتهن و يجدن كل شيء معد لهن بدون كلفة أو عناء مما يخلق فيهن حب الإتكالية .
خطرهم على المحارم والأعراض :
قد تكمن خطورة هذه الفئة من العمالة الأجنبية في أنها تسكن مع الأسرة في مسكن واحد حيث تثق الأسرة في الخدم ثقة كبيرة و يتساهلون معهم إلى حد التفريط و اللا مبالاة بالعواقب والنتائج المترتبة على ذلك ، فقد يصل في بعض الأحيان أن تصبح الخادمة أو المربية هي سيدة البيت و المتصرفة في شؤون الأسرة ، و ذلك لغياب الوالدين وانشغالهم سواء لضرورة أو غيرها ، وتركهم مسئوليتهم الأولى في الأشراف على الأسرة و تربية الأبناء على الآخرين .
وقد نهى عليه الصلاة والسلام عن الخلوة بالنساء الأجنبيات لما يترتب على ذلك من مفاسد في الدين و العرض و النسل و الشرف ، وهذا يتضمن خلوة السائق بمحارم الأسرة ، أو خلوة رب الأسرة بالنساء من الخدم ، مما يؤدي إلى انتهاك المحارم والأعراض .
خطرهم على الأمن :
وذلك نظراً لأن مجموعة من العمالة الوافدة قد تأتي من مجتمعات تتفشى فيها الجريمة والإباحية وقد يكون البعض منهم من ذوي السوابق ومن محترفي الإجرام ، لذا قد يشكل ذلك خطراً كبيراً على أمن الوطن و المواطن .
تؤثر الخادمة من خلال احتكاكها بالطفل على قيم وعادات الطفل العربية المسلمة.
وهناك العديد من المشكلات التي يمكن أن تنشأ عن الخدم كالسرقة حيث يعمد بعض الخدم إلى سرقة مخدوميهم ـ إذا ما وجدوا الفرصة مناسبة لذلك ـ كما قد يلجأ البعض إلى إفشاء أسرار الأسرة التي يعمل لديها ، وقد تكون بعض الأسرار في غاية الأهمية مما يترتب عليه مشاكل عديدة لتلك الأسرة . وكذلك من المشكلات ما يرتبط بالآثار و الأضرار الجسمية التي يتسبب فيها الخدم للأطفال ، ومساهمة الخادمة في إضعاف العلاقة بين الطفل وأمه نتيجة قيامها بتلبية طلباته التي يفترض على الأم تلبيتها و كذلك التأثير السلبي على النمو اللغوي و النفسي عند بعض الأطفال ، إضافة إلى الخسائر المادية التي يلحقها الخدم بالممتلكات و الأثاث المنزلي نتيجة الإهمال واللامبالاة ...الخ من المشكلات العديدة التي تدعونا إلى القول أن ظاهرة الخدم في المنزل السعودي ذات أبعاد اجتماعية عديدة قد ينشأ عنها العديد من المشكلات و التغييرات في بنية الأسرة السعودية وعاداتها وتقاليدها وحتى لغتها و دينها ، ما لم تؤخذ بعين الاعتبار من الجهات المسؤولة بوضع الحلول المناسبة لها أو الحد النهائي ووضع الضوابط الكفيلة بترشيد الاستقدام ، ولا يمكن أن يتم ذلك إلا بتعاون المواطنين أنفسهم مع الجهات المختصة ، وذلك لا يحدث إلا بالتوعية الشاملة و التثقيف المستمر ومن خلال تبصير المواطنين بالأضرار و المشكلات التي يمكن أن تنجم عن استقدام مثل هذا النوع من العمالة الناعمة في وسائل الإعلام المختلفة وهو ما أوصت به العديد من الدراسات التي تناولت هذا الموضوع بجوانبه المختلفة ، و التي أكدت على أهمية و خطورة دور بعض المؤسسات الاجتماعية في المجتمع والتي من أهمها : الأسرة ـ المسجد ـ المدرسة ـ وسائل الإعلام ، في مواجهة الآثار السلبية للعمالة الأجنبية عامة و العمالة الناعمة خاصة والتصدي لمشكلاتها المتعددة .
قائمة المراجع
الرقم
|
اسم المؤلف
|
أسم المرجع
|
1.
|
عبد المنعم محمد بدر
|
"مشكلاتنا الاجتماعية ـ أسس نظرية و نماذج خليجية" ، ك 1 (المكتب الجامعي الحديث ، الإسكندرية ،1985م).
|
2
|
محمد عبد العليم مرسي
|
"مشكلة العمالة الأجنبية معالجة إسلامية" ،
(دار عالم الكتب للنشر والتوزيع ، الرياض ،).
|
3.
|
محمد إبراهيم السيف
|
"المدخل إلى دراسة المجتمع السعودي" ،
(دار الخريجي للنشر والتوزيع ، الرياض ، 1997م).
|
4.
|
عنبره حسين عبد الله الأنصاري
|
"أثر الخادمات الأجنبيات في تربية الطفل" ط1 ،
(دار المجتمع للنشر والتوزيع ، جدة ، 1990م).
|
5.
|
نبيل السمالوطي
|
بناء المجتمع الإسلامي ونظمه، (دار الشروق،جده، 2005)
|
6.
|
سالم سعد السالم
|
"اتجاهات بعض فئات المجتمع السعودي نحو العمالة الوافدة في مجال الأسرة" ، ( المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب ، الرياض ، 1413هـ).
|
7.
|
طلعت إبراهيم لطفي
|
مبادئ علم الاجتماع (مؤسسة الأنوار، الرياض، 1996)
|
8-
|
عدلي السمري ومحمد الجوهري وآخرون
|
" علم الاجتماع والمشكلات الاجتماعية "
( دار المعرفة الجامعية ، القاهرة ، 1998م )
|
9-
|
معن خليل عمر
|
"علم المشكلات الاجتماعية"
دار الشروق للنشر والتوزيع، عمان، الأردن،1998)
|
10-
|
معن خليل عمر
|
"التفكك الاجتماعي"
دار الشروق للنشر والتوزيع، عمان، الأردن،2005
|
11-
| ||
12-
| ||
13-
|
مشكلة اجتماعية
|
Social problem
|
1-
|
مشكلة مجتمعية
|
Societal problem
|
2-
|
معايير اجتماعية
|
Social norms
|
3-
|
قيم اجتماعية
|
Social values
|
4-
|
نمط سلوكي
|
Behaviour pattern
|
5-
|
ظروف
|
Conditions
|
6-
|
المستوى الاجتماعي
|
Social standard
|
7-
|
السنبية
|
Relativism
|
8-
|
ظروف اقتصادية
|
Economic Conditions
|
9-
|
ضبط اجتماعي
|
Social Control
|
10-
|
ظروف سياسة
|
Political Conditions
|
11-
|
عوامل وراثية
|
Heredity Factors
|
12-
|
عوامل بيئية
|
Environmental Factors
|
13-
|
عدالة اجتماعية
|
Social Justice
|
14-
|
مستويات تعليمية
|
Educational Standards
|
15-
|
نظرية التفكك الاجتماعي
|
Social disorganization theory
|
16
|
تكليف
|
Adjustment
|
17-
|
نظرية التغير الاجتماعي
|
Social Change Theory
|
18-
|
نظرية صراع القيم
|
Values Conflict Theory
|
19-
|
نظرية الانحراف
|
Deviance Theory
|
20-
|
الجماعات الأولية
|
Primary Groups
|
21-
|
نظرية البناء الاجتماعي
|
Social Structure Theory
|
22-
|
مدخل وقائي
|
Preventive approach
|
23-
|
مدخل علاجي
|
Treatment approach
|
24-
|
شمول
|
Comprehension
|
25-
|
تكامل
|
Integration
|
26-
|
ظاهرة اجتماعية
|
Social phenomenon
|
27-
|
استهلاك تفاخري
|
Consumption , conspicuous
|
28-
|
توازن
|
Equilibrium / balance
|
29-
|
مثالية
|
Idealism
|
30-
|
استهلاك
|
Consumption
|
31-
|
طـلاق
|
Divorce
|
32-
|
وقت الفراغ
|
Leisure time / Spare time
|
33-
|
انحراف الأحداث
|
Juvenile delinquency
|
34-
|
إسراف
|
wasting
|
35-
|
عانس
|
Spinster
|
36-
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق